آخر 10 مشاركات
فتاه ليل (الكاتـب : ندي محمد1 - )           »          وريف الجوري (الكاتـب : Adella rose - )           »          لك بكل الحب (5) "رواية شرقية" بقلم: athenadelta *مميزة* ((كاملة)) (الكاتـب : athenadelta - )           »          445 - غرباء في الصحراء - جيسيكا هارت ( عدد جديد ) (الكاتـب : ^RAYAHEEN^ - )           »          الجبلي .. *مميزة ومكتملة* رواية بقلم الكاتبة ضي الشمس (فعاليات رمضان 1436) (الكاتـب : قصص من وحي الاعضاء - )           »          دين العذراء (158) للكاتبة : Abby Green .. كاملة مع الروابط (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )           »          لقاء الخريف / الكاتبة : طرماء و ثرثارة ، كاملة (الكاتـب : taman - )           »          لا تتحديني (165) للكاتبة: Angela Bissell(ج2 من سلسلة فينسينتي)كاملة+رابط (الكاتـب : Gege86 - )           »          Caitlin Crews - My Bought Virgin Wife (الكاتـب : silvertulip21 - )           »          رافاييل (50) للكاتبة: ساندرا مارتون (الجزء الأول من سلسلة الأخوة أورسيني) .. كاملة.. (الكاتـب : Gege86 - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > الروايات الطويلة المكتملة المنفردة ( وحي الأعضاء )

Like Tree1100Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 27-03-21, 07:54 PM   #21

روز علي
 
الصورة الرمزية روز علي

? العضوٌ??? » 478593
?  التسِجيلٌ » Sep 2020
? مشَارَ?اتْي » 711
?  نُقآطِيْ » روز علي is on a distinguished road
افتراضي


دخلت للمنزل بهدوء وهي تعدل من وضع حزام حقيبتها فوق كتفها مرجعة خصلات شعرها الطويلة العالقة للخلف برفق ، لتتوقف بعدها فجأة ما ان ظهرت امامها زوجة ابن خالها والتي تقصرها بالقليل من الطول ذات عيون سوداء مكحلة وهي تبدو بمثل عمرها تقريبا وقد كانت ترتدي قميص نوم احمر طويل مظهرا مفاتنها بوقاحة بدون ان تهتم لذلك .

حركت عينيها الشاحبة بعيدا عنها ما ان بدأت المقابلة لها بالكلام قائلة بإيباء وهي تكتف ذراعيها فوق صدرها بقوة
"مرحبا بابنة عمة زوجي ام اقول ابنة المجرم قيس"

تأوهت (سلوى) فجأة وهي تتابع كلامها باعتذار شديد
"اعتذر حقا لم اقصد ان اهينكِ بكلامي او ان اقلل من شأنكِ فأنتِ بالنهاية ابنة هذه العائلة ، ولكن لا بأس سنبدأ من جديد ، انا اسمي سلوى واكون زوجة ابن خالكِ احمد"

تنهدت (روميساء) بإنهاك وهي تفكر بأنه لا ضير من مجاراتها بالمثل والتصرف معها بلباقة بما انها لم تخطئ بحقها بعد فهي بالنهاية فرد من هذه العائلة وعليها التعايش معها حتى لا تُطرد هي وشقيقتها من هذا المنزل بأكمله ، لتعيد بعدها نظراتها نحوها وهي تقول بابتسامة هادئة باتزان
"مرحبا بكِ تشرفتُ بالتعرف عليكِ ، وانا اسمي روميساء الفاروق ابنة مايرين الفكهاني ، وقد اخبرتكم من قبل بكل تفاصيل حياتي وبكل شيء يخصني"

حركت (سلوى) رأسها بهدوء وهي تمثل الانتباه لتهمس بعدها وهي تضيق عينيها بتركيز
"هذا يعني بأن الشخص والذي ألقوا بالقبض عليه ليس بوالدكم الحقيقي"

عقدت حاجبيها بوجوم وهي تهمس بخفوت متصلب
"لا ليس بوالدنا ، فقد توفي والدنا منذ سنوات طويلة"

عبست ملامح (سلوى) بحزن مزيف وهي تتمايل امامها قائلة بحيرة مريبة
"ولكن إذا كان هذا صحيحاً ، كيف استطعتم العيش انتِ وشقيقتك مع شخص غريب لا يقرب لكم بشيء طول تلك السنوات الماضية"

قبضت (روميساء) على كفيها بجانبي جسدها بشرود وهي تشعر بها تحاول التحقيق معها بالنبش بذلك الماضي المشوه والذي جعل الكثيرين يتسائلوا نفس سؤالها بعد وفاة والدتها عن القرابة الغريبة والتي تجمعهم بذلك المدعو (قيس) ليتولى هو رعايتهما واخذ حضانتهما بذلك السن الصغير ؟ قطع بعدها شرودها صوت (سلوى) وهي تقول بتأني خبيث
"يا لغبائي يبدو بأنني قد ضايقتكِ كثيرا بسؤالي وتطفلي المبالغ به ، فهذا السؤال لا يجوز طرحه ابدا فهو يتعلق بالشرف والسمعة ، أليس كذلك"

اتسعت حدقتيها الخضراء وهي تنظر لها بوجل لتقول عندها بخفوت شاحب
"غير صحيح ، فهو قد تزوج من والدتي منذ سنوات طويلة وقد حصل على حضانتنا منذ كنا اطفال وقبل وفاة والدتي ، لذا هو يعتبر مثل والدنا الروحي والمسؤول عنّا منذ ذلك الوقت ، هذا كل شيء"

زمت (سلوى) شفتيها بعدم اقتناع وهي تنظر لها بتركيز حاد ممسكة بخصرها بيديها بقوة ، لتحاول بعدها (روميساء) تجاوزها وهي تفكر بالهروب منها ومن اسئلتها والتي بدأت تضايقها وتنهش روحها الضعيفة امام طوفان الماضي والذي انتشلها بعيدا عن الحاضر ، عادت المقابلة لها للوقوف امامها بقوة وإصرار بدون ان تدعها تفلت منها وهي تقول بابتسامة مزيفة
"لما كل هذا الاستعجال لم ننهي كلامنا بعد ، ام انكِ لا تحبذين الكلام معي"

تراجعت (روميساء) بخطواتها للخلف وهي تهمس باقتضاب مشتد
"ليس هكذا هو الأمر ، ولكني متعبة جدا من العمل واريد الذهاب لارتاح بغرفتي"

تقدمت (سلوى) امامها وهي تتمايل حولها قائلة بتفكير خبيث وهو تسير من حولها كالأفعى
"ولكن ما حاجتكِ من العمل ، بينما يوجد بمنزل خالكِ كل ما تحتاجينه على من في مثل مكانة هذه العائلة ، ام انكِ تحبين التذلل امام الناس وتمثيل دور المضحية والجادة بمهنتها والتي لا تقبل المال من الغير بالرغم من انها تحاول البحث عن اي منفذ لتدخل لقلوب العائلة وتحتل مكانا ثابتا بها لترسخ به للأبد"

ارتفع حاجبيها السوداوين بصدمة وهي تنظر لها بذهول غير مصدق مما سمعته اذنيها من كلام رديء غير صحيح ابدا وليس له علاقة بهدفها بمهنة التعليم الشريفة والتي قطعت بها مسيرة طويلة بحياتها ، اخترق بعدها صوت آخر بعيد وهو يقول بجمود بارد يغلفه القسوة
"هذا لأنكِ جاهلة ولا تعرفين ماذا تعني الوظائف وما هي قيمتها بالنسبة لناس عاشت كل حياتها بمجال العمل والاعتماد على النفس بدون مساعدة اي احد لم يعترف بوجودها من الأساس ، فنحن لدينا عزة نفس وكرامة ليس مثل باقي البشر المنحطين ، ولكن كيف ستفهمين هذا وانتِ عشتِ كل حياتكِ مدللة رخيصة تحصلين على كل شيء تريدينه بدون ان تتعبي نفسكِ حتى بالطلب لتصبحي بالنهاية فاشلة بحياتكِ تبحثين عن اي فريسة لتلقي عليها بعيوبكِ المرضية والتي تعانين منها"

مرت لحظات مشحونة بالمشاعر المتناقضة والتي خلفها كلامها قبل ان تنتقل الأنظار لصاحبة الصوت البارد والتي كانت تقف على بعد خطوات منهما ، بينما رفعت (روميساء) قبضتها لصدرها بتعب وهي تتوقع الاسوء من شقيقتها المجنونة والتي تبدو قد اظهرت انيابها الحادة والتي تخيف اعتى الرجال لتجلب نهاية وجودهما بهذا المنزل وهي تهين زوجة ابن العائلة علانية ، لتنقل بعدها نظراتها للواقفة بجانبها بتجمد وكأنها تحاول استيعاب كلامها والذي ضرب تفكيرها بالصميم ، ليحدث عندها ما توقعته تماما وقد بدأت (سلوى) بالكلام قائلة بغضب مشتعل يكاد يحرق كل من يقترب منها
"من تقصدين بكلامكِ يا ابنة المجرم ، ومن هي المدللة الرخيصة"

سارت (ماسة) عدة خطوات وهي تقطع المسافة الفاصلة بينهما ونظراتها معلقة بشقيقتها الكبرى والتي كانت تحرك رأسها بالرفض بصرامة مما تفعله وتنوي على فعله ، وما ان وقفت امامها حتى نقلت نظراتها للمشتعلة امامها وهي تقول بابتسامة ساخرة باستهزاء
"ومن يوجد هنا مدللة رخيصة غيركِ بنصف عقل ، ام انكِ تقصدين بكلامكِ باقي افراد عائلة زوجك المحترمين والذين لا يعرفون شيء بحياتهم سوى قطع القرابات وإخراج المقربين منهم من حياتهم بدون التفكير بمصيرهم..."

قاطعتها (روميساء) هامسة بخفوت متشنج
"ماسة"

اشاحت (ماسة) بوجهها بعيدا عنهم ببرود ، بينما افاقت (سلوى) من صدمتها وهي تهمس بتلعثم بعد ان فقدت السيطرة على نفسها وطارت كل الكلمات من رأسها من إهاناتها المباشرة لها والموجهة نحوها
"ايتها الوقحة وتتكلمين عن عائلة خالكِ بكل هذه الجرأة وعن زوجة ابن خالك والتي تكون اكبر منكِ سنا ، ومتناسية ايضا بأنهم قد استقبلوكِ بالمنزل بكل طيبة قلب يا ناكرة الجميل...."

قصف صوت صارم قاطعا استرسالها بالكلام وهو يقول بحدة
"ما لذي يحدث هنا"

استدارت (سلوى) وهي تنظر بجزع لزوجها وهو يتقدم امامها ناظرا لهم بحيرة واجمة ، لتقول بعدها (سلوى) بسرعة بارتباك متعثر
"اسمعني يا احمد تلك الوقحة ابنة عمتك قد اهانتني وقللت من شأن العائلة بأكملها ، متناسية فارق السن بيننا..."

عاد (احمد) لمقاطعتها وهو يقول بنفاذ صبر
"كفى يا سلوى ، لا اريد سماع اي كلمة منكِ ، فقد خذلتني الآن حقا بتصرفكِ واخلفتِ بالوعد والذي قطعته بيننا"

عبست ملامح (سلوى) بتجهم لتتدخل بعدها (روميساء) وهي تخفض رأسها قائلة بحزن شديد
"اعتذر حقا على ما حدث يا سيد احمد فقد اخطئت ماسة كثيرا بحق زوجتك ، واتمنى حقا ان تتقبل اعتذاري بدلا عنها"

كانت (ماسة) تنظر بعيدا عنهم وكأن الكلام لا يخصها ، بينما ارتبك (احمد) امام حزنها وهو يقول ببساطة وابتسامة صغيرة تحتل محياه
"لا بأس يا روميساء ، لا تهتمي لما حدث ولا داعي للاعتذار من الأساس فأنا اعرف جيدا بأن زوجتي هي التي بدأت اولاً"

فغرت (سلوى) شفتيها بغضب وهي تشتعل بكل معنى الكلمة من تحت قماش قميص نومها الخفيف بدون ان تنطق بأي كلمة ، بينما اومأت (روميساء) برأسها بامتنان قبل ان تمسك بذراع شقيقتها وهي تسحبها بعيدا عنهم باتجاه البهو الواسع ، ونظرات (احمد) ما تزال شاردة بهم قبل ان ينقل نظراته لزوجته وهو يقول بصرامة حادة
"هذه المرة لم يحدث شيء ، ولكن إذا تكررت مرة أخرى فلن تتوقعي عندها ردة فعلي فقد استنفذتِ عندي كل فرصك"

التفتت (سلوى) برأسها نحوه وهي تريد التكلم بامتعاض قبل ان يسبقها (احمد) وهو ينظر لها بنظرات ممتقعة حادة
"وايضا بدلي ملابسكِ هذه وإياكِ وان تخرجي بها مرة أخرى امام احد فأنتِ لستِ وحدكِ بالمنزل ، فهمتي"

زفرت انفاسها بحدة بدون ان تعير كلامه اي اهتمام لتغادر بعدها بعيدا عنه وبطريق مغاير عن الأخريات ، لتترك (احمد) من خلفها وهو شارد بنظراته بعيدا ويفكر بأنه قد اخطئ كثيرا عندما فكر بالزواج يوما وكان عليه البقاء كما هو عازب مثل شقيقه الأصغر والذي يعيش حياته بحرية وبدون اي قيود تخنقه .

