آخر 10 مشاركات
جئت إلى قلبك لاجئة *مميزة ومكتملة* (الكاتـب : آمال يسري - )           »          318- وعد... بالزواج - ديبورا هوبر - (م.د)** (الكاتـب : Gege86 - )           »          عيون الغزلان (60) ~Deers eyes ~ للكاتبة لامارا ~ *متميزة* ((كاملة)). (الكاتـب : لامارا - )           »          حالات .... رواية بقلم الكاتبة ضي الشمس (فعاليات رمضان 1434)"مكتملة" (الكاتـب : قصص من وحي الاعضاء - )           »          دجى الهوى (61) -ج1 من سلسلة دجى الهوى- للرائعة: Marah samį [مميزة] *كاملة* (الكاتـب : Märäĥ sämį - )           »          301- موعد مع القدر-شارلوت بيكر - عبير مركز دولي (الكاتـب : Just Faith - )           »          527-شرك الظلام- هيلين بروكس- قلوب دار نحاس (الكاتـب : Just Faith - )           »          اتركي الماضي ميتاً- نوفيلا زائرة -لفاتنة الرومانسية :عبير محمدقائد *مكتملة& الروابط* (الكاتـب : Omima Hisham - )           »          نبضات حرف واحاسيس قلم ( .. سجال أدبي ) *مميزة* (الكاتـب : المســــافررر - )           »          نوح القلوب *مميزة ومكتملة* (الكاتـب : hadeer mansour - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى الروايات والقصص المنقولة > منتدى الروايات الطويلة المنقولة الخليجية المكتملة

Like Tree120Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 11-10-21, 02:21 AM   #71

"جوري"

مشرفة منتدى الروايات المنقولة

 
الصورة الرمزية "جوري"

? العضوٌ??? » 333867
?  التسِجيلٌ » Jan 2015
? مشَارَ?اتْي » 1,010
? الًجنِس »
?  نُقآطِيْ » "جوري" has a reputation beyond repute"جوري" has a reputation beyond repute"جوري" has a reputation beyond repute"جوري" has a reputation beyond repute"جوري" has a reputation beyond repute"جوري" has a reputation beyond repute"جوري" has a reputation beyond repute"جوري" has a reputation beyond repute"جوري" has a reputation beyond repute"جوري" has a reputation beyond repute"جوري" has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي






ليلة عيّد فعلاً ، وهالمرة ما بيرضون يضيق لهم خاطر لإن من شهور طويلة ينتظرون هالفرحة
ليّلة عيد زينت كل الشوارع ولطفت كل الأجواء ، وزرعت أبهى المشاعر
ليلة عيّد الأضحى ، العيد الكبيّر بفرحته وضحكته
واللي يعلن إجتماعهم بعد كل هالحسّرة لهالجمعة ، أخذو يتشتتون لبيوتهم لأجل يجمعون مابقى من طاقة لصبّح العيد
وبتشتتهم تركو مجال ل فهد وأهله يعيّشون فرحة رجوع ولدهم !

وعند كايد الي سرق من وقته لأجل يتطمن على أبوه بليلة العيد كعادته وبيدينه أبهى الملابس وألذ الحلى وعلى مُحياه ضحكة رضا على هالليلة ، أخذ يخطي خطواته لداخل البّهاء بسرور تام وبفرحة واضحة على أنحاء وجهه ، ولكنه رجع خطوة لورى بإستنكار تام ودهشّة عميقة سيطرت على كل أطرافه بسببّ الشخص المتلّحف بالسواد والي واقف مع مازن موظف الإستقبّال
علامات الذهول تسلّلت بشكل كبير على وجهه وحتى إن لصدره نصيّبب من هالذهول
وهّاج .. بوسط البهاء وبليلة عيّد !!!
"وش هاللي يحصل يا خوي ؟"
تخبّى عن أنظاره وهو يلمحه يخرج من المستشفى ويجر الخطوات المتثاقلة ومن بعدها سارع الخطوات وهو يوقف قدام مازن الي مازالت ضحكته موجودة وهو يلبّس الساعة بعدما حررها من علبة الهدية، ومن رفع رأسه قال : حيّا الله كايد ، الليلة عيد واضح من ضحكتك
كايّد الي ترك الأكياس على الأرض أشر على وهّاج وقبّل يتكلم من لهفته قاطعه مازن وهو يبّتسم : والله هذا أخوك ينخاف منه ، ياهو يفجع القلب بسبب تغيراته المخيفة ذي
أولها كل نظراته حدّة وكل كلامه أوامر وعقّدة حاجبه منعقدة يجي كل شهر ويرمي ظرف ويروح ، وتاليها ضحكة وقلب سمح محيّا وخطاوي تشهد عليها عتبّات البّهاء يومياً
عقد حواجبه بعدم فهم ، وهو الي كان يظن إن آخر خطوة لوهّاج للمكان هذا كان بليلة زواجه وعقُبها إنقطعت خطاويه ولكن هاللحظة أيقن إن تفكيره خطأ تماماً،من ليلة الجِراح وهو بكل يوم يجر الخطاوي للمكان هذا
بكل ليلة لازم يمر ويتطمن ، لازم يسأل ويريّح قلبه ، وهّاج الي كان ينكوي بكل مرة يتذكر إن أبوه بهالمكان لوحده كان كل يوم يجي ويتطمن عليه لعل بهالخطاوي ينزل ماء بارد على مكان الحرق
أكمل مازن الي أخذ كل الأكياس الي جابّها وهَاج لأبوه وقال بإستفسار : عاد إسمع هو يجي يجلس عندي ويتطمن على أبوك عن طريقي وما بعمره جر الخطاوي لغرفته غير مرة وحدة بس .. ناهيّك إنه يحذرني من زَلة اللسان لأجل ما أقول لأبوك إنه يجي ، علامه؟
كايّد بلع ريقه بصعوبة ومشى وهو يناظر للمكان بشوشرة وشعور غريّب تماماً ، بكل مرة يكتشف إنه يبحَر بحنية هالرجل بشكل كبيير لدرجة ما يستوعبه عَقل أبببداً !


مواقف كثيرة يبقى فيها محتار عن هيئة القلب الي يمتلكه ، من بينها ضحكاته لأمه بالوقت الي مافكرت تبتسم له ، وحتى فواز أبوغصن ، كان يتسائل عن سبَب تركه له
خصوصاً إنه مانام ليالي لأجل يفرض العقاب على الضابّط الي سحبها من حضنه وعلى وقَاص الي حرضضّ على أخذها،وكلهم أخذو عقابهم وبأبشع صورة ؛ليه فواز الوحيَد الي بهالليلة متنعم ويضحك وسط أهله برغم إنه كان مشترك معهم بالليلتين المُرة الي عاشوها ؟ وكان الجواب واضح مثل وضوح الحنيّة من عيون وهَاج " لإن فواز مرتبّط بالدم مع غُصن" كان يكفي فواز إرتباطه فيها لأجل ينجبر وهّاج يعفو عنه ويغض الطرف عن فعلته ! كان حنيّن حتى على أبغض الناس له بمجرد إنه مرتبط بمحبوبته !
ومن بينها أبوه سُلطان ، أكبر واحد عثّى وسخط وتجبّر على حياة وهَاج خمسة وعشرين سنة تشهد على نحيبه وضيقه وقهره وحياته المعتمة الي مامرتها نسّمة هواء باردة بسبب سلطان .. يوقف على أبوابه كل ليّلة ويسرق أخباره ويطمن قلبه
برغم إن سلطان ماكان يستاهل كلمة"أب" ولا حتى يستاهل النقطة الي تحت حرف البّاء
إلا إن وهّاج كان يحن عليه حنيّة فطرية عجز يتجاهلها أو يغض الطرف عنها!
دخل كايّد الي قلبه بيتفجر من شدّة الشعور الكبير الي يعتلي قلبه ، وأخذ يناظر أبوه وهو يبتسم بتنهيدة ويناظر للغرفة الي تزينت بأبهى الزّينة وسط همس مازن له : ولايغرك تراه جاي قبل يومين وجايب هذي معه
يقول لا تعدي ليلة العيّد بدونها ، والله ماشفت أغرب منه
أبتسم بهُدوء كايَد وهو يهز رأسه بتأأيد لما لمح ضحكة أبوه وفرحته بالمكان وفرحته بوجود كايد وقال بهُدوء : ماشفت أحنّ منه يشهدالله !

وقف قدام بيّت فهد وأصابع يدينه تتلاعب بشكل إرتجالي على طرف الدريسكون وعيونه على حدود البّاب ، كان يتسائل ليه بكل مرة يعيش معها الشعور الأول ، اللهفة الأولى ، والنظرة الأولى
كم مرت شهور وهي بظلاله ؟ وبكل مرة يعيش معها وكأنها أول مرة يعيش !
إنفتح الباب وفز من مكانه وهو ينزل من السيارة ومن لمح لافي تأفف وهو يستند على طرف السيَارة ويقول : وأنت ليه خرجت ؟ وش أبي فيّك؟
ناظره لافي بطرف عينه وتكتف وهو يقول : أنت حتى بأيام إجازتي ناشب لي؟ ماتخاف الله لها مني شهور وجاي تأخذها بعد ؟
سكت وهَاج وهو يلمح تعابيّر وجه لافي وقال : الليلة ليَلة عيد ، ماني بمفرط فيها
هز رأسه بإستنكار وقال : لاياشيخ ؟ هلال العيّد هي ؟ ترى عادي بيصّبح الصبح بدونها
أبتسم وهّاج وهو يستقيم بجسده ويناظر بهُدوء وهو يقول : مانبي صبّح يصبح بليَا نورها


قبل يرد لافي ألتفت بصدمة وهو يلمح دُجى تخرج من الباب وقال بذهول : نعنبو حيّك لي ساعة أهاوشه يخليك وأنتي خارجة ، يعني ما تسنعتي؟ رحت وجيّت وأنتي على حالك؟ ماثقلتي
ضحكت دُجى وهي تأشر على بطنها وتقول : إلا والله إني ثقيلة وحييل
تأفف وهو يناظرها تتِجه لوهَاج بخطوات متثاقلة وكان بيشّرهه ويضيق فعلاً ولكنه تذكر كلامهم قبل ساعات " ليلة عيد الفطر قضاها وهّاج مع دُجى بوسط المستشفى" لذلك أبتسم وهو يكمل سخريته وقال : إية روحي روحي ، والله لو صار وزنك جبل لتدحرجين بس عشان تركضين له ، يا خفيفة العقل والقلب
أبتسمت وهي تناظره بحب ، كونها إشتاقت فعلاً لليالي الي تعيَشها مع سخرية لافي عليها وعلى ردود وهّاج وضحكاته : أنت متى بتتزوج وتفك فيَنا؟ ناشب بحلوقنا ليل ونهار والله وكأنك ولد لي مناشبني على زوجتي
ناظره لافي بطرف عينه وقال وهو يأشر على نفسه : ظنّك شخص مثلي بيرضى يتزوج ويخرب على عمره حياة العزوبية؟
لما ركبَت دُجى ألتفت للافي وقال بضحكة : لا والله ظني إن مافيه بنت على وجة هالأرض بترضى فيك ماغير سلم أمرك لربك ودامه يوم فضيّل رح كبّر الدعوات لأجل تلقى بنت مستعدة تضحي بحياتها عشان تتزوجك
شهقَ لافي وهو يتقدم له بصدمة وقال بصوت عالي : أنا أأشر والبنات يركضون عشاني ، ماسمعت الي يقول بغمرة أطيّح خمسة؟ هذا أنا
ضحك وهّاج وهو يركب السيارة ويناظره بطرف عينه : خلف الله عليّك وعلى من صارت لك زوجة
بتشوف سواد أفعالها ، وأكيد إن أمها داعية عليها
قبَل يرد لافي دعّس وهاج على البنزين بكل سرعة وسط حلطمة لافي العالية وصوت صراخه الي من قلبه كونه مايرضى على نفسه أبداً أخذ يرجع البيت وهو مقهور : مهب يعني سلقتني الشمس وصرت أشهب يعني ماعاد بلقى بنت تقبّلني
أهم شيء طيبة القلب وأنا طيّب قلب
ضحك على كلامه ومشى وهو يدخل البيت وهو متجاهل تماماً هالأفكار وماطرى بباله موضوع الزواج وما بيطري أبببداً


أمَا غيهب الليل
كانت تلقي نظرات مبتسمة للشوارع ، لزينة العيّد لضحكة الأطفال الي حول الرصيّف لتجمع الناس حول بعض وتوزيعهم لضحكاتهم بصدر رحبّ مثل رحابة العيد على بعض
كانت تستشعر هالفرحة من وسط جوفها ، كونها فقدتها العيّد الي فات والي تعبت وبشدة فيه فأنقضى عيدها على حدود المستشفى وبجنبّها وهّاج الي مامرت دقيقة وحدة بدونه ، مازال صوتها يلوح بالذكريات كونها طوال الوقت كانت تعتذرله عن مرور عيّدهم بالطريقة البشعة والموجعة هذي ، ولكنه طوال الوقت يهديّها ويمسح على قلبها بحنيّته طوال ماكانت تقول" أنا آسفة إن هالعيّد مر بالوجع الكبير هذا "


كان يرد عليها بنفس اللحظة " لا تعتذريّن على شيء ماهو بيدينك ، وأنا والله لو شلت وجعك على ضلوعي ما تثاقلته"
لأجل كذا كان يهون عليها ، بينما هاللحظة كانت مبتسمة وكلها ضحكة حتى أطرف أصابعها يضحك لإنه كفوف وهّاج تحتويه
الكفوف الي ما بعمرها خابّت ، ولا بخيب بإحتواءها ، مبتسم على نظراتها وعلى صوت ضحكاتها الخافتة
وبين كل لحظة ولحظة يتنهد براحة كون هالتعب مر ، لإن ياكثر ماكان يردد بكل مرة ينّهد فيها حيلها قدامه " ودي أشيل الحمل من على متونك يا غايتي الأولى" ولكن مابيده غير كفوف يدينه
وصلو للبيّت وهي موقنة إن هالليلة غيّر ، وصبح هالعيّد غييييير كون المشاعر مختلفة والأفراح تتوالى عليهم بكل كثرة
ولحظة دخولها للبيت لمحت خالتها تِتجه لغرفتها وبحضنها غُصن الي رجعت من ساعات طويلة للبيت ، وبقت تتأملها للحظات طويلة ! برغم كل التعب الي إحتواها هالشهور ونسّاها نفسها إلا إنها ما نست من خالتها
كانت بكل مرة تختبرها ، وتختبّر ظنونها
وتلاقي إن شكها ينقطع باليقين في كل مرة !
لحظة الي تقترب منها دُجى تنفر منها وبشدة وتعصب ويبّان الغضب بتصرفاتها وحتى بنظرات عينها ! ولحظة الي تبتعد عنها تكون هاديّة
وشخصيتها مُسالمة وكافّة خيرها وشرها !
لذلك قلبها يحرقها بكل لحظة تأخرت فيها عن خطو هالخطوة بسبب تعبّها ، ولكنها عقدت النيّة
ينتهي العيد .. وتبدأ باللي برأسها
بلحظة دخولها للغرفة ، أخذت تبتسّم إبتسامة واسعة وهي تحرر جسَدها من سواد عبايتها وتُلقي نظرات سريعة لكاندي الي بقت هنا تنتظرها وقت مشت لها بخطوات متعثرة وهي تعاتبها بطريقتها الخاصة على تركها لها
كانت مبتسّمة على تصرفاتها وإشتدت أكثر لوهّاج اللي أقترب من خلفها وهو يحضن خصّرها بذراعه وهو يهمسّ بخفوت : عيّب إنه بهالسرعة شاركني بحلاة هالخصر شخص ثاني
والله إنه كان ضيّق لدرجة نظرة تهلّكه ، ليه وسّع شخص غيري هالكثر ؟
رقّ فؤادها وتجمدّت أطرافها وقلبها أشتعل لهفة ، ماكان بسببّ همسه وبس كان بسبب قربه الي دايّم يهلكها ..


مرُوج ..
واقِفة بوسط الصالة وهي لابسة فستان العيّد وتتمايل بأريحية قدام أبوها اللي يضحك على تصرفاتها وعلى مرحها المُعتاد
كانت غيّر ، كانت حتى بتصرفاتها وطريقة تخطيّها لضرار ولحياتها وأمانها معه فارِقة
ما بقت بنفس المكان ، ما بقت تناظر للدمعة تجففّ طراوة خدها مابقت تمسحّها بكل لحظة تتهادى على خدها ،هي ما بكت أصلاً عُقب ليلة فراقهم !
هي ماعاشت وجع فراقه ولا بضيّق حياتهم من بعده أبببداً !
بالعكس تغيَرت تماماً عرفت بعد هاللحظة إن أمانهم وحياتهم الحلوة شيء بيدينهم ، ما بيكتسبوه من شخص غريب عنهم !
لا كفوف يديّنهم كل الأمان بينها ، كل الراحة الي كانو فاقديّنها وحضرت بحضور ضرار والي ظنوا إنها من بعده بيفقدونها بقت حاضرة !
صنّعت نفسها من الصِفر ، وبما إن كل مُرادها شغل ينسّيها التعب وإنها وحيَدة والأهم شغل يخليّها تبقى بحدُود أبوها ! إختارت الطبّخ
لأجل يملأ عليها فراغ وقتها ، كان المُتعارف عليه إن كعكات مرُوج ماكانت شيء هيّن أببداً
فكيَف لما تتفنن فيها ، فكيف بأشكال الكعكات الرقيّقة واللي تشابهها حيَل !
وبعدما إنتهت من طلبيات العيّد اللي أهلكت جسدها أخذت تلبس فستان العيد وسط ضحكات أبوها ، بعد ترديد تكبيّرات العيد بوسط المكان ، والتلفزيون يعرض لهم رحلة الحجاج بوسط مراسم الحج، والفرحة بقلوبهم كانت عميَقة لدرجة مامر طاري للحزن أبداً
صحيح مازالت آثار الغصّة بحلق أبو مروج كونه خسّر ضرار ، بس سعادة بنته كان لها الأولوية
وضحكتها الي ماغابت عن ثغرها طبّطبت على قلبه وأسعدته وحييّل،كان ملاحظ تغيرها وطريقتها بالعيّش ، ملاحظ مكافحتها وقوتها وعدم خضوعها للحزن وهذا بحد ذاته قوة !
أبتعدت عن صدر الصالة وهي تبتسم وتتبختر بمشيتها وهي توقف قدام الطاولة الي بنهايتها وتجهز لها قهوة صبّاح العيّد ، تتأمل الآلة وهي تقطر القطرات البُنية بإبتسامة خافتة ، ومن إنتهت وقفت بجنب الطاولة وهي ترتشّف قهوتها وتتأمل ظلها المعكُوس على طرف الجدار ، ليلها الأسود اللي تسلل نور الشمّس من بين خصلاته ، غُرتها الكثيفة الي تسكن مقدمة رأسها بخضُوع تاموقامة جسدها المهَيبة اللي تمثل ،شموخها ،قوتها،وعزة نفسها
كان وقوفها بس .. يوضح المعاني الكبيرة الساكنة بين طيَات شخصيتها،فكيّف بباقي تفاصيلها ؟
أبتسمت وهي تلتفت لأبوها وتتقدم وهي تجلسَ قريب منه وسط فرحة العيَد الي ماغابت عنهم حتى وهم شخصيّن بس بهالحياة؛لإن العيَد من شعائر الإسلام الي وجبّ عليك تفرح بها حتى بمآسيك،ولأن كان يكفي مروج أبوها لأجل تضحك وكان يكفي أبوها ضحكتها لأجل يستمر بالحياة


بوسّط بيت البُهور
كان صوت كايَد هو الصوت الي يعلا بكل مرة يعلا فيها صوت الحجاج ، يرردد وراهم وهو مبتسم ، حتى إن رائحة العُود زادته فرحة وزاد عيّدهم بهجة
لإن هالرائحة الي إمتزجت برائحة القهوة ، صارت مرتبطة بلحظة تخرجهم ، بلحظة الفرح الكبيَر
ألتفت على خروج أمه من غرفتها وإبتسامة هادية على وجهها ، وقال بفرحة وهو يقترب منها ويقبّل رأسها بخشوع : ياامرحباً والله يابهجة العيّد وزينته وفرحته وألوانه ، وش هالزين يا أم وهَاج ؟ عذبتي قلوبنا
ضحكت من كلامه وضربت كتفه بحياء ، وهو ضحك من قلبه وهو يقول : أستحيييتي ؟؟ يابعد هالقلب والله
صدت عنه والخجل غامرها وألتفت لصوت الكعب العالي والضربات القوية على الأرض ، ومن لمحو غُصن تخرج من الغرفة بكعبها الي أصرررت تشتريه برغم الرفض القاطع من كايّد
إلا إن وهّاج لبى طلبها ، وبُفستانها الأحمر الي كان من إختيارها بعد وهي ترمي أطراف شعرها للخلف بإبتسامة فخر وهي تقول : وش رأيك فيني ؟
صفّر كايَد بضحكة كان كاتمها بصعوبة وهو يقول : والله خطّيرة يابنت أختي ، بس علامك تسوين بشعرك كذا ؟
أبتسمت بطفولية وهي تكرر حركتها بحماس أكبر وتقول ببراءة : مو قلت إني شمس ؟ الحين اذا سويت كذا بشعري رح ينور المكان الي يمر فيه شعري
ضحك من وسط قلبه وهو يقترب منها وينحني لها بحب تام وهو يحضنها لقلبه وسط إبتسامتها ووسط ضحكة حليمة الي قالت : والله البلاء منك ، لاتضحك عليها وأنت الي معلمها
أبتسم بضحكة وهو يبتعد عنها ويرجع شعرها للخلف بإبّتسامة : وأنا الصادق ، شوفي كل مكان مرت فيه نسايَم شعرها نوّر وشعشع نوره !
أبتسمت حليَمة بخفوت وغُصن غطت وجهها بيدها بحياء لما فهمت كلام كايَد وسط ضحكته الهادية ، ووسط ذهوله لما إبتعدت عنه وهي تقول : بروح لبابا وهَاج عشان اخليه ينور بشعري
ضحك بصدمة وهو يوقف ويناظرها وهو يحك طرف ذقنه بعدم إدراك للطافتها : بس تراه وهَاج بكبره مايحتاج نور خارجي
ما إستمعت له وهي تتقدم بخطواتها المتعثرة بسببَ الكعب بإتجاه غرفة وهَاج

بيّنما بحدود البهُور الخاصّة فيه ..
كان متِكي بظهره على طرف الكرسي ومثبّت رأسه على مقدمته و أطراف سبّحته تراقص أصابع يدينه ، وعيونه تراقبّ جُل تفاصيلها الي ماغابت أبببداً عن قلبه ، طلاء أظافرها الأحمر ، فستانها الرصاصّي الي بطنها بارز بسبّب إلتصاق الفستان بكل قوة على جسدها ، خاتمها الي يحتوي زُمردة فضيّة ، حلق إذنها سلسالها الي يعانق عُنقها ، وحتى إحمّرار وجنتها الي تدمرت بسبّب خجلها وبسبب نظراته الي أحرقتها بحياءها
#لابد_يا_سود_الليالي_يضحك_حج اجك


ماكان عندها القدرَة الكافية اللي تتركها تتحرك على راحتها ولاهي قادرة تصّد عنه وتتعامل بالتجاهل ، لإن هالة وجوده كانت تكفيّ لأجل تعيش بخجل غامر طوال الوقت
بدأت ترجف يدينها وعجزت تكمل زينتها وقفت بمكانها وهي تستند بيدينها على طرف التسريّحة وكانت تحاول تناظره من مرايتها لولا إنها إرتجفت أكثر لماإستشعرت وجوده خلفها تماماً ، لما ثبّت ذقنه على طرف كتفها وإلتفت ذراعينه حول خصّرها وهو يتنهد وكإن هالتنهيّدة جبل على قلبه من شدّتها قبل ما تتسائل وتسأل عن سبّبها قال بخفوت : تدريّن" سلامي على الناس بكل مرة حق مسلم على مسلم
ولكن سلامي عليّك أنتي إعجاب واكبار وإستعظام"
سكت للحظات ثم أبتسم بتنهيّدة وقال : كان ودي أقولك شيء حلو ولطيّف يشبهك بس كل مرة يخرج كلامي يشبهني بالوصف وما يشبّهك
إرتسمت إبتسامة هاديّة على حدود وجهها لما فهمت إن تنهيّدته كانت بسبب كثرتها على قلبه وكثافة جمالها على قلب بحجم الكف وأبتسمت أكثر لما ثبّت يدينه على حدود بطنها بحنية مُطلقة كانت "ذراعينه علامة التنصيص، وهي الأقتباس"
مثل ماتحتوي علامة التنصيص الحروف الي بين حدودها ، كانت ذراعينه تحتويها بكل قوة
وهذا بحد ذاته يكفيها قالت بإبتسامتها الهاديّة : أنا عارفة إني مرأة حلوة بس أصير معك أحلى وأحلى ، وبعديّن مستهيّن بوهاج ؟ بلاك ما لمحته بعيوني أنا
ضحك بهُدوء وهو يناظر إبتسامتها من إنعكاس المرايَة وتذكّر كل ليلة تمر وهي تحكي عن مكانته العظيمة بقلبها بس كل مرة ما يمّل ولا يتهادى الملل حتى على باب قلبه : هليّ على مسامعي ، من هو وهّاج بعيونك يا أم فهد
مازال يتأمل تعابيّر وجهها الي كانت تحتوي إبتسامة خافتة ونظرات آسره بسبب قُربه ولكن من حكى آخر كلامه بدأت الإبتسامة تتسّع بكل حبُور و بدأت نظراتها تتحول للدهشّة والذهول وهي تزيّح يدينه عن بطنها وتلتفت له بضحكتها المُشعة وهي تقول بنبّرة تميل لعدم الإدراك : أم فهد ؟
أبتسم بهُدوء من ضحكتها وفرحتها الواضحة : ودّك يكون فهد ؟
هزت رأسها بإيجاب وبحركة سريعة وهي مسترسلة بضحكتها وعيُونها تصغر أكثر وأكثر وهي تتذكر إنها من شهر إتضّح جنس الجنين وكان"ولد" ولكنهم ما تناقشو بالإسم أببداً ، وماكانت تدري إن وهَاج مجهز لها هالكم الهائل من الحب : ظنّك بيكون لي ود ثاني ؟ بس ليَه فهد ؟
تبّادرت إبتسامة وقار على وجهه تحمّل أسمى المعاني وأطهرها وهو يناظرها بنظراته المُعتادة لها


ولكن نظرات وهّاج ماكانت عند دُجى عادية أبداً ولا بتكون بيوم من الأيام ، كانت دائماً غير وفارِقة : فهد صاحبّ الأولة ، جمايله على ظهري مثل جبّل ما ينهد ولا بينهد طول عمري ، فهّد بمقّام الأب بعيوني
تعرفيّن وش معنى يكون لك أب وأنتي بعمرك ماذقت طعم الأبوة ؟
رجع خطوة لورى وهو يضحك بصدمة ويقول بذهول : يا مثبّت القلوب ثبّت قلبي عن هوى هالبنية ، ليييَه تبكيين ؟
مسحت دموعها بطفولية بطرف يدها وهي ترفع رأسها وتناظر بإبتسامة دامِعة : العتب عليّك ، تقول مثل هالكلام وتسأل ليه تبكيّن؟
أبتسم وأقترب منها ودواعي الفرح تجتاح كل محيط قلبه ولما عانقها مثل ماتضُم علامة التنصيص الإقتباس ضحك من وسّع قلبه وردّد بصوته الهـادي : أم فهد ، أم فهد
ياكمية البّهاء الي يحمله هالإسم ياضحكة العيّد
ضحكت وهي تشد عليه ولكن ما إستمرت إحاطته لها مدة طويلة ، كون دقات الباب كانت الفاصّل بين فصله لروحه عنها ، أبّتعد عنها وهو يبتسم من سمع صوت غُصن وأقترب وهو يفتح الباب
ومن تهادت نظراته عليها ، مسكت أطراف فُستانها وقالت بإبتسامة ساحِرة : وش رأيك ؟
مسَك قلبه بطرف يده وهو يدنو منها ويضحك بعفوية ع تصرفاتها وقال: ملكة ، أميرة ، ملاك وأحلى وحدة بالبنات
ضحكت بفرحة من كلامه وألتفتو كلهم لصوت كايّد وهو يقول : وعروس عروس
أقترب وهّاج وهو يحضن غُصن لقلبه بكل قوة وهو يناظر لكايّد بطرف عينه : كفّ لسانك عن هالهرج ، هالبنت بتبقى عندي طوال عمرها
ضحك كايّد وهو يجلس بالجلسة تحت شجرة الليمون : من يجي فارس أحلامها بتركض له وتنسَاك مثل ماركض غيرها
ضحكت دُجى الي سمعته وهي تلبس عبايتها ووهَاج أبتسم من ضحكتها مع ذلك وقف وهي بوسط حضنه وذراعه مُلتفة بإحكام وهو يقول : صدقني لو يصطف على الباب أشبال الرجال ما خذوها من بين ضلوعي
أبتسم كايَد ووهّاج دخل الغرفة وهو يترك غُصن على حدود التسريّحة وكان بينسف الشماغ لولا إن يدين دُجى كانت سبّاقة ، أخذته من على حدود التسريحة وناظرته وهي تبتسم وهو من فهم مقصدها إنحنى بقامته لها وسط ضحكة غُصن الي قالت : دُجى مرة قصيرة لازم بابا وهّاج يقصر رجله عشان يوصل لها
ضحكت بُهدوء دُجى وبدأت تثبت له الشماغ وسط نظراته الساكِنة والهاديّة اللي تتبع تفاصيل وجهها وهي منهمكة بترتيب الشّماغ
وسط نبّضات قلبه المهلُوكة ، يحس إنه معها طفل ماتعدى عمر العشر ، يحس إنها بمقام أمه
لإن كل المشاعر الي كان واجب يعيّشها مع أمه
عاشها مع دُجى .. الحُب الي فقده من حليّمة
لقاه بقلب دُجى له
لذلك ما يظن إنه بيذوق مُر وهي معه أببداً
لما إنتهت ألتفت وناظر لشكله بالمراية وأبتسم وهو يلتفت ويقول لها : منتي بهيّنة يا أم فهد


ضحكت من حلاوة اللقلب وغُصن رجعت تتعلق بعُنق وهّاج وسط إحتواءه لها بإبتسامته الهادية وخروجه من الغرفة ،ووسط تثبّيت دُجى أطراف عبّايتها على كفوفها ولحاقها لهم
صبّح عيد ، يعني البّهجة أكبر يعني الضحكة أعلى يعني الهم ما ينوجد أببداً
مرت ساعة وسط ضحكهم ووسط تبادلهم أطراف الحديّث المُحبب للقلب ووسط ريّحة العود الي إنتشرت بالمكان بشكل هائل وإمتزجت بريّحة دلة القهوة الي كانت بيدين حليّمة المكسُوة بالكثير من الحنّاء ، واللي من لمحها وهّاج قال بإبتسامة والي كان دايم يتعمد يقابل جفاها بحنيته المُعتادة : يديّن إنكست بالحنيَة ماهو بالحناء وبس
أبتسمت بخجل لما صفّر كايد وهو يضحك على تعابير وجهها ووسط ضحكتهم على غُصن الي إقتربت منها وهي تقبّل كفوف يدها ، وإنقضت هالسَاعة وسط رحابة صدورهم ، ووسط سلام العيَد الي خذاهم على حيَاء
ووسط جفاء حليمة لدُجى الي مازال مُستمر وواضح
من بعدها وصت حليمة كايّد يوصلها بعد صلاة العيَد للبـهاء كون مالها أهل وأحبّاب غير سُلطان
بيّنما دُجى وغُصن إنتظرو وهّاج لأجل يتجهون لفهد



على حدود المطَار .. الي بدأ يجر شنطته بيده اليمين بعد رحلة أنهكت جسده ولكنه من ركبَ السيارة وتوجه للحييّ ومن بدأت تكبيّرات العيد العالية تتردد بوسط رأسه أخذت الحيَاة ترجع لجسده بشكل كبيَر ، أخذ يبتسم بحماس وهو يعدل جلسته ويسند ظهره للخلف وهو يناظر للسّماء الي بدأ وهّجها ينبثق بأريحية من بيَن الغيوم الخجولة معلنة إن هاليوم يوم عيّد
وصل لحدود البيّت ، ومن فتح الباب حتى خطت أول خطاويه لداخل وإرتسمت إبتسامة فرح كبيرة على معالم وجهه وضحكة إنسمع صدى تردداتها بأنحاء الصالة ، أمه وأبوه بوسط الصالة مستقلبيّنه بالورد والضحكات
" وش باقي تبي يا بُرهان ؟ أمانيّك الي كانت بحدود ضحكة من أمك وإلتفاتة من أبوك تحققَت ، والإهتمام الي فقدته خلال سنيّنك الي مضت لقيته .. يارب ماباقي غير قلبي توّلاه "
تقدم وهو يبادلهم أحضان الشُوق الي الشوَك كان مستقر بقلوبهم بسبب غيابه عنهم ، هالشهور ماكانت سهلة عليهم وهم الي من بدؤ يستوعبون مكانته بقلوبهم صارو يفقدونه بالدقيقَة فكيف بالشهور ؟ وهم الي من عرفو عن رفَض البنت الي نوى يتقدم لها وقلوبهم تحرقهم كونه واضح إنه جر خطواته لمكان غير بس لأجل ينسى ولكن مانسّى
لأجل كذا حاولو يحتوه ، حاولو يكونون له عيّد
وفعلاً ما غابت عن عيونهم ضحكات بُرهان ، ولا إبتسامته المُهلكة الي رسّمها لهم

بريَق ..
كانت جالسة بالصالة الداخليَة وتناظر بخواء للمكان ، تناظر لأمه بنظرات مُتعبّة والضيّق يسيل بكل نظرة من نظراتها


تتأمل ذبولها المُخيف ،إنطفاء الحياة بعيونها



تتأمل ذبولها المُخيف ،إنطفاء الحياة بعيونها
وجهها الشاحبّ ، طريقة عيشها الي تهّلك القلب
أمها الي كانت تشع بالحياة بنظرها صارت وكأنها شبَح جسد بلا روح
من اللحظة الي غاب وقاص فيها عن أنظارها وهي متلاشية عن الحياة ، من اللحظة الي إنكسر ظهرها بولدها وهي ضايعة وسط القهر
من اللحظة الي تشتت شمل عيالها وهي تسبّح وتغرق بموج الوجع ، كانت تراقب وديّع كيف منهد حيله وكيف يمثل القوة وهو مُهلك وموجوع ، كانت تتأمل بريّق بنتها الي تدعيّ النور ولكنها مُطفأة وكأن أحد سحبّ منها إسمها بالقوة
كانت تراقب ضيَاع عيالها بصمت وقلب يبَكي وجع كونه مايقدر يقدم لهم شيء ، وأبّشع عقاب ممكن تتلقاه فايّزة كان هالعقاب
اللي يتركها تتمنَى الموت وهي على فراش الحياة
اللي يتركها تتمنى تغيّب لأجل ينتهي هالوجع ولكنها مستمرة بالضيق والقهر
من اللحظة الي غاب فيها وقّاص وأنسجن بتهمة باطلة كونه ماكان له علم بالمخدرات وهي تبَكي ليلها ونهارها .. ليه ينسجن ولدها ظلم وبهتان ؟
تنّهدت بريق وهي توقف وتصّب لأمها قهوة وتبتسم بمجاملة لعل وجهه أمها يتمدد بسبب إبتسامة ولكن هيّهات
قبل تجلس والضيّق ينساب من وجنتها ، تبّدل الضيق بالخجل الغامر اللي لطّخ بياض وجهها بالإحمرار الشديّد بسبب صوت وديَع العالي الي قال فيه : آوووه ترى أصبحنا صبّح العيد ، القمر ليه للحين متوسط بيتنا ؟
ضحكت بهُدوء وغمَرها الصمت بسبب خجلها
حتى إن ضرار الي دخل ورى وديَع وقف بجنبه بكامل بهاءه وناظرها بهُدوء وعلى مُحياه إبتسامة هاديَة ، تقدم بعدها بخطوات صغيّرة حتى وصل قبالها وقبّل رأسها بإبتسامة وهو يقول : ما تحسيّن إنك ظلمتي بنات جنسّك ؟
عقدت حواجبها بسبب إتهامه لها وإحساسه الغريّب وهو مرر يده على طرف حاجبها وهو يضحك بهُدوء : ظُلم إنك تأخذين كل الجمال عليهم ، خذيتي كل زيّنهم بصبح العيد ، خافي ربَك
ضحكت بصدمة من كلمته ووديّع أبتسم وأقترب منها وهو يمسَح على شعرها بإبتسامة وهو يقول : عيّدك مبارك يا أختنا الحلوة ، علمينا من الي ينافسك بحلاوتك ؟
بعدت عنهم وهي تأشر عليهم بسبابتها بخوف : أنتو ناوييّن على شيء صح ؟
ضحك وديَع وهو يقرب ويقبّل رأس أمه وهو يجلس جنبها ويقول : أنتي تشوفيَن بنتك يمة ؟ إن مدحناها سوت لنا سالفة وإن مامدحناها قطعتنا بلسانها .. ماينعرف لها
أبتسم بضحكة ضرار وهو يجلس وهي كتمت تنهيّدة الراحة الي غمرت فؤادها بدخولهم عليها
وأيقنت إن أُنسها وفرحها حضورهم .. لولاهم كان بقو بضيّق وتعاسة حتى بيوم العيد
كانو أخوانها يدينها الي تمسّح دموعها بكل مرة تحاول تبّكي فيها .. اليدين الي تطبطب على ظهرها باللحظة الي تحسّ إنها على وشّك الإنهيار


أخوانها كانوا مثل ضحكة العيّد بعيون الصغير
كيف تغيرت هالة المكان من الصمت والضيّق
لضحكات عالية ووجوه مبتسمة تحاول تتناسى الضيّق فيها !
أبتسمت بتنهيدة وهي تكمل بهاء صبَح هالعيد معهم ، وبعد دقايق طويلة وقفت فايَزة الباهتة
وناظرت لبريَق وهي تقول : بتروحين معي لخوالك؟
ناظرتها بريّق بتوتر وهي خايَفة تكسر بخاطر أمها
ولكنها للآن تتذكر نظراتهم لها ، تتذكر كلامهم من خلفها
ولاودها تكون بمكان ماتحس إنها مرتاحة فيه
يعزّ عليها تترك روحها تعيش هالضيق في ظل هالرحابة ، لمح ضرار ترددها وقال وهو يوقف ويكاتفها بإبتسامة : عيدها الي مضى عندهم
هالعيّد بأخذها معي
ناظرتهم فايَزة بعدم إهتمام ومشت من جنبهم بخطوات خاملة ووجه عابّس شاحب وسط سكونهم ووسط خطوات وديع الي لحقتها
والي كانوا متعودين على حالتها هذي
ألتفت بريق لضرار وقالت بإستغراب : وييّن ناوي تأخذني؟
أبتسمت وهو يبتعد عنها خطوة صغيرة ويقول : لأهلي أنا .. يالله إلبَسي عبايتك وألحقيني السيارة
تعالي وريّهم بهاءك ، عيب والله جمال مثل الي على وجهك يتخبّى بين هالجدران بيوم عيد
أبتسمت بحَياء من كلامه وهو بادلها إبتسامة رضا وخرج من الصالة وهو مازال مبتسم ، يعزّ عليه يشوف ضيقها وضيق رحابتها وهو الي تعود على بريَقها ، من لما رجع وهو يداريها ويحملَها على كفوف الوّد .. لإن أخته تستاهل الدلال وما تستاهل الضيّق أبببداً
لإن له أخ كان بيفرط بكل هالجمَال أخ سلبّها كل هالرحابة ، وأخذ على عاتقه يعوضها عن كل هالضيق


