آخر 10 مشاركات
جدران دافئة (2) .. سلسلة مشاعر صادقة (الكاتـب : كلبهار - )           »          زهر جبينها المكلل- قلوب أحلام غربية (118) [حصريا] للكاتبة Hya Ssin *مميزة ومكتملة* (الكاتـب : Hya ssin - )           »          المز الغامض بسلامته - قلوب أحلام زائرة - للكاتبة Nor BLack *كاملة&الروابط* (الكاتـب : Nor BLack - )           »          مابين الحب والعقاب (6)للرائعة: مورا أسامة *إعادة تنزيل من المقدمة إلى ف5* (الكاتـب : قلوب أحلام - )           »          واثق الخطى ملكاً فى قلبي *مميزة و مكتملة * (الكاتـب : حياتى هى خواتى - )           »          مذكرات مقاتلة شرسة -[فصحى ] الكاتبة //إيمان حسن-مكتملة* (الكاتـب : Just Faith - )           »          رغبات حائرة (168) للكاتبة Heidi Rice .. كاملة مع الروابط (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )           »          دموع زهرة الأوركيديا للكاتبة raja tortorici(( حصرية لروايتي فقط )) مميزة ... مكتملة (الكاتـب : أميرة الحب - )           »          أسيـ الغرام ـاد -ج2 من سلسلة أسياد الغرام- لفاتنة الرومانسية: عبير قائــد *مكتملة* (الكاتـب : noor1984 - )           »          قطار الحنين لن يأتي *مميزة و مكتملة* (الكاتـب : رُقيّة - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > الروايات الطويلة المكتملة المنفردة ( وحي الأعضاء )

Like Tree1100Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 19-04-21, 05:57 AM   #31

انجيليك

? العضوٌ??? » 445396
?  التسِجيلٌ » May 2019
? مشَارَ?اتْي » 129
?  نُقآطِيْ » انجيليك is on a distinguished road
افتراضي


السلام عليكم
سلمت اناملكِ الجميله على هذا الفصل الجميل
لقد كنت بانتظار هذا السبت على احر من الجمر لاستمتع بقراءة الفصل ولكنكِ لم تنشري 😔😔😔

زهرورة and جولتا like this.

انجيليك غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 20-04-21, 11:58 AM   #32

MaRo.2014.

? العضوٌ??? » 323149
?  التسِجيلٌ » Aug 2014
? مشَارَ?اتْي » 632
?  نُقآطِيْ » MaRo.2014. is on a distinguished road
افتراضي

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
قرات المقدمة وجزء من الفصل الأول واصح انها رواية جذابة وجميلة ممكن تعرفونى مواعيد نزول الغصول
لانمكن من المتابعة معكم وشكرا

زهرورة and جولتا like this.

MaRo.2014. غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 20-04-21, 05:15 PM   #33

روز علي
 
الصورة الرمزية روز علي

? العضوٌ??? » 478593
?  التسِجيلٌ » Sep 2020
? مشَارَ?اتْي » 711
?  نُقآطِيْ » روز علي is on a distinguished road
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة انجيليك مشاهدة المشاركة
السلام عليكم
سلمت اناملكِ الجميله على هذا الفصل الجميل
لقد كنت بانتظار هذا السبت على احر من الجمر لاستمتع بقراءة الفصل ولكنكِ لم تنشري 😔😔😔

شكرا على اهتمامك ومتابعتك حبيبتي ، بس كان التفاعل كثير قليل على الفصل إلي فات وفكرت ما حدا بقرأ الرواية برمضان لهيك ما نشرت ، بس بوعدك ارجع انشر بألتزام كل يوم سبت من كل اسبوع ، ولا تحرمينا من مشاركتك وتفاعلك ❤
رمضان كريم 🌙🌙

زهرورة and جولتا like this.

روز علي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 20-04-21, 05:21 PM   #34

روز علي
 
الصورة الرمزية روز علي

? العضوٌ??? » 478593
?  التسِجيلٌ » Sep 2020
? مشَارَ?اتْي » 711
?  نُقآطِيْ » روز علي is on a distinguished road
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة maro.2014. مشاهدة المشاركة
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
قرات المقدمة وجزء من الفصل الأول واصح انها رواية جذابة وجميلة ممكن تعرفونى مواعيد نزول الغصول
لانمكن من المتابعة معكم وشكرا

اهلا وسهلا فيكي حبيبتي نورتينا ، بخصوص الفصول بتنزل كل يوم سبت من كل اسبوع ، وبتمنى تدعمينا بمشاركتك وبرأيك وان تنال الرواية على إعجابك ، دمتم بسعادة وحب ❤❤

زهرورة and جولتا like this.

روز علي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 24-04-21, 08:57 PM   #35

روز علي
 
الصورة الرمزية روز علي

? العضوٌ??? » 478593
?  التسِجيلٌ » Sep 2020
? مشَارَ?اتْي » 711
?  نُقآطِيْ » روز علي is on a distinguished road
افتراضي الفصل الثامن

الفصل الثامن...........
كانت تمسك بالكتاب والذي اشترته مؤخرا من المكتبة وهي تتصفحه بتركيز شارد وبتأثر بكل سطر وكلمة تمر عليها وعلامات وجهها تتنقل بين الذهول والتعجب والسعادة والحزن وجميعها تحدث بآن واحد ، ولم ترى النظرات المسلطة نحوها وهو يتتبع كل حركاتها بدقة عالية وهو يقف امامها تماما بدون ان تشعر به ، تجمدت بمكانها بعدها بلحظات ما ان شعرت بصوت أنفاس حادة تصلها بوضوح مخترقة عالمها وغمامتها الخيالية والتي كانت تعيش بها للتو مع كتابها الخيالي ، لترفع بعدها نظراتها بتوجس ناحية الواقف امامها وهي تتفحصه بتمهل شديد من قامته الطويلة حتى وصلت بالنهاية لوجهه بملامحه السمراء القاسية وهو ينظر لها بعيون سوداء حادة لم ترى بسوادهما وباتساعهما المخيف وهي تظللهما بعض الهالات المعتمة حول عينيه والتي تجعله اكثر غموضا بنظرها وكأنه السفاح والذي تقرأ عنه بقصصها الخيالية قبل ان يتحول بالنهاية لشخص طيب ونبيل .

طال اتصال العيون بينهما قبل ان تقطعه (صفاء) وهي تخفض نظرها بعيدا عنه بارتجاف احتل اطرافها ، لتسمع بعدها صوت (جواد) وهو يقول بخشونة متصلبة
"اتمنى ألا اكون قد قاطعت عليكِ خلوتكِ بتطفلي وبدخولي للمكتب بدون إذن"

اغلقت (صفاء) الكتاب بهدوء وهي تعود بنظرها له قائلة بابتسامة صغيرة مهتزة
"لا لا بأس ، لستُ متضايقة من وجودك ، فهذا ليس مكتبي لتؤخذ الإذن مني بالدخول إليه"

ردّ عليها (جواد) وهو ينظر لها بغموض
"ولكنه مكتب والدكِ وهذا يعني بأنه يتحتم عليكِ الحفاظ عليه بغيابه حتى عودته ، لكي لا تخذليه بعدم امانتكِ"

ابتلعت ريقها بتوجس وهي ترفع كفها لتعيد خصلات وهمية لخلف اذنيها بارتباك وكأنها تعطيها الوقت لتستطيع تجميع كلماتها ، لتقول بعدها بجدية وهي تنظر له بعبوس
"إذا كنت قد اتيت لرؤية والدي ، فلا تتعب نفسك بالانتظار لأنه لن يأتي اليوم بسبب موعده الهام مع الطبيب بمستشفى المدينة وسيتأخر هناك"

مرت لحظات صمت بدون ان ينطق بأي كلمة وهي تنتظر خروجه من المكتب بفارغ الصبر ، ليقول بعدها وهو يبتسم لها باتساع مريب
"ولكني لم آتي لرؤيته ، بل اتيتُ لرؤيتكِ انتِ والتكلم معكِ ، وقد انتظرت كثيرا لأستطيع رؤيتكِ مرة أخرى بما انني لا اجدكِ بمكتب والدك سوى بأيام محددة"

انفرجت شفتيها الورديتين بارتعاش متوجس وهي تفكر بما يريده منها هذا الغريب لينتظر رؤيتها بهذه اللهفة ؟ قد يكون من اجل موضوع سرقة حقيبتها والذي مر عليه يوم او من اجل شيء آخر لا تعلم عنه ؟ قالت بعدها بخفوت وهي تبتسم بتشنج واضح
"انا اعمل هنا فقط بأيام عطلتي عن الجامعة ، وعملي هنا من اجل مساعدة والدي بمهامه لا اكثر"

كان (جواد) ينظر لها بتركيز حاد ارهبها قبل ان يتمتم ببرود جليدي
"حسنا ، اردتُ ان اخبركِ بأنني ارغب بالحصول على الكتاب والذي هو بحوزتكِ بما انه النسخة الوحيدة المتوفرة بالمكتبة ، فقد بحثتُ عنه بعدة مكاتب أخرى ولم اجده بأي واحدة منها"

اتسعت حدقتيها العسليتين باهتزاز وهي تخفضهما للكتاب امامها قبل ان ترفعه ناحيته بوجل وهي تقول بحيرة خافتة
"اتقصد بكلامك هذا الكتاب والذي ترغب بالحصول عليه"

اومأ (جواد) برأسه بجمود وهو يرفع كفه ليتلمس غلافه المحمر بأصبعه وعينيه على حدقتيها قائلا بتمهل شديد
"وهذا إذا لم يكن لديكِ اي مانع ، ويمكنكِ اعتبارها مجرد اقتراض وبعدها اعيده لكِ بالوقت والذي تحددينه لي"

اخفضت عينيها بعيدا عنه بضعف شل حركتها من التفكير والذي خيم عليها بتشوش للحظات ، لتنتفض بعدها واقفة عن مقعدها بقوة وهي ترفع الكتاب باتجاهه قائلة برقة متوترة
"لا اكيد لا امانع ، وسيكون من دواعي سروري ان اقدم لك الكتاب والذي تسعى للحصول عليه ، فيبدو بأنك ترغبه بشدة واكثر مني شخصياً"

كان (جواد) ينظر لها ببرود قبل ان يخفض نظره للكتاب بيديها والذي كان يرتجف باهتزاز طفيف استطاع لمحه ، ليعود بنظره لها بقوة وهو يرفع كفيه ليمسك بيديها المتشبثتين بالكتاب باهتزاز ولكن ليس لأخذه بل ليرجعه لها وهو يقربه امامها قائلا بابتسامة باهتة بدون اي تعبير
"ليس من اللائق ترك كتاب قبل انهاءه وألا تبخرت المعلومات بداخلك واختفت متعة قراءته ، لذا عليكِ اولاً قراءته كاملاً وبعدها سيأتي الوقت والذي آخذه منكِ ، وانتِ من ستحددين كل هذا لأن هذا كتابكِ بالنهاية"

شردت (صفاء) بكلماته الباردة وبملامحه المنحوتة كالصخر قبل ان تهمس بتردد واجم
"إذاً لما اخبرتني بأنك ترغب بالحصول على الكتاب بشدة ، إذا لم تكن تريده الآن"

افلت (جواد) كفيها مع الكتاب وهو يقول بابتسامة شاردة بقوة
"لا تفهمي كل شيء كما هو ظاهر امامكِ ، فأنا قد قصدتُ بكلامي بأن انبهكِ برغبتي بالكتاب لكي لا تحاولي اضاعته او افساده مثلا ولكي تحافظي عليه من اجلي ، وهذا الكلام ينطبق ايضا على نفسكِ يا صغيرتي"

رفعت نظراتها نحوه بحدة بآخر كلماته وهو يعيد كلمة (صغيرتي) للمرة الثانية على اسماعها لتهمس بعدها بتلعثم خافت
"ماذا تقصد ، انا لا افهمك"

اتسعت ابتسامة (جواد) بدون اي مرح قبل ان يقرب وجهه امامها وهو يسند كفيه فوق سطح المكتب ليتمتم عندها ببرود صخري
"ستفهمين كل شيء بالوقت المناسب يا صغيرتي ، وبهذا الوقت لا تتعبي تفكيركِ بكل هذه الأمور والتي سترهق عقلكِ كثيرا"

عبست ملامحها بوجوم بدون ان تنطق بأي كلمة وهي ترفع الكتاب لتغطي به نصف وجهها ولتقي به بشرتها الرقيقة من انفاسه القوية والتي تكاد تحرقها بحرارتها ، بينما كان (جواد) يراقب بتركيز احداقها العسلية المهتزة بحزن عميق من فوق إطار الكتاب ، ليعود بعدها للخلف وهو يبعد كفيه عن سطح المكتب ليقف عندها باستقامة وهو يهمس بابتسامة متصلبة
"استمتعي بوقتكِ بقراءة الكتاب بقدر استطاعتك ، فنحن لا نعلم متى تختفي هذه السعادة اللحظية وتتبعثر بها حروف الكتاب لتتحول لمجرد سراب ، ولا تنسي الاهتمام بالكتاب من اجلي ليأتي دوري انا بالاستمتاع بقراءته"

بقيت على جمودها واحداقها تنظر له بتركيز شاحب والكتاب يغطي نصف وجهها ، ليغادر بعدها بعيدا عن نظرها لخارج غرفة المكتب بصمت قاتم غلف المكان ببروده ، تنفست عندها براحة وهي تخفض الكتاب عن وجهها قبل ان ترتمي جالسة على المقعد من خلفها وهي تشرد بعيدا بكلامه الغامض وكأنه لغز محير وعليها هي حله لتستطيع فهم الاحجية جيدا ومعرفة ما يخفيه خلف مظهره الغامض والذي يغلفه بالقسوة .

_____________________________
بعد مرور عدة ايام بهدوء النسيم.........

كانت تقف امام المرآة الضخمة والملعقة على باب الخزانة وهي تتأمل الفستان على جسدها بانبهار مسحور وكأنها ترى لأول مرة صورة لشابة فاتنة مختلفة تماما عن التي تعرفها والتي كان كل ما يهمها هو اسعاد الآخرين وارضائهم بدون النظر لحالها وما وصلت له من بؤس وحزن اثر على حياتها وشبابها ، ليظهر اخيرا قبس من السعادة وشخص ما يهتم بها وبأمرها وهو يسعدها بهذه التفاصيل الصغيرة والتي لم تحلم بتحقيقها او بطلبها يوماً .

كانت تتنقل بنظرها بانشداه مسحور بالفستان الطويل من حمالاته العريضة والتي تغطي كتفيها مخفية كل تفاصيل صدرها لينزل بعدها القماش بنعومة وببعض الضيق لينزل اخيرا بانتفاش بسيط فوق وركيها وهو يظهر خصرها النحيل وقامتها الطويلة وهو يتناسق مع الفستان الطويل والذي يصل لكاحليها بلون ازرق مائي ومع شريطة عريضة بيضاء حول الخصر وهي مربوطة بالخلف بعقدة طريفة وملفتة للنظر ، بينما رفعت شعرها الطويل بعقدة فوضوية فوق رأسها وبعض الخصلات السوداء قد تساقطت حول وجهها وعند عنقها الطويلة برفق .

رفعت كفها ببطء وهي تتملس برفق العقد الالماسي حول عنقها والذي كان يتدلى منه الجوهرة الزرقاء والتي ناسبت لون الثوب تماما لتزيده بريقا يشاركه الحلقين والذين يتدليان من اذنيها بدلال والخاتمين المزينين بأصبعيها وهي ترتدي كل منهما بيد ، وكل هذا الجمال كان ينعكس بريقه بعينيها الخضراء الشاحبة والتي ازدادت خضارا وتوهجا عن السابق طاردة الحزن والوجوم منهما .

اخفضت نظراتها بهدوء ما ان سمعت الصوت المتوقع من التي وقفت خلفها بوجوم
"إذاً ستفعلين ما برأسكِ وتحضرين حفلتهم التافهة وتشاركينهم بعالمهم المرفه فاحش الثراء ، ومع الطبقات المخملية وانتِ تدخلين دائرة موضوعهم الشيق ليتكلموا عنكِ لليالي القادمة وبكل المناسبات عن ابنة المجرم والتي تجرأت على دخول عالمهم بكل وقاحة وثقة تحسد عليها"

تصلبت ملامح (روميساء) بدون ان تنطق بأي كلمة وهي تنظر لشكلها بالمرآة بشرود متصلب ، لتتابع الأخرى كلامها وهي تكتف ذراعيها فوق صدرها قائلة باقتضاب مشتد
"هذه المرة ستحضرين حفلاتهم الرخيصة وتشاركين بها ، واما بالمرة القادمة فسيحدث تطور رهيب بالأحداث وستدخلين للعائلة عندها بصفتك زوجة ابنهم ذات السمعة السيئة وابنة المجرم قيس...."

قاطعتها (روميساء) وهي تستدير نحوها بقوة قائلة بجدية صارمة
"كفى يا ماسة ، لقد تجاوزتِ هذه المرة كل الحدود بكلامكِ الوقح معي ، فلا تنسي بأني اكبر منكِ سناً واعقل وهذا يعني بأني استطيع التصرف والتحكم بحياتي لوحدي بدون اي تعليق ساخر منكِ لا داعي له"

ردت عليها (ماسة) ببرود ساخر
"اجل هذا واضح من تصرفاتكِ والتي تثبت مدى رجاحتكِ وكبر عقلك"

عبست ملامح (روميساء) وهي تتنهد بتعب قائلة بعتاب
"لا فائدة من الكلام معكِ ، فأنتِ لن تفهميني ابدا ما دمتِ تفكرين بكل هذا السواد والذي يطغى على حياتكِ"

تشنجت ملامح (ماسة) بجمود قبل ان تنظر جانبا وهي تهمس بوجوم شارد
"انتِ التي لا تستطيعين فهمي ، وتحاولين دائما التعمد لخلق مشاحنة بيننا بفعل ما تعلمين جيدا بأنه يغضبني ويشعرنا بالامتهان"

عادت (روميساء) للنظر لها بحزن قبل ان تتقدم نحوها عدة خطوات وهي تمسك بيديها بطرفي الثوب ، وما ان وقفت امامها حتى قالت لها بابتسامة لطيفة وهي تربت بيدها على رأسها برفق
"صغيرتي انتِ تعلمين بأني لا اتعمد مضايقتكِ بأي شكل ، وصدقيني ليس هدفي من حضور الحفلة هو اغضابكِ او خلق مشاحنة بيننا ، ولكني اشعر برغبة حارقة لتجربة هذا الشعور الغريب بحضور حفلة مختلفة تماما عن عالمنا وبعيدة كل البعد عن بيئتنا والتي تربينا عليها ، ذلك الشعور عندما تكون مرغوب بين مجتمع من الطبقة المخملية ، وبعد ان انتهي من الخوض بذلك العالم سأعود عندها لعالمكِ الخاص ولن اغوص هناك اكثر مما ينبغي ويسمح به حدود عالمنا ، لذا هل تسمحين لي بتجربة هذا الشعور لمرة واحدة فقط"

رفعت (ماسة) عينيها الزرقاء الداكنة بعبوس قبل ان تتمتم بخفوت بارد بدون اي تعبير
"ولكنكِ بهذه الطريقة ستبتعدين عني وقد اضطر لخسارتكِ نهائياً بذلك العالم المترف والذي لا يعرف الرحمة او الرأفة ، وقد يجعلكِ وسيلته للتسلية والمتعة والتي تناسب امثالنا وقد تصبحين ضحيته الجديدة"

ارتفع حاجبيها بدهشة للحظات قبل ان تضحك بخفوت وهي ما تزال تربت على رأسها قائلة بجدية
"لا انتِ تبالغين فقط ، فكل هذا الذي تقولينه من وحي خيالكِ الخصب ومن شدة خوفكِ مما يدور من حولكِ ، ولا تقلقي فلن يحدث اي شيء من هذا ، ثقي بي"

رفعت كفيها بسرعة لتمسك بيدها من على رأسها وهي تشدد عليها بقوة قائلة بتصلب مرتجف
"افعلي ما اقوله يا روميساء واصغي لي لمرة واحدة فقط ، فهذه الحفلة لن تكون جيدة لكِ كما تظنين"

ربتت بيدها الأخرى على كفها برفق وهي تقول بثقة
"وانتِ اصغي لي لمرة واحدة بدون ان تخافي من شيء لن يحدث اساسا ، وتأكدي بأني سأكون بخير"

قالت (ماسة) فجأة بانقباض
"ولكن..."

