آخر 10 مشاركات
بريق نقائك يأسرني *مميزة ومكتملة* (الكاتـب : rontii - )           »          لك بكل الحب (5) "رواية شرقية" بقلم: athenadelta *مميزة* ((كاملة)) (الكاتـب : athenadelta - )           »          54-لا ترحلي-ليليان بيك-ع.ق ( تصوير جديد ) (الكاتـب : dalia - )           »          48 - الحصار الفضي - جانيت دايلي - ع.ق (الكاتـب : hAmAsAaAt - )           »          567 - قانون التجاذب - بيني جوردان - قلوب دار نحاس (الكاتـب : Just Faith - )           »          روايه روحي لك وحدك للكاتبه (ريم الحجر) روايه رائعه لا تفوتكم (الكاتـب : nahe24 - )           »          رهان على قلبه(131) للكاتبة:Dani Collins (الجزء الأول من سلسلة الوريث الخاطئ)*كاملة* (الكاتـب : Gege86 - )           »          روزان (الكاتـب : نورهان عبدالحميد - )           »          ذكرى ضاعت منه(132)للكاتبة:Dani Collins (الجزء الثاني من سلسلة الوريث الخاطئ)*كاملة* (الكاتـب : Gege86 - )           »          فِتْنَة موريتي(103) للكاتبة:Katherine Garbera(الجزء2من سلسلة ميراث آل موريتي) كاملة (الكاتـب : Gege86 - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > الروايات القصيرة المكتملة (وحي الاعضاء)

إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 16-02-21, 02:00 AM   #1

لينافيفي

? العضوٌ??? » 401034
?  التسِجيلٌ » Jun 2017
? مشَارَ?اتْي » 75
?  نُقآطِيْ » لينافيفي is on a distinguished road
افتراضي قوس قزح * مكتملة *


مرحبا عزيزاتي عدت اليكم بقصة جديدة اتمنى تعجبكم ..هذه القصة حاولت فيها اوصل فكرة معينة للاسف صارت مؤخرا محل شبهة وهذا احزنني اتمنى تقرو القصة ونتابع الفصول مع بعض ونكتشف خباياها

انتظروني قريبا كل خميس الساعة الثامنة بتوقيت الجزائر التاسعة بتوقيت مصر

وغدا باذن الله اول فصل هدية



روابط الفصول

المقدمة والفصل الأول ... المشاركة التالية
الفصول 2, 3, 4 ... بالأسفل
الفصل 5 الأخير والخاتمة











التعديل الأخير تم بواسطة ebti ; 04-03-21 الساعة 10:02 PM
لينافيفي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 16-02-21, 02:17 AM   #2

لينافيفي

? العضوٌ??? » 401034
?  التسِجيلٌ » Jun 2017
? مشَارَ?اتْي » 75
?  نُقآطِيْ » لينافيفي is on a distinguished road
افتراضي

المقدمة

سألتني فأجبتها ثم حدّقتُ إلى السماء وابتسمْت..

صمتت قليلاً ثم همست لي باستياء:"لم يعجبني.."

قطّبت ورمشتُ باستغراب ثم التفت نحوها وتساءلت:"...

🌈🌈🌈🌈🌈🌈🌈🌈🌈🌈🌈🌈🌈🌈🌈🌈

🌈الفصل الأول

نحن لسنا حيث تقف أجسادنا..نحن حيث تسافر أرواحنا..

الجسد هنا والروح هناك..الجسد معافى والروح مشتاقة..يقف شارداً فيها كالعادة..تلمع عيناه كالمصابيح الوهّاجة التي يتطلّع نحوها دون انبهار..تغدر به دمعة تتسلّل خفيةً عن دمائه الشّرقية الحّارة..يبتسم ويتركها تنزلق ولا يزيحها فللقلب حق علينا والقلب يحترق بلوعة رغم الريح الباردة التي تصفع وجهه ولكنّه هناك مع الدافئة البعيدة عنه ولا يشعر بتأثير القريبة منه..

أخرج هاتفه وبحث عن صورتها بلهفة وعندما وصل إليها توقّف شارداً للحظات ثم ابتسم ثم عبس ثم أعاده لجيبه دون أن يراها والتفت يحدّق للأمطار الغزيرة منبئةً بليلة رعدية عاصفة تحاكي مايجيش في صدره..

إعتصر هاتفه في جيبه وعاد يبتسم ثم همس بعطف:"سامحيني حبيبتي"

حفيف خافت يتقترب منه ثم يد ناعمة أنثوية حطّت على كتفه تلاها همس رقيق بلهجة متعثّرة:"حبيبي"

أفاق من شروده لكنّ عقله ظلّ عند البعيدة الساكنة في قلبه..ضحك بهدوء ويده تزيح دمعته الغادرة بهدوء ثم مازحها بهدوء:"تحسّنتِ كثيراً"

ضحكت ثم أجابته بمشاكسة:"الفضل لك..حبيبي"

عبس وهزّ رأسه بهدوء وأجاب بغموض:"تطلّب ذلك الكثير من الوقت"

قطّبت برهبة لكنّها تجاهلت تلميحه وتوجّسها وأجابته بدلال ملمّحةً هي الأخرى:"لكنّني تعلّمتها وهذا الأهم وسأظّل أردّدها لك حبيبي"

لم يرد وظلّ واقفاً يوليها ظهره..إقتربت منه وأراحت ذقنها الناعم على كتفه مكان يدها ثم أحاطت خصره بذراعيها والتصقت به وهمست باستياء وعيناها تلاحق رذاذ المطر أمامهما:"الجو بارد..تمطر منذ أسبوع كامل"

إجتاح الحنين وجهه وعينيه وقلبه وأجابها بصوت أجش دافىء تلاحقه أنفاسه الكثيفة البيضاء الباردة:"منذ أسبوع كامل!!..يفترض أن تعتاديها!!"

تمسّكت به أكثر تستمد الدفء من جسده الصلب وأجابته بامتعاض:"لا..لم أعتدها..لا أحب المطر يشعرني بالكآبة"

رمش ببطء وهمس بإيحاء وعيناه مسلّطة على الأضواء الوهّاجة بفتور:"ولا أنا اعتدتها ولا أظنّني سأعتادها"

فهمت وارتجفت بخشية وهاجمها برود آخر جعل قلبها يرتعد..تمسّكت به أكثر وانهمرت دموعها كانهمار الأمطار التي لا تحبها وهتفت برجاء:"إيّاك أن تفعلها..حبيبي"

شعر بتمسّكها وأشفق عليها ولكن قلبه يناجيه كل ليلة..أما اكتفيت!!..فيرد عليه والله اكتفيت حتى اكتويت..

داعبته كلمة حبيبي وابتسم بشوق مطبقاً جفنيه باسترخاء وهمس في سرّه بلوعة:"اشتقت لسماعها منها"

إلتفت نحوها بهدوء ونظر إليها بايحاء فارتبكت وقرأت قراره قبل أن تلفظه شفتاه..جفّ حلقها ونهشها الرعب وهمست بتوسّل:"حبيبي..لا تفعل"

أزاح دموعها برفق وهمس بجدية رغم عطفه عليها:"علّمتها لك ولم أردّها يوماً لك"

شعرت بقلبها يقع بين قدميها..إنّه يودّعها..هذه المرة ترى إصراره نابضاً في عينيه السوداء..منذ تعرّفت به وأحبّته كانت دائماً تراه يودعها دون تنفيذ..كان معها جسداً وقلبه بعيد عنها لكنّها ظلّت تحبه وتتضرّع أن تكون واهمة وسيبقى معها..لم يكن لها يوماً وصارحها ولكنّها لم تيأس مع أنها لم تملك أملاً..

تهدّجت أنفاسها واحمرت ملامحها بألم لكنّها أجابته بإصرار:"سأتّصل بك كل يوم وأردّدها لك..حبيبي"

إرتمت على صدره وبكت بانفعال والأمطار تتساقط كأنّها تؤازرها وتشاركها حزنها..ظلّت تتوسّله البقاء وقلبه يترجّاه الرّحيل..وفاز قلبه..تركها تتشبّث به دون أن يعانقها أو يواسيها..فأخرى بعيدة يتخيّلها تشتاقه ولا تستطيع احتضانه فتتمزّق روحه عليها..

إشتدت الأمطار حتى تناثر رذاذها البارد على ظهره الذي نشبت فيه أظافرها..إحتدت ملامحه وبرّقت عيناه بتصميم وهمس في سرّه بعزم وقد اتخذ قراره الذي لم يثنيه توسّل القابعة على صدره تبكيه:"إكتفيت"
نهاية الفصل


لينافيفي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 18-02-21, 10:03 PM   #3

لينافيفي

? العضوٌ??? » 401034
?  التسِجيلٌ » Jun 2017
? مشَارَ?اتْي » 75
?  نُقآطِيْ » لينافيفي is on a distinguished road
افتراضي

🌈الفصل الثاني

الغضب لا يغلب الحب..الألم لا ينسينا الحب..أينما نظرت ستتذكّر..مهما حاولت أن تتعوّد لن تقدر..تهرب للسّكون فيطاردك الشوق..وآه من الشوق يحرق القلب ويوقد نيران الحب..

العزلة..العزلة حالة لن تتمتّع برفاهيتها والقلب يتلظّى على صفيح الشوق المستعر..تجلس وحيدة في مكانها المفضل..نافذتها الخشبية المطلة على الأزرق الذي بات أسوداً مرصّعاً بأضواء المدينة لكنّها تزعزعت وقطرات المطر تتناثر عليه بخجل..

داعبت أنفها رائحة الشاي بالنعناع القريب منها والذي حضّرته بطريقتها التقليدية قبل قليل على نيران الحطب فنثرت عبقه في الأرجاء مغويةً كل من يشتمه في هذه الليلة الباردة الماطرة لينال رشفةً منه..

إشتد المطر وهبّت ريح باردة جعلتها ترتجف فرفعت الكوب الزجاجي وقرّبته منها تستنشق أنفاسه السّاخنة الفوّاحة..إرتشفت منه قليلاً ثم أبقته في يدها العتيقة تستمد منه الدفء وعادت لشرودها الحزين..

وضعت كوب الشاي جانباً على قاعدة النافذة الخشبية ومالت مبتعدةً قليلاً عن رذاذ المطر وظلّت تتطلّع إلى الخارج بأسى ثم همست بلوعة:"لو انسكبت هذه الأمطار كلّها علي لن تخمد نيران قلبي"

إنهمرت الأمطار بغزارة فشدّدت وشاحها الصوفي عليها وتنهّدت بصوت مسموع ثم أراحت رأسها على إطار النافذة علّ النسيم البارد يخمد قليلاً حرقة قلبها وعادت تهمس بشوق بصوتها المتحشرج المعبّق بالعاطفة وعيناها الضبابيتان تدمعان:"ألم تكتفي من البعد يا حبيبي!!"

بعد ليال ماطرة هنا وهناك..

جذبته رائحة الشاي بالنعناع فابتسم وأسرع خطاه نحو الداخل قبل أن تبلّله الأمطار التي تحذّره بقطراتها الندية على يديه الخشنتين الباردتين..

خلع سترته الصوفية وعلّقها بهدوء والتفت ليجدها جالسة كالمعتاد قرب النافذة كحبيبة تنتظر حبيبها دون كلل أو ملل أو إحباط..سكن يتأمّلها بعطف وتفهّم ثم عبس هو الآخر ولكن سرعان ماابتسم بشقاوة وتحرّك نحوها..

