آخر 10 مشاركات
دموع بلا خطايا (91) للكاتبة: لين جراهام ....كاملة.. (الكاتـب : *ايمي* - )           »          أنتَ جحيمي (82) للكاتبة المُبدعة: Just Faith *مميزة & مكتملة رابط معدل* (الكاتـب : Andalus - )           »          ✨الصالون الأدبي لرمضان 2024 ✨ (الكاتـب : رانو قنديل - )           »          كتاب رحلة الساق المعلقة من رأس العش إلى رأس الكوبرى (الكاتـب : ahmad2006771 - )           »          214 - العسل المر - لي ويلكنسون -حصـــــــــــرياً (الكاتـب : عنووود - )           »          379 - من ينقذها - كارول مارينيللي (الكاتـب : سماالياقوت - )           »          سحر الحب (10) من لا تعشقي أسمراً - للكاتبة المبدعة: soraminho(كاملة&مميزة) (الكاتـب : soraminho - )           »          جدران دافئة (2) .. سلسلة مشاعر صادقة (الكاتـب : كلبهار - )           »          كما العنقاء " مميزة ومكتملة " (الكاتـب : blue me - )           »          عشق وكبرياء(6)-ج1 من سلسلة أسرار خلف أسوار القصور-بقلم:noor1984* (الكاتـب : noor1984 - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > الروايات الطويلة المكتملة المنفردة ( وحي الأعضاء )

Like Tree1100Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 23-10-21, 10:58 PM   #181

روز علي
 
الصورة الرمزية روز علي

? العضوٌ??? » 478593
?  التسِجيلٌ » Sep 2020
? مشَارَ?اتْي » 711
?  نُقآطِيْ » روز علي is on a distinguished road
افتراضي


سارت بالممر الطويل بخطوات ثابتة وهي تمسك بأطراف ثوبها الطويل بيديها بقوة...بدون ان تلقي اهتماماً لكل ما يجري من حولها وهي تصطدم بكل من يعترض طريقها بلا مبالاة وبغضب استبد بها وسيطر على ذرات صمودها الجبار امام كل ما يحدث معها ووصلت له...بالرغم من شخصيتها المعروفة بقوة الاحتمال الفولاذية والتي لم يستطع احد التفوق عليها فيها بهذا المجال وبشهادة الكثيرين بسبب كل ما مرت به منذ مولدها حتى هذه السن...وهو ما اعطاها مناعة وقوة لتتأقلم مع بيئتها الحالية وتتقدم بحياتها بقوة وإصرار مع كل الظروف والتي كانت تحيطها آن ذاك...ولكنها الآن تشعر بأنها قد استنزفت حقا كل ما لديها من طاقة احتمال كانت تفخر بها يوماً امام كل الكائنات المريضة بحياتها والذين اكثر ما كانوا يفعلونه معها هو استفزازها ومضايقتها بكل فرصة تسنح لهم ليخرجوها عن سيطرتها وعن برودها الجليدي...ولكن ما تشعر به الآن بنفسها وهي تتحول وتتقلب بكل ثانية بمشاعر غريبة غير مألوفة هو النقيض تماما عن شخصيتها الاصلية وعن كل ما تربت عليه بالسابق !

توقفت للحظات بجمود وبملامح متلبدة ساكنة بهدوء العاصفة بداخلها وليس بسبب تيارات افكارها والتي عصفت بذهنها بثانية وما وصلت له من تناقضات ، بل بسبب التي كانت تقف بنهاية الرواق تبعد عنها عدة امتار تشعر بها مثل الاميال بدون ان يحيل بينهما شيء ، لتبادر بعد عدة ثواني التي سارت امامها بخطوات خافتة بهدوء وهي تقطع الاشواط بينهما بقربها اكثر وبنظرات كانت تدور بكل مكان من حولها بدون ان تتجرأ على مشاركتها بنفس نظرات الاخرى والتي لم تتوقف عن التحديق بها لثانية .

وما ان اصبحت على بعد خطوات منها حتى تحركت التي خرجت عن جمودها وهي تسير نحوها مباشرة بصمت ، قبل ان تتجاوزها بهدوء بدون ان تعيرها اهتمام وهي تكمل طريقها بعيدا عنها ، توقفت فجأة ما ان سمعت الهمس الخافت من التي تركتها خلفها
"انا اعتذر"

تغضن جبينها بتصلب لبرهة بتعابير هادئة اخذت منها عدة لحظات قبل ان تتابع خطواتها ، ولكن ما لم تتوقعه ان تقف امامها بلحظة التي اندفعت قائلة بقوة مفاجئة
"انتظري قليلا....."

اجفلت بانتفاض ما ان نطقت المقابلة لها بضيق خافت وهي تلوح بذراعها جانبا لا إراديا
"ماذا تظنين نفسكِ فاعلة ؟"

ابتلعت ريقها بارتباك وهي تخفض وجهها بهدوء لتهمس مجددا بعبوس
"انا اعتذر مجددا"

زمت (ماسة) شفتيها بضيق وهي تنفض ذراعيها للأسفل هامسة بغيظ
"توقفي عن الاعتذار هكذا بدون سبب ! ام انكِ تحبين إذلال نفسك هكذا امام الآخرين ؟"

رفعت وجهها بسرعة وهي تهمس بخفوت وبابتسامة انحرفت بارتجاف
"بل لدي هناك سبب ، انا اقصد لقد كنت اعتذر عما سببته لكِ ببداية حياتكِ الزوجية ، فقد حدث كل هذا بدون إرادة مني والتي ارغمتني على اقتحام حياتكما بهذا الوقت تحديدا"

ضيقت عينيها للحظات وهي تعبس ببطء قبل ان تهمس بخفوت ذو مغزى
"عن ماذا تتكلمين يا آنسة ؟ فأنا لم افهم اي حرف مما نطقتِ به الآن ! هل تعانين من مشكلة وتجدين صعوبة بإخباري بها ؟"

ارتفع حاجبيها بتوتر وهي تقبض على يديها معا وكأنها تحاول صياغة الكلام بصراع مع نفسها ، ليخرج كلامها بالنهاية بتوتر شديد بدون ان تنظر لها
"لا لم اقصد هذا ، انا كنت اقول....."

صمتت وهي تعض على طرف شفتيها بألم عندما لم تجد القدرة على المتابعة اكثر بهذه اللعبة الخاسرة والتي تشعر بها اكبر من مقدرتها على الاستمرار وهي تعلق بها حياتها بأكملها ، قالت (ماسة) بعدها بخفوت عندما ضاقت ذرعا من انتظار المتخبطة امامها
"ما هو اسمكِ يا آنسة ؟"

اتسعت عينيها بلحظة وهي تجيب بخفوت متوجس
"اسمي هو وفاء ، اجل هذا هو اسمي"

اومأت برأسها بانتباه وهي تكتف ذراعيها بقوة لتعود للكلام قائلة بابتسامة هادئة بتفكير
"ولماذا جئتِ لهذا الفندق يا وفاء ؟"

ترددت قليلا بعبوس لوهلة قبل ان تهمس بوجوم
"الحقيقة لقد تعرضت للتهديد عدة مرات من قبل عائلتي ، لذا لجأت لمساعدة زوجك شادي من اجل ان يخبئني بهذا الفندق لبعض الوقت"

كانت تراقب كل انفعالات وجهها وهي تتكلم بتوتر مفرط بدون ان تحيد بنظراتها بعيدا عنها قبل ان تهمس بعد عدة لحظات بحيرة خافتة
"ولماذا كنتِ تتعرضين للتهديد ؟"

شددت اكثر على يديها بدون إجابة وهي تعاني بمشكلة عويصة بصياغة الجواب المناسب ، وقبل ان تجيب اكملت كلامها التي ابتسمت ببهوت بدون اي تعبير
"هل هو بسبب الطفل ؟"

حدقت بها بارتجاف شل حركتها بثواني بدون كلام والصمت يحاوط حديثهما بسحابات باردة على وشك العصف بهما بأجواء صقيعية جليدية ، لتتابع بعدها بلحظة التي شددت من تكتيف ذراعيها بقوة وهي تميل قليلا بوجهها قائلة بمغزى
"انتِ تبدين فتاة صغيرة لم تتجاوز منتصف العشرين بعد ، وايضا بسيطة الحال لستِ من طبقة الفتيات الاثرياء ، ولكنك تخفين اسرارا خطيرة وفواجع خلف مظهركِ الضعيف وما يوحي به شكلك ، وهذا قد يكون ايضا له عامل من اعراض الحمل والذي يبدو قد اثر على صحتك كثيرا وليس على حياتك فقط ، والسؤال الذي يطرح نفسه بين كل هذه الحقائق هو كيف حدث هذا الحمل ومن يكون والد الطفل ؟"

انفرجت شفتيها بارتعاش وهي تتراجع بخطواتها قليلا من كل الجدران والتي اصبحت تحاصرها الآن والتي فرغت من الجميع سوى من نظراتها والتي ما تزال مسلطة عليها بقوة واستجواب ، لتخفض رأسها بسرعة وهي تهمس بنحيب مرتجف
"لا استطيع ان اجيبكِ فهذا امر شخصي يخصني وحدني ، ولا استطيع البوح به"

نفضت ذراعيها وهي تصرخ فجأة بانفعال هادر بإصرار غريب
"ولكن زوجي هو من مد يد العون لكِ ، إذاً فقد اصبح الأمر يخصني ايضا !"

تشنجت ملامحها بلحظة وهي تهمس تلقائيا بوجل
"إذا كنتِ تريدين معرفة كامل القصة ، لما لا تخبري زوجك بهذا وهو سيخبركِ بكل شيء حدث معي ؟"

تجمدت (ماسة) بمكانها بدون ان يعلو اي تعبير ملامحها الجليدية والتي بدأت القسوة بالنبض بداخلها وبألم جديد احتجز حدقتيها البحرية بدون إرادة منها ، لتبتسم فورا ببهوت وهي تعيد خصلات شعرها لخلف اذنها برفق هامسة بغموض
"لقد عرفت هذا مسبقاً"

عقدت (وفاء) حاجبيها بتوجس بدون كلام وهي تنتظر نهاية هذا الحديث المهلك والذي اخذ كل مقدرتها على الاحتمال ، لتنتفض داخليا ما ان شعرت بيد تربت على كتفها بقوة وصاحبتها تميل بوجهها امامها هامسة بابتسامة شرسة تبعث الريبة والخوف بقلب محدثها
"اسمعيني جيدا يا حلوة ، انا لا اعرف ما هي طبيعة علاقتكِ بشادي الفكهاني ؟ وما لذي يربط بينكما بالواقع ؟ ولكن الذي عليكِ معرفته والتنبه له مستقبلا لكي لا نتعرض للمزيد من الإهانات والتجريح هو بأن شادي قد اصبح زوج ماسة الآن ، يعني هو ملك فتاة واحدة وليس ملك لكل من ترغب به وتستنجد مساعدته ، وإذا اكتشفت ولو بالصدفة بأنكِ تخططين لتدمير حياتي بأي وسيلة كانت ، فأنا عندها لن اكتفي بالتهديد مثلما تفعل عائلتك معك بل سأصل لمستويات لم اصل لها بحياتي وقد تودي بحياتك للهلاك انتِ وابنكِ الذي لم يخرج للحياة بعد ، ومهما كانت مدى معاناتك الآن ومأساتها هذه فلا تواصلي كثيرا بالاستنجاد بزوجي لأني لن استطيع ان احمل صبر وشفقة كثيرة عليكِ وقد ينتهي كل هذا قريبا جدا ، فأنا قاسية جدا عندما يصل الأمر للاستيلاء على ممتلكاتي الخاصة والتي سبق ووقعت عهد امتلاكها بحياتي"

تسمرت بمكانها والدماء تنحصر بوجهها الذي شحب فجأة بشكل مريع ، بينما ابتعدت التي استقامت بمكانها وهي تنفض خصلات شعرها للخلف بإيباء وبابتسامة صغيرة بازدراء لا تحمل اي محبة ، قبل ان تغادر بعيدا عنها بجمود وثبات وبشخصيتها التي عادت لتقمصها بلحظة .

نظرت لها التي تركتها وحيدة شريدة بالممر وهي تهمس بأنفاس ذاهلة ما يزال تأثير كلامها يضرب روحها المتخبطة مثل السياط
"ستغضب مني لينا على هذا ! وهذا ليس جيد ابدا"

____________________________
جالسة على ارض الغرفة الباردة بسكون وهي تسند ظهرها لخشب السرير بهدوء تام اجتاح حياتها لوهلة وبعيدا عن كل احلامها العاطفية والطفولية والتي كانت ترسخ بذهنها على مدار سنوات وبعيدا عن ثرثرتها الفارغة والتي لم يعد لها طائل بحياتها...وهي تشعر بأمور غريبة واشياء قد تغيرت بداخلها وكأن رغبة الحياة المثالية قد انطفئت بظلام قلبها الخاوي والذي فقد كل شعور جميل طاهر ونقي وكل تلك المشاعر الجياشة بحياتها للأبد...حتى لم يتبقى لها اي سعادة حقيقية او نور تعيش عليه بعد كل تلك الأكاذيب الموجعة والتزييف بالمشاعر افقدتها حتى الثقة بالنفس وجزء من شخصيتها النقية المفعمة بالحياة...وفقط كل ما تريد معرفته ويُلح عليها بشدة هل احبها احد من قبل بنفس قوة مشاعرها بحياتها والتي كرستها لكسب محبة الآخرين بكل صدق مشاعرها ؟ ام انها كانت اضاعة للوقت الطويل ولمشاعرها الهادرة ومن اجل امر لا يستحق ؟!...

وماذا عن حب والدها والذي تشعر به الآن فقط بنقص وفوارق تفصلها عنه اميال وكأنه ليس والدها والذي عشقته منذ مهدها حتى هذه اللحظة ليكون التعويض عن وجود والدتها بحياتها ؟....وهي الآن تكتشف بكل شيء قد تغاضت عنه بعلاقتها بوالدها والذي لم يحبها ذلك الحب الابوي والذي يغدقه الوالد على اولاده...فهو ما يزال يفضل ابنه الكبير (مازن) عليها وهو ما اثبته عندما تستر على فعلة ابنه الخطيرة واستطاع حمايته بكل ما يملك لكي لا يصل لعقاب السجن واسوء...واما هي فقد كانت مجرد ثقل عليه طيلة تلك السنوات ليتخلص منها بزواجها وتركها بحال سبيلها وكل تلك المشاعر ما هي ألا تكلف ورسمية اتجاه الابنة الوحيدة لديه والتي ما ان تزوجت حتى اختفت معها كل تلك المشاعر اليتيمة...وهذا هو السبب وراء عدم السؤال عنها او الاتصال بها طيلة فترة زواجها وما ان اصبحت تحت مسؤولية رجل آخر .

شددت فجأة على قبضتيها وهي تنظر لضياء القمر البعيد من زجاج النافذة وذلك الصوت الذي اختفى منه كل لمحة حنان ما يزال يزرع الظلمة بقلبها الذي يقصف بصدرها بقوة بين كلماتها الباردة بدون اي حياة وكأنهما تتشاركان بنفس الخواء
"لقد ماتت غنوة بسبب طلقة رصاصة طائشة وصاحب السلاح الذي قتل غنوة هو شقيقك مازن جلال ، فهو بالحقيقة من استدرج غنوة لذلك الفخ والذي وقعت به بين براثن عصابة شريرة ، ولا اعلم ما حدث هناك وتفاصيل القصة جيدا ، ولكن ما حصل بعد تلك الجريمة هو محاولة والدك رشوة السيد متحت عم غنوة من اجل ان يبعد اصابع الاتهام عن ابنه ويسقط حقه بالمحكمة ، وهذا ما فعله متحت تماما وبدون اي تردد ما ان تقاضى اجره ، لتغلق بعدها القضية منذ ذلك الحين وكتب بملفها الشخصي بأن سبب الوفاة هو اصابة عرضية غير مقصودة"

ضربت فجأة على ساقيها بقبضتيها بقوة وهي تميل برأسها للأمام بحركة لا إرادية ، لتهمس بهدوء شديد وبحرقة ما تزال تسكن روحها وكأنها تهذي مع نفسها
"لما يا ابي ؟ لما فعلت هذا بي ؟ لما دافعت عن مازن وابعدته عن الخطر حتى تحولت انا لضحية افعاله ؟ ألم تكن تعلم بأن كل شيء بالحياة له ثمن وما تفعله سيرد لك عاجلاً ام آجلاً ! هل نسيت كل هذا من اجل الحفاظ على ابنك ؟ وانت تتناسى ابنتك الصغيرة والتي اوهبت حياتها بأكملها من اجلكما انت ومازن ، بالمقابل ما لذي فعله مازن لأجلك لتدافع عنه وتحبه اكثر مني ! لماذا لم تحبني يا ابي كما احببتك دائما ؟"

رفعت رأسها بقوة وهي تتنفس بارتجاف عنيف سرى بكامل جسدها بغصة تكاد تفتك بقلبها الحزين على عائلة تدمرت بفعل يديّ عائلتها واقرب الناس لقلبها ، رفعت يديها وهي ترجع شعرها الكثيف بأصابعها المخدرة لخلف وجهها المستريح على خشب السرير البارد ، لتنحني زاوية من ابتسامتها بذبول باهت وعقلها يرسم خيالات بعيدة عن واقعها وهي تهمس بخفوت تدفقت معها الدموع وهي تسيل من مقلتيها الواسعتين من جديد
"لقد اشتقت لكِ يا امي ، انظري ماذا فعلت بي عائلتك ؟ انظري ماذا فعل ابنكِ من جريمة شنعاء لا تغتفر ؟ حتى والدي لم يحاسبه على فعلته بل وقف بصفه وساعده بالإفلات من جريمته ؟ هل انا غير محبوبة يا امي ؟ هل ستكونين مثلهم لو كنتِ على قيد الحياة ؟ ليس عدلا ان اعاني كل هذا من عائلتي والتي قدمت لها كل شيء املكه ؟ هل هذه هي مكافئتي على اعطاء محبتي بدون حساب ما إذا كان سيبادلني الطرف الآخر نفس المحبة يا امي ؟ اريدكِ يا امي احتاجكِ بشدة ؟"

اخفضت رأسها ببطء وهي تدفن وجهها بلحظة بين ركبتيها بنشيج خافت وبنحيب صامت بدأ يخرج عن سيطرتها وهو يتحول لأنين موجع مذبوح وكأنها إيل مصابة قد تم اطلاق عيار ناري عليها من اسلحة البشر ، لترفع بعدها رأسها قليلا لضوء القمر لم تظهر منها سوى عينيها النديتين بالدموع وهي تخفض جفنيها فوقهما لثانية لذكريات بعيدة اخذتها لها مخيلتها ، وهي تعود الطفلة الباكية الشريدة والتي تبكي لأقل الأسباب التافهة ولكل حادثة بسيطة قد تأثر على قلبها الصغير بجرح كبير ، عندها كانت تجلس على سلالم الباحة الخلفية للمدرسة وهي تبكي بنحيبها المعتاد طفلة بالتاسعة من عمرها ، ليخترق بكاءها الصوت المغتاظ بنبرة طفولية وهي تقف على بعد درجتين منها
"كنت اعلم بأنني سأجدك هنا ايتها الباكية ! فأنتِ لا يحلو لكِ البكاء سوى بهذا المكان"

تجاهلتها وهي تستمر بالبكاء بنحيب مرتجف هز جسدها الصغير ، لتعاود الكلام التي اصبحت بجانبها تماما وهي تقول بنبرة صوتها الغاضبة وبشراسة بدأت تظهر بالعيان
"إذاً من الذي ضربك هذه المرة يا صفاء ؟ هيا اخبريني من اجل ان اخدش وجهه بأظافري وانهش لحمه بأسناني...."