أما ببيّت أبو كل الحنيَة ، فهد

معاني الي متوسّطة الصالة ،تناظر للطاولة المُكتضة بكل أنواع البقلاوة بإبتسامة هاديَة ،ودقات قلب عالييَة .. الإنتظار يخلق مشاعر ماكانت موجودة
التفكيّر يتركك تتخيل حتى حياتك مع الشخص بمجرد تقدمه خطوة صغيرة لك ، فكيّف بخطوات بنيان الكبيَرة حيل ؟ فكيف بإصراره وبحضور طاريه بلحظة ؟ فكيف بعدم صبره ولهفته الواضحة لعيون الكل والي ماقدر يخبيّها؟
كيف بيكون قلب معاني الي ماذاق طعم هالحلاوة من قبل ؟ كيّف بتكون مشاعرها له ؟
ضحكت ضحكة خافتة لما لاح لها طاريّه وكلام فهد عنه ، وحلطمة لافي طوال الليالي بسببه
وتبّدلت الضحكة بإحراج مَهيَب لما جلس بجنبها فهد وهو يقول : أظن جاء وقت نفرح صح؟
فزت من مكانها وهي تبتسم بإحراج وتقبّل رأسه بخضوع وهي منكمشة على نفسها من حياءها وسط إبتسامة فهد الهادية
لحظات صمت بريئة بالمكان وإنتشرت بعدها ضحكات هائلة مصدومة وصوت لافي يعلى بالمكان وهو يضحك بصدمة ، دخل الصالة وهو حامِل خيال بين ذراعينه ويمشي فيها بخطوات متبخترة






"جوري" غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 11-10-21, 02:34 AM   #72

"جوري"

مشرفة منتدى الروايات المنقولة

 
الصورة الرمزية "جوري"

? العضوٌ??? » 333867
?  التسِجيلٌ » Jan 2015
? مشَارَ?اتْي » 1,010
? الًجنِس »
?  نُقآطِيْ » "جوري" has a reputation beyond repute"جوري" has a reputation beyond repute"جوري" has a reputation beyond repute"جوري" has a reputation beyond repute"جوري" has a reputation beyond repute"جوري" has a reputation beyond repute"جوري" has a reputation beyond repute"جوري" has a reputation beyond repute"جوري" has a reputation beyond repute"جوري" has a reputation beyond repute"جوري" has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي





الضحكة ماغادرت وجهه وصرخ من وسط جوفه : يافهد الحق ، البارحة ما كنا نقدر ندحرجها واليوم أشيلها فوق ضلوعي ولا أحس بها ، عطيني الخلطة ياعمة تكفيَن ؟
ضربته على كتفه وهي تبتسم بضحكة طوال الوقت ، من لما أخذها من جنب باب غرفتها وهو يركض بها للصالة وسط عدم إستيعابها
ووسط ضحكة فهد الهاديّة وإبتسامة معاني على ملامح الخجل بوجه خيَال ، نزلها لافي وهو يتأملها للحظات وقلبّه ينأكل أكل عليها ، لو كان يضحك معها ويضحك عليها إلا إن قلبَه يحرقه
" رجعت لهم نحيَلة مثل خيّط حزن ما حزن "
مع ذلك ما حاول يبيَن ضيقه بالعكس ، كان يدري إن إهله يحتاجون الضحكة ما يحتاجون الضيّق ، وهو ضحكتهم
لذلك جلس بجنب فهد بعدما قبّل رأس عمته معاني وهو يدف البقلاوة عنه بإشمئزاز ويقول : يشهدالله على كثر حبي للبقلاوة على كثر كرهي لها هاللحظة ، غثّنا فيها هالجنوبي كل يوم
ضحك فهّد ومعاني مثلت عدم الإهتمام وسط ضحكة لافي الهاديَة ، ووسط تعليقاته الي ماخلت من السخرية ومن الحلطمة ومن الضحكات الي كانت تعلى بالمكان بحضوره
وسط فرحة فهد وضحكته الكبيَرة والي واضحة كل الوضوح على وجهه ، مازال يتذكر مرور العيّد الأول عليهم بصمت بضيَق بقهر
لذلك كانو يحتاجون مثل هالضحكات لأجل يعيشون فرحة العيَد ، ألتفت وهو يتأمل وجه خيَال الي أنكسى بفرحة العيَد ، والي حاولت ماتوضح بقايا ذبولها أبببداً كانت تحاول تكون بخير بكل طاقتها ، حتى بلون فستانها الأبيّض والمورد بكل تفاصيله ، وحتى شعرها اللي بلون العسل الي يطفو على سطح ظهرها بأريحية
وإبتسامتها الذابلة والي بسبَبها قرب فهد وهمس لها بهُدوء : "ماهو تعب ؟ تشيلين الضيق بخاطرك وأنتي شايله كل هالجمال "
توسطت إبتسامة خجولة أطراف ثغرها وهي تصد عن فهد بحياء وسط ضحكته الهادية واللي سكنت إبتسامتها فؤاده من شدة لهفته عليها ومن شدة شوقه للضحكة الغامرة بالفرح على وجهها ، كان سعيَد إنها بدأت تستعيَد الضحكة بدأت ترجع للحياة
ألتفت للافي الي قال بضجر : وين المحزم المليان للحين ماجاء ، وين أختي الي نستنا من يوم أفلحت(راحت) لزوجها
ضحك فهد وهو يوقف ويقول : قبل لحظات تسبّ في بنيَان والحين مأخذ لهجته على لسانك
شهَق لافي وهو يوقف معه ويقول بذهول : إسمع يُبة لحظة ، والله ماهو ببنيَان الي عداني ، هذا واحد من العيال الي عشت معهم الشهور الي راحت، جنوبي بحت وليلي ونهاري مقضيها سوالف معه
معاني قالت بضحكة وهي تأشر على وجهه : مادامك تسولف طوال الوقت ، هالشمس الي أحرقت وجهك من وين؟
تنهد بآسى وهو يتجه للمراية ويتأمل وجهه : والله ياعمة الدورة العسكرية طلعت ماهي لعبّة


ضحكو كلهم على تعليقه وعلى نظراته المهلوكة وبلحظة وحدة سمعو صوت البُوري العالي والي كان من سيارة وهَاج وبدورهم كبّرو الخطوات بإتجاهه ومن توسطو الحوش بدأت التحايا تتبادل وسلام العيّد يعلى بفرحة ، ورغم إنهم تقابلو بصلاة العيد قبل ساعة بس لابد من هالفرحة يكررونها من جديد ، إقتربت دُجى وهي تقبّل رأس أبوها وكفينه بإبتسامة وهو بدوره كان يتأملها بفرحة وحتى إنه أحتضنها لدقايَق طويلة
مهما بلغ حبه لكل الناس تبّقى دُجى غير ، تبّقى مكانة هالبنت بقلبه غييير وغيَر وغير
حتى لما قال لافي اللي يناظرهم بطـرف عينه : خلصت علينا الحب هالبنت
ضحكت دُجى الي متوسطة حُضن أبوها ، وضحك وهَاج واللي كانت أسباب ضحكته نظرات غُصن للافي المستنكرة والي كل شوي تهمس به : ليه وجهه أحترق كذا ؟
ولكن همسّها كان صوت عالي بالنسبة للافي الي قال بقهر وهو يتخصَر : إمسك لسان بنتك عني قبّل أخليها مكان هالأضحية ، ماهو بعشانك إنقبلت إعلام وأنا أنسخلت في شمس العسكرية بتخليها تتكلم بكل قلة حياء علي
ضحك وهَاج أكثر وهو يحضن غُصن له ويقول : خلها تحكي باللي يحبه قلبها أنت لو ضرّك حكيها قفل إذنك وفكنا من لسانك ذا
قبل يتكلم لافي ويرد بقهر على وهَاج ألتفت بصدمة وهو يخطي الخطوة الفاصلة بينه وبين وقوف فهد ودُجى وقال بذهول : عيدي ماسمعتك؟
ضحكت دُجى وهي تتأمل تعابير وجهه أبوها الجامدَة ونظراته الي الدهشّة تسسيل من كل أهدابه : كل عام وأنت فرحة العيَد ، يالي تغنّى ولدي بإسمك
لافي الي فهم معنى كلامها على طول قال بإعتراض حاد وهو يسحب فهد عنها ويقول : ويلك من الله يالجرادة ، تبي تأخذ السماية مني ؟
ضحك وهَاج وهو يأشر بيده ويقول : السمايّة لك مالنا فيها عازّة ، حنا نبي بركة الإسم وحنية صاحبه
أبتسم لافِي بهدوء غير مُعتاد عليه ، للحظة ماحبّ يكمل السيّر على طريق شخصيته المرحة الساخرة ، هالمرة بيكون لافي الهادي لأن تعابيّر وجه أبوه كانت غيّر ، ملامح البهجة الي بدأت تظهر على ضلوع وجهه كانت كافية لأجل يسكت
وضحكته الرنّانة الي صدعت بأرجاء المكان كانت تكفي وتوفي لأجل يلتزم الصمت
فهد الي ماكان مصدق ، ولاكان هالخبّر سهل عليه .. يحلف إنه كان يتمنى يحمل ولد دُجى إسمه لليالي طويلة ، ولكن إن أمنيته تتحق بهالسهولة ؟
كان الموضوع كبيّر حيييل عليه برغم بساطته بعيون البعض !
أخذ يأخذها بحضنه بكل قوة وسط ضحكتها الهادية ووسط فرحته اللي إنتشرت على كل الموجودين ، حتى إن خيال ومعاني من شدة علو الصوت وقفو بجنب الشبّاك يسمعون الي يحصل
وفعلاً من قال فهد " يا حظ أبوك دام ولدك سميَه .. ياحظه يا دُجى"
وهنا فهمو سبّب الضحكة والفرحة الغامرة



ألتفت لوهّاج لما همست له دُجى " وهَاج يقول إنك راعي الأولة وعقبك ماوده يصير غير أبو فهد "
وتقدم له وهو يسّلم عليه من جديد وسط إبتسامة وهَاج الخافتة بسبب توتر فهد اللي حاول يخفيه بُحضن حنيّن وسط ضحكته ، ووسط فرحة لافي الي بقى متكتف ومبتسم ، وبعدما غمّر دُجى بحضنه وهو يقول : وحيّا الله أم فهد
يليييّق والله عليك ، بس على هالجرادة ما يليق
ضحكت من كلمته وهو أبتسم لها بهُدوء ومن بعدها توجهت دُجى لداخل وفهّد مع وهَاج ولافي توجهو لمجلس الرجال وللحوش الداخلي
الي بينتظرون فيه حضُور الجنوبيّ وضرار وحتى الصعّب الي أعلن حضوره صبَح هاليوم

وبعد ساعة من هاللحظة ، وقفت سيارة ضرار بجنب الباب ونزل منها ومن خلفه بريّق ووديع
توجهو لباب بيت فهد الي كان مفتوح بدون ما يضطرون للدقّ والإنتظار والي وقفت بريّق بوسط الحوش وهي تناظر لضرار بربكة وتقول : ضرار تبّيني أدخل عليهم كذا وكأني بيت أبونا ؟
ضحك ضرار من كلمتها وأشر على الباب الداخلي للبيت وقال : أدخلي وبس الله يهديّك ، وش هالحياء الغريب على بريّق ؟
وديَع أبتسم بضحكة وهو يتكاتف مع ضرار ويقول : والله صارت شخص غريب، ولا بريق الي وجهها مغسول بمرق تستحي تدخل على بنات مثلها
سكت للحظات وبعدها شهقّ وقال بذهول : تخافيّن تضايقينهم بجمالك صح؟
ناظرته بطرف عينها وهو ضحك بهدوء وقال : أقولك متغيرة ، ولا من متى صرنا حنا نمدح جمالك وأنتي ساكتة عنه ؟
تنهدت بخفوت وضرار ربّت على كتفها بإبتسامة : عطيت دُجى خبّر إنك جاية ، معليك بتلاقينها تنتظرك
هزت رأسها بإيجاب وهو إسترسل بإبتسامته ومن بعدها مشى مع وديّع للمجلس ، وهي بقت بمكانها تفرّك يدينها بتوتر والإرتبّاك مأخذ نصيب من قلبها ،دائماً تكره هالمواقف ومستعدة ترجع للبيت هاللحظة ولاتدخل عليهم من شّدة حياءها
ناظرت للحوش بنظرة سريعة وكان خالي من أي حس فحسّت بالأمان وسحبت عبايتها لينكشَف جسدها بفُستانها البنفسجي الي كانت تفاصيله بسّيطة ولكن مادام إلتف على جسدها فصار مُغري،مذهل،وباهي حد الغرُور؛لإن العادي يصير عندها مبُهر
أخذت تفهق شعرها بكفوف يدينها للخَلف بعدما تعطر النسيّم الي حولها بريّحة شعرها
وأبتسمت بهُدوء وهي تثبت شنطتها بطرف يدها ، حاولت تجمّع جسارتها وتدخل ولكنها تأفتت وهي ترجع خطوة لورى بضجر : الله يهديَك يمة ، يعني لو جيتي معي وكنتي حلّيلة وش كان صار بالدنيا؟
تنهدت وهي ترجع لورى وتناظر للمكان بإستطلاع ، ومن لمحت كاندِي تتمشى بالمكان شهقت بإبتسامة وهي وهي تترك شنطتها على جنب ، وتمشي لها بخطوات مُتعثرة مُتناسية الي حولها ، ومحيط نظرها كان يحتوي على كاندي

من وصلت لها حتى أخذت تمسّح على وبرها بضحكة وبإستمتاع ، تحبّ القطط ولكن أمهم كانت مانعة وجودها تماماً ببيتهم لذلك ما إقتنتها رغم محبتها الشديَدة لها ، وكاندي كانت ساكِنة مكاانها وثابتة بأريحية في ظل جلوس بريّق الي إستمر لأكثر من دقيقة بجنبها
بعدما حسَت على نفسها ، أبتسمت بتنهيدة ووقفت على عجل وهي ترتب فُستانها بهدوء ، ومن رفعت رأسها عقدت حواجبها بإستنكار للحظة ثم شهقت وهي ترجع خطوة لورى لما إستوعبت إن عيونها عانقّت عيونه بكل وضوح
بجسده الصلب الي يحتضنه قُماش ناصع البيّاض وبشماغه الأحمر الي مثبّته بالعقال ماغابت عيونها عن نظراته الشمسّية الي خلعها بمجرد شوفته لها ، كان هالوقوف أشبّة بزلال دمّر كل أركان صدرها .. من متى ووقوف الصعبّ سهل ؟
الصعبّ الي من حضر وأتصل على لافي ، أعطاه خبَر إن الباب الخارجي مفتوح فدخل بدون صوت وبخطوات هاديّة ولحظة الي إقتربت خطواته من الحوش كان يسمع صوت ساخر ومقهور .. ولكن نبّرة هالصوت ما نساها لأجل ينتظر ويميزها !
هالنبّرة مندفنة بوسط قلبه وبين كومة مشاعر ماهي سهلة ، ولحظة الي ترددت من جديد على مسامعه إشتعلت كل المشاعر وكإنها ما خمدت أبداً
لحظة الي تقدم ولمحها بجنب كاندي منحنيّة بكل أريحية وشعرها يغطي وجهها وجسدها الي كان مايّل .. ولكن مازال لون الفستان واضح أتم الوضوح قدام عيونه
كان هاللون عادي عنده ، وحتى إنه متناسي وجوده لقلة شوفته له خلال حياته ، ولكن ليه هاللحظة حسّ إنه إلتفت به طوال فصول حياته؟ ليه تلونت كل مشاعره وكل تفاصيله بهاللون بمُجرد إنه كان محظوظ عشانه إلتف حول جسدها ؟
بين زحمّة مشاعره العنيفة هاللحظة كان الضيّق له محل ومستقر والسخرية أخذت مكان وسط هالضيّق " غيرت جغرافيا الأرض لأجل تنساها ونسيت جغرافيا مشاعرك ؟ رايح تنسَاها وجيت وأنت ناسي تنساها يالصعبّ "
من لما إعتدلت بوقوفها ووضح له كل تفاصيلها من أقصاها لأدناها حتى إهتزت كل أركانه
شعرها الي نافس النسيَم بلفحته جسدها الي كان منثني ومايل وفجأة إستقام بشكل كان كارثي على قلبه ومُخيف من شدة قوة المشاعر الي سيّطرت على قلبه ، "كان هادي وهوج العواصف بقلبه وبروحه"
كان جمالها مُسرف ولامنطقي لعيونه ، وين المنطّق بهالكم الهائل كله ؟
تساؤلات فضيّعة صارت تجتاح قلبه هاللحظة ، تساؤلات عجز يلقى لها جواب يشفي لوعة إستفهاماته " الأرض كيَف تحملت و شالت كل هالجمال ؟"



" قهوتها المُرة لاعانقت كفوف يدينها تبّقى على حالها مُرة ؟ ولا تحلو لإن هالكفوف لامستها ولإنها مرت على شفايفها ولإنها إختلطت فيها ، كيف ما إختلط فيها السكر ؟ لما تتذوقها من الي يعلن فيهم الأول إن مزاجه تحسّن؟"
" دواعي الجمّال الي على وجهها ليه صارت وسط قلبي ، ليه أحس إن قلبي صار مبّلل بريحتها؟"
" ليه بسبّب نظرة وإبتسامة خجولة تناسيّت كل الي مضى وعقدت الصلح مع إبتسامتها ؟"
"ليه وجهها يواسي جرح روحي الي كانت هي سبّبه؟"
" ليه كانت مثل هواء ، أتعب وأنا ألمها ولا يلمس صدري إلا الفراغ ؟"
أيقن هاللحظة إن الكلام الي إنقال في جرح المحبوب:.
"عيب المحبة لو تسبب لنا جرح!
نحب راعي الجرح ونحب جرحه". كان صحيح
كانت كثيّرة وحيل على قلب صعب ، وعلى قلب هو تايّه بين حُبه لها من شهور طويلة فكيّف الحين ؟
لمَحة لها ونظرات خاطِفة للحظات بسيطة كانت كفيلة بإنه يعيش بين طيّاتها شهور وشهور
نظرة بسّيطة عجز يسترد بعدها عيونه ، فكيّف هاللحظة ؟ فكيَف وهو تنعم بشوفتها وتأملها من أرفع خصّرة لشعرها لأخمص قدميّها ؟
فكيف وهي واقفة أمام أنظاره بكامل حُلتها وبكامل بريّقها اللي فجَر مشاعر عنيفة بقلبه ، هالمرة عجز يسترد قلبَه،هالمرة صار أسير بدون قيود أسير وجه وعيّون وقامة وجسد غر
ليالي طويلة كان من فرط الخوف يرسم تفاصيَل وجهها على الورق لأجل ما ينصدم بيوم من الأيام من تلاشيه من محيط ذاكرته بسبب قلة اللقاء
"كان يخاف يتوارى وجهها مع الأيام وهو ضحكتها لو كانت بوجه غيرها كانت من ذنوبه"
بقى ثابّت مكانه لإن وين الدرب اللي بيتحمل خطواته بعد هالكم الهائل من الشعور العذبّ
الي بسببه نسى كل المرارة وكإنها مامرت !
يراقب نظراتها وتفاصيّل وجهها المذهولة
كانت عاجزة عن خطو خطوة وحدة من مكانها ، سكنت على جوارحها وتوارى عن نظرها كل المكان إلا البقعة الي تحتوي وقوفه ، غير مستوعبة أببداً أمواج مشاعرها اللي سبّبت فيضان مخيف بقلبها واللي أهلكها من شدة دقاته العنيَفة
عاجزة عن بلع ريقها حتّى ، عاجزة عن كفَ الرعشة عن جسدها



كان وقوفه بس قادر على هلاكها وتحولها لرماد من شّدة إشتعالها من حياءها ومن ضيقها ومن لهفتها ، فكيّف بنظراته هذي ؟
نظراته اللي آسّرتها ، زلزلتها ، أهلكتها ، دمّرت كل موازينها ، صعبّت عليها موقفها ، ضيعت منطقها ، وسلبّت منها حق خطو خطوة بعيدة عنه خلال كل هالدقايّق
كانت نظرات لأول مرة تلمحها بعيون الشخص الي يتأملها ، نظرات بها غلُو من شدة الجمال
نظرات مهلوكة تعب نظرات تسيّل منها مفاهيّم الحب اللي تجهل بريَق مدى وسعه ، نظرات الإنتظار الي تُتوجت باللقاء اللي ماكان على الخاطر ولا على البال
من الي بيقدر يوصف شعورها هاللحظة ؟ ماكانت متوقعة أبداً إنها بتلقى كل هالحب بعيونه ، خصوصاً إن ندوبها ماغابت عن محيط عينه مع ذلك ما كان بنظراته غير الحبّ واللهفة والشوق
ماكان بنظراته غيَر عتب قتّال عاشه طوال شهور طويلة

تذكرت الشهور الي مرت وهي تبَكيه كل ليلة ، هي الي كانت تظن إنه نسَاها وإنها ماكانت غير محطة من محطات حياته وتعدّاها
هي تحبّه ولا بتنكر هالمشاعر أبداً ، هي الي تشجعت أصلاً وصارحته بشعوره
بس هي مثل ما تحبّه ، تخافه !
تخاف من نظرته لها ، تخاف من حياة بتعيشها معه في ظل تبخر بعض من جمالها ، تخاف تنصدم بحياتها معه وتنهلك بتغيره لا تأملها
غياب طاريَها عن نبّرات صوته في كل مرة يلوح صوته في برنامجه كان يبّكيها ، غياب حسّها عن كتابات الورق كان يحرق قلبها ، إبتعاده آلاف الكيلومترات قتّلها ، ماكانت تبيه يبتعد لو يبي يعيش عالأقل يعيش بنفس الجغرافيا الي تعيش فيها

ولكنها كانت تجهل إنها عاشت حتى بوسط أحلامه وبصحوته ونومه وبأوراقه ومناديله وقهوته ومقهاه وبرنامجه وحتى بكل عروق قلبّه
لذلك حضور حبه بنظراته أجبر محاجر عيُونها تنزف الدمع الحار اللي دمّر وجنتها من شدة حرارته ، وسط دهشته وذهوله وتقدمه لها خطوات سريَعة جرعته المرارة بمجرد ما لمح هالدمع
بيّنما هي رجعت خطوة لورى من إستوعبت الموقف وشهقت شهقَة خفيفة وهي تمسح دموعها بطرف كفها بحركة سريعة بيّنما مالت شفايفها للجنب وهي تحاول تبّقى أقوى بحضوره
جاهلة إنها ضعيّفة .. ضعيييييَفة حيييل من يقرب منها صوته فكيف بحضوره هو ؟
هي الي بدأت تحبّه ، وهي الي عاشت معه بالخيال وهي اللي قضت ليالي طويلة تحت حنيّة صوته ، هي الي إستمدت قوتها منه بليالي ضعف
كيف تكرهه وتبّغضه أو ترفض قربه ؟ ولكنها تخااف والخوف ماكان بسهل أبداً على شخص هشّ مثلها عاش كل حياته بخوف

إلتفت بصعوبة عنها وإلتفاتة جسدها عنه وميلانها الكبير عن إستقامة طريقه أجبَره يعقد الحاجب المقهور ويضيّع منطقه ومبادئه الي غابت عن عيونه وأصبح أسير عاطفته


غاب عن وعيّه وعن كل العُرف الي المفروض يلتزم فيه
غاب عنه وقع الحرام على قلبه ، لإن هاللحظة كان بنظره بس إن الحرام صدّها عن قلب يهوى حتى ممَشاها
نسى كل الي فقهه ودرسه وأنعمَت عينه من شدة عتبه اللي أجبّره يوقف قدامها ويحجب عنها القدرة على المشي وتخطيَه وكأنه يقول " لو ودك تتخطيّني أعبري من خلالي"
ولكن ماكان لها قدرة على العبور لإن خطاويها إنبّرتت بذهول من وقوفه قدامها ، ومن قربه المخيف منها لدرجة أُلجمت وتدمرت كل خلاياها من شدة رجفتها ، ماباقي غير خطوتين صغار ويلاصقها وهذا بحد ذاته زرع الرعب بداخلها
أمَا هو حضنت أطراف جيبه كفوف يدينه لأجل ما تتمرد كفوفه وبدال لا تلامس قماش ثوبه تلامس جلدّها الباهي وهو يقول بعتّب وضح بنبَرة صوته الدافيّة : ياقوّ قلبك ، معقولة مالخطاوييّ لك خاطر ؟
أحد يصَد عن عيون محبوبه بصبّح عيد ؟ حتى الي بقلوبهم ضيّق على بعض يتصافون بيوم العيد ، فكيف وضعي وأنتي الي بقلبي ؟
سكت للحظات بسيّطة وهو يتأمل دهشتها وبعدها قال بصوت خافت : ماودك نتصافى ونملأ فراغات أصابعي بأصابع يدينك ؟
وبدال هالخطاويّ الصغيرة الي بيننا خطوة كبيرة نقفل على النسمات لا تمر من بيننا ؟
تدّمر وجهها وبشدة وإمتزج ذهولها مع دهشتها مع حبُها وتراكم المشاعر العنيفة الي أهلكتها مع خوفها ورعبها من عيّش هالموقف الي ما تهادى حتى لذاكرتها ولا لأحلامها من كبّره !
بقت ساكتة مكانها ورجفة شفايفها ونظراتها المذهولة هي الي وضحت لبُرهان موقفها والي تبّسم بضيق وقال بتنهيَدة :" هذي سواياك وأنتي تحبيّني وش عاد خليتي للي ما يدانيني؟"

تقدم خطوة صغيرة لها ولكن هالخطوة بعثّرتها وأنهكتها ورتبَتها وأعادت العبث فيها فتهادت خطواتها للخلف
وهو قال بهُدوء متجاهل كل الي حوله ومستمع بس لنبّضات صدره الي أعمت منطقه وعينه عن كل شيء إلا عن حبه لها الي ما ظن إنه بيكون بهالكثرة كلها : "خايف،أنا خايف، أمشي لك سنين،ويجفّ قلبي من الظمأ،
‏وأنزف حنين،ما نلتقي!" قد قلت لك هالليالي مثلك أحبّها وأخافها،لأجل كذا هذي آخر خطاوييّ عقبها ببتر أقدامي من علُوها لأجل ما تخطي من جديد

شاركت كفوف يدينها بالرجفة بسبب كلامه الي ترك علامة إستفهام عميّقة بوسط صدرها ، بالأحرى ترك جمَرة تشتعل بجوفها مثل ماهي تاركة جوفه يشتعل بسبب رفضها له بدون ما تعطيه أسبابها ، وإنحصر تفكيرها بهاللحظة ب " بيخطي من جديد ؟ ولا بتنتهي الحكاية هنا"
ولكن إبتعاده عن طريقها وإزاحة جسده عن خطاويها تركت لها إجابة أهلكت روحها ، مازال غارق بتأملها ، مازال يسرف بنظراته لها ومو خايف من التبذير فيها
لإن هالجمال اللامنطقي حتى الزعل ما يحجب القلب عنه !


مشت بخطوات متعثرة من جنبه ، وحتى برغم الزعل ماغاب عن عينه تمايّلها ولا خطواتها المرتجفة ولا لفحة شعرها الي داعبّ بخصلات نسيم صبّح العيد وحتى رجفة يدينها تأملها
ولما وقفت بمحاذاته وهي ناوية تمر ، أخذها بغتة ووقف قدامها بالتمّام وهو يقول بهُدوء وتحت تأثير الكم الهائل من مشاعره الي سيّطرت على منطوقه وعلى صوته ونبرته ونظراته
جاءته بموج ، وجاءها بفيَضان: أنتي لي مثل ماعروق قلبي لقلبي !
أبتسم إبتسامة خافتة متناسي عتبه بعدما غرق ببحّر رجفتها : وودنا الضيّق معك ماودنا بالسعة أبَد ياعروق قلبي
وكإنه بهالكلمات وده يوصل لها هالجملة بالذات " إرحمي عزيز قوم رفض كل الأماكن وطاح قلبه على بابك"
تخدرت كل أطرافها وغزى كل جسدها رهبَة عميقة وخوف أربكها وتركها تعجز عن السيطرة على نظراتها أو تعابير وجهها أو حتى رجفة قلبها اللي من نطق آخر كلامه تسبّب بزلال مخيف بكل أنحاء قلبها وكان يتردد داخله"عروق قلبي،ودنا بالضيَق معك"
رجفت ومن شدة رجفتها رحّم حالها وحرّرها من هالة وجوده وهو يرجع بخطوات كبيرة للخلف ويترك لها مجال تستعيد أنفاسها وترجع للواقع بعد حضوره الخيالي الي يستحيل يكون بنظرها على سطح هالأرض
مشت على عجل بخطوات مختلة من شدة فقدها للإتزان بسببه ،من الي بيكون متزن بحضور الصعّب ولهفته الي غرقتها ؟
هالمرة ضاع حياءها من دُجى وعماتها ودفعت الباب للأمام بكل قوة وهي تدخل بدون ما تتردد أبداً ، لأن الخجل والخوف المحبب والرجفة الي تعتري قلبها بسبب الصعبَ كانت تكفيها !

المُخيف بالموضوع إنه حتى خطواتها وهي مقفيّة عنه كانت" مُغريةوآسرة"

تنّهد ومسح على وجهه وهو يناظر لشنطتها الي مازالت على الأرض ، والي الواضح نستها من قوة إشتداد الشعور عليها
خافَ فعلاً هاللحظة ، خافَ إنه لو يخطي ترده
خايف لو ردته ينكسر كسُر ماعقبه جبر أبداً
لذلك وسّع نطاق خطواته ، وسّع مشاعره ومداراتها وتجاهل الي حوله وهو يرجع لسيارته
ومن لمح أوراقه المبعثّرة تبسم على حين غفلة من قلبه وأخذ يجر القلم بأريحية على الورق
وهالمرة ما بيرميها خلفه هالمرة بيتّوج إنتظاره بشيء يستحقه ،ودّه يحاول بكل طاقته وده يتخبَط ويعاتب لأجل لأنتهت كل هالمشاعر يثول " سويّت الي بقلبي والي بيديني وعلي" لأجل ما يكون بقلبه أدنى شعور للندم
أخذ الورقة وهو يمشي بخطوات هاديَة للمكان الي يحتوي شنطتها ، وتركها بداخلها وهو يبّتسم بهُدوء ، يدري إنها تحبّه ولكن ليه تحبَه وترفض قربها منه ؟
ماكان يهمه أسبّابها المهم تقرب منه وأسبابها هو بنفسه بيعالجها لاصارت في ضيق ضلوعه


مشى بعدها وهو يدخل من الممَر الداخلي للحوش ويتجه للعيال الي تهادت أصوات ضحكهم العالية لمسامعه وأبتسم على إثَرها وتقدم بخطوات هاديَة لهم ، ولكنه عقد حواجبه بإستنكار وهو يوقف ببداية الحوش ويلمح لافي واقف وبيده السكيّن الكبير وقدامه بنيَان الي متكتف وواضح إن لافي يستفزه ولكنه كاتم غضبه بكل قوته
بيّنما البقية واقفين على حدود الحوُش وصوت ضحكاتهم وااصلة لحدود بُرهان ، حتى إن فهد الي كان يغسل يده وقف معهم وهو يضحك بهُدوء
لافي اللي كان نافخَ بصدره ويستعرض بالسكيّن والي من جاء وقت سلخ الأضحية وهو رافض يمسك السكين أحد غيره : والله ما يشوي الكبّدة ويأخذها غيري ، أفا يالعلم بس
بنيَان الي كان يناظره بطرف عينه قال : يارجل أخاف من تشوف كبدها تهّج وما يمسكك أحد عقبها
ناظره لافي للحظات ، وبعدها إنحنى بكل عجلة وهو يثبت السكين على جلد الأضحية ويسلخها بكل برود وسط ذهولهم ونظراتهم المصدومة منه
ضحك كايّد وهو يصفر له : إببببك أنت قل لي من بقى ما أفتخر فييك ، كفففو كفووو
فهد الي كان يضحك بذهول وعدم إستيعاب ، لافي الي كان ألزم ماعليه كشَخته وترتيبه وحتى نظافة ملبّسه ، تغرق بدم الأضحية بصبّح عيد وماكان يهمه أببداً بالعكس إستمر يحدّ السكين ويكمل عليها ، أيقن فعلاً إن جانب منه تغيير وكثير بعد هالشهور
بنيّان الي رجع خطوة لورى وهو كاتم ذهوله وضحكة هادية بانت على وجهه وهو يقول : لا العسكرية بان مفعولها
رفع رأسه لافي وناظره بطرف عينه وأخذ يكمل وسط وقوف الطباخ الي رح يتكفل بشوييّ فطور صبَح العيد
وبعد لحظات الذُهول الي إستمرت لدقايق بسيطة ، تقدم لهم بُرهان وإنبترت خطاويه بهلع بسبب صرخة بنيّان اللي من لمحه ضحك بذهول : أرحبببببَ
أبتسم بإحراج وهو يحك طرف ذِقنه ويناظرهم بتوتر بسبب أصواتهم الي علّت ترحيب فيه
واللي تنوعت الجُمل وكثير ولكن النبرة والفرحة كانت متشابهة " نورت الشمّال يالصعب "
" جعلها ترحبّ ملاييين بوجه فيه فرحة العيد"ميية هلااا يامذيعنا إشتقنا يارجل"ياهلا ياهلا ببرهان الي غاب ونسانا"

هذا غير تسارع خُطواتهم بإتجاههم وتبادل أحضان الشوق والفرحة وسلام العيّد الي خذى من قلوبهم كل الضيق ، كان ناقص حضور الصعبّ ، ومن حضر كبّرت الفرحة وتوسّعت بكل قلوبهم .. هالعيّد كان غير فعلاً
لإن كلهم حاضريّن ، لإن كل البهجة حاضرة!

بوسط دخولهم للمجلس ولافي الي كان منقهر ومنجلط بسبّبهم قال بذهول : حسبي الله وكفى
إستقبلوني من خلف الشاشات وهم ينتقدون وجههي وأنا بوسط الشموس، وهالصعب بوسط روما مستانس ومريح قلبه فرشو له الأرض ضحكات ، وين العدل والمساواة يا وديّع علمني؟



وديّع الي الحرج رفض يتركه يدخل للمجلس وبوسطه بُرهان؛للآن منكسي بالإحراج وما يدري ليه جاهل إن الدنيا قسمة ونصَيب وجهل إنك تقبل بأحد يتزوج أختك بس لأجل ما تحرجه وترده !
قربَ وهو يضحك على لافي وبدأ يضبّط الجمَر مع الطّباخ لأجل يبدأ الشوي : لو إنتهيت من الدورة ولقيتهم يحترقو لا ترفع يدك وتطفيهم ، يستاهلون
هز رأسه بتأأيد وهو يناظر للمجلس : صادق والله ، حتى المحزم سحـ...
إلتزم الصمت بعجل لما لمح كايّد يخرج وهو يضحك بفرحة وجيبه يهتز وهو يركض خلسّة عن عيونهم ، وسط وقوف لافي المستغرب
وقف كايَد قدامهم وهو يضحك ويخرج الحلويات من جيبه ولافي الي تفشل عنه وقال : غربّل الله إبليسك بعد كم سنة بتصير معلم وباقي تسرق حلويات العيد؟؟
ضحك من قلبه وبكل كثرة وهو يوزعها عليهم ويقول : تكفى خلني أعيش هالمواقف ، إنحرمت منها وأنا صغير وهاللحين جالس أعوضها
بس ترى والله الإحساس نفسه ، كإن توني بزر
سكت لافي بذهول من رده وبلع ريقه بصعوبة وهو يرمي السكيّن من يده ويأشر على الطباخ يكمل وأقترب من كايّد وهو ينفض عن قلبه غبار اللحظة المخيفة الي سيطرت على قلبه بسبب تهادي طواري طفولة صاحبه على مسامعه من جديد وقف جنبه مع وديّع الي ماخفى ضيقه بسبب كلمة كايَد وقال بضحكة وهو يشاركه الفرحة: أجل علمني وش سرقت ؟ يارب شيء يسوى
خخرج الباقي من جيبه وأخذ يعطيهم حتى إن لافي قال بقهر : أحد يجيب حلقوم يا كايد ؟ هذا الي يسلمك يخبونه ورى الكنب ما ينأكل
أبتسم بضحكة وهو يهز رأسه : شفت الجنوبي يخبيها عاد قلت بجربها أول ثم أحكمها إذا بخبيّبها أو لا
شهق لافي وفز من مكانه وهو يقول بعصبية : صدق والله ؟ خبّى الحلقوم ورى كنبنا؟ والله لأوريه يومه هاللي ما يستحي
شكله مايدري إن عمتي معاني هي الي ترتب هالمكان ولا كان كنسّه برموشه
ضحك كايد وهو يهز رأسه بآسى على لافي اللي مازال يبّغض كل الرجال الي يرتبطون بنساء عائلته ، يكرههم لإنهم أخذوهم من وسط بيته
لإنه يظن إنهم فرحته وإن فرحته بيأخذها شخص غيّره ! وهّاج وحتى بنيان أكبر مثال على كرهه لهالطاري

وبوسط سفرة الفطور الي يحوفها الفرح والأجواء البديّعة اللي ما إكتفو فيها بإبتسامات كانت الضحكات تعلى وتعلى ، وبرغم ذلك ماكانت تخلى السفرة من طقطقة وهَاج على لافي
ولا من محارشة لافي لبنيان ، ولا حتى من ضحكات ضرار الي هالمرة ماكا صامت كان يشاركهم هالفرحة ومبتعد أتم البعد عن الآسى والضيّق ، وبوسط أكلهم قال وهَاج وهو يناظر لبنيان بإبتسامة : عقبال ما نأكل عشاء زواجك يالجنوبي
ضحك بنيَان بقهر من هالطاري اللي كلما قال إقترب أبتعد شهور وشهور



قال وهو يخفي قهره : آمين والله تبشرون بعشاء ما ذقتوه ولا بتذوقونه عقب زواجي أبببد
لافي الي صبّ له موية بالكأس قال بضحكة : صح والله شكلنا بنموت بعد العشاء ذا
ناظره بنيَان بطرف عينه وقبل يرد قال فهد بإبتسامة : ومتى ودّك نأكل هالعشاء ؟
إلتفت بنيَان بعجل وأخفى لهفته وخفته بكل صعوبة وهو يقول بإرتجال وإبتسامة لامبالية كونه يدري ما بيلبي فهد طلبه أبداً : نهاية هالإسبوع
ألتزم فهد الصمت للحظات ، ثم هز رأسه وهو يربت على كتفَ وهاج ويقول : أجل حيَاكم الله نهاية هالإسبوع للزواج
علّق الماء بحلق لافي وصار يكح بكل قوة وكايد من الخوف يدق على ظهره ، وبعد لحظات إستعاد نفسه وهو يلمح بنيان ساكن وهادي وماكان مصدق أصلاً ، عض على شفايفه بقهر
وفهد أكمل بإبتسامة : ودنا نفرح ، طواري الفرح غابت شهور عننا وماعاد فيه فايدة للإنتظار
ظروفنا إنقضت ونفوسنا صفت ، ولافي ولدنا حضر وودنا يحضر الزواج قبل يرجع .. هاه وش قولك يالجنوبي؟
بنيَان الي كان مذهول وذهوله عجز يتركه يرد أو يستوعب كلام فهد ، الي ينقال صحيح؟ خمسة أيام هي الي بتفصل بينه وبين لهفة هالإنتظار؟معقولة؟
إستوعب الموقف بسبب ضربة ضرار على كتفه وهو يضحك : يقولك عمنا فهد ودك بالزواج نهاية هالإسبوع ؟ ولا ظروفك ما تسمح؟
ألتفت بعجلة لفهد وهو يبتسم بربكة ويقول : أفا عليك يارجل ، حتى لو ظروفي ما تسمح أنا أهيئها وأخليها تخضع وترضى ، إعتبره تم
المهم أنتو ، تكونون راضييّن
فهم فهد مقصده بكلمة"أنتو" وأبتسم وهو يهز رأسه بإيجاب وهو يدري إن إقناع معاني بيكون سهل ، يدري بالبداية بترفض كونها بتتحجج بخيال وحالتها ، بس لمتى؟
ووسط هالسكون وهَاج كانت عيونه مصُوبة على برهان الي كان هادي حتى تفاعله معهم كان بسّيط وخافت وكإنه بعالم ثاني .. ووهَاج أكبر العارفين بهالعالم وبلهيبه ووجعه وقهره وضيّقه
ولكنه يدري إن برهان يعيش أضعاف أضعافه لذلك حاول يتدخل وهالمرة تمنّى يكون تدخله بيجمّع قلبين وما بيكسره فقال بإبتسامة : الله الله يعني عندنا فرح للجنوبي نهاية هالإسبوع
وعقّبال ما تتجمّل قلوبنا بفرح الصعّب
إلتفتو كلهم لبرهان الي ناظرهم بإستغراب كونه ما أنتبه لكلام وهَاج وبعد لحظات أكمل وهَاج بإبتسامة : وعاد لو تساوت الظروف وكان زواجه عقب زواج الجنوبي ،نستغل حضور لافي
لافي الي كان مستغرب حضور إسمع بالسالفة وأكبر إستفهام على رأسه كون حضوره لايسمن ولايغني من جوع لزواج بُرهان ، ولكنه يجهل إن وهّاج يستغل هالفترة لأجل يرتب تخبطات بُرهان الي وضحت لعيونه بكل كثرة