____________________________
كان يسجل الاسماء على القائمة امامه بتركيز وهو يحرك القلم بين اصابعه بحركة رتيبة ، ليقول بعدها بتفكير وهو يعدد الاسماء بالقائمة بترتيب
"هل هناك احد منهم لم نسجل اسمه ، هل هناك شخص ببالك تفكر بدعوته"

حاد (احمد) بنظراته بضيق نحو شقيقه والجالس بجانبه والذي كان مشغول بلعب بهاتفه وهو يضغط على شاشته بتركيز بدون ان يشعر مما يدور من حوله ، ليرفع بعدها ذراعه بهدوء وهو ينتشل الهاتف من بين يديه بقوة ليبعده عن مرمى نظره ، لينتفض عندها بمكانه وهو يعتدل بجلوسه قائلا بتذمر شديد
"لما فعلت هذا يا احمد ، اتعلم بأنني كنتُ اخوض جولة مهمة بلعبة وانت الآن قد خسرتني كل جولاتي والتي تعبتُ كثيرا حتى وصلت لها"

تجهمت ملامح (احمد) وهو يشير له بالهاتف قائلا بنفاذ صبر
"وانا قد تعبتُ كثيرا وانا اتكلم مع نفسي وكأنني اتكلم مع جدار بدون ان تساعدني ولو قليلا ، وكل ما يهمك هو اللعب واللهو بينما كل تجهيزات الحفلة بالمنزل فوق رأسي انا"

حرك (شادي) عينيه بعيدا عنه ببرود وهو يقول بلا مبالاة
"لم يجبرك احد على تحمل مسؤولية الحفل لوحدك ، وايضا انا لم اوافق على المساعدة بترتيبات ذاك الحفل السخيف والذي لن يرجع عليّ بأي فائدة ، واخبرتك ان تذهب وتطلب مساعدة اي احد آخر غيري بمهامك فأنا لا اهتم"

اخفض (احمد) ذراعه مع الهاتف وهو يتمتم بعبوس متجهم
"ومن الذي سيقبل بمساعدتي ، والجميع قد كلف هذه المهمة لي ولا يجوز لأي احد مساعدتي بها ، وكأنني لستُ بشر اتعب واشعر"

اتسعت ابتسامة (شادي) وهو يقول بطرافة
"لقد اعجبني كثيرا هذا الموشح ، عليك ان تُسمعه لوالدي فقد يرحمك قليلا بالمهام والتي يوكلها لك"

ردّ عليه (احمد) بتصلب بدون اي مرح
"انا لا امزح معك يا شادي ، وبدلا من السخرية مني جد لي حلاً"

اشاح (شادي) بوجهه جانبا وهو يتمتم بملل
"ليس هناك حل سوى طلب المساعدة من رئيسك والسبب بورطتك هذه"

تجمدت ملامح (احمد) بغموض وهو يقول بجدية بالغة
"لا تنسى بأنك تتكلم عن والدك ، ولو انه سمعك الآن لقطع لسانك هذا وطردك من المنزل بأكمله"

عاد (شادي) بنظراته نحو شقيقه بهدوء وهو يقول ببرود متجاهلا كلامه الأخير
"اخبرني إذاً ما سبب هذه الحفلة الغريبة ، فما اعرفه عن السيد محراب بأنه لا يحب عمل الحفلات بمنزله ولم يفعلها من قبل"

شرد (احمد) بنظراته بعيدا وهو يتذكر كلام والده الاخير والذي لم يفهم منه شيئاً وإذا كان سبب الحفلة هو الشراكة حقا او انه سبب آخر مختلف تماما عنه ؟ قال بعدها بلحظات بدون اي تعبير
"لا اعرف حقا ما سبب هذه الحفلة"

ردّ عليه (شادي) وهو يحرك رأسه بملل
"كل هذا الوقت اخذته بالتفكير لتخبرني بهذا الكلام ، كنت قلتها من البداية وارحتنا"

التفت (احمد) نحوه بقوة وهو يقول بصرامة حادة
"توقف عن اللف والدوران معي ، واخبرني هل ستساعدني بهذا العمل ام ستؤخذ دور المشاهد فقط"

ردّ عليه وهو يعيد ذراعيه لخلف رأسه براحة
"لا تقلق فلن اؤخذ دور المشاهد هذه المرة بل سأؤخذ دور الغائب ، واريحكم من وجودي بأكمله ومن حفلكم السخيف"

عقد حاجبيه بحدة وهو يقول بتصلب مشتد
"هل ستغيب عن الحفلة والتي ستحدث بالمنزل"

حرك (شادي) رأسه بالإيجاب بقوة بدون ان ينطق بأي كلمة ، ليتابع بعدها (احمد) كلامه بحدة وهو يمسد على جبينه بيده بإنهاك
"يا إلهي ساعدني مع هذا الاحمق ، لما تحب ان تجلب لنفسك المشاكل ووجع الرأس مع والدك وكأنك تهوى فعل هذا ، لكي يطردك من العائلة بالنهاية ام من اجل ان تعيش المتبقي من عمرك وحيدا بائسا"

ردّ عليه (شادي) وهو يفكر ببلاهة
"لقد اعجبني الخيار الثاني"

حرك (احمد) رأسه بيأس وهو يعود بنظره للأمام ليضع الهاتف جانبا على الطاولة امامه قائلا ببرود
"حسنا كما تشاء افعل ما تريد ، وإذا كنت لا تريد مساعدتي فأنا لم اعد احتاج لها"

اخفض (شادي) ذراعيه عن رأسه وهو يتمتم بابتسامة جانبية
"لا تغضب هكذا يا احمد ، فأنت تعلم بأنني لا استطيع لغضبك ، ولستُ شخصا سيئاً لأترك شقيقي وحده بمصيبته وهو بحاجة لي"

كان يمسك (احمد) بالورقة بيده وقد عاد ليدون عليها بالقلم وهو يحيد بنظراته نحوه قائلا بوجوم
"وهل عليّ ان ابتهج من هذا الكلام"

رفع (شادي) كفه عاليا لرأسه بطريقة مسرحية وهو يقول بطاعة
"انا بخدمتك سيدي"

اتسعت ابتسامة (احمد) بهدوء وهو يرفع حاجبيه بإعجاب منبهر من تغير حاله فهذا هو شقيقه الصغير والذي يتقلب بكل مرة بمزاج ولون مختلف عن الآخر وكله حسب الوضع والبيئة ، تابع بعدها (شادي) كلامه وهو ينظر بعيدا عنه قائلا بحيرة مريبة
"ولكن هل سيحضران بنات مايرين الحفلة ، فقد يفسدوها بسمعتهم السيئة والتي لن يتقبلها مجتمع الطبقة المخملية"

تصلبت ملامحه وكلام الرجل وسؤاله المبطن عن عائلة عمته يمر بذهنه وهذا يعني بأنه لن يكون راضيا عن وجودهن بالحفلة والتي ستقام على شرفه ، ولكن مع ذلك فقد وضح له والده وجهة نظره واستطاع تبرئة عائلة عمته من كل هذه القذارة والتي كان يتكلم عنها ولن يتجرأ بعد الآن على نطق كلمة تسيء لهن مجددا ، قال بعدها بلحظات بجفاء حاد
"لا تتكلم هكذا عن بنات عمتك ، ولا تنسى بأنهن افراد من هذه العائلة ولهن الحق بحضور حفلات العائلة مثلنا تماما"

حرك (شادي) كفيه ببساطة وهو يقول بلا مبالاة متعمدة
"ولكني لم اخطئ بالكلام عنهن ولم اجلب كلام من عندي ، فهذا ما يتكلم عنه جميع افراد المجتمع ومنهم من يظن بأن قيس هو والدهم الحقيقي لأنه قد تبناهم بصغرهم"

اعاد (احمد) رأسه للأمام وهو ينفض الأفكار السوداء عن رأسه بفعل كلامه ، ليعود بعدها للنظر للورقة بيده وهو يقول بحنق بالغ
"توقف عن قول الترهات وساعدني قليلا ام انك تراجعت بكلامك ، لأني لن اعيد لك الهاتف قبل ان تساعدني يا غر"

ارتفع حاجبيه بدهشة مصطنعة وهو يهمس بعبوس
"هل هذا تهديد"

حرك (احمد) رأسه ببرود وهو يعدد الاسماء بالقائمة بتركيز ، ليقول بعدها (شادي) وهو يبتسم باتساع رافعا ذراعيه لفوق رأسه بكسل
"اتعلم يا احمد اشعر بأن هذه الحفلة ستكون مليئة بالمغامرات والمفاجآت الرائعة والتي ستذهل جميع من بالحفلة ، وانا حدسي لا يخطئ ابدا"

____________________________
كانت شاردة بالنظر للنافذة بجانبها والتي كان يكسوها الضباب بفعل الطقس البارد بهذا الوقت من السنة وهي تعتبره اجمل فصول السنة بالنسبة لها والتي تمر عليها عندما تتحول جميع اوراق الربيع للون البني المحمر وهي ترتدي ثوبها المحمر فوق خضارها البديع لتسقط جميع الأقنعة المزيفة وتبدأ الأوراق بالتيبس لتظهر حقيقة الجمال والذي كان يلفت الأنظار إليه من قبل وما هو ألا ارض قاحلة جفت سيقانها بعد ان يئست وتعبت من تمثيل هذا الدور لفترة طويلة ، ليكون فصل الخريف هو راحتها الأبدية ونهاية الأدوار الرديئة ليكون فاصل طويل بحياتهم تختفي بها جميع اشكال الجمال والتي كانوا يتمتعون بالنظر لها من العالم بأسره .

سمعت صوت رقيق بجانبها وهو يقول بارتفاع متعمد
"حفلة الشراكة بين شركة حوت الفكهاني وشركة النصران بنهاية الأسبوع القادم بحلول الساعة التاسعة مساءً بمنزل رجل الأعمال محراب الفكهاني ، يبدو هذا امراً شيقاً"

حانت منها التفاتة نحو (ماسة) وهي تنتظر اي بادرة اهتمام منها بدون اي استجابة ، لتعبس بعدها ملامحها وهي تلوح بالهاتف امام نظرها والمفتوح على الإعلان والذي كانت تتكلم عنه للتو ، ابعدت (ماسة) نظراتها عن النافذة لتلتفت نحوها وهي تهمس ببرود
"ماذا"

تصلبت ملامح (صفاء) وهي ترفع الهاتف امامها قائلة بحنق بالغ
"كنتُ اتكلم عن هذا الإعلان ، ألم تلاحظي بأنه يتكلم عن عائلتكِ بوجه الخصوص وانتِ لم تخبريني بأي شيء عن هذا الأمر"

نظرت بجمود للهاتف وهي ترفع كفها لتمسك به قبل ان تبعده الجالسة بجانبها بعيدا عنها وهي تقول بتوجس قلق
"لا لن اعطيكِ هاتفي ، من اجلي ان تلقيه بعيدا كما فعلتِ بهاتفي القديم"

زمت شفتيها بتصلب وهي تقول باستياء خافت
"سأحاول هذه المرة ضبط اعصابي بدون ان احطمه ، فقط اعطيني الهاتف"

ارتفع حاجبيها بعدم اقتناع قبل ان تتنهد بيأس وهي تضع الهاتف بكفها قائلة بتحذير
"إياكِ وخدشه ولو قليلا لأني هذه المرة سأكلفكِ ثمن تصليحه"

رفعت (ماسة) الهاتف امام نظرها وهي تتجاهل كلامها تماما ، لتضيق بعدها عينيها الزرقاء بغموض وهي تبتسم بسخرية شاحبة ، قالت (صفاء) بحيرة وهي تنظر لها باهتمام
"ماذا هناك ، لما تبتسمين بهذه الطريقة الغريبة"