انتفضت التي رفعت وجهها الصغير نحوها بوجل وهي تهمس بذعر مما تفكر به
"لا لم يحدث اي شيء مما تفكرين به ، وإياكِ والاقتراب من احد وألا سنطرد هذه المرة من المدرسة بأكملها بسبب تهورك"

تبرمت شفتيها بعبوس وهي ترتمي جالسة بجوارها على نفس الدرجة ، لتقول بعدها بأطراف عينيها بضيق واضح
"إذاً ما لذي يحزنك هكذا ؟ وما جعلكِ تهربين من الفصل بوقت الفسحة !"

زمت شفتيها بارتجاف وهي تنظر امامها بدموع صغيرة ما تزال تسيل على وجنتيها بشكل خيوط رفيعة ، لتعانق بعدها ساقيها بهدوء وهي تهمس بخفوت باكي مثير للشفقة
"لقد طلبت مني المعلمة ان اكتب تعبير يتكلم عن محبتي لوالدتي ، وهذا لأنني تأخرت بتسليم وظيفتي دون عن باقي الطلاب وإذا لم اكتب فلن تضع لي درجة جيدة"

ارتفع حاجبيها بتفكير لبرهة قبل ان تلوح بكفها الصغيرة قائلة بسخط
"هذا سخيف ، كم اكره هذا النوع من الوظائف الغبية والتي لن تحدد مستوى ذكاء الطالب ! ولما لم تخبري تلك المعلمة البلهاء بأن والدتك غير موجودة لكي تعفيكِ من كتابة ذلك التعبير الفارغ ؟"

ردت عليها بهمس باكي وهي تمسح دموعها بكفها الصغيرة بصمت
"لم املك الجرأة على فعلها ، لقد خفت من ان تنظر لي بشفقة او ان تقول لي تلك الكلمات المواسية والتي سئمت من سماعها !"

كتفت (ماسة) ذراعيها فوق صدرها بتفكير وهي تقول بعبوس مستاء
"إذاً عليكِ كتابة اي شيء واختلاق موضوع التعبير من عقلك ، وهي اكيد ستصدق بدون اي شك"

نظرت لها للحظات وهي تهمس بخفوت حائر
"هل هذا ما فعلته بموضوع التعبير انتِ ايضا ؟"

اومأت برأسها الصغير بثقة وهي تهمس بابتسامة شقية بمرح
"وألا كيف ظننتِ اني سلمتها موضوع التعبير ؟"

اتسعت عينيها العسليتين لوهلة وهي تهمس بدهشة خافتة
"ولكن والدتك على قيد الحياة ويمكنك التعبير عن مشاعرك نحوها وكتابتها بصدق ؟ أليس افضل من التزييف !"

عبست ملامحها بهدوء وهي تريح كفها فوق وجنتها هامسة بلا مبالاة
"انتِ تعلمين بأن امي حياتها بأكملها دائرة بين العمل بالصباح والاهتمام بالبيت بالمساء ، وهذا يعني بأني نادرا جدا ما ان اتقابل معها او اتحدث معها بأي موضوع ، وحتى لو حاولت طلب مساعدتها بوظائفي المدرسية فهي ستراها اشياء تافهة وغير مهمة"

اخفضت عينيها العسليتين بحزن وهي تهمس بوجوم شارد
"انتِ محظوظة جدا بوجود والدتكِ بحياتكِ ، فأنا لطالما كنت اتمنى لو كانت والدتي معي مثل جميع الطلاب بالمدرسة لكنت عندها اسعد طفلة بالعالم"

التفتت نحوها بهدوء وهي تخفض كفها هامسة بجمود باهت
"يا لكِ من طفلة حالمة يا صفاء ! فليس كل ما هو ظاهر امامك حقيقي ، انا ارى بأنه من الأفضل ان تحافظي على الموجودين بحياتك حالياً بدون ان تفكري بالمفقودين ، فلا احد يعلم قيمة الموجود بين يديه سوى فاقده"

ارتفع حاجبيها الصغيرين باستغراب وهي تهمس ببراءة بما فسره عقلها الصغير
"هل تقصدين بأنكِ تفتقدين والدكِ كما انا تماما افتقد والدتي ؟"

اتسعت حدقتيها الزرقاوين بلحظة وهي تخفض نظرها لساقيها امامها قبل ان تتمتم بحزن طغى على صوتها الخافت
"لا اعلم حقا يا صفاء ! انا حتى لا اذكر اي لمحة ذكريات عنه ؟ لذا لا اشعر بأي حزن او حنين على فراقه من وجوده ، ولكن أتعلمين هذا افضل بكثير من تذكره لو بقيت معي ذكرياته بعد رحيله لكان ألم فراقه اكثر ألماً وحرقة ! ولما استطعت تجاوز امر رحيله وتركي لي وحيدة بالحياة بعد ان تنعمت بوجوده من حولي وتعلقت بمشاعره الدافئة التي كان يحيطني بها ، لذا كوني سعيدة بما انتِ فيه يا صفاء فأنتِ تعيشين بنعمة يتمناه الكثيرون"

رفعت عينيها الدامعتين للحظات قبل ان تهمس بشفتين مرتجفتين بمرارة الواقع
"ولكني افتقدها بشدة يا ماسة ، احيانا احلم بها كثيرا بنومي ويقظتي ، وعندما استيقظ واكتشف الواقع ابدأ بالبكاء بشدة واتمنى لو بقيت بالحلم معها ولم اخرج منه ، عندما ارى امهات الطلاب بالمدرسة كيف يكونون سعداء بقربهم ، اشعر بالغبطة نحوهم واليأس الشديد ، ويصل تفكيري اليائس لو ان والدي يستبدل بوالدتي....."

قاطعتها التي وقفت فجأة بقوة وهي تقول باستنكار عاتب
"ما هذا الكلام الاحمق يا صفاء ! كيف يصل تفكير فتاة مؤمنة مثلك لهذا المستوى السيء ؟ هل تتمنين الموت لوالدك لتعيش والدتك ؟ صدقيني حتى لو حدث هذا لكنتِ الآن تتمنين العكس وان يكون والدك هو الذي على قيد الحياة ، لا تفكري مجددا بهذه الطريقة وكوني ممتنة للحياة بأنها لم تحرمكِ من كليهما"

شهقت ببكاء وهي تعود لدفن وجهها بين ركبتيها بنحيب زاد عن السابق ، وهي تهمس بتعثر انفاسها بتشتت حزين
"انا اعتذر يا ماسة ، لا اعلم ماذا اصابني لأقول مثل هذا الكلام ! لقد اصبحت طفلة مزعجة وبكاءة بالفترة الاخيرة ، ويبدو بأن مازن كان على حق عندما قال عني بأني طفلة مثيرة للشفقة ويستطيع اي احد ان يضحك عليّ بكلمة صغيرة طائشة !"

تأففت بنفاذ صبر وهي تنظر بعيدا عنها بهدوء للحظات ، لتسير بعدها امامها وهي تنزل درجة واحدة تفصلها عنها قبل ان تمسك بذراعها وهي تهمس بابتسامة صغيرة بحماس
"اسمعي يا صفاء لقد وجدت لكِ الحل المناسب لمشكلتك هذه"

توقفت عن البكاء قليلا بدون ان ترفع وجهها نحوها ، لتتابع المقابلة لها كلامها بتشجيع وهي تهمس بابتسامة كبيرة بسعادة
"انا اقترح عليكِ ان تكتبي كل ما يشعرك بالحزن والاحباط بورقة بيضاء فارغة ، تكتبين بها كل ما يحلو لكِ وكل ما يعتمل بداخلك ، وصدقيني هذا سيريحك كثيرا ويخفف عنكِ وطأة الحزن قليلا وكأنك تراسلين والدتك حقيقة بدون ان تصل لها الرسالة"

رفعت رأسها ببطء وقد بدأت تتجاوب مع كلامها ، لتشرق ابتسامة خفية على طرف شفتيها الصغيرتين بارتعاش وهي تهمس بخوف متردد
"هل استطيع فعل هذا حقا ؟ وهل سينجح ؟"

شددت على ذراعها برفق وهي تبتسم لها بقوة مساندة لتوقفها بلحظة على قدميها وهي تستمد العون منها ، لترفع بعدها يدها الصغيرة امام شفتيها لتشير بأصبعي السبابة والإبهام بذلك العهد القديم هامسة بابتسامة متسعة بفرح
"ابتسمي فلا شيء يستحق حزنك"

زفرت انفاسها بهدوء وهي تغطي عينيها بكفها بخمول تسرب بجسدها مثل السحر على اثر تلك الذكرى البعيدة ، والتي تذكرها بعد كل شيء حدث معها بأنها لم تخسر كل جوانب شخصيتها العاطفية فهي ما تزال تحافظ على نقاء صداقتها والتي كانت العوض لها بهذه الحياة الكاذبة والتي خرجت منها بأحزان ومآسي اثقلت كاهلها الصغير .

تحركت من مكانها وهي ترفع نفسها على ركبتيها لتمسك بالمفكرة من المنضدة بجانب السرير...لتعود للجلوس على الارض مجددا كما كانت تفعل...وهي تلتقط القلم بداخل المفكرة الصغيرة قبل ان تتصفح بها قليلا...لتتوقف امام الورقة الفارغة وهي تبدأ بالكتابة عليها بهدوء بكل ما يعتمل بصدرها وكما علمتها صديقتها الوحيدة (ماسة) حتى نسيت مفعول هذه الطريقة بخضم مجريات حياتها الاخيرة...وها هي تعود مجددا لنفس الطريقة لتناجي بها وحدتها وحزنها مثل الظمآن والذي وجد بركة ماء ليرتوي بها عطشه ومثل المسافر والذي مهما باعدت المسافات بينه وبين وطنه فهو عائد بالنهاية لا محالة ...

_______________________________
فتحت باب الجناح بهدوء وهي تخطو للداخل عدة خطوات صامتة....قبل ان تغلق الباب من خلفها بهدوء وهي تسند ظهرها به بسكون تام...زفرت انفاسها عدة مرات بتشنج وهي تمسح جبينها بظاهر كفها بارتجاف...لترجع بعدها لا شعوريا لشعرها الفوضوي وهي تتخلله بأصابعها ليعود للخلف بقوة وينصاع لأمر اصابعها .

رفعت رأسها للأعلى وهي تعبس بارتجاف هامسة بلا وعي بعد ان فقدت جموح كيانها
"لماذا فعلتُ هذا ؟"

ضربت رأسها بالباب خلفها برفق وهي لا تصدق للآن كل ما تفوهت به شفتيها امام تلك الفتاة الغريبة !...لقد قالت كلام لم تفكر به يوما ولم يكن من ضمن مخططاتها وحساباتها القادمة !...ألم تكن تسعى دوما نحو الحرية والافلات من كل انواع القيود المحيطة بها منذ ان ولدت بهذه الحياة ؟...فما لذي تغير الآن بعد كل تلك السنوات بالعراك لتتصرف على هذا النحو المتناقض عن شخصيتها وعن منطقها ومنظورها بالحياة ؟

عضت على طرف شفتيها بكبت وهي تخفض كفها بعيدا عن شعرها...لتريحها فوق صدرها النابض من تحت سترتها وهي تستشعر صوت خفقات قلبها المنهك بطنين اصم اذنيها ما يزال تحت تأثير ما آلت إليه الأمسية...قبضت على يدها تلقائيا وهي تخفضها غصبا مذكرة نفسها بالحقيقة التي اكتشفتها بعد الزواج بدون ان تضع لها حساب او قرار...وما سيكون وضع علاقتها مع تلك المرأة الحامل بابن غير معروف الهوية ؟...ومع كل هذه التناقضات بحياتها ما تزال تتشبث بذلك الرباط الوهمي والذي يربطها بذلك الرجل الغريب القريب والذي اجتاح حياتها الفوضوية على حين غفلة...فما لعمل الآن وكيف ستتصرف مع كل هذه المشتتات الذهنية والعاطفية والتي اصبحت تحوم من حولها ؟

رفعت نظرها بهدوء باتجاه الذي وقف امامها على بعد خطوات وهو يقول بابتسامة جانبية بغموض
"واخيرا عدتِ ! لقد بحثت عنكِ بكل مكان بعد اندفاعك العنيف بين الحضور المتجمهرة من حولك والتي لفتت كل الانظار نحوكِ"

عبست ملامحها بصمت وهي تنظر له باتساع احداقها البحرية بدون اي تعبير او شعور سكن بدواخلها بثانية ، قطب جبينه بلحظة بارتياب وهو يتقدم امامها قليلا قائلا بصوت خافت مشتد
"صحيح اين كنتِ طول هذه الفترة ؟"

توقف بمكانه فجأة وقبل ان يصل لها ما ان نطقت صاحبة الملامح الجليدية بصوت خافت منحوت من حجر
"هل تعرف فتاة اسمها وفاء ؟"

تصلبت ملامحه للحظات نحتت بتقاسيم وجهه بقسوة نادرة ، ليبتسم بعدها ببساطة وهو يعود لغلاف البرود قائلا بتفكير حائر
"هل قابلتها ؟"

عقدت حاجبيها ببوادر الغضب وهي تحاول كبح جماحها وتقييدها بداخل خلجات روحها ، لتحرك بعدها ذراعها بلا مبالاة وهي تهمس بابتسامة صغيرة بغيظ
"لقد قابلت من لحظات فتاة غريبة اعترضت طريقي تدعى وفاء ، وكانت تحاول الاعتذار مني بسبب ذنب لم اعرفه ، وقد كانت تبدو بحالة يرثى لها وميؤوس منها اثارت شفقتي عليها ، ولكن ما لفت انتباهي بأنها قد جاءت لهذا الفندق لتستنجد بك تحديدا وتحميها من المخاطر المحدقة بها من حولها ، الحقيقة جميل ان تكون صاحب قلب كبير ومحب بتقديم الخير ومساعدة الفتيات المحتاجات ، ولكن ألا ترى بأنك قد بالغت هذه المرة بإعطاء هذا الاهتمام الزائد لتلك الفتاة !"

كان ينظر لها بهدوء بدون اي ردة فعل تعلو ملامحه الجامدة قبل ان يحرك رأسه بقوة وهو يتمتم بابتسامة ساخرة بمرح
"هل هذا تلميح بأنكِ تشكين بنوايا زوجك ؟ ام هو تهديد من نوع آخر خاص بزوجتي العزيزة ؟ والحقيقة الخيار الثاني يروقني اكثر"

زمت شفتيها بانفعال لوهلة وهي تخرج عن هدوئها بلحظة قائلة بضيق واضح
"انا لا امزح هنا ! وانت تعلم جيدا ما اريد الوصول له بكلامي ، لذا توقف عن لعبة الاستفزاز هذه"

ردّ عليها من فوره بجمود متصلب
"لا لم افهم ، وضحي سؤالك اكثر لأستطيع الإجابة عليه ونتوقف عن هذه اللعبة والتي بدأتِ بها اولاً !"

قبضت على يديها بقوة وهي تخفض نظراتها بارتجاف لا إرادي سيطر على نبضات قلبها الذي اصبح يضرب بقفصها الصدري بألم ، لتعض بعدها على طرف شفتيها بكبت وهي تتنفس من بينهما ببطء شديد دام للحظات قبل ان تهمس اخيرا بخفوت بدون ان تمنع الارتجاف من الخروج بصوتها
"ما لذي يربطك بتلك الفتاة لتستنجد بك تحديدا ؟"

سكنت الاجواء بينهما للحظات طويلة دفعتها لترفع رأسها ببطء وبعد ان يأست من عذاب الانتظار ، لتقع عينيها البحريتين على عينيه السوداوين الباردتين واللتين جمدتاها بمكانها بمشاعر غريبة كانت تلوج بداخل كل منهما وبقوة تحدي نظراتهما ، قبل ان يجيبها الذي تنازل بإبعاد عينيه عنها لأول مرة تحدث من بين كل منافسة تدور بينهما وهو يتمتم بصوت غير مبالي
"ليست بالشخص المهم الذي تظنين ، ولا تعودي لطرح مثل هذا الموضوع مجددا فهو من الأمور الخاصة بي وليس على احد حق التدخل بها"

اتسعت عينيها بصدمة وهي تتلقى صفعة التهديد والجواب اقسى من تهديدها السابق ! فهل يحاول تحديها بالمثل ومجاراة كلامها الاخير ؟ لتهمس من فورها باستياء مذهول وهي تتأكد مما سمعت
"ماذا افهم من هذا الجواب ؟"

نظر لها بهدوء وهو يقترب منها قاطعا الخطوات الباقية بينهما قبل ان يصبح امامها تماما ، ليريح بعدها يده على الباب من خلفها وهو يدنو بوجهه قليلا بالقرب منها هامسا بصوت اجش خافت
"لا تفكري كثيرا بالجواب ، فأحيانا قلة التفكير بالحياة تجلب السعادة وراحة البال افضل من قضاء حياتكِ تفكرين بنفس المعضلة ! وانا كل ما اريده هي حياة هادئة ومريحة لا يوجد بها اي صعوبات او مطبات"

حركت رأسها بعنف وهي ترفع عينين متمردتين هامسة باستياء حانق ويديها تقبضان على ثوبها بتوتر متخبط
"لا ليس هكذا تحل الأمور ! ولن تستطيع الهروب من السؤال بهذه الاجوبة المبهمة والتي لا تقنعني ، فأنا لن يهدأ لي بال حتى اعرف الحقيقة كاملة وكل شيء يخص حياتك الماضية والتي سبقت دخولي لها"

ارتفع حاجبيه بخفة وهو يقترب اكثر امام وجهها ليهمس بابتسامة مسرحية بدهشة
"ماذا تقولين يا ماسة ؟ هل اصبحتِ تهتمين بحياتي لهذه الدرجة من التشوق والحماس لمعرفة كل تفاصيل حياة زوجك ؟"

كتفت ذراعيها بقوة مهتزة وهي تهمس بابتسامة ممتعضة بتصميم
"وماذا ان اخبرتك بأن هذه هي الحقيقة ؟ هل ستجيبني عندها على اسئلتي ؟"

عقد حاجبيه بهدوء وهو يقترب من جانب اذنها ليهمس بها بصوت عميق بعث الرعشة على طول ظهرها والذي تصلب فجأة بتحنط
"حسنا يا ألماستي إذا كنتِ تريدين الإجابات على اسئلتك ؟ فعليكِ انتِ ايضا بالمقابل الإجابة على جميع اسئلتي المتعلقة بماضيكِ كاملة بدون ان تخفي عني شيء ! هل انتِ مستعدة لتخوضي مثل هذا النوع من التحدي ؟"

زمت شفتيها بارتعاش وهي تهمس بعبوس متصلب
"ولكنك اصبحت تعرف كل شيء عني ، ماذا تريد ايضا ؟"

ردّ عليها بسرعة بكلمة واحدة بحدة
"كاذبة"

اشاحت بوجهها بعيدا عنه لوهلة وهي تنشج بمكانها بانقباض احتل اطرافها ببرودة واظافرها تخدش خشب الباب البارد من خلفها لا شعورياً ، تصلب جسدها بلحظة ما ان امسك بذقنها بقوة ليدير وجهها ناحيته ببطء ، وما ان تقابلت النظرات بينهما لوهلة حتى لانت ملامحه بابتسامة صغيرة وهو يهمس بخفوت اجش
"يبدو بأننا قد تشاركنا اخيرا بنفس النقطة الماضي المجهول والحقائق المخفية خلف حواجز ثابتة ! ولكني اعدك بأنه ما ان تفتحي لي المجال لدخول عالمكِ المخفي وتفصحي عندها عن كل مكنوناتك ، فقط عندها سأجيبك عن كل اسئلتك الواردة وكل ما تودين معرفته !"

