آخر 10 مشاركات
صفقة مع الشيطان (145) للكاتبة: Lynne Graham (كاملة+روابط) (الكاتـب : Gege86 - )           »          599 - قيود امرأة - باتي ستندارد ( تحت سقف واحد ) - ق.ع.د.ن*** (الكاتـب : ^RAYAHEEN^ - )           »          حصاد الامس (الكاتـب : المســــافررر - )           »          أزهار قلبكِ وردية (5)*مميزة و مكتملة* .. سلسلة قلوب تحكي (الكاتـب : كاردينيا الغوازي - )           »          بحر الأسود (1) .. * متميزة ومكتملة * سلسلة سِباع آل تميم تزأر (الكاتـب : Aurora - )           »          أحبك لآنك أنتَ"قصة قصيرة"..للكاتبة only girl.. كامله** (الكاتـب : ميرا جابر - )           »          خريف الحب / للكاتبة خياله،،والخيل عشقي (مميزة) (الكاتـب : لامارا - )           »          217 - عيون الحب - كاثرين ارثر - مكتبة مدبولى - اعادة تنزيل (الكاتـب : امراة بلا مخالب - )           »          ليلة مع زوجها المنسي (166) للكاتبة : Annie West .. كاملة (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )           »          رغبات حائرة (168) للكاتبة Heidi Rice .. كاملة مع الروابط (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > الروايات الطويلة المكتملة المنفردة ( وحي الأعضاء )

Like Tree1100Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 16-10-21, 09:33 PM   #171

روز علي
 
الصورة الرمزية روز علي

? العضوٌ??? » 478593
?  التسِجيلٌ » Sep 2020
? مشَارَ?اتْي » 712
?  نُقآطِيْ » روز علي is on a distinguished road
افتراضي الفصل السابع والعشرون


الفصل السابع والعشرون.........
كان يسير لداخل الجناح باندفاع وهو يتجه مباشرة لغرفة النوم بخطوات واسعة وبنظرات نارية ما تزال تهفو لارتشاف المزيد من عروسه الاسطورية القابعة بعرش مملكته بعد ان اصبحت جزء حصري من ممتلكاته الخاصة...وهذه المرة بدون اي عوائق او فواصل مزعجة تبعده عنها اكثر بعد ان وصل به الصبر لمنتهاه وتملكت به الرغبة المجنونة وبعد انتظار دام طويلا...وكل ما يفكر به فقط هو ان يمتلك كل شيء بتلك الألماسة الجميلة ويكتسح عالمها الجليدي بجنونه .

فتح باب الغرفة بقوة ليتوقف لبرهة وهو يوزع نظراته بأنحاء المكان بلمحة خاطفة...ليلتقطها جالسة فوق طرف السرير كما تركها تماما بدون ان تتزحزح من مكانها وهي ساكنة بجمود مثل التمثال المنحوت بأفخر انواع الرخام وبصمت دائما ما يحاوط عالمها وبأجمل صورة قد تخطر على بال احد .

تنفس بهدوء وهو يحاول العودة لملامح البرود بعد ان بعثرته بلحظة بنيرانه الملتهبة بداخله فقط من مرآها وبمشاعر لم يشعر بها من قبل سوى بوجود ذلك الكائن الصخري بمدار نظره ، بدون ان يعلم ما يثيره من اضطرابات وهو يعيث دمارا بداخل صاحب الناظر له !

تقدم من فوره عدة خطوات جامدة بلحظات قبل ان يتوقف امامها تماما وهي ما تزال منكسة الرأس بدون اي حركة ، ليقول بعدها بابتسامة باردة اعتلت محياه بلحظة
"رائع ! ارى جيدا مدى اخلاصك لزوجك ببقائك بمكانك كما تركتك ؟ وهذا لطف منكِ ان تنتظري عودتي لنكمل ما بدأناه......"

قاطعه الصوت البارد بدون ان ترفع رأسها نحوه وصله ببرودة جليدية
"اين كنت ؟"

عبست زاوية من شفتيه بوجوم بدون ان يفهم نبرة البرود والتي تخللت بصوتها بسؤالها المختصر الواضح بدون اي مقدمات ؟ ليعض بعدها على طرف شفتيه وهو يجلي تفكيره بعيدا هامسا بعدم مبالاة
"وهل هذا الوقت المناسب لمثل هذه الأسئلة ؟ عليكِ ان تفكري بما علينا فعله الآن ! وليس بما كنت افعله"

عاودت الكلام بنفس الجمود وهي تكرر السؤال بجفاء جاد
"اين كنت يا شادي ؟"

تجمدت ملامحه لوهلة وهو ما يزال يتأمل قمة رأسها بهدوء وبعد ان اختفى قناع البرود عن ملامحه ، ليقول بعدها باقتضاب وهو يدس يديه بجيبي بنطاله بقوة
"لقد كان هناك بعض المشاكل ومعاملات كان عليّ انهاءها بالنسبة لمدة إقامتنا هنا ، وهو ليس بالشيء المهم لتفكري به هكذا"

صمتت قليلا قبل ان تهمس بخفوت اشد
"حقا !"

عقد حاجبيه بضيق للحظات قبل ان يزفر انفاسه بحدة وهو يجيبها هامسا بتأكيد
"اجل حقا ، هل ارتحتِ الآن ؟"

مرت لحظات اطول بينهما قبل ان تعود للهمس بجمود اقرب للازدراء
"إذا كان هذا حقا كلامك ! إذاً لما اسرعت بالخروج ما ان وصلك الاتصال بالنسبة لموضوع تافه مثل حل بعض المعاملات لا يحتاج لكل هذا الاندفاع ؟ وكأنها مكالمة مهمة جدا تخص اشخاص مهمين بحياتك لم تتخلص من وجودهم بعد كل شيء !"

ارتفع حاجبيه ببطء شديد قبل ان تحتد ملامحه بلحظة وهو يهمس بخفوت متصلب بدون ان يفكر كثيرا بتحليل كلامها الاخير
"هل هذا الذي اسمعه تحقيق من زوجتي ؟ هل تريدين لعب دور المحقق معي ببداية مسيرة حياتنا والتي لم تبدأ بعد وبأول ليلة لنا ؟ كان عليكِ الانتظار قليلا بعد ليلتين على الأقل وبعد ان نكون قد شبعنا من شهر عسلنا قبل ان يبدأ نكد الزوجات !"

شعر بتنفسها الحاد يزيد من برودة الاجواء بينهما بصقيع هدوئها ، قبل ان ترفع رأسها بلحظة بصمت لتهمس له بشبه ابتسامة ساخرة بغرابة بعثت الشك بكيانه
"ولما لا احقق معك من الآن ؟ أليس من الأفضل معرفة كل شيء عن بعضنا قبل ان نبدأ حياتنا الجديدة ولكي لا يكون هناك اي خلاف او سوء فهم قد يحدث بيننا مستقبلا ! فمن يعلم قد يكون هناك خفايا لم نكتشفها عن بعضنا بعد بخضم زواجنا السريع والذي حدث بغفلة عنا ؟ وهذا هو الوقت الأنسب لنكتشف به كل ما هو مستور مخبئ بيننا"

ارتفع حاجب واحد بارتباك لوهلة بدون ان يتبين جيدا مقصدها من كل هذا ومناسبة هذا الكلام المفاجئ والذي تبدي اهتماما به لأول مرة ؟ ليحرك بعدها عينيه جانبا وهو يتمتم بجفاء
"هل هذا ضروري الآن ؟ فأنا ارى بأننا نعرف بعضنا بالقدر الكافي والذي يدفعنا لنبدأ حياتنا بدون اي مشاكل ! وبدون اي داعي لكل هذه الطقوس !"

جمدت ملامحها بصمت وهي تتمتم بتصميم مريب
"هذا بالنسبة لك يا شادي الفكهاني ! ولكن ماذا عني انا ؟ وانا التي لا اعرف اي شيء عنك بخصوص حياتك الشخصية سوى اسمك ومكان عملك !"

عاد بنظره لها بلمح البصر وهو يضيق عينيه بجمود اخترقت هالة نظراتها الجليدية بلحظة ارتعشت معها عضلات وجهها لا شعوريا ! لتسكن بمكانها لوهلة ما ان قال بابتسامة صغيرة نفضت هالة الجمود عنه وكأن شيء لم يكن
"إلى ماذا تريدين ان تصلي يا زوجتي العزيزة ؟ وما هو الذي اخفيه عنكِ وتريدين معرفته بحياتي بهذه الشدة ؟ فأنا لا اتذكر بأني قد اخفيت عنكِ شيئاً قيماً حدث بحياتي !"

عضت على طرف شفتيها بغضب مرتعش بدأ يسري على طول اطرافها ما يزال تأثيره موشوم على مفاصلها القاسية ، لتهمس بعدها من بين اسنانها المطبقة بحدة مطمورة بدأت تغذيها بالحقد
"انا اقصد علاقاتك الماضية والتي سبقت تعرفك عليّ ؟ وكل من كان يربط بك بصلة ؟"

اتسعت عينيه قليلا وهو يهمس بدهشة منفعلة
"ماذا ! كيف تسألين مثل هذا السؤال ؟ تعلمين جيدا بأن بكل حياة رجل هناك علاقات سابقة غير جديرة بالذكر ، لذا لما نعود لفتح مثل هذه القصص القديمة ونتعب انفسنا بالتفكير بها بما انها قد اصبحت من الماضي وتوارى عليها الزمن !"

اتسعت ابتسامتها بسخرية وهي تهمس بعيون متسعة بحدة بدون اي مرح
"هل تقصد بأنك كنت تملك علاقات كثيرة فيما مضى ؟ وهل كانت تضم جميع الفتيات وكل من كنت تقابلها بحياتك ؟"

حدق بعينيها للحظات بتواصل صامت لتعبس ملامحه بوجهها وهو يميل امامها ببطء ليتبعها بالهمس بصوت اجش عميق
"وماذا يعني هذا ! لقد كانت مجرد علاقات عابرة ولم تكن مهمة بحياتي لأتوقف عليها كثيرا او ان اتعمق بها بالدخول بمثل هذه العلاقات المؤقتة ؟ ولا اتذكر ايضا بأني قد اهتممت بها يوما او ان اعطي مثل هذه الامور اكبر من حجمها"

ردت عليه من فورها بابتسامة اتسعت بتحدي ساخر
"حقا ! وماذا عن علاقاتك بجوري ، وسيلين ، وايلين ، وسلمى ، وماريا ، وإيلا ، وماندي ، ومايا....."

صمتت من فورها ما ان صرخ بانفعال الذي تراجع برأسه للخلف باستنكار مذهول
"من اين احضرتِ كل هذه الاسماء ؟"

ارتفع حاجبيها بدهشة مصطنعة وهي تتمتم بذهول اكبر بقسوة
"انت حتى لم تحاول نفي حقيقة هذه القصة ! هل هذا يعني بأن تلك الاسماء حقيقية ؟"

قطب جبينه بحدة وهو يلوح بذراعه جانبا قائلا بغضب مكبوت بعد ان اخرجته عن بروده
"كفى يا ماسة ، هل تريدين اللعب على اعصابي بهذه الألغاز وبالكلام المبهم ؟ وفقط اريد ان انبهك بأني لست مضطر لأجيبك عن اي من اسئلتكِ التافهة تلك والتي لن تغير شيء بسير علاقتنا ، فأنا لا اذكر بأني قد وعدتك من قبل بأنه يسمح لكِ بسؤالي عن حياتي الشخصية وعن اي شيء يخصها !"

اندفعت فجأة التي توقفت امامه بعنف وهي تصرخ بنفس غضبه بانفعال حانق
"بل لدي كل الحق بسؤالك بما انني قد دخلت لهذه العلاقة المشؤومة ، وانت عليك بأن تجيبني بدون اي كذب ام انك لا تستطيع الإجابة على اسئلتي يا معشوق الفتيات ؟"

تصلب جسدها برهبة ما ان امسك بكتفيها بقوة قبضتيه الساحقتين وهو يهمس امام وجهها بصوت خافت بعثت البرودة بكل إنحاء جسدها
"ماذا قلتِ الآن ؟"

اشاحت بوجهها جانبا بارتعاش استبد بها وهي تشعر بشرارات غضبه على وشك افتراسها حية بدون ان تستطيع التراجع اكثر ، ليصلها بعدها بلحظة صوته وهو يتابع كلامه بصوت اجش آمر
"من اخبركِ بهذا الكلام ؟"

زفرت انفاسها بقوة وهي تهمس بعدم مبالاة
"انا لا اعلم عن ماذا تتحدث ؟"

شهقت بدون صوت ما ان شعرت بيده وهي تتسلل لعنقها الطويل ليمسك بها برفق وبيده الاخرى كانت ما تزال مستقرة على كتفها تنتظر امر صاحبها ، وهو يعود للكلام بعد ان اصبحت اذنها بقرب شفتيه الهامسة بنفير انفاسه والتي اخترقت حواس سمعها بخشونة صوته
"تكلمي يا ماسة قبل ان اتهور اكثر ، فأنا الآن بوضع لا يسمح لي بالتراجع عنكِ"

ابتلعت ريقها بصعوبة وهي تشعر بيده تمنع عنها التنفس بطبيعية وهو يمرر إبهامه بحرية على عروق عنقها النابضة والتي كانت ترسل النبضات لكامل جسدها بدون استثناء ، همست بسرعة وهي تغمض عينيها بشدة آلمت جفنيها وحرقت مقلتيها بدموع خفية
"قمر الرياض"

تسمر بمكانه لوهلة وهو يتوقف عما يفعل ليتراجع تدريجيا بعيدا عنها وهو يسحب يده عن عنقها لتحرر انفاسها بطبيعية ، لتسمع بعدها همسه الخافت بقتامة غزت ملامحه بلحظة
"هكذا إذاً !"

فتحت عينيها على اتساعهما بلونهما السماوي الهادئ وهي تنظر له بصمت قاتم بدون اي شعور ، لتنحني بعدها ملامحها بحزن مبهم قبل ان تعتلي ابتسامة هاوية شفتيها وهي تهمس ببهوت
"هل هي من ضمن علاقاتك القديمة المؤقتة ؟"

نظر لها بجمود صخري لبرهة قبل ان يحيد بنظراته جانبا وهو يهمس بخفوت خشن
"هذا ليس من شأنك"

انتفضت بمكانها وهي تصرخ لا إراديا بقهر غزى مقلتيها بدموع الحقد والكره
"وماذا عن تلك العلاقة التي ما تزال موجودة بحياتك وبالقرب منا وتحمل ؟......"

عضت على طرف شفتيها بألم وهي تخفض نظراتها بارتجاف طغى على مقلتيها مما كانت على وشك نطقه بدون ان تتأكد حقا من صدق الخبر ؟ لتتجمد بعدها ملامحها بلحظة ما ان قال الواقف امامها بعنف
"ماذا ! ما لذي كنتِ تنطقين به الآن ؟"

تنفست بقنوط وهي تستدير بعيدا عنه دورة كاملة لتقول من فورها بعدم مبالاة وبسكون تام
"لا شيء ، فقط اشعر بالنعاس ، واريد النوم"

وما ان كانت على وشك الهبوط على السرير حتى اوقفها الذي امسك بذراعها بلحظة ليديرها عندها باتجاهه بقوة ، وهو يقول باستنكار مصدوم مكبلا كلتا ذراعيها بقسوة
"بماذا تهذين ؟ هذه اول ليلة لنا إذا كنتِ قد نسيتِ ذلك ! وبهذه الليلة تحديدا يمنع عنكِ النوم بتاتا ، ولكن يمكنكِ بالمقابل النوم بالصباح فهذه هي قوانين الارتباط ، ام تريدين مني ان اشرح لكِ كل شيء ؟"

امتعضت ملامحها برفض وهي تحاول التلوي بعيدا عن يديه قائلة بعبوس غاضب
"ومن اخبرك بأني موافقة على هذه القوانين الخرقاء ؟ انا لم انم منذ ثلاث ايام متواصلة وعليّ النوم لأعوض عن قلة نومي بتلك الفترة ، لذا اعذر قلة ادبي اتجاه هذا الزواج ، لأني الآن لا ارغب بفعل اي شيء سوى النوم"

ارتفع حاجبيه بعبث وهو يقرب وجهه امامها بلحظة قائلا باستخفاف ساخر
"حقا وانا ايضا لم انم منذ ثلاث ايام من التفكير بحفلة زفافنا ! وهذا يعني بأننا متساويين بهذه الحالة ، وسيكون رائعا لو تشاركنا النوم معا بنفس السرير بأول ليلة لنا ، وصدقيني استطيع ان احارب النعاس وكل شيء قد يحدث بهذه الليلة الكارثية مقابل ان اكمل ما بدأته اليوم ، لذا توقفي عن تصعيب الامر علينا واتركي كل شيء يسير بسلاسة فائقة"

زادت حدة انفاسها بغضب تموج بعينيها الدامعة بكره وهي تنتفض بعنف اكبر محاولة تحرير نفسها ، وما ان افلتها اخيرا حتى تعثرت للخلف لتصطدم بخشب السرير قبل ان تسقط على ملاءته بقوة لتخفف من اثر الوقوع بنعومة قماش الفراش ، حبست بعدها آخر انفاسها بداخل حنجرتها ما ان شعرت بلحظة بوجوده يحاصر محيطها وهو يشرف عليها من علو وانفاسه تلفح تفاصيل ملامحها ببرودة تحولت بلحظة لدفء بدون ان تستطيع تخطيها وقد اصبحت محتجزة به من كل جهاتها بدون اي مفر ، لتشعر بلحظة بضغط هائل على جسدها الهش وهو يرنو بأذنها بهمسات بنبرة صوته الخفيضة وبسخونة انفاسه الدافئة
"استسلمي واعطي لعلاقتنا مسار آخر ، وألا لن نستطيع ان نبدأ بداية جيدة إذا لم تتعاوني معي"

حركت رأسها بالنفي بعنف لتنفض انفاسه بخلجات اذنها هامسة بعناد غاضب
"لا اريد ، ابتعد عني ، لن اسمح لك"

وبحركة واحدة كانت ترفع ركبتها الحرة لتضرب ساقيه بعيدا عنها قبل ان يسارعها بحركة ركبته والتي قيدت ركبتها بمكانها وجسده يقيد كل حركات ومفاصل جسدها المنتفض بإحكام ثابت بعيدا عن العنف ، لتشيح بوجهها جانبا بضيق وهو يهمس بأذنها بثقة مسلطة
"لا تحاولي ان تتحديني يا ماسة ، فقد اصبحت احفظ كل حركاتك مثل راحة يدي ، فأنا لست من الاشخاص الذين يقعون بالفخ مرتين !"

عضت على طرف شفتيها بضيق وهي تهمس من بينهما بغيظ
"يا للخسارة بالرغم من ان الامر كان ممتعا بالمرة الأولى عندما وقعت بفخي بسهولة !"

عض على طرف شفتيه وهو يهمس بأذنها باشتعال مفرط
"لا بأس يمكننا إعادتها بالوقت الذي ترغبين ، وسأكون اكثر من سعيد وانا اقع بنفس الفخ"

قبضت على يديها بلحظة وهي تشعر بقبلاته على طول عنقها هامسة بخفوت تحول لأنين رافض
"لا اريد اتركني يا معشوق الفتيات ، لما لا تفهم ما اقول ؟"

شدد من تقييدها بقوة وهو يرتفع بشفتيه لأذنها ليهمس لها ببحة صوته النافذة بجنون
"استمتعي يا ألماستي ، فكل ما يهمنا الآن هو الحاضر"

تنفست بارتعاش ارتجفت معها جنبات روحها وخلجات قلبها الغائرة ما ان شعرت بأسنانه تحفر على طرف اذنها بقسوة طفيفة ، ليبتعد تدريجيا عنها بدون ان يتركها وهي تشعر بشفتيه تمسح على عينيها الدامعة بنعومة عدة مرات ليتبعها بلحظات بقبلته على شفتيها ليكمل تقبيلهما برقة مختلفة عن سابقاتها وقبل حدوث تلك المقاطعة ، ليعود الدفء لتلوين الاجواء الحميمية بينهما وقد بدأت بالتفاعل مع محاولاته الناعمة وهي تحثها للذوبان معها والتي جذبتها غصبا للعيش بعالمه المجنون وبعد ان اندمج مع الشحنات الطبيعية بجسدها لتتحول لانتفاضات طفيفة التحمت مع الاجواء من حولها ، وهي تستشعر همسته الرقيقة من بين هوجان المشاعر الجارفة
"انتِ ملك من يستحقك يا ألماستي ! وليس هناك افضل من شادي الفكهاني ليملك الألماسة"

_______________________________
اغمض عينيه لوهلة وهو يزفر انفاسه بحدة بكل ثانية يشعر بها تزيد من الهياج المتدفق بداخله بدون توقف...وكأنه يعيش صراعات داخلية لا احد يعلم عنها سوى صاحبها وهو يخوضها بحياته يوميا حتى اصبحت جزء من طقوس حياته !...ولكنه بالآونة الاخيرة اصبح يتراجع ويستسلم امام كل ما يتعرض له من نكبات ومجريات حياة وكأنه قد يأس ومل من اخذ دور المثالية والتي تلبسها واتقنها منذ سنوات...بدون ان يقدر احد على مدار تلك السنوات بالمجهود الجبار والذي يبذله ليحافظ على تلك المكانة المهمة بحياته بثبات وجميع من حوله يعلقون عليه الآمال والطموحات والتي ستتحقق من خلاله بعيدا عن طموحاته الشخصية واحلامه الواسعة بالحياة .

تأفف بنفاذ صبر وهو ينهض عن السرير بعد ان يأس من النوم وهو يجافيه والافكار المتلاطمة بداخله لا تسمح له بالراحة ولو قليلا مثل امواج ذات تيارات عالية...وهذا كان يحدث معه عادةً عندما يستغرق بالتفكير طويلا حتى يفارق النوم جفنيه المرهقين رغم كل التعب والذي كان يعاني منه منذ الأمس...وكيف سيغمض له جفن وهو يفكر فقط بتلك الليلة المأساوية والتي انتهت بأشنع صورة وهو يحرم نفسه غصبا من الاستمتاع بتلك الملكة حلوة المذاق وهي تعيث الدمار والتناقضات بدواخله بعد ان حركت كل مشاعره المطمورة اتجاهها وكله بسبب شعوره بالخذلان ناحيتها ؟!...ليتحمل ليلة كاملة باردة بخواء كانت من المحتمل ان تجمعه مع اميرته الجميلة والتي كانت مستعدة ان توهبه كل ما يشاء بهذه الليلة تحديدا والتي كانت ستحل كل العوائق بحياتهما !...فهل كان من العقل رفض مثل ذلك العرض المغري فقط من اجل كرامته المهدورة والتي اهدرتها وقتلتها على مدار ايام ؟ وهو لم يفهم للآن سبب كل تقلباتها الغريبة مؤخرا وكأنها تخفي من خلفها قنبلة موقوتة تنتظر الوقت المناسب لتفجيرها ؟

وقف امام النافذة بهدوء وهو يدس يديه بجيبي بنطاله الرياضي القصير ناظرا للسماء الشاحبة والتي بدأت تتلون بألوان الشروق الزاهي ، تنفس ببطء قبل ان يقطب جبينه بريبة وهو يستمع لصوت طرق خافت على باب غرفته بهذا الوقت من الصباح والمبكر على موعد الفطور !

استدار من فوره وهو يتنفس بضيق واضح ليسير مباشرة باتجاه باب الغرفة بلحظات ، وما ان وقف امام الباب حتى اختفى صوت الطرق تماما ليحل مكانه الصمت التام ، امسك بمقبض الباب بقوة وهو يفتحه بحذر لتتسع عينيه بلحظة ما ان ظهر من خلف الباب الكائن القابع بأفكاره ومن دفعه ليتسمر بمكانه للحظات طويلة وهو يستوعب ما يراه امامه من مفاجأة شلت عقله عن التفكير لوهلة .

افاق من صدمته على صوت الواقفة امامه وهي تهمس بخفوت حزين
"هل يمكنني الدخول ؟ ارجوك !"

تصلبت ملامحه لبرهة وهو يمرر نظره من قدميها الحافيتين لفستانها القطني القصير ليصل لشعرها الاسود الطويل والذي كان ينزل على جسدها وهو يقارب خصرها الغض ، ليرتفع بعدها حاجبيه اكثر وهو يعود بنظره لرأسها المنخفض امامه وهو يرتجف ببكاء صامت ارسل الجنون والشك لعقله !

رفع ذراعه ببطء وهو يمسك بذراعها برفق هامسا بقلق
"روميساء ! هل انتِ بخير ؟"

تسمرت ملامحه بخطوط وجهه المتصلبة ما ان قابل وجهها المرتفع نحوه وهي تنظر له بعينين خضراوين متسعتين بطبقة دموع رقيقة وهو يتخلل بها احمرار طفيف افسد لون النخيل بعينيها وبشحوب ملامحها الذابلة والتي تدل على الإجهاد والأرق والذي تعاني منه ، ليرفع يده عن ذراعها وهو يحاوط بها جانب وجهها ليقول بارتباك متوجس
"ما بكِ ؟ ولماذا هذه الدموع !"

احنت حدقتيها قليلا وهي تهمس بخفوت مرتجف
"هل استطيع الدخول ؟"

عقد حاجبيه لوهلة قبل ان يفسح لها المجال وهو يبتعد قليلا بدون ان يتركها ، ليقول بعدها بأمر وهو يسحبها من ذراعها للداخل برفق
"هيا تعالي"

سارت معه عدة خطوات قبل ان يجلسها فوق طرف السرير بهدوء وهي تطيعه بصمت ، ليقف بعدها امامها وهو يسكب لها كأس من الماء قبل ان يناوله لها قائلا بابتسامة جافة
"خذي واشربي بعض الماء البارد ، قد تهدأ من روعك قليلا"

اومأت برأسها وهي تمسك بالكأس بيد مرتجفة قبل ان تقربها من شفتيها وهي ترتشف منها بصمت ، بينما الذي كان يراقبها لم يصدر اي ردة فعل وهو يدس يديه بجيبي بنطاله بدون ان يظهر ايً من النيران القابعة بروحه والتي نشبت بقوة على مرآها ، وهو ينتظر المفاجأة الجديدة والتي تحضرها له هذه الاميرة والتي تهوى العبث بكل وتر بأعصابه المشتعلة والتي لا تتوقف عن التفكير بها وهي تتشكل دائما بين الخوف والرهبة والترقب المصيري ؟

تصلبت ملامحه بلحظة وهو يلتقط كأس الماء منها بجمود ليضعه بمكانه فوق سطح المنضدة بجانبه ، عاد بعدها للنظر لها لبرهة قبل ان يتنحنح بجمود وهو يقول بجدية نافذة وبعد ان ضاق ذرعا من هذه الحال
"حسنا يا روميساء هل ستتكلمين عن سبب هذه الزيارة لغرفتي ؟ ام ستخفين عني ما يصيبك مؤخرا كالعادة !"

قبضت على يديها بقوة لوهلة زادت الاجواء بينهما برودا بصمت المكان من حولهما ، لتخرج بعدها عن صمتها التي رفعت وجهها ناحيته مباشرة وهي تمسح وجنتيها عن الدموع هامسة بهدوء
"اعتذر على إزعاجك حقا بهذا الوقت المبكر ، ولم اقصد ان ايقظك من نومك"

ردّ عليها من فوره بسخرية هامسة
"وهل استطعت النوم من الاساس ؟"

ارتفع حاجبيها بارتجاف وهي تهمس بعدم فهم
"ماذا كنت تقول ؟"

نظر لها بجمود لبرهة وهو يقول بعدم مبالاة
"لقد كنت اقول فقط إذا كان لديكِ النية لتخبريني بكل ما يدور برأسك ! فأنا الآن متعب وليس لدي الوقت لانتظر حتى تفرغي من بكائك"

عضت على طرف شفتيها بألم وهي تشعر بنفسها غير مرغوب بها هنا وهو يلمح لها بالخروج بطريقة غير مباشرة ، قالت بعدها بهدوء وهي تنفض غمامة الألم عنها لترفع بلحظة يدها باتجاهه بدون ان تنظر له
"لقد اردت ان اخبرك بالسر والذي كنت اخفيه عنك كل هذه الفترة ، ومن حقك الآن معرفته بما انني قد تأكدت من صحته ، ولا اريد ان اخفي عنك شيء بعد الآن ، ارجوك ان تفهمني"

ضيق عينيه بعدم استيعاب وهو ينظر للهاتف القابع بكفها وهي تمده نحوه بدون ان يفهم علاقته بكلامها ؟ وما هو السر الذي تتكلم عنه يا ترى ؟ هل يعقل بأن تكون هذه المفاجأة والتي جاء الوقت المناسب لتفجرها بوجهه !
ابتلع ريقه بانقباض وهو يقول بوجوم ناظرا لأناملها والتي كانت تشدد على الهاتف بقوة
"هل هذا هو السر والذي اخبرتني عنه بالأمس وتنتظرين الغد لتفصحي عنه ؟"

اومأت برأسها بشرود صامت بدون اي كلام آخر ، ليرفع يده بلحظة وهو يمسد على جبينه باضطراب مشوش قبل ان يسرح خصلات شعره للخلف بإرهاق ، ليخفض من فوره يده وهو يمسك الهاتف من كفها ببطء والذي افلتته بسرعة بارتجاف لتعيد كفها بحجرها ، رفع الهاتف امامه وهو ينظر لشاشته البيضاء والتي كانت تحوي على كلمات رسالة قصيرة تبدو تخص نتيجة فحص ما وهي تظهر النتيجة (إيجابية) !

تسمر بمكانه للحظات وهو يخفض الهاتف ببطء لينظر للساكنة بمكانها بعيون غامضة قبل ان يهمس بحدة وهو يلوح بالهاتف بيده
"ماذا يعني هذا ؟"

فركت قبضتيها معا بارتباك وهي تنظر لساقيها المفترقين وكأنها قد عادت تلك الطالبة الصغيرة الخائفة والتي تجلس امام مكتب استاذها تنتظر نهاية عقابها المسلط عليها بسبب محاولتها للغش وهي بالحقيقة قد حاولت مساعدة رفاقها بنقل اجوبة الاختبار منها ، وهذا ما دفع الاستاذ ليطرح عليها نموذج من اسئلة الاختبار ليتأكد من صحة اجوبتها وبأنها لم تستخدم الغش وسيلة للنجاح .

تنفست بارتجاف وهي تحاول ان تجلي صوتها هامسة بخفوت
"أليس هذا واضحا !"

قطب جبينه وهو يقول بتفكير واجم
"اجل واضح بأنكِ مصابة بمرض ما او بعدوى ولكن ما نوع هذا المرض ؟....."

