آخر 10 مشاركات
متاهات بين أروقة العشق(1) *مميزة و مكتملة* .. سلسلة قلوب شائكه (الكاتـب : hadeer mansour - )           »          حَمَائِمُ ثائرة! * مميزة ومكتملة * (الكاتـب : Lamees othman - )           »          أكتبُ تاريخي .. أنا انثى ! (2) *مميزة ومكتملة * .. سلسلة قلوب تحكي (الكاتـب : كاردينيا الغوازي - )           »          غريق.. بين أحضانك (108) للكاتبة: Red Garnier *كاملة* (الكاتـب : Gege86 - )           »          جدائلكِ في حلمي (3) .. *مميزة و مكتملة* سلسلة قوارير العطّار (الكاتـب : كاردينيا الغوازي - )           »          روايتي الاولى.. اهرب منك اليك ! " مميزة " و " مكتملة " (الكاتـب : قيثارة عشتار - )           »          مهجورة في الجنة(162) للكاتبة:Susan Stephens (كاملة+الرابط) (الكاتـب : Gege86 - )           »          [تحميل] بسمة مدفونة في خيالي ، لـ ضاقت انفاسي (الكاتـب : Topaz. - )           »          منحوسة (125) للكاتبة: Day Leclaire (كاملة) (الكاتـب : Gege86 - )           »          معلومة بتحكيها الصورة (الكاتـب : اسفة - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى الروايات والقصص المنقولة > منتدى الروايات الطويلة المنقولة الخليجية المكتملة

Like Tree120Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 11-08-21, 09:32 AM   #21

فيتامين سي

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة

alkap ~
 
الصورة الرمزية فيتامين سي

? العضوٌ??? » 12556
?  التسِجيلٌ » Jun 2008
? مشَارَ?اتْي » 42,436
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » فيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي




.
(البارت التاسع عشر)

بُرهان كثر ماكان منذهل إنه خرج عن إطار النص وما أستعان فيه أببببداً كثر ماكان مبسُوط وجداً جداً إن هالوهّاج الليّلة كان مثل نجم عالق بسرمديّة الدُجى المعتم ! توهّج هالليلة دون علمه
إنرسمت على ثغره إبتسامة فخر بسبب إنقلاب التعليقات الكارثي .. لدرجة إن الكل بدأ يطالب فيه
كون كلامه لمس الوتر الحساس لهم .. وجاء بالوقت المُناسب .. كعادة وهّاج " ملك التوقيت المُناسب "
-
-
تحت هالطابّق .. كانت المشاعر مِهتاجة .. عميقَة
" مُتناااقضة " وغريبة .. غريبة جداً
كانت تستمع بكل جوارحها .. بيّبان قلبها مِشرعة لكل جملة أنقالت .. تناقضت جداً هاللحظة بسببه
مرة تقول إنه ثائر بوجة الدنيا من كثر ضيّقه
وعانى كثير لدرجة ماوده يعاني أحد معه ومرة تقول إنه يحب يشوف العنى بحياة الناس .. يحبّ يستلذ بعذابهم ..
كثر ماكان وهّاج متناقض بسببها .. كثر ماصارت تعاني هالتناقض بسببه !
ولكن هاللحظة نست كل الي حصل وصارت رهيّنة مشاعرها وأسيّرتها لدرجة إن قلبّها الي تحكم بعقلها " الآن فهمت من وين تنبّع حكمتك وعمق حرفك .. الآن فهمت ليه كلامك هذا له القدرة على علاج سقم الرُوح .. كل ذا لأن روحك جربت الكثير من الأسقام عشان كذا أنت الخبير بعلاجها .. عرفت اليوم أنها لا توجد حروف مؤثرة إلا ويكون وراءها قلب أحترق ألف مرة وعاش تجارب قاسيّة "
إنتّشلتها برِيق وبشدة من عمق مشاعرها والحرب الطاحنة الي كانت تخوضها وهي تقول بعصبية بعدما تخصّرت : من الي سمح له يجي محل بُرهان؟
أستعادت وعيّها بسبب صراخ برِيق العالي ورفعت يدها وهي تحك حاجبها بإستغراب
بينما بريّق تأفتت وهي تجلس : صحيح كلامه عميق ما أختلفنا .. وصحيح ما توقعت هالفصاحة من وهّاج .. بس يضل بُرهان غير غير
تنهدت دُجى وهي ودها تسألها" ليه هي مضطرة تسمع صوتها العالي هذا" شخصيتها كانت غريبة تماماً .. عكس شخصيّة ضرار الهادية الرايقّة
ولكن بريّق تخلت عن هالموضوع وهي تقول : أعتذر تأخرت الوقت .. بس ما أعرف ليه تأخر
دُجى ناظرت للساعة وتضايّقت لأن فعلاً ماعندها أحد يوصلها بعد هالوقت ! مع ذلك إلتزمت الصمت
وبقت برِيق تترقب وصُول ودِيع بينما دُجى تتصل على أبوها لعله هالمرة يستجيّب ويرد .. وبعد لحظات عقدت برِيق حواجبها وهي ترفع عيُونها لدُجى : أشّم ريحة غريبة .. وكأنها ريحة شيء يحترق .. تشميّنها ؟
دُجى سكتت للحظات وهزت رأسها بالنفي بيّنما بريق وقفت بخوف وهي ترفع رأسها وتأشر على الدخان الخفيّف الي بالغرفة
وقفت دُجى بإرتبّاك وهي تتجه على طول لفيش الكهرباء لعله منه ولكن تطمنت إنها مو منه ..
-
. وقبل ما تتكلم دُجى توجهت برِيق للباب الي يفصل غرفة المشغل الداخليّة عن الصالة الخارجية وصالة الإستقبّال .. مسكت قبّضة الباب وشدتها بكل قوتها.. ولكنها سُرعان ماا صررررختتتت بكل طاااقققتها بيّنما دُجى تجمدت كل أطرافها وماقدرت تخطي خطوة وحدة من مكانها .. ومن شدّة الرعب صرخت بكل جوارحها وهي ترتجف بصدمة وذهول .. وبرعب أخترق قلبّها الي بدأت نبّضاته تتلاشى من شدة الرهبّة
-
-
وعلى أعتاب صالة بُرهان .. كان واقِف وهّاج وحمل من صدره إنزاح بكل قوة .. ماكان يدري إن الكلام أحياناً يكون وسيّلة للراحة .. كان دائماً يظن إن الصمت هو ملجأه .. والكِتمان حله الوحيّد
ولكن نظـرته تغيـرت وجداً بعد هالحّدث .. رفع معصمه وهو يِتحسس ساعته الذهبية العريضة .. ويتأمل الساعة الي صارت الحاديّة عشر مساءً .. عض على شفايّفه بقهر ورفع بصره لـ بُرهان وهو يقول : تأخر وقـتي هنا .. لـي عهد أبقى على بابـه !
هز رأسه بُرهان بإبتّسامة وخلف هالإبتسامة سيّل من الإمتنان العظيّم .. للحظة كان بيبقى شاكِر لمرضه الي ترك وهّاج يلين ويجرب هالتجرُبة العظيمة .. وعلى إثر كلام وهَاج سمعو أصوات عاليَة ولاهي عاليّة كثر ماتُنصف تحت مسمى " صراخ" كان أصوات الصراخ من تحت الشقة كارِثي وكثيّر حيل .. لدرجة إن وهّاج أستنكر الموضوع وميّل شفايفه بإستنكار : وش صـاير للعرب بأنصاص اللّيالي !
بُرهان زمّ البطانية له برعشة وقال بضحكة : لعل مُعجبينك بعد ماأنتيهت من أمسيّة الليل أصطفو تحت المبّنى لأجل توقيعك
ناظره بطرف عيّنه وبسخرية كبيرة وبُرهان حك لحيته بإحراج .. ولكنه بسرعة رمى البطانيّة لما ألتفت وّهاج بكل عجلة وهو يركض بأقصى طاقة له لخارج الشقة .. إنتفضت جوارح بُرهان من سُرعةوهّاج ومن أصوات الناس الي زادت حدتها وعرف إن الموضوع ماهو بمحط سخرية أبداً !
وهذا فعلاً الي صار .. نزل بُرهان بخطواته المُتعبة وناظر لوهّاج ماسك رأسه بين يدينه وعيُونه تراقب ألسّنة اللهب الي تمردت من بعض الشبّابيّك الخلفية .. لمح نظرة الحسّرة والصدمة للنار الي تلتهم كل شيء تقترب منه .. بُرهان كان مصدُوم مذهُول لدرجة إنه مافكر ولا واحد بالميّة إن المشغل يحتوي على أشخاص وهّاج فسّخ جكيته الأسود وأقترب من الرجال الي نازل بسطل المويّة .. وغمر جاكيته بكل قوة في سطل المويّة وهو يصرخ عليهم يتصلون بالدِفاع المدني .. بُرهان قرب منه بسرعة ومسك كتفه بصدمة : ناوي على موتك يارجُل ؟؟ النار أكلت كل مكان مالك لوى بدخولك هاللحظة
دفعه بخوف وهّاج وهو يقول : لايكون أحد داخل .. لايكون فيه أحد
بُرهان رجع يسحبّه بقهر وهو يهزه : هالوقت متأخر محد بيكون بداخله .. أنت بايّع حياتك ومشتري موتك ؟ لو دخلت ماعاد رح تخرج حييّ
غمض عيُونه وهّاج .. قلبه ينتفض ، يرتعش ، ينعى نبّضاته .. شعور بداخله يقول هي داخل .. هي موجودة .. أصوات صراخ خافِتة تصل لمسامعه
ولايدري يصدق عقله الي يقول " من الي بيبقى لهالوقت ؟ " وقلبه يقُول " لو فات الفُـوت وراحت من بيّن يدين الحياة بتسّامح عقلك بسهولة يا وهّاج ؟"
وبعد هالحرب الطاحِنة والمشاعر المُتناقضة كعادته .. هز رأسه بالنفي الشديّد .. وهو يبعد يدين بُرهان عنه ويقول : أموت مرتّاح البال .. ولا أعيش وأنا سُود الليالي لاصار بيّن حدود هالمبنى جثّة محروقة وكان بيدي أساعدها
أخذ دلو الماء الي قدامه .. وأبّتعد عن بُرهان وهو يدخل بكل غضَب وبكل خوف لداخل المبّنى المُتهالك
عصب بُرهان وهو يلتفت لكُل المشاهدين .. اللي يصور .. والي يتصل .. واللي يراقب ويتأمل .. والي يركض يحاول يطفي الي قدامه بالماء .. ولاواحد منهم تهور وقال بتنازل عن حيّاتي لأجل الغريب .. ليّه هالوهاج مُصر على الموت بكل فُرصة تتقدم له
غمض عيُونه الحارة وهو يمسّح على وجهه بكل تعب .. وأقترب وهو ينزع جاكيته ويغرقه بالمويّة نفس فعلة وهّاج .. صرخ بصوته العالي وهو يستوقفه : إنتظرني .. لعنبُو هالقلب الي معك يا وهّاج
كان يناظر للباب الداخِلي الي أحترق من شدّة حرارة النار .. واللي تلاشى أصلاً وكأنه ماكان
إقترب وهو يتلحف بجاكيته ويتلثم بغترته وهو يلقي بنظرات سريّعة للمكان .. توسَط صالة الإستقبال وبدأ يسعُل بشدة بسبّب الدخان الكثيف اللي تسلل لرئتيّه وأتعبّها وبشدة ولكنه قاوم .. قاوم لأن صوتها الباكِي فعلاً تسلل لمسامعه .. وعرف إنها على بُعد خطوات قليّلة منه !
كان يحاول يدقّق بالنـظر للمكان .. لأن الدخان كثيَف .. والنار أشعلت كل مكان .. فكان صعب عليَه يميز شيء من أول نظرة .. ولكنه يتحرك وبكل عجلة بين كل مكان ومكان لأجل ما توُصله النـار !
ومن لمح البّاب الي أنهار بوسَط الغُرفة الداخِلية حتى أقترب وبسرعة وهو يناظر لأطراف المكان !
-

أما عن دُجى فكانّت منحنيّة للأمام وتسعُل بكل شدة وهي تبّكي بخوف شديّد ويدينها على صدرها
وعيُونها مثبّتة على برِيق الي جسّدها مُثبت على الأرض بلا حركة !
مـر شريّط ذكرياتها أمامها مثل لمح البصّر .. حياتها الي أمتدت لـ ٢٦ سنة مرت بثواني معـدُودة قدام عيُونها .. تلاشت الحـيّاة بنظرها .. وأيقنت إنه ميّتة هذه اللحظة لامحالة .. كانت تناظر للنار الي تنتشر بكل سلاسة للمكان توجّهت للشبّاك وكانت بتفتحه بس تذكرت وش صار لما فتحّت بريق الباب .. شعلة النَار كانت عنيّفة وقويّة وعجوُلة لدرجة أنها بدقائق معدودة قدرت على إنَهاء نصّف مبّنى !
سحبّت جسَد برِيق من قدام النّار اللي تتوجه بكل شراسَة لهم وهي مصعوقة من اللي تشُوفه ولكن الوضع الي هم فيّه ماكان يسمح لها أبداً تعيش هالذهُول بحذافِيره
أبتعدت عن برِيق وهي تحاول تلاقي طريّق للخروج ولكن النار الي تقترب منهم كانت قويّة لدرجة إنها عجزت تماماً تلاقي حل
غمضت عيُونها وهي تبّكي أكثـر وأكثـر لدرجة أنها نست تماماً كيف تِتنتفس .. ولأن ماكان لها سبيّل للخلاص من هالنّار اللي أنتشرت بالمكان .. ولكِنها كانت على قيّد الأمل .. على قيّد الرجاء
بأن هالشّدة بتزُول .. وإن هالنّار بتنتهي هالمعركة بخسارتها .. كانت مُوقنة إنها بعد دقايّق بتكون بخير .. كيّف ؟ ماتعرف ولكنها أكيّد كلها تساؤل عم هالشيء
وقبّل ما ينتهي العشّم الكبير الي بقلبّها والأمل إنها بتكون بخيّر .. إنرشت قطرات ماء كثيّفة على باب مدخل الغُرفة .. وعقدت حواجبّها وهي تتأمل الشخص الي يحارِب ألسنة النار بجسّده .. ألتفت يدينها حُول صدرها لعلها تُطمئن روحها الهائجة من شدة خوفها .. ومن أستقام قدامها .. وتلاقت عيُونه بعيونها حتى تعرفّت عليه .. بقّت ثابتة بمكانها وكُل اللي صار إن عيونها فائضة بالدمُوع .. وهو قضّم شفايفه بحسّرة شديدة من إن حيّاتها كانت بتنتهي اليوم لو تبِع عقله !
تأمل شكلها الخايّف للحظات .. وسُرعان ما صد بسرعة ونزع شماغه بكل عجلة عن وجهه وهو يقتِرب منها .. رمى الشمّاغ بكل عجلة لها .. ولكن هي باقيّ على نفس حالها .. الخوف والرُعب تلبسّها لدرجة إنها من لمحت وهّاج بقت عاجزة عن الحركة وهّاج الي كان صاد عنها .. رجع يلتفت ومن لمحها على نفس حالها صرخ بقهر : ناويّة تمُوتين يا آدمية ؟
أستوعبت الموقف وهزت رأسها وهي تحاول تستعيّد رُشدها .. كانت خايّفة وجداً .. خايّفة يزُورها هالمرض باللحظة ذي .. الحزن والخوف الي قدر على نفسيّتها بهالدقائق كان قادر تماماً على جعلها تفقد وعيّها لسنيّن طويييييلة !

أخذت الشماغ ولفته بعجل على وجهها .. وسِمعت صُوت وهّاج الي قال : تلثِمي فيّه لأجل ما يوصلك الدُخان !
وهذا فعلاً اللي سوته .. قبّل ما تتحرك خطُوة وحدة أقترب وّهّاج ورمى الجاكيت على كتوفها .. وهو يسحبها بعجلة من المكان .. ولكن خطواتها كانت ثابّتة .. وقبل ما يصرخ عليها من شدة قهره .. وكأنها ببُرودها هذا ناويه على موته وموتها هذي الليلة .. نطقت بصوت خافِت ومهزُوز من شدة أعراض التغيّق اللي جاءتها : فيّه شخص ثاني بالمكان
أصوات الصخب العاليّة حالت بين وهّاج .. وبين سماع كلامها .. خصُوصاً إن جسّد برِيق كان مُتوارى عن نظره تماماً .. رفعت يّده وهي تأشر على المنطقّة الي تحتوي جسّد برِيق .. وقبل ما يلتفت وهّاج .. تلاشت قُوة دُجى عن الوجود .. وكان جسدها المُثقل من التعب بيهوى على الأرض لولا يدين وهّاج الي تثبّت فيه .. صرخ بقهر وكله حسّرة وضيق : ليييه دائماً تختارين الوقت الخطأ لتصرفاتك هذي .. يااارببب تكفى لا تخيّبنا .. لا يخيّب العهد ولا يمُوت شخص وأبقى بهالعذابّ
لمح بُرهان يدخل وعلى جسده جاكيته .. ومن لمحه تصاعدت الراحة بشكل قليَل لصدره .. ولولا جسّد دُجى الي متوسط ذراعين وهّاج لكان رجع يشوف المكان الي أشرت عليه .. ولكنه هاللحظة أستعان ببُرهان فنطق بعجلة : إستّعجل يا بُرهان .. أظن فيه شخص ثاني
بُرهان الي تلاعب به الهم هاللحظة.. وهو يشوف حالة وهّاج المُدمرة وبشدة من النار .. والجسّد الخالي من الحيَاة الي بذراعيّنه .. تفاقم القهر بصدره لأنه كان ناوي يردعه ويترك شخصيّن يحاربُون المُوت لوحدهم !
أقترب بكل عجل للمكان الي أشر عليّه وهّاج .. وتسللت لمسامعه أصوات آهات خفيّفة وتمتمة غير مفهُومة وصوت بكاء خافِت .. دنى برقبته للأرض وشهق بصدمة هو يلمح هالجسّد مرمي بكل قوة على الأرض
تراقص الخُوف بروح بُرهان .. اللي سُرعان ما أنحنى بعجل شديَد وهو يقيّس نبضات هذا الجسَد المُتهالك .. كانت خفيّفة وجداً .. خافِتة وكأنها تحاول توديّع الحياة !
بلع ريقه بصعوبة .. وسحب جاكيته وهو يغطي نصفَ جسَدها فيه .. ورغُم تعبه اللي عاشه قبل دقايّق من الآن .. إلا إنه باللحظة هذي تماماً
تناسّى التعب .. وتناسّى المرض .. وأخذها بعجل شديَد وهو يدعي فعلاً ما تكون هذي آخر لحظاتها بالحيّاة .. بالوقت الي كان فيّه بيخُرج من الغرفة .. إنتشرت ألسنّة النار الكثيّفة قدامه .. لدرجة إنه توقع لوهلة إنه بيبّقى أسيّرها مع هالجثّة !
-غمض عيُونه بإرهاق شديّد وهو يقترب أكثر من الباب .. ويحاول يتفداها بدون ما تتعرض ههالي بيدينه للنار من جديّد .. ولما خُفتت للحظة مر مثل البرّق من بينها وتحاشاها بكل صرامة .. ولكن صالة الإستقبّال صارت تماماً محترقة لدرجة إنه بيعجز عن خطو خطوة واحد برى أطرافها .. صرخ من حُر النار الي أشتعلت بصدره مثلما ماهي مشتعلة قدام عيُونه : يااارببببببببب دخيّلك
كانت هالصرخة بمثّابة إنذار كبير لأصوات رجال الدفاع المدنيّ اللي ملؤو المكان .. والي بدأت إستعداداتهم الكبيّرة للدخُول بهالمعركة مع النار وهذا فعلاً اللي صار .. باللحظة الي صرخ فيَها بُرهان كانو رجليّن من الدفاع المدني يحاولون الدخُول للمبّنى .. بيّنما البقيّة مستلمين خرطُوم الميّاة .. دخلُو لصالة الإستقبّال الي تلاشت وبقى مكانها رماد وبقيَة حياة .. وشخصيّن يتخبطُون يحاولون النجّاة ! إقترب بعجل شديّد وهو يساعد بُرهان بحمل هالجسّد .. والشخص الثاني كان مسّتلم مُهمة تطفئة النار الي حولهم والي تحاول تتمكن منُهم !
بُرهان كان عاجز تماماً عن التنفس بالشكل الطبيّعي والصحيّح .. ولكن كُل إنتبّاهه كان مع هالجسّد الي بين يدينه .. كان مغطي وجهها بشماغه .. وجاكيته على بقيَة أطراف جسدها .. ويدعي .. يدعي من كل قلبَه إنها تحب الحيّاة لأجل ما يتمكن منها الموت بسهُولة !
-
وهّاج الي كانت دُجى بين ذراعينه .. جثّة هامدة تحاول النجّاة من مرضها قبل هذه النار .. ولسوء حظها أنها يومين على التوالي نسّت تماماً شرب العلاج الي يهدي من أعراض هذا المرض !
خرج من المكان بعجلة شديّدة وهو يناظر للتجمهُر الكبير حول المبّنى سبّهم وشتمهم من كل قلبّه على مُراقبتهم الهاديّة وصوت صراخهم ملأ المكان .. بيّنما ولا شخص منهم كانت عنده القدرة اللازمة لمساعدة الي كانو يلتهبُون من شدة الحرارة !
تأكد من إن جسّدها مُغطي من كل جهة .. ومُغطي عن كل عين حتى عن عيّنه .. ولما تأكد رفع رأسه وهو يناظر الدفاع المدني الللي وصل ووراه الإسّعاف إحتيّاط لو كان داخل هالمَبنى ناس !
إستقّرت سيّارة الدفاع قدام المبّنى .. وباشرو بالتجهيّزات .. بيّنما المُسعفيّن أول ما توقفت سيارتهم نزلو مع النقالة بكل عجلة وهم يناظرون للمكان بصدمة شديّدة .. بين الإتصال ووصولهم دقائق بسيطة فكيّف تدمر هالمكان بكل هالسرعة ؟ وقبَل ما يتحركون خطوة زيّادة للأمام صرخ وهّاج من كل قلبه وهو يناديّهم .. والي فعلاً إستجابُو له وتقدمو بكل عجلة .. ومن أنحنى المُسعف وكان بيأخذ دُجى من بيّن يدينه .. وبوسطّ التوقيت الخطأ !
تلاحقت كُل ذكريّاته عن اليوم الكئيب بشكل كبيّر لدماغه باللحظّة هذي .. شُعاع لما كانت بحضُنه جسّد هامِد .. المُسعِف اللي حاول ينتشل ههالجسّد من بين يدينه .. أصوات الصخب العاليّة الي تُحيّط هالمكان .. ذكرياتهم المُرعبَة وأحزانهم ماكان عندها الرأفة لأجل تنتهي .. أو حتى تختار الوقت المُناسب للظهور ! كانت تُعلم مجيئها بأشد الأوقات حِلكة وظُلمة ! وكأنها تذكره بكل مرة بأنه رح يبقى يعاني طول حيّاته .. رح يبقى أسيّر وجعه الي حاول سنين طويلة يتخلص منه !
توجهّت خناجِر وهّاج الحادة لناحيّة هذا المُسعف الي أستنكر الموضوع وأرتبّك وهو يحاول يفهم تصُرفه .. بيّنما وهّاج وقف وهو يترك دُجى بنفسه على النقالة .. والي بدُوره المسعف ركض بدون ما يدقق بردة فعل هذا الرجُل وركب السيّارة .. ماكان قادر يدعيّ القوة أكثر .. ماكان رح يفلت جسّدها من بين يدينه لولا الحالة المُرعبة الي رجعت له .. ماكان بيستسلم لها لولا إنها جاءته هالمرة بشراسة مُهلكة لدرجة إنه تراجع بخطواته المُتوجعِة للخلف وهو يضغط على رأسه بشدة .. بقوة بمقدار الوجع الي فتَك برأسه .. كان مُوقن إن كل ضحكة ضحكها بالأيام السابّقة .. رح يدفع ثمنها أضعاف مُضاعفة
لذلك كان يخاف .. يخاف يضحك !

بيَنما بالمكان الثاني .. خرج رُجل الدفاع المدنيّ الي يساعد بُرهان بحمل جسّد المراءة الثانية والي أنتشلوه بصعُوبة من ألسنة النار المُدمرة .. وكان بإنتظارهم سيَارة الإسعاف الثانيَة .. والي من لمحهم المُسعف توجههم لهم بكل عجلة وهو يسند جسدها على النقالة .. كانت عيُونه متعلقة فيّها .. منظرها قبَل لحظات يحلف ميّة يمين مستحيل يغيَب عن باله لو يتمكن الموت منه هاللحظة .. وقبّل يقفل المُسّعف الباب عجز يتركها ترُوح لوحدها .. غريَبة عنه فعلاً .. ولكن لو مامات من المرض .. ولامن النار الي كانت بيحرقه .. بيمُوت هاللحظة بسببَ تأنيب الضميّر الي سيّطر عليه بسبب ردع وهّاج عن الدخُول
لذلك ركبّ سيارة الإسعاف بعجلة وقفل الباب من خلفه !
بيّنما وهّاج الي مرت .. دقايّق .. طووييييلة ومُرة
مُرة حييل حيل .. فيَها من الموت الشيء الكثيّر
الرجل الي كان يصارع النَار قبل لحظات هالمرة صار خاليّ الوفاض من القُوة .. حربّه مع نفسه وذكريّاته كانت أقوى بكثيّر .. كانت مُرعبة أكثر من حربه مع النيّران قبل لحظات
ولا تخلص من هالحرب .. إلا لما تخدّر رأسه من شدة ضربه على الجِدار
واللي كانو رجال الحييّ الي واقفين جنبه مذهوليّن .. والرُعب سيَطر عليهم بسبّب حالته الغريبة لدرجة إنهم كانو يحاولون يوقفونه لولا إنه ما ترك لهم فُرصة أبداً ..وقف وهو يتنفس بسّرعة .. ويدينه على صدره اللي ينُازع هاللحظة .. غمض عيونه بإنّهاك وبتعب مازاره مثيَل له أبداً .. ومن اللحظة الي غمّض فيها عيونه زارت ذاكرته عيُونها المتوسّلة قبل لحظات .. والي بنفس اللحظة أزاح جفنه بكل سرعة .. وفز من مكانه بعجلة شديَدة .. وهو يناظر بتشتُت للمكان .. لمح السواد الي حفّ المبنى وتمكن من كل أطرافه .. دقايّق معدودة كانت كفيلة بأنها تنهي دور كامل من مبّناه .. وألتفت بغبَنة .. بقهر .. بضيّق
كلما قال أبتدى .. لقى نفسه ينتهي !
تجاهل الخيّبة من الحظ .. والخذلَان هاللحظة وركب سيارته بكل عجلة .. وهو يبّتعد عن المكان تماماً .. متوجهة بأقصى طاقته للمستشفى القريّب من هالحي .. وهو يدعي من كُل قلبّه تكون بخيّر .. ويكون العهد مُصان ولا لحقه لاهم ولا تعب !
وفعلاً وصل على أعتاب المستشفى .. اللي قسّم الطوارىء فيّها مُزلزل بسبّب هالحريق .. والي الناس فيّها ماكانو بالكم القليّل كثر ماكانو ما ينعدُون من شدة كثُرهم .. كان يدُور بعيونه لعله يلقى المُسعف أو حتى بُرهان .. ولكن ولا شخص لمحه من كثر الأشخاص الغريبيّن .. لذلك ماكان له حل إلا إنه يسأل المُمرض اليي تخطى وقُوفه واللي مسّكه من معصمه بشّدة : قبل لحظات جاءت سيارتين إسّعاف .. وين الي كانو فيّها ؟ الممُرض ناظر لمعصمه الي بيّهلك من شدة ضغط وهّاج عليه بدون وعي منه وسحبه بقوة من كفه وهو يناظره .. منظر وهّاج لا يُحسد عليه .. آثار النار متمكنة من كل جزء منهم .. وجهه الي تِلطخ باللون الأسود .. يدينه وثوبه الي أحترق جُزء منه .. شعره المتبّهذِل وعيُوونه الضايَعة كانت سبب عفُو الممرض عن حركته .. لذلك أشر على الغُرف الداخليّة للطوارى .. والي مشى وهّاج بسرعة عنه وهو يدُور بعيونه المُرتجفة عليّهم.. أستقِر بمكانه وعجزت رجُوله تتحرك خطوة زيّادة عن هالبُقعة كثر ما تلاعب الخوف بقلبه وكثر ماعانى خلال الدقايّق السابّقة .. كثر ما هبّطت راحة عميقة.. كبيّرة على صدره وهو يلمحها قدامه على السريَر الأبيض .. ومازال الشماغ على أطراف وجهها .. صد بعجل شديَد وهو يغطي وجهه بكفوف يده .. ويتنهد تنهيييييّدة عميييييقة خرجت من صدره على شكل آه كُلها قهر وضيّق وغبّنة !
وألتفت على صُوت بُرهان الي أسـتقر قدامه وقال بخُوف : الوضع ما يـطمن أبد يا وهّاج
رفع رأسه وهَاج وناظر لحال بُرهان الي ما يقل أبداً على حاله .. كان له نصيّب كبير من هالحرب الي تمكنت منه حتى هو .. ولكن وجهه كان بيختفي تماماً من شدّة التعب .. قال بعدما ناظره بضيّق : لقيّت البنت الثانيّة ؟هز رأسه بُرهان بإيّجاب لما أيقن إن وهّاج ما أنتبه له بسبب إرتباكه مع اللِي معه .. وقال : لقيتها ولكنها كانت عاجزة تماماً عن التنفس .. ناهيّك إنها تبهذلت تماماً .. وهذا غير إننا ما نعرف هوياتهم.. يعني كيف نتـواصل مع أهلهم هاللحظة ؟
وهّاج غمض عيُونه لمـا تِذكر إنها فعلاً وحيّدة هاللحظة .. أبوها غافل عنها بيّن زوايا السجن .. وأخوانها مسافريـن ما ينعرف سماهم من قاعهم .. كل الي بقى لها عمّات لا لهم حُول ولاقوة !
رجع يلتفت لبُرهان الي كسى وجهه الهم وتأفف بضيّق وهو يهز رأسه : ماليي علم عن الي بنسويّه يا بُرهان .. مالييّ علم هاللحظة خلني أستوعب اللي صار أول شيء
بُرهان مسّح على وجهه بإرهّاق شديد .. وضرب كتف وهّاج بخفيّف وهو يقول : برجع أشوف وش صار معهم .. كلي خُوف يا وهّاج .. تكفى إدع إنه ما يصيبها شيءهز رأسه بإيجاب .. وبُرهان مشى عنه وهو يرجع للمكان الي يحتوي على جسّد برِيق .. بيّنما وهّاج يرجع يلتفت للسرِير الي يحوُف دُجى .. والي أقترب بعجل شديّد منهم .. وهو يسّحب السِتارة الفاصلة بيّنهم ويغطي المكان الي نست المُمرضة تغطيه .. ووقف وهو يكتف يدينه ويهز رجليّنه بتوتر .. إغمائها المُعتاد والي تعود كل ماشافها يزُورها وكأنها تثبّت له إنها فعلاً خايّفة منه أو ترتخي قوتها لما تشوفه .. زاد عليه الحرب الشِرسة الي خاضتها .. والمشاعر المُرعبة الي توسطت صدرها من خوف ورُعب ، فكيف بتكون حالتها بعد كل هالوجع كله ؟
-
-
وبسّيارة وديع ، والي كان يحتضن مقعد السائق جسده رفع جواله وهو يتأمل مُكالمات برِيق رجع يتصل عليّها ولكن مالقى رد.. وقبل ما يتسائل عن حالها ناظر للإتصال الي وصله من صديّقه والي قال فيه بعتاب : السهرة توها بدأت يا وديّع أشوفك دايّم تتهرب مننا لايكون تظننا أصحاب سوء ؟
ضحك وديّع وقال : لابالله مامنكم إلا كل خيّر .. ولكن أهلي ينتظروني برجعهم البيّت وبجيكم من جديّد !صاحبّه قال بتشديد : إستعجل عليّنا وإترك عنك مشاوير أهلك الي مالها داعي !
وديّع مارد عليه وقفل الجوال وهو يرميّه على المقعد الي جنبّه كان يعرف تماماً كيف يفرق بيّن الشيء الي يأخذه من أخوياه الي معه والي يتركه ويبتعد عنه
لذلك كانت شخصيّته غير تماماً عنهم مُتفردة
عقد حواجبّه بسبب الزحمة الكبيّرة الي بالحيي والي ما حضرها أبداً إلا قبّل خمس سنين باليُوم الشنيّع الي صار بعائلتهم .. ويقبّضه قلبه وتوالت النغزات الكثيّفة على صدره .. وهو يقترب أكثر وأكثر من المبّنى الي يحتوي المشغل والي ترك أخته فيه قبَل لحظات ومن وقف قدامه ولمح سيارات الدفاع تنتهي من إخمّاد هالنار الي ألتهمت كل مكان بهالمشغل حتى خارت قُواه!لمح وديَع سيارات الدفاع المدني تنتهي من إخمّاد هالنار .. الي ألتهمت كل مكان بهالمشغل .. حتى خارت قُواه
ورمته رجُوله على الأرض بثقل شديّد .. كان عاجز تماماً عن الحركة .. أو عن إستيّعاب الي يحصل بهالمكان !

تصاعدت أبخرة البرد العاتِية من بيّن شفتيه المُرتجفة .. وهو يتأمل الجماعات الكبيّرة اللي واقفين قدام المبّنى .. كان يرتجف .. يرتجف وبّشدة ولكن هالمرة مهب من برد الشمال .. كثر ماكان من خوفه على أخته .. خوفه اللي شاله من الأرض .. وأجبره يقتّرب بخطوات مُتثاقلة للمكان .. وبالوقت الي تخطى فيه الوُقوف .. تِسلل لمسامعه الحوار السريَع الي دار بينهم
-والله هالحريّق أكل حتى الحديّد .. فكيّف ببني آدم
-صدقني لو بقى أحد في هالمكان ماعاد بتشوف حتى رماده
أرتجف قلبّه .. والرعب تسلل لروحه لدرجة إنه عجز يسيطَر على أي جزء من أجزااءه .. كل الي سواه إنه ركض بكل طاقته والدموع مُشبعة بشكل كثيَف بمحاجر عيُونه وكانت نيّته يدخل لداخل المبنى ولكن الواقفين قدامه صدُوه وهم يسحبونه من كتفه .. بيَنما هو كان يبعدهم عنه بشراسّة ويحاول يفك نفسه من بينهم والرؤية أنعدمت عنه بسبّب دموعه الي ملأت عيُونه وهو يصرخ بنحيّب : أختييي هننننااا .. أختي هنااا ياكلاببب وخرو عنيييي ..تكفففون لا تموتتت .. لا تموووت محروقة
لاتموتتتت بالطريقة ذي .. لا تخليني ياعرببب تكفففون
تقطع قلبَ الي ماسكه .. ومسح على رأسه وهو يحاول ينبّهه إن الإسعاف أخلو المكان وسيّاراتهم تحتوي شخصيّن .. يمكن تكون أخته وحدة منهم
ولكن إنهيّار وديع المُفجع وهو يضرب رأسه بعصبية وقهر وكأنه يلُوم نفسه ويحمل روحه الذنب : أنا السببّ .. أنا الي تركتها هنا .. أنا الي تأخرت عليها وتركتها تعيش هالمُر وتتخبّط بس عشان تقدر تعيش .. يارب كيّف بكمل هالحياة .. ييار....
قاطعه الشخص الي مسّك يدينه بكل قُوته .. واللي من سِمع عن إحتراق مبّنى وهّاج ركض بكل طاقته للمبنى وهو مفجُوع ومنصعق وكأن حياته أنهدت على رأسه .. صحيّح إنه وصل متأخر ولكنه عرف الموضوع . . وأيقن إن الي كانو بالمشغل صارو بالمستشفى لما سمع الي يتكلمون حول المكان
لذلك موقف وديّع كان قدام عيُونه وإنهيّاره أجبره يوضح له الموضوع .. لذلك قال بهدوء لأجل يستوعب : ماحد مات .. أصحى على نفسك
الي كانو بالمكان هذا صارو بالمستشفى.. وكلهم عايّشين بفضل الله
وديّع كان يرمش بخوف من حركة بنيَان الي ألزمته يوقف تخبُطاته .. ومن سمع كلامه سكن كل الكُون برأسه وصار يناظره برجاءتنهد بنيّان وهو يتذكر إنه حاول يتصّل بوهاج ولكنه مالقى رد . . مع ذلك ناظر لوديّع وقال : أنا رايّح المستشفى أتطمن .. ودك تجييي معي ؟
وديّع ناظره للحظات بعدين هز رأسه بلا وقال وهو يمشي بسرعة : جيّت بسيارتي وبروح بها
ناظره بنيّان بخفُوت مع ذلك مشى وهو يركبّ سيارته ويتوجه للمستشفى المعُروف بهالحي .. لعله يلقى صاحبّه فيه !
-
وهّاج كان واقِف جنب سرِير دُجى الي يفصل بيّنه وبينها الستارة البيّضاء .. وقدامه الدكتُور الي أشرف على حالتها .. والي كان يتسائل عن سبب إغمائها لأن مافيه ضرر بأي عضو من أعضائها فكان يحاول يستفسر من وهّاج .. وفعلاً أستقام وهّاج وناظره بضيّق وهو يقول : هذي مهيّب أول المرات .. هالبنت كأننـا بفلم رعب من تشوفني يغمى عليّها وماتصحى إلا بعد وقت طويلّ حيل
عقد حواجبه الدكتُور ووهّاج تنحنح ومسح على الجُرح على بجبهته بحركة عفويّة وهو يقول : ما أدري يا دكتور مانيّب من أهلها حالياً .. ولكن كل الي أعرفه إنها بمواقف صعبّة يغمى عليها وتبقى فترة طويلة نايّمة بدون حركة .. وبدون ما تحس على نفسها .. ومن تصير لها الحالة تهلوس وتسوي أشيّاء غريبة
الدكتور سكت للحظات وهو يطلع جهازه الخاص .. وبقى دقايّق طويلة وهو يبحث بالموضوع لأجل يتأكد من مُعتقداته وفعلاً شكه كان صحيّح لذلك رفع رأسه وناظر لوهّاج الي ينتظره بترقُب شديد : هالبّنت بتعاني من مرض النوم القهري !
تصاعد الإستغراب لأعلى درجة عند وهّاج الي أستنكر المرض وبقى محتار لثواني طويلّة حتى أكمل الدكتُور كلامه : هذا نتيجة أعراض نفسيّة حادة .. بيصاحب المريض الي عانى من صدمات عاطفية ماقدر يحاربَها فيتخذ النُوم وسيّلة محاربة عنها .. غير إنه ما ينعرف متى الشخص ممكن يصحى منها .. كل هذا حسب طاقته
قطّع الدكتور كلامه وأستأذن بعجل بسبب الحالة الي دخلت للطوارىء من جديد
ووهّاج ميـل شفايفه بخُفوت ويدينه تخللت شعر ذِقنه بضيـق .. وهو يستذكر دُجى !
ويتستذِكر المواقف الي عاشتها معه .. لأجل بكُل مرة تنهار من شدة تعبّها ! ومن إنهيّار قواها بالمعركة المُرة هذي .. كانت أول خيّباتها لما تلاشى حلمها من بين كفيّنها وصار بكفين شخص ثاني
ولا يعرف وش عانت أكثر لأجل تنهار من تعبّها في مبّناه .. ولأجل أول ما تصحى تصير الأصابع لهالكفُوف ! وثاني خُذلان أتعبّها لما قابلتها ريّحة أمها الحانيّة بردة فعل مُنافية تماماً لمعتقداتها .. لما ظنت إنها بتستقبلها بالأحضان بيّنما أستقبلها بحقد دفيّن ! وهذي هي آخر خيّبة عاشها معها .. لما إنتهى حلمها قدام عيُونها وصار رمـاد بدُون ما يكون لها القدرة على حمايّة حتى جُزء مِنه !
وبعدما تذكر مالامـها أبداً على إنهيـارها .. تذكر إنه الحاضِـر بكل موقِف تعيّس تعيشه .. تذكـر إنه الشاهِد على دمعات عيُونها الي من شدة كبريائها كانت تحاول تِكتمها وولكنها تِرضخ لتعبها .. تذكر بكُل مرة كان يرفع فيها عيُونه لها .. كان يُخيل له إن أحزان البشريّة كلها وأوجاعها تناظره .. صحيح إن عيونها كانت جامِدة بكل مرة ولا تتحرك ولكنها أعمّق من اللُجة .. ماكان يسكُنها إنتقام ولا ثورة ولا حتى مرارة .. ولكن حُزن .. حُزن عميّق لاقرار فيه .. ولا سؤال ! حزن كله خوف ورجاء ..
تسائل بنفسه " ليه كانت بكُل مرة تناظره ترتِـجيه .. ليّه كانت تطُلب العون بنظراتها .. وش بيديّنه لأجل ترتجييّه نظراتها ؟ "
جاهل تماماً .. إنه الكّف الي يحتوي أصابعها
ولكـن على قوة إستغرابه من هالمرض اللي لأول مرة يعيّشه مع أحد حوله .. على كثـر الشعُور الغريّب اللي داهمه بشكل كارِثي لكل جزء بقلبه .. شـعُور مخيف بالنسبّة لوهّاج .. وكأن أحد ضرب مُنتصف قلبه وتركه منبّلج من المُنتصف ومـجروح وبشِدة من قوة الضربّ واللي زاره هالشعُور لمـا تِسلل لمسامـعه صُوت بكاءها الخافِـت وشهقاتها والي كانت تحاول تكتمِها .. ولكن أبت تُخفت أو تنتِهي وعـت من تـعبها
-
بدأ جِفنها يُزاح بكل رقة عن البُن في عينيّها .. بدأت تستكشف المكان بنظراتها الهاديّة وكلها حِيرة عن مكان تواجُدها .. فأول دقيّقة صحت فيها .. كانت غافلة تماماً عن اللي صار معها .. ولكن دقيّقة تبعتها دقيّقة بدأت تستعيّد وعيها .. وتتذكر كل اللي مضى من أحداث هالليّلة المُـرعبة .. والتي قد تُصنف من " أبـشع ليالي عُمرها " من قد يظن إن تلاشي حلمها أمام ناظريّها سيكون بالأمر الهيّن ؟
شدت على طرف اللّحاف بكل قوة تكمُن في قبّضة يدها .. وهي تغمض عيُونها بشدة
باللحظة الي كان المكان يحتِرق فيها .. كانت تظن إنها بتموت بمكانها .. ماهو من النـار كثر ماكان من الغبـّنة ! دقايّق طويلة عاشتها برُعب وهي تتأمل الحلم الي عانـقها من صغرها يتحول لـرماد بدون مايكون بيدها القُـدرة على حمايّته .. دقايّق طويلة عاشتها بـذهول تركها عاجزة عن التنُفس .. فكيَف بخطو خطوة واحدة ؟ إضافة لشُعور العجز والضيّاع الي تمكن منها .. كان الشُعور بالوحدة مأخذ من قلبّها الكثير والكثير .. فكيّف تكون بيّن الموت والحياة .. وحِصن الأمان وأخوها الصغيّر غايَبيبن عنها ؟
ليَه الحياة تجبرها دائماً على الإنحناء لوجعها .. وهي دائماً إعتادت على القوة .. ليه يجبّرها على الرضُوخ وهي المعروفة بالغُرور قدام حزنها ؟
ليه تكسّرها بكل مرة .. من المكان الي ماظنت بتنكسر منه ؟
من بيّن هالتساؤلات .. كان صوت شهقاتها يعلى أكثر وأكثر .. ودموعها غرقت غُتـرة مُنقذها الي على حدُود وجهها
ولكن سحبَة الستارة القوية والصُوت الحاد اللي تِسلل لمسامعها .. أجبّرها تفتح عيُونها وتلتفت له .. وفعلاً من بيّن الدموع ماكان الحاضِر إلا وجهه
.. وجه وهَاج اللي عجز تماماً يتحمل النغزات المُوجعة الي تخترق صدره بسبّب أنينها .. لدرجة إنه فقد حسَه وفقد منطقه .. وكل الي يبيّه هاللحظة ينتّهي وجعها لأجل تِتلاشى هالشهقات معه !
لِمحها لوهلة بسيّطة جداً .. لو كانت جُزء من الثانية لكانت مُبالغة حتى .. ولكنها كانت كافيّة لزيادة همه للضعف .. فالوهلة هذه كان قادر فيّها يلمح دموعها الي غرقت غُترته .. شد على قبّضة يده بضيّق شديد وهو صاد عنها .. ووقف قدام وجهها بحيّث محد يقدر يلمح منها شيء .. كان يناظر بتشتت للمكان بدُون ما يسمح لعيونه تتمرد عليّه .. بينما هي أعتدلت بجلستها بتعب شديد .. والود ودها تِتكلم وتقول له يّبتعد عنها هاللحظة ولكن كانت عاجزة تماماً عن ذلك
ومن بين المشاعر الكثيَفة هذه اللحظة .. غمرها تساؤل فضيّع " من بِد الخلق .. ليّه هو الحاضِر دائماً بتعبها ؟ من بيّن سبّعة مليّار نسمة بالعالم
ليه هالشخص بالذات الي يصادف ويكون معها بكل شِدة .. ليه رغم كل سواياه وإنهاكهها وتعبّها كانت رغبتها بالتعمق فيه أكثر وأكبر ؟ "
لوهلة ناظرت له كيَف محتاس ، وعلامات الإنهيّار تكسوه كيّف مكسي باللون الأسود بسبّب النار الي كانت تحوفه من كل مكان
مسحت دموعها بعجل شديَد وهي تغطي وجهها بطرف الغُترة بيّنما هو تنحنح وقال بصوت خافِت : عـداك الشّر يا بنت الخـالة !
رمشت بهُدوء وقالت بعد تنهيّدة كلها قهر : ماعـدى
عقد حواجبّه بإستنكار وهو مستغرب ردها بيّنما هي إلتزمت الصمت"أي شر الي عدى وهي عاريّة الحلم ؟"
هز رأسه بخُفوت لما فِهم قصدها بعد سكوته القليّل وبعدها قال بنفس النبَرة الهاديّة : عدّى يابنت الخالة دامك بخيّر والمبنى بداله عشّرة
والحلم نجمله من جديّد، أهم شيء إنك بخيّر
وإن الأمانة ماصابها وجـع !
رفعت رأسها وهي تناظره بإستغراب من كلامه .. ومن ردُوده معها اللي كلها هدوء ورزانَة .. مع ذلك كل الي تبِي تسمعه منه هاللحظة هو مكان تواجد أبُوها .. لعلها تلقى عنده جواب هالسُُوال : فـهد وينه يا ولد الخالة ؟ ماسمع بحريّق حلم بنته ؟
عض على شفايّفه بخفوت ماكان منتظر منها هالسُؤال أبداً ماكان يدري إن البّنت إذا ضاقت أو تعبت أو إنهارت أو جارت عليّها الدنيا أول شخص يطري ببالها تلجأ له هو"أبُـوها" ماكان يدري لأنه ماجرب هالشعـور ولا تأمل شُعـاع وهي تجربه !