زمت شفتيها بعبوس بدون كلام وهي تنظر له بعيون زرقاء لأول مرة ينضح منها الحزن والاستسلام الخانع ، ليرفع بعدها اصابعه عن ذقنها بلحظة وهو يتجول بنعومة على شفتها السفلى بهدوء عدة مرات ، قبل ان تأخذ شفتيه مكان اصابعه وهو يقبلها برفق وببطء شديد عبث بخفقات صدرها بتشتت مشاعرها الوليدة والتي انحدرت لمستوى جديد دمرت معها باقي حواجز ألواح قلبها الجليدية والتي بنتها على مرور سنوات .

ابتعد عنها بنفس الهدوء وبصمت تام وهو يخفض يديه عنها ، وما ان استدار باللحظة التالية حتى انقضت عليه التي امسكت بذراعه بقوة وهي تتبعها بالهمس بخفوت مرتجف سيطر على ذرات انفاسها
"هل ما يربطك بها شيء اقوى من ان تستطيع ان تتخلى عنه ؟ هل هناك طفل بينكما ؟"

التفت نحوها بنصف وجهه للحظات وهو يهمس ببرود قاتم
"اجل ما يربطني بها شيء اكبر بكثير مما تتخيلين فهو يتجاوز إرادتي وإرادتك !"

ارتمت يديها جانبا بصمت تام احتل تقاسيم ملامحها المنحوتة بصورة الانذهال والذي اخترق صميم روحها بجليد قاسي وهو يصم اذنيها عن سماع المزيد من طرب خفقات صدرها ، اتسعت عينيها ببهوت ما ان سمعت صوته مجددا وهو يتابع كلامه بابتسامة هادئة بمغزى
"ابعدي عنكِ هذه الأفكار المنحرفة ، فأنا لست من هذا النوع من الرجال !"

تغضن جبينها بوجوم وهي تراقب الذي دخل للغرفة امامها بصمت احتل الاجواء من حولها بسكون ، لتزفر بعدها انفاسها بارتباك لوهلة وهي تمسح وجهها بكفيها بتعرق تشعر به يتصبب من كل زوايا وأروقة روحها الباردة ، لتخفض بعدها يديها فجأة وهي تبتسم ببهوت شاحب بلا وعي واصبعها يتلمس على شفتها السفلى بهوس ، قبل ان تهمس امام اصبعها الطويل بعتاب حانق
"احمق شادي الفكهاني"

_____________________________
كانت تفرك قبضتيها معا بتوتر بحجرها وهي تبتلع ريقها كل حين بارتباك تجلى على ملامحها الشاحبة بوضوح...وعينيها الدامعة تتابع حركة السائرة امامها بانتباه مشدود والتي كانت تتحرك جيئاً وذهاباً بعصبية واضحة على صوت طرقات حذائيها العاليين والذين يكادان يخترقان الأرض من تحتهم....لتخفض وجهها بانتفاض على صوت التي التفتت نحوها مباشرة وهي ترتكز على كعبي حذائيها قائلة بغضب مشتعل افترس ملامحها الجميلة
"إذاً ما هو تبريرك لما حدث ؟ وما هو عذركِ الذي منعكِ عن تنفيذ اوامري حسب الخطة المعطاة لكِ ؟ وانتِ بهذا التصرف الاخرق قد خرجتِ عن مسارنا الصحيح ، ما لذي لم تفهميه بالخطة لتفسدي كل ما بنيناه بلحظة غباء ؟"

زمت شفتيها بضيق وهي تهمس من بينهما بانفعال مرتجف
"اخبرتكِ بأن الأمر لن ينجح ، فأنا لا استطيع فعل مثل هذه التمثيلية الرخيصة وان اصل لهذا المستوى المنحط من اجل ان ارضي حضرتك....."

صمتت بارتجاف ما ان اصبحت تقف امامها التي انحنت نحوها بلحظة وهي تهمس بابتسامة جانبية بدون اي مرح
"حقا ما تقولين ؟ لقد كنت على وشك تصديق نواياك النقية لوهلة ، من يسمعك لن يصدق بأنكِ نفس الفتاة التي هربت من عائلتها وسافرت لبلاد اخرى بهوية جديدة لتقيم علاقة مع اول رجل قابلته بحياتها وتحمل بطفله بدون اي رباط رسمي بينهما !...."

قاطعتها التي رفعت رأسها بعنف وهي تهمس بانتحاب منفعل احمر معها وجهها بخزي المهانة
"غير صحيح لقد تزوجني رسميا ولم تكن علاقة عابرة...."

قاطعتها مجددا التي ابتسمت باستهزاء وهي تهمس بتعديل ساخر
"تقصدين لقد كان زواج عرفي ومزيف ! يعني لا وجود له بالواقع ، ولا يختلف عن الذي نطقت به قبل قليل"

اخفضت وجهها بخزي اكبر وهي تشدد من القبض على يديها حتى شعرت بالدموع وهي تسيل على خديها بسكون تام ، لتتصلب بعدها بمكانها ما ان امسكت بوجهها وهي ترفعه بقوة قبل ان يتبعها ابتسامة شامتة وهي تهمس بأمر
"هذا ليس الوقت المناسب للبكاء على ما ذهب ورحل ، بل عليكِ البكاء على مصيرك القادم إذا لم تنفذي كلامي جيدا ولم تسيري حسب ما هو مخطط ان يحدث واريد ، وألا اعدكِ بأن تكون ايامكِ القادمة مليئة بالحزن والآلام واكثر مما كانت عليه بالماضي !"

عبست ملامحها بارتجاف وهي تهمس بخفوت باهت بدون اي حياة
"هذه طريقة مهينة باستغلال نقطة ضعفي واستخدامها سلاح لتحركيني كما تسعين ونحو اهوائك الخاصة ، ألا تملكين اي رأفة وانتِ تخططين لتدمير حياة شخص لم يسبب لكِ الاذى بحياته ؟ فقط من اجل ان تحققي مآربك بطريقة لا تمت للحب بصلة !....."

انتفضت التي استقامت بمكانها بلحظة وهي تلوح بأصبعها امام وجهها بتحذير وبهمس شرس متعالي قلبت ملامحها للشر الساكن بداخلها
"اخرسي ولا تنطقي بحرف ، فأنا لا اسمح لحثالة من طبقتك ان تحاسب ابنة الوزير على افعالها والتي لا تقارن ببشاعة ماضيك وما ينتظرك بحاضرك ، وانا ارى بأنه من اجل الحفاظ على ما تبقى من جمال حاضرك ومن اجل مستقبل مشرق لك ولابنك الغالي هو اطاعة اوامري بالحرف الواحد ، فلا تنسي بأن قصتك ما تزال طي الكتمان ولا احد يعلم عن خفاياها كاملة سوى ثلاثتنا ، ولكن ماذا سيحدث عندما تتحقق تلك الكذبة الصغيرة ويصل امر الطفل لفرد من عائلتك بالخارج ؟ ماذا سيكون رأيه بالأمر ؟"

مسحت الدموع عن وجنتيها بقوة وهي تهمس بعبوس حزين
"ألا ترين بأنكِ تبالغين بتصوير قدري القادم ؟ فأنا لم اعد وحيدة بهذه الحياة وشقيقي ما يزال بصفي ولن يتخلى عني بهذه البساطة...."

قاطعتها بضحكة ساخرة قريبة من السعال المتشنج وكأن بلعوم قد علق بمنتصف حلقها ، لترجع بعدها بلحظات خصلات شعرها القصيرة لخلف اذنيها بنعومة وهي تهمس من بين ضحكاتها الصغيرة بخفوت مستهزئ
"تقولين شقيقك صحيح ! انتِ تعلمين اكثر من اي احد آخر بأن شادي لا يعترف بك شقيقة او اي شيء آخر ، بل هو يشمئز حتى من كلمة شقيقة له تكون من والدته التي تخلت عنه ورحلت لتتزوج من رجل آخر ؟ وتتوقعين منه ان يسأل عنكِ او يعطيكِ جزءً من اهتمامه ؟ صدقيني لو كان بيده لسلمك واعادكِ لعائلتك منذ لحظة معرفته بوجودك ، ولكن يبدو بأنه ينتظر بعض الوقت قبل ان يفعلها !...."

قاطعتها التي وقفت باندفاع وهي تصرخ باستنكار منتحب
"لا لن يفعلها !...."

ارتفع حاجبيّ (لينا) بخفة ساخرة برسالة واضحة تقول لها بالحرف الواحد بأنها كاذبة وفقط تحاول اقناع نفسها بتلك الكذبة ، لتمسك بعدها بكتفيها بقوة وهي تهمس لها بابتسامة رقيقة بخبث الافاعي
"هل ستعلقين آمالكِ حقا على تلك الكذبة الواهية حتى ينتهي بكِ الامر بين براثن عائلتك والتي لن ترحمكِ ؟ لا تحاولي اقناعي بموضوع يخص شادي فأنا اعرفه اكثر من اي شخص آخر بالعالم حتى من نفسه فهو لطالما كان صديقي وعشيقي وانا كنت كل شيء بالنسبة له ، لذا اريد منكِ ان تساعديني بمهمة هزيمة تلك الحرباء ابنة عمته وازاحتها عن طريقنا لتحلو لنا الحياة ويبتسم لنا القدر !"

عبست ملامحها بارتجاف وهي تنظر لها بتمعن هامسة بخفوت واجم
"هل انتِ متأكدة من هذا ؟ اقصد ماذا سيحدث لو اخبرها شادي بالحقيقة كاملة وبقصة الطفل ؟ هكذا لن نستطيع خداعها بالتمثيلية وتدمير العلاقة بينهما !"

اتسعت ابتسامتها الجميلة بثقة وهي تهمس بلحظة بخفوت رقيق اقرب للغرور
"كما قلت قبل قليل انا اعرف شادي اكثر من نفسه ومن عائلته ، فهو اكثر ما يتصف به هو الصمت التام وعدم الافصاح عما يلوج بدواخله من مشاعر واسرار لا احد يعلم عنها ، مثل صندوق الاسرار المغلق والذي يكتم عليها لآخر نفس بحياته ، وخاصة بأن الأمر يتعلق بفضح شرف وسمعة مثل قصتك ، فهذه مساحته الخاصة بالحياة والتي لم يستطع احد تجاوزها فهي بمثابة الخطوط الحمراء بالنسبة له ، حتى انا اقرب صديقة له لم يسمح لي يوماً بتجاوزها !"

اخفضت نظرها بهدوء لوهلة وهي تقبض على يديها هامسة بضعف خانع
"سأفعل ما تريدين بشرط ان لا يصل هذا الخبر لعائلتي ولا لأي احد آخر ، فأنا اريد المحافظة على نفسي وعلى ابني ، ارجوكِ"

ربتت على كتفها بقوة وهي تقول بابتسامة كبيرة بسعادة مزيفة
"لا تقلقي يا عزيزتي سرك سيبقى دائما بمأمن معي ، ولكن إياكِ وان تخطئي مرة اخرى بتمثيل شخصية حبيبة شادي ، وألا لن اغفر لكِ هذه المرة زلتك ، حسنا !"

اومأت برأسها بشرود متصلب بدون اي شعور ، لتبتسم المقابلة لها باتساع انثوي وهي تستدير بعيدا عنها بلحظة ، لتتوقف من فورها ما ان همست صاحبة الصوت الهادئ بملامح باردة كالجليد
"لم تخبريني بأن زوجة شادي تعرف عن امر الطفل ! هذا لم يكن بالاتفاق ؟"

التفتت بنصف وجهها وهي تهمس بشبه ابتسامة باردة
"هذا ليس من شأنك ، فأنا ادرى بمصلحة خطتي جيدا وما ستكون عليه نتائجها المضمونة وإلى اين ستوصلنا ، انتِ فقط عليكِ باتباع كلامي بدون اي اعتراض او تذمر"

عضت على طرف شفتيها بكبت وهي تهمس بابتسامة هادئة بدون ان تمنع نفسها
"ولكن عليّ ان احذركِ هنا بأن منافستكِ بهذه اللعبة ليست بالخصم السهل الذي تتخيلين ويصوره عقلك ، فهي تبدو متعلقة بشدة بزوجها والذي ترسمين من حوله احلامكِ الكبيرة ولن يكون من السهل انتزاعه منها ! وقد لا تكون من النوع الذي يخدع او يتأثر بمثل هذه الألعاب والتي تلعبينها عليها ، لقد توجب عليّ تنبيهك فقط من اجل مستقبلكِ ومن اجل ألا تخسري ما تبقى من كرامتكِ المهدورة امامها بمنافسة تحددت نتيجتها مسبقا"

مرت لحظات هادئة جدا محملة بالبرود الجليدي قبل ان ينطق الجسد الجامد بمكانه ببساطة بدون ان تتأثر بأي كلمة نطقت بها
"هل انتهيتِ من ثرثرتك الفارغة ؟ فقد آلمتِ رأسي حقا بدون الداعي لذلك ! ومرة اخرى إياكِ والنطق بكلام زائد لم اطلبه منكِ ولم اعطيكِ الإذن به ، بل افعلي فقط ما ينطوي عليه دورك حفاظا على سلامتكِ انتِ وابنكِ"

شددت (وفاء) على يديها بصمت وهي تراقب التي خرجت من الغرفة بأكملها بهدوء وهي تتهادى على كعبي حذائيها بغرور واضح ، وما ان خفت صوت ضجيج حذائيها حتى ارتمت جالسة على طرف السرير بخمول وهي تنظر للفراغ امامها بلا هدف او قرار تستقر عليه بحياتها التي ازدادت تشتت وتعقيد ، ويدها تستريح على اعلى بطنها بشرود واجم وكأنها تحاول طمأنة نفسها وطفلها من العواصف القادمة بطريق حياتهما الشائكة والتي لم تخلو منها يوما .

نهاية الفصل بانتظار آرائكم بفارغ الصبر........

najla1982 likes this.

روز علي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 26-10-21, 12:17 AM   #182

ali.saad
 
الصورة الرمزية ali.saad

? العضوٌ??? » 334068
?  التسِجيلٌ » Jan 2015
? مشَارَ?اتْي » 490
?  نُقآطِيْ » ali.saad has a reputation beyond reputeali.saad has a reputation beyond reputeali.saad has a reputation beyond reputeali.saad has a reputation beyond reputeali.saad has a reputation beyond reputeali.saad has a reputation beyond reputeali.saad has a reputation beyond reputeali.saad has a reputation beyond reputeali.saad has a reputation beyond reputeali.saad has a reputation beyond reputeali.saad has a reputation beyond repute
افتراضي

عاشت الايادي فصل جميل بالانتظار للفصل القادم على احر من الجمر 🌹

ali.saad غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 28-10-21, 06:59 PM   #183

سيدة قصرها
 
الصورة الرمزية سيدة قصرها

? العضوٌ??? » 330658
?  التسِجيلٌ » Nov 2014
? مشَارَ?اتْي » 1,720
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » سيدة قصرها has a reputation beyond reputeسيدة قصرها has a reputation beyond reputeسيدة قصرها has a reputation beyond reputeسيدة قصرها has a reputation beyond reputeسيدة قصرها has a reputation beyond reputeسيدة قصرها has a reputation beyond reputeسيدة قصرها has a reputation beyond reputeسيدة قصرها has a reputation beyond reputeسيدة قصرها has a reputation beyond reputeسيدة قصرها has a reputation beyond reputeسيدة قصرها has a reputation beyond repute
افتراضي

تسلمي عزيزتي روز على هذه الروايه الشيقه والجميلة 🤩😍
كما تعجبني شخصية الثنائيين شادي والماسه فعلًا شخصيتين رائعتين بكل صراعاتهما وعشقهما الصارخ بجمال التجاذب والتنافر في القطبين الشمالي والجنوبي حار بارد 😂 اتمنى لو ان ماسه تخف من افعالها الطفولية فهي تقسو على نفسها بغير رحمه لما تشويه الجسد ومعاقبة الروح … ألم يئن لها التصالح مع النفس وتقبل الحياة الجميله مع كمية العشق من زوجها وحاميها لما التعنت والمكابرة مع ان لها كريزما تميزها كل الشخصيات فالقصه ،دافعة عن ممتلكاتها بقوة وتهدد من يهدد صغارها كالبوه اعجبتني ،فإبنه الوزير لم يهز لها شعره بكذبتها كما ان شادي نالها لقوة حبها وشوقه لها فهي مآسته البراقه🤩🤗.………تحياتي وشكراً وردتي الجميله في انتظار التشويق ،دمتي بود


سيدة قصرها غير متواجد حالياً  
التوقيع
"لا إله الأ أنت سُبْحانك أنيّ كنتُ من الظالمين”
رد مع اقتباس
قديم 29-10-21, 05:24 AM   #184

محمد عامري

? العضوٌ??? » 446145
?  التسِجيلٌ » May 2019
? مشَارَ?اتْي » 91
?  نُقآطِيْ » محمد عامري is on a distinguished road
افتراضي

شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية . موفق بإذن الله ... لك مني أجمل تحية .