ردت عليه من فورها باندفاع مختنق
"انا حامل"

مرت لحظات طويلة ما ان نطقت بتلك الكلمتين واللتين شحنتا الاجواء بينهما بضباب السكون المحيط بهما وبعض من الجمود والذي حصر دقات القلوب بينهما بجليد صمته ، اول من بادر بقطع الصمت الذي قال بهدوء بالغ وكأنه يحاول استيعاب الصدمة والتي حطت عليه بدون سابق إنذار
"حامل ! من حامل ؟"

عادت للتنفس باضطراب وهي تهمس بدموع بدأت بالتساقط على وجنتيها من جديد
"انا هي الحامل"

تشنجت بمكانها للحظات قبل ان تشعر بيد دافئة تمسك بذقنها لترفعه عاليا برفق بثواني ، وما ان قابلت نظرات الواقف امامها والتي كانت تسكن بها الصدمة الممزوجة بالذهول حتى زادت من غلالة الدموع بعينيها لا شعوريا ، ليتبعها بعدها بالكلام بلحظة بهمس خافت اجش
"انتِ حامل يا روميساء !"

زمت شفتيها بنشيج الدموع وهي تومأ برأسها باهتزاز واضح بدون كلام ودموعها ما تزال تشكل خيوط على وجنتيها المحمرتين باحتقان ، وما هي ألا لحظات حتى اتسعت عينيها الدامعة بصدمة ما ان شعرت بذراعيه وهما تطوقان جسدها بهدوء وهو يحتضنها بقوة ساحقة بدون اي مقدمات وانفاسه الهادئة تضرب عنقها باضطراب بعث الرعشة بكل تفاصيلها شلت حركتها بالكامل ، لترفع بعدها يديها تلقائيا وهي تعانقه بنفس القوة وبعد ان حررت اسر دموعها وحزنها المدفون بصميم روحها وبعمق مأساتها .

ابتسمت بهدوء ما ان استمعت لصوته القوي وهو يضرب بأذنها هامسا بسعادة طفيفة وهو ما يزال تحت تأثير صدمة ما سمعه
"حقا يا روميساء لقد صدمتني بشدة ! كيف لم تخبريني عن هذا الأمر المهم ؟ انتِ تحملين طفلي انا بداخلك وبدون ان اعلم بشيء ! كيف واتتك الجرأة لتخفي عني كل هذا ؟"

رفعت كفها عن عنقه لتمسح بها على خصلات شعره بشرود هامسة بنفس خفوته بدون ان تشاركه السعادة
"لقد كنت غير متأكدة من الأمر تماما ! وخشيت ان يكون مجرد سوء فهم مني ؟ فقد كنت اشعر بالتقلبات المزاجية المصاحبة مع ألم المعدة والغيثان الدائم ؟ وعندما زاد الأمر عن حده اضطررت لإجراء فحص لأطمئن من صحة الخبر ، ولم استخدم فحص الحمل المنزلي فقد خشيت ان تكون نسبة نجاحه قليلة وانا لا اؤمن بهذه الفحوصات ! لذا قررت إجرائه بالمشفى وانتظرت بعدها حتى تصلني النتيجة"

ابتعد عنها ببطء قبل ان يجثو امامها بلحظة وهو يمسك بوجهها بكلتا يديه قائلا بعبوس متجهم بدون ان تمنع سعادته
"كل هذا حدث معكِ بدون علمي ! حتى لم تعطيني خبر بالأمر ! لما كل هذا التستر بمثل هذا الأمر المصيري والذي يخص حياة كلينا ؟ ماذا كان سيحدث لو شاركتني بعضا من احاسيسك وبما تشعرين به ؟ هل لهذه الدرجة لا تثقين بي ؟"

حركت رأسها بالنفي بسرعة وهي ترفع كفها لتمسك بها جانب وجهه هامسة بابتسامة ناعمة بحنان
"لا ليس هكذا الأمر يا احمد ، فقط خفت من ان يكون الأمر مجرد هواجس وقلق مني ! ولم اكن اريد ان اعيشك على الأمل الزائف ، لذا اردت ان اتأكد اولاً لأكون على يقين بالخبر ، سامحني إذا كنت قد قسوت عليك كثيرا بالآونة الاخيرة ! ولكني لم اعد اعلم كيف اتصرف وماذا افعل امام ما يحدث معي ؟"

لانت ملامحه قليلا ليزيل قناع التجهم عنه بلحظة ويحل مكانه الحنان الممزوج بالشغف الجارف والذي يخصه لها لوحدها واكثر عن السابق ، تقدم بوجهه امامها لا يفصل بينهما شيء ليقبل جبينها بقوة شعرت بها وكأنها تدمغ بداخلها ، ليعود بعدها لاحتضانها بقوة اكبر حتى كاد يكسر عظامها الهشة من تحت قماش ثوبها الخفيف وهو يهمس بصوت اجش وبنشوة جديدة عليها
"شكرا يا روميساء ، هذا اجمل خبر اسمعه بحياتي ! بعد كل هذه السنوات سأرزق بطفل ، والاجمل منه بأنه سيكون منكِ انتِ يا روميساء"

شددت على قبضتيها لا شعوريا وهي تهمس بابتسامة احتضرت بمكانها
"ولكني لا اريد هذا الطفل !"

تصلب جسده بلحظة والوجوم يطغى على الاجواء بينهما طاردا السعادة الفريدة والتي دقت ابوابهما بغفلة عنهما ، ليبتعد بسرعة عنها وهو يحاول الابتسام باتزان قائلا بجدية
"ماذا تقصدين بهذا الكلام ؟......."

قاطعته بسرعة وهي تعود للبكاء بانتحاب ملوحة بقبضتها بانفعال
"لا اريد اي اطفال يا احمد ، لقد خفت كثيرا من حدوث هذا الأمر ! ودعوت كثيرا من ان يكون الامر غير حقيقي ومجرد اوهام لا وجود لها من الصحة ، ولكن قد تبين بالنهاية بأنه موجود وهو يعيش بداخلي الآن بدون ان اقدر على منع هذا !"

انتفض فجأة وهو يمسك بوجهها بقسوة موقفا اندفاعها ليقرب وجهه منها وهو يهمس بأنفاس حادة لفحت بشرتها الشاحبة بسخونة وباستنكار مذهول
"ما لذي تتفوهين به يا مجنونة ؟ هل فقدت عقلك لتقولي مثل هذا الكلام ! هذا يكون طفلك انتِ لما تقولين عنه هذا ؟ ام انكِ لا ترغبين بإنجاب الاطفال مني ؟"

ابتلعت ريقها بانقباض وهي تحرك رأسها للأسفل بخزي ودموعها تهبط على بشرة وجهها لتصل ليديه الممسكين بها بدفء ، قالت بعدها بأنفاس مضطربة بحزن عميق
"انت لا تفهم ما اقول يا احمد ! من تجربتي الشخصية اعلم جيدا كل معاناة قد يمر بها الاطفال بتلك السن التي يحتاجون بها الاتكال على شخص ناضج بكل امور حياتهم ، فأنا طفولتي كما تعلم لم تكن طبيعية ولكنها افضل من حياة بعض الاطفال ، لقد كنت اشاهد اطفال يعملون بعمر صغير من اجل ان يأمنوا يقوت حياتهم ومنهم من لا يجد ما يتناوله لذا يضطر للسرقة وعمل اعمال الشغب بالطرقات ومنه من يبقى يعيش على تسول الطعام من الاثرياء لكي يبقى على قيد الحياة ، وكله يكون اما بسبب إهمال من الوالدين او وفاة كليهما او زواج احدهما ، ولا يتضرر بهذه الحال سوى الاطفال والذين يكونون عالة على المجتمع ومصدر خراب بها من نظرة طبقة بعض الناس الأغنياء ، وانا لا اتحمل رؤية مزيد من الاطفال يتجرعون ذلك الألم فكيف تريدني ان افعلها بابني وانجبه بهذه الحياة القاسية والتي لن ترحمه ؟ وبالنهاية سوف يلوم والديه على إنجابه بهذه الحياة وسيكره حياته بشدة لأن جميع من حوله سينبذونه مثلما فعلوا مع والدته من قبل !"

سحب يديه عن وجهها وهو يقف بجمود ناظرا بغموض لانهيارها الصامت ، ليتنفس بعدها بكبت وهو يسير من حولها بلحظات قبل ان يجلس بجانبها بصمت ليحاوط عندها كتفيها بذراعه القوية برفق ، دفن بعدها وجهها بكتفه العريض وهو يربت بيده الاخرى على شعرها وشفتيه تقبلان قمة رأسها هامسا بكل حنان ودفء يحمله نحوها
"اهدأي يا روميساء ، فلا شيء من كل هذا سيحدث بالواقع ! فهي مجرد اوهام بسبب حياتك الماضية والتي حولت منظورك للحياة بهذا الشكل ، وانا اعدك بأن يعيش طفلنا اجمل سنوات حياته وبكنف عائلة تحبه وخاصة بأن والدته تكون معلمة يحترمها كل صغير وكبير ووالده يكون رجل اعمال مهم ومستقل بحياته ويستطيع ان يأمن حياة سعيدة لابنه ليعيش طيلة حياته مرفه وسعيد لن يعاني من اي نقص ما دام هناك عائلة كبيرة معروفة بالمجتمع تدعمه ، وانا واثق بأن عائلتنا ستكون اسعد عائلات المجتمع والتي ستجعل ابننا يفتخر بانتمائه لنا"

هدئت قليلا لوهلة وهي ترفع عينيها ناحيته بحياء هامسة ببعض التوتر والشك والذي ما يزال يعبث برأسها
"هل تعدني بأن تكون عند كلمتك ؟"

ابتسم بحنان تدفق بملامحه بلحظة وهو يرفع يده ليعيد خصلة طائرة فوق جبينها لخلف اذنها بقوة وهو يهمس بصوت اجش عميق
"انا اعدك يا روميساء ، وكما اخبرتك سأكون دائما عند كلمتي حتى لو طلبت مني ان احضر لكِ النجوم بنفسها"

ظهرت ابتسامتها بحياء على طرف شفتيها باحمرار طفيف نافضة الشحوب عنه ، لتعبس بعدها بلحظة وهي تخفض نظراتها بوجوم هامسة بحزن مزيف
"ولكنك لم تكن عند كلمتك بالأمس ! واخلفت بوعدك ولم تنفذ مطلبي"

اتسعت ابتسامته وهو يضحك بانشراح ليقبل خدها بخفة قبل ان يهمس بتجويف اذنها بعبث واضح
"لا بأس لم يفت الآوان بعد على تنفيذ مطلبك ! وانا مستعد الآن لتنفيذ اي شيء تطلبينه مني ، بمقابل ألا تبتعدي عني مجددا وألا تتكتمي عن اي سر مهما كان صغيرا"

ارتبكت ملامحها وهي تنظر له بدهشة لتهمس بعدها بابتسامة جانبية بتردد
"هل انت متأكد من كلامك ؟"

اومأ برأسه بقوة وهو يتعمق بقبلته على صدغها هامسا بقوة اخترقت كيانها
"لم اكن متأكد بحياتي مثل اليوم ! وهذه المرة لا شيء سيبعدكِ عني يا روميساء"

عضت على ابتسامتها الجميلة لوهلة وهي تطوق عنقه بذراعيها بخجل لتقترب اكثر من اذنه وهي تهمس بها بنفس ثقته
"وانا مستعدة من الآن لكل شيء تقدمه لي ولطفلنا يا احمد"

تنهد براحة وهو يزيد من معانقتها بقوة دافنا وجهه بأمواج شعرها الطويلة ليستنشق من عبير عطرها وهو يتذوق اخيرا من فاكهته الحلوة ، ليقول بعدها بين سيل قبلاته على خصلات شعرها واصابعه تتلاعب بحمالة ثوبها وهو يهيم بسحرها
"كم اشتقت لكِ يا فاكهتي الحلوة ! اشتياق لن يتحمله رجل عاقل مثلي !"

اغمضت عينيها براحة وهي تترك له المجال ليطفئ هو شوقه بها والذي تاق له وتطفئ هي الشك بروح تعبت من التدنيس ، وهي تتعلق بعنقه بتشبث مثل تعلق الغارق بطوق نجاته بعد سنوات من معاناة طالت كثيرا بحياة اصطبغت بكل ألوان الألم ليكون هو كل الأمان والذي احتاجته يوما بحياتها ليحاوطها بكل حنان العالم ومع ابنهما الصغير القادم بطريق حياتهما...

_______________________________
تغضن جبينه بضيق وبألم مبرح ما يزال يراوده برأسه مثل ضرب المطرقة وهي تزداد بقوة مع كل محاولة منه للتشبث بخيوط وعيه الهاربة للخروج من دوامته السوداء السحيقة...وكأنها حبال تجذبه للأسفل بدون إرادة منه وهو كل ما يفعله بأن ينفض كل ما يتعلق بضباب عقله المغيب تماما عن العالم .

تشنجت ملامحه فجأة ما ان بدأ يصل لسمعه المغيب بعض الهمهمات الخافتة وهو يلتقط بعض من الكلام الخافت بصعوبة وما استطاع الوصول لمجرى سمعه
"هل تعتقدين بأنه ما يزال على قيد الحياة ؟"

لتأتي الإجابة من صوت آخر بعيد بعض الشيء بذعر واضح
"توقفي عن السخرية يا مرام ، فهذا الأمر لا يدعو للتخمين به ! علينا إيجاد طريقة لإيصاله للمشفى بدون ان نصادف اي متاعب نحن بغنى عنها"

عاد الصوت القريب منه للكلام بانفعال ساخر
"ولكن رأسه مصاب بشدة وهناك بعض قطع الزجاج العالقة بين شعره ، وغير هذا من المستحيل ان نوصله للمشفى بالسرعة المطلوبة وهو على هذه الحال ! إذاً هو بعداد الموتى....."

قاطعتها مجددا وهي تصرخ بغضب حانق
"كيف تستطيعين قولها بمثل هذه البساطة ! هل تريدين منا تركه هنا حتى يحتضر بمكانه ونحمل ذنب موته طيلة حياتنا ؟....."

قالت بسرعة ذات الصوت الساخر بامتعاض
"على مهلك قليلا يا رجاء ! لا تنسي بأن مساعدته ستؤثر كثيرا على حياتنا المهنية عندما يضعوننا بوضع المتهمين وعلى قائمة شهود العيان ، لذا ارى بأن تركه هنا افضل بكثير من خسارة عملنا بهذا المكان المحترم والذي لن نجد عمل افضل منه"

غيم الصمت الثقيل للحظات على المكان وهي ما كان يحتاجها الجسد الخامد على الارض الرخامية بدون اي حركة ، ليبدأ بتحريك مفاصله المتعبة تدريجيا بدءً بعضلة جفنيه والتي بدأت تفتح عن عينيه لتزيل غشاء تشوش الرؤية عنهما لوهلة وتظهره الصورة امامه واضحة ، وهو يقابل نصف وجه الجالسة بجانبه والتي كانت تنظر للأخرى والمصدر الثاني لكل تلك الثرثرة المزعجة والمتواجدات معه بنفس الغرفة .

حرك ذراعه ببطء وهو يقبض على كفه بقوة للحظتين فقط نفضت التعب والخمول عن باقي مفاصله ، قبل ان ينتفض الجسد بلمح البصر جالسا بجانب التي جمدتها الصدمة بمكانها وهو ينتشل المسدس من جيب بنطاله بيده الاخرى ليوجهه مباشرة امام وجه المقابلة له وبشحوب مميت ، خرجت الشهقة الانثوية قاطعة الصمت بلحظة من الواقفة بعيدا عنهما وهي تنظر للمشهد الحيّ امامها بعيون متسعة بذعر وكأنه كابوس قد تجسد بحياتهما جمد الدماء بعروقهما برعب لم يسبق ان حدث معهما من قبل ، وما ان كانت على وشك الهروب من الغرفة لطلب النجدة حتى اوقفها الصوت الشرس والذي عاد لجنونه وهو يصرخ ببحة التعب والتي طغت على صوته لتجعله اكثر خشونة عن السابق
"إياكِ والتحرك من مكانكِ ، وألا ستكون حياة صديقتك هي الضحية ، ألا إذا كنتِ تفضلين النجاة بنفسك على مساعدة صديقتك !"

استدارت نحوه بارتجاف طغى على كامل جسدها وهي تنظر له بعيون متسعة بدموع حبيسة بدون اي ردة فعل ، بينما التي كانت تجلس ارضا تنتحب بمعنى الكلمة وبدون ان تشعر بالدموع والتي سقت وجنتيها بغزارة بدون ان يرحمها ، لتنطق بعدها الواقفة بمكانها وهي تهمس بشفتين مرتجفتين برجاء شديد
"ارجوك ان تتركنا وشأننا يا سيد ، فنحن لم نفعل لك شيء ابدا ، وكنا على وشك مساعدتك......"

قاطعها بزمجرة خشنة وهو يلوح بالمسدس باهتزاز
"هششش ، لا اريد سماع اي صوت منكما ، وانا الذي اتكلم هنا"

صمتت الفتاة بامتقاع بشحوب مخزي وبموقف لا تحسد عليه ، لينقل بعدها نظراته المهتزة منها لأنحاء المكان المتواجد به وهو يكتشف لأول مرة وجوده بنفس الغرفة والتي كان من المفترض ان يقابل بها دميته والتي كان على وشك اصطحابها معه قبل ان يغيب كل شيء من حوله بثانية ويصبح مجرد جثة هامدة على ارضية الغرفة ، بدون ان يفهم التسلسل الزمني ومسار الاحداث والتي حصلت معه بكل هذه الفترة ؟

عاد بنظره بلحظة باهتزاز للجالسة امامه بسكون وهو يوجه الكلام لها قائلا بصلابة شرسة
"كم الساعة الآن ؟"

اجابت من فورها بتلعثم وهي تحدق بفوهة المسدس امامها باضطراب
"انها الساعة الثامنة صباحا"

ارتفع حاجبيه ببطء متوحش وهو يرفع نظره عاليا بتفكير مشوش غيم على عقله المظلم لبرهة ، فيبدو بأنه قد غاب عن الوعي ليلة كاملة بدون ان يشعر بشيء حتى جاء صباح اليوم التالي !

اتسعت عينيه بلونهما العسلي القاتم باحمرار طاغي وهو يخفضهما لنفس الفتاة ما ان استرجع اهم ذكرى كانت قد غابت عنه ، ليقول من فوره بعبوس متجهم بدأت تظهر صفة الاجرام بملامحه القاتمة
"ماذا حدث بزفاف الأمس الخاص بماسة الفاروق ؟ تكلمي حالاً"

ارتبكت ملامحها اكثر وهي تزيد من نبع الدموع بعينيها هامسة بعدم فهم
"لا اعلم عن ماذا تتحدث ؟....."

شهقت بذعر ما ان امسك فجأة بمؤخرة شعرها وهو ينحني امامها بتربص هامسا بفورة غضب اشتعلت بلحظة بصوته وهو يلفح بشرة وجهها بعنف
"تكلمي حالاً وألا فجرت رأسك الفارغ هذا !"

تدخلت من قالت باندفاع خافت وهي تنظر بعيون متسعة برعب
"هل تقصد زفاف شادي الفكهاني الذي حدث بمساء الأمس على قريبته ؟"

رفع نظراته نحوها ببطء بدون اي تعبير يسكن ملامحه المتوحشة ، لتقول من فورها بدون ان تنتظر إجابته بخوف من ان ينهي على حياتهما
"الحقيقة لقد انتهى الزفاف بأحسن حال ، والعروسين كانا بقمة سعادتهما ، ولم يحدث اي مشاكل من اي نوع"

شحبت ملامحها برهبة ما ان تجمدت العيون الناظرة لها بتوحش مخيف وبصمت عميق يكاد يفترسها بدون ان تفهم بماذا اخطئت ! لتتراجع تلقائيا للخلف ما ان افلت شعر الجالسة بمكانها ليقف بعدها على قدميه ببعض الترنح قبل ان يتوازن باستقامة ، ليهمس بعد عدة لحظات بفحيح غاضب وهو يقدح بعينيه العسليتين بشرارات مجنونة
"ماذا قلتِ ؟ هل تقصدين بأن الحفل قد انتهى بالفعل ؟ واصبحت الآن ملكه ومع من يستحق الحصول عليها هو عن دون الجميع !"

فتحت شفتيها عدة مرات بدون ان تجد ما تنطق به والصدمة والرعب تجمد اطرافها عن الحركة تماما لثواني ، وهي تلمح بعينين دامعتين المسدس وهو يرتفع عاليا ليصوبه فوق رأسها وهو يقول بجنون سيطر على عقله المتعب والمغيب بضباب غضبه
"مستحيل ان يحدث هذا ؟ انتِ كاذبة ! مستحيل !"

وضعت كفها على فمها برعب وهي ترتجف بشهيق منتحب متوقعة ان تسمع طلقة الرصاصة من مسدسه بأية لحظة ، ولكن الذي قابلها هو الصمت التام والذي غيم على المكان للحظات ، قطب جبينه بغضب شرس وهو يخفض المسدس امام نظره بلحظة ليتفحصه جيدا وهو يقلبه على جانبه الآخر بتدقيق قبل ان يفتح مخزون الطلقات وهو يكتشف بصدمة بأنه فارغ تماما من اي طلقة ، بالرغم من تأكده الدائم بتعبئة مخزون المسدس بدون ان يغفل عنه ، إذاً من الذي قام بتفريغ مخزون طلقات مسدسه ؟

استغلت الجالسة بمكانها الفرصة وهي تزحف بعيدا عنه قبل ان تنهض بتعثر وهي تنضم بالوقوف مع صديقتها ، لينقل بعدها نظراته لهما بشراسة مخيفة وهو يهمس بخفوت خشن بقسوة
"ألا يعرف احد منكما اين يسكن صاحب حفلة الأمس ؟ واين ذهب بعد الحفلة ؟"

حركت الفتاتين رأسيهما بالنفي بآن واحد بصمت تام ، ليزمجر بعدها بخشونة نافذة الصبر بلحظة قبل ان يندفع بعيدا عنهما وهو يخرج من الغرفة بأكملها بقوة ، ليطلق كليهما أسر انفاسهما المحبوسة وصاحبة الابتسامة المرتجفة والتي كانت على وشك الموت بين يديه وهي تنطق بظرافة
"يبدو بأنها من مشاكل قصص الحب والخيانة ! ونحن لا علاقة لنا بها صحيح ؟"

نظرت لها الاخرى بطرف عينيها الدامعة وهي تتنهد هامسة بغضب
"مرام حقاً !"

بينما كان الذي وصل لمدخل القاعة قد توقف وهو يغطي جبينه بكفه من اشعة الشمس الحارقة والتي زادت الغباش بعينيه المرهقتين ، ليتخلل بعدها شعره بغضب وهو يشعر بعودة الألم المبرح لرأسه وكأنه مقسوم لنصفين من شيء حاد ضربه بقوة ، ليخفض يده بسرعة وهو يحدق بجمود بقطعة الزجاج والتي التقطها من بين خصلات شعره تلطخها بضع قطرات من الدماء ، والآن فقط علم سبب كل هذا الألم برأسه منذ دخوله بتلك الغيبوبة القصرية !

قبض اكثر على قطعة الزجاج حتى شعر بها تخترق باطن كفه ، وهو يهمس بشر سيطر على كيانه بلحظة
"ماسة"

ألقى بقطعة الزجاج بعيدا وهو يتنفس بفوران لينفض ذراعيه للأسفل بسخط ، قبل ان يعبس بضيق وهو يشعر بملمس شيء يستقر بجيب بنطاله ، دس يده بسرعة بجيب بنطاله وهو يخرج منها ورقة مطوية بتجعد لا يذكر سبب وجودها بجيبه ؟

امتقعت ملامحه لوهلة وهو يفتح الورقة بصمت لتسافر عينيه للمكتوب وهو يشعر بسواد يتوسع بداخله تلقائياً بدون اي رادع

(مرحبا يا مازن اتمنى ان تكون الضربة ليست بكل هذا العنف والذي ابتغيته ، وان تكون ما تزال على قيد الحياة فأنا اعلم جيدا بأنك لن تتأذى بهذه السهولة من ضربة صغيرة من مزهرية زجاجية لا تقارن بما يفعله اعضاء العصابات بحياتهم ، وقد اردت ان اخبرك ايضا بأن تنسى وجودي تماما بحياتك لكي لا تتلقى المزيد من الضربات الموجعة اكبر من تلك الضربة الصغيرة والتي لن تستطيع بعدها اعادتك للحياة مجددا ، وبدل كل ما تفعله من تهور بحياتك التافهة عليك ان تفكر بكيفية تكفير ذنبك الوحيد والذي اقترفته بكل مجريات حياتك الماضية والذي دفع شقيقتك الوحيدة لتحمل مسؤولية فعلتك بدون اي ذنب ، فقط لأنها تكون شقيقة هذا المجنون والذي عذب الكثيرين بحياته بدون ان يعلم بأنه بيوم ما سيأتي الوقت الذي سيرد له بأقرب المقربين له ليدفع الجميع ثمن اخطائهم بهذه الحياة ، واي دمار قد يحوّل بحياة صفاء انت ستكون المسبب الرئيسي به)

(ملاحظة ؛ لقد افرغت مخزون طلقات سلاحك لكي لا تؤذي المزيد من البشر الابرياء بفورة غضبك ، ولكي لا اكون سببا بموتهم بحياتك الفوضوية)

اغلق الورقة بهدوء يختلف عن الحالة التي كان بها قبل لحظات ، ليدسها بعدها ببساطة بجيب بنطاله بسكون تام ، قبل ان يتجه مباشرة بعيدا عن مدخل القاعة ونحو سيارته البعيدة بدون اي تعبير او شعور يطفو على ملامحه والتي هدئت تماما مثل حياته الفوضوية كما قالت .

يتبع...........


روز علي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 16-10-21, 09:45 PM   #172

روز علي
 
الصورة الرمزية روز علي

? العضوٌ??? » 478593
?  التسِجيلٌ » Sep 2020
? مشَارَ?اتْي » 712
?  نُقآطِيْ » روز علي is on a distinguished road
افتراضي

فتح عينيه ببطء شديد وهو يتأمل المكان من حوله احتاج منه للحظات ليستعيد كل ذكريات احداث الليلة الماضية...ليبتسم بعدها من فوره بكسل قطة وبسعادة اسد كمن حصل اخيرا على غريمته...والتي اصبحت بالنسبة لحياته اكبر من مجرد غريمته والتي كان يهوى اصطيادها ونجاح تصويب اهدافه نحوها والتي لم تخب يوما....وهي تتحول من ليلة وضحاها لمكسب كبير مشبع ربحه بعد عناء طويل وبعد ان وصم بلعنة جمالها والتي تتربص بروح عدوها لتنهي عليه بثواني...وهذا الأمر قد تجاوز مجرد متعة خاصة به ببداية تعارفهما وتحدي لقوتها لتكون مجرد وسيلة لينفض عنه بعض الملل...
تنهد عدة مرات بقوة وبرخاء احتل محياه بلحظة وهو يحفر بتفاصيل حياته الباردة والتي اصبحت اكثر تشويقا وإثارة عن السابق...اتسعت ابتسامته برخاء وهو يلتفت بذات اللحظة برأسه للجهة الاخرى من السرير...لتعبس زاوية من ابتسامته قليلا وهو يلمح الملاءة البيضاء الفارغة بجواره....لتعود الابتسامة لتتألق على محياه من جديد وهو يلاحظ انتفاخ الطرف الآخر الخاص بالنائمة بجانبه والذي يدل على كائن حي يقبع بهذا المكان بدون ان يظهر شيء منه .

عض على طرف شفتيه بمكر متسلي وهو ينام على جانبه ونظراته تلاحق بإثارة الجسد المختبئ اسفل الملاءة المشدودة عليه ، ليرفع بعدها ذراعه ببطء وهو يربت بخفة على رأسها الواضح من تحت قماش الملاءة هامسا بصوت اجش ثائر
"ألماستي ، هل انتِ مستيقظة ؟ هل ما تزالين على قيد الحياة ؟ استطيع مساعدتك بتقديم التنفس الاصطناعي لكِ ؟ فأنا ما ازال احتاجكِ ولم اكتفي منكِ بعد"

ارتفع حاجب واحد بوجوم وهو يشدد من القبض على ملاءة السرير بلحظة قائلا بصوت اجش خافت قريب من فورة الرغبة
"ألماستي هيا عودي لزوجك وكفى لعبا معه ، فقد لا استطيع السيطرة على نفسي طويلا يا حبيبتي !"

رفع يده ما ان ارتجف الجسد الساكن تحت الملاءة بصراخ منتحب بانفعال ببحة صوتها المثيرة مثل كل شيء بها
"اتركني وارحل عني ، لن اسامحك ابدا على فعلتك ! لن اسامحك ما حييت ، انا اكرهك....."

رفع ذراعه لفوق رأسه وهو يقول بانشداه منفعل وبحاجبين مرفوعين ببراءة
"ما بكِ يا ألماستي ! هل كل هذا الغضب لأنكِ شاركتي ليلتك الأولى مع زوجك كما يفعل جميع الازواج ؟ ام لأنكِ سلمتني نفسك بإرادتك الحرة !"

صمتت للحظات طويلة قبل ان يعود الصوت ليخرج من تحت الملاءة بخفوت شرس
"لم افعل"

اومأ برأسه ببساطة وهو يقول بصوت اجش واثق وبابتسامة اتسعت بتسلي
"بلى فعلتِ"

ردت عليه من فورها بعنفوان ارتجف معها جسدها بعنف حتى كاد يمزق الملاءة المشدودة من فوقه
"لا لم افعل ، وتوقف عن هذه اللعبة باستفزازي فهذا الأمر يضايقني بشدة وليس ممتعا ابدا ! فأنا الآن بحالة لن استطيع التحكم بها بتصرفاتي"

عقد حاجبيه بضيق وهو يتجاهل كلامها الاخير تماما ليعود ليمسك الملاءة بقوة اكبر وهو يهدد بسحبها قائلا بقوة
"حسنا يكفي هذا ، لأني قد مللت من هذا الحوار السخيف ، وهيا اسحبي الغطاء عنكِ وألا سحبته لكِ بنفسي ، فأنا اخاف عليكِ من الاختناق موتا بأول يوم لكِ بعد الزفاف"

انتفضت مجددا بعنف بعيدا عنه وهي تزحف لحافة السرير صارخة بعناد
"ابتعد عني يا شادي ولا تقترب مني مجددا ، وألا لن اسامحك هذه المرة بل سأدافع عن نفسي وستندم باليوم الذي اقترنت به بفتاة مثلي...."

حبست انفاسها بشهيق صامت ما ان شعرت بوجوده بجانبها تماما بلحظة وهو يحاوطها بذراعه بقوة ، وصوت همسه الخافت بحرارة انفاسه يخترق قماش الملاءة ليرسل رعشة بكامل جسدها
"وانا مستعد لمواجهة دفاعك يا ألماستي ، والذي سأكون اكثر من سعيد وانا اجعله طوع امري كما حدث بليلة امس"

ارتجف جسدها لوهلة وهي تدفع ذراعه من حولها بعنف لتزحف من فورها عدة سنتمترات وبلحظة كان جسدها يهوي اسفل السرير مع ملاءته ، تأوهت بألم شعرت به يخرج من صميم عظامها المتكسرة ومن جسدها العاري نسبيا ، لتسحب الغطاء عن وجهها بعنف وهي ترفع عينيها الهائجتين باتجاه صاحب الابتسامة المستفزة وهو يطل عليها من فوق السرير قائلا بصوت بارد متسلي وكأنها هواية ومتعة لا يتقنها سوى مع هذه المجنونة
"هل انتِ بخير ؟ هل كل عظامك سليمة ؟ لأنه ليس لدينا الوقت لننقلك الآن للمشفى ، وقد يظنون اطباء الفندق امور اخرى عن سبب الكدمات بجسدك ونحن لا نريد ان نزرع مثل هذه الظنون برؤوسهم !"

