10-02-21, 06:19 PM | #1 | ||||||||
نجم روايتي
| 《عنبر 》... * مميزة * صوت المركب يبدد هدوء المكان ، خيوط الشمس المشرقة تلامس البحر بخجل فبدت كذرات من الألماس تتلألئ على سطحه ، منظر لا يراه كل يوم بسبب انشغاله بظروف حياته ومشاكلها التي لا تنتهي . ضربة يد سالم القوية على ظهره مع صوته الصاخب عكر عليه صفاء نفسه. - هيا ابتهج يا مازن ، هذه الرحلة من اجلك حتى يرتاح فيها بالك . تنهد بيأس : - هل تظن أن هذا سينجح ، أبدو كمن يهرب من مشاكله ! - وكأنك ستظل هنا مدى الحياة ، يومان لن ينقصا او يزيدا من أمرك شيئا ، سالم ، عوّاد و فهد أصدقاء طفولته ، تربوا في بيوت متلاصقة الجدران فكانت علاقتهم أشد قوة من أي قرابة دم ونسب لكن في آخر السنين بدأت الأقدار في زعزعة استقراره فأخذت الديون تغرقه وتكبله ، تارة بسبب مرض ابنه واخرى بسبب حادث سيارة الى أن أصبحت الحياة بالنسبة له ايام أخرى من العناء والشقاء ليعيشها . القى بنظره على أصدقاءه الضاحكين ، لقد كان في حرب طويلة مع حسده الذي ما ينفك عن مقارنة وضعه بهم فقد كان المستقيم من بينهم لكنه الأسوأ حظا والأكثر تعاسة ، كان سالم يريهم مافي كيسه خلسة عنه وكأنه لا يعرف أنهم يذهبون الى تلك الجزيرة للشرب وتعاطي الممنوعات ! لقد كانت بالنسبة له جزيرة الجحيم فلا يجتمع بها الأ شياطين الأنس ، لكن الآن هو في حاجة للإبتعاد ولا يهمه المكان الذي سيذهب إليه ابداً! اطلّت عليهم الجزيرة بساحلها الذهبي المبهر وجبلها الصغير الذي يتوسطها ، اوقف سالم القارب وثبت المرساة ، اعدوا كل شيء في دقائق قليلة ، سيعودون للبحر للصيد وهو سيبقى هنا يحرس الماء والطعام حتى لا تأكله الكلاب والسحالي المنتشرة بكثرة هنا . بقي لفترة بعد ذهابهم يراقب ثم اخذ في التمشي هنا وهناك يستكشف طبيعة المكان ويتمتع به ، اصطدمت قدمه بشيء صلب لتفيقه من سرحانه ويسقط على الرمل بقوة - ماهذا . لقد كانت صخرة شمعية مائلة للبياض ذات رائحة عفنه ، سحبها الى وسط الساحل بصعوبة ، لا يصدق عيناه ، هل هذا عنبر ؟ رآه بضع مرات مع الصيادين المحظوظين لكنها كانت اصغر حجما ، لم تكن بمثل هذا الحجم الهائل ، تبدو بوزن ثمانين كيلو او اكثر ، لا يريد أن يتوهم بأحلامه ، سينتظر عودة سالم ليتأكد . في لحظة وصولهم كانت الشمس قد مالت للغروب ، تناولوا عشاءهم بنهم شديد وقد نال منهم الجوع الشديد . - سالم تعال اريد التحدث معك قليلا . مشى معه سالم بتذمر وكسل ، كان يريد اخذ قيلولة قصيرة من أجل سهرتهم ليلا . - انظر . فُتحت عيني سالم على مصرعيها ، لا يصدق ما يراه - هذا عنبر !! اخرج ولاعته من جيبه بسرعة واشعل طرف صغير لتفوح رائحة لطيفة في الأجواء ، اطفأها بسرعة وقلبه يرجف فرحا وسعادة - هذا لا يصدق ، هل أنا أحلم ، لقد اتينا لهذه الجزيرة عشرات المرات ولم نرى شيئا ، هذا يوم المُنى يا وجه الخير علينا. ضحك بسرور وهو يحتضن مازن المصدوم ماذا يقصد سالم ب"علينا " تلك الثرورة ملكه ،هو من وجدها والوحيد الأحق بها ، هل سيتقاسم معهم رزقه ، لو كانت رزقهم لكانوا وجدوها