محمد عامري غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 30-10-21, 12:02 AM   #185

روز علي
 
الصورة الرمزية روز علي

? العضوٌ??? » 478593
?  التسِجيلٌ » Sep 2020
? مشَارَ?اتْي » 711
?  نُقآطِيْ » روز علي is on a distinguished road
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ali.saad مشاهدة المشاركة
عاشت الايادي فصل جميل بالانتظار للفصل القادم على احر من الجمر 🌹

تسلمي ويسعدني مشاركتك الدائمة ومتابعتك الرواية معنا ، دمتي بود وسعادة....


روز علي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 30-10-21, 12:09 AM   #186

روز علي
 
الصورة الرمزية روز علي

? العضوٌ??? » 478593
?  التسِجيلٌ » Sep 2020
? مشَارَ?اتْي » 711
?  نُقآطِيْ » روز علي is on a distinguished road
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة سيدة قصرها مشاهدة المشاركة
تسلمي عزيزتي روز على هذه الروايه الشيقه والجميلة 🤩😍
كما تعجبني شخصية الثنائيين شادي والماسه فعلًا شخصيتين رائعتين بكل صراعاتهما وعشقهما الصارخ بجمال التجاذب والتنافر في القطبين الشمالي والجنوبي حار بارد 😂 اتمنى لو ان ماسه تخف من افعالها الطفولية فهي تقسو على نفسها بغير رحمه لما تشويه الجسد ومعاقبة الروح … ألم يئن لها التصالح مع النفس وتقبل الحياة الجميله مع كمية العشق من زوجها وحاميها لما التعنت والمكابرة مع ان لها كريزما تميزها كل الشخصيات فالقصه ،دافعة عن ممتلكاتها بقوة وتهدد من يهدد صغارها كالبوه اعجبتني ،فإبنه الوزير لم يهز لها شعره بكذبتها كما ان شادي نالها لقوة حبها وشوقه لها فهي مآسته البراقه🤩🤗.………تحياتي وشكراً وردتي الجميله في انتظار التشويق ،دمتي بود
شكرا على مشاركتك اللطيفة والجميلة على الفصل واسعدني كثيرا تحليلك للفصل بالشخصيات ومجرى الأحداث 🥰😘 واضحكني كثيرا تفكيرك بطبيعة شخصيات الأبطال 😂 واتمنى ان اكون دائما عند حسن ظنك لنهاية الرواية ، تحياتي لكِ يا غالية بانتظار رأيكِ بالفصل القادم ❤🌹


روز علي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 30-10-21, 10:28 PM   #187

ياسمين قطر

? العضوٌ??? » 483312
?  التسِجيلٌ » Jan 2021
? مشَارَ?اتْي » 293
?  نُقآطِيْ » ياسمين قطر is on a distinguished road
افتراضي

مساء الخير
وين فصل اليووووم🥺🤍


ياسمين قطر غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 30-10-21, 10:50 PM   #188

روز علي
 
الصورة الرمزية روز علي

? العضوٌ??? » 478593
?  التسِجيلٌ » Sep 2020
? مشَارَ?اتْي » 711
?  نُقآطِيْ » روز علي is on a distinguished road
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ياسمين قطر مشاهدة المشاركة
مساء الخير
وين فصل اليووووم🥺🤍

هلا عزيزتي ، سينزل الفصل الآن بلحظات 🌹


روز علي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 30-10-21, 11:00 PM   #189

روز علي
 
الصورة الرمزية روز علي

? العضوٌ??? » 478593
?  التسِجيلٌ » Sep 2020
? مشَارَ?اتْي » 711
?  نُقآطِيْ » روز علي is on a distinguished road
افتراضي الفصل التاسع والعشرون

الفصل التاسع والعشرون.........
صباح اليوم التالي......
تأففت بنافذ صبر للمرة التي لا تعلم كم بعد ان توقفت عن عدها من التشنج والانتظار والذي يكاد يفتك بها ! وهي تحرك ساقيها بعصبية مفرطة وعينيها ساهمة امامها بثبات جالسة ببهو المنزل الواسع وبعد ان عادوا للمنزل بالصباح الباكر وانتهى شهر العسل الخرافي .

زفرت انفاسها بتعب لوهلة قبل ان تعبس ملامحها بلحظة ما ان شعرت بخصلاتها الطويلة وهي تشد بفعل اصابع الجالس بجانبها ، لتحيد بنظراتها قليلا وهي تراقب الذي تكلم بابتسامة ملتوية بجمود
"توقفي عن ملامح الاحباط واليأس هذه وكل من يراكِ يظن بأنكِ قد فقدت زوجك بحادثة مروعة ولستِ عروس جديدة لم يكد يمر يومين على زواجها ! ابتهجي قليلا لكي لا تأخذ الناس فكرة سيئة عنكِ"

ضيقت عينيها الزرقاوين بحدة وهي تشيح بوجهها بعيدا عنه هامسة بخفوت خاوي
"لو انني قد فقدته بحادثة كما تقول افضل بكثير من كل ما اكتشفته بالأمس من حقائق لم تدع اي مجال للشك"

اختفت ابتسامته بلحظة بصمت وهو يخفض يديه بعيدا عنها قبل ان يسند كفيه على ركبتيه وهو يقول بتصلب ناظرا امامه كما تفعل
"لا تأخذي كل شيء على محمل الجد وكما يرغب عقلك ، فليس كل ما هو ظاهر امامكِ سيكون حقيقي بالموجز ، كما اننا لسنا ملزمين لنظهر حقائق بعضنا للآخرين قد تدمر آخر ما تبقى من ثقتنا بأنفسنا حتى لو كان هذا الشخص اقرب الناس لكِ"

تنفست بغيظ وهي تشدد من القبض على يديها المستريحتين فوق ركبتيها لتهمس من بين اسنانها باستياء تجلى على ملامحها
"إذاً مصر على قرارك بعدم الاعتراف لي بما تخفيه من حقائق ! وانا بالمقابل لن اقول لك عن اي شيء يخص حياتي الماضية وكل ما يتعلق بها ، وهكذا ستكون اللعبة اكثر تكافئ بيننا"

صمت للحظات قصيرة زادت الشقوق بينهما قبل ان يهمس بابتسامة باردة بدون اي تعبير
"حسنا لا بأس إذا كنتِ ستتوقفين عن طرح الاسئلة والبحث عن اجوبتها"

غرزت اسنانها بطرف شفتيها ببؤس ما ان حدث عكس ما توقعته وهو يزيد من غموض اجوبته المبهمة بتخبط تفكيرها ، لتتنفس بعدها وهي تعود للشرود هامسة ببرود حانق
"سحقا لك من مراوغ !"

تأوهت بألم ما ان شد خصلات شعرها مجددا وهو يهمس بهدوء جاد
"اصمتِ الآن فقد جاء من كنا ننتظرهم"

ضربت يده بعيدا عن شعرها وهي تنظر امامها باتجاه الذي كان يسير نحوهما مباشرة ، وقف (شادي) من فوره وهو يستقبل شقيقه بالأحضان وهما يتعانقان بقوة رجولية ، ليقول بعدها الذي كان يربت على ظهره بسعادة كبيرة
"اهلا بعودتك يا عريس ، لقد نورت المنزل بعودتك اخيرا ، كنا قد تأقلمنا على عدم وجودك بالمنزل وارتحنا قليلا من مشاكلك والتي تجلبها معك....."

قاطعه الذي ابتعد عنه وهو يضرب صدره بقبضته قائلا بابتسامة جانبية بصرامة مزيفة
"إذاً عليك ان تبدأ بالتأقلم على وجودي هنا دائما ورؤية وجهي بكل صباح ، فأنا لن اترك هذا المنزل ليحلو لك الجو به ، بل سأبقى مرابط به مهما ازداد عدد افراد عائلتي حتى تشعر بالضجر مني وتقرر الفرار بجلدك وبعائلتك من تلقاء نفسك"

ضحك (احمد) بقوة وهو يربت على كتف شقيقه بقبضته قائلا بابتسامة هادئة بسعادة
"اهلا بك بعالمي وبحياة الزوجية ، وقُل وداعاً لحياة العزوبية"

ابتسم بالتواء طفيف بشفتيه بدون ان ينطق بكلام آخر ، لتنهض الصامتة بمكانها باندفاع وبعد ان استبد بها الانتظار والتوتر لأقصى درجاته وهي تقول بوجوم عابس
"احمد اين هي روميساء ؟ لما لم تأتي لاستقبالي ؟....."

تدخلت فجأة التي خرجت من خلف (احمد) بدون ان ينتبه احد لوجودها
"انا هنا"

اتسعت حدقتيها الزرقاوين بتجمد لبرهة وهي توجه نظراتها لصاحبة الصوت الخافت الرقيق والتي وقفت بجانب زوجها بهدوء ، وهي تمرر نظرات خاطفة على هيئتها الجديدة والتي تبدو مختلفة تماما عن التي تركتها قبل يومين وافترقت عنها عند قاعة حفلات الزفاف ، عندما كانت حينها مثل الاميرة الحزينة بواجهة الضيوف والمدعوين بالحفلة بدون اي روح تسكن تلك الملامح الجميلة ، ولكنها الآن تستطيع استشعار هالة سعادتها الفريدة والبهجة تكاد تطل من عينيها الزاهيتين باخضرار وبتقاسيم ملامحها الشاحبة والتي ازدادت توردا وجمالا مختلف عن جمالها بالحفلة والذي لم يكن ملموسا بأي شكل ، وكأنها هي العروس الحقيقية بينهما والتي لم يمر ايام على زواجها وليس شهر كامل !

ابتلعت ريقها بارتباك ما ان وصلت امامها التي عانقتها بقوة بذراعيها وهي تهمس بمحبة وبراحة غريبة عليها
"انا سعيدة جدا بعودتكِ اخيرا ، لقد افتقدتك كثيرا بغيابك"

زمت شفتيها بوجوم لوهلة وهي تربت على ظهرها هامسة بخفوت متصلب
"لم اغب عنكِ سوى يومين يا روميساء !"

ابتعدت عنها وهي تمسح على رأسها برفق هامسة بابتسامة حنونة
"ولكني مع ذلك لم اعتد على غيابك طول هذه المدة ، المهم ان تكوني بخير يا عزيزتي وسعيدة ببداية مسيرة حياتك الجديدة ، واكثر ما يفرحني بأنكِ سوف تعيشين معنا وامام عينيّ ولن نضطر للابتعاد عن بعضنا ابدا"

حركت (ماسة) رأسها جانبا ما ان قال الواقف بجوارها بابتسامة متسعة بثقة
"ونحن اكثر من سعيدين بسكننا معكم يا روميساء ، وأنا متأكد بأن ماسة اكثر سعادة مني بسكنها مع شقيقتها الوحيدة ومشاركتها كل تفاصيل حياتها بدون ان تضطروا للافتراق عن بعضكما مجددا ، فكل شيء يسعد زوجتي يسعدني انا ايضا"

زمت شفتيها بضيق وهي تعود بسرعة بنظرها لشقيقتها هامسة بعبوس خافت
"لما تأخرتِ بالحضور لاستقبالي ؟ لقد شعرت بالملل الشديد وانا انتظر قدوم اي احد يستقبلنا بالمنزل وكأنه غير مرحب بنا هنا !"

عقدت حاجبيها بإحراج غزى ملامحها بلحظة وهي تربت على كتفها هامسة بابتسامة صغيرة بارتباك
"اعتذر على هذا يا صغيرتي ، ولكني قد نسيت بأن اليوم يكون موعد عودتكم من شهر العسل ، ولم اتوقع مجيئكم بالصباح الباكر فقد استغرقت بالنوم ونسيت الأمر تماما ! لذا اعذري اهمالي بدقة مواعيدي"

ردت عليها التي همست ببهوت مندهش
"هل تقولين بأنكِ كنتِ نائمة ؟"

قالت بسرعة التي ابتسمت بهدوء وهي تحاول التبرير بطريقة لطيفة بدون ان تشعرها بقلة اهتمامها
"نعم لقد استغرقت بالنوم طويلا بسبب سهري بليلة البارحة ، ولم استطع الاستيقاظ بالموعد بسبب عدم سماعي لصوت المنبه ، والجيد بأن احمد قد ايقظني ونبهني على موعد مجيئكم....."

قاطعتها بذهول اكبر وهي تعقد حاجبيها بعدم استيعاب
"هل عدتِ للنوم مع احمد بنفس الغرفة ؟"

ارتبكت ملامح (روميساء) باحمرار الحياء الممزوج بالإحراج والذي يكاد يفتك بها من فحوى سؤالها المخجل وعلى اسماعهم ، لكزها (شادي) بذراعها وهو يهمس بتأنيب خافت
"توقفي عن هذه الاسئلة الغبية والتي تحرجين بها شقيقتك !"

تجاهلت وجوده تماما وهي تنظر لشقيقتها بنظرات مختلفة قائلة بنبرة اتهام مبطن
"ما لذي يحدث معكِ يا روميساء ؟ وما لذي تخفينه عني ؟"

اتسعت العيون الناظرة لها لوهلة صامتة ، لتتدخل من فورها التي عادت لابتسامتها الجميلة وهي تقول بهدوء متزن
"ليس هناك شيء يا ماسة ، كل شيء قد اصبح يسير على ما يرام بل افضل بكثير"

عقدت حاجبيها بلحظة وهي تهمس بعبوس غير مقتنع
"ماذا تقصدين ؟ هل هناك ؟...."

صمتت (ماسة) ما ان امسكت الاخرى بذراعها بقوة وهي تهمس لها بابتسامة رقيقة بجمال وعينها الخضراء تغمز لها بالخفية
"تعالي معي يا ماسة ، اريد التحدث معكِ قليلا ، فأنا قد اشتقت لكِ واريد الاطمئنان عليكِ اكثر"

عبست الوجوه الناظرة لها وهي تلتفت نحو الذي جمدته الصدمة قائلة له بمودة لطيفة
"عذرا ! ولكني مضطرة الآن لسرقة زوجتك منك لبعض الوقت ، ويمكنك عندها قضاء الوقت بالحديث مع احمد حتى انتهي منها"

اومأ (شادي) برأسه بهدوء وهو يراقب التي تحركت بعجلة وهي تسحب معها زوجته باتجاه السلالم بعيدا عنهما ، وهو يفكر بصحة تركها الآن مع شقيقتها والتي تبدو تصرفاتها لا تختلف كثيرا عن زوجته المجنونة واللتين على ما يبدو يخططان لجعل ازواجهما يدوران حول محورهما فقط ! ليهمس بعدها بشرود للساكن بمكانه ما يزال ينظر بأثرهما بابتسامة مرتابة
"اهلا بك بعالم بنات مايرين"

______________________________
سارت لداخل الغرفة بسرعة وهي ما تزال تسحبها معها بيدها بقوة ، وما ان وقفت (روميساء) اخيرا حتى افلتت يدها لتهمس عندها بامتعاض التي كانت تدلك يدها بكفها الاخرى
"ماذا هناك يا روميساء ؟ لما سحبتني هكذا فجأة بدون ان تجيبي على اسئلتي !"

استدارت (روميساء) امامها بقوة وهي تتجاوزها بعيدا عنها لتغلق بلحظة باب الغرفة من خلفهما بهدوء ، ارتفع حاجبيها بارتياب وهي تراقبها بتوجس من تصرفاتها الغريبة والتي زادت الشك برأسها من ان تكون هناك مصائب قد حدثت بفترة غيابها !

ابتلعت (ماسة) ريقها بوجل ينتابها لأول مرة وهي تحاول الكلام هامسة بخفوت قلق
"روميساء هل انتِ حقا بخير ؟ انا....."

صمتت ما ان استدار جسدها نحوها مجددا وهي تتقدم امامها عدة خطوات سريعة بلمح البصر ، وقبل ان تعاود الكلام سبقتها التي امسكت بكتفيها وهي تدفعها للجلوس على طرف السرير قائلة بأمر
"اجلسي"

لكنها لم تنصاع لأمرها وهي تنتفض واقفة هامسة بعبوس غاضب
"لن اجلس قبل ان تجيبيني !....."

تأوهت بألم ما ان دفعتها بقوة اكبر للجلوس حتى كادت تكسر كتفيها وهي تهمس بخفوت خطير بعث الرهبة بأطرافها
"قلت لكِ اجلسي يا ماسة"

عضت على طرف شفتيها بحنق وهي تدير عينيها الزرقاوين بعيدا عنها هامسة بغيظ
"حسنا فهمت لا داعي لهذا الغضب الغير مبرر !"

استقامت بهدوء وهي تدور من حولها لتجلس بجانبها بلحظة قبل ان تزفر انفاسها براحة غريبة ، نظرت لها بتركيز لبرهة قبل ان تهمس بعد ان فقدت الأمل من كلامها بحالتها المريبة
"هل ستتكلمين عن سبب كل هذا ؟ وما لذي تريدين ان تكلميني عنه حتى احضرتني إلى هنا ؟"

زمت شفتيها بصمت وهي توجه نظراتها نحوها للحظات لتهمس بعدها بابتسامة هادئة بود
"كيف حالكِ يا ماسة ؟ وهل جرت عطلة زواجك على ما يرام ؟ اتمنى ألا تكوني قد افتعلتِ اي مشاكل جديدة هناك قد تعكر جو العطلة عليكما...."

قاطعتها بعبوس وهي تشيح بوجهها بعيدا عنها ببرود
"لا تقلقي كل شيء على ما يرام كما ترين ، وكما كان من المفروض ان يحدث ، وانا سعيدة جدا لعودتي اخيرا لحياتي الطبيعية"

عقدت حاجبيها بشك وهي تهمس بتفكير مستاء
"ولكن لما لا ارى تلك السعادة تطل من عينيكِ ؟ انتِ حتى لم تحاولي تكلف ولو ابتسامة صغيرة على وجهك تظهر سعادتك بزواجك ! اشعر بأنكِ قد عدت كما تركتك ولكن مع حزن وهدوء اكبر"

زفرت انفاسها بكبت وهي لا تصدق مدى مقدرتها على كشف كل خفاياها بنظرة واحدة لها وكأنها كتاب مفتوح امامها ! لتهمس بعدها من فورها ببهوت ساخر وهي تنظر امامها بلا حياة
"اعتذر لأنني لم اظهر لكم سعادتي على عيناي لتصدقوا بأني زوجة سعيدة ، ولكني سأحاول بالمرة القادمة تكلف بعض السعادة المزيفة امامكم....."

قاطعتها بصرامة وهي تعقد حاجبيها بغضب
"ماسة انا اتكلم معكِ بجدية ! لذا توقفي رجاءً عن سخريتك للحظة واجيبِ عن اسئلتي ، فأنا اريد الاطمئنان عليكِ وبأنكِ حقا سعيدة ولا تعانين من اي مشاكل ببداية مسيرة حياتكِ الزوجية !"