تأففت بنفاذ صبر احمر معه وجهها باحتقان الخزي ممزوج بالحياء حولها لجمر مشتعل ، وهي تحاول النهوض بضعف بعظامها التي تتأوه ألماً بدون ان تعلم مصدر كل هذا الألم ؟

عاد للكلام بعدها بلحظات وهو يراقبها باهتمام قائلا بقلق عابس
"هل اساعدك على النهوض يا ألماستي ؟ فأنا ارى مدى الصعوبة التي تواجهيها بمهمة النهوض عن الأرض بعد السقوط التاريخي الذي حدث معكِ !"

امتعضت ملامحها وهي تهمس بضيق مرتجف
"لا اريد شيئاً منك ، فقط ابتعد عني وتوقف عن مراقبتي"

حرك رأسه بلا مبالاة وهو مستمر بمراقبتها هامسا ببرود
"لا استطيع التوقف عن مراقبتك ، فهذا الامر يحدث فوق إرادتي الحرة ! وخاصة مع كائن مثير لا يقاوم غض البصر عنه"

زفرت انفاسها بهياج وهي تنهض واقفة بتعب حتى كادت تتعثر اكثر من مرة بملاءة السرير والتي كانت تلف بها كامل جسدها ، لتسير بسرعة بخطوات متعثرة حول السرير وباتجاه الحمام الملحق بدون ان توجه اي نظرة نحو القابع فوق السرير يشاهدها بصمت ، وقبل ان تصل للحمام بلحظة قال من خلفها الذي كان يبتسم بارتخاء بارد
"لديكِ فقط عشر دقائق حتى تنهي حمامك ، فأنا ايضا احتاج للذهاب للحمام ، لذا لا تتأخري كثيرا بفعل ما عليكِ فعله بالداخل ولا تظني نفسكِ لن استطيع الوصول لكِ وانتِ بالحمام !"

تنفست بغضب مكبوت وهي تحاول السيطرة على ما تبقى من اعصابها المنهارة ، لتمسك بمقبض باب الحمام بتشنج وهي تستمع لصوته يتابع كلامه بخفوت ماكر
"واحد ، اثنان ، ثلاثة......"

صرخت فجأة بغضب قبل ان تصفق باب الحمام من خلفها بعنف
"سحقا لك"

ابتسم بهدوء وهو يريح رأسه على الوسادة من خلفه وذراعه مرتخي فوق جبينه بخمول منتظرا مضي الدقائق بسرعة بفارغ الصبر ليكمل طقوس استمتاعه النهارية مع مجنونته الهائجة .

بعد عشر دقائق كاملة كانت تخرج من الحمام الملحق وهي تسير على ارض الغرفة الرخامية بقدميها العاريتين واصابعها النحيلة تحاول ربط عقدة روب الاستحمام الزغبي وخصلات شعرها المشبعة بالماء تلاحقها بقطراتها على طول ظهرها ، لتتوقف بتجمد لوهلة وهي تحين منها التفاتة نحو الذي ما يزال مستلقي على السرير بكسل وعينيه الباردتين تلاحق كل شبر بها مرورا بقدميها العاريتين حتى آخر خصلات شعرها المشبعة بقطرات الماء السائلة منه بدون ان يغفل عن اي تفصيل بها ، ونيران صامتة مشحونة بالإثارة عادت لتتأجج بينهما بهدوء تخبطات ارواحهما الهائجة بفورة .

قفز بلحظة خارج السرير بخفة دفعها للتراجع تلقائيا بتعثر حتى اصطدمت بخشب الخزانة من خلفها بقوة ، ليتقدم بعدها بهدوء امامها عدة خطوات كسولة بعثر كيانها بتأهب ، وما ان وقف امامها تماما حتى اشاحت بوجهها بعيدا عنه بصمت تام قبل ان تخفض جفنيها الحمراوين على احداقها بقوة ما ان رفع ذراعه نحوها بهدوء لثواني ، تغضنت تقاسيم وجهها بحيرة واجمة وهي تنظر للذي ابتعد عنها بصمت وبعد ان اخرج ملابسه من رف الخزانة من خلفها وهي التي ظنت بأنه يريد فعل شيء آخر بعيد عن اي نوايا صافية !

عضت على طرف شفتيها بحزن لحظي ما ان استدار بعيدا عنها ببرود ، لتغمض بعدها عينيها لوهلة براحة غزت اطرافها ما ان شعرت بوقع خطواته تعود ادراجها ، ليتبعها بلحظة بقبلة صغيرة على شفتيها اوداها كل الاشتعال بداخل صميم روحه لتخفف القليل من الحمم الهائجة بداخل كل منهما .

ابتسمت بهدوء وهي تفتح عينيها ببطء ناظرة باتجاه الذي اغلق باب الحمام من خلفه بصمت ، لتموت ابتسامتها بمكانها بلمح البصر وهي تشاهد انعكاس صورتها بالمرآة امامها ، وكم هالها ما رأته من تحول حالها الملحوظ والذي بدأ يطفو لا إراديا على سطح حياتها ! لتقبض من فورها على يديها بقوة سرت بكامل إنحاء جسدها المشحون وهي تغرز اسنانها الحادة بطرف شفتيها بقسوة مذكرة نفسها بوضعها الآن والحقائق المخفية والتي عليها ازالة الستار عنها بأقرب وقت ممكن وقبل ان تتحول لمجرد ضحية بهذه العلاقة .

______________________________
بعد مرور عدة دقائق كانت تنظر لنفسها بالمرآة وهي مستمرة بتمشيط شعرها الطويل المبتل بشرود طفى على ملامحها...وهي تزيد من قسوة حركاتها برتابة مع اتساع حدقتيها البحريتين بآن واحد وبعد ان عادت لتلوينهما بالعدسات اللاصقة الخاصة بها...لتخفي كل انفعالات او تشنجات قد تظهر بسحابات عينيها الداكنة واللتين اسرتهما غصبا بغشائها البحري الهائج...ولكي تمنع اي مشاعر غادرة قد تظهر على السطح لتفقدها السيطرة على ذاتها .

اخفضت يدها الممسكة بفرشاة الشعر بخمول سرى بطول ذراعها حتى آلمتها من قسوة حركاتها....لتلقي بها فوق طاولة الزينة بلا مبالاة...وهي تعود للنظر لشكلها العابس بالمرآة بدون اي حياة وكأن جميع انوارها قد انطفئت فجأة بحياتها بلحظة خاطفة بعد كل ما حدث من مجريات غيرت متاهات حياتها...زفرت انفاسها بعنف وهي تعيد خصلاتها المبتلة بقوة لخلف اذنيها بدون ان تسمح لها بالفرار...لتراقب بعدها قطرات الماء الصغيرة التي كانت ما تزال تسيل فوق كتفيها ببطء حتى تصل بثواني لأطراف ثوبها القصير وهذا حال باقي القطرات والتي كانت تتسابق مع بعضها الواحدة تلحق الاخرى بطريق تحددت وجهته مسبقا .

حركت عينيها بعيدا وهي تنظر لأنواع كثيرة من مستحضرات التجميل المرتبة فوق طاولة الزينة بأناقة وفخامة...وهي تبدو من ارقى المنتجات التجارية مثل كل شيء موجود بجناح الفندق القاطنة به....بدون ان تعلم سبب وجود كل هذه المستحضرات والتي لم تستخدم نصف منها بحياتها سوى بحفلة الزفاف ؟ ولم تتعرف سوى على بعض قليل منها وما يستخدمه الناس بحياته اليومية فقط لجذب الانتباه والعيون لا اكثر .

امسكت بقلم احمر الشفاه القاني بلمعة خاطفة مثيرة للاهتمام وهي تراقبه بانبهار خفي مجرد المشاعر وبحاجب واحد جليدي ، لتقرب بعدها حافة القلم بحذر على شفتيها وهو ينزلق لا إرادي ما ان لامست حافته طرف شفتيها السفلية بسلاسة وبلمعان يليق بفخامة وبشكل المنتج وهو يمثل تحفة فنية ، لتنحرف قليلا عن مسارها بعنف ما ان صدح صوت خروج احدهم من الحمام الملحق .

اخفضت احمر الشفاه بغضب وهي تعيده لمكانه ناظرة للخط الصغير الذي خرج قليلا عن شفتها السفلى بتشوه افسد جمال لونه ، لتحين منها التفاتة بضيق باتجاه الذي كان يجفف شعره بالمنشفة وهو يرتدي سروال قصير بدون قميص ، اعادت نظراتها للأمام ببعض الوجل المتخبط وهي تتأفف باشتعال واضح لون وجهها من جديد باحتقان ، وهي لا تفهم لما لم يرتدي ملابسه كاملة بداخل الحمام ؟ ام يتعمد فعل كل هذا ليستفزها من جديد ويفرض سلطاته الزوجية عليها والتي ترسلها للجنون ! وهي التي لم تتجاوز بعد كل ما حدث بليلة امس من خضوع وانصياع لم يسبق ان حدث معها من قبل وكأنها وثيقة خيانة وقعها مع جسدها الخانع ليتشاركها مع رغبات جسده ؟

رفعت يدها وهي تمسد على جبينها بوجوم يائس ناظرة للأسفل بصمت عله يرحمها ويرتدي باقي ملابسه ، ولكن هذا لم يحدث وهي ترفع عينيها بالمرآة لوهلة لتصطدم بلحظة بنظراته المفترسة من صاحب العينين السوداوين واللتين يملئهما الغموض والإثارة معا حتى بدأت تتقن فن قراءة لغتهما الصامتة والتي تستطيع استشعارها بروحها التي وشمها به بالأمس .

بينما كان الواقف من خلفها على بعد خطوات يشاهد بتأمل وببطء متعمد حوريته الجميلة والتي لا تتوقف عن ابهاره بكل مرة تسقط عينيه عليها سهوا او تعمدا...وبدون ان تبذل اي مجهود حقيقي بفعل كل هذا...وهو يدور بعينيه بدوامة هالكة بتمعن صامت دفن معه الضجيج والذي لا يجيده سوى معها ولا يقارن بالهياج القابع بأعماقه مثل ثورة كبرى تنتظر الفرصة الغادرة لتتغلب على خصومها بانتصار ساحق قبل ان تتمتع بغنائمها التابعة لمثل هذه الانتصارات والتي يستحقها كل فائز مغوار تعب ليحصد مثل هذه النتائج...وكل هذا كان امام عينيه وهو يشملها بنظراته من قمة رأسها المبتل بقطرات الندى الصغيرة بلمعان والتي كانت تسيل على طول خصلاتها السوداء....قبل ان ترسلها لفستانها القصير والذي يماثل لون شعرها بسواد فاحم مظهرا بياض بشرتها اللؤلؤية بعد الاستحمام والظاهرة من تحت الثوب...بالرغم من عدم انكشاف الثوب القصير واحتشامه عند بعض الأماكن ولكنه يمثل عنده حالة فريدة عندما يتجسد على هذه المرأة...وخاصة بأنه من قماش شفاف مغزول عند الذراعين وعلى طول الظهر وبخيوط متداخلة تربط شقين الفستان من مؤخرة عنقها حتى نهاية ظهرها بدون ان يخفي مفاتنها للأعمى وكله بسبب وضوح بياض بشرتها من تحت قماشها الشفاف .

تنفست بارتجاف قاطعة الاجواء الصامتة بينهما لتكتف ذراعيها فوق صدرها بلحظة وهي تهمس بوجوم عابس
"يبدو بأنك قد اخذت وقتا اطول عن المعتاد بتأملك الصامت ؟ ألم تكتفي !"

تغضنت زاوية من ابتسامته وهو يعود بنظره لوجهها والذي عاد لصفة الجمود المحفور بتفاصيل ملامحه الحجرية ، وهو يدقق النظر على حدقتيها البحرية والتي اعادت الصاقهما بذلك اللون الغريب والذي يرى بأنه لا يزيدها سوى إثارة واستثنائية ، وقد بدأ يحب لونهما الغريب كما لونهما الطبيعي مثل ألوان السماء عندما تمزج النصف الآخر مع لون البحر لتكتمل صورة اللوحة الساحرة .

اتسعت ابتسامته باستهزاء ما ان وصل للون شفتيها بأحمر الشفاه الذي يبدو اخطئت بوضعه على خط شفتها السفلى لينحرف قليلا بهذه الطريقة المثيرة والتي تستحثه ليزيل عنها كل هذه الألوان بطريقته الخاصة ، سار بعدها قاطعا المسافة القصيرة بينهما بلحظة قبل ان يقف من خلفها تماما وهو يرفع حاجبيه هامسا ببرود متأمل
"لا تقولي مثل هذا الكلام مرة اخرى ، فأنتِ زوجتي ولدي كل الحق بتأملك بقدر ما اريد وبعد ان اصبحتِ بداخل مجالي ، وايضا لا يستطيع اي شخص التوقف عن تأملك عندما تعبثين بصورتك هكذا بطريقة تثير عندي الأهوال !"

عقدت حاجبيها بضيق وهي تتابع نظرات عينيه الآسرة لعينيها هامسة بوجوم
"ماذا ؟...."

قاطعها الذي رفع يده وهو يشير بأصبعه السبابة لشفتيه بالمرآة بمغزى ، ليتبعها من فوره بغمزة مرحة وهو يهمس بخبث متسلي
"يعجبني كثيرا طريقتك الجديدة بصبغ شفتيك بأحمر الشفاه ! وقد تنشهر ايضا على مجلات صيحات الموضة الجديدة والتي لن تستطيع منافسة الاخريات"

انفرجت شفتيها بارتعاش وهي تعود بنظرها لمنظر شفتيها المريع بعد ان لونت الجزء السفلي منه والذي انحرف منه القليل عن الخط وكله بسبب حضوره المفاجئ وهو عاري الصدر ، رفعت يدها بسرعة وهي تحاول محو الخط الصغير الخارج عن المضمار بأصبعها الصغير ، لتزيد بلحظة من اصطباغ لونه بتحور تحت شفتها السفلى وهي تزيد من الضغط عليه بارتجاف طغى على حركاتها الخرقاء .

تجمدت بمكانها لوهلة ما ان امسك بكتفيها برفق شديد ، ليديرها نحوه بلحظة بدون ان تقاومه اكثر قبل ان تصبح مقابلة له تماما ، ليرفع بعدها يده وهو يمسك بكفها وبأصبعها الذي ما يزال يضغط على موضع التحور ، ليقترب منها بوجهه بصمت وهو يهمس امام جبينها العريض بصوت اجش آمر
"ابعدي يدكِ يا عزيزتي فأنتِ تزيدين الوضع سوءً"

زمت شفتيها وهي تخفض يدها بصمت تام نافضة يده بعيدا عنها بتصلب ، ليرفع بعدها يده وهو يتكفل بمهمة محو الخط عن شفتيها بأصبعه الطويل بينما يده الاخرى تمسك بجانب وجهها برفق ، اخفضت جفنيها على احداقها ببطء بتلك الطريقة عندما تترك لعقلها رسم ملمس اصبعه على بشرة وجهها ولم تشعر بعدها سوى بشفتيه وهي تحل مكان اصبعه بثانية ليقبلها بصمت عند موضع الحمرة تحت شفتيها تماما ، وبلحظة شعرت بقبلته وهي ترتفع تلقائيا لتصل لشفتيها وهو يقبلهما بقوة هياج مشاعره اشعلت كل مجريات حياتها وهي تتدفق بحرارة بكل منحنيات جسدها المرتعش تحت قبلته ، والتي بدأت ترسم وتتنقل بريشة قبلاته خيوط من احلام على تفاصيل حياتها عابثة كل جنون بروحها المنتفضة بفوران المشاعر والتي بدأت تخرج عن سيطرتها .

انتصبت بمكانها لوهلة جاهدت للحفاظ عليها وهي تحاول دفعه بقبضتيها باستماته ضعيفة بدأ تخبو بين قوة جسدها الخانع بشرارات انطفئت بلحظة ، ليبتعد بعدها بلحظات الذي كان يتنفس بقوة حارقة على ملامح وجهها التي شحبت فجأة ، وهو يرفع يده ليمسح على طرف شفتيه هامسا بنبرة ما يزال يطغى عليها انفعال المشاعر الجارف
"ما رأيكِ بهذه الطريقة السريعة والتي مسحت بها كل اثر عن احمر الشفاه ؟ بالرغم من انه كان جميلا على شفتيكِ !"

زفرت انفاسها بتهدج انهك نبضات صدرها وهي تنفض الشعور الاخير عن رأسها ، لتشيح بوجهها بعيدا عنه بلحظة وهي تعض على طرف شفتيها المرتعشتين بفعل قبلته هامسة من بينهما بامتعاض
"لم اطلب منك فعل هذا ، لقد كان هذا انتهاك بحقي"

ارتفع حاجبيه بدهشة وهو يبتعد خطوة للخلف ليرفع ذراعه لأعلى رأسه قائلا بابتسامة جانبية بمكر
"انتِ تبالغين كثيرا بردة فعلك بالنسبة لأمر بسيط جدا بالمقارنة مع الذي حدث بالأمس بيننا !"

ردت عليه بسرعة بارتجاف احتل اطرافها بشفتين مرتجفتين
"توقف عن تذكيري بما حدث بكل مرة ، فلم يكن بإرادتي الحرة كما يصور عقلك ! سمعت ؟"

تراجعت بوجل للخلف عدة خطوات ما ان تغيرت ملامحه بشراسة حارقة تفهمها جيدا ونيته بالانقضاض عليها واضحة تماما بعينيه المتوحشتين رغبة وهياج بها لم يخبو ولو قليلا ، لتلين ملامحه قليلا وهو يهمس بخفوت منفعل بدون ان يترك تحديقه الشرس بشفتيها المرتجفتين
"انتبهي جيدا على انفعالات جسدك وخاصة ارتجاف شفتيكِ الكرزيتين ! فقد لا استطيع السيطرة على نفسي طويلا امام محاولاتك الخفية لإثارتي"

اتسعت عينيها الزرقاوين بدهشة مستنكرة لوهلة وهي تتمسك بأناملها بحافة طاولة الزينة من خلفها بتشبث ، قبل ان تقول بغضب هائج استبد بها
"توقف عن قول هذه الكلمة ! فأنا لا احاول إثارتك ولم اثير احدا من قبل ، ولست مثيرة كما تقول"

صمتت بارتجاف ما ان عاد لقطع الخطوات بينهما بلحظة خاطفة لينحني بوجهه امامها بصمت ، قبل ان يرفع يده باللحظة التالية ليضغط بأصبعه الإبهام على شفتها السفلى بقسوة ، ليبتسم بعدها بميلان مفترس وهو يهمس بصوت اجش متملك بثورة
"بل انتِ مخطئة تماما يا ألماستي ، فكل حركة تخرج منكِ مثيرة اكثر من سابقتها ، إذا كانت عفوية منكِ او كانت مقصودة ، فأهم شيء عندي بأنها تثيرني جدا بشعور جميل لم ارى له مثيل بحياتي ، وانا على استعداد تام لاستقبل كل حركات إثارتك والتي تعبث عندي الاهوال لا احد يعلم عنها سوى صاحبها !"

فغرت شفتيها اكثر فوق إصبعه الإبهام المحكم فوق شفتها السفلى حتى لم تعد تستطيع التعبير عن حالتها المخزية بتشتت مشاعرها المميتة ، لتعلو ابتسامة باهتة على محياه البارد وهو يبعد اصبعه الإبهام عن شفتها ببطء ، قبل ان يرفعه بلمح البصر امام شفتيه ليقبله بطريقة شلت حركة اطرافها تماما بحالة من الانذهال المتحجر ، وبدون ان تنتبه بعدها بلحظة ذهولها كان يمسح حافة اصبعه بطرف انفها بخفة حتى طبع عليه آثار حمرة باهتة ما تزال عالقة على اصبعه الإبهام .

كشرت ملامحها بلحظة ما ان افاقت من صدمتها وهي ترفع قبضتها هامسة بغضب
"كفى....."

تراجع المقصود للخلف بسرعة عدة خطوات رشيقة وهو يضحك بانشراح على مرأى وجهها العابس بحمرة مضحكة عند انفها زادتها فكاهة ، ليتجه من فوره لخارج الغرفة وهو يلتقط قميصه بطريقه قائلا ببساطة عابثة
"جهزي نفسكِ للفطور يا عزيزتي ، فهذا هو يومنا الأول بعد الزفاف وعليه ان يكون مميزا"

تنهدت بقنوط وهي تنظر لباب الغرفة الذي اغلقه من خلفه بهدوء ، لتستدير بعنفوان امام المرآة التفت معها خصلاتها تشاركها نفس الجنون بعد ان نشف الماء عنها وثبتت على منحنياتها ، لتتنفس بقوة وهي ترفع كفها لتمسح الحمرة عن انفها بقسوة زادت من احمرار انفها بألم ، لتنفض بعدها يديها للأسفل بعنف وهي تنظر لصورتها بالمرآة للحظات .

رفعت حاجبيها ببطء لوهلة وابتسامة ساخرة ممزوجة بالحقد بدأت تعلو شفتيها الحمراوين ، لتهمس بعدها بخفوت شديد وهي تريح يديها فوق طاولة الزينة باستعداد لحرب الكرامة
"لقد استمتعت بما فيه الكفاية يا شادي الفكهاني وقد حان الآن دوري لاستمتع انا بهذه الحرب ، وسأريك ماذا تستطيع ان تفعل بك تلك المثيرة ؟"

_______________________________
جلست فوق الأريكة بهدوء وهي تريح ذقنها فوق قبضتها المضمومة بصمت ، ونظراتها شاردة بالطفل الجالس امام التلفاز وهو يلعب بجهاز التحكم عن بعد والمتصل بلعبته الإلكترونية بشاشة التلفاز ، لتغمض بعدها عينيها بيأس ما ان جاء الصوت الرنان بجانبها والذي لم يتركها وشأنها منذ ان افاقت من النوم وهي تصرخ بصرامتها المعتادة وبمزاج مشحون بالغضب وكأن افعى قد لدغتها
"سلوى انا اتكلم معكِ منذ الصباح وانتِ تتجاهلين وجودي تماما ! لما لا تعطين الموضوع الذي اتكلم عنه حيز بتفكيرك الفارغ وانتِ تتخاذلين بهذه الطريقة ؟ وكل ما افعله فقط من اجل مصلحتكِ وما سيقرر مصيركِ بتلك العائلة"

زفرت انفاسها بتأفف واضح لوهلة وهي تتمتم بعبوس حانق
"ارجوكِ يا امي ألن ننتهي من هذا النقاش ! فأنتِ تتكلمين عن هذا الأمر منذ ان استيقظت وقبل فعل اي شيء ، فقط قولي بأنكِ لا تحبذين سكني عندكم بالمنزل"

عبست ملامح الواقفة بجانبها بلحظة وهي تمسك خصرها بيديها بقوة هامسة بحاجبين مرفوعين باستنكار
"هل هذا كل ما لديكِ من اجل ان تغيري فحوى موضوعنا وتتهربي منه ؟ وانتِ تعلمين جيدا السبب برفضي لمبيتك بالمنزل بهذه الليلة تحديدا ؟ وانتِ تفسحين كل المجال لضرتك الثانية للاستيلاء على زوجك واخذ القمة منكِ وكأنكِ تقدمين لها زوجك على طبق من ذهب......"

قاطعتها بجمود وهي تحرك رأسها بلا مبالاة
"وما لجديد بالأمر يا أمي ؟ فهو يفضل دائما قضاء الوقت مع زوجته الثانية بكل صباح ومساء إذا كان بوجودي ام بعدمه ! وبعد ان استولت على القمة بحياته وانتهى الأمر ، وانا فقط عليّ تحمل مراقبتهما بدون ان يكون بمقدوري فعل شيء"

نقلت نظراتها منها للطفل الذي قطع الصمت بينهما وهو يقول بمرح بدون ان تترك نظراته شاشة التلفاز امامه
"تلك الفتاة تستحق الحصول على القمة اكثر منكِ ، وهذا لأنها الأجمل والألطف بالعالم"

صرخت فجأة التي كتفت ذراعيها فوق صدرها هامسة بتحذير
"اخرس يا يامن ، وإياك وان تسمعني صوتك المزعج مرة اخرى لكي لا احطم لعبتك فوق رأسك"

استمر الطفل بلعب بدون ان يعطي اي منهما انتباهه ، لتقول بعدها وهي تعود بنظرها لابنتها قائلة بحزم صارم
"انتِ مخطئة تماما بكلامك ، فقد نسيتِ كل ما فعلته واخبرتك به لكي نبقي كل منهما بعيدا عن الآخر بدون ان نتركه يقترب منها مجددا ، وما ساعدنا ايضا انشغالها بحفلة زفاف شقيقتها متناسية احتياجات زوجها والشرخ والذي كان يزداد بينهما بسبب تصرفاتها الاخيرة والتي كنا نزيدها بانشقاق علاقتهما اكثر ، وبعد كل ما فعلناه تقررين الانسحاب الآن والعودة لنقطة الصفر ! وانتِ تصرين على المبيت عند عائلتك بدل ان تعودي لتلبية احتياجات زوجك"

انتفضت بوجهها نحوها وهي تلوح بقبضتها جانبا هامسة بعصبية وعينيها متحجرتين بالدموع الحبيسة
"ألم تري ما كنت اراه يا أمي ؟ بعد كل ما فعلناه من مشاكل وحيل وندوب وكل ما يمكن ان يؤثر بعلاقتهما حتى اوشكت على الدمار بالكامل ، ماذا حدث بالنهاية ؟ لقد عاد كل شيء لما كان عليه وافضل ببضع كلمات سحرية منها عاد العاشق الولهان بها ، كيف تريدين مني ان اتحمل رؤيتهما مجددا بعد رؤيتي لهما يرقصان بساحة القاعة مثل اي زوجين عاشقين من المستحيل ان يتواجد فرد ثالث بينهما ؟ وإذا وجد فهو غير مرئي ووجوده لا يشكل اي فارق بحياتهما والتي تبدو خالية من اي ندوب !"

اخفضت رأسها بارتجاف البكاء وهي تحاول تمالك نفسها بعد كل الدموع والتي اهدرتها بليلة امس ، لتتنهد بعدها الواقف بجانبها بضيق وهي تربت على رأسها بهدوء مستعيدة هالة سيطرتها على نفسها لتقول بعدها بلحظة بنفس قوتها بعزم
"لا تتكلمي هكذا يا عزيزتي ، فأنا متأكدة بأن كل تعبنا بالأيام الماضية لم يذهب هباءً ، فقط عليكِ بالتحلي اكثر بالقوة والعزيمة لكي لا تسمحي لخصمك بالفوز عليكِ ، فأنتِ بهذه الطريقة تسمحين لها بكسرك اكثر ، وبالطبع هناك هفوة بكل ما فعلناه لم ننتبه لها افسدت كل خطتنا ، ولكن لا بأس فنحن سنعيد الهجوم بطريقة اخرى وبأسلحة جديدة ستجعلك تسحقينها هذه المرة بلا شك"

اشتعلت ملامحها ما ان عاد الجالس امام شاشة التلفاز للكلام مجددا وبحماس فائق وهو مندمج بما يراه
"لقد سحقتها بالفعل على يد الجميلة ذات العيون الخضراء ! هزيمة ساحقة ، اجل"

عبست (سلوى) بارتجاف وهي تهمس من بين دموعها والتي بدأت تتحرر من مقلتيها بخنوع
"هل سمعتِ يا امي ؟ لقد كنت محقة"

غطت بسرعة وجهها بكفيها وهي تجهش بالبكاء المنتحب باهتزاز بعد ان انهكت قواها ، لتقول بعدها التي ذاقت ذرعا من هذا الوضع وهي توجه نظرات نارية للذي ما يزال شارد باللعبة
"يامن اخرج من هنا حالاً ، ولا تريني وجهك مجددا حتى اسمح لك بهذا"

انتفض (يامن) واقفا بضيق وهي يلقي بجهاز التحكم بعيدا بقوة ، قبل ان يغادر بتأفف واضح لخارج غرفة الجلوس بدون اي كلمة اخرى ، لتوجه بعدها نظراتها للتي كانت تدفن وجهها بين يديها ببكاء لتمسك من فورها بذراعها بقسوة وهي تهزها منه صارخة بصرامة
"كفى ! توقفي عن هذه الحركات الخانعة ، ألم تملي من البكاء بعد كل ما حدث ؟....."

قاطعها الصوت المدفون بعد ان توقف عن البكاء تماما
"لقد عاد لها"

تجمدت ملامحها لوهلة وهي تشدد اكثر على ذراعها لتهمس بلحظة بحدة بالغة
"ماذا تقصدين ؟ تكلمي !"

رفعت رأسها بلحظة وهي تنشج بصمت هامسة بابتسامة جافة
"قصدي واضح تماما ، لقد عاد لها بتلك الليلة ، واقصد بأنهما قد عادا مثل اي زوجين بليلة زفافهما"

عقدت حاجبيها لبرهة وهي تفلت ذراعها هامسة بخفوت مريب
"ومن اخبركِ بهذا الكلام ؟ ولما كل هذه الثقة بمثل هذا الأمر والذي لا يدعو للشك به ؟"

اخفضت رأسها قليلا وهي تمسح دموعها بكفها لتقول بلحظة بوجوم ساكن
"اعلم هذا جيدا ! بل متأكدة منه ، فأنا من بين الجميع استطيع قراءة الصمت بينهما نظراتهما لبعضهما بدون الحاجة للكلام !"

ارتفع حاجبيها للحظات باستنكار لحالة ابنتها المتدهورة والتي لا تنحدر سوى للأسوء ! لتقول بعدها من فورها بجفاء بارد
"رائع لقد اصبحت ابنتي تفهم لغة الصمت والإشارة ! ولكن ما لا تعرفينه بأن هذا الكلام والذي نطقتِ به الآن غير صحيح علمياً وعمليا ؟ وإياكِ ونطق مثل هذه الترهات امامي مجددا"

ردت عليها من فورها وهي ترفع رأسها بعبوس
"ولكن يا امي....."

قاطعتها باندفاع من نفضت ذراعيها للأسفل بعنف وهي تتمتم بأمر قاطع
"كفى لا اريد سماع اي شكوى بخصوص هذا الأمر ، والآن اذهبي فورا واغسلي كل هذه الدموع عن وجهك والسخافات عن رأسك وانسي كل ما يتعلق بهذا الأمر ، وبعد ان تشعري بنفسكِ اصبحتِ افضل سوف نفكر عندها بحل لمشكلتك هذه"

زفرت انفاسها بهدوء وهي تومأ برأسها بخنوع تام قبل ان تنهض من مكانها ببطء ، لتتجه من فورها لخارج الغرفة بدون ان تضيف كلمة فوق كلام والدتها ، وهي تراقبها بنظراتها الصارمة ببعض التجاعيد الدقيقة حول عينيها والتي يشوبها بعض القلق الغريزي على حياة ابنتها والتي تسرق منها بالقوة بدون ان يفلح شيء معها بإيقاف كل هذا الدمار .