أكمل وهو يأشر على ضرار ويقول : عاد يا ضرار ندري إن بيت البنت بيت دلال ، بس ياخوك ودنا بخبر يفرحنا طولتو علينا والله
أرتبّك ضرار من وهّاج ، ولكنه من لمح بُرهان وتوتره وعلامات الدهشة والإستغراب تُحيط بهالة وجوده فهم قصد وهَاج ، وفهم نيته ووضحت له مثل وضوح التوتر على وجه الصعبّ
فقال بإبتسامة وهو عاقد النيَة يصر على بريّق تفكر من جديد : والله لو بنفرح فرحيّن ما بنقول لا ، يبّشر الصعب لأجله نفكر مرة ومرتين وعشر
رفع رأسه بُرهان وهو يلقي نظرات خاطفة لهم وأكتفى بإبتسامة وهو يرجع يأكل بصمت .. شعوره هاللحظة غريب عجيّب ماله وصف
رجع يناظر لوهَاج الي مبتسم له وهاللحظة كان وده يتخطى كل الموجودين ويحب رأسه من شدة إمتنانه ، صحيح إنه بالبداية إستنكر فعلته وأثارت ضيقه
ولكنه قبل يتهور ويتكلم فكَر بأسباب وهَاج وفهمها وما وقف الموضوع على الفهم! صار ممتن لها بكثثثااافة وبكثرة، تمنّى لو يقدر يحضنه هاللحظة من شدة فرحته الي كاتمها بصعوبة ، هو اللي كان طوال الوقت يفكر كيف يفتح الموضوع مع كبرياءه ويرجع يكلم ضرار من جديد ؛ ولكن وهَاج سهل عليه الموضوع وبكذا ما أذى كبرياءه ولا توجَع وهو يحاول ولا تردّد ضرار بالإجابة ،لإن الكل حاضر كان ضرار مجبور يقول بنفكر
وهذا بحد ذاته يكفييّه ،وبعدما جلسو للقهوة والشاييَ ، والي كان كوب الشاي الخادِر يتقلب بفرح بكفوف الجنوبي .. ليه ما أشعل المكان نار بفرحته؟ وليه ما غرقهم بأمواج لهفته؟ليه ما سمعو صوت ضحكات ال"آخيراً" تسيطر عليه؟
كيف قدر يبقى على هدوءه ورزانته المُعتادة ؟ كيف بقى ساكن وحتى تعابير وجهه ساكنة وهادية ، المشاعر الي بوسط قلبه مخيفة من شدة كثافتها كيف ماقدر يظهرها؟
رفع عينه وناظر للافي الي جالس قدامه ويكلم كايَد الي يضحك وواضح إنه يحش فيه ، فضحك بخفوت وهو يسحب صحن البقلاوة ويأكل بصمت ، أبببدًا ما يلوم لافي على تصرفاته
لإن بنيّان برأسه عذبّ زوج أخته عذاب العالمين حتى قدريأخذها .. يعرف قيمة البنت الي تحيط البيت بحنيتها لذلك ماكان يشرهه أبداً
بينما بُرهان الي كان مبتسم وفائض الفرحة طاغي على وجهه ، كان يناظر للورد الي مثبت على الطاولة الذهبيَة ويتأمل لونه ، أبتسم بضحكة لما كان طوال الوقت يظن إن لون هالور بنفسجي لولا إنه تأمله هاللحظة وكان أبيض وأيقن إن شوفتها دمّرت حتى نظرته !
ووسط هدوهم فز فزة قوية من مكانه وهو يرمش بذهول وبصدمة ، وفزته تركتهم يناظرونه بخوف ويقفون بإستنكار وسط إنهيار الأسئلة الخايفة عليه ، لولا إنه تدارك نفسه ورتب غترته وهو يقول بهدوء : أعذروني نسيّت شغلة مهمة وجبّ علي أخلصها قبل هالوقت


تنهدو براحة بينما هو ما إستقرت الراحة أبداً على حدود قلبه ، خرج يجر خطواته من المجلس وهو يناظر للمكان بذهول
وكإنه كان مخدر طوال الوقت والآن صحى من غيبوبة التخدير ، وكإنه كان مجنون والآن بان له عقل وكإنه كان غبي والآن زُرع له الذكاء
مشى بخطوات سريعة للباب الرئيسي وهو يتمنى تكون الشنطة للآن موجودة ، ومن لمح المكان خالي منها تأفف بقهر ومسح على وجهه بندم
فضّح شعوره بشكل مبالغ فيه ، تورطّ بأفعال ماهي من شيّمه ولا تمس شخصيته أببداً
خطى خطوات جريئة وعيونه خانته وغدرت فيه بسبب مشاعره ، ويدينه فضحت وأشعلت فضيحته على طيّات الورَق .. وهذا الشيء الي يبغضه ، مشاعره كانت ولازال مُقدسة عنده وتعز عليه يكتبها أو يقولها لشخص ما يقدرها
صبَ جل ندمه ولومه على جمالها اللي سلب منه عقله وسلب منه حق التفكير الصحيح لذلك م وهو يركب سيارته ويثبت يدينه على الدريسكون بشعور غريَب برغم إنه متضايق بسبب تمرد شعوره عليه إلا إنه ما ينكر لهفته على شوفتها : يالطيّف يارب ، جيت بشعور ورايَح بشعور ثاني
جيت وأنا متلهف لنظرة ورايّح وأنا حاصد الغنايم


وبنهاية صبح هالعيّد ، وبحدود قلب بريّق الي وكأنه بعد لحظات بسيطة رح يغادر صدرها بسبب رجفته الي ماهدأت ولا سكنت ولا مالت للسكون حتى ! كانت جالسة بينهم جسد بلا روح .. روحها معلقة تماماً مع الدقايق الي عاشتها معه
همسّه، قُربه ، عطره ، وقوفه ، كلامه
كل تفاصيله سيطرت عليها لدرجة عجزت تبّقى على حالها عجزت تكون حاضرة بينهم ، فاتها الكثير من هالجلسة ، سؤالهم عن حالها ، إنبهارهم بطلتها ، فرحتهم بحضورها ، طريقة حرصهم الشديدة على كفَ أذى خبر وقاص عنها
تفاصيّل كثير غابت عن بالها بسبب ملىء تفاصيل قلبها فيه !
وبعدما إنتهى هاليوم ، وأتصل عليها ضرار ينبَهها بإنه ينتظرها برى ، خرجت بخطوات مُختلة وهي تترنّح بمشيتهابعدما ودعتهم بتشتت
وسط إستغراب معاني وتنيّهدتها الخافتة : ياعمري عنها ، عيّب والله بحق جمالها يكون لها أخ مثله
شاركتها التنهيّدة دُجى وهي تشد بطرف يدها على كفوف غُصن الي كانت طوال الوقت معها : وش نقول عن أمها بعد ؟ هالذبول كله عشانها
هزت رأسها بإيجاب ، ومن بعدها ألتفت دُجى ولكنها فزت من لمحت رسالة واردِة ،تركتها ترتبَك وتركت معيار التوتر يزيد عندها بشكل كبيَر !!!


وبلحظات الإنتظار كان ضرار متكي على ظهر السيارة ومخبّي يدينه خلف ظهره ، ويناظر للي حوله بنظرات هاديّة ولكن للتوتر نصيب منها



يبتسم على ضحكات وهَاج مع فهد الي زرعت بقلبه فرحة برغم إنه مايعرف سببها ، يبتسم لإبتسامات كايّد مع وديع وهو جاهل عن محور حديثهم ويضحك من قلب على الجنوبي الي كان وسط سيارته ويضرب يدينه على الدريسكون بفرحة وواضح إنه منطرب مع أصوات الراديو
يشاركهم مشاعرهم ، كعادته وكعادة تفاصيل شخصيته
يشارك كل الي حوله فرحهم وشقاهم وأفراحهم وأتراحهم وأحزانهم سواءً قريب مثل أحبابه أو كان بعيّد مثل الي تعنّى لهم
ماكان يدري ليه ، ولكن الي يعرفه إنه غرقّ بالصفة هذي لدرجة ماعاد عنده قدرة للخروج منها !
ومثل ماغرق بضحكات وإبتسامات الكل ، مازال غارق بتفاصيّل خيال وحياتها الي مضت وغمامة الضيَق الي تحيط فيها ، مازال عقله يشوب بذكرياتها ودموعها بذيّك الليلة ، مازالت شوائب دموعه عليها وعلى ليلتهم تكسو قلبه ، مثل ماهو عاجز يتخطى أي شعور يعيشه
كان عاجز يتخطى شعور هالخيال .. عاجز يغض الطَرف عنها
وسط سكونه ألتفت لوقوف لافي قدامه ونظرات التدقيّق تحوفه وسط إستنكار ضرار الي أعتدل بوقوفه بإستغراب : علاّمك كأنك ذيب تنقص لك نعامة
ضحك لافي على تعليق ضرار وقال بإستنكار : قصدك أنا الذيّب وأنت النعامة ؟ آه يالقهر ياليتني حضرت وقت تخرجك من العسكرية كان تشمَت فيك تشمت العالمين
أبتسم بضحكة ضرار وهز رأسه بآسى : الذيّب عند العرب مدحة ، ليه خليت الموضوع طقطقة عليّك؟
ناظره لافي بطرف عينه وقال بسخرية : الذيّب إن راح أو جاء يبقى حيوان يا عقيّد ، لا تشبهني بالحيوانات
ضحك ضرار على طريقة تفكير لافي وهز رأسه بإيجاب ومن بعدها لافي سحبه على حين غفلة عن السيارة وناظر للي يخبيه خلف ظهره بلحظات صمت طويَلة ، قال بعدها بإستنكار : مخبيّ طوال الوقت كتاب ؟
حك طرف جبهته بربكة ولافي كان مستغرب للوضع ومن بعد لحظات ضحك وقال : جايّب لي عيدية كتاب ومستحي تعطيني؟ والله ما ألومك ياعقيد لا أنكسى وجهك حرج ، أنا وين والكتب وين ؟ الله أعلم وين كان عقلك يوم فكرت تجيبه
أبتسم ضرار بورطة من تفكير لافي ، وأنقهر من الفكرة الي خابت بسبب عدم قدرته على السَيطرة على الموضوع : أعذرني ياخوك ، هذا آخر الأفكار الي خطرت لي بين زحمة شغلي
سكت لافي للحظات وبعدها قال بإبتسامة ساخرة : صح والله أنا في بداية مشواري وعرفت علة شغلك ، أجل لو صرت مثلك ؟ ياويل حالي
هات الكتاب بس وكثر الله خيّرك ونرد لك هالعيديات بالأفراح
تورط ضرار وحاول يرقع الموضوع ويرجع أدراج هالخطُوة كون الكتاب ماكان للافي أبداً كان لشخص ثاني كان عاجز يوصل له وكان يفكر طوال الوقت بطريقة تسعفه ولكنه خاب ومالقى : لالا ماعليّك ، ببدلها لك بشيء يسوى




سحبّه لافي من كفوف ضرار بكل سرعة وهو يوقف خطوة بعيدة عنه وينقل أنظاره للكتاب وعنوانه وهو يميّل شفايفه للحظات بعدها رفع رأسه وأبتسم بضحكة : رواية كوميدية ؟ خلف الله عليّك ياعقيد ، بس يالله تسلم وكثر الله خيّرك بستفيد منها كثير
كتم تنهيّدته بصعوبة وأبتسم بضحكة وهو يهز رأسه بإيجاب ويدينه تتلحف جيوب ثوبه : أعذرنا على قلة الكلافة
أبتسم لافي بضحكة وهو يمشي لكايد : ولايهمَك
ومن بعدها ركبّ ضرار السيارة لما لمح خطوات أخته تتهادى معلنة إقترابها منه .. وإنطلقو لللبيَت مع وديع بعد يوم بديّع خلق فيهم مشاعر ماكانت على البال ولا على الخاطر
-
بيّنما لافي ناظر لغُصن الي تترنح بمشيتها وتتبختر بخطواتها بحركات متفاخرة ومن إقتربت منه رمت شعرها بإتجاهه وسط إستغراب لافي
واللي قالت بعدها : يارب ينور شعري وجهك
عقد حواجبه بإستنكار لما سمع صوت ضحكة كايَد الصاخبة وأنحنى لها بإستغراب وهو يقول : مافهمت؟
رجعت تلفح شعرها بإتجاهه حتى إنه إصتدمت خصلاته بأطراف وجهها وهي تقول بغرور وطفوليَة : شعري شمس ، ولو جاء على وجهك رح يجيه نور
رجع خطوة لورى بصدمة وذهول غير متناهي وهو يوقف ويقول : لاهذي ناوية تخليني أذبحها قبل أرجع ، أسألك بالله ياكايّد من الي معلمها هالحركات؟
ضحك كايَد من قلبه حتى إنه فقد إتزانه وأنحنى وهو يحضن غُصن بكل قوة وسط سخط لافي وقهره من تصرفاتها حتى إنه مشى عنهم متجاهل نداءات كايّد الضاحكة له : شيّطانة هذي ساحرة مب طفلة ولا آدمية

وبأحد السجون ..
الي رغم بعدهم عن أهلهم ورغم ضيّقهم
ورغم إنهم هنا داخل هالأسوار بسبب ذنوبهم
إلا إنهم ما فرطو بحقهم بالفرحة أبداً !
زيّنو المكان بأبسط الأشياء وخلقو جو حميمي ودافيء لعله يعوضهم عن دفء عايلاتهم !
ولكن هالدفء ما ملأ قلبه ولكنه زاد حسّراته حسرات ومرارته مُر وضيقه ضيق وقهر !
خلال هالشهور الي مرت كان يتحسّر على حياته الي إنتهت بوجع ماحسب حسابه ، يبّكي ندم على أخته الي لو درت إنه قاتل جمالها وحريتها

الشهور الي عدّت وهو متناسيها ويحاول يكمل حياته بدون ندم ، عاش ندمها أضعاف وأضعاف وأضعاف
كل ليلة تغرق مخدته ببحر دمعه وقهره ، على حياته الي أنهاها بسبب حقده وقهره وعلى سوايا يدينه الي دمرته وعلى فعايله الي أنهت حياة أخته معه !



أنغسل قلبه بدمع الندم ، حتى إن العيد ماكان له فرحة ولا بهجة بقلبه
جالس على سرير ويناظر للسقَف بنظرات خاوية ، كم عدّت من الشهور وهو هنا ؟
لا خطوات أخوانه خطت صوبه ، ولا أمه ولا بريقّ الي دمرها بحقده
معقولة إنتهت الحكاية هنا ! ومن بعدها بيموت وحيّد ؟


أما بسيارة البهُور
كانت طوال الوقت تفرك يدينها بتوتر ، ونظرة للطريقة ونظرة له ، تسرق نظرات لعلها تعرف حالة مزاجه
ماتنكر إنها من قرأت الرسالة وقلبها يرتجف
والخوف تضاعف بقلبها بمقدار ما ينحسب بميزان ولا بمكيال ، كانت الرهبّة لها النصيب الأكبر من تفاصيلها وماغابت أبداً عن وهّاج الي تنهد ووقف على الرصيّف وهو يناظرها بإستفسار : علامك ؟ ليه هالقلق يأكل من أطراف يدينك؟
سكتت للحظات وهي محتارة ومحتوى تفكيرها كان" هالحكي ينقال بيوم عيّد ؟"
ولكن إصرار وهّاج عليها ونظراته الي أربكتها وزادت القلق بقلبها وعجزت تداري الموضوع بالكتمان وغضّ الطرف عنه حتى بهالوقت ، نظراته القلِقة أجبرتها تهلّ كل السبحة ، وتنفض كل الي بقلبها على مشاهد سمعه ، وسط صدمته وذهول ونظراته التائهة وحتى يدينه كان لها نصّيب من الرجفة الي سرت بجميع خلايا جسمه بسبَب اللي تهادى لسمعه !
واللي كان عاجز عن إستيعابه أو فهمه أوحتى تصديّق أي كلمة إنقالت على سمعه ، لو ماكانت دُجى الي قالت هالحكي كان نفضّ كلام عدم التصديق بوجهها من شدة ذهوله !


وبنهاية هاليوم .. وبوسّط الليل
الليل اللي تجمّلت غيومه الغيُورة وغطّت القمر الخجُول وغاب نـوره
من بين الخطوات الهاديّة الي كان يخطي بها لافي بأركان بيتهم وهو يدندن بصوته الخافت ومبتسم على رحابّة هاليوم ، صحيح كان يضحك بس كان فاقد لذّة الضحكة الي من سبايّب أهله
لذلك كان هاليوم غيّر وخير !
بوسط رجوعه لأعتاب غرفته عقد حواجبه بإستنكار وخوف من صوت الضحكات الي ملأت أركان الممر ، الضحكات الي مرت من بين أبواب وجدران وأعتاب .. وماقدرت كل هالحواجز تمنع صدى صوت هالضحكات من إنها تتردد
لإن حتى الجدران والأبواب والنسّمات وكل أركان هالبيت كانت مشتااااقة لهالصوت ، مشتاقة لترانيّم هالضحكات ، مشتاقة للفرحة الي كانت من قلبَها والي مافرضتها على نفسها لأجل يسلى قلب غيرها ، لااا الفرحة اللي ماكانت متكلفة كانت تبي تفرح وبس !
للحظة دبّ الخوف بقلبه مثل دبيّب النمل على سطح صخرة ، تقدم بخطوات سريعة وهو يوقف قدام الباب ويضغط على كفوفه بإرتبّاك : معقولة هذي عمتي خيال ولا أنا مضيّع ؟ يالله ياربي عونك
وش هالأصوات تالي الليل ، لا يكون تلبّسها جني ولا أخذ عقلها قرينها ، البنت الي ما سمعنا حسها ولا أبتسم ثغرها بتالي الليل توزع ضحكات ، بسم الله الرحمن الرحيم
تأفف بسبب أفكاره المخيفة وأخذ يتلفت للمكان ، ومن بعدها قطع حبّل أفكاره بهجمة مرتدة على باب الغرفة ودفعه بكل عجلة للأمام وهو يلقي نظرات سريعة للغرفة بخوف وربّكة
ومن لمحها منسدحة بعشوائية على طرف الكنبّ وتلعب بأطراف شعرها وهي تتأمله بإستنكار
رمشّ بذهول ورفع كفوفه وهو يحك طرف رأسه بعدم إدراك ولا فهم ، تقدم لها بخطوات مرتجفة وضحكة بسيطة على وجهه وقال : علامك ياعمة؟ تسامريّن من بهالليل لأجل تضحكين كل هالتضاحيّك؟
ناظرته خيال بإستغراب وميّلت شفايفها : ليه ماودك أضحك؟
أبتسم بورطة وقرب وهو يجلس على طرف الكنب ويقول : أفا عليّك ودي تضحكين طوال عمرك ولوأسرق من ضحكاتي وأخبيها بثغرك
بس عاد ياعمة أنصاص الليالي الواحد يخاف ويفكر بأشياء غريبة
ضحكت بخفة بسبب كلامه وهو إشتدت إبتسامته بفرحة بسبب ضحكتها الي كانت فعلاً"ضحكة خيال" ماكانت مثل ماتوقع بأفكاره وقال بحماسّ : علميني وش سبايب هالضحكة؟ودي أكمل معروفها
أبتسمت وهي تعتدل بجلستها وترفع طرف الكتاب وهي تقول بإرتياح ولهفة : تعرف ؟ من زمان فقدت شغفي للقراءة بسبب أشياء كثير ، ولكن من لمحت هالكتاب وسط الصالة خذاني الفضول وأجبرت نفسي أقراءه
إعتدلت بجلستها من فرط الحماس والفرحة وهي تثبّت أطراف الكتاب قدام أنظاره وهي تأشر على صفحاته وتقول : حتى شوف ، تخيلي بساعات بسيطة بس خلصت كل هالفصول



وقف بإبتسامة فرحة لما لمح الكتاب وأشر عليه بذهول : يعني أنتي تضحكين بسببه؟
هزت رأسها بضحكة وهي ترجع تعتدل بجلسته وتفتح الكتاب على نفس الصفحة الي وقفت فيها : حلو حيييّل ، حتى وضحكاتي مسروقة ردّها لي
رمش بعدم إستيعاب وهو يضحك بسخرية على وضعهم"كتاب زرع بثغرها ضحكة وحنّا ماقدرنا على زرعها؟" هز رأسه بإبتسامة وقال : أجل أبشري بغيره ولا يهمّك
ناظرته بإستغراب وهي تقول بعدم فهم : الكتاب لك؟
ضحك وهو يرجَع شعره للخلف ويناظرها بنظرة فخر : ايي بالله لي ، لايكون طايّح من عينك؟
أبتسمت بضحكة وهزت رأسها بالنفي وهي ترجع تناظر للكتاب وتقرأ بإندماج شديد وسط ضحكتها وإبتسامات لافي الي بسبب إندماجها نست حضوره ، فسحب خطواته لخارج الغرفة وقفل الباب بعدما تأمل ضحكاتها براحة شديدة
أخذ بعدها جواله وهو يدور على رقم ضرار ، ومن لقاه كتبّ له رسالة على عجل " تعرف ؟ ما كبّرت ظنوني ولا قلت بستفيد من كتابك هذا وبفرح إنك أهديتني إياه ، بس سبحان الله كل هالدنيا مفاجآت ، بالله عليّك ياعقيد أبي كتاب غيره ونفس التصنييّف وحتى لو يكون أكثر كوميدية يكون أفضل وبأسرع وقت.. وإحتسب الأجر عاد "


بوسّط آثار الغبّار ، وماكان الغبّار المُعتاد الي يحمّل بين ذراته الأتربة ! لا كان غبّار الذكريات
الغبَار الي كل ذراته عبارة عن نسايّم مشاعر تهلّك قلبك من شدتها !
بوسطّ البيت المهجور .. مأواه ومنزله وأمانه وبيته ومأمنه
البيّت الي يلقى فيه راحته ويرمي ورى جدرانه عتبّه ، البيت اللي صادفّ فيه طرف من أطراف السعادة
وصحيّح إنه هالطرف صار لشخص غيره بيوم من الأيام وفوته على نفسه ولكنه صار خالي الوفاضّ !
الطرفّ رجع وكأنه يقول"أنا نصيّبك" أو يتمنى فعلاً يكون نصيبه !
بوسط الصالة اللي أثاثها ما تغير ولكنه زاد .. تتراكم الكُتب بشكل كارثي بالمكان ، تحيّط فيه من كل جهة !
ضرار اللي كانت أسوء أوقاته الوقت الي يقرأ فيه أوراق التحقيقات من شدة كُرهه للقراءة !
أصبّح هاللحظة يعيش بين طيّات الكُتب !

على سطح الكنب معتدل بجلوسه بشكل إرتجالي ، ومن حوله مجموعة من الكتب اللي ينقل أنظَاره لها بشكل تفحصُي ، كان يحتضن الشمعة بكفوف يدينه ويمررها على أسماء الكتب لأجل يتفحصها ، ومن بعدها ثبّت الشمعة على الطاولة وأسند ظهره للخلف وهو يتنهد بقهر : الله يهديّك يا لافي ، كانت هالرواية أفضل رواية قريتها من بين هالكتب! وإن حصّل وطلبتها متى بتوصل؟
تأفف وهو يرفع رأسه ويناظر للدرج الكبير الي توسّط هالصالة وصار يحتوي على رفوف من الكتب اللامتناهية ! العجيّب بالأمر إن كل كتاب سكنت أطرافه على حدود هالمكتبة نال حظه من كفوف ضرار ومن نظرات عيونه !


القراءة هي الي إنتشلته وأوته من حزنه.. كانت أسلوب من أساليب الحياة !
هو ماكان يحب القراءة ولا يواطنّها ، ولكن لإنها تحبّها صار يلتفت لها ثم يستلذ فيها ثم تعدي الساعات بدون ما يحس فيها ثم صار يحبّهها بالحيل
هو صار يحب القراءة لإنها تحبّها !
ناظر للكتاب اللي كان تحت أنظاره بنظرات مطولة ومن بعدها إحتضنه بين كفُوفه وهو يقلب صفحاته بتفحص شديد بعد لحظات أبتسم وهو يطبقه من جديد ويقول بخفُوت : وهذا ما يقل عن الي راح ، متأكد بيكون لقلبها نصيّب من الضحكة ، مثل ماكان لقلبي
نفخ على الشمعة ووقف وهو يشغل ضوء جواله والكتاب مازال بين كفوفه ،المثير للدهشة إن ضرار برغم مكوثه بهالبيّت سنين وشهور وأيام ما ينّقاس عددها ولا مرة فكّر يكون لضوء الكهربّاء نصيب منه !
كان إعتماده الكلي على الشمعات ، حتى إن ساعاته تمر بدون إحساس وهو يقرأ تحت ضوءها !
خرج من البيت وهو يقفله بالمفتاح وبهاللحظة وصلته رسالة لافي اللي من قرأها إنتشر الإستنكار بين حدود صدره بعدم فهم عميّق
ولكن تلون وجهه بألوان الضحكة بسبّب تفكيره الي مال تماماً لها
يستحيّل ويستحيّل يكون الكتاب بين كفوف لافي ، ومن الي بيكمّل نصف قراءة كتاب بأقل من يوم غيرها ؟
كل الي خطر بباله بعد هالضحكة إنه لافي كان الطريّق الصح اللي وصل بسببه للوجهة الصحيحة !
أخذ يناظر للكتاب الي بيده وهو يضحك ضحكة خافتة ومشى بإتجاه سيارته وهو يقول : لو أدري إن لافي وجهتي الصح ، ما حمّلت قلبي فوق طاقته
ناظر للرسالة من جديد وأبتسم : ياليتني كبّرت ظنوني من البداية .. وبحتسب الأجر ودقات القلبّ واللهفة والضحكة يالافي
هو ‏"أفنى عمره يحسِّب الخطوات بدال ما يمشيها" ولكن هالمرة قرر يخطيّ لعله يلقى سُقيا بعد هالعمر الذابّل كله !
هي اللي تطفلت على وجعه وسرقت نظرة عليه ، بيّنما هو عاش وجعها وسكن بين شهقاتها مُجبر لذلك يعرف كمية معاناتها طوال الفترة السابّقة لإنه عانى معها !
هو الي كان يشارك كل الي حوله مشاعرهم مُجبر كونه طبّع بشخصيته ، هالمرة كانت غير هالمرة ضحكته كانت من بين أوردة قلبه من لطف لشعور الي يعيشه ! كان دائماً يشارك الي حولهم مشاعرهم مُجبر ، ولكن صار معها هي ! يشاركها لإن وده لإن كل إهتمامه صار لمشاعرها!
رد عليه بنفس اللحظة الي طواري الضحكة تلوح بسماه " تبّشر بالسّعد .. ماطلبت شيء وأنا أخوك "


ومازال القُمر خجول ومازالت الغيُوم غيورة
ومازال الفجر بعيّد عن هالقلب الي يطلبّ العتق والرحمة!
ساعات مشّت وعدت ولكنها مازالت عايّشة بنفس اللحظة ! مازال همسّه بإذنها مازالت نظراته تكسُو جلدها مازالت رجفتها مستمرة وكإنها تعيش الموقف من جديد وبشكل متكرر



مازالت نظراته تكسُو جلدها مازالت رجفتها مستمرة وكإنها تعيش الموقف من جديد وبشكل متكرر
ماغاب عن قلبّها أي نظّرة له ، لبّسها وشاح مشاعره بكل إحتراف لدرجة إنها صارت عاجزة تنزعه عن حدود عُنقها!
كلما تحاول تتنّاسى وتتحرر من تأثيره عليها ، تنقطع أنفاسها وتضطرَب دقات قلبها بشكل مُخيّف
وكإنه فعلاً كان مُلتف حول عنقها مثل ما يلتف الوشّاح !
رفعت رأسها من على المخدة وهي تنقل نظراتها للغرفة بإضطراب !
وقفت بترنُح وهي تستقر بجسدها المّمشوق قدام المرايّة ومن بدأت تتأمل وجهها حتى صارت تمّرر أصابعها على تفاصيله وهي تبتسم على حيّن غرة ! كانِت تتسائل عن سبب إنهيار قلبه وسط نظرات عيونه لما تأملها
ولكنّها باللحظة هذي عرفت وأيقنت وش السبّب ، ماكان جمَالها الشيء الوحيّد وبس كانت القوة الي توضح بتفاصيلها كفيّلة بخضُوع قلب الصعبّ أمامها!
تنهدت بشعور غريب وهي ترجع أطراف شعرها للخلف بحركة إِرتجالية ، وتقدمت بإتجاه التسريّحة وهي تدندن بشعورها بإبتسامة وماتدري ليه خالجّتها هالإبتسامة .. اللي تعرفه إنه حتى لما تنقطع أنفاسها وتضطرب دقات قلبّها وترتجف كل أركانها ودها تبتسم ، لإن كل هالأعراض سبّبها "حضوره طيّفه لعقلها " وكان هذا يكفيها لأجل تبتسم هاللحظة
أخذت شنطتها البيّضاء وهي تفتحها بهدوء ، كانت نيتها تفرغ الأشياء منها وترتبها ، ومن سحبّت سحاب الشنطة وأخذت بعض الأشياء حتى وضحت لها أطراف ورقة بيّضاء تراكم التساؤل بقلبها بإستنكار كونها ما تتذكر إنها تركت ورقة بشنطتها ، وخصوصاً ورقة حتى طريقة طيّها متعوب عليها !
سحبتها بعدما إنتشر الفضول بقلبها ، وكانت ثواني بسيّطة حتى بدأت الورقة تهتز بكل رقة بسبب رجفة يدينها اللي إنهلكت هاليوم بسبب شعورها !
كانت تقرأها وتحس بمشاعر هائلة تنسكب بشكل مُخيف بصدرها ، حتى التناهيّد اللي إمتزجت بصدرها وكبّرت وصارت عظيّمة وعجزت تزفرها
كانت كبيّرة وحييل على قلب مثل قلب بريّق
ضعيّف وهش وسهل من ناحيته ، فكيف بعد حكيّه وقربه ؟
ولو إنه بيزورها شكّ بسيط إنه ما بيكون هو ، أو وّدها مايكون هو لإن قلبها تعب حيييل من كل هالمشاعر
مشت بعجل وهي تقترب من سريّرها ، وجلست على حافته وهي تناظر للدرج الي فوق رأسها
تأملت البرواز اللي ثبّتت فيه إعترافه ، كصورة تتأملها بصبّحها ومساءها عزّ عليها منديل إنكتبت فيه مشاعر عظيمة مثل هالمشاعر يكون رهيّن الدرج ! لذلك ثبّتته بجنب رأسها وحتى لو خطت خطاوييّ إخوانها لهنا كانت تزيحه عن أنظارهم لأجل ما يعرفون قلبها وش مخبي بداخله







"جوري" غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 11-10-21, 03:22 AM   #73

"جوري"

مشرفة منتدى الروايات المنقولة

 
الصورة الرمزية "جوري"

? العضوٌ??? » 333867
?  التسِجيلٌ » Jan 2015
? مشَارَ?اتْي » 1,010
? الًجنِس »
?  نُقآطِيْ » "جوري" has a reputation beyond repute"جوري" has a reputation beyond repute"جوري" has a reputation beyond repute"جوري" has a reputation beyond repute"جوري" has a reputation beyond repute"جوري" has a reputation beyond repute"جوري" has a reputation beyond repute"جوري" has a reputation beyond repute"جوري" has a reputation beyond repute"جوري" has a reputation beyond repute"جوري" has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي




سحبت البرواز ووسطّته حضنها وأخذت الورقة وهي تثبتها بجنبها ومن لما تساوت الخطوط حتى إمتلأت عيونها بشكل تلقائي بالدمّع البارد اللي رغم برودته من هوى مثل المطر على خدودها حتى تأثرت بسبب كثرته وإحمّرت بكل شدة ! كانت تقرأ كلامه وبكل مرة يشتعل بصدرها ننار اللي" يارب هو لي مثل ما أصابع يديني لكفوف ، وش هي الكفوف بدون الأصابع ؟ ولكن يارب أنا عاجزة عن تحريك هالكفوف يارب مدنييّ بالقوة"

مرت دقايق طويَلة وصوت شهقاتها بدأ يبهت ويختفي ، وأخذت تناظر للورقة من جديد بعدما تلونت بلون دموعها وميَلت شفايفها بتعب وهي تقرأها من جديد
تقرأ مشاعره الي نثرها على طيّات الورق وهو رهين شعوره باللحظة اللي غرق في بحر جمالها ورقتها وعذوبتها الي كانت صعبببَة حيل عليه
لدرجة كل الي بقلبه كتبه وما بخل بأي كلمة!
" أذكر أول لقاء ولمحة الخوف ويطري لي آخر لقاء ونظرة الرجاء
هناك أول لقاء ونبّتت أزهاري وهنا آخر لقاء وذبلت أوراقي
هناك أول بدايات الخوف وهنا أول بدايات اليأس والفقد والوجع
هناك حكايات القصيد وأول آثار أحلامي وهنا آخر خطاوييّ وبيت قصيد مكسورة أبياته
هناك المكان الي بديت أكتب فيه سطوري وهنا بكتب آخر شعوري
هناك هربّت من الواقع لوجهك الحالِم ، وهنا رجعتني تفاصيّلك لأول أحلامي
هناك كامل عمري خذيتيه ، وهنا سرقتي طواري العمر وسنينه
هناك بكت العيَن من اللوعة وهنا بكى القلب من الحسّرة
هناك عاثت بي مشاعري وهنا عاثت بقلبي آمالي

وأنا ودي يتلاشى الكاف من بينك وبيّني وأصير أنا وأنتي هنا ، أنا ودي ما يكون هذي آخر قطرات حبّر أخطها على ورق شوقي ولاودي" تكونين زرع بقلبي عجزت أنا الساقي عن قطفه" ، أنا ودي أكتب لين تنتهي أوراقي ماودي أوقف لإن أوراقي مالها صاحبة تحتضنها كفوفها !

أنتي الي خطيتي أول الخطاوي وأنا كان القلق ثوبي والخوف هِندامي ولا صرت شجاع إلا يوم حبيّت بنية شجاعة لأجل كذا"لا تلبسّين الخوف وأنتي شجاعة "
ممشاي الصعبّ صار سهل من خطته خطاويّك !
لأجل كذا إلمسي حنيني وتعالي لأجل ألمك لين تصير مخاوفك أمان .. وسوّد الله وجه من يرد قلبه من على بابه "

كم ساعة مرت ؟وكم إحتضنت هالساعة دقايّق وعدت وهي تقرأ سطوره وتعيدها وتكررها ماتدري ! الي تعرفه إن رسالته خذتها من روحها وعيشتها بين سطورها لدرجة ذاب الخوف مثل ما يذوب الدمع بوسط محاجرها
إنتبهت على نفسها لما إرتفع صوت المؤذن معلن دخول وقت صلاة الفجر
ومن على صوته وهو يقول " الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله"
حتى على الأمان بقلبها وإستكنت كل مشاعرها وتلاشى خوفها وبانت الوجهة بدربها
لإن الله أكبر على كل مخاوفها ودموعها



أخذت تلتفت بكل عجلة وهي تناظر جوالها والعزم معقود بقلبها مثل ما إنعقد الصعبّ عقدة حجزت تحلها
وهي تتذكر كلام ضرار لما رجعو من بيت فهد " إنفتح موضوع ماظنتي بيوم تقفل
والصعبّ من جديد رفع كفه ودقّ الباب من غير تفكير ، ودك ترجعين تفكرين من جديد فيه ؟
أنا والله ماودي غيره يكون لك نصيّب ، وإن كأنك تبين تردينه من جديد فخذي وقتك بالتفكير لين يتغير رأيك وتعدليّنه ،صعبّ مثل الصعب نرده يا بعد هالعيّن "

كانت تلمس الودّ بعيون إخوانها ورغبتهم الملحة بالموافقة عليه لإنهم يدرون من هو بُرهان
لذلك ما إحتاجت للتفكير الطويل هالمرة !
كانت سطوره وعيونه تكفي وتوفي لأجل تعرف الطريق اللي تسلكه ، هي كانت خايّفة على قلبها منه بسبب ندوبها ! وهو كتبّ بدم قلبه على الورق لما فاض من تأمل هالندوب لذلك"ليه تخاف وقلب مثل الصعبّ يحبها؟"

كتبت الرد لضرار بدون ضغوط وبكل لهفة لإنها وإن كانت تحبّه هاللحظة صارت تخاف من بعد كلامه ينتهي كدّه عشانها لأجل كذا تمسكت بآخر خيوط الأمل بقلبه وإن كان الخوف منه زَال
مازال موجود من أشياء كثير غيره ولكنها تدري بتتلاشى بقرُبه
" موافـقة يا ضرار .. ولكن بشرط .."