ردت عليها بغيظ وهي تلوح بذراعها بحدة
"ماذا تريدين ان تعرفي مثلا ؟ بأنني فتاة طبيعية واصلح للزواج مثل كل الفتيات بالعالم ؟ ام تريدين ان تعرفي بأنني لم ادفع زوجي للطلاق مني باليوم الثاني ؟ ام تريدين ان تتأكدي بأنني لم اقترف اي خطأ بأول ليلة بعد زواجنا ؟......"

صرخت فجأة التي احمر وجهها بغضب محتقن بهياج
"ماسة اخرسي"

زمت (ماسة) شفتيها بوجوم وهي تحيد بعينيها نحوها لوهلة بعد ان افقدتها اعصابها كما تفعل عادةً بنهاية كل شجار يحدث بينهما ، لتتنفس بعدها عدة مرات بقوة وهي تميل بجسدها قليلا لتسند كفيها فوق ركبتيها قبل ان تهمس بخفوت ساكن
"انا سعيدة بحياتي الحالية يا روميساء ، وليس هناك داعي لقلقك وخوفك الدائم عليّ ، فأنا بالنهاية فتاة ناضجة وواعية واعرف جيدا كيف عليّ ان اتصرف بحياتي الجديدة والتي دخلت لها بملك إرادتي الحرة ، لذا ارتاحي واطمئني"

نظرت لها بلحظة وهي تبتسم باتساع حتى وصلت لخضار عينيها الحنونتين ، لتربت بعدها على كتفها برفق وهي تهمس بخفوت رقيق
"حسنا يا ماسة ، المهم ان تكوني سعيدة بحياتك مع ابن خالك وزوجك والذي اصبح الآن كل شيء بحياتك ، وإذا تعرضتِ لأي مشاكل من اي نوع فأنا سأكون هنا بجوارك بدون ان اغادر مجال حياتك ، فقد خلقنا لنكون معا دائما ونتشارك نفس الحياة ونفس قرابة ازواجنا لآخر نفس بحياتنا"

حادت بنظراتها نحوها وهي تعض على طرف شفتيها لا شعوريا هامسة من بينهما بمرح
"طريقة رائعة من اجل استغلال مشاعري عاطفياً لأبوح لكِ عن كل ما تريدين الوصول له ، صحيح يا روميساء ؟"

ضحكت بخفوت وهي ترفع قبضتها لا إراديا لتستريح فوق صدرها النابض بسكون ، اعتدلت (ماسة) بجلوسها ببطء وهي تتابع كل انفعالات وتشنجات ملامح شقيقتها والتي انقلبت بلحظة لحالة من الاستقرار والهدوء ، همست بعدها بلحظات وهي تكتف ذراعيها بقوة
"هل ستخبرينني الآن عن سبب تغير تصرفاتك اليوم ؟ وما لذي حدث معكِ بفترة غيابي ؟"

اخفضت نظراتها وهي تهمس بشبه ابتسامة زاهية
"ماذا تقصدين ؟ ومن اي ناحية تغيرت ؟"

ضيقت حدقتيها الزرقاوين وهي تميل ناحيتها قليلا بتلك الطريقة الاتهامية والتي لا مجال للشك بها وهي تعري الشخص من خفاياه فقط بالنظر لها ، لتقول بعدها بنبرة واضحة بدون اي مواربة
"حقا يا روميساء ! لا يوجد شيء ؟"

زفرت انفاسها بابتسامة ناعمة وهي تتمتم بسعادة خفية وقبضتها تنزل تلقائيا لأعلى بطنها تحت قماش قميصها القطني
"الحقيقة يا ماسة ، هو بأنني قبل فترة ليست ببعيدة ادركت....."

بترت كلامها الاخير ما ان قالت الجالسة بجوارها وهي تتبع حركة كفها على بطنها بشك
"هل يعقل بأن تكوني حامل ؟"

زمت شفتيها لوهلة وهي تنظر لها عن قرب قبل ان تومأ برأسها بهدوء وحذر وهي تتمتم برفق
"اجل انا حامل منذ اسبوع وقد اكتشفت هذا قبل يومين"

ارتفع حاجبيها ببطء شديد وهي تحاول الهمس بخفوت مرتبك
"هل انتِ متأكدة ؟"

اومأت برأسها مجددا بقوة اكبر وهي تهمس بسعادة غامرة اجتاحت ملامحها بلحظة
"اجل متأكدة يا ماسة ولم ادع هناك مجال للشك ، انا حامل"

اتسعت عينيها الزرقاوين ببهوت ساكن وهي تتراجع قليلا للخلف بصمت ، لتضم بعدها قبضتيها معا بحجرها وهي تهمس بابتسامة صغيرة وببهجة بدأت تطفو على سطح ملامحها الجليدية
"هذا رائع مبروك ، لا اعلم ما اقول حقا ؟ ولكني لم اتوقع ان يحدث بهذه السرعة ! كنت قد ظننت بأن الأمر يحتاج لفترة اطول ! ولكن يبدو بأنني انا التي لم اعد اشعر بما يدور من حولي ؟"

ابتسمت بعطف متدفق بمحياها المتورد وهي ترفع يدها الاخرى لتمسح على رأس شقيقتها الصغرى هامسة لها بمحبة
"لا بأس يا صغيرتي فأنا افهمكِ جيدا ، كل ما اريده منكِ ان تعبري عن مشاعرك الداخلية بطريقتك الخاصة ، وان تريني فرحتك بوجود طفل ابن شقيقتك والذي سيغير حياتنا للأفضل لأعيش دور الأم من جديد ، أليس هذا رائعاً ؟"

رفعت وجهها ببطء وهي توجه نظراتها لكفها المستكينة فوق بطنها قبل ان تهمس بشفتين مرتجفتين بتردد
"هل انتِ سعيدة بوجوده ؟"

ارتفع حاجبيها بدهشة لحظية لتحين منها نظرة على مكان كفها وهي تتلمس بطنها بأصابعها بحنية لا شعورية ، لتقول بعدها بشرود وبحزن غيم على ملامحها الهادئة
"الحقيقة لقد كان الأمر مفاجئ بالنسبة لي وغير مخطط له ، وقد كنت ارفض تماما التفكير بهذا الأمر والسابق لأوانه ، ولكن ما ان حدث حتى اصابتني حالة ذهول وحزن غير مبرر وتقلب غريب بمشاعري بأول معرفتي بوجود طفل يقبع بداخلي ، وكل هذا بسبب تفكيري المتشائم بحياة الاطفال والبيئة والتي نشأنا منها ، فقد قطعت عهد على نفسي منذ سنوات ألا اسمح للمزيد من الاطفال بالعيش بهذه المعاناة الغير مجبرين على التأقلم معها مثلما حدث معنا تماما ، ولكن بما ان حالنا قد تغير الآن ولا نملك المقدرة على تغيير ذلك الماضي القاسي وكل ما نستطيع فعله هو تجميل حاضرنا وكتب مستقبل جديد ومشرق لنا ، لذا استطيع ان اقول لكِ الآن بأنني سعيدة جدا بوجوده بل اكاد اطير من الفرح عندما اتخيل طفل صغير سيكون جزء من عائلتنا وسنعوضه عن كل ما فاتنا بطفولتنا"

كانت تنظر لها بصمت مع ابتسامة حزينة علقت عند طرف شفتيها بتثاقل بدون ان ترتفع اكثر من هذا ، لتمسك بعدها بيدها المستريحة على بطنها وهي تهمس لها بسعادة متناقضة عن جمود ملامحها الجليدية
"إذا كنتِ انتِ سعيدة بوجوده بيننا فأنا ايضا سعيدة ، فأي شيء يفرحك ويسعدك هو يفرحني كذلك ، فقط اهتمي بنفسكِ اكثر من اجلي"

اومأت برأسها بابتسامة اتسعت بملامحها بجمال قبل ان تعانق كتفيها بذراعها وهي ما تزال تتلمس بأصابع يدها الاخرى مكان موضع الجنين ، لتهمس فوق رأسها بسعادة بالغة وهي تودي بها كل حنانها نحو اطفالها الصغار
"لا تقلقي يا عزيزتي سأكون بخير ما دامت عائلتي تحيطني من حولي لن يؤثر بي شيء ، وبخصوص مكانتك عندي فلن تتغير ابدا حتى بعد ان يأتي الطفل ، فأنتِ ما تزالين ابنتي الأولى وسبب شغفي بحب ورعاية الاطفال ، وهذا الأمر لن يتغير حتى لو اصبح لدي مئة طفل !"

زمت شفتيها بارتجاف لوهلة وهي ما تزال تضغط بيدها على كفها هامسة بخفوت
"ألم يعلم احد بموضوع حملك !"

ردت عليها باتزان بدون ان تفقد ابتسامتها
"لقد علم الجميع تقريبا ، لم يتبقى سوى شادي وسلوى"

همست بعدها بهدوء مفاجئ بجدية وبعد ان تغيرت نبرة صوتها
"عليكِ ان تكوني اكثر انتباها وحرصا من الآن وصاعدا فقد اصبحتِ تحملين بداخلك حفيد عائلة الفكهاني ، ولن يكون من السهل الحفاظ عليه بهذا المحيط الخطير والذي يهدد بتدميرنا"

عادت لتربت على رأسها ببساطة بدون ان تهتم بنبرة الخطر بصوتها وبجديتها بهذا الموضوع المهم ، وهي تهمس لها بنفس ابتسامتها الحنونة باطمئنان
"اخبرتكِ ألا تقلقي من شيء ، فقد اصبح الآن مسؤوليتي الاعتناء به وحمايته مثل جوهرة غالية سأحميها من الخدش او الكسر ، وهذا لن يكون صعب على طفلة تحملت الاعتناء برضيع وهي بعمر الخامسة !"

تنهدت بهدوء وهي تريح جانب رأسها على كتفها بكسل قبل ان تتمتم بمرح وبعد ان اختفت ملامح الجمود عن وجهها وتفاصيل حياتها
"حسنا إذاً بالتوفيق بمهمة حماية الجوهرة ، واتمنى لكِ النجاح واحضار الطفل بأمان وسلامة"

ابتسمت بسعادة وهي تريح جانب وجهها كذلك على رأسها بدون كلام آخر ويديهما متصلتان معا بتشابك فوق مكان موضع الجنين وبراحة تامة اجتاحت حياتهما فجأة بهالة من الرقة والجمال تاقتا إليها كثيرا .

____________________________
اجتمع افراد العائلة حول مائدة الفطور بثواني بجو من الهدوء والصمت ، رفع الجالس على رأس المائدة نظره باتجاه ابنه الثاني وهو يقول له بصوته الجهوري الصارم
"مرحبا بعودة العريس الغائب ، جيد بأنك قد تذكرت امتلاكك لعائلة تسأل عنها وتهتم لأمرها بعد زواجك !"

ابتسم (شادي) بتلك الطريقة الباردة والتي يتقنها امام والده وهو يقول بهدوء غير مبالي
"انت تعلم جيدا يا ابي بأني من المستحيل ان انسى معروف عائلتي عليّ والتي اوهبتني نعمة الحياة والانتماء بهذا المنزل ، فمهما حاولنا الابتعاد والهروب عن حقيقتنا ونسبنا فسوف نضطر بالنهاية للعودة لنفس مكان نشأتنا لأن الدماء هي التي تحكم تقاربنا ! وهذا الأمر ليس بمقدور احد تغييره"

تصلبت ملامحه اكثر وهو يضيق عينيه الحادتين قائلا بخشونة صارمة وبعد ان نفذ صبره منه
"هل تحاول السخرية مني يا ولد ؟"

حرك رأسه بالنفي وهو يهمس من فوره ببساطة
"ما هذا الكلام يا ابي ! انا فقط كنت اوضح وجهة نظري والسبب والذي يدفعني للعودة للمنزل بكل مرة ، فأنا احب كثيرا هذا المنزل ورائحة الذكريات الساكنة بداخله واريد العيش به مع زوجتي طيلة حياتنا القادمة ، واتمنى ألا يكون لديك مانع بهذا ؟"

عقد حاجبيه بقوة زادت من حدة عينيه الرماديتين وهو يقول باتزان متجاهلا كلامه الاخير
"كيف سارت امور عطلتك بالفندق ؟"

ادار عينيه للأمام وهو يقول بعملية بدون اي اهتمام حقيقي
"لقد كانت عطلة من افضل ما يكون ، ولكن شكرا لك على الاهتمام"

ارتفع حاجبيه بتجهم وهو يقول بحيرة متصلبة
"ولماذا لا ارى زوجتك الصغيرة برفقتك ؟ هل يعقل بأن تكون قد هربت منك بعد الزواج ؟"

ما ان ادار وجهه ناحيته وبعد ان تخلى عن ابتسامته الباردة حتى سمع صوت وقع اقدام قريب منه للفتاتين الغائبتين وآخر من تبقى من العائلة ، ليتبعها بعدها بلحظة صوت الكبرى وهي تقول بإحراج خافت
"نحن نعتذر عن التأخر"

حرك (محراب) رأسه باتجاههما لبرهة وهو يقول بجمود بنبرة صوته الجهورية
"لا بأس يمكنكما الدخول"

تحركت (روميساء) بسرعة التي اتخذت مقعدا قريبا بجوار زوجها ، وما ان سارت الساكنة بمكانها عدة خطوات حتى اوقفها الصوت الجهوري وهو يقول بخشونة اخفت
"كيف حالكِ يا زوجة شادي ؟ وكيف جرت امور العطلة معكِ ؟"

تصلبت قليلا بمكانها بدون اي حركة ما ان اكتشفت بأن السؤال موجه لها تحديدا بأول مبادرة منه لم تحدث معها من قبل ، حتى بيوم زفافها وحضوره ليأخذ مكان ولي امرها الذي يسلم ابنته لزوجها وشريك حياتها لم تسمع منه اي كلمة او بادرة منطوقة وهو يتصرف معها مثل الجبل الجليدي المجرد من المشاعر والمرغم على فعل كل هذا ! فما لذي دفعه الآن ليسأل عنها ويستفسر عن احوالها ؟

قبضت على يديها بقوة وهي تهمس باختصار بدون اي شعور
"بخير"

اكملت سيرها من فورها بثبات قبل ان تجلس بجانب الذي كان ينظر لها بصمت وبابتسامة كسولة كانت تعلو طرف شفتيه ببرود ، ليقول بعدها بمرح الفرد الصغير الصامت والغير مرئي تقريبا
"عودة سعيدة ، لقد اشتقنا لكما كثيرا ، يبدو بأنه لم يبقى غيري بهذه العائلة لم يجرب الزواج بعد !"

ساد جو من الصمت الثقيل مع شحنة مشاعر متنافرة بدون ان تتخلل بهجة الصغير بينهم ، ليقطع الصمت بلحظات التي قالت بابتسامة ساخرة بنبرتها الصخرية
"الافضل ألا تحاول تجربة شيء لا تعرفه ، فقد تخدعك المظاهر وتقع بفخ سوء الاختيار عندما يكون قد فات الآوان على الندم !"

انتقلت الانظار نحوها بلحظة بين صدمة واستنكار بدوامة من الصمت المهلك ، ليسرع بالكلام الذي تدارك الموقف وهو يقول بابتسامة مقتضبة بانفعال هادر على وشك التحرر بداخله
"زوجتي تجيد اطلاق الحكم ، ولكنها احيانا تخطئ بالتعبير عن المعنى المنشود وتتداخل معها الكلمات لتعرض نفسها لإحراج الموقف ، وهي ما تقصده بأن لكل تجربة وقت محدد وعلينا ألا نسرع باتخاذ القرار"

ابتسمت الوجوه بدون اي كلام ليعود كل منهم لتناول الطعام من طبقه بصمت وكأن شيء لم يكن ، تجهمت ملامحه لوهلة ما ان سمع نبرتها الباردة وهي تهمس بوجوم
"ما لذي كنت تهذي به الآن ؟"

ضغط على شفتيه بأسنانه بتصلب وهو يهمس من بينهما بصوت حاد مكتوم
"اصمتِ يا ماسة فنحن الآن لسنا لوحدنا لتبدأي بكلامك الطائش وما يطلقه لسانك الاحمق ، ألا تستطيعين تعلم كبح جماحه قليلا !"

نظرت للطبق امامها بسكون وهي تمسك بالملعقة هامسة ببرود متعمد
"اعتذر ولكني لم اتعلم بحياتي كيف استطيع كبح جماحه ؟ فهي غير موجودة بمناهج التعلم لأستطيع دراستها !"