______________________________
انتفضت النائمة بالسرير بهمهمات غاضبة بعد ان استيقظت بالقوة وهي ترفع رأسها باتجاه الواقفة فوق رأسها بإمارات الغضب الصارم والذي يعلو ملامحها الجامدة ، لتنطق بعدها بعبوس وهي تدير عينيها بعيدا عنها بملل
"ماذا هناك ؟"

ألقت والدتها بالغطاء بعيدا وهي تكتف ذراعيها بلحظة قائلة بجدية غاضبة
"ألا ترين بأنكِ قد استغرقتِ طويلا بالنوم ؟ وقد يأتي بأي لحظة استاذكِ للمنزل والذي يهتم بمحاضراتك ، وانتِ نائمة بسبات عميق بدون ان تسألي عن شيء ! ما هذا الإهمال المفرط الذي تعيشين به ؟"

تنهدت للحظات بهالتها الشاردة وهي تحاول النهوض قليلا هامسة بقنوط
"لقد قررت ترك دراستي مع الاستاذ هشام ، وسأطلب من والدي ان يغير اساتذتي مجددا"

رفعت حاجبيها بصدمة المفاجأة قبل ان تهمس بعبوس مريب
"ولماذا هذا التغيير المفاجئ ؟ وانا لا ارى استاذك يشكو من شيء !"

ادارت وجهها باتجاه والدتها بحدة وهي تهمس لها بامتعاض
"هذا قراري يا امي ولن اتراجع عنه ، ولا تسأليني عن السبب فأنا منذ البداية لم اكن موافقة على هذا التغيير بنظام اساتذتي القدامى والذي اجراه والدي بدون الأخذ برأيي"

عقدت حاجبيها بحدة وهي تمسك خصرها بتحفز هامسة بلحظة باستنكار حاد
"لا تتكلمي معي بهذا الأسلوب يا غزل فهو لا يروقني ابدا ، وايضا كل ما يفعله والدك من اجل مصلحتك وانتِ لم تبدي اي اعتراض على الأمر ، إذاً لماذا بدأتِ بإظهار استياءك الآن من استاذك والذي يبدو مثالي من كل النواحي ولا يعاني من اي نقص قد يدفعك للشكوى منه ؟ فهو يتكفل بتعليمك بالمنزل وبالعمل بالجامعة ، مثقف وكامل الأوصاف ومن المستحيل ان تجدي به هفوة واحدة......"

قاطعتها التي جلست بعنف وهي تلوح بذراعها قائلة بضيق واضح
"امي توقفي عن تعديد مميزاته وصفاته امامي ، فهو ليس عريس الغفلة والذي سقط من السماء ليساعدك بمهمة التخلص مني برجل احلامك ! بل هو مجرد استاذ لم يعد يعجبني طريقة تدريسه واريد استبداله بغيره ، وهذا بالطبع من حقي ولا احد لديه الحق بالاعتراض ويستطيع البحث عن فتاة اخرى ليهتم بتدريسها إذا كان من محبين تصنع المثالية"

تنفست بغضب لبرهة وهي تمسد على جبينها لتهمس بعدها بوجوم عابس
"ولماذا حدث كل هذا التغيير اليوم تحديدا وبدون سابق إنذار ؟ انتِ حتى لم تتمي معه الشهر واصبحتِ تريدين استبداله بهذه السرعة بدون اي سبب او عذر !"

حركت عينيها بعيدا عنها بجمود لوهلة قبل ان تهمس ببرود خافت
"هذا ما حدث يا امي ، لذا ارجوكِ ان تتكفلي بمهمة طرده من المنزل اليوم ما ان يأتي الآن ، ولا تنسي ان تطلبي منه ألا يعاود المجيئ لمنزلي مجددا لأني لم اعد احتاج لخدماته ولا اريد رؤيته بحياتي ! والآن عذرا اريد العودة للنوم فأنا متعبة للغاية"

فغرت شفتيها بذهول لثواني وهي تراقب ابنتها والتي عادت لتندثر تحت الغطاء بصمت تام وكأن شيء لم يكن ، لتعبس بعدها باستياء متجهم وهي تعود لتمسك بطرف الغطاء بعنف صارخة بغضب استبد بها من ابنتها المهملة
"هذا الكلام لا يخرج ابدا من فتاة عاقلة ! وانتِ تحاولين اغلاق ورفس كل الطرق والسبل امامكِ ليكون لكِ حياة مثالية مثل كل البشر الطبيعيين ، ولكني الآن فقط قد اكتشفت بأنني قد انجبت فتاة مجنونة ومتوحدة كل ما يهمها ان تدفن نفسها بالحياة ؟"

تنفست بتعب مجهد للحظات عندما لم تجد اي نتيجة ترجى منها ، لتبتعد من فورها باتجاه باب الغرفة وهي تفرغ شحنات غضبها بتمتمات ساخطة بكلام غير مفهوم متذمر ، وبعد ان ضاقت ذرعا من مشاكل ابنتيها واللتين لا تعرف كليهما مصلحة نفسيهما !

بينما كانت هناك عيون عسلية ساكنة تشاهد التي رحلت بعيدا عن مجال نظرها بصمت ، لتعود لشرودها الغائم بلحظات بحزن وهي تستعيد كلام والدتها الاخير عنها والتي ابدعت بنعتها بأقسى الألفاظ بقاموسها ، وكل هذا فقط لأنها لم تخضع لأمرها ولم يحدث شيء مما كانت تخطط له برغبتها الخفية بدفع ابنتها للعيش مثل باقي البشر بمنظورها وكما كانت تقول ، ولم تشعر بيديها وهي تقبض بهما على الوسادة بعنف ما ان تذكرت كلام من قسوة والدتها بعد انهيار علاقتها مع (عصام) وهي تقذف الكلام بوجهها بقهر

(لا اصدق لأي حالة وصلت بها ابنة العز والنسب لتفكر بالارتباط من مجرد مشرد لا يليق الانتساب به من اي ناحية ؟ لقد اثبتِ لي حقا بأنكِ قد فقدت عقلك بالكامل بتلك الفترة والتي قضيتها بالعلاج وبعيدا عن العالم ، بل كان من الأفضل ألا تخرجي من توحدك ابدا لتجلبي لنا مثل هذا الخبر الصادم ! واتمنى حقا ألا تتكرر مرة اخرى من اجل ألا نفكر بموضوع صحة عودتك للجامعة مجددا)

يتبع.........


روز علي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 16-10-21, 09:59 PM   #173

روز علي
 
الصورة الرمزية روز علي

? العضوٌ??? » 478593
?  التسِجيلٌ » Sep 2020
? مشَارَ?اتْي » 712
?  نُقآطِيْ » روز علي is on a distinguished road
افتراضي

كانت تنزل السلالم بخطوات غاضبة قبل ان تشهق بذعر ما ان ظهرت الخادمة التي ظهرت امامها بلمح البصر ، وقبل ان تنطق بأي كلمة سبقتها التي عادت لصرامتها المعهودة وهي تتخصر بغضب
"ما هذا الذي تفعلينه يا غبية ؟ ألا ترين امامكِ حتى تظهرين هكذا امامي مثل الشبح ؟ لقد كدت اصاب بنوبة قلبية !"

اخفضت رأسها بإحراج وهي تهمس بخفوت
"انا اعتذر يا سيدة جويرية لم اقصد ان افزعك"

تنفست بهدوء وهي تحك جبينها بضيق للحظات قبل ان تكتف ذراعيها هامسة بتصلب
"لا بأس ، هيا تكلمي ماذا تريدين ؟"

رفعت رأسها بسرعة وهي تهمس بابتسامة عملية
"لقد جاء الاستاذ هشام من اجل محاضرات الآنسة غزل ، وقد ادخلته لغرفة الجلوس من لحظة....."

قاطعتها بقوة وهي تنظر لها بتأهب واضح
"منذ متى جاء ؟ ولما لم تخبريني بلحظة مجيئه !"

تلعثمت الخادمة وهي تقول بارتباك واضح
"لقد جاء منذ خمس دقائق فقط ، وقد كنت على وشك الذهاب لإخبارك....."

رفعت كفها بوجهها وهي تقول بأمر قاطع
"كفي عن الثرثرة الآن ، واذهبي وافعلي اي شيء لتصرفي الرجل الموجود بالغرفة بأدب وبدون اي مشاكل"

انفرجت شفتيها بصدمة لوهلة قبل ان تتدارك نفسها بسرعة وهي تومأ برأسها هامسة بطاعة
"حاضر"

لتتوقف من فورها ما ان امسكت بذراعها بقوة وهي تقول بتصميم مريب
"او اسمعي انا سوف اتصرف معه وانتِ اذهبي واكملي عملك ، وإياكِ وان يصل ما سيحدث الآن لمسامع اي احد ، سمعتي !"

اومأت برأسها مجددا بخنوع وهي تشاهد التي ابتعدت من امامها وهي تسير باتجاه غرفة الجلوس ، وما ان وقفت امام باب الغرفة حتى زفرت انفاسها بقوة وهي تعزم امرها بثواني ، لتفتح بعدها الباب امامها بلحظة قبل ان تتجسد صورة الرجل المثالي بخيالها فارع الطول والوسيم بشكل خاطف الانظار امامها ، والذي يبدو مثال على الزوج المحترم والوقور وصاحب النسب العريق والذي يفخر به كل امرأة قد ترتبط به وهو يجمع كل الصفات والتي كانت تحلم بها لشريك حياة ابنتها الصغرى .

تنحنحت بقوة لتلفت انتباه الشارد امامها والذي يبدو لم يسمع صوت الباب من الاساس ، ليلتفت من فوره باتجاهها بلهفة سرعان ما انضبت بمكانها ما ان اكتشف هوية الواقفة امامه والتي خيبت توقعاته بعد كل ما حدث بآخر لقاء بينهما ، وها هو قد بدأ يشعر ببوادر فقدان الأمل تلوح له بالأفق !

ضيقت عينيها بتركيز من تبدل حاله الغريب بلحظة دخولها ، لتتألق ابتسامتها بلباقة وهي تقول بمودة هادئة
"صباح الخير استاذ هشام ، كيف حالك ؟"

حاول الابتسام بهدوء وهو يدفن كل المشاعر المكبوتة بداخله بشق الأنفس بدون ان يظهر شيء منها على العيان ، ليهمس بعدها بلحظة باحترام شديد
"صباح النور يا سيدتي ، كل شيء بأفضل حال كما ترين ، شكرا لكِ على السؤال"

حركت رأسها باهتمام واضح وهي تتابع كلامها بهدوء ظاهري
"اخبرني كيف هو اداء ابنتي غزل ؟ هل تعاني من اي صعوبة بمهمة تدريسها ؟ فأنا اعلم بأنها مهملة قليلا وبطيئة الاستيعاب فقد كانت تتعبنا كثيرا فيما سبق باختيار الاستاذ المناسب لها والذي يتكفل بتعليمها وإكمال دراستها"

حرك رأسه بشرود لتنحني زاوية من ابتسامته لوهلة ما ان تذكر طالبته المتذمرة بطيئة الكتابة والتي كانت تتعبه حقا بمهمة متابعة دروسها بدون ان تساعده بشيء سوى بتوسلاته الطفولية ليرحمها قليلا بالمحاضرات وبوقت الاختبارات ، وهو بالحقيقة كان يستمتع بشدة بهذه المهمة ولم يكن يتقصد الضغط عليها سوى من اجل ان يخرج تلك الطفلة الشقية من داخل قلبها الحزين وكأنه لا يستطيع ان يهدأ له بال ألا عندما يرى ذلك الجانب الطفولي منها !

تنهد لبرهة وهو يوجه نظره لها قائلا بابتسامة جانبية بثقة
"لا تقلقي عليها يا سيدتي فهي قد وصلت لمستوى جيد بالنسبة لعمرها ومع كل ما حدث معها ، وانا سأحاول بكل جهدي لتحافظ على مستواها المتقدم بمسار دراستها بدون ان اسمح لها بالتراجع"

اتسعت ابتسامتها بقوة وهي تقول بعيون حذرة بتفكير
"هذا لطف منك حقا ، ولكن هناك سؤال يحيرني ولا استطيع التوقف عن التفكير به ؟ انت تعمل بالجامعة بجانب المثابرة على متابعة تقديم محاضرات غزل ! ألا يشكل هذا بالنسبة لك عائق يمنعك من اداء واجباتك على اكمل وجه ؟ بالرغم من انك لست مضطر لكل هذه المحاربة بتقسيم وقتك بين محاضرات غزل والجامعة فهي ليست بكل هذه الأهمية ؟"

تنفس ببعض الضيق وهو يسمع نفس السؤال السابق من ابنتها لتعيد طرحه بطريقة اخرى جعلته يشعر بغيظ اكبر وكأنه مضطر للإجابة ، ليتصنع من فوره ابتسامة هادئة وهو يقول بصبر على وشك النفاذ
"انا من النوع الذي يحب تقديم يد المساعدة لكل من يحتاج لها ولكل من يعاني بصعوبة بالدراسة ، فقد كنت اوزع وقتي فيما مضى بين تدريس طلاب الثانوية والعمل بالجامعة ، وهذا لا يختلف كثيرا عما كنت افعله بالماضي ، فالكرم وحب العلم جزء من خصالي لا استطيع التخلي عنهما"

ارتفع حاجبيها الرفيعين بانبهار واضح وهي تعود للتدقيق بالنظر له من رأسه حتى اخمص قدميه بلمحة خاطفة ، ليقول بعدها بسرعة قبل ان تطرح سؤال آخر يفقده صبره
"سيدتي هل ستحضر غزل اليوم ؟ ام انها لا تستطيع ذلك !"

ابتلعت ريقها بارتباك بدون ان تظهر شيء على ملامحها الجامدة وهي تهمس من فورها بحزن مصطنع
"اعتذر على كل ما تكبدته من اجل المجيئ على الموعد ، ولكن ابنتي غزل تعاني من المرض والحرارة منذ الصباح ولن تستطيع الحضور اليوم ، لذا يمكنك المجيئ بيوم آخر بنهاية الاسبوع وانا متأكدة بأنها ستكون عندها افضل وبأحسن حال"

عبست ملامحه بدون اي تعبير وبعد ان فقد كل المشاعر والتي كانت تجيش بصدره من لحظة ، وهو ينظر بعيدا عنها لوهلة قبل ان يهمس بغموض خافت
"حقا لم اكن اعلم ! يبدو بأن مرضها قد تقصد الظهور اليوم ليمنعها من الحضور ؟ على كل حال اتمنى لها الصحة والعافية ولا تنسي ان توصلي لها سلامي ، والآن عليّ الرحيل وشكرا لكِ على وقتك"

اومأت برأسها بشرود وهي تراقب الذي بدأ بالانسحاب من امامها بصمت مريب ، لتلتفت من فورها ما ان تجاوزها وهي تقول من خلفه بهدوء شديد
"عذرا ! ولكن هل تسمح لي بسؤال إذا لم يكن لديك مانع ؟"

استدار نحوها بجمود لوهلة قبل ان يتمتم بجدية
"نعم تفضلي"

عقدت حاجبيها بتركيز وهي تهمس بقوة بدون اي مواربة
"هل انت مرتبط ؟ فيبدو لي بأنك ما تزال غير مرتبط بالرغم من انك لا تعاني من شيء يمنعك من فعلها بل تملك كل المؤهلات المطلوبة للارتباط ! هل هي مشكلة خاصة لديك ؟"

سكنت ملامحه للحظات بدون اي كلام وهو يشعر بنفسه قد وقع بفخ السؤال والغير متوقع ، وهو لا يعلم إلى ماذا تريد ان تصل هذه المرأة بالضبط بكل هذه الاسئلة المزعجة والتي اصبحت تضيق به ؟

ادار وجهه بعيدا عنها وهو يقول بكل ما يستطيع من ادب وبجمود احتل دواخله فجأة
"نعم لقد ارتبط من قبل بقريبة لي ، ولكن الذي حصل بأن الخطبة قد فسخت قبل ان يتم الزواج ، ولم افكر بالارتباط من بعدها"

ارتفع حاجبيها بدهشة لحظية وهي تهمس باستغراب منفعل
"وما هو السبب ؟"

تجمدت ملامحه اكثر حتى تحولت لصفحة من جليد وهو يهمس بجواب مختصر
"انه النصيب"

فغرت شفتيها قليلا بصمت لتتحول بلحظة لابتسامة عريضة وهي تتمتم بسعادة غريبة
"انت على حق كل شيء بالحياة قسمة ونصيب ، وانا واثقة بأن نصيبك قريب جدا منك واكثر مما تتخيل وهو من سيغير حياتك للأفضل ، فقط كون على يقين بذلك وثق بنفسك وبإيمانك"

التفت بنصف وجهه نحوها بسكون تام وبعد ان غيرت مسار تفكيره بلحظة ، ليكمل بعدها طريقه بسرعة وهو يحرك رأسه باستنكار من افكار غريبة اطاحت بعقله واتلفت اعصابه بالكامل ، لتهمس من فورها التي تركها من خلفه وهي تلوح له بيدها بابتسامة انيقة
"بالتوفيق استاذ هشام ، ولنا لقاء قريب جدا"

_______________________________
كانت تقف امام المرآة وهي تمسك خصلة من كل جانب لتعقد الخصلتين معا بمنتصف شعرها بالمشبك الفضي...بينما تركت باقي شعرها حر طليق مسترسل على طول ظهرها بحرية لم تفعلها منذ وقت طويل...لتخفض يديها ببطء وهي تتلمس بأصابعها بعض الخصلات المقصوصة من غرتها فوق جبينها الابيض وهي تحف حاجبيها السوداوين فوق عينين خضراوين ازهر النخيل بداخلهما بأجمل يوم بحياتها....تنهدت براحة من بين شفتيها الممتلئتين قبل ان ترتفع الابتسامة الاجمل والتي تمزج بين الشبع والنشوة نادرا ما تصل لها...وكأنها قد كسبت وجبة دسمة بعد يوم عمل طويل او جائزة مالية بمسابقة مدرسية دائما ما كانت تحرز الفوز بها...واما ان تكون قد تجاوزت كل هذا بتفكيرها المحدود وهي تتجسد على شكل هدية الحياة والتي تبعث لنا بأسوء لحظات حياتنا لتكون التعويض عن كل ما فات مثل صفحة سوداء انطوت من حياتنا لتنفتح من بعدها صفحة بيضاء جديدة نخط بها بقلم الحياة لتكون بداية السطر وبداية كل حكاية...

اخفضت يدها لا إراديا وهي تمسك عند مكان بطنها بهدوء من تحت قماش ثوبها لتمسح عليها برفق شديد وبحنان تدفق بتقاسيم ملامحها فجأة...وطوفان من المشاعر المتناقضة اصبح يكتسح عالمها مؤخرا بين فرحة صغيرة تحارب لتتسرب بحياتها وبين خوف ما يزال يأسرها للآن...

عضت على طرف ابتسامتها لا شعورياً ما ان سمعت الصوت الجهوري الخارج من خلف باب الحمام الملحق وهو يقول بقوة
"روميساء هلا احضرتِ لي المنشفة ؟"

حررت ضحكة خافتة من بين شفتيها وهي ترفع يدها لخصلة شعر متراقصة لتعيدها لخلف اذنها بهدوء ، قبل ان تستدير بسرعة بعيدا عن المرآة ما ان عاد للهتاف باسمها بقوة اكبر ، لتلتقط بلحظة المنشفة من على السرير وهي تكمل سيرها باتجاه الحمام الذي اصبح يصدر طرقا عاليا على الباب ، وما ان وقفت امامه حتى قالت بابتسامة عابثة وهي تلوح بالمنشفة بدون ان تسلمها له
"عليك اولاً ان تطلب المنشفة بأدب لأستطيع ان اسلمها لك ، فهذا الأسلوب الذي تستخدمه مع زوجتك ليس لائقاً ابدا"

خفت صوت الطرق تماما لبرهة ليتكلم بعدها من خلف الباب ببرود ساخر
"حقا يا معلمة روميساء ! تريدين ان تعلميني كيف اتصرف واتكلم مع زوجتي ؟ هل لم يعد يعجبكِ اسلوبي معكِ ؟ يكفي بأني قد تحملت بكاءك وشكواكِ طول الساعات الماضية كادت تفجر صبري معكِ ، ولو كان شخص آخر غيري لما تحمل يوم آخر معكِ يا متشككة....."

قاطعته من انتفخت بإحراج وهي تهمس بتلعثم متعثر
"احمد توقف ! تعلم بأن هذا لم يكن مقصدي"

مرت لحظات اخرى قبل ان يعود للكلام باستفزاز واضح
"هل هذا يعني بأنكِ قد اقتنعتِ بأن العيب ليس بأسلوبي ؟"

تأففت بنفاذ صبر وهي تهمس بعدم مبالاة
"توقف عن تغيير الموضوع ، إذا كنت تريد الحصول على المنشفة فعليك ان تطلبها مني بأدب غير هذا لن اعطيها لك حتى لو مت من البرد"

قال من فوره بضحكة ساخرة
"لن تفعليها وتتركي زوجك يموت من البرد ، فأنا اعرف زوجتي اكثر من نفسي وهي ليست بكل هذه القسوة"

زمت شفتيها وهي تستدير هامسة ببرود متعمد
"حسنا كما تشاء ، انت من اخترت هذا"

وما ان خطت خطوتين حتى سمعت تنفسه الغاضب يصلها من سطح الباب الفاصل بينهما ، ليقول بعدها لبرهة بصوته الاجش الخافت
"روميساء من فضلك اعطيني المنشفة قبل ان اموت بردا ، رجاءً"

اتسعت ابتسامتها برضا وهي تعود ادراجها لتقف امام الباب مجددا وهي تهمس بخفوت
"جيد ، لقد تعلمت بسرعة"

ولكن ما لم تتوقعه وهي ترفع المنشفة امام يده المفرودة حتى سُحبت مع المنشفة لداخل الحمام بلمح البصر وقبل ان تتدارك نفسها ، لتصبح بلحظة امام الصدر العضلي العاري وهي تشعر بقطرات الماء الصغيرة تتسرب من مقدمة شعرها لتصل لوجهها الذي شحب فجأة من الدماء بصورة خاطفة للأنفاس ، وما هي ألا لحظة حتى عادت الدماء لتتفجر بأوردتها وبكل مجريات جسدها ما ان امسكت الاصابع الطويلة بذقنها لترفع وجهها برفق شديد وبهدوء لم تستطع مقاومته اكثر ، نظرت بعدها باستدارة احداقها لوجهه المبتسم بهدوء وبراحة تخللت تفاصيل ملامحه وصلتها عبر ذبذبات نظراته والتي تحيطها بحنان سخي تاقت له كثيرا بالأيام الماضية .

انتفضت لا شعورياً ما ان شعرت بيد تشدد على قماش ثوبها بمكان موضع الجنين والذي كانت تتلمسه من لحظات ، لتدور اليد بعيدا ببطء وهي تلتف حول خصرها مقربا لها اكثر لجسده والذي يشع حيوية ورجولة وحرارة مشتعلة مثل مرجل حار بالرغم من قطرات الماء المتسربة على جسده والتي بللت معها ثوبها بدون ان تبالي وهي تنصهر بحرارة كليهما ، لتذوب بعدها بأنفاسه والتي اجتاحتها بقبلته الصامتة بدون اي مقدمات والتي بدأت تقسو على شفتيها اكثر حتى ازهقت انفاسها بلحظة ، ليطلق بعدها سراحها لوهلة وهو يتمتم امام شفتيها بصوت اجش منفعل
"هذا عقاب صغير على اختبارك لصبري والذي تجاوز الحدود ، وإذا تماديتِ اكثر بالمرة القادمة فلا تتوقعي ان تخرجي من هذا الحمام حية !"

زمت شفتيها بارتعاش وهي تخفض وجهها قليلا هامسة بانصياع
"حاضر يا احمد ، هل استطيع الآن الخروج من الحمام ؟"

زفر انفاسه باشتعال وهو يدور بنظراته على شعرها الطويل المتحرر وخصلاته المتراقصة فوق كتفيها بجمال ورأسها متهدل يكاد يشعر بكل جزء مرتجف بجسدها الصغير داخل منحنيات جسده ، ليتراجع قليلا على مضض وهو يخفض ذراعه عن خصرها هامسا من بين اسنانه بحنق
"سأرحمكِ فقط هذه المرة من اجل الطفل بداخلك والذي لن يتحمل قسوتي وليس من اجلك"

اتسعت ابتسامتها بحياء وهي تستدير بسرعة قبل ان يغير رأيه لتخرج من الحمام بأكمله بلحظة ، وما ان فعلت حتى اراحت ظهرها لباب الحمام بصمت وهي ما تزال تستمع لأنفاس الواقف من خلف الفاصل الخشبي بينهما وهو يكاد يصهره بالكامل ويدها تعبث بمكان لمساته على موضع الجنين بشرود والذي كان منقذها اليوم .

بعدها بدقائق كانت تسير باتجاه السلالم ويدها ممسكة بالواقف بجانبها والذي يبدو ليس لديه نية بتركها اليوم ، وما ان وصلت لأول عتبة من السلالم حتى شردت عنها وهي تكاد تسقط لولا الكف والتي شددت على خصرها وهو يعيدها بعيدا عن العتبة قائلا بصرامة
"روميساء انتبهي ، هل بدأنا بانعدام المسؤولية والإهمال ؟ عليكِ اخذ كل الحيطة بخطواتك من الآن وصاعدا !"

اخفضت نظراتها بارتجاف وهي تهمس بوجوم
"اعتذر لم انتبه"

تنفس بهدوء وهو يفلت خصرها ليحاوط كتفيها بقوة قائلا بابتسامة متزنة
"لا بأس فأنتِ وطفلك بمأمن معي ، هيا بنا فقد تأخرنا على الفطور"

اومأت برأسها بابتسامة هادئة وهي تكمل نزولها السلالم بوجوده المسيطر من حولها والذي اصبح يحتل جزء مهم بحياتها منذ وقت طويل .

جلست على الكرسي وهي تنظر بابتسامة كبيرة للذي جلس بجوارها بهدوء مبتسم بدون ان يترك اسر نظراتها ، وعيون حائرة تراقب حركاتهما بانتباه شديد بدون ان يفهموا التحول الغريب بعلاقتهما ؟ ليتدخل بعدها الجالس على رأس المائدة وهو يقول بوجوم ساخر
"اهلا بك يا احمد ، لم ارك منذ وقت طويل تحضر مائدة الطعام مع العائلة والتي هجرتها مثل شقيقك الآخر !"

رفع رأسه باتجاه والده باتزان وهو يقول بابتسامة هادئة بمودة
"اعتذر حقا على تقصيري بحضور مائدة الطعام معكم ، واعدك يا ابي بأن التزم بالحضور اكثر بالمرات القادمة"

رفع حاجبيه ببطء شديد وهو يشعر بشيء غريب قد تغير بابنه اليوم ، ليقول بعدها بتصلب بارد وهو يعود لتناول الطعام من طبقه
"هذا جيد ، اتمنى حقا ان تكون صادقا بكلامك ولا تعود للتغيب مجددا ما ان تمر بنكسة ما بمجريات حياتك الزوجية الشائقة"

اخفضت (روميساء) وجهها بإحراج استبد بها وهي تتناول طعامها بهدوء تام وكل منهم قد عاد لطبقه ، لتشعر بعدها بطبقها يختفي من امامها بلحظة لتنظر بحيرة للذي قال بابتسامة جانبية بهدوء
"انا من سأضع لكِ الطعام بطبقك اليوم ، لتتغذي جيدا من اجل صحتك"

ردت عليه بهمسة خافتة وهي تشعر بالأنظار مسلطة نحوهما
"ليس هناك من داعي"

ولكنها كانت وكأنها تكلم نفسها وهي تنظر بأطراف احداقها ببهوت للذي كان يملئ طبقها بشتى انواع الطعام لم تستطع تعديد مكوناتها وهي التي لم تعتد بحياتها تناول شيء على الفطور سوى كوب قهوة او تبقى بمعدة فارغة حتى موعد الغداء ، ولكن يبدو بأن هذا النظام سوف يتغير كلياً تحت مسؤولية زوجها وكله من اجل الطفل القادم والذي ستتخلى وتتنازل عن الكثير من المبادئ وطريقة معيشتها من اجله ! ولكن أليس الأمر يستحق ؟

ابتسمت بامتنان ما ان وضع الطبق الممتلئ امامها وهي لا تعلم من اين تبدأ ؟ لترفع بعدها الملعقة بتردد وهي تغرف من الارز لتحاول بعدها دس لقمة الطعام بفمها بشرود وبعدم رغبة حقيقية وكله من اجل رضاه ، وهي تشعر بالعيون تحاوطها بكل مكان حتى كادت تغص بلقمتها باستماته ، لتسعل قليلا باختناق قبل ان تنظر للكأس امامها لتلتقطها من فورها بلحظة وهي تشرب منها الماء بمهل وعلى صوت الجالس بجانبها وهو يهمس برفق ليزيدها اختناقا
"اشربي على مهل يا حبيبتي حتى لا تختنقي اكثر"

اخفضت الكأس بسرعة وهي تكمل سعالها والذي زاد عن السابق بفعل الصفة الاخيرة والتي اطلقها عليها وهي تمسح على وجهها بارتجاف علها تخفف قليلا من إحراج الموقف والذي تتعرض له لأول مرة بحياتها ، ومن حسن حظها بأن كل الافراد المتواجدين بالمكان الآن والذين شهدوا على موقفها كانوا فقط خالها وابنه الصغير .

وضعت الكأس امامها وهي تتنفس بهدوء لتهمس بعدها بابتسامة صغيرة بلطف
"انا بخير ، لا داعي للقلق"

ابتسم لها بحنان وهو يكمل طعامه مثل باقي افراد العائلة ، وضعت الملعقة جانبا ما ان شعرت بعدم قدرتها على الاستمرار بتناول كل هذا الكم من الطعام بمعدتها المتقلبة ، لتمسك بعدها بكوب القهوة بارتباك وما ان حاولت ان تقربه من شفتيها قليلا حتى انخطف منها بلمح البصر ، لتتسع مقلتيها الخضراوين بدهشة ما ان قال الذي وضع كوب القهوة جانبا بغضب وبنبرة صارمة بمزاج انقلب بلحظات
"هل جننتِ يا روميساء ! ألا تعلمين بأن شرب القهوة بالصباح الباكر وعلى معدة فارغة مضر بالصحة ؟"

عبست ملامحها وهي تخفض نظراتها بامتقاع ما ان لفتت انتباه الجالسين حول الطاولة ، وهي تهمس بامتعاض خافت
"لن يضر شرب القليل من القهوة ، أنا لم ارتكب خطأ فادح حتى تعاملني هكذا"

ارتفع حاجبيه بصدمة لوهلة وهو يقول باستنكار نافذ الصبر
"بل يضر يا روميساء ، بحالتك هذه كل شيء قد يضر ويودي بصحتك ، وبإهمالك هذا اتوقع بأن آخر ما تفكرين به هو الحفاظ على صحتك والتي اصبحتِ الآن تتقاسمينها مع شخص آخر"

قبضت على يديها معا بحجرها بضعف ما ان تدخل الصوت الجهوري وهو يقول بنفاذ صبر
"ما لذي حدث لعقلك يا احمد ؟ ما هو الداعي لكل هذه العصبية الآن فهي لم ترتكب هذا الخطأ الشنيع حتى تثور عليها هكذا !"