فيتامين سي غير متواجد حالياً  
التوقيع



شكراً منتداي الأول و الغالي ... وسام أعتز به


رد مع اقتباس
قديم 11-08-21, 09:33 AM   #22

فيتامين سي

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة

alkap ~
 
الصورة الرمزية فيتامين سي

? العضوٌ??? » 12556
?  التسِجيلٌ » Jun 2008
? مشَارَ?اتْي » 42,436
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » فيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي



.
(البارت العشرون)


تأمل بحّة صوتها المُنهك .. وماكان عنده القدرة الكافية لأجل ينطّق ويقول لها إن أبوها هذي ثاني لياليّه بيّن زوايا السجن.. له قلب يزيّد همها هم ؟
لذلك غيّر الموضوع بكل هُدوء وهو يقول : الدكتُور قال إنك بخيّر .. ولكن أبي أتطمن منك أنتي .. صابّك وجع ؟
للحظة ودها تصرُخ من حر مافيّ قلبها من ضيق .. ودها تقول" يا آدمي تعريّت من حلمي .. وباقي تتكلم عن الوجع ؟ " قضمّت شفايفها بعصبية شديدة وهي تصد للجهة الثانية .. وشبّكت أصابع يدينها ببعض وهي تحس برجفة بجسدها من شِدة عصبيّتها .. أو بالأحرى من شِدة ضيّقها
مشغلها أحترق .. وهي الحين بوسط المستشفى موجوعة .. ليّه محد أنتبه لها من أهلها ؟
ما كفى هالكلام يضايقّها ويبّكيها .. زاد عليها تذكرها للرِسالة اللي قلبّت كيانها فوق تحت .. ونستها النُوم لدرجة إنه صار خصِيمها والأرق صاحبّها القريب ! الرِسالة من الشخص المجهول اللي ولا مرة تسائلت عنه .. كثر ما تسائلت عن معرفـته بأن وهّاج بيسوي شيء يكسرها فعلاً !
وهذا هو مضمون الرِسالة تحقق .. وهذا هي إنكسرت من بيّن ثنايـَا قلبها مثل ما أنكتب !
"معقُولة هالشخص قريّب من وهاج لدرجة توقع فِعلته ! معقُولة حرق المبّنى كان من صُنع يده ؟"
ولكن مشاعر مُناقضة تماماً لتفكيرها أستقرت بقلبها
"ولكن ليّه شخص بيقدم على حرق مبّناه هو ؟وش بيَستفيد من هالشَيء ؟ "غمضت عيونها بشدة وهي تحس رأسها بينفجر من الأفكار اللي داهمِتها لدرجة أتعبِتها .. زاد عليّها تذكرها لمرضها اللي باغتّها وهي بوسط الحرِيق .. والي حرمها من معرفة طريقّة وصولها لهنا !
وهّاج ميَل شفايفه بخُفوت لما ما وصله رد مِنها .. خُصوصاً إنه مازال صاد عنها .. ولايدري عن تعابيّرها .. لذلك قال بإصرار : مامن وجع ؟
فتحت عيونها بضيّق وودها تنتهي هالليّلة بأسرع وقت ممكن خصوصاً بأنها عانت بما فيّه الكفاية.. لذلك بعد مدة صمت بيّنها وبَينه ماهي بطويلة .. قالت بضيَق وبدون شعُور : أنت الـوجع .. فإبـتعِد عني !
عقد حواجبه بـصدمة تمكنت من كل خلاياه بذهُول وهو يشبّك يدينه ببعض ويـلتفت عنها بعجل شديَد وفضوله الي أجتاح صدره أجبّره ينسى مكانهم وصلتهم ببعض .. لذلك نطقَ بإستنكار : وش سبّبت لك من ضيق لأجل تتهميني بـوجعك !
تنّـهدت وهي تستقّيم بظهرها ويدينها مازالت متشابّكة ببعض .. أزاحت الغُتـرة بخفة عن عيُونا وعقدت حواجبـها وهي تشوف طريّقة تشابك أصابعه اللي تشِبه طريقتها تماماً !
فلتت يدينها من بعض برجفة وثبّتت الغُترة أكثر على وجهها : ماهوب إتهام كثر ماهيّ حقيقة .. أنت لاحضرت حضّر معك الـوجع .. خلّك بعيد لأجل نبَقى بخير
-عض على شفَايفه بقهر .. وفلت يدينه من بعض وهو يمسح على طرف وجهه الي أنكسسّى باللون الأسود بسبّب الرماد .. بهاللحظة لو كان وهّاج الأولي كان أثر كلامها فيّه .. وأوجعه .. خصوصاً إنه مايحتاج لشخص يذكره إنه فأل شر لكل الي حوله !
بيّنما باللحظة هذي .. ولأنه وهّاج غير .. وهّاج اللي يفكر بطريقة عقلانية .. عذرها !
لأنه فعلاً يصادف ويكون بأوقاتها الحزِينة .. لذلك ما أهتم لمحتوى كلامها .. حتى إنه نزل يدينه وهو يمسح طرف كفّه بأصابـع يدينه الثّانية وقال بهدوء .. وبنبّرة كلها رزانـة ووقـار : ناظري للوضـع مِن الجـهة الصحيّحة يابنت الخـالة .. أنا ماني بالوجـع .. كثـر ماني بالـشفاء
والدليّل إنك هاللحظة تتنفسيّن هالهواء معنا لأني كنت حاضِر
تراقصت ضحكة ساخرة على شفتيّها وهي تتنهد بإسّتهزاء على كلمته
بينما هو أردف متجاهل لردها الساخِر : وصـدقيني وجبّ عليك تغيرين هالنظرة.. لأجل تعيّشين براحة بباقي أيامـك معي .. هالظُنـون بتصّعب عليك الحياة تحت ظِلـي !
عقدت حواجبّها بعصبية من كلامه .. وكأنه فعلاً قطع عليها المُوضوع وقرر من تِلقاء نفسه .. وخصُوصاً إن أبوها حتى مافتّح الموضوع معها .. فليّه يتطرق له الحين ؟ ليه بالوقت الحـزين هذا ؟ ليه يختّار هالجمل بهالوقت من بين كل الجمل الي المفروض تنقال لأجل تواسيّها
أردف بلامُبالاة مُصطنعة وهو يرجع يدينه خلف ظهره : لي علم إن الموضوع ما تخَطـاك .. ونيّتي واضحة لك وضُوح الشـمس .. لذلك لا نعقد الأمور بسبب تفكير سطحي تفكرِين فيه .. أنـا رجل صـبري كثييير .. أكثر مـما تتخليّنه .. لذلك لك الحريّة المُطلقة بالتفكـير بـموضوعي معك .. ولكن خلي عندك علـم .. إن الـرفض ماهو بـوارد
أنهى كلامه بجُملة مختصـرة بعد كلامه الجـاف : فـهد له موقف مُهم أنجبّر يحضره .. وأنتي أمـانته عنـدي ليّن يحضُر .. أو يـشرف واحد من إخوانك
إنقطِع صُوته عن مسامِعها لما تـرك المكان بعدما سحبّ الستارة البيّضاء بكل حـدة بيّنما هي
بلعت رِيقها بإستنكار شدِيد وهي ترمش بصدمة من إسلوبه الي قطع عليّها كثير أمُـور .. ماتعرف ليه أختار هالوقت يتكلم فيّه معها بالطريقة ذي رغم إنه يدري عن خسّارتها الكبيرة .. ولكن الي تعرفه إنها بتتعب معه كثيييّر .. خصُـوصاً مع تناقضه اللي مهب سهل أبداً .. " لك الحريّة المطلقة بالتفكير " " الرفض ماهو بوارِد " جملتين مُناقضتين لبعض تماماً .. ليه جمعهم بنفس الرد ؟ شلون له الحريّة بالتفكير والرفض ممنوع ؟
وكأنه يقولها إن موافقـتك هي المقُبولة وغيـره لا .. ولكن بطريّقـة وهّاج الغامِضة
-ضربت طرف السرير بعصبيّة وصرخت بخفوت وبوجع وهي تمسك كفها بألم .. وألتفت بصدمة لما رجعت تِسمع صُوتـه من خلف السِتـار : خبرِي بأنك رقيّقة ليه تستعملين القُوة لأجل تتخلصيّن من عصبيتك ؟
ناظرت لظـله بحدة والود ودهـا تكسر شوكة بحـلقه .. ولكن أردف بنفس النبّرة : ولا تـنسيّن
صار لي عندك ديّنين .. شماغي الي كساه دم كفك .. والثاني الي كان له من دمـوعك نصّيب
وحق دفع هالديّن موافـقتك .. ولا أبيه غيره رد
وفعلاً قال آخر كلامه .. وتلاشى ظِله من قدامها
بينما هي مسكت رأسها بين يدينها وهي تضغط عليه بكل قوتـها الوقت ماهو بالوقت المُناسب
ليه يزيـدها ضيّق ؟ من متى بدأ يبيها للدرجة الكبيرة ذي والي أستفزتها حيل ؟ من متى بدأ يميل لها كل هالميُول؟غمضت عيونها بشدة وهي تستغفر لعل هالألم يتلاشى .. بيّنما هو أبّتعد عنها وهو يتنهـد بخُفوت كان يبي يستفزها لأجل تبدأ تفكر فيَه لأجل تلتهي بوجعها وتنشغل بوهّاج لأجل يكون محل الحزن بقلبّها غضب وهذا يكفيه لأجل ماتنـهار من جديد على عكس ظن دُجى
وهَاج إختـار الوقت المُناسب ..!
-
-
وبالغُـرفة الي ماتبّعد كثير عن غُرف الطوارىء المفتوحة كان واقِف جنب الباب ويدينه على رأسه منظرها مو قادر يروح من بـاله أبـداً
كل ثانية يرجع يدخل الغُرفة وهو يحاول يتكلم مع الدكُتور ولكن المُمرضة تنهره بعصبيّة شديدة لأن الوضع كان جدِي فعلاً .. وبعدما مرت نُص ساعة
خرج الدكُتور الي أستدعوه لأجل يشرف على حالِتها وهو يبّعد الكمامة البيّضاء عن وجهه ويدُور بعيونه على بُرهان اللي كل شوي داخل الغُرفة .. ومن لمحه جالِس عند البّاب ويدينه على رأسـه وواضح وِصل لأعلى مراحل الإنهيّـار أنكسر خاطره عليه وقال بصُوت مسموع : يالطيّـب تفضل تعال
رفع رأسه بُرهان بعـجل شدِيد ومن لمحه الدكتُور فز من مكانه ومشى له بسرعة .. وباللحظة الي وقف فيّها بُرهان جنبه أزاح الدُكتور ظهره عن البّاب وهو يأشر على برِيق بهدوء : بتكُون بخيـر ولكن أنصـحك بعدمـا تصحى تمهّد لها الموضوع مع دكتُور نفـسي .. الوضع صعـب جداً على أي بنت
بُرهـان اللي كان واقـف قدام الباب من أنزاح الدكتور ظهره بانِت له تواصيّف برِيق على طول
ولكن كل الي لمحه وجهها ويدينها اللي مغطيّه بالشاش صد بعجل شديد وهو يمسّح على وجهه بإنهاك مايعرف من هي وحتى غريبة عنه ولكنـها أوجعت قلبه .. بالنهايّة حالتها مو بهالسهولة الي بيقدر بُرهان يتخطاها ! عزم النيـة يبقى على أعتاب هالغُرفـة ليّن تصحى أو ليّن يتعرفـون عليها أهلها !
ظولما أبتعد الدُكتور عنه .. إتكأ على الجدار بظهره .. وهو يسحبّ نفس عمييييق لعله يخفف من شدة وطأة الحدث على روحه .. ويخفف من تعبّه ومرضه الي يحاول ما يـرضخ له
-
ومن بيّن زحمة الطوارىء .. توقف وهّاج بمكانه بسبب نـداء عالي من صُوت جهوري أجبّره يلتفت له .. ومثل ما توقع كان هو نفسه " صاحبـه الجُنوبي " الي مشى له بعجل شِديد وهو يوقف قدامه بصدمة وعيونه تتأمل حـال وهّاج المُدمر : صابّك شيء ؟ أنت الي أحترقت ولا مبّـناك صرت في حيرة من أمـري !
تنهد وهو يمسّح على وجهه وهز رأسه بضيّق : كلنا .. كلنا كان لنا من هالنـار نصـيب !
ضرب على كتـفه بلُطف وهو يبّتسم له بخفوت : يعوضك الله يا وهّـاج .. المهم إنك بخير
لاحظ تعابـير وجهه الضايّقة .. وحب يغير الموضوع كعادة بنيّان .. حتى بأحلك الأوقات يحاول يستدِرج البّهجة لقلب وهّاج : ولكن علِمني .. هالفزعة كانت لأجل المبّنى نفسه .. ولا لأن شُغل بنت فـهد فيّه !
ميّل شفايفه بسخرية ورفع رأسه وهو يناظره : لاوالله كانت لأجل إن بنت فهد برأسها فيّه .. تخيَل أمانتي كان بيصيَبها وجع وهي تحت عهدي إنها تكون بخير
ناظره بنيّان بصدمة وهو يرمش بعدم إستّيعاب : حتى هي كانت فيّه ؟
وهّاج عقد حواجبه ؛ ليه فيه أحد معرو....
سكت بإستغراب وهو يلاحظ ودِيع الي يناديه بصوت مبحُوح من حُر جوفه : وهّاااج
إستقرت سِهام عيُون وهّاج على حالته المتبهذلة بسبب هالحريّق وكان يناظره بنظراته المُعتادة رغم إنه كان عنده فضول يعرف وش سبب وجوده هنا
ولكن نظرته تغيّرت بكل عجلة لما قال وديّع بتعب : برِيق وينها يا وهّاج .. قالو إنها بهالمستشفى .. تكفى يا ولد عـمي طمنِني إنها بخير تكفففى
عض على شفايّفه بقهر .. برِيق بنت عمه هي اللي شاركت دُجى بنفس مصيَر الهلاك ؟
ودِيع اللي هز كتف وهَاج وهو يكرر كلامه : وينها علمني .. قالو إنها هنا .. وييينها ياوهّاج وينها
أبّتعد عنه وهاج وهو يمسح على وجهه بتعب .. وبعدها بدأ يلتفت للمكان : بُرهان اللي خذاها
أكيد إنها بالغرف الداخليّة
تخلى ودِيع عن الوقوف بجانبه .. وركض بأقصى طاقته للغرف الداخِلية للطوارىء .. بيّنما بنيان تنهد وقال بضيّق : كم روح كانت بتتلاشى بسبب هالحريّق ؟
ناظره وهَاج بتعب وهو يهز رأسه ببقهر : تلاشت هالأرواح يا بنيّان .. لا تحسب إن الموت الي يبّهتها بس
بنيّان ميل شفايفه وهو يقول : دامك بخيّر وطيّب .. وبنت فهـد الي تعنيَت لها بخير وبإذن الله إن أخت هالولد طيّبة .. خلني أتطمن على بُرهان مُذيعنا
-سكت للحظات ثم أبّتسم وهو يقترب ويطبطب على كتف وهّاج بخفوت : ولا تحسب إن هالليَلة الحارة من شدة النّار بتنسيني كلامك الي وصل لمسامعي عن طريّق برنامج بُرهان .. والله إن الأرض بوقتـها ما شالتنـي من فرحتي .. وأنا واحد صار يعـرف من هو وهّاج .. كفو يا أبُـو غصن !
كلام بنيَان كان يربت على قلبَه مثل مايدينه تربَت على كتفه .. ولكن كلمة " أبُو غصن" خذت المكان الأعظم بقلب وهَاج لدرجة إنه أنجبَر يبتسم حتى بأشد الأماكن تعاسَة .. وبعد لحظات هز رأسه بإمتنان وقال : بتطمن على أخت ضِرار معك .. عساها بخيَر بس .. وبعدها بروح لبيَت فهد
متأكد إن أهله منشغل بالهم على بنتهم !
هز رأسّه بنيّان بإيجاب : ولكن لا تروح لهم بهالشكل .. عليَم الله ما يبقى فيهم عقل صاحي
ناظره وهَاج بهدوء .. ومشى وهو معه

وصل وهّاج وبنيّان عند بُرهان اللي كان واقِف عند الباب ويناظر بتوتر .. ألتفت لبنيّان الي تحمد له بالسلامة وشكره على فزعته .. بُرهان هز رأسه بإمتنان ووهّاج ناظره بضيق : طمني .. وش قال الدكُتور يومنَه طلع؟
بُرهان ناظره بندم وقال : كيف بتعرى من شعور الندم الي يكسُو قلبي يا وهّاج .. لو إنك سمعت كلامي .. ومادخلت للمبنى ؟
تنهد وهَاج وضربه على كتفه بخفة : لو ما تنفعنا .. وأنت أكثر واحد تدري بهالشيءّ .. الحمد لله على كل حال وكل شيء مقدر ومكتُوب .. ودامها بخيّر فهذا فضل مِن ربي
بُرهان ناظر لودِيع أخوها الصغير .. الي كان جالس قدام البّاب على طرف السرير ويدينه على رأسه ويناظرها والدُموع تكسو عيونه بإنهمار شديد
وقال بضيّق : ما ظنتي بتكون بخيَر .. لاهي ولا أهلها بعد اللي صار .. الله يعديّ تعبها على خير
وهّاج أبتسم له وهو يناظره بخفوت : زين .. اللي عليك سويته وكثر الله خيّرك .. ووالله ما أطلع من جِزاك .. ودامك سويت الي عليّك فإترك هالمكان
ورح إرتاح .. والله يهالتعب الي في وجهك يهد جبّل
بنيّان شدد على كلام وهّاج وناظره بهدوء : رح وأنا ببقى هنا .. وأخوها بعد موجود ووهّاج بيبقى
بُرهان التعب كان فعلاً هاد حيله .. وقاومه طول الليّل بشدة ..ولكن الحين ماعاد له قدرة لذلك وافق على إصرارهم وطلبّ منهم يطمنوه عليهم
وبعدها أختفى عن الأنَظار ووهَاج إستأذن من بنيّان دقايَق معدودة لأجل يطمّن باقي أهل فهد على دُجى
-
وببيَت فهد .. معاني كانت واقفة بالحوش أو بالأحرى واقفة على شُوك من خوف وقلق .. تمشي بأطرافه وجوالها بيديها .. ما أرتاح ثانيّة وحدة وهي تعيد الإتصال على دُجى .. وترجع تِتصل على فهد ولافِي ولكن لا رد ..
-خيَال اللي رفعت كُمها وهي تمسح طرف خدها وناظرتها بخوف وبنبَرة بكاء قالت : معاني دخلنا يوم جديَد وهي باقي مارجعت .. ودوامها ينتهي تِسعة المسّاء .. فهميني وينها من لما إتصلت علينا آخر مرة .. وليه ماترد للحين.. وزيادة على كذا إسمعي الأصوات العاليَة بهالحيَ .. معقولة صار فيها شيء ؟ أو أحد خطفها.. يارب وش بنقول لفهد إذا رجع
تأفتت معاني وهي تناظرها : لا توتريني زيّادة والله مابقى بي عقل من أفكاري .. ياليت عندنا رقم ولد خالتها وهّاج .. كان قدرنا نتصل عليَه ونتطمن عليها
خيَال وقفت وهي تناظرها برجاء : تكفين يا معاني .. خلينا نروح لهالمشغل ونتطمن عليها بنفسنا .. والله تعبت من الخوف !
سكتت معاني للحظات .. وهي تناظره خيَال بتفكير .. لها ساعتين رافضة تماماً تطلع من البيت وهي تقول بترجع الحين . . ولكنها للآن ما رِجعت
لذلك أشرت لها تروح تلبّس عبايتها وخيال على طول وقفت بعجل.. ثواني معدودة وصارو قدام الباب .. وأول مافتحته معاني وقفّت سيَارة وهّاج قِدام الباب ومعاني عقدت حواجبّها بإستغراب .. تِنحنح وهو يقول : ياعـمة
خيَال لصقت بأختها بخوف وهي ماناظرت وجهه : هذا من وين صرنا عماته ؟
معاني إلتزمت الصمّت ووهاج أردف : أنـا وهّاج
إلتفت له معاني على طُول ووهّاج أردف : صارت مشكلة بسّيطَة بمبنى المشغل
وقبل ما يكمل كلامه قاطعته خيَال بخوف : دُجى وينها؟
ميَل شفايفه بهُدوء وشد على طرف الدرِيكسُون : بنت فهـد بخيَر تطمنو .. بس وجبّ علينا ننقلها للمستشفى .. والحين جيّت أخذكم لأجل ما تقلقون أكثر
معاني ماتركت للرد مكان .. على طُول مشت للسّيارة وركبت بعجل بالمقعد الخلفِي وخيَال نفس الشيء .. وهو على طُول أنطلق وطُول الطريّق صاحبّه صُوت بكاءهم المكتُوم وهو ضايّق ومنقهر
لأن ما بيّده شيء !
-
-

دُجى اللي كانت مستندة على طرف الكُرسي ويدينها تحت رأسها .. مرضها هالمرة مازارها إلا ساعات قليَلة كلها إستغراب من هالشيء .. ومثل ماتوقع وهَاج كان الغضب هو اللي بصدرها .. لدرجة إن الحزن ماكان له مكان .. كانت تهز رجلها من شدة توتُرها .. خوف وغضّب وحسرة هذي المشّاعِر الي أجتمعت بصدرها هاللحظة .. ولكن في لحظة هادئة فزت من مكانها بعجلة شديدة وهي تتذكر برِيق .. البنت الي كانت معها بوقت الحريّق .. جمعت يدينها وهي تثبّتها على صدرها .. وغمضت عيونها برجاء وهي تنطق برجفة : يارب إنها بخيّر .. تكفى يارب
وقفت وكانت ناويّة تسأل عنها .. ولكن رجعت تناظر للبسها وشهقت بصدمة وهي تتذكر إنها قبّل تفقد الوعي كانت تناظر لعبايتها وهي تحترق قدام عيُونها
-مسحت على وجهها بإرتبّاك وحمدت ربها مليون مرة إن لبّسها هالمرة كان تنورة سُودادء فضَافضة حمت كل تفاصيلها من أي عين .. جلست على السريّر من جديد وهي تحس بدموعها تتجمع بعيونها .. شدت على طرف الجاكيت الأسود الي يحتضن كتُوفها وهي تشهق بتعب : يارب ألتفت لإيش ؟ لأبوي الي مختفي عني .. ولا لإخواني الي مالهم حس ولا أدري هم بخير ولا لا .. ولا لعماتي الي بينجنون بسبب تأخري .. ولا للبّنت الي معي .. ولا لحلمي الي تلاشى وتعبي الي أحرقته النار بدقايّق .. ولا لهالوهّاج ؟ يارب مالي إلا روح وحدة ولا لها طاقة على هذا كله !
باللحظة هذي إنتبَهت على السّتارة الي أنسحبت بكل قوة وعقدت حواجبها وهي تلتفت بإستغراب ومن لمحت عيُون معاني الي تلمع من شدة الدمع الي فيّها .. ولخيال الي تشابّهها حتى ناظرتهم بتعب وقوسّت شفايفها بكل طُفولية وهي تحس بالتعب يخترق صدرها ويبّان على وجهها .. ومن إقتربت معاني وهي توقف جنبها وتحُضنها بكل شدة حتى أطلقت شهاقتها بكل علن وهي تشد بيدينها على ذراعيّن معاني !!
وصوت شهقَاتها وصل لمسامع وهّاج الي كان واقف جنب السّتـارة ومكتف يدينه بضيّق : يارب ماهو بسخط كثر ماهو فضُول .. ليـه هالبكّاء ما يحب إلا قلبّها ؟
تنهد وهو يبّتعد عنهم ووقف وهو يستند على طرف الجِدار جنب بنيّان اللي قال : تطمن .. مافيَها شيء
رجعت أسال الدكتور عن حالها .. وقال كل خير
هز رأسه وهّاج بهدوء .. وبنيّان تأمل حاله بتعُجب شديد
-
-
وبغرفة برِيق اللي مازالت غائبة عن الوعي بسبب المُهدئات اللي تركها الدكتُور في إبرة المغذيّة
كان وديع جالس جنبها وعيُونه تحترق من شدة حرارة الدُموع الي فيها .. يتأمل وجهها الي تغلف نصه بالشاش الأبيض وكفُوف يدها اليميّن الي لها من الشاش نصيَب كبير.. كان يمسح دمُوعه بعجل شديد كلما لامست خده .. وثُوب الندم يكسو قلبّه .. والـ " لو " لها النصيب الأكبر برأسه هاللحظة
" لو " رديت عليّها أول ما أتصلت " لو" ما تأخرت عليها " لو" رفضت أوديها
تمنيّات للا تؤدي بالغرض .. ولكن لها مكان كبير بقلبه
وبوقت بكائه المكتُوم وصله إتصال من " وقـاص" الي رد عليه على طُول ووصله صوته الغاضِب : وينك فيه يالداشِر أنت وأختك .. وصرنا نسّهر لين بعد الليل
سكت وقاص بصدمة لما سمع صُوت شهقات وديّع وعقد حواجبه بسخُرية : تبكيّ ياقليَل المرجلة ؟ لعنبو حيَك يا رخمة .. وش صاير علمني
-ودِيع رفع يده وهو يمسَح دموعه ويحاول يكتّم شهقاته قد ما يقدر وبصوته المُرتجفً الي كله حسّرة وخوف : وقـاص .. المشغل اللي كانت برِيق فيه .. أحترق
أرتجف قلبَ وقاص برُعب ووقف من مكانه برجفة ونطق بنبرة مُتزعزعة من شِدة صدمته الي ملأت كل روحه : أي مشغل ؟
ودِيع الي ناظر لبريّق وهو يمسح على شعرها بحسّرة والبكّاء واضح كُل الوضوح بسبب شهقاته المكتُومة: مشغل بنت الإستاذ فهد ماغيره .. الي جنّب محل الحلويّات المعروف
مابِقى عرق بجسده ما أرتجف .. ولا بقت شعره وحدة ما تزِلزلت يحس الأرض تُطوى من تحت رجله لدرجة إنه ظن لوهلة إن هالأرض أبتلعته وتركته عاجز عن التنُفس من شدة رُعبه وخوفه اللي أجبّر يدينه المرتجفة تِرمي الجوال منها .. وأجّبرت كل أجزاء جسَده تركض بلا وجهة وتغادر هالمكان !
-
بسيّارة ضِرار .. كان متكِي على طرف الباب بيده والثانيّة مثبَتة وبشِدة على الدريكسون .. الصمت هو سيّد الموقف .. والسيَارة الي كانت الضحكات تملئها تلاشت بسبّب جدية الوضع .. ساعات طويلة كانت فاصلة بيّنهم وبين آخر حدث مع عائلة محمد
أو بالأحرى أخواله .. وهذا هو ضِرار يتذكر الوقت اللي دخل فيه الحييّ الي يسكنون فيه أخواله .. كان متذكر تماماً وين هو .. كيّف ينساه ومحمد برأسه كان يوصفه له وكأنه قدام عينه ؟
لافِي كان جاهل تماماً سبب هالزيّارة .. ومايعرف نية ضِرار أبداً .. مع ذلك بقى ملتزم الصمت إحتراماً لتحفظ ضِرار عن السببّ .. ولكن دخُولهم لهالحي كان أشبّة بعلامة إستفهام كبيرة بعقله
ضِرار كان يناظر للبيُوت الي على أطراف الشارع وكله حيّرة وإستنكار شديد .. ومن وقف في المكان المقصُود عقد حواجبه بإستغراب " لو هذا بيّت أخوال محمد .. ليه أضطر يسرق ؟"

إنقطعت حبال أفكاره لما إنفتحت بوابّة البيت العريضة .. واللي ظهر خلفها رجل بمقتبّل العمر
والي من لاحظ وجود سيَارة جنب باب بيت أبوه ، ركض بأقصى طاقته لأجل يعرف نيّته .. ولكن من لمحه رجل غريب عنهم .. عقد حواجبه بإستغراب وأقترب منه وهو يقول : حيّا الله الي لفانا .. تفضل
ضِرار واللي كان يبي يخفيَ هويته .. والأهم سبب قدومه لهنا .. لأجل يعرف عن مكان محمد قال بهدُوء : جاييّ وقاصدكم بخدمة .. تردون ضيَف ؟
ضرب صدره بكل خفة وهو يبّتعد عن الباب : لا بالله ما نرد أحد .. تفضل حيّاك
دخل ضِرار بسيارته ولافي كان يترقب تصرفاته الي مو قادر يفهمها خصوصاً قدومه لبيت ناس ما يعرفونه ؟ وفضُوله اللي قدر يكبّحه طول هالفترة تضاعف وبشدة : ضِرار فهمني وش اللي قاعد يصير ؟ من هالناس ترى تعبّتني وأنا أفكر
ضِرار ألتفت له وتأفف بخفُوت وهو يقول : ماهو بوقته .. خلاص وصلنا للمكان إذا طلعنا علمتك
ميّل شفايفه بعدم إعجاب .. مع ذلك عذره لأنه واضح مرتبّك .. نزل ضِرار وهو يُلقي نظرات سريعة حول البيت وأطرافه .. ويحاول قد مايقدر يلقى ثغرة .. لأنه مُوقن إن ماكان محمد هنا فمر أكيد .. مازَال يتذكر كلامه عن هالبيّت " قضيّت فيه ليالي معدودة يا ضِرار .. ولكن لو النصّيب بيدي ما أطلع من أسواره أبَد .. وأبقى فيه عمري كله"
وهذا الي ترك ضِرار يهجُر الشمال ويركض بأقصى طاقته لأراضي نجّد بس عشان يتأكد بنفسه من كلام محمد وعدم معرفة هويّته من قِبل أخوال محمد بيّسهل عليه الوضع .. لعله يقدر يلقى ولو طرف خيّط يسترد به كرامته الي سفّكها محمد بسبب أنانِيته !
نزل من السيّارة وهو يناظر للرجال الي جالسين بالمجلس .. والي من لمحو السيّارة دخلت الحوش الداخلي وقفو كُلهم وهم ينتظرونه يدخل
لافي أنحَرج ووقف جنب ضِرار وهو يهمس له : حسبّي الله عليك كيف بندخل عليهم الحين
ضِرار ناظره بطرف عينه وقال : محد قالك تتعلق برقبتي .. قلت لك معي مشوار مهم وأنت اللي لصقت
تأفف وهو يصد عنهم وقال بضيّق : عشان نشتري هالجوال مرت ليلتين وفهـد فاقد حسّي .. صدقني أول ما أرجع بيذبحني
ضِرار أول ماسمع الترحيّب قال بخفُوت : بنخلص من هالموقف ونرُوح نشتري ونتطمن عليهم ولا يهمك
تنهد وهز رأسه بإِيـجاب وعُقبها دخل ضِرار وهو يستقبل الترحيّب الحار من الرجال اللي واقفين بأطراف المجلس وهو يرد بنفس الحرارَة ومن جلس قرب القهوجِي وهو يصب له فنجان القهوة ويكرمه بالضيّافة اللي توضح كرم أهل هالبيَت !
ومن أنتهى من شرب فنجانه وكان يدري إن العيون تراقبّه بلهفة بس لأجل يعرفون سبّب زيارته .. أو على الأقل يعرفون هويـته !
-ضِرار أعتدل بجلسته وترك فنجانه على أطراف المر وهو يتنحنح .. ومن أستقام ظهره وناظر للشخص الي جنبه برأس المجلس .. قال بهُدوء : أنا جاييّ لأجل ....
قاطعـه الـرجل اللي أبـتسم بخُفوت وعلى مُحـياه يبان الهُدوء : أنت جاييّ لأجل محمد صح ولا لا ؟
تكاثر الذهُول بعيون كل الرجال اللي بالمجلس .. خصُوصاً الكل يعرف إن محمد هارب من القانون .. والحين هذا من اللي يدور عليه ؟ والذهُول هذا ولا شيء قدام صدمة ضِرار اللي عقد حواجبه بإستنكار شدِيد بسبب معرفة هالشخص بسبب قدُومه !!!

خال محمَد أعتدل بجلسته .. وهو يثبّت يدينه على المركى برزانة مُعتادة .. ثم أبتسم بخفوت وهو يقول : لا تخـاف .. مانيّب ساحر .. ولكن بنفس الوقت منت بالأول اللي تِسأل عنه .. غيرك الكثيَر سألني عنه .. والأهم كلهم بنفَس مركزك
عمَ الصمت بالمجلس .. وضِرار مازال منِذهل .. هالشخص وشلون عرف إنه كان ضابِط ؟
أما لافي طوال الجلسَة حاجبه معقُود .. ويناظر بإستنكار للجالسيّن والأهم للرجل الي جنب أخوه .. واللي لمس بنظراته شيء غريب !
ضِرار نزل رجله وهو يناظر لخال محمد بهُدوء .. ثم قال بنفس مستوى صوته : دامـك تدري عن سبب هالزِيارة .. فالأكيد عندك علم عن الهارِب .. عطني العـلم .. وين أراضيّه ؟
خال محمد ميّل شفايفه بخفيف وهو يترك يدينه بحرية على فخذه : وبرغم إن مهب إتصال واحد الي وصلني لأجل مكان هالمحمد .. بس صدقني محد تجرأ منهم يجي بيّتي لأجل يفتش عنه .. من وين جاءتك الجراءة ؟
ضِرار ناظره بطرف عينه .. وهو يبتسم بسُخرية : مهيَب جراءة كثر ماهو حِس وطني يالطيّب .. ودام الي كلموك ماجاءو لأجل الإجراءات الرسميّة فعيب عليهم الرتبة .. وعز الله إنهم رخوم .. ودامك عرفت بنيتي من يوم شفت إني غريب عنك .. فعلمنِي وصلك خبر من ولد أختك الجاحد للطيّبة ؟
سكت للحظات خال محمد وهو يكتف يدينه بهُدوء .. ماكان يعرف هويّة ضرار بالضبط .. ولكن دخول رجل غريب عليه فالوقت اللي ولد أخته هارِب فيه .. وبالوقت اللي كان توصله إتصالات لاحصر لها من رؤوساء القسم لأجل يتأكدون شككِته فيه .. زاد عليه ثِقة ضِرار ، جلسته وكلامه وتصرفاته
هذي الثقة كان يلاحظها دائماً بأي ضابِط يقابله !
مع ذلك ما حبّها .. وأستفزته حِيل .. لأنه متعود على عُلو كلمِته في مجلسه .. ومتعود على الرُضوخ .. وخصوصاً لما أدار عيونه لأنحاء المجلس
ولقى رجال عائلته يناظرون لهم بإستنكار .. لذلك ملىء صدره بغرُوره المُعتاد وناظر لضِرار بهُدوء : وصلني خبر إنه هرب .. ميَر محمد ما يقدر يطُب بإصبع وحدة ليَن بيتي !
-أردف بنفس النبرة ؛ وأنت دامك كنت له صاحب فأنت تدري إني أرفض واحد مثله داخل حدودي
عقد حواجبه ضِرار وخال محمد أبتسم بهُدوء : محمد ولد أختي ما أختلفنا .. ميّر هالأخت خذت واحد أقل من مستوانا غصب عننا وبرضا الوالد الله يرحمه .. وحنا ما تقبلنا زوجها لأجل نتقبّل عياله .. وأنت تدري إن هالمحمد ماهيّب أول مرة يدخل السجن فيها .. وأنا مانيّب غبي لأجل أخلي واحد ضايّع مثله يختلط بعيالي وعيال إخواني ويقلل من مستواهم
ضرار كان مفجُوع من كلامه ومقولة " الخال والد" تشكل إستفهامات مُزعجة بعقله .. لأن أخته تزوجت شخص ميسور الحال ما تقبلو زوجها وأبعدوها عنهم ؟ كان منذهل وبنفس الوقت الحيّرة تشبّعت بصدره .. رغم إنه بمحطات حياته لقى كثير قصص تترك شعر رأسه يشيّب من سوءها .. إلا إنه بكل مرة ينصدم وكأنها المرة الأولى .. معقولة طوال هالسنين ماحنت قلوبهم على أختهم ؟ معقولة غربلُوها بسبب هالشيء الي يسمونه " مستوى إجتماعي " معقولة تركو عيّالها يذوقون الهم من بعدها بس لأن نصيّبهم من الدنيا كان أب بسيط وعلى قد حاله ؟ معقولة تركو عيالها يتشردون ويضطرون يمدُون يدهم بالحرام لأجل تنقضي حاجاتهم ؟ كان يتسائل ضرار " لو هالخوال إحتوو محمد .. وكانو له عزوة وسنَد .. كان بيكون بهالحالة الشنِيعة ؟ مجرم وهارب من القانون؟؟"
تنهد بإنزعاج من إسلوب هالرجل الشنِيع وبقى يناظره بعدم إعجاب .. بينما خال محمد أبتسم بهُدوء وكمل كلامه : وأنت تدري عن سبب هروبه ؟
ضرار عقد حواجبه وأعتدل على طول بجلسته لما لمح جواب هالسُؤال بعيون هالرجل وكله ترقب
بينما خال محمد أردف بنفس نبّرة الهدوء : لأجل أخته !
رإضَطرب ضِرار ووضح إستنكاره لجواب الخال على تعابِبير وجهه .. بيّنما خال محمد سند ظهره للخلف وهو يتنهد : تعرف علاقة محمد بأهله .. ولأجلهم دخل السجن لأجل يعيَشون حياة الرفاهيية ولو بالحرام .. وأهم ماعليه أخته ولو كلفه هالشيء حُريته
لافِي المُستمع الصامِت طول الجلسة ، هالمرة تخبى الفُضول بجيبه ، وخصوصاً كلامهم عن الهارب الي من نفس قسِم ضِرار .. برغم إن ضرار ما فتح معهم هالموضوع أبداً ! لِذلك أعتدل بجلسته وهو عاقِد حواجبه وقال بإستنكار : ودام هالموضوع كذا .. لِيه كان سبب هروبه أخته .. تخلى عن حُريته لأجلها لِيه يرجع لها من جديد ؟
ضرار ألتفت وناظر للافِي بإستغراب مع ذلك ألتزم الصمت لأنه حتى هو زاره الفضول لدرجة كان منتظر الإجابّة على أحر من الجمر .. أردف خال محمد بهُدوء : نهاية هالشهر كان زواج أخته .. من صاحبي
عقد حواجبه ضِرار بإستنكار !
-. جايّب لها شيخ يعزها ويرزها هي وأبوها .. ورافضة تقول ماتبي شايّب .. علمني من اللي بيقبل فيها غيره؟ ولأني أجبَرتها على الموافقة إنتهى بها الوضع لأسوء حال
ولا يخفى عليك إنها زارت أخوها قبل يهرب وعلمته باللي صار ، وأنا متأكد إن كل اللي سواه لأجل يهرب من تخطيطه .. لأجل بس يتأكد إنها مارح تتزوج بهالشايّب
لافي كان ساكت ومصُدوم .. أو بالأحرى مصعُوق .. تخلى هالمحمد عن حيَاته بشكل علني بس لأجل زواج أخته من شايّب ؟ معقولة ؟
ضِرار ماكان أقل صدمة من لافِي .. هروبه كان مُخطط له ؟ غمض عيونه وهو يصد ويمسح على وجهه بِضيق .. دام هالخال نساهم طول حياتهم .. ليه قرر يضيّق عليهم حياتهم بهالطريقة الي شتّت عائلة محمد أكثر من تشّتتها ؟ معقولة هالخال مُجرد من الحنيّة؟؟ خال محمد أكمَل كلامه : أهل هالمجلس شاهدِين على المر الي مريت فيه بسبّبهم .. وعلى الكلام الي طالني أنا وإخواني لإننا تاركين هالبنت لوحدها بالشمال مع أبوها الي مامنه رِجاء .. وهذاني قررت أستر عليّها وأزوجها شيخ يعزها .. وين الإجرام بالموضوع ؟
لافِي كان يناظر للشبَاب الليل بالمجلس .. وأغلبَهم بمُقتبل العمر ولا بهم عيّب فهمس بسخُرية : الإجرام والله إن شخص مثلك باقي عايَش يا متخلف .. تخلى عن بنت أخته وتركها للغريب بس عشان هالفلوس ؟ الله ياخذ عمرك
ضرار ألتفت له وأشر له يسكت ولافِي ميل شفايفه بعدم إعجاب .. الوضع بدأ يتوتر أكثر وأكثر ويحتّد وهالشيء مو عاجبه .. بعد صمت خال محمد الي ماطال .. قال بهُدوء : تعرف ضِرار بن سطّام ، هو نفسه الضابِط اللي ساعده بالهرب
شهقة لافِي العالية أجبرتهم كلهم يلتفتون له ويناظرونه بإستغراب .. وضِرار حس إن النار أشتعلت بصدره .. هالتُهمة بدأت تأخذ من روحه الشيء الكِثير .. لافِي كان يناظر لضِرار وعيُونه ماهيّب مصدقة الكلام .. ولكن قلبه يرتجف .. ضِرار ببيت خال الشخص الي هرب .. كيف ساعده وهو يدور علَيه الحين؟
ردة فعِل لافي تركت إبتسامة على وجة خال محمد الي قال بهدُوء وعيونه على ضِرار : أنت ضِرار صح ؟
تنحنح ضِرار وهز رأسه بإيجاب وهو أردف بإبتَسامة : أجل الي أنقال خطأ .. أنت ما ساعدته على الهرب .. أنت تورطت معه
عقد حواجبه ضِرار من تناقض هالشخص
وخال محمد اللي أكمل كلامه بِفطنة : لو كنت اللي ساعدته على الهرب كأنك الحين مرتاح بال ولاا تدهورت حالتك يومنَك أنفصلت قدام كل الضبّاط الي بالمركز .. كأنك الحين تعرف مكانه ولا جيّت تدور عليه حتى بأقصى نجّد .. الواضح إنه خان عِشرتك وأستغل طيبة وأستغفلك وهرب
-



فيتامين سي غير متواجد حالياً  
التوقيع



شكراً منتداي الأول و الغالي ... وسام أعتز به


رد مع اقتباس
قديم 11-08-21, 09:35 AM   #23

فيتامين سي

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة

alkap ~
 
الصورة الرمزية فيتامين سي

? العضوٌ??? » 12556
?  التسِجيلٌ » Jun 2008
? مشَارَ?اتْي » 42,436
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » فيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي



.
(البارت الواحد والعشرون)

ضِرار كان ساكت .. ولافِي باقي على إنهيّاره لحظات .. أخوه أنفصل من مهنته بسبب مساعدته على تهريّب سجين؟ متى صار كل هذا؟
ضِرار تنهد وشبّك يدينه ببعض .. وهو يناظر لكل الحاضِرين بالمجلس والي ملتزمين الصمت وتاركِين هالرجل بس اللي يتكلم .. إستغرب هالشيء مع ذلك ماعلق وألتفت له لما أكمل خال محمد وقال بهمس بيّنهم: وأنا عرفت يوم جيّت الشمال إنك غضيّت النظر عن مساعدة أخته له بالهرب .. ولا جبت طاريّها ولا تكلمت عنها للمحقق .. وسترت عليها .. ولاهو بس كِذا ما رحت لهم البيّت أبد .. ولا طبت رجلك هالمكان والملازميّن الباقين هم اللي راحو يفتشونه .. وأنا هالشيء ما تغاضيّت عنه .. وكبّرك في عيني حيل .. ودام محمدهرب لأنه خايف على أخته من زواجها من هالشايّب .. فصدقني بيسَتسلم ويسلم نفسه لامنّه درى إنها صارت زوجة شخص يثق فيه . . يعني زوجة الشخص الي عزّزه بالسجن
ضِرار كان يناظره بصدمة وخال محمد أبتسم بخُفوت وقال : وعاد لهم الشرف يأخذون ضابِط أنفصل عشان ولدهم .. وبيني وبينك هذي الطريقة الوحيدة اللي بيستفيدون منها كل الأطراف .. محمد بيرجع للسجن وهو مرتاح .. وأنت بيصير عندك زوجة من دون تتعب .. وزياَدة على كذا بتثّبت براءتك .. وأنا بينقص لسان الناس عني .. وكذا أنحلت القضيّة اللي خلتك تجي من الشمال لنجد
ضِرار بسبب صدمته من هالرجل وكأن أحد بصم على فمه لدرجة إنه عجز تماماً عن الإجابة .. كيف قدر يتخلى عن عيال أخته بالطريقة الوحشية ذي ؟ مرة يبي يزوجها شايّب عشان يفتك منها ؟ والحين يعرضها وكأنها سلعة رخيصة لشخص غريب مايعرف عنه شيء ؟ والأهم شخص تلوثت سمعته بسبب أخوها ؟ معقولة ماخاف عليها ؟ إذا ضِرار بنفسه ورغم كسر قلبه في ذيك الليلة ما تجرأ يورطها بهالموضوع .. كيف خالها اللي بحسبّه أبوها يفرط فيها بهالشكل ؟؟ ولو إن مقدار أذاه كبيَر بسبب تغاضيّه عنها إلا إن طيّبة قلبه أعمت عيّنه
أبّتسم هالخال .. وبعدها قال : بعتبَر سكوتك علامة موافقتك
ورفع صوته بالمجلس وهو يقول :ِ ضِرار بن سطَام أقبل يبي القُرب من أخت محمد .. لأجل النخوة الي بقلبه واللي أجبرته يستر على أخت هالهارب
تعالت الصدمات بوجة ضِرار .. اللي وقف من مكانه بعجلة شديدة .. وناظر لخال محمد بكل حدة بيّنما هو ناظره بإبتسامة هاديَة
ضرار قبّض على يده بعصبية شديدة .. وهو يحِس بالنار تشتعل بصدره .. خال محمد أقبّل على هالخُطوة وهو يدري إن ضِرار مستحيل يرفض .. كيف يعلى صوت بوسط مجلس وهو يقول إنه بيتزوج هالبنت وهو بيرفض؟ وكأنه مقلل من قدرها ؟
ألتزم الصمت وصوت تنفسه هو المسموع فقط ..
-خال محمد أبّتسم وناظر لولده : كلم الشيّخ حمّاد .. قل له أبو البنت رفض هالزواج .. وعلم أبو محمد الكهل إن زواج بنته قرِيب
لافي اللي كان مكتّف يدينه وعاقد حواجبه بتعجُب .. ماكان قادر يسمع الهمس الي بين هالرجل وضرار لأجل كذا مافهم زبدة الموضوع .. ولافهم ليَه ضِرار أقدم على هالخطوة.. لذلك من وقف ضِرار وقف معه وهو مستغرب ردة فعله .. قرب منه وهو يقول : ماتبيّها؟
ألتفت له ضِرار وتعابير وجهه مُنشّدة بسبب عصبيته والي تفاجأ بسببها لافِي .. كان ضِرار منبّسط وسهل وما يلجأ للعصبية أبداً إلا بمواقف تجبّره على ذلك .. لافِي كان بيتكلم بس ضِرار أشر له يسكت
رجع يلتفت لخال محمد ويناظره بنفس الحِدة .. وبعدها قال : هقيتك تعرف الرجولة ولكنك لويت ذراع رجال بنخوته وأنت رخمة .. عز الله إنك منت برجال
أبتسم خال محمد بهُدوء وهز رأسه بلامبالاة .. بالنهاية بعد حضُور ضِرار اللي ماحسب حسابه .. والي ماتوقعه أبداً كل أموره اللي ماكان يقدر ينام بسببها حُلت .. ومايبي غير هالشيء ولو كلفه هالموضوع حيّاة ناس غيره
ألتفت ضِرار عنه .. ومشى وهو يخرج من المجلس ولافي لحقه بدون يودعون الجالسين .. واللي كلهم إستغراب بسبب عصبية ضِرار اللي ركب السيارة وناظر للبيت بقهر وكله تساؤل عن "رغبَة محمد المُلحة بالتواجد بين أسوار هالبيّت اللي كله هم وغم ؟ "
عاد للحاضِر وهو يشّد أكثر على الدريكسون .. زيارته لخوال محمد كانت عكس ظنونه تماماً .. هالزيَارة كلفته نص دِينه .. وكلفته حميّته المُتعارف عليها .. كان كله قهر وغبّنة من المدعُو خال محمد الي أستفزه وكثير .. كله تساؤل عن شخصيته الكريهة والبغيّضة .. كيف قدر يعيش بكمية الناس حوله وهو بهالشكل الشنيّع .. معقولة بسبب الفلوس ؟؟ هاللحظة كان كل همه المصيّبة الي طاحت على ظهره .. وأخت محمد اللي أرتبّطت فيه غصب عنه .. وخُصوصاً إنه بقى رافض فكرة الزواج بسبّب اللقلب الي حملوه عيّال سطّام بسبب فعلته .. واللي ظن إنه بيبقى مرفوض من ناس كثير بسبب هاللقلب ..
-
رجع للواقع وهو يلتفت للافي الي الجوال بيده ويقلب فيه بعشوائية وقال بهُدوء : لك يومين مسبّب لي صداع بسبب هالجوال .. ويومنّي أشتريت لك واحد جديد جالس تلعب فيه؟
لافِي اللي مازال تحت صدمة الكلام الي حضره بالمجلس .. وتحت صدمة سكوت ضِرار عن هالشيء .. غمض عيوونه بهُدوء للحظات وهو عاقِد النيّة مايفتح هالموضوع أبد مع ضِرار .. بما إنه ألتزم الصمت عنه مارح يجبره يتكلم ! لذلك رفع رأسه بمرحه المُعتاد الي يخفي خلفه جبال من الخوف والقلق وقال : بدينا نتمنّن ؟ ترى مالك لوى .. جوالي أنسرق بسببك ميّل شفايفه ضِرار وناظره بطرف عينه وهو يقول : إتصل على فهد .. وش تنتظر ؟
رفع يده وهو يخلل شعره بيدينه بقهر :ولافكرت بيوم من الأيام أحفظ رقمه .. لأني طول عمري كنت معه بنفس البيّت ولأني ماسافرت من دونه أبَد.. حسبي الله بس
ضحك ضِرار بخفوت وهو يناظر للطرِريق وقال : لا تخاف .. مارح يضيعُون لامن حسك أختفى عنهم يومين
لافي نفخ صدره وقال : والله لا تصير هوايّل بدوني .. أنت وش عرفك
أبتّسم ضِرار بهدوء .. ولافِي سكت عن طاري الإتصال لأنه متطمن إنه بكرة الظهر بيكون بوسَط بيتهم .. وبيتنعم بأصواتهم وبالنظر لهم بكل حرية
وحلف هالمرة أول مايرجع ليبّدأ يحفظ أرقامهم واحد واحد .. بس لأجل ما يطيح بهالموقف من جديد .. بينما ضِرار مصيّبته اللي على رأسه نسته تماماً الإتصال على أي أحد وكان ملتهي فيها
-
-
#في أحد زوايا المستشفى .. كان جالس ويدينه على رأسه ويهز جسده بتثاقل شديد ..مُغمض العيّنين مُرتجف اليدين .. مابقى بجسده أي خلية ساكنِة
كان صُوت أنين ودِيع يخترق رأسه لدرجة إنه يحس بأنه بينفجر بأي لحظة .. من سمع الخبَر من وديع تخلى عن الوقوف بمكانه بعجل .. ماكان يعرف كيف وصل لحدُود المستشفى كثر ماكان يحس بأنه بينجن بأي لحظة ! ليه تواجدت بهاليوم ؟ ليه كانت حاضرة بهذا التوقيت الشنيّع ؟
بدأ يئن من شدة أنين وديّع وهو يهز رأسه أكثر وأكثر وصوت صِراخ برِيق الوهمي يخترق قلبه .. كان مُوقن إن المكان خالي من أيي شخص .. كان متأكد وبشدة من إن هالليَلة رح ينتهي هالمشّغل بكل هُدوء وبينتهي معه عهد وهَاج مع بنت فهد لأجل تبقى له .. ولكن اللِي حصل غير تماماً عن الي خطط له .. هذا هو وهّاج جنب بنت فهد اللي كانت بتنتهي حياتها بسببه .. هذي هي تحت ظله وأقتربت منه أكثر بيّنما صارت بعيدة عن وقاص كل هالبعد .. هذا بكفة تماماً ووجود برِيق بالمكان اللي أشعل فيه النار بنفسه بكفة ثانية .. أخته اللي تدمرت بسببه .. وإنتهت فصُول حياتها الرقِيقة بسبَب بشاعة نيته !
رفع رأسه وهو يناظر لودِيع اللي جالس جنبها .. ويدينها بيده ورأسه متكأ عليها .. صوت أنينه وحده المسموع .. وهذي حالته من ساعات طُويلة .. وعلى هالشكل ينتظرها تصحى .. ولكن تناقضه بيقتُله .. يبيّها تصحى لأجل يتطمن؟ ولا لا تصحى لأجل ما تنتهي ثقتها بنفسها وتعاني الويّل !
تأمل المنظر ولأول مرة يحس بهالمشاعر المُوجعة ناحية إخوانه .. ولأول مرة هالضيَق يزور قلبه بالشكل هذا ..
- بمكَان ما يبّعد كثير عن هالمكان .. بنيَان كان واقف على الجدار ومتكأ بظهره بتعب شديّد .. طوال الليل كان صاحب وهَاج بالسهر على أعتاب هالمستشفى .. ماغفى لهم جِفن ولا أرتاح لهم خاطِر أفكار تجيبهم وأفكار توديّهم .. والود ودهم هاللحظة يعرفون سببّ هالحريق ولكن ما بيدهم حِيلة .. وهّاج رفض تماماً يطلع من هالمسّتشفى قبل ينكتب خرُوج لبنت فهد خصُوصاً إنه بقى يتصل طوال الليّل على لافي وضِرار ومالقى لهم إجابة وقبل يتأكد من سلامة أخت ضِرار برّيق .. وبنيّان عاهده يبقى معه لين يخرجون سوى
وعلى هالحال بقو منتظرين طوال الليَل ومناوبيّن على مرقبة كبيرة منهم .. ولاخفي عليهم دخول وقاص اللي وقف وناظرهم بنظرات غريّبة تماماً نظرات كلها خسّارة والي بعدها دخل الغرفة الي ترقد بها أخته !
وبعد مامرت ساعتيّن عللى غياب وهّاج رفع بنيّان رأسه وهو يشُوفه يوقف قدامه وبيدينه ورقة الخرُوج وقال : أبّشرك طمني عنها الدكتُور الحين وتأكد إنها بخيّر ويقول تقدر تخرج
تنفس بنيّان الصُعداء وهو يشد على كتف وهّاج : الحمد لله على سلامتها .. ميّر علمني وش هالمشوار اللي خذى منك ساعتيّن ؟
سكت وهّاج للحظات وبعدها تِنهد وهو يتذكر الكلام الي وصل لمسامعه فجر هاليُوم