حاد بنظراته نحوها بهدوء وهو يزفر انفاسه بيأس من هذا الجدال العقيم ، ليقول بعدها من بين اسنانه باستياء
"حقا لا طائل من الجدال معكِ ! فكل من يحاول الكلام معكِ عليه ان يتحول لمجنون رسمي"

حانت منها التفاتة نحوه وهي تهمس بامتعاض خافت
"عن ماذا كنت تتكلم ؟"

ارتفع حاجبيه بخفة وهو يهمس ببرود ليغير مسار الموضوع
"صحيح عن ماذا تحدثتما انتِ وشقيقتك حتى اخذتما كل هذا الوقت ؟"

عقدت حاجبيها بجمود وهي تشيح بوجهها جانبا قائلة بلا مبالاة
"امور لا علاقة لك بها"

ارتفع حاجبيه بدهشة مصطنعة وهو يدير عينيه للأمام ببرود فقد كان يتوقع مثل هذا الجواب منها ! وبعد عدة لحظات خرج صوت التي دخلت لقاعة الطعام بكعبي حذائيها العاليين والذي لفت الانظار نحوها بثواني ، قبل ان تهمس بعدها بخفوت هادئ وهي تقف امامهم بتعالي واضح
"اعتذر على مقاطعة مائدة الفطور عليكم ، ولكن الآن كانت عودتي من منزل عائلتي"

قال (محراب) من فوره وهو ينظر لها بتركيز حاد
"ماذا هناك ؟ لقد اطلتِ كثيرا هذه المرة بمدة الإقامة عند عائلتك على غير العادة ! اتمنى ان تكون كل اموركِ بخير"

ابتسمت بهدوء وهي تحرك يدها هامسة بدلال مغري
"كل شيء بخير يا عمي ، فقط اشتقت لعائلتي كثيرا بسبب عدم زيارتي لهم منذ مدة طويلة ، لذا احببت السكن عندهم ولم اشعر بالأيام وهي تمر بسرعة ، ولكن شكرا لك على اهتمامك بأمري وشعورك بغيابي ، واعتذر مجددا على اثارة قلقكم"

اومأ برأسه بتفهم وهو يدير وجهه للأمام قائلا باتزان
"حسنا لا بأس ، يمكنكِ مشاركة مائدة الفطور معنا بما انكِ قد وصلتِ الآن ، وسأطلب من الخدم تحضير اطباق جديدة لكِ"

اومأت برأسها بهدوء وهي تهمس بابتسامة متسعة بنعومة
"شكرا لك يا عمي ، وسعيدة بعودتي للمنزل"

كان الجميع ينظر لها بصمت بدون اي تعليق او تدخل، وهي تنظر لهم بعدم مبالاة وبإيباء متعالي قبل ان تصل بنظراتها لزوجها الجالس بصمت بدون اي ترحيب او رد فعل على عودتها ، ويبدو بأن وجودها وعدمه لم يؤثر به ما دامت زوجته الحقيقية بجانبه الآن وبحياته ! اهتزت ابتسامتها بوجوم سقط معها كل غرورها الواثق وهي تنظر لزوجته الجميلة والتي تبدو متألقة عن السابق واكثر من اي مرة ، بينما هي ملقاة بالزاوية وبعيدا بمنزل عائلتها تبكي وترثي مستقبلها وحاضرها والذي سرق منها بدون إرادة وبدون قدرة على اعادته كما كان ، وقد بدأت تشك الآن بوضع موقعها بحياتهم لهذه اللحظة ؟

جلست بالنهاية بعيدا عنهم وبجمود صامت وبابتسامة مغتصبة بتعالي سحق بكرامة مهدورة ، انتقلت العيون بسرعة باتجاه الذي نهض عن مقعده وهو يقول بابتسامة متسعة تحمل التفاؤل والسعادة معا
"حسنا بما ان العائلة قد اجتمعت الآن ، اريد ان افصح لكم عن خبر مهم يخص حياتي الشخصية وحياة جميع افراد عائلتنا ، وهذا اكيد بشارة خير ستغير مسار حياة العائلة للأفضل وستدر علينا بالسعادة والبهجة"

صمت الجميع بتأهب ليتابع كلامه بعد لحظة صمت وهو يشيح بنظراته لزوجته بجواره والتي كانت تقابله بنفس النظرات المليئة بالمحبة والسعادة
"بالحقيقة نصف العائلة قد عرفت بالخبر ولكني سأقولها امامكم مرة اخرى ، انا وروميساء سيصبح لدينا طفل صغير بالقريب العاجل ، لأن زوجتي تحمل طفلنا الأول وحفيد عائلة الفكهاني ، وهذا يعني بأن العائلة سترزق اخيرا بطفل بعد كل هذه السنوات ، لذا ارجو منكم ان تهتموا جيدا بطفلي فهو الآن قد اصبح اغلى ما املك وثمرة حياتي"

اخفضت (روميساء) نظراتها بحياء وهي تزيد من ضم قبضتيها معا بقوة وبإحراج استبد بها ، ليكون اول من يبادر الذي وقف عن الكرسي بقوة وهو يقول بابتسامة مندهشة بسعادة حقيقية وقبضته تضرب على صدره بقوة
"لما لم تخبرني بهذا يا رجل ؟ كيف تتركني غافلا عن سماع مثل هذا الخبر ! هكذا تكون الاخبار السعيدة"

ومن بين كلامه كان يدور حول المائدة بلمح البصر ليتقابل مع شقيقه بلحظات قبل ان يعانقه بقوة كاسرة بعناق يظهر مدى المحبة والسعادة الخالصة والتي تربط بينهما ، ليقول بعدها وهو يضرب بقبضته على ظهره بقوة اكبر وبصدق خالص
"مبروك يا شقيقي الغالي وصديقي العزيز ، انت تستحق كل سعادة العالم واكثر ، واتمنى ان يصل طفلك بكامل صحته وعافيته وتفرح به دائما ويكون خير السند والنعمة ، ولكن لا تنسى ما ان يصل سأكون انا اول من يحمله بين ذراعيّ فهو ابن شقيقي واول حفيد للعائلة ، واخيرا ستنير هذه العائلة الكئيبة بطفل صغير سيجلب كل انواع السعادة والبهجة والتفاؤل لها"

ضحك (احمد) بقوة رجولية بدون ان يمنع نفسه اكثر وهو يشدد من معانقته قائلا ببشاشة وبراحة وكأنه قد وصل لبر الأمان اخيرا بعد كل ذلك التشتت بمشاعره
"شكرا لك يا شادي ، واتمنى ايضا السعادة لك وان ترزق ايضا بالأطفال والكثير من الصبيان والبنين حتى يمتلئ هذا المنزل بأكمله ولا يستطيع ان يتسع لكلينا !"

ردّ عليه بقوة وبصوت اجش عميق
"اعدك يا احمد ، وإياك وان تتراجع عن هذا الكلام مستقبلا"

كان زوجين من العيون الدامعة تشاهد المشهد الاخوي والذي تجسد امامهما بكل مشاعر المحبة والصدق ، ومنهما العينين الخضراوين التي كانت تدعو من كل قلبها ان يتم سعادتهم ويصل طفلها بسلامة وامان ليحظى بالحب بين عائلة ترغب به وتحبه ، والاخرى البعيدة عنهما والتي كانت تدمع بعينيها البحريتين بدون شعور من مشاعر صدق تستشعر هالتها الدافئة وهي تكتشف صفة جديدة بزوجها والذي يستطيع اظهار مشاعره بمصداقية وببساطة كبيرة بعكسها تماما ، حادت بنظراتها تلقائياً وهي تلمح التي غادرت قاعة الطعام بصمت تام وبدون ان يلاحظ احد انسحابها المريب ، لتتنفس بعدها بهدوء وهي تمسح عينيها الدامعة بقوة وبإصرار بعدم السماح لأي شكل من اشكال الخطر بالاقتراب من سعادة شقيقتها الوليدة والتي اوشكت على الانطلاق بسماء عالمها وبشاطئ احلامها الوسيعة .

يتبع.........

najla1982 likes this.

روز علي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 30-10-21, 11:15 PM   #190

روز علي
 
الصورة الرمزية روز علي

? العضوٌ??? » 478593
?  التسِجيلٌ » Sep 2020
? مشَارَ?اتْي » 711
?  نُقآطِيْ » روز علي is on a distinguished road
افتراضي

تنهدت بهدوء وهي تتهادى بخطواتها البطيئة عند سياج الحديقة الخلفية بالصباح الباكر ، وهي تدس كفيها بجيبي قميصها الرياضي وهواء الشتاء مع دفء اشعة الشمس الصباحية تعطيها طاقة غريبة تخللت بخمول جسدها الضعيف وبسكينة بروحها التائهة عن منبرها ، وهو اجمل وقت قد تفضل به ان تقضيه مع نفسها والاستمتاع بلحظات خلوتها الهادئة والتي تستطيع بها ان تصفي ذهنها بعيدا عن ضغوطات الحياة والتي اهلكت مقدرتها على الاستمرار بخوض المزيد منها .

وقفت للحظات وهي ترفع رأسها ببطء باتجاه اشعة الشمس الصافية بهذا الوقت المبكر والذي تكون به معتدلة بدون اي رياح عاتية او موجات من حرارة مرتفعة ، لتبتسم بعدها بإشراق باهت لوجه الشمس وكأنها ترحب بها وتستقبل نور اشعتها الدافئة بسعادة كبيرة غمرت قلبها الصغير بالتفاؤل وبأمل جديد انزرع بمنتصف روحها الساكنة ، تغضن جبينها فجأة وهي تضيق عينيها بهالة مزعجة عادت لتجتاح عالمها الصافي بصوت اقدام الاطفال من حولها وهي تشكل حلقة تقترب من مجالها تدريجيا ، وصوت الضحكات تملئ المكان المتواجدة به مترافق مع صراخهم وحماسهم الذي يزداد من محور حياتها رويدا رويدا بدون طريق للخروج منه
"هيا يا غزل اركضي ، اركضي قبل ان تمسك بكِ"

ارتجفت ابتسامتها كما ملامحها التي شحبت بذبول ما ان عادت للذكرى والتي توقف بها كل شيء جميل بحياتها ، وهي تحاول الجري بقدميها الصغيرتين بكل سرعة بدون ان تستطيع مجاراة سرعتهم حتى انتهى بها الطريق ما ان تعثرت لتقع ارضا بقوة بدون اي حراك او شعور سوى بنبضات قلبها والتي اصبحت تقرع بأذنيها بطنين مزعج ، وبعض الاصوات عادت لتخترق غمامتها بتداخل غريب وبعد ان اختفى صوت الفرح ليحل مكانه الحزن
"لقد وقعت غزل ارضا ، علينا اخبار المعلمة ، لما لا تتحرك ؟ هل هي بخير ؟ هل هي تتنفس ؟ هل هي على قيد الحياة ؟"

اخفضت وجهها بقوة بعيدا عن اشعة الشمس وهي تحك جبينها بارتجاف احتل مفاصلها لوهلة وبعد ان طغى على مفعول سعادتها بنور الشمس والتي حرقت قلبها بذكريات بعيدة ، زفرت انفاسها ببطء وهي تعود لتدس كفيها بجيبي قميصها بهدوء ظاهري ، لتتابع بعدها خطواتها بلحظة بجانب السياج حول الحديقة وهي تنظر لمسارها بدون اي هدف ، رفعت يدها للسياج لا إراديا وهي تتلمس بأصابعها على سطح خشبه البارد بهدوء وكأنها ترسم معزوفة خاصة بها وبخط طريق حياتها المستقيم .

تجمدت بمكانها لوهلة وهي تستمع لصوت خطوات منتظمة بطريق مسارها تقترب من مجالها تدريجيا ، لتتنفس بعدها بارتجاف احتل كيانها بلحظة وهي تفكر بهوية الشخص الذي سيحاول تتبع خطواتها الآن بهذا الوقت المبكر من الصباح ؟

زمت شفتيها بتوجس ما ان توقفت الخطوات عن الاقتراب منها نهائيا ، لترفع قبضتها لصدرها تلقائيا وهي تدعو بداخلها بذعر ان يكذب ظنها ولا يكون من تفكر به ! زفرت انفاسها بثواني وهي تستدير ببطء للخلف وبشك بدأ يزداد بقلبها حتى تحول لليقين ، لتتسمر بعدها بمكانها بذهول وهي تخفض قبضتها بسكون ما ان وقعت عينيها المتسعتين على من كانت تفكر به من لحظة وعلمت بوجوده وكأنه هاجس اصبح يلاحقها منه !

امتعضت ملامحها بلحظة ما ان تأكدت من وجوده وبأنه ليس وهم من خيالها ، لتقول من فورها بوجوم وهي تشتت نظراتها بعيدا عنه
"ما لذي تفعله هنا ؟"

ارتفع حاجبيّ (هشام) وهو يقول بابتسامة متزنة بدون ان يتأثر بنبرة صوتها الساخطة وطريقتها بتفادي النظر له
"هذا ليس اسلوب لطيف بالتكلم مع استاذك والذي يجدر بكِ ان تكنّي له الاحترام والوقار !"

عقدت حاجبيها باستهجان لوهلة وهي تهمس بخفوت محتد
"من قال بأنك ما تزال استاذي ؟ انت الآن مجرد شخص غريب عني لا يربطني به اي صلة ، وبالمقابل لست مضطرة لأكن لك اي احترام او ان اتعامل معك بلباقة ، سمعت يا هشام ؟"

اتسعت ابتسامته بقوة وهو يمرر نظرات سريعة عليها هامسا بصوت اجش ساحر
"إذا كان ترك مهمة تعليمك ستدفعك لنطق اسمي مجردا ! فأنا موافق على هذا"

فغرت شفتيها بارتعاش وهي تخفض نظراتها بتخبط استبد بها قبل ان تهمس بإحراج
"ما لذي تتكلم عنه ؟ انا اتكلم معك بجدية ! لما لا تأخذ كلامي على محمل الجد ؟"

عض على طرف ابتسامته بتمهل وهي ينظر لها مثل طفلة متذمرة تحاول مجاراة حركات الكبار بدون ان تفلح بذلك الدور ، ليتنفس بعدها بهدوء للحظات قبل ان يقول بجمود
"سأتكلم معكِ بجدية عندما تتوقفي عن هذا الاسلوب الوقح بالتكلم مع استاذك ، عندها قد اعرف كيف اتعامل معكِ وما لذي يناسب طفلة مشاغبة مثلك !"

رفعت عينين متسعتين بوجوم وهو ما يزال يسخر منها كعادته بعد كل ما فعله معها سابقا ! وبدون ان يشعر بأي ذرة تأنيب ضمير ؟

اخفضت نظراتها بعيدا عنه وهي تهمس باستياء
"كيف عرفت انني هنا ؟ ومن اعطاك الإذن بدخول حديقة منزلي ؟"

ردّ من فوره بابتسامة هادئة
"الخادمة اخبرتني بذلك ، ولم اشأ ان اضيع مثل هذه الفرصة"

عضت على طرف شفتيها وهي تهمس بسخط
"امي"

رفعت عينين مشدوهتين ما ان قال الذي تابع كلامه بابتسامة جانبية بتفكير
"ولكني ارى بأن فكرتكِ هذه رائعة ولم تخطر على بالي من قبل ! تغيير بيئة التدريس من جو الغرفة والتي تبعث على الملل لتجربة التدريس بالخارج وبهذا الطقس الجميل والذي يبعث على النشاط والتفاؤل ، والافضل من هذا بأنه لن يؤثر على صحة قلبك بل على العكس سيكون تنشيط افضل له"

ارتفع حاجبيها بصدمة قبل ان تعبس بلحظة وهي تهمس بحدة اكبر لا تناسب نبرة صوتها الرقيقة
"توقف عن هذا الكلام ، لقد اخبرتك بأني لا اريدك ان تكون استاذي بعد الآن ، ما هو الغير مفهوم بكلامي ؟"

حرك رأسه بهدوء وكأنه لم يسمعها وهو يقول بابتسامة واثقة بدون اي تأثر
"اعتذر ولكني لم افهم اي كلمة مما نطقتِ به الآن ! بل ما اعرفه بأنكِ كنتِ متعبة ومريضة لذا لم تستطيعي الحضور عند زيارتي بالأمس"

عبست ملامحها بضيق حتى كادت تنفجر من غيظها مما يجري من حولها ومن تصرفات والدتها الغير معقولة والتي تجاوزت الحدود ! لتحاول بعدها التنفس بهدوء وهي تنظر له بإيباء قائلة بابتسامة جادة وبكل عزم حاولت التحلي به
"حسنا بما انك مصر على كلامك ولا تريد استيعاب شيء ، سأخبرها لك بطريقة اخرى مباشرة ومفهومة ، انا لم اعد احتاج لخدماتك بعد الآن يعني لقد طردتك من هذه الوظيفة ، ولا اريدك ان تشرف على مساقات دراستي لأني لم اعد اريدك ان تأخذ هذا الدور بحياتي ، هل فهمت الآن ام اعيد مجددا ؟"

كان يراقبها بهدوء وبصمت تام بدون اي انفعال يعلو ملامحه ، ليقول بعدها بنبرة غريبة وبابتسامة واثقة بقوة
"لا تستطيعين لأن الخيار ليس بيدك ، وهذا الذي تفعلينه مجرد هدر للوقت القيم بأمر محتوم المصير !"

انفرجت شفتيها مع اتساع حدقتيها العسليتين بآن واحد بدهشة دامت بينهما لدقائق ، لتتمالك بعدها نفسها بسرعة وهي تلوح بذراعها بعنف هامسة باستنكار غاضب
"لا تستطيع فعل شيء ، فأنا التي اقرر مصير دراستي هنا وليس انت !"

ردّ عليها بسرعة بثقة اكبر
"بل استطيع"

تجهمت ملامحها اكثر وهي تهمس بعصبية حانقة
"لا تستطيع"

زادت ابتسامته اتساعا وهو يهمس بمرح متسلي
"بل استطيع"

زمت شفتيها بضيق وهي لا تستطيع الاستمرار بهذه المنافسة والتي استنزفت منها كل طاقتها مع كرامتها المهدورة مسبقا ، بينما لانت ملامح الواقف امامها وهو يشعر بأنه قد تجاوز الحد بالفعل معها واكتفى من لعبة المراوغة هذه وبعد ان تسلى بمتعته الخاصة والتي اشتاق لها كثيرا مع هذه الطفلة المشاغبة ، ليتقدم بعدها امامها عدة خطوات وهو يقول بجدية هادئة بعد ان توقف عن لعبة الهزل اخيرا
"اسمعي يا غزل انا......"

تصلب بمكانه فجأة ما ان تراجعت للخلف تلقائيا بارتعاش صدمه بشدة ، وما ان رفع نظراته نحوها بهدوء حتى تحركت بسرعة بعيدا عنه وهي تحاول تجاوزه بصمت ، لتتوقف بآخر لحظة ما ان امسك بذراعها برفق بدون مقدمات شلتها عن الحركة تماما بارتجاف سرى على طول ذراعها بلحظة خاطفة .

حادت بنظراتها نحوه بارتباك ما ان افلت ذراعها بلمح البصر وكأن تيار كهربائي صعقه للتو ، ليتغضن جبينها بوجوم وهي تستمع لصوته ما ان عاد لثباته المعهود
"اسمعي اريد التكلم معكِ بشأن ما حدث بذلك اليوم....."

قاطعته لا شعوريا بابتسامة باهتة
"لا بأس ، ليس بالأمر الجلل الذي يحتاج للاهتمام....."

قصف صوته بقوة وهو يستدير نحوها بكلتيه قائلا بجدية صارمة
"لا تقاطعي كلام استاذك عندما يتكلم يا غزل"

اشاحت بوجهها بعيدا عنه بعدم اهتمام ، ليتابع كلامه بهدوء وبابتسامة متزنة بقوة
"ما حدث بذلك اليوم لم يكن خطأك ، لقد تماديت كثيرا بكلامي وقلت امور لم يكن عليّ قولها ، ولكن رؤيتك مع ذلك الرجل الغريب عنكِ دفعني لأفكر بأنكِ من ذلك النوع من الفتيات واللواتي يقيمون علاقات مع شبان بمسمى الصداقة ، فقد رأيت من هذه العينات الكثير بمسيرة عملي بالجامعة ، وايضا بحياتي الشخصية كذلك ، لذا اعتذر عما بدر مني !"

ادارت وجهها نحوه ببطء وهي تتابع كل كلمة نطق بها بانتباه مشدوه صدمها بشدة وكأن شخص آخر من يتكلم امامها الآن وليس استاذها الصارم الذي يهوى السخرية منها ولا يعترف بأخطائه ! وكل هذا لا شيء امام اعتذاره الاخير والذي يخرج منه لأول مرة وبندم واضح .