قاطعتها (روميساء) وهي تسحب كفها من بين يديها قائلة بنفاذ صبر
"يكفي يا ماسة ، إلى متى سأكرر كلامي حتى تفهمي ، توقفي عن هذا الخوف الغير مبرر من كل شيء افعله واقدم عليه ، واتركيني افعل ما اراه انا مناسباً لكلينا"

اشاحت (ماسة) بوجهها بعيدا عنها بتجهم واضح بدون ان تعلق على كلامها ، بينما تراجعت (روميساء) بعيدا عنها لتنحني امام علبة مستطيلة الشكل والتي وصلتها قبل قليل بدون ان تطلبها مع بقية اغراضها والتي وعدها بهم ، اخرجت بعدها منها حذائين لامعين بلون الابيض والمائل للفضي وهما يحويان على شريطة تربط جانبيهما برقة ونعومة ، لترتدي عندها الحذائين بحذر وهي تربط شريطة كل واحد منهما بإحكام .

بعد ان انتهت استقامت بوقوفها لتسير باتزان نحو باب الغرفة قبل ان تقف وهي تمسك بمقبضه بتردد لتلتفت عندها نحو شقيقتها الساكنة بمكانها وهي تهمس بمودة
"سأحاول ألا اتأخر عليكِ ، حسنا"

عندما لم تجد اي ردّ منها تابعت سيرها لخارج الغرفة وهي تغلق الباب من خلفها بهدوء ، لتنظر تلك الاحداق الزرقاء المستديرة بعيدا وهي تتمتم بقسوة باردة
"لن تفهمي ولا احد سيفهم ما اشعر به ، فليس من ذاق الألم كمن عرفَ "

لم تشعر بعدها بالدمعة اليتيمة والتي خطت على وجنتها ببرود اعتادت عليه حتى اصبح رفيقها بالأيام الماطرة وهو يحكي قصص عذاب دامت لسنوات طويلة بدون نهاية .

___________________________
كانت تزفر انفاسها بهدوء وهي تسير بقاعة الاحتفالات الضخمة والمخصصة للمناسبات المهمة وهي تشعر بالنظرات تلاحقها بكل مكان منذ دخولها للقاعة ولا تعلم إذا كانت نفورا منها ام إعجابا ؟ ولكنها لم تعطيها اي انتباها فكل ما يهمها هو ان تتمتع بأجواء الحفلة الهادئة بكل ما فيها من جمال ساحر لفت نظرها منذ اللحظة الأولى وهي تحظى بأجمل وقت مستقطع بحياتها المليئة بالمشاغل وهموم الحياة والتي ابعدتها كثيرا عن الحياة الهانئة والمرفهة وقد نسيت مذاقها الحقيقي وكيف تكون حياة المرأة النبيلة بمجتمع يتقبلها ويحبها لنفسها وشخصها .

توقفت بخطواتها وهي تقبض على طرفيّ ثوبها بكفيها بقوة ما ان تذكرت ذكرى بعيدة ضربت عقلها الشارد وهي ساهمة بالبعيد وتحديدا عندما كانت تعمل بمحل بقالة قريب من مكان سكنها وهي ما تزال بعمر الرابعة عشر لم تتم بعد الخامسة عشر ، لتلتقي هناك بامرأة لطيفة يبدو على مظهرها الثراء الفاحش وقد كانت تكلمها بمودة غريبة قائلة
"ماذا تفعل مراهقة مثلكِ بالعمل بالمتاجر ، بدلا من ان تكوني الآن تجتهدين بالمدرسة لكي تستطيعي تحقيق احلامكِ والعيش بسعادة"

رفعت (روميساء) عينيها الخضراء وهي تهمس بخجل شديد وبارتياب بسبب عدم اعتيادها على المعاملة اللطيفة من الناس من حولها والذين كل ما يعرفونه هو اصدار الأوامر بحقها
"هل تكلميني انا يا سيدتي"

اومأت المرأة اللطيفة برأسها بالإيجاب وهي تقول بابتسامة متسعة
"اجل انا اكلمكِ انتِ يا جميلة ، فليس هناك صغيرات جميلات هنا غيركِ"

اتسعت ابتسامة (روميساء) بسعادة طفولية على هذا الإطراء والذي تسمعه لأول مرة من احدهم وهي تشعر حقا بأنها جميلة بنظرها ، لتهمس بعدها بامتنان شديد
"شكرا لكِ"

قالت المرأة بابتسامة جادة وهي تنظر لها بتركيز
"ولكن لم تخبريني يا جميلة ، ألا تذهبين للمدرسة ، فمن بعمرك عليه ان يركز كل وقته بالدراسة فقط وليس بالأعمال والتي لا تناسب سنه"

عادت (روميساء) لخفض نظرها بعيدا عنها وهي تقول بتلعثم متوتر
"انا اذهب للمدرسة بالصباح واعمل هنا بوقت الظهيرة ، لأن عمي يحتاج للمال بشدة ، ولا تقلقي يا سيدة فأنا مجتهدة جدا بالدراسة"

اهتزت ابتسامة السيدة وهي ترفع حاجبيها بصدمة من حال هذه الطفلة والتي تبدو بعمر الخامسة عشر او اقل وهي تُرغم على العمل بهذا السن الصغير ، لتقول بعدها بحنان وهي تدس يدها بحقيبتها على كتفها
"لقد احببتكِ كثيرا يا صغيرة ، لذا سأقدم لكِ عربون محبتي لكِ"

نظرت لها بعينيها الخضراء الكبيرتين بحيرة وهي تخرج كفها امامها والتي كانت تحوي بعض النقود ، لترفع بعدها نظراتها لها ما ان قالت المقابلة لها ببهجة
"هيا خذي هذا المال مني ، لا تخجلي"

عبست ملامحها الطفولية وهي تهمس بوجوم
"ولكني لا استطيع اخذ المال بدون اي مقابل ، عليّ ان اعمل لأحصل على المال بجهدي"

اتسعت ابتسامة المرأة وهي تقول بمحبة بالغة
"هذا الكلام تقولينه للغرباء وليس لي فأنا اكون بمقام والدتك وقد احببتكِ من كل قلبي وهذا المال مجرد مساعدة بسيطة لكِ ، لذا اقبليها من والدتك بدون اي اعتراض وألا سأغضب عليكِ"

تعقدت ملامح (روميساء) بارتباك قبل ان تمد كفها لتلتقط النقود منها وهي تنظر للنقود بكفها بسعادة ، لتهمس بعدها بسعادة طفولية
"شكرا جزيلا لكِ"

حركت المرأة رأسها بهدوء وما ان استدارت بعيدا عنها حتى امسكت (روميساء) بطرف ثوبها بكفها الصغيرة ، وما ان التفتت الأخرى نحوها حتى قالت بلهفة طفولية برق بعينيها الخضراوين المستديرتين
"هل استطيع ان اصبح عندما اكبر امرأة مهمة مثلكِ والجميع يحبها ومن طبقة معروفة واملك الكثير من المال"

ردت عليها المرأة بابتسامة مرحة وهي تربت على رأسها بحنان
"هوني على نفسكِ يا فتاة ، اكيد تستطيعين ان تصبحي ما تريدين عندما تكبرين ، فقط بالإرادة والعزيمة يمكنكِ ان تحققي اي شيء تريدينه وتسعين إليه ، وتذكري بأن الثراء ليس بالمال فقط بل هو بالعمل والصبر لتصلي لما تحلمين به وليس هناك اي شيء مستحيل امام فتاة قوية مثلكِ"

تنفست بهدوء وهي تعود للحاضر وكلام المرأة يدور برأسها دوما بكل خطوة تخطوها للأمام بحياتها ، لتنظر بعدها لحالها والتي وصلت لها وهي تجرب عالم الثراء والذي كانت تراه دائما بعيد المنال عنها وكم تشعر بالفرق الآن بين الخيال والواقع .

استدارت بسرعة للخلف ما ان سمعت الصوت المتزن المألوف وهو يقول من خلفها بقوة
"واخيرا اتيتِ للحفلة ، كنتُ اعلم بأنكِ لن تخذليني وستحضرين الحفلة"

ابتسمت (روميساء) بارتجاف وهي تنظر للبدلة الرمادية الشاحبة والتي كانت تلف جسده الطويل لتظهره بهيبة ووقار يناسب مكان الحفلة وكأنه قد خلق بهذا المجال والذي يخص ادارة الأعمال والذي اكيد سيكون المسؤول عنه من بعد والده فهو الابن الاكبر بهذه العائلة والمسؤول عن كل شيء ، رفعت نظرها بحذر لعينيه الرمادية الهادئة وهي تشعر بها تخفي الكثير من خلفها من نظراتها الجديدة والتي تغيرت نحوها واصبحت اكثر جمالا بالنسبة لها .

تقدم (احمد) نحوها وهو يقطع تواصل العيون ناظرا لها بتأمل حذر من طلتها البهية والتي تختلف تماما عن الفتاة الحزينة والتي دخلت لمنزلهم لأول مرة مع هالة الحزن والتي كانت ترافقها آن ذاك لتصبح الآن بطلة جديدة وهي تبرق بالحفلة بتوهج من انعكاس المجوهرات على وجهها وعنقها لتبدو واحدة من حوريات البحر والتي تحتاج إليها بشدة فتيات هذه الحفلة ، لتظهر مكانتها الحقيقية بين الناس والتي لا يناسبها سوى لقب الآنسة النبيلة .

ما ان وقف (احمد) امامها تماما حتى قالت بسرعة بارتباك وهي تعيد خصلات شعرها المتمردة لخلف اذنيها
"اجل لقد اتيتُ للحفلة كما وعدتك ، فلا تنسى بأنك انت من احضر لي كل هذه الاغراض الجميلة ، وهذا مجرد ردّ جميل على افضالك والتي تهدرها عليّ دوما"

اومأ برأسه باتزان وهو يشرد بحركاتها الهادئة والمدروسة بالنسبة لفتاة تدخل لأول مرة لهذا العالم المترف ، ليقول بعدها بابتسامة جانبية بانبهار
"ولكني ارى بأن هذا الثوب والمجوهرات قد حولتكِ لأميرة جميلة تناسب كثيرا الطبقة المخملية ، والسر ليس بالثوب فقط بل بصاحبته والتي خلقت لتكون جزء من هذا المجتمع الفخم ، وليس هناك اي شيء يمنعكِ لتكوني جزء منهم بعد الآن"

ابتسمت (روميساء) بحياء وهي تهمس بخفوت
"شكرا لك"

قال (احمد) بعدها بلحظات وهو يرفع كفه امامها
"انتظري لحظة"

عقدت حاجبيها بحيرة وهي تنظر له بتوجس وهو ينحني امامها بطريقة ملوكية واضعا ذراعه امام صدره بقوة وهو يقول بابتسامة صغيرة بمودة
"مرحبا بكِ يا آنستي النبيلة بمجتمع الطبقة المخملية ، شرفتي وسطكِ وعالمكِ يا جميلتي والذي انتظر وصولكِ كثيرا حتى يأس ومل"

ضحكت (روميساء) بخفوت وهي تضع كفها على شفتيها برهبة قبل ان تهمس بعبوس مرتجف
"توقف يا احمد ، انت تحرجني بهذه التصرفات ، فأنا لم افعل شيئاً لاستحق كل هذا منك"

استقام (احمد) بوقوفه وهو يحرك رأسه قائلا بثقة
"لا تحتاجين لفعل شيء لتحصلي على كل هذا الاهتمام ، فهذا يعتبر تعويض عن كل سنوات الشقاء والتعب والتي عشتها بعيدا عن وسطك وعالمك والذي تنتمين له من الاساس"

احنت نظراتها بعيدا عنه بحزن ما ان تذكرت حياة الشقاء الماضية والتي اخذت منها كل ذرة سعادة بحياتها هي وشقيقتها حتى نسوا معناها الحقيقي وكيف تكون ؟ ولكن اين كانوا من كل هذا وهم يتجرعون الألم من زوج والدتهم ولا احد منهم ظهر لينقذهم من قذارته ولا حتى احد من عائلة خالها واقاربهم ؟ لا احد ؟

شعرت بكفه وهو يمسك بذقنها بأصابعه ليرفع وجهها عاليا قائلا بهدوء
"هذه حفلتكِ الأولى ، وعليكِ ان تكوني سعيدة بها وغير مسموح بالحزن ابدا ، اعلم جيدا بأني قد تأخرتُ كثيرا بالسؤال عنكِ والاهتمام بكِ ، ولكن اعدكِ من الآن بأن تكوني اولى اهتماماتي ومسؤولياتي يا ابنة عمتي"

ابتسمت بهدوء وحدقتيها الخضراء تلمع بانبهار يماثل لمعان الجواهر والتي تملئ وجهها وعنقها وكفيها ، لينتفض بعدها وهو يبعد اصابعه عن ذقنها مبتسما لها باتزان مهتز ما ان لاحظ النظرات المتجهة نحوهما من كل صوب ، قال بعدها بلحظات بتفكير وهو ينظر حوله بهدوء
"ولكن لما لم تحضر شقيقتكِ ماسة الحفلة معكِ كنت اريد إرسال الملابس والمجوهرات لها ايضا ، كانت حظيت بوقت ممتع"

افاقت من شرودها والذي لفها بعيدا من كلماته الدافئة واهتمامه والذي تجربه لأول مرة وكأنها ملكة متوجة على العرش ، لتقول بعدها بارتباك وهي تغير الموضوع بسرعة
"كنتُ اريد ان اسألك هل انت وحدك بالحفلة ، اين عائلتك وزوجتك"

ارتفع حاجبيه بدهشة وهو يقول بابتسامة صارمة بتمثيل
"هل اصبحتِ تتدخلين بخصوصياتي ، من اعطاكِ الحق"

زمت شفتيها بانفعال وهي تهمس بوجوم
"ولكنك انت دائما تسألني وتتدخل بخصوصياتي ، إذاً انا ايضا لدي الحق بالتدخل ، أليس كذلك"

ابتسم بسعادة حتى ظهرت اسنانه البيضاء وهو يستمع لكلامها العفوي والذي ضرب قلبه بقوة وسحره بعفويته ، ليقول بابتسامة جذابة وهو يرفع ذراعه نحوها بترحيب
"وانا اقبل بهذا التدخل بكل ترحاب ، والجواب على سؤالكِ بأن عائلتي كل واحد مشغول مع رفيقه وحتى زوجتي مشغولة مع صديقاتها ، لأبقى انا هنا وحدي بدون اي رفيق ، لذا هل تقبلين ان تكوني رفيقتي يا آنسة روميساء"

انفرجت شفتيها الممتلئتين بارتعاش قبل ان تحرك رأسها بقوة وهي تقول بتأكيد
"اجل ، هذا شرف لي ان اكون رفيقتك يا سيد احمد"

قال (احمد) فجأة وهو يرفع اصبعه بتهديد
"قولي احمد فقط ، وألا لن ارحب بأن تكوني رفيقتي"

ردت عليه بابتسامة متسعة بجمال
"حاضر احمد فكهاني"

ابتسم بوقار وهو يمد ذراعه نحوها قائلا بجمود مزيف
"اعطيني يدكِ يا رفيقتي لنستمتع بهذه الحفلة الجميلة ، ولأعرفكِ على باقي الضيوف من نفس طبقتك النبيلة"

رفعت يديها لتتشبث بذراعه بهدوء وهي تمسك بكم قميصه بيدها بحذر ، وعينيها تنظر بأحداقها الخضراء المستديرة بلمعان بنفس لمعان لقاءها بتلك السيدة اللطيفة وهي تنظر له بسحر كل العالم وقد تحقق كلام تلك السيدة فاحشة الثراء ، وهو يتجسد حقيقة امامها فقد حصلت اخيرا على لقب (سيدة نبيلة) والذي تعبت كثيرا من اجله وهو اقصى امانيها منذ المراهقة .

____________________________
كانت تتصفح بالكتاب بين يديها بملل قبل تلقي به بعيدا على السرير وهي تلتقط الهاتف من المنضدة الجانبية ما ان ارتفع رنين الهاتف بصخب مخترق هدوء الغرفة وسكونها ، لتفتح بعدها الخط وهي تضعه على اذنها قائلة بتصلب
"ماذا تريد مني"

ردّ عليها من بالطرف الآخر بفظاظة
"اريد رؤيتكِ الآن وحالاً"

قبضت على الهاتف بيديها وهي تقول باقتضاب
"هل جننت لتطلب مني رؤيتك بهذا الوقت ، هيا ارحل وعد للنوم فأنا ليس لدي الوقت لسخافاتك"

قال (مازن) ببساطة بالغة
"بل يمكنكِ فعلها ، فأنا اعلم بأن هناك حفلة الآن بمنزل خالك ، لذا تستطيعين التسلل بسهولة والخروج لرؤيتي بفناء المنزل الخلفي بدون ان يراكِ احد"

تجهمت ملامحها وهي تهمس باستياء
"من اخبرك عن الحفلة وبأني لم احضرها...."