نقل نظراته لوالده للحظات قبل ان يقول بقوة وبابتسامة عادت لتحتل محياه بجدية
"لا يا ابي الأمر يستحق ، فالذي لا تعرفه بأن روميساء حامل !"

اتسعت العيون الناظرة لهما بلحظة وهي تتوجه عليها تحديدا حتى كادت تغوص لأسفل الطاولة من إحراجها امامهم وهي التي لم تستعد بعد لهذه المواجهة الحامية ، فقد ظنت بأنه سينتظر حتى لحظة اجتماع العائلة بأكملها ليعلم الجميع بالأمر ، ولكنه قد خالف توقعاتها وفاجأها بتصرفه الغير محسوب !

اول من بادر بقطع خيط الصمت من حولهم الذي كان يبتسم بسعادة بالغة وهو يخرج من صمته لأول مرة قائلا ببهجة
"هذا رائع ! هذا يعني بأنني سأصبح عم اخيراً وسيكون هناك طفل صغير بالعائلة ؟ لقد انتظرت سماع مثل هذا الخبر الرائع بفارغ الصبر ، احسنتما صنعاً"

ابتلعت ريقها بانقباض وهي تشعر بالجو اصبح خانقا بالنسبة لها وغير محتمل وهي ما تزال محور دائرتهم ، لتنتفض برأسها عاليا ما ان قال الجالس عند رأس الطاولة بصوت قاطع ارهبها
"هل انتِ حامل بالفعل ؟"

اومأت برأسها بصمت بدون ان تتبين شيء من ملامحه الباردة ، ليتابع كلامه بلحظة وهو يشير بذراعه امامها
"تعالي قفي امامي"

عقدت حاجبيها بغموض وهي تنهض بحذر لتتجه من فورها حول المائدة حتى اصبحت تقف امامه تماما ، مرت لحظات قبل ان تتسع حدقتيها بصدمة شلت حركتها لثواني ما ان شعرت بيد دافئة تلمس مكان الجنين وهي تستمع لصوت دعاء خافت وقور يلفها بهالته الدافئة لتحميها هي وابنها ، رمشت بعينيها عدة مرات بدموع خائنة لم يعد لديها المقدرة لمنعها وهي تستمع لبعض الكلمات من دعائه الخافت لابنها والذي لم يتكّون بعد ليصبح حفيد مهم لهذه العائلة والذي سوف تنجبه من سلالتهم
"اللهم احمي لي ذريتي واجعلها من الصالحين ، اللهم ابعد عنهم كل شر قد يصيبهم او مكروه قد يؤذيهم ، اللهم ان تجعله من البارين للوالدين ومن الخاشعين والطائعين لله ، اللهم ان تيسر طريق مجيئه ليصل لنا معافاً سليماً ، هذا حفيدي اتركه لحمايتك وحفظك"

اخفض يده بعيدا عن مكان الجنين للحظات بهدوء ، بينما كانت تنشج بصمت وهي تكرر دعائه برأسها بدموع بدأت بالتزايد فوق غلالة عينيها ، لتنظر بعدها بحيرة ليده والتي اخرجت ورقة مالية جديدة من جيب سترته الانيق ، قبل ان يمدها نحوها وهي تكتشف بأنها من فئة المئة لترفع عيون دامعة وهو يقول لها بوقار متزن
"هذه مباركة لحفيدي وهدية على هذا الخبر المفرح ، واتمنى ان يولد بصحة جيدة وان يترعرع بين عائلته ، فمثل هذا الأمر يعني بأن سلالة عائلة الفكهاني لن تنقطع وبفضلك سيستمر النسل بهذه العائلة"

حركت رأسها باهتزاز وهي تهمس بخفوت متوجس
"لا لا استطيع....."

قاطعها (احمد) وهو يقول بابتسامة هادئة برفق
"هيا اقبلي الهدية يا عزيزتي فهي من والدي لحفيده الأول"

نظرت له للحظات وهي تلمح الاصرار والاطمئنان بعينيه والذي كان يحاول ان يبثه نحوها بطريقة تفهمها ، لتعود بنظرها امامها وهي تتناول الورقة المالية بأطراف اصابعها بحذر ، قبل ان تقبض عليها فوق صدرها وكأنها اول هدية تحصل عليها من شخص عزيز عليها ، بالرغم من كل الهدايا والتي كانت تحصل عليها من زوجها ، ولكنها لا تقارن بهذه الهدية المقترنة بخبر مجيئ الطفل لعالمها ولهذه العائلة والتي لم تعرفها سوى مؤخرا ، لتخفض رأسها قليلا باحترام وهي تهمس بامتنان شديد ممزوج بالسعادة الخجولة
"شكرا جزيلا لك يا خالي محراب ، انا محظوظة جدا بوجودك بعالمي ، شكرا"

شهقت بأنين ما ان بدأت دموعها بالهطول على خديها بعد ان تحملت بالكثير بغلالة عينيها حتى تفجرت بالدموع بلحظة واحدة ، لتشعر بنفس الكف الدافئة وهي تمسح على رأسها بهدوء ورفق لتزيد من شهيق بكاءها لا إراديا وبدون ان تمنع نفسها اكثر ، كيف لا وهي التي وجدت اخيرا العائلة والتي تتقبلها كما هي بدون ان تنبذها بحياتها وبأمان رجل اشتاقت له منذ كانت طفلة تقاتل بالحياة لتحافظ على نفسها بعالم تجرد منه الرحمة !

_______________________________
طرق على باب الغرفة بقوة عدة مرات وهو يصرخ بصوت اجش غاضب
"ماسة افتحي باب الغرفة الآن وحالاً ، فقط اريد ان افهم ما لذي تفعلينه بالغرفة ؟"

رفع رأسه عاليا وهو يزفر انفاسه باشتعال يشعر به مثل فوهة بركان ثائرة وهو على هذه الحال منذ ما يقارب النصف ساعة ! ليمسك بعدها بمقبض الباب بقوة وهو يصرخ من بين اسنانه بخشونة
"حسنا انتِ من اردتِ هذا ، إذا لم تفتحي الباب للرقم خمسة فسأكسر باب الغرفة على رأسك وتحملي عندها الأضرار"

رفع حاجب واحد بتحدي وهو يسند كتفه بالباب بجانبه ليتبعها بعدها هامسا من بين اسنانه بخبث
"واحد ، اثنان ، ثلاثة ، اربعة ، خمس...."

التوت شفتيه بابتسامة جانبية برضا ما ان سمع صوت فتح قفل الباب بجانبه ليتبعها صمت تام...ليتراجع بعدها قليلا وهو يستقيم لبرهة قبل ان يعود لدفع الباب بقوة اكبر...وما ان اصبح يقف عند إطار الباب حتى تجمد بمكانه للحظات وعينيه تتجول بصدمة بالمكان الذي اصبح شبيه بمقلب قمامة وكل شيء مقلوب رأساً على عقب...ليصل للجسد والذي كان يعطيه ظهره وامام الستائر المغلقة بدون ان تترك منفذ للنور للدخول للغرفة الشبه معتمة وكأنها تعيش بظلام...وبدون ان يستطيع تبين شيء بسكونها الجامد المريب وسبب ما تفعله الآن ؟

عقد حاجبيه بتصلب وهو يتقدم باتجاهها بسرعة متفاوتة متجاهلا كل ما تدوس عليه قدميه من عطور ومستحضرات تجميل وقطع متناثرة من اشياء لم يعلم مصدرها ! ليقف خلفها مباشرة وهو يحاول تهدئة الاعصار المنشب بداخله من كل ما تسببه من فوضى ودمار بحياتهما ، ليمسك بعدها بكتفيها وهو يديرها نحوه بصمت ليفاجئ باستسلام جسدها لحركته بسلاسة ، وما ان وقفت مقابلة له حتى حاول نطق شيء قبل ان ينقطع نفسه بلحظة واحدة وهو يشعر بشيء غريب يحوم على ملامحها الباردة وعلى جسدها المتصلب القاسي بدون اي انفعال او انتفاضات عادةً ما تبادله إياها !

رفع يديه بعيدا عن كتفيها وبلمح البصر كان يفتح الستائر الطويلة من خلفها لينفض العتمة الخانقة بالمكان ويحل النور القوي بينهما وهو يخترق الاجواء الضبابية من حولهما بلحظة...تراجع قليلا بصدمة ما تزال تطوف على ملامحه الساكنة وهو ينظر لهيئة الواقفة امامه ولشكلها المختلف تماما....وهي تبدو عبارة عن كارثة حقيقية متحركة من وجهها الملطخ بكل انواع مستحضرات التجميل الصاخبة مثل وجوه الممثلات والعارضات واللواتي يظهرن دائما بالتلفاز لجذب عيون المشاهدين لهن...ولكن الاختلاف هنا بأنها بطريقة تناقضهن جعلتها بشكل مريع شبيه بالمسخ وخاصة بأنها اكثرت بوضع اللون الاسود حول عينيها وجفنيها حتى تحولت لظلال مرعبة لا تمت للجمال بصلة...ولكنه لا يقارن بما فعلته بجسدها وهو ينظر لخدوش وجروح دامية على طول ذراعيها وساقيها من تحت ثوبها القصير الحالك السواد وكأنها قطعة زجاج حادة من احدثت كل هذا ببشرتها الثلجية والتي تظهر جروحها واضحة للعيان !...ستصور كل من يراه بشناعة ما حدث معها بدون ان يخطر ببال احد بأنه من فعل يديها....فما معنى هذا التصرف والذي لا يرتكبه احد بكامل عقله ووعيه ؟

ابتلع ريقه بقوة وهو يغمض عينيه ليستعيد سيطرته على نفسه وهو يتعوذ من الشيطان للحظات ، ليعود لفتح عينيه مجددا وهو ينظر لشفتيها الناطقة بلونهما الدامي الخطير والذي تحور حول شفتيها بشكل فظيع
"ماذا ؟ هل ما تزال تراني مثيرة بعد كل شيء ؟"

اطبق على اسنانه بغضب جائح اطلق سراحه ببراكين عادت للتفجر بداخله بثواني معدودة بدون ان يفيد اي شيء من سبل تهدئة ثورته ، ليندفع من فوره بلحظة وهو يحصر جسدها عند النافذة بقوة وبدون ان يترك لها مهرب للنفاذ ، لتضرب انفاسه المشتعلة صفحة وجهها الباردة بدون ان تتأثر بموجة غضبه العارمة والتي تشعر بها بكل جزء بمنحنيات جسده المحاصر لها ، ليقول بعدها على بعد شعرة من وجهها وهو يبصق الكلام امامها بشراسة منفعلة
"ماذا تريدين ان تثبتِ من هذا التصرف ؟ ولما كل هذا الجنون ؟ هل هناك شخص عاقل يفعل كل هذا بنفسه فقط ليحقق مراده بتحدي الخصم امامه !"

تلوت قليلا بألم وهي تهمس بابتسامة صغيرة بغيظ وبأنفاس حادة تنافس حرارة انفاسه
"هذا فقط لكي تعلم من هو الشخص الذي تتحداه ، وبسبيل ان احطم خصمي واصل لأهدافي استطيع فعل الكثير بنفسي ، واعتذر لأني خيبت ظنك ولم اكن مثل باقي الفتيات واللواتي اعتدت على مواعدتهن والتسلية بهن !"

تجمدت ملامحه لوهلة وهو يتمتم بجمود وبحاجب مرفوع بسخرية
"من اين تأتين بكل هذا الكلام ؟ لقد اخبرتك بأن كل ما قالته لكِ تلك الفاجرة غير صحيح ، لذا توقفي عن هذه الاتهامات الساخرة وبدون اي دليل يثبتها"

رفعت وجهها اكثر وهي تتذكر مجموعة الصور والتي شهدت على علاقاته السابقة وبكل مرة تتشكل الفتاة بكل صورة والتي تكون اكبر دليل على كلامها ، نفضت الأفكار الاخيرة عن رأسها وهي تهمس بدلا عن ذلك بازدراء عابس
"ولكنك مع ذلك لم تنكر كلامها والذي قالته عن علاقاتك السابقة بالفتيات ، وهذا يعني بأنها ليست كاذبة !"

قطب جبينه بحدة وهو يرفع نظره بعيدا عنها لوهلة قبل ان يهمس باستهزاء قاتم
"ليس يعني بأني لم انكر تتخذينها حجة لتتهميني بكلامها ، ولو كان لدي حقا علاقات ماضية مع فتيات بمراهقتي ، فماذا تستطيعين ان تفعلي يا ألماستي ؟ تقدمين بالمحكمة طلب طلاق لأنك قد اكتشفتِ بأن زوجك كان يخونك بالماضي مع كل فتاة يصادفها !"

عضت على طرف شفتيها بغضب تربص بكل طرف بجسدها المنتفض بانفعال مفاجئ ، لترفع قبضتيها بلحظة وهي تضرب صدره بغضب هامسة من بين شفتيها بجنون استبد بها
"ابتعد عني يا معشوق الفتيات ، ابتعد قبل ان انهش جسدك بأسناني..."

صرخت بألم ما ان امسك بذراعيها وهو يعود لضرب جسدها بزجاج النافذة بقوة قبل ان يهمس امام وجهها بأمر خطير
"اخرسي يا ماسة ، ولا حرف"

تنفست بارتجاف متخبط وهي تحاول استعادة زمام امورها ويديها تحفر بزجاج النافذة من خلفها بقسوة ، وما هي ألا لحظة حتى شعرت بجسدها يرتفع بلمح البصر عاليا وهو يحملها بين ذراعيه بخفة ، لتنتفض تلقائيا وهي تضرب كتفيه بقبضتيها بعشوائية لتحاول التحرر من قيوده حول جسدها ، ولكن الذي كان يتلقى الضربات مثل تمثال حجري ساكن كان قد وصل بها لداخل الحمام الملحق بحركات آلية .

ما ان وقف امام حوض الاستحمام حتى ألقى بجسدها الممسك به بداخله والذي كان يأن بألم ، ليدير بسرعة رشاش الماء وهو يهطل مثل الرذاذ فوق جسدها بعنف هادر ، وما ان حاولت التحرك بعيدا حتى امسكها الذي انضم لها تحت رذاذ الماء بلحظة وهو يثبتها تحت الماء الهادر بدون ان يسمح لها بالابتعاد ، وهو يمسك بذراعيها مقربا جسدها المرتجف والذي تحول لانتفاضات عنيفة امام جسده والذي كان يتلقف كل ذبذباته وشحناته ، وما ان شعرت بذراعيه تحاوطان جسدها الغارق بالماء حتى انتفضت لا شعوريا بأنفاس ذاهبة وهي تتمسك بقماش قميصه من الخلف بأصابعها بتشبث ، بينما تركت له مهمة مسح جروحها والدماء المتجمدة على بشرتها الدامية وهو يرتفع صعودا بأصابعه لوجهها الملوث بالمساحيق تارة ولساقيها وذراعيها تارة اخرى ، وكل ما تفعله هو التمسك بقماش القميص والذي تشعر به قد تمزق بأناملها القابضة وهي تعصر جفنيها على احداقها بقوة وبعد ان تسربت الدموع مع رذاذ الماء على تفاصيل وجهها وحياتها ، وكلمات بعيدة حانية تخترق ضباب لحظاتها بنفس المكان وهي تشعر بالماء يبلل كل اطرافها المنتفضة وصوتها يرن بأذنيها كل ثانية بدفء وبترنيمة حزينة
"اهدئي يا صغيرتي بقي القليل وننتهي من تنظيف كل هذه الأوساخ والجروح ، بالرغم من انني نبهتك اكثر من مرة بأن تتوقفي عن هذا النوع من الألعاب الخطيرة والذي يؤذي جسدك هكذا ، فهذا التصرف لا يخرج ابدا من الاطفال المهذبين"

لم تعلم بأنها كانت تبتسم براحة تامة بدون ان تشعر مما يحوم من حولها وبتلك الايدي الحانية والتي تمسح على آلامها برفق وصوته يتهادى على سمعها مثل نغمة هادئة
"لا بأس يا ألماستي ، نكاد ننتهي من كل هذا"

كان يحملها بين ذراعيه وهي ملتفة بمنشفة كبيرة واسعة ليغطي بها كامل جسدها المرتعش بارتجاف ، قبل ان يصعد بها فوق السرير بلحظة وهو يضعها فوق ملاءته الناعمة برفق ، ليرفع بعدها رأسه وهو يتنفس امام وجهها البارد بتعب بعد كل ما خاضه من لحظة انهك قواه تماما ، رفع اصابعه الطويلة وهو يعيد خصلاتها المبتلة والملتصقة بوجهها لخلف اذنيها ببطء ، وما ان كان على وشك التحرك حتى شعر بأصابعها المتصلبة ما تزال تتمسك بقماش قميصه المبتل ، ليعود للنظر لها بلحظة وهو يستمع لهذيانها الخافت والذي لم يلتقط منه سوى اسمه .

ارتفعت ابتسامته بزاوية شفتيه بمكر وهو يقرب وجهه كما جسده امامها ليطوقها بذراعيه القويتين بلحظة وهو يستشعر كل انتفاضات جسدها والتي خفتت عن السابق لتزيد من اشتعال اطرافه المتلاحمة معها ، ليهمس بعدها بصوت اجش امام شفتيها واللتين عادتا للونهما الطبيعي القاني بانفعال هادر
"اعتذر يا ماسة ولكن يبدو بأن جسدك هو من يريد هذا ! وانا لا استطيع رفض مثل هذه الدعوة"

كانت المقصودة مغمضة عينيها بغمامتها البعيدة عن الواقع والتي اندمجت مع الحاضر ، وهي تشعر بقبلاته الرقيقة تحوم حول وجهها البارد ببطء لتنحدر بلحظة على طول عنقها المبتل ، ويديها تزيدان من انقباضهما على قماش قميصه بدون ان تشعر بأنها قد وصلت بهما للتعلق بعنقه ، وهي ما تزال تتشبث وعقلها يتأرجح بين الحاضر والماضي والقلب عالق بينهما بدون ان يحدد المصير .

نهاية الفصل ولا تنسوا تدعموني اكثر من اجل استكمال الفصول القادمة 🌹🌹


روز علي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 17-10-21, 02:29 AM   #174

ali.saad
 
الصورة الرمزية ali.saad

? العضوٌ??? » 334068
?  التسِجيلٌ » Jan 2015
? مشَارَ?اتْي » 490
?  نُقآطِيْ » ali.saad has a reputation beyond reputeali.saad has a reputation beyond reputeali.saad has a reputation beyond reputeali.saad has a reputation beyond reputeali.saad has a reputation beyond reputeali.saad has a reputation beyond reputeali.saad has a reputation beyond reputeali.saad has a reputation beyond reputeali.saad has a reputation beyond reputeali.saad has a reputation beyond reputeali.saad has a reputation beyond repute
افتراضي

شكرا لك على الرواية جميلة جدا ارجو لك التميز دائماً

ali.saad غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 19-10-21, 03:30 PM   #175

روز علي
 
الصورة الرمزية روز علي

? العضوٌ??? » 478593
?  التسِجيلٌ » Sep 2020
? مشَارَ?اتْي » 712
?  نُقآطِيْ » روز علي is on a distinguished road
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ali.saad مشاهدة المشاركة
شكرا لك على الرواية جميلة جدا ارجو لك التميز دائماً

اسعدني مشاركتك برأيك وانطباعك بالرواية واتمنى ان اكون عند حسن ظنك ، تحياتي إلك....


روز علي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 19-10-21, 04:56 PM   #176

زهراء يوسف علي

? العضوٌ??? » 483901
?  التسِجيلٌ » Jan 2021
? مشَارَ?اتْي » 331
?  نُقآطِيْ » زهراء يوسف علي is on a distinguished road
افتراضي

رواية جميلة جدا

زهراء يوسف علي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 20-10-21, 11:49 AM   #177

Dina Mohmed

? العضوٌ??? » 457730
?  التسِجيلٌ » Nov 2019
? مشَارَ?اتْي » 118
?  نُقآطِيْ » Dina Mohmed is on a distinguished road
افتراضي

شكرااا شكلها حلوه...

Dina Mohmed غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 23-10-21, 06:21 PM   #178

روز علي
 
الصورة الرمزية روز علي

? العضوٌ??? » 478593
?  التسِجيلٌ » Sep 2020
? مشَارَ?اتْي » 712
?  نُقآطِيْ » روز علي is on a distinguished road
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة زهراء يوسف علي مشاهدة المشاركة
رواية جميلة جدا

تسلميلي على رأيك يا عزيزتي ، واتمنى لكِ دوام الصحة والعافية 🌹


روز علي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 23-10-21, 10:19 PM   #179

روز علي
 
الصورة الرمزية روز علي

? العضوٌ??? » 478593
?  التسِجيلٌ » Sep 2020
? مشَارَ?اتْي » 712
?  نُقآطِيْ » روز علي is on a distinguished road
افتراضي الفصل الثامن والعشرون

الفصل الثامن والعشرون.......
ما ان حل المساء كانت تجري باتجاه باب المنزل وهي تمسح يديها المبللتين بقميصها القطني ، وما ان فتحت الباب حتى تسمرت بمكانها بشهقة محجوزة وشفتيها تهمس بلا وعي
"مازن !"

ابتسم المقابل لها بشراسته المعهودة وهو يخلع النظارة السوداء من فوق عينيه العسليتين ونظراته تتمعن بها من رأسها حتى اخمص قدميها بتمهل شديد متعمد تتخلل به السخرية ، ابتلعت صدمتها من رؤيتها له امامها وبهذا المكان تحديدا بدون ان تعلم كيف استطاع الوصول لمكان سكنها الجديد بهذه السهولة ؟

زمت شفتيها بارتجاف طغى على جسدها بأكمله بلحظة ما ان قال المقابل لها بزمجرة شرسة وبحاجبين مرفوعين بضيق
"ماذا هناك يا صفاء ؟ ألا تريدين استقبال شقيقك بمنزلك ؟ هل هذه هي آداب التعامل مع الاشقاء !"

تلجلجت بمكانها قليلا وهي تحاول النطق بحنجرتها المحجوزة بهول اللحظة والتي لم تتجاوز صدمة رؤيته بعد ، لتتراجع للخلف قليلا بفعل ذراعه والتي دفعتها بعيدا عن الباب ليدخل ببساطة وهو يقول بفظاظة
"بما انكِ قليلة تهذيب ولا تريدين استقبال شقيقك ، فأنا سأكون اقل تهذيبا منكِ واتصرف وكأني ضيف بمنزلك ولست بحاجة لأي ترحيب منكِ"

اتسعت عينيها بجزع وهي تنقض عليه بسرعة لتتعلق بذراعه بتشبث وهي تهمس بخفوت متوجس
"لا لا تستطيع يا مازن...."

قاطعها بتجهم وهو يتمتم بوجوم عابس
"ماذا قلتِ الآن ؟ هل هذا يعني بأنه غير مرحب بي بالمنزل يا صفاء !"

حركت رأسها باهتزاز بدون ان تجد الكلمات المناسبة والتي عليها الرد بها ، لتهمس بسرعة بارتباك متعثر
"لما اتيت إلى هنا يا مازن ؟"

ارتفع حاجبيه بسخافة وهو يهمس بخشونة ساخرة
"هل هذا سؤال تطرحينه على اول زيارة لشقيقك بمنزلك الجديد ؟ حقا انتِ بلهاء وما تزالين !"

اخفضت نظراتها بارتجاف وهي ما تزال متمسكة بذراعه بأناملها المتعرقة برعب تربص بروحها بلحظة خاطفة ، فهي لن تنسى ما آلت إليه زيارة صديقتها ، وهذا يعني بأن الأمر لن يختلف بزيارة شقيقها كذلك وقد تحوّل للأسوء ، رفعت حدقتيها باتساع ما ان سمعت صوته المريب وهو يقول بجمود
"ماذا هناك يا صفاء ؟ وما لذي تخفينه عن شقيقك الوحيد !"

عضت على طرف شفتيها بنحيب وهي تستمع لصوت حفيف العباءة الخافت والقادم من التي انضمت لهما بلحظات ، ليقول بعدها الذي نفض ذراعه بعيدا عن شقيقته بعنف ليلوح بها جانبا قائلا بابتسامة باردة بتسلية
"يا خادمة ، هلا ذهبتي واحضرتي لي كوب عصير بارد لو تكرمتي ؟ فأنا اشعر بالعطش الشديد من كل هذه المسافة الطويلة والتي قطعتها لأصل إلى هذا المكان"

نظرت بسرعة نحو التي كان يوجه لها الكلام لتشهق بذعر وهي تنظر لصاحبة الملامح الباردة والتي كانت تنظر لشقيقها بعيون سوداء ساكنة ، لتعاود بسرعة الإمساك بذراعه وهي تقول بابتسامة مرتجفة بوجل للتي ما تزال واقفة بمكانها
"انا اعتذر بشدة يا عمتي ، فهذه اول زيارة لشقيقي هنا وهو لا يدرك عما يتكلم ، لذا اعتذر مجددا"

حولت (هيام) نظراتها لصاحبة العبارة الاخيرة لتسكن للحظات بدون اي تعبير يعلو ملامحها وكأنها قد تحنطت بمكانها وبدون اي ردة فعل سوى عبوس طفيف احتل محياها لوهلة صدمها بشدة ، ضمت شفتيها بحزن وهي تنظر للتي استدارت بعيدا عنهما لتعود من حيث جاءت وبصمت مهيب شطر قلبها بقسوة بدون ان تدرك ذلك ! وكأنها قد تلقت للتو صفعة غير مرئية موجهة من تلك المرأة والتي تبدو اختفت منها كل معالم الحنان والعطف والذي كانت تغدقها به ليتجلى بلحظة الحزن والبرود على تفاصيل حياتها .

نقلت نظراتها بعبوس لشقيقها وهي تهمس بعتاب حزين
"ما كان عليك فعل هذا ، لقد اخطأت بشدة...."

قاطعها الذي كان يزمجر بملل وهو ينفض ذراعه بعيدا عنها بقوة ، ليسير بعدها امامها وكأنه يملك المكان قبل ان يجلس على كرسي بمنتصف البهو ، قال بعدها وهو يسند قبضتيه فوق ركبتيه بابتسامة قاسية
"هيا اذهبي واحضري لي العصير يا صفاء ، وإذا لم تفعلي فلن ارحل من هنا ، لذا قدمي الضيافة لشقيقك وكوني مهذبة"

تنفست بارتباك وهي تضم قبضتيها معا هامسة برجاء منتحب
"ارجوك يا مازن ان ترحل من هنا ، فأنا لا استطيع استقبالك وهذا سيدخلني بالمشاكل ، لأن زوجي لا يسمح بمثل هذا النوع من الزيارات ، ارجوك ان تفهمني ارجو...."

قاطعها بغضب وهو يضع ساق فوق الأخرى بعجرفة قائلا بجفاء
"اخرسي يا صفاء ، واذهبي واحضري العصير بدل هذا الجدال الممل ، فأنا لست غريب عن هذه العائلة حتى لا يعجب زوجك هذا النوع من الزيارة ، وإذا لم يعجبه الأمر فليأتي إلى هنا ويواجهني وانا سأكون على اتم الاستعداد له"

انفرجت شفتيها بارتعاش من احتمال ان يفعلها حقا ويخلق شجار مع زوجها والذي لن يتوانى عن رد الضربة له بأضعاف فهو شقيقها وتعرفه جيدا ، زفرت انفاسها بتوتر وهي تهمس بخفوت جامد
"حسنا يا مازن ، سأذهب لأحضر لك العصير ، وبهذا الوقت إياك وان تتحرك من مكانك ، هل فهمت ؟"

ردّ عليها ببرود جليدي
"هيا تحركي"

نظرت له بقلق ما يزال يشوش على تفكيرها المتخبط بذعر ، لتتحرك ببطء بعيدا عنه وباتجاه المطبخ وهي ما تزال تشيعه بنظراتها المرعوبة بشك حتى اختفت عن نظره تماما .

تلبدت ملامحه بغموض وهو يستعيد كلمات الرسالة التي وجدها بجيب سترته قبل ان يكتشف بأنها من (ماسة) ، رفع وجهه ببطء وهو يراقب الذي دخل من باب المنزل بهدوء ، لينهض بعدها عن الكرسي بتحفز تنبهت معه كل حواسه وهو ما يزال يتابع الذي اغلق الباب من خلفه بصمت ، وما ان سار عدة خطوات حتى توقف باللحظة التالية بتجمد قاسي ما ان وقعت عينيه على صاحب النظرات الباردة بدون ان يشعر بالخطر الوشيك والذي بدأ يحوم من حولهما ، لتدوم اللحظات بينهما طويلة بطول السنوات وبطول العذاب والمزروع بداخل ذلك القلب الاسود والذي بدأ يتحرر ويتسرب بكل تفاصيل حياته وبمجريات تدفق دماءه والتي تعايش معها منذ ذلك العهد .

بادر بالكلام الذي فرد ذراعيه بكسل وهو يقول بابتسامة جانبية بدون ان يصله شيء من سهام نظرات المقابل له بحقد محمل بغبار الماضي موجهة نحوه مباشرة
"مرحبا بزوج شقيقتي ، صدفة رائعة ان اقابلك اليوم ، فأنا لم تحن لي الفرصة للتعرف عليك عن قرب والتشرف بمقابلتك"

ازدادت حدة انفاسه حتى لم يعد يستطيع السيطرة على تلك الدوامة السوداء والتي القى بها بلحظة غفلة ليكون هو السبيل بتحريرها بدون ان يعي ذلك ، وبلحظة كان يندفع الجسد باتجاهه بسرعة البرق وبلمح البصر كان يعتقل عنقه بقبضتيه الساحقتين وهو يلقي به على سطح الطاولة خلفه بعنف ، وما ان ادرك الطرف الآخر ما يجري حتى كان يدنو منه بشراسة وهو يهمس بفحيح قاتل
"ما لذي تفعله بمنزلي يا قاتل ؟"

اتسعت عينيه العسليتين بقتامة وهو يحاول تلقف انفاسه صارخا باستنكار مذهول
"ما لذي تفعله بقريبك يا مجنون ؟ هل نسيت بأننا قد تناسبنا وتزوجت من شقيقتي ! هل هذا هو إكرام الضيف عندكم ؟"

صرخ فجأة بهياج احتل كيانه وهو يطرق برأسه بالطاولة بعروق بدأت تنبض بمفاصل اصابعه
"اخرس وإياك وان تنطق بحرف ، انت لست بقريب ومن المستحيل ان اقرب لعائلة خائنة مثلكم ، انتم مصيركم هو السجن والعذاب والذي عليكم تذوقه على جرعات كما فعلتم معنا ، وانا اعدك بأن عذابك لن ينتهي هنا ، بما انك قد اتيت بقدميك لمصيرك المحتوم والذي انتظرك كثيرا"

تصلبت ملامحه بلحظة وهو يهمس بجنون من بين انفاسه الذاهبة
"ماذا تقصد ؟ هل فقدت عقلك ؟ وماذا فعلت لكم حتى تحقد عليّ هكذا !"