" معاني تنهدت وهي تمسح دمُوعها وترتب نقابها الي تبعّثر بسبب مسحها لهالدموع وقالت بحسّرة : وكيف ما أنتبهتي ؟ شبّت نار بالمكان وهدمته ولا دريتو إلا لما إحترق كل المكان ؟
غمضت عيونها بضيّق وهي تتذكر هاللحظة المُهلكة وقالت بقهر : العازِل اللي طلبت من أبوي يركبه بأطراف الغرفة .. حال بيّننا وبين هالنار ياعمة
خيال جلست على الكُرسي وهو تأفف بضيّق : كنتي حريصة على راحة اللي ينتظرون بغرفة الإستقبال . وما دريتي إن هالعازل بيكون سبَب من أسبّاب الحريق !
معاني اللي قاطعتها بخوف العالمين : وكل هالأشياء صارت ورجال هالبيّت عنه غايبيّن .. يارب نعتب ولا نخاف ماعاد عرفنا
خيال قضمت شفايفها بإرتبّاك وهي تهز رجُولها بتوتر .. هي أساساً صاحبة الخيال بكل شيء .. فكيّف يصعب عليها تخيُل مصيّبة صارت لهم ؟ لذلك قالت : لو صار عليهم حادث ؟
ناظرتها معاني بحدة ودُجى شدت على طرف اللحاف وماردت عليها وبقت ملتزمة الصمت .. ومعاني أشرت لخيال تسكت .. وبعد دقايّق طويلة فتحت دُجى عيونها ولقت خيال مسندّة رأسها على طرف الكُرسي ونايّمة بتعب شديد .. ومعاني ساندّه رأسها على طرف السرير ومغمضة عيونها بإنهاك
طُوال الليل بقو سهرانين عندها .. وطوال الليّل وهم ينتقلون من غرفة بر ِيق الي من عرفو إنها كانت مع دُجى بنفس المصيّبة حتى ركضو لها لأجل يتطمنون
-ودِيع حال بينهم وبين إنهم يشوفوها .. ولكن كانو يتطمنون من دكتورها .. وبعدما صلو الفجر إختارو إنهم يريحون ولو لساعات قليّلة بعد هالفاجِعة الي دمرتهم !
دُجى من حسّت إنهم غطو بالنوم العميّق وغابو تماماً عن وعيّهم .. حتى سمحت لدموعها الي كتمتها بالتسُرب الكثيّف على خدها .. دمعة تتبّعها دمعة أجبرت سلسلة الدموع على عدم التوُقف .. كلام خيال بثّ الرعب بقلبها أكثر وأكثر .. والكل يدي ما أغلى من لافي بقلبها إلا فهد .. فكيّف لو فعلاً صابهم ضُر وهي ماتدري ؟ هالدمُوع ماكانت كافية أبداً على زرع شعور الراحة بقلبها .. لذلك بدأت شهاقتها الخافِتة تتعالى بشكل مُهلك وهي تحاول تكتمها ولكن ماقدرت .. غمضت عيونها وهي تمسح دُموعها بطفولية .. وكل اللي ينسّمع مع صوت شهقاتها .. النِداء الموجع " ويّنك ييييبة"
والي كان على أعتاب مسامع وهّاج .. الي أقترب منُهم لأجل يسألهم في حال حاجتهم لشيء ؟ لذلك من تسللت لمسامعه صُوت شهقاتها المُوجعة حتى توقفت خطواته عن التقُدم ورجع يدينه للخلف وهو يخلل بها شعر دِقنه بعشوائيَة يحاول بهالعشوائِية يبّعد هالشعُور الي تسلل لقلبه من جديد .. والي عجز تماماً عن تفسيره !
لذلك أبّتعد عن المكان بعجل شديد وهو يرجع يجُر خطواته جنّب الجنُوبي .. وبعدما أذن العصر ترك المكان لساعتيّن .. وهذا هو رجُوعه .. قال بعدما تنهد : مكان ماهو ببعيّد يالجنُوبي .. طمني وش صار على أخت ضِرار ؟
بنيّان فهم إنه يقصد بنت عمه لذلك هز رأسه بضيّق : على حالها .. ماصحت للحين
مسح على وجهه بتعب .. وقال : أجل برجع بنت خالتي وعماتها للبيّت .. وأنت إرجع بيتكم وريّح عظامك .. هالليّلة إنكتب لك بها الشقاء
أبتسم بإنهاك بنيّان .. وشد على ذراع وهّاج : مامن شقاء دام فيها فزعة لخوي
بادله وهّاج الإبتسامة بإمتنان .. وكله تساؤل " هالبنيّان فعلاً حقيقي ؟"
ولكن بنيَان أردف بنفس اللحظة : مير إني ببقى هنا .. لين نتطمن على أخت ضِرار
هز رأسه بزيـن : لو صحت قبل أجي طمنيّ عليها
بادله بإيّجاب ووهّاج أبتعد عنه وهو يقترب من المكان اللي يحتوي جسّد دُجى وعماتها .. ووقف خلف الستَارة وهو يتنحنح .. وصل بعدها لمسامعه صُوت ماميّزه : تفـضل
وهّاج قال بإتزان وبصُوت كله هـدوء : إنكتّب لها خروج .. يالله مشيـنا
رجع يوصل لمسامعه صُوت .. ولكن هالمرة يعرف صاحبته أحق المعرفة : قولي له ياعمـة يروح دُوننّا .. مانبيه يتعنـى لأجلنا . . يكفي ليّلة البارح
ما نبـي تعب أحد ينكتـب ديّن برقبتنا ! ولا إحنا بحاجته هاللحظة
عقدت حواجبّها بصدمة وهي تكِتم صرختها بصعُوبة بسبب ..
_
عقدت حواجبّها بصدمة وهي تكِتم صرختها بصعُوبة بسبب خيال الي قرصِت رجلها بخفة وهي تناظرها بذهُول همسّت من بين هالسكُون : ليه تصدينه ؟
معاني أيدتها بإستنكار وهي تقول : مالـنا غيره هاللحظة .. ليه هالجلافة بالتعامل لشخص تعنّى لنا يا دُجى ؟
عضت شفايّفها بقهر : لأن بعد هالتعنيّ رح يكون فيه تمنن يا عمة .. لأن بعد هالكرم والحميَة رح يكون الجرح كبير .. كبير حيل .. وأنا تعبّت اللي جاني كِفى
خيال مازال الذهُول مُتلبّسها .. لأنها ماقدرت تفهم سبّب أسلوب دُجى الي كله جِفاء وخشُونة .. والمُتعارف عليه دُجى ما تلبّس أخلاقها هالإسلوب اللي لامن زارها جرح بسبَب هالشخص .. معقولة وهّاج رمى جمّرة بضلوع صدرَها دُون علمه ؟
وعت من سرحانها لكلام معانِي الهادي .. والي قالت بخفُوت : هو الي بِقى لنا هاللحظة يابنت أخوي .. من وين بنلقى ظهر يسندنا الحين ؟ وأخوك وأبوك غايّبين عن العين؟
غمضت عيونها بضيَق إجتاح صدرها .. مازالت جملته ترِن مثل صدى يخترق روحها .. ماتبيّه يتعنى لأجلهم .. ماتبيّه يتمنَن لأجل خاطر فهَد
يكفي اللي سواه .. كانت بتنطّق وتقول إن هقاويّها خابِت وحيل كانت بتقول إن اللي هدّ حلمها ماكان شيء عابِر كثر ماكان شيء مُخطط له
ولكن ماقدرت .. كيَف بتقدر وكل الي بيدينها رسالة من شخص تجهل هويته ؟ بقت ملتزمَة الصمت وعلى الله بس لا يبلع حبيس الهرج حلقومه
أما وهّاج كان واقف بهُدوء بنفس مكانه .. مِنذهل من جفاها الغير معقُول وكأنها تنتظر فرصة لأجل تكسِره .. وتتمنى تلقى جرح لأجل تصبّ الملح عليه ! مابيّده ولا عذر لأجل أفعالها معه ولكنه بهاللحظة ذِي إختلق لها سبّعين عذر .. وعذرها !
لأن صدرَه مِمتلي بنار مِشاعر مايعرف من أي الأبوابَ دخلت ! ماكان وده يزيّد هالنار حطب بسبب العتب عليّها لذلك كل اللي سواه هاللحظة إنه ترك الكيّس اللي بيده جنب السّتارة وقال بصوته الجهُوري واللي رغم هدُوء نبّرته إلا إن الحِدة تبّان فيه وبنبّرة وضح الأمر فيها : بأنتظركم بسيّارتي .. لا تتأخرون
شدت على قبّضتها بقهر منه .. سِمع عتّابها ورفضها للرجوع معه ومازال مُصر على موقفه؟
تنّهدت معاني وناظرت لدُجى وهي تقول : يالله .. لا نتأخر عليه .. فشلة منه
ناظرتها بضيّق وبعدت اللحاف الأبيض عن أطراف جسمها .. بيَنما خيَال شهقت : نسيّنا طاري هالعبايّة ..شلون بترجعين وبس جاكيّته الأسود على ضلوعك؟
تذكرته وبعدته على طول عنها .. وتأففت لما تذكرت إنها نست تماماً هالشيء .. ولكن معاني إنتبهت على الكيَس الي تركه وهّاج ومشت على طول .. ثم أبتسّمت وهي تمده لدُجى وقالت بعجلة : إلبِسي بسرعة يالله
-ناظرت دُجى للعبايّة الي مدتها لها معاني وميَلت شفايفها بخفُوت .. وفعلاً ماكانت بموضع رفض أبداً
حررت شعرها من غُترة وهّاج البنية .. اللي أكتست وبكثافّة بريَحتها .. وتركتها مع الجاكيت الأسود بأطراف الكيَسة .. ومن توشحت بالسّواد والي أستنكرت معرفته لمقاسّها بالضِبط .. حتى ألتفت لمعاني وهي تقول بهدُوء ورِجاء : خليّـنا نمر نتطمن على أخت ضِرار .. قلبي متلهفَ عليها طوال الليّل
معاني ترِددت لأنها خافت تتأخر على وهّاج وتنحرج منه مع ذلك هزت رأسها بإيجاب وهي توصف لها الغُرفة: يـالله .. اللي مريتو فيّه مهب هيّن .. وأكيد تحتاجين تتطمنين عليها ، مشت بعجلة شديّدة ، والكيّس مازال بيدها وخيال تنهدت وهي توقف وتناظر لدُجى الي مقفيّة وتركض بعيّد عنهم وقالت بضيّق : تظنين كم باقي على إنهيّارها؟
معاني إلتفت لها وتأفتت بقهر : لا تفاوليّن عليها
خيَال كتفت يدينها وزفرت بهُدوء : ولكنك تعرفيّنها أكثر مني .. تخبي ضيقها حتى عن نفسها
من الي بيبقى سالم وصاحِي .. من اللي بيبقى بخير بدون إنهيّار وحلمه الي بناه سنين تلاشى قدام عيونه بلحظة .. مهب كذا وبس يا معاني
كان يحترق ولا بيدها إلا تصرخ وتنهار وتبّكي .. كان يحترق وهي تناظر فيه بدون ماتقدر تحرك طرف يدها .. علميني بعد ذا كله ظنّك بتبقى بدون ما تبّهت روحها ؟
ألحق كلام خيَال تنهيّدة عميييقة من معاني الي غمضت عيُونها بضيّق .. لو تحلف إنها بقت طوال الليل تهلِوس بخوف من إن دُجى ترجع للوجع من جديد .. وإن فترة رجوعها للحيَاة كانت قصيرة لهالدرجة .. لذِلك شدت على كفُوف يدها بتعب وهي تمِشي ورى دُجى : رحمة الله واسّعة .. يمكِن تنعكس آمالنا .. وتبّقى قُويـة مثل ماكانت
ميّلت شفايفها خيَال ومشت معها .. وكلها رجاء إن كلام معاني يتحقق
-
وقفت دُجى قدام باب الغرفة .. وهي تسِترق النظر لداخلِها .. ومن لمحت السريّر الأبيض اللي يكسُوه جسد برِيق الباهِت حتى حست بقبّضة وجع بصدرها ..تِمنت تكون بخير .. تمِنت مامسّه ضر
ولكن الي تشُوفه غير عن أمانيّها .. زارها ضيّق مالله به عليّم .. وزاد ضيّقها الشخص اللي أنتبهت له
واللي كانت نظراته غريَبة .. غريَبة حيل بالنِسبة له
رجعت لورى بخوف بسببها شدّت على أطرف الكيّس برُعب .. ووقاص مازال يناظرها بنظراته الثائِرة .. مُوقن إنها هي .. ولا يعرف كيّف ميزها
ولكن إحسّاس بقلبه كله يقيّن إنها الشخص الي حارب وهَاج عشانها .. والشخص ذاته الي خِسر برِيق بسببّها !
لذلك كان يناظرها ونظراته تفسّر شعور قلبه هاللحظة .. ضيّق .. إنتقام .. خوف .. رغبّة .. مشاعر مالها نظرة مُعينة .. غير إنها " مُرعبة"
-وبسبب نظراته تركت دُجى المكان على طول .. وهي تتخطى معاني وخيَال وتطلع برى المستشفى
والي بدورهم إستنكرو فعلتها مع ذلك لحقوها بصمت ..

وقِفت قدام باب المستشفى وقلبَها مازال يرتِجف .. وكلها حيّرة .. معقولة هالخُوف كله كان بسبّب نظرة ؟ يدينها اللي كانت شادّة وبقوة على أطراف هالكيسّ بدأت تِرتخي تدريجياً .. وقلبها الي كان بينفجّر بسبب نبضه الحاد بدأ يهدأ بشكل غريّب
لما لمحته واقِف جنب باب سيارته .. مِتكي بطرف كتفه بملل على طرف الباب وسبِحته المنشُودة بين كفوف يده .. يحركها بلا وجهة في الهواء الطلّق ويناظر بعشوائِية للمكان .. ينتظر حضُورهم
من لمحّها واقفة على مقربّة منه .. حتى عقد حواجبه للِحظة .. وهو يلمح نفس نظرتها المُعتادة له " نظّرة الرجاء والتعمُق" اللي كانت ومازالت النظرات الي مُصممة عيون دُجى الي مراقبّة وهّاج فيها ! ومثل ما أنقال العيّن مرأة القلب .. رغم الشعُور السيء الي يضيّق عليها صدرها الوسيّع بسبب الكلام الي وصل لأعتاب سمعها .. إلا إنها لا تخفي إنها لما لمحته توشحت بوشّاح الأمان اللي بسببّه أبتعد هالرعُب كل البُعد عنها !
صدت بسرعة عنه .. وألتفت لمعاني الي شابّكت كفوفها بيدينها وضغطت عليها بهُدوء .. تنهدت وهي تشد عليها ومشت معها وهي تركبّ السيارة مِتجاهلة وهّاج الي أبتعد عن السيّارة لأجل يترك لهم فرصة عشان يركبو
تنهد ومسّح على وجهه وهو يتنّهد .. وقال بحيّرة : أنا شخص تناقِضي وعدم معرفتي بهويّة قلبي شيء يأكل من طرف قلبْي .. ماني بحاجة نظرات تزيّد هالتناقض نار يابّنت فهد
جمّع حبّات السبّحة السُوداء بطرف يده .. ومشى وهو يركبّ السيارة بهُدوء .. وطُوال الوقت كان صاد عنهم .. وملتزم الصمت كعادته .. بيّنما هم منحرجيِن وكلهم حيّاء من وجودهم معه .. ولكن ما باليّد حيله .. مالهم غيره هاللحظة
وقـف قدام المكان اللي يحُوفه الرعب .. والي أطراف الشعُور بالخوف مُتلفة حوله وهو يثبّت يدينه على الدريكسُون بهدوء .. وسط خوفهم وهم ينقلون أنظارهم ناحيّة هالمكان بخوف .. دُجى الي كانت عاقِدة حواجبَها برهبَة قالت بصُوت خافِت : ليـه أقبّلت بنا لهالمكان يا ولـد الخالة .. ليلة أمس خذت من عمرنا عمر .. ودك تزيَد الضيّق ؟
تنهد بخُفوت .. وهو يبّعد يدينه عن الدريكسُون .. وهذي ما كانت نيّته أبد ! لذلك فتّح باب السيارة وقبل ما يخُرج قال بهدوء : إتبَعو خطُوتي .. إن كان لكم نيّة بمعرفة سبّب وجودكم هنا
ناظرته معاني بإستنكار .. ودُجى تأملت نظراتهم الي كلها خُوف .. وقالت بضيّق : ماودنا نتبَع خطاك .. نبيَ نرجع بيّت فهد هاللحظة
-تأفف وهو يشد على قبضَة يده ويصد بالنظر عنهم .. هو تعنّى كثير لأجل يقدم على هالخطوة .. ليه تحب تزيّد عناه عنى؟
لذلك خرج من إطار الرزانّة والهُدوء الي لبّسه لساعات طويّلة ..وقال : إن كأنك تبيّن تشوفين فهد هاللحظة .. فمالك إلا تتبّعين خطوتي وأنتي ساكتة
عقدت حواجبّها بصدمة من جلافته .. والأهم من كلمة " تشوفين فهد" اللي زعزتها .. والي تركتها تناظره بذهُول وبفجعة تسربَت لأقصى جوف بصدرها والسؤال الي يتردد ببالها " فهَد اللي صار معنى إسمه بقامُوسها " الحنيّة" وش يسوي بيّن أسوار السجن القاسِي ؟؟؟
-
-
ومن بيّن إزعاج المستشفى المُميّت .. وبأحد غرف الطوارىء المعرُوفة بكئابتها .. بدأ جِفنها الرقِيق يُزاح بخِفة عن بصّرها .. شوشرة فضيّعة .. رؤية مشُوشة ومُهلكة .. صُداع عنيَف .. وجع مُقيت بكل أنحَاء جسّدها .. آخر ذكرى قدرت تُسَطير عليها هذه اللحظة .. النار اللي رمَتها صاعِقة على الأرض !
غمضت عيُونها بإنهاك شديد .. وبدأت تفتحها من جديد علّ هذا الداء يخّف ولو بالشيء القليَل
ولكن لا رجاء !
بدأت تنقل عيُونها لأنحاء الغرفة .. وعقدت حواجبَها بتعجُب للشخص اللي متكأ بثُقل رأسه على أطراف يدها توجعت ولكن ماقدرت تحرك ساكِن .. وبقت على هالحالة الصامِتة دقايّق طوييلة قبل تقدر تسّتعيد طاقتها الي تلاشت بسبّب المُهدئات اللي حُقن بها جسّدها الرقيّق !
وآخيراً قدرت تحرك يدها بتعب حتى حس عليها وديّع وفز بكل طاقته وهو يوقف بعجل شديَد من مككانه ويناظرها بلهفة ومن لمح عيُونها تراقب تصُرفاته حتى حس بالدمع يحرق محاجر عيُونه
آرتخى حاجبها بإستنكار شديّد .وهو مسح دموعه بعجل وأبتسم وهو يقرب منها ويحتضن كفُوف يدها بيّن كفوف يده : آخر الأوجاع يابعد هالكُون
هزت رأسها بتثاقُل شدِيد وهي تبّعد كفها عنه وتِتحسس الشاش الأبيض اللي مغطي جُزئها اليميّن بكثافة عقدت حواجبها بتعجُب شديد لأنها ما أنتبهت إن حتى عيُونها مقفلة بسبّب هالشاش!
رفعت رأسها بإنهاك وهي تتأمل يدها اللي مُغلفة هي بعد بالشاش وأشارت له بتعبّ بمعنى" وش اللي حصل معي؟"
بلع رِيقه بصعُوبة وأبتسم وهو يقرب ويمسح على رأسها بحنيّة : لا تفكرين بشيء حالياً .. ألزم ماعلينا راحتك ودامك صحيتي يعني كل شيء بخير
برِيق تذكرت كل اللي حصّل .. وعلى طول تبّادر لذِهنها " دُجى "واللي أجبّرت نفسها بكل قوة على تجميّع طاقتها والسُؤال عنها .. فنطّقت بتثاقُل شدِيد وهي تناظر وديّع بخوف وبنبرّة تساؤل متعبة : دُجى ؟
هز رأسه بإبتّسامة مُوجعة وهو يقول بنبّرة تميل للإطمئنان : أبّشرك طيبة ومابها خلاف .. وحتى رجعت للبيّت قبل ساعة غمضت عيونها براحة وبقت على حالها دقايّق طويلة .. ووديّع يتأملها والعبّرة خانقته لدرجة يحس إنه عاجز عن التنُفس .. ومن بدأ مفعول هالمهدئات يتلاشى تماماً من جسدها حتى بدأت تستشعِر نغزات الوجع الحارِقة بكل جسدها .. فتحت عيونها برهبّة وهي تِتحس طرف وجهها الأيمن اللي الوجع فيه مُضاعف .. وكُفوف يدها الي ترتعش من شدة الوجع
بلعت رِيقها بخوف وهي تحاول تبّعد الشاش عن وجهها .. ولكن وديّع سحب يدها منها وهو ينهاها : الدكتُور قال لا تبّعد هالشـ...
سكت بسّبب نظراتها الحادة بإستنكار وهي بعدت يده عنها بعُنف وهي تحاول تفُك الشاش عن وجهها .. توجعت بكثَافة كبّيرة ولكن هالوجع مامنعها على التوقف عن محاولة ترتيّب الأفكار برأسها .. بدأت تنقُل نظراتها للمكان .. ولما لمحت الباب الداخلي أزاحت اللحاف عن جسدها .. ووقفت وهي تجُر خطواتها الثقيّلة بكل عنفوان ووديّع يحاول يفهمها ترتاح وتبّقى مكانها ولكنها تصده عنها بكل حدة .. فتحت الباب بيّدها اليسار وهي تناظر للمرايّة المُوجودة فوق الغسّالة وبلعت ريقها بصعُوبة وهي تحس بأن تنُفسها بدأ يتباطأ وقلبّها بدأ يتوقف عن ضخ الأكسجيّن لرئتيها !
ماخُفي عليها طرف يدها اللي قطعت أطراف الشاش عنها .. والي كان باهِت أو بالأحرى"مُتلاشيء الحياة" وهذا اللي أقنعها إن تفكيرها هذه اللحظة فعلاً صحيح !
لذلك وقفت وهي تِستند على أطراف الغسالة البيّضاء .. حاولت ترفع عيُونها ولكن الثقل اللي على جفِنها ماهو بشّيء هين .. وكأن هموم العالميّن أصبحت تعلُو على هذا الجفِن الرقيّق ! تركت كل الطاقة الي بجسّدها تتسرب لعيّنيّها .. ورفعتها بكل قوة لينسدِل الستار عن أفكارها اللي أكتشفت إنها واقع وحقيّقة .. وتلتهب روُحها من شدة بشاعة المنظر اللي تتأمله هذه اللحظة .. شهقتها العاليّة واللي تسربت من تلاشي روحها وتركت كل الحيّاة الي باقية بهالجسّد تِتلاشى كانت تحت مسامع وديّع الي حط يدينه على رأسه وعيونه تدمع قهر .. ووقاص اللي دخل الغرفة وأقترب منهم وقلبه يرتجف بسبّب شهقة بريّق اللي تركت الحزن يستقر حتى بجدُران هالغرفة .. فكيّف بقلوب الي فيها ؟

" لاشيء يُحكى .. سوى الكثير من الخوف ، القلق ، الرهبَة " .. كانت تتأمل نصف وجهها الذي تلاشى بريُقه .. وأصبّح بُقعة وجع على خدها .. لم تجد الدمُوع مسرّى على خدها المُحترق .. ولكن عيناها تكاد تلتهب من شِدة حرارة الدمع اللي أبى الخضُوع لضغط المشاعر العنيّف .. غمضت عيونها بقوة وهي تحاول أن تسترد نفسها .. وكلما أخذت شهيّق بقوة .. يعلق الزفِير بوسط حُنجرتها ! بالتالي أُجبرت على فتح عيناها .. لتُعيد التأمل لوجهها من جديد .. إنتقلت عيناها بلا وجهة وهي تُبصر أنحاء وجهها .. كيّف تحول وبشكل كارِثي بين ليّلة وضُحاها ؟ كيّف تخلى عنها النُور وبقيّت عارية الجمال ؟ حاجبّها اللي كالنُون فيّه بسطة واللي كأن كاتِب أجاده خطاً بالقلم .. تلاشى عن الوُجود
هدب عيُونها الفتّان .. تمكنت منه خشونة النار !
صرخت من عُمق جوفها .. من رحم المعاناة وهي تضرب كل مكان تقع عليّه يدها وتبّكي بحسرة وبوجع تمكن من أعضائها .. حتى أن رؤيتها صارت مُشوشة بسبب كثافة الدمع .. وديّع أقترب منها وهو يُلف يدينه حول ذراعيها ويحاول يثبَتها عشان ما تأذي نفسها بسبب ضرباتها اللي ما تحسَب حسابها .. بيّنما هي كانت لم تستعد وعيّها ! مازالت رهيّنة تلاشي جمالها .. مازالت هائجة ، ثائِرة بوجة كل شيء سلب منها حق هالجمال .. ووديّع يحاول أن يُسيطر على حركتها ولكن جنُونها كان ضده .. ماكان قادر يتحمل الوضع بتاتاً .. صُوت نحيَب بريَق .. إختلط بصوت نحيط وديّع المكتُوم
واللي رغم قُوته ، و شِدة بأسه تمكن البَكاء من صدره بدأ يمسح على رأسها وهو يحاول يهدي بالها .. وإمتَزج صوت بكاءها المُتعب بكلماته الحنيّنة : برِيق .. ياعيون وديّع أنتي .. إهدي الله يرضى عليك .. إهدي لأجل ما يمسّك سوء .. دخيّل الدمع بعيونك ياعيوني ريّيحي بالك هاللحظة
هزت رأسها بالنفي وهي تناظره بتعب وتبّكي بحسرة على حياتها اللي تلاشت قدام عيُونها وحاولت تبّعده عنها"تهت عن الحيّاة يا وديع .. وين الرشاد بعد اللي حصل وينه؟"
شدَها له أكثر وهو يثبَتها بقوة ويمسح على ظهرها بحنية لعلها تهدأ .. ولكن أبّت
بهالوقت إلتفت برأسه على دُخول المُمرضة اللي كانت جايّة بسبب موعد بالفحص .. ومن لمحت جنُون بريّق حتى تعدت وقاص اللي واقف عند الباب .. وبيَدها إبرة المُهدىء .. وفعلاً إقتربت من جسَد برّيق الي مثبّته وديع بقوته .. وغرزّتها بيّن جلدها الحسّاس.. وماهي إلا ثواني قليّلة وبدأت بقيّة طاقة هذا الجسّد المُتعب بالتلاشِي ! حتى خرت بكل خشُوع على يديّن وديع .. والي حملها بيّن يدينه وتعدى وقاص وهو يتركها بكل هُدوء على السريَر
-كان يراقب المُمرضة وهي تعيَد وضع الشاش على وجهها .. وطرف كُمه يمسّح به دموعه الحائِرة من هالوضع .. كيّف بيعدون لها الحياة ؟
رفع رأسه وتأمل وقاص اللي شحب لونه .. وعييُونه فيها من نظرات الفجعة الشيء الكثِير .. كان واقف بمكانه والرعشة الي بجسده واضحَة للعيّان !
ولكنه أزاح نظره عنه بعدم إهتّمام وهو يتكلم مع المُمرضة عن حالة أخته .. ويحاول يستوعب منها كيف بيتصرف معها
-
بيّنما وقاص مازال عالِق تماماً بمنظر بريّق أول ما تاملت وجهها .. ما زالت أول شهقة تخترق رأسه وكأنها رصاصة .. قدقيّل أن الرصاصة التي تُقتلك لا تسمع صوتها .. ولكن ليّه هالرصاص مازال صدى صوتها يُزلزل أركانه ؟ إن كان جسده يرتعش فهذا بسبّب قلبه الذي ينقّبض وبشدة .. وينتفض وكأنه يعلن ثورته على عقل وقاص .. بدأ اللوم والندم يتسّرب لجميع خلاياه .. وهو يراقب بريّق الي أعلنت حربها وسخطّها .. مسح وجهه الي يرتجف
وهو يبّلع ريقه بصعوبة .. وكل الي سواه إنه خرج من الغرفة بعجل .. وركض بأقصى طاقته لأبعد مكان توقف عنده أقدامه .. وفعلاً وصل لسطح المستشفى وفتّح الباب بعجل شديد وهو ينحني على رُكبه ويثبّت يدينه بقوة عليها .. وهو يتنفس بصعوبة بالغة .. إنتبّه لمجرى الدمع الي ينهمِر بشدة على خده .. واللي بدأ يتساقط بعُنفوان شديَد على الأرض لدرجة إن خر صاعقاً وهو يسحب أطراف شعره بقوة وينَدب حظه ويُلوم نفسه اللي طوعتّه على محاولة تخريّب حياة شخص ..واللي محد تضرر بعدها سوى أقرب الناس له
-
-

لحظات طويّلة .. مابيّن خرُوج وهّاج من السيّارة وإغلاقه البّاب من خلفه .. وإبتّعاده خُطوات كافية عن السيّارة حتى يترك لهم الحرية بالنزُول .. وما بيّن رمِش هدب عيُونهم دليَل على عدم إستيّعابهم لجمُلته القصيّرة اللي بتّرت كل الجُمـل بحلوقُهم وأصبّحو في هاللحظة رهيَـنات للضيَاع !
خيَال اللي كانت شادّة بكل طاقتها على كفُوف معاني وتناظر بعدّم إستيّعاب للفراغ وهي تهز رأسه بالنفِي .. يستحيّل شخص مثل فهد تكُون هالأسوار المؤذية حصنه ! بيّنما معاني كانت مذهُولة لدرجة إنها عجزت عن فهم الموضوع .. أو حتى لتجميع فكرتيّن على بعض ! وهّناك
بالمكان اللي قريّب منهم جسدياً وبعيد أتم البُعد فكرياً ! عند غيّهب الليل .. اللي كانت رهيّنة الصدمة لدرجة إن شتَاتها تشتّت من جديد .. وتاهت ببحر الضيّاع لدرجة إنها عجزت عن لملمة شعُورها هاللحظة .. ماكان تلاشِي حلمها قدام عيُونها كافِي بالشكل اللي يخليها تنهار ؟ لأجل تنضرب بنفس القوة بوسط قلبّها من جديد ؟
-
كانت شخص يحِس إن جناحاته البيّضاء اللي تحميَه من كل ضر يمسّه قد "بُترت" بأبّشع الصُور .. ولكن إن كانت أجنحتها اللي بُترت .. ليّه النزيف بقلبّها ؟؟
رفعت أنظارها المُلتهِبة من شدة حبّس الدمع فيها .. وتأملت وُقوف وهّاج على مقرِبة من السيّارة ولكن هالمرة ماكانت السبّحة بيديِنه .. لا ! كان شابّك أصابع كفُوفه ببعض .. ويناظر لأطراف المكان بترقُب .. أزاحت جسدها على عجل من على المقعَد .. وفتحت الباب بقُوة وهي تخرُج بكل عنفُوان من هالسيّارة .. الثُقل اللي بقدميّها واللي تناست منه تماماً .. كان ولا شيء قدام ثُقل قلبّها
اللي مستحيل .. ومستحيل يصدق إن فهد بهالمكان السيء وهو أطهر شخص بحيّاتها !
تعدّت وهّاج اللي تنهد بخفُوت مع ذلك رجع يلتفت للسيّارة وهو يلمح شخص ثاني يخُرج منها
صد على طُول عنهم .. وألتفت لدُجى وقال بهُدوء وبصُوت أشبّه بالعالي : إقطعِي خطاويّك لأجل نكملها سوى .. ما تدليّن بدوني
عضت على شفايّفها بقهر وفعلاً إنجبّرت توقف بمكانها إندفاعها الكبير الي تركها تتخطى وهّاج كانت رغبتها الكبيرة بفهم هالموضوع .. ورغبّتها بتكذيب وهّاج وبشدة !
معاني سحبّت يد خيال بعصبية وهي تقُول : الرجل ينتظر يا خيال يالله خلصينا .. ولا إبقى بالسيَارة
خيَال الي كانت تبّكي بصمت ويدينها بيّد معاني هزت رأسها بالنفي : معاني .. رجولي ماعاد تقدر تشيّلني .. أحس إن جبّل على ركبي مثل ماهو على قلبي
تأفتت معاني بعصبيَة .. إستيّعابهم كلهم كان صعب وجداً .. وللآن أصلاً ما أستوعبو ! بس ماهو وقت الإنهيّار هاللحَظة
لازم يشوفوه بأبّصارهم لأجل يتأكدون من حقيّقة كلام وهَاج الي ما أستوعبوها أببببد !
خصوصاً معرفتهم من وهَاج نفسه .. وعدم معرفتهم من فهد بالذات ! مع ذلك طبطبت معاني على كفها وقالت بصُوت خايّف و تبّان نبرة الحنيّة بتردُداته : يا بعَد هالعيّٰن يا خيال .. شيّلي قلبك وهالجبَل بين كفك وتحركي لأجل نشوف الكلام حقيقة ولا خيَال
نزلت دموعها أكثر بقهر : حقيَقة .. واضح إنه حقيَقة .. ماشفتي الثقة بعيونه؟ كيف تبغيني أجر خطواتي لأجل أشوف فهد بيدينه كلبّشات .. مالي قُوة
وقبل ما تنِفجر معانِي فيها .. وبسبَب توقيتها الخطأ وجداً .. إلتفتو كلهم لوُقوف دُجى جنَب معاني .. واللي قالت بحَدة : خيَال .. أستكن الليل والعذاريّب كثير ونبي نتأكد منها .. مالنا وقت لدموعك
سكتت خيَال للحظات وتأملت عيُون دُجى اللي تتعذب وبشدة زفرت وهي تمسح دمُوعها بعجل .. وجمعت طاقتها وهي تنزل من السيّارة ..
-



فيتامين سي غير متواجد حالياً  
التوقيع



شكراً منتداي الأول و الغالي ... وسام أعتز به


رد مع اقتباس
قديم 11-08-21, 02:31 PM   #24

فيتامين سي

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة

alkap ~
 
الصورة الرمزية فيتامين سي

? العضوٌ??? » 12556
?  التسِجيلٌ » Jun 2008
? مشَارَ?اتْي » 42,436
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » فيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي



(البارت الثاني والعشرون)

مشت دُجى وتنهدت معاني وهي تشّد على كف خيَال .. كلهم مو مصدقين هالكلام الي قاله وهّاج .. لأن فكرة فهد بالسجن فكرة مستحيّلة بالنسبة لهم !

من لمحهم وهّاج مشى بهدُوء وبخطوات بطيئة .. ومن دخل للمركز وتقِدم للمُلازم المسؤول عن الزيّارة .. واللي كلمه قبل ساعات عن هالزيّارة على طول كمل إجراءات الدخُول .. والبنات بقو منتظرينه بصالة الإنتظار .. لحظات معدُودة وألتفت لهم وأشر لهم يلحقونه .. وهذا هو فعلاً أستقر قدام الباب .. وقبل يدخلون أستوقفهم وهو صاد بنظراته عنهم وقال بخفُوت : يكون بالعـلم .. أنا والله ما ودي أزيـد الهم هـم .. ولكن لأجل ترتاح خواطركُـم ولأجل ماتبقُون في حيّرة !
قاطعته دُجى بعدم إهتمام وهي تمسك عروة الباب على عجل وتشدها بكل قُوتها ومن فتحتها .. وأستقر سواد عيُونها اللامِع على الشخص اللي جالس على الطاولة ويدينه على الطاولة بعشوائية .. ورأسها مثبّتة على طرف الطاولة وعيُونه مغمَضة ! من سمع صُوت فتّح الباب رفع رأسه على عجل .. وأستقرت عيُونه بنظراته المرتبّكة .. بسّواد عيُونها المصعوقة .. والي كلها عدم تصديّق !
شهقت شهقة خفيّفة وهي تنفض عروة ورجعت خطوة متثاقلة للخلف وهي تغمض عيونها برجفة .. فعلاً اللي تشوفه حقيّقة ! وكلام وهّاج ماكان بمحض الكذب والريّبة ! كثر ماكان فيه من الصدق الشيء الكثير !
تلاشيّ الحلم ليّلة البـارحة .. ماكان يكـفي لأجـل يتـّدمر قلبها .. كان يحتـاج دفعة بسّيطة لأجل ينـهار .. ولكن هالدفـعة كلها كانت قويَة .. قوية حيييل !!
من رجعت خطوة لورى .. أنقبّض قلب معاني وتقدمت على عجل .. ومن لمحته يناظرهم بهدوء .. وتارِك لهم حق الصدمة يعيشونه .. إنتفض قلب معاني وناظرته بعدم إستيّعاب ولكنها على طول دخلت وهي تتأمله يوقف بتثاقُل ويناظرها .. ثم ألتفت لصوت بكاء خيَال الي وصل لمسامعه من لما دخلت للغرفة وناظرته بذهول وخوف !
زفر بـتعب وأشر لهم يقتربُون وفعلاً إقتربو على عجل .. وهو حضنهم بيّن ذراعينه بكل حنيّة ..وعيونه معلقة على دُجى اللي بس طرف عبايتها واضِح قدامه
واللي كانت واقفة تناظر للأرض .. وجُل أفكارها " توقفت" لدرجة إنها تحس بالفراغ ينهش عقلـها .. كثّرت هالهموم عليها هالمرة تركتها عاجزة عن الإستيّعاب .. إلتفت بجسدها وكانت بتطيّح بسبب الكرسي إلا إن وهّاج بحركة سريعة قرب منها وكان بيساعدها .. بس رفعت عيونها بسرعة وهي تناظره بضيّق .. تنهد ووقف بمكانه وهو عـاذِرها .. وهي إتزنت بوقفتها وشدت على قبّضة يدها وهي تبلع ريقها بصُعوبة .. قلبّها اللي بحجم قبّضة الكف أنقبّض لدرجة إن رأس إبّرة معاني كان أكبـر منه
أسترسل فهد وعلى صوته بهُدوء : أقربـي يا دُجى وتعالي
غمضت عيُونها بتعب وهي تكبّح دموعها بصعوبة وماهي إلا لحظات معدُودة وجمعت جسّارتها وهي تقترب من الغرفة من جديد .. دخلت وهي تشتت نظراتها للغرفة .. وجلست بأقرب كرسي طاحت أنظاره عليها وهي تشبّك يدينها ببعض وتتركها بحضنها بعشوائِية .. وهي تنتظر أبـوها يبرر هالموقف !
وفهد الي تحُوفه من اليميّن معاني .. وخيال على يساره تنهد بخُفوت وقال : ماكان ودِي تعرفُون بالطريـقة المُرة ذي يابعد عيني .. ولكن ماباليّد حيلة !
" فهد بهاللحظة تذكّر زيارة وهّاج له قبل ساعات .. وكيف دخل عليه بكل سُكون وعلى وجهه واضح التّعب والإنهاك .. والي جلس بكل هُدوء قدامه وأسترسل بكلامه بعد السّلام والسؤال عن الحال: بيّني وبيّنك إستاذ فهد .. هالوضع الي أهلك عايشين فيه بيدمرهُم .. أنا وأنت نعرف إننا مانقدر نوصل ل ضرار ولافي .. وهذا رابع يوم على غيابهُم .. ورابع يوم على إختفائك من حياتهم بهالشكل .. والله يا بيذوقون العذاب .. وبيبكون دم وأنتو غايبيّن عنهم كلكم
فهد تنهد بضيّق كلام وهّاج كان بوقت حساس جداً وصحيح وسليّم .. غيابهم عن أهلهم بالطريقة هذي وبدون يعطونهم خبر رح ينهيّ الحياة عندهم أكثر من معرفتهم الحقيقة.. لذلك غمض عيونه بتعب وهو يتنهد : وش شورك ؟ هالرجل الي كفلته مابان لليوم .. وأنا أنتظر حضوره .. مستحيّل أرضى بذل هالظافر
وهّاج سكت للحظات وبعدها قال : شوري عليّك تعطيهم خبر عن وجودك هنا
قطّب فهد حواجبه ووهّاج أردف : أنت أطهّر من على الدنيا بعيني يشهد الله وهالمكان مهب لك .. ولو كنت أنا الغريّب أعرف إنك بهالطهارة .. ظنّك أهلك ما يدرون ؟ أنت هنا لأنك رجال عن مليُون رجال .. أنت هنا لأن فيّك حمية أجبرتك ترضخ بسبب حبّة خشم وكم كلمة .. أنت هنا لأن ذنبك اليوم إنك رجّال .. في زمن قلُو الرجال الي ينتخون فيهم .. وهالشيء ما ينتكس الرأس به .. ولا رح تضيّق صدور عشانه .. كلها كم يوم وتصير عندهم وبيّنهم .. ولكن لا تخليهم يعيشون بالوجع الي بيقتلهم ذا .. اي وربي بيقتلهم لو أستمرُو يعيشونه بهالكثرة .. وأنت رجل تعرف من هو فهد عندهم
لأجل كذا .. لو تبيني أجيبهم لين عندك لأجل تفههم .. وترتاح خواطرهم إنك طيّب وبخير .. وما ظنتي بيزورهم خوف بعدما يشوفونك على الأقل يتطمنون إنك سالم معافى .. يكفيّهم هالشيء لأجل ما تغيّب عنهم الحياة
سكت فهد للحظات .. وهو يتأمل وجهه وهّاج الي الهُدوء كاسِي وجهه .. وعيُونه ممتليّة رجاء وخوف بنفس الوقت .. ولكنه ثابّت وهادي .. وكأنه بس ينتظر الموافقة بعد كلامه فكر فهد بكلامه .. وأيقن فعلاً إنها الخطوة الصحيّحة .. غياب لافي وضِرار ماكان بصالحه أبداً .. وهالشيء الي فعلاً أجبّره يوافق على كلام وهّاج .. لأن غيابه مع غيّابهم بيسبب فواجع .. لذلك تنحنح ومن بيّن كل الجُمل الي كان بإمكانه يقولها .. قال بهُدوء وعلى مُحياه إبّتسامة هادية : ميّر إنك مخطي يا وهّاج
عقد حواجبه وهّاج بإستغراب ولكنه آرتخى بكل عجل وأبتسمت كل دواخله .. لما أردف فهد وقال بنفس الإبّتسامة : أنت منت بغريّب عني .. أنت بمنزلة ولدي بقلبي والله شاهد .. هداية الله ثم شورك دامهم بيتطمنون"
-