وأصبّح الصبح ، وإنتشرت شمس الشمَال بين أركان هاليوم ! أصبّح الصُبح بكل قلب غير قلبه
كان واقف قدام الباب البُني الكبير ينقل أنظاره الغير مستوعبة للحدث لحتى هذي اللحظة
مازار قلبه الأمان من ليلة البارحة وإنكسى هالقلب خوف وصدمة وذهول تلبّس لباس الرعب بعدم تصديق
من نطّق ثغر دُجى حتى ذابت كل عظامه بوسط جلده وتلاشت سكينته وسكنت الرهبّة جسده
كانوا عايّشين بضيق وحزن وقهر وماكان الموضوع مُخيف لإنهم كانو يظنون إن هذي طبيعة حياتهم ولكن إنهم كانوا عايشين هالحياة بكل هالآسى والتعب والظروف الي تبّكي العين
بسبب شخص كارهّهم كان هالشيء أكبر من توقعاته وأكبر كثير من كل هالحياة بنظره !
من الي عنده القدرة على تشويَه الحياة بعيون أطفال وتشريد أهل عن أهلهم وتفريّق قلوب أحباب بدون ما يرف لهم هدبّ ! ياويلهم من الله !
ليلة البارحة نفضت دُجى كل مخاوفها بقلب وهّاج وبعدما وصلتها رسالة من بنت الشيّخ اللي لها مدة طويلة تحاول تتواصل معها وبيوم العيد ردّت حتى عجزت تتماسك وتخفي تساؤلاتها أكثر !
نثرتها بقلب وهّاج وهي تقول له بحرص " ماهو بوقته أدري والله يا أبو غُصن ، بس العتب إن هالشيّخ ماكان فاضي غير صبح بكرة ، ولا ودي أروح له أنا ولا ودي يفوتنا هالموعد ، أنا قلت لك أسبابي وأنت إعمّل بها لو ودك "
ومن بعد حكيَها ماغفت له عين ومابرد له قلب
يشتعل من شعر رأسه لين أخمّص قدميه ويفور من شدة الغليّان



دقّ الباب بكل خفوت وهو يدعي ما يفتح أحد هالباب ، ماكان عنده الجسَارة الكافية لأجل يلقى تأكيد لظنونه !
ولكن خابت هقاويّه لما إنفتح هالباب وظهرت هيئة الشيّخ الهادية وبتفاصيل وجهه المُريح للبصر وإبتسامته البسيّطة الي ظهرت من لمحه وقال بتساؤل : حياك الله يالطيّب ؟

ناظره وهّاج بربكة وتنحنح وهو يعتدل بوقوفه ويقول : أنا وهّاج أبو غُصن
إشتدت إبتسامة الشيّخ وهو يتذكر كلام بنته عن قصتهم وقال بتهذيّب : أعذرني وأنا أبوك زواري كثير وتناسيّت حضورك ، وأعذرني من جديد إن وقتي ضيّق وجبتك بأيام عيد
هز رأسه بالنفي وهو يقترب منه ويسلم عليه بوقار وقال بهدوء : حاشى يا شيّخ ، أعذرنا حنا الي داهمناك بهالوقت
قاطعه بإبتسامة وهو يقلطه لداخل المجلس ويقول : هذا واجبَنا ، والله يكتب الأجر يا ولدي

وبعدما توسّط المجلس ومرت دقايق طويلة وهم يتبادلون أطراف الحديث الهادي والبسّيط
قال الشيخ على حيّن غرة وهو يعتدل بجلسته ويقول : أنا أعرف بوادر أمور عن قصتكم يا ولدي ، والكلام الي وصلني من بنتي على لسان زوجتك ما يعزز توقعاتي ، لأجل كذا وأنا أبوك بسألك كم سؤال وأنت عطني إجاباتك الصحيحة لا تقول توقعت ولا ناسي
ناظره وهّاج برهبة والرعب يسكّن كل أطرافه وهالموقف بكُبره يا صُعبه على قلبه !
بدأ الشيّخ يسأل عن أعراض ممكن تكون تعاني منها حليّمة ويستفسر عن تصرفات وأفعال ولكن جواب وهّاج الوحيد كان " إيماءة رأس تفيد عدم معرفته"
وسط إستنكار وعقدة حاجب الشيّخ الي قال بسببها : علامك يا أبو غُصن هذي أمك شلون تجهلها؟
بلع ريقه بصعوبة وناظره بخواء وهو يشابّك يدينه بربكة : هذي سنيّن يا شيخ ، ماهي يوم ولايوميّن لأجل أعلمك عن أعراض عشت معها خمسة وعشرين سنة من عمري ، كيف أقولك وأفصّل لك إجابة أنا أجهل أطراف خيوطها؟
هذي حياتنا كلها مع أمي كيف أشرح لك فصل واحد بس منها
تنّهد الشيخ بضيق على حالهم وهو فعلاً سمع من بنته إن حكاية هالعائلة مر عليها ثلاثيّن سنة مُميتة وقاتلة ، كيف بيستوعبون أضرارها ؟
وكيف بيتأكدون من شكوكهم؟
وهو مو قادر يتوصل لإجابة صحيحة ومنطقية تدعّم شكوكه !
لذلك ربّت على كتف وهَاج وهو يبتسم بطمأنينة توزعت على قلب وهّاج وقال من بينها : إسمع وأنا أبوك ، أنا هالخمس أيام مشغول لين رأسي
ووالله هالساعة الي أنا فاضي فيها كانت من نصيّبك
لأجل كذا كل الأعراض اللي سألتك عنها لاحظها على أمك وإن حصل وتأكدت عطني خبر
وأنا يوم الجمّعة جايكم لين بيتكم ، وبعرف بنفسي عن علّتها والله ينفع بعلمنا
ناظره وهّاج بنظرات هادية وقلبه منزُوع الأمان بسبب هالطواري اللي أرهبّته مع ذلك كانت طبطبة الشيخ مثل السكينة على هالقلب


بعد لحظات بسيّطة إندقّ الباب ووقف الشيَخ وهو يفتح على دخول ثلاثة رجال كان وقت موعدهم أنجبر وهّاج بسبب حضورهم يستأذن ويخرج وهو يجر خطواته بصعوبة لخارج البيّت
ويتجه بعدها لحدود بيتهم ، بقلب يرتجف من هالكلام !
وصل وبصدمة تتزاحم التناهيّد بشكل مُخيف من كثرها وكثافتها ، وأخذ يفتح الباب ويتأمل المكان بنظرات مُهلكة ، الصدر الشمالي الرحب
لما يصير أضيق من خُرم إبرة نتيجة أفعال الناس السُود ووقتها المفروض تبّكي ، تنهار ، تشتم ، تصرخ وتسأل لييييه ؟ بس أنت ساكت وبس
ساكت لإن ما بيدينك شيء ، ساكت لإن هالأفعال كبببّار على قلب مثل قلبّك!
ناظر لأطراف البيت وهو يردد" يعني سنين عمرنا الي مضت ماكانت حياتنا ؟ يعني هالوجع ماكان نصيّبنا كثر ما أنفّرض علينا ؟ ياويلك من الله يالمتسبّب بهالوجع ياويلك من الله"
أخذ يوسع خطواته وومن لمحها مستندة بظهرها على طرف جذع الليمون ، تلاشت كل التناهيّد من صدره وأوى جذع الأمان بوسط قلبّه
كانت جالسة بفُستانها الأزرق الفاتح ، وشعرها منسدل بأريحية على أطراف كتفها ، وبيدينها جوالها تطقطق بعشوائية ولكن القلق يشرب من ملامحها
جلوسها هذا كان نتيجة إنتظار وهّاج ، ومعرفتها الكبيرة إن كايّد مع لافي ويستحيل تخطي خطاويّه للبيت هاللحظة لإنهم طالعيّن مع بعض يكشتون
ولإن ليلتها مع البهُور كانت صعبّة وبالحيل ، كان يدري إنه لولا الله ثم كتفها ماعدّت هالليلة بالساهل
هم الي إنتظرو سوى طوال الليل لأجل يصبّح الصبح وينطلق للشيخ لأجل يقضي على الشك بصدره ويبدله بيقين ، وهي الي بقت تنتظره حتى بعد رجوعه !
ومن لمحته واقف بنص الحوش ويناظرها بتعبّ
تنهدت وهي توقف بصعوبة وتتقدم بخطوات خافتة له ، ومن ناظرها بنظرات رجاء حتى فتحت ذراعينها بصمّت شديد وهي توقف بمكانها
بيّنما هو أبتسم من بين مآسيه وتقدم بخطوات سريعة وهو يتوسط حضنها بسكون تام ، وكإنه المكان الوحيد الي بيلقى فيه أمانه في ظل هالحياة المُخيفة والي كلها رعب !
تنّهد بصعوبة وهي تمسَح على أطراف رأسه بحنية وتمتم بهمس لطيّف : تهُون يا أبو غُصن
هانت الكبّار وصغّرت ، وتهون هالمرة بعد
قال بصوت مرتجف يوضح كمية خوفه من هالموضوع : هذي كبيّرة بالحيل ياقرة القلب ، هذا عمري وعمر أخوي وأمي من الي بيرجعه لنا؟
غمضت عيونها بضيّق من جملته ومن كلامه لما شرح لها اللي قاله الشيّخ وكيف إنه ماعرف أعراض أمه لإنه هذا حالها من وعى على الدنيا كيف بيعرف إختلافه ؟ إرتجفت وكنّ"الغيمة من الحزن تنازلت وانزلت غطت ع عينها لين أمطرت عينها" على حدود كتفه
بيّنما هو كتم تنهيدته بصعوبة وقال بهمس : دثريني بنور قلبّك لين أغيب عن وجيه الملأ


شدّت على كتفه بحنيتها الطاغية بينما هو من شدة لُطف الشعور ومداهمته العنيفة لقلبه تبّسم بخفوت وهو يقول : عيّب يبقى بهالقلب حزن وأنتي هنا ياقرته
أبتسمت وهي تمسح دموعها بيدها القريبة من وجهها وإبتعدت وهي تقول : والحزن الكبيّر ؟
أبتسم أكثر وهو يميّل شفايفه بخفوت : الحزن الصغيّر له كفوفك والكبير يتسعه حضنك وهذا يكفي
ضحكت وهي تهز رأسها بخفوت وهو من لمح ضحكتها تنهد براحة وهو يكتف يدينه ويتأملها بهُدوء وسط الخجل الي تجمّل بوجهها بسبب نظراته والي رغم ضيقه والحزن بانت مشاعره فيها : لا تخافي ! "وأتركي الدنيا تسوي ب ظهري الي تبي
أنا والله لا ذكرت إنك قدامي نسيت الي وراي "
أبتسمت بتعب وعيونها اللي مالت للإحمرار من البكاء مسحتها بطرف كُمها وهي تقول : لا تسلي خاطري وقلبك ماهو سالي
هز رأسه وهو يحل عقدة ذراعينه بسببّ صوت الإتصال اللي هز أطراف جيبه وقال قبّل يرد : أنا ولو إني الخوف والقلق فأنتي ثوب الأمان لأجل كذا قلبي بخيّرلا يلحقك هم
رد قبل يسمَع ردها وهي ناظرته بتردد ومن بعدها نقلت أنظارها للبيت الي خالي من حس حليّمة وغُصن ، الي توجهو لبيت أم سارة لأجل تباريّك العيد
وبعدها إلتفت لوهّاج اللي ضحك وهو يقول : يالجنوبي منت بسهل والله ، حتى أهلك مشو ؟
وصله رد الجنوبي اللي مبتسم وهو يقول : يارجل من فجر الله خليتهم يمسكون الطريّق
ضحك وهّاج وهو يرفع كفوفه وهو يأشر لدجى بمعنى إنه بيطلع وهي أبتسمت وهزت رأسها بإيجاب
ومن خطت خطاويّه لبرى البيت حتى لمح سيارة بنيّان تنتظره ، أتجه لها وهو يركب وضحكته مازالت موجودة وقال : ومالقيت إلا أكبر قاعة بالشمال؟
ضحك بنيّان وهو يشغل السيارة ويرمي جواله بجيبه بعشوائية وهو يقول : بلاك ماتدري إن القبيلة وكل من يعز عليهم جاييّن ، تبي يقول والله قّصر بنيان؟
أبتسم وهّاج وهو يثبت ظهره على المقعد : لابالله مانرضى بهالحكي ينقال عن الجنوبي أبو الكرم ، إلا جمّلهم وجمّل الله حال من تجمل معك
أبتسم بنيّان اللي توجه بعدها يكمل مع وهّاج أمور زواجه ، ومن بين زحمة أشغالهم ألتفت لوهّاج وقال بهدوء : علامك يالصدر الشمالي ؟
ضحك وهَاج من لقب بنيّان وقال : هذا الله يسلمك تنقال للي صدره خالي
ناظره بنيّان بإستنكار من كلامه وهو ملاحظ من بداية اليوم الضيّق بوجهه وقال بإضطراب : إسلم ، وسلم لي همّك وبإذن الي ماتنام عينه ما أخيب لك ظنك علمني عن الي بجوفك من اللي شل"أخذ" السكينة من وجهك؟
ناظره وهَاج بإمتنان وهو يطبّطب على كتفه وقال بنبرة هادية إمتزجت بإبتسامة خافتة : مابي إلا كل طيّب يالجنوبي يشهد الله ، ولاعليّك مني هالأيام لك أنت وبس ، نبي نعلي صوت الضحكة


عقد حواجبه بنيان بعدم إعجاب وقال : تبيني أعلي الضحكة وأنت تبّكي بهمس؟ عيب علي شنبي يالشمالي
سكت وهّاج للحظات ثم تنهد بإبتسامة وهو يقول براحة : يعلم الله إني طيّب والله الشاهد ، لا تعيد وتزيد وكأني بخفي عنك شيء
هز رأسه بإيجاب وهو ينقل نظراته للساعات الموجودة ويقول : إية ياويلك لو يغيب عني حزن من أحزانك ، أنا ماني بكفو لو إني أدّق الصدر وأقول أنا خوييّ الي ينقاله وهّاج وأنت لامنك تضايقت مادريت
ضحك وهّاج وهو يقول : يارجل ماهنا خلاف ، أنت بس خلصنا وكمّل أغراضك لك ساعة تحوس
أبتسم بنيّان وهو يجرب الساعة ويقول : لازم أختار كل شيء بدقة ، تعرف وش كثر أهمية هالليلة عندي ولا لا ؟
هز رأسه وهّاج بإستغراب وبنيّان أبتسم بضحكة : مثل أهمية الشوفة وعقد القرآن عند غيري
وهاج رد عليه بعجل وهو يقول : صدق ليه رفضت الشوفة ورفضّت تشوفها بعقد القران؟
ضحك بنيّان وهو يناظره بذهول : أنت خبل ؟
والله كان خطفتها من بيت وينسون إني أرجعها لهم لو على موتي
أنا رافض هالشوفة قبل ليلة الزواج لأني أعرف بسواياي
أبتسم وهَاج بضحكة على حاله وتذكر لما قال" تجي للحب عاقل وترجع مجنون" وهذا حال الجنوبي ، من بعدها أشر وهّاج على الغُترة الحمراء وهو يقول : وش رأيك ؟
هز رأسه بالنفي وهو يبّتسم بهدوء ويقول : الغترة من مبطي وهي جاهزة
عقد حواجبه وهَاج بإستغراب وبنيّان تخطاه ومشى وهو يبتسم !!



ومرت هالأربع أيَام ، مثل مرور قطرة مطر على أطراف أوراق الشجر ، وهذي هي الليلة الموعودة
الليلة الي قضى على أعتاب بابها الجنوبي شهور وأسابيّع لعلها تحن وتفتح له بابها
وآخيراً حنت ، ووآخيييراً الليلة فرَحه !





وعلى أعتاب بيّت الصعب ، بالأحرى بين حدُود غرفته
مبتسم وهدوء إبتسامته طاغية على ملامحه ، كان يرتب كبّكات كُمه بخفوت ومسامعه تشهد على صوت أمه العاتب والشارِهه على أفعاله !
أما هو كان راضي ، راضي تماماً عن كل اللي حصل والي بيّحصل
سحب الشماغ من على السرير وهو يوقف قدام المرايَة ويرتبه على رأسه حتى زعلت أمه أكثر وقالت : بُرهان ، الجدران حنّت علي وأنت متجاهلني
ألتفت لها وهو يتنهد وقال بخفوت : يايمة يا بعد قلب بُرهان ، أنتي تشرهيّن بموضوع خالصيّن منه
تأفتت بقهر وهي توقف بجنبه لما رجع يضبط شماغه قالت بضيّق : يايمة هذا الي تقوله البنية يستوعبه عقل ؟ كيف ماتبي زواج ؟ كيف ماتبي تفرح بليلة عمرها ؟ وبعدين فهمني دامها تغاضت عن فرحتها ليه تحاول تسرق فرحتي بوحيدي ؟ يايمة أنا مُنى عيني أشوفك بالبشت وأزفّك بالزغاريد وشلون هالليلة بيكون زواجك عادي وكأنك شخص عادي ؟
رتبّ مرِزام الشماغ على أطراف رأسه وهو يكتم تنهيّدته بصعوبة ، هو ماصدق على الله يسمع من ثغر ضرار إنها موافقة ، ولو إن شرطها صعب على الكل ولكن عليه هو بالذات يهُون ويمر
ولكن من حكى لأمه حتى كان للزعل من قلبها نصيب !
تذكر رد قلبه وإبتسامته من سمع الموافقة وماكان إهتمامه بمقدار ذرة بشرطها لإنه ما يهمه أبداً حضورهم
" الناس ومن هم مادام هي معي ؟ "
أردفت من لمحت صمته وقالت بقهر : يايمة أنت منت بناقص ولا هي بها عيّب ، الناس وش بيقولون لامن كان الزواج بهالشكل؟ أنت تعرف معارفنا وتعرف وش كثرهم وتعرف رغبتهم الكبيرة بحضور زواجك أنت بالذات ، وش بيحكون الناس يابُـرهان إذا رضيت بهالكلام ؟
ناظر إنعكاسها بالمرايَة بنظرات هاديّة ثم أبتسم على حيّن غُرة: النااس ومن هم الناااس يا أم بُرهان ؟
ألتفت لها بعدما عدّل نسفة شماغه وناظرها بنظرات تاييّه وهو يقول : يابعد هالكل يايمة
هالبنت ودّها تفرح وبس بهالليلة ، ولكن ظنّك لو كانت تحت أنظار الناس بيكون لقلبها نصيب من الفرح ؟
عقدت حواجبها أمه بإستنكار وهو ثبت يدينه على كفوفها وقال : وش كانت نظراتك يومّك لمحتيها أول مرة ؟
نكست رأسها بضيق من سؤاله وهو تنهد وأردف : شفتي ياعيوني ؟ هالناس مالنا سلطة عليهم ولا لنا قوة لأجل نقول إنتبّهو لا تكسرونها بنظرة ولا توجعونها بكلمة ، هذي ليلتها غضُو الطرف عن وجعها ، الناس يايمة وإن ماكان ودهم يوجعونهم فهالشيء بيكون لا إرادي منهم ، إن طاحت عيونها على نظرة توجعها وضاق بها الكون بيوم فرحَها من بيتحمل ذنبها؟



رفعت رأسها وناظرته بشجّن من كلامه وهو أبتسم وقال : ولو علي أنا ؟ ياشيخة إفرشي الكون كله ورد لو ودك وزفيّني على كل خلق الله بس من تصير معي ، من تكون زوجتي لوقت طوييّل
تنهدت أمه بعدم إعجاب وقالت بتنهيّدة : وهالبنت بتبّقى عايشة حياتها كذا ؟ بتتخبّى طوال عمرها وكإن بها نقص ؟
هز رأسه بالنفي وهو يبتسّم بهُدوء : لا
خليها تصير عندي وبس ، رح ينتهي هالعهد كله
من تخطي خطواتها لي بينتهي هالتفكيّر كله
ناظرته بطرف عينها وهوضحك بخفوت ورجع خطوة لورى وهو يقول : دخيّلك يايمة سايريني
والله عدّت شهور تنحسب ضدي لا تزودينها علي
تأففت وهي تصد عنه للحظات وبعدها ألتفت له وقالت : حسّ بالك وافقت عشان كلامك وعشانك أنت ، ترى لأجل ما تنوجع بليلة فرحها بس لأجل أفرح أنا ، حنا صدق مالنا كلمة على الناس لأجل نحاسبهم على نظراتهم وكلامهم ولأجل ظروفها الي حكيت عنها
وهي ماهي بمضطرة تسمع وتشوف شيء ما يعجبها ، ولكن هالحكي كله بيكون بالماضي إذا صارت معك
صدقني من تصير هنا ما بخليها بحالها
ضحك من قلبه لما كرّرت أمه معنى كلامه ولكن بطريقتها الخاصة وتقدم خطوة وهو يقبّل رأسه بسكون وهو يقول : وعاد حلّاك اليوم زايد بالحيل
ناظرته بطرف عينها وهي تكتف وتقول : قبل دقايق ما تشوفني وأنت تفكر بالبنّية ، وهاللحين لما وافقت ألتفت لي ؟
ضحك أكثر وهو يهز رأسه بالنفي ويقول : لا يشهد الله إنك طاغية حسن وإن هالحسن ماغاب عن بالي من خطيتي لي
سكتت بإبتسامة وهو يأخذ العلبة الكبيّرة من على السرير ويقول : يالله مشينا ؟
هزت رأسها بالنفي وهي تناظر لساعتها : بروح مع أبوك
عقد حواجبه بإستنكار وقال بذهول : لا إله إلا الله وش صاير بالدنيا ؟ سلمان الصعبّ برأسه بيترك شركته وإجتماعاته وبيحضر زواج خوييّ ؟ يالله ياربي
ضحكت من كلامه وضربت كتفه وهي تقول : صاحبّك أتصل وبقى ساعة كاملة يقنعه وهو أنحرج يرده
أبتسم بُرهان وهو يتذكر إن بنيّان طلب رقمه فعلاً وقال وهو يخرج : بعد ساعة كاملة وبيرده ؟ ياكبّرها عند الله
أبتسمت له بضحكة على كلامه وهي فعلاً تأيده ومن لمحته يخرج من البيت تنهّدت وهي تكتف يدينها ببقايا الضيّق : والله لولا فرحتك من يوم سمعت موافقتها ، مارضيّت بشرطها أبببد
ولكن هالفرحة شفعت لكل شيء بعدها يا بُرهان


وبأركان عروُسة السلام والبّهاء ، كاملة البّهاء
حوريّة البياض لهالليلة ،جالسة بهُدوءها المُعتاد على الكُرسي البني ونظراتها مُصوبة على الفستان الأبيض المُعلق على أطراف الجدار
كان هادي تماماً وسادّة ولكن نقشاته اللي نُقشت بعناية تامة وبحرص شديد زادته هيّبة وزادت للطرحة نعومة ومَهابة بنفس اللحظة !



الفستان الي خيّطته بيدينها وخلسّة عن عقلها
طوال الشهور الي مضّت كان ليدينها نصيب من غزل خيوط فستان ليلة فرحها
لإنها ترفض قطعياً يلتف حول جسدها قماش غير قماشها بلياليها المُهمة ! وهذي كانت قاعدة ما تتعداها أببببداً !
معاني الي من سمعت كلام فهد بيوم العيّد
واللي ينبّهها إن زواجها بعد خمس أيام فعلاً ما أعطاها مجال أببداً للرفض ! قطع الموضوع عليها وهو يقول إن أغراضها جاهزة وأمورها طيَبة والإستعجال خير من التلكؤ ، لإنهم محتاجين يفرحون !
وفعلاً كانت هالأيام مُكتظة بالضحكات والفرحة الغامرة ، بالتجهيزات وبالتنسيّقات
وبالمشاعر الغريّبة والعجيبة ! معاني الي قلبها يرتجف من هالطاري وكإنها بِنت البارحة وتجهل كل هالأمور ، كونها أبداً ما تعدت إطار مشاعر الخطوبة
فكيف وهي الليلة عـروس ؟ بشخص إعتكف على بابهم شهُور وشهُور لأجلها هي بس ؟ يا رجفة قلبها هاللحظة ويارجفته لما تطيّح نظراتها على خيال اللي تناظرها بإبتسامة
كان الضيّق يتراكم بصدرها بشكل كبيّر وحيل ، ورغم إنها رفضت قطعياً يقام الزفاف بهالأيام والكل يدري سببَها"خيال" إلا إن كلهم عارضوها وأولهم خيال اللي قالت " إن كأنك بتبقيّن تأجلين فرحك لأجلي ، فهالشيء الي يوجعني يا معاني أنا والله ودي أفرح معك وفيّك وأتباهى بوجهك وإن أنتظرتي لمتى بتبقيّن تنتظرين؟"
لأجل كذا رضحت بعد كلام خيَال ورضت بالواقع وهذي هي تلتفت لدُجى الي وقفت قدامها وعلى أطراف وجهها ماسّك للوجه وشعرها ملتف بوشاح أسود وبيدها علبّة المكياج فقالت بضحكة : علامك يا دُجى ؟ هذا شكل تستقبلين فيه عروسة يابنت أخوي ؟ والله شكل الي قبلي أهلكوك
ضحكت دُجى بإحراج وهي تفتح العلبة وتقول : تكفيّن ياعمة ، ترى أنا فنانة بكل الأوقات والأشكال وعاد هاللحظة قلت إستغل الوقت وأنجز وترى فهد هو اللي يقلب مزاجي ويخليني أصير كذا غريّبة ، هاوشيه هو !
ضحكت معاني وقبلّ تتكلم إلتفتو لغُصن الي كانت واقفة بجنب دُجى والي من سمعت كلامها تخصرت وقالت بعدم إعجاب : فهد محد يهاوشه
توه صغير
ضحكت معاني من قلبها على مُداخلة غُصن ، ودُجى رفعت كتوفها بضحكة وهي تقول : من الحيّن تحبه هالكثر وياويلك تقولين حرف بعد إسمه تصير كوارث
أبتسمت معاني وهي تأخذ غُصن لحضنها وتضمها بضحكة و قالت : بعد هالعيّن والله هالبنيّة ، كفو يا عمة
فهد الصغيّر أسس له جيش قبل ينخلق ، لو تشوفين أبوك كيف متشفق عليه ومن يسمع طاريه يضحك وينهبل
ضحكت دُجى من كلمتها ، وخيال مشت بإتجاههم وقالت : من جد حليّمة بتحضر ؟ من سمعت طاريها وحضورها تجمّد الدم بعقلي بعدم إستيعاب ، المرأة الي ماحضرت زواج ولدها كيف بتحضر زواج معاني ؟



أبتسمت دُجى وهي تكتم ضيقها وقالت بخفوت : لإن عمتنا معاني لها مقامها السامي والكبيّر حيل ،عيب تتعنّى وتعزم وأحد يردها
أبتسمت معاني بضحكة على كلامه وخيال هزت رأسها بإيجاب وجلس بجنبهم ، لما بدأت دُجى تتِفنن بوجه معاني بإبتسامة ، وأصوات الضحكات الهائلة تحوف المكان بأريحية ، متناسين وناسيّن كل الي وراهم ومستعدين للضحكات وبس .. الليلة فرحتهم ومن أول اليوم وهم مقرريّن إن الضيق ما بيكون لقلبهم نصيّب !

أمَا بغرفة الحلاقة .. واللي كانو العيال يسعُون فيها بكل كثرة
ضرار الي متكتف وواقف جنب وديّع الي يضحك على شكل لافي اللي يعلق على أطرف كلمة لبنيّان وناشب بحلقه ، وكايّد اللي جالس بجنب لافي ومبتسم على تعابيَر وجه بنيّان
وهّاج اللي جالس بالكنب الي بالخلف وبجنبه بُرهان وبسام أخو بنيّان وحتى أخوهم الصغيّر
وأصوات سواليّفهم منتشرة بالمكان وضحكاتهم ماكانت بسيّطة أبداً ، كان هالمكان يحُوفه السرور من كل جهة من جهاته
فرحة بنيّان بهاليوم تقاسموها كل أصحابه ، وكيف ما يتقاسموها وهو الجنوبي الي فرش لهم ضلوع صدره بكل حزن يحوف قلوبهم !
الجنوبي الي تعنَى لهم بكل مرة ، اللي شاركهم فرحهم وحزنهم بكل أحواله السنّد اللي تعزُو فيه بكل مرة زارهم ضيق !
إلتفتو للافي الي أخذ المقص بيده وهو يناظر لبنيّان بطرف عينه : ودك ألعب بدقنك ومن تشوفك عمتي تهّج بفستانها مثل الأميرة الهاربّة؟
ناظره بنيَان بطرف عينه وكايَد ضحك وهو يقول : المحزم ناويها نية لأجل يكنسل هالزواج
أبتسم بسام من الخلف وقال برجاء : تكفى يا ولد فهد ، والله ماغير تقوم القبيلة عليّنا
يارجل هالمجنون حتى الي مبتعثيّن يدرسون أرسل لهم دعوة وأصر يحضرون ، وهذا غير الي جاييَن من الجنوب
ضحك بُرهان وهو يرجع ظهره للخلف ويقول : لهم خمسة أيام يتوافدون وما خلصو ، تبّارك الله
أبتسم بنيَان وهو يناظرهم من المراية ويقول : تجهلون من هو بنيّان ؟ أنا ولو إني ما تزوجت وهز زواجي أركان القبيلة ما أعتبره زواج
ناظره لافي بإمتغاظ وقال : يارجل أنت ماتهز غير طرف ذبانة إركد بس
ضحكو كلهم على تعابيّر بنيان المصدومة وقال وهّاج : لابالله طرف منه يهز الدنيا ومافيها ، لايغرك سكوته تراه غاض الطرف عنك لإنك ولد أخوها بس
أبتسم بنيان وهو يرفع إبهامه بتأأيد ويقول : الله يجعلني فدا ذا الوجه يا أبو غُصن ، وعاد صادق والله أنت وش جايّبك هنا ؟ ناشب بحلقي من يوم جيت
جلس لافي على طرف الطاولة وهو يناظر للحلاق ويقول : جالس أشرف على أحوالك لا يكون فيه شيء يخلينا نتراجع
ناظره بنيَان بصبر وهو يتنهد ويرجع يعدل جلسته للحلاق الي صابر ومتحمل كثرة حركة بنيّان



وهّاج أشر لكايد يرفع صوت الراديو لأعلى درجة وفعلاً إستجاب له ، وبدأ الصوت يعلا ويعلا ، والحماس ماكان بالشيء القليل أبببداً
ليلة زواج الجنوبي كانت غيّر ، لإنه وإن كان فيه حزن بقلب أحد هو بفرحته بيمحي هالحزن !
إنتهو من الحلاق ، وبدؤ يتجهون للسيارات لأجل يتجهون للقاعة ويكمل بنيّان باقي تجهيزاته !
ولكن ماكان ممشاهم هادِي وساكن ! كان ممشى ترك كل الي يمر من جنبهم أو يلمحهم يناظرونهم بدهشة وفضول ! صوت البوري العالي اللي يعلى بدرجات مختلفة وبأوقات متفاوتة ، وصوت الزفّة العاللي وتزييّنات السيارة والي ما إقتصرت على سيارة العريّس وبس
كلهم شاركوه بهالفقرة ، لأجل كذا كان لمنظرهم هيَبة مختلفة ، وفرحة مختلفة كونهم يضحكون على الجنوبي الي يرفع يده من طرف الشبّاك ويحيي الي حوله من شدة فرحته !

وصلو للقاعة وإتجهو للغرفة الخاصة بالعريس
والي بدأ بنيان يتجهز فيها ، من ثوبه الأبيض لساعته البنُية ، وخاتمه الي تميّز بلون العقيق البُني ومن سحب العلبة الي فيها غُترته ومن إعتلت هالغترة أطراف رأسه حتى إلتفت لخوف بسبب شهقة بسام الي تقدم وقال : غترة بنيَة بيوم زواجك؟
ناظره بنيان بإستغراب وقال وهو يحك حاجبَه : ليه وش قومك؟
بسام الي حاول يسحبَها من على رأسه قال : تكفى يا بنيان لا تهز بدني وتخلي أبوي يجي يسطرك ، إلبس حمراء ولا بيضاء وكب (خل) عنك هالخبالة
بنيان سحبها من يده ورجع يرتبها على حدود رأسه وقال بضحكة : والله عاد يتفضل أبو بنيّان يسطرني ولو يبي بمسطرة المهم إني ماني بلابس غيرها
سحب بسَام شماغه الأحمر من على رأسه وتقدم برجاء : تكفى يا بنيَان لا تفضحنا أنت وغترتك ذي وتجي العريس الشاذ من بين كل عرسان خلق الله
أقولك القبيلة كلها في القاعة بيشرهون
دخل وهَاج وبيده المدخنة الذهبيّة الكبيرة والعطر بيده اليمين وعلى مُحياه ضحكة خافتة بسبب كلام بسّام وقال بخفوت : لاتحاول مع الجنوبي ، عاقد النيّة يلبسها من شهور طويلة وتبيه يغيرها لأجل القبيلة ؟ إذا هو ضرب بهم الجدار وترك شهادة بعرض الباب وفتح مقهاه غضب عنهم بيرضخ للون شماغ؟
ألتفت بنيَان بعدما ثبّت العقال على أطراف رأسه وأبتسم لخطوات وهّاج اللي تتقدم له ، بإبتسامته الهادية وثوبه الأبيض والي ماحلى هالبياض الي من أنكسى على جسده وغترته البيّضاء بهيّبته المُعتادة الي تنهز لها قلوب ومن وقف قدام الجنوبي وبدأ يبخره وهو يمسك أطراف غترته البُنية وينقل دخان البُخور حولها قال بإبتسامة : بالمبّارك يا بنيّان ، وعسى الله يتمم لك على خير ويزرع بقلبك السعادة مثلما تنزرع شجرة لآلآف السنين



"يشهدالله إنك تستاهل تضحك ليّن تتلاشى كل هالهموم من هالدنيا ، واحدٍ يسوى قبيلة وخوتّه تسوى أهل وقراب ومدينة ، وأنا ما دريت إن في الدنيا رجال بقلوبهم خير إلا من عرفتك ، بالمبّارك يالسند والعزوة والأخ اللي ما إنولد معي ولاكن له منزلة الأخ عندي "
من لما حكى ثُغر أول كلمة حتى تناثرت الإبتسامة بوجه بنيّان اللي لأول مرة ينطق ثغر وهّاج بإسمه الصريح ، وبوجه كل العيال الي دخلو ورى وهّاج والي من نطق إستمعو بإبتسامة لإن كلام مثل هالكلام يستاهل الإنصات
تفاجأ وهّاج ببنيان يرفع قامته ويقبّل رأسه وسط دهشته ورجوعه خطوة للخلف وضحكة هادية من ثغر بنيَان : مقامك كبييّر بقلبي يالصدر الشمالي ، الله يجعل يومي الأول
أبتسم وهّاج وقال بهدوء : لاتجيب هالطواري ، بنعيشها بفرحة بدونها
أبتسم وهز رأسه بإيجاب وباللحظات الي كان وهَاج مسترسل بتبّخير بنيَان ، سحب بُرهان العلبة الي كانت معه وأخذ يرفع أطراف البشت البُني اللي حرصّ حرص شديد عليه وتقدم بخطوات هادية وهو يثبته على أطراف كتف بنيَان وهو يبتسم : بالمبّارك يا بنيّان ، بيت مبارك وعامر يارب
أبتسم بنيان وهو يلتفت بلهفة لبُرهان ومن لمحه وناظر للبشت ضحك وهو يقول : تسلم خطاويك ويسلم تفكيرك ، كيف خطر ببالك اللون البُني ؟
رفع كتوفه بضحكة وقال : أعرفك ، تحب تخرج عن المألوف
ضحك ضرار الي كان واقف بجنب بُرهان وهو يقول : إي بالله صادق ، ولا غترة بنية بليلة عرسة؟جديدة ذي
إلتفتو كلهم لدخول لافي المبُهور والي الدهشة مالية أركان صدره وشاركه بهالشعور كايّد ووديع الي كانو معه والي قال : متأكدين إنها قبيلة وحدة الي جاية ؟ يارجل هذولا مية قبيلة بقبيلة وأبوي ياعزتي له له ساعة يرحب ويهلي حتى خطوة وحدة ماقدرنا نخطي من كثـ...
سكت بصدمة وهو يرمش بذهول ويناظر لرأس بنيان الي يحتضن الغُترة اللي نُسجت من خيوط عانقت يدين عمته ، شدّ على أطراف يده بقهر وقال وهو يأشر بسبابته لبنيان:صدقني يالجنوبي ، لو هالزواج كان بعد تخرجي كان كنت بخبر كان صدقني
ضحك بنيَان وهو يرجع أطراف الغترة للخلف ويأشر على لافي بإستخفاف : شكله بيغرقني بالموية هذا
ضحكو كلهم على تعابير وجه لافي ، بينما كايد كان يناظر للغترة اللي على رأس بنيَان وأبتسم بخفوت لما فهم سبب غضب لافي اللي ناظر لبنيّان بطرف عينه وقال : أكبر حظوظك إنك عريس لعمتي يا الجنوبي عشان كذا بعفو عنَك
ضحك بنيان بإستنكار ، ووهاج وقف قدام بنيان وهو يأشر له : مشينا،الضيوف لهم فترة ينتظرونك
أبتسم بهدوء وهو يرجع خطوة لورى ويثبت أطراف البَشت على كتوفه ويمشي بخطوات متزنة وواثقة للقاعة الرئيسية الي تجمعو فيها كل الضيوف ومن خلفه أخوياه وإخوانه


من دخل القاعة ولمح رجال قبيلته وأحبابه الي تجمعو بكل رحابة صدر ، رفع يده وهو يبتسم ويرحب فيهم بمَهابته الطاغية واللي عزّز هالهيبة دخول أخوياه من وراه : ياا مرحباً ألف من ممشاكم لملفاكم ، وأرحبببو في زواج ولدكم بنيّان
أبتسمو الرجال اللي وقفو كلهم له بنفس اللحظة وهم يردون على ترحيبَة بنفس الحماس وسط إبتسامة أبو بنيّان اللي من قبّل بنيان رأسه قال : مبروك وجعله بيت الصيَب والنصيب ياولدي
أبتسم بنيان بخفوت ومن بعدها أنتقل يسلم على بقية الحضور بنفس الرحابّة والبسمة ماغابت عن وجهه وسط حضورهم الكثيّف والي من وقف لافي بجنب صف الترحيب حتى قال بذهول : يارجل للحين يتوافدون ؟ حنّا بأول المغرب وهذا الحضور ، لامن صار العشاء وش بيصير
ضحك كايَد وهو يهمس له : هذا الله يسلمك اللي قلت مايقدر على هزّ جناح ذبانة ، هزّ الشمَال بما فيها
أبتسم لافي بحمَاس وهو يتأمل وهّاج اللي إبتسامته متسعّة بكل رحابة وعيونه تتأمل بنيّان بفخر ورضا عن هالمحبة


أمّا بقاعة النساء اللي ماكانت أقل من قاعة الرجال أببداً ، بالعكس الضحكات والطرببّ بأعلى مستوى !
خيال اللي كانت واقفة بجنب باب الإستقبال وعلى مُحياها إبتسامة بسّيطة وهي تتأمل أم بنيّان الي شايّله الزواج على كتوفها
تتأمّل رحابتها وضحكتها وفرحتها الواضحة بولدها وبالحضور اللي أخذو طريَق ما ينقاس بالساعات بس لأجلهم
تنهدت بإبتسامة بها بقايا ضيَق ومن بعدها تخطتهم وهي تمشِي بخطوات واثقة وتناظر بإتزان وثقة للي حولها ومن بعدها خطت خطاويّها بإتجاه أختها
وسَط نظرات الحريّم الي ميزوها ، وماكان بألسنتهم غير سيرتها من لمحوها
نفس الحريم الي إنتقدوها بزواج دُجى ، هاللحظة ينتقدونها بسبّب ثقتها وحضورها الطاغي وأم عوّاد مازالت ترثي ولدها ؟
كانو ينتظروها تنقبّر بقبر الحياة بس لأجل ترضى قلوبهم عنها : شفتي ؟ أقولك من تزوجت ولدها وهي متغيرة ، من يصدق إنها نفس البنت ؟
الي بجنبّها تأملت خيال بدهشّة ، كانت إطلالة رقيّقة من فستانها الأزّرق الغامق اللي محدد كل تفاصيّل جسدها الي تغير تماماً ، وصار يهلك القلب من دِقته ، لشعرها العسلي الي يطفو بأريحية على تفاصيل ظهرها ولوجهها اللي ما تكلفت بتزيينه،كانت بسّيطة ولكن مو عادية أبداً أبداً!
دخلت للغرفة وهي تناظر لدُجى اللي مازادها اللون السُكري غير نعومة ورِقة و
لمعاني اللي جالسة بإتزان على أطراف الكرسي الأبيّض،ويدينها تلعب بأريحية على طرف مسكتها
وتلعب إبتسامة خافتة على وجهها بسبب غُصن اللي كل لحظة ولحظة تقولها"أنتي أحلى وحدة بالحياة اليوم"

ووسط ضحكة دُجى وهي تقول : مافي أحلى منها متأكدة؟


هزت رأسها بإيجاب وهي تبتسم وتأشر على نفسها بعدما لفحت شعرها للخلف بغرور ، حتى على صوت ضحكة دُجى بسبب تصرفها
رفعت رأسها معاني وتأملت خيال الي واقفة بجنب الباب وتتأملها وأبتسمت وهي تأشر عليها تجي بجنبها
وفعلاً مارفضت تقدمت بخطوات غائرة ومغمورة بالحب والذهول من كمية رقتها ومن جلست بجنبها إتسّعت إبتسامتها لما عانقت معاني كفوفها وخيال تنهدت بخفوت لما قالت معاني : فهدّ ليه للحين ماجاء ؟
ردَت خيال وهي تبتسم : يقول من يدخل بنيّان بيجيك
فهمّت معنى كلامه وكتمت تنهيَدتها وهي اللي عاشت مع فهد هالموقف مرتيّن ، وهي بنفسها تعرف وش بيكون شعوره!!