لم يكد يقترب منها حتى فاجأته وهتفت بتهكّم دون أن تلتفت نحوه حيث ظلّت جالسة مكانها وكوب شاي خاصتها يشاركها سهرتها الليلة الممطرة:"عدت باكراً الليلة"

ضحك وواصل تقدّمه نحوها حتى وصل إليها فجلس قربها ولكنّها لم تلتف إليه..إبتسم بمرح وأجابها بمشاكسة:"إعترفي أنّك تغارين كثيراً لأنّني أبقى معك قليلاً"

هزّت كتفيها بفتور ولم تلتفت وظلّت تراقب الأمطار بشرود..تأثّر بملامحها الغائمة وهمس بصوت أجش يفيض بالمحبة:"ولكنّك تحتلين قلبي كله"

رمشت بارتباك لكنّها لم تلتفت فخنق تنهيدته وعاد يبتسم بشقاوة ثم مدّ ذراعه خارج النافذة وهمس بصوت أجش:"الماء .."

أدخل يده التي تبلّلت بالأمطار ثم رفع كوب الشاي الساخن وعيناه عليها وتابع بمشاكسة:"والخضرة.."

إرتشف من كوبها ببطء وهمهم متلذّذاً بصدق وحرارة المشروب تتغلغل في أوردته وتدفئه ثم أعاده مكانه وأمسك ذقنها ولفّه نحوه ورمقها بمودة وواصل متغزلاً بهمس خافت:"والوجه الحسن"

إبتسمت من بين دموعها واستكانت ولكن رنين هاتفه أجفلهما وقطع اللّحظات العاطفية بينهما..أخرجه من جيبه وبعد أن تطلّع لشاشته عاد ينظر إليها بإيحاء وهمس:"إنّ.."

رجف قلبها وانهمرت دموعها بحرقة لكنّها سرعان ما عبست بصرامة وقاطعت كلامه فنهضت تاركةً له كوب الشاي والنافذة بأكملها وغادرت بخطوات ثقيلة رغم غضبها وألمها..

أطلق سراح تنهيدته المخنوقة وهزّ رأسه بإحباط ثم ابتسم بعطف وفتح الخط وبعد لحظات طويلة كان يحدّق خارج النافذة وأجاب بصوت أجش:"وهنا أيضاً تمطر"

بعد قليل عاد يلتفت عن النافذة المفتوحة وتطلّع حيث اختفت حبيبته الغاضبة الحزينة وأضاف بيقين فهو يعرفها من سنين:"سأحاول ولكنّها لن ترضخ"

أغلق الخط بعد دقائق وتنهّد بعمق ثم حدّق نحو غرفتهما وهمس بعطف:"أفهمك يا حبيبة عمري"

🌈الفصل الثالث

لو فهمنا بعضنا ستحل مشاكلنا ولكن أحياناً عندما نفهم بعضنا تزداد حيرتنا ليس لأنّنا نسيء التّفسير بل لكوننا لا نستطيع التنفيذ..

مستلقية على سريرها الذي صارت نادراً ماتفارقه..ترمي عليه ثقل جسدها وياليته يستطيع حمل ثقل روحها المنهكة..رفعت بصرها نحو الأعلى قليلاً حيث نافذتها الموصدة المدرّعة بقضبان حديدية كلّفته ثروة..صارت تغلقها منذ أيام عمداً لتسدّ عليه كل المنافذ..تحرم نفسها من السمر مع ونيسها الأزرق الذي يدفع البعض أموالاً طائلة للحصول على لفتةٍ منه..الحياة تحرمنا شيئاً وتمنحنا غيره ولكن أحياناً ماتحرمنا منه يسبب لنا عذاباً لا يطاق خاصةً إن كان أحباؤنا يتعذّبون بسببنا..

أتاها صوت قرع الأمطار فامتنت لها علّها تلهيها عن صخب أفكارها..أطبقت جفنيها تغرق في ظلمة على ظلمة لكن روحها تأبى الكف عن العويل فتسلّلت الدموع إلى وجنتيها وضربت سريرها بكفيها معاً ثم همست بحرقة وسط عتمة غرفتها:"لماذا لا يفهمني!!"

وضع المظلة المهترئة جانباً ونفض شعره من قطرات المطر المتلصّصة ثم التفت نحو نافذتها وكالعادة منذ أيام وليالٍ تصر على غلقها وتظن بذلك أنّها ستغلبه..إبتسم بحنان يعلم أنّها تفعل ذلك لانّها تحبه وهذا يزيد حبه لها..إنّها أغلى مايملك في حياته البسيطة وستبقى الأغلى..تنهّد ثم همس بمحبة :"ليتك تفهمينني"

ظلّ واقفاً شارداً نحو غرفتها المغلقة ولم ينتبه لقطرات المطر التي عادت تبلّل شعره..عبس بعد أن كان يبتسم وعقد حاجبيه بوجوم..يفهمها ويريدها أن تفهمه..إحتدت نظراته وهمس باستياء:"كيف تشكّكين في حبي لك حبيبة روحي!!"

غمره عطف جارف كسيل الأمطار المنهمرة عليه وعاد يبتسم بحنان ثم همس بإصرار وعيناه نحو نافذتها المغلقة:"لن أرضخ ياحبيبة روحي"

دلف لبيتهما الصغير البسيط وأضاء المكان ثم توجّه مباشرةً نحو المطبخ بعد أن ألقى نظرةً حانية مشاكسة نحو غرفتها المغلقة..

لمحت ظلّ الإنارة من أسفل الباب فعلمت أنّه عاد..إبتسمت بحنان وانفطر قلبها عليه..إنّها تمطر بغزارة الليلة ولابد أنّه تبلّل فمظلّته ممزّقة ويرفض شراء غيرها..العنيد!!..أجابها عندما وبّخته على ذلك بأنّها هدية منها لهذا لن يستبدلها بغيرها حتى لو اقتلع الريح سقفها ومشى بها دونه..فضحكت وأجابته أنّها ستضربه بها على رأسه الصلب..

بعد قليل خرج من المطبخ وتوجّه نحو غرفتها..طرق الباب بهدوء وانتظر سماع صوتها لكنّها لم تستجب..فتنهّد بصوت مكتوم وظلّ واقفاً..

كانت شاردة بملامح تعيسة والدموع تترقرق من عينيها..أجفلها طرق الباب..فأطبقت جفنيها بألم والتزمت الصمت مثله..

جذب نفساً عميقاً وابتسم برقّة ثم عاد يطرق بابها برفق وهمس بحنان:"لن أتناول العشاء من دونك حبيبة روحي"

إنهمرت دموعها بحرقة وابتسمت بتأثّر ثم التفتت محدّقة نحو الباب بمحبة وسط ظلام غرفتها وأجابته بصمت:"ما أطيبك رغم قسوتك يا حبيب روحي"

طرق الباب مجدداً وهذه المرة هتف بمشاكسة يبتزها ويداعبها:"هل ستتركينني أموت جوعاً ياحبيبة روحي!!"

إبتسمت من بين دموعها المريرة وتشبّثت بغطاء سريرها بقهر ثم قاومت ألمها وردّت عليه بإيحاء تبتزه وتداعبه:"جملتك تليق بي أنا وليس أنت ياحبيب روحي"

إنقبض قلبه برهبة وتجهّم وجهه ثم أجابها بصرامة ويده على مقبض الباب:"سأدخل الآن وسأجبرك على الأكل معي"

لم ترد عليه..فتنهّد بلوعة وأراح جبهته على الباب البارد وهمس بصوت مخنوق علّه يضعف عنادها:"إلى متى هذا الخصام يا حبيبة روحي!!"

إرتجفت شفتاها وبصعوبة قاومت نوبة بكاءٍ حار وأجابته بعناد:"إلى أن تنفّذ ماطلبته منك ياحبيب روحي"
قراءة ممتعة اتمنى تنوروني بتعليقاتكم نلتقي الخميس القادم


لينافيفي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 19-02-21, 10:20 AM   #4

um soso

مشرفة وكاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء ومراسلة خاصة بأدب وأدباء في المنتدى الأدبي

alkap ~
 
الصورة الرمزية um soso

? العضوٌ??? » 90020
?  التسِجيلٌ » May 2009
? مشَارَ?اتْي » 33,769
?  مُ?إني » العراق
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Iraq
?  نُقآطِيْ » um soso has a reputation beyond reputeum soso has a reputation beyond reputeum soso has a reputation beyond reputeum soso has a reputation beyond reputeum soso has a reputation beyond reputeum soso has a reputation beyond reputeum soso has a reputation beyond reputeum soso has a reputation beyond reputeum soso has a reputation beyond reputeum soso has a reputation beyond reputeum soso has a reputation beyond repute
افتراضي

صباح الخيرات والعافيه

طول الفصل له قانون اكيد تعرفينه لان هذه ثاني روايه لك
يرجى الالتزام بطول الفصل

الفصول قصيره جدااا
تحياتي


um soso غير متواجد حالياً  
التوقيع
روايتي الاولى وبياض ثوبك يشهدُ

https://www.rewity.com/forum/t406572.html#post13143524

روايتي الثانيه والروح اذا جرحت
https://www.rewity.com/forum/t450008.html





رد مع اقتباس
قديم 24-02-21, 01:11 AM   #5

لينافيفي

? العضوٌ??? » 401034
?  التسِجيلٌ » Jun 2017
? مشَارَ?اتْي » 75
?  نُقآطِيْ » لينافيفي is on a distinguished road
افتراضي

مساء النور عزيزتي
القصة قصيرة ففصولها قصيرة


لينافيفي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 24-02-21, 01:13 AM   #6

لينافيفي

? العضوٌ??? » 401034
?  التسِجيلٌ » Jun 2017
? مشَارَ?اتْي » 75
?  نُقآطِيْ » لينافيفي is on a distinguished road
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة um soso مشاهدة المشاركة
صباح الخيرات والعافيه

طول الفصل له قانون اكيد تعرفينه لان هذه ثاني روايه لك
يرجى الالتزام بطول الفصل

الفصول قصيره جدااا
تحياتي
مساء النور عزيزتي القصة قصيرة ففصولها قصيرة عشان كدا بنزل كذا فصل مرة واحدة


لينافيفي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 25-02-21, 09:42 PM   #7

لينافيفي

? العضوٌ??? » 401034
?  التسِجيلٌ » Jun 2017
? مشَارَ?اتْي » 75
?  نُقآطِيْ » لينافيفي is on a distinguished road
افتراضي

🌈الفصل الرابع

أصعب الأمور هي التي نستطيع تنفيذها لكنّنا لا نريد ذلك..أحياناً يكون المستحيل نعمة..

دخل بهدوء فجابهه الهدوء والسكون كالعادة..الصالة منارة لكنّها بدت له مظلمة من دونها..إستطال بنظره نحو غرفتهما فلمحها معتمة وبابها مفتوح..إذن ليست هناك فهي تعاديه منذ أيام..فرك جبهته بإعياء ثم جلس على الأريكة وشرد في حالهما وبعد لحظات همس باستياء:"ماتطلبينه صعب!!..نعم شرعي ولكنّه صعب..سأظلم الثانية وأنا لم أكن يوماً ظالماً..صعب ياحبيبة قلبي..لماذا لا تفهمين!!"