وهذا هو فهد رجع للواقع .. وهو يتأمل الصدمة بوجيّهم لما أنتهى من سرد هالحكاية كلها على مسامعهم .. خيَال كالعادة كانت تبّكي بحسرة على أخوها ومعاني تنهدت بتعب وهي تناظره بضيّق : هذا جزاء الطيّب بهالزمن ياخوي .. بعد ماكفلته هرب هو وفلوسه الله لا يبّارك فيه .. والله يجعل هالفلوس مثل جمرة بقلبه
ميّل شفايفه فهد بضيّق .. ومعاني أردفت : وكيّف بينحل الموضوع .. بتبقى تنتظره لحتى يحن هالمغضُوب ويرجع ؟ ولا بتتصل بالجماعة لأجل يفزعـ…
قاطعها فهد بعجل : مانيّب متصل على أحد .. ولاني بحاجتهم .. أنا بنتظر هالرجال يبّان لأجل يسّدد دينه
خيَال قالت بقهر : دامه ماظهر كل هالوقت هو يدري إنك حبيّس السجن لأجله ماعاد بيظهر .. أبتليت بقلب طيب ياخوي .. يحب الخير والناس يحصدون له شر
عيُونه كانت طول الحديّث مثبته على دُجى الي ساكتة وتناظر لطرف الطاولة بسكون .. لدرجة إن الدقايّق مرت .. مرت بدون ما يسمع حتى نفس منها .. عض على شفايفّه بقهر من حالتها .. وقال وهو يُرد على خيَال : عزاي إن مدتي كريمّة و اليدين شحاح وأنا أخوك
تلى الصمت هالجُملة لدقايّق طويلة .. كلهم يتأملون فهد .. وفهد يتأمل دُجى الي للآن ساكتة وما تسائلت عن ولا شيء .. كانت بس تستمع
معاني حسّت بشعور فضيّع لذلك وقفت وهي تبُوس رأس فهد .. وتقول بهُـدوء : ماعليّك خوف وهالحمية كلها بصدرك .. ودامك مدتك كريمة هالكثر والله إن ربيّ ما يضيع رجاك .. لأجل كذا تطّمن إنك بتكون بخير .. وحنا بنبقى بخيّر وبنبّل ريقنا بدعائنا لك
ساندتها خيال بالكلام .. وطمنّته إنهم فعلاً بيكونون بخير بما إنهم تطمنو إنه طيّب .. وصبُو جل رجائهم إن لافِي يرجع بأقرب وقت .. وفعلاً تركو الغُرفة لأجل تستعيّد دُجى رشدّها مع أبوها .. واللي ناظرها بحنيّة .. وهالحنيّة أنسكبت كلها بنبرة صوته الي دمرت قلبّها : لابأس يا عقد فرح أبُوها .. مثـل ماعـدت الكبّار .. هذي بعد بتعدي
من شدّة كتمانها لدموعها وضيّقها تمنت لو أن روحها سجاد ف تنفضه في البراح حتى يطير كل هذا الحمل من على متنها
إنجبّرت بعد حنية صوت أبوها ترفع رأسها وتتأمل وجهه الي منكسِي بالهدُوء .. وعلى مُحيّاه إبّتسامته المعهُودة .. كلما حاصر قلبّها خوف وتلبّسها الرعب تلقاها تطبطب على قلبَها بكُل حنية .. قضمّت شفايفها بتعب وهي تصد عنه وقالت بعتبّ لما ما قالهم عن وجوده هنا بالوقت نفسّه .. وعيّشهم برُعب فقدانه .. والأهم إنه بقى صابّر بدونهم بنبّرة تخفي فيها كل دموعها وخوفها : ‏عسی اللي عطاك الصبر يرهي علي منه يبُه
وهو مدّ يدينه وهو يعانق كفُوفها بدفء كفيّنه وقال بإبّتسامة : وأنتي عسى ما تنخطف لك ضحكه ولا يثني بك حال
تّنهدت تنهيدة عمييييقة ورفعت عيُونها وهي تناظره بإنّهاك وضح بكل نظراتها : هالحال أنثنى يايِبه .. ماعاد عندي ضحكة لأجل تنخطف
عقد حواجبّه بإستنكار وهي أكملت كلامها .. وهي تظن إن وهّاج قال له عن موضوع حريّق مشغلها .. بما إنه كان عنده : مابقى بي حال للضحك يايُبة .. تلاشى الحلم الي أعتكفت على أبوابه ليالي طويلة .. وأحترق قدام عيوني مثل ما تحترق ورقة وتتحول لرماد
نفض جسده من على الكُرسي بصدمة وهو يوقف بعجل ويناظرها بذهُول .. وهي عضّت على شفايفها بقهر لما وضح لها إنه ماكانه يدري .. تنهدت ونزلت عيُونها وهي تشبّك يدينها ببعض وتبلع ريقها بصعوبة
بيّنما هو تفجر الخوف بجميع أركان جسده ومشى بخطوات سريعة وهو يوقف قدامها ويحاوط وجهها بين يدينه وهو يناظرها برهبّـة وينقُل نظراته السّريعة على أنحاء وجهها : كيّف صار .. كيف تلاشى حلمك
كيف أحترق .. وش تقولين أنتي يا دُجى .. علميني .. فهميني أنتي بـ…
قاطعته من حضنت كفُوفه اللي على وجهها وناظرته بتّعب : أنا بخـير لا يلحقك هم .. الي خليَته على أعتابنا حارس هو اللي أنتشلني من بين النّار الي شبّت بمشغلي .. أنـا بخير تطمَن وخل بالك وسّيع .. والأهم كن بخير أنت
صدره مازال مشتعل .. كان يتأملها وهي تتكلم ولكن ماهو قادر أبداً يستوعب الي تقوله .. حلمها اللي بكت عليه سنين طويلة تلاشى قدامها ؟ والأهم إنها هي كانت بوسط نيّرانه ؟؟ وكانت بتنتهي حياتها لولا فضل ربي الي أرسل لها وهّاج .. هالأحداث كلها كانت صعبّة على فهد اللي أُلجم لدرجة عجز عن الكلام .. وكل الي يدور بعقله يطلع الليلة قبّل بكرة من هالمكان ، الخوف توزع على تفاصيل وجهه بكثرة ، لدرجة إن يدينه ترتعّش من هول الرعب بسبب الأفكار اللي داهمته .. بنته كانت بتنتهي حياتها وهو أسيّر هالمكان؟
-
وقفت دُجى وهي تثّبت كفوفها بكفوفه .. ورفعتها وهي تقبّلها بحنيتها المُعتادة .. رفعت وجهها الذابِل وهي تبّتسم بإنهاك : شدّ ظهرك يايُبة .. لأني ببقى أستند عليه لآخر يوم في عمري .. ما يـحق للتعب يزورك .. ولا يـحق لكتفك يميّل .. لأني من صغر سني لما كان الخُوف يتراقص بصدري .. كنت أقول " ليه يزورك الخوف وأبوك معك ؟" وأنتصف عمري بالعشريّن .. وكل الي بيديني ضد هالدنيّا هو كتفك يايّبة ووجودك
حبّست دموعها بشدة وهي تبّتسم وتتأمل شيّبه الأبيض .. الي مُوزع بلا وجهة على طرف ذقنه .. وبشنبّه .. عشرات الشعرات البيّضاء .. الي أيقنت إن هالشعر أنكسى بالبيّاض لأن بيّاض قلبّه طغى لين بان على شعره .. فأبتسمت بشّدة وهي تشد على يده : الله يحنّ عليك يايُبة .. مثل ما هالحنيّة طغت على شيّبك .. تطمن أنا بخيّر دامك بخيّر
كانت ساكت .. وكأن مجرى الكلام بحلقه إنسّد بغصة عميّقة تركت كل موازين روحه تنهد .. هالبنت كثيرة عليه وجداً .. وكلامها له بالوقت الي المفترض تعاتبه فيه لأنه كان بعيداً عنها وهي تحترق بنار حلمها .. أستقرت عيُونه اللامِعة بعيونها اللي تطغى عليّها الحنيّة .. وأقتربت وهي تقبّل رأسه لما أندق البّاب بمعنى"إنتهت الزيّارة" وقالت بتوديّع : أنا وأنت نعرف إني أقوى لأن لي أب قوي .. لأجل كذا ما بنّهار دامك بقوتك .. خلك بخير لأجل أكون بخير يايُبة .. وكل الي أعرفه إن هالاسوار الي من حديد ماتقدر على تحميّلك ذنب ماهو بذنبَك .. قالت خافِتة بنبّرة تميل للأمل : كلي رجاء
رغم الصواعق والكوارث الي بصدره هاللحظة .. والخوف الي كأنه بيكسّر ضلُوع صدره بسببه .. أُجبر على الإبّتسامة .. لأجل تتطمن .. لأجل يكمل رجاءها فيه.. وهي من لمحت إبّتسامته بادلتها إيًاها وهي تتنّهد براحة .. وبعدها خرجت على عجل بسبب الضابّط الي أصر على خرُوجها
من خرجت أقترب فهد وهو يستند على طرف الطاولة بتعب وصل لأعمق ضلع بركبته .. والي من شدة هالتعب عجزت تشيّله رجوله .. ليّلة البارحة كان يتنعم بالنوم .. وهي تصارع النيّران ؟ صدره الرحب وكأنه أنثنى من شدة ضيقه هاللحظة .. واللي يكسّر الظهر أكثر إن " ما بيدينه شيء " ياقسّاوة هالشيء .. ياقسااااوته !
بيّنما هي .. من خرجت سمحت لأنهار الدموع الي صدته طول الوقت تنهِمر سيّل على خدها الباهِي .. كانت تمشي بدُون ما تنتبه لأي شيء قدامها .. لأن دموعها الغزيّرة شوشت عليها الشُوف !
معاني .. خيَال
كانو جالسيّن جنب الغرفة .. على كراسّي الإنتِظار
وعلى بُعد خطوات قريّبة
-وهّاج كان واقف ومتكِي بظهره على الجدار ومكتف يدينه بعشوائِية وعيُونه على بـاب الغُـرفة
"من سِمع شهقاتها المُتهالكة الفجر .. ماغفى له جِفن .. ولا أرتـاح له خاطـر
حتى تلاقت كفُوف أبوها بكُـفوفها .. ولو إنه بيّن أسوار هالسـجن .. يكفيّ إنها تدري إنه بخيـر .. وإنه غيـابه ماهو بكيّفه !
وكل مُـناه .. إنها تفهم نيـته الطيّبة ! وتنمحي هالنظرات الحادة اللي تربّصت بروحـه .. لأنها جزء من فـهد !"
فز من مكانه بعجل وهو يناظرها تخُرج من الغرفة وتمشي بلا وجهة .. وكأنها تايّيه .. عقد حواجبه وهو يناظرها لما كانت بتصُدم الضـابط لولا إنه تنحى من طريقها .. مشى بعجل شديَد لما أيّقن إنها تدمـرت باللحظة هذي ومن لمحوه البّنات وهو يأشر لهم .. مشو على طول وراه !
أمـا عن دُجى واللي رُوحها مـلتهبة من شدة الـوجع لدرجة إنها عجـزت عن سد هالنهر الي أنهمر .. إنقطع نـفسها عن هالـرُوح لما حـست بيّـد تشدها بكل قُـوة من يـدها وتُخـطفها بعجل للـخلف لدرجة إنها غمـضت عيُونها وغلفت يـدينها على بذراعـينها بـخوف !
أما وهّاج الي كان يتنفس بـشدة من الـرعب الي عاشه بثواني معدُودة بس !
من شدة سـرحانها ودمّعها بعدما خـرجت من المركز ما أنتبهت على طرِيق السيّارات اللي قدامها وباللـحظة الي كانت بتخـطي خُطوة قدام السيّـارة إنتّشلها وهّاج بكل قوتـه!
إلتفت له ومن لمحـت وجه وهّاج رجع لها النـفس وشهقت وهي تتنفس بعـجل وتحاول تستعيّد نفسها الطبيعي وتنـاظره بنـظراتها المعُهودة !
أبّعد يدينه عن معصـمها وصـد بوجهه وهو يتـنهد بتعب .. وبعد لحظات قليّلة أستعاد فيها رُشده بعد الرعب اللي عاشه قال بخفُوت : طاح من غصن العمر..أفراح ما تنعد يا بـنت الخـالة .. وهالـمرة طاح الغُـصن بكّبره وأنا أدري بمُر قلبـك .. ولكن الي لازم تعـرفينه .. هالغُـصن بيكون بداله شجـرة وبسّـاتين .. لا يـضّيق لك خاطـر !
نزلت عيُـونها بعجل شـديّد .. ورفعت كفها وهي تِمسح دمُوعها الي غرقت نِقابها .. وبعدها رفعت رأسها وتأملت المكان الي كانو فيه .. وتأملت معاني وخيَال الي خارجين من المركز ومتجهيّن لهم وبعيُونهم يّبان الدمّع وبشدة ..صدت بضيّق وهي تبلع غصِتها بكل قوتها : ماعاد لـنا خاطر .. ولو النبات يطلعه دمعة حزن على خيّبة رجاء فهد
كان إنّشاف على وجهي ورود وبساتين .. وكل الي أعرفه إن الحزن ينهـمر مثل سيـل من أقصى جبّل .. لين يفيّض بالوادي ويغرق كل معالمه
سكت للحظات ودخل يدينه بطرف جيَـب ثُوبه الأسود .. ثم هز رأسه بسكُون وقال بخفُوت : ماهيّـب مشكلة ‏نشري بحزن البارحة فرحة اليوم ‏مافيه فرحـة .. ما دفعنـا ثمنهـا
من لمحت قُرب خيَال ومعاني .. ركّزت بعيونها على طرف وجه وهّاج وهي متناسيّة تماماً أفعاله السابّقة .. والأهم كسّرة القلب منه .. وقالت بصوت مليّان عبـرة : أبي أبوي يا ولد الخـالة !
عض على شفايّفه بضـيق وهو صاد عنّها وعيُونه مشتتة على أرجاء المكان.. وتخـطاها على عجل وهو يتـجه للسيّارة بينما هي غمضت عيونها وهي تتنهد بتعب .. وألتفت وهي تناظر لخيَال الي أستقرت قدامها وصُوت شهاقتها ينسّمع : كيّف أنتهى به الحال بين ههالمجرمين بسّبب طيبة قلبه ؟
ناظرتها دُجى بهُدوء .. ثم رفعت كتوفها بعدم معرفة وهي تقول بسُخرية : ‏أثاري الجرُوح مَا تعرف إلا قلـوبّنا !
ثّبتت معاني يدينها .. بيدينهم وهي تشد عليّها بخفوت : يجيّب الله خير يابعد هالعيّن وبإذن الله بتتسيّر ووبنلقى هالمبلـغ وبنشوف فـهد بأقرب فرصة بيّن ثنايا بيـتنا
تنهدت دُجى وهي تتأمل ينتهي هالحزن بأسرع فرصة .. وخيال قالت بخُفوت : يـارب !
إنتهت خطاويّهم قدام سيّارة وهَاج الي كان واقف قدام السيّارة ينتظرهم .. ومن ركبو ، ركب وتحرك على طُول !
-
-
بوسّط الحُوش ، يدينه على رأسه ومنحني على ركبه وهو مغمض عيُونه برعب
بيّنما ضِرار متكي على الشجرة ويتنفس بسرعة ولاف الشماغ على وجهه
أرتفع جسّده وأستقام بطُوله الفارِع وهو يناظر لضِرار وصُوت تنفسه يعلى أكثر وأكثر أقترب منه وخوف البشريّة متمكن من صدره لدرجة إن نبّضات قلبه تنسمع من على بُعد أميال طويلة: ضِرار.. تكفى ياضِرار عطني خبر ، طمني والله العظيم أحس الموت يقترب مني .. بيّتنا خالي من أهلي .. وبيّتكم مابه أحد .. وبيّت وهّاج بالمثل
ولا عندنا رقم واحد بس لأجل نتطمن عليهم .. دخيّلك ياضرار شف لنا حل والله إن الهم شرب من ضلوعي لين أرتوى !
ضِرار صد بوجهه وهو يمسّح عليه بضيق .. وفعلاً الهم كسّاه حتى هو ولا بيده حيّلة .. والخوف الي بقلبه أضعاف ضعف الخوف الي بقلب لافي .. ماكان وده يتخيل شيء سيء ولكن عقله ألف سيناريو لدرجة إن عظامه ماعاد تقدر تشيّيله لذلك من مر على بيّت وهاج ومالقى أحد ماقدر إنه يفكر إلا يرجع لبيّت فهد ويبقون فيه لحد رجوعه .. ولا قصدو أي مكان ثاني .. لأن الخوف والرعب الي عاشوه أعماهم عن التفكير بأي بقعة ! حتى وديّع الي ضرار حافظ رقمه بس مارد على إتصالاتهم !
لافي غمض عيّونه وهو يشد على رأسه : فهمني فهمني .. ليه كل المصايَب جاءت لما أنقطع الوصل بيّننا ؟ ععشت معهم ١٨ سنة بلياليها وأيامها وماصار فيّهم شيء ولا أختفو بالطريقة هذي وأنا معهم .. ليه لما أبّتعدت قروو يسوون هالحركات ؟
ضِرار ألّتفت له ورفع عيُونه بتثاقل وهو يناظره بخوف : تخيـل لو إنـ…
رفع رأسه بسرعة وأشر بإصبعه على فمه وهو يناظره بربكة : تكفى مانبي تشائم .. أكيد طلعو رحلة للبّر بهالبرد .. ولا سافرو سفّرة سياحية .. ويمكن راحو للعمرة سوى .. خلنا نتفائل قد مانقدر
تنهد ضِرار وهو يتخطاه : تفائل على قد توقعاتكم .. ولا تتفائل على قد خوفك الكبيّر .. هاللي تقوله بيصير بأحلامك
سكت للحظات ثم قال : أو يمكن سافرو شهر العسل صح ؟ كل الأفكار واردة
ناظره ضرار بطرف عينه
وتأفف لافي بعصبيّة وهو يقول : خلني أهون على قلبي .. شوي وتوقف نبّضاته بسبب خوفي .. أقولك مختفيييّن .. أبوي دُجـ…
سكت بعجلة وهو يمشي بكل سرعته ويتخطى ضِرار ولكنه رجع يلتفت له : نسيّنا أهم مكان يا ضِرار يا فاهيي .. نسيّنا مشغل عبّق .. متأكد إنهم هناك .. بسرعة تعال !
ضِرار من أستوعب توهّج صدره من فكرة إنهم بخير فعلاً وإن كل اللي طرى ببالهم مجرد تخيّلات .. والأهم لام نفسه إنه مافكر يروحون للمشغل بما إن هالوقت بدايّة الغُروب ..يعني وقت دوام دُجى الرسمي وبقو أسيّرين لخوفهم ورُعبّهم !
ركض بأقصى طاقته وهو يركبّ السيارة .. ومن قفل لافي الباب .. أنطّلق بكل سرعة .. متجهة لمشغل عبّق !
-
وبعد دقايَق قليلة وصلت سيّارة ضِرار لأعتاب عبّق .. وقف قدام المبّنى وهو عاقِد حواجبه بسبّب الرجال الي يدخلون ويخرجون من المكان
فألتفت له لافِي وهو يتأفف : يارجل أخلص عليّنا .. متى بنوصل؟
عقد حواجبه ضِرار اللي الإرتبّاك بدأ يلعب بصدره وأشر على المبّنى !
ميّل شفايفه لافِي بإستنكار : أنهبَلت ؟ ماتشوف الرجال داخليّن طالعيّن منه ؟
وش هالمشغل الي قلبَ صالون حلاقة
وبعديّن مافيه لوحة المشغل هنا .. وين عقلك أنت ؟
ناظره ضِرار بطرف عينه .. وسحب مفتاّح السيارة بيده الي ترتجف .. والي كانت عيُون لافي تتأمل رجفتها .. بلع ريقه وأيقن إن اللي حصل شيء مهب سهل أبداً !
لذلك فتح الباب بعجل وهو يتأمل المكان .. ومن لمح محل الحلويّات أيقن إنه هذا هو مشغل أخته .. ولكن ليّه متغير وحيل ؟
ضِرار تخطاه ومشى بكل عجل وهو يقرب من المبّنى .. ورفع يدينه وهو يتأمل السّواد الي ألتف على كل أعتّاب المبنى الخارِجيّة واللي وضح من هالسّواد إن اللي داخله ماهو إلا رماد ! مابقى بقلبه نبّض صاحي .. كل نبّضاته بدأت ترتعِش بشكل كارثي .. وهو يحاول يكذب الي بصدره واللي يدور بعقله .. بعيد أتم البُعد عن لافِي
الي خطواته مشحُونة بخوف ثقيّيل .. ثقيّيل حيّل على خطواته الي شابّت وهو باقي شبّاب ..
-أنحنى وهو يثبّت ركبته على الأرِض .. وعيونه تتأمل بشكل كثيّف اللوحة اللي تلاشت الحيّاة منها .. ومابقى منها إلا اللون الرمادِي .. الي يدل على إحتّراق كل معالم الفرح منها نفض اللوحة الي باقي آثار طرف إسم عبّق ومسّحه بطرف كُمه وهو يرِمش بثُقل وبتساؤل مُر وفيه من الرهبّة الشيء الكثير : ليّه غابت الحيّاة عن اللوحة الي كانت متزيّنة بألوان الفَرح
إنتفض قلبه برعب : يارب لا تكون الضحكة غابت عن صاحبّة هاللوحة .. تكـفى يارب !
بلع رِيقه بصعوبة وهو يوقف .. وعظامه مازالت تِرتجف تقدم لِضرار الي واقف قدام المبّنى ويتأمل أطرافه الي واضحة قدام عيُونه .. وألتفت للافي الي تعلقّ بذراع يدينه بطفولية ويبّان الموت بأهداب عيونه : الـخوف أدمـى روحي يا ضِرار .. بنت فهد ويّـنها ؟ وفـهد ليّه غايـب عن العيّن ؟ تكفى يا ولـد أمي .. أحس الموت يتسّرب لروحي .. لا يصيبها هم وأنا كنت بعيّد عنها .. تكففى ياضرار تكفى
عض على شفايّفه ضِرار بشّتات وهو يغمِض عيونه .. ضاع المنطِق ..وضاع طريّق الرشاد .. الخوف الي عاشوه قبل دقايّق عبّارة عن "ولاشيء " قدام الخُوف الي يعيشونه هاللحظة ! لدرجة ضاعت كل أفكارهم وكل المحاولات بمعرفة وين دُجى وباقي أهلهم هاللحظة .. لأن اللي يدور ببالهم يكفيّهم ينهارون بمكانهم !
بلع رِيقه لافي بصعوبة .. وغمّض عيونه بتشدييييّد وهو يقبض على معصم ضِرار بكل قُـوته .. ونغزات قلبّه زادت بشكل مُفجع لـما تِسلل لمسامعه صُوت فِيه من السخرية الشيء الكبيّر :
-مستِكنة برأسها على طرف الزجاج وعيُونها تراقِب أطراف الشوارع بفراغ .. هالفراغ الي بنظراتها كان تماماً يشبّه الفراغ الي بوسط قلبّها .. غمضت عيُونها بسبّب يدين معاني الي حاوطت يدينها .. والي همست لها بخفُوت : يجيّب الله مطر يا بنت أخوي .. يجيّب الله غيّث ينهي هالجفاف
صدت وهي تكتم نفسّها بوجع وبعدها قالت بسخريّة تخفِي بين طيّاتها ضيّقها : هالحال .. مثل حال شخص الشعرة تخترق عيُونه ولا يقدر يزيّحها عن هالعيّن لأن يدينه مبتُورة ياعمة
زمت على شفايّفها بضيق بسبب كلام دُجى .. والي بعدها رفعت رأسها وناظرت لوهّاج الي صامت طول الوقت .. وقالت بهُدوء : إن ماكانك بتحسبّها من ضمن الأشياء الي بتعنيّك .. أبي أمر للمشغل قبّل أرجع البيت
ألتفت لها خيال بصدمة وقالت بإستّنكار : شلون ؟ كيف تبغيّن تروحين لمكان مابقى فيه إلا رماد .. ليه تحبيّن توجعين قلبك هالكثر يا دُجى ليييه ؟؟
تنهدت وهي تّشد على قبضة يدها .. ودها تشوفه بعدما كانت مبتورة يديّن ليلة البارحة .. ودها تشوف وش كلفها هالحلم .. لذلك رفعت عيُونها وثبّتتها على المرايّة الأمامية الصغيّرة .. وقالت بإستهزاء : هذا طبَعي الي موجعني يا خيَال .. أحب أتلذذ بوجع قلبي .. أحب الأشياء الي توجعني .. مهب بيديني !
خيال كانت ناسيَة تماماً وجود وهَاج مع ذلك كان صوتها شبّة خافت .. وتتكلم بالهمَس مع دُجى .. ولكن مع ذلك أصواتهم كانت توصل لمسامع وهّاج بسَبب قربه منهم ناظرتها بإستنكار وهي تمسّح دموعها الي أحرقت خدها بسبَب فهد وقالت بإستنكار : هذا قلبّك .. شلون شوره ماهو بيَدك ؟
ناظرت لخيّال وهي ترفع كتوفها بإِرهاق شديَد .. ومستنكرة توقيّت سؤالها مع ذلك قالت بنبّرة متعبة حيل : هذا سؤالي .. كيف هذا القلب قلبي بس أمره مو بيدَي ؟
معاني كانت ساكتة وتتأمل التعب بعيُون دُجى وقلبّها يشب نار من شدة الوجع ..مع ذلك ما بيدها شيء غير تتأملها وتسكت بتعب .. ومن إقتربُو من المبّنى وبان طرفه لدُجى أخذت نفس بصعُوبة وبدأت تزفره على دفعات .. وهي تحس إنها تنفث روحها ميَلت شفايفها بوجع وهي تتأمله بضيّق : بس أنا كنت دائماً أتجنب المعارك بهالحيّاة .. هالخسَارة كلها من وين تجيني ؟
من سمعها وهّاج حتى وقف السيّارة بعجل ونزل منها وهو يّبتعد عنها بخطوات قليّلة سحب غترته من على رأسه ورماها على كتفه بإهمال وهو يمسح على وجهه تنهد بتعب وهو يتأمل السّماء : ليه الليّالي الموجعة تجي سوى ؟
رجع يلتفت ويناظر لهم وهم ينزلون من السيّارة ومسح على وجهه وهو يكتف يدينه ويناظرهم من بعيَد .. ماكان وده يقترب منهم لأجل ينتهي هالمشوار على خير
-ألتفت وهو يسمع نغمة جواله الي رنّ بإصرار .. فرد على طول وهو يصد عنهم
بيّنما دُجى كانت تجر خطواتها بصعوبة .. وعيُونها تراقب المكان بكل تفاصيله .. عقدت حواجبها وهي تلمح الشخص الي يحضن لوحة إسم المشغل .. وميّزته بنفس اللحظة .. قبّضت يدها بكل قوة وهي تقترب بغضب شديد .. وبكل عصبيَة كتمتها خلال السااعات السابّقة .. مع ذلك من سمعت صوت شهقاته الخافِتة .. تلاشت قُواها وتوقفت مكانها وهي تأخذ نفس .. بعدها أبّتسمت وعقب الإبّتسامة اللي قالت بسخريّة : كنت تنتظر تشوفني بمكان هاللوحة ؟
بلع ريّقه بصعوبة وهو يغمض عيونه بتشديَد .. وألتفت بعجل وهو يتأمل وقوفها القوي قدام عيُونه .. ونظراتها الساخِرة ويدينها الي مكتفتها بعدم إهتّمام .. رمى اللوحة من يدينه بعجل شديَد وأقترب وهو غير مبالي تماماً باللي حوله .. قبَل لحظات كان يشرب من كأس الموت من شدة وجعه .. وهاللحظة وكأن الحيَاة أمطرت على صدره بكل رحابة .. أقترب وهو يضمها بكل قوة !
ولكن
سُرعان ما أبّتعد بسبب ضِرار الي سحبه بخفة وأبّعدها عنها .. وتنفُسه العالي ينسّمع بكل قوة .. كان يناظرها وهو يرمي هالنظرات بكل خوف على كل بُـقعات جسّدها !
بيّنما هي تنقل نظراتها بيّن لافي وضِرار .. الي مُنهمِكين بالخُـوف .. ضِرار الي مازالت يديّنه ترتجف قال برعب وبضيَق إنه مو قادر يطفي هالخوف بعناقها : وش هاللي حصّل بالمُكان يا دُجى؟؟ وش هاللي صار بغيّابنا؟؟
رفعت كتُوفها بعدم معرفة .. وهي تقول بسُخرية : المـكان كان يرتـجف من شدّة البرد .. قلنا نولع فيه وندفـيّه !
لافي عقد حواجبه بإسّتنكار .. بسبب أسلوب دُجى الساخِر بهالوقت الصّعب وجداً فأقترب بخوف وهو يحاوط يديّنها وهي دنت بعُنقها لما حسّت برجفة يدينه الي وصلت ليدينها .. ناظرتها للحظات وبعدها رفعت عيونها وقالت : ويّنك يا لـوز دُجى .. كدرتّني الدنيا كثير وأنا واقفة على بيّبان هالدنيا أنتظر صوت دقاتّك ؟ ويّنك وأنا ليل ونهار أبكيك خوف .. وأبكيك رجاء تكون بخيّر ؟ وينك لما كانت الحيّاة ترمي الأوجاع بطريقي بدون رحمة ؟ هاليوم صار الإتصال يوجع أصابع يديّنك ؟
بلع ريـقه بصُعوبة ثم ألتفت وناظَر لضِرار بترجّي .. بمعنى " دور لي عذر ينتشلني من هالوجع اللي بعيونها"
ضِرار قال بخفُـوت وهو يأمل إن عذرهم يبّرد على قلبها : جوالاتنا إنسّرقت .. والفرص من بيّن يدينا ضاعت .. ماكان عندنا وقت نشتري جديّد
وماجاء على بـالنا أي رقم لأجل نتطمن عليّكم فيه
أردف لافِي بفجعة من اللي صار : ماكنت أدري .. والله ماكنت أدري إنه بيصَير هالشيء بغيابي
-أردف بضيق كبير:عسّاني أتجرع الهم إن كنت غبّت من شوري .. والله غصب عني .. تكفيّن سامحيني يا سكر لافِي ..
سكت للحظات لما ما سمع منها رد وأردف بخوف : وأبوي وينه ؟ أبوي كان معك ؟ شاف هالشُوفة ؟
"هزت رأسها بلا .. وبداخلها نيّران تلظى من شدة عصبيّتها .. مع ذلك حاولت تخفيّها بأقصى قدرة عندها .. بآخر فترة إستوعبّت تغير شخصيتها بسبب موت أمها .. وبسبّب تغير حياتها وخروجها عن سيّطرتها .. وبسبب إنتقالاتهم المستمرة وعدم إسّتقرارهم .. وبسبّبب حلمها الي كل مرة تتذكر
فيه صاحبَتها .. إستّوعبت كيف غيّرها الوجع لإنسان سطحي .. كلامه ماهو بموزون .. ودائماً يرمي كرة من نار بقلب الشخص اللي قدامه بدون مايفكر بمشاعره ".. وبهاللحظة ومن بيّن شدة وجعها وعصبيّتها .. تذكرت إنها حلفت ما ترجع لهالشخصيّة .. حلفت ماترجع شخص يستثقِل الكلمة الطيّبة .. والكلمة الموجعة يرميها بدون تفكير ولو بتموت من شدة وجعها مع ذلك ماكانت تخفي كل غضبها
ولا كل حسرتها بالحالة اللي هي فيَها .. لذلك قالت بسخرية : لا أبشرك كانت النيّران بتأكل من ضلوعنا بهالمبّنى بدون ما يكون لنا أب ولا أخوان يطردون بحمانا كنا بنحترق ونتلاشى وحنا نرتجيّكم ونناديكم
عقد ضِرار حواجبه بسبب الجمل الي تقولها ودُجى أردفت وهي تناظرهم بسُخرية : أنحدينا على الغريّب يرمي غترته على كتوفنا لأجل يسترنا من بعد هالنار .. رميتُونا على الغريب وأنتو يا أهلنا بعيديّن عنا !
تنّهد لافي بوجع وهو يمسح على وجهه بينماوهّاج كان واقف وراهم من لما تسائل لافِي عن وجود فهد ومن سمّع آخر جملة نطقتها شد على مفتاح سيّارته الي يتوسط كفوفه بكل قوته لدرجة إنه يديّنه توجعت من شدةضغطه عليها
ولكنه ما أنتبه، بعد سواياه كلها "يظل بعيونها غريب؟"
تحولت نظراتَه من الرحمة والشفقة الي غلبّت شعوره طوال الليلة لعدم مبـالاة كثيفة
وقال بهدوء وعيونه متجهة على لافي : قضى الشّر إن قالها الله ياعيال خالتي.. ولو بقيّتو تناظرونها بحسرة بينقضى هالعمر على أعتابها .. وهالوقت ماهو بوقت بمعاتب لأجل تعاتب
ناظره ضِرار بإستنكار لافي عاقد حواجبه
بينما دُجى صدت بقهر من أسلوبه وهو رفع يدينه وناظر لضرار: ضرار توجه لمستشفى الحي وكمل إجراءات خروج أختك
ضِرار ميل شفايفه بخفوت وناظر لدُجى الي خرجت وأنتهى الموضوع عن أي إجراءات يتكلم؟وهي على طول طرى ببالها بريق لذلك هزت رأسها بعجلة وهي تصر عليه يروح بدون ما يدقق بالموضوع لذلك أنسّحب بهدوء بعدما تطمن عليّها وبعدما طرى بباله إنهم ماكملو الأوراق
-أردف وهّاج وهو يرمي المفّتاح على لافي بالهواء .. والي ألتقطه لافي بسرعته وناظر لوهَاج الي قال : وأنت خذ هلك ورجعهم البيّت .. أنتهى شغل الغريّب والله يقدره دام أخوهم حضر !
تنهّد لافي وهو يناظر لوهّاج الي يتخطاهم ويمشي .. وصد بضيَق والود وده يتكلم .. ويحاول يفهم الموضوع .. ولكن الصدمة ألجمته وتركته محتّار وتايّه .. ولولا دُجى الي تخطته وبقت تناظر للمشغل من برى بنظرات يكسُوها الهدوء .. للحظات طوييييّلة والي هرب من سرحانه وتأملَها بضيق .. والي أتبّع هالتأمل بتنهيّدة عمييييييقة وبعدها ألتفت وهي تأشر له بمعنى يالله ! ركبُو السيَارة والي كانت تحتوي معاني وخيال .. الي كانو شاهديّن على هالموقف من بعيد .. والي من دخل لافي بدأ عتابهم له .. وهو مستقبل هالعتاب بصدر رحب .. كونه درى بمدى تقصيره .. ولو الدنيا أجبّرته يقصر .. كان المُفترض يصدها ويجبَر هالوصل ! ولكن ماكان يدري إن الدنيا بتنقلب حالتها أول ما يقفي بظهره عنهم !
-
-

وقِدام بيّت وهَاج .. كان متكي على طرف البّاب
ويدينه على رأسه الي مسّندة للخلف ومغمض عيُونه بتّعب .. برأسه حرب .. حرب قامِتة
وكأنها تحاول تفتك بجميع خلايا رأسه .. مواضيّع مرعبة برأسه .. وأفكار أهلكته .. ولكن هالمرة ماكانت هالمواضيّع تخُص وجعه .. كثر ماكانت تخص غيرهه .. كان يحاول يداري جرُوح الي حوله بأقصى قُدرته !
ولكن فتّك التعب بجسّده .. أيام طويّلة ماذاق لذة النوم .. ولا تسللت الراحة لجسّده .. ولا هدأت روحه من الوجع .. حتى لما قرر يرجع البيّت .. ماكانت إلا دقايّق معدودة .. غيّر فيها ملابّسه ومسّح آثار حريّق حلم بنت خالتـه ! وأخذ من درج أمه العبايّة الي سترت أجزاء دُجى .. ورجع للصراعات بعدها !
لذلك كان مُنهك .. بما تحمَل هذه الكلمة من معنى !
تسّلل لمسامعه صُوت سيّارة .. تقترب ببُطء منه
ووقفت على مقربِة منه .. أزاح يدينه من على عيُونه
وبدأ يُلقي نظرات تفحصُية للسيّارة .. عبُوس من التعب .. تلاه إنبّساط خفيف بعضلات وجه .. تلاه إبّتسامة خافِتة .. تبّع هالإبّتسامة ضحكة تزيّنت بثغُره الباهِي .. كانت نظراته متعلقة بالطِفلة الي فتحت الباب بكل عجلة .. ونطت بأعجوبة من السيَارة .. ومن ناظرته شهقت وهي تثبّت يدينها على فمها وتضحك من قلبها بفرحة غمرت كل أطرافها .. كانت تناظره وهي واقفة بمكانها وهو يضحك من ضِحكتها حتى إنه أزاح ظهره من على طرف الباب وأسّتقام بوقوفه وهو يفتّح يدينه على وُسعها .. وينحني بظهره وهو يأشر لها تجيه .. وهي ما رفضت أبداً .. بل ركضت بكل طاقتها وهي تضحك من كل جوارحها ..
نطت بكل قوتها وهي تثبّت يدينها الصغيرة حول عُنقه وتدِفن رأسها الصغيّر بكتفه العريضّ وهي تشد عليه بكل قوتها .. بيّنما هو كان يظن إن اللي بأحضانه .. ماكانت إلا قطعة من راحة .. تسللت لجمِيع جوارحه ونفضت قلبه من التعب .. مثل ما ينفضون التراب من على قطعة قُماش !
كان يناظر لكايّد الي نزل من السيّارة وبيدينه الشنطة السُوداء الصغِغيرة ومبتسّم بكل رحابة صدر وهو يتأملهم .. أشر له إنه بيدخل .. ووهّاج هز رأسه بإيـجاب .. ومن نزلت حليّمة من السيارة وناظرت لهم .. وبالأحرى ناظرت لضحكة وهّاج الي ماغابت عن ثُغره إبتّسمت بعنفوان شدِيد ! لدرجة إن وهّاج تأمل صغر عيُونها من خلف النِقاب جراء إبّتسامتها الشديدة .. واللي على طول دخلت للبيت بدون ما تِتكلم .. والسيّارة إنزاحت من قدام الباب .. ومن مرت دقايَق طويلة .. وغُصن مازالت تتوسط حضن خالها .. أزاحها من على صدره الرِحب وهو ينزلها على الأرض .. وينحني قدامها وهو يجلس على طرف رُكبّته وينقل نظراته التأملية على جميع أجزاء وجهها .. وهي مبّتسمة وتناظره ببراءة .. أزَاح شعرها الغزالِي الي أكتسّبت لُونه من شُعاع وهو يثبَته خلف أذنها .. وعيُونه متعلقة على ثغره الي بدأ ينطق ببراءة : تدري ليه رجعنا ياخال؟
ميّل شفايفه بإبّتسامة وهو يهز رأسه بنفي : علميني يا غصُن هالخال .. ليه رجعتو ؟
أبّتسمت وهي تقترب منه وتأشر له يقرب إذنه .. وهو قربّ لها على طول وهو مبّتسم من صوت همسها المفُضوح من علُوه .. واللي قالت فيه : لأني أشتقت لك .. وينك ماجيت وأنا أناديك ؟
تنهد بخُفوت وهو يرجع يتأملها برِقة .. وبعدها مسّح على طرف خدها بحنيّة وهو يقول : تدرين يا غُصن ؟
ناظرته بإستنكار وبإستغراب وهي تميّل شفايفها بترقُب لكلامه بعدما نطّق إسمها .. وهو أردف بإبتّسامة : تدرين وش يقولون لي ؟
هزت رأسها بنفي .. وهو أردف بإبتّسامة عرِيضة .. أجتاحت كُل أطرافه .. لدرجة إن هالإبّتسامة خالية من أي تعب .. أو إنهّاك .. أو حتى وجع أو أفكار مُتعبّة .. إبتسّامة نابعة من أقصى طرف بقلبه : يقولون لي .. يا أبو غُصن .. تدرين ليه ؟ لأني أحبك أكثر من روحي .. وأشتّاق لك حيل حيل حتى لو ما سمعتك وأنتي تناديني .. وحتى لو كنت بعيّد عنك
مصيري أجيك ولا أنتي تجيني .. لأنك منتي بالقطعة الناقصة بتركيّب القطع بقلبي .. أنتي قلبِي يا غصن
غصُن بطبيّعتها الطفُولية .. كانت تفهم بعض كلامه
والبعض الآخر ما تنتبه له .. لأنه كان كبيّر عليها .. ماكان كبيّر بالإستّيعاب .. كثر ماكان كبير من كثر المشاعر اللي كانت بيّن فواصل ونقاط هالحُروف الي قالها وهّاج !
-..


فيتامين سي غير متواجد حالياً  
التوقيع



شكراً منتداي الأول و الغالي ... وسام أعتز به


رد مع اقتباس
قديم 12-08-21, 03:21 AM   #25

فيتامين سي

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة

alkap ~
 
الصورة الرمزية فيتامين سي

? العضوٌ??? » 12556
?  التسِجيلٌ » Jun 2008
? مشَارَ?اتْي » 42,436
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » فيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي



(البارت الثالث والعشرون)

عيُون وهّاج الي كانت تِلمع من شدة هالحبّ والتوهّج اللي بروحه من حُبه لتأملها ! إشتّدت لمعتها من نطقت بإبّتسامة : أنا بنتك وقلبك ؟
إبتّسم بخفوت وهو يهز رأسه بتشديَد .. وهي ضحكت بفرحة وهي تنط بمكانها .. وبعدها وقفت بمكانها وهي تناظره بحُب عفيّف .. عنيّف وقوي حيل .. قوي وكأنه شخص تربت بظله .. وبين كنّف صدره .. لدرجة إنها ما تعرف الحُب إلا لوهّاج .. وقالت بإبتّسامة : وأنت روحي وأبوي
عض على شفايّفه بشدة .. وهو يصد عنها ويرفع رأسه بشدة لفوق .. ويناظر للسماء وهو يبلع رِيقه بصعوبة .. هالطفِلة أم الخمس سنيّن .. تعرف أحق المعرفة كيف تبعثر كل مشاعره.. وكيف تلملم شتاته .. وكيف تعيّد ترتيب خرابه .. وتصلح بين كل حرب بعقله .. ولكن هالكلمة كانت حيل .. حيل قوية على قلب وهّاج هاللحظة .. هي فعلاً بمنزلة بنته .. إن ماكانت بنته الي يعتبرها قلبّه .. ولكن إنه يكون هو بمنزلة أبوها رغم قلة معرفتها فيه .. هالشيء كان حيل قوي عليه .. أنحنى برأسه لما مسّكت كفه وهي تميّل شفايفه : تحب السّماء ؟
ناظرها وهالمرة عيُونه وقلبه الي يضحكون من شِدة حبه لها وهز رأسه بإيجاب .. وهي أبّتسمت : أجل وأنا أحبّها مثلك
تنهد تنهيّدة عمييييقة وهو يأخذها بحضنه .. ويشد عليها بكل قوة وهي مبتسّمة وتناظر لوجهه وهي تلعب بيدينها الصغيّرة بطرف ذِقنه الكثيّف وبشعر لحيّته الأسود وهي تعد شعره بضحكة .. وهو مبّتسم بعنفوان شديّد وعيونه تنطق بإمتنان.. إمتنان عظيّم لكل فكرة ولكل موقف ولكل شخص أجبّره يرجع لهالدار الي تركها من سنين طويلة .. والي كان رجوعه لها .. رجوعه للحيّاة .. شبّك يدينه بيدينها بإبتسّامة وهو يقول : عسّى غصن أبوها ما تذّبل يا غُصن
-
-
بمستشفى الحيّ ..
دخل وهو تايّة وضايع .. تمنى مافارق البُقعة الي كان فيها .. قبل دقايّق من شدة لخبطة شعوره .. خوفه .. إرتبّاكه .. والأهم ثوب النّدم الي لبسّه وتلحف فيه .. وكأنه ثُوب من نار يعتريّه .. كان يلُوم نفسه إنه تساهل بالموضوع .. وإنه ما فكر بجديّة
إنه ممكن يصير هالشيء الخطيّر بغيابهم .. تنهد بتعب وهو يوقف على طاولة الإستقّبال .. وقال بإنهّاك : أبي أكمل إجراءات خروج المريضّة دُجى العمّار
ناظره الموظف بهُدوء وهو يطقطق على لوحة المفاتيّح البيّضاء اللي تتوسط المكتب .. وبعد ثواني قليّلة قال بإستغراب : المريّضة خرجت قبل ساعات من الآن وإجراءات خروجها كاملة !
عقد حواجبه ضِرار بإستنكار وهو يرفع يدينه ويمسّح بها على طرف ذِقنه وهو يغوص ببحر أفكاره العمِيق ويحاول يفهم معنى كلامهم..
"بما إنها خرجت ليه أرسلوه لأجل يكمل إجراءاتها !! بديهياً مارح تقدر تخرج من المستشفى إلا بعدما ينتهون من هالإجراءات" .. تأفف بعدم إعجاب من الموقف اللي أنحط فِيه ولام وهّاج إنه أبّعده عن عتاب دُجى وكذّب عليه .. ولأن ضرار كان بموقف مو قادر يرتب فوضوية أفكاره فيه .. ولا قادر يفكر بطريقة صحيحة راح للمستشفى بدون تفكير وبدون يفهم المووضوع.. تعذّر من الموظف وشكره بتقدِير .. ثم ألتفت وهو يمشي ويناظر بفراغ للأشخاص الي يحيطون فيه بضيّق .. معرفة مكان محمد .. وخروجه من الشمّال لأقصى نجد بس عشان يعرف مكان محمد ويرجعه للسجن لأجل يستّرد كرامته الي أنسّفك دمها كلفته أشيّاء كثير .. كلفته الوقوف مع أخته بهالشّدة .. كلفته دمعة القهر الي بعيونها .. والرجفة والخوف الي بقلب لافِي .. والأهم باللحظة هذي وش بتكلفه بعد ؟ نص ديّنه ؟ نومه وراحته ؟ عض على شفايّفه بقهر عميّق وهو يشد على قبّضة يده بتثاقُل : أعطيّتك ثقتي يا محمد .. ما دريّت إنك تغرز خنجرك بظهري .. مادريت إنك تأكل من كبدي وتسرق من هناي وراحتي بدون علمي .. عزتي لهالضِرار عزتي له !
ثواني قليّلة .. قبّضة يدينه الي كانت تستنجد من شدة ضغطه عليها .. بدأت تخف تدريجياً وبرجفة لدرجة إن رِيقه وقف بنص حلقه ووكأنه ناوي يخنقه من خوفه الي تسّرب لجميع جوارحه .. وديّع الي وجهه متِلاشيّة الحياة منه .. وأنكسى بالشحُوب بشكل واضح وعلنِي .. والأهم وقُوفه مع الدكتور وتمسّكه بيدينه برجاء وهو يكلمه ويناظره بأمل .. والدكتور يهز رأسه بتنهيّدة .. أرتجف قلبه ويدينه الي بدأت ترتعش فضحت خوفه .. وديّع ليه ينوح قدام الدكتور ؟ يستحيّل إن هالخوف بسّبب أخت ضِرار دُجى الي مايعرفها طول حيّاته ؟ ولأن يمكن وهّاج لما قال كمل إجراءات خروج أختك ما كان يقصد دُجى الي واقفة قدامه .. كان يحاول يسّارع بخُطاه وهو يمشي بعجلة شدِيدة ولكن رغم تسارع خُطاه يوضّح لمرأ العيّن إن خطواته بطيئة وثقيلة .. وهالثقل ماكان إلا ثقل قلبه !
تخطى وديّع الي كان واقف قدام الدُكتور وكان يناظر للغرف بضياع وعجلة وينقل نظراته السريّعة بلا وجهة لكل جزء بهالقسّم .. وديّع أول ماشاف حالته أنفجع زيّادة .. فمشى عن الدكتور بعجل وهو يمسّك يدينه ويحاول يكلمه بس ضِرار كان مفججوع .. الخوف مابقى مكان ماسيّطر عليه بجسده .. كيف ، ويّن ؟ ومتى ؟ وليه بالأساس بريّق يحتوي جسدها هالمكان ؟ مستحيل إنها كانت بنفس المكان مع دُجى .. لو هالحكي حقيّقة ليه ماخرجت ؟ ليه ماهي ببخيّر مثل ما دُجى بخير ؟
سحبه وديّع بكل قوته .. وهو يوقف عند باب الغرفة ويناظر له بتعب .. بعيونه الذبّلانة وهو يقول بخُفوت : إهّدأ يا ضِرار .. الواضح إنك تايّة .. بريّق بخير .. بخيّر عايّشة الحمد لله .. بريّق تتنتفس وكلها حياة .. ليه كل هالخوف .. كنت تظن إن شخص مثلها يحب الحيّاة بيغادرها بالسهولة ذي ؟
رمش ضِرار بعدم إستيّعاب وهو يعقد حواجبه بصدمة بسبب كلام وديّع .. وهدوءه الي سَيطر عليه .. جاهل تماماً إن هالهدوء كان بسّبب خوف وديّع آن ضرار يتأذى بسبب هالخوف .. لدرجة إنه عانق كفوفه وهو يبّتسم بخفُوت : لاتخاف .. بريَق أختي ماهيّب سهلة لأجل تنهار بسبب كم شعلة نار .. بلع ضِرار ريّقه الي كأنه صخرة من نار بحلقه وسحب يدينه من وديّع بكل قوة وهو يقبض عُروة البّاب بكل قوة تمكن منها الخوف وسحبه بعجلة .. ومن أستقرت خطُواته داخل الغرفة .. حتى رجع بهالخُطوة لورى ويدينه الي كانت على عُروة الباب صارت على رأسه الي بدأ يضغط عليه بصدمة .. ألتفت لوديّع وقال بصوت مرتجف : قل إن اللي أشوفه كذب ! إنطّق تكلم يا وديّع
وديّع نزل رأسه بضيق وضرب على كتف ضِرار بخفُوت وهو يمشي عنه ويجلس جنّب بريّق .. ثم أبتسّم بضيق وهو يتأمل وجهها الذابِل والي ما وضح منه إلا طرفه بسّبب الشاش الي جددته المُمرضة : عندي يقيّن إنها بتكون بخيّر يا ضِرار .. شد عزمك ولا تخاف وأنا أخوك !

نظَراته كانت تنتقل بشكل بطيء جداً .. كان يناظر لبريَق الساكِنة ولوجهها المتلاشي منه الحيّاة .. ويناظر لوديّع الي يقاوم الإنّطفاء وبقوة .. أوجعته ضيّقـته .. وحسّ بأن قلبه ماعاد يتسع لرأس إبّرة !
مرر يدينه على طرف وجهها وهو يحس بحرارة الدمع بعيُونه .. صد بوجهه على طول ومسّح عليه بضيق .. وهو يرجع يتأملها من جدِيد .. قال بنبّرة متسائلة : ليّه كانت بنفس المكان مع دُجى .. ليه ليه ؟؟؟
بلع ريّقه وديّع ثم ناظره بذُبول .. رفع كتوفه بعدم معرفة وهو يتنهّد : صادف حضورها .. وصادف إني أتأخر عليّها .. وهذا نتيجة تأخري يا ضِرار .. ياكسر ظهري يا ضِرار لامنّها صحت ولامتني على تأخري .. وش هالعذر اللي بيرضيّها ؟ وش العذر اللي بيخليها تسامحني يا ضِرار علمني ياخوي ؟
أقترب من وديّع وهو يثبت يدينه على كتفه .. ويشد عليّها بكل قوة .. ونظراته تتأمل بريّق : تحلل من هالذنبّ يا وديع .. ماهو بأنت السبب
وديع نكس رأسه وهو يحس بأن وجهه محترق من شدة كتم وجعه .. وشد على يده وهو يتنهد بعمق بيّنما ضِرار جلس جنبه ويدينه على رأسه .. غمّض عيونه وهو يهز جسّده بضيق ويحاول يطرد هالضيَق لأجل ما يفتّك به أكّثر
بعد لحظات رفع رأسه وقال : الدكتور .. الدكتور وش قال ؟ طمنّك ؟ بتتلاشى هالحروق عن وجهها ؟ بيرجع لنا بريّق وججها ولا لا ؟؟
ناظره بخفوت وهو يميَل شفايفه بإنهَاك : قال ماعلى حيّاتها خوف إن شاء الله .. الأهم إننا نعالجها نفسيًا بعد الحروق والصدمة الي تعرضت عليها .. وقال إن الحروق من الدرجة الثانية.. تلاشيها وإختفائها عن وجهها صعب .. بيبقى أثرها
عض على شفايفه بضيّق وهو يغلف وجهه بين كفينه .. ووديَع سكت وهو يدنُو برأسه على طرف السرير .. ويغمض عيونه وهو يدعيّ .. يدعي تعدي هالفترة على خير !
بيّنما وقاص .. الي طوعت له نفسه يعفُو عنها .. وينسى الي حصل .. قضى ثلاث ساعات كاملة بالسطح .. يحاول يقنع نفسه إن اللي حصل كان دون إرادة منه .. وكان شيء مو مخطط له .. كان يطبطب على صدره بأن نيته ماكانت قتّل أحد .. كثر ماكانت نيته بأن الي بيسويه يكون وسيّلة لجمع قلبيّن سوى .. وسيّلة لإنقاذ روحه وحرق رُوح وهّاج .. ماكانت نيته وجع دُجى .. ولا وجع أخته بريّق .. لذلك أجبَر نفسه على نسيان صرخاتها .. وأجبَر نفسه على إستيّعاب إن الوضع كان أكبر منه .. ماعاتب ولا لام .. ولا تسلل أدنى طرف للندم بقلبه .. لأن رأسه صار ممتلىء بفكرة إنه مظلوم .. وبريء من أي وجع يمرون به هالأشخاص حالياً
لذلك نزل من السّطح .. وتوجه للبيت على طول .. متجاهل تماماً غرف الطوارىء الي كانت تسكنها بريّق .. أخته !
لمح أمه واقفة بالصالة .. والي كانت أمس نايّمة عند أهلها وتوها وصلت للبيّت .. وجلس قدامها وهو يشرح لها الموضوع بهدوء .. كونه يخاف عليها من الصدمة .. بالبداية ولولت .. وأنقهرت وذاب قلبها على بنتَها .. وبعدها لامتها على وجودها بمشغل بنت أمواج .. وبدأ سيّل اللوم يلقى على ظهر بريّق .. بأنها لو بقت بالبيّت ماصار فيها شيء .. ولو تخلت عن الحضور لمشغل دُجى كانت بخير حالياً .. مع ذلك توجعت كثير عليها .. وتوجعت من فكرة إن بنّتها صارت مُشوهة !
-
وبييّت وهّاج .. خرج من غرفته وهو يثبّت الشماغ على كتفه بعشوائِية .. ومن لمح كايّد جالس بالحوش .. وكتبه حول يفتح هذا .. ويكتب بهذا .. ويقرأ بالثاني ! وقف جنبه بإستغراب وهو يقول .: وش قاعد تسوي ؟
كايّد رفع رأسه .. وميّل شفايفه بخفوت وهو يقول : ماكان عندي وقت بالبّهاء لأجل أذاكر الي فاتني .. فالحين أحاول أجمَع كم معلومة .. وودي لو إنك فاضي وبما إنك حضرت الشرح تشرح لي هالمسائل لأنها معقدة
رفع يده وهّاج .. وتأمل الساعة الذهبيّة الي تزين معصمه هز رأسه بخفوت وهو يجلس جنبّه .. وكايد أزاح جسده للخلف وهو يناظره بإبّتسامة وحماس شديد
وهّاج رغم ضيقته .. وأشغاله الي على قد شعر رأسه .. إلا إن طلب كايّد أجبره يفضي له وقت ومتسّع .. لذلك مسّك القلم الأزرق وبدأ يشرح المسألة بتفصيل شديد .. وبشّرح مفهوم وسلِس .. وبرغم إنه ماحضر هالدّرس .. إلا إن نظرة سريعة على الخطوات بالكتاب .. كانت كافية تخليه يفهمها .. من إنتهى صفّر كايّد بحماس وهو يقول : إستاذ حمود ولاشيء عندك .. يارجل الريّاضيات هذا تحطه بجيّبك وتمشي وأنت متطمن .. وش هالقوة؟
أبتسم بخفوت وهى يعدل جلسته ويقفل الكتاب بهُدوء : هالمسائل كانت مثل اللعبة بيَديني يا كايَد .. ميّر تعرف إنسّلبت هاللعبة مني .. والله يهدي من كان السبّب
ربّت على كتفه بخفُوت وهو يبّتسم : ماعليك هذاك رجعت بكل قوتك لأجل تدمر اللعبة من أساسها
ناظره بضحكة وهو يضرب طرف رأسه بخفة : وش هالتدمير الي تحكي عنه .. أقول كمل دراسة بس
كايّد ميّل شفايفه بضيق وقال : لافِي رجع ولالا ؟ م سافر وحسّه غايب . . وجواله دايّم الدوم مغلق
حتى ضِرار
تنهد وهّاج وهو يناظر له بضيّق .. ماكان وده يعرف كايّد عن هالمواضيّع الموجعة حالياً .. خصوصاً وإنه ماصار له مدة طويلة من وصوله من البّهاء .. ماكان وده يزيّده ضيق .. مع ذلك ككان موقن إن لافِي يحتاج شخص لأجل يوقف معه .. لذلك وقف وهو يقول بهُدوء : من تخلص هالمذاكرة.. رح لهم للبيّت
عقد حواجبه كايّد : يعني وصل ؟؟
هز رأسه بإيَجاب وهو يمشي عنه وكايّد تنهد ورجع يذاكر بعجلة شديَدة لأجل يروح للافِي !
بيّنما تسارع خُطوات وهّاج وهو يبتعد عنه .. كان بسببّ الإتصال الي ورده .. ومن خرج من البّاب حتى فتّح باب السيارة بعجل شديد .. وأستّقر على المقعد وهو يناظره بترقُب : وش صار ؟ عرفت عن الي قلت لك ؟؟
-
-

هز رأسه بإيّجاب ووهّاج شد على طرف يده بعصبيّة من الأفكار الي برأسه .. وأشر له يحّرك وهو أستّجاب له على طول .. شغل السيّارة من جديد ولف بالدريسكون وهو يبّتعد عن البيّت ..
صوت سعُاله الحاد مازال يرن صداه بإذنّ وهاج الي قال بضيّق : زودٍ على الشقى الي فيّك .. أشقيّتك معي أعذرني يا بُرهان
بُرهان غطى فمه بطرف كمه وهو يصد بتعب .. وبعدها رفع رأسه وقال بإبّتسامة : لا تخاف علي .. ماهوب الزكام .. ولا الكحة ولا حتى هالحرارة بتشقيّيني .. صحيح إنها تمردت علي بعد ليلة البارحة .. بس مامن خلاف أنا طيّب وبخير بالنسبة لغيري
تنهد وهّاج وبعدها قال بإستنكار : ميّر علمني .. كيف عرفت بهالسهولة عنه ؟ ماصار لي ساعتين من طلبّت منكم تبحث عنه .. علمني أنت بالمخابرات تشتغل دون علمي؟
ضحك بُرهان بتعب وهز رأسه بلا : لابالله بالغت .. ولكن تعرف من هو الصعبّ .. والصدق كل الي سويته رحت للمركز وسألت عن معلومات صاحب الديّن وعطوني بدون شوشرة .. وهذاني جيّتك
شد على قبّضة يده بعصبية لما تذكر إنه طلبّ البيانات بس رفضو رفض تام بسبّب خصوصيتها .. أردف بُرهان بضيق : أنت الي علمني ، بتقطع نفسك كذا ؟ بتركض ورى ديّن فهد الي حكيت لي عنه .. ولا بتركض ورى مبّناك الي أحترق وتلاشت معالم الحيّاة منه .. ولا بتركض ورى التحقّيق الي للآن مفتوح ويدرون على سبّب الحريق .. فهمني ؟
تنهدّ وهاج ورفع كتوفه بعدم معرفة : مالي درب غير هالدرب لأجل أركض فيه .. ماعندي القوة الي تخليّني أغض الطرف عن أوجاعهم يا بُرهان
ميّل شفايفه بتثاقُل وهو يتنهد .. بيّنما وهاج صد وهو يناظر من الشبّاك بسرحان شديد .. وبعد دقايّق ماهيب طويلة .. وقف بُرهان قدام الفنُدق ووهّاج عقد حواجبه : ليه وقفت هنا ؟
بُرهان ناظره للحظات بهُدوء .. وبعدها طقطق يدينه وهو يفتّح باب السّيارة : الرجال ساكن بنجد .. ميّر جاء كم يوم لأجل الشكوى
آرتخى حاجب وهّاج بإستنكار شديّد : جايي من نجد لأقصى الشّمال لأجل يشتكي عليه ؟ وش هالي يحصل
بُرهان وقف قدامه وهو يقول : لأن المبّلغ ماهو بهين بنظره .. سكت للحظات ثم أردف بضيّق : وهيّن بنظري أنا يا وهّاج .. تعرفني .. تعرف من أنا ولده وكم مـ..
قاطعه بتعب وهو يهز رأسه بالنفي : تكفى يا بُرهان .. لا تسحب الموضوع لطرف مايعجبني .. يكفي إن فهد رفض مساعدتنا .. فمبالك بأنك تدفع المبلغ كله ؟ والله ليهد السجن على رأسنا
صد بضيّق ووهّاج ربت على كتفه ومشى لداخل الفندق بيّنما بُرهان لحقه بتثاقُل شديد بسبّب التعب
وقف وهّاج بوسط صالة الإستقبّال وهو يشد شعر رأسه للخلف ويتأفف بخفُوت وهو يحاول يجمّع طاقته وصبّره .. ومن وقف على عتبّة الطاولة حتى قال بهُـدوء : ظافِر بن حمد بأي غرفة ؟
وصل لمسامعه صُوت الموظف اللي أستنكره وطلب إسمه بوضوح لأجل يعطي خبّر لظافِر ولكن لحظات معدُودة ألتفت فيّها وهاج للخلف وهو يسمع صُوت الرجل الي كان واقف على طرف الطاولة الخلفِي .. وبيّدينه شنطته البنيّة الصغيرة .. والي من سمع إسمه رفع حاجبه بإستنكار : تفضل .. من أنت ؟
وهّاج رفع كفه وهو يحك طرف حاجبِه بخفوت .. بيّنما بُرهان وقف جنبه وهو يثبّت يدينه بطرف ثُوبه الأبيّض والي قال بعدها بهُدوء : أنت ظـافر؟
هز رأسه بإيَجاب .. وكان بيتكلم ويسأل من جديد عن الإسّم ..
كان بيتكلم ويسأل من جديد عن الإسّم .. ولكن وهّاج قاطعه وهو ينـاظره بحدة .. متجاهل تماماً المنطّق الصحيّح والتفكيّر السليم : ماعندك نخوة أنت ؟ ما تخاف الله ؟ هذاك مأكل شارب .. ولياليّك تمر بهناء وخير .. تقدم شكوى لأجل يتغربل غيرك ليه؟
سكت ظافر بإسّتغراب للحظة .. ومن فهم الموضوع تأفف وهو يصد عنهم .. وكان بيتخطاهُم لولا وهّاج الي شدّد على كلامه : لا تسفه الرجال الي بشواربهم يكلمونك .. هذي مهيّب شيم الرجولة إذا أنت تدلها
ثبّت ظافر بمكانه وهو يشد على طرف الشنطّة .. وبُرهان متلزم الصّمت .. ويناظر لوهّاج بضيق
يدري إنه لاعصب تدمر المنطق عنده .. وبقى رجل بدون أعصاب .. لذلك ماكان بيده شيء إلا ينتظره يكمل كلامه
ألتفت ظافر وناظره بطرف عينه .. ثم قال بنبّرة مستهزئة : الفلوس فلُوسي .. والشكوى لي .. أنت من لجل تفرض نفسك علي ؟
وهّاج رفع طرف حاجبه وهو يتأمل نبّرته المستهزئة ويظن إن روحه إلتهبت من شدة عصبيّته : أنت تستهزىء بالموضوع هاللحظة .. وفهد بيّن ظلمة السجن يتخبّط .. جاهل بالرحمة أنت؟
تأفف ظافر بصوت مُنخفض .. وترك شنطته على الأرض بخفة .. ثم رفع رأسه وتأمل وهّاج بهدوء : القانون لا يحمي المغفلين .. ودامه أستهل رجولته وقرر يفزع لرجل ردي .. فماهو بذنبَي .. أنا رجل أطالب بفلوسي وتعبّي .. وهو رجل كفل ووقع يعني فهد غارِق بذنب الرجولة الي تحكي عنها .. وأنا مانيّب مستعد أتنازل !
صد وهّاج بضيق من كلامه الي فعلاً بمحله .. مع ذلك رجع يلتفت له وهو يحاول يليّن قلبه : أنا رجل ما جيتك لأجل تتنازل عن ديّنك .. أنا رجل جيت أطلب مهلة .. أنت تخرج فهد من السجن وأنا أدفع لك الفلوس وأرجعها وكأنه ما أنشال منها ريال
ناظره ظافر للحظات .. ومن طرى بباله حسّان أبو خالد .. وكيّف أصر عليه ما يقبل بأي رضا ولا يقبل يخرج فهد من السجن تحت أي ظرف كان ولا بتصير علوم ماهيّب زينة .. حتى غيَر نظرته من الثقة للإرتبّاك .. ورجع ينحني وهو يأخذ شنطِته ويقول بإسّتعجال : إن كان معك المبلغ الي تقول عنه .. فمركز الشرطة بوسط هالديّرة .. إقصده وسدد المبلغ وأطلق سراح الرجل الي تنتخي به
أما أنا فشخص ماني بمتنازل .. لذلك لا تتعنى وتجي من جديد
ترك المكان على طول وهو يسارع بخطواته لأجل ما يلحقه وهّاج .. ووهّاج تأفف بعصبية وهو يشَد على قبضة يده بضيق وقهر : كيف بتنحل يا بُرهان كيييف .. علمني لامني مالقيت فزعة بعروق هالرجل .. كيف بنلقى بالردي الي تساهل بفهد وتركه يعاني بالسجن ؟
تنهد بُرهان وهو يربّت على كتفه .. ووهّاج صد بضيق وهو يمسح على وجهه بتعب
أما قدام بيّت فهد .. والي كان لافِي مستند على طرف الجدار .. ومتثلم بالشماغ على طرف وجهه وصاد بنظراته الذبلانة عن كايّد الي يدينه حول كتف لافِي .. وشاد عليها بحنيّة
من خرج وهّاج من البيت حتى خرج وراه بدون صبر .. ماقدر يكمل مذاكرة وفكره وباله عند لافِي .. لذلك أول ما أقترب من بيّت فهد .. لمح لافِي جالس جنب الباب وبيدينه الدخان .. وينفثها بكل حرقة وهو صاد عن الكل .. ما يخفي على نفسه بأنه تضايّق من هالموقف لذلك ماتجاهله أقترب وسحب الدخان وهو يرميه على الأرض ويناظره بحنيّة وهو يقول : ولو صارت الدنيّا ضدك وأهلكك التعب .. ظنك إن حرقك لصدرك بيرضيّك ؟
عصبّ لافي لأول وهلة ولكن من لمح وجه كايّد .. تنهد بضيق وهو يصد عنه .. ساعة كاملة وصدره يحترق بدون هالدخان .. فكيّف معها ؟
من قالت له معاني عن سجن أبُوه وعن الي حصل معه .. حتى تقفلت أبواب الدنيا كلها بوجهه ..وألتهبت روحه من العنّاء لدرجة إن صمته إشتّد وقابل الموضوع بهدوء تام .. ماكان له وجة أبداً يروح يقابل أبُوه لذلك خرج من البيت بصمت تام وبدأ يداري خاطره بهالدخان
ومن أستقرت جوارحه للحظة بوجود كايّد الي يسولف معه ويحاول يفهم الموضوع .. حتى أستند على الجدار وهو يتلثم بخفة
سكت كايّد للحظات وهو يحترم صمته .. ومن بعد دقايّق طويلة ألتفت له لافِي وقال : أنا كيف بعرف إن الدنيا بتنهار على رؤوسهم لامني أبّتعدت ؟ سنين طويلة وأنا بظلهم ولا زارتهم حرارة شمس أبّد .. ليه يومني أبّتعد وأنقطع حسّهم عني أحرقتهم النار .. ليه يا كايّد فهمني ؟
تنهد كايّد بضيق وسكت للحظات .. ولا طرى بباله جملة ترضي قلب لافِي غير : واضحة يا بعد كايّد .. أنت أساسهم وظلهم .. ومن أبّتعد أختفى هالظل وتلاشى الأساس .. هالمشكلة عشان تعرف إنكم عمودهم وسندهم .. ومن يتلاشى العمود ينهد البيّت .. صح ولا؟
تنهد لافي بعمق شديّد وهو يمسح على وجهه .. ثم رفع رأسه وتأمل كايّد للحظات وأبتسم بضيق برغم كل المواقف الي تستدعيه يتضايق ويبّكي .. ولايخفى على أحد إنه سارع الخطوات من البيّت لأجل بس يأخذ مساحة كبيرة للبكاء ولتفريغ هالوجع من صدره .. ولكن وجود كايّد باللحظة الي قرر يبّكي فيها .. غير أشيّاء كثيرة بصدره .. وتلاشت مشاعر الوجع لما لقى لها صاحب يحتويها !
لذلك شد على يد كايد الي على كتفه بإمتنان شديّد وكايد أبّتسم بخفوت
-
ويوم .. أتبّعه يوم يشبهه .. وصار اليوم أسبوع مُهلك من الأفكار والحيّل .. والبّكاء والوجع .. ولولا وجود أشّخاص يدارون هالوجع ويحاولون يضمدون الجرح لكان أنهارو المجروحين لذلك هالإسبوع أتبّعه إسبّوع يشبهه .. وبهالأيام تفاقمت مشاعر ، حدثت مواويَل ماهيّب سهلة
ويوم .. أتبّعه يوم يشبهه .. وصار اليوم أسبوع مُهلك من الأفكار والحيّل .. والبّكاء والوجع .. ولولا وجود أشّخاص يدارون هالوجع ويحاولون يضمدون الجرح لكان أنهارو المجروحين .. لذلك هالإسبوع أتبّعه إسبّوع يشبهه .. لحتى أنتهى شهر كامل على حالهم المعروف والروتيني .. لحالهم المتشابهة .. والي يتخبطون فيه بكل شِدة !
وهذي هي غيّهب الليل .. الي هالمرة ماحاولت تنهار .. ولا حاولت ترجع لشخصيّتها الي لامنها توجعت لبسّت لباس السطحية .. هالمرة بقت ثابّتة وقوية .. هالمرة حلفت ماينحني لها ظهر دام أبوها بقى ثابّت لأجلهم .. حاربت الوجع بكل طاقتها
وحاولت تسترد قوتها .. وترجع تلملم فُتات حلمها المتلاشي بصدرها .. ولو إنها رفضت تماماً يبدون يرممون المبّنى لأجل يوفرون الفلوس لخلاص أبوها
إلا إنها تحاول بكل طاقتها يبقى هالحلم بصدرها وما يخفت نوره .. لذلك طوال الشهر تناست الب صار معها وبقى جُل تفكيرها بخَلاص أبوها !
-
-