أما بحُدود قاعة الرجال ، كانت تهتز وترتعد من شدة خطاويهم وثقَلها وكثرها !
ألتفت لافي بدهشة وهو يوقف بجنب ضرار وكايد على يمينه وهو يقول بإستنكار مهَيب : يا ويل حالي هذا ويش ؟ وهذولا الي يركضون بالوسط وش يسوون؟ كإنهم إنهبّلو
ألتفتو كلهم للصوت العالي والي على نغمة وحدة وصوت خطاوييّ تتجه لهم بكل قوة وأصواتهم تعلى وتعلى على نفس الرُتم ونفس الخطوات وواقفين متكاتفين بصف واحد طويييّل بالحيل قال ضرار بعدم تأكيد : هذي عوايَد أهل الجنوب وعاداتهم ، ماشاء الله
لافي الي كان مثبّت يدينه على رأسه بإعجاب ودهشة ألتفت لبسام الي ضحك وهو يقول : هذا الله يسّلمك نسميه" زامل" وهذولا اللي جاييّن أخويّاء بنيان بالثانوي وعيال الحارة ، جاييّن لأجله
لافي اللي الدهشة ماتركت مجال لكبرياءه قال بذهول : هذا الصفّ كله وهالرجال كلهم أخوياه بالثانوي بسس ؟؟
ضحك بسّام وهز رأسه بإيجاب : لايغرك ، تراااه ثلاث سنين بالثانوي ومرَ على ست دفعات وكلهم أخوياه ، شفهم جاييّن متعنييّن لأجله
وقف شعر جسد لافي بإعجاب وهو يعتدل بوقفته ويناظر لبنيان الي وقف قدامه مع أبوه وووهَاج والبقية ، وعلى يمينه فهَد الي إبتسامته تتسع وتتسّع بحبببور تااام ماكان أقل ذهول ودهشة من لافي بالعكس كانت الدهشة تتفّجر من كل تعابير وجهه ، مبتسم والفرحة تخترق فؤاده وهو يشوف الرجال من كل حدبّ وصوبّ جايين بس لأجل زوج أخته
يافرحته وياكثثرها وكثافتها لما يتقدمون له ويبّاركون له وكلهم حاسديّنه على بنيان ، يناظر للرجال الي يتقدمون بإتجاههم بحبور ويناظر لبنياّن الي يرد عليهم بصوته العالي وسط سكون الجميع إلا من أخوياه الي جاييّن !
وهذا بحد ذاته هزّ القاعة مثلما حكى الجنوبي !
وماكان هذا الصف الوحيَد اللي إستقبله بنيَان ، كانت صفوف ما تنتهي من أهل قبيلته وأصحاب طفولته وصبّاه ودراسته ، ما ينعدون من كثرهم!
وبعد ساعات بسّيطة إنتهى دور الإستقبال والترحيَب وحضر وقت الطرب اللي كانو الكُل متشفقين عليه

بمجرد دخول فرقة الطبُول اللي هزت المكان حتى إلتفتو كلهم بنفس اللحظة وهم يصرخون بحَمااس تفجر بأوردتهم !
مابَقى قلب بهالمكان ما أرتعش من شدة الحمَاس ، وسط وقوف لافيي اللي صرخ بحماااس وهو يلتفت للعيال : اييية هذي الحسسنة من زواج الجنوبي ، هذاا الطرب هذا الحمّاس
ألتفت بنفس اللحظة لرجال الجنوب اللي توزعو على لعب "السّعب" وسط إستغراب لافي الي مسك يدين بسَام وقال بحماس ووده يجربها : وهذا وش ؟
ضحك بسّام اللي تحمس من القاعة اللي تزيّنت بالسعب والضحكات وأصوات الخطوات السريعة وقال : هذا الله يسلمك يسمونه"سعب"
سكت لافي وهو يحك ذقنه بحمَاس وناظر لبنيان الي مبتسم بوقار ومازال واقف بمكانه ويحرك يدينه بثقل وسط ضحكات وهَاج الي كان مستنكر هُدوءه
ألتفت لكايّد وقال برجاء : تكفى يالمحزم خلنا نغامر ونلعب هاللي يسمونه سعب
سحب يده كايّد بصدمة وقال : تبغاني أخيب نفسي قدام هالأمة كلها؟ رح بس
تأفف بقهر وأشر عليهم وقال : شف يحركون السيَف ويركضون وأنت سو مثلهم ، تكفى ياكايّد شوشت ترى
هز رأسه بنفي ، وبسام ضحك عليه وسحبه وهو يثبت حزام المسدس للخلف و يقول : تعال تعال ماني برادك
أبتسم لافي بحمّاس وسحب السيّف وهو يثبّت شماغه ويقول للعيال الي يناظرونه : شوفو أفخم شمالي يلعب لعب الجنوب
ضحك ضرار وهو يأشر عليه ويقول لبُرهان : صدقني هذا شخص بايّع عقله ، ماعنده ذرة منه
أبتسّم بضحكة بُرهان وهو يناظر للافي اللي توسّط الدائرة الي ملتفين حولها الرجال وأخذ السيّف من يد بسام وهو يناظرهم بحمّاس ، ومن علّى صوت الطرب إتسعت الفرحة بوجهه وإتسعت خطواته وأخذ يلعب لعب الجنوب وهو يضحك ويرفع سيّفه ويتمايل به وسط تحريكه لخطواته بنفس خطوات بسام اللي كان مبتسم على وضع لافي
دقايق بسّيطة مرت على لعبهم السعبّ وإجتمعو كلهم بدائرة كبيّرة بالحيل بوسط القاعة وأصوات الطرب تعّلى وتعّلى بشكل كارثي

سحب كايَد يد لافي وقال بحماس : شف هذا اللعب الصح


لافي اللي كان يتنفس بسرعة وأنفاسه منقطعة قال بلهفة ؛ هذا وش ؟ وش يسمونه علمني
ضحك كايَد ووديع ناظره بحماس وهو يقول : هذا بعد يسمونه"قزوعي" عاد معروف وينك عنه؟ ياما لعبّه ضرار مرات ومرات
لافي اللي ثبّت غترته قال بآسى : إحمدربك إني خرجت وأنا حافظ إسمي ، يارجل الشمس فقدتني الذاكرة
ضحك وديَع ولافي صفّر بحماااس بينما كايَد ضحك بذهول وهو يصفق ويناظر لضرار اللي وقف قدام صف القزوعي وبيده العصا البيّضاء وهو يبتسم بهدوء ، ومن بدأ الصوت يعلى حتى رفع خطواته بكل قوة لفوق وبعد لحظة ضرب بها على الأرض وهو يكرر الحركة وسط صرخات العيال وحمااسهم وتصفيّقهم المنذهل منه ، قال وهّاج الي ألتفت لهم بدهشة : علام العقيّد قلب جنوبي ؟
ضحك وديّع من قلبه وقال وهو يناظر ضرار : نسيت إنه دورته العسكرية كانت بالجنوب ؟
هز رأسه بضحكة وهو يتذكر فعلاً ، ورجع يناظر بإنبّهار لضرار الي كانت حركاته موزونة ، والضحكة كانت بسبب تصرفاته الي مُناقض تماماً لشخصيته ، ضرار الهادي المعروف بركادته الي ما ينسمع صوت خطواته يضرب الأرض برجوله مثل ضرب الخيَل بحوافرها
وسط ضحكة بنيّان الخافتة ونظراته الهادئة للرجال المصطفين صفيّن وهو بأحدها ويناظر لضحكاتهم الي ماغابت ، وللافي اللي ينشاف حمَاسه من على بعد أمتار طويلة ، ناظر وهّاج وهو مستنكر هدوءه وقال : يارجل أنت طيّب ؟ وش هالركُود؟
إلتفت وهّاج لبُرهان الي واقف بجنبه والي قال بضحكة : أظنه مخبّي الجنون للساعة الأعظم
ناظرهم بإستنكار وهو يثبّت أطراف بشته بيده بصمت بدون مايرد وسط ضحكاتهم ، ووسط حماس أهَل الشمال لما خلى للدّحة الجو واللي من إشتعلو أهل الشمَال حماس وبقو مع أهل الجنوب على نفس الصف ، بدأت صوت الدحيّة تعلى وتعلى ، وأصوات الرجال بنفس اللحن تغرد
واليدين تضرب ببعض بنفس اللحظة وسط ضحكة لافي اللي كان متقن للعب وهو يقول : والله عرس الجنوبي ذا تبادل حضارات ياكايّد
ضحك كايَد اللي مشتعل حماس ويضرب كفوف يدينه ببعض وهو يناظر للجنوبيّن الي متحمسين كثر ماكان لافي متحمس بالسعبّ
وهنا صار دور الشمالييّن يستعرضون قدرتهم ومهاراتهم الكبيّرة وماكان صعب عليهم بزلزلة القاعة بطربهم والدحّة اللعبّ العريق والتراث القديم اللي يصدح بأرجاء هالأرض

بعد مدة طويلة إستغرقوها باللعبّ والضحك ، طار الحماس بقلب بنيّان وأرتفع لأعلى حد ماكان عنده القدرة يكبّح حماسه ، لإن كونه بقى هادي خلال هالفترة كان بمثابة معجزة وشيء كان مستحيل حدوثه !


أبتسم بنيّان وبُِرهان قال بخوف : تكفى هدّ حماسك ، والله الشّرر من عيونك يطير من شدة اللهفة على اللعب أخاف تحرق هالمكان
وهنا رمّى بنيان البشت من على كتُوفه وأخذه برهان وإشتعل حماسه بكل خلايا جسده وهو يسحب الخنجر اللي كان من وهّاج وأخذ يترنح فيه والخنجر يتمايل بأريحية ومَهابَة حول يدينه ، يستعرض فرحته أمّام أنظارهم وسط سكون الكُل وإلتفاتهم لهم وحماسهم اللي ماكان بسّيط كون بنيان اللي يجر الطرب بعروقه مثل ما يجري الدم وآخيراً ترك الرزانة والركَادة وبدأ يسطر لهم مجده بهالمجال بالذات
بدأت الصفقات تعلى ، وبدأ الطرب يزداد بإزدياد صراخهم وتصفيّرهم وخصوصاً لافي اللي كان يضحك ومبسوط : إلعببب جعل ما يلعب غيرك يافخر الأمة
سمع كلامه كايّد من بين زحمة الإزعاج وأخذ يضحك ويقول : مسرع تغيّر رأيك يا الأخ؟
ضربه على كتفه وهو يهتز من شدة حماسه ويقول : يارررجللل عيب نزعلل من واحد هجّد هالرجال كلهم وجابّهم من أقصى الجنوب لشمالنا لأجله ، واضح له وزنه الثقيّل
أبتسم وديّع بضحكة اللي كان واقف جنبهم وقال : بلاه مايدري إنه من أول الأيام وضحة مَهابة هالجنوبي بس شكل سكُر البقلاوة ضرب فيوزاته بعقل هاللافي
ضحك كايّد من قلبه على طواري البقلاوة الي ماغابت عنهم واللي سطّرت معاناة الجنوبي لأجل تتم هالليلة !
واللي خُتم زواج الرجال فيها بأبهى ختم وأكثره مَـهابة وهيـبة وفخامة ! بخطوات الجنُوبي اللي سمع آثارها القاصِي والداني !

وبعَد فترة دقّت ساعات اللحظة الحاسّمة ، والمُنتظرة والمُترقبّة
وخطت خطاويه الي كانت كلها ثقة بإتجاه الغُرفة اللي تنتظرها فيه .. طلب من أمه تكون " معاني" لوحدها بالغرفة
وإنه ما بيدخل أبداً لو كان فيه شخص غيرها !
لذلك لبّو طلبه وأخذ يوقف قدام باب الغرفة وهو يلمح المكتوب على بابها " غرفة العرُوسة "
ضحك ضحكة خاافتة وتنهد بإرتيّاح وهو يزم ليدينه أطراف بشته : وآخيييراً ، مابغينا نلتقي !
أخذ يوزع نظراته على أطراف الباب حتى إجتمعت كل جسارته وفتحه بهدوء ومن خطَى أول خطواته لداخل الغرفة ، وناظر للمُكان الي يحتضنها ثواني بسّيطة حتى رجع خطوات متشربَة الصدمة للخلف وهو يقفل الباب من بعده ويناظر للمكان بذهول ، زفر نفسه بصعوبة بالغة وأخذ يوزع نظراته بعبّث ويدينه تضغط بقوة على أطراف البّشت اللي يطلب النّجدة من شدة ضغطة عليه : يالطييّف يارب العباد ، هذا ويّش اللي شافته عيني؟
بلع ريقه بصعوبة وأنحنى وهو يثبّت يدينه على ركبه : حتى رجولي ماشالتني ، ليه جاءت أكبر من ظنوني ؟؟
تنهد وهو يجمَع بقايا طاقته اللي تلاشت ومابقى بها ذرة #لابد_يا_سود_الليالي_يضحك_حج اجك


أخذ يقترب من جديد للغرفة وهو يأخذ نفس بكل قوة ويفتح الباب ويدخل للغرفة قبل يزوره التردد بسبّب كثافة شعوره
لمحها هالمرة واقفة وتعّصر مسكة الورد بكفوفها بشدة بسبّب تصرفه وعلامات الإنزعاج والخوف توزعت على وجهها لما جر خطواته مبتعد عنها
ولكنه من رجع يدخل لانت ملامحها بإستنكار وأخذت ترفع رأسها وتناظره بفضُول
قبل لحظات كان الخجل غامِرها والإحراج يشرب من ملامحها ولكن بعد تصرفه سكنها الفضول وتلاشى بعض الخجل
بيّنما هو من وقف قدامها حتى بلع رِيقه بصعوبة وحاول يسّيطر على رجفة يدينه
كانت واقفة قدامه بطرحتها اللي قماشها الشفاف ما حجبّ صفاء وجهها ونعُومته عن سهام عيُون الجنوبي اللي هالوجه زلزله ولعب فيه وأنهّاه ودمَر حتى هدوءه
كان يعتقدها بسّيطة وعادية ورغم إنها كانت تزور محيط أفكاره حتى إنها ماعادت ضيّفه وبس صارت صاحبة أفكاره ولكن مابعمره تخيلها بهالشكل ! كانت نظرته لها عادية وبسيطة !
ولكنها كانت بنظره هاللحظة " آسِرة ، مُغرية ، كثيّرة جمال كثيفة نعُومة ، تتشربّ الرقة ملامحها وتسكُن آيات الجمال تفاصيلها "
جميّلة وتشبه جمال الكتاب الي ترجع وتعيد قراءته عشرات المرآت بذات الشغف ! جميَلة وتشبّه أول صلاة بعد توبة نصوحا ، جميلة للحد الي ماكانت شيء إعتيادي كانت مثل دهشّة وسر وجود ! جميلة وبشكل مُفرط للحد اللي يتركك تتسائل هل هي فعلاً حقيقة؟ ولا من وحي الخيال؟
جميلة بشكل غير مُنصف ولاعادل !
كانت كثيَرة وحييل على قلب كان متشفق عليها أصلاً لدرجة عجز يصدق بأول خطاويه إن هذي صاحبّة البقلاوة اللي غزت ودمّرت سكُون أيامه !
أخذ يتنحنح وهو يتقدم خطوة منها ويحاول يسيّطر على توتره وربكته قدام هيَبة نعومتها
ووقف قدامها وهو يرفع يدينه المرتجفة واللي راقبتها معاني بذهول بسبب رجفتها ، ومن رفع أطراف الطرحة ووضّح وجهها البهي بدون أي حجاب ولو إنه شفاف حتى تنهد تنهيّدة عميقة وأبتسم إبتسامة هادية وهو يقول : مبارك عليّنا والله يتمم على خير
وهنا رجع يزُورها الخجل بكثافة أكبر ، ولطخ هالشعُور ملامحها بشدة حتى وضحت معالمه بإحمرار خدّها وعيونها الي سكِنت وإضطرت تنزلها للأسفل وتثبّتها على تفاصيل مسكتها اللي إحتوت بشكل كبيّر على اللون"الأخضرالغامِق"
وسط إبتسامته وأصوات تنفسه الحارة اللي كانت نتيجة حرارة شعُوره هاللحظة
ويدمّر حياها أكثر ويتهور ولو بالقليل ،إنفتح الباب بكل قوة وألتفت بنيّان بخوف ومن لمح لافي يدخل بخطوات مترنحة وضحكة خبث على وجهه ووالي قال : وش كنت تسوي ؟

ناظره بنيّان بقهر وتمنى هاللحظة يدفنه وسط الفرشة ومحد يسمع صوت صراخه من شدة فضاعة شعوره : وأنت خليتني أسوي شيء ؟ زيّن مني رفعت الطرحة
ضحك لافي وهو يوقف بجنب معاني الي منكسية بحياءهابشكل مُميت والي قال وهو يناظرها : ياويل حالي ، هذا الزيّن كله بيروح للجنوبي ؟
بنيَان الي أقترب منه وكان بيضربه فعلاً رجع خطوة لورى بقهر بسبب فهد اللي دخل وهو منحرج ولكن خطوات لافي أجبرته يوسع خطواته لهم : أعذرنا يالجنوبي ، دخلنا بدون ما ...
أبتسم بنيَان مجاملة وهو يبتعد عن معاني خطوتيّن وكإنها من عُمره ، وعلى حيّن جهالة أيقن إنه لو أخذها هاللحظة وهرب فيّها ما بيكون لأحد عنده شيء !
ولكنه تحكم بشعوره بصعوبة بالغة وهو يناظر لمعاني اللي تجمّعت الدموع بعيونها وعجزت أهدابه عن الرمّش جراء ذهوله وصدمته
ناظرها وهي تمسح دموعها بنعُومة بطرف يدينها وتبتسم بهُدوء طاغي والأُنوثة تتفجر من جميع أجزاءها لحظة الي غمّرها فهد بين أحضانه وهو يبتسم لحالها : مبّارك يا مهجة القلب ويا أمنا الثانية ، مبّارك يا نور البيّت وبهجته وفرحته
مبّارك وجعل الفرح منزلته بيّتك وقلبك وعسى السعادة فالك ، والله وتزيّن إسم"العروس" مادام سبّق إسمك يامعاني
أبتسمت بهدوء وهي تبّتعد عنه وتهز رأسها بإمتنان كونها عجزت تلقى ردُود مناسبة لرقة كلامه ، ومن بعدها إلتفت للافي الي ماترك يدها وهو يناظرها بنظرات غريّبة على الكل إلا عليها
هي الوحيدة الي فهمتها والي بسبّبها قربت وهي تحضنه بإبتسامة هادية وهو كتم تنهيّدته بصعُوبة
باللحظة هذي ألتفت فهد لبنيّان وقال له بنبّرة جديدة عليه ، نبّرة الحرص والتشديد الي توصل لمسامع كل الرجال الي قربّو من خواته : إسمعني يالجنوبي ، أنا رجل آمنتك على قطعة من قلبي
وعلى ضلع من ضلوعي ، ويشهدالله لو مسّتها شوكة كإنه مسّني رصاص لأجل كذا إحسب الخطُوة والكلمة قبل تقولها وتوجعها ، ولاتنسى إن ورى ظهرها فهد ، لو يلمح دمعة بين هدبّ عيونها بسببك نسى كل الي بيّنك وبينه وصار بينكم الهوايّل
أبتسم الجنوبي وهو يأشر على خشمه ويقول : سم وأبشر وآمر ، والله ما يلحقها مني ضريافهد
أبتسم فهد بسبب ردّه وأردف لافي وهو يقول : تراها بحسّبة أمنا يالجنوبي ، لا يمسّها ضر بسببك والله لأجيك لين نص بيتك وأغرقك في شيَرة بقلاوتك
ضحكو كلهم على كلامه حتى معاني الي عجزت تمسّك دموعها بسبب كلامهم ، بيَنما بنيّان كان يضحك قهر لإنه مايقدر يسوي للافي شيء هاللحظة
وبعدما خرجُو فهد ولافي .. وصار دور الزفـة
كون معاني رح تكون أول زفة لها مع بنيّان وبين كفوف يدينه

لحظة اللي أنفتح البّاب الكبير ، وتشرعت كل الأضواء عليهم حتى تفجر الإنبّهار والذهُول من جميع الحضُور الي إنتظرو هاللحظة
كانت آية بالحُسن ، وملكة الأبيض هالليلة
كون معاني هي اللي مطرزة فُستانها بيدينها كان جمَالها أكبر وطاغي .. لإنها أكثر شخص يعرف كيف يصير حُلو فوق حلاوته !
كانت تمشي بإتِزان وبنظرات واثقة وخطوات ناعمّة بينما كفها البارد اللي يرتجف وتحاول تخفي خوفها عن طريقه كان بيّن كف بنيّان الدافي والي يمشي بجنبها وهو منبّهر وأسير هاللحظة !
إختلطتها نعُومتها ورِقتها بمَهـابته وهيبته اللي سطّرت منظر يؤسر له القلب !
أصوات الزغاريّد تعلى وريحة البخُور والعود منتشرة بالمكان وذكر الله يعلى بالمكان نتيجة إنبّهارهم بهالطلة !
بنيّان كان صامت والسكُون يحوفه وثغره مانطّق بحرف واحد ، والكل لاحظ صمته وكتمانه لتنهيّداته حتى أمه الي أقبلت وقالت بإستغراب وهي تهمس له : وش قومك يمة ؟
تنحنح وهو يحاول يسترد صوته وقال لها بصوت ذابّل من الرجفة الي يكتمها : خلصو رقصكم ذا وخلوني أطلع ، قلبي بيطّيح بمحله يمة وأنتو لا عليكم
عقدت حواجبها بإستغراب وهو مسك يده أمه وسحبها له وهو يبتسم بخفوت ويهمس له : حلللّوة يمة حلللّوة
ضحكت من قلبها على تصرفه وإبتعدت عنه وهي تهز رأسها بآسى لما فهمت إن صمته ماكان إلا من شدة إنبّهاره وإنتهاء مفرداته عن التعبير
ورغم إن معاني ملاحظة هالصمت ومتوترة بسبَبه وتحاول تتغاضى عنه إلا إن نظراته الي أهلكتها بكل مرة تحاول تلتفت له تركتها تتجرّع الصمت والخجل بكل شِدة
حتى إنها غرقت لحدود العمّق لما أخذ كفها الي تشّد على مسّكة الورد بكفه بهُدوء تام وإبتسامته الخافتة مازالت تتمايّل على ثغره وهو يتأمل الورد الي بين كفوفها وقلبّه يتمتم"الورد في يدينها مسترخي اغصانه تقول مقري عليه آيه سماويه"
بيّنما بالجهة القريبة منها ، كانت دُجى واقفة وبكفوف يدينها غُصن وعلى نقابها آثار الرطُوبة الي تسبّبت بها ملوحة دموعها ، بجنبها خيال اللي كاتمَة شهقاتتها بصعوبة ولكن الدمّع متخذ مُنحناه الطبيعي بعيونها،كانت حِلوة لدرجة تسلبّ حقهم بالبكاء والضحك! كانت الليّلة حلوة ولها نصيبها من الزعّل والضيق كون أم البيّت بتمر هالليلة وليالي كثيييَر بدونها ! ولكنهم سعيّدين لها وهالدمع ماكان إلا نتيجة كُبر فرحتهم لها ، إبتسامتها الخجولة رعشة يدينها نظراتهم الي تتصدد بها نتيجة حياءها كانت ردات فعل طبيعية ولكنها أسعدت قلوبهم !

وإنتهت ليّلة من أبهى الليالي ،ليلة لقاء ماكان سهل ولا بسّيط كثر ماكان كارثي وفضيّع بالحيل

بنيّان اللي متماسك بصعوبة قدامها ، ثُقله ورزانته بهتت وبقى مكانها قلب رايّق وسعيّد !
وكإنه يردد " واليوم يمكن تقولي يا نفسي إنك سعيدة"
بلحظة وقوفه قدام المرايا اللي بالصالة ، ومازال على هيئته من ثوبه الأبيض وغُترته البنية يناظر بهدوء للمكان وينتظرها وكإن تحت رجوله جمّر من شدة لهفته
بيّنما هي من إنتهت من تحرير جسدها من فستان الزواج حتى إلتف هالجسّد بالقماش الأبيض الحريري الي غطّى كل تفاصيلها ، إلا من ذراعينها المُحررة
تركت شعرها الأسود ينسدل بأريحية تامة على حدود كتفها ، وأخذت ترش من عبيّر عطرها على حدُود عُنقها
وبعد دقايّق طويلة زادت النار بقلب بنيان من الإنتظار تهادى طيّفها من خلفه
ووقفت على عتبة باب الغرفة وهي تجمع بقايا جسَارتها وتحاول تجُر خطاه له ، ولكنها من رفعت رأسها وتأملت وقوفه من الخلف حتى رمشت بذهول والصدمة تتناثر بشكل كارثي من جميع أجزاءها " الغُترة البُنية؟"
حاولت تكتم ذهولها بس عجزت ، كونه تخلى عن كل الألوان وكل الأقمشة وإختار قماش نسجته كفوف يدينها كان بمثابة دمعة باردة بقلبها!
شعور غريّب بالحيل إخترق جسدها مو بس منطقة الصدر الي يحتوي قلبها ، كميّات الخوف والرعب والرهبّة اللي كانت تنصب بقلبها قبل لحظات تبدّلت بسكُون وأمان تام ، ورغبة قوية بالبكاء ولكن قاومتها بصعوبة بالغة !
لمح طيّفها المنعكسة آثاره على أطراف المراية وأخذ يبتسم إبتسامة الـ"آخيراً "
ألتفت لها بنفس الإبتسامة وهو يناظرها بهُدوء بينما هي توترت أكثر وإرتجفت خُطاها لحظة اللي سارعتها لأجل تجلس على الكنّب الي بوسط الصالة
ومن إمترج بياض لبسها مع طيّف ألوان الكنب حتى جلس بنيّان قريب منها وهو يلعب بكفوف يدينه ويناظر للمكان بهُدوء ، جميع حكاياه ومفرداته ومصطلحاته الكثيّفة والكبيرة تلاشت وبقى مكانها"صمت" وبقايا أفكار غريبّة
كان يخطط لهالليلة ومجهز كلماته ومرتب أبيات كلامه ولكن لحظة الي خلى الجو فيَهم تبّادر سكون مَهيب بقلبه وبين خلايا عقله !
وبعد دقايّق طويلة ألتفت لها وكان مجهز سؤاله عن حالها ولكن من لمحها تناظره تلاشى سؤاله وأبتسم بورطة من نظراتها وقال لاشعورياً : مأجورة
عقدت حواجِبها بإستغراب من كلمته وصدت وهي تبتسم بضحكة تسربّت لثغرها مجبّرة حاولت بعدها تطلع من إطار الخجّل وتحاول تتبادل معه الكلام كونه واضح عليه التوتر مثل ماهو واضح عليها ولكن أجبرت نفسها تتكلم بضحكة : مأجور تنقال للشخص اللي أبتلى ، ظنّك أنا مبتلية؟
ميّل شفايفه بخفوت وهو يحاول يفهم مقصدها

لما فهم عدّل جلسته بصدمة وهز رأسه بالنفي وهو يقول : لالا يا آدمية وش اللي مبتلية
ياحليلي رجال كفو وأحب الخير وقلبي طيّب ومن يديني تنصّع أحلى الحلى ، وش اللي مبتلية فيني ؟
ضحكت بخفوت وهو أبتسم من ضحكتها بشعور غريّب وقال وهو يحاول يعدل مقّصد هالكلمة عندها : عندنا بالجنُوب هالكلمة تنقال من مبدأ السلام وتبادل التحايا
أبتسمت وهي تهز رأسها بإنبَهار من إختلاف المعنى وقالت بهدوء : ووش يردون عليها ؟
هبَط قلبه وإنزاح التوتر من قلبه لحظة اللي لاحظ سهولتها ويُسر أسلوبها ولطافتها اللي غرقته من بين جملتين نطّق بها ثغرها فقال : يردون " جارك الله من العثُور " ولا"الله يعافيك"
ناظرته بهُدوء ورجعت ظهرها للخلف وهي تحرر كفوف يدينها من بعض بعدما كانت تضغط عليها بكل قوة عشان ترتب دقات قلبها المخيفة وتركتها بإرتياح على طرف الكنب وهي تقول : أجل جارك الله من العثُور
أبتسم وهو يهز رأسه ويحرر أطراف شعره من الغُترة البنية ويتركها بحرص على طرف الكنبّ ومن بعدها ألتفت لها وقال : العشاء بيوصل بعد شوي ، من مبّطي طلبته لكن مدري ليه متأخرين
رفعت كتوفها بعشوائية وهو ناظرها نظرة تفحصُية وبقى ساكت لثواني طويلة إرتبكت بسبب هالصمت وإلتفت له تحاول تفهم سبّبه
ولكنها من لمحته يناظر كفوف يدها بنظرات غريَبة ومافهمتها رجّف قلبها ، وتسللت رهبّة مخيفة لكل أجزاء جسدها ، وإرتفعت حرارتها بلحظة وحدة بس ، إن طواري هالموقف ترجع من جديد وتعيّش نفس الشعور المُر
تمنت تقدر تسحب كفها وتخبيّه عن أنظاره أو تغطيه عن مرأ عينه بأي حجاب
ولكنها هاللحظة تخدرت وصاب يدينها خمُول كبير عجزت بسببه ترفع طرف أصابعها حتى
صابها هلع وضح على تفاصيّل وجهها من نظراته
وخافت ، خافت كثييير ينكسر لهاقلب من جديد بنفس موضع الكسر القديم!
ولكن بعد لحظة بسيّطة بس تفجر الذهول بصدرها وإهتز هدبّ عينها وزارتها الدهشة حتى سبّبت لها رعشة بكفها اللي إحتضنتها كفُوف بنيّان واللي من سحب من على طرف الكنب وإحتضنه بين كفوفه فذابت نعُومة هالكف بخشونه كفه ووضحت الرعشة له فأبتسم بهُدوء وهو يمرر أطراف أصابعها على عرُوق يدينها البارِزة
وأخذت تمتزج التناهيَد بصدره لحظة اللي أطلقها للعلن قال : أول مرة يلتفت قلبيّ قبل عينيي لكفوف يدين ، عروق كفش البارِزة مازادته إلا مـهابة،حلوة بالحييل حلوة
لحظة الي نطق ثغره بهالجمل زار دمع كثيف ومهيب محاجر عيونها وأنتثر بكل كثرة على أطراف خدها حتى إنها عجزت تسيطر عليه وعجزت تكتم شهقاتها اللي إخترقت سكون قلب الجنوبي والي لحظة لمح دموعها فز من مكانه بخوف وبذهول وقلبه أرتجف بسبّب هالدموع وو



أرتجفت خلايا جسده وتشعبّ الخوف بداخل قلبه بجماعات كبيّرة ، يناظرها بإستنكار مهيب وعدم الفهم مستقر على جميع أركان تفكيره ، وش هاللي حصل وبكاها؟
بقى واقف مكانه للحظةمن الوقت وهو يجذبّ أطراف شعره للخلف ويحاول يلاقي سبب مُقنع يتركها تبّكي للدرجة هذي وبكل هالقوة لمجرد تلامست كفوفهم ! رغم إنها ولساعات طويلة كانت كفها رهيّنة كفوفه !
تنحنح وهو مازال يشرب من كأس التوتر ويدينه مازالت تضغط بعدم فهم لوضعها لذلك أقترب خطوة صغيرة وقال بخوف : يوجعش شيء ؟
ليه تبّكين ؟ أوجعتش ولا ضايقتش ؟
مالقى منها أي ردة فعل سوى دموعها اللي مازالت تنّهمر بشكل تل قلبه من أقصاه وأوجعه فأشتعل التوتر مثل نار هشيّم في قلبه وأخذ يقترب ويقول : تبغيّني أرجعش لفهد ؟ لا لا أقصد أكلمه يجي هنا؟ طيب أتصل على لافي مستعد أتنازل وأخليه يجي هاللحظة بس لا تبّكين
مازال الصمت هو جوابها الوحيّد وهو مازال يرتجف من خوفه عليها لذلك جلس على بعُد منها وهو يناظرها بإرتبّاك ويقول : سمعت من أختي إنها بليلة زواجها كانت تتمنى ترجع عشان تشوف أهلي وتسولف معهم عن الزواج ، أنتي عشان كذا تبىكين ؟ إذا ودش أرجعش هالليلة وأجيش بكرة ماعندي مانع بس لا تبّكين
عطف أصابع يدينه بقل صبّر وهو يتأمل صمتها اللي يقتله ويضاعف جرعات الخوف والتوتر عنده فما بقى عنده غير هالجمل اللي نطقها فوق مُنى قلبه : لو خوفش مني ، يعلم الله ما أخطي لش خطوة وحدة توجعش لش مني "كل ملاذات الآمان" بس لا تبّكين
كان يقدم كل حلوله الي توجع قلبه والي تعصيه والي تدمّر كل لهفته وينهيها بجملة"لاتبّكين"
لإنه يعز عليه يتأمل هالدموع في ليلة كان يظن إن الفرح بس الي رح يزورهم فيها
يعز عليه يلمح ملُوحة الدمع بوسط خدودها ولا له قدرة على مدّ كفه ومسحها خوفاً من إن خشونة كفه تجرح نعومة خدَها
كان ينتظر وينتظر والخوف يتراكم بصدره حتى أسسّ له جيش عجز بعدها يلاقي بنيّان الأمان وهو يناظرها بترقُب والتوتر يتراقص على أوتاره ويزيده شعور سيء ، يتأملها وهدبّ عينه عجز يرمّش من شِدة لهفته على النظر لها
ولكن خلال لحظة وحدة بس ، إنهزم جيش الخوف وتلاشى شعور التوتر وأنتصر شعور الأمان وتكاثرت الدهشّة والذهول في كل منحنيات صدره اللي رغم وسعه وعرضه كان يظن إنه ضيّق مثل ضيق خرم الإبرة قبل لحظات ! لولا إن إبتسامتها الباكيّة هي اللي تركت الرحابّة تستقر بصدره
رفعت رأسها وناظرته وهي تمسح دمعها بطرف كفها بكل نعومة وهي عاتبة على نفسها كونها فضحت مشاعرها بأول يوم من لقاءهم سوى


فيضانات الدمّع اللي زارتها كانت نتيجة شعور مضُطرب وخايّف لقت بعده مدائن من أمان في لحظة كانت تنتظر فيها غزو الخوف !
لأجل كذا بكت .. لإنها ماعاشت فضاعة الشعور من جديد ولكنها عاشت شعور أحلى وأحلى شعور ماذاقته من قبل في أي تفاصيّل حياتها !
أبتسمت من بين دموعها وهي تلمح ذهوله وصدمته وتلاشي الخوف من تعابير وجهه اللي تهكم من رعبه قبل لحظات ، وميّلت شفايفها بخفوت ومازالت الإبتسامة بطرف وجهها تتمايّل ، نطقت بجملة وحيدة ، جملة"نفي" بسيطة ولكنها تركت حزن بنيّان وضيقه يذوب مثل مايذوب الملح بين ذرات الماء ، تركته يقلص المسافة ويكبَر الخطوات ويوسعها لها لدرجة إنه تناسى كل الي حوله من فرط فرحته وضحكته وأقترب منها حتى إنتهت كل مسارات الهواء بينهم وضاعت نعوُمة معاني بين فوضوية صدر بنيّان اللي أسرها وغمّرها لحضنه لعدم إستيعابه إن كل تخيلاته ماكانت إلا وهم زرعتها دموعها بقلبه ولكن جملتها أوصدت بيبان الأمان بصدره " ماخفت منك"
كانت جملة بسيطة وحروفها تنعد على أصابع يدين ولكنها بقلب الجنوبي تسوى كل مفردات اللغة بما حملت وبما كُتب بها وقُرأ!لإن هالجملة كانت الشيء الوحيّد الي كان يبي يسمعه ويدعي إنها يسمعه !
ولحظة الي حققت مُناه هالمعاني ونطقتها ماقدر يتحمل هالبعد كُل هالخطوات عنها وأقترب وهو يضيعها بين أركان حضنه وهو يتنفس بإضطراب ويناظرها وهي منكمشة بذهول والصدمة تحيط بكل خلاياها لدرجة عجزت تلاقي ردة فعل مناسبة لتصرفه،حاولت تتمّلص من بين ضلوعه ولكن شدّه عليها وإصراره على إحتجازها أجبرها تبقى ساكنة مكانها والخجل يتسرب من كل معالم جسّدها وكإنه يعاقبها بطريقته الخاصة على النيّل من قلبه قبل لحظات بدموعها قال بصوت خافت وهو يناظر بعبّث لأجزاءها الواضحة لنظرات عينه:ليه بكيتي ؟
عجزت تلاقي سبّب مقنع يتركها تنساب من بين هالسؤال بدون ما تفصح عن سببها الأساسي
لذلك إنكمشت أكثر على نفسها بين حصونه وهو أبتسم بخفوت من تصرفها اللي هدّ حيله فوق هدته وأيقن هاللحظة إنه بقوته ومهابته وتضاعف هيبته وبهالكثرة كلها أيقن إنه"ماينلوي له ذراع ولكن ينلوي له قلب"
لذلك ترك سبّب بكاءها هاللحظة يعدي تحت مسمى"الرهبّة والتوتر" كون تصرفها كان يندرج تحت هالمسمى وبس ، وبعد هالرهبّة الي سلبت دمعه من عرُوقه أخذ يعوضها بعذوبة منطوق معاني وكلامها الرايّق والموزون والي كان يستمع له بحرص شديد وبإبتسامة واسعة ، لحظة الي تكلمت معه سقط أكبر فيلسوف من عينه وتهادت سمعة العلماء أجمع وتلاشت هيبة ومكانة جميع الأدباء بعينه !
كان مستمتع وبشدة لدرجة طغى النسيان على موقفه قبل لحظات وبقى مبتسم وبس

معاني بين كل لحظة ولحظة تسترق النظر لكفوف يدها وتبتسم إبتسامة واسعة ومن ترفع عينها وتناظر للغترة الي بجنبهم تتّسع إبتسامتها أكثر
كانت حصُون الأمان مهدودة بقلبها ومُهددة بالسقوط بمجرد ما لامست أصابعه عروق كفها
كانت خايّفة ، وتتشرب الخوف لدرجة إنه حكمها وأجبّرها تترجم خوفها على شكل نبضات مرتجفة ويدين مرتعشة ولحظة الي ناقض كلامه كل معتقداتها ونفى تماماً كل خوفها أرتخت كل ضلوعها وترجمت راحتها على شكل دموعها
عروق كفها البارزة وإن كانت بالنسبة للكل تفاصيّل عادية إلا إنها لمعاني نقطة ضعف وجرح عميّق وموقف عدّت كل الحياة وماقدرت تعديه
وبنيّان بدون مايدري قطبّ الجرح وضمده بدون ما تنزف نقطة دم وحدة
لحظتها أيقنت إن الله " يخبئهم للي يشبهونهم"
وهنا كانت الطمأنينة ، برغم مرورها بأشخاص مؤذين وكان لهم نصيب من وجعها إلا إنها بنهاية الدرب رح تلقى ربي مخبي لها الوجهة الصح والشخص المناسب .. الشخص اللي تستحقه ويستحقها !