توقفت عن الكلام وهي تعض على طرف شفتيها بحنق مشتعل عندما اكتشفت الفاعل الحقيقي والذي اوصل له كل هذا الكم من المعلومات عنها ، ليعود (مازن) للكلام وهو يقول بحدة صارمة
"هذا ليس وقت أسئلتكِ ، فأنا اريد ان اراكِ الآن ولا شيء يستطيع إيقافي عن رؤيتكِ ولا حتى كبريائكِ الاحمق ، وإذا لم تخرجي إلي بغضون ربع ساعة...."

قاطعته (ماسة) وهي تهمس بانفعال حانق
"حسنا فهمت ، سأحاول الخروج لك"

قال (مازن) بتشديد حاد
"لن تحاولي بل ستأتين ، هل فهمتِ"

ابعدت الهاتف عن اذنها وهي تقفل الخط بوجهه ، لتفكر عندها بأنه كان من المفروض ان تتجاهله وتقفل الخط بوجهه منذ البداية معلنة عن رفضها لطلبه الاحمق ، ولكن الخوف الفطري والذي يلاحقها منه جعلها اكثر حذرا بالتعامل معه فهي لن تنسى ابدا بأنه شريك (قيس) بكل جرائمه ويملك خبثاً ودهاءً اكثر من عمه نفسه وكل هذا من معاشرتهما لسنوات طويلة حتى اصبحت تعرف كل طباعهما وتنتبه لكل خطوة تخطيها نحوهما .

نهضت بعدها بلحظات عن السرير وهي تتجه للخزانة العملاقة لتفتح بابها وهي تخرج منها سترة جلدية سوداء وبنطال جينز مهترئ ، وما ان انتهت من تبديل ملابسها حتى امسكت بالسكين والتي لا تفارقها بتاتاً منذ وفاة والدتها ، لتدسها يجيب بنطالها الخلفي وهي تسير لخارج الغرفة قبل ان تقفل الباب بهدوء والسكون يحل على كل انحاء المنزل وساكنيه المنشغلين بحفلتهم التافهة .

خرجت من باب الفناء الخلفي للمنزل لتتلفت من حولها بريبة وهي تتأكد من خلو المكان ، لتسير بعدها عدة خطوات بعيدا عن الباب ناظرة للظلام الحالك المنتشر بالحديقة الخلفية لا يضيئها سوى ضوء القمر والذي اختفى خلف السحب بليلة داكنة ، قالت بعدها بلحظات بغيض وهي تقبض على كفيها بجانبي جسدها بقوة
"اين انت ايها...."

قاطعها صوت من الخلف يقول بتسلية باردة
"انتبهي جيدا من ألفاظكِ يا فتاة والتي اكيد ستودي بكِ بداهية"

التفتت نحوه بعنف وهي تهمس بتصلب ناري
"انت هو الداهية نفسها والتي لن تحل عني ابدا قبل ان اتخلص منها بيديّ"

تقدم (مازن) بخطوات متمهلة نحوها قبل ان يقف امامها تماما قائلا ببراءة مصطنعة
"وهل لديكِ الجرأة لتقتليني بعد كل هذه العشرة ، وماذا عن سنوات العراك بالطرقات وملاحقة بعضنا البعض بالأحياء الضيقة والمقالب والتي كنا نفعلها بالعالم سوياً...."

قاطعته (ماسة) وهي تلوح بذراعيها جانبا قائلة بنفاذ صبر
"كفى كلام عن ماضي واراهُ الزمن ، واخبرني ماذا تريد مني الآن"

تقدم (مازن) امامها اكثر وهو يرفع يده نحو وجهها ليلمس وجنتها المتصلبة بأصبعه قائلا بغموض
"اريد منكِ ان تعودي لمنزلي واقصد منزل قيس"

حركت وجهها بعنف وهي تتراجع للخلف قائلة باستنكار
"تريد مني ان ارجع للمنزل والذي اصبح ملكك"

ارجع (مازن) رأسه للخلف وهو يقول بجدية حادة
"انه ليس ملكي بل ملككِ انتِ يا دمية قيس وسيبقى هكذا للأبد"

اشاحت بوجهها بعيدا عنه ببرود وهي تتمتم بامتعاض
"وماذا تريد مني الآن ، ام انك طلبت رؤيتي لهذا الكلام الفارغ"

عاد (مازن) للتقدم امامها وهو يقول بابتسامة جانبية ببرود
"تعلمين جيدا ما اريده ومنذ زمن ، وهذه الزيارة بمنزل خالكِ قد طالت كثيرا واكثر مما سمحتُ به ولم يعد يروقني هذا الوضع ابدا ، لذا اريد منكِ ان تريحيني وتعودي لعالمي ولمنزلنا وتوافقي على ان تكوني جزء مهم بحياتي الفارغة لا يتجزأ"

كانت تنظر له بعينيها الزرقاء الداكنة والتي كانت تلتمع بجمود مع ضوء القمر بدون ان تظهر اي تعبير مقروء عليها ، لتقول بعدها بجمود باهت وهي تنظر له بقوة
"وانت تعلم رأيي جيدا بطلبك المزعج ، وقد اخبرتك بها مئة مرة وهي بأني لن اكون لك يا مازن جلال ، فأنا قد مللت من استعباد الرجال لي"

تشنجت ملامح (مازن) وهو يقول بغموض متصلب
"اعلم هذا وقد سمعتها منكِ عشرات المرات ، والذي كان يمنعني من الحصول عليكِ منذ سنوات هو عمي قيس والذي لم يستطع التخلي عنكِ بأعماله المشبوهة وانتِ تشكلين بالنسبة له كنز ثمين لا يعوض ، ولكن الوضع الآن قد اختلف تماما"

عقدت حاجبيها بحدة وهي تهمس بتشنج غاضب
"ماذا تقصد بأن الوضع قد اختلف"

ردّ عليها بخفوت مستفز وهو يمسك كتفيها بيديه بقوة
"اقصد بأنه لم يعد هناك اي حواجز تمنعني عن الوصول لكِ وامتلاكك ، وتركي لكِ كل هذه الفترة بمنزل خالكِ كانت رحمة مني حتى تستعيدي طاقتك وعنفوانك والذي اعشقه ، ولكن آن الأوان لتسلمي اسلحتكِ لي وتضعي كبريائكِ جانبا لنكون معا كما كان مقدر لنا منذ سنوات"

تنفست (ماسة) بهدوء وهي تتمتم بجفاء
"هل هذا تهديد موجه نحوي لأقبل بعرضك"

ترك (مازن) كتفيها بهدوء وهو ينزل بيديه على طول ذراعيها ببطء شديد وهو يقول بابتسامة جانبية مستفزة
"لا تري الموضوع بهذه الطريقة المهينة ، فأنا بالنهاية ابحثُ على مصلحتكِ والتي ستكون معي ، فنحن الانسب لبعضنا والمتساويين بكل شيء وكل الدلائل تثبت مدى تقاربنا وتشابهنا ، لذا وافقي على قدركِ قبل ان ينقلب القدر عليكِ وتحدث امور نحن بغنى عنها"

نفضت ذراعيها بعيدا عن يديه العابثتين وهو يرفع كفيه عاليا لرأسه بابتسامة مستفزة ، بينما استدارت (ماسة) بعيدا عنه وهي تقول بحزم جاف
"اعطني مهلة لأفكر بالأمر ، ولا تحاول استعجالي"

حرك (مازن) رأسه ببرود وهو يهمس بابتسامة جانبية
"لا بأس ، ولكن تذكري بأن المهلة لن تأخذ اكثر من يومين ، فقد وصل عندي الصبر لأقصاه يا دمية قيس ، ولن تتوقعي ماذا سيحدث عندما ينتهي صبري عليكِ"

تجاهلته (ماسة) وهي تنظر بعيدا عنه بشرود واجم ، بينما تجاوزها بالسير بعيدا بدون ان ينسى القول ببرود وهو يربت على كتفها بخفة
"وداعا يا دمية قيس والتي ستصبح عن قريب دمية مازن"

نظرت له بحقد مشتعل وهو يتابع سيره بلا مبالاة بعيدا عن فناء المنزل ، لتخفض بعدها نظرها للأسفل بضعف وهي تكتف ذراعيها فوق صدرها ببرودة نخرت عظامها والهواء البارد يضرب من حولها بدون اي رحمة او رأفة وعبارة واحدة تتكرر بعقلها منذ ان شبت عن الطوق وتعايشت معها
(لكل شيء ثمن علينا دفعه وبأضعاف ذلك الشيء)

يتبع..................


روز علي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 24-04-21, 09:15 PM   #36

روز علي
 
الصورة الرمزية روز علي

? العضوٌ??? » 478593
?  التسِجيلٌ » Sep 2020
? مشَارَ?اتْي » 711
?  نُقآطِيْ » روز علي is on a distinguished road
افتراضي

كانت تتنفس الهواء النقي بارتياح بعد ان غادرت قاعة المناسبات والتي تحولت لمكان ضاغط عليها بدون اي متنفس للهواء ، لتنظر بعدها للحديقة من حولها والسابحة بالظلام الحالك وإنارة خافتة موزعة بكل زوايا الحديقة بدفء ، اخفضت نظرها لحذائيها الامعين وهي تدوس بهما على شتلات العشب الصغيرة والندية من الجو البارد ، لتفكر بعدها برفيقها بالحفلة والذي حرموها منه بعد ان انشغل مع مدراء الاعمال بالكلام عن صفقات العمل ما ان بدأوا بالكلام معه ليتجمعوا من حوله بدون ان يتركوا لها اي منفذ للوصول له او الكلام معه ، حتى انها قد اصطدمت نظراتها بزوجته (سلوى) بالحفلة والتي كانت تنظر لها بتجهم واضح يحمل الكثير وكأنها تلمح لها بأنه غير مرحب بها بالحفلة ، وهذا ما دفعها لتخرج لخارج القاعة لتستطيع اخذ راحة من تمثيل دور المرأة النبيلة والذي تعبت كثيرا منه وقد اكتشفت بالنهاية بأنها لا شيء بتلك الحفلة بدون وجود (احمد) بجانبها .

انتفضت بوجل ما ان سمعت صوت غريب يقول من خلفها بحيرة
"روميساء"

استدارت بسرعة للخلف بجزع وهي تنظر له بعبوس واجم ، بينما تقدم الغريب نحوها وهو يعدل النظارة من فوق عينيه قائلا بتفكير
"هذه انتِ حقا"

ابتلعت ريقها برهبة وهي تهمس بخفوت متصلب
"من تقصد"

وقف الغريب امامها وهو يعقد حاجبيه بتركيز قائلا بقوة
"ألا تذكريني حقا ، لقد كنا نعمل معا بنفس متجر البقالة الخاص بأبو مسعود ، ذلك الرجل الكبير بالسن والسمين بعض الشيء"

حركت (روميساء) عينيها بشرود بعيدا عنه وهي تفكر بأنها كيف ستنسى ذلك الرجل والذي ذاقت منه الويل وقد كان دائما يتصوب لها الأخطاء فقط لكي يجد حجة ليخصم من راتبها والذي لم يكن يكفي لشراء منه زجاجة ماء ترتوي منها بوقت العمل وهو يشغل اكبر عدد من الاطفال والمراهقين عنده ليوفر على نفسه المال بدلا من تشغيل عمال كبار يستنفذون كل ماله بيوم واحد ، بما انهم اطفال جاهلين ويقبلون بالقليل من المال ايً كان والذي يغطي مصاريف طعامهم فقط ليبقوا على قيد الحياة .

تصلبت ملامحها وهي تقول ببرود جامد
"لا اذكر عن ماذا تتكلم ، قد تكون شبهت عليّ فتاة أخرى"

عبست ملامح الغريب وهو يقترب منها اكثر قائلا بتصميم مريب
"بل هذه انتِ اعرفكِ من عينيكِ الخضراوين الكبيرتين وملامحكِ الشفافة ، ومن المستحيل ان اخطئ بشكلكِ والذي حفظته عن ظهر قلب فهذا الوجه لا ينسى ابدا"

عضت على طرف شفتيها الممتلئتين بحنق وهي تحاول تجاوزه قائلة ببرود مرتبك
"عن اذنك عليّ الذهاب ، وداعا"

عاد الغريب ليقف امامها وهو يعيق طريقها ليمسك بذراعها بيد وهو يشير لنفسه بيده الأخرى قائلا بانفعال حاد
"ما بكِ لما تتصرفين معي هكذا ، وهل حقا نسيتِ صديقك رضوان والذي كان يساعدكِ بحمل الصناديق الثقيلة ، ام ان حياة الرفاهية والغنى قد غيرتكِ ونسيتِ اصدقائك"

تنفست بارتجاف وهي تنظر له بحزن عميق أبى ان يتركها وترتاح من ماضي ملطخ بالسواد والشقاء افسد طفولتها وكل معنى للسعادة بحياتها ، لتقول بعدها بابتسامة شاردة وهي تنظر بعيدا عنه بهدوء
"اعتذر منك يا رضوان ، ولكني احاول نسيان الماضي وكل شيء يتعلق به ، فأنا لم اعد تلك المراهقة العاملة والتي كان كل ما يهمها هو ان تكسب القرش لتعطيه لعمها"

ارتفع حاجبيه وهو على وشك الكلام قبل ان تسبقه المقابلة له بالكلام وهي تتراجع للخلف بعيدا عنه ببطء
"وانظر ايضا لنفسك ، لم تعد ذلك المراهق والذي كان دائما يسبب المشاكل لرئيسه بالعمل لتحل علينا لعنته ونتعاقب جميعا على افعاله ، فقد اصبحت الآن من مدراء الاعمال وشخصية مرموقة مهمة ، وغير مناسب ابدا ان نتكلم عن ماضي سيفسد صورتنا الحالية والتي اصبحنا عليها الآن"

امتعضت ملامحه بعدم رضا وقبل ان يتحرك اي منهما اقتحم خلوتهما صوت صلب وهو يهمس بخفوت خطير
"روميساء"

وقبل ان تلتفت (روميساء) نحو صاحب الصوت كان قد تجاوزها بسرعة الطلق لتتجه لكمته باتجاه الذي لم يستطع تداركها وهي تصيب نظارته والتي انكسرت لنصفين لتقع ارضا قبل ان يمسك بياقة قميصه بقبضتيه وهو يقدم وجهه امامه بقوة ، ليقول بعدها بشراسة خافتة تظهر عليه بهذا الشكل المريب لأول مرة
"ما لذي كنت تفعله مع ابنة عمتي يا حقير ، هل كان لديك نوايا سيئة نحوها ، كان عليّ ان اعرف هذا من تحديقك الدائم نحوها بدون ان تبعد نظرك عنها ولو لثانية منذ بداية الحفلة ، فيبدو بأن السيد عزام لم يعرف جيدا كيف يختار شركائه ومساعديه بالشكل الصحيح"

انتفض (رضوان) وهو ينزع قبضتيه بعيدا عن ياقته قائلا بغضب مكتوم
"ماذا تظن نفسك فاعلا يا ابن الفكهاني ، انسيت بأن هناك شراكة تجمع شركتنا معكم ، وما تفعله بي لن يعجب ابدا السيد عزام نصران"

ردّ عليه ببرود ساخر وهو يهزه من ياقته
"آخر ما يهمني هو هذه الشراكة السخيفة والتي كانت خطأ منذ البداية ، فأنتم لستم أهل للثقة والأمانة لنضع يدنا بيدكم القذرة ، بالبداية حاول سيدك ان يخطئ بحق ابي وعائلة شقيقته والآن انت تحاول التعدي على شرفنا وهذا ما لن اسمح بحدوثه ابدا"

كانت (روميساء) تتنقل بنظرها بينهما بذهول وذعر وهي تحاول استيعاب الحقائق والتي انهالت عليها فجأة والتي ستقضي على حياتها النبيلة بأكملها ، فقد تبين بأن هذا الاحمق كان يراقبها بدون ان تنتبه او تعي ما حولها والأسوء بأنه مساعد الرجل والذي عمل شراكة مع خالها ، وهذا يعني بأن الشراكة قد انهارت قبل ان تبدأ وهي السبب الرئيسي بكل هذه المشكلة .

تحركت بسرعة باتجاههما وهي تندفع نحو (احمد) لتمسك بذراعه والتي عادت لتلكم الرجل بقوة ، لتهمس بعدها برجاء متوسل مذعور
"اترك الرجل يا احمد ، فهو لم يفعل شيء ولم يخطئ بحقي وهو صديقي القديم ، اتركه اتوسل إليك...."

دفعها (احمد) بذراعه بعيدا وهو يقول بصرامة حادة مشيرا بيده بعيدا بأمر
"اخرسي يا روميساء ولا تتدخلي بعملي وبما افعله به ، وهيا عودي لداخل المنزل فورا ، وألا رأيتِ مني شيء لن يعجبكِ ابدا ولن يسرك"

شهقت بذعر ما ان عاد للصراخ بثورة اكبر
"قلتُ لكِ ارحلي"

تحركت (روميساء) بالفعل صاغرة وهي تستدير بعيدا عنهم وبعيدا عن مظهر صديقها (رضوان) المشوه بالكدمات والذي لا تعلم من اين ظهر تحديدا وكيف تجسد من الماضي الخاص بها فجأة ؟ لتسير بعدها بخنوع وهي تحاول إمساك اطراف ثوبها الطويل من الاسفل بصعوبة قبل ان تسرع بخطواتها وهي تجري بعيدا عنهم بتعثر واضح بدون ان تهتم لأطراف الثوب والذي تمزق من الأسفل وتلطخ بتراب الحديقة من تعثرها به اكثر من مرة وكل ما يهمها هو ان تبتعد عن كل هذه الضجة والتي اصمت اذنيها بطنين مؤلم .

______________________________
كانت تستند بظهرها بالجدار الخشن والمسور حول الحديقة وهي تنظر بعيدا بشرود مكتفة ذراعيها فوق صدرها بجمود ساكن ، وهذا حالها منذ مغادرة (مازن) المكان ليتركها تتخبط بأفكارها مثل التائه بطرق الحياة ويحاول إيجاد المسار الصحيح والمعنى الحقيقي من وجوده بهذا العالم الوسيع ، لطالما كانت ترى العالم يدور من حولها وكل واحد منهم يختار طريقه منها لتوصله للسعادة الأبدية والذي انتظرها كثيرا ليستقر بالنهاية بنوم طويل بدون اي تعب او احلام فقط يرتاح من السير الطويل بهذا الطريق والذي انهك قواه .