اخفضت الهاتف من امامها وهي تقول بابتسامة شاردة باشمئزاز
"ألا ترين انا اشفق على هذه العقول المريضة والتي تظن بأنها ستحقق نجاح باهر وإنجاز عظيم بعمل مثل هذه الحفلات الرخيصة والمبتذلة والتي تثبت مدى غبائهم ، فالهدف من هذه الحفلة ليس تقوية الشراكة كما مكتوب هنا بل من اجل جعل المدراء الآخرين يرون مدى روعتهم وإنجازاتهم لكي يستطيعوا كسب ودهم ، وستكون ايضا فرصة ليدخل المخربين من بينهم والذين يملكون حيل ستجعلهم يكسبون من الشراكة اكثر من اصحابها"

فغرت (صفاء) شفتيها الورديتين بانشداه وهي تستمع لكلام تسمعه لأول مرة يخرج من صديقتها وكأنها لم تعد تعرفها ، لتهمس بعدها بريبة وهي تنظر لها بتركيز
"تتكلمين وكأنكِ كنتِ تعملين بذلك المجال منذ سنوات"

ابتلعت (ماسة) ريقها بتصلب وهي تفكر بجمود بأنها لم تعمل بذلك المجال فقط بل كانت جزء منه والخاص بالمخربين عندما كانوا يرسلونها لتفسد العلاقة بين الشراكة والتي تجمع الشركات بتهديد كل منهما برسالة غامضة وقد يكون السبب انتقام منهم لعداوة قديمة او من اجل كسب المال الغير القانوني منهم ، لم تنتبه بعدها للهاتف بكفها والذي كانت تضربه على حافة الطاولة امامها حتى كادت تحطمه ، لتندفع بعدها (صفاء) وهي تستل الهاتف من يدها قائلة بوجل
"ستحطمين هاتفي يا مجنونة"

اخذت الهاتف منها وهي تنظر له بتفحص متوجس ، بينما عادت (ماسة) للشرود بالنافذة بجانبها ببرود وقد اختفى بعض الضباب عن زجاج النافذة بفعل الشمس والتي برزت بين الغيوم الرمادية بقوة ، نظرت بعدها (صفاء) نحوها وهي تدس الهاتف بحقيبتها قائلة بوجوم
"بغض النظر عن كلامكِ الأخير ، ولكنكِ ستحضرين الحفلة صحيح فهذه الحفلات لا تتكرر كل يوم"

ردت عليها (ماسة) بجمود متصلب
"لا لن احضر ، فإذا كنتِ قد نسيتِ فأنا لستُ فرد معترف به بهذه العائلة"

عضت (صفاء) على طرف شفتيها بحنق وهي تهمس برجاء شديد
"لا تقوليها يا ماسة ، اريد منكِ ان تحضري من اجل ان تخبريني عن الذي يفعلونه بتلك الحفلات الكبيرة والتي اسمع الكثير عنها بالأفلام والحكايات"

التفتت (ماسة) نحوها بحدة وهي تتمتم بجفاء بارد
"قلت لكِ لا يا صفاء ، وتوقفي عن العيش بعالمكِ الخيالي وعودي لعالم الواقع ، لكي لا تصدمي عندما تكتشفين بأن كل هذا الذي تفكرين به ليس ألا مجرد وهم لا اكثر"

عبست ملامح (صفاء) بحزن وعينيها العسليتين تنظران للأسفل بوجوم قبل ان تهمس بخفوت ممتعض
"حقا انتِ مملة جدا يا ماسة ، وعدوة المتعة"

ادارت (ماسة) عينيها الزرقاء بعيدا عنها بغضب وهي توزع نظراتها بقاعة المحاضرات الفارغة نسبيا بهدوء ، لتعود بعدها للنظر ل(صفاء) الحزينة وهي تهمس باقتضاب مشتد
"انسي ما قلته لكِ الآن يا صفاء فأنا اشعر بحالة من الغضب المفاجئ والتي تنتابني بين الحين والآخر ، وايضا لم تخبريني للآن عن الكتاب الجديد والذي اشتريته من المكتبة مؤخرا"

رفعت (صفاء) عينيها العسليتين وقد عادت لبريقهما الذهبي قبل ان تهمس بابتسامة متسعة
"اجل صحيح ، وقد احضرته معي للجامعة لتعطيني رأيكِ به"

حركت (ماسة) رأسها بهدوء وهي تنظر لصديقتها والتي كانت تخرج الكتاب من حقيبتها بحماس قبل ان ترفعه نحوها وهي تقول ببهجة بالغة
"انظري إلى غلافه الجميل ولعنوانه ، أليس يبدو رائعا ومشوقا لقراءته"

كانت (ماسة) تنظر بتركيز للونه المحمر الملف للنظر كما قالت ، لترفع بعدها يديها وهي تمسك به قبل ان تتلمس على غلافه بكفها برفق وهي تقول باهتمام
"ولكن ليس كل المظاهر مثل ما بداخلها فقد تكون مجرد واجهة لجذب النظر ودفع الناس لشرائه وصرف المال عليه"

ردت عليها (صفاء) من فورها بغيض
"هذا ليس وقت الحكم يا ماسة ، وهيا اخبريني برأيكِ به بسرعة"

كانت (ماسة) تتصفح به قليلا حتى وصلت لنهايته لتعود لتتلمس على غلافه بحذر وقد جذب انتباهها ، لتقول بعدها بابتسامة صغيرة هادئة
"انه رائع ، هنيئاً لكِ به"

اتسعت ابتسامة (صفاء) بسعادة غامرة كما يحصل دائما بكل مرة تقدم به رأيها بشيء تحضره معها وكأنها بهذه الطريقة تُسعد نفسها بدون ان تهتم برأي الآخرين ، فهذه هي طبيعة (صفاء) البسيطة تسمع فقط ما يسعدها وتحيى عليه وتتجاهل ما يتعسها ويفسد فرحتها الطفولية بعالمها الخيالي الحالم والذي لن يستطيع العالم بأكمله ان يؤثر به .

نهاية الفصل.................


روز علي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 28-03-21, 09:05 AM   #22

دينا السيد

? العضوٌ??? » 434204
?  التسِجيلٌ » Oct 2018
? مشَارَ?اتْي » 32
?  نُقآطِيْ » دينا السيد is on a distinguished road
افتراضي

أسفه انشغلت عن قرأة روايتك لأني كان عندي امتحانات ولسه مخلصه هقرأ وارجع اقول رأي
زهرورة and جولتا like this.

دينا السيد غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 28-03-21, 02:54 PM   #23

روز علي
 
الصورة الرمزية روز علي

? العضوٌ??? » 478593
?  التسِجيلٌ » Sep 2020
? مشَارَ?اتْي » 711
?  نُقآطِيْ » روز علي is on a distinguished road
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة دينا السيد مشاهدة المشاركة
أسفه انشغلت عن قرأة روايتك لأني كان عندي امتحانات ولسه مخلصه هقرأ وارجع اقول رأي

تمام حبيبتي ما في مشكلة ، كل الدعم والتوفيق بامتحاناتك ولا تنسي تحكيلي رأيك ❤

زهرورة and جولتا like this.

روز علي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 01-04-21, 01:50 AM   #24

نهال البلاسي

? العضوٌ??? » 483752
?  التسِجيلٌ » Jan 2021
? مشَارَ?اتْي » 56
?  نُقآطِيْ » نهال البلاسي is on a distinguished road
افتراضي

اتمني لكي الساعده والتوفيق كملي
زهرورة and جولتا like this.

نهال البلاسي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 02-04-21, 12:48 AM   #25

روز علي
 
الصورة الرمزية روز علي

? العضوٌ??? » 478593
?  التسِجيلٌ » Sep 2020
? مشَارَ?اتْي » 711
?  نُقآطِيْ » روز علي is on a distinguished road
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة نهال البلاسي مشاهدة المشاركة
اتمني لكي الساعده والتوفيق كملي

تسلمي حبيبتي كلك ذوق ، وإن شاءالله يوم السبت منكمل

زهرورة and جولتا like this.

روز علي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 11-04-21, 03:54 AM   #26

انجيليك

? العضوٌ??? » 445396
?  التسِجيلٌ » May 2019
? مشَارَ?اتْي » 129
?  نُقآطِيْ » انجيليك is on a distinguished road
افتراضي

سلمت يداك الجميله على هذهِ الروايه
طبعاً اني مودي هيج روايات وجنت اليوم ننتظره على اخر من الجمر بس ماكو فصل جديد لماذا 🥺😔😔

زهرورة and جولتا like this.

انجيليك غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 12-04-21, 02:33 AM   #27

نور الزهور

? العضوٌ??? » 457421
?  التسِجيلٌ » Nov 2019
? مشَارَ?اتْي » 30
?  نُقآطِيْ » نور الزهور is on a distinguished road
افتراضي سلام

الروايات كلها تحفة بالتوفيق للكاتبات
زهرورة and جولتا like this.

نور الزهور غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 12-04-21, 02:50 AM   #28

روز علي
 
الصورة الرمزية روز علي

? العضوٌ??? » 478593
?  التسِجيلٌ » Sep 2020
? مشَارَ?اتْي » 711
?  نُقآطِيْ » روز علي is on a distinguished road
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة انجيليك مشاهدة المشاركة
سلمت يداك الجميله على هذهِ الروايه
طبعاً اني مودي هيج روايات وجنت اليوم ننتظره على اخر من الجمر بس ماكو فصل جديد لماذا 🥺😔😔

بعتذر كثير حبيبتي على التأخير بسبب ظروف حصلت معي ، ويوم الاثنين قبل يوم رمضان بنزل الفصل الجديد إن شاء الله تعويض عن يوم السبت الفائت ، لذا ترقبي نزول الفصل ❤

زهرورة and جولتا like this.

روز علي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 12-04-21, 08:26 PM   #29

روز علي
 
الصورة الرمزية روز علي

? العضوٌ??? » 478593
?  التسِجيلٌ » Sep 2020
? مشَارَ?اتْي » 711
?  نُقآطِيْ » روز علي is on a distinguished road
افتراضي الفصل السابع

الفصل السابع...............
كانت تحرك ساقها للأمام وللخلف بملل وهي تركل الحصوات الصغيرة من على الأرض برتابة ، لتلتفت بعدها بسرعة للطريق الفارغ ما ان سمعت صوت سيارة بالقرب منها قبل ان تعبس ملامحها وهي تكتشف بأنها مجرد سيارة عادية وليست سيارة أجرة ، نظرت للساعة بمعصمها وقد اعلنت عن وصولها للثامنة تماما وهي تنتظر هنا منذ ربع ساعة بدون ان تمر اي سيارة أجرة لتوصلها للمنزل .

انتفضت بوجل ما ان سمعت صوت زامور السيارة والتي توقفت بمقربة منها ، لتلتفت بعدها بوجهها بتوجس وهي تنظر للسيارة السوداء الفارهة والتي وقفت بجانبها تماما ، تنهدت براحة ما ان اطل عليها من نافذة السيارة وجه (احمد) وهو يقول بارتفاع حازم
"هيا تعالي لأوصلكِ معي"

ابتلعت (روميساء) ريقها برهبة وهي تفكر بأنه ليس من الجائز الذهاب معه بسيارته لوحدهما وخاصة امام زوجته غريبة الاطوار والتي اكيد ستقطعها إربا ما ان تراها عائدة مع زوجها ، لتقول بعدها بسرعة بارتفاع مرتبك
"لا بأس ، سأنتظر سيارة الأجرة لتوصلني"

عاد (احمد) لإخراج رأسه من نافذة السيارة وهو يقول بأمر قاطع
"انا لم اكن اطلب منكِ الاختيار بل هذا امر وانتِ عليكِ بتنفيذه ، هيا تحركي بسرعة فقد تأخرنا بالفعل"

عضت على طرف شفتيها بتفكير قبل ان تتحرك على مضض باتجاه سيارته المركونة عند زاوية الطريق ، وما ان دخلت من الباب بجانب مقعد السائق حتى قال (احمد) بعجلة وهو يحرك السيارة بعيدا
"ضعي حزام الأمان ، لأن رحلتنا ستكون طويلة"

جلست (روميساء) بسرعة وهي تغلق باب السيارة من جانبها بقوة ، لتحاول بعدها الإمساك بحزام الأمان بارتباك وهي تخرجه من مكانه العالق به بدون اي فائدة ، لتشعر عندها بيد خشنة تمسك بكفها وهو يشدد عليها بقوة لتستطيع إخراج الحزام من مكانه بمساعدته قبل ان يفلتها وهو يعود للتمسك بعجلة القيادة بيديه بهدوء بالغ .