ومن أمام عتبّات بيد فهد
كان متكي بجسده المُتعب من حماس هالليلة على طرف باب السيارة ، ويناظر لدُجى اللي واقفة قدامه وتناظره بهُدوء ، أبتسم بعدها بتنهيّدة وقال : ياخوفي أجيك بنص الليل وأقولك إرجعي ما قويّت
أبتسمت بضحكة من كلامه وقالت بخفوت : إن حصل ومرك هالشعور تعال
هز رأسه وهو يحك طرف ذقنه بحرج لما تذكر خلال الشهور الي مرت والي بعد جهد جهيّد رضى تبقى عند أهلها كيف رجع لها بنص الليل وسط ضحكة فهد عليه !
ناظر لغُصن النايّمة بتعبها على طرف المقعد وتنهد بضيق وهو يأخذها بحضنه ويقول : الود ودي أخذها معي بس ...
أخذتها من بين يدينه بصعوبة لحضنها وهي تقول : تراها بحسبّة بنتي يا وهّاج
أبتسم من بين ضيقه بسبب كلمتها وألتفت هاللحظة لوقوف سيارة فهد بجنبهم والي بدوره نزل وتوجه لهم وهو يبتسم بفرحة : الليلة زايرنا القمر
ضحكت دُجى على كلمته بخجل ، كلمته المُعتادة والي كلما زارتهم يقولها بنفس النبرة الي تشع فرحة
أقترب بإبتسامة فرح وهو يأخذ غُصن من حضن دُجى ويقول : وغُصن بتبّقى معنا بعد؟
قال وهَاج بتردُد وهو يناظر فهد الي توسطت غُصن حضنه : لو فيها ك..
قاطعه على عجل وهو يرفع حاجبه بعدم إعجاب : كلامك يا أبو غُصن لاتقوله وأنت عارف إنه بيستفزني ، تراها أكبر أحفادي
أبتسم براحة من كلامه ومن خطى فهد خطواته للبيت ألتفت وناظره بضحكة وهو يقول : المهم يصبّح الصبح ونلاقي دُجى بالبيت ، لا يجي الحرامي بالليل ويأخذها
ضحك بإحراج من كلامه وحك طرف حاجبه بتوتر ، بينما دُجى كتمت ضحكتها بصعوبة عنه
وبعد لحظة إقتربت منه وهي تقول بهُدوء ومعرفتها الكاملة تكمُن في إن حضورهم هالليلة لفهد مع غُصن ..
هو بسبب موعدهم مع الشيّخ بكرة
وهَاج الي رافض تماماً بقاءها معه بنفس البيت خلال الموعد والي رافض بنفس الوقت معرفة أي شخص بعلة أم قريب كان أو بعيد !
لذلك هي الليلة هنا .. برغم إن إبتعادها عنه لوقت بسيط جداً يكلفه أشياء كثييير ومنها راحته
لحظة اللي شدت على كفه وقالت بإبتسامتها الهادية : تهُون ، ربك كبييّر ويهونها
وتنهيدتها الي صدرت ماكانت إلا راحة بسبب وجودها نطق بإبتسامة خافتة ونبّرة حنينة بالحيييل تعودت دُجى على سماعها: روحي عسى الله يفتحها بوجهك ويحنّ عليك
ناظرته للحظات ثم صغّرت عيونها نتيجة تأثرها بدعوته الي ظنت بيوم من الأيام إنه نساها ولكن لحظة الي قالها هاللحظة تمردت كُل مشاعرها ولكنه شد على كفها وهو يقول بتنهيّدة :لا تصغر هالعيون إلا بسبب ضحكتك يا قرة القلب ولا الدمّع والبكاء ماودي يكون من سلومك
أبتسمت بتعب من كلمته وهزت رأسها بإيجاب وهي تناظره بهدوء بعدما كتمت بكاءها لأجل ما يضيقّ له خاطِر وقبل تدخل البيت إتجهت للباب الخلفي وأخذت كانِدي الي كانت بشنطتها الخاصة وإتجهت للبيت وسط نظراته الهادية


بسيّارة ضرار
إتكأ بظهره على طرف المقعد وهو يضغط بكفوف يده على فخذه بوجع ويتنهد بضحكة على حاله : والله لو إنك صرت شايّب وأحفادك وراك ياضرار
وهالوجع كان نتيجة ترنحه طوال الليل مع بقية العيال ولعبهم الي ماوقف أبداً
باللحظة اللي إشتغلت السيّارة وكان بينطلق ، ألتفت بإستنكار للباب الأمامي اللي أنفتح والي ظهر بعدها وجه لافي المبتسم وجلس وهو يقول : والله لولا أخوي سندي كان أنا رايح مع قافلة الجنوب لبلادهم
ضحك ضرار من لمحه وقال بإستغراب : وش جابّك معي ؟
تنهد لافي بإضطراب وهو يناظر من مراية السيارة الأمامية ويقول : هذا الله يسلمك فهد عصبَ علي لما تأخرت وقال دبّر لكم سيارة ترجعكم ، والكل رجع مابقى غيرك ، أنت المبتلى
هز رأسه بإبتسامة وقال بضحكة : وشنسوي عاد ، هذي عاقبة إنه شالنا نفس البطن
ناظره لافي بطرف عينه ولكنه غير الموضوع تماماً من لما كان ضرار بينطلق لولا صرخة لافي : إنتظر ياغبي
ألتفت بخوف وإستغراب ولافي أشر على خيال الي كانت بتفتح السيارة بس لما مشى ضرار رجعت لورى بخوف : أنت ماتشوف عمتي ، أعمى أنت ناسي عيونك في البيت ؟ ولاشكلها طارت وأنت تطير مع القزوعي
ناظره بإستنكار ولافي ألتفت وفتح الباب وهو يقول بإبتسامة : أركبي ياعمة آسفين والله عندنا أخ مضيع عقله

خيال الي تنهدت بضجر ، وكل إنتقاداتها سكبَتها على لافي اللي مشى قدامها وتركها بالشارع تسارع خطواتها بعجل بس لأجل تلحقه
ومن ركبت وناظرت للي يعتلي جسده مقعد السايَق ، رمشت بذُهول وهي تبلع ريقها بصعوبة للحظة من الوقت


جاهلة تماماً عن وضع اللي إختلط التوتر والإرتبَاك مع مجرى الدم في عروقه ، وعجز يتمالك نفسه ويثبت يده على الدريكسون بغير إتزان " إيييييَة ليالي طويلة ماحضر لا طيَفها ولا مر إسمها ولا حتى تهادى لسمّعه طاريها والليّلة بذات نفسها حاضرة"
كان يعيش شعُور مختلف تماماً عن المرة الأولى اللي توسطت خطواتها المكان الي يحتويه !
المرة الأولى كان شعوره مُقتصر على الفضول ، الرغبَة بالتعمق والمعرفة ، الإستنكار ، وبوادر الإنجذاب لها بسبب تصرفاتها
بينما بعد هالمدة الطويّلة والشهور الي ماعدت بالساهل عليهم كلهم كبّرت المشاعر وزادها الإنتظار والتفكير لهب وإشتعال ، تفاقمت بسبب أشياء ماظن بيوم إنها بتكبّر بسببها !
مشاعر كثّير كبرت بصدره ولا يعرف كيف بيقدر يكبّحها أو يسيطر على نفسه ، كان طوال الوقت مرتبّك وواضح إرتباكه حتى للافي الي قال بضحكة : علامك أنت؟ أول مرة يركبون معك ركاب ولا كيف ؟
ألتفت له وناظره بتوتر للحظات ثم أبتسم بإرتبّاك وأومأ برأسه بدون رد ! ومن لما ألتفت وثبّت عيونه على المراية الأمامية ، تلاقت بذات اللحظة بعُيونها العسلية اللي وكإنها تشربّت لون العسل مثل ماكان لشعرها نصيّب من هاللون
ناظرها للحظات معدودة ومن بعدها صد بالنظر وهو يبلع رِيقه بصعوبة ويكمل الطريق بتوتر العالمين ، بينما هي كانت هادية مُناقضة تماماً لشعُور ضرار ، كان السكُون متشعب بخلاياها وتناظر بعشوائية للمكان وحتى لما تعانقت عيونهم ما أرتجفت بداخلها حتى نسمة !
كان تعبّها اللي مرت فيه كفيّل بإنها حتى تتعب من كل هالمشاعر ، وتترك نفسها ترتاح على بساط الركود والسكون ، أخذت تناظر لجانب السيارة اليّسار ومن لمحت كومة كُتب كبيرة مسيطرة على هالركن عقدت حواجبها بإستغراب وناظرت للكتب بعدم إدراك
أخذها الفضول وقربت منها وهي تسحبّ طرف أحد الكتب ولما إحتضنته كفوفها حتى تملكها الإستنكار والدهشّة من الورقة المثبتة بصفحة الغلاف كانت مُقتصرة على " تلخيص للكتاب من خط يدينه ، تقييّمه له " وملاحظة كتب فيها
" أعتقد هالكتاب رح يكون له متسع بقلبها مثل ماكان لي ، يمكن تحبّه كثري ويمكن تحبه أكثر ، المهم إنه لازم تحتضنه كفوفها وإن حصّل وصار له نصيّب من كوب قهوتها ما بنكبّر الشرهة"
كانت ملاحظة مقتصرة على أربعة سطور ولكنها كلفتها مساحة كبيييَرة من عقلها وتفكيرها وحتى قلبها ، صدت وهي تبعد الكتاب عن يدها وتنفضه بشعور غريّب كانت بتوقن إنه لشخص غيرها لإن"من متى وقلب ضرار شايّل همها؟ووده تكون بأفضل حال لها؟" ولكن طواري القهوة اللي غرقت أطراف الورق نفضت هالتفكير تماماً !
لو ماكان يقصدها فيستحيل إنه يقصد غيرها !

قبل توقف السيارة بحدُود البيت ، رجعت تناظر للكتاب وأخذته بدون تفكير وقبلما يهدها التردد ودسته بين أطراف عبايتها ولكن أطرافه كانت واضحة ، لذلك من نزلت ونزل وراها لافي اللي ودع ضرار ومشى معها
حتى طاحت أنظار ضرار عليها بشعور غريّببب
كانت مُختلفة تماماً ، نظراتها،هيَبة حضُورها،طيّفها، وحتى طريقة صمتها
تغيرت، ولكن تغيرها كان يغريّه أكثر ويزيده شعور !
لمح أطراف الكتاب الي داسته بين كفوف يدها وشنطتها ، وأخذ يبتسم بضحكة ويناظر لها بتنهيّدة وهو يستند بظهره على أطراف المقعد " هالكتاب كان من ضمن عشرات الكتب اللي مجهزها لها ، وكونها أخذته بالملاحظة الي كتّبها مايزيده إلاحبور"
رغم تزاحم التنهيّدات وكثر العقبات وشدة كثافة المواقف والناس والمشاعر الي صارت بينهم
ورغم كونها من صعبة من المستحيلات مثل"سهم تغرم بها،ولكن صعب إنك تنولها"
إلا إنه كان يحاول بكل طاقته ،هو اللي ضيّعها لما لمح له شعاع الفضول والإنجذاب لها برغم صراحتها الواضحة من بين سطور غموضها
وهو الي بيحاول يستردها حتى برغم ملاحظته إنها بردّت وحييل عنه ، وسكنت كل مشاعرها له
وصار ودها تكون بخير وبعيدة تماماً عن فوضوية هالمشاعر ، ولكن رغم ذلك يحاول
يمكن هالمرة تحنّ الظروف ويلقى أول رغبة له يتمناها بحياته تتحقق !


بزاوية أُخرى وبتوقيّت جديد ، لحظة الي توسطت الشمسّ مساحة السماء الشاسِعة
واقف وهو مستنكر الوضع تماماً ونظرات عدم الإستيعاب ما زالت تحيّط فيه وبشكل كثيّف وواضح ، من قال له وهّاج ليلة البارحة بعد رجوعه" لافي رايَح للجنوب يريّح رأسه بالطبيعة كم يوم ، رح معه وإستريّح قبل الجامعة "
وهو مستنكر الوضع وحاسّ بإحساس غريب بنفس الوقت ! البيت صار خالي من أي حس غير حس أمه وهذا بحد ذاته غريب بالنسبة لكايّد
واللي كان بجنبه لافي اللي مثبت يدينه على رجوله ويئن بتعب : ياويّل حالك ياعسكري زمانك
إنهد حيلي بكم شوط لعب وأنا في بر العسكرية كإني ضب ماينهد لي حيل
ضحك عليه وهّاج وهو يقول : معليّك الحين ريحة هواء الجنوب ترد لك حمَاسك
ناظره لافي وهو يستقيم ومكتف يدينه بإستغراب : هو الحماس موجود ماهنا خلاف ، بس ليه صاير معي ودود ومحترم ؟ هو عشان أختنا عندنا وخايف ما نرجعها؟ ولاخايف على بنتك من وحشيتنا؟ ولا عشان أخوك بيسافر معي ووودك أنتبه له؟
أبتسم بضحكة وهَاج بسبب كايد الي ضرب لافي على ظهره وقال : بزر عند وجهك أنا ؟
ضحك لافي وهو يكتفه من ذراعينه بكل قوة ويقول : والله عاد أنت بعيوني بزر وأنا مسؤول عنك دبّر عمرك وإرضى بنصيبك
هز رأسه وهّاج وهو يضحك عليهم ويقول : توكلو على الله وفارقونا ، لكم ساعة عند الباب تتهاوشون وتدورون هوشة


هز رأسه لافي وهو يسحب كايد ويقول : والله مهب مني ، منك ياالجرادة المسكين كايد مهب مصدق إنك أعتقته وتركته يسعى بأرض الله الواسعة بدون ما توقف على رأسه
رفع يده وهّاج وهو يأشر عليه ويقول : توكل بس قبل أجي أتوطاك هاللحظة
تكتف لافي وهو يناظره وبعد لحظات سحب الكاب من على رأسه وضربه بطرف يده بخفة وهو يقول بعنجهية : ماضربت الشمس رؤوسنا وأحرقتنا عشان نخاف من ....
أنفجر ضحك كايّد بسبب لافي اللي سحبه بسرعة وركبّه السيارة وركب وراه لما خطت أول خطوة لوهّاج بإتجاهه وأنتهت كل مواويل الهياط وتدمرت لحظة اللي ضغط على البنزين بكل قوة وتحرك من قدام الباب وسط ضحكة وهّاج الخافتة .. "يضحك وماكن الدنيا متراكية على كبّده"
من بعدها وصلته رسالة مختصرها حضور الشيّخ بعد صلاة الجمعة ، الحضُور المنتظر !

بيّنما بالسيارة الي إحتضنت لافي وكايّد اللي يدينه على رأسه ويطلب العتق من صوت المسجل العالي قال : الله يغربل إبليس بنيّان كأنه خلاك تحضر العرس
ضحك لافي اللي كانت كل مواويّل الطرب الي سمعها أمس تعلى بصوت كارثي بوسط السيارة هاللحظة ، لإنه ماطلع من إطار الطرب أبداً كان حتى وهو منسدح وناوي ينام يهز جسده وهو يضحك : يارجل أنا رضيّت على سفرة الجنوب ذي بس عشان أروح أكمل الطرب عندهم ، لازم لازم تكون كل زواجاتنا الباقية بالجنوب
رجع ظهره للخلف وهو يضحك بعدم شعور على تفكير لافي وقال : ومن بقى ؟ الصعبّ زواجه بعد خمسة أيام وللحين منكسي وجهي حرج إني رايح وتارك زواج بنت عمي وراي
أشر له لافي بإستياء وضجر وقال: والله والزواج الي مستحي عشانه ، كله ضربتين بالرز وقطعة لحم ببيت عمك
ناظره كايّد بطرف عينه وقال : عشان ضربتين الرز ذي وديّع رفض يجي
لافي عدل جلسته وهو يثبت يده على الدريكسون ويقول : يارجل وديّع أخوه ، وبعدين أسكت ترا غثيتيني ولا برميك بوسط هالبر وشف من بينقذك
كتم كايّد ضحكته وفتح الباب وهو ينحني منه وسط صدمة لافي الي سحب الفرامل بذهول ونظرته الحادة إخترقت كايّد : مجنون أنت؟ ناوي تخليني قاتل
قفل كايّد الباب وهو يضحك ويقول : أقول توكل ، مسوي أبوي على رأسي
ناظره بطرف وهو يغيّر نظرته ويتأفف بقهر : ماتخلون الواحد يفرض هيبته أبداً ، موهبتكم يآل سهيّل تكسير العزوم
ضحك كايّد أكثر ولافي أبتسم وهو يعلي على صوت المسجل وهالمرة ماكان فيه إعتراضات بالعكس كانت يدين كايّد تتمايل مع يدين لافي الي طاير بالهوى من فرحته ، وبعد ساعة من هالوقت وقفو بجنب سوبر ماركت بوسط الطريّق
وبينما كايّد يعدد الأشياء الي مفروض يشتريها لافي ، عقد حواجبه بإستنكار وهو يقول : هذا بنيّان ؟

وبعدما دققّ بالنظر شهق بصدمة وقال : اي والله هو ، وهذي الي جالسة ورى عمتي ؟؟ ولا من هي ؟ وليه جالسة ورى؟
كايّد رفع كتوفه بعدم فهم ولافي كان بينزل لولا إن كايّد سحب يدينه وقال: عيّب لا تنزل ، يمكن عمتك لا تحرجهم
تأفف لافي وهو يسحب جواله ويناظرهم بنظرة ثاقِبة ومن ثم فتح الكاميرا وهو يصُور ويقول : تشوف يُبه ؟ أنا ماقلت لا تزوج عماتي ولا أختي وإتركهم عندنا محد بيحبهم كثرنا ، شف هذا الحال
الجنوبي قليل الخير مأخذ عمتي ، وهذا إذا كانت عمتي وفي طريقه للجنوب والله أعلم بأي حال هم
وحنا ياغافلين لكم الله ، يايُبة إتصل عليه وإلهم الموضوع ولا تراني بوقف بحلقه مثل شوكة
أنهى مقطع الفيديو وأرسله لـأبوه وسط ضحكات كايّد على لافي اللي منزل رأسه للخلف ويسترق النظر عليهم وهو يقول : صدقني وراه مُصيبة ولا ليه بهالسرعة مسافر وما يعطينا خبر؟
قبل ما يرد كايّد عليه وصلته رسالة من أبوه تركته أول ما يلمح كلماتها يفز بذهول ويناظر لبنيّان اللي حرَك بالسيارة وكمل طريقه وسط نظرات كايّد المستغربة وإستنكار لافي وذهوله ..

الموعد المُنتظر واللحظة اللي حبّست أنفاس هالرجل الصامد اللي قرر يجابه هالمصيبة لوحده بس ، ماكان يحتاج جيّش كان موقن إنه بيكفي أمه وجوده !
لحظة اللي دخل الشيّخ أركان بيتهم وهو يسلم ويسمي بالله ويناظر للمكان بنظرات هادية وهو يتبادل الكلام مع وهّاج بسكون بينما وهّاج كل خلاياه ترتجف بخوف على أمه
وبعدما إنهز فنجان القهوة وإنتهت الضيافة ألتفت الشيخ وقال : أمك عندها خبر ؟
هز رأسه بالنفي الشديد وقال بتوتر : خفت عليها ، بالأول نعرف وش فيها ثم نعلمها
أيده الشيّخ بحرص وهو يوقف ويقول : زين ما سويت ياولدي ، وعلمني مافيه غيرك بهالبيت؟
وقف معه وهو يهز رأسه بإيجاب بينما الشيّخ ألتفت وقال : بس إن صار شيء ترى ماتقوى لوحدك
أصر وهّاج على موقفه وهو يقول : مالي قلب يقول لأخوه الي إنقال على مسمعي
تنهد الشيّخ بآسى على حالهم وقال : أجل خذني للغرفة الي عند أمك والله ييّسر
هز رأسه بإيجاب ومشى وهو يتجه للصالة الداخلية اللي كانت حليمة تنتظر فيها بإستغراب كون وهّاج طلب منها الإنتظار ومن خطت خطاويه مع الشيّخ تغطت عليها بطرف حجابها الي كان مرمي بإهمال على رقبتها وقالت بخوف : وش صاير ياوهّاج؟
جلس بجنبها وهو يقول بحنيّة ويبتسم بهدوء : أبد طال عمرك ...
سكت بصدمة بسبب رفضها القطعي على الجلوس بالصالة وهي تعلي صوتها بصراخ تدريجياً وسط ذهول وهّاج ، اللي تدمر هالذهول لحظة اللي جلس الشيّخ واللي أيقن إن هالتصرفات كانت نتيجة حالتها فبدأ يتلو آيات مُختارة من القرآن ويراقب حالتها اللي بدأت تتدهور





"جوري" غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 12-10-21, 01:01 AM   #74

"جوري"

مشرفة منتدى الروايات المنقولة

 
الصورة الرمزية "جوري"

? العضوٌ??? » 333867
?  التسِجيلٌ » Jan 2015
? مشَارَ?اتْي » 1,010
? الًجنِس »
?  نُقآطِيْ » "جوري" has a reputation beyond repute"جوري" has a reputation beyond repute"جوري" has a reputation beyond repute"جوري" has a reputation beyond repute"جوري" has a reputation beyond repute"جوري" has a reputation beyond repute"جوري" has a reputation beyond repute"جوري" has a reputation beyond repute"جوري" has a reputation beyond repute"جوري" has a reputation beyond repute"جوري" has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي




أشر على وهّاج يثبتها والي فعلاً جلس بجنبها وهو مذهول وماكان منتظر هالمنظر المخيف كله ، أخذ يمسك يدينها ويثبتها للخلف بذراعَه بينما الشيخ قال : ثبتها بقوة بتنهار عليك
وهنا أرتجف وهّاج وهو يلمح أمه الي طاح حجابها من على وجهها وبدأت تعرق بكثافة وإحتدت ملامحها بشكل كارثي وغرقت ملامحها وتشربّبت بالإحمرار المخيف حتى إن أصوات تنفسها عالية وصوتها يحتد أكثر وأكثر وهي تقاوم بجسدها وتحاول تبتعد عن المكان ولكن تثبيت وهّاج لها كان قوي ، لحظة الي بدأ الشيّخ يتلو آيات السحر بكل خشوع وبقلب مؤمن وقوي وواثق فيه تعالى صوت حليمة وبدأت تنهار أكثر وتصرخ بحرارة من وسط جوفها وهي ترفض الجلوس بمكانها تعلو بجسدها وتهبّط وسط رجفة وهَاج اللي يحاول يمسكها بكل طاقته ولكن إنهيارها كان فوق قدرة إستيعابه ! أخذت تلتفت له بوحشية وهي تخدش بأظافرها كل يدينه وسط مقاومته ووسط صوت حليمة اللي علّى وهو يستشيّط غضب ويحتد بطريقة مُرهبة ومخيفة أجبرت وهَاج يغمض عيونه برجفة وأجبرت الشيخ الي كان مؤمن وثابت خُطى يكمل طريقه ويتلو بنبرة أعلى متجاهل حليمة اللي تغيرت تماماً والي من بدأ ينفث عليها إحترقت من جوفها وصرخت صرخة عالية قطعت قلبَ وهاج وكإنها فلقت رأسها فلقتين من شدة حدتها
وإنهارت بعدها مغشي عليها من شدة التعب ، وقف الشيّخ قراءة وهو يتنفس بتعب ويشرب من كأس الموية الي بجنبه ويناظر لحليمة الي إنهارت وهو يردد: لاحول ولاقوة إلا بالله
ويرفع عيونه لوهَاج الي كان منهار ولولا إستقامة جسده لظن الشيخ إنه أغُشي مع أمه ، يدينه تبللت بدمه بسبب الخدُوش وكل جسده إمتلأ برضُوض بسبب مقاومة حليمة اللي ماكانت على مستوى جسدها أبداً ! كانت أكبر
وحتى الكلام الي إنقال على مسامعهم كان أكبر وأكبر ، بعد ساعة حاولو يستعيدون فيها طاقتهم الي أنهدت وقف الشيّخ وهو يرتب شماغه ويقول لوهّاج : الموضوع أكبر بكثير من ظنونك ياولدي
أمك مبتلية بقلوب حاسدة أخذت منها راحتها ثلاثين سنة ، وأخذت منها أختها كل هالسنين وعلاقتها معكم على مشاهد سمعك منها
حسبي الله ونعم الوكيّل ، هالسحر سحر مشروب ياوهَاج ومن شخص قريب منكم وماهي بس الوحيّدة الي عانت منه ، حسبي الله حسبي الله
وهَاج كان يستمع ودقات قلبه تنتفض من هول الموقف ، ماكان مستعد للبشاعة هذي كلها
ماكان مستعد يسمع هالكلام يتردد على مسامعه مرتيّن وبنفس الوقت بعدما قضو كل هالسنين بكل هالعذاب ، كان ينتظر شيء أكبر كان ينتظر إسم الي بلاهم بهالسحر لولا إنهيار أمه اللي قطع كل التواصل من التعب !



أنهى الشيّخ هالجلسة وهو يقول له إنه علاجها أمده طويل ولكن لا ينهد له حيل مادامه واثق بالله ، ووهَاج كان مصدر ثقته الوحيد هو"الله"
لأجل كذا كان متماسك لآخر لحظة !
نقل أنظاره على أمه اللي أخذها لسريرها وأخذ مناديل يمسح بها كفوف يديها اللي غرقت بدم وهَاج وهو كاتم تعبه وتنهيداته ودمع عينه بكل صعوبة أخذ يردد بتعب : يااويّل حال قلب وهَاج عليك يايمة ، سنين من الضيم والتعب والوجع وكل هذا فوق طاقتك؟ الله يهد حيلهم هدّ ما يقومون بعده أببد
فتحو على قلوبنا أبواب القهر طول هالعمر ، عساهم كانو متهنين ضعيفين القلوب ؟ الله لا ينولهم خير !
كانت دعواتهم من حُر جوفه تنقال ، وهاليوم بينكتب من ضمن الأيام الي مستحيل تلاقي للنسيان باب بعدها !


في أراضي الجنوب البهيَة .. تحديداً على أحد الطُرق المؤدية لديّرة بنيَان واللي ترجّل من سيارته بوسط الطّريق وأخذ ينقل شنطة العزبة"شنطة سفر يُوضع فيها معدات الطبخ"
ومن إنتهى من نقلها لوسط الجبّل اللي أصر على الطلُوع له وقف قدام باب السيَارة وأتكأ على طرف الباب وهو متكتف ويناظرها بطرف عينه وهي تضحك بخفوت ومن لمحته يناظرها بهالنظرات ضحكت أكثر وهي تسحب نقابها بعدما أئتمنت من خلو المكان من غيرهم
كونه طريّق سفر وإستحالة يلاقون أشخاص ينافسون بنيّان بجنونه وطالع لرأس الجبّل : أعتذر والله ، بس ماني قادرة أسيطر عليها
أرتخت عقدة حاجبه من ضحكتها والي رغم إنها عليه إلا إنه مستمتع فيها وبّشدة ، هي اللي رفضت رفض قاااطع سفرهم لشهر العسل لبرى البلد هالوقت بالذات لإن موافقتها على الزواج كانت صعبة أصلاً فكيف بإبتعادها مئات آلاف الكيلومترات عن أختها خلال هالوقت ؟ ولكن بنيَّان رفض يبقون بالشمّال لذلك أقنعها يتجهون للجنوب عالأقل هالإسبوع تتعرف فيها على نشأته وهو مقتنع لو تعرفت عليه رح تحبّه أكثر وأكثر : يعني ما يكفي إنش معاملتني معاملة سايّق غريب وراجعة ورى؟
ناظرت للبّسه اللي كان تيّشيرت أسود سادة إمتزج بسواد البنطلون وكابّ أسود وحتى النظارة الشمسية الي تحجب الشمس عن عينه واللي مشتركة بهاللون وضحكت أكثر وهي تقول : أنا بطريّق السفر أرفض أركب قدام ، أشعة الشمس توجعني ، ولكن بالله عليَك شكلك ما يخليني أظن نفس الي تقوله؟
نزع النظارة عن عينه وناظرها بإستخفاف وعلى مُحياه ضحكة : تعالي بس ، صدقيني لو ماكنتِ معاني الجنوبي كان لي تصرف ثاني معك


أبتسمت بضحكة هادية وترجّلت من السيارة وهي تنقل نظراتها بإنبّهار على الجبل اللي يجرون خُطاهم على ظهره كيف يآسر ويلفت القلب قبَل النظر ، كانت هذي أول خطواتها للجنُوب خلال كل حياتها وويدها بيّدين الجنوبي اللي زيّن الجنوب بعيونها قبل خطواتها !
كانت مبهورة وبشدة لدرجة إنها ماكانت تحسب حساب خُطواتها وهي تمشي حتى كانت بتتعثر بالتراكمات الصخرية لولا يدين بنيَان اللي جذبتها وبكل قوة نحوه لحظة شرُودها واللي شهقت بكل قوة لحظة إرتطامها بغلاظة على صدره وتوجعت بقوة بسبب عضلات صدره ، رجعت خطوة لورى وهي تثبت يدينها على حدود وجهها بوجع وناكسَة رأسها وشفايفها مايّلة نتيجة وجعها بينما هو حك طرف ذقنه بخوف ، كانت ردة فعله طبيعية كون الإرتطام لو ماكان على صدره كان على أرض الجنوب ،وصدر الجنوبي أولى من أرضها ! لما لمحها تميّل شفايفها ظن إنها تحاول تكتم بكاءها فأنفجع بخوف هذي ثاني مرة تحاول تبّكي وهذا اللي أربك قلبه وقف مفجوع قدامها وهو يأشر على تراكم الحجر : لحظة لا تبَكين يا آدمية ، ترى كنتي بتطيحين على وجهش وتنخدشيّن وتصير فيش بلاوي لولا إني سحبّتش صوبي ، "وأنتي لو تعثرتي طحت أنا" فلا تبّكين ...
قاطعته ضحكتها المكتومة نتيجة رجفة جسدها اللي أعلنت له هالضحكة ووسط عقدة حاجبه ، بينما هي هاللحظة تذكرت موقفهم بأول ليلة لما ذكر"رجوعها للبيت عشان تسولف لزواج مع أختها" رفعت رأسها وهي تضحك بخفوت وهو تنهد بقهر :أنتي تحبيّن تخوفيني ولا وش الوضع ؟ يا آدمية لازم أركب لي جهاز إنذار كوارث بيدي من خوفي
ضحكت أكثر وهي تهز رأسه وتأشر على طرف رأسها وهي تقول : مهب من شي ء ، بس ضلوع صدرك خدشتني
ناظرها بإبتسامة وهي تأشر على طرف رأسها وأقترب وهو يقبّله بحنية ويرجع خطوة لورى وسط ذهولها وصدمتها من تصرفه اللي ما توقعته واللي بدوره بقت جامدة وثابتة بمكانها وتناظره بخجل دمّر أركانها ، ماكانت تنتظر هالقُبلة وماكانت تنتظر إنفكاك عُقدة حاجبه بهالسرعة ، كانت جاهلة إن تصرفاتها وإن بدّت لها بسيطة وعفوية فهي عند بنيّان تكلفه ضحكته وقلبه !
أخذ يدها بيده وهو مبتسم ويضحك بداخله على سكونها الي كان نتيجة خجلها ومن وصل للمكان اللي جهزه وهي تنتظره بالسيارة ، أشر لها تجلس وهي بدورها جلست بصمت
بيَنما هو بدأ يفتح الشنطة ويخرج إبريّق الشاهيي وهو يسحب الكبريَت ويشغل الدافُور الصغير ومن صبّ الموية بأطراف الإبريّق قال بإبتسامة غُرور : والله يا يابتشربين ألذ شاهيي بحياتش !
تحررت من تأثير قُبلته وتنحنحت وهي تعدل جلستها وتناظر للمكان بنظرة سريَعة


البسَاط الأحمر اللي أمتزج بكل شاعرية باللون الأخضر الكثيف الي تزين به الجبّل الجنوبي وللشجرة الكبيرة اللي كانت تظلهم ، ورغم إن الجو كان معتدل ونسمّات الهواء باردة حتى بنص فصل الصيّف إلا إن إختيار المكان كان مُوفق!
نقلت أنظارها لجلُوس بنيّان قدام الدافُور الأزرق الصغير ومن حوله علبّة الشاهي والسُكر وعلب صغيرة جهزها بنفسه ، كان المنظر بالنسبَة لها آسِر كونها بطبيعتها مُحبة وبشدة للون الأخضر فكيف لو أمتزج بحبُها للشخص اللي يشاركها هالمُفضلات ، لما رمّى أوراق الشاي بالكوب قالت بإبتسامة : يمكنك نسيّت ؟ ولكني قد ذقته مرات كثّيرة
ألتفت لها وهو يقدم لها الكُوب ويقول بخفوت : ظنش لي قلب ينسى ؟ ولكن هذا غيَر هذا وأنتي معي يعني لش أن تتخيلي إني حطيت قلبي وسط الكوب بس عشان يكون أحلى
ضحكت من تعبيره العفوي وهو أبتسم وهو قراب ملامحها لما بدأت ترتشف قطرات الشاي بإبتسامة واضحة ،ولكن إبتسامته تدمّرت وإنصهرت وإنصعق بصاعقة الذهول والصدمة لحظة اللي تبادر لسمعه صوت ما تمنى يسمعه ولا خطر في باله للحظة من الزمن إنه ممكن يتخيله هنا ولكن نظرات معاني أكدت له إن صاحب الصوت حقيقي وإن جملته حقيقة " الله على جبَال الجنوب"
ناظر لمعاني بذهول وقلبه يرتجف قهر وقال : هذا صوت لافي ولا أنا بديت أهلوس ؟
رمشت بصدمة وهي تنزل الكُوب عالأرض ، وتسحب جوالها وهي تناظر لُمحادثة لافي بصمت " ياعمة ماشاء الله مسافريّن ومستانسين الله يتمم عليكم ، بس علميني وين أنتو بالضبط ؟ ولا أقولك إرسلي الموقع خلينا نشوفه على الخريطة ونعيش الجو معكم من خلف الشاشات" وهي فعلاً ضحكت عليه وأرسلت الموقع وهي غير متوقعة ولا واحد بالمية حضوره حقيقةً! لفت الشاشة بإتجاه وجه بنيّان وهو من قرأ المحادثة كتم عصبيته بكل قهر وتصنع إبتسامة هادية وهو يوقف ويقول : بروح أشوفه
كتمت ضحكتها بكل صعوبة وهي تلمح الغضب ينسكب من كل أطراف بنيّان لحظة الي سمع صوت لافي ومن جر خطواته لحدود الجبّل ولمح لافي مثبت يدينه خلف ظهره ويدندن ومن خلفه كايّد يمشي بتعثر من التعب قال : الله يحيّي الضيوف اللي حاشرين نفسهم معي غصب
ضحك كايَد رغم إن الحرج كاسيّه ولكن من الي بيفهم لافي عن حرج كايَد ؟ ضحك وهو يصد بوجهه عن بنيّان المقهور ولافي أبتسم وهو يقرب ويسَلم على بنيّان الي كان ناوي يقتله هاللحظة بضحكة مكتومة ولحظة الي تذكر رسالة أبوه الي وصلته " الله يخلف عليك يا هالولد حتى العسكريَة ما وهبّت لك شوية عقل ، الرجل متصل فيني من أمس وقايّل لي ، رايّح لهله كم يوم مع معاني وراجع " وذهوله كانت نتيجة سماح أبوه لبنيّان بالسفر بهالسرعة كون تجربة خيال مامرت بالساهل!



جاهل إن بنيّان ماكان شبيّه لغيره أبداً : الله يسلمك والله ، جينا نتطمن على أحوالكم ونشوف جنوبكم كيف أوضاعها ونشوف لو عمتنا باقي بخير ولا أرتفع عندها السكر من بقلاوتك
ناظره بنيّان بصبّر ولافي مشى من جنبه غير مهتم وأقترب من مكان جلسة معاني وهو يضحك على ملامح بنيّان ومن شافها سلم عليها ومبتسم من خجلها وهدوءها ، وأخذ كوب شاي بنيّان وسحب صحن البقلاوة وهو يأكل ويسولف ولاعليه من أحد
بينما بنيّان إستأذن من كايد ورجع لهم ومن لمحه جالس مكانه شبّ النار بصدره ومشى لإبريق الشاي وهو ناوي يصبه على رأسه ويرتاح لولا ضحكة لافي الساخرة : حتى على جبل الجنوب بقلاوة؟ ياخي أهلك ماسوو فينا خير يوم ما سحبوك من ذا المقهى وخلوك تكمل دراسة
كود إنك صرت دكتور وبدال هالبقلاوة جايب شنطة إسعاف ولا مقصات....
سكت بفجعة من نظرات بنيّان وعرف إنه باقي لحظة بسيطة بس ويأخذه ويرميه من على حافة الجبّل فترك كوب الشاهي وهو يبتسم بورطة ووقف وهو يقبّل رأس معاني ويقول : والله جيت أتطمن عليك بس ، ولكن ضيافة الجنوبي كبيرة وعيب نردها
ألتفت لبنيّان يحاول يلينه وقال : وعاد بقلاوتك ماشاء الله ماتغير حلاها تأخذ العقل
ناظره بنيّان بآخر نقطة صبر ورجع يقول لمعاني : عاد جيَنا كم يوم للجنوب نشوف أحوال ديرة زوجك ياعمة وحبيت أسيّر عليكم ونشوفكم ، والحين بنزل كايّد ينتظرني
هزت رأسها بضحكة ماقدرت تسّيطر عليها وهي تلمح الخوف بوجه لافي والغضب بوجه بنيّان ، ومن سلم عليهم ومشى وهو يركض بخوف حتى ضحكت من قلبها وسط قهر بنيَان اللي جلس وهو يقول : ياويلش لو تضحكين
ضحكت أكثر وهو أبتسم ومسح على وجهه: يضغط على عروقي هالرجل ، تاركه بالشمال ورايي وأوصل الجنوب ألقاه خارج لي من بين الشجر والحجر
سكتت معاني وهي تلملم أطراف ضحكتها وقالت : بس حليل وقلبه وسيّع صح؟
هز رأسه بإيجاب وهو يسحب طرف كوب الشاي ويقول : صح ما أختلفنا ولكن والله الي مصبرني عليه إنه ولد فهد أخوش ولا كان رقعت (رميته)به من فوق الجبل
ضحكت بخفوت وهي تتأمل بنيّان مع أطراف المكان بينما لافي من وصل عند كايّد سحبه وهو يقول : بسرعة خلنا ننزل ، والله بيحرقنا وبيخلينا نغلي مع أوراق النعناع
ضحك كايّد الي كان منتظره وقال : أسألك بالله من بيلومه يانشبة؟
تأفف وهو يقول : عاد كان ودي أتطمن على عمتي ، تعرف صار وسواس
سكت كايَد وللحظة أعطاه الحق بس من ركبو السيارة ألتفت له لافي مبتسم ؛ بس الحمدلله كانت تضحك ، تضحك من قلبها وهذا يكفي لأجل نأمن الجنوبي عليها طوال حياتها ، أشترى ضحكتها بتعب قلبه وهذا يكفي


تنهد بإبتسامة فرح من كلامه ولافي ضرب الدريكسون بحمااس وهو يعلى الطربّ على آخر مستوى ويقول : وجييّناااك يالجنوب ، والله يحيينا
ضحك كايّد وهو يهز رأسه بآسى : ويرحب بعد بنفسه
أبتسم له بخفوت وهو يكمل طريقه وسط طُرق الجنوب الباهيَة واللي تزينت بأنواع الجمال من سُحب متراكمة وألوانها تغطي السماء وتتسرب كراحة للعيون ، لنسماتها الباردة والمُنعشة والي كانت نتيجة هفيّف أوراق الشجر اللي لون الأخضر غطى مساحات الطريّق بكل بهاء .. كانو يدرون إنها بتكون أيام بهيَة كثر معرفتهم ببهاء الجنوب!