بداية بوالدها والذي رحل بعيدا عن هذا العالم قبل ان تراه وتعرف شيئاً عنه لتصل لوالدتها والتي رحلت بدون ان يشعر بها احد او ان يحزن على رحيلها احد فلم تكن ذات سمعة طيبة او معروفة عند الناس ليكون رحيلها بالنهاية شيء عابر عندهم بدون ان يهز لهم بدن او يرف لهم دمعة وبالنسبة لها ولشقيقتها فقد كان بداية الجحيم لهما وليس حزنا عليها بل لأنها العائل الوحيد والذي كان يمثل لهما الحياة المستقرة والهادئة بظل زوج والدتهما ، فقد كان وجودها بعالمهما امرا مسلما منه بدون ان تؤثر عليهما بمشاعر غريزة الأمومة والتي كانت معدومة عندها بسبب عدم إتقانها لهذا الدور وعدم مناسبتها له من الأساس فقد كان دورها بحياتهما العائل لهما فقط .

حركت عينيها بجمود نحو الواقف امامها بالظلام والذي يبعد عنها عدة خطوات وهو يهمس بخفوت حائر
"هل ستبقين واقفة هنا طويلاً ، فقد تأخر الوقت واصبح الجو بارداً"

ردت عليه بابتسامة ساخرة وهي تتنقل بنظرها بملامحه الحادة بدون ان تخفي بعض من طفولتها
"هل تريد انت ايضا التحكم بي والتدخل بما لا يعنيك ولا يخصك بشيء"

تقدم اكثر عدة خطوات بعيدا عن الظلام وهو يقول بجمود معتاد عليه
"انا لم اتدخل بما لا يعنيني فقط اقول ما اراه امامي ، فأنتِ واقفة هنا منذ ربع ساعة تقريبا وهذا ليس جيد على صحتك بهذا الجو البارد ونحن بمقتبل الخريف"

عقدت حاجبيها بتجهم وهي تضيق عينيها لتنظر له بقتامة قائلة بجفاء
"هذا رائع تبين بأن هناك طفل يراقبني ، لا ويعطيني النصائح ايضا وهو يمثل امامي دور العاقل الناضج"

لم تهتز ملامح (زين) ولو قليلا وهو يقول بابتسامة باردة ورثها عن والده
"اولاً انا لستُ طفل ، وثانياً انتِ ابنة عمتي لذا امركِ يهمني مثل باقي افراد العائلة ، لذا يمكنكِ السخرية من نصائحي قدر ما تشائين ولكنها لا تنفي صدقها وحقيقتها"

ابتعدت (ماسة) عن الجدار بانفعال وهي تهمس بحنق بالغ
"كفى ايها الطفل الثرثار ، لا اريد سماع اي كلمة منك ، وهيا اذهب وعد لحفلة عائلتك التافهة وألا قلقوا عليك وافتقدوك"

عبست ملامح (زين) بجمود وهو يحدق بتركيز بهيئتها الفوضوية من شعرها المنثور بعشوائية حول وجهها لسترتها السوداء والمتسخة بأتربة السور والذي كانت تستند عليه من لحظة ، ليهمس بعدها بلحظات بتركيز مريب
"انتِ تبدين فتاة شرسة من هيئتكِ وشكلكِ ، ولكن بداخلكِ تقبع فتاة رقيقة مكسورة الجناحين تحتاج للعناية والرفق وجبر جرحها لتستطيع العودة للطيران من جديد والخروج من هذا الجسد لتظهر عندها هويتكِ الحقيقية والبعيدة كل البعد عن الجمود والذي يلفكِ دائما"

نظرت له بقوة للحظات وهي ترفع حاجبيها بوجوم قبل ان تهمس بعبوس وهي تتنقل بنظرها ببدلته السوداء الأنيقة والتي تناسب حجمه لتصل لشعره المصفف للخلف بعناية فائقة ليبدو رجل اعمال صغير
"هل تحاول لعب دور الطبيب والمريض معي ، لأنه لا يروقني ابدا ان يحاول احد تفسير دواخلي بهذه الطريقة ، هل فهمت"

اومأ برأسه بطاعة تامة وهو ينظر لها بعيون سوداء متسعة بحماس منتظرا اشارتها ، لتقول بعدها (ماسة) وهي ترفع حاجبيها بخفة
"ذكرني باسمك مرة أخرى"

ردّ عليها (زين) بسرعة بثقة تفوق سنه
"اسمي زين الفكهاني"

ابتسمت بإعجاب بثقة هذا الطفل والذي سيكون له مستقبل حافل بالأحلام الكثيرة وهذا ظاهر بملامح وجهه والتي تنضح قوة تختلف عن قوة اشقائه الكبار بأضعاف ، ليقطع عليها تفكيرها صوت (زين) وهو يعود للكلام بلهجة عملية حفظها من تعايشه الطويل بمجال ادارة الأعمال
"هل تريدين معرفة المزيد من المعلومات عني ، انا اخوض مناقشات وصفقات باجتماعات والدي بالشركة واتكلم مع مدراء كبار بالعمل ، واشترك ايضا بمراكز كثيرة للتعلم بجانب المدرسة ومنها تعلم اللغة الفرنسية والاسبانية والصينية ، وايضا مراكز لتعلم الدفاع عن النفس...."

قاطعته بحدة وهي تتقدم امامه لتغلق فمه بكفها قائلة بنفاذ صبر
"اصمت ، ومن اخبرك بأني اهتم بكل هذا ، اراهن بأنك لم تتكلم مع فتيات بحياتك من قبل"

ابعدت كفها بسرعة عنه ما ان افاقت على نفسها وهي تتجاوز حدودها المرسومة مع افراد العائلة فهذا بالنهاية ليس طفل لتسكته هكذا وهو يبدو بعمر الرابعة عشر وايضا يكاد يوازيها طولا ، عادت بعدها للنظر له ما ان قال بابتسامة هادئة
"انتِ على حق بكلامكِ فأنا لم اتعامل بحياتي مع اي فتاة ، فقد كان دائما ابي يقول بأنه لا حاجة لي للتكلم مع الفتيات واللواتي لا فائدة من وجودهن سوى بانحراف جنس الذكور عن الطريق الصحيح ، وحتى والدتي لم اعرفها فقد توفيت ما ان انجبتني"

امتقعت ملامحها وهي تنظر لملامحه الباردة ما ان تكلم عن والدته بكل هذه البساطة وكأنها شيء غير مهم او عابر بحياته ، لتقول بعدها وهي تحرك كتفيها بلا مبالاة
"حسنا انا لا اعرف ولا افهم بعبارات التعاطف والمواساة والتي يلقونها الآخرون على اسماع الناس والذين فقدوا شخص عزيز عليهم ، فأنا ارى بأنها جميعها مجرد مظاهر بالية وكلمات لن تعيد الأحياء من قبورهم ، فقط كل ما استطيع قوله لك هو رحمه الله"

كان (زين) يركز بحركاتها وكلامها بانشداه مسحور قبل ان يقول بابتسامة جانبية بابتهاج
"كلامكِ ومنطقكِ غريب ، ولكنه يعجبني كثيرا ويروقني"

ادارت عينيها بعيدا عنه بملل وهي تستمع له وهو يتابع كلامه قائلا بحماس متلهف
"انا سعيد جدا بالتكلم معكِ ، فأنتِ اول فتاة اتكلم معها بحياتي"

عادت للنظر له وهي تقول بسخرية خافتة
"اهدئ لما كل هذا الحماس ، لم يبقى سوى ان تحدد معي موعد لأول فتاة تكلمت معها بحياتك"

ابتسم (زين) باتساع اكبر وهو يعود لثقته المعتادة قائلا
"هذا سيكون يوم السعد والهنا ، لأني سأخرج مع فتاة جميلة مثلكِ"

اتسعت حدقتيها الزرقاء بصدمة وهي تنظر له هامسة بضيق واضح
"طفل وقح"

استمر (زين) بالابتسام بهدوء واتزان استطاع المحافظة عليه بعيدا عن البلاهة والمرح والتي يتميز بها شقيقه الآخر ، لتحرك بعدها رأسها بتعب من الهواء البارد والذي بدأ يسبب لها الصداع لتسير عندها بعيدا عنه وهي تتجاوزه بصمت ، ولكن ما ان وقفت بمحاذاته حتى وضعت كفها على كتفه قائلة ببرود باهت
"حظاً موفقاً بحياتك ايها الطبيب النفسي زين الفكهاني"

اكملت بعدها سيرها بعيدا عنه وهي تغادر الحديقة بأكملها باتجاه باب الفناء الخلفي ، بينما اتسعت عينيّ الآخر وهو يستدير للخلف قائلا بارتفاع متوجس
"كيف علمتي بأني احلم بأن اصبح طبيب نفسي"

ولكن كانت (ماسة) قد دخلت من الباب بالفعل بدون ان تجيبه وهي تتركه يحترق بنيرانه ليعلم كيف عرفت عنه وكشفت حلمه ؟ ألا إذا كانت ساحرة وتستطيع قراءة الأفكار وهذا ليس بعيد عن ذات العيون الزرقاء .

____________________________
كان جو من الهدوء والرقي يسود بالحفلة الهادئة قبل ان يقطعها (محراب) وهو يرفع الكأس الخاص به بيده ليطرق عليه بالملعقة بيده الأخرى ليخرج عندها صوت رنان لفت الأنظار إليه بثواني والتركيز نحوه ، ليحوم عندها جو من الرهبة والسكون على نفوس الجميع وقد خفت الكلام بينهم نهائياً حتى لم يعد هناك اي اثر للضجة والتي كانت تلفهم قبل ثواني ، صدح بعدها بلحظات صوت (محراب) وهو يخفض الكأس للأسفل قائلا بوقار امام العيون المتطلعة بفضول
"اريد ان اقدم الشكر بهذه المناسبة والسبب والذي دفعنا لعمل هذه الحفلة الجميلة والودية والتي جمعت الشركتين معا ، هو السيد عزام نصران ورئيس شركة الاتصالات"

بدأ التصفيق الحار بالارتفاع تدريجيا بين الناس بحماس كبير ، بينما كانت الانظار متجهة لصاحب الشكر وهو (عزام) والذي كان يبتسم لهم بوقار متحفظ وهدوء ينضح بملامحه المتصلبة ، لينقطع بعدها الصوت ما ان عاد (محراب) لمقاطعتهم وهو يرفع كفه عاليا بحزم ليتابع كلامه وهو يحيد بنظراته للآخر بهدوء
"وإذا لم يكن هناك مانع من السيد عزام ، اريد ان اقول كلام مهم على الملأ وملاحظة صغيرة على طبيعة هذه الشراكة وسيرها"

ساد الصمت بينهم والأنظار معلقة بصاحب الإجابة والذي ارتفع حاجبيه بصدمة من المفاجأة الغير متوقعة قبل ان يحرك رأسه بالإيجاب بجمود ، ليحرك عندها (محراب) عينيه بعيدا عنه وهو يتنقل بنظره بين وجوه البشر بتمهل والذين اعتاد على رؤيتهم بكل اجتماعاته ليدرس بنظراته جميع دواخلهم .
قال بعدها بابتسامة جادة تغضنت معها زواياها بغموض
"الجميع يعلم بأن كل من عمل معي وحدثت بعدها شراكة بيننا كانت دائما وما تزال مبنية على الثقة والمودة والصدق والأمانة والمتبادلة بين الطرفين وهي اهم خصال عليها ان تتميز بها اي شراكة معي ، وغير هذا فستنهار الشراكة وتبوء بالفشل قبل البدء بدون هذه الصفات ، فأهم شيء هو البدء بالأساس ومعالجته من البداية وألا ازداد المرض اكثر وتحول لوباء من الصعب ازالته من نفوس البشر وانتشر بكل العاملين بالشركة لننسى عندها الهدف الحقيقي من هذه الشراكة ، لينتهي بالنهاية بخسارة فادحة للشركتين معا وليس الثقة بينهما فقط"

عمّ الصمت بكل ارجاء القاعة برهبة بدون ان يسمع لهم اي نفس وكأن القاعة قد فرغت فجأة من الموجودين ولم يتبقى منهم احد ، ليتابع بعدها (محراب) كلامه ببرود وهو يتجاهل الصمت المحدق به ونظرات الرجل الآخر الجامدة عليه بقوة
"ولكن للأسف فقد اخترق السيد عزام هذه القوانين والمبنية بشركتنا منذ الأزل بدون ان يعلم اهميتها بالنسبة للسيد حوت الفكهاني ، لذا سأقولها وامام الجميع لتصبح عبرة بالنسبة لكل شخص يفكر بالعمل بشراكة تربطه مع شركتنا وهو بأنني ألغي هذه الشراكة نهائياً والتي لن اسمح باستمرارها اكثر من هذا ، فهي ليس لها مكان بشركتي ولا تستحق ان تعمل ويكون لها وجود بشركة حوت الفكهاني ، واتمنى حقا ان تكون قد وصلتكم رسالتي جيدا وفهمتم مقصدي ، امسية سعيدة"

مرت لحظات صامتة على الجميع قبل ان تبدأ الهمهمات الجانبية بالخروج تدريجيا بين الناس لينحل الصمت بينهم ويتحول لضوضاء صاخبة انتشرت بكل انحاء القاعة الواسعة ومشاعر من الذهول والوجوم والغضب بدأت بالانتشار بينهم بثواني معدودة ، بينما كان الوحيد الصامت من بينهم هو (عزام) والذي كانت ملامحه الهادئة بجمود تنضح بإعصار بداخله يوشك على الخروج للقضاء على البشرية بأكملها وهو يتلقى اكبر إهانة تلقاها بحياته العملية ستتناقلها الأجيال للسنوات القادمة .

ليقطع إعصار المشاعر والثرثرة الفارغة والتي لفتهم بسرعة مذهلة هو صوت الداخل من باب الشرفة الجانبية والذي كان يصرخ بأنين مكتوم استطاع لفت الانتباه إليه
"سيد نصران ، انظر ماذا فعلوا بي الخونة والذين كانوا يدعون النزاهة والشرف امامك"

انفضت الناس من حوله بعيدا عنه ليظهر الرجل صاحب العبارة والذي كان يبدو بأبشع صوره بوجهه المهشم والمكدوم وسترته الرثة والدماء تقطر من جبينه لتشكل خط واضح على وجهه وهو يرتدي فوق عينيه نظارته المقسومة لنصفين ليتحول من رجل اعمال محترم لرجل متسول تورط بشجار مع اناس اكبر منه مكانة ورتبة .

كان (عزام) اول من تقدم نحوه بسرعة وهو ينظر له بذعر لأول ردة فعل تظهر على ملامحه منذ بداية الحفلة بعيدا عن الهدوء والذي كان يحافظ عليه طول الحفلة ، ليقف بعدها امامه وهو يمسك بكتفيه بحذر قائلا بجمود خطير
"من فعل بك هذا يا رضوان"

رفع عندها نظراته بحقد وهو يشير بعينيه نحو جهة معينة بشر مكتوم ، لينظر بعدها للمكان والذي كان يشير له ليصدم بالمسؤول عن حالة مدير اعماله وهو ابن شريكه (احمد) والذي كان ينظر لكل من حوله ببرود جليدي وكأن شيء لم يكن ، عاد (عزام) بنظره للواقف امامه بغموض دام للحظات وكأنه يحاول استجماع افكاره والتي عادت للتجمع برأسه بهدوء خطير ، ليعود للالتفات نحو السيد الكبير وصاحب الحفلة والذي ما يزال جامد بمكانه ينتظر نهاية المهزلة امامه وهو يخفي بوادر صدمته من فعلة ابنه بمهارة عالية يحسد عليها .

قطع الصمت صوت (عزام) لأول مرة وهو يقول باستنكار واضح بتلك النبرة الجامدة بحقد
"لا اصدق ما اراه امامي يا سيد محراب فكهاني ، لم اكن اعلم بأنكم قد انحدرتم لهذا المستوى الدنيء والحقير لتدخلوا شاب صغير مجرد عامل عندي بمخططاتكم الحقيرة لتنتقموا مني شخصياً ، وهو لا دخل له بكل هذا العمل بيننا ، ولكنك محق بشيء واحد وهو بأن هذه الشراكة عليها ان تنتهي هنا ، فأنا لا ارحب ابدا بشراكة اناس امثالكم كل ما يهمهم هو تدمير خصومهم وكل من يربطهم بصلة بدون الاهتمام لأحد او اعطاء شان لأحد"

كانت الانظار تتنقل بحماس وتشوق بين مدير الأعمال الأول (عزام) والذي اظهر انيابه وبين مدير الأعمال الثاني (محراب) والصامت وكأنها حرب الثيران من سيفوز بينهم بهذه الحرب الباردة والتي تخفي من خلفها الكثير بمجال الأعمال ، بينما كان (احمد) يضغط على اسنانه بقسوة وهو يحاول ضبط اعصابه بشق الانفس لكي لا يخنق هذا الرجل المتسلط ومعه الاحمق والذي اخطأ عندما تركه يفلت من بين قبضتيه حياً بدون ان يقتله ، وما يسكته عن التدخل بهذه الحرب هي نظرات والده الصارمة والتي كانت تشيعه بقوة وحزم يفهمه جيدا ويعلم تبعاته ، ليتابع بعدها بلحظات (عزام) كلامه بتصلب وهو يسحب معه مدير اعماله من ذراعه بعيدا عنهم قائلا
"شكرا لك على الحفلة اللطيفة والتي لم يكتب لها النجاح للأسف ، واتمنى ألا تتكرر مرة أخرى مع اناس غير مضمونة نواياهم نحونا ، والآن وداعا وإلى لقاء آخر لن يكون مثل سابقه ، اعدك"

اختفى صاحب الصوت مع مدير اعماله لخارج القاعة الضخمة بهدوء مريب ، وما هي ألا ثواني حتى عادت الثرثرة المزعجة للأجواء والتي اصبحت خانقة للجميع والنصف الأول بدأ بمغادرة القاعة من خلف (عزام) والنصف الآخر ما يزال ينتظر بتأهب بقية الحرب الباردة بعيدا عن اجواء الحفلات الروتينية .

ولم يرى احد النظرات الخضراء الدامعة بشحوب والتي كانت تنظر للأجواء من حولها بأنفاس منقبضة ذاهلة وهي تمسك بكفها شفتيها مانعة الشهقات المذبوحة من الخروج وقبضتها الأخرى تضرب على صدرها بغصة وبذنب يعتصر فؤادها يكاد يقتلها حية .

____________________________
دخلت للغرفة بسرعة وهي تجري باتجاه سريرها قبل ان تندفع نحوه لتدفن وجهها بملاءته البيضاء الناعمة وهي تجهش ببكاء مرير مرتجف اخرجته دفعة واحدة والذنب بصدرها ينهش جسدها بانقباض حاد بدون اي رحمة وكأنها مطرقة تضرب قلبها بقوة على فعلتها والتي دمرت حياة كثير من الناس وعلى رأسهم عمل خالها (محراب) بدون ان تقصد كل ذلك ، وهي التي لم تكن تفكر سوى بحضور الحفلة والاستمتاع بوقتها كما كانت تتمنى منذ سنوات لينقلب كل شيء ما ان واجهت ماضيها والذي لطالما ابقته طي النسيان لفترة طويلة ، فيبدو بأنه دائما هناك اشياء عليها ان تنغص عليها حياتها دوما مهما حاولت التظاهر بالسعادة والراحة الأبدية ، ومن اين ستأتي هذه السعادة وماضيها ما يزال معلق بها وهو يلاحقها اينما ذهبت مثل قيد حديدي يقيد حركتها عن الحرية ؟ وهذا ما نحصل عليه دائما عندما لا نحذر مما نتمناه لنتحمل عندها نتائج افعالنا بأنفسنا .