معاني وخيَال .. خوات فهد وفلذة روحه
والي تاهُو .. تاهُو حييييّل بغيابَه .. ولكن ماكان عندهم الفرصة للضيّاع .. ولا حتى عندهم فرصة للإنهيّار لذلك رغم وجعهم وإبّتساماتهم المزيفة بقو يحاولون يساعدون بتجميع مبلغ فهد بقدر المُستطاع !
الحال من بعضه عند لافِي .. الي من بعد وقوفه مع كايّد بجنب باب بيّتهم .. قرر إنه يبقى هالعمُود الي ذكره كايّد .. ويبقى الظل الي يحميهم من أشعة الشّمس الموجعة .. وهذا هو جالس بوسّط الشارع
ومع أكواب الشاي الكثيّرة وبيدينه ملعقة محملة بالنعناع المُنعش باللون الأخضر القامِت .. ويناظر بإبّتسامة للزبُون الي واقف قدامه ويناظره بحماس .. من أستقر النعناع بطرف الكُوب .. حتى ألتفت بكل سرعة لكايّد الي واقف على طرف المجمّر الي قدامه .. ويحرك الجّمر بخفوت وهو يتأمل إبّريق الشاي الكبير الي بوسط الجمر وكيف يغلي ويفُور بكل شراسة .. ومن لمح الكوب الي أستقر قدامه .. حتى رفع الإبّريق وهو يصب بالكوب بكل هدُوء .. إمتلأ الكوب الورقِي والي رفعه لافِي وهو يمده للزبُون ويستلم منه الرياليّن الي بعيونه ثمينة .. ثميّنة حيييل
حاوطها بكفوفه وهو يبّتسم بهدُوء : الريّالين صارت ميتين .. والميّيتين صارت ألفين .. ويارب بارك
بادله كايّد الإبّتسامة وقبلما يتكلم .. سحب لافِي بقوة وهو ينحني للأسفل ويغطي وجهه بالشماغ
أرتبّك لافي وقال : وش صاير ؟؟
كايَد همس بخفوت : سيّارة وهّاج مرت من هنا
تأفف لافِي وقال بعصبية : وهذا الوهّاج نشب بحلوقنا وصار شوكة.. خلاص يارجل خله يطيح من على كتوفنا
ضربه كايّد على رأسه : ماودك تنطم ؟ تبيه يجيك يطيح الجمر على رأسك .. كم مرة قال لنا لا نتدخل بهالموضوع ؟ وهو بيحله
لافِي وقف وهو ينقل نظراته بالمكان وقال بعدم إهتّمام : ماعليه مني .. أبوي صار له بالسجن شهر
وغايّب عن بيتنا النور بسبب غيابه .. مانيب منتظر ويديني على خدي لعيون وهّـ..
أنحنى بسرعة وهو يجلس على ركبه لما صرخ كايد بخوف : وهّاج جاء
ومن قال لافي بتوتر : أسألك بالله ؟ لمحنا؟؟
ضحك كايّد بكل قوته وهو يمسّك بطنه من شدة ضحكه : هذا الي مو مهتم بوهّاج هاه
ضربه على رجله بعصبية وهو يوقف وينفض التراب عن ثوبه : قم بس قبل أتوطى ببّطنك
لملم شتَات ضحكته وهو يوقف ويستقيم بطوله قدام لافِي وهم يتأملون الزبُون الي يتقدم صُوبهم لأجل شاي الجمّر الي يرد الروح
وكذا أنقضى هالشهر عليّهم ، من الليلة الي عرف فيها لافِي وهو حالف يساعد ولو بألف من جيبه
بيّنما كايّد كان معه بكل خطوة .. لما قررو يشتغلون مع بنيّان .. رفض !
بحكم إن وهّاج كان رافض أصلاً يشتغلون بأي شيء .. ورافض يتدخلون بالموضوع هذا
كونه يبيّهم ينشغلون بدراستهم بعيداً عن هالهم الموجع .. إلا إن فكرة شاي الجمر خطرت ببال لافِي لما لمح شخص يبيّع بأحد الشوارع الي مر من جنبّها .. لذلك من قرر يثبّت المجمر ويبيع الشاي حتى كانت يدين كايّد تحتوي الإبّريق لأجل يساعده ولو بالقليل .. ورغم هالتعب كله الي يحتويهم
إلا إن شهرهم بالمدرسة كان يعتبر من أسوء الشهور الي مرت عليّهم .. فبغيّاب فهد عن المدرسة سيّطر خالد على جميع أركانه ويرجع يفرض سيطرته بكل جدارة على الكل .. ورغم إن لافي يوقف بضده ببعض الأوقات إلا إنه يلتزم الصمت بالأوقات الثانيّة .. لأن الكثرة تغلبّ الشجاعة .. وشجاعته قدام كل المعلمين والطلاب تعتبر صفر على الشمال !
ومع كثرة غيابات وهّاج كان فعلاً الجو خالي تماماً لخالد .. ولوقاص بالذات الي رجع لطبيعته ولعهده القديّم .. والي نسى فيها الي حصَل وبكل راحة
فبعدما إنتهى التحقيّق من الحريق وتفحص كل أطرافه .. ماكان واضح أبداً إنه بفعل فاعل كونهم مالقو أي أثر يدل عليه ! لذلك أستنتجو إنها شرارة من أحد أسلاك الكهرب المجروُحة بصالة الإستقبّال أحرقت الستاّرة وبالتالي بدأ كل المكان يلتهب حتى أشتعل بأكمله بخمس دقايّق بس ! ووجود الأوراق الكثيّرة على المكتب ساعدت وبكل قوة في إكتملل هالحريّق .. غافليّن تماماً إن شرارة هالكهرباء كان ممكن تكون طرف دخان .. أو حتى ورقة صغيرة
أو طرف قماش أندفن بالكنب وأشعله وبدأ ينتشر لهيبه بأقصى المكان ! وهذا فعلاً الي حصل !
رغم ذلك غفت عيّن الجميع عن هالسبب!



فيتامين سي غير متواجد حالياً  
التوقيع



شكراً منتداي الأول و الغالي ... وسام أعتز به


رد مع اقتباس
قديم 12-08-21, 03:22 AM   #26

فيتامين سي

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة

alkap ~
 
الصورة الرمزية فيتامين سي

? العضوٌ??? » 12556
?  التسِجيلٌ » Jun 2008
? مشَارَ?اتْي » 42,436
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » فيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي



.
(البارت الرابع والعشرون)


وبيّنما الجميع يصارع غياب فهد الموجع
كانو هالأخخوان يصارعون بوجع غياب الحيَاة عن وجهه أختهم .. والي تمكن منها التعب لدرجة إنها تقف بحسّرة لساعات طويلة وهي تناظر للجدار .. اللي كانت المرايا تملأه بحسّرة .. وتنتهي ساعات هالتأمل ببكاء ونحيّب .. حتى ما يتلاشى هالتّعب إلا بوجود الحبوب المهدئة !
قضو هالشهر بتعب شديّد وبإنهاك تمكن من قلوبهم قبل أجسّادهم .. ضِرار ووديّع كانو يتناوبون بكل حرص على وجودهم معها بنفس الغرفة وبنفس المكان الي تكون فيه .. بس لأجل يتطمننون أنها مارح تأذي نفسها !
من بعد خروجها من المستشفى بعد أيام طويلة من بقائها فيه .. ومن بعد رفضها القاطع والتام عن عدم رغبتها بزيارة دكتور نفسي .. رجعت للبيّت بكل هدُوء .. ورغم إن فايّزة شالت كل المرايات الي كانت الغُرضة مُكتظة فيها .. خوفاً على بنتها الي قطعت قلبّها من اللحظة الي لمحت وجهها !
و بريّق إستقبلت هالأمر بهدوء شديّيد ! وبرغم تعبها مانست أبداً تسأل عن دُجى .. ومن عرفت إنها بخير أرتاحت ولو بالقليل !
وبكذا عدى الشهر عليهم .. بنحيّب وتجريح ووجع
ولو إنهم حاولو بكل قوتهم يغيرون عليّها جوها .. ويسعدونها ولو بأتفه التفاصيل.. إلا إن الوجع هو الوجع ماتغير ولا قل! وبرغم هالحروب كلها ببيّتهم إلا إن ضِرار مانسى أبداً يوقف مع فهد .. ويحاول بأقصى طاقته يساعده .. ولو إنه ماعتّب خطوة وحدة لداخل المركز الي أنطرد منه إلا إنه كان يتخبّط لأجله .. يتخبّط لأجل خال محمد الي ماتركه بحاله والي من بعد ماعرف رقم جواله صار يتصل به بكل فرصة لأجل الموقف الي صار معه !
-
وبمقهى بنيّان .. وهّاج الي كان جالس وقدامه بقلاوة الجنُوبي المشهورة .. والي من دخل وهّاج وبوجه يبّان الضيق .. أستعد بنيّان بكل طاقته لأجل يوفي بعهده الي قطعه على وهّاج .. وجهز البقلاوة بكل سرعته وهذي هي مستقرة قدام عيُون وهّاج الي يدينه تحت ذقنه وبيّن كل دقيقة يرمي على سمعه تنهيَدة عميقة بتعب .. مثل مامر هالشهَر بتعب على الكل .. كان لوهّاج النصيب الأكبر من هالتّعب !
لأنه يحاول يمسّك بزمام أمور حياته .. وبنفس اللحظة كان يتخبّط بكل مكان لأجل يسدد ديّنه لفهد .. دين الأبوة الي لمسها منه ! لحظات يتعنى لأجل المبّنى الي بدأ يجدِده بكل هُدوء وبدون معرفة أي شخص .. كون دُجى رفضت رفض قاطع إنها تبّدأ ترممه بسبب إنشغالها بوضع أبوها .. وضِرار الي تكفل بالموضوع ولكنه أجله بسّبب المواضيع الي مشغول فيّها .. وبنفس الوقت كان يتخبّط بدراسته .. وبالرجل الي كفله فهد والي تلاشى عن الوجُود .. والأهم بفهد الي ينتظر العون يجيه !
وبعد ساعات طويلة قضاها مع بنيّان بالمقهى كان الصمت الحاضر الوحيّد بينهم .. بسبب تفكير وهّاج العميق واللي أُلجم عن الكلام بسببه .. وهذي هي دقايّق معدودة كانت الفاصلة بيّن وقوف كايّد بمنتصف المقهى والي الإرتبّاك واضح بوجهه وتصرفاته من لما وصله إتصال وهّاج المُلح .. وإصراره بأنه يجي باللحظة ذي تركت علامات إستّفهام بعقله وعلامات خوف بقلبه بأنه عرف بشغلهم الي رفض يسوونه !
لذلك تنحنح بخفُوت وهو يجلس قدام وهّاج ويناظر للأرض .. ولولا صُوت وهّاج المتعب الي قال فيه : قلت لك .. لا ينحني لك رأس ولا تدنو بعنقك للأرض ولو على قطعه
رفع رأسه بعجل ووهّاج تنهد بخفُوت وهو يعدل جلسته شبّك يدينه بإنهاك وهو يثبّتها على طرف الطاولة وناظر لكايّد بهدوء وهو يقول : أنا الي صار لي شهر أتعنى له صار جاهز .. وما بغيّت تكتمل آخر خطوة دون علمك !
عقد كايّد حواجبه بإستغراب ، وهّاج أردف بهُدوء : ماودي ينقال لي إني جيّت لأجل أغربل فلوس آل سهيّل وأشتتها وأنا الي تركت هلي دونها
لذلك إسمعني زيّن ياكايّد .. أنا شخص حلفت وحرمت حُرم الدم ما تلامس يديّيني ريال واحد مم فلوس سهّيل ولا أتعنى فيها لأجلي !
ووالله .. ورب السبّع الي فوقنا واللي تحتنا مالي علم فيها خمس سنين كاملة .. ولو أدري إنكم تحتاجون وجودي لأجلها ولأجل تغتنون فيها كان جيّت رغم اللي حصَل لي !
تنهد بهُدوء وهو يناظر لكايّد الي ينتظره يكمل كلامه وأسترسل ببقيّة كلامه بعد تنهيّدة خافِتة وإبّتسامة كلها رجاء بأن كايّد مثل كل مرة بيفهمه بالطريّقة الصحيحة : ولكن الي صار ماهوب بيديّني ولكن الي حصّل إن الرجاء الأخير لأجل فهد كانت فلوس سهيّل .. يعلم الله الي خلقني وخلقك إني ما قصّدت الدرب للمحامي لأجل يكمل إجراءات توزيّع الإرثّ إلا من ضيقتي عليهم .. لأجلهم ولأن مالهم غيّرنا ولا برضى شخص غريّب عنهم يتعنى عشانهم وأنا هنا
سكت للحظات ثم قال بخُفوت : ولو بتقول ليّه تضايقت عليهم ورضيت يتوزع الإرّث وحنا ماكان لك من ضيقتنا نصيّب فلأني معكم .. لأنكم صرتو في ظِلي .. لأني سنّدكم ولأنكم ما تحتاجون لا آل سهيّل ولا فلوسهم وأنتو في ظل وهَاج إحنا مانبي ريال منها .. ولكن فهد يحتاجها يا خوي لأجل كذا القرار بيّدينك أنت .. وبشورك أنت .. لأنك الي تستاهل تقرر هالشيء .. الفلوس صارت بيّدين المحامي الي سهّل الإجراءات وتحت إشّارة منك
لذلك سو الشيء الي يرتاح له خاطرك .. وتصرف بفلوس جدّك بالشكل الي يرضيّك .. ودخيّلك يا أخو وهّاج .. لا تظن إني تركتك تحت الضّغط لأجل تساعد فهد غصب عنك ،ولكن لأن مالي حق أقرر هالشيء .. لأني ما أعترف بسهيّل جد لي
إستّقرت تنهيدة عمِيقة بداخل صدر كايّد .. اللي وجّه نظراته الحنُونة لوهّاج الي يناظره بتعّب .. أبّتسم بخُفوت وهو يسند ظهره بشكل طُولي على الكرسي .. مُوقن أشد اليّقين إن وهّاج ماكان يبي ينحط بموقف الِـي " فزع لغيره وترك أهله يعانُون دونه " متأكد وبشّدة إن وهّاج يدور بباله هالكلام .. ماكان يخَاف إن الناس هم الي يوجعونه .. كثَر ماكان يخاف وهَاج حليّمة ! كان خايّف توجعه بظنونها إنه تركهم .. ولكن لغيرهم الحبّ والحرص ! بيّنما تفكيره غير تماماً !
وهّاج طول الأيام السابّقة كان يتخبّط .. ورغم صموده وثبّاته وكثرة جهده في إنّقاذ فهد إلا إن الدرب الوحيّد الي بيساعده هو " إرّث سهيّل "
لذلك لجأ لأخوه .. والي قال بهُدوء : وهّاج !
ميّل شفايفه وهّاج بإستغراب .. وكايّد أردف بإبّتسامة : أنا تحت أمـرك .. والله لو تبيّني أطب بالنار لأطب وعيوني مغمضة وما أسألك ليه قلت لي أحترق .. أنا رجل أعرف نواياك .. وطيّبة قلبك
لذلك ماني بشارِهه .. والأهم ماني بكارِهه إن فلوس سهيّل تروح لناس يستاهلُونها .. والله لو جاءت ببالي كان كلمتك أنا .. كان قلت لك " الإستّاذ فهّد يستاهل عيُوننا يا وهّاج .. تراه بمثابّة أب " وبما إنك بديّت الموضوع .. وصار عليّنا بس نستلم هالفلوس .. فإزهلها بكرة يوم .. والله مايصير خاطِرك إلا طيّب يا خوي !
تراقصّت نشوة فرحة مُخيفة بصدر وهّاج .. لدرجة إنه مامنع نفسه عن التبسُم .. ولا قدر يخبِي إبّتسامة بهالوقت بالذات .. قال بخفُوت وهو تحت تأثير نشوة هالفَرح : كِبر عُودك وإشتّد يا كايد .. صرت تنافسني بالمرجلة ياخوك !
ضحك بهُدوء وهو يوقف ويناظره بإبّتسامة: إيي بالله .. ماعادني بالشخص اللي تحميه من عصاة سلطان يا وهّاج .. ولا عاد ودي أكون هو !
"أنا ودي أكون الفاصل بيّنك وبين كل الي يوجعك "
رمّش وهّاج بغير إتِزان .. وبقى تحت تأثَير شعور غريّب .. إستقر بروحه بسبَب كلام كايّد الي سيطر على جميع جوارحه .. والي ترك فجوة عميّقة بصدره .. ولكن هالفجوة ماكانت غيّر حنيّة ولُطف .. ماكان قادر على الرد .. لذلك أكمل تأمله لوجه كايّد واللي قال بضِحكة : ولكنك مِخطي .. أنا ما أنافسك بالمرجلة .. أنا تلميذك فيها .. ولاظنتي التلميّذ بيهزم معلمة بيوم من الأيّام !
وقبل ما يرد وهّاج قال كايد بهُدوء وهو يسارع خطواته للخرُوج : أهم شيء محد يعرف بنيّتك هاليومين .. لما ينتهي الموضوع على خير إفصّح عن مكنون صدرك !
هز رأسه وهّاج بهدوء وكايّد خرج من المقهى وهو يدندن بخُفوت ومبتّسم بإنبّهار .. كونه فعلاً صار الشخص الي يبي يكُون
-ماعاد كايّد اللي يرتجف بخوف ورى ظهر وهّاج بكل مرة ينوي سلطان يضربهم .. ماعاد كايّد الخايَف والموجوع .. صار شخص غير تماماً .. لذلك هو مبّتسم !
بيّنما وهَاج أبّتسم بهدوء وهو يسند ظهره بإنهَاك على الكُرسي وعيونه على بنيّان الي جلس قدامه : كيّف عدت ؟
هز رأسه بإيَجاب : هالليَل حلو .. حُـ....
بُترت جملّة وهاج بعُنف .. بسبّب بنيان الي قال بسخرية : مافيه داعي تكذب وتمدح الليل والليل كبّ بيالته تحت عينك
تمايلت إبّتسامة وهَاج الساخِرة وهو يوقف ويناظر بنيّان : آوووه يالجنوبي .. الليالي هذي لو تسولف
والله يا سالفتها غصّة .. خلها على ربك بس
ناظره بنيَان بهُدوء .. وهو الشاهِد على جميع تخبُطاتهم طوال الأيّام .. على بُرهان اللي بوجهه شعُور واضِح للكل تأثِيره .. من ليلة الحريّق والضيّق واضِح بفصول وجهه .. ولكثرة محاولاته بمساعدة فهد .. ولكن فهد يصدُهم وبقوة لأنه منحرج .. منحرج حيييّل منهم .. كونهم غُرباء عنهم وفزعو له ! وهله وربعه سحبُو عليه ! لذلك لا مساعدات بُرهان ولا بنيّان قبلها .. وحلفهم ما يدفعون ريال واحد .. فهد كان عنده أمل إن صاحب الديّن يحن عليه .. ويرجع يسدد فلوسه بنفسه .. ولكن كان جاهل تماماً إن مو كل الناس قلوبهم بيّضاء مثل قلبه !
كان شاهد على ضِرار .. على هلاك النور بوجهه .. على ضيّاعه بسبب تعب أخته .. وبسّبب حياته الي تدهورت للأسوء بشكل مُخيف .. كيف كان بوسط مهنته يفتخر بنفسه .. والحين مطرُود وخالي من كرامة هالمهنة والسبَب كان طيّب نيته .. «فهد وضِرار كانو ضحايا بيّاض قلوبهم!»
كان شاهد على لافِي وكايَد .. الي يحاولون بشتى الطُرق يكونون مفيّدين لفهد .. رغم صد وهّاج
كان شاهد على وهّاج بالذات.. الي سرحانه صار جزء من شخصيته .. وكأنه هالسّرحان تشبّث وبقوة بقلب وهاج لدرجة أغلب وقته يضيّع بالفراغ .. كان شاهد على محاولاته الكثيَفة .. على سفره لأيَام طويلة لنجد يدور على آثار صاحب الديّين الي أختفى تماماً عن الوجود .. على مساعدته لأهل فهد بكل قوته .. وحنيّته عليهم .. وكرمه رغم قل الي بيدينه .. لذلك بنيّان هاللحظة كان بقلبه حنيّة .. حنيّة عظظظظيمة لكل هالأشخاص الي أيّام قليَلة بس .. كانت فاصلة بيّنهم وبين الفرح الطويَل !
رغم ذلك أبّتسم بهُدوء .. ووقف وهو يربِت على كتف وهّاج بخفة : إسّمعني زين يا أبو غُـصن .. ماينهزم إلا الشجاع ابن الشجاع اما الردي وش عرفه بالمعركه .. حط هالكلام نصب عيّنك وعلى إثره كمل طريّقك .. لو تخبطت ولو كسّر مجاديفك التعب خل عندك يقين إن بعد هالهزيّمة سيّل من الفرح
تنهد بإمتنان وهو يشّد على أطراف سِبحته السُوداء .. السبّحة اللي تتغنى بإسمه .. والي أحجارها السُود تتميّز من بيّنهم حجرة ذهبيّة شديدة اللمعة .. وكأن هالحجرة " وهّاج " النيّر الي مختلف تماماً عن السواد .. وقال بهُدوء : والله ما أضيّع وجهتي ولي من هالوجيَة الطيّبة نصيب من النظر .. لا تخاف يالي خذيّت من وسع قلوب الشمالييّن الشيء الكثير .. ولاتنسى إن رقبّتي مازالت بين يدينك لأجل الديّن الي أحترق وأنا باقي ما سددته
تغيّرت نظرات بنيّان للحدة .. وفز من مكانه بعجل ويديّنه أستقرت على عُنق وهاج وبدأ يخنقه بخفة وهو يقول : أنا ماقلت لك لا تجيّب ذا الطاري أبد هالفترة .. ماتفهم أنت ؟
أبّتسم وهاج بضحكة وهو يضرب معصم بنيَان : تبيّنيي أدفنك هنا يالجنوبي .. ناوي على نفسك نيّة شينة يومنك تحاول تخنقني؟
أبّتعد بنيان بعجل وهو يضحك : لا تكفى .. والله مالي حيّل لك .. تراك تخوف يا رجل لامنَك عصبت والله أنا بطولي وعرضي أخاف
تمايّل ثُغر وهَاج بضحكة وهو يناظره : أجل إنتبّه تختبر غضبي .. وخل هالديّن نصب عيونك
مصيري أسدده بيوم من الأيّام .. إنتظرني
هز رأسّه بتنهيدة ووهَاج خرج من المقهى راجع للبيّت بعد يوم طويَل حيل .. كان يحتاج وجود غُصن اللي تنسيّه همومه ! بيّنما بنيان ثبَت يدينه بطرف ثُوبه البُني .. وهو يناظر لوهّاج يركب سيارته ويختفي من قدام عيُونه وتنهد بخفوت : ميّر إنك ما تدري يالشـمالي .. بعض الديُون ما تِسّدد بالمال
بعض الدُيون الصدور الرحبة سدادها ..
-
-

وبِمكان ما يبّعد كثير عن هالمقهى .. بوسّط الحيّ الي بأقصى الشِمال .. كانت تِمشي بتمايُل شديّد بسبب الإنّهاك الي بروحها .. تناظر يميَن ويسار بدُون وجهة .. هالفترة قد تكون أصَعب فترة بحياتها .. لأنها مو قادرة تقدم لأخوها فهَد شيء .. مابيدينها شيء تعطيّه .. سوى الذهبّ الي ضحُو فيه كلهم .. وأعطوه وهَاج لأجل يبيعه ويستفيد من فلوسُه في سداد هالديّن .. بنت فهّد أخوها دُجى .. أغلب وقتها صار على الجوال .. تحاول تلاقي طريَقة تقدر تساعد أبوها فيّها .. كانت تقرأ عن الحالات الي نفس حالته وتستفسر من ناس عاشو نفس القصة .. وبنفس الوقت كانت تعمل مسُوقة لأحد المواقع لفترة بسَيطة .. كونها فقدت مصدر دخلها ولاعندها وقت لأجل تنهار بوسط هالزحمة من التعب .. أختها معانيّ كانت تشق بيدينها طرف القُماش لأجل تنّتج منه أبّهى الفساتين الي قدرت تبيّعها لأهل الحيّ .. واللي تميّزت بينهم بأقصَر وقت .. وأستغلت الفرصة لأجل تشّارك بسداد ديّن فهد ولو بالقليل
-
وهذي هي .. بوسط الشارِع وبيدينها كيّس أسود بداخله الفساتيّن الي قضت عليها معاني ليّالي طويلة لأجل تنتهي منها ! تكفلت توصلها للبيّت الي ما يبعد منهم وقت طويّل .. بنفس الوقت كان بحاجة تشّم هواء مُنعش بهالحيّ المِثالي .. لعل نسمات الهواء تخففّ من شدة وطأة هالأيام عليُهم .. ومن بين خطواتها المُتعثرة وقفت بمكانها وهي تعقد حواجبها بصدمة مالها مثيّل .. رفعت يدها وهي تِتحس عيُونها الي مغطاه بأطراف النقاب ومن بعدت يدها وتأكدت إنها فعلاً مستقرة قدام البيّت المهجور حتى تنهدت بصعُوبة وهي تتأفف .. مرات عديَدة وكثيرة تستقر أقدامها قدام هالبيت غصب عنها .. بدون شُعور .. بدون تنتبه على نفسها وبدون تستوعب إنها صارت قدامه
مااكانت تدري ليه .. ووش سبّب قدومها له بكل مرة تسرح فيها .. ولكن كل الي تعرفه هاللحظة إن الفضُول تشبع بصدرها لِذلك رجعت خطوات للخلف و تركت الكيّس على طرف الشارع وناظرت بإستَفسار كبير عن هالمكان .. ميّلت شفايفها بهُدوء
بعد آخر رسالة كتَبتها لصاحب الحُزن المجهول
إنقطعت خطاويّها عن المكان .. ولكن من صارت لهم الفواجع بشكل مُتتالي حتى رجعت خطاويّها تنجر غصب عنها لهالمكان .. بدون وعي منها
تنهدت وهي تكتف يدينها وتتأمل أطَراف المكان بخفة : كُلي حيّرة .. وش الي تجرعه صاحب هالمكان لأجل يختلي بنفسه بين غبَار ورماد وينفس عن خوفه لوحده ؟ معقولة ذاق اللي ذُقناه بهالشهر ؟ أو زود ؟
سكتت للحظات وهي تردف بتساؤل : طيّب لامنه خرج من هالمكان .. يخرج وصدره وسيّع ورحب ؟
ولا الهموم تبَقى بصدره ؟
تفاقِم الذهِول بوجهها وهي تشوف البَاب ينفتح لذلك دنت برأسها للأرض بعجل .. وسحبت الكيّس الأسود وهي تسّارع خُطواتها بكل عجلة وهي تتأكد إنه ما أنتبّه لها ..
بيّنما ضِرار اللي بمكانه السِري .. يحاول بوحِدته يزعزع التعب من صدره خرج من البيّت بعد يوم طويل قضاه فيه ! ولكنه قبل خروجه من المكان إستّرق النظر من الشبّاك الصغيرة لشبّح المرأة الي واقفة بالطرف المُقابل للبيّت .. وعقد حواجبَه بإستنكار شديّد وهو يُحك جبَهته .. لوهلة طرى بباله تكُون صاحبَة الرسالة المعهُودة .. وصاحبة الفضول العميّق الي جبّرها تدخل المكان لليلتين بدون خُوف .. ولكن تلاشت هالأفكار بعدم تصديّق منه .. ووقف للحظات لعلها تبّتعد عن المكان وتروح عن الشارع لأجل يقدر يُخرج ! ولكنها ضلت تراقبه وقت طويّل لأجل كذا تأفف بعدم إعجاب .. وتجاهلها تماماً وهو يفتح طرف البّاب اللي مابعمره فتّحه قدام أي عابر كونه بيت مهجور .. ولكن من لمِح المكان الي كانت واقفة فيه خلى منها إشّتد إستنكاره لوهلة !
-من لمِح المكان الي كانت واقفة فيه خلى منها إشّتد إستنكاره لوهلة .. لذلك خرج وناظرها وهي تهرب وتسارع خطواتها بالمشي .. وتحاول تلتفت بكل مرة .. بعد هالحركة أيّقن تماماً إنها هي .. لذلك وقف بمكانه للحظات .. وهو يحرك شعر ذِقنه الأسود .. اللي طال وصار أكثر كثّافة بعد إهماله له طوال الشهر .. تذكر الشعُور الي باغته لما تلقى الرِسالة .. لذلك رجع للبيّت للحظات معدودُة
وبعدما أنتهى من الفكرة الي باغتته .. ترك البيّت بعجل شديد وخرج وهو يتجه لبيّت أبوه .. لبريّق !
-
أما هي من سلمت الفُستان .. والي نال وبشدة إعجابّ هالبنت .. لدرجة إن نظرات الإنبّهار ما غابت عن عيُون خيال الي مامنعت نفسها عن التبُسم بفخر .. تركت المكان وجرت خطاويّها وهي ترجع للبيّت بعدما سلمت الأمانة .. كان فيه طريّقين للرجوع لللبيت ورغم إن واحد منهم كان قصيّر ومُختصر .. إلا إنها فضّلت ترجع من النفس الطريق اللي جاءت منه .. لرغبّتها المُلحة بتأمل هالبيّت بعد خلو صاحبه منه .. ولو بالشيءّ القليل
" ليَه ؟ وش نيتها ؟ ووش سبّب هالفضول ؟ " ماكان عندها فكرة .. ولكن الي واضِح لمرأ قلبَها هاللحظة
إنها حسّت من تأملته قبل دقايّق .. وكأن جبَال من حزن أنهدت بصدرها .. لأنه من طرى ببالها معاناة هالشخص الي سكن هالمكان .. هانت بعيونها كل أوجاعها !
إنقطعت سيّل خطواتها قدام البيَت .. وزمت شفايَفها بخفُوت لما لِمحت الغُروب على وشّك يحصل .. مع ذلك ما منعت نفسها توقف ولو للحظات معدُودة قدام هالبيّت .. وهي تسترق النظر لزوايا هالبيّت بعشوائِية وبتكُلف شديد .. وبعد لحظات قليَلة شدت بقبَضة يدها على حزام شنطتها الزيّتية الجلد .. وبدأت تقطع هالخطوات مِتجهة لبيَتها .. ولكن المُغلف الأبيّض اللي بطرف الباب أجبّرها تتقدم بكل جمُوح وهي توقف قدام الباب وتناظر للظرف الأبيَض وهي عاقدة حواجبها بصدمة .. شهقت بذهُول لما تجمع توترها بقلبها : معقولة ؟ عرف إني صاحبّة الفضول ؟
بلعت ريقها بخوف وهي تتلفت بالمكان برهبّة .. ليه كتب هالرسالة ؟ وش سر نيته ؟ وكيَف عرف إنها هي .. الشخص الي تجرأ يدخل مكانه ؟ كيف ميّزها وبالأحرى .. كيف توقع رجوعها عشان يكتب هالرسالة ؟

-تنحنت بربّكة وهي تعض على شفايّفها بتوتُر .. وتراخت أعصاب يدها الي تِشد على حزام الشنطة الجِلد وهي ترفع كفُوفها المترجفة لأطراف هالرسالة وهي تسحبَها بكل خفة من طرف البَاب .. ما باغتِتها فكرة إن هالرسالة مو لها أبداً .. كونها الشخص الوحيَد الي يزور هالمكان بكل هالكثَرة
لذلك من جمعتها بكُفوفها تسارعت خُطاها هرباً من هالمكان .. من فكرة إنه مازال هالشخص يراقبِها .. إنّقطعت خطواتها وهي توقف خلف باب بيّتهم وتتنفس بصعُوبة وماعاد عندها قدرة تتحمل فضولها أكثرها .. لذلك أخذت الورقة بعجل شديد وهي تفتحها بخوف .. ولكن من لمحت الكلام المطلُوب أرتخت أعصابها تدريجياً وهي تعيّد وتقرأ الكلام من جديد "‏حتى لو أنّ الليالي السود ماطابت لنا ولا كسبت رضانا حتى لو أن أثرها وقع في قلوبنا ووضح في وجيهنا إلاّ أن احنا نطيب لو عيّت ليالينا ماتطيب .. لذَلك وقفي سيَل خطواتك لهالمكان
لأجل آثار حزني ما تبيّن لك .. ماودي يظهر وقع قلبي قدام شخص غريَب .. تكرماً "
بلعت ريقها بصعوبة وهي تِحس بغمامة من غيَث هبطت على قلبها بشكل مُريب بدايّة قراءتها للمكتوب .. ولكن نهايته عصّفت فيها لدرجة إن برقها دمر هالغمامة حتى تلاشت بشكل كبير !
كأنه يدري بسبّبب جياتها .. وكأنه وضّح وبشكل كبير عدم رغبته بوجودها أو إقترابها المتكرر لمكانه لذلك وضَح لها بأسهل طريقة فكَر فيها .. وبأحن طريقة تبدادرت لذهنه .. طبطّب على جرحها بدون معرفة منه .. ونهاها عن إستّراق النظر على جروحه بألطف طريقة لقاها مُناسبّة !
رغم ذلك ورغم اللطف تضايّقت حيل .. لسبب تجهله .. ولسبّب ما تصاعد الضيَق لخاطرها
لذلك نزعت نقابها بضيَق وهي ترمي الرسالة بلامبالاة داخل شنطتها وتدُخل البيّت .. وهي تناظر بنظرة سريَعة للصالة الي تحتوي لافِي الي جالس والفروة تحتوي جسّده .. من لما رجع جُل وقته صار بيَن ثنايا بيتهم .. حتى إن غابّ فترة طويلة يرجع بأي فرصة تسنح له .. ويتأكد إنهم بخير
وحتى من بعد صلاة المغرب .. يرفض تماماً يخرج من البيّت .. تشّدد خوفه وتزايّد بعد آخر مواقف لهم !
-
ومن بيّن بيـُوت هالحيّ واللي يتميّز كل بيّت بعيش حياته الخاصَة وأُسلوبه المُتفرد .. بأقصى بيّت وأكثر بيّت صارت الأُلفة تملأ أطرافه .. ببيّت وهّاج !
دخَل وهو يلعب بأطَراف سِبحته السُوداء .. ويناظر للحوش بنظرة سرِيعة .. عقد حواجبّه بإستنكار شديد بعدما جمع حبّات سبحته بين كفوف يديّه .. ونظرات عيُونه المستغربة ركَزها على ..."
-ومن بيّن بيـُوت هالحيّ واللي يتميّز كل بيّت بعيش حياته الخاصَة وأُسلوبه المُتفرد .. بأقصى بيّت وأكثر بيّت صارت الأُلفة تملأ أطرافه .. ببيّت وهّاج !
دخَل وهو يلعب بأطَراف سِبحته السُوداء .. ويناظر للحوش بنظرة سرِيعة .. عقد حواجبّه بإستنكار شديد بعدما جمع حبّات سبحته بين كفوف يديّه .. ونظرات عيُونه المستغربة ركَزها على
كايّد اللي جالس جنّب شجَرة الليمُون المعهُودة .. وبجنبه مجمِر به من الجمَر الشيء الكثيّر ! ومِتدفي بفروته البُنية .. ويناظر بحمَاس للتلفزيُون الي موجود بأقصى الحُوش .. وبجنبّه حليّمة .. تقشّر البُرتقال وتأكل بهُدوء .. ميّل شفايفه بإستنكار وهو يقترب منهم ويناظرهم : وش هاللي حصَل وحدّكم تناظرون للتلفزيون بوسط الحُوش بهالبرد .. لا وبعد أفلام كرتُون !
رفع كايّد رأسه ثم أبّتسم بضحكة وهو يحك طرف جبهِته : ما قلت لك ؟ حِنا مجرد جنود بيّن يدينها ؟
عقد حواجبّه وهّاج .. ثم ألتفت بكل سرعة لغُصن الي كانت متخبيّة بالأرجوحة الي مثبّتة بشجرة الليمُون .. والي من سمعت صُوته فزت من مكانها وهي تخوفه .. ضحك من أقصى قلبّه وهو يقترب ويفتّح يدينه على وُسعها وهي عانقت رقبته بفرحة : أشتقت لك
أبّتسم وهو يمسح على رأسها بحنيّة وقال بضحكة : دامه لأجلها .. فحق تتعنُون لها .. تستاهل بنت وهّاج
رفعت حليّمة أنظارها لما تسللت لمسامعها كلمة وهّاج .. وأخفت إبّتسامتها اللي تسللت لثُغرها وهي ترجع تنزل رأسها وتناظر للتلفزيون بهدوء
أما كايّد هز رأسه بآسى وقال : هي بس قالت ودي أتابع التلفزيون وأنا أتمرجح وأنا شلت هالدنيا كلها لها .. يااعزتييي لكايّد المسكيّن .. وين ماراح مغربّل وطايحٍ حظه .. أنا الي أطيّع أوامرها وأنت الي تحبّك !
وهّاج ناظره بطرف عينه : أنت متى بتترك عنك هالغيَرة ؟ أشوفك صرت تحسدني على حُبها !
ضحك كايّد وهو يحط يدينه على قلبه ويدعيّ الوجع : ومن الي ما يحسّدك على حُب غصن .. يارجل إعتبر نفسك أكثر رجل محظوظ بالدنيا عشانها !
غُصن أّبتسمت وقربت وهي تهمِس بإذِن وهاج بطفولية .. وهو ألتفت لها وناظرها بضحكة : ودك ؟
هزت رأسها بإيجّاب وهي تضحك بحماس .. وهو أشر على خشمه : والله تبّشرين وعلى خشمي .. ولو تبغيّن نقشع جلد هالكايّد ماعندي مشكلة !
كايّد ناظرهم بإستغراب وهو عاقد حواجبه : ليه مر إسمي من بيّن همسكم ؟ وش ناوين عليه يهالإثنيّن مالكم أمان !
أبّتسم بضحكة وهّاج .. وغُصن أشرت بيّدها فأخذها بحضنه على طُول وأنقضُو بكل شراسَة على كايَد الي كان مصدُوم ويناظرهم بذهول .. بيّنما هم بدؤو يدغدغونه بكل قوة



فيتامين سي غير متواجد حالياً  
التوقيع



شكراً منتداي الأول و الغالي ... وسام أعتز به


رد مع اقتباس
قديم 12-08-21, 03:24 AM   #27

فيتامين سي

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة

alkap ~
 
الصورة الرمزية فيتامين سي

? العضوٌ??? » 12556
?  التسِجيلٌ » Jun 2008
? مشَارَ?اتْي » 42,436
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » فيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي



(البارت الخامس والعشرون)

بدأ يضحك بخوف وهو يحاول يبعدهم عنه ويدفعهم بكل شدة ولكن كانو متمسكيّن فيه بكل صرامة .. بدأ يصرخ بضحكاته العالية : ييّمة تكفييين فكيني من شرهم .. البرد نخر ضلوعي ويدينهم قشعت جلدي صدق
حليّمة كانت تتأمل ضحكاتهم .. اللي نابّعة من أقصى قلُوبهم .. غُصن الصغيرة واللي جالسة على بطِن كايّد وتدغدغه بكل قوتها .. وكايّد الي مستسلم لها ولكنه يصارخ من أقصى جوفه بضحكة .. ووهّاج ، الي كان مثبّت جسد كايّد على الأرض ويضحك بسببُهم .. كانت مُوقنة إنها مارح تلقى وهّاج يضحك بالطريقة هذي إلا بحضُور غصُن .. لأنه غُصن غير .. لأننها بنت شُعاع
الشخص الوحيّد الي كانت تحتوي وهّاج ! تنهدت بخفُوت وهي تصد عنهم .. لما تذكرت إنهم خلال الفترة السابِقة كانوا متضايقين وبشّدة بسبب فهد زوج أمواج .. واللي سلب من عيُون عيالها الراحة .. كانت مقهُورة كونهم يهتمُون له بالكثرة .. ورغم إنها حاولت تبّعد تفكيرهم عنه .. وتهددهم بأنهم يتركُون السعي في خلاصَه إلا إنهم الإثنيّن كانوا مُصرين على مساعدته بكل قوتهم .. لذلك بقت صامتّة لأنها مجبُورة على الصمّت ! وبنفس الوقت قضّت أيامها تِتحسّر على بنت حماها " بريّق " واللي رغم إنها مازارتها أو تطمنت عليها كونها شخص حلفت ما تدخل بيّت هالقاتِل .. إلا إنها سمعت من بيُوت جيرانها كميّة الأذى الي تعرضت له بريَق واللي تشوهت بسببه .. ولاخُفي عليها وجع بنت أختها اللي أحترق شغلها رغم ذلك إدعّت اللامبالاة !
-
-

ومن مُنتصف اليوم الثانِي .. وبوقت إنصّراف الطُلاب عن الدوام .. كايَد كان واقف بجنب بوابة الخُروج وبيدينه كِتاب يقرأه بكل حماس .. كونه إسّتعاره من مكتبة المدرسة .. وبعد خروجه من المدرسة مارح تكون عنده فرصة لأجل يكمل قراءته .. بسبَب إنشغاله بالبيّع مع لافِي .. لذلك كان متكِي على طرف البوابّة ينتظر لافِي اللي طول وهو بمُصلى المدرسة !
ومن بيّن حماسه .. وكثرة إندماجه الكثيّف بالقراءة رفع رأسه بصدمة بسبّب الكتاب اللي أنرمى بكل جراءة على الأرض .. رمش بعدم إسّتيعاب وهو يتأمل وقُوف خالِد قدامه والي كان يبّتسم بقذارة ويناظره بإستِعلاء : أشُوفك هالمرة واقِف وأنت مستند على طرف البوابة .. منت بواقف جنب أخوك وولد خالتك ولا مستند على أكتافهم
إعتدل كايّد بوقفته وهو يناظره بهُدوء .. الفترة المَاضية كان خالد يحاول يضايقه فيها بقد ما يقدر .. يحاول يزعزع راحته ويقضي على أمانه مثل الأيام السابقّة .. كان يضايقهُم بجلسُوهم .. وقووفهم وبأكلهم وبدرِاستهم على مشهد عيُون الكل .. ولأن مافي أحد يردع خالد عن تصرُفاته ! كان مأخذ راحته وبقوة
-رغم إن طُلاب المدرسة كانو غافليّن عن سبب غياب مُدريّهم عنهُم ! إلا إنهم فعلاً فقدوه لأنه كان الشخص الوحيّد الي يقدر يوقف بوجه خالِد !
تمتم بقهر وهو يرفع يده ويضرب طرف جبّهة كايد : إنهقّ يا تافة .. أشوفك بلعت لسانك وسكت يومنّك لوحدك !
تأفّف كايد وهو يحاول يمسك أعصابه .. وميَل شفايفه بخفُوت وهو يتأمل العُروق البارِزة بوجة خالد والي تدل على عصبيّته .. كان مستغرب جداً سبب كُره خالد له العظيّم ، ومستغرب أكثر سبّب عصبيته هاللحظة لذلك ألتزم الصمت .. وصمته ماكان إلا سبب بزيـادة عصبيّة خالد الي رفع رجله ودعس على الكتاب بكل طاقته وهو يقررب ويناظر لكايّد بعصبية : بلعت لسانك ؟ داهمك الخُوف يومنّك لوحدك ؟ أبّتليت بشجاعتك الي ماتكون إلا وأنت مع شخص ثاني ؟ ولما صرت لوحدك صرت ترتجف من حُر خوفك ؟
صد عنه كايّد وهو يقبض على كفُوف يده بكل قوته .. ولما ألتفت وكان بيرُد على خالِد أنصدم ورجع خُطوة لورى بسبّب لافِي اللي كان يركض بكُل طاقته والي دفع خالد بقوة ورماه على الأرض .. وقبلما يستوعب خالِد شيء .. سحبّ لافي يدين كايّد وركضو بأقصى طاقة وهم يبتعدُون عن المدرسة .. ومن أستوعب خالد صرخ بأقصى طاقته وهو يضرب يبيدينه الأرض بعصبية وقهر
ولافِي كان يركض بكل قوته وكايّد وراه مصدوم ومو مستوعب .. وبنفس الوقت كان يضحك من قلبه
ولا أنقطعت خطاويّهم إلا قدام المكان الي أعتادو على الجلُوس فيه وبيّع شاي الجّمر !
ترك لافِي يدين كايّد وهو ينحني ويثبّتها على ركبته وصدره يعلُو ويهبط بكل سرعة بسبب تنفسه العالِي !
بينما كايّد لف يدينه على بطنه الي بدأ يوجعه بسبب ركضهم .. وهو يناظر للافِي : طار عقلك يا ولد خالتي ؟
بعد ثواني أستجمع فيها لافي طاقته رفع رأسه وهو يحاول يتكلم : لاوالله ،وقتنا كان بيطير بسبب مجاراتنا لشخص تافه .. خله عنك وأسفهه ورانا فلوس نجمعها لأجل نقضي ديّن أرحم العبّاد
ميّل شفايفه كايد بخفُوت وماكان وده يقول له عن نيّته هو ووهّاج ،لذلك هز رأسه بطيَب وبدؤو يرتبون بسّطتهم الصغيرة ويشعلون حطبُهم ويصبُون الماء بالإبريّق ويجهزون الشايي بكل حماس ورغم إن الوقت بنُص الظهر إلا إن البرد ماكان يرحَم !
وبعدما إنتهت ساعة كاملة من تحضيراتُهم وبدؤو يبعيون شاهيّهم بحمَاس إلتفت كايّد بسبب تأفُف لافي العالي وهو عاقِد حواجبه .. ومن لمح خالد يقترب منهم ووراه شخصيّن معه عقد حواجبه بإستنكار ووقف جنب لافِي وهو يكتف يديّنه .. تنهد بخفُوت من خالد الي وقف قدام الجمر وينقل نظراته المُتقرفة للمكان وبعد هالنظرات بدأ يضحك من كُل قلبه ويناظرهم بسخرية : صرتو على أبواب الفقر ؟
تنهد كايد بعدم إعجاب ولافي كان يناظرهم بعدم إهتمام : إذا مارح تشتري .. ففارق من قدام عيوني
ضحك خالد وهز رأسه بإيجاب : لالا بشتري معليك .. يالله صب لنا من شاهيّكم ومعليك تراني بكثر الفلوس عشان ما يضيق خاطرك
لافِي ماكان مهتم بوجوده .. وموقن أشد اليقيّن إنه بعد موقفهم قبل ساعة جاييّ لأجل ينفس عن غضبه .. مع ذلك ماكان مهتم ! لأن الي بيدينه أهم بكثير من مواضيع المراهقة