رمى برأسه على ظهر الأريكة وأطبق جفنيه..أتعبه هذا الخصام وهي لا تنصاع..إبتسم بهيام لمجرد التفكير فيها..إنّها بهجة حياته ومالكة قلبه..طلبها الغادر يغضبه لكنّه يجعله يعشقها أكثر ويصر أكثر على رفضه..لن يرضخ لها..إن كانت فقدت صوابها فهو لديه الكثير من الخطط التي يقلب بها الأمور لصالحه ككل مرة..متى كان العاشق قليل الحيلة مع معشوقته العنيدة!!..

إبتسم بمرح وأجاب هامساً بلهجة متوعّدة:"لم يكن يوماً"

يحب غيرتها..يحتاج غيرتها..لكن أين تلك الغيرة!!..تحوّلت إلى نقمة..تغيّرت وجهتها وهنا بدأ عذابه..نهض عن الأريكة والتفت يستعد لمعركة جديدة معها..إتّسعت ابتسامته وناداها بشوق كما يفعل دائماً يشاكسها علّها تحن لكن العنيدة لا تحن:"حبيبة قلبي..حبيبة قلبي..لقد عدت"

لم تجبه..ويعلم أنّها لن تجيبه فهذا ماتفعله منذ أيام..تظنّه سيسأم ولكنّها تحفّزه أكثر وهاهي لمعة عينيه تستعر وصوته يزداد تصميماً فهمس بإصرار بينما يتخطّى الصالة المنيرة الخالية منها:"وأنا عنيد أيضاً حبيبة قلبي"

وجدها عند مكانها المفضل الذي بات ينقم عليه ويغار منه..تهرب منه إليه وتسرح هناك لساعات..وذلك الوشاح الأزرق يلفّها وينسيها العاشق الذي يقف الآن خلفها على بعد خطوتين..يتأملّها بشغف..حتى في حزنها تبدو آية في الجمال وتلومه على العناد وهو يسمّيه غرام..

لفّ ذراعيه حولها فارتجفت..غرس وجهه في رقبتها الناعمة فتنهّدت..همس يداعبها بصوت أجش:"سأعتبر أنّك لم تسمعيني لذا لم تجيبيني"

لا ترد..ولن يصمت..مالت زاوية فمه بابتسامة حميمة داعبت بشرتها فرفرف قلبها العاشق بلهفة لكنّها لم ترضخ وظلّت تحدّق أمامها بصرامة..من حقّها عليه أن ينفّذ طلبها ولن تستسلم حتى يريحها..يتشبّث بها كما يفعل مع قراره العنيد..يبقيها معه عنوة فكلّما غادرت لبيت أهلها أعادها في نفس اليوم ونامت ليلاً بين ذراعيه الآسرة..

إمتنت لصدره وذراعيه واسترخت في حضنه..مهما حاولت الصّد فقلبها يدفعها نحوه..تحبه بل تعشقه وعندما تغادر بيتهما كانت تنتظره ليعيدها ورغماً عنها تبتسم بلهفة عندما تسمع صوته في منزل عائلتها..

رثت حالها وبكت بحرقة..مشوّشة بين البقاء والرّحيل..مشطورة بين قلبها وأنوثتها..شعر بها ترتجف فعلم أنّها تبكي..مزّقت قلبه ولكنّه غضب منها وكاد يصرخ فيها لولا أنّه تمالك نفسه وجذب نفساً عميقاً استنشقه من عبير بشرتها الزكية فخدّر انفعاله وهدأ..ومعها يحتاج الهدوء ليجعلها تقتنع..

لفّها نحوه ولم تعارض..أنهكها القتال والشوق..لكنّها أخفضت وجهها عنه..وقفا أمام الشرفة صامتين معاً..حدّق إليها بحنان ثم شاكسها وذراعاه تحتفظان بها قريبةً منه:"تتهرّبين لأنّني طلبت منك طبق المحشي ياكسولة"

رمشت بتشوّش وقطّبت بعدم استيعاب ثم رفعت وجهها الباكي نحوه وعندما غمزها انتبهت لكلامه وضحكت من بين دموعها هازةً رأسها بإحباط من شقاوته..

رفع ذقنها نحوه وتأمّلها بهيام ثم همس بصوت أجش:"قوس قزح"

عادت تقطّب بحيرة وهتفت بفضول وقد نجح في جعلها تحدّثه:"ماذا تقصد بقوس قزح!!"

غمزها بغموض فغضبت وعبست بوجوم ولكن قلبها رفرف بشوق وعيناه الجذّابة تطالعها بشغف فاحمرت وارتبكت ثم تلفّتت حولها وأضافت بتهكّم تهرب به من استسلامها:"أيّ قوس قزح ونحن في الليل!!"

ظلّ صامتاً يتأمّلها بشغف فأطاح بها وأسبلت أهدابها بضعف وهمست بتأثّر وسكون الليل الحميم يتحالف معه ضدها:"أنت أوسم رجل بعيون سوداء عرفته في حياتي"

لمعت عيناه باشتعال واشتدت ذراعاه حولها ثم عبس بتجهّم وأجابها بخشونة:"و لن تعرفي غيري في حياتك أبداً"

تنهّدت بحزن ورمقته بعمق ثم داعبت خدّه الملتحي برقّة ومازحته بإيحاء:"ليس عدلاً أن تحتفظ بهذه الوسامة كلّها لوحدك"

نبض قلبه وتدفّقت الدّماء حارة في عروقه وتوهّجت عيناه ببريق تعرفه جيداً ودون أن يمهلها الوقت لتستوعب أو تهرب كان ينحني ويحملها بين ذراعيه مغادراً الشرفة نحو غرفتهما ثم أجابها بصرامة:"أنت لا تقتنعين بالكلام..سأقنعك بالأفعال حبيبة قلبي"

إرتمت برأسها على صدره تستنشق عطره الرجولي بلوعة واستكانت بين ذراعيه ثم عادت تبكي وهمست بضعف:"لن يجدي ذلك يا حبيب قلبي"

واصل سيره نحو غرفتهما محدقاً أمامه بحزم وأجابها بإصرار:"أنا من يقرّر ياحبيبة قلبي"

🌈🌈🌈🌈🌈🌈🌈🌈🌈🌈🌈🌈🌈

بعد أيام ماطرة غائمة..أشرقت شمس الرّابع عشر من شباط..تاريخ يعرفه أغلب العشاق..تاريخ ينتظره البعض لأسباب مهمة بعيدة وقريبة من هذا اليوم..

طرق الباب بلهفة وهتف بإلحاح:"حبيبتي..حبيبة روحي..إنهضي..سأدخل..أعلم أنّك مستيقظة..سأدخل الآن"

أفاقت مجفلة وفركت عينيها بنعاس ولم تكد تجيبه حتى وجدته يقتحم غرفتها..

**بعد ساعة..

تململت على سريرها وأجابته بعناد:"لن أذهب..قلت لن أذهب"

أخرج فستانها المفضل عنده ووضعه على السرير ثم انحنى نحوها وهمس بوعيد:"بل ستذهبين حتى لو حملتك بين ذراعي حبيبة قلبي..أحاول إفاقتك منذ ساعة وأنت تدّعين التّعب والنّعاس..هياانهضي"

إندست تحت الغطاء وأولته ظهرها فضحك ثم عاد يقترب منها وهمس بمشاكسة:"إنهضي أم اعتدتِ على حملي لك..صرت ثقيلة حبيبة قلبي"

رمت الغطاء عنها بثورة فبزغ وجهها المحمر الغاضب وصاحت بغيظ:"ماذا قلت!!..من تقصد بالثقيلة!!"

تأمّل بشغف وجنتيها الحمراء المكتنزتين وعينيها الناعستين الغاضبتين ثم تنهّد بلوعة وهمس بانفعال:"كم أودّ البّقاء لألتهمك ياتفاحة لكنّك لن تعرقلي مشاريعي..هيا انهضي"

إبتعد عنها سريعاً قبل أن يرضخ لفتنتها خاصةً وهي مستلقية على فراشهما تناظره بغضب لذيذ عبث بصوابه ولكنّه عنيد مثلها..

**العاشرة صباحاً..

نسيم بارد منعش يصاحبه شعاع الشّمس الدافىء ثم تكتمل الصورة بذلك الأزرق الهادىء حيث يركن المركب بانتظار روّاده ليقلّهم في جولة حميمة تعكس خصوصية هذا اليوم الرومانسي..

تزاحم العشاق البسطاء على المركب الأزرق ذو السقف الأبيض لينالوا نصيبهم من الإحتفال قد لا يكون يختاً فاخراً أو سفينةً ضخمة لكن النّهر واحد ويستضيف الغني والفقير فوق مياهه العذبة..

إحتل كل ثنائي الرّكن المفضل لديه وجميعهم يمنّون أنفسهم بقضاء يوم حميم منتهزين الجو المشرق بعد أيام طويلة لم تتوقّف الأمطار فيها وبعد أن استقروا في أماكنهم بحثوا عن صاحبه البشوش ربّان مركبهم الرومانسي العم حليم..

غير بعيد عن النهر الأزرق..سحبها عنوة بيد وبيده الأخرى يمسك الترمس الحديدي الثقيل وهي تتململ بحرج وتهمس بصوت خافت حانق بينما ترمقه بنظرات حادة:"أتركني هل فقدت صوابك مع شعرك!! "

ضحك وواصل سيره بصعوبة بسبب ظهره والصخور والأرضية المبلّلة غير المعبّدة وقبل أن يجيبها كان يهتف نحوه بعض الشّباب الواقفين قرب المركب:"أسرع ياعم حليم ننتظرك منذ ساعة"

إبتسم العم حليم نحوهم ببشاشة ثم كاد يتعثّر بسبب عجلته فهتفت زوجته الخمسينية حسناء بغيظ وهي ترفع حافة ملاءتها السّوداء حتى لا تتّسخ بالتراب المبلّل بسبب أمطار ليلة الأمس:"تريّث يارجل..ستوقعني..لا أريد الذهاب..لماذا تجبرني!!"

رمقها العم حليم بغموض ثم أجابها بمرح :" خيراً تعمل تذمّراً تلقى..لو سرتِ معي دون اعتراض لما أجبرتك يا حبيبة عمري..لقد حذّرتك ياحسناء..سيري هيا..يكفيني ترمس الشاي الثقيل"

تأفّفت الخالة حسناء كما يلقبها الأغلبية ثم همست بحنق:"أنت طلبت مني أن أحضّره صباحاً فلا تشتكي الآن"

كادا يتعثّران مجدداً فتمسّك حليم بيد حسناء حتى لا تقع وهمس بمشاكسة:"أسرعي قليلاً..صار وزنك ثقيلاً ياحسناء"

ضغطت حسناء على يده بغيظ وأجابته بتهكّم :"بل أنت صرت عجوزاً هشّ العظام"

إبتسم حليم بمرح وواصل سيره جاذباً لها معه وأجابها بصوت لاهث أجش:"أنت السبب..تغلغل عشقك بداخلي لسنوات حتى تهشّشت عظامي"

رفرف قلب حسناء وابتسمت بخجل كشابة صغيرة يغازلها حبيبها لأول مرة ومعه لم تكن أول مرة فزوجها المسن لم يكف عن غمرها بعشقه قولاً وفعلاً طوال سنوات زواجهم التي تخطّت الثلاثين بل كل سنة مرّت عليهما وثّقت وضاعفت عشقه لها..