ربطت حزام الأمان بطرف مقعدها وهي تعتدل بجلوسها للخلف براحة بعد يوم عمل طويل ، لتحتضن بعدها كفها والتي امسك بها بيدها الأخرى بقوة وهي تشعر بقشعريرة غريبة تحتل باقي جسدها بارتجاف ، التفتت نحوه بسرعة ما ان قال بحيرة جادة
"لقد قلتِ بأنكِ تعملين بمدرسة الزهور الابتدائية ، ولكن ما رأيته غير ذلك تماما"

اعادت نظرها للأمام وهي تتمتم بهدوء خافت
"لقد كنتُ اعمل بها ، واما الآن فقد اصبحتُ اعمل بهذه المدرسة وجميعها بنظري مثل بعضها لا يوجد اي اختلاف"

تصلبت شفتيه وهو يقول باستنكار واضح
"ولكن ألم تجدي مدرسة غير هذه لتعملي بها ، لا اقصد الإهانة ولكن سمعة هذه المدرسة كل من بالأرض تعرفها ، ولا ينصح ابدا بالعمل بها بسبب سمعة مديرها والنظام بها"

عبست ملامحها بحزن وهي تنظر بعيون خضراء متسعة للسيارات من حولها وهي تتكلم بداخلها بأنها كانت تتمنى حقا لو استطاعت ان تتوظف بأي مدرسة اخرى غيرها ولكنه لم يتبقى لها سواها من جميع المدارس والذين رفضوا توظيفها واستقبالها ، قالت بعدها بابتسامة ضعيفة بمرارة بدون ان تنظر له
"هذه الوظيفة والتي كانت متوفرة امامي بالوقت الحالي ، وانا سعيدة جدا بالعمل بتلك المدرسة وهذا ما يهمني"

حرك رأسه بهدوء وهو يحاول استيعاب نبرة الحزن والتي خرجت من صوتها وكأنها مرغمة على كل هذا ام انه هو الذي اصبح يتفحص كل شيء يخرج منها بتتبع غريب مؤخرا بدون ان يستطيع منع نفسه ؟ قطع بعدها تفكيره صوت (روميساء) وهي تهمس بحيرة
"هذا ليس طريق المنزل ، أليس كذلك"

التفت (احمد) باتجاهها بسرعة ليفاجئ بنظراتها الثابتة نحو وجهه وهي تنظر له بعيون خضراء متسعة بجمال وحاجبيها السوداوين الرقيقين معقودان من فوقهما بحيرة واجمة ، ليعود بنظره للطريق امامه بصمت وهو يشدد بيديه على عجلة القيادة بتشنج ، عادت (روميساء) للكلام وهي تهمس بوجوم عابس
"ما بك هل وجودي معك يضايقك"

قال (احمد) بسرعة بجدية حادة
"لا ليس هكذا هو الأمر ، وايضا نحن سنذهب بالبداية لزيارة شخص مهم لأن هناك ما عليّ انجازه معه"

ردت عليه (روميساء) بسرعة بشحوب
"يمكنك ان تنزلني عند مكان قريب وانا سأكمل الطريق بسيارة أجرة ، لتستطيع عندها زيارة ذلك الشخص بحرية اكثر"

تجهمت ملامح (احمد) وهو يقول بجفاء حاد
"هلا توقفتِ عن تكراري نفس الطلب ، لأني لن اترككِ تعودين للمنزل لوحدكِ حتى لو اضطررت لتأجيل زيارتي"

صمتت (روميساء) وهي تشدد من القبض على حزام حقيبتها بتوتر ، لتهمس بعدها بحزن واضح
"اعتذر إذا كنتُ قد ضايقتك بمهمة إيصالي للمنزل"

زفر (احمد) انفاسه بضيق وهو يتمتم باقتضاب
"فقط اصمتِ ولا تقولي اي كلمة اخرى عن هذا الموضوع ، وسأكون عندها اكثر من سعيد"

زمت شفتيها بحنق وهي تعيد انظارها للنافذة المفتوحة بجانبها بشرود ، ولم تنتبه للنظرات والتي كانت تراقبها خلسة وهو يتمعن بخصلات شعرها السوداء والمتراقصة مع الهواء البارد بهدوء والمتسلل من النافذة .

اوقف السيارة بعدها بدقائق بجانب الطريق وهو يقول بحزم صارم
"إياكِ والخروج من السيارة ، سأغيب عشر دقائق فقط واعود ، لذا حاولي ان تكوني مهذبة بهذا الوقت"

عقدت حاجبيها بضيق وهي تستمع له وهو يتكلم معها وكأنه يتكلم مع طفلة مشاكسة وهو نفس الكلام والذي كانت توجهه لطلابها عندما تخرج من الفصل ، خرج بعدها من السيارة وهو يقفل الباب من خلفه بقوة ليسير نحو منزل متوسط الحجم وعواميد الإنارة تضيء الطريق امامه وامام مدخل المنزل .

تقدمت (روميساء) بجلوسها وهي تنظر بتركيز من النافذة الأمامية للسيارة للذي وصل لمدخل المنزل ليقرع عندها الجرس بهدوء ، ليطل عليه بعدها بثواني رجل لم تتبين ملامحه بسبب الظلام الحالك والمنتشر بالمكان ولكن كل ما استطاعت لمحه هو يده الممسكة بشيء ليناوله ذلك الشيء ليد المقابل له قبل ان يودعه بالنهاية وهو يلوح له بابتسامة هادئة باتزان .

تراجعت بسرعة بجلوسها وهي تنظر بريبة للذي دخل للسيارة بجانب مقعدها بصمت ، ليجلس بعدها بهدوء وهو يلقي بالشيء فوق المقود والذي تبين بأنه كرت مستطيل الشكل بلون ابيض مزخرف بالفصوص والالماس بإتقان عمل يدوي ، حرك (احمد) السيارة بهدوء وهو يقود بعيدا عن الطريق ليسلك طريق آخر مؤدي للمنزل ، بينما لم تستطع (روميساء) منع نفسها من إمساك الكرت وهي تتفحصه بين يديها بانبهار ، لتسمع بعدها صوت الجالس بجانبها وهو يقول بهدوء
"هل اعجبكِ صنع الكرت"

اومأت (روميساء) برأسها بالإيجاب وهي تهمس بحيرة
"هل هذا كرت زفاف"

ارتفع حاجبيه بدهشة وهي يقول بابتسامة جانبية بسخرية
"اجل هذا كرت زفافي"

التفتت (روميساء) نحوه بصدمة وهي تقول بانشداه
"ولكنك متزوج بالفعل"

اتسعت ابتسامة (احمد) بغموض وهو يقول ببرود جليدي
"ولكن الرجل بالشرع محلل عليه بالزواج من اربع"

عضت على طرف شفتيها بتأنيب من تفكيرها الاحمق وما دخلها هي لتحشر نفسها بما لا يعنيها وبخصوصيات الآخرين ، ليقول بعدها (احمد) بابتسامة هادئة
"افتحي الكرت وستعلمين تفاصيل الزفاف جيدا"

فتحت الكرت بأصابع مرتجفة وهي لا تعلم ما سبب كل هذا الارتجاف والرهبة والتي تنتابها لأول مرة ؟ لتخرج بعدها ورقة مزينة بالفصوص من داخله ومكتوب عليها بالخط العريض
(نتشرف بدعوتكم لحفل شراكة بين شركة حوت عائلة الفكهاني وشركة نصران بنهاية الأسبوع القادم بحلول الساعة التاسعة مساءً)

توقفت عن القراءة وهي ترفع نظراتها بصدمة له وهي تهمس بعدم استيعاب
"هذا ليس كرت زفاف بل كرت دعوة لحفلة شراكة"

انفجر (احمد) بالضحك بهدوء قبل ان يقول بجدية متزنة
"اجل هذه دعوة لحفلة شراكة بعائلتنا وابي سيقيمها بمنزله ، وقد طلبتُ من منسق الكروت ان يصمم لنا كرت خاص لهذه الحفلة ، وهذا الذي بين يديكِ هو اول نسخة من الكرت ويمكنكِ الاحتفاظ به بما انه قد اعجبك"

انفرجت شفتيها بارتعاش وهي تعود بالنظر للكرت قبل ان تهمس بعبوس متصلب
"ولكنك تحتاج هذا الكرت كأول نسخة منه لتتفحصه جيدا وتتأكد بأنه لا يوجد به اي عيب ، وانا لا استطيع قبوله...."

قاطعها (احمد) وهو يقول بصرامة حادة
"ألا تستطيعين فعل شيء او تنفيذه بدون ان تناقشيني به او ان تعترضي عليه ، وايضا انتِ قد رأيته وتفحصته وهذا يعني بأنه لا يوجد به اي عيب"

عبست ملامحها وهي تعيد الورقة لداخل الكرت قائلة ببرود
"حسنا لا تغضب ، سأتقبله منك بما انك لا تمانع هذا"

حاد بنظراته نحوها بضيق وهو لا يصدق مدى عناد هذه الفتاة ولكنه بالحقيقة يروقه كثيرا فهو لم يحاول يوما مناقشة احد بأفكاره بحرية كما يفعل معها هي ، قالت (روميساء) بعدها وهو ما تزال شاردة بالكرت
"يبدو بأنك تبذل قصارى جهدك من اجل ان تكون الحفلة رائعة وتروق مستوى المجتمع الراقي"

عقد حاجبيه بتفكير وهو يبتسم باتساع فقد استطاع احد ان يفهمه اخيرا ويقدر ما يبذله من جهد ليجعل الحفلة كاملة لا ينقصها شيء ، قال بعدها بهدوء جاد
"هذا إطراء جميل ، وسيكون حقا رائعا لو حضرتي هذه الحفلة ايضا فوجودكِ بها سيجعلها كاملة"

ردت عليه بسرعة بتوجس
"لا لا استطيع يا سيد احمد ، فأنا ليس لي مكان بتلك الحفلة ابدا"

تجهمت ملامحه وهو يقول بجفاء حاد
"ماذا قلنا عن التوقف بمناقشتي بكل شيء اقوله ، انا اخبرتكِ بأمر وانتِ عليكِ بتنفيذه فهذه الحفلة تخص عائلتكِ وهذا يعني بأنكِ انتِ ايضا مدعوة لها"

قالت (روميساء) بارتباك وهي تحرك رأسها بالنفي باهتزاز
"ولكن يا احمد ، انا لا استطيع ولا املك حتى ملابس مناسبة او اي شيء خاص من اجل تلك الحفلة"

لم تنتبه لابتسامة (احمد) الغامضة وهي تنطق اسمه مجردا لأول مرة بدون ان تقصد وهو يجرب اسمه منها بدون اي القاب وبعفوية محببة ، ليقول بعدها بهدوء وبثقة بالغة
"لا تقلقي يا روميساء ، فأنا من سأهتم بكل هذه الأمور ، فقط انتِ وافقي على الحضور ولا تهتمي للباقي"

تنهدت بهدوء قبل ان تعود للنظر للأمام بشحوب وهي تدس الكرت بحجرها بصمت ، ليطول الصمت بينهما حتى نهاية الطريق المؤدي للمنزل والظلام يحيطهم بكل مكان ألا من بعض الانوار والتي كانت تضيء الطريق امامهما بخجل .
_____________________________
كانت جالسة فوق مقاعد الاستراحة بساحة الكلية وهي تنظر للكتاب بحجرها بتركيز ، لتحيد بعدها بنظراتها بضيق لمجموعة من الفتيات والجالسات بالمقاعد المجاورة لها واصواتهن المرتفعة وضحكاتهن الصاخبة تصلها بوضوح لتنخر اذنها بإزعاج ، قالت بعدها بارتفاع حاد فوق صوت ضحكاتهن
"المعذرة ، ولكني احاول الدراسة هنا"

خفتت صوت الضحكات لتلتفت احداهن لها وهي تقول بابتسامة محرجة
"نحن نعتذر يا جميلة ، يمكنكِ إكمال دراستكِ براحة ونحن لن نصدر اي إزعاج"