أما بأركان الشمال ، تحديداً وديّع اللي كان من فرط تراكم التنهيدات منحني على للخلف لعلها تلقى درب تتسرب منه! يناظر لأمه اللي تنتفض من شدة غضبّها والي على غير عادة منزعجة بعد شهور من الهدوء تناظره بعصبية وقلبها يشتعل : قلت لكم قبل أيام زواج مافيه ، وأنت هاللحين داخل من جنبي بفستان زواجها وكأني ما تكلمت؟
وديّع اللي من سمع خبر موافقة بريق والدنيا والحياة ماهي سايعته من فرحته ، ولا أستجاب لكلام أمه كونه يدري وش السبب وكل الي بقلبه يدور لـ"ضيّع عليها فرصة حلوة للحياة، تبغيني أخليه يضيع عليها الصعب بعد؟يخسى خاين الأخوة": يايمة الله يرضى عليك قصري نبّرة صوتك لا تسمعك وتضيق زيادة
رفع يدها وهي تأشر عليه ورفعت صوتها بقهر : خلها تسمع قليلة الخاتمة ، أقولك جدتك بالمستشفى منهلكة وبكاءها يسمعه القاصي والداني وأنت تقول خلي حفيدتها تنزف على صوت بكاءها؟
تنهد وهو يستقيم بجسده ويوقف بجدية قدامها : جدتي من وعيّت على الدنيا وهي مسكنها بالمستشفى ، علميني بس يمة يوم واحد عاشته بدون ماتبكي من الوجع؟ علميني عن إسبوع كامل قدرت تجلس فيه بالبيت ؟حتى الأعياد تقضيها بالمستشفى ومن زمن جدي ، إن إنتهينا من السرطان ما أنتهينا من تلف الكلى وإن أنتهينا من الضغط والسكر ما أنتهينا من الغرغرينا ، ومن سنين طويلة وهي تعاني وأنتو حتى وهي تعاني كنتو تضحكون وتقيمون أفراحكم أنتي وإخوانك كلهم ، ولاتنسين إن زواج ولد أختك كان قبل شهر وماقالت خالتي كلمة وحدة عن جدتي ولا طرتها ، ليه هاللحين جبتي طاريها؟ سنين وحنا نحتفل ونضحك ونبكي وطاريها مايحضر ليه هالليلة وهالوقت بالذات تذكرتيها؟
تأفتت بعصبية وكانت ناويه تضربه من شدة قهرها ومن رفعت يدها رجع خطوة لورى وهو يكبَح غضبه ويحاول يهدي نفسه : أدري كل هالسوالف ماهي بسبب جدتي لإننا تعودنا على حياتها بالمستشفى ، وأدري إن سببك ولدك العاصي وقاص ولكن والله ما أخلي حتى طواريه تخرب فرحتها لو على موتي



وهنا مابقى للصبّر مكان بقلبها هي الي عانت فقده وبكته وبكت طواريّ غيبته برغم إنها تدري إنه مظلوم وإن المخدرات تلفقت له ولكنها كانت ساخطة على موضوع سجنه وحاولت تتكلم حاولت في ضرار وحاولت حتى بإخوانها يساعدونه ولكن الكل ترك لهم ظهره!هي الي ماقدرت تزوره كل هالفترة لقلة تحملها لشوفته خلف أسوار السجن وهي الي بتموت لو شافته بحالة الضعف هذي بعد قوته الي كانت تهز المكان :أيا الخسيس ياقليل المروءة هالحكي ينحكي لأخوك اللي أنت عارف إنه بريء والي أنسجن ظُلم وبهتان وماتحرك لك قلب عشانه يالي ماتخاف الله ، والحين تبي أختك تنزف لزوجها على صوت تنهيداته وبكاءه وسط السجن؟ ماخفت الله فيه ؟ ماقلت بينكسر له قلب وبتبكي له عين لامنه درى إنكم ناسينه وتاركينه وراكم؟ ماحنيت عليه
تشعبّت مشاعر ضيق وقهر بصدره وهو مو قادر يصرح بسبب سجنه الاساسي خوفاً من إنه يوصل لمسامع الرقيّقة وينكسر لها قلب ما بينجبر هالكسر بعده لذلك تحمل كلام أمه له وقال : ماحنيت ولا بحن ، وإسمعيني يمة هالزواج بيتم وبريق بتفرح ، يكفي إنها تركته زواج عائلي عشان ما تضيقين ولا يضيق وقاص ولكن بهالزمن ما يعجبكم العجب ، أنا رايح الحين أستلم بقايا أغراضها وخالق هالكون يمة لو تقولين لها كلمة تمسّ بقلبها ولو بدمعة ماعاد تلاقيني أبد بهالبيت
والله لأنسيك تفاصيّل وجهي وماعاد تخطي لي خطوة هنا .. ماباقي لك غيري لا تحديني على فقدي !
رمشت بذهول من تهديده اللي ألجمها وتركها ساكنة وثابتة مكانها ، وهو تنهد بضيّقة وسّرع خطواته لبرى البيت كاتم وجعه من هالسيرة الي ما إنتهت
بينما هي جلست بالصالة وهي تبلع ريقها بصعوبة ، لأول مرة ينهز لها قلب من كلام وديَع ! لأول مرة يأثر فيها"ماباقي لك غيري" وهذا فعلاً الحاصل،لو فقدته وش بيصير لها؟



وكان الصمّت حليف هالأيام اللي عدت بغرابة وبمشاعر مختلفة على الكل،بُرهان الي الترقب يتشربّ من أعماقه ولحظة لقاءه بمحبوبته الصعبَة تقترب أكثر ، ومساء بكرة بيسطر هاللقاء وآخيراً وبريق اللي تتضارب مشاعر اللهفة والخوف بقلبها بشكل مُخيف ، بنيّان اللي عايش أفضل أيام عُمره يتقلب على أوراق النعناع بضحكات ويرتشف من حلاة شيرة البقلاوة الكثير ، كايَد ولافي الي رحلتهم مستمرة بأكثر الأوقات مُتعة ، دُجى الي طوال هالأيام بقت فيها أسيرة بيت أبوهاوسط ضيقه كونها مبتعدة عن ضياءها ولكنه رافض رجوعها تماماً ، خايف تتأثر خايف يزورها تعبها من جديد !
ووهَاج الي مازال يعاني وبشدة مع أمه الي حضر الشيّخ لجلسة ثانية والي تدمرت أكثر وأكثر من قرأ عليها من جديد !


ومن تنهار ويغُمى عليها من التعب تصحى ثاني يوم ناسية تماماً كل الي حصل معها!
واللي وصلته رسالة رجاء جديدة من قُرة قلبه تطلبه فيها الرجُوع لكنف بيتهم والي كان مضمونها " ظنّك لإني بعيدة ما بيلحقني وجعك؟"
تنهد وهو يسند ظهره على شجرة الليمُون ويراقب باب غرفة أمه المقفل ورجع يسترق النظر لمحادثتها ويبتسم بهدوء ، هالفترة بالذات كان يحتاج شخص حنانه عليه مثل بحر..وكانت مثل البحر وأكبر " ما كبّرت بيننا المسافات لأجل تشاركيني الوجع ، المهم تكونين أنتي بخير .. وأنتي لاصرتي بخير من يقول إن وهّاج موجوع؟"
وصله الرد بنفس اللحظة كونها كانت متهلفة على كلامه" ولمتى بنبّقى كذا ؟"
تراكمت تنهيداته وهو يمسح على وجهه بصعوبة ، هو بالقوة تحمل منظر أمه وهو القوي الشامّخ الصامد هي أم القلب الحنيّن والهشّة كيف بتتحمل كل هالتعب؟ وخصوصاً كونها مازالت تحت تأثير مرضها النفسي وحملها؟ " ليّن يوصل فهَد بالسلامة "
- " راضي على البُعد كل هالوقت؟"
- " والله ثلاثاً، غصب عن عيني .. ولكن كل الي يرضيني تكونين بخير ، ويعدي كل هالوجع بأسرع وقت وتصيّر أمي بخير"
-"طيّب تعال عالأقل الليلة ، فهد وغُصن مشتاقين لك بالحيل"
ضحك من كلمتها غصب عنه وهو يدري إن هالشوق شوقها هي ، برغم ذلك ماجاوبها إلا بالموافقة لإنه كان محتاج وجودها لأجل يملأ جوفه طاقة يقدر يقاوم فيها من جديد
يحارب شكوك أمه وإنتقادها على بُعد غصُن مع دُجى ،يحارب ذبولها ووجعها ، يحارب ظنون الكُل بهالحالة الي هم فيها ، ويحارب زوايا البيت المُظلمة الي كان نور غُصن يشعلها ضياء ، ويحارب الليالي بدون دُجى لذلك كانت ليلته بعد هالرسايّل حنيّنة وسط دفاها ودفى كفوفها
وبلحظة رجوع وهَاج للبيت وبقاء دُجى بوسط الحوش إلتفت لرسالة بجوالها والمُرسل واضح إسمه بأعلى الشاشة ، أبتسمت بآسى لما لمحت ضرار وردت على عجل "طيبة وبالحيّل ، وأنت"
- - " بكون بخير ، لو عطيتني من وقتك دقايّق "
- " أفا عليَك ياخوي ، لك وقتي كله آمِر"
- ردعليها بإسم واحد .. وبكلمة وحدة وهو يدعي من كل قلبه تفهمه بدون ما تنبَش بمشاعره وتهلكه ببوحه وهو الي تعود على الكتمان وهو اللي قرر يخطي هالخطوة نتيجة رغبته المُلحة ف يمعرفة ماهيّة مشاعرها له ! ما يبي يبّقى على هوامش الكتاب يبي يكون القصة ! مُتناسي كل الحصل وجُل تفكيره في ردها
" خيال."
مرت دقايّق طويلة وعقدة حاجبها تشتد بإستنكار كبير وعدم فهم يتفاقم بعد مرور كل دقيقة من الوقت إجتماع إسمه الي يعلو الشاشة بإسمها الي بطرف بمحادثته أحدث كمية صخب لا نهائية بين خلايا تفكيرها ، تحاول تستوعب طلبه وتفهم وتفك الشفرات الي بين حروف إسم خيال !


- تحاول تلاقي معنى يتركها تستوعب مقصده الغامض ، ولكنها لدقايق طويلة عجزت ضرار الي مابعمره أرتبط إسمه مع خيال إلا بحرف الألف المشترك بينهم ليه هاللحظة صارو بنفس المحادثة؟ضرار اللي كان متزوج بنت غيرها وتطلقو لأسباب مجهولة ليه هاللحظة أرتبط إسمه بإسم عمتها؟ طفت مشاعرها على موج الإستغراب الكبير وبقت ساعة كاملة تحاول تفهم وتستوعب مقصده وهوبقى ساكن ينتظرها تفك شفرة مشاعره وتساعده ، لإنه أحترق من الإنتظار ويبي يرد يتركه على مرسى الأمان والفهم ، وبعدما مرت هالساعة وصله ردّها " أخطي لها خطوة بإسمك ولا نواياك ثانية؟"
أبتسم براحة تسللت لكل جسده كونه ما أحتاج يبرر لها عن نفسه ويغرقها بعمق شعوره ، ملأه شعور الإمتنان كونها فهمت غموضه ولا زلزلته بأسئلتها ، لذلك رد " إخطيّها .. ولو كلها عناء"
هي بنفسها تدري عن خيال وحالتها وإنعدام خوفها ، ولكنها بنفس اللحظة تعرف عن مساحات الأمان الشاسعة الي بتقضيها بين حدود ضرار لو قبلت فيه مع ذلك كانت خايفة من ردودها- " لا ترفع سقف آمالك دخيَلك ، إستعد لكل الردود"
-"لا تخافيّن ، المهم ألقى رد يتركني أحط نقطة على السطر"
تنهدت وهي توقف بصعوبة ، وتناظر لغُصن الي كانت تلعب على المُرجيحة الي شيَدها فهد لها بوسط الحوش والي كان طوال وقته معها خلال هالفترة وأبتسمت وهي تمسح على رأسها من بعدها وسعت خطواتها بإتجاه غرفة خيال .. ومن دقت الباب وأذنت لها دخلت بهُدوء ولمحتها جالسة على طرف السرير ، تحتضن كفوفها كِتاب كعادتها يحُوفها السكُون والهدوء وملامحها باهتة ولكنها تدعيّ الإشراق
إقتربت دُجى وهي تجلس بجنبها وتناظرها بنظرات هاديَة وهي تسترق النظر لنظراتها الي كانت مصُوبة على أطراف الكتب واللي من بعدها رفعتها وناظرت لدُجى بهدوء
إرتبكت فأبتسمت وعدلت جلستها وهي تقول : لو نصيّبك من الفرح مشرع لك أبوابه تخطين له؟
لمحت إبتسامة ساخرة على وجه خيال وكتمت تنهيّدتها قفلت أطراف الكتاب وقالت : لو مابيني وبينه إلا خطوة ما بخطيّها
رمشت بصعوبة بسبب ردها المُخيف وقالت بخوف : ليه ؟ قلبك ما يستاهل الفرح؟
هزت رأسها بإيجاب وهي تعتدل بجلستها وتقول بهدوء : يستاهل وأكثر مما تظنين ، ولكن ما بخطي خطوة لباب غيري من جديد ، أنا فرحي بسطر مجده بيديني ماني بحاجة باب لأجل أدق عليه
ميّلت شفايفها بخفوت وهي تلمح الخوف بنظرات خيال ، عكس كلماتها القوية كانت نظراتها مرتجفة وخايَفة ، ماكانت تدري عن حياتها مع عوّاد كيف مرت خصوصاً إن خيال متحفظة وبشدة عليها ولكنها تدري إنها مامرت بسهولة والسبب نظراتها وحالتها
بيَنما خيال كانت تدعي القوة فعلاً وقلبها يرتجف من طاري الخطاوي الجديدة هذي


"المواقف الي حولتها لشخص خايّف أخذت منها شهور طويلة ،ويمكن تأخذ أكثر لأجل يرجع لها جزء من طمأنينتها وثقتها .. ويمكن ماترجع"
قالت دُجى بصوت هادي تأمل بين نبراته خضُوع قلب خيال ولو للحظة : وإن كان هالباب مستعد ينتظر خطوتك لين تغرق بالثقة فيه؟ بتفكرين من جديد؟
هزت رأسها بالنفي وبعد جملة دُجى أيقنت وبشكل تلقائي مقصدها المبُهم من رجفة كفوفها الواضحة لنظراتها المُتقربة ولتعابير وجهها المايَلة للخوف وحتى ليدينها اللي تضغط عليها بكل قوة وضحكت بداخلها بسخرية من ظروفها اللي حكمت عليها رضوخ قلب تمنت قبل شهور يلتفت لها ! ولكنه رضخ بالوقت الي هي فيه ملَت من كل هالمشاعر وصار همها الوحيدة راحتها وإن قلبها"يبقى مُطمئن وبس" ردت ببرود عدم ومبالاة : يدور خطاوي لشخص غيري لأجل تخطي له .. أنا رجليني مبتورة خُطى يا دُجى
ماعاد لها قوة لأجل تخطي لأي باب مشرع لها
تنهدت دُجى من ردها وشبَكت يدينها بضيق على حال خيال .. وعلى حال ضرار الي صار التفكير فيه يهلكها ويهلك قلبها
تراكمت عليها هموم الكل وخصوصاً ضرار اللي من عرفت إن فراقه عنهم كان بسبب عقد شيطان من الإنس وقلبها يتفتت من الوجع عليه ٣٠ سنة بعيد عن دفء حضن أمه مجبور
إن كانت تبكي دمعة لأجلهم فكانت تبكي عشر لأجل ضرار اللي ماتهنى بحياته ، حتى الخطوة الي قرر يخطيها لما صارت لنفسه .. لقى الدرب مسدود بوجهه !


أما بمكان بعيد بشكل قريَب ! كانت تبعد خُصل غُرتها الي ماصارت ترضى على شكلها إلا فيها بصعوبة عن عينها وتناظر لصحون الكيك الكثيفة اللي تكسو سطح الطاولة ، على وجهه تعلو إبتسامة ورغم إن ملامحها مايلة للإنزعاج بسبب خصل شعرها إلا إنها كانت بأعلى مراحل الروقان كون الصوت اللي يترنح على أوتار سمعها يأجج السعادة بقلبها بشكل كبير وصوت ضحكته تترك كل الراحة تستقر بصدرها : لا تضحك يا محمد ، ترى بزعل وعاد تعرف ، زعلي كاااايّد
ضحك أكثر وهو يحاول يقصر صوت ضحكته كون باقي السُجناء الي بجنبه يناظرونه بإستغراب وقال : والله ماعرفتك يا مُروج ، تستحين من طاريه؟
تنهدت بإستخفاف وهي تناظره للكيك اللي رسمت على سطحه بالكريَمة البيضاء غيُوم صغيرة نتيجة طلب الزبونة وقالت وهي تبتعد عن الطاولة وتقول : ماني مستحية ، بس عاد صوت ضحكتك على موضوعه يتركني أستغرب ليه تضحك؟
محمد اللي زاره ضيَق عنيف قبل شهور نتيجة سماعه خبر طلاق أخته من ضِرار الشهم والي رغم سوءههم معه كان كفو وصاحب كلمة ورضى يبقى معها ومايكسر لها طلب ولكن الضيق تلاشى من صدره لما عرف إن أخته الي طلبت الفراق



وكان المهم إن خالهم أبّتعد عنهم وهذا الي مريح قلبه والي مشدد هالراحة رضا أخته وسعادتها الي ما إنخدشت بالفراق هذا ، ولكنه هاللحظة سعيّد لما أتصل قبل إسبوع بأبوه وأعطاه خبَر عن خطوبة أخته بشخص راعي جمايَل وكفو وسمعته تسبقه وعن موافقتها عليه لذلك كانت مكالمته هذي كلها مباركة وفرحة لها ، والفرحة تراكمت بفؤاده أكثر لما أيقن إنها أستخارت ولقت الراحة تستقر بقلبها! يعني راضية بهالرجل أتم الرضا : أبَد طال عمرك،ضحكتي من فرحتي وآخيراً بيجي اليوم الي بصير فيه خال
تشربّت خدودها الإحمرار نتيجة خجلها من كلام محمد وقالت بصوت مكسُوه تردداته بالخجل : خلني ألبس الأبيض بعدين يصير خير لللولد!
ضحك أكثر من سمع صوتها الخجول وتنهد برررااااحة سكنت كل فؤاده رغم جهله بهيئة العريس ولكن كون أبوه راضي عنه هذا بحد ذاته يكفي ، لإن من سابع المستحيلات يرضى أبو محمد بشخص يقل عن مقدار بنته! أنهى مكالمته بصوت ضحكاتها الراضية وعن هيئة صوتها اللي كان يحوفه الرضا والراحة وهذا كان يكفيه لأجل يتسع هالضيق رحابَة


وباليوم الجدِيد ،بتفاصيله الآسِرة بضحكاته اللي تتحدى الحزن والعُرف والقبيلة وحتى كل الناس اللي رفض حضورهم بس لإنها طلبت منه !
بمجلس بيَت ضرار اللي يحتضِن كُل رجال العائلة اللي متناسيّن كل أفعال رجل هالبيت وجاييّن لأجل الصعبّ وبس .. كان جالس بصدر المجلس اللي يحتضن مهابته بكل تعب ، وبيدينه جواله اللي إحتضنته بعدما وصل لمسامعه تنبيه وصول رسالة وكانت من بنيّان الي سكبّ جُل إعتذاراته على عدم حضوره " تعنيّت لأجلي كثيّر جملني بالعُذر تكفى يا الصعبّ ، والله لولا القبيلة اللي حجزتني غصب بالجنوب وماوقفو إحتفالاتهم كان تلقاني أوزع بقلاوتي عليكم"
أبتسم من رسالته ورد بنفس الرحابّة" كلماتك تكفي وتوفي يالجنوبي ، يكفي إنك متعني ومرسل أعذارك "
ومن بعدها رفع رأسه وتأمل عدد الحضُور القليل جداً واللي أقتصر على أعمامه وعيالهم وأبوه الي بجنبه ، وعلى أصحابه الي كان من بينهم وهّاج والي متكِي بطرف جسده على المركاد الذهبي وتتراقص حبّات سبحته بين أطراف أصابعه ويناظر بهدوء للمكان .. لأول مرة تخطي خطواته لداخله هالبيت من سنييييين طويلة ولكنه دعسّ على جرحه وكبّر بسمته لأجل ما يضيق للصعبَ خاطر ، أبتسَم وهو يتأمل ضحكته الي مافارقت وجهه وألتفت وهو يناظر لضرار اللي مبتسم مع وديّع ويأشر عليه يوزع الضيافة مع العمال ومايقصر وتنهد ألتفت لفهد الي كان جالس بجنبه وقال : تناهيّدك تهد جبال يا أبُو غُصن ، هالفترة جروحك ماهي بهيّنة ماودك تشاركنا؟ ترى لاشال الحمل شخصيّن هان



أبتسم وهو يلم أطراف السبَحة بين كفوف يدينه وأعتدل بجلسته وهو يقول بهدوء : أنت شايّل الحمل وأنت ماتدري ، ويكفيني الي شايله
ناظره فهد بعتب : هذولا قطعة من كبدي يا وهّاج ماهم حمل
أبتسم وهز رأسه بإيجاب وربت على كفوف يده وهو يقول : لا يلحقك هم أجل ، همومي على قدي دايّم كبيرة وأنا بإذن الله قدّها
تنهد وهو يدري إن شخص مثل وهّاج مستحيل يشارك همه ويعلن عن ضيّقه حتى لأقرب ناسه لذلك صرف النظر عنه هالوقت بس


أما بين ممَرات البيت ، كانت واقفة قدام المرايا الكبيرة ، تتِحسس أطراف وجهها بهدوء تام ، وسط فوضاء صدرها اللي ماكانت بسّيطة ولا سهلة أببببداً !
كانت تستشعر للحظة وحدة بإن جسدها رح يتفكك ويبقى كل طرف منه بمكان من شدة الرجفة والخوف الي يعتليها !
كانت تسترق السمع على أصوات الحضُور الي كان مُقتصر على بنات أخوالها وأم الصعبّ وباقي أهلها إلا إن حضورهم لوحده كان يكفي لأجل يربَكها فوق توترها ورجفتها من الساعات الي بتحتضن فيها وقوفها مع الصعبّ بنفس المكان!
كانت تلُوم نفسها هاللحظات على موافقتها على الشعور المخيف الي تعيشه بسبب هالخطوة الي خطتها وعلى خطوها لهالخطوة في ظل غياب أخوها ، كانت المشاعر تتضارب بداخلها لدرجة مرة تندم على سرقّة الفرح من داخل قلب أهله ومرة تندم إنها كبّرت خطوتها وسط زلزلة قلبها من الخوف !
تنهدت وهي تشد على طرف ثوبها ، ولكن للحظة أبتسمت إبتسامة واسَعة وهي تلمح إستقامة جسد أنثُوي بأطرافه الذهبيَة أمام إنعكاس المراية وألتفت وهي تضحك بفرحة : جيييتيي

أبتسمت دُجى وهي منحرجة كونها ماكانت بتحضر بسبب حساسيتها مع فايَزة ولكن إصرار بريق عليها أجبرها تغض النظر عن أمها ، تبّادلت معها أطراف الحديث للحظات ودار بينهم حوار بسيط من بعده أبتسمت دُجى وهي منحرجة كونها ماكانت بتحضر بسبب حساسيتها مع فايَزة ولكن إصرار بريق عليها أجبرها تغض النظر عن أمها ، توقفت للحظة وهي تتأملها بإنبّهار وتسمي بالله وسط خجل بريّق : يالله وش كثر لايّق عليك هاللون
"فستانك الأبيض قهر كل الألوان صدقيني ، كل ثوب جنبك صار كل منُاه ومُبتغاه يصير أبيض"
كسَاها الحرج والخجل وتوردت خدُودها بإبتسامة من رحَابة صدر دُجى واللي أبتسمت بهدوء من يدين بريّق الي تشابكت بيدها بفرحة ، ألتفت لوهلة وإنحنت بعيونها للأسفل لما تشابكت يدين غُصن بيدها الثانية



أبتسمت بفرحة وإنحنت وهي تقبّل خدها : وحيا الله غُصننا الحلوة
رمشت غُصن بإبتسامة وهي تتقدم منها وتلعب بأطراف شعرها وهي تتأمل بإبتسامة وسط ضحكة بريَق الخافتة بسبب تصرفاتها وتأمل دُجى لها بإبتسامة : تشبهين القمَر مرة
إلتفت لدُجى وقالت بعفوية : القمر ينزل من السماء يا دُجى؟
ضحكت دُجى من قلب على كلامها وهزت رأسها بإيجاب وهي تأشر على بريّق : تفضلي قدامك!
ضحكت بريّق وهي تأخذ غُصن بحضنها وتمشي معها وسط سواليّفهم البسّيطة حتى وصلو لمقدمة الدرج والي بعدها وقفت بريّق وهي تترك غُصن عالأرض وتأخذ نفس بصعوبة وسط شحن جسدها بالتوتر والقلق ، كانت تنتظر حضور أمها لدقايق طويلة ولكن الواضح إنها بتتركها تنزل لوحدها حتى بهاللحظة المهمة
تنهدت بضيّق ولكنها ألتفت لإحتضان دُجى لكفها وإبتسامتها الهادية الحنيّنة تعلو ثُغرها : والله بهاك هالليلة ماهو عادي ، سمعتي الي يقول"لما تكون أنتيِ ماهو عادي" ؟ وأنتي والله اليوم مانتي بعادية أنتي .. لذلك لا تنزلين على درج التوتُر ، أنتي كل الشمُوخ والبهاء
أبتسمت بإمتنان وبعد لحظة أخذت المسكة البسّيطة من على طرف الدولااب بعدما جهزتها قبل ساعات وتركتها هنا ، وأخذت نفس بهدوء وهي تناظر لدُجى الي ترتب طرحتها البسّيطة والي تناسّبت بشكل كبير مع فستانها الي كان له تصميم مُختلف تماماً وأخذت نفس وهي تسمع ترانيّم زفتها اللي ترانيّمها تشبه رِقة وبهاء بريّق الصارخ بشكل كبير ، وقبل تخطي أول خطوة لمحت طيَف أمها يتهادى من بداية الدرج وعلى مُحياها إبتسامة خافتة ، أبتسمت براحة كبيرة تسللت لجميع أطرافها وهي تلمح أمها تتشابّك بالكفوف معها وتنزل بكل رحابة مع بنتها وسط نظرات دُجى الخافتة ، أول مرة تلمح فايّزة بعد إنهيارها وهذا بحد ذاته صدمة وذهول بالنسبة لها ! لولا تشابَك يدها مع يد بنتها كان ما ميّزت هيئتها أببداً .. كانت مُختلفة وكإن الحُزن تشعب بداخلها وتأجج بشكل مُخيف حتى إن ليلة بنتها السعيَدة ماتركت قلبها يفرح رغم تصنعها الإبتسامة
كانت دُجى تتأمل وجيه الكل المنبّهرة لإطلالة بريّق ورغم إنهم متعودين على هيئتها إلا إنه وصل لعيوونها بعض النظرات و لمسامعها بعض التعليقات كثيَرة ولإنها جالسة بجنب خوال بريّق كانت بعض الإنتقادات توصل لها مثل" أمي بالمستشفى وحنا هنا نردح ونضحك يرضيّكم؟" دام فايّزة رضت وهي الكبيرة حنا راضين وبعدين عمتي بالمستشفى طوال عمرها تبغينا ننسجن معها؟"
والكثير من الحوارات الي تششتت بسببها دُجى ولذلك تضايقت فأخذت غُصن بيدها وودّعت بريق وداع أخير لولا إنها تشبّثت فيها لآخر لحظة وبقت معها حتى برغم نظرات فايّزة الحادة والي تشتعل من النار



بقت معها حتى أُعلن إنها بتنزف للمكان الي يحتضن بُرهان قبل تطلع معه!
خرجت دُجى من البيت وهي تصدر تنهيداتها المكتومة بكل كثرة وتحاول تزيّحها عن قلبها ومن خرجت ولمحت وهَاج واقف بجنب أبوها ، تراكمت التنهيدات على قلبها من جديد من شدة لهفتها عليه ، تأملت أبوها للحظة وهي ممتنة إن حالتهم صادفت زواج عمتها معاني وسفر لافي وكان عذرهم ببقاءها كل هالمدة بالبيت"لأجل لا يضيَق عليهم البيت فجأة"
ناظرت لغُصن اللي ركضت بكل طاقتها وهي تحتضن أطراف وهَاج بكل قوة وتدفن وجهها بوسط بياض ثوبه وسط إبتسامته الهادية وإنحناءة جسده لها ، ومن غرقها بين ضلوع حضُنه وإبتعدت عنه أخذت ترفع يدها وهي تحتضن وجهه بين كفوف يدها الصغيرة وتناظره بعتب : ما أشتقت لي؟
ضحك بخفوت وهو يقلد حركتها ويحتضن وجهها بين كفوف يدها وقال : ليلة البارحة شفتك ليه زعلانة؟
ميَلت شفايفها بعتب طفولي وقالت : أن كل يوم أشتاق لك وأشتاق لجدة حليمة وخالو كايّد متى بشوفهم؟ متى برجع لبيتنا؟
تنهد بإستياء حاول يكتمه بس ماقدر وقال : قريب قريب ولايهمك
رفعت رأسها بطفولية لفهد اللي ناظرها بطرف عينه ويقول : أفا يااغُصن يعني إحنا مو حلويين؟ ماودك تبقين عندنا؟ شوفي فهد الصغير عندنا وحتى دُجى وكلنا نحبّك مررة
خجلت من كلامه فأقتربت وهي تدفن وجهها بحُضن وهَاج الي ضحك وهو ممتن لفهد اللي غيّر الموضوع ومشاعرها وأخذ يقبّل رأسها بهدوء وهو يترك جسدها الصغير بسيارة فهد : عاد تعرف أمي تعبانة هالفترة وماودي غُصن ...
هز رأسه بإبتسامة وهو يضرب كتفه بخفة وركب بهدوء بيّنما دُجى أقتربت منه وهي تحضن كفوفه لحظة مرُورها من جنبه وهو راقبها بإبّتسامة زينت أطراف ثغره لحظة مرورها من جنبه وأخذ يتأملها بإمتنان حتى غاب جسدها بسبب ركوبها للسيارة ومرورهم من قدامه متجهيّن للبيت وسط تنهيدته : يارب تعديّ هالمرارة وبأكون بخير !

أما من جهة بريّق اللي كانت تمشي بخطوات مُتزنة وهادية بفُستانها الأبيض الهادي واللي حوافه تنتهي عند كعبّها ، مبتسمة وبسمتها كانت نتيجة تعامل أم بُرهان الرحبّ معها ، إبتسامتها فرحتها الي نابعة من جوفها لما عرفتها على أهلها تفاخرها وتباهيّها فيها ، ماكانت تدري هالرحابّة كانت لها بالذات ولا لأكل بُرهان ولكن ماكان يهمها السببّ .. الي يهمها الفعل والي فعلاً أرضاها
وصلتها رسالة من ضرار يفيّد إنه ينتظرها مع وديّع بالمجلس قبل تروح مع بُرهان الي ينتظرها
ومن وصلت لحدود باب المجلس مستنكرة الصمت الكثيّف الي منخلق بأجواء المكان رُغم إنه قبل لحظات كانت الأصوات ماتهدأ أبداً


لحظة اللي كانت بتخطي خطوة صريَحة لداخل المجلس ترددت فرجعت خطوة لورى وسط تنهيّدتها الكثيّفة واللي ألتفت عن باب المجلس وضمت مسكتها بعفوية وهي تجمع طاقتها بأريحية وتحاول تفرش دروب قلبها إطمئنان وسط رجفته بين ضلوعها ، ولكن نظراتها اللي إستقرت على الحواف السوداء الي قدامها تركتها تعجز عن رفع رأسها أو حتى تحريّك عيونها أو هز هدبّ واحد من أهداب عيُونها الكثيّفة ، عصّرت المسكة بين كفوف يدها بكل قوة نتيجة رجفة جسدها اللي ما هدأ من خوفها ومن رعبّها عن هوية الشخص اللي واقف قدامها ويتنعم بتأملها بدون ما يحرك ساكِن ، لامت وصبّ جُل عتبها على ضرار اللي مالاقاها والي ماعطاها خبر عن بقاء بعض الضيُوف هنا !
تعرقت كل خلايا جسدها وخلال ثواني بسّيطة إنهد حيّلها وإنهارت طاقتها حاولت تهرب أو تسّرع خطواتها بس كانت عاجججزة تماماً من رجفتها وخوفها ، ولكن بلحظة وحدة بس تبدّلت هالرجفة برجفة أعمق وأكبر وهالحيل الي إنهد إنهد أكثر! وطاقتها الي تلاشت هالمرة إختفت عن الوجود ، هي تعرف هالصوت وهالنبّرة المتخدرة واللي تخصّها هي ، كانت تعرف صاحب هالصوت الي يخصّها حتى بنبرته ، كانت تعرف هالكلمة وحتى معناها لإنه هو بنفسه ياكم شرح هالمعنى على مسامعها وليالي طويّلة ، هي بنفسها تعرف كمية اللهفة الي تسكن حرُوفها .. ولإنها هي تعرف كل هالحكايا المتخبيّة خلف نبرته وكلمته كانت مُقيدة وقيّدها ماكانت أصفاد حديّدية ولا أسوار سجن قيّدها كان صوته وحضُوره !
رجع يكّرر كلمته اللي صدرت مع نبرته المتخدرة تنهيدات كثيّفة وواضحة تماماً لحظة الي ناظرها والي أصلاً ماغفلت عينه عن طرف واحد عنها " وحشتـيني "
وهي بنفسها تدري بإن معناها ينصّب بـ"إنه رغم كل الزحام حوله من ناس وشعُور ومحطات وأماكن كان وحيّد بدونها"




كانت كلمة من ستة حرُوف ، ولكن ما إقتصر مفعولها على هالبساطة وبس ؛ كلمة قدرت تهد وتبَني ، تزرع وتحصد ، تربّك وتربت ، تبّكي وتضحك ، كلمة قدرت تهز جوفها من أقصاه وتزرع الرجفة بداخل خلاياها وهي تلمحه واقِف قدامها .. بهنِدام الشجاعة الي لبَسه من اللحظة اللي تشعّب حُبها بداخله
بثوبه الأبيّض اللي ينافس بياض فُستانها ، بِشته الأسود وحتى شمَاغه اللي كان له نصيّب من البياض ، كانت إبتسامته مُشعة ومن شدة ضياءها خافت على عيونها !
حاولت ترفع عيِنها وتناظره ولكنها من لمحت عيُونه تراقب كل تفاصيّلها تصددت بخجل وهي تشد أكثّر على مسكتها اللي تطلب النجدة !
أما هو فـ كان للحظة"عاتِب" كونها بهالمكان وكونه كان ممكن يكون الشخص الي يتأملها شخص ثاني ! هو اللي نسّى جواله وخرج من الغرفة الثانية الي كان ينتظرها فيها لأجل يأخذه ، ولكن بُترت خطواته وتوقف الدم بمجرى جريانه ، وكان لقلبه النصّيب الكُلي من الرجفة اللي تشاركها مع رجفة نظراتها
كانت بكُل مرة يلمحها فيها تكُون"مُختلفة" بكل مرة ما تكون عاديَة أببببداً ، ماكانت تدنُو حتى من مستوى العادية كانت ترقى دائماً على سلم الإختلاف اللي يترك قلبه يسأل الله الثبببّات وبس
كانت بكل مرة تجيّ .. تجيّ وترهق قلبه وتِتعب أنظاره وتترك روحه ترتجف
وتروح وتتركه مِتشفق عليها ومِتلهف على قُربها ووده يقفل عليها ضلُوع صدره وتبّقى بداخله للأبد .. لا خوف يمنعها عنه ولا قلق !
كانت بكل مرة تجي وترُوح وهو ماله قُدرة إلا يراقب تفاصيَل ظهرها وهي تِبتعد عنه
ولكن هالمرة غييييّر ، هالمرة مالها منفى عنه
هالمرة بيكون ظهرها لشخص غيره ، وهو بيتنعم بتفاصيل قُربها ، ماكان مِنتظرها تُرد على لهفته لإنه بنفسه ملاحظ المسّكة اللي تهتز نتيجة رجفة يدينها ، وملاحظ توّرد خدُودها الي تفجر الخجل بشكل كارثي فيها ، ملاحظ حتى تنفسها المكتوم ونظراتها المِتصددة .. وكل هالتفاصيل يُدرك سببها وكيّف يجهله وهو اللي يعرفها أكثر من نفسها هو "اللي يعرف خطوتها لاجات قبّل توقف على بابه "
هو يعرفها ويحفظها عن ظهر قلب ، وكإنها مادة حياتية درسّها بكل فصُول حيَاته !
تناهِيده اللي صدرت من أقصى جوفه كانت نتيجة تراكم جمالها اللي تراكى فوق قلبه ، وخطوته المُتعثرة لها كانت نتيّجة رجفة خلاياها بسببه ، يحلف إنه بحياته اللي إمتدت لسنيّن وسنيّن ما بعُمره تأثر وتخدّر للدرجة المُخيفة هذي
حتى بلقائهم الأخير كان قادر يسيطر على خطواته رغم إنه كان منهار بسببها ولكن هالمرة كان أقوى هالمرة كان إنفعال جسده مُخيف ومُرعب لإن مو بس قلبه ولا نظراته ولا حتى روحه المتأثرين !