تعالت الهتافات والتصفيقات من المركب فعاد العم حليم يضحك ثم صاح بصوت مرتفع:"أفسحوا لي مكاناً ياشبان"

أجلس العم حليم زوجته قريباً منه وابتسم لها بشقاوة ثم همس لها بمحبة:"وأنا أيضاً سأحتفل بعيد الحب مع حبيبة عمري"

توردت وجنتا الخالة حسناء كصبية ولكنّها كتمت ابتسامتها بصعوبة وأجابته بإغاظة وقد تذكّرت أمراً تناسته بسبب حزنها:"أيّ عيد حب ياعجوز!!..هل ستأخذ زمنك و زمن غيرك..هولاء شباب..أما أنت فتجاوزك القطار وخط الشيب والصلع رأسك"

ضحك العم حليم ثم أجابها بمشاكسة مشيراً إلى نفسه بغرور:"هؤلاء مجرد صغار..نحن ذوو الخبرة ياحبيبة عمري..كلّما مرّ الزمن تجذّر الحب في قلبي كشجرة عتيقة لا تهزّها ريح"

هزّت حسناء رأسها بيأس والتفتت عنه نحو النهر الأزرق فانحنى العم حليم وقبّل رأسها فشهقت بخجل ولمعت عيناها الضبابية وعندما وصلتها همهمات الركاب ازداد احمرار وجهها واحتد غضبها منه وتمتمت بغيظ:"مراهق"

هتف أحدهم بلهفة:"متى ننطلق ياعم حليم!!..لا نريد أن نضيع دقيقةً واحدة اليوم بالذات"

إبتسم العم حليم ببشاشة وأجابه بلطف:"لا تقلق بني..سننطلق بعد قليل..أنتظر أحدهم سيصل بعد قليل"

🌈🌈🌈🌈🌈🌈🌈🌈🌈🌈🌈🌈

بعد قليل..نهض بعض الشّبان والعم حليم معهم وساعدوا شابة مقعدة على الصعود..بمعنى أدق لم يساعدوها بل سهّلوا لأخيها أن يحملها ويجلسها قربه فقد رفض أن يلمسها غيره وبعد أن استقرا على المقعد ضمّها إليه بمحبة فانكمشت في صدره وكتمت دموعها بصعوبة ثم وضع أمامه تلك السلة المعبّأة بالورود الحمراء التي نثرت عبيرها الفوّاح في المركب..

إقترب العم حليم من الفتاة المقعدة فنهض شقيقها وهتف نحوه بمودة:"صباح الخير عم حليم..أعتذر منك لقد تأخّرت قليلاً..هذه أختي سلمى"

إبتسم له العم حليم بلطف ثم حدّق نحو سلمى التي تتمسّك بيد أخيها وتخفض وجهها بخجل وارتباك وأضاف بحنان:"تأخّر كما تشاء يا خالد مادامت هذه الوردة ترافقك"

رفعت سلمى وجهها الخجول وابتسمت له فرمقها العم حليم بعطف ومازحها بإيحاء:"شرّفتِ مركبي المتواضع يابنيتي..سأمنحك أجمل جولة نهرية يا سلمى..إستمتعي يافتاتي فالحياة نعمة لا تضاهيها نعمة..أنظري.بالأمس كانت تمطر واليوم أشرقت الشمس"

أومأت له سلمى بوداعة فابتسم لها العم حليم بلطف ثم ربت على كتف خالد ومازحه بمودة:"رزقك الله من خيره يابني..هيا استعد فلدينا ركّاب رومانسيون ينتظرون ورودك الحمراء وأنا أول زبون"

شكره خالد ومنحه وردة حمراء مجانية رغم إصرار العم حليم على دفع ثمنها لكن الفتى رفض فهو يبيع بضائعه على مركبه منذ ثلاث سنوات دون أن يتقاضى منه أجراً مراعاةً لظروفه المعيشية الصعبة..

إنحشرت سلمى في حضن شقيقها رغم غضبها منه وهمست باستياء:"لماذا أجبرتني!!..جميعهم ينظرون إلي"

إبتسم لها خالد بحنان وضمّها بحمية ثم أجابها برقّة:"من يستطيع تجاهل جمالك حبيبة روحي!!..إهدئي أنا معك وسأظلّ معك دائماً"

إلتقط خالد وردة حمراء أخرى من السلة وقدّمها لشقيقته هامساً بمحبة:"أجمل وردة لأجمل سلمى في حياتي..اليوم هو عيد الأحبة وأريد أن أحتفل فيه مع حبيبة روحي أختي الغالية"

أخذتها منه سلمى وابتسمت ثم همست له بتأثّر:"أحبك ياحبيب روحي ياأخي"

تقدّم العم حليم من زوجته حسناء حاملاً تلك الوردة الحمراء فقدّمها لها مبتسماً بحب لم يهزمه الزمن فأخذتها منه واحمرت وجنتاها كبتلاّتها حتى باتت تشبهها فتعالت تصفيقات الشبان وساد المرح والبهجة على المركب..

حدّقت الخالة حسناء نحو سلمى بعطف ثم التفتت عنها حتى لا تحرجها وسرحت في النهر الأزرق البرّاق تحت أشعة الشمس المتوهّجة..إستنشقت عبير الوردة الحمراء وغامت عيناها بحنين ثم تضرّعت في سرّها باشتياق:"متى اللّقاء!!"

***بعد بضعة دقائق أخرى..

داعب ذراعها خفيةً عن الركاب الآخرين فالتفتت عن النهر الأزرق واستدارت برأسها نحوه..إبتسم بغرور مرح فعبست تكتم ابتسامتها ولكن لمعة عينيها كشفت لهفتها..

همست له بفضول بينما يقبض على كفّها بحميمية:"ماذا نفعل هنا يامروان!!"

رمقها مروان بهيام وأجابها بصوت أجش:"أخطفك ياحبيبة قلبي"

إبتسمت زوجته وأجابته بدلال وتناست غضبها منه لبعض الوقت:"سأشكوك للرّكاب"

غمزها مروان بمشاكسة وأجابها بإيحاء:"جميعهم عشّاق مثلي وسيساندونني"

ضحكت بخفوت وجالت ببصرها حول المركب فهمس لها مروان بلطف:"إنّه مركب بسيط يا أمال و لكنّه.."

قاطعته أمال وهمست برقّة:"إنّه حميمي ودافىء جداً..أحببته للغاية..الأماكن الفاخرة باردة ينقصها الإحساس فروّادها منعزلون عن بعضهم أمّا هنا فرغم بساطة الناس والمكان لكن تشعر وسطهم بالألفة"

داعب مروان كفّها وهمس لها بصوت أجش وعيناه السّوداء ترمقها ببريق شغوف:"وتلومينني لأنّني أعشقك يا حبيبة قلبي"

صمتت أمال وحدّقت إليه بابتسامة أليمة ثم أجابته بإيحاء:"ولكنّك تلومني لأنّني أعشقك ياحبيب قلبي"

عبس مروان بتجهّم ورمقها بصرامة ثم همس لها بوعيد مرح:"يكفي!!..سنستمتع اليوم بعيد العشّاق..لا تفسدي ذلك وإلاّ حملتك كالعادة ولكنّني لن أرميك على فراشنا بل سأرميكِ لصديقك الوشاح الأزرق القريب منك الذي لا تكفّين عن الشرود نحوه في شقتنا"

شهقت أمال بخجل واحمرت وجنتاها وتلفّتت حولها بارتباك فضمّها مروان إليه وغمزها بعبث..

هتف مروان بلطف بينما أمال تتطلّع نحو سلمى بابتسامة عطوفة ردّتها لها الأخرى بإيماءة وديعة:"سنتأخّر ياعم حليم"

إبتسم العم حليم وأجاب بمودة وعيناه على زوجته حسناء السّارحة في النهر الأزرق بملامح حزينة:"صبراً يابني..لا تقلق..لا تقلقوا..أعدكم جميعاً بجولة ممتعة هذا اليوم"

🌈🌈🌈🌈🌈🌈🌈🌈🌈🌈🌈🌈🌈

**قبل ساعتين..

🎶🎶 يا الرَايح وين مسافر تروح تعيا وتولي🎶🎶
🎶🎶شحال ندموا العباد الغافلين قبلك وقبلي🎶🎶

أطبق جفنيه باسترخاء وقرّب رأسه من النافذة المفتوحة لسيارة الأجرة..يستنشق هواءها بلهفة..أضناه الشّوق..أحرقه الشّوق..أعاده الشّوق..همس بلوعة وهو يبتسم:"أخيراً أتنفّس هواءك يا بلدي"

حدّق إليه السّائق بتفهّم و رفع صوت مسجل السيارة فتسلّلت لمسامعه كلمات الأغنية التي تحكي حاله فدندن معها بتأثّر:"🎶🎶يا الرَايح وين مسافر تروح تعيا وتولي🎶🎶"

تنهّد بعمق وهمس بحنين:"معك حق يا دحمان الحراشي"

شاركه سائق السيارة الذي ابتسم بشرود ودندن بخفوت:"🎶🎶شحال ندموا العباد الغافلين قبلك وقبلي🎶🎶"

صمتا معاً يصغيان للأغنية بصوت المطرب دحمان الحراشي وكلاهما سارح ويبتسم:

🎶🎶شحال شفت البلدان العامرين والبر الخالي🎶🎶
🎶🎶شحال ضيعت اوقات وشحال تزيد ما زال تخلي🎶🎶
🎶🎶يا الغايب في بلاد الناس شحال تعيا ما تجري🎶🎶
🎶🎶بـِيك وعد القدرة ولّى زمان وانت ما تدري🎶🎶

بعد قليل وبينما أنغام الأغنية تحوم داخل سيارة الأجرة بشجن..هتف السائق بألفة:"كم دام الغياب ياأخي!!"

صمت ياسين وشرد بعيداً حتى ظنّه السائق لن يجيب ثم أجابه بحنين:"سبع سنوات بأيّامها ولياليها الطويلة حتى شعرتها سبعين عاماً"

حمحم السائق بحرج وتابع بمرح:"أعذر تطفّلي ياأخي..الصمت يطيل الطريق..لا بأس ببعض الدردشة..هذه ميزة فينا نحن العرب..لسنا إنطوائيين كالغرب"

ضحك ياسين بهدوء ثم التفت نحو السّائق وأجابه بمودة:"كم اشتقت لهذه الميزة ياأخي"

عاد السائق يدندن مع تلك الأغنية فدقّق ياسين النظر إليه وقد كان رجلاً في الأربعينات ثم سأله بشك:"هل كنت.."