ابتسم بالتواء طفيف لا يمت بالمرح بصلة وهو يتمتم امام وجهه القريب بحقد قديم ظهر للعيان
"هل نسيت بهذه السرعة يا قاتل ؟ هل نسيت تلك المهمة والتي كلفك بها صديقك الحقير الآخر من اجل ان تصلوا لمآربكم ؟ هل نسيت تلك الضحية والتي لم تكن سوى لعبة بين ايديكم الحقيرة ؟"

ارتفع حاجبيه ببطء وبعد ان سكنت حركته لوهلة وهو يحاول التنفس والتفكير بذات الوقت ، ليهمس بالنهاية بعبوس متجهم
"مستحيل ان تكون انت ! هل انت ؟...."

اكمل كلامه المبتور وهو يقول باحتقار واضح بكل ما يحمله بغل نحوه
"اجل انا شقيق غنوة ، تلك الفتاة التي قتلتها بيديك"

انتفض كل جزء بجسده بقوة وتأهب وهو يشب يديه بقبضتيه الخانقتين له بلحظة صارخا بدفاع واستنكار بذات الوقت
"غير صحيح انا لم ارتكب شيء ، ابتعد عني حالاً قبل ان يحدث ما لا يحمد عقباه....."

قاطعته الصرخة المنتحبة من الخلف والتي تبعتها الكأس والتي تحطمت ارضا بقوة وهي تتنفس بشهيق مذعور
"جواد !"

ما ان التفت (جواد) للخلف قليلا حتى استغل الآخر الفرصة وهو يركل ساقه بقدمه ليبعده عنه بقوة ، ليستقيم امامه بعيدا عن الطاولة وهو يخرج بلمح البصر السلاح ليوجهه امامه مباشرة ويده تمسد على عنقه بتشنج ليهمس بأنفاس مضطربة بخشونة استولت عليها الغضب
"لقد تجاوزت حدودك اكثر مما ينبغي ، وانا لم ارتكب معك اي ذنب ، وبخصوص تلك القصة فهي كاذبة تماما وكلها تلفيق...."

قاطعه الذي وقف امامه ببرود بدون ان يتخلل الخوف بمحياه وبابتسامته القاسية بقتامة
"وما تزال تنكر الأمر ، ولكن ماذا عن خطة كسب ثقتها ومحبتها لك قبل ان تستولي على كيانها وتذبحها بسكين الحقيقة ؟ هل تنكر هذا ايضا ؟"

كانت تشاهد بعيون عسلية دامعة التي ركعت ارضا وهي تنقل نظرها بتشوش بينهما بدون ان تفقه شيئاً مما يتكلمون عنه ، بينما اضطربت يده الذي كان يحمل السلاح ليشدد عليه بقوة بلحظة وهو يهمس ببرود
"هي التي وثقت بي وقدمت لي حبها بدون ان يتخلل الشك بعقلها ، وانا لم اطلب منها شيء ، لذا عليك لوم شقيقتك على خطأها وليس عليّ فقد تبين بأنها مجرد ساذجة....."

انتفض من الصرخة القاسية وهو ينطلق مثل الصقر على فريسته ليلقي به على الطاولة مجددا اوقع معه السلاح بعيدا عن مرمى يده ، ليعصر عنقه بقبضتيه بقوة اكبر حتى كاد يزهق انفاسه وهو يصرخ بغضب اسود جارف حرر كل ذرة كبرياء بداخله اطلق لها العنان
"وتقولها امامي يا حقير ! أليس انت من لعب على عقلها ليكسب حبها ؟ أليس انت من قتلها برصاصة من سلاحك ؟ وبعد كل هذا تريد لومها على ثقتها العمياء بأمثالك ، خطأها الوحيد هو بأنها اعطت ثقتها لمن لا يستحق ولمجرد آفة حقيرة لا يملك اي ذرة رجولة"

صرخ بقوة وهو يتلوى بعيدا عنه بعنف
"إذا كنت واثق بأنني قاتل غنوة ، لما إذاً تناسبت مع عائلتنا واخترت شقيقة عدوك ؟"

عقد حاجبيه بشراسة اكبر حتى تغيرت ملامحه بغمامة سوداء داكنة اظهرت الحقد المتأصل بداخله وهو يبصق الكلام بوجهه بنفور واضح
"من اجل ان احقق انتقامي منكم ، وافعل تماما كما فعلت انت سابقا بغنوة ، وتذكر بأن هذا هو حصاد افعالك يا حقير ، واعدك بأن اذيقها كل المرارة والتي اذقتها لتلك الطفلة الساذجة التي وثقت بك يوما"

ابتلع ريقه بصعوبة فوق قبضتيه الساحقتين وهو يهمس بخشونة
"اللعنة عليك ، ستندم بشدة على هذا"

ازدادت قبضتيه على عنقه بدون رحمة وهو يهمس بتصميم بعدم التراجع
"هذا إذا بقيت حيا بعد هذه الليلة !"

انتفض (جواد) برأسه جانبا ما ان شبت يدين قاسيتين على مرفقه وصوتها يقول بأمر صارم يخرج لأول مرة بكل هذه القسوة
"اتركه حالاً يا جواد ، ولا تدعني اغضب عليك ليوم الدين ، هيا اتركه"

صرخت بكلمتها الاخيرة ليزيد من حشر عنقه بقبضتيه وكأنه لم يسمعها وهو يصرخ بها بجنون ناظرا امامه بدون ان يأبه بتشنج جسده وهو يكاد يودع انفاسه الاخيرة
"هذا ليس من شأنك يا امي ، هيا ارحلي ، اريد ان اصفي حسابي معه لهذا الحقير ، وهذا ليس الوقت المناسب لإظهار شفقتك المخزية على هذا الحقير والذي دمر اغنية حياتنا ، وانتِ ما تزالين تسامحين وكأن ليس ابنتكِ التي قتلت....."

سكنت الاجواء من حولهم فجأة ما ان دوى صوت الصفعة الخاطفة على تقاسيم ذاك الوجه الجليدي ، ليفلت تدريجيا عنق الذي سحب نفسه بعيدا عنه بشق الأنفس ، وما ان فعل حتى تلقف انفاسه عدة لحظات بتشنج وكفه تعدل من ياقة قميصه قبل ان ينحني بلمح البصر ليلتقط سلاحه من الأرض ، ليتوازن بعدها بمكانه ببعض الترنح وهو يوجه هذه المرة نظره للجاثية ارضا لا تشعر بما يدور من حولها وكأنها قد فقدت كل معالم الحياة بتفاصيل حياتها والتي انقلبت رأساً على عقب حتى لم يعد على قلبها الصغير المقدرة على استيعاب كل هذا .

تنفس بتحشرج وهو يلوح بالسلاح بوجهها قائلا بتشنج ما يزال يطغى عليه التعب
"هيا تحركي يا صفاء ، لنغادر من هنا"

ولكن لا حياة لمن تنادي فقد كانت بعالم آخر لا ينتمي لعالم البشر بصلة ، وما ان عاد للهتاف بصرامة اعلى حتى صدرت منها حركة طفيفة من رأسها لا تكاد ترى علامة على النفي بدون ان توجه له اي نظرة ، ليزمجر بعدها بخشونة وهو يستدير مغادرا بعد ان نفذ صبره منها
"حسنا استمري ببلاهتك حتى يقضي على آخر نفس بكِ ، انا راحل"

افاق (جواد) من صدمته وهو يلتفت بحذر لوالدته الساكنة بمكانها ، ليرفع بعدها يده وهو يتلمس مكان الصفعة هامسا بصدمة سيطرت على نبرة صوته
"هل صفعتني يا امي من اجل ذاك النكرة ؟...."

قاطعته التي رفعت سبابتها بوجهه باهتزاز وهي تهمس من بين اسنانها بانفعال وغضب مكبوت تفجر فجأة
"اخرس يا ابن متحت ، فقد اثرت اليوم الكثير من المشاكل وهذا يكفي ، لقد وصلت لنقطة الانتهاء ولا داعي للمزيد من التضحيات والتي لم يعد لها قيمة الآن"

ارتفع حاجبيه بدهشة وهو يحاول التقاط كلماتها الجديدة بصعوبة شديدة ، ليقول بعدها بأكثر كلمة اثارت تركيزه وسخطه
"هل قلتِ للتو ابن متحت ؟ هل نسيتِ بأنني ابن مصعب ؟ ام اختلطت عليكِ الاسماء من الغضب ؟"

نفضت ذراعيها للأسفل بعنف فاجأته وهي تصرخ بغضب مذبوح تحرر من مسكنه
"بل انت مثله تماما ، صحيح بأنه شقيق والدك ، ولكنك قد اخذت طباعه وصفاته الحقيرة ، انعدام الرحمة وصفة القتل وعدم التسامح والانتقام كلها موجودة بك ، انت لم تأخذ شيء من والدك ذلك الرجل الرحيم العطوف والذي لم يستطع يوما ان يؤذي مخلوق ، انت لست ابن والدك بل انت ابن متحت...."

صرخ بشراسة الذي ضرب الكرسي بجانبه بذراعه ليقع ارضا بقوة
"إياكِ يا امي ان تشبهيني بذلك الرجل الحقير ! إياكِ فأنا لست مثله ابدا ومن المستحيل ان اكون مثل ذلك الرجل الأناني الجشع والذي سلبنا كل ما نملك منذ وفاة والدي ، كيف تستطيعين ان تشبهيني به ؟"

صرخت فوق صوته بنحيب قاسي وهي تضرب صدرها بقبضتها بطريقة اخرجت الجروح من صميمها
"وبماذا انت تختلف عنه ؟ وانت فعلت ما هو افظع منه ! عندما خدعت فتاة بريئة وادخلتها بحرب انتقامك ، عندما قسوت مع شقيقك اوس وحرمته من تخطي عتبة بيتنا وانت تنبذ الرابط الذي يجمعكما ، عندما حاولت اغتيال عمك وسرقته بارتكاب حادثة مدبرة بمكان عمله ، وكله من اجل تحت مسمى الانتقام واستعادة حقك المهدور بتدمير كل من حولك ، هل هذه هي الصفات والتي تفخر بها ؟"

غيم الصمت الثقيل على ثلاثتهم بدوامة هالكة لا يقطعها سوى انفاس المنتحبة والتي كانت توجه له الكلام من لحظة بحقائق متوالية كانت قد دفنتها بركام حياتها يوما ، ليتحرك الجامد من مكانه ببطء وهو يهمس بآخر كلمات خرجت من جوف معاناته والتي تجلت لأول مرة على تقاسيم ملامحه
"لقد كنت افعل هذا من اجلكما يا امي ، ولكن يبدو بأن الأمر لم يكن يستحق !"

ارتمت الواقفة جالسة ارضا بجانب الكرسي المقلوب وهي تنظر للذي غادر من المنزل امامها بصمت ، لتخرج بعدها الشهقات من صدرها المحمل بالشقوق والهموم والتي اثقلت عليها حتى ذبحت آخر ذرة سعادة بها ، نقلت نظراتها الهادئة لصاحبة الصوت الباكي والتي زحفت نحوها حتى جلست امامها هامسة ببكاء
"عمتي هيام انا اعتذر...."

حركت رأسها بالنفي بسرعة وهي تربت على رأسها بحنان عاد للتدفق بصوتها الحزين المشروخ
"لا يا صغيرتي ، لما الاعتذار ؟ انتِ لم تخطئي بشيء"

زمت شفتيها بدموع تحررت من مقلتيها الغارقتين بحزن عميق ضرب آخر وتر بشعورها الحالم وكأنها سبب كل المآسي والتي حدثت امامها الآن ، لترتمي لا شعوريا بأحضانها وهي تجهش ببكاء عنيف هامسة بأنفاس متقطعة مثل الغريق بدون ان يجد طريق نجاته
"انا لا افهم شيئاً يا عمتي هيام ؟ لما حدث كل هذا ؟ ولماذا جواد يكرهني هكذا ؟ ما لذي اخطئت به وما علاقة مازن بالأمر ؟ اريد ان افهم ارجوك اتوسل إليكِ"

حركت رأسها بدموع تسربت من عينيها السوداوين بدون ان تمنعها وكفها تمسح على رأسها هامسة بخفوت حزين اتعب خفقات قلبها الضعيف
"سأخبركِ بكل شيء يا حبيبتي ، ولكن ارجوكِ ان تتوقفي عن البكاء فأنا لا احب ان اراكِ تبكين ، ولا اريد ان اسبب لكِ البكاء ، فلو كان البكاء يصلح كل شيء افسدناه لما توقفنا يوماً عن البكاء !"

_____________________________
كانت تجلس بمنتصف السرير بتكور وهي تنظر بعيدا بشرود اصبح يحوم على ملامحها الثلجية والتي تحولت لطبقة باردة بدون اي ذرة شعور...لتتنفس بعدها بتهدج ما يزال يحتل خلجات روحها الثائرة....لتحين منها نظرة بحدقتيها الساكنتين لذراعيها وللجروح الباهتة التي ما تزال آثارها مصقولة على بشرتها الرخامية بتعاليم واضحة...بدون ان تحقق الهدف المنشود منها .

قبضت على يديها بقوة وهي تغرز اسنانها بطرف شفتيها بقسوة ما ان تذكرت كل الاحداث الماضية والتي تلت كل مجريات احداث الصباح وتلك اللحظات الحميمية بحياتهما المجردة من العاطفة...وهي تشعر بكل جزء مجروح بجسدها تذكرها بلمساته القوية والتي طغت على ألم فعلتها وهو يستغل اللعبة والتي بدأت بها بنفسها لصالحه الشخصي....لتصبح طوع امره وبمتناول يده بلحظات كما يفعل عادةً بكل مرة...وهو يخونها بجسدها والذي لم تعد تستطيع تكهن اي ردة فعل تنشئ عنه وكأنه يتصرف بتلقائية تامة بدون ان يرسل الأمر لعقلها !

زفرت انفاسها بنفاذ صبر وهي تجول بنظرها بالجوار وبعد ان عادت الغرفة لترتيبها ونظافتها والتي تليق بأفخم الغرف بالجناح بدون ان تعلم متى حدث هذا ؟...لتلمح بعدها طاولة الزينة والتي فرغت من كل العطور ومستحضرات التجميل والتي كانت تحتلها بالصباح....حتى انها قد لاحظت خلو الغرفة من اي اشياء حادة او ادوات قاتلة وكأنه يتقصد فعل كل هذا...لكي لا تتجرأ على اعادة نفس تلك اللعبة المجنونة والتي تبدو لم تروق له .

ابتسمت بسخرية مريرة انزرعت بزاوية شفتيها المرتجفتين بذبول ما ان توقف ذهنها على نقطة معينة وعلى جملة كانت تستخدمها حجة لكي يتوقف هدر الاسئلة والذي كانت تمطرها به ما ان تعود من المدرسة (لقد كنت ألعب)...لطالما كانت تعود من المدرسة محملة بالجروح والاوساخ بدون ان تعترف بأنها قد تعرضت لعراك مع فتيات المدرسة واللواتي يتقصدن إزعاجها ومضايقتها على الدوام....وبطبيعتها الشرسة كانت ترد لهن الإهانات بردة فعل عملية بالضرب والقتال حتى تخرج من المعركة مصابة بكل انواع الكدمات بمعركة غير متكافئة الاطراف....واحيانا يصل الأمر لتدخل مدراء المدرسة والمعلمين وبكل تأكيد هي التي تكون الملامة الوحيدة بكل هذا بسبب تمردها وسمعتها الغير مشرفة والتي جلبت لها كل معاناة بمسيرتها بحياتها المدرسية .

تنهدت بهدوء وهي ترفع عينيها باتجاه صاحب تلك الاصوات المزعجة والتي سبقت دخوله للغرفة امامها بلحظات ، ليسير بعدها بخطوات ثابتة امامها وهو يدندن بلحن معين بتعمد كانت قد حددت مسارها بالفعل ، وما ان وقف مقابل لها امام السرير حتى مال قليلا بمغزى وهو يقول بابتسامة جانبية بانتشاء
"كيف حالكِ الآن يا ألماستي ؟ اتمنى ألا تكوني قد افتعلت حماقة اخرى بغيابي !"

زمت شفتيها بحنق توهج بمقلتيها البحرية لوهلة قبل ان تشيح بوجهها بعيدا عنه بدون ان تنطق بأي كلمة او ان ترد على كلامه ، ليحرك بعدها كتفيه بلا مبالاة وهو يغير اتجاه خطواته بلحظة ليتابع مساره بعيدا عنها قائلا بجدية
"حسنا بما انكِ قد كنتِ مهذبة بالثلاث الساعات الماضية ، وسنتغاضى عن كل حماقاتك بالصباح ، فقد اصبحتِ الآن تستحقين الخروج من الجناح لتناول العشاء وحضور حفلة الفندق والتي ستقام الليلة ، فنحن لم نستطع تناول اي طعام بهناء منذ بداية شهر العسل الخاص بنا"

ردت عليه من فورها بدون اي حياة
"لن افعل"

ابتسم بهدوء بدون ان يهتم لردها الأخير وهو يقلب بين الملابس امامه ، ليخرج بعدها قطع من الملابس وهو يقارن بها قائلا بانبهار مزيف
"ستكون هذه أول حفلة لكِ بعد الزواج ، لذا عليكِ ان تكوني بأبهى طلة بدون ان يستطيع احد منافستك ، بالرغم من كل السبل والتي تفتعلينها بتشويه انوثتك وجمالكِ !"

نظرت له بأطراف عينيها بضيق وهي تتمتم بوجوم مغتاظ
"وبسبب ما افتعلته وحدث بالصباح ، لن استطيع الظهور بالصورة التي تتخيلها بتلك العلامات والتي تملئ جسدي والتي ستبعث كل الظنون السيئة برؤوس الحاضرين ، لذا انسى امر الخروج تماما من اجل ألا نشوه سمعة عرسان شهر العسل"

التفت نحوها بهدوء لبرهة قبل ان يغلق الخزانة بقوة بعثت الرعشة بأطراف جسدها المنقبضة ببرود ، ليتبعها بابتسامة مائلة بلحظة وهو يهمس بخشونة ساخرة
"لا بأس يا عزيزتي ، فلا احد سيرى تلك الخدوش والجروح الصغيرة ولن يعلم احد عنها سوى من يملك الحق بذلك ، لذا ارتاحي من هذه الناحية ودعي مهمة إخفاء عيوب زوجتي لي"

انفرجت شفتيها بأنفاس مضطربة ضربت مجرى تفكيرها لثواني دائما ما يصدمها بفحوى كلامه وبمضمون حديثه بدون ان تتوقع اجوبته القادمة والتي تصيب هدفها على الدوام ، وهي التي لم تعد تستطيع مجاراة حركاته اكثر والتي اعلنت على هزيمتها اكثر من مرة !

عبست ملامحها بلحظة ما ان وصل امامها وهو يفرد الثوب الاحمر الطويل امام عينيها الباردتين...وهي تزيد من سخط ملامحها ما ان مرت بعينيها بلمحة خاطفة على قماش الثوي الحريري من الشيفون الامع بلون الاحمر القاني شبيه بالياقوت....لتتجمد انفاسها لوهلة ما ان وصلت لحمالات الثوب الرفيعة جدا بدون اي اكمام طويلة....وهذا يعني بأنه...

ادارت عينيها بعيدا بانقباض وهي تهمس بجفاء باهت
"لم يعجبني بتاتاً ، وانا لا احب ان ارتدي مثل هذا النوع من الاثواب فهو مكشوف جدا"

ارتفع حاجبيه بخفة وهو يلقي نظرة سريعة على الفستان ، قبل ان يعود بنظره لها مجددا وهو يلوح بيده قائلا ببساطة
"تقصدين بأنه مكشوف الذراعين ! لا تقلقي فهناك سترة خاصة بالثوب سترتدينها فوقه ، وعندها لن يظهر شيء للعيان"

شددت من معانقة ساقيها بدون ان تظهر اي نية بالاستجابة على صفحة ملامحها الجليدية ، لتشعر بيد قوية تسحبها من ذراعها غصبا وهي تنزلها عن السرير برفق قبل ان يوقفها امامه تماما .
رفعت وجهها بغضب وقبل ان تنطق بكلمة اخرستها كلمته الآمرة وهو يقول
"اخرسي يا ماسة ، واذهبي وبدلي الثوب بدون اي جدال لا طائل منه ، وألا اخذتكِ للحفلة وانتِ بهذه الهيئة"

اخفضت نظراتها بهدوء وهي تتمتم بخفوت بارد
"لن ارتديه ، حتى لو كان آخر يوم بحياتي"

عقد حاجبيه بتجهم لبرهة قبل ان يلوح بالثوب امام نظرها قائلا بنفاذ صبر
"ولما لا ترتدين ؟ ما لعيب به حتى لا يعجبك ؟....."

قاطعته بسرعة بانفعال مفاجئ
"قلت لك لا أريد ، ولن ترغمني عليه"

ما ان همت بالرحيل حتى اعتقل ذراعها بقوة وكأنه كان يتوقع نيتها بالهروب ، ليدنو بعدها بوجهه بالقرب منها وهو يلوح بأصبعه السبابة امام انفها بقسوة قائلا بتهديد على وشك افتراسها
"ليس هناك منفذ للهروب يا ماسة ، لأننا سنحضر هذه الحفلة معا ونتناول العشاء رغما عن انفك ، وهذا الذي تفعلينه سيدفعني للتهور اكثر وسيكون عندها قد فات الآوان على الندم"

تسمرت بمكانها لبرهة بدون ان تصدر اي صوت بعد ان جمد الدماء بعروقها بنبرة صوته والتي تغيرت فجأة لمنحى آخر ، ابتسم بعدها الذي كان يضرب انفها بطرف اصبعه قبل ان يضع الثوب الطويل فوق كتفها بصمت ، ليدفعها بعدها من ذراعها باتجاه الحمام الملحق عدة خطوات ، قبل ان توقفه التي تجمدت بمكانها بلحظة ليلتفت للخلف قليلا هامسا بوجوم
"ماذا الآن ؟ ألم نقل !...."

قاطعته التي استلت ذراعها منه وهي تكمل طريقها نحو الحمام بثبات
"استطيع دخول الحمام لوحدي ، شكرا لك على المساعدة"

ارتفع حاجب واحد بحدة وهو يتمتم من خلفها بجدية
"لا تنسي ، اسرعي بتبديل ملابسك ، وإياك والتأخر"

زفر انفاسه بضيق ما ان اغلقت الباب من فورها بقوة ، ليتراجع بخطواته وهو يعود لفتح الخزانة مجددا ليخرج من فوره البدلة السوداء الانيقة والتي تناسب المكان الذاهب إليه .

بعدها بعشر دقائق كان يعدل بربطة عنقه بهدوء ، ليبتسم بعدها برضا وهو يرفع يده لخصلات شعره المسرحة للخلف بعناية وهو يعيدها بأصابعه لتصفف مع باقي الخصل .

التفت بعدها جانبا ما ان سمع صوت باب الحمام يفتح بهدوء وببطء مريب ، ليضيق بعدها عينيه بحيرة ما ان حل الصمت التام بالأجواء بدون ان يظهر المختبئ خلف الباب .

تقدم امام باب الحمام عدة خطوات قوية ، ليصل لسمعه بثواني الصوت الباهت من خلف الباب الموارب وهو يلمح الأصابع البيضاء الممسكة بطرفه بقوة
"لقد نسيت ان اؤخذ معي السترة الخاصة بالثوب ، هلا اعطيتني إياها لو سمحت ؟"

عقد حاجبيه باستياء غزى ملامحه بلحظة بدون ان يستطيع الوصول لأي جزء بها وهي تتعمد اخفاء نفسها جيدا خلف الباب الموارب ، بدون ان يفهم كل هذا الحياء والخجل والذي تلبسها فجأة اتجاه زوجها ؟ وهو يتحرق شوقا لرؤية شيء من ذاك الثوب وكيف يبدو عليها الآن !

عض على طرف شفتيه بضيق وهو يهمس بصوت اجش عابث
"لن افعل قبل ان تخرجي امامي وتريني كيف يبدو عليكِ الثوب ؟ فأنا ارى بأنه ليس من العدل ان تتركيني اتشوق هكذا لرؤيتك ! وايضا انا زوجك لذا لا داعي لكل هذا التعنت"

زادت ابتسامته بتسلية ما ان لمح تجمد اصابعها وانشداد مفاصلها على طرف الباب الخشبي ، ليأتي الجواب الذي يتوقعه وهي تقول بعناد شرس
"هذا ليس مضحكا يا شادي ! وهيا اعطني السترة حالاً وألا لن اخرج"

اطبق على شفتيه وهو لا يفهم كل هذا العناد الموجود برأسها الصخري وكأن اسد سيفترسها ! ليقول بعدها بجمود وهو يطرق الأرض بقدمه بقوة
"ألن نتوقف عن لعبة العناد يا ماسة ، إذا لم تخرجي امامي الآن فأنا عندها سأدخل للحمام بنفسي ، فليس من الصعب عليّ دفع مثل هذا الباب الخشبي ، فأنا عند رغباتي لا شيء يحول بيننا"

انقبضت الاصابع اكثر حتى ابيضت بشحوب قبل ان تنزلق بعيدا عن الباب...وما هي ألا لحظة حتى انفتح الباب بالكامل وهي تخرج منه بصمت وبرأس منكسة قليلا...وقفت بعدها امامه تماما وهو مشغول بالتجول على تفاصيل الثوب الرقيق والذي حدد جسدها الغض بوضوح ملفت...وهو يكتشف لأول مرة بأنها تكاد تذوي من الهزال من تحت قماش الثوب الضيق وبلون قاني نحتها مثل التمثال الجليدي...ارتفع لوجهها ما ان قالت بضعف غريب تخلل صوتها بنبرة مضطربة
"اريد ان ارتدي السترة ، فأنا لا اشعر بالراحة بهذا الثوب المكشوف !"

ارتفع حاجبيه بترقب وهو يدقق بالنظر على اكتاف الثوب المكشوف...بحمالات رفيعة تكاد تكون غير مرئية لتظهر ذراعيها النحيلين جدا صعودا لكتفيها المجوفين عند العظمة المتصلة بعنقها...وببشرة شاحبة تكاد تقرب لشكل الشبح بهزالها وبياضها والذي زاد عن الحد المعقول والذي يشعر به مختلف عن باقي اطراف جسدها الاخرى !...والآن فقط اكتشف تعمدها المتعنت عدم ارتداء ذاك النوع من الملابس المكشوفة والذي تعمدت ان تجعلها جميعها محتشمة مثل ثوب الزفاف والذي اختارته بأكمام طويلة وبصنع مختلف عن فساتين الزفاف الاخرى .

عقد حاجبيه بتأهب وهو يمسك بذراعيها المتصلبين بدون اي مقدمات والتي كان قد لاحظ حركتهما الخفية بإعادتهما لخلف ظهرها...وبممانعة ضعيفة قضى عليها بثواني...وهو يشدد من إمساك ذراعيها هامسا قرب اذنها بتصميم نافذ
"اتركيها يا ماسة"

ارخت مفاصل اصابعها على قماش ثوبها ليرفع كلتا ذراعيها امام نظره بلحظة ، قبل ان تتسع عينيه بدهشة وهو يلامس بأصبعه السبابة مسار الحروق الواضحة والتي جفت وبقيت مع مرور السنوات ، لتبقى فقط آثارها واضحة على بشرتها الثلجية مثل وشم انطبع بداخل جزء من ذراعيها النحيلين ليتلاحم معه ويستقر منذ زمن .

تنفس بهدوء وهو يطبق على اسنانه بقسوة احتلت روحه بلحظة وهو يتذكر ما تعرضت له تلك الحروق من قبل سائل القهوة الساخنة ، بدون ان يدرك بوجود تلك الحروق والتي منعت عنها التأثر بأي اصابة قد تودي بها ، وما يزيد شعلة الغضب المتقد بداخله بأنه لم ينتبه ولو لمرة واحدة بلحظاتهما الحميمية لوجود تلك الحروق والتي تثبت بعد النظر والذي يعيش عليه بحياته ! فهل هي التي اتقنت اخفاءهم ام انه هو الذي لا يرى امامه سوى ما يريد رؤيته ؟

افاق من تخبط افكاره صوتها الهادئ وهي تهمس بابتسامة جافة بدون اي تعبير
"لا داعي لملامح الأسى والحزن ، واعتذر لأنك قد خدعت بهذه الطريقة القاسية بدون ان اكشف لك بالعيوب التي اعاني منها....."

صمتت ما ان ضغط بأصبعه السبابة على شفتيها بقوة وهو يقترب من وجهها هامسا بصوت اجش هادئ
"هششششش ، لا اريد ان اسمع منكِ صوتاً"

ابتلعت ريقها برهبة وهي تنصاع لكلامه والذي بث بروحها الهائجة مثل السم ليوقف هياجه ، ليدنو اكثر امامها وهو يقبل اصبعه فوق شفتيها وبالحقيقة لم تصل القبلة لها فقد كان اصبعه الحاجز بينهما ، وكم اثارت تلك الحركة البسيطة الأهوال بدواخلها الثائرة مثل براكين استطاع اخمادها بلحظة .

ابتعد عنها قليلا وهي تشاهد بعينين متسعتين الذي امسك بالسترة الحمراء بنفس لون الثوب القاني ، ليلبسها إياها فوق كتفيها وهي تنصاع لحركاته المتأنية بإدخال كل ذراع على حدة بأكمام السترة القصيرة ، وما ان انتهى حتى شعرت بالراحة التامة ما ان اختفت تفاصيل ذراعيها واكتافها وكل ما كان مكشوف منها داخل السترة الانيقة والتي زادت جمال الثوب القاني .

رفعت رأسها باتجاه الذي رفع ذراعه نحوها وهو يتمتم بصوت اجش واثق
"هل نذهب الآن يا ألماستي ؟"

ابتسمت بارتجاف وهي ترفع يدها ببطء وبتردد قبل ان تلف اصابعها النحيلة حول مرفقه وذراعها بذراعه ، لتشعر بعدها بيده الحرة وهي تلمس انفها بخفة قائلا بابتسامة قوية بهدوء
"ابتسمي دائما ، فقد خلق الابتسام لينير الوجوه الجميلة"

اتسعت ابتسامتها لا إراديا وهي تحني نظراتها بهدوء بحياء استبد بها بلحظة غادرة ، ليبتسم بنشوة وهو يقودها لخارج الغرفة ولاستقبال العالم بأول خروج لهما بعد الزفاف .

_______________________________
انفتح باب المنزل لتظهر من خلفه خادمة كبيرة بالسن والتي ما ان وقعت نظراتها على الطارق حتى اتسعت ابتسامة بشوشة على محياها ، لتبتعد من فورها عن طريقه وهي تمد ذراعها قائلة باحترام
"مساء النور سيد هشام ، تفضل بالدخول"

اومأ برأسه باتزان وهو يتجاوزها قائلا بوقار
"كيف حالك اليوم يا خالة ميسون ؟"

حركت رأسها بهدوء وهي تهمس بامتنان
"بخير ، شكرا لك على السؤال"

قال بعدها وهو يوجه نظره بأنحاء المنزل الكبير
"ولكن ألا يوجد احد بالمنزل !"