صبّ له أكواب الشاهي الثلاثة وتركهم قدامه على الطاولة وهو يناظرهم بهُدوء .. أما خالد كان يناظرهم بقرف ويدينه بجيّبه وعلى مُحياه إبّتسامة ساخِرة لذلك نطق بإستهزاء: بعد غيّاب أبوك عنكم بدأت فلوسكم تنتهي ؟ علمني كيف الحيّاة بدون أبوك المّتسلط ؟
لافي كتف يدينه بذهول لمعرفة خالد عن هالشيء مع ذلك إدّعى عدم الإهتمام وناظره بطرف عينه وخالد أكمل وهو يأخذ الكوب بيده ويناظره بإشمئزاز : أشوف هالأيام مالكم حس .. ماغير تهربون مني .. لهالدرجة تهابوني ؟
كتم لافِي ضحكته .. وكايّد كان متوتر من الموقف ..
بيّنما خالد رفع الكوب وهو ينثر الشاي الي بداخله على الجمَر اللي طفى بكُل سرعة .. ناظره لافِي بصدمة وخالد ضحك : وش فيك أنصدمت .. معقولة هالجمر الحار هو الي بيصرف عليكم ؟
أقترب أكثر منه وهو يمسك أطراف المجمِر ويرميه بكل طاقته على الأرض .. لدرجة إن إبريّق الشاي أنتثر بكل مابداخله على أطراف الأرض .. ومابقى بداخله أي نقطة لأجل تنبّاع .. وهالشيء اللي دمَر خلايا الصَبر بقلب لافِي والي أقترب بكل قوته وكان بيضرب خالد لولا أصحابه اللي ثبتُوه بمكانه !
خالد أبّتسم بخُبث وهو يقترب ويثبّت كفه على فك لافي بكل شراسّة ويناظره بعدم إعجاب .. كان مُوقن إنه لو كسّر قوة لافِي رح يرجع كايّد ينحني له من جديد .. كون كايّد يستمد قُوته من وقاحة لافي مع خالد ، تمتم بضّحكة ساخِرة : دامك ولد شخص ينهب فلُوس النّاس .. ليه تفرش ريّشك علينا ؟ ليه تسوي نفسك محترم وأنتو سراقيّن ؟
ناظره لافِي بحدة وهو يحاول يفك نفسه من بين يدين أصحاب خالد ولكن قوتهم كان تضاهِيه .. أكمل خالد بنفس النبّرة المتقرفة : تدري إنك صفر على الشمال بدُون وجود أبوك .. ليه فرضت نفسك وأنت رخمة ؟
سحبّ لافي فكه من بين يدين خالد بكل قوة ومن تركه خالد حتى نطق لافِي بعصبية : والله ورب البيّت الحرام إنك رخمة ولدرخمة وعلى رأسك تاج للأشبّاه الرجال يا ...
إنقطعت سيّل جُمل لافي بسّبب ضحكة خالد الساخرة : مو مشكلة .. المهم إن على رأسي تاج ..
ناظره لافِي بصدمة بسبب صُغر عقله وقلة فهمه !
_خالد أردف بعصبية وهو يضرب كتف لافِي بكل طاقته : بقص لسّان الي يتعدى علي .. ببّتر يدين الشخص الي يحاول يمدها على طرف من أطرافي .. بساويييّ كرامة الي يحاول يعلي كلمته علي .. لذلك إلزم حدك .. وأبقى بالمكان الي أنت تستاهله
لأنك أنت بنفسك شهدت على هَلاك الشخص الي حاول يأذي حسّان أبو خالد .. ولا غاب عن بالك من هو .. أنا وأنت ندري بأنه بأهلّك مكان بالمنطقة ذي .. وبأبّشع مكان تقدر تتخيله .. مردك بمكانه لو حاولت ترفع صوتك أو تقلل من هيبّتي قدام أحد مرة ثانية .. تفهم ولا لا ؟
لافي كان يناظره بحدة وقلبه مِلتهب من شدة عصبيته وقهره بسبب كلامه .. كان يحاول يفك نفسه ولكن ماقدر .. وقبلما يكمل خالد كلامه تلاشت الإبّتسامة من على وجهه بصدمة شديّدة .. ورجع خطوة لورى بسبب الحجرة اللي أستقرت على صدره واللي بسبّبها ثبت يدينه على صدره بوجع ناظر لكايّد الي بيدينه إبريّق الشاي .. واللي كان على طرف الطاولة المُقابلة لهم واللي طول الوقت كان ساكِت ومتحمل أسلوب خالِد .. ولكن من لمح الوجع بعيُون لافي تلاشى صبّره .. ناظر لخالد بحدة وقال : كنت أظن الصمت هو اللي بيخليني أعيش أيامي بالثانوي بهدوء .. تجاهلي لتصرفاتك خوفي وقهري الي ينتهي بالصمت الأبدي كان من يقيني إن هالمعاناة بتنتهي معك .. ولكن الي قاعد يصير عكس ظنوني تماماً .. أنت مثل الكلب نرمي له العصا ويركض وراها وكل مرة نظنه بيتوب يرجع من جديد لعادته .. لذلك لازم نتعامل معك بنفس أسلوبك القذر .. ولكن هالمرة تعديّت الحُدود حيييل يا كلب فإرجع بخطاويك ورى قبل يحترق جلدك
خالد كان مذهُول ، بالأحَرى منصعق بسبّب كلام كايد ..نظراته .. طريقة وقوفه الواثقة يدينه الثابّتة على أطراف الإبرَيق ، وكله تساؤل ، هالقوة من وين جاءت ؟
قبل ما يتكلم خالد وينثر عصبيته على كايّد .. أقترب كايّد بكل قهر وهو يفتح غطاء الإبريّق اللي حرارة الشاي تبان من على بُعد متر .. وقرب أكثر من الشخصيّن الي مثبتين لافي .. أشر لهم بعصبيّة إنه مستعد بكل طاقته يحرقهم ولا رح يلتفت لدمُوع عيونهم .. ومن خوفهم أبّتتعدو على طول .. وتركو يدين لافِي .. وبنفس الوقت إختفو من المكان بسبب إحراجهم .. ومابقى إلا خالد اللي تشبّع القهر بصدره وعيُونه تنطق من حُر غيظه .. نطق كايّد بحدة : والحين لو كنت ماتبي وجهك البرييء يتشوه فارق من قدام عيوني
خالد كان يتنفس بصعُوبة ويناظره بحدة .. ورغم جبرُوته كان يعرف أتم المعرفة متى ينسّحب !
لذلك ألتفت وكان بيمشي ولكن جُملة كايّد أجبّرته يوقف مكانه :..
-" خل عندك علم .. أنت وقبيّلتك وأبوك الي تتباهى بفلوسه .. ما تسُوون نظرة حانيّة من عيون الإستاذ فهد .. فإنتبّه على كلامك قبل تنطقه
شد خالد على يده بعصبية وهو يضرب الأرض بسخط من شدة قهره .. هذا كايّد ؟ الشخص اللي قبل شهور يمردغ وجهه بالتراب ومايسمع حسه من خوفه .. متى أعتاد على التمرُد ؟ ومتى صار خالد ينسحب من قدامه ؟؟
أختفى خالد من المكان .. ولافِي طول الوقت كان مِبتسّم ويناظر بفخر لكايّد والي تعلق برقبته بضحكة وهو يقول : صرنا نعرف نهايّط !
ضحك كايّد بخوف وهو يحاول يبّعد لافي عنه : وخر عني لا ينتثر الشاييّ عليك !
أبّتعد لافي وهو يناظره بإبّتسامة ويتأمل وجهه بفرحة غامِرة بيّنما كايّد ترك الإبّريق على الطاولة .. ورتب الي قدر يرتبه ورجع يلتفت للافِي الي واقف مكانه وينقل نظراته الي كلها فخر على كايّد الي أستقر قدامه : بدال هالجمر الي أنتثر على الأرض .. غيّم من براد ومطر بيمتلي بها قلبّك .. لا تشيّل الهم
ميّل شفايفه لافِي بضيق ثم تنهد : هالشاهي كان آخر مُناي بمساعدة أبوي يا كايّد .. كنت أحس إن لي فايّدة ولي قدرة على مساعدته ولو بالشيء القليل !
أبّتسم كايّد بخفُوت وهو يثبت يدينه على كتف لافي ويمشِي معه : لا يضيق خاطرك .. يمكن هالليَلة نشرب الشاي من يدين فهد !
تنهد لافي بحسّرة وهو يمشي معه وكله ضيَق بسبب بسطة الشايي الي تلاشت عن الوجود بيّنما كايد كان مبتسّم وبكل حنية تملأ صدره .. موقفه مع خالد قبل لحظات ماكان بسبب قوة كايّد ! كثر ماكان بسبّب حنيته ! من شدة حنِيته على لافِي وخوفه عليه من لمح الوجع بعيُونه تضاعفت هالحنيّة حتى صارت جراءة وجسّارة ملأت كل روحه .. لما كان لوحده ويتعرض للوجع ماكان يداافع عن نفسه بسبّب قلة حنيته على روحه .. ولكن من بدأ يلمح الشخص اللي يحبه يتأذى إنقلبت المعادلة وأنعكست الموازيّن لدرجة إن الخوف الي كان يتشكل بصدره لما يلمح طيّف خالد أنقلب تماماً لجسّارة وهيّبة وقوة قدامه ! وهذا اللي حصل قبل لحظات .. نظرة ضيّق بقلب صاحبه كانت كفيلة بتغييّر شخصيته بالشيء الكثير !
-
-

وبمـساء هاليُوم .. مسّاء غير .. مسّاء خير وكله لهفة وشُوق .. وكثر هاللهفة كان الإعتِزاز والفخر أضعَاف أضعَافها !
وهذا هـو .. الإِستاذ فهد واقف على أعتاب مركز الشُرطة .. وكثر مادخل والقهر والغبّنة تملأ ثنايا صدره .. كثر ماعيونه هاللحظة ممتليّة براحة مالها مثيّل .. هو فخر ؟ ولا هيّ راحة ؟ ولا هو حِس أبوي تمكن من ضلُوعه هاللحظة !
-إرتسمت إبّتسامة عرِيضة .. أنبّسطت ضلُوع وجهه وهو يرمِش بخُفوت وهو يناظر لوهّاج اللي أسّتقام بطُوله قدامه .. ومِثل ما أعتاد فهَد على عدم الإعتّياد على وهّاج لأنه بكل مرة يكون غير .. بكل مرة يصدِمه بشكل أكبر من اللي قبلها .. ولكن هالمرةغييير .. هالمرة فعلاً غير !
وقُوفه بثوُبه الأسود اللون المُعتاد .. الفروة البُنية اللي على أطراف كتفه مرميّة بلامبالاة .. الغُترة البنيّة اللي ملتفة وبكل إتقان على أطراف رأسه .. السِبحة السُوداء اللي تتراقص بيّن أطراف كفوفه بكل مِثالية .. الأهم من كل هالتواصيّف .. إبتسامته
آه من إبّتسامته اللي كانت تشُع من بّهاء نور وجهه .. كانت نابِعة من أقصى جوفه .. ومن شدة ضحكة رُوحه بانت الضحكة بعيُونه اللي تناظر لفهد بكل رحابّة صدر ..
ومن لمح وهّاج ضحكة فهد الرنّانة واللي كلها راحة .. ويدينه اللي إرتفعت للغيّم وكأنه يطلبه بالعِناق .. أبّتسم بخفُوت ومشى بخطوات واثِقة وكلها هُدوء .. ومن وقف قدام عيُون فهد .. ألتفت ذراعين فهد على كتوفه وهو يضُمه بكل قوته وصوت ضِحكته تعلُو مسامِع وهّاج اللي إبّتسامته ما غابِت !
وبعد لحظات من أبّتعد عنه .. قال وهّاج بخُفوت : هو واِضح إن النور غابّ من يومك غِبت ؟ وإننا ماصرنا بخير إلا من خطت خطواتك على أعتاب هالباب ؟
زمَ شفايّفه فهد بهُدوء وهو يصد عن وهّاج بإبّتسامة خافِتة .. كان يجهل ، يجهل تماماً سبّب حُب وهّاج العميق له .. سبّب تخبُطاته عشانه .. سبَب ركضه وتركه لحياته طوال الفترة السابّقة بس لأجل يكون فهد بخير .. كان جاهل تماماً سبّب تعلق وهّاج فيه !
"غاب عن حِسه إن وهّاج لمِس فيه حنيّة الأب الي فقدها طوال حياته "
رجع يلتِفت له ويناظره بإبتّسامة : والله لو النّاس هذي الي قدمت هالمعُونة لي يا وهّاج ما قبلت بها .. والله ماكان قبّلت بريال واحد لو كان من رجال غيرك !
هز رأسه بإيجّاب وهو يربت على كتف فهد بخفُوت : ماهيّب مني .. مالي ريال فيها يا أبو دُجى .. رأس مالي فيها خطوتين لباب المحامي
ناظره فهد بهُدوء وقطع عليه سيَل أفكاره شدّ وهاج ليدينه وهو يناظر لبداية الغُروب : عاهدت نفسي ما تغيّب شمس هاليوم إلا وأنت بيّن ناسك .. سارع الخُطى تكفى يا أبو دُجى .. ماودي ينخلف عهدي
مشى جنبّه فهد وهو يبتسم : لا تخاف .. أنت أكثر شخص يوفي بعهده يا وهّاج
أّبتسم له وهاج بخفُوت وركب السيارة وفهد جنبه .. من لما وافق كايّد وتوجه لمكتب المحامي ليّلة البارحة لأجل يكمل الإجراءات الي طلبها منه وهّاج .. حتى تقدم المحامي صبَاح هاليوم .. وبيدينه مبلغ الكفالة اللي أنسَجن بسببها فهد
-بعدها قدمها للملازم اللي باشر بإجراءات الخُروج واللي بلغ ظافر عن سداد دِينه !
وبذات الوقت ترك المُحامي باقي إرِث سُلطان اللي ما ينعد تحت تصُرف كايَد بطلب من وهّاج بينما بقية إرثّ سطام إنتقل لعياله !
بيَنما موعد خرُوج فهد كانت رغبة وهّاج المُلحة بأنه يستقبله لوحده لأجل يتوج أيَامه السابقة بإنجازه بخرُوج فهد !
-
وعلى أعـتاب بيّت غيّهب الليل،كانت واقِفة قدام شبُاك الصالة العرِيض وبين راحة كفوفها كانِدي،قطتها اللي كانت مواساتها بالأيام السابِقة،فهد كان رافض تماماً يرجعون يزورونه بالمركز،كون أول زيارة له أوجعتهم حيل،لذلك كانت آخر مرة تشوف وجه أبُوها قبل شهر من الآن ! وهالشّيء حيل تارك آثاره بروحها لدرجة إن التّعب باين بأطراف وجهها !كانت الأيام تمضِي بثُقل مخيف كأنها تحمل على عاتِقيّها الأرض
مع ذلك كانت قوية ،قُويـة حيَل برغم التعب اللي يظهر لمرأ العيّن من على بعد أمتار طويلة
إلا إن لمعة القوة بعيُونها تنافس هالتعب .. لأنها مارح تبّقى رهينة لا مرضها ،ولا لقساوة زِمانها
وجعها ، وتخبُطاتها ، والمصايّب الي أوجعتها خلال الفترات السابّقة ماكانت إلا درجات السُلم اللي وصلّتها لأعلى مراحل القُوة .. والي بعدها صعب تنهار،لأنها لو إنهارت بترجع لأول الحكايّة
وهذا الي مستحيل تسويه دُجى ! لذلك صعوباتها بالأيّام السابقة كانت ذخيرة وقُوفها على حيلها هاليوم
إلتفت لما تِسلل لمسامِعها صُوت خيَال، واللي كانت واقفة وراها وتتأمل صمُودها،وبرغم إنهم عاشو سنيّن طويلة بمعركة مشاعِر سوى،إلا إن موقف بسيط لهم كان السبب بفهم مشاعرهم ! إختلاف آراءهم كانو يظنونه حرب بينهم وترك الوجع بقلوب بعض كانو يظنونه إنتصار .. بيّنما من بعد ماقررو يفهمون شخصيات بعض إنقلبت المعُادلة .. وإنفهم الإختلاف والأهم إستوعبُو إن إختلافهم عن بعض ما يعني إنهم لازم يكونون بمعركة دائمة وإن لو تقبلو هالإختلاف مارح يفسَد ود القضية !
مع ذلك .. خيال كان يصعب عليها فهم شخصيّة دُجى ببعض الأحيان .. دُجى اللي شخصيتها تنافس وهّاج بصعُوبتها وبإختلافها ! مع ذلك وقوف دُجى الصامِد وثبّات خطُواتها حسّسها إنها تحتاج مواساة .. لأن بنظرها حتى لو الخُطى ثابتة الروح تِتوجع .. لذلك قالت بصُوت خافِت : تعايشي مع الظروف بدون حِزن ولا اعتراض ، الحزن ما ربي خلقه لأجل يعيش فـ وجهك .. يليّق لك تبّتسمين
ناظرتها دُجى بخفوت وهي تِتأمل تخبُطات خيَال الكبيرة لأجل تنطق هالجمُلة لها .. لذلك تِسللت الكلمات لثُغرها وهي تقول : قاعده أواسي نفسي بـ "لو ما قدرتي تضحكين لا تدمعين"ولكن .. الأيام مُصرة توقف بحلقي ياخيَال
ربّتِت خيال على كتفها وهي تِبتسّم بخُفوت : ماهيّب مشكلة .. واللي ذبل .. بيعيد ربي إنباته
دخُول لافِي الهادِي أجبّر حبل كلامُهم ينقطع .. وأجربهم يلتفُون له .. علامات الضيّق مرتسمة على وجهه .. ضيّاع شغله وتخريّب خالد له أجبّر القهر يُوضح على وجهه .. ورغم إن الفلوس اللي كانت ماتتعدى الألفين مارح تكون السبيّل بخلاص أبوه إلا إنه كان يحس بالراحة بأنه رح يساعد وهّاج بأقصى طريقة .. ومارح يبقى مكتوف يدِين أبد !
رمى شنطته السُوداء بإهمال على أطراف الكنّب .. ورفع رأسه وهو يناظرهم يتأملونه بهُدوء .. أجبّر نفسه يبتسم .. لأجل ماينقهرُون أكثر عشانه ..ولأن هالبيت ماعاد يحتاج عبُوس أكثر لأجل يثّبت مدى حزنه
أقترب منهم وهو يلف يدينه الثنتين على كتُوفهم ويناظرهم بخُفوت : أشوفكم صرتو حبايّب ،ما خبّرت بيوم من الأيّام بتنتهي معركتكم اللي تضحكني
ناظرته خيَال بطرف عينها وهي تضرب يدينه وقالت : أنت متى بتحترمني .. تراني عـ...
قاطعها وهو يهز رأسه : عمتي عمتي .. خلاص درينا وكأنك راديو معطل يعيد ويزيّد بهالكلمة .. ترى ياعمة ماهو بذنبي إن عمرك أكبر مننا وعقلك أصغر مننا .. هذا إجتهاد شخصي منك
ناظرته بحدة وهي تضررب بطنه بقبّضة يدها وهو أنحنى وهو يمسك بطنه بيدينه ويضحك : أفا .. حتى قبّضة يدك صارت أقوى ،وش صاير ؟
تأفتت وهي تناظره بطرف عينها : روقانك ماهو بوقته أبداً ،بروح أكمل مع معاني ،للآن محتاسة بفسّتان وحدة من البنات
تخطتُهم ولافي أبتسم بضحكة وبعدها وقف جنب دُجى وهو ساكِت
كانت تتأمل تصرفاته ،ضحكته التسليّكية ،إبتسّامته المُبعثرة اللي كلها تخفي ضيقه واللي يحاول ما يحسسهم فيه ، صدت بضيّق وهي تكتف يدينها ،وهو تنهد تنهيّدة عمييقة تسللت لمسامع دُجى وأجبّرتها ترجع تلتفت له .. ناظرته بخُفوت وقالت بإبّتسامة كلها حنيّة : ‏لا تتنهّد يا عين دُجى .. بعد شوي الضحكه تعود والنار اللي بصدرك .. تبرَد
ألتفت لها وتأملها للحظات .. ثم أبّتسم بهدوء وهو يلف يدينه على كتفها ويميّل رأسه على رأسها : ماهقيّت إن الحيّاة بدون فهد مُرة هالكثر يا دُجى
ميّلت شفايفها بهُدوء : تجمل بالصبّر،مابقى غير القليل والأهم إنه طيّب تهُون الأمور الباقيّة لا سلم رأسه !
هز رأسه بإيّجاب : صح حسّك ،ماهوب إعتراض ميّر الحياة بدونه مثل العلقّم بالحلق
كتمت تنهيّدتها وهي تصد عنه .. ودقيّقة تلاها دقيّقة ثانية .. ألتفت لافِي بخوف وبصدمة بسببّ شهقة دُجى العالِية اللي بسببّها تسابقت الدموع بكل رهبة على أطراف خدها ..إنهمرت بدون سابّق وعد لدرجة إن لافي من شدة رعُبه ظن إن هالدموع مارح تِنقطع أبببببداً
كان خايف لدرجة إنه ماقدر أبداً يفسر سبّب هالدموع .. ولا قدر يلتفت عنها أو يصد .. كان يناظرها بخوف لدرجة إنه عجز يستوعب أي شيء حوله .. بقى سجيّن بدموعها!

كان يظِن إن هالدمُوع والشهقات الخافِتة ماكانت إلا تجمع التنهيّدات بصدرها .. وكأنها تحاول تزِيح التعب عن صدرها بهالدمُوع !
ولكنه إِزداد حيرة ، ذهول ، تساؤل
إنهمِار دموعها الكثيّف .. صاحبّه صُوت ضحكة زيّنت ثغرها .. يحلّف قلب لافِي إن هالليّالي المُوحشة والبارِدة كان دفاها ضحكتها .. ولكن إنقلاب حالها الصامِت للباكي المُضحك تركه بدون جواب .. عقد حواجبه من رفعت يدينها وهي تأشر وتضحك بنفس الوقت
بدأ الإستيّعاب يزور عقله .. وألتفت وهو يلقي نظرات تفُحِصية للمكان اللي تأشرله .. ومن تأمل الشخص اللي واقِف قدام عيُونه .. وعلى مُحيّاه ضحكة عالية ويأشر بيدينه لهم .. حتى توسّعت حدقات عيونه بصدمة تركته عاجز عن التصديّق !
-

بيّنما فهد من وقفت سيّارة وهّاج قدام بيته .. ألتفت وناظره بإبّتسامة : تعال يا ولدي يالله
هز رأسه بالنفي وهو يقول : الليّلة ليّلة هلك وماني بواحد من أركانها .. رح عش فرحتك
ضحك بخفُوت وهو يربِت على كتفه : أنت واحد من هلِي يا وهّاج !
سكت فهد بنفس اللحظة وعيُونه تثبّتت على مكان مُعين .. نزل على طول وهو يقفل الباب ووهّاج أستغرب ونزل على طُول وراه وهو عاقِد حواجبه
ومن تأمل فهد يوقف بمكانه ويناظر لشبّاك بيته وهو يبّتسم .. يناظر لـ وقُوف دُجى وجنبّها لافي متكِي على رأسها برأسه .. في ظل غيّاب الستارة واللي كاشفة له وقوفهم الواضِح !
ضل يبّتسم بلهفة ودقات قلبّه تزيد بشكل جنُوني غافِل تماماً عن كل شيء حوله .. ومن لمح فهد ضحكتها حتى تلألأت لمرأ العيّن أسنانه اللي ظهرت بسبّب ضحكته العاليّة .. رفع يده وهو يأشر لها
وبهالوقَت تسائل وهّاج عن سبب إختلال الميّزان عند فهد ونسيّانه للي حوله .. تسائل عن سبّب ضحكته الي تزيّن بها ثُغره .. تسائل عن تلاشِي كل التعب اللي تمرد عليّه بأيامه السابِقة كلها عن تفاصيّل وجهه بلحظة سريّعة .. تسائل عن السبّب الي غيّر أحوال فهد هـالكثر .. ولأنه شخص كان فضُوله كثيّف ناحية فهد وأهله .. سِمح لعيُونه تِتمرد عليه لأجل يرويّ ظمأ فضوله الي مِخترق صدره
ومن توجهت سِهام عيُونه بإتجاه المكان اللي يضحك فهد لأجله .. حتى لمحها تأشر لفهد بكل لهفة وعيُونها غريقّة الدمع
ومن لمحها حتى ألتفت للخلف بكل سرعة وصد بعيُونه وهو يشد على حبّات سبِحته السُوداء ويبّلع ريقه بصعوبة .. توشّح بوشاح النّدم اللي تسلل لكل صدره بأنه سمح لعيونه تِتمرد وتكشّف خلوتها
-تأفف وهو يثبّت أطراف فروته بكفوف يدينه .. ورُغم كل المشاعر الي حوله واللي بعض منها كان الكثيّر من الندم .. إلا إن إبّتسامة عنيّفة داهمت ثُغره وأجبرته يبّتسم بكل خُفوت وهالمرة أصدر تنهيّدة من بين ثنايا رُوحه وهو يحس بأن الراحة تِسللت لجميع خلايا جسّده .. كان عاقِد النيّة لأجل يكون خرُوج فهد على يدينه من قبّل تنطق بحكيها وتنتخي فيه .. ولكن من تأملته بعيُونها المهلكة من شدة التعب قدام المركز والراحة عاجِزة تستقر بصدره .. كعادة وهّاج مستحيل يتبّادر النسيان بباله لشيء يُوجعه .. وما شهِد على وجع خلال هالفترة سوى وجع نظرات الرِجاء بعيُونها !
ورغم أسلوبها وتجريحها له إلا إن سعة صدره عليها وسيّعة حيييل .."لأن وهّاج أكثر شخص له قدرة على تفسيَر وفهم تصرفات شخصيّة مثل شخصيَة دُجى"
-
فهد من لمحهم أستوعبو الموقف حتى أشر لهم ينزلون له .. ومن لمح طيّفهم يتلاشى عن أنظاره حتى ألتفت وهو ينادِي على وهّاج اللي كان صاد ويناظر للمكان الي أشعل بّه ناره قبل أيام طوِيلة !
ومن سمع إسمه يتزيّن على لسان فهد .. ألتفت له وهو يوقف قدامه سيّارته ويناظره بخفُوت ..
بيّنما فهد تأمل وقوفه ونظراته الهاديّة .. تأمل نِصف وجهه والجزءالسفلي من وجهه اللي تغطى بغترته البنُية بسبّب البرد .. وقبلما ينطق فهد بأي كلمة أقترب وهّاج وهو يوقف قدامه ويقول : قبل أنسى وقبّل يغيب عن بالي .. أهلك تعنُو لأجلك كثير .. وكثير من أشياءهم الي يحبونها حيّل ضحو بها لأجل تكون برى أسوار السجن .. وتركوها بيّن يديني لأجل أبيّعها وأخذ فلوسها .. ولكن وربّ العباد ماهان على قلبي .. ولا قدرت أبيّع شيء وأنا أدري ماله فايّدة بيّعه .. ماكان ودي تتلاشى ذكرياتهم وأنا بيدي أحفظها .. لأجل كذا بكرة لي معك موعد لأجل تسترد ذكرياتهم .. وهاليوم الله يبيّحه منك .. تغنى بالفرح ليّن يفيض يا إستاذ فهد .. يسّتاهل صدرك يفرح .. إي ببالله !
عيُون فهد كانت تنطّق قبل ينطق ثُغره بأي كلمة .. حتى عيُونه عاجزة تِترجم مقدار الإمتنان اللي يملأ صدره هاللحظة .. كل اللي قدر يسويّه إن يثبت كفُوفه على كفُوف وهَاج ويناظره بإبّتسامة خافِتة : إسمعني زيّن يا وهّاج .. وعلق الشَطر هذا قلادة في صدرك .. من فقد مِثلك فقد له قطعة من كبَده .. وأنا مانيّب مستعد أفقد قطعة من كبدي
من بعد حكي فهد تغنّت المسّرة بوسط صدر وهّاج .. ونشّوة فرح عميقة تِسللت بشكل حنُون لأطراف صدرَه .. ولكن رغم توهَج روحه عُقب هالحكي إلا إن إجابَة وهّاج الوحيّدة على كلام فهد كانت " الصمت " لأنه بالنسبَة لوهّاج كان أبلغ للمعنى وأكثر دِقة لوصف مشاعره الحقيقة
فهد أبّتسم من لمح الرِضا والراحة متِسللة لتقاسيّم وجه وهّاج الواضِحة قدام عيُونه .. وأبتسم من شهِد على لمعَة عيُونه اللي كلها بهجَة لذلك كان الصمت يكفِيه كرد لكلاامه !
تأمله للحظات معدُودة بعدها هز رأسه بهُدوء وهو يلتفت ويتجه لبيّته .. بيّنما وهّاج بقى واقف بمكانه للحظات طوييَلة وهو يتأمل فتح البّاب وأصوات الضحكات العاليّة تتسللت لمسامعه .. وبكذا عرف إن عهده إنتّهى ودِينه اللي تلبسّه بعد نظرات الرجاء أنقضى وله الحق يرجع يعيّش حياته الطبيعية بُدون جبَال الهم اللي كانت على صدره !
-
على مشارِف شبَاك غيّهب اللِيل .. من لمحت فهد يأشر لها تجي .. حتى ألتفت بعجل شديد وهي تسحبّ كفوف لافِي وتثبّتها بكفُوف يدها وهي تصرخ بأعلى صوتها بدون ترتيّب لكلماتها .. بدون ما تحسبّ حساب الذهُول اللي بيزور سامِع جملها : أبببوي رجع .. تزيّنت ليالي الشمّال برجعته
لافِي كان يرمش بعدم إستيّعاب وللآن ما تقبّل الصدمة اللي أختلت بسببها موازينه ولكنه كان يركض معها بدون وجهة .. ومعاني ناظرت لخيَال بصدمة وهي تترك الإبّرة من يدها : صحيح الي تقوله؟
وقفت خيَال وهي تهز رأسه بإستغراب : مدري .. مدري بس هالصوت اللي كله فرح مستحيَل وراهكذبة
ركضو خلف دُجى اللي وقفت قدام الباب وتركت كف لافِي وهي ترتب نفسها بعجل شدِيد .. ثم فتحت البّاب وهي تِلمح أبوها يقترب بإتِجاهها وهو مبّتسم .. تأمَلته بلهفة تأملت كل تفصيّلة صغيرة فيه .. تأملته بكثرة وهي تِحس إن الحيّاة بدأت تحِن عليّها .. تأملت حزن الليالي العقِيمة اللي رسخت بشكل ثابِت على كتُوفه .. تأملت شعر دِقنه اللي إمتلأ بالشيّب بكثرة واللي تحمل هالشيَب هموم تهد جبّال رواسِي .. تأملت عيِونه اللي تشبَعت باللهفة ، بالشوق ، بالحسّرة على أيامه اللي قضاها بدونهم واللي هدّت حيله .. وبعدها تنهّدت تنهيدة عمِيقة فاضت بعدها كلمشاعرها وهي تتأمل خطُواته الي تقترب أكثر منها تمتمت بعدما زارتها نشوة الفرح العمِيقة : بكى حزن الشوارع من حنيْن خطاي يا فهد .. والله إن بدونك هالعمر رمضى و أنا حافية .. بكَى كل هالحيّ من شوقه وحنينه يا يّبه .. توه النور حّل توه الفرح هل ! مرحبا بك ياضحكة الدنيا بوجهي"
-



فيتامين سي غير متواجد حالياً  
التوقيع



شكراً منتداي الأول و الغالي ... وسام أعتز به


رد مع اقتباس
قديم 12-08-21, 03:25 AM   #28

فيتامين سي

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة

alkap ~
 
الصورة الرمزية فيتامين سي

? العضوٌ??? » 12556
?  التسِجيلٌ » Jun 2008
? مشَارَ?اتْي » 42,436
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » فيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي



(البارت السادس والعشرون)

بوسَط صالة فهد ..تِتمايل السعادة على جمِيع أطرافها .. تتغنّى بضحكاتهم .. تتراقِص على نبّرات الفرح بأصواتهم .. الصالة اللي غاب عن أركانها النُور . . هذا هو حلّ بأبّهى صُوره !
تراكِمت الإبّتسامات المُهلكة على ثُغر دُجى اللي يدينها مُلتفة بإحكام على ذِراع أبوها .. وليّلها الأسود منتثر على كتف أبوها بإهمال بسبّب رأسها اللي متِكي على كتفه .. كانت عيُونها مِتعلقة على وجهه .. تتأمل كل تفاصيِله .. تترقب إكتشافها للتغيرات الي حصلت له بوقت غيابها عنهم .. كانت عاجزة تماماً عن إبّعاد نظرها عنه .. أو الإبّتعاد عنه ولو بمقدار بسّيط .. بينما خواته يناظرونه وهو يضحك وكلهم بهجة .. وقت حضُنهم له قبّل دقايَق مستحيل ينسون الدمُوع اللي نثروها على خدودهم من شدة عدم إستيّعابهم .. وبرغم الفرحة اللي حفتهم كان للدموع نصيّب
لافِي مازال واقف جنب باب الصالة ويناظر لأبوه وهو يرِمش بهُدوء .. وفهّد بيدينه فنجان القهّوة ويشربه بخِفة .. أبّتسم وهو يوجه نظَراته لمعاني اللي يدينه تحت ذِقنها وتناظره بهُدوء : جعل هاليّد ما تمسّها النار يا خلِيفة أمي .. والله إني تعنيت وكثير بدون قهوتك اللي تشيّل العلة من العقل
ميّلت شفايفها بخفوت وهي تصد عنه .. وهو تنهد بعتب : ماقلنا إنتهى الدمع ؟
خيَال اللي كلما لمحت دموع أحد تشاركه بكل شغف وكأنها تنتظر تشوف الدُموع لأجل بس تبىكي معهم
ضحك فهد وهو يرفع يدينه ويلعب بشعر خيَال الي كانت جالسّة على يساره : منتظرة تشوفين أحد يبّكي لأجل تشاركينه؟
هزت رأسها بالنفِي وهي ترفع كتوفها بعدم معرفة : مانيّب مصدقة إنك بوسطنا هالليّلة .. ياخف هالليلة على قلوبنا يا فهد .. ياخفها ويادفاها
أبّتسم بخفوت وبعد لحظات رفع رأسه وناظر للافي اللي مازال واقف جنب الباب وأشر له يجي : تعال يا أبوك .. وينك مبّتعد عني .. أظن الشوق مازارك لأجل كذا ماقربت مني
ناظره بهدوء وهو يتأمل جلُوس فهد .. على يمينه دُجى ويسَاره خواته .. واللي أبداً ما أزاحو النظر عنه .. كانوو يروون شوقهم اللي تمِكن منهم طوال الفترة السابِقة
عض على شفايفه بقهر وهو ينزل رأسه ويناظر للأرض بضيّق وشّد على قبضة يَده .. وفهد ناظره للحظات وكان بيقوم لولا يدين دُجى اللي متشبّثة فيه بكل بقوة .. لذلك إكتفى بصُوته اللي قال فِيه : إرفع رأسك وأنا أبوك .. إرفعه حيّل .. أنا شخص ذنِبي كان إكرام رجال ما يستاهلون الكرم .. ودفعت ثمنه ليّن فاض هالثّمن .. لذلك لاتخاف أنتهت الغربّلة ومابقى إلا كل خيّر .. ليه تشيّح بنظرك عني ؟ مستحي مني ولا منحرج عشاني بفـ...
-قطّع سيل كلمات فهد عيُون لافِي اللي تثبّت بعيونه .. واللي يناظره بإحرَاج شدِيد .. كان وده باللحظة هذي يعتذر .. يقطع صوته بكميات كبيرة من الأسف والإعتذار .. وده يقول إنه آسف لأن ماكان بيده الكثير لأجل يقدمه له .. ماكان بيدينه إلا كأس شاي وجمرة من غضى روحه .. ولا كفت !
وماكان بحاجة ينطق أي حرف من اللي يدور بداخله .. كانت نظراته تكفِي فهد لأجل يفهمه
لذلك أبّتسم بهُدوء وهو يأشر له يجي .. وهالمرة ما أعترض .. تقدم بكل هُدوء وهو يجلس قدامه على الأرض ويناظره بهدوء وفهد أبّتسم وهو يمسح بيدينه على شعر لافِي : عدّت وأنا أبوك .. لا يلحقك هم
هز رأسه بخفُوت وبعد صمت طويل قال : أجل دامك أستوعبت ورجعت لطبيّعتك .. قم صُب لنا قهوة .. يدين معاني بتنزاح من ذراعها من كثر ما صبّ لنا من هالفناجِين
سكت لافي للحظات وهو يحاول يستعيّد طاقته .. ثم فز من مكانه وهو يقول : على خشمِي .. أبشر بالسعد يا أبو لافِي
ناظرته دُجى بنص عيّن وهي تقول : علامك يالطيّب ؟ ناسيني وكأني بنت الجيّران ؟ هذا أبو دُجى ماهو بأبو لافِي !
لافِي سحب شعرها وهو يبّتعد بسرعة عنها .. وناظرها بضحكة ساخرة وهو يقول : علامها بِنت أبُوها ناسيّة الأصول ؟ ترى الأب يتسمى على أول ولد له .. إذا نسيتي نذكرك
ناظرته بحدة وهو تحرك شعرها بوجع ورجعت تناظر لأبوها ببراءة .. وفهد ألتفت للافي وهو يناظره بطرف عينه : لافِي .. لا تِلمس شعرها من جديد لأجل ما أقص يدك
شهق لافي بصدمة وهو يناظر لدُجى اللي رافعة حاجِبها بسخرية وقال بعدم إعجّاب : توك وصلت يُبة .. أمداك تأخذ صفها ؟
ضحكت معاني اللي كانت كلها حبُور بسّبب عودة الضحكة لبيّتهم وقالت : فهد بصف دُجى من لما طاحت عيُونه عليّها بأول يوم لها بحضانة المستشفى
خيَال قالت بضحكة : يعني حتى وجودك وجيّتك على الدنيا ما تركته يجي بصفك.. باقي بصف بنته
ناظرته دُجى وهي تِرمش ببراءة ويدينها تشد على معصم أبوها : يعني بيبّقى أبو دُجى .. لو جاء بعدي ستّين ولد .. وأنت من بينهم
لافِي كان مصدوم بسّبب هجُومهم عليه .. والأهم مصدوم بسبّب ضحكة فهد الهادية والي قال بسببها : لا أنتو إنهبلتو وأنت يّبة ضاع قلبك .. يعني كلهم بنات وبصف بعض .. وأنت بعد بصفهم ؟؟ أنا من لي ؟؟
ضحكت دُجى وهي تسحب المخدة وترميها عليه : أنت لك المخدة .. ولسانك الطويل اللي تهايط بسببه
ناظرها بطرف عينه وكان بيرميها عليها .. لولا نظرات فهد اللي تركته يرجع المخدة بهدوء على الكنب واللي صرخ بسخط بسببها : يااربببب يجينا ولد ثاني بهالعائلة هذي .. ماني مستعد أخسر المعركة بكل مرة بهالبيت
-أخذ الدلة وهو يتحلطم : أعرفك أعرفك .. من اللي مايعرفك أنت
أبّتسم فهد بهُدوء وهو يوزع نظراته عليّهم .. والفرح منتشر بأقصى حد بقلبه .. كان يتأمل كل طرف من أطَرافهم لدرجة ماغاب عنه الذِكريات اللي قصدها وهّاج بآخر كلام له .. خاتّم الذهب اللي كان بيد معانِي طول وقتها .. واللي مافارقها أبد من سنيّين طويلة .. اللي كانت تِعتز فيه وتحبّه حيل لأنه أنكتب بداخله إسمها مع إسم أبوها .. السِلسال اللي يشُع نوره واللي كان مُحاط بعُنق خيَال واللي شاركها تقاسيّم نحرها بفصُول طويّلة من حياتها .. والأهم الإسّوارة اللي كانت مِلتفة حول مِعصم دُجى .. واللي نزل عيِونه وهو يتأمل معصمها الخالي منها .. ما ينسى فرحتها العمِيقة لما أهداها إيّاها .. واللي تعاهدت معه تبّقى هالإسوارة متعاقدة مع عرُوق يدينها للمدى الطويّل .. ولكنها تخلت عن هالإسّوارة لما ظنت إن عروق قلبها بيّبتعد عنها بسبب دينه ! هاللحظة كانت المشاعر طاغيّة بقلب فهد .. واللي كان من جهة "متضايّق"للحظة كونهم تخلو عن مشاعرهم المُختزنة بأشيّائهم المفضلة .. وكونهم تعنُو له عاد هالكثر .. ومن جهة ثانية كان "مُمتن" إن شخص مثل وهّاج هو اللي حفظ هالذكريات وجمّع هالمشاعر بيّن كفُوفه لأجل ما يمسّها شتات !
-
-

وبمكان ثانِي .. بغُرفة سقفها الأبيّض صار يعاني بسبّب عيُونها اللي ما تِنزاح أبداً عنه .. هالحريّق كلّفها عدم رؤوية وجها حتى موعد إكتِمال قمُر !
خمسة أيام .. تليّها عشرة كامِلة كانت عاجزة تماماً عن رؤية وجهها .. أو حتى تأمل يديّنها !
بعَد خُروجها من المسّتشفى بدأت رحلة معاناتها الطويّلة مع موضوع " تقُبل حالتها الجديدة "
البريّق اللي يزهى بإسمها واللي كان نُوره يشّع من وجهِها -تلاشى- وصارت حفّنة من رماد !
غمضت عيُونها بهُدوء وهي تترك يدها اليّسار بعشوائية على حُدود صدرها .. بآخر مرة إنهارت فيّها بالمستشفى عاهدت نفسها لما صحت ما تنهار هالكِثر من جديد ! كانت أول وآخر إنهياراتها .. من بعدها إلتزمت بهُدوء شديّد ومُخيّف بنفس الوقت !!!
تتأمل اللي حولها بعيُون ذابِلة .. وكلامها كان يقتصر على حدُود معينة ولا تِتعداها أبداً .. ورغم هالهدوء اللي يحُوف أرجائها .. اللي إنها مامنعت نفسها تسأل وتستفسر عن حالتها .. ولأي درجة ممكن يخف بريّقها بنظرها ! ومن عرفت إن درجة الحريّق الي تمكنت منها كانت من الدرجة الثانية .. وكانت تِحتاج لأسبوعين كاملة لأجل تِتلاشى الآثار .. إمتنعت إمتناع شديّد عن رؤية أي شيء من تفاصيلها.. وبقت تتأمل كل الي حولها بخُفوت وبدون رغبّة .. وكأن الشغف اللي كان منبّعه " بريق " فُقد !
رغم إن الأيام اللي كانت تحتاجها لأجل تختفي الآثار إنتهت .. الا إن قدرتها بأسفل السافلِين .. كانت عاجزة تماماً عن محاولة النظر لوجهها .. أو التدقيّق والتأمل بمعصمها ويدها !
ورغم إنها تشوف الآسى والحسّرة بعيُون كل شخص يتأملها .. إلا إنها تتقبّل الموضوع بهُدوء تَام !
وهذي هي .. إنتهت رحلة تأملها للسّقف .. وكعادتها كانت بتنام وتِنهي هالليّلة على خير .. إلا إنها أزاحت جفُونها بشدة عن عيُونها .. ورفعت عُنقها بكل طاقة بقت بجسَدها وهي تزيّح الغطاء عن جسّدها .. إستقامت بكل ثُقل العالمين .. وهي تناظر بخفوت لكل آرجاء الغرفة .. كانت كابّحة نفسها بكل شدة عن رغبتها برؤية وجهها .. ولكن إنتهت طاقة الكبّح الي تِمتلكها !
وهذي هي تدُور عن أي مراية موجودة بأركان غرفتها ولكن مالقت ! تنهدت وهي موقنة إن أخوانها أسرو كل مراياتها .. اللي كانت تغطي كل جُدران غرفتها .. مع ذلك ما أنتهت رغبِتها .. أجبرت نفسها على المشي والخُروج من الغرفة .. وناظرت لغرف إخوانها اللي قدامها ولما بدأت تفتح غُرفهم تصاعد الضيّق بصدرها بكميّات هائلة لما أيقنت إنهم تخلصت أمها حتى من مرايّاتهم ! مشت وهي تتخبّط بحسرة على حالهم ولكن أقدامها توقفت قدام بّاب غُرفة وقاص .. وكان هذا المكان الوحيّد اللي ماخطتها أقدامها !
وفعلاً ! رفعت كفها اليّسار .. وهي تفتح الباب بهُدوء شديّد .. وبدأت تتأمل الغُرفة بضيق ولكن من لمحت المِراية العريّضة اللي مثبّتة بكل قوة على الجدار .. حتى تناست الضيق وتِسارعت خُطاها بإتجاهها وقبّلما تستقر قدام المراية إنقطع سيّل خُطواتها وتوقفت بمكانها بسبّب دقات قلبها العنيّفة واللي بسببها بلعت ريقها بصعُوبة .. هذي هي الخطوة الفارِقة اللي بسببها بتنحصر خيارتها لخياريّن فقط " يا تنهار !" " يا تستعيّد قوتها "
ولكن بريّق حالياً خالية من القوة .. طاقتها سُفكت وجمالها أُنتهك .. الفتَاة الي كانت تتأمل وجهها طوال فصُول الأيّام من شِدة حُبها لتفاصيِلها .. أصبّحت فتاة لا تُريد التقدم خطُوة واحدة لرؤيته !
وبعد مُرور دقايّق طويلة وهي مُتثبشة بمكانها بكل قوة .. قِدرت تزعزع حصُونها المنيّعة بكل صرامة وتقدمت بخُطوات مُتثاقلة وهي توقف قدام المرايّة .. تدريجياً بدأت ترفع عيُونها ومن إستقرت عيُونها على تفاصِيل وجهها إلتزمت الصمت المُميّت لدرجة إن أصوات تنفسها قُطعت .. كانت عاجزة تماماً حتى عن الرمّش .. وبعد ثواني قليّلة رفعت يدها وهي تِرتجف ومن لامسّت يدها طرف خدها حتى إنهمّرت دمُوعها مثل السيّل لامنه أنهمر
كانت عاجزة عن كبَح رغبتها بالبُكاء .. تفاصيِل وجهها ماغابت عن أنظارها .. بنت البارِحة اللي تتغّنى بجمالها .. الليلة صارت عاجزة عن تأمل وجهها !
ميّلت شفايفها بخفُوت وهي ترجع تمرِر يدينها على حاجبِها اللي بدأ الشعر ينبّت من جديد .. ولأهدابها الجديدة .. بعدما تخلت عنها القدِيمة بيُوم الحرِيق
وبرغم إن آثار الحرِيق تلاشت .. وأسبوعين كانت كافيَة لتلاشيَها .. إلا إن الندُوب اللي على طرف وجهها كانت بمثابّة وجع بوسط قلبها .. هذيييَ أول مرة تتأمل وجهها بعدما تشوهه منظره بأول ليالِي الحريقّ .. لذلك ما أزاحت نظرها عنها ولو بمقدار بسّيط .. كانت تتأمل وجهها بكثافة كبيرة والدمع مازال صاحبها هالليّلة ويدينها مازالت أسيّرة الندُوب اللي بوجهها !
وشهقاتها الخافِتة تطعن بوسط صدرها .. برغم كل صمُودها وقوتها اللي حاولت تِتسلح فيها إلا إن هالمنظر كان قادِر ينهي مثابرتها على هالقوة !
-
-
بالصالة اللي تحت هالغُرفة كان الإتصال من نصيَب وقاص اللي رد بهُدوء .. ومن سمع كلام المُحامي اللي بدأ يسترسل بموضوع نقل ورث سطام لهم .. حتى عقد حواجبه بصدمة وألتزم الصمت ومن إنتهى من المكالمة ألتفت لأمه وقال بصدمة : سُود الليالي تنازل وقرر يفَرج عن ورث سهيَل !
عدلت جلستها بكل صدمة وهي تناظره بذهُول : ولد سلطان وزع الورث ؟ هاللي تقوله معقول ؟ بعد ست سنين تنازل ؟ ليه وش هاللي حصل ؟؟
سكت للحظات وهو يميّل شفايفه بخفُوت .. عض على شفايفه بقهر وهو يضغط على يدينه بضيّق لما تذكر موضوع فهد .. بهاللحظة تذكر حميّته لفهد وكيف رفض فهد المساعدة منه وقال له لا يتعنّى لأجله .. أنقهر إن زيارته مع فهد إنتهت برفضه مساعدته .. وأنقهر إن وهّاج هو الوحيد اللي قبل فهد منه المساعدة .. بالتالي أكيد إن الورق توزع لأجل يُفرج عن فهد.. لذلك ميّل شفايفه بسُخرية وقال : لأجل من يعني ؟ لأجل زوج خالـته
سكتت فايّزة وهي تناظر حال وقاص اللي أنقلب للأسوء ومزاجه الي تعكر .. ومع ذلك ما تكلمت
لأن هالوضع من صالحها .. هالشيء بيّبعده عن بنت أمواج أكثر شيء ممكن ! وهذا الي تبيّه
هذا مُناها .. يكون طاري أي شخص مرتبط من أمواج أبّعد من النجم .. ولو الوضع بيدينها كانت تخلصت من ضِرار من فترة طويلة .. ولكن حُب سطام لضِرار الكبيَر كان مربط يدينها لذلك غضت الطرف عنه .. ولكن مُستحيل تغض الطرف عن حُب وقاص لبنت أمواج هالشيء اللي ممكن تسوي كل المصايَب عشانه ! ولكن تقدم وهّاج خطوة وخطبتها قبل وقاص سهّلت عليها كل الأمور !
-من لمحت إن وقاص أستنكر سكُوتها قالت بعصبية : عاقّ .. هالرجل عاق والله ما يدل وش يعني أهل .. سنيّن أهله مأكلين الهم ماقال خلني أوزع الورث وأريّحهم ... لاا هذا خيره لغيره
خيره لرجل ما فيه خير .. الحمد لله اللي ربي فكنا من شرهم .. وعاد هاللي سواه أبرك الساعات .. الورث الي بقى لأبوك من جدك ماهو بقليَل
من إنتهت من جُملتها حتى تسلل لمسامعها صوت وديّع الساخر اللي كان وراها : هالفلُوس ضاعو ثلاثة من آل سهيَل بسببها .. للآن لها خاطر عندكم ؟
ناظرته فايّزة بحدة وقالت بعصبية : وديّع ووجع .. لاتجيّب هالطاري من جديد .. خلاص هذي سنين وراحت ومانقدر نرفض هالورث لأجل اللي ماتو وصارو ما يحتاجونه ! ودامه قبّلها ولد حليمة ليه مانقبلها ؟
ميّل شفايفه وتنهد بضيّق : دخيّل الله يايمة ماعاد للوجع مكان لأجل تدعين علي به .. وولد حليّمة قبل بها لأجل غيره .. أما هو حلف ما يأخذ منها ريّال
وقاص ناظره بطرف عينه وضحك بسخرية : وأنت صدقت ؟ ملاييييّن الملايييّن تظنه بيضحي فيها عشان عزة نفسه .. والله أنت منلعب عليك
ناظره بهُدوء وهو يرفع يدينه ويفتّح أزارِير ثوبه العلُوية ويقول بهدوء : بعض الرِجال تعز عليُهم نفوسهم .. ونفوسهم عزيزة ماترضى بموقف ذِل لأجل كم ريال يدممّر كرامتهم يا وقّاص .. وهّاج رجال له شهُور مامدّ يده .. ولا قال ورث جدي بيأكلنا .. وهّاج ذاق المُر من جدي الله يرحمه لدرجة إنه رافض يأكل من فلوسه ولو بريال .. هو أصيّل ما يأكل من الشخص اللي ضره .. وأنتو إيّش ؟ راضيَن بالفلوس اللي أنتحر أبـ....
سكت بقهر بسبّب وقُوف أمه وصوتها الصاخِب اللي كله حدة : والله إن ما سِكت لأذوقك المُر .. وجع وميّة وجع لهالحكي يا وديّع .. لي شهر ساكتة عنك لأني أقول منكسر لأجل أخته .. بس زودتها
وقاص وقف بلامبالاة وقال بسخرية : من يومه بصف عيال عمه .. ماهيَب جديدة علينا يمة
وقف قدام وديّع وقال بهدُوء : إن كأنك ماتبي فلُوس جدك .. خلها جيبي يوسع كل هالفلوس لاتخاف
ناظره وديّع بسخرية ووقاص أبّتسم له وهو يطلع من الصالة ويتجه لغُرفته
بيَنما وديع أتِجه لغرفته وهو يتنهد بضيّق .. على أيامهم اللي صارت تمُر دون طعم
-