أومأ السائق الأربعيني مؤكداً قبل أن يتمّم ياسين سؤاله ثم أجابه بشرود وهو يقود بسلاسة رغم زحمة السير والإكتظاظ بل كان يبتسم للمارة الذين يخالفون قانون المرور ويعبرون بعشوائية:"كنت غريباً لأربع سنوات في النرويج..سافرت لأحسّن ظروفي كأي شاب بعد أن قست علي بلادنا ياأخي والحمدلله وُفّقت في الخارج وكسبت الكثير من المال وبالحلال والجهد ولكن..ولكن لم أشعر يوماً واحداً خلال السنوات الأربعة الطويلة أنّني أنتمي إليهم..كنت أشعر أنّني غريب ثم اكتشفت أنّ بلدك كوالدتك..مهما قست عليك لن تستطيع الإستغناء عنها..بلدك تمنحنك أغلى شعور وهو الإنتماء الذي لن تجده في بلد آخر حتى لو عشت فيه قروناً..لم أستطع البقاء فعدت واستثمرت ماكسبته..اشتريت هذه السيارة لأسترزق بها..العائد قليل لا يقارن بما كنت أكسبه في النرويج لكن هنا أشعر أنّني أتنفّس هوائي..أشعر أنّني في بيتي..نحب أوطاننا مهما قست علينا لأنّها تحتضننا مهما ابتعدنا"

صمت السّائق فرد عليه دحماني الحراشي :"

🎶🎶يا الغايب في بلاد الناس شحال تعيا ما تجري🎶🎶

تنهّد ياسين بعمق ووافقه بصمت ثم التفت خارج النافذة يحدّق للشوارع المكتظة..يحدّق للباعة المتجوّلين والأهالي الذين يصطحبون أولادهم فيمسكون ببعض ويتركون البقية يركضون أمامهم ويمرحون خلفهم فيصرخون فيهم ويسحبونهم بغيظ..ضحك وظلّ يشبع شوقه لبلده بهوائها وضجيجها وسكانها..

دندن ياسين مبتسماً وعيناه تدمعان:"🎶🎶 يا الرَايح وين مسافر تروح تعيا وتولي🎶🎶

صمت ياسين وهمس في سرّه بلوعة:"يابلدي الحبيبة..قسوتِ علي وأجبرتني على الهجرة لكنّني عدت إليك بعد أن أحرقني الشوق إليك..لم أستطع البقاء بعيداً عنك..عدت إليك مشتاقاً معتذراً..إغتظت من قسوتك ونسيت أياماً وسنوات أخرى سعيدة منحتها لي..ساعة عصيبة ولكن دافئة في بلدي بسنوات رغيدة ولكن باردة في المهجر"

يظلّ عشق الوطن مترسّخاً فينا..مهما ابتعدنا نعود إليه كسرب الطيور المهاجرة العائدة لأعشاشها دون بوصلة..

توقّفت سيارة الأجرة فودّعه السّائق بمودة:"مرحباً بك في بلدك مرة أخرى يا أخي"

ترجّل ياسين من السيارة وغير بعيد عنه ابتسم العم حليم بلهفة وهتف بحماس:"استعدوا ياشباب..سننطلق بعد دقائق"

🌈🌈🌈🌈🌈🌈🌈🌈🌈🌈🌈🌈🌈🌈

غير بعيد تعرّف عليها مع أنّها توليه ظهرها..رجف قلبه ودمعت عيناه وانطلق نحوها كطفل صغير..صعد للمركب بهدوء واقترب منها بهدوء وجلس بقربها بهدوء ثم أوما للعم حليم الذي هزّ رأسه بهدوء وانطلق بهدوء وكأنّه يخشى أن يخدش صديقه الأزرق فتعالت هتافات الرّكاب مهلّلين متحفّزين لجولة رومانسية في هذا اليوم المشرق الخاص بالعشّاق..

شعرت بأحدهم يجلس قربها وإحساس دافىء تعرفه جيداً يتغلغل لصدرها..إرتجفت وتسارعت أنفاسها وفاضت عيناها بالدّمع ولكنها لم تلتفت نحوه..وكل ما وصله منها تنهيدة مخنوقة ويدها العتيقة تعتصر حافة المركب..

إقترب أكثر وارتمى عليها يضمّها لصدره..وضع كفّه القوي على يدها المرتعشة العتيقة الدافئة واسترخى برأسه على كتفها الحنون ثم همس بلوعة :"إشتقت إليك حبيبتي"

تمسّكت بكفه وكأنّها تخشى فقدانه وانهمرت دموعها مدراراً ولكنّها لم تلتفت له..كتمت عويلاً عنيفاً هز صدرها الضعيف العطوف وهمست له بصوت متحشرج مبحوح:"هل اكتفيت من البعد ياحبيبي!!"

ترقرقت دموعه ولم يزحها وانهار على ظهرها ثم أجابها بشوق:"إكتفيت حتى اكتويت"

إلتفتت نحوه بلوعة وغرسته في صدرها مطلقةً سراح آهاتها المخنوقة منذ سبع سنين..تشبّثت به وهتفت بانهيار:"بعد الشر عليك..أفديك بروحي يابني"

أثارا انتباه الرّكاب..إبتسموا بتأثّر وهم يشاهدون تلك المسنّة تحتضن ذلك الرجل بقوة ولم يحتاجوا لتفسير ليعلموا أنّه لقاء بين أم وابنها بعد طول فراق في يوم العشّاق وهل هناك عشق يفوق عشق الأم لابنها!!..وهل هناك عشق أقوى و أصدق من عشق الأم لابنها!!..لا والله لا يوجد..

ظلّت تقبّله وتحتضنه وتتحسّس وجهه وكأنّها تتحقّق منه..تبكي وتبتسم وتداعب لحيته فيمسك يديها ويقبّلهما تارةً ويريحهما على خديه يتنعّم بكل تجعيدة فيهما ثم يضمّها كلّها إليه بجسدها الممتلىء الثقيل ويهمس لها بحنين:"إشتقتك إليك ياأمي..إشتقك إليك ياحبيبتي"

إلتفت نحوهما العم حليم وهتف بمشاكسة:"من يراها وهي ترفض التّحدث إليك كلّما اتصلت لن يصدق أنّها تحتضنك الآن وتقبّلك بهذه اللهفة يا ياسين..أمّك غدّارة"

ضحك ياسين وضمّ والدته التي تتشبّثت به وكأنّها ستعيده لرحمها وأجاب:"وأنا لم أكن أنظر لصورتها ياأبي..فإن فعلت كنت سأتصبّر وأطيل البقاء بعيداً"

هزّ العم حليم رأسه وأجاب بمزاح:"عنيد مثلها"

قاد العم حليم المركب بيد وبذراعه الثاني أشار لابنه بمحبة:"تعال لأعانقك يابني..إشتقت إليك ياياسين"

لم تتركه حسناء وظلّت متعلّقة به تبكي وتقبّل صدره فاقترب ياسين من والده واحتضنهما معاً هامساً بشوق:"إشتقت إليكما والداي"

عاد الرّكاب يحدّقون نحو ثلاثتهم ويبتسمون بتأثّر فأغلبهم من الجيران ويعرفون أنّ العم حليم لديه ابن واحد فقط..سافر منذ سنوات إلى الخارج وأطال البقاء حتى ظنّوه لن يعود..

بعد لحظات..همس ياسين لوالدته بمشاكسة وكفّه تداعب ذراعها بمودة:"أخبريني ياأمي!!..هل اعتنى بك أبي في غيابي!!"

كفكفت الخالة حسناء دموعها وحدّقت بغيظ نحو حليم الذي ابتسم لها بمرح وأجابت:"لم يفعل..يمضي أغلب وقته على هذا المركب"

ضحك الإبن ووالده ثم هتف العم حليم بشقاوة:"إعترفي أنّك تغارين يا حبيبة عمري"

إبتسمت الخالة حسناء ولكنّها أجابته بإغاظة وهي تندس في صدر ابنها الذي يتابع مشاكسة والديه باستمتاع وشوق:"لن أجيبك على هذا السؤال أبداً"

رفع العم حليم حاجبه بتحدٍ وأجابها بعناد:"وأنا سأظلّ أطرح عليك هذا السؤال دائماً"

إلتفت العم حليم للركاب وهتف بصوت مرتفع:"ياشباب..سنحتفل بعودة ابني الغالي أيضاً..لهذا الجميع مدعو لارتشاف أطيب شاي بالنعناع من يدي زوجتي الغالية"

هتف الركاب بحماس شاكرين مرحّبين بياسين الذي حيّاهم بلباقة ثم قبّل رأس والدته التي عانقته بمحبة وعادت تبكي بتأثّر..

سار المركب بهدوء وسط النهر الهادىء الأزرق وأسفل الشمس الدافئة وكل زوج يمسك يد زوجته ثم ابتسم العم حليم ونقر على جهاز الكاسيت الكلاسيكي فصدح صوت العندليب الأسمر الرخيم الذي يشاركه اسمه مانحاً الرّكاب جواً حميمياً مثالياً لهذا اليوم بالتحديد..

🎶🎶أنا لك علطول خليك ليا🎶🎶

صفق الجميع ثم صمتوا يصغون للأغنية الرومانسية ويرتشفون الشاي الساخن بالنعناع الذي وزّعته الخالة حسناء بإصرار منها رغم إلحاح ياسين لفعل ذلك لكنّها أصرت أن تقوم بذلك بنفسها لتحتفل برجوعه وكم امتنّت لزوجها الذي طلب منها تحضيره صباحاً ثم جلست بقربه واندست في حضنه تستنشق رائحة ابنها بعد طول غياب..

نهاية الفصل..قراءة ممتعة نلتقي الخميس القادم


لينافيفي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 04-03-21, 09:30 PM   #8

لينافيفي

? العضوٌ??? » 401034
?  التسِجيلٌ » Jun 2017
? مشَارَ?اتْي » 75
?  نُقآطِيْ » لينافيفي is on a distinguished road
افتراضي

الفصل الخامس والاخير
وضع خالد كوب الشاي جانباً بعد أن أنهاه سريعاً ليباشر عمله ثم أمسك سلة الورود وهمس لسلمى بحنان:"سأوزّع الورود على الرّكاب حبيبة روحي..لا تخافي لن أبتعد..أنا قريب منك..إستمتعي بهذا الجو الرائع..جولة نهرية وشمس دافئة وأغنية رومانسية"

أومأت له سلمى وقاومت دموعها ثم أجابته برقّة:"إذهب أخي لا تقلق علي.."

رأته يحوم حول الرّكاب ويبيعهم الورود الحمراء وبعض المقتنيات البسيطة من قلائد وأساور خاصة بعيد العشّاق..البعض كأخيها ينتظر هذا اليوم لينتفع منه..أخوها الذي يتكفّل بها منذ حادث والديهما الذي أسفر عن وفاتهما بينما أصيبت هي بالشلل..سنوات يعيلها ويهتم بها دون كلل أو ملل أو شكوى ولكن الحمل بات ثقيلاً عليه وعليها..لن تستنزف شبابه أكثر من هذا..لن تقبل أن يكرّس حياته لها وينسى نفسه..

ابتسمت سلمى بحنان وهمست بحرقة والدموع تتحجّر في عينيها التي تلاحق أخاها حيثما تحرّك:"يحق لك أن تجلس برفقة حبيبتك كغيرك الذين توزّع عليهم ورودك ياأخي"

لفتت سلمى نظر أحدهم فتأمّلها باهتمام ثم شعر بالجالسة قربه تتحسّس صدره بيديها الدافئة فقبض عليهما برقّة وقبّلهما واحتضنها إليه..