قالت بسرعة بابتسامة صغيرة بلطف
"بل الجميع موجودين وهم الآن....."

قطعت كلامها صراخ الطفلة الراكضة على السلالم بعجلة وهي تنطق بذات اللحظة باندفاع
"خالي هشام هنا"

اتسعت ابتسامته بسعادة بتفاصيل ملامحه المتعبة ما ان وصلت امامه الطفلة الراكضة بثواني ، ليتلقفها بين ذراعيه بلحظة وهو يرفعها عاليا لعنان السماء لتخرج عندها ضحكاتها البريئة بفرحة طفولية ، اخفض ذراعيه وهو يدسها بأحضانه بحنان هامسا امام رأسها الصغير بمرح لا يظهره سوى امامها وبعد ان يتخلى عن شخصيته الصارمة والتي يتقمصها طول اليوم
"كيف حالكِ يا ملاكي ؟ اتمنى ان تكوني ابليتِ حسناً ولم تسببي المتاعب او المشاكل لأحد طول الاسبوع الماضي ، من اجل ان افكر إذا كنتِ تستحقين الحصول على هديتك ؟"

تشبثت الطفلة بعنقه والتي لا تتجاوز السادسة من عمرها وهي تهمس بعيون تبرق بانتصار السعادة
"هذه المرة لم اسبب اي مشاكل لأي احد وكنت فتاة مطيعة طول الاسبوع الماضي كما وعدتك ، وهذا يعني بأنني استحق هديتي ، صحيح ؟"

ضحك بتعب قبل ان يخفت صوت الضحكة تدريجيا ليمسك بعدها بأنفها بأصابعه الطويلة قائلا بتحذير مزيف
"هل هذا الكلام صحيح ام تكذبين عليّ لتحصلي على هديتك ؟ لأنني استطيع سؤال والدتك إذا كنتِ قد اخطئتِ بالتصرف بالأيام الماضية"

ارتبكت ملامحها بوجل وهي تحرك رأسها بالنفي هامسة بعبوس خافت
"غير صحيح انا لم اكذب ، قد اكون اخطئت مرة او مرتين فقط ، ولكني حقا كنت فتاة مطيعة ولم اسبب اي مشاكل"

عقد حاجبيه بشك وهو ينظر لابتسامتها البريئة والتي ذكرته بشيء آخر شبيه لها ، لتعبس زاوية من شفتيه بوجوم شارد وهو يتذكر نفس الابتسامة بوجه مدور طفولي تستخدمها كسلاح لتخفي بها كذبها عنه وتدفعه ليخضع لها بنهاية الأمر .

رفع رأسه باتجاه الخطوات المتجهة نحوهما بثبات وهدوء للمرأة التي تعلو ملامحها الفاتنة ابتسامة جميلة برقي ووقار وشعر بني طويل مسترسل على جانبيها ليستريح على كتفيها برخاء ، وما ان وقفت امامهما تماما حتى ازدادت ابتسامتها اتساع وهي تهمس بخفوت حنون
"لقد سمعت صوت امل وهي تصرخ على السلالم ، وعرفت بأنه انت الذي تسبب بصراخها ، كيف حالك يا هشام ؟"

ابتسم بتعب وبإنهاك بعض الشيء وهي يقول بصوت جاد قوي
"انا بخير يا اسمهان ، وسعيد جدا برؤيتكم ، فقد اشتقت لكم كثيرا لذا قررت زيارتكم والاطمئنان عليكم"

اومأت برأسها بشرود وهي تقول ببعض الضيق المزيف
"لو كنت حقا تشتاق لنا ، لما تأخرت هكذا بزيارتنا !"

ارتفع حاجبيه بدهشة وهو يتمتم بجمود
"لقد كنت عندكم بالأمس وتناولت طعام الغداء معكم بعد إصرار شديد منكِ !"

زمت شفتيها بحزن وهي تهمس من بينهما بقنوط
"ولكنه كان بالأمس وقد فات وقت طويل عليه ، وقد انتظرنا كثيرا زيارتك اليوم ولكنك لم تحضر"

تنهد بإنهاك وهو يمسد على جبينه بيده للحظات ، ليخرجه من حالته صوتها وهي تتابع كلامها بقلق متوجس
"تبدو متعب يا هشام ! هل انت بخير ؟"

حرك رأسه بهدوء وهو يتمتم برفق
"اجل بخير يا اسمهان ، فقط متعب قليلا بسبب العمل الطويل اليوم"

عبست ملامحها بحزم وهي توجه كلامها للطفلة التي ما تزال تستقر بأحضانه قائلة بجدية
"هيا يا امل انزلي عن خالك هشام فهو متعب ، وايضا عليكِ ان تخلدي للنوم مبكرا من اجل الذهاب للمدرسة غدا"

تبرمت شفتيها بحزن وهي تهمس بتذمر مستاء
"لا لن اذهب قبل ان يعطيني خالي هديتي ، لقد وعدني وانا اريد هديتي"

عادت للكلام بحزم اكبر وهو تقول بأمر
"اسمعي الكلام يا امل ، وبالغد تحصلين على هديتك من هشام ، والآن إلى النوم حالاً"

رفعت عيون دامعة للذي قال لها بقوة وهو يربت على رأسها بحنان
"لا تقلقي يا ملاكي ، سأحضر لكِ الهدية بالغد بعد المدرسة ، انا اعدك"

انزلها ارضا برفق قبل ان تنطلق الطفلة بعيدا عنهما وهي تلوح بيدها صارخة بتصميم
"لا تنسى ، لقد وعدتني"

استقام بهدوء وهو يراقب التي عادت لصعود السلالم بسرعة ، ليشعر بعدها باليد الحانية وهي تمسك بذراعه هامسة بجدية
"هيا تعال نجلس قليلا ، بدل الوقوف هكذا"

سار معها حيث سحبته باتجاه الارائك بمنتصف البهو الواسع ، ليجلس من فوره بإنهاك استبد به وهو يريح يديه فوق ركبتيه بصمت ، قالت بعدها التي جلست بجانبه على نفس الاريكة بهدوء
"اخبرني عن العمل يا هشام ، كيف هي احوال عملك بالجامعة ؟ هل ما تزال تعمل بأكثر من وظيفة بنفس اليوم ؟"

عقد حاجبيه بهدوء وهو يتمتم باقتضاب
"كل شيء بخير ليس هناك من جديد ، اخبريني انتِ عن زوجك ألم يعد بعد من سفرته من الخارج !"

ضمت يديها معا بهدوء وهي تهمس بابتسامة رقيقة باتزان
"لا لم يعد وهذه المرة قد يحتاج لأيام بسفره بالخارج حتى ينهي صفقة العمل ، ولكنه يتصل بنا يوميا ليطمئن علينا ويخبرنا عن احواله"

نظر لها للحظات قبل ان يعقد حاجبيه قائلا بتذكر
"صحيح لماذا لم ارى ابنكِ حاتم باستقبالي ؟"

ردت عليه بابتسامة حانية برقة
"لقد ذهب للنوم منذ وقت طويل ، وألا لما كان ضيع عليه فرصة استقبال خاله هشام ، ولكن هذا افضل من اجل ان نستطيع التكلم بحرية اكبر"

ادار وجهه بعيدا عنها بصمت وهو يريح ذقنه فوق قبضته بشرود ، ليقطع الصمت صوتها مجددا وهي تقول بحيرة واجمة
"هشام انت لا تبدو بخير ابدا وكأنك مهموم وقد لاحظت هذا عليك منذ ايام ، انا اقول بأنه من الأفضل لك ان تأخذ استراحة من العمل ، فأنت تتعب نفسك كثيرا به وكأنه ليس لديك شيء تفعله سوى الذهاب لتلك الجامعة وألقاء المحاضرات بها ، لذا من الافضل ان تستريح من كل هذا وتأخذ إجازة قصيرة"

ابتسم بدون اي مرح وهو يتمتم بوجوم
"وماذا تريدين مني ان افعل بالإجازة مثلا ! اُفضل ان اضيع وقت الإجازة بالعمل الجاد والذي يفيد غيري من طلبة العلم"

عبست ملامحها الجميلة وهي تكتف ذراعيها هامسة بحزم
"انت تقول هذا الكلام لأنك لا تجد ما تفعله بحياتك الفارغة ، وقد قصدت بكلامي بأن تأخذ استراحة لن تضر بالعمل وان تعود للسكن معنا بالمنزل وبين اولاد شقيقتك الذين يحبونك كما بالماضي....."

قاطعها الذي رفع رأسه فجأة وهو يقول بجدية صارمة
"هذا غير جائز يا اسمهان ، فأنا قد اصبحت الآن رجل مستقل معتمد على نفسه ، ولا يصح ان اعود للعيش معكم بعد ان كونت نفسي واصبح لدي حياتي الخاصة بعيدا عن الجميع"

ردت عليه بتبرم مستاء
"لو كنت حقا قد كونت حياتك الخاصة كما تقول ! لكنت الآن متزوج ولديك امرأة واطفال بدل حياة العزوبية والتشتت التي تعيشها وكله بسبب علاقة قديمة دمرت كل حياتك"

تصلبت ملامحه لوهلة وهو يعتدل بجلوسه بصمت بعيدا عنها ، لتقول بسرعة التي تداركت نفسها وهي تضع يدها على ركبته هامسة بأسف
"اعتذر يا هشام ، لم اقصد ان اجرحك بكلامي ، اكرر اعتذاري ، ولكن صدقني كل ما اقوله من اجل مصلحتك يا شقيقي فهذا الذي تفعله....."

قاطعها الذي امسك بكفها على ركبته وهو يقول بجمود باهت بدون اي حياة
"كفى يا اسمهان ، لا اريد سماع اي كلام عن هذا الموضوع ، ومرة اخرى إياكِ وان تتدخلي بحياتي الخاصة ، لكي لا افكر عندها بالانقطاع عن المجيئ لمنزلك"

انحنت عينيها بحزن ما ان افلت كفها بهدوء ، لتضم قبضتيها معا عند حجرها لوهلة وهي تتمتم بأسى
"حسنا يا هشام كما تشاء ، فأهم شيء عندي هي راحتك وان تعيش بهناء مع الشخص الذي يحبك ويسعدك بحياتك"

حانت منه التفاتة نحوها لبرهة قبل ان تقع عينيه على العقد الرقيق الملتف حول عنقها ، ليبتسم بعدها بهدوء وهو يقول بشبه ابتسامة باردة
"هل ما تزالين تضعين العقد للآن ؟ يبدو بأنه قد اعجبكِ كثيرا !"

تغضن جبينها بحيرة للحظات قبل ان توجه نظراتها للعقد حول عنقها والذي ينتهي بلؤلؤة صغيرة عند الصدر ، لتعود للنظر له بابتسامة كبيرة عادت لتعتلي ملامحها الفاتنة وهي تهمس بثقة
"اكيد لن اخلعه فهذه اجمل هدية اتلقاها من شقيقي الوحيد ، وقد اصبت هذه المرة باختيار الهدية ، فهي جميلة جدا ورائعة ، لقد اثبت لي بأنك تمتلك ذوق رفيع رغم كل عيوبك"

ضحكت بعدها بمرح بدون ان يشاركها مرحها وهو يبتعد بتفكيره لأمور اخرى اخذت عقله على حين غفلة بدون ان يخبرها بأنه قد استعان برفيقة باختيار هذا العقد الرقيق ، افاق من شروده على صوتها وهي تنهض من جانبه قائلة بابتسامة لطيفة بمحبة
"سأذهب لأطلب من الخدم تحضير مائدة عشاء كاملة لنا ، فلا تظن بأنني سأتركك هكذا بدون عشاء ، وايضا من اجل ان نكمل سهرتنا معا كما كنا نفعل بالماضي بما انه ليس هناك شيء نفعله"

عقد حاجبيه بوجوم ما ان غادرت من امامه بعيدا عنه بدون ان تنتظر رأيه بالأمر ، وماذا كان يتوقع منها تلك العنيدة والتي لا تسمع لأحد سوى ما يأمرها به عقلها وعلى سجيتها ؟ ودائما ما تنتصر وتنفذ ما برأسها بدون ان يقف احد بوجهها .

يتبع..........


روز علي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 23-10-21, 10:36 PM   #180

روز علي
 
الصورة الرمزية روز علي

? العضوٌ??? » 478593
?  التسِجيلٌ » Sep 2020
? مشَارَ?اتْي » 712
?  نُقآطِيْ » روز علي is on a distinguished road
افتراضي

كان يقف امام بناء المنزل بملامح قاتمة مظلمة وهو يحدد هدفه القريب على بعد بضعة اقدام...لتضيق بعدها عينيه السوداوين بحدة الصقر مع ابتسامة غامضة بافتراس بدأت بالبروز على زاوية شفتيه المتصلبتين...وكأنه على وشك ارتكاب جريمة شنعاء او عمل خطير لا يفصله الكثير عن تحقيقه...وهذه المرة بعزيمة اكبر وبدافع اقوى بدون اي قرار بالتراجع...فقد وصل الحقد بداخله والذي تغلغل بصميم روحه حد الانفجار والذي لن يستطيع كل قوة بالأرض ان تبعده عنه .

اخفض عينيه ببطء وهو يتنهد بقوة ليحرر كل غبار الماضي عن صدره وروحه ، قبل ان يكمل طريقه بخطوات ثابتة وبإصرار كبير وبرغبة عارمة بالثأر تزداد مع كل خطوة نحو هدفه .

وقف امام باب المكتب بعد ان غادر الخادم والذي استقبله حتى وصل إلى هنا ، بالرغم من حفظه للطريق مسبقا والتي تؤدي لهذا المكان بكل مرة يزور بها هذا المنزل ، وبالحقيقة لم يعد يستطيع تذكر عدد المرات والتي زار بها هذه الغرفة بسبب التقارب الذي يجمعه بذلك الساكن خلف المكتب والذي لم يترك له اي ذكرى جيدة بكل مرة يتقابل فيها معه ، وكأنه يصر على تشويه صورته وتلك الدماء والتي تربطه به حتى وصل للرمق الاخير من علاقته معه والتي لن تشفع له بعد الآن اي من اخطاءه نحوه .

زفر انفاسه بقوة وهو يمسك بمقبض الباب البارد مثل حدقتيه والتي تستطيع تجميد ما يصله من نظراتها ، وما ان اصدر الباب صوت بداية الحرب بنعيق عالي بسبب عمره الذي فاق عمر الجميع حتى بدأ يتجلى امامه شكل الصرح الكبير للمكتب الخشبي العريض ، ليرتفع بنظره بهدوء للذي كان يتربع ذلك الصرح وهو يجلس خلفه بكل هيمنة بعيون الصقور الشبيهة بعينيه رغم عمرهما والذي ظهر جليا عليهما ، بدون ان يفقد حدتهما وخلفيتهما المتوحشة والتي تظهر مدى خطرهما بأوقات العمل والتي ترهب اشجع الفرسان ، وهو يقابله بنفس النظرات بكره بدائي قديم اعتلى ملامحه بلحظة وهو يجابهه بالمثل ليكون له بالمرصاد .

اشتدت ملامحه بلحظة ما ان قال الذي اعتدل بجلوسه وبهيبة ما يزال يحافظ عليها
"اهلا بك يا ابن مصعب ، لم تطل علينا بهذه الزيارة منذ مدة طويلة ! هل تريد مساعدة بخصوص امور حياتك ؟"

تجول بنظره بلحظات بدون ان يعلو ملامحه اي انفعال قبل ان يهمس بابتسامة مشدودة قريبة للسخرية
"شكرا لك على هذا العرض المتأخر ، لو انك فعلتها بالسابق فقد كان من الممكن ان اوافق ، ولكن بما انني قد وصلت للحياة المثالية والمستقلة فلم اعد بحاجة لمساعدة احد ، وانت ستكون آخر من افكر بقبول مساعدته"

ابتسم ببطء مجرد التواء بطرف شفتيه المجعدتين وهو يقول بحزن مريب بدون اي شعور بالأسف
"صحيح لقد سمعت بأنك تحيى حياة مثالية بعد كل ما مررت به وتجاوزته بقوة وعزيمة تحسد عليهما ، فأنت قد اثبت لي حقا بأنك خصم لا يستهان به ، ونسيت ايضا بأن ابارك لك زواجك السريع والذي لم احسب له حساب ، فمن الذي سيتوقع بأن رجل مثلك ما يزال مقبل على الحياة ويفكر بالزواج والأطفال ؟"

عبست ملامحه بأول لمحة غضب تمر على محياه والتي استطاع بمهارة ان يخفيها خلف غلاف مشاعره الجليدية ، ليقول بعدها بلحظة بنفس الجمود الصخري وهو يجاريه بأسفه المزيف
"اجل هذا ما حدث ، فأنا بعد كل شيء لم اخطئ حتى اوقف حياتي بتلك اللحظة بالذات ، وتستحق عائلتي ان استمر بنسلها ونسعد بحياتنا القادمة والتي لا نعلم متى ستزول ؟ ولكن المؤسف بالأمر هي عائلتك والتي تبدو قد توقف النسل عندها وهذا لصالحنا لكي لا يعاني المزيد من البشر من اشباهك ومن وراثة جيناتك الاجرامية....."

قاطعه بأنفاس حادة وبدون ان يتحرك ساكنا فقط جمود احتل تلك الملامح المجعدة برهبة الهالة والتي تحوم من حوله
"كفى وإياك وان تنطق بأي كلمة زائدة يا ابن مصعب ، ولا تقلق بخصوص نسلي فأنا متأكد بأن ابني اوس لن يوقف جينات عائلته والتي سينقلها لأولاده"

ارتفع حاجبيه بدهشة باردة لوهلة قبل ان يشاركها بضحكة صغيرة لا إرادية وكأنه تشنج احتل حنجرته بحكة صغيرة ، ليعود للنظر له بقوة اكبر وبحقد ظهر للعيان وهو يهمس باستهزاء واضح
"هل تقول بأن ابنك هو الذي سيكمل النسل ؟ ولكن ماذا لو فشل بهذه المهمة ؟ ماذا لو كان مثل والده والذي لم يستطع الحفاظ على زوجته ودفعها للهروب منه بعد زواج دام لنصف سنة فقط ؟ فكما يقولون الولد سر ابيه"

ضرب فجأة بقبضته على سطح المكتب بغضب بدأ بافتراس ملامحه بلحظة فاصلة ، ليتنفس بعدها بهدوء استطاع استجلابه بصعوبة وهو يقول باستهجان السخط
"لقد تجاوزت كل حدودك هذه المرة يا ابن مصعب ! من اين تعلمت كل هذه الجرأة والوقاحة بالتكلم مع عمك الوحيد وكبير هذه العائلة ؟ ام ان تحسن حالك والعزة اخذتك بعيدا يا غر ؟"

ابتسم بدون اي حياة وهو يهمس بعبارة سمعها من قبل بنفور
"قد اكون تعلمت منك ! او جيناتك قد بدأت بالتأثير عليّ ؟"

تغضنت زاوية من شفتيه لا شعوريا وهو يهمس بخشونة بعد ان اختفى جزء من غضبه
"جميل ان اسمع هذا الكلام منك يا ابن مصعب ، ولكن لم تخبرني من هي الفتاة والتي تزوجت منك وقبلت بالارتباط بشخص يملك ماضي مثل ماضيك ؟"

اختفت الابتسامة تماما ليحل مكانها الوجوم العابس وهو يجيبه بلحظة بصوت مشتد قاسي
"هذا ليس من شأنك ، ولا علاقة لك بأي شيء يخص حياتي"

قطب جبينه بتجهم للحظات قبل ان يخرج سيجارة وهو يشعلها بيده الاخرى بصمت ، ليقول بعدها وهو ينفث دخان السيجارة ببأس
"إذاً لما اتيت لزيارتي اليوم ؟ وما لذي تريده مني الآن بعد ان ارتاحت حياتك ولم يعد وجودي بها له معنى ؟"

اجاب من فوره بصوت صلب واثق
"اتيت لأصفي حساباتي معك"

حدق به للحظات بتلك العيون الحادة والتي تحاوطها التجاعيد القاسية بدون ان تقلل من رهبتها ، ليبتسم بعدها ببرود وهو يتمتم بعدم اهتمام
"ليس هناك من حسابات نصفيها معا ، فأنا اذكر بأنك قد صفيت كل شيء مع كل من يدينون لك بحياتك ومعي شخصياً ، فلا تظن بأنني لا اعلم الشخص المسبب بحادثة السرقة والتي حدثت بمكان عملي قبل عشر سنوات ! ومع ذلك لم اعطي الأمر اهتماما كبيرا فقد كنت مجرد شاب طائش مندفع ما يحركه الانتقام فقط من اجل شقيقته المقتولة ، ولكن صدقني لن استطيع ان اتغاضى عن اخطائك كثيرا إذا استمرت على هذا المنوال"

كان يشدد على قبضتيه لا إراديا حتى ابيضت مفاصله بغضب اسود عاد ليطفو على روحه الحارقة ، وهو يشعر بنفسه قد وصل لنهاية صبره معه فاقت احتماله على مدار سنوات ، ليقول بعدها بجمود باهت وهو يوجه نظرات باردة بغضب ما يزال يلوج بأعماقه
"وانت تعلم ايضا بأنني لم افعل هذا سوى من اجل الحصول على كل المعلومات والتي توصلني لقاتل شقيقتي ، وكل شيء اخفيته عني بدون ان تطلعني على اي خيط يوصلني لها ، وكأن حياتك ستكون مهددة إذا افصحتني عن هذا السر"

عاد لينفث دخان سيجارته وهو يتمتم ببرود صخري
"إذاً تعترف بقبح جريمتك وما وصل له سعيك وراء تلك المعلومات ، صدقني كان بودي ان اساعدك بتلك الأوقات ولكن بما ان الحادثة كانت غير مقصودة والمتهم قدم لنا تعويضا عن كل الذي حصل ، فلم يعد هناك شيء بيدنا نستطيع فعله وهذا مصيرها بالنهاية ، واتمنى ان تتفهم الموقف"

انفجر فجأة صارخا بعنف وهو يلوح بذراعه جانبا باستهجان
"توقف عن الدفاع عنه وقول مثل هذه التبريرات الفارغة ! فأنت تعلم جيدا بأن فعلته اسوء بكثير مما تتخيل ، فهي كانت هدفه ومجرد خطة من اجل ارضاء شركاءه ولعبة بهذه الخطة الشنيعة ، لو انه لم يستدرجها بتلك الطريقة الحقيرة ولم يتقرب منها من الاساس ؟ لما كانت فعلته ستكون بكل هذه الشناعة ليكون هو تلك الوسيلة لتصل لهم"

دس طرف السيجارة بسطح الطاولة وهو يقول بجمود قاسي
"ولكنك لم تجني شيئاً من سرقة تلك المعلومات ، فأنا لا ارى بأنك قد عاقبت المجرم الرئيسي بكل ما حدث مع غنوة ! بل تركته يعيش حياته بحرية بدون ان تسبب له المشاكل ، بعكس المجرمين الآخرين وشركاءه والذين لم تتوانى عن اذاقتهم الويل والمرارة حتى بدأوا يتوسلون منك الرحمة وطلب الصفح"

عقد حاجبيه بغموض وهو يتابع الدخان المتصاعد امام عينيه بهدوء ، لترتفع ابتسامته لا شعوريا وهو يهمس بنشوة وبثقة كبيرة غيرت ملامحه بلحظة
"هذا لأنه حالة خاصة وحسابه وطريقة انتقامه ستكون مختلفة عن الباقين ، وقد تحقق جزء مما كنت اصبو له واخطط منذ سنوات ، ولم يبقى سوى القليل حتى يتحقق انتقامي بالكامل من جميع من سببوا الأذى لعائلتي"

رفع نظراته نحوه بجمود لوهلة ليتراجع بجلوسه بقوة وهو يقول بحدة نافذة
"حسنا ، وما لذي تريد تصفيته معي إذاً ؟ بما انك قد حققت انتقامك من الجميع ولم اعد موجود بالصورة !"

حرك رأسه للأسفل قليلا وهو يغلق الباب من خلفه ببطء هامسا بتصميم عاد ليتخلل صوته
"انا الآن لا افكر بأحد منهم ، بل كل ما اريده هو تصفية حساباتي كاملة معك انت ، يا عمي العزيز"

ارتفع حاجبيه ببطء شديد وهو يتقدم بجلوسه قائلا باستهزاء ساخر
"وما لذي تفكر بفعله مثلا ؟ تريد قتلي ودفن جثتي بالمكتب لتشفي غليلك مني !"

تقدم بخطواته بهدوء غامض وعينيه لا تترك هدفه وهو يهمس مع كل خطوة بتهديد حذر وبشرارة بدأت تلوح بالأفق
"ولما لا ؟ استطيع فعل ما هو اسوء من هذا ! ولا احد بالطبع سيعلم بالأمر ؟ وبكل دمعة واذى سببته لعائلتنا ستدفع ثمنها غالية"

اتسعت عينيه بتوجس من نبرة صوته ونظراته الغريبة الموحشة لأول مرة يراها عليه ، ليرفع رأسه بتأهب وهو يستعد للوقوف قائلا بعصبية استبدت به
"ما هذا الذي تتفوه به يا ولد ؟ هيا اخرج من هنا....."

قطعت كلماته الاخيرة الذي وصل له بلمح البصر لينقض على عنقه والتي اصبحت بين قبضتيه بلحظة وهو يعيده جالسا بقوة ، بينما كان هو يسطو عليه من فوق وهو يهمس امام وجهه والذي بدأ بالتحول للون الازرق المنتفخ وبشراسة وبدون اي رأفة بقلبه المحمل بالسواد ناحيته
"كيف تشعر يا عمي وانا احاول خنقك هكذا ؟ وانت الآن على وشك الموت بين يدي ! كما كنت تفعل معي عندما كنت بعمر الخامسة عشرة وما ان اتمرد عليك وارفض اوامرك ، لتحاوط عنقي بتلك اليدين الصلبتين القاسيتين وهي تكاد تزهق انفاسي الاخيرة"

كان يحاول مجابهته وهو يتلوى بمكانه بدون فائدة وهو يتفوق عليه جسمانيا وصحيا وبقوته والتي تفوقه كذلك بأضعاف ، ليكمل كلامه الذي التقط القداحة من على سطح الطاولة والتي كان يشعل بها سيجارته من لحظة ، ليشعلها امام عينيه والتي كانت تتابع الشعلة الصغيرة الخارجة بينهما وهو يهمس بخفوت شديد وبمرارة حارقة
"انظر استطيع ان احرقك بهذه الشعلة الصغيرة والتي ستحولك لقطعة فحم اسود بالي ، كما كنت تهددني بالماضي بنفس هذه الشعلة وانت تقربها من عينيّ قائلا بأن لا احاول العبث بالنار لكي لا احرق اصابعي ، وبالحقيقة كنت دائما تحرق قلبي وروحي بنفس هذه النيران والتي بدأت بالاشتعال والهياج بداخلي اكثر حتى وصلت لأقصى درجاتها"

امسك بقبضتيه بيديه المجعدتين وهو يحاول تلقف انفاسه بارتجاف هامسا بتقطع وبضعف لأول مرة يظهر على محياه وبعد ان هز قوته وجبروته
"كفى يا جواد ، فلا تنسى بأنني عمك يا مجنون ! لذا إياك وان تتهور"

اتسعت ابتسامته بقتامة بدون اي مرح وهو يعاود تقريب الشعلة من وجهه حتى شعر بها تحرق جانب وجهه قائلا باستهزاء منفعل
"الآن تقول وتعترف بأنك عمي ! وماذا عن ابن شقيقك والذي اذقته المرار طيلة حياته الماضية ؟ وماذا عن شقيقته والتي دائما ما كنت تلقبها بأقذر الألفاظ كالعاهرة بدون اي وجه حق ؟ وحتى بعد موتها لم تتكلف ولو قليلا بإظهار بعض الحزن عليها ومحاولة استرداد حقها ؟ وماذا عن زوجة شقيقك والتي كنت تعايرها بموت زوجها وبقلة حيلتها بدل ان تقدم لها الدعم ! لقد تجاوزت بتصرفاتك كل خبث العالم وحتى لو بقيت اتكلم عنك لأيام اخرى فلن استطيع ان اوفيك حقك !"

تشنج جسده بدون ان يستطيع التكلم او النطق وهو يحاول الوصول لسلاحه بدرج المكتب ، ولكن يده كانت اسرع منه وهي تمسك بذراعه بقوة حتى كاد يكسرها وهو يعيدها لخلف ظهر الكرسي بلحظة ، ليقول بعدها بابتسامة شرسة مشبعة بالكراهية وهو يحرك رأسه بقسوة
"لا تحاول مجابهتي اكثر يا عمي فهذا سيضرك اكثر وسيسرع من موتك ، فنحن الآن لم نعد كما كنا بالماضي فقد انقلبت الأدوار بيننا واصبحت انا الزعيم هنا وانت العبد المأمور ، فقط لتشعر قليلا بما كنا نشعر به عندما كنا اطفالا لا حيلة لنا بالمقاومة او القتال"

قرب اكثر بالقداحة المشتعلة على وجهه حتى بدأ يتشنج بانتفاض ويطلق صوت خواء مذبوح ، ليلقي بعدها بالقداحة بعيدا بلحظة وهو يقرب وجهه منه هامسا بابتسامة صغيرة بانتشاء غريب
"ولأنني لا اريد ان اكون مثلك بأي شكل كان ، ولا اريد اي رابط شبه ولو من بعيد ان يجمعنا معا ، سأطلق سراحك الآن لتعيش المتبقي من حياتك مع كل الذنوب والتي ستحملها بالعالم لنهاية يوم بحياتك ، استمتع يا عمي متحت لأن العذاب قادم لا محالة إذا لم يكن بالحياة الدنيا فسيكون بالحياة الآخرة"

زفر انفاسه بحرقة قبل ان ينفض عنقه بعيدا عنه بعنف ليرتمي اكثر على الكرسي باهتزاز حتى كاد يقع به ، ليستدير الآخر بعيدا عنه وهو يتمتم بصوت هادئ اختفى عنه كل انفعال كان يحتل كيانه بلحظة
"لو كنت حقا مثلك لما سامحتك عن كل اخطاء الماضي ! ولكنت فعلت معك بالمثل واذقتك من نفس الكأس المر والذي لم تتوانى عن اذاقتي إياه ؟ ولكني لست مثلك ولن اكون ولن اسمح بتلك الجينات والدماء بالسيطرة عليّ مهما حصل ، فأنا اُفضل الموت على ان اشبه بشخص حقير مثلك"

اعتدل بجلوسه الذي كان يتنفس بسرعة زادت من حدة خفقات قلبه وصدره الضعيف والذي ظهر عليه تعب الزمن وعمره الحقيقي والذي بان على تقاسيم وجهه ، بينما اندفع الجامد بمكانه باتجاه باب المكتب بدون كلام قبل ان يصطدم بالباب والذي فُتح امامه فجأة بدون سابق إنذار ، ليسكن بمكانه قليلا فقط للحظتين قبل ان يشيح بوجهه جانبا بجفاء اكتسح حياته لوهلة ليتبعها بتحركه وهو يغادر من الغرفة بأكملها وكأن شيء لم يكن !