ادارت (غزل) عينيها بعيدا عنهم وهي تعود للنظر للكتاب ببرود لتتجاهل وجودهم تماما وكأنهم غير متواجدين بعالمها كما تفعل عادة ، رفعت نظراتها بشرود بعيدا عن الكتاب وتحديدا للطفلة الراكضة بحديقة الكلية وشقيقتها الكبرى تحاول اللحاق بها ومجاراة سرعتها واندفاعها ، لتتذكر عندها طفلة أخرى بنفس نشاط تلك الطفلة والتي كانت تهوى الجري بمرح والاطفال الآخرون يجرون من حولها ليشكلوا حلقة قبل ان تتسارع انفاسها مع نبضات قلبها بتزامن وما هي ألا ثواني حتى يسقط ذلك الجسد ارضا بدون ان تشعر به ليخفت عندها صوت المرح والضحك من حولها ليحل السكون على عالمها لتجد نفسها بعدها بساعات حبيسة الفراش والغرفة والأجهزة الطبية تحيطها بكل مكان تمنعها من الحركة وصوت جهاز دقات القلب يرن بأذنيها بطنين مؤلم ، لتتحول بعدها حياتها لطفلة وحيدة تشاهد العالم من حولها وهو يتحرك بسلاسة مملة بدون ان تستطيع الاقتراب منه وسبل الراحة متوفرة بكل زوايا غرفتها المقيتة والتي اصبحت هي حدود عالمها ، ليطول الأمر لسنوات طويلة وكل ما يهم تلك الطفلة هو مرور الوقت بسرعة لتستطيع العودة للعب ولم تكن تعلم بأنها ستعود للعالم بعد فوات الأوان لتسلك حياتها منحى آخر مختلف تماما عن الذي كانت تعرفه طفلة ؟

اتسعت حدقتيها العسليتين باخضرار حزين ما ان سمعت احداهن من مجموعة الفتيات وهي تقول بخفوت ضاحك
"انظرن يا فتيات ، لقد اتى الخاطب الجديد بالجامعة"

قبضت (غزل) على الكتاب بين يديها بتصلب مشتد وهي ترفع حدقتيها ببطء لما تنظر له الفتيات لتتجمد انظارها بصدمة ليس من منظر الشاب النحيل والذي كان يسير بين الطلاب بثقة بالغة بل من الفتاة والتي كانت برفقته وهي تتمسك بذراعه بتشبث وابتسامة عريضة تحتل محياها البسيط بملامحها السمراء الهادئة ، زمت بعدها شفتيها بارتجاف وهي تستمع للفتيات وهي تقول احداهن بسخرية
"تبدو خطيبته قبيحة أليس كذلك ، ألم يجد اجمل منها"

ردت عليها الأخرى بتأنيب
"اصمتِ لا يسمعكِ احدهم"

ابعدت (غزل) نظراتها عنهم بتشوش وقد بدأت غلالة من الدموع باحتلال اطراف عينيها بتدفق على وشك الانهيار ، لتنتفض بعدها واقفة عن المقعد وهي تدس كتابها بداخل حقيبتها بارتجاف قبل ان تسير بسرعة بعيدا عن هذه الاجواء الخانقة والتي ستزهق انفاسها وهي تحاول التوازن على كعبيّ حذائيها المسننين بصعوبة بالغة ، وما ان ابتعدت عنهم بمسافة قصيرة حتى اسندت كفها بجذع شجرة قريبة وهي تحني رأسها للأسفل بانتحاب صامت وكفها الأخرى مستريحة على ركبتها بهدوء ، لتزفر بعدها انفاسها بنشيج خافت تشعر به يخرج من صميم روحها المرهقة من كل ما مرت به بحياتها وهي ترى النور الوحيد والذي شعرت معه بالسعادة الحقيقية قد اختفى بلمح البصر وقبل ان تسعد به حتى وهي تراه بكل يوم وهو يبتعد عنها ببطء بدون ان تملك القدرة على فعل شيء ، ولكن اللوم لا يقع عليه وحده بل على جميع من وقف بوجه سعادتها وافسدها بدون التفكير بقلبها الصغير والذي عاد للحياة مجددا بعد فقدان الأمل منه ، وكل هذا بسبب المستويات والفروق بين البشر والتي تحددها عائلة والدها العريقة والتي لا تقبل بالقليل حتى دمرت بقايا قلب تنبض بداخلها .

ابعدت كفها عن الجذع بهدوء وهي تحاول الاتزان بوقوفها وما ان حاولت السير عدة خطوات للأمام حتى انزلقت بكعبيّ حذائيها والذين تشعر بهما قد تحولا لهلاميين بدون ان تمنع نفسها من السقوط هذه المرة ، لتشعر بعدها بصدر واسع يسندها وذراعين تحميانها من السقوط وهو يمسك بذراعيها بقوة ، اخترق صوته غمامة حزنها وهو يقول بتوجس قلق
"هل انتِ بخير يا غزل ما لذي اصابكِ ، غزل"

افاقت فجأة من ذهولها وهي تشهق بهلع لتضع قبضتيها فوق صدره وهي تبتعد عنه باهتزاز مرتبك ، لتقف بعدها امامه بتصلب وهي تهمس بتشنج مرتجف
"انا بخير ، بخير"

عقد (هشام) حاجبيه بريبة وهو يتراجع للخلف قائلا بشك
"تبدين شاحبة للغاية ، هل تعانين من شيء"

تنفست (غزل) باضطراب وهي ترفع كفها لتمسح على وجهها المتعرق وتعيد خصلات شعرها القصيرة لخلف اذنيها بهدوء ، لتهمس بعدها بلحظات بابتسامة هادئة وهي تنظر له بقوة مهزوزة
"لا شيء يا استاذ هشام ، فقط شعرتُ ببعض الضغط من الاجواء الخانقة هناك"
ضيق (هشام) عينيه بتركيز وهو يقول بتفكير
"هل تعانين من ضيق بالتنفس يا غزل"

اختفت ابتسامتها وهي تقول بخفوت شديد
"بعض الشيء فقد كنتُ اعاني بصغري من مرض القلب الرئوي ، وقد تعافيتُ منه منذ فترة ليست ببعيدة"

حرك (هشام) رأسه بتفهم وهو يفكر بأن كل شيء قد بدأ يتضح لديه الآن ، ليقول بعدها بجدية صارمة
"انتبهي على نفسكِ اكثر من هذا ، فلن تتحملي قسوة العالم إذا بقيتِ بهذا الضعف"

رفعت نظراتها نحوه بعدم استيعاب قبل ان تبتسم باتساع قائلة بصوتها المنغم بحزن
"شكرا لك"

استدار (هشام) بعيدا عنها ببرود ليسير بخطوات هادئة وامام نظراتها الحزينة وهي تمسح اطراف عينيها بكفها بهدوء قبل ان تقبض على كفها بقوة وهي تريحها اعلى صدرها المتنفس برتابة معتادة عليها .

______________________________
كانت تتخلل خصلات شعرها الطويلة بفرشاة الشعر وهي تمشطه بنعومة ممسكة بطرفه الآخر برفق ، لتحيد بعدها بنظراتها للكرت والموضوع فوق طاولة الزينة امامها لتستطيع النظر إليه كل حين وهي تفكر بأنها لم تحصل بحياتها على شيء مميز وجميل مثل هذا الكرت المصنوع يدويا ، ليعود كلامه ليطرق على ذهنها الشارد بخصوص الحفلة والتي ستقام بالمنزل وهو يصر على حضورها بدون ان تعلم ما هي طبيعة الحفلة او اي شيء عنها ؟ وقد وعدها ايضا بأنه سيحضر لها كل شيء تحتاجه وينقصها لتحضر الحفلة مثل اي فرد بهذه العائلة .

زمت (روميساء) شفتيها بارتباك لترفع نظراتها للمرآة وهي تنظر للجالسة على السرير من خلفها وهي شاردة بالكتاب بحجرها بعيدا عنها ، لتقول عندها بابتسامة هادئة وهي تخفض فرشاة الشعر بعيدا عن خصلات شعرها
"هل تفكرين بالحفلة والتي ستقام بالمنزل"

مرت لحظات قبل ان تهمس بتصلب بدون ان تبعد نظرها عن الكتاب
"تقصدين حفلتهم التافهة والتي ستحدث بنهاية الاسبوع بالمنزل ، اعلم عنها ولا يهمني امرها"

عقدت حاجبيها بتفكير وهي تقول بوجوم
"وما لمانع من حضور الحفلة بما اننا افراد من هذه العائلة"

رفعت (ماسة) نظرها عن الكتاب لتلتفت نحوها وهي تقول باستياء
"ليس انتِ ايضا يا روميساء ، يكفي كلام صفاء عن الحفلة واصرارها الطفولي على حضورها ، وانتِ تعلمين جيدا الظروف والتي ارغمتنا على السكن بهذا المنزل بدون ان يعترف احد بوجودنا من افراد العائلة وخاصة زوجة ابنهم الفاجرة"

اخفضت (روميساء) نظرها للكرت امامها وهي تهمس بهدوء
"ولكن الخال محراب قد رحب بوجودنا بمنزله بالرغم من انه قد تأخر كثيرا عليها ، كما افراد العائلة ايضا وقد اصبح وجودنا بمنزله امرا مسلماً منه"

امتعضت ملامح (ماسة) وهي تقول بسخرية مريرة
"لقد كان مرغما على فعلها من اجل ان لا نلطخ سمعته بعد ان بقينا لوحدنا بما ان اسم والدتي ما يزال مرتبط بعائلته ، ولكن لا تتوقعي ان يقدم لنا اكثر من هذا الاستقبال فهو سيحاول بكل جهده ان يبعد سمعتنا المشوهة بسبب قيس عن حياته"

وضعت (روميساء) فرشاة الشعر فوق طاولة الزينة وهي تتمتم ببرود
"ولكن قد يكون كلامكِ غير صحيح ، فأنتِ دائما تتوقعين الاسوء وقد يكون حقا قد شعر بالذنب على تركه لنا بالماضي ، ويريد ان يكفر عن ذنبه بضمه لنا للعائلة"

نظرت (ماسة) نحوها بجمود وهي تقول بانفعال ساخر
"من كل عقلكِ يا روميساء ، مثل هؤلاء الناس لا يتغيرون ابدا وإذا حاولوا التغير من اجلكِ فاعلمي بأنها تمثيلية رخيصة لكسب ودك او وسيلة للوصول لأهداف اخرى غير شريفة ، فلا تنسي بأن والدتي قد خرقت قوانينهم بالماضي وهي تظن بأن بزواجها من عشيقها الريفي ستنجو من عقابهم والذي سلطوه علينا نحن بالحرمان من العيش بينهم والحصول على جزء من ميراثهم وبنبذهم لنا طول الحياة ، وتريدين منه ان يكفر عن ذنبه"

ردت عليها من فورها بجمود حانق
"اصمتِ يا ماسة ولا تنسي نفسكِ مع من تتكلمين ، وتوقفي عن اهانة كل من حولكِ بلسانكِ الطائش هذا ، فلا تنسي بأن هذه عائلتكِ من تتكلمين عنها بسوء هكذا"

ادارت (ماسة) عينيها بعيدا عنها وهي تنظر امامها بجمود غير مبالي ، بينما شددت الجالسة امام المرآة من القبض على كفيها بحزن لتنظر عندها للمرآة ولصورة عينيها الخضراء الشاحبة بذبول وبعض الهالات السوداء ما تزال تظلل جفنيها لتظهرها اكثر كآبة وحزنا ، لتقول بعدها بابتسامة واهية بحزن
"ولكنها مع ذلك قد عانت كثيرا بحياتها ، فقد اضطرت للزواج لمرتين متتاليتين ولم يكتب لها النجاح بأي من الزيجتين"

كانت نظرات (ماسة) جامدة بعيدا وهي تهمس بغموض
"هذا لأنها لم تعرف جيدا كيف تختار شريك حياتها المناسب فقد كان كل ما يهمها هو الزواج من شخص يملك مظهراً جذاباً يسحرها بجماله ومال وفير بدون النظر لدواخله والتعرف عليه اكثر ، لتسقط بالنهاية على وجهها مرتين ويقودها القدر لما تستحقه..."

قاطعتها (روميساء) بنفاذ صبر وهو تستدير بوجهها نحوها بحدة
"كفى يا ماسة ، توقفي عن إهانة والدتنا بكلامكِ المسموم ، يكفي بأنها بقيت متمسكة بنا بزواجها الثاني"

ردت عليها بوجوم
"ليتها لم تفعل"

ارتفع حاجبيها بصدمة وهي تهمس بحنق
"ماذا قلتِ"

تجاهلتها (ماسة) تماما وهي تعود للنظر للكتاب بحجرها بجمود ، لتعود (روميساء) للاستدارة امام المرآة وهي تتنهد بهدوء متشنج ناظرة لعينيها بحزن عميق وهي تفكر بكلام شقيقتها الخاطئ فما تزال تذكر جيدا عندما توفي والدها بوقتها اعتزلت والدتها الخروج للعالم وهي تراها بكل يوم شاردة بعيدا بحزن بدون اي دموع وكأنها قد خسرت شيء قيّم بحياتها اكتشفت فائدته الآن بالرغم من انه لم يستطع اي شيء ان يكسرها بحياتها ولكن وفاته قد غيرتها كلياً قبل ان تعود بعدها لسابق عهدها ، وقد كانت الفترة الوحيدة والتي اظهرت فيها هشاشتها وذبولها كما يحدث مع (ماسة) تماما فهي لم تؤخذ عينيها فقط بل اخذت مشاعرها وطريقة حزنها بنفس الهشاشة .