إرتشفت سلمى قليلاً من الشاي وهمهمت بتلذّذ كباقي الركاب الذين يمسك كل منهم كوبه بيده ويتلذّذ بمذاقه الخاص ثم وضعته جانباً وشردت..داعب نسيم النهر المنعش وجنتيها فالتفتت جانباً وأطبقت جفنيها باسترخاء..تستنشق الهواء العليل بعمق فيتغلغل لروحها ويربت على ألمها..شعرت بأشعة الشمس تطوف على وجهها بشقاوة فابتسمت ولم تفتح عينيها..إستسلمت لصوت عبد الحليم الرومانسي وأخفضت ذراعها ولامست مياه النهر العذبة الباردة وأبقتها هناك..تناست ساقيها الثقيلتين الجامدتين التي أحسّت بهما خفيفتين الآن وسرحت تسير وتركض وترقص..

**بعد قليل..

إستدار العم حليم برأسه وهتف بمرح:"ياسين هل تتذكّر قيادة المركب أم سبع سنين إستطاعت أن تنسيك!!"

أفاق ياسين من شروده وحدّق إليه ضاحكاً ثم نهض بعد أن قبّل رأس والدته فتبادل النظرات مع والده وأجابه:"دعني أثبت لك بالدليل ياأبي"

إلتفت ياسين خلفه للحظات وابتسم ثم عاد ينظر للعم حليم الذي غمزه بشقاوة وترك له قيادة المركب هامساً بتواطؤ:"ابن أبيك"

جلس العم حليم قرب زوجته حسناء واحتضنها إليه فاحمرت خجلاً وهمست بخفوت:"إستحي يارجل!!..هل نحن مراهقان!!..إبتعد"

شابك العم حليم يديهما التي تروي كل تجعيدة فيهما سنواتهما الطويلة معاً ثم أجابها بمشاكسة كعادته:"نحن خبراء العشق ياحبيبة عمري..عشقنا دام لسنوات تفوق أعمار الجالسين معنا..ثم تعالي إلى هنا..من لقي أحبابه نسي أصحابه أم ماذا!!..هل نسيتني بعد عودة ابنك!!"

هزّت الخالة حسناء رأسها بيأس من شقاوة زوجها المسن حبيبها وشريك حياتها وونيسها ثم ربتت على يده بيدها الثانية واسترخت على صدره العطوف الذي لطالما بكت عليه شوقها لابنهما الذي يقود بهما المركب أمامهما الآن ثم أجابته بمحبة:"ماأصبرني على غيابه إلاّ وجودك بقربي ياحليم"

ضمّها حليم برفق وأخذ يدندن مع العندليب الأسمر فضحكت حسناء ثم همست بمشاكسة:"حليم..أنت وحليم تتشاركان نفس الإسم ولكن ليس نفس الصوت ياحبيب عمري..أتركه هو يغني"

ضحك حليم ثم أجابها بمرح دون أن يبعدها عن حضنه:"معك حق يا مُحبِطة"

واصل ياسين قيادة مركب والده البسيط الذي أقسم لن يستبدله في هذه اللحظات لو قايضوه بيخت فخم مكانه..إبتسم وحدّق أمامه للأزرق الفسيح وجذب نفساً عميقاً معبّقاً بالنسيم المنعش الذي يصافح وجهه ثم همس بشوق:"ماأطيب رائحتك يابلدي"

عاد ياسين يلتفت خلفه وابتسم لوالديه ثم شرد غير بعيد عنهما وهمس بصوت أجش:"وماأجمل أهلك يابلدي"

🌈🌈🌈🌈🌈🌈🌈🌈🌈🌈🌈🌈

لم تبعد الخالة حسناء عينيها الحانيتين المشتاقتين عن ابنها الذي يلتفت كل حين نحوهما ويبتسم لوالديه بعطف وبعد قليل همست بريبة:"هل كنت تعلم بعودة ياسين ياحليم!!"

حمحم حليم بارتباك ثم أجابها مبتسماً بشقاوة:"سأخبرك إن أعطيتني الأمان ياحبيبة عمري!! "

زفرت الخالة حسناء بغيظ وعبست بتجهّم ثم أجابته من بين شفتيها المزمومتين:"أعطيتك الأمان..تكلّم"

كتم العم حليم ضحكته وشدّد ذراعيه حولها ثم أجابها:"أخبرني في آخر اتصال له أنّه ينوي العودة..كان سيعود قبل يومين لكن أنا..أحم..أحم..طلبت منه التّريث والعودة هذا اليوم"

وكما توقّع تململت الخالة حسناء بغضب بين ذراعيه وهمست بحنق:"لم تخفي عني عودته فقط بل أخّرتها ليومين كاملين وأنت تعلم بمدى شوقي له ياظااالم!!"

لم يتركها العم حليم وتشبّث بها ضاحكاً ثم همس لها بشقاوة:"أعطيتني الأمان ياحسناء"

حاولت الخالة حسناء الفكاك منه ولم يستطع ثم أجابته متهكّمة بغيظ:"أعطيتك الأمان لهذا ابتعد عني حتى لا أنقض عهدي وعد لقيادة مركبك ودع ابني يأتي لحضني"

صمت العم حليم وظلّ متمسكاً بها إلى أن هدأت ممتناً للعندليب الأسمر الذي سيطر على غضبها بصوته الرخيم وبعد قليل قرّب يده من يدها الممسكة بوردته وقبض عليها برفق ثم همس لها بصوت أجش ونسيم النهر يداعب وجهيهما:"إخترت هذا اليوم لأنّه يوم ميلادك الذي خرجتِ في نزهة على المركب لتحتفلي به قبل سنوات عديدة فرأيتكِ ووقعت صريع هواكِ ثم تزوّجتك سريعاً ليمنّ علي الله مجدداً وتنجبي ابننا في نفس التاريخ بعد سنتين من زواجنا..لهذا أردت أن تكون هديتي لك في عيد ميلادك أغلى هدية منحتني إياها في نفس التاريخ ياحبيبة عمري"

شهقت الخالة حسناء بصدمة وهمست بتأثّر:"تذكرت منذ ايام واليوم صباحاً أنّ اليوم عيد ميلاد ياسين وميلادي ولكن عندما رأيته قبل قليل نسيت ذلك تماماً حتى أنّني نسيت أنّه عيد ميلادي..فرحتي بعودته أنستني كل شيء"

داعب حليم يدها المجعّدة وابتسم بتفهّم ثم أجابها بحنان:"أنا لم ولن أنس أبداً ياحبيبة عمري "

بكت الخالة حسناء وابتسمت وأجابته وهي تتشبّث بذراعه:"أحبك ياحبيب عمري"

أزاح العم حليم دموعها برفق ثم هتف نحو ياسين بصوت مرتفع:"بني أوقف المركب..سنستمع بالجمال حولنا ثم نواصل الجولة"

أومأ له ياسين وأوقف المركب ثم توجّه نحو والديه فقرفص وضمّهما إليه..تشبّثا به وثلاثتهم يبتسمون من بين دموعهم بعد فراق طويل مزّق قلوبهم..

**
إشترى مروان مجموعة من الورود الحمراء وقلادة ذات قلب أحمر وابتسم لخالد ببشاشة ثم أهداها إلى أمال هامساً بهيام وصوت عبد الحليم الرومانسي يحوم حولهما بحميمية:"أحبك حبيبة قلبي"

ضمّت أمال الورود إليها وعيناها الدّامعتان شاردتان أمامها بتأثّر ثم همست بخفوت:"وأنا أحبك ياحبيب قلبي..أحبك أكثر من نفسي"

إقترب خالد من سلمى وجلس بقربها ثم ضمّها إليه وهمس بحنان:"هل أحببتِ الجولة حبيبة روحي!!"

أمالت سلمى رأسها على كتفه وأجابته مبتسمة والدموع تترقرق من عينيها:"أجل أحببتها أخي..شكراً لك..كانت فكرة رائعة..لهذا أحبك أكثر ياحبيب روحي"

كتم خالد تنهيدته واسترخي بذقنه على رأس أخته وصمتا معاً..شعر بها تتشبّث به وتفرك ركبتها بارتعاش فانفطر قلبه وأدرك أنّها تكتم بكاءها الذي يمزّق روحه عليها كل مرة يراها ويسمعها تبكي ترثي حالها وحاله..دمعت عيناه عطفاً عليها ولكنّه ابتسم وهمس لها الآن كما يفعل دائماً:"بل أنا من يحبك أكثر ياحبيبة روحي وسأظلّ أحبك"

**
في مكان آخر من المركب المتوقّف المتأرجّح بهدوء على النهر أسفل الشمس المشرقة..إبتسم مروان وهمس بصوت أجش يرافقه نغمات الأغنية الرومانسية:"قوس قزح"

قطّبت إمال باستغراب وتلفّتت حولها ثم أجابته بفضول:"أي قوس قزح!!..أين تراه!!..أنا لا أراه!!"

حدّق إليها مروان بابتسامة غامضة ثم ضمّ يدها في يده وجال ببصره حول المركب وأجابها بلهجة عاطفية:"أنظري هناك..الأم والأب يضمان ابنهما ويبكيان وهما يبتسمان فيرتسم قوس قزح على محياهما..أنظري إلى ابنهما يذرف الدموع ويبتسم لوالديه فيبزغ قوس قزح على وجهه..وانظري إلى الشقيقين هناك..إنّهما يبتسمان من بين دموعهما فيلوح قوس قزح على ملامحهما..أنظري هناك أيضاً..زوجات تبتسمن وتدمعن فيحتل قوس قزح وجوههن.."

عاد مروان ينظر نحو أمال فوجدها تبتسم بتأثّر والدموع تترقرق من عينيها فأزاحها عن وجنتها برقّة وابتسم لها بهيام ثم همس لها بصوت أجش وهو يشير لوجهها:"وهنا أيضاً قوس قزح لكنك لن تستطيعي رؤيته..تذرفين الدموع كقطرات المطر وتبتسمين في آن واحد كالشمس المشرقة في يوم ماطر فيبزغ قوس قزح على وجهك كما يفعل حينها في السماء"

فجأةً شعروا بالأمطار تنقر سطح المركب والشمس تتوسّط السماء بعناد ثم بزغ قوس قزح فالتفت الجميع نحوه يتأمّلونه بانبهار ومبتسمين تلقائياً لرؤيته وكلٌ يضم حبيبه إلى صدره..الأم والأب يضمان ابنهنا الذي يعانقهما..الأخ يضم أخته المتوسدة حضنه ..الأزواج والزوجات متشابكي الأيدي..وبعد قليل عاد العم حليم يقود المركب مواصلاً الجولة النهرية وصوت العندليب الأسمر يغرد بحميمية..

بعد بعض الوقت..أمسكت بيده فلفتت انتباهه وحدّق إليها بمحبة فرمقته بنظرات دامعة وهمست برجاء:"تزوّج"

🌈🌈🌈🌈🌈🌈🌈🌈🌈🌈🌈

بعد أسبوع..

دخل إلى الشقة ولم يكد يغلق الباب حتى هتفت بانهيار وهي تلهث بعد أن ركضت نحوه ماإن لمحته:"إلى متى ستظّل تخاصمني يامروان!!"

إلتفت مروان بهدوء وتطلّع إليها بوجه جامد مناقض لقلبه المنفطر على ملامحها الباكية ودون أن يجيبها تجاوزها متوجّهاً نحو غرفة نومهما فلحقته أمال وقبضت على ذراعه وعادت تهتف بعصبية:"أجبني..لم أعد أحتمل هذا الخصام والصمت القاتل منك!!..متى ينتهي هذا!!"

