مقتطفات من كوكتيل 2000 جـ 2

[MooNy87]

- (زاهية) كانت تعمل لحسابنا ، من منتصف الستينات ، وقبل حرب يونيو.
حدق (فاضل) في عينيه لحظات ، ثم تهالك على مقعده ، ودفن وجهه بين كفيه ، متمتماً في لهجة حملت نبرة ارتياح :
- حمداً لله .. حمداً لله .. كنت واثقاً من هذا.
نفث (توفيق) دخان سيجارته ، وهو يتابع حديثه:
- كانت واحدة من أشجع فتيات (مصر) ، وكانت تعشق وطنها عشقاً لا مثيل له ، وتتميز بخبرة مدهشة في معرفة دروب وخفايا الصحراء.
وصمت لحظة ، ثم اضاف كالحالم :
- وكانت فاتنة.
رفع (فاضل) عينيه إليه ، وقال في حب وحنان :
- بل ساحرة يا (توفيق) .. لقد سحرتني وملكت شغاف قلبي .. لقد أحببتها منذ النظرة الأولى ، وصارحتني هي نفسها بأنها أحبتني بدورها ، وأنها ما جاءت إلا من أجلي أمس.
حدق (توفيق) في وجهه بذهول ، وهو يهتف:
- أمس.
ارتسمت على شفتي (فاضل) ابتسامة حانية ، وهو يقول:
- نعم يا (توفيق) .. لقد رأيتها أمس ، وهي أنقذت حياتي للمرة الثانية ، و ...
قاطعه (توفيق:
- ولكن هذا مستحيل يا (فاضل) !!
قال (فاضل) في مرح متوتر :
- لماذا ؟ .. إن (زاهية) تظهر دوماً عندما تحتاج إليها ، و ..
قاطعه (توفيق) ، وهو يحدق في وجهه كالمأخوذ :
- ولكن من المستحيل أن تأتي إليك أمس يا (فاضل) ؛ لأنها لم تعد تنتمي إلى عالمنا كله .. لقد لقيت (زاهية) مصرعها يا (فاضل) .. ومنذ شهر كامل.


بدوية - كوكتيل 2000 - د.#نبيل_فاروق

[MooNy87]

- لست خبيرًا بالآثار المصرية، إلا أنني واثق من أن المكان، الذي ذهبوا إيه، هو مقبرة فرعونية ملكية، فقد رأيت نقوشًا لخراطيش ملكية على جدرانها، ثن إن بها تابوتًا ملكيًا مغلقًا، ونقوشًا تصف رحلة صاحب المقبرة إلى الحياة الأخرى، ولكن..
بتر عبارته بغتة، وهو يهز رأسه مرة أخرى في حيرة، فسألته في فضول:
- ولكن ماذا؟!
تنهد مرة أخرى، قبل أن يجيب:
- رسم صاحب المقبرة لم يكن يشبه رسوم المصريين المعتادة!! بل هو شخص عجيب، صبغوا وجهه بلون أخضر، وشعره بلون أزرق، كما قرنوا كل رسومه بكرة من اللهب، بدت وكأنها تتبعه أينما ذهب.
انعقد حاجباها في اهتمام واضح، وهي تسأل:
- وما الذي يعنيه هذا في رأيك؟
مط شفتيه، وهز كتفيه، قائلًا:
- ربما يعني أن صاحب المقبرة ليس مصريًا.
تراجعت هاتفة في حماس:
- مستحيل!.. المصريون لن يدفنوا أجنبيًا في مقبرة ملكية مصرية!.. أنت تعرف كم يقدسون الموت، وكم يضفون عليه هالات خاصة، ولا يمكنهم منحها للأجانب قط.

(الكوكب العاشر) - كوكتيل 2000

[MooNy87]

أشارت مرة أحرى إلى المنضدة المجاورة، حيث رقد البديل، وأجابت:
- لقد أصابه رجالك في قلبه، وهو يحتضر، والوسيلة الوحيدة لإنقاذه هي عملية نقل قلب سليم إليه، بدلًا من قلبه التالف، وأنت تعلم فصيلة دمكما النادرة، إمكانية أن أقوم بالعملية وحدي، بمساعدة المعاون الاليكتروني.
أدرك (أكرم) ما تعنيه، وصرخ:
- - لا .. ليس قلبي.. أريد أن أحيّا .. من أجل الأكاديمية.
أجابته في صرامة:
- إنك لا تستخدم قلبك أبدًا يا (أكرم)، ولا حاجة لك به، وليطمئن قلبك بشأن الأكاديمية، فأنت وهو متطابقان تمامًا، وسيحمل اسمك وقلبك، بالإضافة إلى كبد سليمة، وسيحصل على الأكاديمية أيضًا..
صرخ متوسلًا:
- لا يا (سعاد) .. أرجوك.
قالت في صرامة:
- إنه يحبني يا (أكرم)، وليس لديّ بديل.
راح يصرخ متوسلًا، ومتضرعًا، ولكن المخدر القوي تسلل إلى رأسه في سرعة، فتراخت أطرافه، وفقد وعيه، وهو يعلم أنه لن يستيقظ من غيبوبته هذه المرة .. لن يستيقظ ابدًا..