قطع عليها شرودها صوت (ماسة) وهي تهمس بانقباض مشتد
"لا تنسي يا روميساء بأن اقامتنا بهذا المنزل مؤقتة حتى تجدي منزل آخر لنا كما وعدتني ، لذا ارجوكِ لا تحاولي الدخول بهذه العائلة اكثر وألا لن اسامحكِ ابدا ما حييت"

ابتسمت (روميساء) بهدوء وهي تقول بخفوت شاحب
"سأفعل ما اقدر عليه يا ماسة ، ولكن ثقي بأني لن اخيب ظنكِ ابدا"

عمّ الصمت بأرجاء الغرفة الواسعة ومشاعر من السعادة بدأت بالتسرب بينهم بدفء طاردة الوجوم والذي غلفهم للحظات ، لتتحرك بعدها (ماسة) وهي تنهض عن السرير بهدوء قبل ان تضع الكتاب على المنضدة الجانبية بصمت ، وما ان تحركت باتجاه باب الغرفة حتى قالت (روميساء) بسرعة بتوجس
"إلى اين ستذهبين يا ماسة"

قالت (ماسة) بلا مبالاة وهي تكمل سيرها لخارج الغرفة
"سأذهب للسير قليلا بالجوار ، فأنا لا استطيع النوم قبل ان اتحرك والبقاء بهذه الغرفة يسبب لي الضيق الشديد"

رفعت (روميساء) نظراتها لمكان اختفاء شقيقتها وهي تترك باب الغرفة مفتوح من خلفها ، لتحرك بعدها كتفيها ببرود وهي تعود للإمساك بفرشاة الشعر لتمشط بها خصلات شعرها الطويلة بشرود وقد نسيت موضوع الكرت تماما والذي ما يزال بنفس المكان امامها بعد ان احتل تفكيرها امور اخرى اهم منه .

يتبع....................


روز علي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 12-04-21, 08:38 PM   #30

روز علي
 
الصورة الرمزية روز علي

? العضوٌ??? » 478593
?  التسِجيلٌ » Sep 2020
? مشَارَ?اتْي » 711
?  نُقآطِيْ » روز علي is on a distinguished road
افتراضي

كانت تسير بخطوات متمهلة بالرواق الطويل وهي تنظر للظلام الحالك من حولها والذي يسود بالمكان وهي تدس يديها بجيبي قميص بيجامتها القطنية بشرود ، لتتوقف بعدها بخطواتها وهي ترفع نظراتها الداكنة للصورة العملاقة والتي كانت تحتل الجدار اعلى السلم وقد كانت تحوي صورة رجل مسن وآثار الشيخوخة ظاهرة عليه بوضوح بدون ان تستطيع اخفاء قوته وسطوته والتي تنضح بملامحه وهو يبدو نسخة طبق الأصل عن خالها (محراب) والذي يكون ابنه ، توقفت بنظراتها على احداقه الزرقاء الداكنة تحيط بهما بعض التجاعيد والتي لا تخلو من القسوة وهو نفس اللون والذي ورثته والدتها لترثه ابنتها الصغرى بالمقابل ليكون اللون المشهور بسلالة عائلة الفكهاني ، وكم تكره هذا اللون وتمقته والذي جعلها تحصل على لقب (شبيهة والدتها) بين الناس وخاصة من زوج والدتها والذي لا يتوقف عن اطلاقه عليها وكأنه يزيد كرهها له بتلقيبها به .

ابعدت نظراتها بسرعة عن الصورة ما ان شعرت بحركة مريبة من خلفها ، لتلتفت بوجهها للخلف بهدوء وهي تنظر بتصلب لأرجاء المكان الفارغ ، كتفت بعدها ذراعيها فوق صدرها وهي تقول بعصبية بالغة
"إذا كان هناك احد يختبئ هنا ، فليخرج امامي فورا فأنا لا احب هذه الألعاب"

زاد الصمت بالمكان حتى اصبح ثقيلاً على صدرها وكأنه حجر يجثم فوقه وهي تتنفس بقوة ناظرة للظلام والذي يكاد يبتلعها من سواده ، لتخفض بعدها جفنيها بهدوء على احداقها ما ان اجتاحتها ذكريات عن مكان مظلم بنفس سواد هذا المكان وهو يحوي جسد راقد على الأرض بدون اي حركة والضربات تتوالى عليه من كل صوب .

انتفضت بشهقة خافتة وهي تنظر بهلع نحو مصدر الصوت والذي خرج عنه ارتطام احدهم بطاولة ليؤدي عن وقوع المزهرية الصغيرة ارضا قبل ان تتحطم لشظايا ، لتتراجع بعدها للخلف عدة خطوات بتعثر وهي تبتلع ريقها بتصلب هامسة بارتعاش
"قيس"

صرخت بجزع ما ان اصطدمت بجسد احدهم من الخلف ، لتشعر بعدها بيدين تمسكان بكتفيها بقوة وهو يهمس بجانب اذنها بهدوء ساخر
"هل تخافين من الظلام لهذه الدرجة"

تشنجت ملامحها وهي ترجع مرفقها للخلف تلقائياً بعشوائية لتصدم وجهه بقوة ، تراجع بعدها للخلف بعيدا عنها بسرعة وهو يغطي انفه بكفه قائلا بتأوه خافت
"يا مجنونة ، لماذا فعلتي هذا بي ، لما كل هذا الحقد تحملينه نحوي"

استدارت بسرعة نحوه وهي تفغر شفتيها بأنفاس ذاهلة وهي ما تزال لا تصدق ما حدث للتو وما فعلته الآن باندفاع بدون ادنى تفكير ، لتدس بعدها كفيها بجيبي بنطال بيجامتها وهي تخرج هاتفها الصغير لتشعل الضوء باستخدامه وهي توجهه نحو الرجل الغريب ، اتسعت حدقتيها الزرقاء بتوجس وهي تنظر للشخص والذي تبين بأنه ابن خالها (شادي) وهو يمسك بأنفه النازف بملامح متشنجة بتألم واضح ، لتخفض بعدها الهاتف من امامه بارتجاف وهي تخرج من جيبها هذه المرة منديل نظيف قبل ان تسير نحوه ببطء وهي ترفع كفها باتجاه وجهه بحذر .

امسك (شادي) فجأة بذراعها المرتفع بقوة آلمتها وهو يغرز اصابعه بلحم ذراعها قائلا بتصلب
"لا اريد مساعدتكِ بشيء ، يكفي ما فعلته للآن يا ابنة المجرم"

عضت (ماسة) على طرف شفتيها بقوة قبل ان تنفض ذراعها بعيدا عنه هامسة بجمود بارد
"اصمت ولا تقاطع مساعدتي لك ، وتوقف عن المكابرة من اجل خدش بسيط فهذا لا يليق ابدا على رجل بعمرك"

ارتفع حاجبيه بصدمة وهو يقول باستنكار
"ماذا خدش بسيط ، لقد كدتِ تحطمين لي انفي لأعيش المتبقي من عمري بدون انف"

صرخ (شادي) فجأة بألم شديد ما ان امسكت فجأة بمقدمة انفه بالمنديل بأصابع صلبة لتحركه ببطء قبل ان تعيده لمساره الصحيح كما كان ، ليتراجع (شادي) بسرعة للخلف وهو يدفع ذراعها بعيدا عن انفه قائلا بوجوم
"ما لذي اصاب عقلكِ يا فتاة ، هل تريدين قتلي حيا وانا ما ازال بزهرة شبابي"

اخفضت كفها بالمنديل وهي تقول بابتسامة ساخرة بغيض
"قبل ان تنطق بأي كلمة ايها الطفل الكبير ، انظر لحال انفك كيف اصبح الآن"

تجهمت ملامحه وهو يرفع كفه ليتلمس انفه بحذر وهو يقول بغموض
"لقد اختفى الألم تماما مثل السحر ، ولكن ما لذي فعلته للتو"

تقدمت امامه عدة خطوات وهي تقول بثقة بالغة
"هذه تكون الحركة المرتدة مثل ردة الفعل ، انا من كسرت الانف وانا بالمقابل من اصلحته يعني هذه هي حركتي المرتدة ، هل اعجبتك"

ابتسم (شادي) باتساع منبهر وهو ما يزال يتلمس انفه ليقول بعدها بعبوس غاضب
"ولكن اصابعكِ مخيفة جدا فقد آلمتني كثيرا ، ألا تعرفين شيء عن الرقة واليد الخفيفة"

حركت (ماسة) عينيها جانبا بملل وهي تبتسم بسخرية قائلة باستهزاء
"غير صحيح انت فقط من تتصرف بدلال بالغ على رجل كبير مثلك عليه تحمل امور اخطر من كسر انف ، هل فهمت ايها الطفل الكبير"

تجهمت ملامحه وهو يتمتم باستياء حاد
"انا ابلغ من العمر ثمانية وعشرون عاما ، وانتِ من كل عقلك تناديني بالطفل الكبير"

نظرت له (ماسة) ببرود وهي تقول بابتسامة جانبية بخفوت
"بل انت طفل كبير ومغرور وتحتاج لمن يعلمك الاسلوب الصحيح بالحياة"

عبست زاوية من شفتيه المتصلبتين وهو يشعر بإهانة غير مباشرة موجهة نحوه ولكن ليس هذا ما جذب انتباهه بل كلامها الاخير فهذه العبارة لطالما سمعها ولكن ليس من عائلته بل من اغلى شخص بحياته وصوتها يرن بأذنيه بتأنيب خافت
(طفل كبير مشاكس وتحتاج لمن يعلمك الاسلوب الصحيح بالحياة)

حرك رأسه بقوة وهو ينفض الذكريات البعيدة عن رأسه ليجعلها كما هي طي النسيان ، لينظر بعدها للتي كانت تمد له بالمنديل والملطخ بدماء انفه وهي تهمس بابتسامة صغيرة
"استخدم هذا المنديل لتمسح به الدماء المتجمدة على انفك لكي لا تبقى بمكانها لليوم التالي"

رفع (شادي) كفه ليمسك بالمنديل ببطء شديد وهو ما يزال شارد بملامحها بغموض وبصمت دام للحظات ، لترفع بعدها الهاتف والذي ما يزال مفتوح على الاضاءة وهي تغلقه بهدوء ، بينما كان (شادي) يتابعها باهتمام وهي تستدير بعيدا عنه لتسير باتجاه الممر قبل ان يقول من خلفها بارتفاع
"انتظري يا الماسة..."

قاطعته (ماسة) بانفعال وهي تستدير نحوه بقوة لتلتف معها خصلات شعرها السوداء المجنونة من حولها
"ماسة ، وإياك وان تخطئ باسمي مرة اخرى"

ردّ عليها (شادي) بلا مبالاة
"غير مهم ، اردتُ ان اخبركِ فقط شكرا لكِ"

عبست ملامحها ببرود وهي لا تصدق البساطة والتي يتكلم بها معها وكأنه يتسلى باستفزازها ببساطته والتي تطغى على كل شيء يفعله ؟ لتعود للاستدارة للأمام وهي تسير بعيدا عنه ليقول مرة أخرى من خلفها بتذكر
"ولكن لم تخبريني ، ما لذي كنتِ تفعلينه خارج غرفتك بمنتصف الليل"

عبست ملامحه وهو ينظر لظلها والذي اختفى بعيدا بالظلام بدون ان تجيبه ، ليرفع بعدها نظراته بهدوء للصورة العملاقة والتي تحتل الجدار وهو يوجه كلامه لها بيأس
"أرأيت ما لذي فعلته بي حفيدتك يا جدي ، فقط اريد ان افهم ما هي تركيبة هذه الفتاة ، ولكني مع ذلك سأتحملها فقط من اجلك يا جدي ولأنها حفيدتك ، واعلم بأنك تحبها فهي قوية مثلك وفريدة من نوعها لأنها جزء منك وتشبهك كثيرا"

رفع (شادي) المنديل وهو يمسح به على اطراف انفه برفق وهو شارد بصورة جده والتي احتلت المنزل لسنوات طويلة بدون ان تتزحزح من مكانها ، ومن الذي سيتجرأ على ذلك ؟

_____________________________
كانت تمسك بالبطاطا بيد وهي تقشرها بنصل السكين الحاد بيدها الأخرى بحرص شديد ، لتنتفض بعدها وهي تنحرف بنصل السكين لتجرح طرف اصبعها ما ان سمعت صوت تصفير خافت يخرج من خلفها بمكر ، لتستدير عندها للخلف بغضب وهي تنظر للواقف عند باب المطبخ وهو ينظر لها بعينين عسليتين ناعستين وكأنه لم يفزعها بتصرفه للتو ، قال (مازن) بعدها بلحظات وهو يرفع حاجبيه لها بتعجب
"لا تنظري لي بهذه الطريقة فهي لا تخيفني ابدا ، وعودي لعملكِ قبل ان انتشل عينيكِ هاتين من مكانهما"