أبعد يدها عن ذراعه بهدوء ورمقها بصرامة ثم أجابها بحزم:"عندما تعاملينني كرجل وتعتبرينني رجلاً ياأمال"

إتّسعت عيناها بصدمة وفغرت فاهها ثم همست بتلعثم:"ماذا!!..ماذا تقول!!..كيف لا أعتبرك رجلاً!!..ماذا تقول يامروان!! "

إحتدت نظراته وعقد حاجبيه بتجهّم ثم أجابها بصوت هادىء ولكن حاد كنصل السيف:"هل تظنّينني أنتظر إذنك لأتزوّج ياأمال!!..هل تظنّينني رجلاً خانعاً ضعيفاً يخشى إغضاب زوجته فيحرم نفسه من حقّه الشرعي!!"

فهمت أمال مايقصده وتلاشت صدمتها..إنهمرت دموعها بمرارة وتهدّلت كتفاها بأسى ثم أجابته بنواح مبحوح وقلبها ينزف:"أنت عكس ذلك يامروان..أنت سيد الرجال..ولكن ظلم أن لا..لا "

تلعثمت ولم تستطع مواصلة كلامها الذي يذبحها بسكين بارد لكن مروان تابع عنها بسخرية مقاوماً شفقته عليها فالحزم معها هو الحل الوحيد ليقفل الموضوع الذي نغّص عليهما حياتهما مؤخّراً:" أن لا أتزوج وأنجب ياحبيبة قلبي"

إنهارت أمال على الأريكة وانفجرت باكية وصاحت بمرارة:"يؤلمني ذلك يامروان ولكن يقتلني أن تُحرم من الأطفال بسببي..أنا أحبك أكثر من نفسي..قلبي وأنوثتي يطالبانني بالصمت والأنانية لكن حبي لك يمنعني..حبي لك يجبرني أن أتغاضى عن وجعي وغيرتي في سبيل حصولك على الأطفال ياحبيب قلبي..أرجوك تزوّج يامروان..أرجوك..أريدك أن تضم إبنك وهو رجل وأنت مسن كذلك الربان قبل أسبوع..ألم تتأثّر يومها!!..ألم تحسده!!..ألم ترغب باحتضان طفل منك يامروان!!..تزوّج يامروان..تزوّج ياحبيب قلبي..أرجوك"

عبس مروان ورمقها بعطف وصوت بكائها ينحره وكلماتها تزيد عشقه لها فابتسم بحنان واقترب منها ثم قرفص نحوها وأمسك يديها وهمس بصوت أجش:" لا تقتلعيني من أرضك حبيبة قلبي"

هدأ انهيارها ولكنّها ظلّت تبكي منحنيةً بظهرها بقهر ثم أجابته بحرقة دون أن تنظر إليه:"أرضي بور ياحبيب قلبي"

رفض انتقاصها لنفسها ورمقها بتجهّم ولكنّه تمالك غضبه وأجابها بهدوء:"ألا تغارين علي!!"

زفرت باختناق وأجابته بارتعاش:"أغار ولكنّني أحبك أكثر يامروان"

جادلها مروان وهمس بجدية:"ماالذي يضمن لك أنّني سأنجب حتى لو تزوجت بأخرى!!"

إرتعد قلبها وجف حلقها لسماعه يتحدّث عن الزواج بغيرها لكنّها تجلّدت بعشقها له وأجابته بإصرار:"المهم أن تحاول..وأنت سليم يامروان"

صمت طويلاً فارتبكت ورفعت وجهها الباكي نحوه..شهقت من حدّة نظراته وارتجفت عندما قبض على ذراعها وهمس بشراسة والغيرة القاتمة تستعر في عينيه:"هل كنتِ ستتزوّجين غيري لو عكسنا الأدوار!!"

هزت أمال رأسها برفض قاطع وأجابته مباشرة وعيناها متّسعتان نحوه:"أموت ولا أكون لغيرك"

جذبها إليه بسرعة وحبسها في صدره محيطاً جسدها بذراعيه..تكوّرت كالجنين في حجره وعادت تبكي فربت على شعرها وأجاب بلوعة:"وأنا أموت ولا ألمس غيرك ياأمال.."

حاولت أن تعترض فعبس بحزم وسبقها مضيفاً بصرامة ضرورية وذراعاه تشتد حولها:"لو أردت أن أتزوّج غيرك لفعلت وأبقيتك لي أيضاً ياأمال..تعرفينني جيداً ياحبيبة قلبي..ماتطلبينه مني شرعي لكنّه يفوق مقدرتي..لا أرفضه من أجلك فقط ولكنّني أرفضه لأنّني لا أقوى على فعله ياأمال فلا تعذّبيني حبيبة قلبي..لا تغرسيني في أرض غيرك سأذوي وتجف عروقي "

إنهارت أمال باكية وتشبّثت بعنقه فضمّها مروان بحنان ثم هتف مشاكساً لها بلهجة متوعّدة:"إعترفي أنّك تريدينني أن أتزوج حتى تتخلّصي من عشقي لك"

تنهّدت أمال بإنهاك وتعلّقت برقبته فقبّل مروان جبهتها وأضاف بحنان:"لكنّك لن تنجحي أبداً ياحبيبة قلبي"

🌈🌈🌈🌈🌈🌈🌈🌈🌈

بعد أشهر..

أولاها ظهره وهمس بإصرار:"لن أفعل ياسلمى..فلا تلحّي..كم مرّة سأكرر لك هذا!!"

ضربت سلمى فراشها بعصبية وأجابته بقهر:"لماذا أنت قاس ياأخي!!..لماااذا!!"

إلتفت خالد نحوها ورمقها بصدمة ثم همس بذهول وهو يشير لنفسه:"أنا قاسٍ ياسلمى!!"

إنهمرت دموع سلمى بمرارة وارتجفت فوق سريرها وأجابته بنواح يدمي القلب:"أجل قاسٍ ياأخي..عندما ترفض الزواج وتعيلني مفنياً شبابك بسببي فأنت قاسٍ..عندما تضيّع سنواتك بسببي فأنت قاسٍ..عندما تجعلني أتعذّب لرؤيتك تركض هنا وهناك من أجلي فأنت قاسٍ..أريدك أن تعيش حياتك لا أن تخنقها بسببي ياأخي..أريدك أن تحب وتتزوّج كغيرك اللذين بِعت لهم ورودك..أريدك أن تهدي وردتك لحبيبتك..إلى متى ستحرم حبيبتك من ورودك!!..تزوّج ياأخي أرجوك..تزوّج وأسعد قلبي ياحبيب روحي"

أطبق خالد جفنيه بتأثّر وكبح دموعه بصعوبة وعاد يلتف عنها هاتفاً بإصرار:"حياتي فداء لك ياأختي.."

ضربت سلمى ساقيها وصاحت بألم:"حياتك لك ياخالد..حياتك لك..لا تعذّبني..إرحمني..أنا أموت كل يوم من أجلك"

ركض خالد نحوها وجلس قربها وضمّها إليه ثم هتف برجاء:"لا تبكي ياسلمى..لا أتحمّل دموعك..لا تبكي..حسناً سأتزوّج ولكن بعد أن تجري العملية"

تشبّثت سلمى بقميصه وأجابته بانفعال:"لا..بل ستتزوّج أنت أولاً ياخالد"

كانت سلمى ستواصل كلامها عندما رن هاتف خالد فتطلّع للمتصل ثم نظر إليها فارتبكت وعبست وابتعدت عنه وبعد لحظات كان باب منزلهما البسيط يُدق..

حبست سلمى نفسها في غرفتها دون جهد بسبب حالتها ورغم رفرفة قلبها لكنّها تظاهرت باللامبالاة غير أنّ دموع عينيها كشفتها..

بعد قليل..طُرق بابها فأجفلت ثم اضطربت عندما سمعت الخالة حسناء تهتف بحنان:"هل أستطيع الدخول ياابنتي!!"

سمحت لها بالدخول فدلفت الخالة حسناء لكنّها أبقت الباب مفتوحاً فلمحت سلمى خالد ورجلاً آخر يقفان خارجه..إحمرت خجلاً وتوتراً ثم ازداد اضطرابها عندما سمعت ياسين يهتف بجدية:"شقيقك لن يتزوّج إلاّ إذا تزوجتِ أنت أولاً ياسلمى"

هزّت سلمى رأسها وعادت تبكي وهتفت بانفعال:"لا..لن أتزوج..لا أريد شفقة من أحد..لن أتزوج"

هرعت نحوها الخالة حسناء وضمّتها إليها بعطف فارتمت سلمى على صدرها وظلّت تبكي وترتجف ثم سمعت العم حليم يهتف مشاكساً بصوته الودود:"تعال ياخالد..الإبن وأمه سيقنعان أختك..تعال يابني"

تطلّع خالد نحو أخته بلوعة ثم التفت متوجّهاً نحو العم حليم بعد أن ربت ياسين على كتفه هامساً بحزم:"دعها لي ياخالد..سأقنعها..لا تقلق يا صديقي..ثق بي"

كان ياسين وخالد قد تصادقا خلال الأشهر الماضية وتوطّدت علاقتهما وعندما طلب منه يد سلمى رفضت بسبب إعاقتها..

بكت سلمى وهمست برجاء للخالة حسناء وهي تتوسّد صدرها:"إطلبي منه الرحيل ياخالة"

إرتعد قلب الخالة حسناء ثم ربتت على شعرها برفق وأجابتها بابتسامة حانية:"إن طلبتُ منه ذلك سيرحل عني أنا أيضاً..فهل يرضيك أن يتعذّب قلبي المُسن الذي ماعاد يتحمّل فراقه!!"

صمتت سلمى وبكت بمرارة..قلبها يميل لياسين ولكن كبرياءها يرفضه فمن هذا الذي يرتبط بفتاة مُقعدة إلاّ إذا كان يشفق عليها..

جذبت الخالة حسناء نفساً عميقاً ثم عادت تهمس لها بمحبة وتجيب مخاوفها بحكمة وتفهّم دون أن تجرحها:"لو تعلمين كم أُحبك ياسلمى..لقد طلبتُ من ياسين أن يتزوّج ما إن عاد إلي ذلك اليوم في المركب قبل أشهر..أردته أن يتزوج لأغرسه هنا قربي في بلدنا..عندما جاءني بعد ذلك بفترة يخبرني برغبته في الزواج بكيت من شدة سعادتي وتمنّيت أن أحتضن الفتاة التي جعلته يقرّر الزواج والبقاء هنا قربي ياسلمى.."