شعرت بعدها بلحظات بيد تربت على شعرها والذي انحلت عقدته بعشوائية بدون اي كلام وقد كان هذا من الفتاة والتي لم تنتبه لوجودها بالغرفة من الأساس وهي نفسها من كانت تقف امام نافذة الغرفة العملاقة بشرود بعيدا عن الجميع ، قالت بعدها المدثرة على السرير وهي تميل برأسها نحوها بنحيب
"لقد اخطئتُ يا ماسة ، وخطأي هذه المرة كبير للغاية ، وقد يكلفنا حياتنا بهذا المنزل ، فهو اكيد لن يغفر لنا ما حدث ابدا"

كانت ملامح (ماسة) جامدة بدون اي تعبير منطوق وهي تستمع لصوتها المبحوح المتقطع والذي لم تستطع تبين اي كلمة منه وماهي المشكلة حقا والتي حدثت معها بالحفلة اوصلتها لهذه الحالة ؟ فهذه هي طبيعة (روميساء) التي تعرفها فتاة حساسة لأبعد الحدود وخاصة عندما تخطئ بحق احدهم كما الآن وحازمة بوقت الجدية عندما يخطئ احد بحقها او تلاحظ اخطاء الآخرين ، واما عندما تخطئ هي بحقهم فهي تنهار تماما وتُحمل نفسها كل المسؤولية كاملة لتتحول لفراشة جريحة تحتاج للمواساة والتجبير حتى تحل المشكلة الخاصة بها وتطمئن لحلها وبأنه ليس هناك احد تأذى من حلها ومن تبعاته .

عادت (روميساء) للكلام بنفس البحة الحزينة وهي تمسك بالعقد الالماسي من حول عنقها بيدها بارتجاف
"اشعر بنفسي سأختنق يا ماسة ، لما كل هذا يحدث معنا ولما يصر القدر على خلق العقبات امامنا بعد ان كنا قد تجاوزناها بصعوبة وانتهينا منها"

كانت تحرك رأسها بشرود واجم وكفها ما تزال تربت على رأسها برتابة هادئة ، لتعود (روميساء) للتنفس بتقطع من بين شهقاتها الحزينة قبل ان تهمس بانفعال وهي تتلمس على عقدها وعلى باقي مجوهراتها بضياع
"هذه المجوهرات وكل هذا ليس لي ، ولم يخلق لي ابدا ، انظري ماذا حدث وما آلت إليه الأمور بأول يوم لي بتجربة الدخول لهذا العالم الغريب والذي لا ننتمي إليه ، لقد دمرته تماما ولم يتبقى احد لم يصله دماري ويتأذى ، لقد دمرت اعمالهم نهائياً وحياتنا بأكملها بعد ان كانت قد تحسنت قليلا"

عادت بعدها لدفن وجهها بانتحاب قبل ان تنتفض فجأة وهي تمسك بكف (ماسة) باندفاع قائلة بحزن عميق والعبرة ما تزال تخنق صوتها
"سامحيني يا شقيقتي الصغرى ، بدلا من جعل حياتنا مريحة وافضل من السابق دمرتها كلياً بسبب غبائي ورغبتي بتجربة عالم دمر حياتنا ، والآن سنضطر لمغادرة هذا المنزل وترك حياتنا الجديدة للأبد"

سحبت (ماسة) كفها بعيدا عنها وهي تنهض من جانب السرير بصمت ، بينما كانت النظرات الخضراء الندية معلقة بشقيقتها وهي تشهق بخفوت مرتجف خفت عن السابق ، لتهمس بعدها (ماسة) لأول مرة بتفكير غامض وهي تنظر لها بقوة
"تقصدين بأنهم سيطردوننا من المنزل بعد فعلتك"

اندفعت (روميساء) بجزع بعيدا عن الملاءة وهي تجلس فوق السرير قائلة بتعثر حزين
"ليس هكذا هو الأمر تماما....."

قاطعتها (ماسة) وهي تنظر بعيدا عنها قائلة بخفوت مشتد
"اسمعي يا روميساء ، اريد ان اقول لكِ امرا مهماً ، واتمنى حقا ان تسانديني به"

ابتلعت (روميساء) ريقها برهبة مع غصتها الحزينة وهي ترفع كفها لتمسح دموعها عن خديها بارتجاف شديد ونظراتها المحمرة من الدموع تنظر بتأهب لما ستقوله شقيقتها والتي تبدو كل علامات التحفز ظاهرة فوق ملامحها بقوة ، لتتابع بعدها الواقفة امامها كلامها بجمود نحت بملامحها الحجرية ببرودة وهي تقبض على كفيها بجانبي جسدها بقوة
"اريد ان نعود لمنزلنا القديم ، واقصد بكلامي منزل عمي قيس اليوم قبل الغد"

نهاية الفصل ، وبانتظار تعليقاتكم وإعجاباتكم بفارغ الصبر لنستطيع تنزيل باقي الفصول بأيام السبت من شهر رمضان ، ورمضان كريم ❤🌙🌙


روز علي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 06-05-21, 03:14 PM   #37

انجيليك

? العضوٌ??? » 445396
?  التسِجيلٌ » May 2019
? مشَارَ?اتْي » 129
?  نُقآطِيْ » انجيليك is on a distinguished road
افتراضي

سلام كيف الحال 🥰
اكيد تذكريني متابعتكِ اعذريني لم اتواجد هذا الاسبوع لأن كان لدي مشاغل كثيره ولكن هنا هذا الاسبوع وبصراحه ابدعتِ متشوقه جداً للسبت القادم لكي ارى ابداعكِ سلمت اناملكِ الجميله 🥺♥♥♥♥

زهرورة and جولتا like this.

انجيليك غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 08-05-21, 02:46 PM   #38

روز علي
 
الصورة الرمزية روز علي

? العضوٌ??? » 478593
?  التسِجيلٌ » Sep 2020
? مشَارَ?اتْي » 711
?  نُقآطِيْ » روز علي is on a distinguished road
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة انجيليك مشاهدة المشاركة
سلام كيف الحال 🥰
اكيد تذكريني متابعتكِ اعذريني لم اتواجد هذا الاسبوع لأن كان لدي مشاغل كثيره ولكن هنا هذا الاسبوع وبصراحه ابدعتِ متشوقه جداً للسبت القادم لكي ارى ابداعكِ سلمت اناملكِ الجميله 🥺♥♥♥♥

هلا حبيبتي الحمدالله على السلامة 😘💗
سعيدة جدا برجعتك وتفاعلك على الفصل ، وإن شاء الله ينال الفصل القادم على إعجابك ويحظى على تفاعلك ، ولا تنسي تدعمينا دائما وما تحرمينا من وجودك 🤩❤
دمتي بسعادة وحب ❤❤

زهرورة and جولتا like this.

روز علي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 08-05-21, 09:56 PM   #39

روز علي
 
الصورة الرمزية روز علي

? العضوٌ??? » 478593
?  التسِجيلٌ » Sep 2020
? مشَارَ?اتْي » 711
?  نُقآطِيْ » روز علي is on a distinguished road
افتراضي الفصل التاسع

الفصل التاسع................
كان يحدق به بصمت وهو يحك ذقنه بتفكير عميق ونظراته متغضنة بحدة مرعبة تستطيع القضاء على اعتى الرجال امامه ، ونظراته الرمادية والتي تنذر بوشك حدوث عواصف رعدية غائمة تستطيع قلع الأخضر واليابس معلقة بابنه والجالس امام المكتب بسكون وهو يسند قبضتيه فوق ركبتيه بهدوء وصمت ، ليبدأ بعدها بلحظات بالكلام وهو يعتدل بجلوسه بعيدا عن سطح المكتب قائلا بهدوء مريب
"إذاً هل ستخبرني بالسبب والذي جعلك تتصرف بكل هذه الهمجية والتي تخرج من ابن محراب الكبير لأول مرة ، والابن والذي سيتوكل اعمال العائلة من بعد محراب الفكهاني ليرفع اسمها عاليا كما هو متوقع منك ، ام ان بوادر الهزيمة قد بدأت بالظهور عليك من الآن ومن قبل ان تبدأ باستلام المكان"

تنفس (احمد) بكبت وهي يشعر بجدران الغرفة تكاد تطبق على انفاسه بقوة وكلام والده يزيد من ضيقه اكثر مما هو فيه الآن ، فهذه هي طريقة والده بعقابه وعتابه وهو بأن يذكره بالمرتبة والتي سيصل لها والآمال المعلقة به منذ سنوات من جهة والده وأي خطأ صغير سيؤدي لدمار العمارة والتي بنيت فوق اتعاب سلالة عائلة الفكهاني ، وكأن كل اجداده يعتمدون عليه من بعد والده ليرفع اسم عملهم للأفق بدون ان يصدر منه اي خطأ ولو كان غير مقصود فهو بالنهاية بشر وغير منزه من الأخطاء ، ولكن من سيقتنع بهذا الكلام وهو يشعر بغضب والده الصامت يكاد يحرقه حيا وهو الذي اعتاد على إرضاءه بشتى الطرق لتكون هذه نقطة سوداء جديدة بحياته المثالية .

تابع بعدها بلحظات كلامه بقوة وهو يضم قبضتيه بتصلب فوق سطح المكتب
"والآن ألن تخبرني ما لذي حولك لهذه النسخة المتهورة والتي لا تفكر بعواقب افعالها مثل شقيقك الأصغر ، هل هي من افعال بنات الفاروق ، هل بدأت تتأثر بسحر النساء يا احمد....."

قاطعه (احمد) وهو يقول بانفعال غاضب
"ابي ارجوك"

تصلبت ملامح (محراب) وعينيه تنظران لابنه ولكل تشنجاته بتركيز حاد ، ليعود بعدها (محراب) للكلام بقوة متجاهلا كلامه الأخير وهو يزيد من الضغط عليه بأسلوب المدراء الاشداء
"تكلم يا احمد ولا تزيد الظنون برأسي ، لما فعلت كل هذا بمدير اعمال عزام ، ما لذي جعلك تتصرف على هذا النحو المجنون وانت تظهرنا امام الناس بموقع المتهم الظالم والذي يفعل اي شيء من اجل الوصول لمصالحه"

اتسعت عينيّ (احمد) بجزع ليقول عندها بخفوت مرتبك
"قبل ان اخبرك بالسبب ، هل حقا انهيت الشراكة والتي كانت تجمعك مع عزام نصران"

مرت لحظات مشحونة بالمشاعر المتنافرة قبل ان يقطعها (محراب) وهو يتمتم ببرود
"اجل هذا ما حدث ، والآن هل ستجيب على سؤالي"

زفر انفاسه ببعض الراحة قبل ان يرفع وجهه بقوة باتجاه والده قائلا بجمود بارد
"لقد حاول التقرب من روميساء ، وقد رأيته معها بحديقة المنزل...."

قاطعه (محراب) وهو يقول بصرامة حادة بدون اي مواربة
"هل انت متأكد بأنك قد رأيته وهو يتقرب منها ، وليس هي من كانت تتقرب منه او قد يكون مثلا احد من معارفها"

رفع حاجبيه بوجوم من تفسير والده للأمر والذي ذكره بكلامها عندما اخبرته حقا بأنه صديقها من بين موجة غضبه ، ولكنه يعلم جيدا بأنها كاذبة ولم تقل هذا سوى لحمايته من براثنه لا اكثر .

قال بعدها بلحظات بضيق وهو يشدد من القبض على كفيه بقوة
"غير صحيح يا أبي ، فقد رأيته بأم عينيّ وهو يراقب بها منذ بداية الحفلة بدون ان يتركها وشأنها ، وبالنهاية حاصرها بالحديقة ليحاول التقرب منها بطريقة دنيئة"

عقد حاجبيه بغموض وهو يهمس ببرود جليدي وعينيه تحاولان النفاذ لابنه بطريقته ليعرف كل دواخله
"هل هذا ما حدث حقا ، ام انه من نسج خيالك يا احمد ومن قلبك الملهوف عليها"

ادار وجهه بسرعة نحو والده بصدمة دامت لثواني قبل ان يهمس باستنكار حاد
"ما هذا الكلام الغريب والذي تقوله يا أبي....."

قاطعه بقوة وهو يضرب على سطح المكتب بقبضته بصرامة صدمته
"كفى هراءً يا احمد ، أتظنني طفلاً امامك لا اعرف ولا ارى ما يحدث بالمنزل من وراء ظهري ، او تظن بأني لا اعلم كيف استطاعت روميساء حضور الحفلة ومن اين جلبت كل هذه الثقة لتحضرها ، ومن اين حصلت من الأساس على الملابس والمجوهرات والتي تساوي ثروة طائلة"

ردّ عليه من فوره بحيرة واجمة
"اتقصد بأنك لم تكن ترغب بحضورها للحفلة"

عاد (محراب) للقول بصرامة حادة ترددت صداها بالغرفة الواسعة
"لا تغير الموضوع يا احمد ، وتكلم ما لذي يدور برأسك ويجعلك تعامل الفتاة بكل هذا اللطف والودّ ، فلا تنسى بأنك بالنهاية رجل متزوج وعليه الحرص بعلاقاته النسائية جيدا"

تجهمت ملامحه من كلام والده والذي ضربه بالصميم وكأنه عليه دفع ثمن معاملته اللطيفة معها والتي تكون اقل ما تستحقه بعد حياة الشقاء والذل والتي عاشتها بعيدا عنهم وكأنهم ليسوا عائلتها ، انتفض (احمد) بعدها بلحظات واقفا عن الأريكة وهو يقول باستياء واضح
"ليس هذا ما كنتُ اتوقعه منك يا أبي ، الشكوك وظن السوء بي وانت الذي تعرفني جيدا وقد تربيتُ على يديك وكنت دائما مثلي الأعلى وافضلك بكل شيء على والدتي ، وبخصوص روميساء فأنا لم اخطئ ابدا بمعاملتي معها فهذا ما تستحقه فتاة حرمت من العيش بين عائلتها الحقيقية والمرفهة لتدفع ثمن خطأ لم ترتكبه بحياتها"

ساد صمت ثقيل على كليهما بعد كلماته وهو يطلق اتهامات مجحفة باتجاه والده تخرج منه لأول مرة بكل هذا القهر ، فهو بحياته لم يعارض على اي قرارات تخرج من والده وحتى لو كانت خاطئة وقاسية وبها ظلم بحق الآخرين فهو يبقى كبير العائلة وقدوته والذي عليه ان يقتدي به ويسير على خطاه مهما كانت تلك الخطى مليئة بالألغام والظلم .

استدار بعدها بلحظات بعيدا عن والده الجامد بمكانه كالصرح والذي لا يهزه ريح ، ليستمع بعدها لصوت والده وهو يقول بحدة اخفت تحمل من القوة والكراهية الكثير
"اسمع ما سأقوله جيدا يا احمد فأنا لن اكرر كلامي مرتين ، إياك وان تحاول التعمق بعلاقتك مع بنات مايرين فقد يلقون عليك بلعنة باستخدام جمالهما الملفت للأنظار ، فأنا ادرى الناس بهذا الجمال والذي يجلب اللعنة لحياة افراده مثل ما حدث معنا بسبب عمتك مايرين ، لذا املي بك بأن تبقى بعيدا عن مجالهما ودائرة تفكيرهما ، فهما بالنهاية ليسوا من عائلة الفكهاني بل من عائلة الفاروق واقامتهما معنا هنا لإبعاد الشبهة عنهما وكل من يفكر بأذيتهما لا اكثر ولا أقل"

زفر (احمد) انفاسه بتشنج غاضب والأفكار تتصارع برأسه بتناقض بحلبة عقله بدون ان تتركه وشأنه ، ليحرك بعدها رأسه ببرود بدأ يؤلمه وهو يشعر بصداع من كل ما يحدث معه سيشطره لنصفين ، ليغادر عندها من غرفة المكتب بأكملها بصمت قاتل وبسكون لف المكان بأكمله بثواني .

_______________________________
احتضنت حقيبة ملابسهما بحجرها وهي شاردة بالطريق المتحرك بجانبها بسلاسة ونشاط بالنسبة لصباح يوم جديد ومشرق ، وجميع البشر قد بدأوا بالتحرك كل منهم نحو وجهته وهدفه بالحياة بحماس بالغ سيتبخر بنهاية اليوم ككل الأيام السابقة .

التفتت (روميساء) جانبا وهي تقول بشحوب حزين
"كان من المفترض ان نخبرهم عن مغادرتنا للمنزل ، وان نشكرهم على حسن ضيافتهم معنا"

حادت (ماسة) بنظراتها نحوها بضيق من إعادتها نفس الموضوع معها منذ مغادرتهما للمنزل بدون علم احد ، لتقول عندها بنفاذ صبر حانق
"روميساء لقد اخبرتكِ بأننا لسنا مدينين لأحد بشيء لنقلق على مغادرتنا لمنزلهم بدون علمهم ، وضيافتنا عندهم لم تتجاوز الأسبوع حتى ، وايضا لقد اعدنا كل شيء يخصهم لمكانه الصحيح واقصد بكلامي الثوب والمجوهرات ، لذا لا داعي لتفكري بهم وهم اصلا لم يفكروا بنا يوماً"

عبست ملامح (روميساء) وهي تهمس بنشيج
"ولكن...."

قاطعتها بعصبية بالغة وهي تقبض على كفيها بحجرها بقوة
"ارجوكِ يا روميساء ، فلنتوقف عن التكلم عن هذا الموضوع رجاءً"

اعادت (روميساء) نظراتها للنافذة بجانبها بشرود شاحب بدون ان تعلق على كلامها الأخير ، لتقول بعدها بلحظات بتفكير واجم
"لم تخبريني حتى الآن ، لما خطرت على بالكِ فكرة العودة لمنزل عمي قيس بهذا الوقت ، ظننت بأنكِ قد تخليتِ عن فكرة العودة تماما"

تجمدت ملامحها ببرود صخري وهي تفكر بكلام (مازن) والذي لم يبارح ذهنها منذ البارحة فقد ملت كثيراً من تهديداته ومضايقاته لها على مدار سنوات طويلة ، وتعلم علم اليقين بأنه لا يهدد احدا من فراغ ؟

قالت بعدها بابتسامة هادئة غير معبرة
"تعلمين جيدا بأني لم احب ابدا فكرة العيش بمنزل الخال محراب فهو بالنهاية ليس مكاننا الحقيقي ، وايضا انتِ قلتِ بأننا سنطرد من المنزل بكل الأحوال ، لذا من الأفضل ان نخرج منه بكرامتنا افضل لنا"

ردت عليها من فورها وهي ترفع حاجبيها بوجوم
"ولكني لستُ متأكدة تماما ، إذا كان سيطردنا ام لا او إذا كان سيؤثر على حياتنا ، فأنا قد دمرتُ شراكة عمله بأكملها بفعلتي"

كانت (ماسة) تنظر بعيدا عنها بدون ان تفكر بسؤالها عن فعلتها تلك والتي لم تخبرها عن طبيعتها للآن والتي قلبت حياتها هكذا ، ليدوم الصمت بينهما طول الطريق وقد بدأت رحلتهما قبل موعد الشروق بساعات بسبب طول المسافة بين المنطقتين .