عضت (صفاء) على طرف شفتيها وهي تقول بغيض
"اخبرتك ان تتوقف عن لعبة افزاعي بهذه الطريقة عندما اكون شاردة ، فهذا يزعجني كثيرا"

ردّ عليها (مازن) بلا مبالاة وهو يسند كتفه بإطار الباب
"ماذا افعل معكِ إذا كنتِ تخافين من ظلكِ وتفزعين من اي شيء افعله ، وتماما مثل عندما كنتِ طفلة تختبئين تحت سريري بعد سرد قصة مرعبة قبل النوم ، ما رأيكِ ان نعيدها مجددا فأنتِ لم تكبري عليها بعد"

ضحك (مازن) بسخرية من بين كلامه امام نظراتها الحانقة باشتعال ، لتستدير بعدها بعيدا عنه وهي تتمتم بامتعاض
"سخيف"

شعرت بعدها بلحظات بخصلات شعرها المعقودة على هيئة ذيل حصان على وشك التقطع بفعل قبضته الممسكة بها من الخلف وهو يهمس بغضب مكتوم
"ماذا قلتِ الآن يا ام لسان طويل"

ردت عليه (صفاء) بألم شديد
"لم اقل شيئاً ، اترك شعري"

ترك شعرها اخيرا بعد ان افسد عقدته وهو يقول من خلفها بتحذير
"إذا حاولتِ التطاول معي بالكلام مرة أخرى يا صفاء ، فلا تلوم عندها سوى نفسك"

تبرمت شفتيها بغضب وهي تترك البطاطا والسكين من يديها لترفعهما لعقدة شعرها المتهدله وهي تحاول دس الخصلات البنية بقوة لداخل العقدة المرتخية ، بينما اتجه (مازن) نحو الثلاجة بزاوية المطبخ ليفتحها بيده وهو يخرج منها زجاجة العصير بيده الأخرى قبل ان يغلقها وهو يتمتم بهدوء حائر
"صحيح ما هي اخبار ماسة بمنزل خالها ، فقد تأخرت كثيرا بالمكوث هناك واكثر من الفترة المسموح بها"

عقدت حاجبيها بتجهم من كلامه الأخير وهي تخفض كفيها للأسفل هامسة بوجوم
"لا اعلم شيئاً عنها"

ردّ عليها (مازن) بخفوت خطير
"ماذا قلتِ لم اسمعكِ"

زمت شفتيها بارتجاف وهي تهمس بانفعال بدون ان تنظر له
"لا تستطيع ارغامي على الكلام ، فأنا لا اعمل جاسوسة عندك من اجل ان تعرف اخبار صديقتي مني"

تجهمت ملامح (مازن) بجمود وهو يقول بصرامة
"صفاء...."

قاطعته (صفاء) وهي تلتفت برأسها نحوه قائلة بعبوس مرتجف
"وإياك وان تقترب مني مجددا وألا اخبرتُ والدي ليطردك من المنزل بأكمله"

عقد حاجبيه بوحشية ارعبتها وهي تلتصق بالمغسلة الرخامية من خلفها بكفيها بتشبث ، ليقول بعدها بهدوء خطير مشددا على حروفه بتصلب
"انا اريد فقط ان اعرف عن حالها وكيف هي الآن ، لذا لا داعي لتمثيل دور محامي الدفاع امامي وكأنني اريد قتلها والتهامها حية"

ابتلعت ريقها بارتباك وهي تهمس بخفوت متصلب
"ليس لدي ما اخبرك عنه سوى بأنها بخير وسعيدة بعائلة خالها وهناك حفلة سيقيمنها بالمنزل بنهاية الاسبوع...."

قاطعها (مازن) وهو يتمتم باهتمام
"هل ستحضر الحفلة"

زمت شفتيها وهي تنوي الكذب عليه لتقول بدلا عن ذلك بوجوم
"لا لن تحضر"

ابتسم (مازن) ببرود وهو يهمس بشرود متصلب
"جيد ، فهذا سيكون لصالحي"

ضيقت عينيها العسلية بتفكير وهي تحاول فهم كلامه الاخير وما هو الجيد بالموضوع ؟ ليقول بعدها (مازن) باستفزاز وهو يفتح زجاجة العصير بهدوء
"ماذا تفعلين ، هيا عودي لعملكِ ، ولا تفكري بشيء آخر لأن شقيقك يسيطر على زمام الأمور جيدا"

عبست ملامحها بغضب صامت وهي تعود للالتفات امامها لتمسك بالبطاطا والسكين بيديها وهي تكمل تقشيرها كما كانت تفعل قبل قليل ، لتشعر بعدها بحركة (مازن) وهو يخرج من المطبخ قبل ان يقول بفحيح ساخر
"انتبهي فقد تخرج لكِ اشباح المطبخ من الخزائن ، لذا احذري وانتِ تعملين لكي لا تثيري غضبها"

شهقت بوجل وهي تسمع ضحكته الساخرة وهي تتبعه لخارج المطبخ بعد ان دب الرعب بأوصالها ، لتجرح بعدها طرف اصبعها الثاني بنصل السكين وهي تشتمه بكل ما تحمله له من كره وحقد منذ طفولتها ، تلفتت من حولها وهي تنظر للخزائن المعلقة بالجدار بريبة وقلق زرعه بداخلها ، لتفكر بعدها بكلامه الأخير وإذا كانت قد اخطئت عندما اخبرته بالحفلة وعدم حضورها لها ؟ فكل ما يهمها هو ألا تتأذى صديقتها بسببها او بسبب شقيقها المجنون بأية طريقة .

_____________________________
كان يجلس امام مكتبه وهو يتلاعب بالقلم بين اصابعه مرجعا ظهره للخلف باسترخاء وهو يحرك رأسه بملل شارد ، ليقطع عليه شروده صوت الهاتف وهو يرن بصخب مزعج مخترقا غمامة شروده ، ليرفع بعدها يده وهو يلتقط سماعة الهاتف من على سطح المكتب ليضعها بجانب اذنه قائلا بملل
"نعم"

ردت عليه السكرتيرة بعملية جادة
"هناك زبونة تريد رؤيتك يا سيدي"

قال (شادي) بعدها بلحظات بتفكير
"هل حجزت موعد مسبق يا وفاء"

ردت عليه (وفاء) بتأكيد
"اجل يا سيدي وقد جاءت على الموعد تماما والذي حددته لها"

انتفض (شادي) وهو يعتدل بجلوسه قائلا بابتسامة جادة
"اجل يا وفاء اتركيها تدخل"

اقفل الخط وهو يعيد سماعة الهاتف لمكانها ، لينظر بعدها بتركيز لباب المكتب والذي فُتح ليتبعها دخول فتاة متبرجة وهي تبتسم له بنعومة بشفتيها المحمرتين بلون احمر قاني ، لينزل عندها لملابسها الانيقة والمكونة من كنزة صوفية طويلة بينما تركت ساقيها عاريين من تحت التنورة القصيرة والتي لا تصل لركبتيها وهو لا يفهم نظام الفصول عندها .

وقف (شادي) عن مقعده بهدوء وهو يبتسم باتساع قبل ان يمد كفه قائلا ببشاشة
"مرحبا بكِ يا آنسة بمكتب المهندس شادي ، شرفتي مكتبي المتواضع"

تقدمت الفتاة نحوه بخطوات متمايلة بتمهل قبل ان تصافحه بأطراف اصابعها قائلة بإيباء
"مرحبا بك"

اخفض (شادي) يده وهو يحرك كتفيه بلا مبالاة قبل ان يجلس امام المكتب وهو ما يزال يتلاعب بالقلم بأصابعه ، بينما جلست الفتاة على المقعد امامه بهدوء وهي تضع حقيبتها الصغيرة فوق الطاولة امامها بصمت ، قال (شادي) بعدها بلحظات بابتسامة هادئة بعملية وهو يطرق بالقلم على سطح المكتب برتابة
"إذاً ألن تخبرينا باسمكِ الكريم"

ردت عليه الفتاة بغرور وهي تضع ساق فوق الأخرى
"اسمي هو شروق الخطيب ، وقد اتيتُ على الموعد والذي حددته معك قبل ايام ، هل نسيت"

عقد حاجبيه بتفكير وهو يقول بابتسامة محرجة
"اعتذر فقد نسيتُ امر الموعد تماما ، فأنا ما افعله بالأمس لا اتذكره اليوم"

عبست ملامح (شادي) وهو ينظر لردة فعلها الباردة بدون ان تؤثر بها دعابته مثل ما تؤثر بالآخرين ، ليتنحنح بعدها بهدوء وهو يقول بجدية صارمة
"حسنا فلنتكلم عن المهم ، ما هو نوع التصميم والذي تودين منّا صنعه لكِ يا آنسة شروق ، واقصد بكلامي اي شيء فقط اخبرينا بمواصفاته وسيكون كما تريدين وتحلمين تماما"

حركت رأسها باتزان قبل ان تقول بابتسامة صغيرة بغرور
"الحقيقة لقد سمعتُ الكثير عن هذه الشركة وبأنكم تحققون كل مطالب زبائنها على اكمل وجه ، لذا قررتُ التوجه عندكم بطلب ما اريد وافكر به ، ولكن اتمنى حقا ان لا يحدث عكس ما اتيت من اجله"

ردّ عليها بثقة بالغة وهو يضرب بقبضته على صدره بقوة
"ثقي بنا يا آنسة ولا تفكري بشيء آخر ، فقد اتيتِ للمكان الصحيح وطلبكِ سيكون بأمان عندنا وبأيدي حريصة"

قالت فجأة بحيرة وهي تنظر له بتعجب
"اين هو خاتم زواجك ، ام انك لا تحب ارتدائه عادةً"

اخفض كفه لسطح المكتب بهدوء وهو يقول ببساطة بالغة
"لا يوجد خاتم زواج ، فأنا ما ازال عازب للآن ، أليس هذا واضحا عليّ"

ارتفع حاجبيها بدهشة وهي تقول بابتسامة مغرية بغموض
"ولما لم تتزوج للآن وانت تمتلك كل المؤهلات المطلوبة والتي تحتاجها للزواج ، ام انك مطلق او ارمل او عاشق تعرض للخيانة...."

قاطعها بسرعة وهو يرفع كفيه بوجل
"لا ليس لهذه الدرجة يا آنسة ، فقط لم اجد الفتاة المناسبة والتي ارغب بها زوجة لي ، هذا كل شيء"

عقدت حاجبيها بعدم اقتناع وما ان كانت ستعاود الكلام حتى سبقها (شادي) وهو يمسك بالقلم بيديه قائلا بجدية حادة
"هلا توقفنا عن التكلم عن حياتي ، وانتقلنا لموضوعكِ لنستطيع اختصار الوقت بشكل افضل ، ولكي لا نؤخركِ اكثر على مهامكِ يا آنسة"

ادارت عينيها بعيدا عنه بإيباء وبصمت وهي تهز ساقيها بعصبية واضحة ، بينما كان (شادي) يمزق ورقة من الدفتر امامه وهو يمسك بالقلم بيده الأخرى قبل ان يسند ذراعيه على سطح المكتب قائلا بابتسامة هادئة
"هلا اخبرتني عن مواصفات طلبكِ لأستطيع تدوينها ورسم التصميم كما تحبين وترغبين ، وماذا تريدين تحديدا بيت احلام او كوخ ريفي او غرفة اضافية بمنزلكِ الحالي...."