في المرات الماضية ... كانت الأفكار تتصارع في رأسه بينما سالم يُبشر بقية الرفاق ، مر الوقت بسرعة بين ضحكهم الصاخب ، كان يوما لا ينسى بالنسبة لهم ، اخرج سالم قوارير الشراب منتشيا - سنحتفل حتى الصباح ،لن ينام احدا منكم ابداً . اصطدمت إحدى القوارير بقدم مازن ليرفع نظره لسالم الذي رماها . - جربه معنا اليوم ، ليلة واحدة لن تضر . فتحها بيدين متعرقتين ، يتمنى لو تستطيع بضع رشفات منها تهدأت الوَساوس التي تتماوج في عقله .. - كم سيكون نصيب كل واحدٍ منا . قالها عوّاد وقد بدأ السُكر ينال منهم. - نصف مليون دولار او أكثر . اجابه سالم بعد دقائق من الصمت أحتسب فيها القيمة التقريبيه لثروتهم . - سأذهب بها لأوروبا لن أعود لحياتي مع سميرة سأهجرها و اترك كل شيء خلفي ، سأعيش هناك بين الجميلات ، وأنت يا سالم ماذا ستفعل بها ؟ - قد افتتح مشروع تجاري . - انا سأبني بها شقق استلم اجارها كل شهر وانا نائم في البيت. قالها فهد وهو يزيد الحطب على النار فقد بدأ الجو يبرد بشدة . - لن تكفيني سوى لشراء منزل وسيارة وبعدها علي العودة للعمل لأوفر لقمة العيش لعائلتي بينما أنتم تبعثرون النقود التي اسميتموها نصيبكم ! اصلاً انا من وجد العنبر ، لماذا علي أن اقتسمه معكم ؟ من المفترض أن يكون نصيبي الأكبر على الأقل ! كلمات مازن الحانقة حطمت كل أحلامهم فعمّ السكون جلستهم ، تبادلوا النظرات بلغة يفهمونها فيما بينهم لينهض سالم ويقترب من مازن بهدوء . - تعلم نحن أصدقاءك واخوتك لن يهنئ لك بال وأنت تأخذ كل شيء لك ، صحيح ؟ لم يفهم مازن نبرة الوعيد في كلمات سالم فقد ذهب عقله وافتقد السيطرة عليه . - اصدقاء قهقهة مكتومة خرجت من حلقة ثم أكمل - أين كنتم حينما طلبت منكم إقتراض بعض المال ولم نكن أنا وعائلتي نجد ما نأكل ، هذا العنبر ملكي وانتهى لن ... قبضة قوية على عنقة قطعت كلامه لتبرز عيناه خوفاً وهو يرى سالم وقد تحولت صفحة وجهه الى السواد شيطان ! نعم لقد كانت ملامحه لشيطان لا يعرفه - ستقتسم معنا برضاك أو غصباً عنك ، وإلا سنتركك هنا لتموت من العطش ، القارب ملكي ومصاريف الرحلة مقتسمة بين عوّاد وفهد لذلك نحن في كل هذا معاً ، هل فهمت ! هز رأسه بصمت ليتركه سالم وهو يطفئ النار بغضب - السهرة انتهت ، ناموا أيها الملاع** . اقترب الفجر ولم يغمض لمازن جفن ، يشعر أن سالم سيغدر به بأي لحظة ، تلك الملامح ارعبته لقد كان شخصا لم يعرفه من قبل ، لم يعد يأتمن حياته بينهم ، لن ينتظر الأ أن يتعشوا به بل سيتغدى بهم اولاً . نهض ببطئ يتحسس خطواته بخفوت ، اخذ العنبر بصعوبة وادخله للقارب ، سيذهب لن ينتظرهم ، سيبيعه سريعا ثم سيرسل احداً ليعيدهم الى المدينة . أين مفتاح القارب ؟ عادة سالم يتركه على المحرك . - هل تبحث عن هذا ؟ ، تظن أننا أغبياء إلى هذه الدرجة ! فهد ! قيّد يديه للخلف وأنت يا عوّاد احضر جميع اغراضنا سنعود وسنقتسم العنبر بيننا نحن الثلاثة فقط ، سيكون هذا عقابك أيها الخائن . لا لا لن يعود لتلك الحياة ابداً ، كان فهد يقترب منه ومعه الحبل ، لم يفكر كثيرا تلقائيا يديه أخرجت الخنجر الصغير من جيبه ليشق بها رقبة فهد دون وعي منه شلال الدم حشرجة فهد المختنقة صياح سالم وعوّاد كيف فعل هذا ؟ لقد أصبح قاتل اطلق قدميه حين تأكدوا أن فهد قد مات - أيها القاتل تسلق الجبل وقد بدأ ضوء النهار في الطلوع الهرب لن يفيده في هذا المكان المفتوح طويلاً يجب أن يفكر ويجد حلاً ما لا يملك خيارات كثيرة ، إما أن يقتلهم جميعا او يتفاوض معهم ، اذا تخلى عن نصيبه من العنبر لهم ربما يُدارون عن جريمته ، خرج من مخبأه ليراهم لازالوا كما تركهم جثة فهد ملقاة وهم بجانبها ، القى بخنجره إليهم . - لنتحدث ، تعلمون أني لم اقصد قتله قفز عوّاد بسرعة فوقه ليبرحه ضربا - ايها المجرم ، الا تستحي ، ماذا سنقول لوالدته واهله !! اطاح به مازن ليثبت جسده بقدميه ويديه تضغط على رقبته فيطلّ عليهم شبح الموت مرة أخرى . - سال م سا عدني كانت بضع دقائق فقط حتى سكن فيها ذلك الجسد - لماذا تركتني اقتله ؟ - بهذه الطريقة لن يبقى لي سوى قتلك ثم ارميكم إلى البحر وأعود بالقارب حزينا لفقد اصدقائي الذين غرقوا بدوامة مائية وهم يلعبون ! - هل تظن أني سأتركك تقتلني بسهولة ؟ قالها مازن وقد بات لا يعرف نفسه ،و إلى أي شيطان تحول . - اعرف هذا ، لكن ليس لديك خيار إما أن اقتلك أو نموت معا . اخذ الخنجر الملقي على الأرض ، لن يقاتل سالم القوي دون سلاح ،هو ليس بهذا النُبل . هجم عليه سالم وسلبه الخنجر من أول ركلة . - لطالما نظرت إلينا بعين مستصغرة ، لكنك أصحب أسوأ منا ، كنت شيطانا متستر بلباس التقوى أيها الساقط . قالها وهو يدور حول مازن المستلقي بغير حذر ، مد مازن قدمه ليتعثر سالم ، أخرج الحبل الذي كان سيقيده به فهد من جيبه وربطه على عنق سالم ، طعنه بكتفه عدة مرات لكن جسد مازن وكأنه أصبح بلا أي أحساس - خبأت الماء والوقود الإحت ياطي إذا ققتلتني لنن تستطيع النجاة قالها سالم وقد بدأت اطرافه بالبرود ، تركه بسرعة بعد سماعه لتلك الكلمات لكنه ظلّ ينازع حتى توقف جسده جثة هامدة . - أنتظر لا تمت ، أين تركت الماء والوقود . قال انه خبأ الماء والوقود ! امسك برأسه بقوة لماذا لم يتركه سريعاً ، مالذي أعماه الى تلك الدرجة . دار من خلف القارب وبحث على طول الساحل لكنه لم يجد شيئاً ، - يا إلهي . هل حفر لها مخبأ في الرمل ! ربما كل الإحتمالات واردة بيدين عاريتين بدأ في الحفر بكل مكان ، بدأ الليل يُلقي بظلاله عليه وقد اعياهُ العطش حتى شرب من ماء البحر فلم يزده الأ عذاباً . طفحت الدموع من عينيه ، وقد بدأ يعود له وعيه وهو يسترجع ذكريات الأمس ، لقد قتل إخوته من عاش معهم كل حياته ، لا يتذكر أنه ضحك و بكى الأ وهم معه ، أي بلاء حلّ عليهم وأي نهاية هو ملاقيها ! حين طلعت شمس اليوم التالي على القارب كان هناك العنبر الذي وضعه مازن بيديه على علبتي الماء والوقود واربع جثث حول القارب تتنازع لحمها الكلاب والسحالي بنهم ! تمت ... التعديل الأخير تم بواسطة ebti ; 02-03-21 الساعة 11:28 AM | ||||||||
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|