وعلى أعتاب غُرفة وقاص .. شد عُروة الباب بكل خفة ومازال يتحلطم على وديّع اللي دائماً من يبدأ طاري ععيَال عمه بالشيّنة يبدأ يدافع بكل قوته !
ومن وقف قدام باب غرفته حتى ترك عُروة الباب من بين كفينه اللي بدأت تِرتجف وهو يناظر للأُنثى اللي تِتوسّط غرفته .. الرجفة ماكانت من نصيَب يده وبس ! من جميع الجهات بدأ يصارع هالرجفة اللي تمكنت من كُل جسده
يحلف إنه طوال الفترة السابِقة ما لمحها حتى لمحة.. ماكان حتى يسمع حسّها وبأي مكان تطرى فيه سيرتها يترك المكان بنفس اللحظة .. لأنه يدري ، يدري إن الشعور بالذنب بيتلبسّه .. لأجل كذا كان مشتري راحة رأسه وراحة ضميره ومبّتعد عنها .. لأن بباله اللي بعيّد عن العين أكيد بعيّد عن القلب .. وكانت بعيدّة عنه لأجل كذا ما فكر أببببداً يحس بالذنب لأجلها .. ولأنه كان يتجنبها دائماً كان غافِل تماماً إنها ممكن تداهمه كذا .. خصُوصاً بمنظرها المُبكي هذا !
إرتعش قلبه وهي تِلتفت له وتناظره بالكم الهائل من الدمُوع اللي بعيونها واللي ما نِشفت أبببببداً !
بلع رِيقه بصعوبة وهو يتحسّب عليها اللي تركته يعيش هالموقف .. لأن ماكانت هذي نيته ولا كان هذا هدفه كان يحس نفسه بريء .. بس نظرات بريّق هاللحظة اللي كلها توجيه تُهم كانت ممكن تقتله !
ناظرته برِيّق ثم غمضت عيُونها وسِمحت لدموعها تِنهمر بكل كثافة على خدها .. وقاص حاول يصد بس ماقدر .. تمردت على عيُونه وبقت ثابّتة على وجهه بريّق اللي جالس يستنزف طاقته غصب عنه
إقتربت بريّق منه ووقفت قدامه وناظرته بتعب وإنهاك تمكن من كل جسّدها .. وأخذت يده المُرتجفة بيدينها المُتعبة وهي تثبتها على الندبّة اللي صارت جُزء من وجهها .. ناظرته برِجاء ونطقت بنبّرتها اللي كلها تعب ورجفة : ماعاد صرت حلوة ؟ ماعاد بتبَباهى بجمالي كأي بنت ؟ ماعاد بقول مأخذه من إسمي نصيّب وأنا فعلاً بريّق ؟
عض على شفايفه بقهر وهو يحاول يسحب يده ولكن بريّق ثبتتها أكثر على وجهها وهي تقول : علمني .. صرت هالكثر بشعة ؟ لدرجة ماعندك قدرة على تأمل وجهي .. معقولة الندُوب أخذت كل بريقي يا أخوي ؟ لدرجة هالكثر غايّب عني ؟ أنت ما تناظر للأشيّاء اللي ما تعجبك ؟ معقولة صرت من ضمن هالأشياء !
الصمت كان جواب وقَاص .. اللي ماكان قادر حتى على نُطق جملة وحدة .. تدمّرت كل مفاهيمه للكلام .. وإنتهت كل كلماته .. حتى نظراته خانته هاللحظة وصد عنها وهو يناظر للجهة الثانية .. ماكان عنده القدرة على تحمل العتاب اللي بعيونها وكأنها تلُومه .. ولو يحلف إن تأكد بنفسه إن المكان كان خالي من أييَ شخص ممكن يعرف إن هو اللي تسبّب بالحريق كان قال إنه عطى بريّق خبر !
كان كله آسى إنه ماسمع حسّهم في ذاك اليوم .. كان متأكد إن الأنوار مُطفأة ولكن كان ظنه خطأ .. لأن الستارة السُوداء كانت حاجبه عليه رؤية النور .. والعازِل هو اللي منعه يعرف عن وجودهم ! بسبَب هالشِيء ماكان قادر يلوم نفسه .. لأن الأسبّاب كانت ضده والظروف مهيّب بصالحه !
ولكن عيُون بريّق هاللحظة كانت عكس ظنونه تماماً !
-
كانت كلها مُحملة بالعتب وكأنها تدري بفعلته وإنه الشخص اللي سلبّ منها معنى إسمها !
لذلك صد نظراته عنها كانت طريقته بالهرب .. بيّنما هي من لمحته صدت .. تأكدت من كلامها وأمتلأ صدرها وجع أكثر من قبَل .. لذلك إنهارت قدامها وهي تضربه بيده اليسّار على رجله : قل لا .. قل تراك حلوة ومازلتي حلوة .. قل هالندوب ماخذت منك شيء .. ومارح تأخذ .. لاتسكت .. لا تجبرني أصدق ظنوني
من إنهارت قدامه حتى إنهارت دنياه على رأسه وتخلى عن منطقه وهو يحاول يبعدها عنه بكل خوف ورعب تمكن من صدره .. ولاقدر يبّتعد عنها إلا بسبب وديع اللي من سمع نحيَبها ركض من غرفته ومن ناظر لشكلها حتى أنفجع ودنى منها وهو يأخذها بحضنه بكل خوف ويطبطب على ظهرها بحنية لعلها تسّتعيد رشدها : إهديي يا بريَق .. دخيَل الدمع ياعيوني إهديي
بريَق كانت عاجزة تماماً عن الإستيّعاب .. لذلك جلس وديع على الأرض وترك لها المساحة الكبيَرة والكافية بأنها تفرغ كل صدمتها بعدما لمحت وجهها لأول مرة !
بينما وقاص دخل غُرفته وقفل الباب على طول وهو يستند بفجعة علليه ويتنفس بكل صعُوبة !
جلس خلف الباب وهو يحاول يغطي أذنه بيدينه بكل قوة لعله مايقدر يواصل لمسامعه صوت نحيَبها ولكن ماقدر !
طوال ساعة كاملة كان صوت بكاء بريّق يرن صداه بمسامعه لدرجة إنه بدأ يئن من قلبه معها .. ووديع كان جالس جنبها ويمسح على رأسها ويطبطب على كتفها بحنيّة وكل دقيقة يمسح دموعها ويهديها ومن يمسح دموعها .. يمسح دمعه حتى هو بطرف كُمه .. وبعد هالساعة تخدرت بريّق من شدة التعب وسلبَها النُوم واللي بسببه غفت عيُونها !
ومن أنحنت برأسها على كتف وديع حتى وقف وهو يأخذها بحُضنه .. ناظر لباب غرفة وقاص وتنهد بضيّق .. وبعدها أتجه لغرفتها .. تركها على السرير وأسدل اللحاف الحرير على جسَدها المُتعب .. تأملها للحظات ثم ميّل شفايفه بضيق : تكفى يارب .. دخِيلك تكفى .. يارب ينتهي هالحزن يارب يذوب هالجرح .. تكفى يارب ماعاد لي قدرة على تحمل شوفتها تتوجع هالكثر .. تكفى يارب حِن على هالحنونة !
-
-

بـهالوقت بالضّبط .. إنقطعت سيّل خُطوات بُرهان قدام مبّنى وهّاج .. والأهم قدام " مشغل دُجى "
واللي للآن يُعاد ترميمه من داخل .. بيّنما منظره الخارِجي مازال مُشوهه .. وكلما مر بُرهان من هالشارع ينجبّر يوقف قدام المشغل لدقايّق طويييلة .. يتأمل كل بقعة بهالمشغل .. ولو يدخل قاعة إختبّار لأجل يسألونه عن تفاصيله كانت الدرجة الكامِلة من نصيبه .. بسبب تأمله الكثيَف والطويل له
لأول مرة يحس إن يدينه مِتلفة بقيُود .. ولكن ماهي قيُود مرئية كثر ماهي قيُود وهميّة ألتفت حول يدينه بسبّب مشاعره الصعبة اللي تحاصره من الليَلة النارِية ! بعض الأوقات يسمع صوت الأنِين برأسه يتردد .. وبعض الأوقات يلُوح له آخر منظر لها .. كان أقوى مشهد يمر فيه طوال حياته لدرجة إنه عجز عن تخطِيه .. بُرهان الثابّت والصامِد برغم كل المُعوقات هالمرة زعزعته آهات موجوعة .. مازالت عالقة بمسامعه
لذلك أغلب وقته يضيّع بتفكيره .. يسرح لأبّعد نقطة يقدر يوصلها .. وكان خايّف يفضح شُعوره لعقله .. يفضح " الخُوف" اللي أعترى قلبه من هالليلة اللي دمّرتهم كلهم .. مو بس بريّق اللي تدمر جمالها بنظرها !
قدر يزيّح خُطواته بصعوبة من أمام المشغل وبيدينه النصّ اللي المُفترض يلقيه هالليلة .. رفع يدينه وهو يتأمل الورقة بشكل كثيّف .. ثم أبتسم بضحكة وهو يمسّح على أطراف وجهه : وش هاللي حصَل معك يا بُرهان .. وش هاللي حصل لدرجة إنك من خوفك تضيّع كلامك لجأت للنصوص المكتوبة.. وش هاللي غزى تفكيرك لدرجة منت بقادر تسيطّر على نفسك وعلى روحك بسببه
تنهـد بخفُوت وهو يشَد على أطراف يده ويغمض عيُونه وهو يصد عن المشغل .. كان وده يعرف كيف حالتهم بعد الحريّق .. وده يعرف تخطو هالفاجعة؟ رجعت لهم الحيّاة ؟ تسللت الراحة لروحهم؟
ولكن سؤواله عنهم كان صعب .. صعب جداً
لأن بأي حق يسأل هالأسئلة ؟ لذلك طوال هالفترة بقى أسيّر تفكيره !
-
-
وبيوم جديد .. يوم غييييّر والأهم " خِير " على كل شخص بهالمدَرسة إلا من سولت له نفسه على كُرهه فهد !
نزل فهد من السيَارة وهو يثبّت شماغه بهُدوء .. وكله راحة إن خبر سجنه ماوصل لمسامع أحد بهالمدرسّة .. وإن تهمته ماكانت بديّن ولا بعرض ولا بوطن لأجل يتعاقب بحرمَانه من مُتنفسه !
ناظر للافِي اللي نزل من السيَارة وهو يثبت شنطته على كتفه ويناظر لأبوه وهو يبّتسم : حيَا الله فهد
ناظره فهد بطرف عينه وكان بيتكلم بس لافي ضحك : أعتذر والله يُبة .. كنت بخلي الضحكة تستقر على ثغرك .. لأن الجدية تفيض من صدرك .. يارجل إبسّطها
ميَل شفايفه فهد بخُفوت وهو يناظر لافي بهدُوء .. وبعد لحظات بسَيطة تسللت إبّتسامة هادئة على وجهه ولافِي عقد حواجبه وهو يقول : التحديَث عندك متأخر يُبة ؟ المفروض ضحكت قبل ثلاثين ثانية مو الحين !
سكت لافي بإستغراب وناظر للجهة اللي يناظر لها فهَد .. ومن لمح وهّاج متكي على سيارته ويناظرهم وهو مبّتسم وكايّد جنبه ونفس الإبّتسامة على وجهه
-لافِي بادلهم الإبّتسامة ولكنه ألتفت بعتاب لأبُوه : الحين لي نظراتك الحادة ولوهاجوه وأخوه الإبّتسامة اللي تعنيت لأجلها .. عيب يبة تراك بديت تكسر قلبي مرة بصف البنات والحين بـ...

إنقطع سيّل كلمات لافِي بسبب الطُلاب اللي من تخطى فهد لافِي .. حتى بدؤو يتوافدون بشكل كبيّر قدام بوابة المدرسة.. واللي من لمحو فهد إنفضو من كل شبّر بالمدرسة وهم يركضون بإتجاهه .. غيّابه عنهم طوال الفترة السّابقة كان مُتعب حيل لهم .. ولأول مرة تزُور مدرستهم هالراحة بسبّب مدير معيّن وقائد عظيم .. كسّبهم بقلبهم الكبير وزرع إحترامه بقلب كل طالب ليّن صار مجرد غيابه عنهم عناء وتعب وصارو يدرورنه بكل يوم يداومون فيه لأنه كان بالنسبة لهم ملجأ .. هجُومهم عليه كان صاخِب لدرجة إنه عجز يتنفس بسبب ضحكته وبسبب عناقهم الكبير .. ودخول شخص يسّلم عليه وخروج الثاني .. وهذا يصرخ ب " غاب النور يا إستاذ فهذ بدونك " والثاني يأييّده " والله هالمدرسة ماتسوى شيء بدونك " والثالث يّشدد على كلامهم " إيوة ورب البيت صادقين .. هالمدرسة بكبرها صفر بدونك "
ضحك فهد وهو يسلم عليهم بلهفة وبشُوق ماكان متوقع إن هالإستقبال العظيّم بيكون من نصيبه
ولا توقع إن خطوة وحدة لهالمدرسة راح تسبّب هالتجمع الكبير عليه
رفع عيُونه بسبب الصراخ العالي اللي ينسّمع من مبّنى المدرسة .. واللي كان بسبب الطُلاب اللي واقفيِين بشبابيّك الفصل واللي متعلقين فيها وهم يناظرونه واقف مع البقيّة .. واللي واحد منهم ركض للمدرسة وأعطاهم خبّر عن وجوده اللي ماكان عنده فرصة يركض للبوابة .. كانت الشبّاك أقرب له .. وهذا هم مصطفين بشكل كثيّف على الشبابيك وهم يأشرون له ويصارخون بفرحة " عززز الله إنننننه مرحبببااا " " والله إنها ترحببب مليون يا إستاذ فهد " ويينكك يا إستاذذ عيب عليك هالغيبّة كلها"
الإبّتسامة ماغابت ، ولا خفُتت ولا حتى تلاشت بمقدار ذرة عن ثُغر فهد اللي كان عاجز .. عاجز تمماماً عن تفسير الشعور الي يحيط فيه وهو يتأملهم بفرحة غامِرة
بيّنما لافي كان داخل جنب أبوه ولكن ركض الطلاب على أبوه والي تجمعو عليه تركه ينفجع حتى إنهم كانو يبعدونه ويدفعونه بعشوائية واللي دعس رجله واللي سحب شنطته وهو مفجوع .. ولولا يد كايّد اللي سحبته بقوة وهو يضحك كان أنهار من بينهم
كانت ضحكات كايّد عالية بسبب شكل لافِي اللي تبهذل ووهّاج واقف جنبه ويناظر لفهد بإبّتسامة
بينما لافي كان يرتب ثوبه .. وكايّد رفع يدينه وهو يعدل شعر لافي وهو يضحك : أنت مجنون ؟ وراك واقف وهم يدوسونك
-
لافي كان يرمش بعدم إستيعاب وهو يناظر للطلاب الي حول أبوه واللي بالشبّاك واقفين وقال بصدمة : وش هذا الي قاعد يصير .. أبوي مشهور ؟ ممثل ؟ مغني ؟ ولا وش هاللي يحصل ؟ وش هالجماهير اللي داسوني حسبي الله عليهم
كايّد أبّتسم بهُدوء ولافي وقف بإبّتسامة بعد لحظات ثم قال بعدما نفخ صدره : شكله مشهور.. ودامه مشهور خلني أجهز نفسي حتى أنا للشهرة والنجومية
وهّاج نزل عيونه عن فهد وناظر للافي بطرف عينه : بصفتك إيّش تشتهر ؟ عندك محتوى ؟ عندك شيء تقدمه للمجتمع
لافي أبّتسم بتعال وقال : عندي نكتة تنفع ؟
كايّد ضحك وهو يهز رأسه بإيجاب وضحكته كانت فعلاً نابعة من أقصى صدره .. لأنه كان متهلف على رجوع هالوضع .. على سماجة لافي وعلى سخرية وهّاج وعلى هواشهم اللي فقده حيّل طوال الفترة السابقة .. بيّنما وهّاج ناظره بآسى وهو يصد بقهر : الشرهة مهيّب عليك .. الشرهة على اللي رجعت لصفوف الدراسة وغربّلت نفسي مع بزران مثلك
قبل ما يرد لافي تخطاه وهّاج ودخل للمدرسة ولافي ناظره بصدمة : هذا وش يحسب نفسه ؟ دكتور بالعقل ؟ تعال يا مجنون يا أسيّر الأحزان وزع علينا من عقلك
ألتفت بعصبية وهو يناظر لكايّد : وش قصده أخوك ؟
ولكن من لمح كايّد كابّح ضحكته بشدة وهو يحاول بكل قوته ما يضحك عقد حواجبه بإستنكاره : وش صاير ؟
من تكلم لافي كان كايّد عاجز تماماً عن السكوت بسبب ملامح لافي الغاضبّة وأنفجر ضحك وهو يقول : أسيّر ولا أركض
ناظره لافي بصدمة وأنكسى المكان بالصمت وكايّد تلاشت ضحكته وناظر للافي ببربكة بسبب جديته الغريبة وعرف إنها معصب لأجل كذا قرب وكان بيليّن الوضع لولا يدين لافي اللي أنلفت على عنقه ويسحبه للأرض وهو يضحك من كل قلبه بصدمة : كفففو كفففو صرت إنسان تعرف كيف تقول السماجة وربي إنك أسطورة
ضحك كايّد وهو يشد على يدينه ويحاول يفك نفسه : الله يغربل إبليسّك خفت من نظراتك
لافي الي مازال يضحك بصدمة بسبب سماجة كايّد ترك يدينه وهو يثبّت شنطته على كتفه : من فجعتي .. ولا ألومني والله
أبّتسم كايّد بخفوت ومشى وهو جنب لافي وعيُونهم على فهد اللي مازال مع طلابه الي يعبرُون عن شوقهم له بلهفة وهو مُمتن وجداً !

وقدام مكتب المُدير الي وقف قدامه فهد وهو يأشر لطلابه يرجعون لفصولهم بإبّتسامة
ألتفت وهو يوقف قدام الباب وهو عاقد حواجبه
الوكيَل جالس على مكتبه .. وخالد جالس قدامه ورجوله على الطاولة وبجنبه فنجان القهوة ويضحك بهمجيّة شديدة وهو يسولف بدون إحترام مع الوكيّل اللي معطيه على قد جوهه .. ضرب طرف الباب بيده بعصبية وألتفت خالد وهو يأشر بيده : من هاللي يدق البّاب بهالوقـ....
-

بُترت كلماته ووقف بصدمة وهو يناظر بربكة لفهد الي مكتّف يدينه ويناظرهم بطرف عينه بيّنما الوكيل ترك الجلوس على المكتب على طول وهو يوقف ويقول : حيَالله المدير فهد
ناظره فهد بخفُوت وأشر برأسه بإيّجاب وهو يدخل ويناظر لخالد : مشرفنّا بالمكتب ياخالد .. حيّاك الله
خالد أرتبّك وبشدة بسبب صدمة وجود فهد بالمدرسة .. خصُوصاً إنه أبوه قال له إنه بيطول وبشدة بالسجن بسسبب عدم إمتلاكه للمبلغ المطلُوب .. كيف خرج ؟ وكيف رجع بهالسهولة ؟
يعني أنتهى عهد خالد فعلاً هالمرة ؟؟
فهد جلس على المكتب وهو يرتب الأوراق على مكتبه ويبتسم بخفُوت : الود ودي ترُوح تحضر آخر الحِصص الدراسيّة .. الإختبّارات على الأبواب وودي أشوفك بأعلى المواتب وأنا أبوك
بلع ريقه خالد بصعوبة بسبب جملة فهد .. وفهد أبّتسم له وأشر له يخرج يحضر الدروس
بينما خالد كان تايّه ومرتبك لأجل كذا من خرج من مكتب فهد .. تسلل من البوابة وخرج من المدرسة بكبًُرها بسبب عدم مقدرته على دخول الفصل اليوم هذا بالذات .. بيّنما وقاص ماحضر اليوم للمدرسة
لأجل كذا كان اليُوم عبارة عن كتلة من الهدوء الكبيّر .. وحفنة كثيفة من الشوق واللهفة لهالجلسات والضحكات والألعاب اللي كانت بين أسوار الفصل .. كان عبّارة عن لهفة لإبّتسامة وهّاج الهادية بسبب ضحكات كايّد اللي من أعماق قلبه تكون .. وبرغم كثرة الطلاب بالفصل ومن بينهم لافِي .. الا إن كايّد كان له النصيب الأكبر من نظرات وهّاج التأمُلية واللي كلها بهجة .. وكأنه يحسه قطعة من قلبه وجالس يكبر ويضحك قدام عيونه !
وبعد هاليُوم الهادِي .. والي خرج فيه لافِي مع كايّد ورجعو سوى .. وقف فهد قدام سيّارته بسبب وهاج اللي أستوقفه وأشر له ينتظره .. وبعد لحظات بسيطّة وقف وهاج قدامه وبيدينه علبّة سوداء وناولها إياه وهو يقول : هذي أمانتكم اللي باقي عندي !
فهد عقد حواجبه لأنه كان ناسي تماماً كلام وهّاج ليلة البارحة .. فتّح العلبة بهدوء ومن لمح الذهب اللي بداخلها واللي كان نصيّب خواته وبنته خلال حياتهم أبّتسم بخفُوت .. ناظر لإسوارة دُجى اللي كانت تعلُو عليهم وأخذها بين يده وهو يمرر يدينها على إسمها .. كانت تحب وجداً هالإسوارة وما غاب عن باله أبداً فرحتها لحظة اللي أعطاها هالإسوارة لذلك كان يعز عليه إنها تخلت عنها بسببّه بعد !
قفل العلبة وهو يرفع رأسه ويتنهد بخفُوت : كيف أطلع من جزاك يا وهّاج ؟
ميّل شفايفه وهاج بإبّتسامة وهو يمسح على طرف لحيته :
"مابيننا هالجِزاء .. يكون بعلمك إني ما أحرك طرف يدي لأجل شخص ما يعني لي .. أنا أتعنى لأقرب الأقربين لقلبي يا إستّاذ فهد
لأجل كذا لا يطلع بصدرك إنك تحتاج ترد لي شيء .. والله إن كل الي تعنيت به يفداك .. أنت تستاهل وأنا شخص ما ينسى المعروف ويرده بأضعافه "

أبّتسم بهُدوء فهد وهز رأسه بهُدوء وبعد مدة صمت قليّلة ربّت فهد على كتف وهّاج وهو يقول : فرغ لنا بعض من وقتك بكرة .. لك أمانة عندنا ودنا نعرف وش مصيّرها
ألتزم وهّاج السكُوت بعدما غاب عن باله تماماً هالموضوع بسبب كل الأمور اللي مرو فيها .. مع ذلك هز رأسه بإيّجاب وهو يودع فهد اللي ركب سيارته وأنطلق لبيته .. بيّنما وهاج مرر يدينه على ندبّة الجُرح اللي بطرف حاجبه .. واللي كان لها نصيّب كبير من طرف جبهته واللي من يتوتر أو يرتبّك يمرر أصابعه عليها بحيّرة .. مع ذلك ودع أفكاره اللي زارته هاللحظة .. وأتجه لسيارته وهو يتجه للبيّت .. لأن الشُوق لِلـ غصُن ماكان بالشيء القليّل !
-

ووبالعصر .. بحُوش فهد اللي كانت خيَال مجهزة جلسّة بسيطة .. وهالسُفرة كان لها نصيّب من كيكة دُجى اللي صارت مشهورة فيها .. واللي أستلذُو فيها بكل قطعها .. الجلسّة كانت تحفها العفويّة
والضحكات العائلة الحميمة .. والشوق واللهفة
ونكات لافِي اللي ما يستغنون عنها .. وبعد جلسّة طويلة جداً بدؤو ينسحبون تدريجياً من الجلسّة
ولابقى غير فهد ودُجى
واللي بعدها دخل فهد يده بجيّبه وهو يقرب ويحاوط معصم دُجى بيده الثانية بهُدوء : غايّب عنه الذكريات يا أبوك
ناظرت لمعصمها وسحبته على طول وهي تخبيّه ورى ظهرها لما قرأت أفكار أبُوها وقالت بربكة وإبّتسامة : الذكريات يايُبة محلها القلب .. ماتغيّب ذكرى تخصك من قلبي وعن بالي
إرتسمت إبّتسامة خافِتة على وجة فهد وهو يهز رأسه بهدوء .. ولكنه رجع يسحبّ معصمها من جديد وهو يخرج الإسوارة ويثبّتها على معصمها وهو يقول : عندي علم .. ولكني أخبّر بعد إنك ما تتخليّن عن ذكرياتك المرئية بسهولة
عقدت حواجبها بإستغراب ورفعت رأسها بصدمة وهي تناظر لأبوها،هالإسوارة المُفترض الحين مكانها بمحل للذهب بعدما أعطوها وهّاج يبيعها .. كيف رجعت لمعصمها من جديد ؟
قبلما تتكلم وتستفسر قال فهد بإبّتسامة : ولد خالتك ،عزّ عليه يترك ذكرياتك بيدين شخص غيرك ،له قلب حنيّن صح ؟
سكتت بإستغراب بعدما آرتخى حاجبها بربّكة بسبب طاريه اللي هجم على سالفتهم بلا وجهة ونزلت عيُونها بهُدوء
بينما فهد أردف بحنيّة : قبلما أقول اللي بخاطري يا دُجى،خلي عندك علم إن كل شيء رح يصيّر نفس ما ودك ..والله ما أقول كلمة وحدة خارجة عن ردك وكلامك .. ولكن



فيتامين سي غير متواجد حالياً  
التوقيع



شكراً منتداي الأول و الغالي ... وسام أعتز به


رد مع اقتباس
قديم 12-08-21, 03:26 AM   #29

فيتامين سي

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة

alkap ~
 
الصورة الرمزية فيتامين سي

? العضوٌ??? » 12556
?  التسِجيلٌ » Jun 2008
? مشَارَ?اتْي » 42,436
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » فيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي



.
(البارت السابع والعشرون)

أكمل بهدوء: ولكن خلي عندك علم بعد .. إنك لو رفضتي بترجعين تفكرين مرة وثنتين وثلاث
عقدت حواجبها بإستنكار بسبب جملة أبوها اللي ذكرتها وبشدة بكلام وهّاج بليلة الحريق وتناقضه معها !
أكمل فهد وهو يشبّك يدينه بيدينها وييده الثانية على أشر بها على يسار صدره وهو يقول : تدرِين يا أبوك .. إن صدري من قبلك كان خالِي .. ماكان فِيه حياة والله يشهد .. من عقبك صارت للحياة ألوان بعيوني
ناظرته بطرف عينها بضحكة وهي تقول : وأمواج وين كانت؟
ميّل شفايفه بإبّتسامة وهو يقول : أمواج كانت الحيّاة و أنتي كنتي ألوانها يا دُجى
أبتسمت بخفُوت وهو أردف وقال : ولولا حكمة الله بالكون كان بقيت ظلالك وظلك طوال حيّاتك
ومارضيت رجل عُقببي يكون بمركز قلبك .. ولكن هالشيء ماهو بيديني
نزلت عيُونها بربكة بسبب كلامه اللي واضح جداً نهايته وين بتكون ! وهو أردف بعد صمت ماهو بطويّل : من قبل شهر وللآن .. وهّاج كان يبيك ومازال يبي القرب منك ماتغير الوضع عنده
ولكن الوضع تغيّر عندي يا دُجى .. لما طلبك قبل شهر كنت رافض وحيّل كنت أقول مستحيل أرضى تكونين زوجة لشخص أمه تكرهك هالكثر .. زوجة شخص مازال أسيّر صفوف الدراسة ولكن يابوك اليوم أنا تفكيري غير .. غير حيل
هالشهر كنت بمدرسة أتعلم فيها عن وهّاج وبس
وبعدما تخرجت من هالمدرسة عرفته حيّل .. وعرفت إني لو فقدت شخص مثله بفقد طرف كبدي .. وأنا شخص ماعاد صرت ألتفت لتوافه الأمور الي كنت أفكر فيها .. شخص مثله يكفي ويوفي عن كل النقص اللي فيه .. شخص مثله مارح ينام قرِير العيّن لو مسك سوء ولا ضيّق .. وأنا مابقدر ألقى غيره .. لأجل كذا يا دُجى وهّاج قال يبيك وأنا شخص مستعد أرضى فيه لو رضيتي أنتِ
" بهالأثَناء كان لافِي راجع من برى بسبب نسيانه لجواله على طرف الطاولة ولكنه وقف بجمُود قدام الباب بعدما سمع جملة أبوه اللي أختلت موازينه بسببها .. لدرجة إنه رجع يلتفت ويخرج من البيت بدون وجهة"
طوال الوقت اللي كان فهد يتكلم فيه دُجى كانت ملتزمة الصمت وعيُونها على معصم يدّها .. الإرتبّاك أستوطن قلبها وحيل .. لو كان هالسؤال قبل شهر من الآن كان ردها " موافقة " بدون حيّرة .. ولكن الحين بعد كل اللي مرو فيه كل المشاعر صارت صعبة عليها !
بعد مدة صمت طويَلة رفعت عيُونها وناظرته بهُدوء وهي تِتذكر الرسّالة اللي مرت من على نظرها واللي حضرها هاللحظة هو آخر سطر لذلك قالت بضيَق : بس يُبة .. هو شخص ترك أبوه في الـ...
إنقطع سيَل جملها بسبب نظرة أبوها اللي كلها ضيّق واللي قال عُقبها : أنا وأنتي ندرِي إن الحيّاة ماتعطيك كل الرِضا بحياتك ..
"والرضا ماكان عن طريق أبوه يا دُجى .. لأجل كذا لا تلتفتين لتفاصيل ماضيّه واللي خلفه هالماضي"
أردفت بهُدوء : بس الماضِي هو اللي صنع وهّاج الحاضر
سكت وهو يهز رأسه بإيجاب وبعد السكُوت قالت بخفوت : وعمري ؟
ناظرها بإستغراب وهي أردفت : كوني أكبر منه بسنـة .. كلام النـاس يبة يطول حتى العمر .. محد بيقدر يتقبل علاقة البنت فيها أكبر من الرجل
إستقر العبُوس على ثغر فهد وقال بضيّق : لا وأنا أبوك .. ماهقيت هالحكي حكيّك ولا هالتفكير تفكيرك !
مقيّاس العلاقة الناجحة ماهو بمعتمد على العمر يا بنيتي
من متى وإحنا أشخاص نقيّس نجاح علاقتنا بالعمر ؟ من متى صرنا نقول إن هالعلاقة بتكون فاشلة لمجرد إنها أكبّر منه .. ولا مارح يستمرون سوى لأنه أكبر منها بسنين طويلة!
أحياناً فارق العمر ما يفرق.. فارق النضج هو الفارق يا دُجى .. الأهم بنجاح العلاقة هو نُضج كل الطرفيّن فيها .. والأهم هو مدى علو تفكيرهم ومدى إحترامهم وتفاهمهم سوى .. العمر ماكان ولا بيكون السبب في فشل أو نجاح علاقة .. وصدقيني هاللي يفكر بالطريقة ذي الي تقولين عنها إنسان سطحي جداً .. إنسان كل همه بالحياة المظاهر .. العلاقات دائماً تنقاس بمدى العمق والنضج وعمرها ما أنقاست بعمر أشخاصها .. وبعدين النّاس من هم الناس ؟ وبإيش رح يفيدك تقبلهم لعلاقتك ؟ يابوك لو تركتِ كلام الناس هو اللي يبّني بحياتك وهو اللي يهدم مارح تتهنيّن .. بتبقين عايشة بفراغ طوال عمرك ومارح تذوقين اللذة يابوك
لمح السكُون بملامحها وأردف بِضحكة : وبعدين يا دُجى .. شخص مثلك تمردت على أبوها لأنه كان يختار لها بحياتها .. من متى كلام الناس يهمها ؟ ومن متى كنتي تمشين على آراءهم ؟
ناظرها بضيّق وبنبّرة تايّهه : علميني هالكلام كله مجرد حجج لأجل ترفضين صح؟
رفعت رأسها وتأملت ملامح أبوها اللي مالت للضيّق تماماً .. ومابقى بها أي راحة وتنهدت بخُفوت وهي تقول : وأنت تركت لي فرصة لأجل أفكر أو أرفض أو حتى أقولل رأي ؟ ما يمديني أطلع ثغرة أو نقص بوهّاج إلا مليت هالنقص بالكمال
لحظاَت قليلة كانت فاصلة بين ضيقه وضحكته .. والي قال بعدها وهو يمسح على لحيّته ويقول : هالرجل ماترك بعيوني له نقص .. والله إنه تزيّن بالكمال بنظري لدرجة ماعاد عندي قدرة على تأمل نقاط ضعفه
ميّلت شفايفها بخفُوت وهي تنزل عيُونها للأرض ويدها مازالت تحرك الإسوارة اللي بمعصمها بلا وجهة
وفهد ألتزمت الصمت للحظات .. وبعدها قال بخفُوت : وش قولك يا أبوك .. لك خاطِر بوهّاج ؟
رفعت عيُونها ورمشِت بهُدوء وهي تتأمل نظرات الترقُب بعيون أبوها وبعد لحظات صمت طويّلة وتنهيدة عميّقة قالت :
—وبمكان ثانِي ، قريّب تماماً من بيت فهد
كان واقِف ويناظر للمكان بلا وجهة وباله مو معه نهائياً مازال أسيّر جملة أبوه لما قال " وهّاج يبيك"
يحس بشعور غريب .. ومُناقض تماماً للكل الي المواقف الي عاشها مع وهّاج من قبل
وبوقت سرحانه العميّق اللي قاطعه تماماً صوت كايّد المُتسائل : الله أعلم بأي وادي جالس تركض هالمرة
رفع عيُونه وناظره لافِي بإستغراب وكايّد أشر له بتساؤل : علامك ؟
أعتدل لافِي بوقفته وتنحنح وهو يكتف يدينه ويمَيل شفتيه بخفة : ولا شيء
تمتم كايّد بتشديد : بما إنك قلت ولا شيء .. الواضح بك أشياء واجد .. علمني ؟
تأمله لافِي للحظات وبعد تفكير سريّع قال بعجلة : تعرف إن وهّاج خطب أختي ؟
سكت كايّد بإستنكار وعلامات الدهشّة وضحت على وجهه لدرجة إنه عجز عن الرمّش " وهّاج خطى خطوة لبّناء عائلة ؟ مستحيل !" كان عاجز عن التصديّق فعلاً لدرجة إن لافي أشر له بصدمة : حتى أنت ماصدقت صح ؟ والله أول ماسمعت الكلام ظنيت إنه مقلب أو مزحة .. بس فعلاً حقيقة
سكت للحظات كايّد وبعد السكوت أبّتسم بخفة وقال : وزيّن ما أختار .. بنتنا ومن صلب خالتنا
وين المشكلة ؟
تأفف لافِي وصد بضيق : حسبّتك تفكر بنفس طريقتي .. بس واضح منت بحولي أبببد !
ناظره كايّد بإستغراب وقال بعدم إعجاب : ملاقي نقص بوهّاج لأجل يتضايّق خاطرك ؟ ماهو بلايق بكم ولا وش العلم؟
ألتفت لافِي وتنهد : أنت تدري إني شخص أرقى من هالأفكار .. ولكن من سمعت هالجملة وأنا محتار .. فعلاً محتار .. كايّد إفهمني إجتماع أختي وأخوك يعني إجتماع نار وبارود بنفس المكان .. وأنت بنفسك تعرف وش يصير لامنهم إجتمعو سوى .. ياكايّد دُجى مناقضة تماماً لشخصيّة وهّاج .. مختلفة عنه بكل التفاصيّل اللي ممكن تخطر على بالك .. ماقدرت أستوعب وقوفهم سوى !
كايّد سكت للحظات من أستوعب كلام لافِي فعلاً للحظة أيده .. شخصية وهّاج شخصية صعبة ومستحيل يلاقي شخص بسهولة يتناسب مع إختلافاته ولكن بما إن وهّاج بنفسه إختارها هذا يعني إن لقى فيها شيء الكل مالقاه .. مع ذلك مافي أحد مفصّل على مقاس أحد .. ومافي أحد مخلوق لأجل أحد ثاني .. ولكن الإختلاف حقيقة مؤكدة بالعالم هذا قال: الإختلاف وارِد بكل علاقة يا لافِي .. وأحياناً يكون الإختلاف سبب نجاح العلاقة .. ماسمعت "بنظرية الزيتون؟"
ناظره لافي بإستغراب وكايّد أردف : عشان تكون العلاقة متناغمة لابد "يكون أحد الأطراف يكره الزيتون والثاني يحبه، عشان لو رماه الأول يأكله الثاني "وبكذا يكونون مكمّلين لبعض، مو متشابهين !
"لأجل كذا ياخوك تفكيرك مهب بمكانه .. وأنت قاعد تشيّل هم شيء مستحيل يصير.أنت حكمت إنهم بارود ونار .. ولكن أنا حكمت إنهم " ليّل وقمر" عرفت إختلاف وجهات النّظر ؟"
ناظره لافي بصدمة وضرب كتفه بذهول : علمني وش تغديت ؟
ضحك كايّد بصدمة من سؤاله المفاجىء وقال : علامك إنهبلت؟
لافي وقف قدامه وهو يضحك : لاصدق علمني ، عشان بكرة أفطر وأتغدى وأتعشى نفسه ، مهب معقول إنك الصبّاح كنت بليد .. والحين صرت عالم علاقات محترف
أبّتسم كايّد بضحكة وهو يهز رأسه : إيّة أنت هالشخصية المرحة اللي تفكيرها بسّيط وهو متكلف .. لا تلبّس مرة ثانية شخصية ماهيّب شخصيتك وتفكر بأشياء ماهي بمنطقية
سكت لافِي للحظات وهو يميّل شفايفه : أقول لا تسوي عمرك فعلاً عالم وتقوم تتفلسف علي بهالمصطلحات هذي .. وبعدين خلاص تغيّر تفكيري عنهم .. صرت أشوفهم مثلك ليّل وقمر
وأشوف إن إختلافهم عن بعض هو الي بيخليهم بخير .. ولكن إدع ياكايّد ما إسمع إنفجار بعدما يجتمعون .. عشان ما أكسر رأسك أنت ونظريتك
ضحك كايَد من قلب وهويهز رأسه وبعد لحظات طويلة إستإذنو عن بعض وتفرقو..
-
-

وببيَت وهَاج ، كان جالس على الأرجوحة اللي بشجرة الليمُون كعادته هالوقت .. يبقى أسيّر لتفكيره العميّق .. أحياناً يكون رهيّنة التفكير بنفسه وبشخصيته اللي هو عاجز تماماً عن فهمها حتى بعدما عاش معها لـ ٢٥ سنة
وأحياناً يكون رهيّنة لتفكيره بتقلبات هالحيّاة اللي ماتبقى على حال أبداً .. أحياناً يبقى حُر لما يفكر بغُصن ويرجع رهينة لما يفكر بباقي الأشخاص بحياته .. لذلك كان يأخَذ وقت طويل بالتفكير
ولكن بهالوقت بالذات.. وبهاللحظة مايدري كيف خطَر بباله الموقف اللي عاشه قبل أسابيّع طويلة قدام مشغل عبّق .. والأهم مع أبّغض شخص بالوجود .. مع " فايَزة أم وقاص " مايدري كيف لاح له الموقف وكيف تسّرب من ذاكرته لدماغه من جديد .. وكل اللي تذكره بوضوح هاللحظة ترديده لجملتها " بحرق هالمبّنى باللي فيه " توسّعت حدقات عيُونه بصدمة وبذهول أخترق كل أجزاءها من فكرة إنها فعلاً أقدمت على هالخطوة .. كيف قدرت ؟ وبأي طريقة .. وكيف ما أكتشفو إن الحريّق فعلاً بفعل فاعل ماكان يهمه .. الي يهمه فعلا إنه بينهيها لو كان اللي يفكر فيه فعلاً صحيح !
أرتفع جسّده على الأرجوحة وصدره ملتِهب من شدة عصبيته هاللحظة .. مجرد فكرة كانت قادرة على زعزعة الراحة بصدره .. ومن أستقر على الأرض وسحب الغتّرة البنية من على الأرجوحة ومن خطى أول خطاويّه بإتجاه البّاب حتى ميَل شفايفه بخفوت وهو يعقد حواجبه بسبب الباب اللي أنفتح بكل قوة لدرجة إنه صدم بالجّدار .
-
وبعد لحظات من إنفجار الصدى العنيّف اللي خلفه هالتصّادم تصاعدت الضحكات الكثيّفة على وجهه بشكل كبيّر وهو يشوفها تدخُل وهي نافخة صدرها بكل قوة ورافعة يدينها نفس المصارعيّن وخدُودها منتفخة بقوة وتمشي وهي تضرب خطواتها بقوة على الأرض .. ضحك بخفُوت متناسي تماماً عصبيته قبل لحظات وقال : وحيّا الله المصارعة غُصن .. ماشاء الله وش هالقوة الي كنتي بتكسرين فيها الباب؟
وقفت قدامه وهي تناظره بطرف عينها وتنط بمكانها وكأنها تمثل فعلاً إنها مصارعة وهو ضحك من قلبه فعلاً .. وبعد لحظات أبتّسمت بضحكة ووقفت بمكانها وهي تنزل يدينها وتقول : كنا نلعب أنا وسارة مصارعة
سكت للحظات وهو ينحني ويقول بعدم إعجاب : سارة مصارعة حقيقة ياغُصن .. وشو له تلعبيّن معها؟
ميّلت شفايفها بخفوت وقالت : سارة صديقتي أنا وياها كلنا - رفعت أصابعها الخمسّ - عمرنا كذا
تنهد وهو يتذكر إنها نفسها البّنت اللي رمتها على الأرض وقطعت دُميتها وتأفف بعصبية والود ودها ينتف شعرها كلما تذكر ولكنه أخفى عصبيته وهو يقول : دامها صديقتك مارح نقول شيء .. المهم إنها ماتزعلك
هزت رأسها بحماس وهي تقول : ماعاد رح تضربني .. أنا قلت لها أنا الحين عندي أب وخال قويين جداً لو ضربتيني مرة ثانية رح يضربونك .. وهي خافت وماعاد ضربتني
أبتسّم بحنية وهو يحاوط ذراعينها بيدينها ويضمها بخفة وهو يقول : إية .. أنا مستعد أضرب كل شخص يحاول يأذيك .. ولو إنها بزر بعمر الخمس ياويلها
بهالوقت أرتفعت أنظارها لأمه الي دخلت والي واضح عليّها العصبية بسبب سحبّة نقابها العنيفة ووجهها المُحمر من شدة الضيّق .. عقد حواجبه وقبل ما يتكلم مع أمه ناظر لغُصن وقال بخفُوت : أشتريت لك حلاوى كثيير .. وتركته بغرفة جدة
وقبلما يكمل كلامه تسربّت من بين يدينه بخفة وركضت للغرفة على طول وهو أبتسم بخفوت ووقف وهو يناظر لأمه وقبلما يسألها وض قال داهمه صوتها الغاضِب : وزعت ورث جدك لأجل فهد ؟

عقد حواجبه بهُدوء وهي ضربت فخذها بعصبية : تكلم علمني ، الملاييّن اللي رفضت تأخذ منها ريال واحد .. واللي تركتنا نعيّش في ذل بسبب كبريائك عنها .. صرفتها للغريّب ؟
تنهد وهو عاذِرها تماماً لعصبيتها لأن فعلاً ماكان يهمه هالفلوس ولا بمقدار ذرة .. ليه رضى يصرفها لما كان غيره محتاج لها ؟ مع ذلك قال بتبريّر : حنَا مالنا جد ينقال له سهيّل لأجل نأخذ من ورثه لنا
ولكن رغم ذلك ظنيت بفعلتي ذي إني بكفر عن بعض ذنوب هالرجال وبعطي من فلوسه لرجل يستاهلها .. وين الغلط بهالموضوع؟
ناظرت بحدة وماباقي شي على جنونها بسبب برود وهّاج : الغلط بكبره أنت وطريقة تفكيرك .. كيف تقول وين الغلط وحنا خمس سنين عايشين بظلال ضِرار وتحت مسؤوليته وأنت بعيد عننا .. ولو إنك هنا كان أنصرف هالورث وتوزع وعشنا بملاييّن الفرح بسببها .. ليه هالأنانية اللي فيك علمني؟
تبخر البررود اللي كان يتحلى فيه قبل لحظات من هالأسلوب اللي رجع من جديد وقال بضيّق واضح : ومن هاللي قالك إنك خمس سنين وأنتي تحت رحمة ضرار وفلوسه ؟
صدت بعصبية وهي تمسح على وجهها وتحاول تجمع أعصابها الي تلفت : محد قال لي .. أنا الشاهدة على هالخمس سنيّن الي كان يرفض فيها ضِرار يعطيني الفلوس من شدة رحمته عليّنا .. كان يعطيها ليدين كايّد لأجل ما يضيق لي خاطر .. والحين فلوسنا اللي راحت بسببّبها أختك تنصرف لأجل فهد ..عليّم الله إنك رخمة وجدك أخطأ يوم ترك حرية التصرف بهالفلوس بين يدينك ..
صد بقهر وقال : يمة .. طال الحكي بدون معنى
اللي تقولينه ماهو بشيء ينقال من ثغر شخص لقى الويّل من هذا اللي ينقال له سهيّل .. وإذا أنتي مستعدة تنسيّن فعايله .. وترضين بفلوسه اللي تركها لأجل يكفر عن ذنوبه فأنا ماني براضي أنساها .. ولا بتركك تنسيَها .. أنا شخص مابرضى يتتسلل ليدينك ريال .. أنا شخص ماودي ينصفح عن ذنوبه .. أنا شخص مابرضى يرتاح بقبره بسبب هالفلوس اللي تركها لأجل يرتاح
وأنتو أشخاص بظلال وهّاج .. يعني بظلالي أنا ومنتو بحاجة هالفلوس وأنتو بظلالي .. إتركيها تروح لناس يحتاجونها
تأفتت بعصبية لما أيقنت إنه مارح يكون فيه رجاء من كلامها مع وهّاج هالوقت .. وخصوصاً إنه مارح يقتنع أبداً بمسألة كرهها لأي شخص مرتبط بأمواج .. وبمسألة إن الفلوس تحديداً راحت لفهد بالذات !
ولمسألة إنه أساساً خبّى الموضوع عنها ولولا جارتها اللي حكت لها ماعرفت!
لذلك ألتزمت الصمت وتخطته وهي تناظره بحدة .. وهو تنهد وثبّت يدينه بجيبه وكان بيمشي لولا كايّد اللي دخل البيّت وهو يركض بحماس ويضحك بفرحة ومن أستقر قدامه قال بنشّوة فرح عليلة تمكنت من كل صدره : سمعت إنك ناوي تبّني عايَلة ؟
ناظره وهّاج بإستغراب وكايّد قال بحمَاس : الله يالدنيا .. المفروض هالخبر سمعته منك مو من أهل العروسة.. ولكن ماعليّه تستاهل الصّفح والمغفرة لأنك خطيت هالخطوة الكبيرة
أردف بكل مشاعر لطيفة خالطته هاللحظة وهو يقول : لافي عطاني خبّر إنك تقدمت لأخته دُجى
عض على شفايّفه وهّاج وهو يأشر له يسكت .. بيّنما كايَد عقد حواجبه ولكنه سُرعان ما ألتفت بصدمة بسبب أمه الي رجعت خطواتها للخلف بعجلة وهي تناظرهم بصدمة وحدة .. وقبلما ينطق كايّد بحرف قالت بعصبية وبتشديد وبنبّرة يعلوها السخط : والله إنكم تخسُون .. إسمعني زيّن يا وهاج ! لازم تكسّر ضلع من ضلوعي لأجل تصير لك هالبّنت زوجة !
-
بذات الوقت اللي نطقت فيه حليّمة هالكلام .. وببيّت فهد اللي كان ينتظر فيه إجابة دُجى بترقب واللي يقتتل الضِدّان بين أضالعها ! عزم اليقينِ و حيرةُ المرتـاب .. ورغم هالتقاتُل العنيّف كان العزّم هو الأقوى لذلك .. تأملت إنفراد عضلات وجه أبوها بإبّتسامة بسبب كلمتها البسيّطة واللي فجرت الفرحة بكل تفاصيّل وجه فهد واللي قالت بعد صمت قليّل " موافقة يُبة " !
-حليّمة من أول ليَلة خطت فيها دُجى خطاويّها لبيتها والخوف مستقر بصدرها .. لأن وهَاج
ولأول مرة يحن وتبّان الحنية بتصرفاته مع أحد غير كايَد وغُصن !
والأهم أول مرة تشوفه بهالإضطراب بسبب شخص مابينه علاقة معه !
كانت خايفة وحيّل إنه ممكن بيوم من الأيام تكون هالدُجى زوجة ولدها .. وهذا خوفها تحقق !
وهذا هو الكلام تسّلل لمسامعها ! لذلك كلها سخط وكلها غبّنة بهذي اللحظة .. وكل سخطها واضح وبشدة بعيُونها الي تبّان الحِدة بنظراتها
ولنبّرة صوتها المرتجفة من شدة العصبية !
ناظرها كايّد بتوتر .. ورجع يناظر لوهّاج بِرجاء بيّنما وهّاج كان يتأمل أمه وعصبيّتها اللي تفجرت من كل أنحاء وجهها .. لذِلك حاول يبّحث عن كلمة تترك هالعصبية تِتلاشى بنفس اللحظة ولا طرى بأركان عقله سِوى : ماهو بحقيَقة الحين
عقدت حواجبها وهي ترمي نقابها على الأرض : الحين ؟ وش تقصد ؟ الموضوع حقيقي ولا أنت جالس تطبّل لكذبك ؟
تنهد ورفع كفه وهو يحك حاجبّه بعشوائِية،ماكان وده تعرف الحين،كان وده تعرف بتوقيت مناسب هو يقترحه! معرفتها بالطريقة هذي دمّرت مواويل كثير برأسه وماعاد صار بيدينه غير يقول الحقيقة : الموضوع كِذب ووهم لحتى يوافق الطرفيّن على الزواج يمة،هي للآن ما ...
بترت جملته المستفزة وهي تشد حجابها بصدمة وتضغط على يدها بحدة : أنت ناوي تقصّر مابقى لي من عمر ؟ناوي تبتليني بحياتي الي بقت ؟
وللآن تنتظر رضاها عليّك ؟ تبي تجنني تبي تموتني من شدّة ضيقي؟
قرب منها وهو غير مستوعب تماماً لردة فعلها القوية والصادِمة بالنسبة له،كان مقتنع إنها بترفض بالبداية ولكن بنفس الوقت كان بباله إنه بيقدر يقنعها توافق،ولكن الي يشوفه حالياً غير عن مخططاته تماماً !سخطها هذا كان أكبر بكثير من معتقداته ولا هو قادر يلاقي له مُبرر : يمة الزواج عبّارة عن رضا طرفين،أنا لي حق الخطّبة وهي لها حق التفكير،وبعدين يايمة شوفي الموضوع من وجهة نظري أنا،النيّة تليين هالقلب ،النيّة إنك تستوعبين إنه كل شخص إثمه على ظهره،كل شخص يتحمل سوء أفعاله ،ليه تظلمين بنت أختك بسبب خصومتك مع أختك مانيّب فاهم،هي وش ذنبها بالموضوع ؟ يعني تبيّن تسكبين كل الكره الي أحتضن صدرك على أختك عليها ؟ ماتظنين إن هالشيء قاسي يايمة؟
نفثت نفسها الحّار من شدة عصبيّتها هذه اللحظة ،محاولات وهّاج بسحب عصبيتها كانت محاولات فاشلة تماماً خصوصاً بهذه اللحظة كان كلامه مثل اللِي ينثر بانزين على حفنّة نار ،لذلك الغيّظ والقهر اللي بقلبها نثرته كله على طرف لسانها ،وحاولت بكل طاقتها تنثر السلبيّة على جمِيع أجزاءه لأجل هالسلبيَة تكون عائق بينه وبين بنت أمواج ،أمواج أختها اللي تركتها تذوق مُر الحيّاة وتركتها تتخبّط بمُوج العذب لوحدها ! كانت كل كلماتها لها نيّة وحدة " يتراجع وهّاج عن هالزواج " ولو كلفها الموضوع كسّر قلبه .. لأنها تظن إن هالكلمات بتنجرح بس لدقايَق أو لثواني معدودة،ماكانت تظن إن الكلمات ممكن تكون مثل السيَف اللي يجرح ويبقى هالجُرح عمر : أنت تجهل مقامك يا وهّاج ،أنت تلعب على نفسك وتحاول تشيّد مبانيّك بممكان بعمره مارح ينبني،قصَر هالطريق الطويل عليك وحط خبر عند أبوها إنك ماكنت بوعيّك لأجل تقدم على هالخطوة
أنت منت بقد العائلة يا وهّاج ،منت بقدها
ميّل شفايفه بخفُوت وهو يناظرها بإستنكار وقال ببرُود : ماهقيّت يايمة،ولكن علميني قبّل أتشره وأعاتب هالحقد اللي من بين حكيك لبنت أمواج ولا لولدك ؟
حليّمة قضمت شفايفها بشدة بسبَب برود وهّاج اللي أشعل النار بصدرها وبكثرة لدرجة إنها تحس بحريق فتّاك إنتشر بجميع أركان جسّدها ،كانت تتمنى يقدم وهّاج على خطوة الزواج ويتغير للأفضل كأي أم بالحيّاة هذي، كانت تتمنى له الخيّر،كانت تتمنى تشوف حفيّد من صلبه وتلمح الضحكة على وجهه،ولكن إختيّاره لزوجته ضرب بكل أمنياتها بالقاع وشكّل كل أنواع الحقد اللي أندفن من القِدم من جديد :
شدت على قبّضة يدها بكل قوتها وهي تحاول تجبّر نفسها تنطق هالكلمات،كانت تكتوي بنار هالكلمات قبل تقولها،كانت تعرف بتأثيرها على وهّاج كيف بيكون، هي قبل تقولها تعذبت ،أجل هو كيف بيتحملها ؟ مع ذلك شّدت على نفسها لأن هالأسلوب الوحيّد اللي بيرجع وهَاج للصواب بنظرها: هالحكي لأنها بنت اللي ما تِتسمى،ولأنك تبيّها،لأنك شخص ماعنده كبريّاء يا ولدي ،تحاول تبنيّ شيء عمره ما بينبنى،تحاول تخلع عن جلدك سود الليالي بس منت بقادر
بلع ريّقه بصعوبة بسبب جمل أمه الأخيرة وهو يناظرها بإرتبّاك ،رداء البرود اللي تشبّث به قبل لحظات تخلى عنه هذه اللحظة،ماكان قادر يفهم نيتها ولا سبّب كلامها العنيف هذا،بس اللي قدر يفهمه هذه اللحظة،إن أحياناً العائلة تحب تتلذذ بعذابّك !