قاطعته (شروق) وهي تعود للنظر له بدلال ونعومة مصطنعة
"اريد منزل صغير ريفي يحيطه الاعشاب والاشجار بكل مكان ومعه مسبح كبير وحديقة مزهرة بسياج مرتفع ، واريد الوان السياج ان تكون مزيج بين الابيض والوردي ، وهناك ايضا شيء اريده منك ولن يكتمل منزلي بدونه"

كان (شادي) مشغول بتدوين طلباتها على صفحة الورقة ليتوقف بعدها وهو يتمتم بوجوم
"وماذا ايضا ، اخبريني عن الذي ينقصكِ وانا سأنفذه لكِ بمنزل احلامك"

اتسعت ابتسامتها بإغراء قبل ان تهمس بثقة وهي تحرك ساقها بدلال
"اريدك انت"

تصلبت ملامحه وهو يرفع نظراته بعيدا عن الورقة بحيرة قبل ان يتمتم ببلاهة مصطنعة
"اعتذر ولكني لم افهم مطلبكِ الأخير"

ردت عليه (شروق) وهي تتقدم بجلوسها امام المكتب قائلة بخفوت مغري
"بل انت تفهم جيدا ما اريد ، شاب عازب ووسيم مثلك دائما يكون محط انظار الفتيات الجميلات ، لذا ما رأيك ان اكون الفتاة المناسبة والتي تبحث عنها لتسعدك بحياتك ويكون المنزل الريفي والذي تصممه لنا هو منزل احلامنا الخاص والذي سنقضي به شهر عسلنا"

نظر لها (شادي) للحظات بجمود قبل ان تتسع ابتسامته ببرود وهو يقدم وجهه امامها قائلا باستهزاء واضح
"يبدو بأنكِ قد اتيتِ للمكان الخطأ فهذا المكان لطلب التصاميم والتي تخص منازل الاحلام وليس لطلب العرسان العازبين يا آنسة شروق"

عبست ملامحها بارتجاف للحظات قبل ان تنتفض واقفة عن المقعد وهي تقول بعصبية مهتزة
"كيف تتجرأ على قول مثل هذا الكلام لي ايها السخيف ، لن اسامحك ابدا على جرأتك هذه معي...."

قاطعها (شادي) وهو يرجع ظهره للمقعد قائلا بحزن تمثيلي
"لما كل هذا الغضب يا آنسة شروق ، أليس لديكِ حس بالفكاهة"

ازدادت ملامح (شروق) شراسة لتصبح عبارة عن مسخ مخيف مع مساحيق الوجه والتي كانت تلطخ وجهها بكثرة ، لتلتقط بعدها حقيبتها من على الطاولة بعنف قبل ان تستدير بعيدا عنه وهي تسير باتجاه باب الغرفة بغضب ناري ، ليقول من خلفها بمرح قبل ان تختفي عن نظره
"وداعا يا آنسة شروق ، فرصة سعيدة"

اخفض (شادي) نظره للورقة بيده والتي تحوي طلباتها قبل ان يجعدها بقبضته بقوة ، ليرفع بعدها قبضته عاليا وهو يصوبها باتجاه مكان السلة قبل ان يلقي بها لتصيب هدفها بنجاح ، اعاد نظره للأمام ما ان اجتاحت الغرفة فتاة اخرى وهي تقول بوجوم عابس
"ما لذي حدث يا شادي ، ومن تلك الفتاة والتي كانت متواجدة معك وغادرت غرفة المكتب وهي تبدو غاضبة"

وقف (شادي) عن مقعده وهو يقول بابتسامة جانبية ببرود
"لقد كانت فتاة مخطئة بعنوان المكان"

رفعت (لينا) حاجبيها الاشقرين بعدم رضا قبل ان يسبقها (شادي) بالكلام وهو يدور حول المكتب ليلتقط سترته من على الأريكة قائلا ببساطة
"أتعلمين بأنكِ قد اتيتِ بالوقت المناسب ، فأنا اشعر بالتعب من العمل الطويل واحتاج للترفيه عن نفسي قليلا ، لذا ما رأيكِ ان نذهب لنستمتع قليلا بوقتنا بمكان اجمل وبعيدا عن مكان العمل"

انفرجت شفتيها بانشداه قبل ان تتحول لابتسامة ناعمة وهي تهمس بتأكيد
"انا لا امانع هذا ، لأني دائما سأكون رهن إشارتك"

وقف (شادي) امامها بهدوء وهو يربت على كتفها بخفة قبل ان يتجاوزها بالخروج من المكتب بصمت وهو يضع السترة على كتفه من الخلف بإهمال ، وامام نظراتها الخضراء المتوهجة بكل انواع المشاعر وابتسامة صغيرة تحتل شفتيها بشرود بعيد كل البعد عن مجرد صداقة ودية تجمعهما فقط .

_____________________________
وقفت امام باب غرفتها ما ان لمحت صندوق كبير نسبيا مركون عند زاوية باب الغرفة ، لتتلفت بعدها من حولها بتوجس وهي تتأكد إذا كان قد نسيه احد هنا او كان يخص احدهم من افراد العائلة ؟ وعندما لم تجد اي احد بالجوار انحنت لتجثو على ركبتيها وهي تمسك بالصندوق من جانبيه بذراعيها ، لتستقيم بعدها بوقوفها وهي تفلت ذراع لتفتح باب الغرفة امامها قبل ان تكمل دفعه بقدمها لتدخل بالصندوق لداخل الغرفة ، اقفلت الباب من خلفها بنفس الطريقة بقدمها لتسير نحو السرير قبل ان تضعه من فوقه بحذر .

تنهدت بتعب وهي تمسح العرق عن جبينها بكفها لتنظر لشقيقتها والجالسة امام المكتبة بزاوية الغرفة مشغولة بمذاكراتها بدون ان تعيرها اي انتباه ، لتعود بعدها بنظرها للصندوق وهي تتمتم بحيرة
"لمن يكون هذا الصندوق يا ترى"

تنقلت بنظرها بزواياه بدون ان تتبين اسم المرسل او من اين اتى وعلى ماذا يحتوي ؟ لتعض بعدها على طرف شفتيها بفضول بدأ ينهش اطرافها وهي تتلمس بيدها غلافه المفتوح من فوقه بهدوء ، تنهدت بقوة وهي تتخذ قرارها لتفتح عندها الغلاف ببطء وحذر بدون ان تفسده او ان تمزق شيء منه حتى ظهرت امامها ورقة صغيرة بالمقدمة ما ان وصلت لداخل الصندوق ، لترفع بعدها يدها وهي تلتقط الورقة المطوية لتفتحها من فورها برهبة وهي تقرأ المكتوب بداخلها بانبهار مندهش

(إلى روميساء الفاروق ، لقد طلبتُ من الخدم ان يحضروا لكِ ثوب مناسب للحفلة وبعض التجهيزات الأخرى من اجلكِ ، فأنا قد وعدتكِ من قبل بأن اهتم بكل شيء ينقصكِ للحفلة ، وها أنا قد اوفيت بوعدي لكِ وجاء دوركِ الآن لتوفي انتِ بوعدكِ وتحضري الحفلة كما اتفقنا ، واتمنى ان تتقبلي هذه الهدية مني بدون ان ترفضيها او تعترضين عليها كعادتكِ فأنتِ بالنهاية جزء من هذه العائلة وفرد بها ، وإذا وجدتِ ان هناك اي شيء ينقصكِ للحفلة فأنا موجود ولا تترددي بطلبي مساعدتي متى ما شئتِ ، هنيئاً لكِ بالهدية)

كانت تتنفس من بين شفتيها المنفرجتين بانشداه وهي تنظر بعدم تصديق لما تراه امامها وهي تعلم جيدا من صاحب هذه الرسالة وهو نفسه من اهداها ذلك الكرت المزخرف والذي ما تزال تحتفظ به ولم تكن تتوقع ان يصل به الأمر لينفذ كلامه بحذافيره ويحضر لها كل ما ينقصها للحفلة والتي كانت قد رفضت حضورها من قبل ؟ وكل هذا لكي لا تبقى لها اي حجة لرفض الحضور وقد اغلق عليها جميع السبل للنجاة منه .

قطع عليها ذهولها بالرسالة صوت (ماسة) وهي تقول ببرود ساخر
"يبدو بأنه قد اصبح لكِ عشيق جديد بالعائلة يهتم لأمرك"

ردت عليها (روميساء) وهي تلتفت نحوها بحدة
"هذا ليس وقت مزاحكِ السخيف يا ماسة"

حركت (ماسة) رأسها ببرود بدون ان تعلق على كلامها وهي تعود للتركيز على المذاكرات امامها ، بينما وضعت (روميساء) الورقة جانبا وهي تعود بنظرها لما داخل الصندوق قبل ان تدس كفها بالداخل وهي تزيل الغطاء الشفاف والذي يفصلها عن محتوياته ، ابتلعت بعدها ريقها برهبة وهي تتلمس بكفها قماش شديد النعومة والذي اكيد سيكون يخص الثوب بلون ازرق مائي وهو يظهر عليه صناعته العريقة والتي لا تعود لأي صناعة عادية من التي تعرفها وتعاملت معها ، لتخرجه من فورها وهي تضعه على السرير بحرص شديد وكأنه شيء ثمين وقابل للتلف من النسيم لتعود بنظرها للصندوق وهي تنظر بصدمة لعدة علب حمراء مخملية اثنتان منهما صغيرتان وواحدة فقط كبيرة .

امسكت بالعلبة الكبيرة لتفتحها بحذر قبل ان تتسع حدقتيها الخضراء بانشداه وهي تنظر لعقد طويل من الألماس تتدلى منه جوهرة مستديرة زرقاء وعلى جانبيه حلقين من نفس نوع الألماس تتدلى منهما نفس الجوهرة ، لتغلق بعدها بسرعة العلبة وهي تنقل نظرها للعلب الصغيرة الأخرى وتفكر بما تحتويه ايضا من مفاجآت ستبهرها ؟

امسكت بعلبة منهما بارتجاف بعد ان اعادت العلبة الكبيرة لمكانها لتفتحها بحماس تشعر به لأول مرة باتجاه شيء ، لتصدم بخاتم ألماس يحمل نفس الجوهرة الزرقاء ولكن بشكل اصغر ، لتنتقل عندها للعلبة الصغيرة الثانية بوجل وهي تفتحها بنفس الحماس لتكتشف بأنها تحوي خاتم آخر ولكنه يحمل جوهرة بلون مختلف وهو اخضر فيروزي بنفس جمال الأول .

اغلقت العلبة الأخيرة بارتجاف لتبتسم بشرود ساحر وهي تجرب مشاعر جديدة دافئة بنعومة قماش الثوب الحريري ، لتتنقل بعدها بنظرها بالأغراض بسعادة متلهفة والتي اكيد ستساوي ثروة طائلة وهي تدخل لعالم جديد فاحش الثراء لم تكن تعلم عنه وعن مدى جماله وبريقه والذي يكاد يعميها مثل بريق عقد الألماس والذي رأته الآن واستطاعت لمسه لأول مرة وكأنها قد بدأت بلمس النجوم ؟

انتفضت بجزع ما ان اخترق صوت (ماسة) الحاد سعادتها الفريدة وهي تنظر لها بتفكير حائر
"روميساء اين شردتِ ، واين وصلتِ بأحلام يقظتك"

زفرت (روميساء) انفاسها بغضب وهي تعود للابتسام بجدية قائلة بقوة بدون ان تلتفت نحوها
"لا شيء فقط كنتُ افكر بأمور معقدة اخذتني بالتفكير بعيدا"

عقدت (ماسة) حاجبيها بتجهم وهي تهمس باستياء
"إذاً من يكون صاحب الرسالة ومن الذي ارسل لكِ كل هذه الاغراض"

ردت عليها (روميساء) ببساطة وهي تحرك كتفيها بشرود ناظرة للعلبة الصغيرة المخملية بكفها
"ربما عشيقي"

ارتفع حاجبي (ماسة) بصدمة وهي تهمس بغيض
"روميساء...."

قاطعتها (روميساء) وهي تلتفت نحوها قائلة بصرامة قاطعة
"هذا لا يعنيكِ يا ماسة فهذه امور تخصني وحدي وليس لكِ اي علاقة بها"

امتعضت ملامحها بعبوس قبل ان تلتفت بعيدا عنها امام مكتبتها ببرود وهي تكمل ما كانت تفعله ، بينما انشغلت (روميساء) بترتيب العلب بالصندوق بهدوء ليتبعها بوضع الثوب فوقها بحرص شديد لكي يبقى ناعما وجميلا كما هو ، لتغلق بعدها الصندوق بأكمله بصمت وابتسامة شاردة ما تزال تحتل محياها بهدوء .

ابتعدت عن الصندوق وهي تلتقط حقيبتها لتخرج منها هاتفها قبل ان تجلس على طرف السرير وهي تمسك بالورقة بيدها الأخرى بهدوء ، لتكتب بعدها رسالة قصيرة لرقم معين حصلت عليه من الرسالة وقد كتبه بزاوية الورقة ، لترسل الرسالة من فورها والتي كان محتواها مجرد كلمتين خجولتين
(شكرا لك)

اخفضت بعدها الهاتف وهي تنظر للورقة بابتسامة هادئة وتتمنى لو تستطيع حقا ردّ جميله عليها والذي زاد من رصيده عندها أضعاف حتى فاض .

نهاية الفصل يا حلوين ورمضان كريم وتقبل منا ومنكم صالح الأعمال ، ونلتقي بفصل جديد بيوم السبت القادم..............
🌙🌙🌙❤❤❤


روز علي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 03:09 PM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.