وقفت بعدها بلحظات سيارة الأجرة ببداية طريق الحيّ والذي يوصلهم لمنزلهم بسبب ضيق الطرقات هناك والذي يمنع بها دخول السيارات إليه .
خرجت (روميساء) من السيارة بعد ان حاسبت السائق وهي تضع حزام الحقيبة فوق كتفها بهدوء ، لتشعر بعدها بتحرك سيارة الأجرة بعيدا عنهما وهي تخلف الغبار من خلفها .

وقفت الأخرى بعدها بثواني بجانبها بصمت وهي تقول بخفوت لا يكاد يسمع
"هل تذكرتِ شيئاً"

التفتت (روميساء) بوجهها نحوها بهدوء قبل ان تهمس بابتسامة شاردة
"تقريبا"

حركت عندها رأسها ببرود وهي تتحرك بعيدا عنها باتجاه الطريق المؤدي لمنزلهما ، بينما لحقتها (روميساء) بخطوات هادئة بدون ان تنطق بأي كلمة وذكرى بعيدة ترافقهما لتطرق ذكريات الماضي عن اول زيارة لهما بهذا الحيّ مع زوج والدتهما والذي اصبح بالنسبة لهما كل شيء بعالمهما الصغير .

فتحت (ماسة) باب المنزل امامها وهي تدفعه بدون استخدام المفتاح لتدخل إليه بصمت ، بينما كانت (روميساء) تتابعها بحيرة قبل ان تصل لها بخطوتين لتمسك بذراعها بقوة وهي تقول بجدية حائرة
"ماسة هل هذا المنزل ما يزال مؤجر لنا ، ام ان هناك شخص آخر استأجره"

قاطع عليهما حوارهما صوت ناعس وهو يقول بكسل واضح
"مرحبا ببنات زوجة عمي قيس ، شرفتما منزلي المتواضع"

افلتت (روميساء) ذراعها لتستدير نحوه بقوة قبل ان تتدارك صدمة وجوده وهي تقول بعبوس متجهم ناظرة لهيئته الفوضوية بتفحص
"ما لذي تفعله بمنزل قيس يا مازن ، ولما تقول بأنه منزلك"

تقدم (مازن) بعيدا عن باب الغرفة ليقف امامها بثقة قبل ان يفرد ذراعيه قائلا بترحاب وبشاشة بالغة
"مرحبا بالجميلة روميساء ، أتعلمين بأنني قد اشتقتُ لكِ كثيرا ولكن ليس بالقدر والذي اشتقتُ به لشقيقتك"

ارتفع حاجبيها بانشداه مصدوم لتتحول ملامحها بلحظات لصرامة حادة معتادة على إظهارها امام امثاله وممن يتجاوزون حدودهم معها بدون اي حياء ، لتقول عندها بحزم وهي ترفع اصبعها نحوه بتهديد واضح
"لا تحاول تجاوز حدودك معنا يا مازن ، فأنا ما أزال احترمك للآن من اجل مكانة والدك والقرابة والتي تربطك بعمي قيس ، لذا لا تجبرني ان استخدم معك طريقة اخرى ستقلل كثيرا من قيمتك"

كان (مازن) يبتسم لها ببرود وهو ينظر لصرامتها الشرسة والشبيهة بصرامة شقيقتها ، ليقول بعدها بلا مبالاة وهو ينظر للواقفة بجانبها بخبث واضح
"ولكني لم اخطئ بالكلام معكِ ولم اكذب عندما قلت بأن هذا المنزل قد اصبح منزلي ، ولكني سأسمح لكما بالعيش فيه وسأسامحكِ على كلامكِ هذا فقط لأنكِ شقيقة زوجتي المستقبلية....."

صرخت (ماسة) فجأة بانفعال حاد
"كفى يا مازن"

حرك عينيه العسليتين الناعستين بعيدا عنها ببرود مستفز ، لتتدخل بعدها (روميساء) بالكلام وهي تلتفت بقوة نحو شقيقتها قائلة بذهول غاضب
"ما لذي يجري هنا يا ماسة ، وهل الكلام والذي يقوله هذا المخبول صحيح"

رفعت (ماسة) عينيها الزرقاء الداكنة باتجاه شقيقتها بغموض للحظات ، لتقول بعدها بتصلب خافت وهي تمسك بذراع شقيقتها بقوة
"لقد تأخرتِ كثيرا على عملكِ يا روميساء ، وعليكِ الذهاب بسرعة وتجهيز نفسكِ قبل ان تضيع فرصة العمل الأخيرة منكِ"

زمت شفتيها بتفكير وهي تنظر لها بتركيز شاحب فهي على حق بكلامها وهذه تكون فرصتها الأخيرة والمتبقية لها بالعمل ولا تريد ان تُطرد منها بعد ان وجدتها اخيرا وهذا بعد عناء طويل ، لتسير بعدها بسرعة بعيدا عنها باتجاه غرفتهما وهي ما تزال تحمل حقيبة ملابسهما على كتفها ، ولم تنسى ان تلقي نظرات مستنكرة وغاضبة باتجاه المسمى (مازن) وهو الذي لم ترتح له يوماً بحياتها .

تجمدت (ماسة) بمكانها وهي شاردة بأثر شقيقتها بغموض ، لتسمع بعدها صوت ساخر وهو يقول بقربها ببلاهة مزعجة
"شقيقتك بريئة للغاية ولا تعرف شيئاً عن مخططاتنا ، هذا امر مؤسف للغاية لقد اثارت شفقتي عليها حقا"

التفتت (ماسة) نحوه بحدة وهي تقول بتحذير حاد
"إياك يا مازن ان تُدخل شقيقتي بمخططاتك الوضيعة او ان تُسمعها منك كلام طائش لا معنى له ، ووجودي بهذا المنزل سيكون حل مؤقت حتى نجد مسكن آخر غيره ، لذا لا يذهب تفكيرك لبعيد يا ابن جلال"

اختفت الابتسامة عن وجهه قبل ان يقترب منها عدة خطوات وهو يقول بهدوء مريب
"لا بأس يا ماسة افعلي ما تشائين وبكل ما ترغبين بفعله ، وانا سعيد جدا بعودتكِ لمنزل قيس ، فهو سيبقى دائما مفتوحة ابوابه امامكِ يا جميلتي"

اشاحت بوجهها بعيدا عنه بغضب بدون ان تعلق على كلامه ، ليتابع بعدها (مازن) كلامه بسعادة مصطنعة وهو يكمل طريقه لخارج المنزل
"خذا راحتكما كاملة بالمنزل ، فأنا سأغادر من هنا ، ولكني سأعود يوماً ما وهذا سيكون قريباً جدا"

كانت (ماسة) تستمع لكلامه ببرود وهي تنظر بعيدا عنه بحدة وتحديدا لسقف المنزل من فوقها والمتشقق باصفرار والذي يختلف تماما عن السقف المزين بالدهان الابيض والذي كانت تراه بالأيام السابقة والتي عاشتها بمنزل خالها ، فهل اخطئت بعودتها لهذا المنزل والذي يحمل اتعس ذكرياتها لها ولشقيقتها ؟

______________________________
كانت ترفع كفها عاليا وهي تكتب بالطبشور على طول اللوح امامها بشرود مشوش اصبح يلازمها مؤخراً ، لينكسر بعدها عامود الطبشور بأصابعها للمرة والتي لا تعلم كم من كثرة ما انكسر معها بدون ان تعرف السبب لذلك ؟ لتعود لإلقائه بعيدا بسلة المهملات قبل ان تلتقط طبشور ابيض آخر من على سطح المكتب ، تنفست بعدها بضيق ما ان عادت الضحكات المكتومة بالخروج من الاطفال المشاغبين من خلفها وهي لا تعلم ما هي طبيعة هؤلاء الاطفال والذين لا يتعلمون الدرس من أول مرة ومنهم من يستمتعون بهذه الافعال وإغاظتها بها بتكرارها بصورة مستمرة ؟

التفتت (روميساء) بسرعة نحوهم بقوة وهي تلقي بالطبشور ارضا لا إراديا من فرط الغضب حتى تكسر لألف قطعة وهي تقول بتحذير
"ما هو الذي يدعو للضحك الآن ، وكم مرة أخبرتكم بأني لا احب سماع الضحكات من وراء ظهري"

صمتت الضحكات تماما للحظات قبل ان تعود بصخب ما ان قال طفل وقح من بينهم ببراءة مصطنعة
"لما كل هذا الغضب يا استاذة روميساء ، وما ذنب الطبشور لتنفثِ به غضبكِ هكذا ، إذا كنتِ ترغبين سأحضر لكِ بنفسي طبشور منيع من الكسر"

عبست ملامحها بحنق وهي تكاد تنفجر من الضغط والذي تشعر به وهؤلاء الأطفال يزيدون من إحباطها وسخطها وكأنه ينقصها مزيد من صداع ووجع الرأس ، لطالما احبت التدريس وعشقته عندما يقربها من الاطفال الأحب على قلبها ، ولكن هؤلاء الاطفال لا يستحقون اي نوع من المحبة بل يستحقون الضرب والقسوة لكي يتعلموا احترام الكبار ويعتدلون بتصرفاتهم فليس اللين والرفق هو الحل بكل شيء وهذا ما تعلمته من تعايشها مع هؤلاء العفاريت .

انتفضت فجأة صارخة بكل قوة وهي تضرب بقبضتها على سطح المكتب لتوقف صوت الضحك المرتفع والذي اتلف اعصابها المتعبة
"كفى توقفوا عن الضحك ، ألم تتعلموا شيئاً عن احترام الأكبر منكم سنا ومكانة وعدم السخرية منه مهما حدث ، وهو يحاول بكل جهده تقديم العلم لكم ولعقولكم الفارغة....."

صمتت ما ان سمعت صوت اعلى منها صرامة وهو يصرخ بأمر
"من الذي تجرأ واغضب المعلمة ايتها الحيوانات عديمة التربية ، من اجل ان احيل حياته لجحيم"

عضت (روميساء) على طرف شفتيها باستياء وهي ترفع قبضتها لجبينها لتضربه برفق على الورطة والتي وقعت بها الآن لتكتمل مصيبتها مع وجود هذا المدير العابث والذي يترصدها بكل فصولها ، لتلتفت بعدها بحذر نحوه ما ان شعرت بخطواته المقتربة منها وهو يسير باتجاهها بثقة عالية يحسد عليها .

اخفضت قبضتها وهي تبتلع ريقها برهبة لتبتسم عندها بهدوء مرتجف وهي تحاول تجميع خيوط ذهنها المنهك لتكون معه ، وقف امامها تماما وهو يوزع نظراته بين الطلاب الصامتين بغضب ليصل بنظره للواقفة بجانبه وهو يتمعن بعينيها الخضراء المهتزة وخيوط من الإنهاك محفورة حول حدقتيها بوضوح ، ليقول بعدها بابتسامة جانبية بغموض
"يبدو بأنكِ لستِ على طبيعتكِ اليوم يا روميساء ، ما لذي حدث معكِ هل تعانين من امراض وتخفين عني الأمر"

حركت (روميساء) رأسها بالنفي بسرعة وهي ترفع كفها لتعيد خصلات شعرها لخلف كتفيها برفق قائلة بتأكيد
"لا لا اعاني من اي امراض يا سيدي المدير ، فقط اشعر بإنهاك طفيف وصداع من قلة النوم ، لا شيء مهم"

حرك (نادر) رأسه وهو يمثل التفهم الشديد ليمسك بعدها بذقنه قائلا بتفكير
"واكيد هؤلاء العفاريت الصغيرة يسببون لكِ صداع فوق صداعكِ ، ولكن لا تقلقي فأنا اعرف جيدا عملي معهم"

عقدت حاجبيها بوجوم وهي تهمس ببرود شاحب
"وما هو الذي ستقدر على فعله معهم يا سيدي المدير ، لو انك حقا تعرف عملك معهم لما انتظرت كل هذا الوقت بعد ان اصبح من الصعب السيطرة على تصرفاتهم المتمردة والتي تعرقل سير عمل المعلمات ، ولكني اعلم جيدا السبب وهو الخوف من خسارتهم وتوقف دعم الحكومة لمدرستكم"

كان (نادر) ينظر لها بجمود بدون اي تعبير وحاجبيه يرتفعان للأعلى بخطر مريب وهو يستمع لإهانتها العلنية عن مكانته بالعمل والتي تخرج لأول مرة من موظفيه ، بينما تداركت (روميساء) نفسها وهي تقول بارتباك شديد
"انا اعتذر حقا ، لم اقصد ان اهينك بكلامي يا سيدي المدير...."

قاطعها بغموض وهو يعود للابتسام بهدوء
"لا بأس يا روميساء ، ولكني لن اترككِ تكملين عملكِ بالفصل بهذه الحالة المزرية ، فأنا لستُ مدير عديم الرحمة لهذه الدرجة ، لذا اريد منكِ ان تتفضلي معي لمكتبي لتوقعي على اوراق خروجك"

اومأت برأسها باهتزاز فقد استنفذت عندها كل طاقتها والتي كانت تملكها بحوزتها وإذا بقيت بهذا المكان اكثر من هذا وبين هؤلاء الطلاب فأكيد سيغشى عليها بالنهاية ، تحرك بعدها من سبقها بالخروج من الفصل بصمت مريب ، لتمسك بعدها بحقيبتها وهي تضعها فوق كتفها بصمت قبل ان تسير بثبات لخارج الفصل بدون ان تعلق بأي كلمة وقبل إطلاق جرس انتهاء الحصة .

دخلت للمكتب بهدوء وهي تنظر للمدير والذي كان يجلس على الأريكة امام المكتب وهي يضع اوراق امامه ، وما ان لمحها حتى قال بابتسامة جانبية بارتياب
"تعالي واجلسي يا روميساء ، لقد جهزت لكِ اوراق خروجك لتستطيعي اخذ راحة بالباقي من يومكِ"

تقدمت باتجاهه بخطوات حذرة قبل ان تجلس على بعد مسافة منه بتردد متوجس ، ليقول بعدها (نادر) وهو يحاول الالتصاق بها تماما مشيرا بذراعه امامه للأوراق قائلا بابتسامة مستفزة
"أرأيتِ كم من الكرم والذي اتمتع به بقلبي نحوكِ ، صدقيني ليس كل الناس يحصلون على هذه المعاملة المميزة والتي تحصلين عليها مني"

زمت شفتيها بارتجاف وهي تنظر للأوراق امامها بتشوش ، لتقول بعدها بتركيز وهي تقبض على كفيها بانقباض احتل كل جسدها
"اين هو القلم لأوقع به على الأوراق"

اخرج (نادر) بلحظات القلم من جيب سترته وهو يرفعه امام وجهها قائلا بابتسامة بدون مرح
"هذا هو القلم"

رفعت كفها بهدوء بدون ان تنظر إليه لتحاول إمساك القلم والذي وقع منه فجأة بقصد منه ، ليقول بعدها بحزن مزيف وهو يهمس بجانب اذنها
"اعتذر يا روميساء فيبدو بأنه قد انزلق من يديّ بدون قصد"

التفتت نحوه بقوة وهي تتنفس بحدة لتهمس عندها باقتضاب جاد
"لا بأس ، انا سأحضر القلم بنفسي"

ولكن ما ان كانت ستتحرك من مكانها خطوة حتى قيدها بذراعه على حين غرة وهو يحاوط كتفيها بقوة قبل ان يهمس عند جانب وجهها بتسلية واضحة
"إلى اين تريدين الهروب مني يا جميلة ، لقد اصبحتُ افقد السيطرة على نفسي بسرعة وليس من الجيد ان تدفعيني لكل هذا الانتظار العقيم"

رفعت قبضتيها بحذر وهي تحاول إبعاده عنها بدفع صدره قائلة بجزع
"هلا ابتعدت عني رجاءً ، فأنت الآن تتجاوز حدودك معي"

شدد (نادر) من معانقة كتفيها وهو يقترب من جانب عنقها قائلا بغضب مكتوم
"انتِ التي بدأتِ تتجاوزين حدودكِ معي بإهاناتكِ المبطنة نحوي ، ولكني لا امانع فأنا احب كثيرا هذا النوع من الفتيات ويثير عندي غريزتي والتي لن تهدأ ابدا قبل ان تحصل على مرادها"

انفرجت شفتيها بارتعاش وهي تحاول تجميع افكارها الهاربة منها بخضم ما يحدث معها ، لتهمس بعدها بوجوم مشوش
"ولكن هذا الذي تفعله لا يناسب ابدا مكانة مدير مدرسة ، وخاصة بأنك متزوج"

رفع (نادر) رأسه عاليا وهو يضحك بسخرية قائلا بدهشة مزيفة
"من اخبركِ يا بلهاء بأني متزوج"

اخفضت نظراتها وهي تقول بتلعثم متوجس
"لقد كنت تتكلم معها ، بذلك اليوم....."

