14-02-21, 08:21 PM | #1 | ||||
| الثعلب والسبع السلام عليكم ورحمة الله وبركاته @@@@ الثعلب والسبع لعب القدر لعبته ، وجمعت الظروف بين خصمين لا يلتقيان عادة فالثعلب يخشى السبع ويهابه ويقدره ويجله ولا يقف أمامه أبداً ولا يجلس في مجلسه لكن الظروف لعبت دورها وحدث التقارب بينهما فاجتمعا يبحثان عن مخرج وقد أحاطت بهم المخاطر وقد خيم على الجو ما لم يتوقعاه فالنار باتت على مقربة منهما بسبب ندرة الطعام وقلة الفريسة ، وقحل الوادي الذى يجمع بينهما ويضمهما معاً ويسكنان فيه ، وقد جلسا ينعيان حظهما العاثر ، والجوع يأكل أحشاءهما ويفتهما ألماً ويفتك بهما ،وهما ينظران في المدى ويأملان طعاماً يأتيهما .. على حين غرة انشقت الأرض وهطلت السماء وتغير وجه الوادي وانبعث الغبار يحجب الرؤية عنهما ، ويغشي عيونهما ،، وقد عانقهما الخوف ودب في قلوبهما واختفت زرقه السماء ، تنبأ عن غزاه قدموا الوادي يختلونه ويستعمروه أو كائنات فضائية لا يعرفنها وطئت الوادي لتدمره أو تبحث لها عن مأوى ..وثب الثعلب مرتجفاً مرتعداً ، وهو ينظر إلى السبع سائلاً جاثياً على ركبتيه ، كان السبع لم يقف على الأمر مثله تماماً ، فأطل بعين غاضبة إليه كأنه يسكته كي يستطلع الأمر ..! فإذا بالسماء تكشف عن المستور وتنقشع الغشاوة على جحافل من الطير والأغنام والماعز والحمير والثيران في جموع مرصوصة متخمرة ، فتحركت شهية الصديقان للطعام وتحفزا للصيد ، فقد زاد ألم الأحشاء وباتت في طور الضمور وها هي السماء قد كشفت عن كنوزها ، وها هو الطعام قد أتى بفيض من الكيل لا يحصيه ميزان ولا عد .. تقدم الثعلب لسيده مستأذنا عارضاً عليه خدماته ومبينا له قدرته على كشف المجهول قبل الهجوم والصيد ، فقال الثعلب :سيدى ماذا لو أذنت لي وأعطيتني الأمر . كي آتيك من سبأ بخبر يقين .. قبل ان تداهمنا تلك الجيوش الجرارة ونهلك تحت أقدامهم وحوافرهم ..فأذن لي أيها العظيم ،، قال السبع وهو ينظر إليه : لك ما تريد وإياك من الخداع والغيبة أو الهروب ،، الثعلب : سمعاً وطاعة سيدي ، لا عليك .. وتقدم الثعلب وشد من عزم قوته وجمع حيلته ومكره وغاص بين الجموع .. بدأ الثعلب بالأسهل فغزا جموع الدجاج والوز فإذا به بوزة ناحلة ضامرة قد سارت على قدم واحدة وعوضت الأخرى بساق خشبية ، وتضع عكازا خشبية تحت جناحها تتوكأ عليه.. تقدم الثعلب وهو يظهر وقاراً وخلقاً لم يتعود عليه سائلها : أين كبيركم ؟ قالت الوزة : أنا كبيرتهم .. هز الثعلب رأسه وتبسم لها ، قالت الوزة : هل لك من خدمة ؟ ، الثعلب : لا يا سيدتي .. بل أني أود أن أعيش وأحيا في جوراكم وهو يرتد بظهره لينصرف إلى جمع آخر .. فإذا به بين الأغنام يستكشفها ويستطلع أمرها وقد قاده تفرسه إلى كبش أزعر خلى رأسه من القرون وأكل الشعر جثمانه أقرب إلى الجرب نحيلاً ،، وكلما أراد نقل حافره حفر الأرض تحته ..فتقدم الثعلب لسأله عن القائد : فقال الكبش وهو يحاول أن يظهر قوته ويدخل الإحساس لدى الثعلب أنه على قدر من القوة ، أنا القائد وأنا الكبير هنا .. تبسم الثعلب وهو يسمع كلام الكبش ويتفقد قوته ، فهز رأسه وهو يظهر الاحترام للكبش وهو ينصرف إلى جمع آخر ، فإذا به بين جحافل الحمير فانقبض قلبه وانكمش حذراً وهو يقلب عينيه وينظر ويكتب تقريره ويسجل ما الذى سوف يقدمه إلى سيده ، فإذا به بدائرة من عدة أحمرة ، تلتف وتطوق حماراً يشتل بأحد قوائمه سرعان ما دخل وسط الدائرة وتقدم ناحيتهم وهو يسألهم : أين القائد والكبير بينكم .. رد الحمار وهو يشتل بقدمه أنا القائد ..تبسم الثعلب تبسماً عريضا للأحمرة مظهرا لهم التقدير والوقار وهو يكاد يطير من الفرح بعدما رأى بأم عينيه وجمع تقريره ، ورجع إلى سيده مهرولاً مسرورا وهو يقول : سيدى.. سيدي : جئتك من سبأ يقين ،، تقدم ولا تخف وجبة شهية وفيض من طعام ،، فالقوم يسود بهم الهزال ويعُم فيهم الضعف والفوضى وليس بهم قوة ورؤسائهم يحتضرون فهيا ننقض ، فقد حان وقت الصيد وباتوا جميعا لدينا ... فلا قائد ولا موجه ولا كبير ، وكلهم لنا بين أيدينا بين قتيل وأسير بقلم سيد يوسف مرسي | ||||
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|