كايّد اللي شبّت النار بصدره وتفجرت العصبية بكل وجهه وهو يلمح الضيّق الي بان على وجة وهّاج وخصوصاً إنه كان ساكت لأن وهّاج كان هادي وبارد ولكن هاللحظة مارح يبقى للسكوت مكان،لذلك وقف قدام وهّاج وهو يقول بضيّق : يايمة أنتي واقعية ولا من وحي الخيّال ؟
عقدت حواجبها وهو أردف بقهر؛هالحكي ينقال من ثغر أم لأكبر عيّالها ؟ كيف قدرتي تقوليّنه وأنتي تدري إن كلمة من أمك قادرة تبنيّك وقادرة تهدمك ،وهّاج هو وهّاج وما من شخص يجهل وش يعني الوهّج،وكأنك ماتدرين يمة تراه يعني النُور .. يعني الوضّاح يعني الضيّاء،السواد اللي تحكيّن عنه ماهو بمعنى من معاني النور أبّد،وإن كان الموضوع مقصور على فهد وموافقته هو وبنته على وهّاج فوالله ورب العبّاد لو يطوف الأرض وهو راكع لأجل يلاقي شخص مثل وهّاجنا مايلقى
وإن كان الموضوع لأنها بنت خالتي فمثل ماقال وهّاج هي ماهيّب أمواج هي بنتها يايمة،يعني أفعال أمها ما تعنيها،وبنت الخالة أولى بوهّاج وحنيته من بنت الغريّب
حليمة صرّت على أسنانه بكل شدة وهي ترمقّ كايد بنظراتها الحّادة،لأول مرة يتجرأ ويواجهها بموضوع معين،لأول مرة قدر يفرض رأييه ويتكلم عن اللي بقلبه،مع ذلك ماكان يهمها هالتغير كثر ما يهمها موقفها اللي كل ماله يتعقد ويصير أصعب ،لذلك أقصى حل لجئت له هو الصّراخ،كانت تظن إن الصوت العالي هو اللي بيجبَرهم يرضخون:والله يا وهّاج لو تنطبق هالسمّاء السبّع على الأرض مارضيّت عليها .. ولا رضيت تكون لهم نسيَب .. والله ليّحل عليك غضبي طول عمرك ولتكون أمومتي حرام عليّك طول مانت عايش معها هالبّنت بنت أمواج ولا برضى تكون بهالقرب مني لو كلفني الموضوع أنت
بهالأثنّاء ألتفتو كلهم على صوت بكّاء حاد وعنيّف وشهقات عالية وشديدة كانت نابعة من أقصى قلبها الصغير،صوت صراخ جدتها ترك الرهبّة تستقر بصدرها لدرجة إن كيسّ الحلوى الصغير الي كان مستقر بين أصابعها يدها إستقر على الأرض من شدة خوفها
إلتهب صدَر وهّاج من شدة عصبيته باللحظة هذي وصوت بكائها العنيَف كان قادر يسبب زلازل عظيمة بصدره لذلك خطى خطوة بإتجاه غُصن وعيُونه تعلقت بعيونها اللامعة من شدة الدمّع ولكن صُوت حليّمة أجبره يلتفت ومازال صوتها العالي يّرن بالمكان : لا تتجاهلني ...
من إشتد صوت بّكاء غُصن ألتفت وهاج بحدة وناظر لأمه وهو يرتعد من شدة عصبيّته،صرّ على أسنانه وتكلم من طرف ثغره وهو يقول : هالموضوع منتهِي عندي،لا تختبري صبري وأنا أسمع صوت بكاءها لأجل مايصير شيء ماودي يصير
عقدت حواجِبها بسبب كلامه ووهّاج تخطاها بعشوائية وهو يسارع الخطوات بإتجاه غُصن اللي من أنحنى على ركبه قدامه بدأت تشهق بخفوت وهي ترمش بطفولية ،تنهّد وهو يرفع كفه ويمسح دموعها بحنيّة وقال : أفااا ،تبكين وأنا حولك؟
ميّلت شفايفها ببّكاء وهي ترفع يدها وتدعك عيُونها ببراءة ومن ثمّ ناظرته وهي تقول : جدة تصرخ عليك وعلى خال كايّد
أنجبر يبّتسم وهو يتأمل نبرتها الباكيّة وعيونها اللي طاغي عليها الحزن : وأنتي تبكين عشاننا يعني ؟
هزت رأسها بإيجاب وهو ضحك بخفة وأقترب منها وهو يحضنها بحنية ومازالت ضحكته تنسّمع
بينما حليّمة شدت على قبضة يدها وهي تغمض عيونها بشَدة وكلها غيظّ وتساؤل " ليه محد قادر يفهمها ؟ ليه محد قادر يحسب حساب موقفها وحسّرتها على سنينها الضايّعة بسبب أختها وأنانيتها ؟ ليه محد قادر إنها جالسة تشوف أمواج بدُجى ؟ وإنها من شدة ضيقتها لما تشوف دُجى ماتقدر تسيطر على نفسها؟"
ناظرها كايّد برجاء وهو ينقل نظراته على يدها المقبُوضة بإحكام : إعتقيه يمة،دخيّل الحزن بعيونه إعتقيه من هالضيّق اللي تزرعينه بصدره
تكفيّن يايمة أبوس طرف يدينك لاعاد تكسرينه ،والله ماعاد فيه مكان صاحي فيه لأجل تكسريه زيادة،كله كسور وأنا ودي نجبّرها له لأننا أهله وعائلته ماهو نزيد الكسّر كسر
رفعت أنظارها وتأملت كايّد ثم تنهدت وهي تمسح ع وجهها صدت عنه وهي تناظر لوهّاج اللي حاضِن غصُن بحنية وعضت على شفايفها بقهر،ماكان ودها توجعه، بس الجرح اللي بصدرها ماكان قادر يعفو ويصفح
تخطتهم وهي تدخل لغرفتها وكايّد اللي أقترب منه كتف يدينه وقال : ماشاء الله،هالأحضان لوهّاج بس هاه؟
رفعت رأسها وناظرته بخفوت وبعدها أبتعدت بشكل بسّيط عن وهاج وهي تفتح ذراعها الثانية، أبّتسم وهاج وكايد ضحك وهو ينحني ويحضن غُصن من جهتها اليسّار وبجنبه وهّاج حاضنها من جهتها اليمين



فيتامين سي غير متواجد حالياً  
التوقيع



شكراً منتداي الأول و الغالي ... وسام أعتز به


رد مع اقتباس
قديم 12-08-21, 03:27 AM   #30

فيتامين سي

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة

alkap ~
 
الصورة الرمزية فيتامين سي

? العضوٌ??? » 12556
?  التسِجيلٌ » Jun 2008
? مشَارَ?اتْي » 42,436
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » فيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي



(البارت الثامن والعشرون)

ناظره وهّاج بطرف عينه وقال؛مضايقني حتى بالمأمن الصغير ؟
ضحك بخفوت كايّد وقال : ليه ناوي تخليه لك لحالك؟
أبتسم بخفة وهو يتأمل غُصن الي توزع نظراتها عليهم بالتساويّ وبعدها قال : أبوها أنا،من حقي يبّقى حضنها الصغيّر مأمني لحالي
بادله كايّد إبّتسامة ساخرة وقال بضحكة : معليك كلها كم يوم ويصير بدال هالحضن الصغير ...
وقبل ما يكمل جملته ددفعه وهًاج بعصبية وهو يأخذ غصن بحضنه ويوقف،بيّنما كايد من لصق وجهه بالأرض أستكن للحظات بعدها رفع رأسه ولدأ يضحك بشكل هستيري وهو يلتفت ويناظر لوهّاج الي يناظره بحدة،وبعد لحظات تعب فيها وهو يسيطر على ضحكته قال : أنت مستحي ؟
تأفف وهّاج وهو يقول : والله أحسن لك تلم عفش ضحكتك وسخريتك ذي من قدامي ولا بفرش من جلدك الأرض
ضحك أكثّر وأكثّر على ملامح وهَاج ولكن من زادت عصبية وهّاج وقف وهو يحاول يكتم ضحكته وبعدها قال : تصدق يارجل ؟ أشتقت لفرش الأرض من جلودنا،واضح ماكنت فاضي بسبب المشاكل
ولكن ترى بعد ماتتزوج مارح تكون فاضي بعد لأن دُجى ..
بُترت كلماته بسبب وهّاج اللي خطى أول خطوة بإتجاهه وهو رجع على ورى وهو يضحك ويأشر عليه : إنتظر أنا آسف والله حقك علي
وقف وهّاج بمكانه وهو يأشر له : إقطع الموضوع يا كايَد أحسّن لك
هز رأسه كايّد وهو كاتم ضحكته : آسف والله ماكنت أدري إنك بديت تغار حتى على إسمها من الحين،وش ودك أقول لها؟بنت فهد؟ولا لا
زوجة وهّاج أفضل وأبلغ
من قال آخر كلمة أنفجع من وهّاج اللي نزل غِصن على الأرض وركض بإتجاهه وهو ركض بخوف وبضحكة ماكان قادر حتى يسيطر عليها من شدة خوفه : آسف والله بقفل الموضوع خلاص
وهَاج اللي مازال يركض وراه قال بعصبية:والله لأربطك بالشجرة ذي طول الليّل ياكايَد،أنت من صرت خويي هالسامج لافي وأنت منت بطبيعي
وطوال هالوقت كان كايّد يركض ويعتذر ،بيَنما وهّاج كان معصب،لأن كلام كايّد بالطريقة ذي كان يزرع أمل بصدره إن دُجى بتوافق ،وهو ماعنده روح لأجل يسقيها،لأجل كذا ماكان وده يتعشم وبعده يخيَب،مع ذلك كان مستمتع وجداً بسبب ضحكة كايّد الي مو قادر يسيطر عليها وبسبب غُصن اللي جلست تحت شجرة الليمون وبحضنها كيّس الحلاوى ،تناظرهم وتأكل وهي تضحك
وبرغم فوضوية المشاعِر المميتة الي بصدره من " عُوز وقهر وحسّرة وترقُب وإنتظار" كانت سيّدة هالمشاعِر " الحنيّة " الحنيّة اللي تسربت من جميع أطرافه بسبب الموقف الي عاشه من لحظات ،كايَد وكلام كايَد ونبّرة كايد المُرتجفة وهو يوصف النّور الي بمعنى إسمه كان بمثابَة يد تطبطب على قلبه،بسبّب دموع غُصن ورجفتها وضيقها وبكّاءها الحاد بمجرد إنها لمحت الضيَق بوجيهم،بمجرد إنها توقعت إنهم يتوجعون بسبّب صراخ حليّمة عليهم
كانت هالسببين كافية ووافيَة تتركه ينسى كلام أمه،ينسى نظراتها وحقدها لمدة من الزمن
ينسّى السبب اللي تركه يعصب قبل رجوع غًصن للبيت
وأختلطت أصوات الضِحكات مع بعض،والضيّق اللي كان مستقر بصدورهم قبّل لحظات بسبب كلام أمهم تلاشى ومابقى غير الأُنس والرحمة ،الرحمة اللي المفترض تتواجد بداخل قلب كل شخص لعائلته !



يوميّن عدت ومرت عليّها .. وباليوميّن ماكانت تعيّش فيها كثر ماكانت تنجو منها !
بعد إنهيّارها بغرفة وقاص تسربّ كل بريّقها من ندُوب جروحها اللي خلفها حريّق المبّنى !
حيَاتها اللي كانت معتمدة على الإنشراح فيها والراحة .. صارت معتمدة على لقمة أكل وشربة ماء تملأ فيها معدتها مرة باليوم لأجل تبقى على قيَد الحياة !وهالشيء كانت مُجبّرة عليه بسبب ودِيع وضرار وأُمها !
لحظات معُدودة بهذه الليّلة البارِدة كانت فاصِلة بين تسلُل يدينها من تحت اللِحاف وبين تشغيّل الراديُو بعدما سمعت صُوت المُنبة اللي أعلن دخول السّاعة تِسعة مساءً،وهذا يعني إبتداء برنامج بُرهان الإذاعِي !
كان شريّك لياليها الوحيّد،ومؤنسها وأنيّسها
لأن الهُدوء الي كان يتملكها طوال اليوم،ينتهي بمجرد ما يبدأ بُرهان ينطق حكيه،ماكانت الوحيّدة اللي تتبعّثر مشاعرها لما تسمع كلامه،كانت شخص من بين آلاف الأشخاص،لأن بُرهان كان دائماً يلمس الوتر الحّساس بقلوبهم،يكلمهم وكأنه شخص يعرف معاناتهم،وكأنه يحاول فعلاً يطبطب عليهم !
ولكن هالفترة بالّذات بُرهان كان فعلاً كلامه موجه لها،وكان فعلاً يأمل إن كلامه يوصل من قلبه لقلبها،لأن ماعاد بُرهان الأولي ولأنه صار بُرهان جدِيد بعد ليّلة الحرِيق
ما يدري وش اللي تغير بالضبّط ؟ ولكن كل الي بباله إنه إن سنين طويلة ماقدرت تغيره،ولكن تغيّرت مشاعر كبيرة وتغيرت مبادىء ومفاهيم وأفكار بلمحة بصر وبسبب شيء يجهله !
لذلك بعد هالتغيّير وبعد اللي حصل ،كان يأمَل إن أصحاب الضيّق بيوم الحرِيق يستمعون لكلامه،ويعرفون مقصده ،كان يأمل إن كلامه يكون بمثابّة كتف يستندون عليه !
لذلك بعد إنتهاء شّارة بداية البرنامج ،أسترسل بمقدمته المُعتادة وبدأ يحكي هالمرة بشكل إرتجالي وعشوائي بدون ما يرجع للنصوص المكتوبة الي أعتاد عليها هالشهر ،هالمرة كان غيّر !
" ببَعض الأوقات يدور ببالنا سؤال ،سؤال عفيّف تستدرجه خلايا دماغنا بشكل تلقائي ،سواء كان بسبب أو بدون سبّب،هالسؤال لابد أنه دار ببال شخص مننا بوقت خلوته الهادئة ،بوقت هدوءه بوقت سرحانه
"..والأهم بوقت إنتهاء معركته الحياتية أو بأثناءها (من أنا ؟)لطالما كان هذا السؤال يتردد ببالي،ويجُول بصدري لأيام طويّلة ،أنا من ؟
بمعاركي وندوبي وجروحي بضيقي وفرحي،أنا من ؟
فتشت كثير ،وبحثت بشكل دقيّق عن عبارات تفصح لي عن جواب هالسؤال ،كنت أحتاج إجابة تقنعني،تجعلني أرضى عن ذاتي بعد جهد البحث الكثيّف ! رغم إن الرضا لابد يكون نابع من أقصى قلبك ولكن كنت أحتاج إجابة تجبرني أبتّسم بعد المعارك العنيّفة اللي خضتها،واللي ظننت بأحد المرات إني أنهزمت فيّها !
وبوقت جلوسي على جهازي ،بأحد الليّالي البّاردة
بعدما تسّلل اليأس لقلبي بأنني مارح ألقى أبداً جواب هذا السؤال
بالوقت اللذي ظنيّت أن هزيمتي قد حانت بعد المعركة العنيّفة،تسلل لنظري الجواب
،تمكنت من رواء روحي بعد الجّفاف الذي تمكن مني وأنا أبحث عن الإجابة !
وها أنا ،أضع بين أسماعكم إجابتي لكم عن سؤالكم (من أنت ؟)
أحياناً تناظر للمرآءة وتتأمل ملامحك وتفاصيلك بضيّق شديد سواء كان هالضيّق بسبب أولا، ولكن بعد هاليوم بمجرد ما تناظر للمرايّة تأمل وإسترجع كلماتي لك « أنت لستَ ماتراه في المرآه، انت لست عمرك ولا رصيدك في البنك لست مقاس الملابس التي ترتديها انت لست وزنك ولا لون شعرك ولا اتساع عينيك بل العوالم التي نراها من خلالهما انت لست اسمك او وظيفتك او البثور في وجهك انت عذوبة ضحكتك ودمعتكَ
أنت تعاقب الفصول والليل والنهار أنت حالات القمر باكتماله واختفائه أنت سكينة أمك وضحكة أصدقائك و الطمأنينة الأبدية لأخيك أنت الأغنية التي غنيتها بصوت مرتفع عندما علمت أنك وحدك ‏أنتَ اغنيات قلبك انت كُل الكتب التي قرأتها والكلمات التي قلتها والإبتسامات التي حاولت اخفائها انت الاماكن التي زرتها والتي لم تزرها والأماكن التي تشتاق اليها انت ماتؤمن به، انت الغصن الذي يزهر بالإيمان انت صلاتك انت ضعفك بين يديه وقوتك به !»
لأجل هذا .. لا يجب أن يخفت بريّقك ولمعانك بأحد المعارك .. يحق لك الفشّل ولكن لايحق لك الكف عن المحاولات للوصول للنجاح !
وبعد صمت قليّل تسربت فيه تنهيّدة خافِتة من صدر بُرهان أكمل :
ختاماً ، لست وحدك ملايين الخلايا في جسدك تعمل من أجلك، وتتحد قوي الكون فيك، عظامك ليست مصنوعة من زجاج دع الحياه تصدمك، فلتهزم ،فلتخطئ، فلتخذل، فلتيأس ،لا تهرب دع الحياة تقويك ،وتذيب قلبك ،اصغ بقلبك ليمتلئ بما يقوله الغير، انت هنا الآن وهذه اللحظه الوحيدة هي حياتك أمنح من قلبك ،وأعدك أن يتسع أكثر .. أتمنى إنها كانت أمسيّة جميلة للجميع .. تصبحون على خير "
خُفت صوت بُرهان تدريجياً حتى أختفى،ولكن أثر كلماته باقيّة !
بعد بُرهة من الزمن شهِدت العُيون على يديها المُرتجفة اللي تسللت لأجل تقفل الراديُو،سحبت اللحاف بشّدة من على وجهها وهي تُلقي نظرات هادئّة للمكان
عقدت حواجبها للحظات،ثم إشتّد إستنكارها بسبب
المنظر الرهيّب اللي قدامها
أبعدت اللحاف بحرص من على جسّدها وهي تعتدل بجلوسها وتناظر بشكل مُطول للغرفة اللي صارت جميع أركانها مُحاطة بالعديد من " المرايا"
جميع المرايا اللي أسُرت بين يدي فايزة
رجعو يثبتونها بمكانها بكل هُدوء
ولأنها طوال يومين ماكانت تنتبه لهم،ولاكانت حريّصة على سماع كلامهم أو مهتمة باللي يسوونه بغرفتها ما أستوعبت موضوع إنهم أعادو هالمرايّا لغرفتها بكل ثقة !
إستقام جسّدها الطرِي النحيّف واللي أهلكه الحُزن بالأيّام السابِقة وهي تتقدم بخطُوات مهزوزة بإتجاه المرايّة الكبيرة اللي بوسط غُرفتها،وقفت قدامها وهي تستشعر الرجفة الكبيّرة اللي سرت بجميع أجزاء جسدها لدرجة إنها غمضت عيُونها وهي تحس بحرارة الدمع بمحاجرها اللي تحس بيحترق من الوجع وهالوجع كان لأصابعها نصيّب منه اللي كانت تضغط عليها بكل شدة وكأنها تفرغ وجعها عن طريقها!
دقيّقة مرت،ثنتين ثلاث والرابّعة أخذت نفس عميييق وهي ترخي قبضة يدها وتفتح عيُونها تدريجياً وهي تتنهد تنهيّدة عمييييقة،رفعت عيونها بإتجاه المرايّة وهي تتأمل وجهها من جديد،لدقايّق طويلة ما حست فيها وهي تركز بجميع التغيرات اللي طرأت على تفاصيّل وجهها ،التغير ملحُوظ،والندبة ماكانت بالشيء المُبهم الغير المرئي ! كانت واضحة للعيّان !
بلعِت ريقها وهي ترمش بخُفوت ودقات قلبها مازالت تتصادم ببعضها من شدة سرعتها المُميّتة،ورغم الوجع اللي تحس إنه بأي لحظة بيفتك بصدرها ماكانت قادرة تبعد عيُونها عن وجهها ولا عن يدينها اللي قدامها،لسبّب ما
كانت تبي تتأملها بكثرة بلهفة،لأن رغم وجود الندّبة كانت متشفقة لتأمل وجهها الي أشتاقت له
رغم الوجع اللي يحاصرها كانت مُصرة على البقّاء والمواجهة،وبما إن شهر كامل كانت تهرب من هاللحظات،هالمرة قررت تواجه
قررت تخوض هالمعركة بكل قوتها،ولو كان على حساب وجعها !
بدأت تمرر يدينها على وجهها،وكل اللي يدور بعقلها كلام بُرهان قبل لحظات،وكأنه أختار التوقيت المُناسب لأجل يُلقي كلماته،وكأنها جاءت باللحظة المطلوبة بالضبط !
وهذي هو الكلام يتردد بمسامعها وصدى صُوته الرايّق الهادي مازال يعلن حضوره بعقلها،مازال تأثير كلماته بقلبها،وهالخطوة اللي خطُوها إخوانها كانت بالتوقيت المناسب،وكأنهم يرشدونها لمشاعرهم،يوجهونها لنظرتهم تجاهها وكأنهم يقولون " أنتِ بريّق .. والندبَة ماهي إلا ممر من نور على وجهك .. أنت بريقّنا اللي يستحيّل يخفت نوره " وفعلاً طريقتهم كانت سبيّل الرشاد اللي تركها تتأمل وجهها بطريقة غير هالمرة ،بنظرات كلها حِرص وكلها قوة،وكأنها تحاول تشتعل من رمادها من جديد !
وبعد هالدقايق الطويّلة اللي كانت تتأمل فيها تفاصيّل وجهها،وتقاسيمها المُلفتة واللي ما أزاحت الندبَة أي علامة من علامات جمالها
تسلّلت إبتّسامة عفيفة لثُغرها العابِس،والي أستمر عبُوسه لأيام طويلة وقاسيّة وليالي باردة
تسللت إبتسامة بريئة مليئة بالتعب لثُغرها وكأنها تعلن بأنها مستحيل ترفع راية إستسلامها أبداً
-
وبجنب البّاب كان ودِيع واقف وضرار جنبه .. يسترقون النظر لهادوهذا وضعهم من بدأ برنامج بُرهان الإذاعي !
كانت هذه فرصتهم بسماع صوتها أو حتى الإطمئنان عليها،ولكن من لمحوها توقف وتتجه للمراية إرتبكو ،تجمعت الرهبّة بصدورهم والخوف تسلل لأعماقهم
وما إن إتخذت الدموع طريقها على وجنتيّها المُحمرة على صد وديّع وهو يقضُم شفايفه بشدة
وضِرار تنهد وهو يناظر للأرَض
كانوا يراقبون كل تحركاتها ،يحاولون يفهمون نظراتها،الدقايّق الطويلة كانت بالنسبة لهم ساعات ودهر ،ولكن هان هالدهر من لمحو إبتسامتها الرنّانة تستقر على ثغُرها
لدرجة إن وديّع كتم شهقته بصعوبة وهو يوقف ويشد بيده على عُروة بكل قوته وهو يحس دموعه تحرق محاجرها،كانت هذه أول إبتسامة تتصدق بها عليهم بعد أسابيع طويّلة من الجفاف والجِفاء
أبتسم ضِرار وهو يشد على كتف وديّع،ووديع ألتفت وهو يضرب كفه بكف ضرار اللي ضحك بخفة وهو يقول : تمت المهمة،وأفكارك مهيّب هينة
أبتسم وديّع وهو يمسح دموعه بعجَلة واللي كانت كلها عبّارة عن "دموع فرح" لأن محد قادر ينافسه بفرحته هاللحظة بعدما لمح إبتسامته اللي عانى لإجل تظهر : لازم تدري إن جمالها ماهوب هيّن،ماهو بشيء يبّهت بسبب تمرد النار عليه
ناظره بضحكة وهو يسحب الباب بخفة ويقفله بهدوء : أشوفك صرت توقف بصفها
وديع رفع حاجبه وقال : ماشاء الله ،أشوفك صرت نسخة أخوك
أبّتسم بهدوء وهو يهز رأسه : إي والله هاللافي مصيبة،اللي يعاشره يبلاه بسماجته ،اعذرني بس
أبّتسم وديع وهو مرتاح إنهم قدرو يبتسمون بدون مايحسون بإثم الإبًتسامة وضرار ناظر ساعته وقال : يالله تصبّح على خير
أستغرب وديع وقال : رجعنا لنظام الدجاج اللي تتبعه،توا بداية الليل
ضرار ألتفت له : عندي موضوع مهم بكرة لازم أكون جاهز له أتم الجاهزيّة
ميّل شفايفه وديع بإستنكار : بس أنت تقول إن هالشهرين خذيتها إجازة،رجعت للمركز؟
هز رأسه بالنفي وهو يمشي عنه ويقول : عندي شيء ثاني،يالله رح نام لا تبّقى حارس على بابها
تنهد وديّع وناظر لباب غرفة بريّق وبعدها أبتسم وفعلاً هذه أول ليلّة يروح ينام بغرفته .. وأول مرة يذوق حلاوة النوم بعد ليالي طويلة من الأرق،إبّتسامة وحدة كانت كفيلة بإزاحة جبال الهم عن صدره
-

وباليوم الثانِي،كان واقِف بوسط المشغل
ينقل نظراته السّريعة لكل أركانه،شهر تجديد كان ضريبة النار اللي أشتعلت بدقايّق بس !
ورغم إن فهد رفض تماماً مساعدات ضِرار ولا قبل يأخذ منه ريال واحد،إلا إن ضرار هو اللي تكفل بمبلغ تجديد المشغل
ورغم إن وهّاج رفض بالبداية بس إصرار ضرار أحرجه وأجبره يقبل!
يدِينه متلحفة بسواد جيّبه الأسود والي كان يحميها من برد الشمّال،والغُترة البنيّة صاحبته بهالحي
وكان ولازال ثُوبه الأسود هو اللي يستر جسده،كان يتأمل العمال اللي يدخلون ويخرجون بكثرة بهالمشغل والهُدوء واضح على وجهه،ولكن الهدوء كان مُنافي تماماً للعواصف الي بصدره،يوميّن بطولها كانت الأفكار السوداوية تتنافس بشراسّة بعقله،ورغم إنه مقتنع إن محقق التحقيّق بالحريق كان صادِق بأن الحريق ماكان بفعل فاعل
ولكن ليه صدره يشتعل من الشّك ؟ ليه روحه تلتهب من يتذكر كلامها؟
قبّض على يدينه بإحكام وهو يضرب الأرض برجله بسخط،يوميّن مسّك فيها أعصابه بصعوبة
ولكن الحين ماعاد يقدر يستمر باللامبالاة،ماعاد يقدر يصد ويغض طرف،ألتفت على عجل وهو يغادر المشغل وقبلما يركب سيّارته أستوقفه بُرهان وهو يأشر له ويقول بصُوت شبَة عالِي : أبيك ضروري
النار الي بصدر وهّاج ماكانت قادرة تهدأ وتستجيب لرغبّة بُرهان بالبقاء لذلك رفع يده وهو يرد عليه بصوت جهُوري : مرة ثانية يا بُرهان،مستعجل ياخوك
تنهد بُرهان وأشر له بهدوء،ووهّاج تخطاه ومشى على طول
وبعد دقايّق دخل من الشارع اللي يوصل لبيّت سطام،ماكان قادر يسيطر على مشاعره هاللحظة
لأن الخوف اللي عاشه بليلة الحريّق رجع ينعاد من جديد،رجع يعيشه بكثرة
جزء منه مقتنع بأن ملف التحقيّق الي قفل القضية صادقِين ومتأكدين منه،وجزء يقول خبُث هالمرأة مارح يقتصر على كلام وبس!
هالفكرتين أهلكت كل الأفكار الباقيَة اللي برأسه
واللي منها إنه رايح برجوله الثنتين لبيت قاتل أخته!ولأول مرة بعد سنين طويلة من غربته عنه!
توقفت عجلات سيّارته قدام باب بيّتهم وفتح الباب وهو ينزل من السيّارة ويلقي نظراته السّريعة على هالبيت بكثرة،تصاعد أنفاسه العنيّفة كانت دليل على غضبه اللي ماكان قادر يسيّطر عليه هاللحظة
الهلوسًَات والأفكار اللي تدور بعقله كانت قادرة تخليه يخرجه عن الطريّق الصحيح وعن سبيّل الرشاد !
خرُوج وديع هاللحظة وفتحه للباب فتح الدّرب لوهاج اللي وقف قدامه،بيّنما وهّاج ناظره بنظراته المُعتادة
وديّع صدمته كانت كفيلة بأنها تخلِيه يترك الكلام ويلجأ للصمت،لأن تواجد وهّاج هاللحظة قدامه بحد ذاته صدمة !
وهَاج دخل يدينه بجيبه وهو يحاول مايتهور:وين أمك
تفاقمت الصدمة أكثر وأكثر بوجه وديّع اللي رمش بعدم إستيعاب وهو يتأمل وهّاج اللي قال : أصم يا وديع أنت ؟ مامعك إذن لأجل يوصلك صوتي؟ وين أمك
أستعاد وديّع وعيه وهو يناظر لوهّاج وبعدها قال : أمي،أمي وينها
عقد حواجبه وهّاج،ووديع تنحنح وهو يمسح على وجهه ورجع يتأمل وهّاج : أمي داخل،أناديهالك؟ بس وش تبي فيها؟
سكت وهَاج للحظات وقرر يبّتعد عن التهور لأجل يوصل لمراده : أمك ليلة الحريق وين كانت؟
عقد وديّع حواجبه بإستنكار شديد سيطر على جميع أجزاءه بسبب سؤال وهّاج الصريح،ولكنه أجاب بنفس اللحظة : كانت عند خالي فوزي
ناظره وهّاج بتفحُص وتدقيّق،وللحظة طرى بباله يتأكدّ بدون ما يضطر يتلاقى معها ويكون بعد هالتأكد مرتاح لأجل كذا قال : إتصّل بخالك فوزي،وقل له أمي كانت عندك اليوم الفلاني،تأكد لي
وديّع ميل شفايفه بعدم إعجاب وكان بيعترض بس وهّاج تأفف وقال : أخلص علي،تظن الوقت يسمح لي أنتظرك؟
تنهد وديّع وماكان فاهم أبداً نية وهّاج ولكن إنه يلبي رغبته وطلبه اللي لأول مرة يطلبه كان من دواعي سروره لأجل كذا طلع جواله وأتصل على خاله اللي رد عليه وجاوبه بأنها فعلاً كانت عندهم في ذيّك الليلة،حتى كانت عندهم إسبوع كامل قبلها
وهذا الشّيء اللي ترك وهّاج محتار ومتضايّق أكثر ،لأن رغم معرفته بأن شكوكه إنتهت بنتيجة ماتوقعها مازال الضيّق مستقر بصدره،ليه فكرة إن الحريّق كان متعمد فكرة تلعب برأسه ؟ فكرة من بدأت تغزو عقله سحبت كل الراحة منه ؟
صد بضيّق وهو يتأفف بعدم إعجاب وقبلما يمشي رجع يلتفت لوديّع،ناظره بهُدوء بينما وديّع أبتسم بخفة لما سأله وهَاج : كيف حال أختك؟
هز رأسه بإبتسامة وهو يقول : مثل الفُل،أزمة وعدت
ميّل شفايفه بخفُوت وهو يرجع يلتفت ويكمل طرِيقه لسيارته،وبهالوقت رنّ جواله واللي ظهر على شاشته إسم" الإستاذ فهَد"
ركب السيَارة وهو يناظر للجوال بخفُوت،يومين كان فهد يتجاهل فيها وهّاج حتى بنظراته
لذلك خمّن وهَاج إن جواب دُجى كان الرفض،وإن فهد ماكان إلا منحرج بأنه يقول له جوابها
زادت عليه ضيقته أضعاف بسبب تفكيره هاللحظة ،خصُوصاً وأنه من بعد ما لبّى طلبها وحرر أبوها كان ينتظر منها تتقبله أو تمهد لنفسها الدرب بالتعمق فيه،ولكن ظنونه خابت
إنتشل نفسه من أفكاره العميّق بسبب إتصال فهد المُلح واللي رد بهدوء:هلا إسّتاذ فهد
رد عليه فهد بنفس هدوءه : هلا بك يا وهّاج،ماكان تعب عليك،تقدر تجيني البيت ؟
سكت وهّاج للحظات وبعدها : مامن مشكلة،جايّك
ومن قفل الإتصال ألتفت بالسيّارة وتوجه فعلاً لبيت فهد،بيّنما وديع بقى يتأمل وهّاج وهو مبتسم بخفة
مجرد وقوفه عند باب بيتهم يعتبره إنجاز وخطوة كبيرة من وهّاج بمصالحتهم !
بيّنما وقاص كان واقف بشبّاك غرفته ويناظرهم بترقب وتساؤل،وماكانت صدمته أقل من وديع بحضور وهَاج لبيتهم ! مع ذلك ما ترك فضوله يدفعه لمتاهة جديد مع وهّاج،يكفي ما صابه
يكفي إنه يومين كاملة كان يقنع فيها نفسه من جديد بأنه برىء،وإن سوء حظه كان هو السبب باللي حصل معه؟ مع ذلك ما زال بصدره حشرجة سخط على هالموضوع ،وماكان يعتقد بأنه يقدر يمرره بسهولة !
-

بصالة فهد اللي كانت كل الأنظار متوجهه لدُجى اللي جالسّة بجنب أبوها وبحضنها كانِدي اللي مستقرة بكل راحة عليها،بسبب تعليقات لافِي عليها وضحكته المكتومة كانو كلهم يناظرونها وينتظرون لحظة إنفجارها
أما فهد كان ينقل نظراته بينهم وهو مبتسم بخفة ،من قال لهم عن موضوع زواج وهَاج ودُجى وكلهم راضيّن وكلهم فرحة لها،لأن مواقف وهّاج معهم مهيّب هيّنة !
ومن أتصل فهد على وهّاج قدامهم حتى بدأت السخرية تهطل على رأس دُجى بسبب لافِي
واللي قال وهو يحاول ما يضحك : ماشاء الله
من جاء طاريّه صرنا رايقين،من الحين بدينا بحركات حديثيّ الزواج
دُجى ضلت ملتزمة الصمّت،وكل بالها مع وهّاج
كيف بيكُون شعوره لامنه درى إنها وافقت عليه حتى برغم شعورها السيء بسببه ؟
ليّلة اللي حكى لها أبوها عن نيّة وهاج،كانت بترقض رفض قاطع بدون ما تجادل
ولكن من لقت أبوها واقف بصفه،وكل نظراته رجاء بأنها توافق،تركت الموضوع يجول بتفكيرها بدون ما تقطع على نفسها بالرفض
وللحظة فكرت " هو أعتبرني جسّر وصل لعلاقته مع أبوي "ليه الزعل يا دُجى ؟
إعتبريه نفس ما يعتبرك وخذيه " جسَر وصل بينك وبين أمه " لأن كل مناها تعرف وش سبب عدواة الخوات الي أستمرت أكثر من ٢٦ سنة!
ولأجل كذا وافقت،لأجل أبوها،ولأجل أمها
ولا تخفي إن مشاعرها إتجاهه برغم كل اللي حصل ما تغيرت،ولو إنه أظهرت الكره له،لكن الي بصدرها أعظم من مصطلح الكرهه!
لأنها وبرغم كل اللي حصَل،ماهي بناكرة معروف لأجل تنكر حُسن قلبه معهم !
أردف لافِي بضحكة وهو يقول : علميني متى بتصبغين شعرك أصفر ؟ لا لا تدرين من إيش خايف ؟ تجين ثاني يوم ماتدلين القبّلة وتقولين وين المطبخ
والله بموت بمكاني من الصدمة،عاد الله أكبر على هذا اللي بتنسينا عشانه،كله على بعضه وهّاج
رفعت رأسها وهي تناظره بحِدة وبنظرتها المُعتادة اللي كلها عصبية
لافِي عرف إنه أستفزها ولكنه أعتدل بجلسته وقال بصدمة : أنتي عصبتي عشاني سبيته ؟ أنتي تحبينه ؟؟
خيَال من لمحت عيُونها بتنفجر من شدة حدتها رمت كرتون الفايّن على لافي وهي تقول : تعرف تبّلع لسانك ؟
حك جبهته وهو يميّل شفايفه بخفوت وقال : يا دُجى تصدقين،الله يعينك عليه ثقيّل دم
ولا لا الله يعينه عليك أنتي،ثقيلة دم مثله
وقفت دُجى وكاندي إنسحبت من حضنها،ولافي أنفجع ووقف وهو يأشر بيدينه : أنا آسف،هدي أعصابك نقدر نتفاهم،بعدين تبين تهاوشيني بحضور أبوي ؟
هز رأسه بآسى وهو يناظر لفهد اللي يضحك : أفا ماعاد لأبوي حشيمة يا دُجى
إقتربت دُجى من فهد وهي تقول : يُبة
رفع رأسه وتأملها وهو كاتِم ضحكته : أبد سمِي ؟
كتفت يدينها وناظرت للافي بحدة وبعدين قالت : ماعاد بتزوج،بجلس علة على قلب ولدك
لافي رمش بصدمة،وخيال حطت يديها على قلبها وهي تناظر لمعاني اللي تضحك بخفوت بسببهم
وفهد من سمع كلامها كان بيتكلم بس صوت الدقّ على الباب أجبَره يوقف،ناظر لها بإبّتسامة وقال : ماعاد لك مخرج طوارىء من هالزواج .
ميّلت شفايفها بخفوت،ولافي ناظر لفهد اللي نزل يفتح الباب ثم ألتفت لدُجى وقال بضحكة : عزتي لوهّاج منك،عزالله بينهبل بسببك يـ..
رجعت خطواتها لورى بعجلة شديدة لما رمت عليه المخدة الصغيرة بعصبية
خرج وهو يضحك بكل قوة وهي جلست بتأفف على الكنبَ : من الي عنده قدرة يستحمل طقطقة هاللافي هالوقت كله ؟
خيَال اللي كانت تضحك بصمت قالت : أعتقد مو إنتي،شرايّك نقول لوهّاج يعجل الزواج؟؟
ناظرته بطرف عينها وخيّال صدت وهي تحط يدينها على فمها وهي تضحك بصمت
ومعاني مبتسمة وعيونها على طرف الفستان اللي كانت تنهي آخر تفاصيله
بينما عند فهد،اللي من دخل وهّاج المجلس قال للافي : القهـ....
قاطعه وهّاج بهُدوء : الله يكرمك يا إستاذ فهد،قهوتك مشروبة
فهد سكت ولافي همس لأبوه بضحكة : كأنه على نار عشان يعرف إجابتها،والله واضح..
قاطعه نظرات وهّاج الحادة بسبب همسه المفضوح ولافي سكت وهو يتحلطم : من الي قال إنهم مختلفين؟
فهد تجاهل لافِي وكانت عيُونه مثبتة بشكل دقيّق على ملامح وهّاج الهادئة واللي كلها وقار وسكِينة مثلما إعتادها،لذلك قال بهدوء : نعتذر إنك أنتظرت كثير لأجل الرد
أكمل لافِي بضحكة : تعرف،بيت البنت بيت دلال
وهَاج كان يتأملهم،الهُدوء والفرحة اللي بوجيهم وبنبرات صُوتهم وش سببها ؟ معقولة هالمرة بتخيّب توقعاته ؟ معقولة هالمرة فعلاً بتوافق !
بمجرد ما فكر بهالشيء،حتى نطق فهد بنفس اللحظة وبإبتسامة عميِقة :بنتي موافقة يا وهاج !
ثلاث كلمات بسيطّة وغير متكلفة ولكنها غير متوقعة،كيف قدرت تغيّر من تكوين مشاعر وهّاج بالكثرة ؟ كيف قدرت تخليه يفقد السيطرة على جميع أجزاه لدرجة إن فهد من رمى هالكلمة كان عاجز تماماً عن كبّح إبتسامته اللي إشتدت بكل قوة على ثُغره الفتّان !
عدل جلسته وبّان التوتر على تصرفاته،من يدينه اللي كانت بجيبه والحين أستقرت بحُضنه بعدما تشابّكت أصابعه ببعض ! ومن عيُونه اللي كانت تِضحك،تِضحك وبشدة
إستمر الصمت دقايّق طويلة،وفهد ولافي كانوا يراقبون تغيّر حالة وهّاج بإستغراب،ولكن جاهلين سبب فرحته !
فرحته اللي كانت بسبب " خيبته " لأول مرة يفرح لأن ظنه خّاب !
وبعد الصمت الطويّل تلاشت إبتسامته ونزع أصابع كفوفه عن بعض وأرتفع بصره ناحيّة فهد اللي أستغرب تلاشي إبتسامته وكان بترقُب لكلامه
والي بعدها قال وهَاج بصوت جهُوري وبنبّرة تميل للهُدوء : الليّلة نمّلك ؟
-

وبمكان بعيّد حيييل عن هالبيُوت،كان واقِف جنب الشايّب وهو يرتجف وماكانت هالرجفة من البرد كثر ماكانت من العصبيّة والقهر نطق من حُر جوفه : لا تبكين،والله بنهيهم والله
مسحت دموعها بعجل وهي تخفي شهقاتها : محمد تكفى لا تسوي شيء،تكفى ياخوي يكفي الي سويته،ضيعت حياتك عشاني،ضيعت حياتك وأنا ما أستاهل كل ذا
صد بضيّق وهو يمسح على وجهه : دخيّلك لا تبكين،ورب العبّاد مستعد أضحي بماضيي وحاضري لأجلك وأنتي تدرين،والله مايذوق الهناء خالك ذا،هو من لأجل يفرض عليك هالشايب ؟ والله لأوريه الذل والقهر وأهينه إهانة حياته،أنتي الي عليك تبقين ساكتة طول الوقت،وأنا جايَك
مارح يمسك سوء وأنا هنا
زادت حِدة بكاءها بفجعة وهي ترتجف من الخوف : تكفى يا محمد لاتجي،لا تقرب صوب البيت أبد
شهرين وأنت هارب من القانون،وإن جيت رح تنتهي حياتك صدق،الله ياخذني كأني قلت لك همي،ياليتك ما أتصلت ياليتك
شد على قبَضة يده بعصبية وهو يصر على أسنانه : تسمعين كلامي ولا لا يا مروج،إن جاء خالك قبل أجي قولي له يتشهد،والله لو فيها إعدام لأكسر عظامه كسر،الله يرويني اليوم اللي بذله فيه الكلب
ماكفى اللي حصل ؟ ناوي يزيد الضيم زيادة؟ حتى هروبي ماكفاه لأجل يكنسل هالزواج؟ خليه ينتظر بس والله لأدمره
مروج عضت على شفايفها بتعب وهي تزيح خصلات شعرها الي تاهت وجهته على أطراف وجهها،عدّلت جلستها بتعب وهي تقول : محمد له إسبوع من قال هالجمعة المِلكة،وأنا ماكان بيدي شيء غير ألبِي وأسمي،تكفى يامحمد
أنا حتى لو تزوجت مابيصير بي شيء،بس أنت لو جيت بتنتهي حياتك
زفر نفسّه الحار من شده حُر جوفه وقال : محد بيدري إني بجي،محد بيظن إني غبي لدرجة إني برجع لبيت أبوي برجليني
"الشرطة تظن إني أذكى من هالشيء،ولكن العقل ينتهي عند أذاك يامروج
مستعد أبيع الدنيا باللي فيها
نزلت عيُونها وهي تشد على طرف الجوال ببكاء ومحمد تنهد وقال : إسمعي كلامي زين،خليك ساكتة طول وقتك،وأنا جايّك
وقبلما تتكلم وتنفي من جديدقفل محمد الجوال
وهي رمته على المخدة بتعب وهي تدفن وأسها بالمخدة وتبّكي بشدة،كان ولازال خالهم صاحب ضيقهم وعدو راحتهم،ودنو مستوى أبوهم هو السبّب
قبل أسبوع أتصل فيها وقال بإختصار " الجمعة ملكتك،جهزي نفسك أبيك بأبهى طلّة لأجل ما يظنك متسولة بشكلك الفقير الي أعرفه" ومن بعد حكيه أنقلب كيانها وصارت طول وقتها تبكي بس
ما بيدها شيء،أبوها على كرسيه مايقدر يخطي خطوتين على بعضها
ومحمد هارِب له فترة ماسمعت حِسه!ومن إتصل كبّت كل عفش قلبها عنده ! وهذا هو جايي مضحي بحياته لأجلها ، وناوي شر لكل شخص بيأذيها !
-
وبعدما مرت ساعتيّن إندق الباب بحدة وهي فزت من مكانها وهي تناظر لأبوها اللي تركته بمجلس الرجال،أبتسمت له بإصطنناع وهي تقول : هذا هو خالي جاء يُبة،يلا بدخل عشان الرجال
ناظرها أبوها بهُدوء وهو يبّتسم،كان يظن إنها موافقة ومبسُوطة بسبب زواجها من شخص رح ينقلها من هالحيّاة الرثة لحياة أكثر رفاهيّة : روحي يابوك،أنا هنا خلاص
بادلته الإبتسامة ومن صدت مسحت دموعها بتعب وإتجهت للباب تفتحه،للحظة كانت تتمنى يكون محمد،لأنه لو كان هو اللي جاي كان إنتهى هالتعب وكان قدرو يروحون معه،بعد شهرين من محاولاتهم الفاشلة
ولكن خاب رجاءها من لمحت خالها يدخل وهو يلقي نظراته عليها من رأسها لأخمص قدميها بإزدراء،ميّل شفايفه بعدم إعجاب : هذا مجهودك الي قدرتي عليه!
صدت بقهر ومشت عنه وهي تدخل البيت وهو عصب وقال بصوت عالي : الشرهة مهيّب عليك
الشرهة علي اللي جبّت لك عريس ما تستاهلينه !
ألتفت وهو يناظر للي واقف بعيد عن الباب بإبتسامة وقال : تفضل تفضل حيّاك
ناظره بعدم إعجاب ودخل بدون ما يتكلم،وخال محمد أبتسم بخفوت ودخل وراه
-
وبعدما مرت دقايّق بسيطة على وجودهم بالمجلس
تبَادل فيها أبُو محمد المتعب أطراف الحديّث مع خالهم اللي كان مكشَر ولكنه يجبر نفسه يتكلم معه،ورغم إن كلامه كان مختصر وكان ثقيل وكله علُو إلا إن أبو محمد قابض السماء بيدينه من شدة فرحته بأن أخو زوجته أخيراً تنازل وحنّ على عياله،وهذا هو بيده جايّب العريس لبنته !
ورغم إن سالفة هُروب محمد ما أنفتحت،إلا إنه واضحة بوجيه الجالسيّن بالمجلس !
وبعد هالدقايَق بدأ الباب يرتعد وبشدة بسبب الضربات القوية اللي على ظهره،والي من الخوف
فز خال محمد وهو عاقد حواجبه،ولأن ماكان غيره موجود بالمجلس إضطر يقوم يفتح الباب هو !
ومن فتحه حتى شهق بصدمة وهو يشُوف محمد واقف على أعتابه ،ويناظره بحدة وكأن النار تنطق شرر من عيُونه ! أنقض على رقبته وهو يدفعه بكل قوته لداخل وقفل الباب بطرف رجله
خال محمد كان منصدم لدرجة إنه عجز يتنفس أو يتكلم ،ومحمد كان يضغط على رقبته بكل قوته : أنا قلت لك لا يمس أختي شر من طرفك،كم مرة حذرتك وقلت لك يديني على رقبتك لو على موتي،كم مرة قلت لك إعتقنا من عذابك،مايكفي ؟ مايكفي الي ذقناه منك يالي بمقام أبوي
ضرب خال محمد معصمه محمد بكل قوة وهو يحاول يفك نفسه بس محمد ماكان معطيه مجال أبداً : ضيَعت حياتي وضيعت مستقبلي وماضييّ بسببك،بسبب يدينك اللي على أرقابنا وتخنقنا بأي فرصة تلقاها ،متى ودك تترك هالأعناق تتنفس ؟ أنت كيف تنام براحة ودي أفهم ؟ ما يزورك الضيَق بسبب ظلمك ؟
خال محمد من شدة صدمته وضيّق تنفسه ماكان قادر يسمع بوضوح كلام محمد،كان يتخبّط لأجل يعيش بس ويحاول يفك نفسه ، بينما محمد كان مستعد تماماً ينهي حياته هاللحظة
ولككنه تجمد بمكانه ،ويدينه الي تضغط على رقبة خاله تراخت بكل صدمة،حتى إن الرجفة الي بجسد خاله إنتقلت بشكل كبير لجسده .. واللي بدأت كل أطرافه ترتِعش،والعصبِية اللي أستقرت بجسده صار بِدالها إنتفاضة لدرجة ظن إن جسّده بيتنشج،هالهزة الكونِية اللي بجسّد محمد ماكانت إلا بسبب ..!
كل أطرافه ترتِعش،والعصبِية اللي أستقرت بجسده صار بِدالها إنتفاضة لدرجة ظن إن جسّده بيتنشج،هالهزة الكونِية اللي بجسّد محمد ماكانت إلا بسبب
تسلل لمسامعه صوت يعرفه حييل،وكيف يجهله وهو كان يستمع له لليالي طويلة،ضِرار صاحبه الي دمّر حياته وأنهى كرامته اللي نطَق بصوت هادي وخافِت وبدون مقدمات : كنت أبي أعمر حياتك خير يا محمد،ماظنيت إن بعماري هالحياة بنهدم
بلع ريقه بصعوبة وهو يرجع خطوة لورى ويرمش بعدم إستيعاب وتنفسه بدأ يعلو ويعلو بصدمة شديدة تمكنت من كل جزء منه ! ضِرار ليه هنا ؟
وش يسوي ببيت الشخص الي خانه ؟ وليه هاليوم بالذات يكون موجود !
وقبلما يسأل أو يكون له وجه يستفسر ألتفت لخال الي كان يتنفس بصعوبة ويده مازالت على صدره الي يمسّح عليه بخوف : الله يقص يدينك يا كلب
تمدها علي ؟ هذي والله شرهتي عليك
محمد كان مصدوم لدرجة إن عجز يرد أو يتكلم،كانت بس نظراته اللي تحاول تلقى الجواب الي ينتظره
بعدما أستعاد خاله نفسّه قال بصعوبة : هذا زوج أختك ياعديّم الرجولة،اللي خنته قرر يستر على أختك
تفجر الذهُول بتفاصيل وجه محمد اللي عجز عن الرمِش،وعجز تنفسه ينتظم وهو يناظر لِضرار اللي واقف ويبّتسم بخفوت ويدينه بجِيبه ويناظر لمحمد بلا مبالاة
عجز يستوعب الموقف ،عجز يفهم نية ضِرار
ليه يقبّل ويتزوج أخت شخص تركه عاري كرامة ؟
كان يتأمل ضِرار ويدينه على رأسه يضغط عليه بشدة : وش نيّتك ،وش تبي ليه أقدمت على هالخطوة ،وين الشايَب الي كان على حافة الموت
ليه جيت بداله ،وش قاعد يصير بهالمكان
نطَق ضِرار بلا مبالاة وهو يحرر يدينه من جيّب ثوبه ،وقال بعشوائية وبنبَرة تكسوها الكثير والكثير من الخيّبة وقل العشم : تصدق يا محمد ؟
بالليالي الطويّلة الي كنت أحكي لك فيها عن هزايمي بهالحياة،ماكنت أحكيها من باب الفضفضة ،كنت أحكيها لأجل ما تهزمني بها،ماهقيّت إنك بتكون خسارتي الكبيرة بيوم من الأيام
ولا أقصد إني خسّرت شخص مثلك،لا بالله
أقصد إني خسرت نفسي وكرامتي ووظيفني لأجلك !
وأنا شخص تعبت من الخسّارة على حساب نفسي ،أجل كذا أنا هنا
تقطع قلبَ محمد بحسرة على ضِرار،ماكانت نيته يكسره ولا كان وده ينتهي عصر صداقته مع ضِرار بهالشكل المُخزي،ولكن ماكان بيدينه شيء
سعادة أخته وراحتها أكبر بكثير من صداقته مع ضِرار .. لذلك نزل يدينه ونطق بإستنكار : أنت هنا لأجل نفسك ؟ ناوي تضرني عن طريق أختي يا ضِرار ؟
أبتسم ضِرار بخفة وهو يعتدل بوقوفه ويهز رأسه بالنفِي : ما أبدل السوء بالسوء يا محمد،وماني اللي أذل الشخص على حسّاب أخته ولكن برجعك لمقامك الي تستاهله




فيتامين سي غير متواجد حالياً  
التوقيع



شكراً منتداي الأول و الغالي ... وسام أعتز به


رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 05:52 AM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.