ردّ عليها ببساطة وهو يلصق شفتيه بجانب اذنها بعبث
"تلك لم تكن زوجتي"

اتسعت عينيها الخضراء بذعر مشدوه وهي تستعيد كل كلماته بتلك المكالمة المريبة بأول مقابلة بينهما ، لتنتفض بعدها صارخة وهي تدفعه بكل قوة بعيدا عنها بغريزة الخوف
"ابتعد عني يا مجنون وإياك وان تقترب مني ولو قليلا ، وألا فضحتك بكل المدرسة وشوهت سمعتك والتي لا تليق بمدير عابث مثلك"

استطاعت (روميساء) التحرر من تقييده لتسير بسرعة نحو باب الغرفة وهي تحاول فتحه بصعوبة لأول مرة من فرط الذعر والذي تشعر به ، ولكن ما ان استطاعت فتحه اخيرا حتى عاد لأغلاقه بقوة بقبضته وهو يقول من خلفها بغضب بدأ يظهر على ملامحه بوحشية
"اخبرتكِ بأنكِ لن تستطيعي الهروب مني ، ليس هذه المرة ايضا فقد مللت من لعب دور المشاهد معكِ والدوران حولكِ حتى تفهمي ما اريده منكِ ، وهذا سيكون بلا شك ثمن عملكِ معنا هنا بهذه المدرسة فلا تظني بأني من الكرم أن اوظفكِ عندي ببساطة واطرد المعلمة القديمة من اجل ان تحلي مكانها بسمعتك السيئة"

تجمدت يديها فوق مقبض الباب بصدمة وهي تستمع لأمور لم تكن تعلم عنها وقد ضربتها بالصميم لتزيد من شعورها بالإهانة والقذارة والتي عاشت عليها منذ سنوات طويلة لتصل بالنهاية لمستوى لم تصل إليه بحياتها وكله من اجل وظيفة تعيش عليها ، عادت بعدها لتشدد على مقبض الباب بقوة تجتاحها لأول مرة وهي تهمس بجمود بارد
"شكرا لك لأنك وضحت لي هدفك الحقيقي من توظيفي هنا ، فهذه الوظيفة لم تعد تروقني ابدا وليست من مستواي ، لذا عذرا منك إذا كان قد حدث بيننا سوء فهم"

تغضن جبين (نادر) بعدم استيعاب متجهم وملامحه تزداد شراسة ممتقعة ، بينما استغلت (روميساء) لحظة شروده لتدفع الباب للخلف بقوة وهي تدفع قبضته بعيدا عنه لتخرج بسرعة لخارج غرفة المكتب بأكملها بلمح البصر .

ما ان وصلت لمدخل المدرسة وهي تجري بتعثر من تجمع الدموع بحدقتيها بخنوع حتى اصطدمت بجسد صلب كان يسير للداخل عكس مسارها ، لتشعر بعدها براحة غريبة وكأنها قد وصلت لنقطة النهاية بحياتها وهي تتعرف على هذا الحضن والجسد لتعانق عندها خصره بذراعيها تلقائياً بقوة وهي تخرج كل ما كانت تكبته بداخلها ولم تستطع يوماً اخراجه امام احد فقط كي لا تضعف امام نفسها حتى انهارت تماما وهي تصل لحافة الهاوية ولم يعد هناك اي مجال للتراجع الآن .

يتبع...................


روز علي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 08-05-21, 10:11 PM   #40

روز علي
 
الصورة الرمزية روز علي

? العضوٌ??? » 478593
?  التسِجيلٌ » Sep 2020
? مشَارَ?اتْي » 711
?  نُقآطِيْ » روز علي is on a distinguished road
افتراضي

كانت ترتب الأوراق امامها وهي تسلمها الواحدة تلو الأخرى لوالدها والجالس امام المكتب ليختم الورقة بيده بالختم الخاص بالعمل وهي تجلس على مقعد بجانبه تماما ، ليقطع انسجامهما بالعمل صوت الذي دخل للمكتب وهو يقول بعملية جادة
"عذراً سيد جلال على المقاطعة ، ولكني احتاج لتختم لي هذه المنشورات لأستطيع توزيعها على المكاتب"

قبضت بيديها على الأوراق بقوة وهي تنظر للأسفل بوجوم صامت ، بينما قال (جلال) بهدوء وهو يحرك رأسه بالإيجاب ليرفع ذراعه نحوه
"اعطني المنشورات وانا سأختمها لك بنفسي ، وبعدها يمكنك توزيعها على المكاتب"

رفع (جواد) كفه بالمنشورات ليلتقطها منه الجالس امامه قبل ان يبدأ بختمها بسرعة وسلاسة ، بينما كانت تحاول الجالسة بالقرب منهما تعمد عدم النظر له وهي تنظر للأوراق بين كفيها بتركيز لم يعد له وجود منذ دخوله بعد ان شوش عليها تفكيرها .

رفع بعدها بلحظات المنشورات باتجاهه وهو يقول باتزان
"لقد اصبحت جاهزة ، يمكنك الآن نشرها وتوزيعها ولا تنسى بأن هذا العمل عليه ان ينتهي بعشر دقائق"

ابعد عينيه بسكون عن الفتاة الصامتة والتي تتقصد عدم النظر له ، ليرفع بعدها يده وهو يلتقط المنشورات منه بهدوء لينظر لها بتركيز وهو يتصفحها بين يديه بصمت وتركيز .

رفع نظراته السوداء القاتمة باتجاه الجالس امامه وهو يقول بابتسامة هادئة غير معبرة
"شكرا لك على وقتك يا سيد جلال ، ولكن هناك مشكلة صغيرة احتاج مساعدتك بها"

زمت (صفاء) شفتيها الورديتين بحنق وهي تفكر بما يريده من والدها الآن وما هي المشكلة والتي يواجهها ليستنجد برئيسه ؟ قال بعدها (جلال) بابتسامة متسعة بقوة
"تفضل ابني جواد ، اخبرني بمشكلتك"

حرك رأسه بهدوء وهو يعود بنظره للتي ما تزال متمسكة بصمتها بتركيز قبل ان يقول بابتسامة جانبية بإحراج مصطنع
"انا حقا خجل مما سأطلبه منك يا سيد جلال ، ولكني لا استطيع ان انكر بأني احتاج لمساعدتك بشدة"

عقد (جلال) حاجبيه بتفكير وهو يتمتم بجدية
"تكلم بني ، لقد اقلقتني"

بقيت (صفاء) على جمودها وهي تشتعل بنيران الرهبة والتوجس مما سيطلبه من والدها فهذا الشخص لا تستطيع ان تأمن له بالخير ابدا ، ليقول بعدها من حرك حدقتيه جانبا بهدوء بالغ وهو يلوح بالمنشورات بيده
"المشكلة هي بأنني لا استطيع توزيع المنشورات على مكاتب المنطقة المقصودة بعشر دقائق فقط وهذا سيؤخذ مني وقتاً طويلاً ، وانا احتاج لكل دقيقة بالعمل من اجل ان انجز ما تبقى لدي من مهام أخرى ، وانت تعلم ايضا بأني لا استطيع تأجيل وقت توزيع المنشورات فقد تأخرنا عليهم بما فيه الكفاية"

حرك (جلال) رأسه بتفكير عميق وهو يقول بهدوء
"انت على حق بكلامك ، ولكن كيف سنحل هذه المشكلة فالوقت امامنا ضيق جدا"

تنهدت براحة وقد بدأت تلين ملامحها المشدودة ما ان تبين بأنه امر لا يخصها بشيء وليس لها علاقة به ، بينما قال (جواد) فجأة بحزم مريب
"الحل هو بأنني احتاج لمساعدة رفيق معي ليوزع نصف المنشورات بالمكاتب الموجودة بمنطقة معينة وانا اتكفل بالمناطق الأخرى ، لنستطيع الانتهاء من العمل على الوقت بدون ان يؤخذ منّا وقتاً طويلا"

رفعت رأسها بسرعة بوجل بدون صوت وهي تنظر له بحنق مشتعل فهي متأكدة بأنه كان يقصدها بكلامه ويريد ان يورطها معه لتساعده بمهامه فقد اصبحت تفهم جيدا طريقة تفكيره المراوغة بمكر ، لتتلاقى بعدها عينيها العسلية الحانقة مع عينيه السوداء الهادئة للحظات وهو ينظر لها بتركيز شعرت به ينفذ لروحها ليزهقها بين يديه بقوة وبدون اي رحمة وكأنه يتحداها ان تتكلم بخصوص هذا الأمر .

اخفضت نظراتها بضعف ما ان صدح صوت (جلال) وهو يقول بجدية صارمة
"أليس هناك احد من العاملين لديه وقت ليذهب معك ويساعدك ، او انتظر انا سأطلب منهم الحضور ومساعدتك....."

قاطعه (جواد) وهو يقول بابتسامة هادئة بغموض
"لا داعي لفعل ذلك يا سيد جلال ، فمنهم من لم يأتي للعمل بعد ومنهم من وصل لعمله الآن ولا يجد الوقت لأحد"

تغضن جبين (جلال) بتفكير عميق وهو ينظر حوله بهدوء لتقع نظراته على ابنته والناظرة للأسفل بجمود ، ليقول بعدها بابتسامة حنونة وهو يربت على كتف ابنته بخفة
"ابنتي صفاء تستطيع مساعدتك ، فهي تعلم جيدا ما عليها فعله وقد استلمت مهمة توزيع المنشورات اكثر من مرة وبمناطق مختلفة ، لذا هي ستكون افضل رفيق لك"

انتفضت المقصودة بالكلام وهي ترفع وجهها لوالدها بارتباك وقد حدث ما كانت تتوقعه تماما ، لتهمس بعدها بجزع مرتعش
"ولكن يا ابي أليس هناك احد غيري ليستلم هذه المهمة...."

عاد (جلال) للكلام وهو ما يزال يربت على كتفها بقوة قائلا بثقة بالغة
"اذهبي معه يا ابنتي فهو يحتاج للمساعدة ، وانتِ افضل من يساعد بهذه الأمور ، ولا تخافي من جواد فأنا اعرفه جيدا فهو شخص محترم وشريف ومجتهد جدا بعمله ولن يمسكِ بسوء"

فتحت (صفاء) شفتيها اكثر من مرة وهي تحاول صياغة كلام منطقي لتتهرب من هذه المهمة والتي سقطت عليها من العدم ، لتقول بعدها بابتسامة شاحبة بارتباك
"ولكنك تحتاج لمساعدتي يا ابي بالأوراق وبالختم ، ولا تستطيع فعل كل شيء لوحدك"

قال (جلال) بابتسامة متسعة بتغضن وهو يربت على رأسها بحنية
"لا تقلقي من هذه الناحية فأنا استطيع إكمال عملي لوحدي فهو ليس بالشيء الصعب ، واساسا لم يتبقى لدي سوى القليل وانهي عملي هنا"

عبست ملامحها بارتجاف وهو يغلق عليها كل السبل بوجهها للنجاة منه ، ليقطع عليها تفكيرها صوت (جواد) وهو يقول بجفاء خافت
"هل ستذهبين معي يا آنسة صفاء لأوصلكِ للمنطقة والتي ستوزعين بها المنشورات ، ام اني اثقل عليكِ كثيرا بهذه المهمة"

اومأت برأسها بالإيجاب بهدوء بدون اي كلام وهي تنظر لنظرات والدها الحانية بفخر ، لتتحرك بعدها بتثاقل وهي تتحامل على نفسها لتنهض عن المقعد ببطء وهي تلتقط حقيبتها لتضعها فوق كتفها بهدوء واجم .

سارت باتجاه (جواد) والذي سبقها بالخروج لتقول عندها وهي تلتفت بوجهها فقط نحو والدها وبابتسامة صغيرة بحنية
"وداعا يا ابي"

لتغادر بعدها خلف (جواد) بسرعة قبل ان تخرج من بناء دار النشر بأكمله ، لتلمحه بعدها من بعيد وهو يشير لها لسيارته لتصعد معه قبل ان يركب هو بمقعد السائق ، تحركت من فورها بخطوات متعثرة باتجاه سيارته قبل ان تفتح الباب لتجلس بجانب مقعده تماما بصمت .

شغل بعدها بلحظات السيارة ليتحرك بها بعيدا بهدوء دام للحظات ، بينما رفعت (صفاء) رأسها بحذر وهي تعطي نفسها حرية التنقل بنظرها بسيارته الرائعة من الداخل كما بالخارج وهي تصنف من السيارات الرياضية عالية الجودة ، وكم تمنت دائما لو تحصل على رخصة قيادة ومعها سيارة رائعة شبيهة بها لتستطيع عندها مسابقتها مع الريح وبكل الاماكن والتي حلمت بالذهاب لها بطفولتها والاستمتاع بمنظر السيارات و المركبات والتي تحاول اللحاق بها بدون جدوى مثل سباق حيّ ، ولكنها تبقى مجرد احلام يقظة كما كانت تقول (ماسة) عندما تسخر من امنياتها الطفولية ، ولكن ليس لها سوى التخيل والعيش بعالمها الوهمي والذي ليس له وجود سوى بمخيلتها الواسعة .

امتعضت ملامحها ما ان قال (جواد) مخترقا غمامة شرودها الحالم
"ماذا ، أهذه أول مرة ترين بها سيارة بحياتك"

عضت على طرف شفتيها بحنق فها هو قد عاد للسخرية منها مجددا كالعادة ، لتدير بعدها رأسها للنافذة بقوة وهي تقول باستياء
"لا ليس هكذا هو الأمر ، ولكني لم اعتد على ركوب سيارات عصرية وحديثة مثل سيارتك ، فوالدي يملك سيارة قديمة واما شقيقي فهو لا يسمح لي بركوب سيارته والتي هي لا تقارن بجمال سيارتك"

حدق بها بغموض ليرفع عندها حاجبيه بحيرة واجمة وهو يستمع لمديح عن سيارته لأول مرة يسمع مثله فلا احد بهذه الأيام يهتم بمدح سيارة موجودة شبيهة لها بكل الطرقات ، تغضن عندها جبينه بغضب وهو يشعر بحركتها المستمرة بريبة وهي تحرك عينيها نحوه بين الحين والآخر ويديها مضمومتان بارتباك واضح اجهد تفكيره ، ليقول بعدها بنفاذ صبر وهو يشدد من قبضتيه على عجلة القيادة
"توقفي عن هذا ، وتكلمي ماذا تريدين"

نظرت له بتوجس من انفعاله المفاجئ لتنكمش عندها عند زاوية مقعدها وهي تهمس بإحراج مرتبك
"كنتُ اريد ان أطلب منك فقط ، إذا كنت لا تمانع ان تفتح لي زجاج النافذة بجانبي"

حاد بنظراته نحو النافذة بوجوم قبل ان يضغط على الازرار بجانبه بقوة ليفتح عندها قفل النافذة ويبدأ بالنزول آلياً ، لتتسع عينيها العسلية بحماس وفرح طفولي قبل ان تُخرج ذراعها من زجاج النافذة بحذر لتحرك كفها بانسيابية مع هواء الصباح العليل والذي يمزج الدفء مع البرودة ، بينما كان (جواد) يراقبها بين الحين والآخر بدون ان يمنع ابتسامة زحفت لشفتيه بتصلب لأول مرة تخرج بهذا الاتساع وسعادة غريبة احتلت كل ملامحه فجأة بدون إرادة منه وكأنها تستطيع التحكم بمزاج الشخص وتغييره حسب تصرفاتها وتقلباتها بطبيعتها العفوية والتي تؤثر على الآخرين بسحر .

_____________________________
طرقت على الطاولة امامها بمقدمة قلم الرصاص بيدها برتابة هادئة وهي تشرد بعيدا عن صوت الاستاذ والذي ملئ صوته القاعة بأكملها بقوة حضوره ، لتخفض بعدها نظرها بعبوس للورقة والتي هبطت امامها بسلاسة فوق سطح الطاولة بهدوء .

رفعت (غزل) كفها لتلتقط الورقة المطوية امامها قبل ان تفتحها بهدوء لتظهر الكلمات المدونة امامها بوضوح
(هل انتِ متفرغة بعد هذه المحاضرة ، لأني ارغب بالخروج معكِ إذا لم يكن لديكِ مانع)

اخفضت الورقة من امامها وهي تتلفت من حولها بتركيز بحثاً عن صاحب الرسالة ، لتقع نظراتها على الشاب الوحيد والذي كان يبتسم لها بوقاحة وهو يغمز لها بجرأة واضحة بدون ان يعير احدا انتباها ، عبست ملامحها بتجهم وهي ترفع الورقة امام عينيه لتمزقها لنصفين بدون ان تهتم لنظراته والتي تحولت لاستنكار غاضب .

عادت بنظرها للأمام بهدوء بعد ان ألقت بالورقة بعيدا لتلمح بعدها بثواني ورقة أخرى هبطت فوق سطح المكتب بنفس الطريقة ، لتقبض بعدها على كفيها باقتضاب وهي تلتفت لنفس الجهة لتراه مجددا على نفس الوضعية وبنفس الابتسامة البلهاء ، وما ان كانت على وشك الإمساك بالورقة امامها حتى تدخلت يد اخرى وهي تسبقها بإمساك الورقة .

انتفضت بعدها بسرعة واقفة بجزع وهي تنظر للأستاذ والذي كان يفتح الورقة بأصابعه الطويلة بصمت مريب ارهبها ، بينما كانت (غزل) تنظر له بعينيها العسلية المخضرة بتوجس وقلق من المكتوب بالورقة والذي اكيد سيقضي على مستقبلها الدراسي .

كان (هشام) ينظر بجمود للمكتوب بالورقة بيده بتصلب هادئ استطاع إتقانه امام طلابه والذين حلّ عليهم الصمت فجأة مترقبين بحماس ما سيجري الآن عندما يمسك الاستاذ بأحد الطلاب المشاغبين بالمحاضرة
(لا تظني بأنكِ بهذه الحركة سترهبينني ، فأنتِ تعجبينني بكل حالاتكِ ولن اتوقف قبل ان احصل على اهتمامك)

بعد قراءة هذه الكلمات تجعدت الورقة بداخل قبضته لتختفي معالمها تماما ، بينما انفرجت شفتيّ (غزل) بانشداه مرتجف وهي تنظر للورقة المسكينة والتي اختفت بداخل قبضته وملامحه تحولت لجمود بارد غير معبر عن شيء وبعيدا عن ملامح البشاشة والتي كان يتحلى بها بالمحاضرة .

قطع الوجوم والمحيط من حولهم صوت (هشام) وهو يخفض قبضته قائلا بتصلب حاد
"كيف وصلت هذه الورقة لكِ ، ومن صاحب هذه الرسالة"

اخفضت نظراتها للأسفل بصمت وهي تعض على طرف شفتيها بارتباك ممتعض من الموقف والذي وضعت به بوقت لا تحسد عليه ، وهي حتى الآن لم تعلم ما لذي كان مكتوب بتلك الرسالة والتي اكيد لا تتضمن كلام رائع ؟ لو تعلم فقط كيف يفكر بها الآن بعد تلك الرسالة الوقحة والتي ستقلل من مرتبتها وقيمتها عنده اضعاف .