كان الواقف عند إطار الباب ينظر بأثره بهدوء وبصمت تام ، قبل ان تظهر شبح ابتسامة على محياه بلحظة وهو يحرك رأسه بوجوم ، وبألم عاد لينتشر بسائر جسده ببطء ليقبع بمنتصف حياته مثل العلقم والذي ما يزال مضطر لتذوقه بكل مرة يرى بها تلك النظرات بدون ان يستطيع فعل شيء حيالها ...

_______________________________
كانت تراقب بعيون متسعة بجمود أطباق الطعام الكثيرة والتي كان يوزعها النادل على انحاء الطاولة المستديرة بانتظام....تنهدت بعدها بملل وهي تشيح بوجهها جانبا بعيدا عنهما مريحة ذقنها فوق قبضتها ومرفقها منتصب فوق الطاولة...شردت برواد مطعم الفندق الفاخر وجميعهم تظهر عليهم علامات الثراء والرقي الفاحش...وليس بملابسهم وبحليهم فقط بل بحركاتهم المدروسة وبأسلوب كلامهم وتناول طعامهم من اصناف اطعمة محددة مثل طبيعة حياة نشئوا عليها منذ المهد...بينما لا يعلم احد منهم ما يعانيه اصحاب الطبقات الدنيا والأقل حظاً بالحياة والذين يحسبون كل لقمة كانت تدخل لأفواههم بتلك الحياة الصعبة والتي لم يجربها سوى من قست عليه الحياة لينتمي لتلك الطبقات ! ولكن ماذا عن الذي يملك بالفعل سبيل ورابطة دماء توصله لكل تلك الرفاهية والتي حرم منها على مدار سنوات بدون ان يستطيع الاقتراب منها لأنه ببساطة قد نبذ منها من قبل ان يولد ؟

زفرت انفاسها بوجوم وهي تبعد مرفقها ما ان قال المقابل لها بجدية نافذة
"اين شردتِ يا ألماستي ؟ لقد حان وقت الطعام الآن ، ام تنتظرين الدعوة لذلك ؟"

رفعت وجهها بإيباء مشدود وهي تهمس بخفوت مستاء
"كم مرة اخبرتك ان تتوقف عن تلقيبي بهذا الاسم ! فهو مزعج ولا يعجبني ابدا"

امسك بالسكين والشوكة وهو يقطع شريحة لحم بطبقه بمهارة هامسا باهتمام مزيف
"ولكنني اراه مناسبا جدا لكِ ، ولن اجد اسم غزل يعبر عنكِ اكثر منه ، ألا إذا كان هناك اسم آخر تريدين مني ان اطلقه عليكِ ! بالمناسبة بماذا كان يناديكِ زوج والدتك ؟"

ارتفع حاجبيها بدهشة لحظية قبل ان تعبس بجمود ملامحها بدون كلام ، لتشرد بعدها بطبقها امامها لثواني وهي تهمس بدون اي تعبير
"وبماذا سيفيدك معرفة ما كان يناديني به زوج والدتي ؟ هل ستستخدمه انت ايضا لتطلقه عليّ ؟"

رفع قطعة اللحم بالشوكة لفمه وهو يتمتم امامها بابتسامة جانبية بتفكير
"بل من اجل ان اقارنه بين لقب الألماسة وبين اللقب الذي كان يناديك به ، بالرغم من تأكدي بأنه لا ينتمي لأسماء الغزل !"

زمت شفتيها بعبوس وهي تنظر لقطعة اللحم والتي افترسها بشفتيه وهو يمضغها باستمتاع واضح ألجمها لثواني ، لتقول بعدها من فورها بلا مبالاة وهي تعود للنظر لطبقها بهدوء ظاهري
"انت على حق لم يكن له علاقة بأسماء الغزل ، فقد كان يناديني بلقب شبيهة والدتي بسبب الشبه بيننا كما كان يرى"

ساد الصمت للحظات قليلة قبل ان يعود للكلام الذي اخفض الشوكة امام الطاولة وهو يهمس بصوت اجش مبتسم
"انا ارى بأنه قد اخطئ بشدة بهذا اللقب وبصورة التشابه بينكما ! فكل شخص يتميز بصفة تجعله يختلف عن الآخرين ولا احد بالعالم يشبه احد ، كما انكِ يا ألماستي شخصية استثنائية عن الجميع ولن اجد من يملك نفس صفاتك إذا كان ظاهراً او داخلياً ، ثقي بهذا الكلام دائما واجعلي الجميع يفخر بما انتِ عليه لأنكِ مميزة"

اتسعت عينيها قليلا بتموج قاتم وبمشاعر اختلجت بصدرها بلحظة وهي تسمع كلام كانت تحتاج له بشدة بتلك الفترات المتفاوتة والتي كانت تظن فيها بأنها شخصية موصومة بالعار وانعكاس عن صورة والدتها والتي خلقها الجميع بداخلها ، وعبارات كثيرة هي ما كانوا ينطقون بها على الدوام ما ان تتقابل مع معارف والدتها بالعمل وبالحياة

(تشبهين والدتك شكلاً وقالباً ، وكأنكِ نسخة مصغرة عنها ، وكأنها قد تركت لنا نسخة ملعونة بعد رحيلها لتكمل مسيرتها بسخط ما تبقى من البشر وافساد حياتهم)

عضت على طرف شفتيها بألم افترس ملامحها وهي تشدد من القبض على يديها بحجرها لا شعورياً ، لترمش بعدها بعينيها عدة مرات محاولة نفض الحرقة عن سطح روحها والتي ارسلت نيرانها لكل طرف بجسدها المشدود بقوة ، رفعت عينيها بوجل باتجاه الطبق والذي قدمه الجالس امامها بدون مقدمات وهو يهمس برفق
"لقد ملئت طبقك بكل اصناف الأطعمة الشهيرة ، والتي اكيد ستحوز على إعجابك وتفتح شهيتك للطعام ، فأنتِ لم تتذوقي بحياتك مثل هذا الطعام الفاخر ، وهذه فرصة لتجربي تناول كل جديد قد يغير حياتك للأفضل"

امتعضت ملامحها فجأة بشعور بالمرارة وهي تهمس من بين اسنانها بقنوط
"لا داعي لهذه التلميحات الساخرة عن حياتي الماضية ! ولا يهمني تجربة اي شيء يخص حياتكم المثالية والتي لا يشوبها اي معاناة او عجز امام طبقات المجتمع الدنيا"

وضع الطبق امامها مباشرة وهو يهمس بملامح هادئة وبابتسامة صغيرة بثقة بدون ان يهتم لاتهاماتها المبطنة
"لقد اسئتِ الظن مجددا واخفق عقلك بالتفكير كما يفعل عادةً عندما يتخلل به الغضب ، فأنتِ تعلمين جيدا بأن هدفي من هذا الكلام ليس السخرية بل تشجيعك على تناول الطعام ؟ فأنا اريد منكِ ان تستمتعي بتناول طعامك حتى تصلي حد الامتلاء ، وايضا من اجل ان تعوضي عن نقاط النقص بجسدك الهزيل والذي يكاد يختفي تقريبا !"

عقدت حاجبيها ببطء شرس وهي تمر بنظرات سريعة على جسدها تحت سترتها الحمراء ، لترفع نظرها بقوة وهي تدس خصلاتها لخلف اذنيها هامسة بابتسامة متصلبة باستهزاء
"يبدو بأن السيد معشوق الفتيات لم يعجبه عيوب زوجته والتي اكتشفها بعد ان تزوج بها وتورط ؟ وصدقني مهما حاولت تجميل صورتك امامي فلن تستطيع اخفاء يأسك من اختيارك والذي وقع على الفتاة الأقل انوثة بالعالم بالمقارنة مع عشيقاتك السابقات !"

سكنت ملامحه لوهلة وهو يرفع حاجب واحد بجمود صامت مشحون بكل انواع المشاعر والتي مرت على محياه بثانية ، ليعود من فوره للابتسام ببرود وهو يرفع الشوكة امام فمه قائلا بجفاء
"يبدو بأنكِ ما تزالين تعانين من الغباء والتفكير المحدود بعد كل شيء ؟ وانا الذي ظننت بأنني قد استطعت كبح جماحك اخيرا ! ولكن يبدو بأنكِ تحتاجين لأكثر من ترويضك ؟"

انفرجت شفتيها بصدمة وهي تحاول تحليل كلامه الاخير ببطء وبغضب بدأ يستولي على كيانها بأكمله رويدا رويدا ، لتخرج عن صمتها بآخر لحظة وهي تهمس باستيعاب واجم
"ماذا تعني بترويضي ؟ هل تراني فرس امامك !....."

قاطعها الذي طرق بالشوكة على الطبق بقوة وهو يقول بانفعال مفاجئ
"ماسة تناولي طعامك بصمت ، فنحن الآن بمطعم ولسنا لوحدنا ، وعليكِ التزام آداب المائدة هنا من اجل ألا يفكروا بنوع الطبقة التي اتيتِ منها !"

غرزت اسنانها بطرف شفتيها بقسوة وهو يزيد من سخريته منها بدون ان تجد القدرة على مجاراة هذا الماكر المتلاعب معشوق الفتيات ، حتى انها لم تتأكد للآن من صحة تلك القصة والتي سمعتها من تلك الفتاة الغامضة والتي تكون من ضمن قائمة صديقاته السابقات ؟ والتفكير فقط بكل هذا الكم من الحقائق يودي عقلها للجنون المحدق ، والذي يتربص لكل أمل بالسعادة بحياتها والتي ما ان تنبت بروحها حتى يعود من يسحقها بقسوة واقعها !

امسكت بالشوكة وهي تغرزها بقطعة شريحة اللحم بقسوة حتى شعرت بها تمزق نياط قلبها وليس قلب شريحة اللحم امامها ، لتنتفض برأسها عاليا ما ان قال الذي كان يمسك بالشوكة والسكين بهدوء
"ألماستي ليس هكذا يؤكل اللحم ! بل هكذا"

ارتفع حاجبيها بانتباه مشدوه وهي تشاهد الذي كان يقطع شريحة اللحم بالسكين الخاصة به بهدوء وروية ، قبل ان يتبعها بلحظة بالشوكة بيده الاخرى والتي غرزها بقطعة اللحم المقسومة بقوة ، لتصل بعدها الشوكة لشفتيه وهو يمضغ قطعة اللحم بثانية بين اسنانه الحادة بصمت .

افاقت من تأملها بشرود وهي تخفض نظراتها لشريحة اللحم الخاص بها ، لتمسك بعدها بالسكين بيدها الاخرى وهي تستعد للانقضاض على شريحة اللحم باستخدامهما ، لتطبق بعدها ما فعله امامها بنفس الخطوات حتى وصلت بالنهاية قطعة اللحم لشفتيها وهي تدسها بداخل فمها بهدوء ، لتمضغها بعدها بين اسنانها ببطء شديد وبشراهة وكأنها تحاول تذوق نكهتها وليونتها على مهل وبشهية مفتوحة على الحياة .

بينما كان الجالس مقابل لها يراقبها بحاجبين مرتفعين بتأهب وهو يتمعن بكل حركاتها الدقيقة والتي علمها إياها من لحظة ، وهي تطبقها بحذافيرها وباستمتاع تجلى على محياها وهو يحقق هدفه المنشود ، لترتفع زاوية شفتيه بابتسامة تحمل الهيام والشغف معا وهو يشاركها بابتسامتها الصغيرة والتي احتلت شفتيها الحمراوين بلحظة وكأنها عدوة ونقلتها نحوه عبر ذبذبات حركات ملامحها والتي تدهشه بأصغر تفاصيلها الفاتنة .

ارتجفت ابتسامتها كما ملامحها بلحظة وهي تخفض وجهها بعيدا عن نظره بحياء استبد بها واخذها على حين غرة ، ليرجع بعدها برأسه قليلا للخلف وهو يغير وجهة نظراته بعيدا عنها .

ابتسم بميلان وتفكير ما ان وقعت نظراته على عدد من الازواج الراقصين بمنتصف المطعم والذي يشكل منطقة للرقص على اجواء انغام القاعة بسحر المكان ، ليقول بعدها بلحظة بشرود خافت
"ما رأيكِ ببعض التغيير وتجربة شيء آخر جديد ؟"

رفعت عينين حائرتين برجفة وهي تمضغ الطعام ببطء بدون ان تتبين مقصده بكلامه الاخير ، لتوجه بعدها نظراتها للمسار الذي ينظر إليه وهي تبتلع طعامها بهدوء شديد ، قبل ان تتسع مقلتيها بلحظة وهي تنفض غمامة الاستمتاع عنها لتستبدلها بالوجوم العابس والذي عاد ليتجلى على محياها .

عادت للنظر امامها وهي تغرز الشوكة بسلطة الملفوف بطبقها هامسة بلا مبالاة وكأنها لم تسمعه
"الطعام شهي جدا ، شكرا لك على تعليمي كيفية التناول الصحيحة وبأسلوب مهذب لائق يناسب طبقتك المخملية"

حرك رأسه قليلا بدون ان يعير كلامها الاخير انتباه وهو يهمس بجدية وبتصميم بدأ يلوح بصوته
"ما رأيكِ بهذا ! ستكون لمسة لطيفة على امسية هذه الليلة"

زمت شفتيها بحنق لوهلة وهي تمضغ السلطة بقسوة اكبر ، لتضع الشوكة بجانب الطبق بقوة وهي تلوح بيدها هامسة بكل ما تحمله من لطف
"لقد شعرت بالنعاس فجأة ! هل يمكننا العودة لجناحنا الآن ؟"

وقف فجأة الذي نظر نحوها اخيرا بابتسامة باردة وبعيون سوداء احتدت بلحظة بعناد بعث الحذر الغريزي بأطرافها ، ليحدث بعدها ما كانت تتوقعه وهو يلتف حول الطاولة بلمح البصر قبل ان يقف بجانب مقعدها ، ليحرك بعدها رأسه بإشارة الإصرار والتي حفظتها جيدا لتدفعها لأخذ الحيطة دائما وهو يشاركها بيده والتي ارتفعت امامها بدعوة للقبول الآمر .

قال الذي ابتسم بهدوء وبصوت اجش قوي
"هيا بنا يا ألماستي لنغير اجواء الحفلة قليلا"

تراجعت بمقعدها بتحفز وهي تحرك رأسها بالنفي بعنف هامسة باستنكار
"لا يا شادي ليس مجددا ! انا لا احب هذا....."

قطعت كلامها اليد والتي سحبت ذراعها برفق لتنهض عن مقعدها بقوة ، وبدون سابق إنذار كان ينزل بيده على طول ذراعها ببطء قبل ان يعتقل كفها الباردة بيده القوية بثانية ، ليسير بعدها باتجاه الساحة المستديرة بمنتصف المطعم وبين الازواج الراقصين هناك .

وقف امامها بهدوء وهو يشب يديه بخصرها بقوة هامسا امام وجهها القريب بانفعال خشن
"اسمعي جيدا واتبعي خطواتي بحذافيرها كما فعلتِ بطريقة تناول الطعام ، ولكن هذه المرة المهمة ستكون اصعب وامام ملايين المشاهدين واي خطأ متعمد منكِ ستدفعين ثمنه غاليا يا ألماستي"

تجمدت ملامحها بشحوب باهت وكلامه يتردد بصدى روحها بنفس الجملة الاخيرة والذي تعلم جيدا ما يتبعها عادة ، لتفيق من غمامتها غصبا ما ان تشبث اكثر بخصرها وهو يقربها على بعد خطوة منه ، لترفع بعدها يديها ونفسها على اطراف حذائيها وهي تتمسك بكتفيه بقوة هامسة بجانب اذنه بوجوم
"اذاً تحمل تبعات خسارتك القريبة !"

اتسعت ابتسامته اكثر وهي تميل بتحدي هامسا بصوت ثعلب ماكر
"سنرى يا ألماستي !"

ابتسمت بدون اي مرح حقيقي وهي تتحرك مع خطواته وبكل حركة كانت تدوس على حذائيه بكعبيها المسننين بعنف متعمد بكل لحظة واخرى ، لتتغضن ابتسامته بضيق وهو ينزلق بنظره على حذائيها المسننين قبل ان يهمس بصوت مشتعل وهو يتقبل بداية التحدي الخاص بها
"إذاً تريدين اللعب بهذه الطريقة ؟ لكِ هذا"

ارتفعت عينيها برجفة سريعة تحولت لانتفاض ما ان شعرت بجسدها يرتفع بخفة على اطراف حذائيها بدون ان تشعر بالأرض تحتها...وبلحظة كانت تتشبث لا إراديا بكتفيه بذعر وهو يدور بها عدة دورات اخذت عقلها بالكامل بدون ان تأبه بما يجري من حولها...وما ان خف الدوران من حولها وهو يسندها بجسده بدون ان ينزلها ارضا حتى انسابت يديه مثل الموج على جسدها من تحت ثوبها....وهو يتحرك مع تفاعلات وتشابكات جسديهما معا بكل الاتجاهات بنعومة فائقة لم تشعر بها من قبل...وكل هذا يحدث وهي فوق الأرض ومعلقة فوق السحاب بدون ان تمنع السعادة من التدفق على تفاصيل ملامحها وبابتسامة طافت على شفتيها بهيام غير محدود...وشعرها يحلق مع دوامات سعادتها العارمة وهو يضرب على وجهها مثلما يضرب على دقات قلبها الهائجة بعنف اتعبها من فرط مشاعرها والتي فاضت لأول مرة خارج قوقعتها المحكمة .

تنفست بارتجاف سكنت معها اصوات الصخب بداخلها ما ان توقف كل شيء للحظة ، قبل ان تشعر بجسدها وهو ينزل للأسفل تدريجيا برفق وهدوء ، لتلمس بالنهاية قدميها الارض بحذر وهي ما تزال متشبثة به بدوامات دوارها والذي اغشى عقلها وغمر قلبها بفرحة اللحظة .

رمشت بعينيها عدة مرات بارتعاش ما ان اخترق سمعها المشوش صوت التصفيق الحار من حولهما بقوة بدأت بالارتفاع تدريجيا لتعيدها لأرض واقعها والتي ابتعدت كثيرا عنها ، اخفضت يديها بعيدا عنه وهي تمسح كليهما بقماش الثوب باهتزاز ، لتجول بعدها بنظراتها بتخبط بالساحة والتي فرغت فجأة من الراقصين سواهما ، وجميع رواد المطعم مجتمعين حول الساحة مثل الحلقة وكل منهم ينظر لهما بين الاندهاش والانبهار وكأنهم كانوا يقدمون لهم للتو عرضاً عاطفياً مجانيا مثل جزء من فيلم حيّ !

رفعت عينيها امامها بضيق لتصطدم بالذي كان ينظر لها بنفس الابتسامة المائلة ولكن هذه المرة مع لمحة انتصار تغلبت عليها ، لتعض بعدها على طرف شفتيها بغيظ يكاد يفتك بها وهي تنظر له بتلك الأحداق البحرية بأمواج هائجة تختلف عن هياج مشاعرها السابقة ، لتستدير بلحظة لوهلة وهي تهدأ صخب نبضاتها من فرط ما حدث معها الآن ، قبل ان تسير بعيدا عنه بجمود وهي تتجاوز كل الصفوف من المجتمعين حولها بدون ان تلقي اي نظرة نحوهم ، وهي تكمل طريقها خارج المكان بأكمله وخارج تلك الدوامة المجنونة والتي انهكت مشاعرها اكثر مما تحتمل .

_______________________________
وقف امام باب الغرفة بملامح باردة حجرية بدون اي تقاسيم او تعابير مجرد تلبد طاف على اسمرار ملامحه القاسية...امسك بمقبض الباب وهو يعزم امره لتأخذ منه ثواني قبل ان يدفع باب الغرفة باللحظة التالية بقوة اكبر مما يستحق وكأنه على وشك خلعه من مكانه...لتقع عينيه من فورها على الجالسة على طرف السرير تعطيه ظهرها وهو يسمع صوت تمتمات خافتة حفظ نبرتها العذبة عندما يخرج بتلك الطريقة السلسة والتي تستطيع بها تطهير قلب من يسمعها....وهذا ما حدث معه وهو يتسلل لصميم قلبه مباشرة ليطفئ هياجه وينفض ما تبقى من غبار الماضي عنه وهو يتسلط عليه بدفء نافضا كل برودة جليده والتي كانت تكتسحه من لحظة ...

قبض على يديه وهو يتقدم عدة خطوات امام التي كانت تتلو سور من القرآن الكريم وهي منحنية قليلا امامها وبتركيز شديد وخشوع لما تفعله ، ليتوقف بجانبها على بعد خطوات من السرير وهو يحاول ان يخترق غمامتها المقدسة بمثل هذه اللحظات المهمة بالنسبة لها ، عندما تخلو مع نفسها وتفرغ كل الحلول من رأسها ليصل يأسها وقلة حيلتها لتستنجد بتلاوة القرآن الكريم علها تجد به راحتها التامة واطمئنان قلبها بتطهيره بنور الله ، تعقدت ملامحه بضيق وهو يعود طفل صغير يحاول صياغة كلامه وطلب السماح من والدته ورضاها عليه ، ليهمس بعدها بلحظة بكل ما يستطيع من رجاء وحزن معدوم
"امي اريد التكلم معكِ ، لذا هلا اعطيتني القليل من وقتك ؟"

ضم شفتيه بتصلب ما ان تجاهلته الساكنة بمكانها وهي تستمر بتلاوة القرآن بهدوء وخشوع تام ، ليرفع بعدها ذراعه وهو يحك مؤخرة عنقه بتشنج سرى على طول عاموده الفقري ، ليخطو بلحظة خطوة اخرى بالقرب منها وهو يعود للهمس برجاء اخفت وبملامح عابسة
"امي رجاءً ! اسمعيني فقط انا....."

صمت بتجهم وهو يراقب التي اغلقت القرآن بيديها برفق وهي ترفعه لمستوى وجهها لتقبله بهدوء بالغ دام لعدة لحظات ، قبل ان تتحرك من مكانها وهي تضع المصحف بمكانه الخاص فوق الرف وبحرص شديد .

قطع الصمت مجددا عندما شعر بضيق الانتظار بدون ان تعطيه انتباه
"انا اعتذر"

سكن بمكانه للحظات ما ان خرج صوتها اخيرا ببرود الاجواء بينهما وهي تعود للجلوس هامسة بجمود
"اخرج من هنا يا جواد ، فأنا ليس لي طاقة للتكلم بشيء الآن"

ارتفع حاجبيه بدهشة تنتابه لأول مرة وهو يخفض ذراعيه للأسفل مثل حال المذنبين ، ليهمس بعدها بخفوت مهتز سيطر على نبرة صوته
"ولكنكِ غاضبة ولا استطيع تركك بهذه الحالة ، فقط لو تعطيني الفرصة للكلام ، واعدك....."

قاطعته بقبضة يدها والتي ضربت على ساقيها بعصبية مفرطة تخرج بحدة لأول مرة وكأنها قد فقدت القدرة على تجميع افكارها من الغضب والذي احتلها بلحظة
"كفى يا جواد ، لا اريد سماع اي تبريرات منك لن تشفع عندي كل ذنوبك والتي اقترفتها بحقي وبحق الآخرين ، فقد تجاوزت الحد المسموح به بالصفح والسماح ، وكله بسبب حقدك المرضي والذي دمر حياتنا بأكملها وقلبي الملهوف عليكم....."

قطعت كلامها بنحيب صامت ما ان جثى امامها بقوة الذي اخفض رأسه عند ركبتها بلحظة وهو يتبعها بهمس خافت اقرب للتوسل الراجي
"اتوسل إليكِ يا امي لا تقولي مثل هذا الكلام وتلقي باللوم عليّ كاملا بكل شيء يحدث معنا ، فأنا بشر بالنهاية ولست ملاك الرحمة والذي يصفح ويسامح بعد كل ما جرى معنا ، انا اعترف بأنني قد اخطئت كثيرا ولم اسمع كلامكِ وارتكبت الكثير من الذنوب والتي لا تغتفر بطريق استعادة حق غنوة ، ولكن ماذا تتوقعين مني ان افعل وانا ارى شقيقتي الصغرى تموت امام عيني بدون ان يحاسب القاتل على جريمته ؟ وانا ارى كل من اعرفهم من اصدقاء واقارب ينقلبون ضدنا بلحظة ويضعون كل اللوم على غنوة بجريمة قتلها وبأنها لا تستحق الحياة بعد ان شوهت صورتنا امام الناس بدون ان ينظروا بتفاصيل الجريمة الحقيقية ! وبعد كل هذا تريدين مني ان اصمت واشاهد والجميع يعبث ويشوه بشرف غنوة كما يحلو لهم ويرون ! وكل هذا لأن والدي غير موجود ليوقفهم عند حدهم...."

قاطعته الهمسة المنتحبة من التي ضمت قبضتيها معا امام صدرها المذبوح على ضناها
"كفى يا جواد ، ارجوك"

تجمدت ملامحه لوهلة قبل ان يتابع كلامه بدون ان يأبه بارتجاف جسدها امامه وهو يسند جبينه على ركبتها بسكون وبملامح اختفى عنها كل سبل الرحمة
"صدقيني يا امي ما فعلته لا شيء مما يستحقه هذا النوع من حثالة البشر ، لقد كنت انتظر بفارغ الصبر حتى يقوى عودي قليلا واستطيع مجابهتهم بنفس قوتهم واذاقتهم العذاب والويل لتجربة القليل مما اذاقوه لشقيقتي ولنا ، وجعلهم يتمنون الموت رحمة لهم من عذابي لكي يندموا على اللحظة والتي وضعوا بها شقيقتي يوما بمخططهم ، وعليهم ان يكونوا ممتنين بأنني قد تركتهم بالنهاية لعقاب السجن وتسليم نفسهم للشرطة بعد ان اذقتهم كل انواع التعذيب المعنوي والجسدي ، وقد فكرت كذلك كثيرا بطريقة مناسبة لتعذيب صاحب الجريمة والقاتل الحقيقي ، وعندما اكتشفت بوجود شقيقة له قررت بتلك اللحظة ان ألعب بنفس طريقته وعلى نفس المستوى ، فقط من اجل ان يعرف بشناعة جريمته ويكتشف ذلك الشعور بتذوق نفس الكأس باستخدام اقرب الناس له ، ولكن....."

حبست شهقتها بكفها بارتجاف وهي تنظر للوجه والذي ارتفع نحوها وهو يكمل بطعن قلبها بهمس لا يكاد يسمع
"ولكنني بالنهاية اختلفت عنهم جميعا يا امي ، فأنا لم انفذ انتقامي بحذافيره ولم اكمل تعذيب كل من خاصمونا وعذبونا ، لو كنت كما تتخيلين حقا لما تزوجت من صفاء بعقد زواج حقيقي وبعكس ما حدث مع غنوة ! لو كنت حقا مثل عمي لما تركته على قيد الحياة لهذه اللحظة وانا اتجاهل كل قباحة تصرفاته بدون اي عقاب ! هل سمعتِ يا امي انا لست بكل هذا السوء فما ازال احمل بعض الضمير والرحمة وتلك التعاليم والأخلاق والتي تربيت عليها منذ الصغر ؟ وهذا الذي دفعني لأؤمن دائما بأن كل ظالم وكل جبار بالحياة سيعاقب على شر اعماله يوما ما ، إذا لم يكن الآن فهذا سيحدث اكيد بالحياة الآخرة ، أليس هذا ما كنتِ تقولينه دائما ؟"

اخفضت يديها بعيدا عن شفتيها بهدوء وهي تمسح على رأس ابنها القابع على ركبتها ، لتسيل دموعها من عينيها الواسعتين بانحدار وهي تهمس بخفوت واهي وببسمة خفية بحزن
"اجل هذا ما قلته لك ، لكل ظالم رب يحاسبه ولكل مظلوم رب يناجيه ، لذا دع العبد للخالق"

قبض بيديه على عباءة والدته بقوة حتى لم يعد يشعر بالألم الموحش القابع بداخله ليتحرر على شكل دموع خفية وهو يدفن وجهه اكثر بقماش تلك العباءة السوداء ليبث بها آلامه واحزانه والتي كبتها على مرور سنوات ، وهو يهمس بتحشرج مرير مثل العلقم يخرج لأول مرة بصوته الخشن
"سامحيني يا امي واعفي عني هذه المرة ، فأنا لا اريد خسارتك كذلك ولا اريد ان تستمري بهذا الغضب عليّ ، فأنتِ عندي كل شيء املكه وما افعله فقط من اجل رضاكِ ومن اجل ان امسح ذلك الألم الساكن بعينيكِ منذ وفاة شقيقتي وابنتنا الصغرى"

شهقت بدموع اكثر وبغصة نحرت ما تبقى من فتات قلبها الباكي ، وهي تبعد يديها عن شعره بلحظة لتطوق رأسه بين احضانها بقوة وهي تهمس بخفوت حاني عاد ليتدفق نحو ابنها الوحيد بعطف
"اكيد انا اسامحك يا بني ، وليس لأنك اعتذرت عن خطأك واظهرت ندمك به فقط ! بل لأنك ابني الوحيد وقطعة مني واول فرحة لي بهذه الحياة منذ ان ولدت ، وآخر امل تبقى لي بهذه الحياة لأعيش عليه وعلى تربية عائلتك المتبقي من عمري ، فقط توقف عن جرح قلب والدتك وهجرها وسأكون عندها اكثر من سعيدة وراضية"

تنهد بعمق للحظات وبراحة تجتاحه لأول مرة لم يشعر بها منذ زمن بعيد ، وهو ما يزال يريح وجهه بأحضان والدته الحانية هامسا بخفوت متأني
"اعدك يا امي ، فقط اريد منكِ ان ترضي عني"

مسحت دموعها التي ما تزال تهطل على وجهها الشاحب بغزارة ، لتريح بعدها كفها فوق رأسه وهي تهمس بابتسامة صغيرة بسعادة بدأت تطفو على ملامحها
"انا دائما راضية عنك يا بني لآخر يوم بحياتي ، وكل ما ارجوه ان تتوقف عن إيذاء الناس من حولك ، وان تزيل كل الحواجز بينك وبين شقيقك اوس ، وان ترحم قليلا زوجتك الصغيرة من قسوتك عليها ، فليس هناك ارق واجمل من قلوب النساء واللواتي يسامحن دائما بدون اي شروط ، وليس هناك اقسى من جرح قلوب النساء عندما يصل الأمر للخيانة من اقرب المقربين منهم ! تذكر هذا بني"

اومأ برأسه بحركة طفيفة بدون اي رد فعل وكأنه لا يأبه لكل كلمة نطقت بها بحق زوجته ، والتي نسي وجودها بالمنزل وبأنها كانت تتنصت على كل كلمة نطقوا بها عند باب الغرفة الذي تركوه مفتوحاً ، وهي تنشج بمكانها بدون صوت وبدموع غرقت وجنتيها المحمرتين باحتقان ويديها تغطي على شهقاتها المنتحبة من الخروج وروحها على وشك الاحتضار بمكانها بأية لحظة ، وبعد ان عرفت كل ما هو مستور ومدفون بهذه العائلة والتي كانت سبب فرعي بدمارها وهو ما سحق كل جمال كان ينبت بحياتها المثالية كانت تتوهم به يوما ....

يتبع..........


روز علي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 08:42 PM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.