عضت على طرف شفتيها بارتعاش ما ان نظر لها بقوة لتقول من فورها بابتسامة حاولت ان تجعلها غاضبة
"حسنا لا بأس ، ولكن لم تخبرني هل وصلت الهدية لحبيبتك المجهولة ؟"

ارتفع حاجبيه بتركيز وهو يرفع معه رأسه قائلا بتفكير
"هدية ! لا اتذكر اي شيء عن الهدية ؟"

عبست بغضب وهي تهمس من فورها بثورة
"انا اقصد ذلك العقد والذي اخترته هدية من اجل فتاة ، وكنت تريد اخذ رأيي به"

اخفض وجهه بلحظة وهو يقول بحاجبين مرتفعين بسخرية
"اجل تلك الهدية ، وما دخلك انتِ ؟"

تبرمت شفتيها وهي تكتف ذراعيها هامسة بغرور مزيف
"لأنني انا من اخترت العقد ، واريد ان اتأكد بأنه قد وصل لصاحبه وحضي على إعجابه"

دس يديه بجيبي بنطاله وهو يميل بجسده امامها قليلا جمدها بمكانها قبل ان يتمتم بابتسامة بمغزى
"اجل لقد اعجبها كثيرا وطارت من الفرح عندما اعطيتها إياه وكأنها لم ترى هدايا من قبل"

عقدت حاجبيها بقوة وهي تتراجع قليلا للخلف هامسة بخفوت حاد
"هذا جيد لقد ارحتني حقا"

استقام بمكانه لوهلة وهو يعود للكلام بجدية متزنة
"إذاً هل ما تزالين غاضبة مني بسبب ما حدث ؟ ام عليّ ان اعيد شرح الوضع مجددا !"

رفعت عينيها بارتباك وهي تلوح بيدها هامسة ببرود
"لا لا داعي لذلك ، كل شيء بخير"

تنفس براحة بعد ان انتهى من هذه المهمة العصيبة والتي اخذت تفكيره لأيام ، ليقول بعدها بعملية جادة وهو يعقد حاجبيه بقوة
"حسنا هل نستطيع الآن متابعة المحاضرة والتي توقفنا عليها ؟ ام ستستغلين الفرصة لتأخذيها إجازة من الدراسة !"

تنفست بارتجاف وهي تضم قبضتيها معا هامسة بابتسامة صغيرة برجاء
"هل نستطيع استئناف اليوم من المحاضرات ؟ ارجوك واعدك ان نعوضها بالأيام القادمة"

ابتسم بهدوء وهو يستمتع بنبرة صوتها الحزينة والتي عادت لطريقتها السابقة ، ليحرك رأسه بيأس منها وهو يقول بابتسامة جانبية
"حسنا لا بأس ، لن نأخذ هذه المرة محاضرة ، ولكن إياكِ وان تتمادي اكثر بطلباتك فأنا لن اتساهل معكِ بالمرات القادمة"

اومأت برأسها بطاعة وهي تهمس بابتسامة مشرقة
"شكرا لك يا هشام"

ابتسم بهدوء وهو يعود لسماع اسمه مجردا منها ويبدو بأن لسانها الصغير قد اعتاد على نطقه مجردا وليس من السهل ان ينزعه عنها ، ليستدير بعدها للجهة الاخرى وهو يقول بهدوء
"حسنا وداعا الآن يا مشاغبة ، ولنا لقاء آخر غدا ، لا تنسي"

ليتابع بعدها طريقه بعيدا وهو ما يزال يبتسم بقوة بدون ان يمنع نفسه وبعد ان كسب اسمه منها والذي سيكون ضمن اشياء كثيرة سيكسبها منها مستقبلا حتى يربح بها كاملة بالنهاية وكما يتمنى .

______________________________
دخل للمنزل مباشرة بدون مقدمات وهو يصطدم بالخادمة التي اطلت عليه وهي تتراجع للخلف بذعر من هيئته الهمجية الشرسة ، ليقطب جبينه بلحظة وهو يقول بفظاظة شرسة
"من انتِ ؟"

انتفضت الخادمة الكبيرة التي تبدو بعمر الخمسين واكثر وهي تهمس بارتجاف
"انا الخادمة الجديدة والتي توظفت من جهة الآنسة صفاء ، من اجل ان اهتم بأمور الطبخ والتنظيف بالمنزل و....."

قاطعها الذي صرخ بنفاذ صبر وهو ينظر لها بقتامة
"اخرسي كفى ، اين هو ابي الآن ؟"

اجابت بسرعة بطاعة تامة
"السيد جلال موجود بغرفته الآن"

حرك عينيه العسليتين بعيدا عنها بهدوء قبل ان يتجاوزها بلمح البصر باتجاه السلالم بدون اي كلمة اخرى ، ليترك من خلفه التي كانت تتنفس الصعداء وهي تهمس بتفكير واجم
"يبدو بأن هذا هو ابنه الكبير مازن ! ولكن لما يبدو بهذه الحالة المخيفة وكأنه خارج من حرب ثيران ؟"

وصل (مازن) لغرفة والده بلحظات ليفتح الباب من فوره بقوة بدون استئذان وهو ما يزال يتنفس بتعب ثائر ، ارتفع رأس الجالس على الكرسي بجانب نافذة الغرفة بهدوء قبل ان تتسع عينيه المجهدتين بصدمة بجفنيه النصف مغلقتين وهو ينظر لابنه الكبير والغائب عن العالم والذي لم يراه منذ شهرين تقريبا حتى فقد الأمل من عودته .

ابتسم بتغضن زوايا شفتيه بهدوء وهو يقول بسعادة غريبة بدون اي تعبير
"واخيرا عدت للمنزل يا مازن ! وتذكرت بأن هناك رجل كبير بالسن ينتظر عودتك بفارغ الصبر وهو يودع لحظاته الاخيرة بالحياة بمفرده بدون ان يسأل عنه احد"

عقد حاجبيه بحدة وهو يتقدم عدة خطوات بعيدا عن إطار الباب ، قبل ان يقف قريبا منه وهو يهمس بعد عدة انفاس بوجوم عابس
"اريد التكلم معك بموضوع هام ، ولن اغادر قبل ان احصل على جميع إجاباتي"

ادار وجهه بعيدا عنه بصمت مريب وهو يهمس بخفوت ساخر بحشرجة صوته المتعبة
"لقد كنت غائب كل هذه المدة بدون ان تترك اي خبر عنك ؟ والآن تعود للمنزل فجأة بدون اي ترحيب لكي تطرح عليّ بعض من اسئلتك بكل وقاحة وانت تتوقع مني ان اتعامل مع الموقف ببساطة واجيبك على ما تريد سؤاله !"

تجهمت ملامحه بقوة وهو يقبض على يديه بلحظة قبل ان يقول من بين اسنانه باستياء غاضب
"اعتذر ولكني احتاج بشدة لمعرفة كل ما حدث بغيابي وما يجري الآن ، فليس عدلا ان يحصل كل هذا وانا آخر من يعلم !"

غيم الصمت من حولهما لدقائق طويلة لا يقطعها سوى تنفس هياج الواقف بالقرب منه ، ليصلب بعدها جسده بقوة وهو يهمس بخشونة هادئة بدون ان يسيطر على الهياج بصوته
"كيف تزوجت صفاء من ابن مصعب ؟ وكيف سمحت بحدوث هذا !"

سكنت الاجواء من حوله لثواني قبل ان يتكلم الجالس بالكرسي بدون ان يحرك نظره بعيدا عن النافذة
"وما دخلك انت بموضوع زواجها ؟ بعد ان غبت كل هذه الأيام بدون ان يظهر لك اثر ! تأتي الآن وتتبجح امامي بالسؤال عنها ؟"

ردّ عليه من فوره وهو يلوح بذراعه بغضب
"لأنها ما تزال شقيقتي وامرها يهمني"

ادار وجهه ناحيته فجأة بجمود وهو يتكلم معه لأول مرة بنبرة غاضبة ببؤس
"كاذب ؟ لو انك تهتم لأمرها كما تقول لما تسببت بكل هذه المشاكل بحياتنا والتي ما نزال نعاني منها للآن وبنتائجها ! لو انك حقا تفكر بسمعة وشرف شقيقتك لما جربت اللعب تلك اللعبة الخطيرة مع فتاة غريبة لا يربطك بها شيء ؟ الحياة دوارة من اخذت منه شيء سيعود عليك ويأخذه منك بنفس الطريقة ذاتها !"

كان ينظر له باتساع مهتز وهو يزيد من الضغط على اسنانه حتى كاد يحطم فكه ليهمس بعدها بدفاع
"غير صحيح انا لم ألعب بشرف احد ، انا حتى لم ألمسها ولم اقربها بسوء....."

قاطعه بصوت نافذ وهو يقول بهدوء ظاهري
"ولكنك خضت معها لعبة الحب وعلقتها بك بتلك الطريقة الشائنة حتى اصبح حبها قيد بعنقك وذنب لن يتركك ليوم الحساب !"

صرخ وهو ينفض ذراعيه للأسفل بهياج
"توقف يا ابي عن توسيع دائرة اتهامي وكأنني تقصدت حدوث كل هذا ، لقد كان خطأهم هم ولم يكن ذنبي انا"

ضرب على ذراع الكرسي بقبضته بقوة وهو يقول بصرامة هادئة تصلبت معها ملامحه المتغضنة
"لا تحاول ألقاء اللوم على الآخرين يا مازن ، فأنت المتهم الوحيد بالجريمة كاملة ومن قتلها بسلاحه"

ردّ بسرعة وهو يقول باستنكار مهتز
"لقد كان مجرد خطأ ، مجرد خطأ ، لم اكن اتقصد قتلها بتلك الرصاصة ، بل كنت احاول انقاذها من بين براثنهم ، ولكني فشلت ولم افلح"

حرك رأسه بهدوء وهو يعود بنظره للنافذة بسكون تام قبل ان يهمس بشرود
"غير مهم فقد حدث ما حدث وانتهى كل شيء ، وانت استطعت النجاة من هذه الجريمة والتي كانت على وشك سجنك خلف القضبان لبقية حياتك ، لذا عليك ان تكون ممتنا بوجود والد يسأل عنك ويهتم بمستقبلك"

ارتفع حاجبيه بوجوم للحظات قبل ان يحك جبينه المتعرق بقسوة وهو يهمس بخشونة
"ولكن يا ابي ماذا عن صفاء ؟ لقد تزوجت من شقيق تلك الفتاة وما تزوجها سوى لينتقم من عائلتنا على ما حدث لابنتهم ! هل ستتركها هناك تعاني بسبب ذنبي انا ؟ علينا استعادتها حالاً قبل ان يقتلها او يعذبها اكثر....."

صمت فجأة ما ان نطق الشارد بالنافذة بهدوء وهو يقول بنبرة خاوية بغرابة
"لن نفعل شيء ، فقد عقدنا اتفاقا من اجل ان تستمر الهدنة بيننا ولتبقى انت بعيدا عن دائرة اتهامهم علينا البقاء بما نحن عليه وبدون اي تدخل من الطرفين ، فلا تنسى بأن هذه ضريبة اخطائك ونحن علينا بدفعها"

قطب جبينه بضيق وهو يمسح وجهه بتخبط اكتسح ملامحه بلحظة ، ليخفض يديه بخمول تام وهو يهمس بخفوت متوحش
"ماذا يعني هذا ؟ هلا وضحت لي كلامك اكثر ؟"

ضم قبضتيه معا بسكون لبرهة قبل ان يهمس ببرود وبملامح متلبدة بهدوء
"لقد كنت اعلم بحقيقة هذا الزواج والهدف منه ، فقد خيرني بالفعل قبل الزواج بيوم بين القبول بتسليم ابنتي لدافع الانتقام وإيقاف الاحقاد وبين القاء القاتل الحقيقي خلف القضبان وقضاء باقي حياته بالسجن ولن يتوانى عن فعلها فهو يملك كل الأدلة والمؤكدة والتي يستطيع بها القضاء على مستقبلك بأكمله ، ولم يكن لدي خيار سوى القبول بتسليم صفاء لتدفع هي ثمن اخطائك انت ومن اجل ان انقذك من مصير مظلم سيقضي على مستقبلك ويحرمني منك ، وكل ما افعله للآن هو من اجل حمايتك وابعادك عن كل انواع الاخطار والتي قد تهدد حياتك"

كان يتابع كلامه وهو يستمع لنبرة صوته الهادئة بذهول زحف على تقاسيم وجهه الحادة ممزوج بالاستنكار مما يسمعه ويراه امامه ! ليحاول بعدها النطق بانفعال وكأنه يسخر من نفسه
"هل تخليت عن صفاء من اجل ان تنقذني من تهديده ؟ بدون ان تفكر بمصير تلك الطفلة بمثل هذه التضحية !"

زفر (جلال) انفاسه بحشرجة التعب وهو يتكلم بثبات ساكن
"اعلم ان هذا الخبر صادم لك ! واختياري بتسليم صفاء على ان اسلمك انت يبدو بمنتهى الأنانية ، ولكن بالنهاية لم يكن بيدي شيء افعله سوى ان انقذك انت واحمي مستقبلك من الدمار ، وايضا انا على يقين بأنها ستكون بخير فهي قوية وستتحمل....."

قاطعه بقوة بعد ان فقد السيطرة على نفسه وهو يهمس باستهانة
"هل تقول تتحمل ؟ انها مجرد طفلة صغيرة جبانة ؟ كيف ستتحمل مثل هذا الأمر ! مستحيل ان تستطيع مجابهة مثل ذاك الصرح الكبير وبحقد سيقتل حمامتك نهائياً !"

تنفس بهدوء وهو يكتف ذراعيه باتزان ليهمس بعدها ببرود وكأنه يتكلم عن شخص غريب عنه
"كل شيء سيكون بخير يا مازن ، فقط كل ما اريده منك ألا تعاود الاقتراب من تلك العائلة مجددا ، وان تنسى امر صفاء بالوقت الحالي من اجل مصلحتنا جميعا ولكي لا نخسرك كذلك معها وتذهب تضحيتها هباءً"

اتسعت عينيه العسليتين بتوحش وهو يحرك وجهه جانبا ببعض الصداع والذي شوش عليه تفكيره لوهلة من كل هذه التخاريف والتي يسمعها والصادرة من والده شخصياً ، ليستدير بعدها للخلف بهدوء وهو يدس كفيه بجيبي بنطاله بجمود صخري قبل ان يهمس بخفوت خاوي وهو يعود لصفحة الجليد
"اعتذر ولكني لن استطيع تنفيذ مطلبك الاخير ! فأنا الذي اعرف جيدا مصلحة نفسي واكثر من الجميع ، ولن تكون ابدا بتضحية الآخرين بأنفسهم لحمايتي من مصيري المحتوم ! فهذه حياتي انا وانا الذي اتحمل تبعات اخطائي وكل ما ينشأ ويصدر عنها"

التفت ببطء ناحية الذي خرج من الغرفة بأكملها بلمح البصر ، ليحرك بعدها رأسه بيأس وهو ينظر عاليا بقلب مثقل بالهموم وبتفكير لا يبارح عقله منذ وقت طويل ، ليهمس بعدها بالجملة والذي كررها على مدار ايام طويلة وبتعب ارهق كيانه
"سامحيني يا حمامتي الصغيرة على كل شيء ، وكل ما اتمناه ان لا يقسو قلبكِ عليّ ، فوالدك ما يزال يحبك"

______________________________
كان يدمر كل شيء امامه بالغرفة بهياج مندفع فقد به كل برود اعصابه وكأنه ثور خارج عن السيطرة يبطح كل شيء يراه امامه بدون اي هوادة او تراجع...وكلام والده ما يزال يزيد من شعلة الغضب المستعر بداخل جنبات روحه مثل مرجل منصهر على وشك حرق واذابة كل ما يصله نيرانها...وهو ينفث كل النيران المخزنة بداخله بتدمير كل ما تصله يديه بحالة من الجنون الغير محدود وبدون اي انضباط او تفكير .

توقف بعدها بدقائق بإنهاك شل حركة اطرافه لثواني وبعد ان استنزف كل طاقاته المحمولة بداخل جمر روحه ، استند بالجدار بتعب وبأنفاس حادة بحرارة مفرطة على وشك تمزيق خلايا جسده وهو يمسح وجهه بيديه بتعرق وقسوة ، ليخفض بسرعة يديه للأسفل وهو يلتقط سيجارة من جيب بنطاله قبل ان يشعلها من فوره بالقداحة بيده الاخرى ، لينفث بعدها دخان السيجارة مع انفاسه بالجو ونظراته معلقة بالدمار العاصف امامه والذي احدثه بالغرفة بلحظة بدون اي شعور او اهتمام .

رفع عينيه العسليتين باحمرار قاتم مهيب وهو يتابع سحب الدخان امامه بسكون احتل حياته فجأة ، لتتداخل بلحظة بعض الخيالات البعيدة مع ضباب الدخان والذي كان يشاهده بنفس النظرات الشاردة المجردة من اي مشاعر عندما بدأت حكايته قبل سنوات والتي طبعت بذنوب حياته الكثيرة ، وبعد ان عقد قسم مع نفسه بأن لا يعود لتلك الذكريات والحفرة السحيقة والتي خرج منها بأعجوبة وانتهى وبدون اي اصابات او مشاكل بعكس الآخرين معه ، بتلك اللحظة ما يزال يذكر رنين الاسم على اذنيه والذي انتشله من شروده ليكون لعنة وصمت بحياته
"غنوة مصعب"

نظر له بسرعة باتجاه الشاب الجالس امامه بغرفة صغيرة لا تتجاوز اعمارهم الثامنة عشرة وهو يشاركه بنفس الدخان الخارج من سجائرهم حتى ملئت الغرفة بأكملها بضباب انفاسهم ، حرك عينيه بعيدا عنه بلا مبالاة وهو يهمس بشبه ابتسامة ساخرة
"هل هي فتاة جديدة تسعى للحصول عليها بعد ان ذقت ذرعا من الفتاة الاخيرة ؟"

حرك رأسه بتلك الطريقة التي تشير برغبته للاستعداد للصيد وهو يبتسم بشرود قائلا بشراسة
"بل هي تختلف عن جميع الفتيات اللواتي تعرفت عليهن ، وهذا لأنها تمتلك كل الصفات والتي حلمت بها بنوع الفتاة والتي لم اجربها بحياتي ، ولن تستطيع تصور رغبتي الحارقة بالحصول عليها وضمها لمجموعتي الخاصة"

ارتفع حاجبيه ببطء مندهش وهو يتابع تدخين سيجارته بعدم اهتمام ليهمس بعدها باستهزاء واضح
"لقد ادهشتني حقا بكلامك ! يبدو بأنك قد انتقلت لمستوى آخر بذوقك باختيار فتياتك ؟ ولكن هل ستكون فتاتك الجديدة مجرد نزوة عابرة مثل جميع من قبلها ؟"

ضحك بخشونة وهو يلوح بسيجارته بتسلية قائلا بابتسامة مفترسة بتصميم
"بل هي اجمل نزوة قد تمر على حياتي بسنوات عمري الثامنة عشر ! وكل ما انتظره هو حصولي عليها وجعلها طوع امري وكما اريد"

ضيق عينيه بلحظة وهو ينفث الدخان بهدوء قبل ان يتمتم بوجوم غير معبر
"حسنا وما دخلني انا بمخططاتك هذه والتي لا تهمني بشيء ولا تشكل فرق بحياتي !"