اعاد (هشام) كلامه وهو يقول بنفاذ صبر وقد بدأت التمتمات بالخروج من حولهما تدريجياً بريبة
"ما لذي اصابكِ يا غزل ، هل اصبتِ بالصمم"

عبست ملامحها بضيق وهي على وشك الصراخ بوجهه بأن يتوقف عن إهانتها وامام جميع طلاب قسمها وقد اصبحت اضحوكتهم بسببه ، وهي لا تعلم لماذا دائما كل المواقف المحرجة والمخزية تحدث امامه تحديدا من بين الجميع ؟

قالت بعدها بلحظات بخفوت مشتد ممتعض
"لا اعلم"

عقد حاجبيه بجمود متصلب يخفي من خلفه الكثير وهو يبعد نظره باتجاه الطلاب من حوله وقد بدأت تصله همساتهم الساخرة مع نظراتهم المتجهة نحوهما بفضول مرتقب ، لتتحول ملامحه بلحظات لصرامة مشتعلة وهو يضرب بقبضته على الطاولة امامه بقوة رجت بالقاعة بأكملها ودبت الرعب بأوصال الواقفة امامه بتشنج قبل ان يتبعها بصوته الحازم المحتد وهو يقول بأمر
"كفى لا أريد سماع اي كلمة ، وألا قسما بالله بأن ادخل معكم المادة بأكملها بالاختبار القادم ، وقد اعذر من انذر"

ساد الصمت فجأة بكل إرجاء القاعة برهبة وصوت الاستاذ يتردد بالقاعة بصدى مهيب والوجوم يلوح بالأفق بينهم وعلامات السخط والضيق واضحة على ملامحهم ، بينما كانت (غزل) تبتلع ريقها بحشرجة مؤلمة وهي تشعر باختناق غريب بالأجواء القاتمة من حولها عادة ما يصيبها عندما تشعر بالضغط من حولها وهذا الذي يحدث معها اكبر ضغط تتعرض له بحياتها .

تجمدت اطرافها ما ان عاد (هشام) للكلام وهو يقول بخشونة محذرة
"اسمعوا ما سأقوله لكم جيدا لأني لن اعيده مرة اخرى ، إذا تكررت هذه الأفعال امامي مرة أخرى بوقت المحاضرة ولمحت اي ورقة تطير هناك او هناك فلا تلوموا عندها سوى انفسكم ، هل هذا مفهوم"

شدد على آخر كلماته بصرامة وهو ينظر للطلاب الصامتين من حوله بوجوم ، ليقول بعدها ببرود وهو يستدير بعيدا عنهم بهدوء
"لقد انتهت المحاضرة الآن ، وسنكمل الشرح بالمحاضرة القادمة من حيث توقفنا ، حظاً موفقاً"

بدأ الطلاب بالتحرك بسرعة وكأنه قد افرج عنهم اخيراً ليبدأوا بالخروج من القاعة واحداً تلو الآخر ، لتتحرك بسرعة الجامدة بمكانها وهي تقوم بتحضير حقيبتها لتضعها فوق كتفها وهي تستعد للمغادرة قبل ان يوقفها بآخر لحظة صوت (هشام) وهو يعطيها ظهره قائلا بجفاء بارد
"غزل اتبعيني ، اريد التكلم معكِ"

زفرت انفاسها باضطراب وهي تحك جبينها بكفها بانفعال غاضب ، بينما سار (هشام) بعيدا عنها وهو يسبقها لخارج القاعة ، شددت من الإمساك بحزام حقيبتها لثواني بتشبث قبل ان تتبعه بسرعة لخارج القاعة وهي تسير باهتزاز مرتبك مما هي مقدمة عليه الآن .

وقفت خلفه بخارج القاعة بعد ان قل عدد الطلاب المتواجدين بالممرات ، وقبل ان تنطق بأي كلمة سبقها الذي كان يعطيها ظهره وهو يقول بغموض بارد
"ألن تخبريني الآن بالشخص والذي ارسل لكِ هذه الرسالة"

رفعت حاجبيها بوجوم وهي تفكر بحنق بالذي يدور برأسه ولما كل هذا الاصرار ليعرف من صاحب الرسالة ؟ همست بعدها بلحظات بخفوت حزين
"اخبرتك بأني لا اعلم...."

استدار نحوها بقوة وهو يقول بتفكير ساخر
"لما تحاولين اخفاء الحقيقة عني ، هل تخافين عليه مني لهذا لا تريدين قول اسمه امامي"

امتقعت ملامحها وهي تتنفس بحدة من كل هذا الجدال العقيم من اجل شخص لا يستحق حقا كل هذا الاهتمام ، كانت ترغب بإخباره بالحقيقة وإراحة نفسها منه ولكنها تعلم جيدا بأنها بهذه الطريقة ستزيد على نفسها وجع رأس من صاحب الرسالة والذي لن يتركها وشأنها بعد ان توشي به وهي لا ينقصها ان تزيد رصيدها اكثر من كره الآخرين لها اكثر مما هي عليه .

اشاحت بوجهها بعيدا عنه بحنق وهي تقول بحدة بالغة
"ارجوك استاذ هشام توقف عن اعادة نفس السؤال عليّ فهذا ليس من حقك ابدا ، وايضا لقد اجبتك على سؤالك بالفعل واكثر من هذا لا املك لأخبرك به"

تصلبت ملامحه للحظات قبل ان يحرك رأسه بهدوء قائلا باستياء
"حسنا كما تريدين ، ولا بأس سأهتم انا بهذا الموضوع بدلا عنكِ"

تنفست الصعداء قبل ان تنظر له بارتياب وتوجس ما ان سمعت آخر كلماته وهي لا تفهم بماذا يفكر ولما يحمل الموضوع اكبر من حجمه ؟ لتعبس بعدها ملامحها بتشنج ما ان عاد للكلام قائلا بتذكر وهو يرفع قبضته باتجاهها
"بالمناسبة ، هذه لكِ إذا كنتِ ما تزالين ترغبين بقراءتها"

نظرت لكفها المفرودة وهو يضع الورقة المجعدة بداخل راحة كفها ببساطة ، ليستدير بعدها بهدوء دام للحظات قبل ان يسير بعيدا عنها بصمت مريب ، وما ان اختفى عن نظرها حتى فتحت من فورها الورقة المجعدة والتي تمزقت قليلا من ثناياها قبل ان تتسع عينيها بوجل وهي ترى ما كانت تتوقعه تماما واسوء بكثير ، وهي لا تعلم بأي وجه ستنظر إليه الآن بعد ان قرأ هذه الكلمات والتي جعلت وجهها يتلون باحمرار الخزي والاحراج بدون ان تمنع نفسها من لعن حظها والذي يورطها دائما بمثل هذه المواقف مع استاذها الصارم والذي لا يتوقف عن إحراجها والسخرية منها بكل مرة تقابله بها ؟

_____________________________
كان الصمت رفيقهما الثالث بطريق العودة بالسيارة لا يقطعه سوى بعض الشهقات الخافتة من الجالسة بجانب السائق وهي على هذه الحال منذ اصطدامها به عند مدخل بناء المدرسة بل بالأحرى منذ خروجها من عند غرفة مكتب مديرها العابث والذي تبين بأنه لم يوظفها عنده سوى لأغراض دنيئة لم تكن تعلم عنها وهي تخرج من مكتبه محملة بأذيال الخيبة وانعدام الكرامة والتي لم يتبقى لديها اي ذرة منها .

بينما كان (احمد) يشدد من القبض على عجلة القيادة بتصلب حتى ابيضت مفاصل اصابعه وهو لم يفهم للآن ما لذي اصابها وما سبب وصولها لهذه الحالة الغريبة ؟ وهو يراها لأول مرة بكل هذا الذبول والانهيار والذي لم يراه عليها من قبل وكل ما استطاع تخمينه هو بأنها قد خسرت وظيفتها بتلك المدرسة المشبوهة ، ولكن مع ذلك هناك امور أخرى حدثت معها اوصلتها لما هي عليه الآن فهو متأكد بأن خسارة الوظيفة ليست بهذه الأهمية بالنسبة لفتاة عاشت كل حياتها بعالم الشقاء والعمل لتحصل على يقوت يومها .

زفر انفاسه بكبت وهو يتذكر ارتجاف جسدها المخيف بين ذراعيه وكأنها تبث به تعب السنين دفعة واحدة وهي تتمسك به بتشبث مثل التعلق بطوق نجانها الوحيد او هكذا تهيؤ له ، تصلبت ملامحه بغضب مما يحدث معها ومعه فقد كان كل ما يريده ويفكر به هو الوصول لها بعد ان اكتشف من الخدم رحيلها من المنزل هي وشقيقتها بدون علم احد وهو الذي لم يراها او يلمحها بعد المشادة والتي حدثت بالحفلة لتنتهي بكارثة حقيقية دمرت سعادتها الأولى بحضور اول حفلة لها .

قال (احمد) بتصلب هادئ وهو ينظر للطريق امامه بتركيز
"كيف تشعرين الآن ، هل تحسنتِ"

كانت شاردة بعيدا عنه لثواني بغمامتها الخاصة قبل ان ترفع رأسها نحوه بحيرة ، ليعيد بعدها السؤال على اسماعها وهو يشير بكفه لأذنه لتستمع له جيدا
"لقد كنتُ اقول لكِ ، كيف تشعرين الآن"

رفعت كفها وهي تمسح على خديها بارتجاف قبل ان تهمس ببهوت
"بخير ، شكرا لك"

حرك رأسه باتزان وهو يقول بتفكير عابس
"إذاً هل تستطيعين ان تخبريني الآن عن سبب حالتكِ هذه ، ام اخمن لوحدي فقد مللت من التفكير بالأمر بدون ان احدد السبب الحقيقي لكل ما حدث معكِ"

تنفست بهدوء وهي تحاول تجميع كلامها المشتت برأسها لتخرج بجملة مفيدة تنقذها مما هي فيه الآن ، لتقول بعدها بلحظات بهدوء خافت
"الأمر بأني قد خسرتُ وظيفتي بالمدرسة"

عقد (احمد) حاجبيه باستياء وقد كان يتوقع مثل هذا الكلام ولكنه يريد لما بعده فهو يعلم بأن هناك المزيد مما تخفيه عنه خلف انهيارها ، ليستحثها بعدها بالكلام اكثر وهو يقول بتباطء جاف
"وايضا ماذا حدث"

زمت شفتيها بحزن ما ان تذكرت ما حدث بعدها وكأنه يقرأ افكارها ويعلم جيدا ما دار بينها وبين المدير بغرفة مكتبه والذي لا ترغب بتذكر شيئاً عنه ولا التكلم عنه وألا فستفقد ما تبقى لديها من كرامة امام هذا الشخص ، قالت بعدها بصرامة شاحبة وهي تنظر بعيدا عنه
"لم يحدث شيء غير اني طردتُ من العمل فقط"

تجمدت ملامحه بعدم رضا وهو يحرك فكه بغضب ليقول بعدها بابتسامة ساخرة غير معبرة
"وهل كل هذا الانهيار والذي قدمتيه امامي بسخاء من اجل خسار وظيفة بمكان حقير كذاك ، عليكِ اصلا ان تسعدي بتخلصكِ من ذلك المكان المشبوه والذي لا يناسب مقامنا ابدا"

اتسعت عينيها الخضراء الشاحبة بصدمة وهي تتلقى إهانات واحدة تلو الأخرى لتطعنها بقوة بدون اي رحمة وكأنه ينقصها مزيد من الإهانات غير إهانات ذاك المدير الحقير لتكتمل مع كلماته ، قالت بعدها بانفعال غاضب وهي تقبض على كفيها بقهر
"اجل انت على حق اعلم بأنني بالغت كثيرا بانهياري من اجل وظيفة لا تسوى شيء امامك ، ولكن عليك ان تعلم بأن هذه الوظيفة لطالما كانت تؤمن لنا يقوت يومنا وعيشنا عليها حتى انني كنتُ اخبئ جزء من راتبها والذي احصل عليه بعيدا عن زوج والدتي لكي لا يستولي عليه كاملا ولا يبقي لنا شيئاً منه ، وبعد ان تشوهت سمعتنا لم يعد هناك اي مدرسة تتشرف باستقبالي وتوظيفي بها ، لذا هذه المدرسة كانت الخيار الوحيد المتبقي لي لأعمل بها واجمع المال لنعيش عليه انا وشقيقتي ونبني عليه احلامنا المستحيلة ، ولكن كيف سيفهم امثالكم مثل هذا الكلام والبعيد جدا عن حياتكم المرفهة بدون تجربة شعور النقص والجوع والشقاء بالحياة والخوف المستمر من خسارة الملجئ الوحيد والذي نعيش عليه منذ سنوات"

كان (احمد) يتنفس باقتضاب حتى انه حاد عن الطريق اكثر من مرة وهو يكاد يصطدم بالسيارات السريعة من حوله ، ليتوقف بعدها على قارعة الطريق بهدوء تام وهو يشعر بانقباض حاد احتل صدره من نبرة صوتها الحادة بمرارة والذي يقص عليه واقع حدث معها حقيقة وبدون ان يتدخل اي احد منهم ليصلوا لهذه الحالة المنحطة والتي لا تناسب مقام عائلتهم العريقة .

قال بعدها بلحظات بوجوم بارد
"ولكنكِ الآن قد عدتِ لعائلتك المرفهة والتي لن تشعري فيها بأي نوع من النقص ، ولا داعي للعودة لحياة الشقاء والتعب مادام كل شيء تريدينه سيكون موجودا بعالمكِ انتِ وشقيقتك"

حركت رأسها بعيدا عنه وهي تهمس بلا مبالاة متعمدة شبيهة بنبرة شقيقتها
"شكر لك على هذا العرض المتأخر ، ولكني لا اريد سوى العيش بسلام انا وشقيقتي فقط بعيدا عن كل من نبذنا بحياتنا ولم يعترف بوجودنا بوقت كنا بأمس الحاجة إليه"

تغضن جبينه بمرارة قبل ان يندفع نحوها بثواني بعد ان فقد السيطرة على اعصابه وهو يكبلها من ذراعيها بقوة ليهزها منهما قائلا بانفعال حانق
"توقفي عن تكراري نفس الكلام ولومي انا بكل شيء وكأنني انا من كنتُ املك الحق برفض وجودكما ام لا ، فقد كنتُ مثل الجميع اطيع اوامر والدي وما يقوله ينفذ بدون اي كلام ، لذا توقفي عن تعذيبي بتحميلي الذنب بمعاناتكِ بما حدث فهذا كثير عليّ"

ارتعشت بارتجاف وهي تنظر له بتوجس وقلق من تغير حاله المفاجئ هكذا ، فهل يعقل بأنها قد بالغت بكلامها وسخطها لهم حتى اخرجته عن هدوئه المعتاد ؟ تنهد بعدها بهدوء وهو يخفف من قبضتيه على ذراعيها تلقائياً ليقول عندها باستياء خافت
"لما رحلتِ عن المنزل بدون ان تخبريني ، ألهذه الدرجة لا تطيقني حتى تفكرين بالهروب مني ومن المنزل بأكمله"

ارتفع حاجبيها بانشداه من تفكيره بالأمر وهي تهمس بابتسامة حزينة
"لا ليس انت السبب ، فقط قررتُ ان ارحل عن المنزل من اجل ألا اسبب لكم المزيد من المشاكل ، يكفي الأذى والذي سببته لكم بحفلة شراكة العمل الخاصة بوالدك والتي انهارت بسبب ذلك الشخص والذي اشبعته ضربا بسببي ، وانا حقا اعتذر عن كل الذي حدث بتلك الحفلة"

عقد حاجبيه بتفكير للحظات قبل ان يبتسم باتساع وهو يقول بهدوء واثق
"لا تقلقي يا روميساء ، فأنتِ لستِ السبب بإنهاء هذه الشراكة والتي كانت ستنهار على كل حال ، فقد كان والدي يسعى لأنهائها بالحفلة والتي اقامها من اجل هذا الأمر لكي يستطيع تلقين شريكه درسا وفضحه امام كل العالم"

اتسعت ابتسامتها تلقائياً بملامحها الشاحبة وهي تهمس بخفوت حزين
"حقا ، لقد ارحتني كثيرا بهذا الكلام"

اومأ برأسه بقوة وهو ينظر لها بتركيز ليفلت بعدها ذراعيها بهدوء قبل ان يمسك بكفيها من على حجرها وهو يضمهما معا بين يديه المتصلبتين ، ليقول بعدها بجدية صارمة وهو ينظر لعينيها الحائرتين باستدارتهما
"روميساء اعلم بأن ما سأطلبه منكِ غريب بعض الشيء ولكن سيكون الحل لكل مشاكلنا وسنستطيع التعادل عندها ، وإذا وافقتِ سأضمن لكِ حياة مريحة لكِ ولشقيقتك ومنزل لوحدكما فقط ووظيفة محترمة بمدرسة عريقة ، وستقدرون على تحسين صورتكما امام الناس والتي تشوهت من قبل بدون ان تعيشي بأي ذل او هوان بعد الآن ، فقط اجيبِ على طلبي هل تقبلين بالزواج بي يا روميساء الفاروق لأحقق لكِ كل هذه المطالب"

انفرجت شفتيها بصدمة مشدوهة وهي ترمش بعينيها عدة مرات بعدم تصديق لما سمعته اذنيها الآن وإذا كان جاد حقا بكلامه وسيحقق لها كل هذه الأحلام والتي لطالما كانت بعيدة المنال عنها ، لتحاول بعدها سحب كفيها من بين يديه وهي تقول بوجل شاحب
"ما هذا الكلام يا احمد ، انسيت بأنك متزوج...."

قاطعها (احمد) وهو يشدد على كفيها بقوة حتى سمعت صوت طرقعة اصابع كفيها ببعضهما وهو يقول بإصرار وحزم
"لا تفكري بكل هذا الآن ، وفكري بطلبي فقط هل تقبلين بالزواج بي من اجل ان تعيشي الحياة والتي كنتِ تحلمين بها من قبل وبين طبقة اجتماعية مرموقة وبسمعة نظيفة"

سكنت عن الحركة تماما وهي تشعر بكل شريط حياتها يمر امام عينيها بلحظة واحدة بداية بمراهقتها البائسة والتي دخلتها بعمل وشقاء وذل لتحصل على بعض القروش قبل ان تصل بالنهاية للعمل معلمة بمدرسة وضيعة ليكون الثمن بها غاليا جداً والذي اهدر كل كرامة متبقية لديها ، وهي الآن قد اصبحت مثل الورقة اليابسة بمهب الريح لا تملك اي شيء تؤمن به حياتها مع شقيقتها الصغرى والتي كانت دائما تعدها بوعود كثيرة ومنها هو العيش بعيدا عن الجميع بمنزل لوحدهما فقط لتسقط الوعود واحدة تلو الأخرى بدون ان تحقق اي شيء منها حتى شعرت باليأس من تحقيقها .

اخفضت نظراتها الخضراء الشاحبة لقبضتيه المعانقة لكفيها الصغيرين ، لتقول بعدها بخفوت متجمد وكل ما تفكر به هو التعلق بأي يد تمد نحوها لتخلصها مما هي فيه الآن ومن الوضع والذي حوصرت به
"انا موافقة بشرط ان تحقق لي كل مطالبي"

نهاية الفصل وبانتظار آرائكم بفارغ الصبر ❤❤


روز علي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 02:59 PM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.