(البديل) - 3

[MooNy87]

ولكن للقدر تصاريفه ..
فعلى الرغم من أن أحداً لايعلم مابينهما ، أصدر مدير البنك قراره بترقية (يوسف) إلى درجة رئيس قسم ..
نفس القسم ، الذي تعمل فيه (ثناء)..
وهنا هبط قلبها بين قدميها ..
لقد أصبح رئيسها ، بعد أن أدرك أنها قد رفضته ..
وسينتقم منها حتماً ..
كل الرجال يفعلون هذا ..
لا أحد منهم يحتمل رفض امرأة له ..
ولأن تلك الفكرة الاخيرة قد سيطرت عليها تماماً ، فقد استقبلت يومه الأول ، في منصبه الجديد ،بصرامة ورصانة حادتين ، بديا معاً أشبه برد فعل عدواني ، لم يجد أحد ما يبرره ..
ولكن العجيب أنه استقبل هذا بهدوء شديد ..
ودون لمحة واحدة من الغضب ..
كان حنوناً ، راقياً ، متفهماً ، إلى حد لم تتصور وجوده قط ..
ولكنه ما زال يتحاشى النظر إلى وجهها ..
مازال يخفي عينيه عنها ..
وفي أعماقها ، تولد شعور قوي بالندم وتأنيب الضمير ..
ولأنها شجاعة واثقة ،فقد ذهبت إليه مباشرة ، قائلة :
- أستاذ (يوسف).
رفع عينيه إليها في تردد متوتر ، وأطل منهما قلق ، فأكملت :
- أعتقد أنني قد أسأت استقبالك ، بسبب ..
قاطعها بسرعة:
ـلقد نسيت هذا تماماً.
نطقها بحنان جارف حزين ، اختلج معه قلبها ، قبل أن تتراقص على شفتيه ابتسامة باهتة ، وهو يتمتم مكملاً:
- ثم إنه لن يمكنني أن أغضب منك قط.
قالها ، ثم استدرك مرتبكاً:
- أعني أنك أفضل موظفة هنا ، و ....
قاطعته هي هذه المرة :
- أما زلت تنتظر ؟!
رأت في وضوح تلك الارتجافة ، التي سرت في جسده كله ، وهو يتطلع إليها مبهوراً ، قبل أن يهمس:
- الدهر لم يمض بعد.
تهللت أساريرها ، وهي تقول في خجل وسعادة:
- سأخبر أبي أنك ستزورنا غداً.
سألها بكل لهفة الدنيا:
- ألا يمكنني أن آتي اليوم ؟!
_____
(عملية الأستاذ) - 29

[MooNy87]

تدحرجا مع قتالهما، نحو الجزء العميق من الحوض ، ثم توقفا في منتصف الطريق ، ونهض الدكتور (حسن) ، وهو يقول في غضب :
- لن تحتكر هذا الشيء وحدك .. القانون لا يمنحك هذا الحق.
نهض الدكتور (علي) بدوره، وهو يقول:
- وأنت لن تحصل عليه، ما دام في صدري نفس يتردد.
همَ الدكتور (حسن) بالتعقيب، ولكن ..
فجأة ، انفصل جزء من جدار الحوض، على قيد مترين منهما وتحول فجأة إلى فكين كبيرين، لهما أبشع أسنان رأياها في حياتهما كلها، وهو ينقض عليهما، فأطلقت (أحلام) صرخة رعب لا مثيل لها ..
كان هذا هو الشيء ..
وكانا هما وجبته ..
وجبته الآدمية ..
___
الشـــيء - 17

[MooNy87]

ارتفع في هذه اللحظة النداء الأخير ، الذي يدعو ركاب طائرة (مصر للطيران) ، المتجهة إلى (القاهرة) ، للتوجه إلى الطائرة ، فألقى (رفعت) نظرة أخيرة على الشاب ، وقال:
- هيَا .. اذهب مع (نسيم) .. إنها تنتظرك وتحتاج إليك.
قال الشاب في حيرة :
- من هي ؟
أجابه في تأثر شديد :
- (مصر ) يا (فاي ) .. (مصر) تنتظر خدماتك .
انتفضت عروق الشاب ، وهو يقول:
- رقبتي فداء لها.
___
البعث (20)

[MooNy87]

واصل طريقه في هدوء وبساطة ، وهو يطلق من بين شفتيه لحناً شعبياً شهيراً ، حتى بلغ مكتبه ، فتوقف متسائلاً:
- ترى أعادت (غادة) إلى منزلها ، أم انها لا تزال تصر على تسجيل كل مالدينا من بيانات في الكمبيوتر ؟
صعد إلى مكتبه في بساطة ، ولم يكد يبلغه ، حتى عقد حاجبيه ، وقال في قلق :
- لماذا تركت الباب مفتوحاً؟
اندفع داخل المكتب ، ولم يكد بصره يقع على (غادة) ، الفاقدة الوعي ، وسط بركة من الدماء ، حتى هتف في جزع :
- يالهي ! .. (غادة).
وانحنى بسرعة يلصق اذنه بصدرها ، ويقيس نبضها ، ثم استطرد :
- نبضها ضعيف للغاية .. لقد فقدت الكثير من دمائها.
ودون أن يضيع لحظة واحدة في التفكير ، حمل جسد (غادة) ، وأسرع يهبط في درجات السلم كالصاروخ ، وانطلق إلى أقرب مركز إسعافي ..
ومع انطلاقه ، كان قلبه ينتفض كطير ذبيح ..
ولم يكد يبلغ المركز ، حتى حمل (غادة) إلى الداخل ، وهتف بالطبيب (النوبتجي):
- أسرع أيها الطبيب .. أسرع.
أسرع إليه الطبيب المعالج ، وهتف وهو يتظر إلى وجه (غادة):
- يالهي ! .. هي مرة أخرى.
هتف به (نديم):
- أسرع يا رجل.
انحنى الطبيب يفحص (غادة) في اهتمام ، ثم لم يلبث أن أعتدل ، وهز رأسه في أسف ، قبل أن يلتفت إلى (نديم) ، قائلاً:
- لقد تأخرت أيها الشاب .. تأخرت كثيراً.
وارتجف قلب (نديم) في لوعة ..
___
العقرب (المندوب)_6