تقدم فجأة بجلوسه بتحفز وهو يسند يديه فوق ركبتيه وبابتسامة اتسعت بلحظة بمغزى قبل ان يهمس بمكر
"انت هو اساس خطتي يا مازن ، فأنا اريد منك انت ان تحصل لي على تلك الفتاة وتسلمها لي وهذا بعد ان تستدرجها بلعبة الحب وبطريقتك الملتوية الشهيرة والتي تسحر الفتيات الصغيرات ، لتسلمها لي بعدها ببساطة وينتهي دورك هنا"

عقد حاجبيه بغموض وهو يخفض وجهه قليلا هامسا ببرود
"ولما لا تحاول انت الحصول عليها بنفسك ؟ لما اخترتني انا تحديدا من اجل هذه المهمة السخيفة باللعب على فتاة لا يربطني بها شيء ؟"

زفر انفاسه بهدوء بدون ان يبعد نظراته عنه وهو يقول بيأس مزيف
"لو كنت استطيع الحصول عليها لما استعنت بك ! فهي تبدو من النوع العنيد والذي لا يقبل بالعلاقات العابرة وهذا ما يعجبني بها ! وقد جربت حظي معها ولم افلح بشيء ، وبما انك شعبي بين الفتيات ولديك خبرة واسعة بالتعامل مع هذا النوع ، فلن تمانع مساعدة صديقك الوحيد بهذه المهمة المستحيلة وبهذه الظروف العصيبة"

كان يحرك رأسه بعيدا بتصلب وهو يفكر بهذا النوع من الفتيات والذي لديه نبذة واسعة عنه لا يبارح تفكيره ابدا ، وهو يتمثل بطفلة صغيرة متمردة تستطيع القضاء على كل من يتعرض لها بنظرة واحدة لها وبوقاحتها الغير محدودة مثل الشياطين الصغيرة !

قال بعدها بلحظات بهدوء وهو يكمل نفث دخان سيجارته
"ما هو نوع تلك الفتاة بالضبط ؟"

ردّ عليه من فوره بابتسامة متسلية
"انها فتاة مدرسة وهي لا تتجاوز عمر الخامسة عشرة ، صغيرة وجميلة بشكل لا يوصف وتستطيع العبث بغرائز الجنس الآخر بنظرة واحدة لها"

تشنجت ملامحه وهو ينظر له مباشرة قائلا ببساطة
"ألم تجد سوى طالبة مدرسة لتلعب معها ! هذا النوع لا احب المخاطرة معه فهو يسبب لي الكثير من المشاكل ، لذا انسى الأمر ؟"

اعتدل بجلوسه وهو يقول بحاجبين معقودين بحدة
"لا تقل هذا يا رجل ! فأنت املي الوحيد والاخير بالحصول عليها ، إذا لم تساعدني فسأخسر حب حياتي للأبد"

عبست ملامحه بلحظة وهو يلوح بيده قائلا بلا مبالاة
"لما لا تبحث عن فتاة اخرى لتلعب معها ؟"

اسند مرفقه بذراع الكرسي وهو يهمس بابتسامة مفترسة بكسل
"الأمر ليس بهذه السهولة يا مازن ، فقد اختار القلب وانتهى الأمر ومشاعري نحوها لن تتغير مهما حدث وجرى"

زفر انفاسه بحدة وهو ينهض عن الكرسي بقوة ليستدير بعدها بعيدا عنه وهو يهمس بجفاء باهت وبدون اي اهتمام
"إذاً حل مشكلتك لوحدك ، فأنا كما اخبرتك لا علاقة لي بمثل هذه الأمور التافهة والتي لا تعنيني بشيء ، وليست من اختصاص عملي هنا"

ولكن ما ان ابتعد قليلا عنه حتى قال الجالس من خلفه بأريحية وبجمود قاسي
"إذا رفضت مساعدتي ستخسر فرصة الانضمام لعصابة مأمون ، وإذا اردت يمكنني ان اكون واسطة لك واجعلك تدخل لها وتكون عضو بها بكل يسر وسهولة ، أليس هذا ما تريده !"

تسمر بمكانه للحظات طويلة وكل الافكار تدور برأسه بدوامة واسعة وبتخبطات متداخلة بين صراع الرغبة والرفض ، ليتنفس بعدها من بين اسنانه بيأس وهو يهمس بخفوت مقتضب
"هل الفتاة تعيش مع عائلتها ؟ فلا اريد التورط بين عائلة محافظة او متشددة"

اجابه بلحظة بابتسامة عملية بنشوة الانتصار
"الفتاة يتيمة وهي تعيش مع والدتها فقط ، لديها شقيق واحد لكنه يعيش بعيدا عنهما بسبب ظروف العمل والدراسة ، يعني الطريق مفتوح امامك !"

زفر انفاسه بهدوء شديد قبل ان يخرج همسه بخواء فارغ
"لا بأس ، اعتبر الأمر محلول عندي"

ارتخت عضلاته بخمول تام ما ان خرج من دوامة ضباب ذكرياته وهو يجلس على الارض ببطء وبسكون تام ، ليرفع بعدها يده بصعوبة وباهتزاز وهو يحاول رشف عدة انفاس من دخان سيجارته قبل ان يطلقه بسماء عالمه ، لتعود تلك الذكريات الضبابية لأسر عقله بتلك الذكرى البعيدة وبداية تلك اللعبة اللعينة ، وهو ما يزال يرى تلك الفتاة الصغيرة التي كانت ترتدي زي مدرستها وهي تتجه مباشرة بطريق مرصوف بالحجارة بخط مستقيم بدون ان يقاطعها احد وكفها الصغيرة تتلاعب بأوراق الياسمين المعلقة بجدران المنازل الحجرية بطريقها بانسجام .

كان يراقبها عن كثب وهو يرى الرجل الذي اعترض طريقها فجأة بدون سابق إنذار ، وبلحظات قصيرة كان يصل لها بلمح البصر ليهجم على الرجل الغريب وهو يمسك بياقة قميصه ليلصقه بالجدار بجانبه بضربة واحدة فقط من قبضته ، ما ان استوعب الرجل صدمته حتى جرى بتعثر بعيدا عنهما بلحظات .

نفض ذراعيه بقوة وهو يدس كفيه بجيبي بنطاله قبل ان ينظر بأطراف عينيه نحو التي همست بإحراج لون بشرتها البيضاء باحمرار طفيف
"شكرا لك"

عقد حاجبيه بجمود وهو يقف امامها تماما ليحرك رأسه بإشارة للطريق قائلا بهدوء
"هيا تحركي امامي"

ارتفع حاجبيها الصغيرين بدهشة قبل ان تحرك رأسها بإيماءة طفيفة وهو تستدير بعيدا عنه قبل ان تتحرك باتجاه مدرستها بثبات ، كان يسير من خلفها على بعد خطوات منها طول طريق ذهابها للمدرسة بدون ان يحيد عن مسارها ، وما ان وصلت لمدخل المدرسة حيث تجمعات الطلاب هناك حتى التفتت من فورها للخلف وهي تشاهد الذي غير مسار طريقه بعيدا عنها بصمت كما جاء ، ليستمر على هذه الحال وهو يتابعها يوميا طول طريق ذهابها للمدرسة بكل صباح تخرج به من المنزل بدون اي كلل او ملل ، حتى صادف اليوم الذي نادت به على ذاك الغريب بصوتها المحرج الهادئ
"عفوا ! هلا اخبرتني ما هو اسمك ؟"

نظر لها للحظات قبل ان يهمس بابتسامة هادئة بجمود
"اسمي هو مازن"

زمت شفتيها بارتباك وهي تتلاعب بأصابع كفيها هامسة بخفوت
"لما تلاحقني بكل مرة اذهب بها للمدرسة ؟ هل تريد مني شيء ؟"

اجابها ببساطة وهو يحرك يده جانبا ببرود
"أليس هذا واضحا ! لكي اتأكد من سلامة الطريق امامك فقد لاحظت بأنكِ وحيدة وليس هناك اي احد يرافقك وطريق مدرستك خطير ، وهذا واجبي ناحية ابنة منطقتي"

اتسعت عينيها السوداوين الواسعتين بانشداه لوهلة وهي تهمس بابتسامة صغيرة بارتباك
"حقا هذا لطف منك ! لم اكن اعلم ان هناك رجال من امثالك ما يزالون موجودين على كوكب الأرض !"

ارتفع حاجبيه بوجوم وهو يشعر بنفسه قد ذاق ذرعا من هذه التمثيلية السخيفة والتي تناقض حقيقته ، ليستدير من فوره بعيدا عنها وقبل ان يبتعد سمع صوتها الهامس بسعادة غريبة بحياء
"اسمي هو غنوة بالمناسبة ، ويمكنك مرافقتي بطريق ذهابي للمدرسة دائما بدل ان تتسلل من خلفي هكذا بكل مرة !"

تجمدت ملامحه بصدمة وهو لا يصدق كيف وصل لطريقه بسرعة وبسهولة هكذا بدون اي شقاء او عناء ؟ ليلتفت بنصف جسده نحوها بلحظة وهو يصدم بنظراتها المسلطة نحوه بطريقة تختلف عن سابقتها وبابتسامة كبيرة كانت تحتل وجهها الدائري الصغير بجمال ، ليتدارك نفسه بسرعة وهو ينتشل نظراته عنها ليكمل طريقه بعيدا عنها وبدون ان يلقي نظرة اخرى عليها .

تنفس بهدوء وهو يسعل بقوة اتعبت حنجرته ، ليريح بعدها مرفقه فوق ركبته المنتصبة وهو يشرد بذكرياته البائسة والتي اطلق سراحها اليوم ، كل ما يتذكره بعدها بمجريات تلك اللعبة هو مناوبته الدائمة على اصطحابها يوميا بطريق ذهابها للمدرسة حتى اصبحت عادة بالنسبة له وهو يزيد ذلك الرباط الوهمي بينهما بدون ان يكون لديه سبيل بإيقافه ، وعندما شعر بعدها بدنو الخطر القريب منه والذي يوشك على تدمير رتابة حياته واستنزافه كذلك كل طاقته ليكون النقيض عن نفسه امامها قرر الانسحاب من اللعبة والتخلص من هذه المهزلة .

وقف امامه مجددا بنفس المكان وهو يقول له بهدوء ظاهري بغلاف البرود
"جابر لقد قررت الانسحاب من اللعبة ، ولم اعد اريد الاستمرار بها"

صرخ بسرعة الواقف امامه باستنكار ممزوج بالذهول
"ولكن لماذا تنحسب الآن ؟ بعد ان اقتربنا اخيرا من الوصول لهدفنا تقرر الهروب الآن !"

استدار بعيدا عنه وهو يتجه نحو الباب قائلا بعدم مبالاة
"هذا كل ما لدي ، ومنذ البداية اخبرتك بأن هذه الأمور ليست من اختصاصي"

تجهمت ملامح (مازن) فجأة ما ان سمع كلام الواقف من خلفه بنبرة محتقرة بازدراء
"انت بهذه الطريقة تضيع فرصة ذهبية بالانضمام لعصابة مأمون والتي لن تأتي مثل هذه الفرصة مرة اخرى ، وانا بنفسي سأتأكد من عدم انضمامك لها بحياتك"

كان قد وصل له بخطوات فاصلة ليلكمه بوجهه بقوة لدرجة اوقعته جالسا على الكرسي بعنف وهو يهمس فوق وجهه بتوحش مفترس
"إياك وان تحاول التحكم بي بمثل هذه الطريقة الحقيرة ، فأنا لست لعبة بين يديك لتستغلها لأغراضك الدنيئة وكما يحلو لك ، ولا يشرفني ايضا ان اكون صديق لزير نساء مثلك"

نفض ذراعيه للأسفل بعنف وهو يسير من فوره باتجاه الباب بهياج مندفع ، ولم ينسى تلك الكلمات والتي قالها صديقه من خلفه بوعيد الحقد والانتقام
"ستدفع ثمن هذا غاليا يا مازن ، انا اعدك ، لن ارحمك"

شدد من الضغط على اسنانه بقسوة وهو يبتسم بسخرية شامتة بحالته عندما لم يأخذ كلامه على محمل الجد ، حتى تدمر كل شيء بيوم واحد فقط وبساعات قليلة وامام عينيه ، وكل ما حدث قبل حلول العاصفة هو سماع كلمات واحد من اصدقاء عصابته وهو يقول له بلهاث مذعور
"بسرعة يا مازن تصرف ! لقد اختطف رجال جابر تلك الفتاة واقنعوها بأن تأتي معهم من اجل مقابلتك ، وهي ذهبت معهم بملء إرادتها ، ويخبرك جابر ايضا بأنه يريد مقابلتك عند مصنع البلاستيك القديم بغضون دقائق"

بعدها كل شيء حدث بسرعة خيالية حتى نسي معظم الأحداث هناك بين الوقت الذي استغرقه بالوصول لهم وبين وقته بالتفكير بحال تلك الفتاة والذي كان السبب الرئيسي بتوريطها بكل هذا ، ولم يجد نفسه سوى امام صديقه الذي كان اقرب الاصدقاء له وهو يصوب المسدس بوجهه والذي حصل عليه من اجل الدفاع عن نفسه بحكم عمله بين العصابات ، بينما الواقف امامه يمسك بذراع الفتاة صاحبة الزي المدرسي والذي يدل بأنها قد اختطفت بوقت ذهابها للمدرسة ، وهي منكسة الرأس بدون ان يظهر شيء من وجهها المغطى بستار شعرها وبسكون موحش ، بادر بعدها بالكلام صاحب الصوت المتوحش وهو يهز الفتاة بتملك قائلا بانتشاء واضح
"انظر لقد حصلت اخيرا على فتاتي بدون مساعدتك ، ولكن شكرا لك على خدماتك فقد ساعدتنا كثيرا"

صرخ فجأة بغضب وهو يلوح بالمسدس بعنف
"اترك الفتاة يا جابر ، اتركها حالاً"

ابتسم بميلان خبيث وهو يخرج مسدسه من خلف ظهره ليرفعه لرأسها قائلا بضحكة ساخرة
"لماذا كل هذا الدفاع عنها يا صديقي ؟ هل يعقل بأنك قد وقعت بحبها ؟ يا لهذه الخيانة الكبرى !"

عاد ليشدد على اسنانه بقسوة وهو يهمس من بينهما بحنق نافذ
"هذا ليس من شأنك ، ولن اسامحك على الكذب عليها وقول كلام على لساني ، ايها الحقير"

حرك رأسه بأسف مزيف وهو يهمس بخفوت متسلي
"لا تحاول لعب دور البطل المغوار ، فقد كشفت كل ألاعيبك امامها ، وهي الآن تعلم عن خططنا كاملة ومن الذي كذب على مَن ! لذا لا داعي للمزيد من التمثيل بما ان اوراقنا قد كشفت الآن امام بعضنا البعض يا صديقي العزيز"

كان ينقل نظراته نحوها بصدمة وبخوف خفي وهو يلمح رأسها والذي ارتفع نحوه ببطء شديد قبل ان يتقابل بلحظة مع عينيها واللتين اختفى منهما كل بريق بمقلتيها السوداوين الواسعتين وبنظرة كره خفية لمعت بظلام احداقها لتطغى على نظراتها القديمة والتي كانت تملئها بعاطفة حبها المجنون به لتبدلها بكره واضح ونفور بارد ، تلك النظرة لم ينساها بحياته ابدا فقد كان يراها بعيون (ماسة) ايضا حتى اصبحت بعيون جميع الفتيات وهو يتحول للكائن المكروه والمنفور بالنسبة لهم ، وما حدث بعدها هو جنون فقد السيطرة على جماحه وهو ينوي اطلاق النار على صديقه والتخلص من ذاك الشعور المؤلم والذي بعثه بداخله بالموت البطيء ، وهو يصرخ بلحظة بكل حقد وغضب وبطيش الشباب والذي يستبد به عادة عندما يصل غضبه لأقصاه ويطلق جماح رعونته
"سأقتلك ايها الحقير ، لن اسامحك عليها ، لن ادعك تبقى على قيد الحياة بعد كل ما فعلته الآن !"

لم يرى بعدها سوى ابتسامته الشامتة بخبث وهو يضغط زناد المسدس بكل قوة وتهور لتنطلق الرصاصة بلحظة بخط مستقيم قبل ان تصيب آخر من توقع ان تصل له وهي تستبدل بصاحب الابتسامة بلمح البصر ، اتسعت عينيه باهتزاز مذعور لأول مرة وهو يشاهد الجسد الصغير والذي ارتمى قتيلا امام عيون جميع افراد العصابتين بصدمة حلت على الجميع لثواني ، بينما اول من قطع الصدمة الذي قال بحزن مزيف بدون اي تأثر بما حدث الآن
"يا إلهي ! لقد قتلت فتاتي يا مازن ! كيف فعلت هذا بصديقك العزيز ؟ حقا انت مجنون !"

سكنت ملامحه وجسده وكل شيء يحيط به بدون اي حراك وهو ما يزال يسمع صوت ضحكه الشرير بسخرية قميئة وهو يغادر بعيدا عنه وبعد ان دمر كل شيء ببساطة ، لتختفي بعدها الاصوات الواحدة تلو الاخرى حتى لم يتبقى سوى صوت تخبطات صدره المتسارع وصراع عقله المستميت وحرب بين المنطق والقلب وشخص عالق بينهما لا يعرف السبيل بالفرار .

نهض عن الأرض بتعب وببعض الدوار الذي بدأ يلف رأسه بصداع رهيب شطره لنصفين ، ليخطو قليلا للأمام بإنهاك وهو يعرج بقدميه بصعوبة قبل ان يرتمي على السرير بتعب وهو يكمل دوار احلامه مع ذكرياته السحيقة بدفنها بملاءة السرير براحة ، وهو يفكر فقط بكل ما اقترفه بحياته من آثام وذنوب وكل ما دفع الفتيات واللواتي اقترن به بصلة يوماً لكي لا يكنوا له سوى الكره والنفور حتى اصبح بالنهاية كائن بشع لا يستحق الحياة بنظرهن ، (ماسة) و (صفاء) و (غنوة) ، جميعهن يختلفن بصفات الشبه والتصرفات ولكنهن يتشاركن بشيء واحد اجتمعن عليه معا وهو الكره والنفور نحو الرجل والذي دمر حياتهن يوما وما يزال ، وهو يتذكر الانصاف الإلاهي بهذه الحياة القاسية والتي تعطي كل منه حقها بها بدون اي نقص او خسارة
(كما تدين تدان)

يتبع.......



التعديل الأخير تم بواسطة ebti ; 30-10-21 الساعة 11:43 PM
روز علي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 10:34 PM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.