هزّت سلمى رأسها وجادلتها بألم:"لأنّه يشفق علي ياخالة"

لم تجبها حسناء بل تولى ياسين الواقف قرب الباب يصغي إليهما دون أن يطل للداخل محترماً خالد وحرمة البيت..فعبس بصرامة وهتف بجدية:"أستطيع التّكفل بالعملية دون اللّجوء للزواج منك يا سلمى"

حفّزه صمتها وصمتت هي ترتعش بقلب ينبض بلهفة ثم اتسعت عيناها باهتمام وأصغت له عندما عاد ياسين يهتف بصوت أجش:"أنا إبن أبي ياسلمى..أبي أحب أمي في عيد الحب..عيد الحب الذي عدت فيه إلى وطني لأنّه يصادف عيد مولد أمي..رأيتك يومها على مركب والدي فاخترقني سهم الحب كما فعل بأبي عندما تأمّلتك تبتسمين لنسيم النهر وأشعة الشمس"

على بعد أمتار من غرفة أخته لم يتوقّف خالد عن التحدّيق نحوها بتخبّط..تجتاحه مشاعر متضاربة..سعيد من أجلها لأنّها ستجري العملية وتشفى ولكن رجولته تأبى تمرير ذلك لأنّ ياسين تكفّل بأغلب المصاريف فما جمعه هو من مال قليل جداً لا يقارن بتكاليف العملية الباهظة..كان سيرفض غير أنّ حبه لشقيقته تغلب على أي مشاعر أخرى..لو فضّل كرامته ستبقى أخته لسنوات طويلة أخرى تتعذّب فهو لن يستطيع جمع المال الكافي لعمليتها بسرعة لهذا اختار حبه لها..وهكذا يكون الحب الحقيقي..

حدّق العم حليم إليه بتفهّم ثم ربت على كتفه وهمس بتقدير:"بارك الله فيك ياخالد يابني..نِعم الأخ أنت والله..لم تتخلى عن أختك وبقيت تعيلها كل هذه السنوات وبالحلال..القرش الحلال أثمن من المال الوفير الحرام الذي يسهل الحصول عليه ياخالد..أنا فخور بك يابني وسعيد لأنّك ستصبح فرداً من عائلتي..أنت في معزة ياسين ابني يابني"

إبتسم خالد بارتياح وانزاح عنه ذلك الإحساس الثقيل الجاثم على كرامته فأومأ للعم حليم وأجابه بمرح:"وأنا أسعد وأشد فخراً ياعم حليم ولكن أختي عنيدة"

رفع العم حليم رأسه بصرامة ونهض هاتفاً بحزم:"رافقني ياخالد"

توجّها نحو غرفة سلمى وقبل أن يصلا إليها بقليل كان ياسين يهتف بجدية:"أعدك ياسلمى إن فشلت العملية وشعرت بالشفقة عليك سأنفصل عنك"

إرتبكت سلمى وابتعلت ريقها بمرارة ثم أجفلت عندما سمعت العم حليم يضحك ويهتف خارج غرفتها بمرح:"لقد وعد والدته قبل سنوات أنّه لن يسافر ثم سافر بعد ذلك..لذا لا تثقي في وعوده ياسلمى"

ضحك ياسين واجاب بصوت مرتفع مقصود:"شكراً لك ياأبي"

داعبت الخالة حسناء وجنة سلمى بحنان ثم ابتسمت لها وهمست بمحبة:"هل نقول مبروك ياابنتي!!"

صمتت سلمى بوجه محمر وعينان دامعتان فعاد العم حليم يهتف مشاكساً بصرامة:"ألا يوجد احترام للكبير هنا!!..مبروك ولنرى من سيعترض على قراري!!..هيا يا حسناء رافقيني واتركي زوجة ابننا ترتاح فوراءها خطبة بعد يومين..وأنت ياياسين خذ خالد وتفاهما على التفاصيل"

تعانق خالد وياسين مباركين لبعضهما ثم عانق العم حليم ابنه وهمس له بشقاوة:"إبن أبيك ياولد"

ضحك ياسين ثم انحنى وقبّل يد والده المجعّدة وأجابه بفخر:"ولي الشرف ياأبي"

🌈🌈🌈🌈🌈🌈🌈🌈🌈🌈🌈🌈

أوقف العم حليم المركب بعد دقائق ثم اقترب من زوجته وجلس بقربها وضمّها إليه فاسترخت الخالة حسناء على صدره وابتسمت ثم همست بلهفة:"إبننا سيتزوج ياحليم..لن يسافر..لن اسمح له بذلك..سأعجّل بزواجهما"

إبتسم العم حليم بحنان ثم مازحها وهتف باستياء:"لم أجلبك للمركب ونبقى وحدنا لتتحدّثي عن ابنك..إهتمي بي أنا فقط"

ضحكت الخالة حسناء وتطلّعت نحو قرص الشمس الوهاج أعلى النهر الأزرق العذب حيث يتأرجح بهما المركب بهدوء بينما تتوسد ظهر زوجها الحبيب العم حليم ثم شاكسته:"اليوم ليس عيد الحب ياحليم"

شرد العم حليم بملامح مبتسمة وأجابها بصوت أجش:"أيامي معك كلها أعياد حب ياحبيبة عمري"

بعد قليل..نهضت الخالة حسناء فعبس حليم وهتف بخشونة:"عودي إلى هنا"

عادت الخالة حسناء تضحك بحيوية كصبية تجالس حبيبها ثم أجابته بمرح:"سأسكب لك كوباً من الشاي بالنعناع ياحبيب عمري"

إبتسم العم حليم بشقاوة وأجابها:"آهاا...حسناً إن كان الأمر متعلّقاً بشايك اللّذيذ فلا بأس بذلك ياحبيبة عمري"

سارت الخالة حسناء برفق نحو جهاز الكاسيت وبحثت عن شريط معين ثم شغّلته وحملت كوبي الشاي وعادت نحو زوجها العم حليم..

جلست الخالة حسناء واسترخت بظهرها على صدر العم حليم بعد أن ناولته كوبه ثم صمتا يرتشفان الشاي مستمتعين بالجو الصيفي على المركب الراسي فوق النهر الأزرق العذب وفيروز بصوتها العاطفي تغرّد:"

🎶🎶حبيتك بالصيف🎶🎶
🎶🎶حبيتك بالشتي🎶🎶
🎶🎶نطرتك بالصيف🎶🎶
🎶🎶نطرتك بالشتي🎶🎶
🎶🎶وعيونك الصيف🎶🎶
🎶🎶وعيوني الشتي🎶🎶


إلتفتت الخالة حسناء نحو العم حليم وابتسمت له بحب لم تضعفه السنين بل زادته قوة وهمست له مدندنة :"

🎶🎶ملقانا يا حبيبي🎶🎶
🎶🎶خلف الصيف وخلف الشتي🎶🎶

إبتسم لها العم حليم بعشق لا يشيب ثم أعادها لصدره وأحاطها بذراعه هامساً بمشاكسة:"لا تملكان لا نفس الإسم ولا نفس الصوت ياحبيبة عمري..لذا اتركي فيروز تغني وحدها"

ضحكت الخالة حسناء حتى دمعت عيناها وشاركها حليم القهقهة ثم أجابته بغيظ مصطنع:"عجوز حقود"

عانقها وتشبثت بذراعه وصمتا يصغيان لفيروز على المركب المتأرجح على النهر العذب يعيشان حبهما الذي لم تهزمه سنوات ولا عوائق ولا أزمات..

**
غير بعيد عنهما كانت سلمى تطل من نافذتها وتبتسم بلهفة فاصطدمت عيناها بعيني ياسين الذي يجالس أخاها فرمقها بعمق ثم غمزها بوعيد فشهقت بخجل وارتمت على فراشها تضحك بعيون دامعة..

إلتفت ياسين وخالد نحو المركب حيث الزوجين المسنين وابتسما بتأثّر ثم همس أحدهما في سرّه برجاء:"أتمنى أن تعيشي مشهداً كهذا ياحبيبة روحي"

همس ياسين أيضاً في سرّه بامتنان ومحبة وعيناه على والديه وقلبه ينبض للمستلقية على بعد أمتار خلفه تضحك بسعادة:"سامحيني يابلدي..هاجرت منك ناقماً عليك وعندما عدت إليك كافأتني بحب آخر"

**
في أحد المباني المطلّة على النهر الأزرق..وقفت أمال عند شرفتها تتطلّع نحوه بشرود كعادتها ثم شعرت بذراعي مروان تحيطانها فاسترخت على صدره وابتسمت بهيام..

بعد لحظات..دققّت أمال النظر ثم أشارت بيدها نحو النهر وهتفت بلهفة:"هذا مركب العم حليم يامروان..أنظر إنّه هو أليس كذلك!!"

حدّق مروان نحو المركب باهتمام ثم ابتسم بمكر وأجابها بإيحاء:"أجل هو..أنظري إنّه برفقة زوجته فقط..وحدهما يعيشان حبهما معاً دون أي دخيل قريباً كان أم بعيد مع أنّ البعيد صار قريب لكنّهما وحدهما على المركب"

تجمّدت ابتسامة أمال وغامت عيناها بتأثّر أليم وصمتت لكنّها عبست بصرامة والتفتت نحوه بعصبية ثم هتفت بجدية والدموع تتحجّر في مقلتيها:"سأجبرك على الزواج"

رمقها مروان بعمق ثم ابتسم بمشاكسة وانحنى فجأة وحملها بين ذراعيه وأجابها بمرح:"إفعلي إن استطعتِ ولكن القرار لي يا "

شهقت أمال بإجفال ثم ابتسمت من بين دموعها المنهمرة على وجنتيها فنظر إليها مروان بهيام وتابع بهمس أجش:"يا قوس قزح"

🌈🌈الخاتمة

قطّبْت ورمشتُ باستغراب ثم التفت نحوها وتساءلت:"ألا تحبّين قوس قزح!!"

برّمَت شفتيها وأجابتني بامتعاض:"أحبه لكنّهم نسبوه إليهم"

رمشتُ أحلّل كلامها ثم تفطّنتُ لقصدها..إبتسمت وعدت أتطلّع نحو قوس قزح وأجبتها بإصرار:"لقد اغتصبوا أجمل منظر طبيعي ونسبوه لشذوذهم..قوس قزح منظر طبيعي بريء منهم ومن شذوذهم..كيف يقترن الطبيعي بالشاذ!!..يصفون مابينهم بالحب ومابينهم شهوة مشوّهة يحاولون تلميعها بألوان قوس قزح علّها تبيح طفرتهم المدنّسة..الحب الحقيقي الطبيعي كقوس قزح متعدد الألوان..حب الوطن..حب الأهل..حب العشاق..حب الأصدقاء مثلنا صديقتي..كيف ينسبون منظراً طبيعياً مختلف الألوان لمثليتهم الشاذة!!..قوس قزح يلمع وسط السماء بألوانه المختلفة كاختلاف أنواع الحب.،فهل يقترن الطبيعي بالشاذ!!..هل يقترن المختلف بالمثلي!!..لا والله..لن يشوهوا منظراً طبيعياً جميلاً طاهراً..لن نسمح لهم ولن نتركه لهم..نحن أحقّ به منهم"

أمسكت قلمي وعدت أكتب عنوان القصة بخط كبير واضح يلمع بالأحقية:"قوس قزح"


لينافيفي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 06-08-21, 08:58 PM   #9

AbuHossam

? العضوٌ??? » 430102
?  التسِجيلٌ » Aug 2018
? مشَارَ?اتْي » 97
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » AbuHossam has a reputation beyond reputeAbuHossam has a reputation beyond reputeAbuHossam has a reputation beyond reputeAbuHossam has a reputation beyond reputeAbuHossam has a reputation beyond reputeAbuHossam has a reputation beyond reputeAbuHossam has a reputation beyond reputeAbuHossam has a reputation beyond reputeAbuHossam has a reputation beyond reputeAbuHossam has a reputation beyond reputeAbuHossam has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   water
¬» قناتك NGA
¬» اشجع ahli
افتراضي

اكتفيت حتى اكتويت... صعْبَة

AbuHossam غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 02:43 AM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.