هالمرة حتى أطراف أصابع يدينه لها نصيّب من هالتأثر ، لها نصيّب من رغبتها بملامسة جلدها الناعم .. ولإن هالرغبّة إشتدت ماكان من بُرهان إلا إنه لبَاها فأقترب وهو يوقف قدامها بهيئته العريضة واللي لحظة وقف قدامها إختفى كل جسد بريَق وتغطت كُلياً عن الي حولها ، إرتجفت وذابت في حياءها لحظة اللي تحسسّ بأصابع يدينه خدُودها المحمّرة ، ولحظة اللي تجمعت كل مشاعره هاللحظة بأطراف أصابعه لدرجة إنه من شدة حِرصه على رِقتها خاف يجرح خدها!
نزل يدينه وهو يبّلع ريقه بصعوبة ، وأخذ يبتسم بهُدوء إبتسامة رِضا وراحة واللي كانت هالإبتسامة هذي بالذات ترتسم لها هي بس ، ترتسم لبريّق ووجودها ولحضورها ! أخذ يبَتسم وهو يتنحنح لأجل تتِحرر نبرته اللي تخدرت نتيجة حضورها الكثيّف على قلبه وقال بهُدوء : ماوحشتك؟
رفعت رأسها بعجل وناظرته وهي ترتجف وماقدرت تقاوم نظراته فصّدت وهي تشتت نظراتها للمكان بعبّث بينما هو أبتسم وأخذ يسحب كفها من بين تفاصيّل المسكة ويثبتها وسط كفوفه بكل قوة لعل رجفتها تهدأ ولكنها زادت ، زادت بشكل مُخيف
إشتدت إبتسامته أكثر وضحك نابّه لحظة اللي تلاشت ذرات الهواء من بين كفها وكفه لحظة اللي شابكت كفوفهم بكل تمُلك وكإنه بهالقوة ينتقم من آخر لقاء اللي تلهف وذابت لهفته بقلبه من شدة حرصه عليها ! أبتسم بتنهيّدة وصلت لمسامعها وقرب أكثر وهو يأشر على كفوفهم ويقول : هذا كان المُنى من ليالي طويلة ، ما أترك حتى للنسمّات نصيب بكفينك
أبتسمت لوهلة وضاعت بين مشاعر خجَلها وهي تحاول تخفي ربكتها ولكنها زادت أكثر لحظة الي تِسلل لمسامعها صوت وديّع اللي قال : الصعبّ ؟
حاولت تفك كفه من كفه ولكن بقى شاد عليها ، وألتفت لوديّع وهو يخبي كفوفهم خلف ظهره ويحجب عن عيون وديّع جسدها خلف عرض جسده وهو يبتسم : سم ولبيّه وآمر ؟
ضحك وديَع بإحراج وهو يحك طرف ذِقنه من رد بُـرهان واللي كان نتيجة ذوبان قلبه من قُربها وقال وهو يأشر على المجلس : أدخل وجاييَك هاللحين ، بنادي ضرار بس
أبتسم وهز رأسه بإيجاب وألتفت لها وهو يقرب ومازال مخبيها بعرضه ولما فتح الباب ، دخلت وهو وراها يضحك بهُدوء على إنكماشها على نفسها وضياعه بخجلها وسط جسده كانت متخدرة ومنهارة وخايّفة لدرجة ماقدرت تنطّق بحرف واحد ! آسّرها لدرجة مُخيفة عجزت تقاومها أببببداً
وبسببه رفعت رأسها بشجاعتها المُعتادة ، وإرمشت بهدبّ عينها وهي تتأمله بجراءة وسط إبتسامته الخافتة واللي كانت نتيجة"الآخيييّرا لبستي ثوب الشجاعة" ولو إنه لثواني بسّيطة قبل يرمي عليها جمُلته اللي أربكتها من جديد : "عندي من اللهفة جَناح ، بالله ماعندك سماء؟"



أخذت نفس بصعوبة وهي تبتعد عنه بخُطوات مختلة التوازن بعدما مالت كل الميُول بسببه لحظة الي تبّادر لمسامعها إقتراب صوت إخوانها
وقفت بعيّد عنه وهي تنزل رأسها بإحراج بينما هو كتم تنهيّدته وألتفت لما وصلت خطواته لهم ، وقف ضرار جنب الباب وهو يبتّسم ويقول : عاد هنا كان لقانا مع العروسة ، بس واضـ...
سكت وهو يضحك لما لمحها وهز رأسه وهو يقول : واضح تلاقيتو قبلنا
أبتسم له بُرهان وهز رأسه بإيجاب وهو مازال واقف بمكانه ومازال جسّده يغطيها عنهم برغم تفاوت الخطوات والمسَافة بينهم وكإن ماودَه يراقبها غيره ولكن هالمُنى ما حققه لحظة اللي تخطاه وديّع ووقف قدام بريّق وهو يطلق تناهيّده من وسط صدره وسط إبتسامته الضاحكة واللي جمّع فيها كل مشاعره اللي تراكمت وسط قلبه لحظة اللي لمحها بفُستانها الأبيض وبخجلها اللي يعتريّها وأخذ يقترب بصمت منها ويحضنها بكل طاقته وسط زمّها الشديد لشفايفها خوفاً من إنطلاق شهقاتتها بسبب الشعور الي إجتاح صدرها ، كان الخجل مدمَر صدرها قبل لحظات ولكن هاللحظة كان الشعور أكبر من الخجل بكثييَر
ناظرهم ضِرار بإبتسامة وأقترب بهدوءه اللي للحظة يظن إلي قدامه إن هالهدوء يسري بجلده مثل مايسري الدم بعروقه وأخذ يحضنهم حُضن جماعي وسط ضحكة بريَق الهادية وإبتسامة وديّع الخافتة والي من أبّتعد عنها أخذ يناظر لضرار ويتنهد بإنبَهار عجز يصرحّ عنه قبل لحظات وكان الحُضن هو طريقته للتعبيّر عن إنبَهاره ولكن هاللحظة إنفَك لجام لسانه اللي قال لحظة الي تلاقت عينه بعيون ضرار : تظن بنلاقي عرُوس أحلى منها بهالوجود ؟
هز رأسه بإبتسامة وألتفت لبُرهان وهو يقول : ما بنلاقي ولا بيلقى الصعبّ ، أكبَر حظوظه هي
ناظره بُرهان بهدوء وهو يراقب كل تفاصيلهم من اللحظة الي تقدمو لها ، وديّع ماهو قادر يشيل عيونه من عليها ، كانت حلوة بكل حالاتها ولكن حلاتها هاللحظة كانت بسبب ثقتها الي تنبّثق بكل لحظة تبتسم فيها ، أخذ نفس وهو مبسوط على حياءها وعيُونها الي عجزت ترفعها وتناظرهم من شدَة خجلها فضحك وهو يقول : الله يالدنيّا ، بارق يعرف يستحي ؟
رفعت رأسها بصدمة وملامح وجهها إحتدت وناظرته بذهول وبدون وعي قالت بصوت مفجوع : يانذذذذل
سكتو كلهم للحظة ووديَع ألتفت وناظر لُبرهان بورطة كونه نسى وجوده وضحك بخوف وهو يقول : آسف والله العظيم نسيَت نسيت ، تكفى إنسى يالصعبّ ترى...
سكت بوجع بسبب بريّق الي دعست رجله بقهر وهو كتم صرخته بذهول وضرار يبتسم بضحكة عليهم وبعد لحظات تخطاهم وألتفت وهو يخاطب بُرهان بنبرة صوته الهادية واللي تغلفت بالحرص والتشديد والحِدة على غير عادة


"ماودي أفتح مواويَل وماني رجل كثير الكلام يالصعبّ، ولكن مثل ما حنّا حريصين على عيوننا كنا حريصين على بريق كثَرها ويمكن أكثر ، ولاأدري وش أكبر مغليَك ولكن ودي تغليها كثره لدرجة مايهون عليك توجعها ، لأجل ما نبّدل شخصياتنا معك ولاهو بودنا"
بُرهان اللي كان غااارِق بتفاصيل شخصيتها الحقيقة اللي ظهرت وآخييراً قبل لحظات ، بريّق اللي ماتقدر تخبّي ضحكتها ولامرحها
أخذ يبتسم للحظة وهو يناظر لضرار بهُدوء ووده يقول"ماعاد فيه أغلى منها في حياتي" ولكن الرد إقتصر على : لا تخاف ، ما بيصير خاطرها معي الا طيّب
أبتسم ضرار ووديّع مازال يضحك على بريق الي مقهورة منه وتأشر له ولكنه مازال يضحك عليها
ولكن هالضحكة بدأت تتلاشى لحظة الي أخذ بُرهان يده بيدها وبدأ يبتعد بخطواته بعيَد عنهم
حتى إختفت تماماً عن ثغره وبقى مكان الضحكة تنهيّدة عجزت تتلاشى ، أخذ نفس بصعوبة وألتفت له ضرار وهوو يبتسم بضيَق : أول ليلة صعبة بس عُقبها بنعتاد
هز رأسه بالنفي وهو يدخل يدينه بجيبه بعشوائية وبوجهه تبّان العبرة اللي عجز يكتمها : ما ظنتي هالشيء بنعتاده ، كل شيء في بنتركه على رفوف الإعتياد إلا فراق بريّق
ناظره ضرار وهو يخرج من الحوش ويبَتعد عنه وهو يخطي خطوات سريَعة وأخذ نفس بهدوء
وهو يتكتف يدينه : من الي بيتعود على بيّت خالي من ضحكة الخوات ، منن؟؟
-
أما بالغرفة اللي ضمَت بين أركانها الصعبّ ومحبوبته اللي كانت تجاريه بصعوبتها واللي أنهكت كل روحه لأجل تصير معه !
كانت واقفة بوسط الغرفة من دقايّق طويلة ترتجف مثل ورقة تهتز أركانها على غصن شجرة بوسط فصل الخريَف ، رغم عدم تواجده معها ولكن فكرة إنه موجود بنفس المكان كفيلة بإنها تخيلها تهتز من شدة رجفتها
وهالرجفة زادت بكل كثافة لحظة اللي سمعت خطواته تقترب منها بشكل سريّع وكإنه يسابّق الوقت ! ومن تقدم ووقف قدامها بإبتسامته المتنهدة بعدما نزّع بشته وشماغه وبقى بس بثوبه الأبيض ، واقف قدامها بدون ما ينطّق أو يتحرك خطوة كان وده يتأملها وبس
يتأمل الشخص الي سلبّ منه نومه وفرحه ولياليه ولهفته ، يتأمل الإنتصار الي حققه لحظة الي قدر يبّقى معها بنفس المكان بدون ما تكون عندها القدرة على الإبتعاد ، أخذ يتنهد لإن شخص مثلها البقاء بالقُرب منه يحتاج للكثير من التنهيّدات لأجل يستوعب كمية رقتها يحتاج رئة ثالثةً لأجل يتمكن من التنفس بطبيعية يحتاج قلبّ ثاني لأجل يقدر يبّقى ساكن وهادي، كان يتأمل هي ، بريّقها ، جسَدها ، قامتها ، كفوف يدينها ...


تفاصيَل وجهها ؛ كان يحبّها حتى بندوبها هذا وإذا ماكانت هالندوب لها المقام الأكبر بصدره ! ، فُستانها"الفُستان الأبيض حرر كل تفاصيّلها ، كان يتهجاه ويخونها بنظراته"
رفع رأسها بعدما ملَت من الخجل ومن لمحته غرق ووصل للعمق فيها إرتجفت وحاولت تبتعد خطوة لورى ولكنه قرب منها بنفس اللحظة وقلص المسافة بينهم لحظة اللي لامسّت يده ضلوع خصرها الليّن والي من ساعات طويلة أهلكه ولكنه كبّح لهفته لهاللحظة بالذات والي عُقبها سحبّها بكل قوة له وهو يحتجزها بين ضلوع صدره وبكل تملُك بكل لهفة غمَرها لدرجة ذابت وتلاشت بين يدينه
كانت ترتجف وسط حضنه وإختفت بين ذراعينه ولكنه كان مثبّتها له ويسمع نبّض قلبها لدرجة إستشعر إنه صار يمتلك قلبيّن هاللحظة.. قلب بيساره بيغادره من شدة لهفته ومشاعره الي غرق بسببها وقلبها اللي بيمينه واللي مضطربة نبَضاته بشكل مهلك وواضح ومع ذلك ما رحمَها أبداً من شوقه كان مضيّق عليها الخِناق بكل طاقته ومُوقن إن أهلك خصرها من شدة تملكه وشدّه عليه ولكن هذي نتايّج أفعالها وهذا عقابها ؛ وماكان لها وجه تبّتعد أو تقاوم لإنهاحدته على أقصاه ، واللي"ينحد على أقصاه ، لا تلومه"
لذلك بقّت أسيرة للهفته ولكنه كان الأسر المُحببّ ، الأسر الي ماظنت بيوم من الأيام بتكون بين أسوار ضلوعه! الأسر الي تمنته لليالي طويَلة والي رغم وجع ضلوعها ما تذمرت ولا أشتكت ولا أبتعدت ، كانت راضية أتم الرضا
——

-
تشترك الايام السيئة و المشاعر المهلكة مع الفرح ومشاعر اللطف في كونهم يتعدون وينتهي عهدهم في لحظات بسيطة
مثل ماعدت أيامهم السيئة عدت أيامهم الحلوة على نفس الوتيرة
قبل أيام تتراقص الضحكات على وجوههم نتيجة إستقبال لافي ،وهاللحظة تخبت بين تفاصيلهم دمعة نتيجة وداعه من جديد
بوسط بيت فهد اللي وقف فيه لافي بعدما ودع معاني وخيال وقدامه ضرار وفهد ودجى ينقل نظراته لهم بتنهيدة : رجعنا ياطير ياللي ! ترى مثل هالايام تعدي بسرعة , غمضوا عين فتحو عين تلاقوني رجعت بوثيقة التخرج
ناظرته بضيق وقالت : مثل هالكلام سهل وحيل عاللسان بس ياصعبه لاصار فعل
قرب وهو يحتضن طرف كتفها بابتسامه : انتي بالذات لي معك مواوويل ما بتنتهي لو يجي فهد وانا مو من ضمن مستقبلينه
ضحكت بخفوت وهي تناظر لبطنها وتقول : تسمع خالك يافهد وش يهذري به ؟ وده تنتظره لين يشرف
ضحك ابوها وهو يقول بضجر : انا ذايب قلبي ومتلهف عليه وهذا يبينا ننتظره
لافي تخصر بعدم اعجابى: يعني كذا؟ من اول الدرب انتهى الوفاء ؟
ابتسمت وحضنته من جديد وهي تخبي دموعها بصعوبة عن عيونه وتقو : عساها تساهيل يا بعد هالقلب ، وانتبه لك


ابتسم وهو ياشر على خشمه ومن بعدها سلم على فهد اللي مبتسم له وخرج وهو يسحب شنطته ولكنه التفت وهو يناظر لضرار اللي باقي واقف بمكانه : ياحضرة العقيد وش تنتظر ؟
ابتسم بضحكة وهو يهز راسه بهدوء ومن دخل فهد وجر ضرار خطواته بهدوء التفت على صوت دجى الهادي ومن التفت واستقام بطوله الشاهق امامه اناظرها وهي تبتسم له ولمعة الدمع بعيونها عقد حواجبه بخوف وقبل يستفسر عن مكنون صدرها راقبها وهي تتقدم بخطوات مرتجفة باتجاهه وسط عقدةحاجبه اللي انحلت عقدتها لحظة اللي رفعت دجى أطراف قدمها وهي تلف يدينها حول عنقه وتحضنه بكل حنية امتلأ بها جوفها .. كانت خطوتها تحت مبدأ " لا تواسي الكتوم .. احضنه "
كانت ساكنة وهادئة تماما بينما هو بلع ريقه بصعوبة , برغم كل شيء كانت الحنية اللي تكون من طرف دجى غير لانه كان دائما يحس انها كفوف امه وحضنها اللي فقده بدون ما يرتكب أي ذنب يكلفه هالعقاب الوخيم
بقت لثواني طوييييلة وهو مبتسم بضيق لانها جاءته بنفس الدرب ، بالصمّت والحنيّة وهو فهم سبايب هالخطوة اللي خطتها ويدري إنه "أنرفض" رفع راسه بتنهيدة لاطراف السماء ومن لمح الستارة تنسحب بعدم مبالاة حتى تنهد لخفوت , يكذب لو قال انه ماتوقع هالرد هو بنفسه تقدم هالحطوة وهو يدري عن علة قلبها لإنهابنفسه شهد على وجعها وعاشه ولكن كان بخاطره بالححيل تكون يلف الجراح اللي تشاركو اواجعها سوى بنفس الشعور ويكون الضماد لقلبها .. قلبه
حتى وهو يدري ان خطوته بتنبتر وينتهي السبيل لها وهو موقن ان بابه بيبقى بدون كفوف تدق عليه ، ولكن هالباب بيبقى مشرع و لو بعد شهر ، سنة ، دهر
بيبقى ينتظر وينتظر بدون ما يمتلي صدره ضجر هو فرط مرة ولو يضيق الكون عاى اتساعه مافرط من جديد
ابتعدت عنه وهي تميل شفايفها بزعل على حاله وهو هز راسه بإيجاب ومسح على راسها بإبتسامة وهو يوضح لها إنه فهم مقصدها وإنه أيقن إن الرفض نصيبه بهالخطوة ومع ذلك مبتسم لأنه دائما كان " الرقيق القوي يبكي لاشاف أحد يبكي ويضحك على جرحه ويسكت ولا يشكي "
ودعها وخرج من البيت يجر الخطى ويناظر لكايد اللي واقف بجنب لافي اللي يطبطب على ظهره بضحكة والي رفض تماما يروح لافي لوحده بدون ما يوصله لأطراف المكان ، يكفي إنه بيغيب شهور ماوده يفقد حتى آخر ثواني معه
-
-

وعدت هالايام على رتم واحد كان الهدوء له النصيب الاكبر الا ان كان الهدوء غير المحبب الهدوء اللي فاقدين فيه الضحكة
الهدوء اللي كلف كايد راحته نتيجة حالة بيتهم الغريبة وحياتهم اللي صارت مخيفة ، بيتهم اللي من أسابيع خالي من حس غصن ودجى وسط سكون وصمت وهاج
واللي كان غياب دجى عنه يعتبره كارثة فكيف فكيف بغيابها برضاه ؟؟؟


ماغاب عن قلبه ادنى شعور كان مستوعب وواعي لحالة أمه اللي مو قادر يفهمها واللي كلما حاول يجمع أطراف الخيوط يشتتها وهاج بكل قوة !
كثرة اسئلته قلت بشكل بسيط بسبب الجامعة وايامهم الاولى الصعبة ولكنه كان شديد الحرص مع وهاج وبكل مرة يحاول يفهم بدون ما يترك للغضب مجال بصدره لأنه برغم كل ذا ملاحظ حياة وهاج والضيق الي مدمر تفاصيله


-
بمجلس فهد ، يحتضن اجسدة على هيئة جروح حية
ضرار اللي وقف من مكانه واستقام بطوله وهو يرفع يده ويفتح زرار بدلته العلوي بصعوبة بالغة ، كان مثل اللي خرج قلبه من صدره وانفتحت كل شرايينه كان مثل اللي نزفت كل مسام جلده دم ، أنفاسه تتصاعد بصعوبة وكأن مجرى التنفس انسد بغصات الصدمة والذهول واللي حجبت عن عينه رؤوية كل اللي حوله بسبب الدموع اللي غلفت محاجر عيونه
صد عنهم وهو يتنفس بصعوبة ومحاولاته بتنظيّم انفاسه كانت وااضحة
يدينه اللي ترتجف وجسده اللي كل خليه فيه ترتعش كانت واضحة للاعمى فكيف باللي انظارهم الصحيحة عليه؟
كان بموضع رحمة وشفققة وهد حيييييل وقلب
كانت أحزانه وصدماته وسنين عمره تتساقط قدام انظاره مثلما يتساقط الدمع على أطراف وجهه اللي التهب من شدة مرارة الشعور اللي يعيشه
هالمرة سمح لعينه تهل الدمع هالمرة سمح لقلبه الكتوم يبكي هالمرة أعطي نفسه فرصة للانهيار ؛ لأنه لو ماترك لنفسه مساحة كان انهار جسده مثل ما تنهار الجثة الي مابها حياة
هوت الدنيا على راسه وكل جروحه اللي ظن بيوم من الايام إنه نساها وتعداها وخيط كل اجزاءها بدت تنفتح بكل شراسة وكإنها تقول "مالك خلاص من هالوجع ثلاثين سنة وبتعيش اضعافها بعد"
قبل ساعه من هاللحظة كان يناظر لوهاج اللي قدر يحرر مكنون صدره بعد هالشهور كلها كان يسمع الكلام اللي ينساب من بين ثغر وهاج اللي كإنه شوك جرح كل حلقه لحظة اللي نطق به

كان يسمع وهو يحترق ويذوب من الصدمة كان يسمع وكل ضلُوع صدره تهتز من شدة الوجع اللي أهلك روحه "ثلاااثييين سنة ماهي بهينة هذي عمر هذي حياة"
ألتفت لهم لحظة اللي ذابت أطراف دمعته بين شعر عوارضه وأخذ يضحك من بين صدمته وبكاءه المسموع وهو ينقل نظراته عليهم
فهد اللي مغطي وجهه بطرف شماغه والدنيا تبني على قلبه جبال من القهر والندم لإن برغم كل محاولاته ماقدر يوصل للنتيجة هذي
لو إتجه لشيخ متمكن من هالأمور كان تحللو من هالوجع من زمان لو فهم وتعمّق كان كانو بخير ، لو ولو ولو تكاثرت هالـ لو مازادته غير ضيّق وبس، وهاج اللي متوشح بوشاح الصمت ويناظره بتعب وصمت وسكون .. ولكن للحظة كلهم ناظروه بذهول وخوف لحظة اللي تهادى لسمعهم صوت ضحكته وقف وهاج بتوتر ومشى خطوة مرتجفة أعلن فيها ندمه على تصريحه للخبر









"جوري" غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 12-10-21, 03:05 AM   #75

"جوري"

مشرفة منتدى الروايات المنقولة

 
الصورة الرمزية "جوري"

? العضوٌ??? » 333867
?  التسِجيلٌ » Jan 2015
? مشَارَ?اتْي » 1,010
? الًجنِس »
?  نُقآطِيْ » "جوري" has a reputation beyond repute"جوري" has a reputation beyond repute"جوري" has a reputation beyond repute"جوري" has a reputation beyond repute"جوري" has a reputation beyond repute"جوري" has a reputation beyond repute"جوري" has a reputation beyond repute"جوري" has a reputation beyond repute"جوري" has a reputation beyond repute"جوري" has a reputation beyond repute"جوري" has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي





ضرار ناظره من بين دمعه وهو يبتسم ببكاء ونبرة صوته المرتجفة واللي ماكانت الرجفة من نصيبها وبس كانت من نصيب جسد وهاج اللي ارتجف لحظة اللي مسح ضرار دموعه بطفولية وهو يسترد نفسه ويقول : يعني ما هجرتني لأنها تكرهني ؟ يعني ماصرت يتيم أم عشاني كنت طفل سيئ وعاقّ ؟ يعني لما كانت تشوفني وتبكي وتعصب ماكانت تبكي لأنها ما تبيني كانت تبكي لإن فيه شيء يمنعها من شوفتي ، يعني تعابيرها المنزعجة وتاففها وطردها لي بكل مرة كنت أبكي على بابها فيها ماكان لأنها تبغضني، يعني السنين اللي مرت بدون ما يكون لي نصيب من دعواتها واللي مضت بدون ما تشاركني معها ذكرياتها ، السنين الي عدت بدون ما تمسح على راسي وتبكي على مرضي وتفرح لأني تخرجت فيها من العسكرية وتخاف لأني تعثرت فيها كانت فوق طاقتها ، حتى صوري اللي كانت تقطعها كان ينهد حيلها بسببها!
يعني يا وهاج امي كانت تبكيني غصب عنها أمي كان تحبني أمي ماراحت عشانها ما تبيني أمي راحت مغصوبة ومكرهه، كانت تتمنى تمسك يديني بس هم منعوها هم كسرو يدها بكل مرة كانت تنوي تمدها لي
تخيل يا فهد كنت أبكي ليلي ونهاري أقول يارب أنا وش سوت يديني لأجل تبتعد عني أمي ؟ كنت كل ليلة أكتب فيها افعالي وافتش بين ثواني حياتي الغلط الي سويته لأجل اعدله وترجع , بس كل مره كنت أعدل فيها غلط ماكات ترجع
تحملت عقاب هجرها لي لأني كنت أظن إني السبب ، بس ماكان لي ذنب يا فهد
ثلاثين سنة محمل قلبي هالذنب وتخيل بعد هالسنين اكتشف اني بريئ من ذنب بُعدها مثل ماكان الذيب بريئ من دم يوسف

نكس رأسه بإنهاك والوجع تمكَن من ضلوعه وهو يهمسّ بتأوه : إن طاح عن ظهرهم ذنب ضرار أبو الثلاثين سنة ، ضرار الطفل الصغيّر من الي بينسى وبيتغافل عن ذنبه؟

رفع راسه وهلت دموعه وضاعت وسط شعر وجهه من شدتها وأخذ يقول بتعب : اااااه يارب أضحك وأفرح انيع ماكنت يتيم أم بسبب سوايا يديني ولا أحرق عيني بدمعها لأن حياتي ضااااعت بسبب ناس ما يخافون الله

تراكمت التنهيدات وسط جوف البهور اللي اظلمت الدنيا بعينه لحظة اللي شهد على إنهيار كل سنين ضرار وسط الركام وبكلمه وحده بس من ثغر وهاج " أمك ماتركتك برغبتها أمك انهد حيلها بسبب السحر "
ماكان الذهول لضرار وبس كان الذهول لقلب فهد اللي تفجر القهر في ل روحه وقهر الرجال اللي ينزل الدمع ماكان هين , القهر الي يحرق الجوف لإن ماعاد بيدك شيء لأجل تسويه أصلا
بعدما عانق وهاج ضرار اللي انهار بين ضلوعه ابتعد عنه بسبب ضرار اللي انفعل وقال : من هم علمني عنهم والله ما اذوقهم الهناء في كل الثلاثين السنة الجاية من حياتهم


هز رأسه بضيق وهو يقول : انا الي احتررقق لأجل أعرفهم ولكن للحين ماقدرنا نعرف شيء كل اللي وصل مسامعنا إن السحر كان تفرقه بين امك وكل الي كانوا أحبابها , أبوك وأمي وحتى أنت والسحر طالنا كلنا وأخذ فرحتنا كلنا
مسح على وجهه ضرار بانهاك وهو يهز رأسه ووسّع خطواته ناوي يبتعد ولكن وهاج وقف بوجهه خوفاً عليه لولا فهد اللي وقف وسحب وهاج وترك لضرار الحرية بالعبور وسط همسه لوهاج : خله يحرر حزنه وصدمته ولا بيموت
تنهد وهاج وهو يناظر لظهر ضرار الي يقفي به وسط ضيقه عليه
ضرار اللي أعتزل العالم وتوجه لبيته المهجور اللي هجر فيه كل الناس عنه وتغرب فيه عنهم ، بس كل المشاعر الموجعة كانت أصحابه وأقاربه
وصل وقفل الباب من خلفه بعدم إهتمام وهو يخطي خطواته بوسط الظلام
خايف يشعل الشمع ويلاحظ أوجاعه وينتبه لدموعه لأجل كذا تحسس الكنب الي بوسط الصالة وانسدح عليها بتعب وهو يناظر للظلام من حوله بضحكة ساخرة كانت نتيجة تغربه عن مشاعره وضياع مفردات وأفعال تعبيره عن خيبته بس عججز : ظنك لإنك ما بتقدر تشوف اللي حولك بيغفل قلبك عن هالوجع ؟؟
ظنك لإن عينك صارت معميه قلبك بينعمي ؟؟؟ يارب خذيت من إسمي كل النصيب اللي يكفيني ، يارب بدلها بالافراح اللي اعجز عن عدهاا


-
وبعدما مرت أيام بسّيطة وعلى عتبة باب وهّاج اللي كان متكي على طرفه ويناظر للسّيارة اللي وقفت بجنب سيارته وهو يأخذ نفس بهدوء ويتأمل ضرار اللي نزل مع الشيّخ واللي أصر بكل طاقته إنه يحضر هالموعد معهم ، هالمرة ما بيّترك حليمة ولا وهَاج يعيشون هالوجع كله لوحدهم
لما دخل ضرار واللي تعرف على الشيّخ لحظة الي أخذه من بيته ألتفت وهَاج لوصول كايد والي من لمحه عقد حواجبه بذهول وقال بعصبيّة : أنا ما قلت لك لا تجي ؟ ماقلت لك الليلة خلك بعيد
وقف كايّد وهو يتنهدبقهر و بهدوء وكتف يدينه : حسّ بالك عمري سبّع سنين؟ولا أنافس غُصن بعمرها؟ حسّ بالك لإنك الكبيّر لك الحق تتحمل كل هالعناء وتخليني مرتاح؟
يعني لإنك ساكت وهادي ما بيمرني ضيّق الي تعيشه؟ وش هالي يحصل ياوهّاج؟ وش هالحياة الي حنا فيها ولاندري حنا عايشينها ولا بس نعديّها ، أمي متغيرة بالحيل ومالها خبر عن حالها ، ودُجى وحتى غُصن لهم أسابيع ماتنعد بعيدين عن هالبيّت والمصيبة تحت رضاك ، وأنا كلما جيت لهنا تقول لي رح وأبّتعد!
ظنّك بنبقى بخير عشانك متحمل العناء لوحدك؟ علمني والله ما أخطي خطوة بعيدة عن البيَت إلا لما تقول لي
عض على شفايفه بقهر من كلام كايّد ومن حضوره بهالوقت بالذات وألتفت لضرار الي يناديه ولما كان بيمشي ويتخطاه مسّك معصمه وهو يشد عليه ويقول بضيّق ..


"علمني تكفى يا وهّاج ، والله النوم مجافيني والراحة ماتدل لي درب ، تكفّى ياخوي حملني شوي من هالهم وحرره عنّك"
تنهد وهّاج وهو يتأمل كايّد وبعد لحظات من التردد مابيّن إية ولا ، أخذ يضغط على كفينه لثواني ومن بعدها قال له بصوت هادي وبنبّرة بها سكينة وطمأنينة ولكن هالنبرة ماكانت كافية لأجل تترك الطمأنينة بقلب هالكايد اللي إنهارت دنياه فوق رأسه بذهول من اللي وصل لمسامعه ، ماكان عنده وقت لأجل يستوعب كون وهّاج دخل بعجل فإضطر يلحقه
دخل للصالة الي ينتظر فيها الشيّخ والي جاهز ويناظر للمكان بضيّق على حالهم
بيّنما وهّاج دخل لأمه اللي جالسة على طرف الكرسي وتناظر بخواء للمكان وكإن التعب خذى منها كل رغبتها بالحياة ، رفعت عيونها له وقالت بإبتسامة : وينك ياوهّاج عني ؟
أبتسم لها بتعب وأخذ يسندها على يده وهو يثبتها بكل قوة من ذراعها وسط خوفها : علامك؟
هز رأسه بالنفي وهو يقول بنبّرة هادية :أنا هنا يمة ، معك وحولك ولا تخافين
عقدت حواجِبها بإستنكار ولما إقتربت من الصالة وناظرت لضرار الي جالس بسكون بجنب الشيخ وكايد واقف بجنبهم ويناظر للمكان بنظرات الذهول اللي ماغادرت محيط عينه ، جلست حليمة بعيد عنهم وهي مرتبّكة
حليمة الي وكأنها كل مرة تنسى الوجع الي تعيشه بمحيط هالصالة والي تكرر وكثيّر ولكن مافي تقدم بحالتها أبداً إلا بآخر جلسة بعد توصيات الشيخ
أشر وهَاج لضرار يقترب منهم لحظة الي وقف الشيّخ ووقف ضرار بإستغراب وهو يجلس بجنب حليمة ، دقايقّ بسيطة قبل يبدأ الشيخ جلسة العلاج وقبل تنهار حليّمة وتتكرر معاناتها ومواجعها ، لكن هالمرة تحت أنظار كايّد اللي من الخوف خرج من الصالة وهو يتنفس بصعوبة بينما ضرار ثبّت خالته بذهول وهو يناظر لوهَاج الي كان متعود وصابّر ومحتسب الأجر ، بينما هو مفجوع ويثبتها بخوف وهو يرتجف
إستمر هالمرة الشيّخ بالقراءة بكل خشوع برغم الغضب والصراخ الحاد ، إستمر وهو يسمع الإنهيار والنفي وطللب الصمت والرجاء ، إستمر برغم الإسم اللي لاح بالمكان وعن المكان اللي إنشرب فيه هالوجع ، إستمر برغم محاولاته بإنه يبّقى بالمكان الي عاش فيه كل هالثلاثين سنة ، إستمر برغم الصرخة القاتلة والي إنقال فيها" والله لو أخرج من جسدها لأكسر ظهرها وأخذ منها كل حياتها ، ووقففف لا تقرأ ووقف"
ولكن الشيَخ كان متعود على هالنوع من السحر المستعصي واللي ماكانت أول حالة يعيشها ، هالشيّخ كان قوي مستمد قوته من ثقته بالله ، وهالثلاثين سنة بتتبخر وبيخرج مجبور، ولكن تهديداته ماكانت سهلة كانت قوية وجديّة وهو ناوي ما يغادرها إلا بكسّر ظهرها فعلاً




إستمر الشيّخ بالقراءة وهو يأشر على وهَاج يناظر لأمه اللي تأشر على معدتها بصراخ وتبّكي من قلبها وهي تحاول تضرب نفسها ووهّاج فهم مقصد الشيّخ فوقف بعجل وأشر على ضرار يوقف والي من الخوف ترّك يد حليمة من شدة رجفته وشكله الي تبهذّل من بدلته الي إنقطعت أزرارها لشعره اللي تطايّر وليده اللي إمتلئت خدوش من يدين خالته وهنا إنهارت حليمة وهي تضرب نفسها بيدها من شدة الوجع صرخ وهّاج وهو يحاول يثبّتها : إمسكككها إمسكيها ياضرار
دخل كايّد على صراخه ومن لمح أمه ركض له وهو يتخطى ضرار المفجوع والي ماقدر يتحرك ، وهنا ثبّتها كايد بكل قوته الباقية وأخذ يسحبها مع وهّاج وبجنبهم الشيخ اللي مُصر تنتهي هالمعاناة الليلة لو يصير ما يصير !
خرجت حليمة للحوش وهي تصرخ من حر جوفها وتبّكي وتحاول تسكته لأجل ترتاح ولكن الشيّخ مازال يقرأ ومازالت عظام كايد ترتجف وعيونه تهل الدمع بشكل عنيّف ماهو من خوفه كثر ماهو من حالة أمه اللي قطّعت كبده من الوجع ، أشرت على معدتها من جديد وصوت دويّ رجاءها يعلى ، صوت نحيّبها يشتد وهي تطلب العتّق من هالوجع
كانت تشتد وتشتد لدرجة كان كايّد يظنها بتموت من شدة تعرقها ومن إنتهاء أنفاسها فصرخ من خوفه وهو منهار : خلااص تكفففى خلاص يا شيّخ إعتقها
ناظره وهّاج بتعب وهو يأشر له يسكت وكايّد المنهار قال بتأوه : بتموت ياوهّاج ، بتموت
هز رأسه يطمنه وهننا ضجيج صوت حليّمة ملأ أركان المكان نتيجة الوجع الي تمكّن من بطنها والي بسببه إستمر الغثيّان معها ساعة كاملة وهي مو قادرة تسيَطر على نفسها وغايبة تماماً عن وعيّها وكإن فيه شخص يتحكم فيها ، وسط قراءة الشيّخ وهو يلاحظ حليمة وصمودها وهو الي صارحها قبل آخر جلسة عن سحرها وعن حالتها وسط صمتها اللي كان نتيجة عدم إستيعابها ، هو اللي فهمّها عن الأفعال الي مفروض تتبّعها لأجل تتخلص منه ، يتذكر صدمتها وإنهيارها ووقوف وهّاج معها ، يتذكر يأسها وبكاءها الحاد على الفراق الي عاشته والوجع ولكنه أصر عليها تتبّع الخطوات اللي بتترك السحر تهتز أركانه وترخى عقدته وهو اللي بيفك هالعقدة بالنهاية وهذا اللي حصل ، كانت تتخلص من الثلاثين سنة اللي تدمرت فيها
تتخلص من السم الي سلبّها الحياة ، وسط رجفة ضرار والدموع الي شوشت الرؤية عن عين كايَد ويدين وهّاج الي تحتضنها بكل قوة والي مثبَتها بكل طاقته لأجل ما تنهار !
بعد ساعات من هالإنهيار واللي فقدت فيه حليمة السيّطرة على نفسها وفقدت وعيَها وفقدو الأمان بسبب حالتها اللي نزعت الطمأنينة عن أرواحهم



وسط أركان المستشفى ومن بين ليلتهم الي كلها فجعة
وسط جلوسهم حول بعض ونظراتهم الساكنة والخالية من الحياة ، ووسط هالسكون قال وهّاج بتعب وبرغم هالتعب كانت نبّرته تلسع من شدة الحدة والقهر : مزنة بنت جابر ، من ذي ؟
عقد حواجبه بإستنكار وناظره ضرار وهو يحك طرف جبهته : وش العلم؟
عدلّ جلسته بإستعجال وهو يناظره بهدوء ويقول وهو موقن إن ضرار ما إستوعب الكلام الي دار مع أمهم قبل ساعات من خوفه ، جاهل إنه إنقال إسم المتسبّب بهالوجع : من هي هالمرأة ؟ وش علاقتها فينا؟ تعرفنا؟نعرفها؟ علمني عن أصلها وفصلها علمني ياضرار تعرفها؟؟
سكت ضرار وهو يناظر لكايّد الي مغطي وجهها بشماغه ومغمض عيونه بتعب ، وأخذ نفس وهو يمسّح على وجهه ويقول بعدم فهم : سمعته هالإسم وكثير ، بس تخونني الذاكـ...
سكت للحظات وناظر لوهّاج بربكة وقال : جدتي مزنة ، سمعته كثير هاللقب هذي جدة إخواني
وقف وهّاج بصدمة وهو يسحب شماغه بذهول: جدة وديّع ؟ أم فايّزة يعني ولا كيف؟
هز رأسه بإيجاب وهو يثبّت قباعته السُوداء على حدود رأسه بإنهاك : إيي بالله هي ، بس وش صاير؟ ليه هالإسم ...
سكت بإستنكار بسبب وهّاج اللي إشتعل قهر ووجهه تلون بلون الغضب وهو يناظر بعدم إستّيعاب وعدم الفهم يحرق قلبه ناظر لضرار بتعب : وش سوينا لها ؟ وش الي تعديّنا به عليها لأجل نعيّش هالوضع؟ فهمني ياضرار
حك ذقنه بعدم فهم لِلحظات وسكت وهو ينكس رأسه ويدينه ثبّتها على رأسه وهو يرمش بذهول ، بعد لحظات فز ووقف وعظامه عجزت تشيّله من صدمته : هي ؟ صدق هي؟ قالك الشيّخ؟
هز رأسه بالنفي وهو يتنهد : ماهو بالشيّخ ، صاحبهم اللي قال
وهنا إنتشرت الفجعة والصدمة بيّن ضلوع ضرار ، الي تدمّرت كل موازينه ومفاهيمه وأخذ يجر خطواته بعجلة والقهر ينسكب من كل خطوة ، لحقه وهّاج ولما وقف كايّد وكان بيمشي ألتفت له وهّاج وقال : أمي يا كايّد ، إبقى عندها
هز رأسه بإيجاب وهو ينقل نظراته لأمه بتعب ، بيّنما ضرار وقف بمكانه بسبب وهّاج الي سحب يده بعصبية : فهمني وين رايّح؟ علمني خلني أستوعب معك
ناظره ضرار وهو يرتجف ، فلت يدين وهّاج عن معصمه وسحبّ جواله وهو يحتضنه بكفوفه المرتعشة وأخذ يتصل على الرائد وهو يوجهه له الأوامر وسط عقدة حاجب وهَاج : لا تخليني أوقف ويديني تحت ذقني أنتظرك تعلمني!
دخل ضرار يده بطرف جيَبه وهو ينقل نظراته للمستشفى بعجل ، تذكر المشاكل الي صارت بين وديّع وأمه بسبب مرض جدتهم ، وتذكر إسم المستشفى الي عاشت فيه أمها كل هالسنين لذلك أخذ معصم وهّاج بيده ومشى بعجل وهو يقول : بأخذ من عمرهم ثلاثين سنة يا وهّاج ، بدفعهم ثمن دم قلبي



مشى ورراه وهَاج مستنكر ومستغرب ، كونه ماهو فاهم تصرف ضرار وكون العقوبة مارح تُقام على هالمرأة بسبب إعتراف الجن على لسان حليمة!
ولكن ضرار كان مُصر على هالخطوة وخصوصاً إنه قريّب بالحيل من مكان هالعجوز
إستقر المصعد على الدور الخامسّ ، وأخذ يسحب جواله من جديّد وهو يتجه للإستقبال ومن رد وديّع قال : عمتي فايّزة وين هي يا وديّع؟
إستغرب وديَع واللي كان جالس بوسط صالة بيتهم وحوله اللابتوب يكمل واجبه الجامعي وقال : بسم الله وش صايّر معك ؟ أمي من العصر رايّحة مع خالي وشكلها عند جد...
سكت بصدمة بسبب ضرار اللي قفل الجوال بوجهه وتأفف بعدم فهم وهو يكمّل واجبه
بينما ضرار وقف بجنب الإستقبال وقال بهدوء : غرفة مزنة بنت جابر أي رقم؟
موظف الإستقبال ناظره بصمت بسبب هيئته المتبّهذلة من بدلته العسكرية اللي ذاب قماشها وسط جلده لشعره المتبعثر من أطراف القبعة لأطراف وجهه المخدوشة ، وماكانت هيئة وهَاج أقل ترتيّب منه ، من شدة معاناتهم عجزو يلاقون وقت يرتبون ملابسهم فيه !
ضرب وهّاج طرف الطاولة وهو يقول بحدة : رقم الغرفة؟؟
إرتبك وهز رأسه بإيجاب وهو يبّحث عن الرقم وفعلاً من لقى إسمها بجنب الرقم قال : إستعجلو الزيّارة بتنتهي بعد نص ساعة ، رقم الغرفة "٢١٠"
أخذ نفس بصعوبة وألتفت لوهَاج وهو يقول : بس ودي أفهم يا وهَاج ، هالمرأة أقصى عدد مرات شوفتي لها مرتيّن ، ليه سوت هالسوايا فهمني ؟ والله لو إنها عمتي فايَزة كان ما عاش هالإستغراب بقلبي ، ولكن هي لييه؟ حنا ما نأذي نملة ليه تركتنا للوجع ذا كله؟
تنهد وهّاج الي كانت طاقته تطفو على قاع الأرض ولكن القهر والغضب الي داخله كان هو الي يقاوم ، وصل للباب ودقه بكل قوته لدرجة إن أخو فايّزة خرج معصب ومفجوع : كسّر الله يدينكم ، وش اللي يحصل؟
من لمح ضرار عقد حواجبه بغضب : علامك ياولد سطّام ، بعت عقلك؟
ناظره ضرار للحظات ، ليده المبتُورة من معصمه بسبب حادث بشغله ولعينه المغطيّة بقماش أبيض فقال بحدَة : وين أمك؟
عصبّ أكثر ودفعه وهو يقول : بايّع عمرك؟ وش صاير لك أنت ؟ وهذا من الي معك؟
قبل ينطّق ضراربكلمة خرجت فايزة بخوف من صراخهم ولما ناظرتهم عقدت حواجِبها بعدم فهم : خير يا ضرار ؟ جاي ..
قاطعهم ضرار وهو يدفعهم عنه بعصبية ويدخل للغرفة ولكنه وقف بصدمة من لمح الجسد المتهالك الي يسكن السرير الأبيض ، كانت قطعة لحم صغيرة وضلوع مرتجفة ، كانت ذايبة بوسط القماش ومنتهية كل الحياة عن ضلوعها ، كانت تناظر للباب بنظرات ساكنة ، متلاشية كل قُوتها وقدرتها
فقدت الحياة من سنيّن طويلة ، ذابلة من ذبول حليّمة وأختها وحتى أهلهم



وقف وهّاج وهو يدفع خالهم عنه بعصبية ولما لمحها صد بذهول وقال لضرار بفجعة : وش هالحال ؟
ضرار اللي كان يتنفس بعصبية وحتى منظرها المتهالك مازاده غير غضب وقهر ، وألتفت لفايّزة وهو يقول : لحفيّها بالسواد لأجل تعيش مابقى لها من حياة بالعذاب أكثر
إنفجعت فايَزة أكثر من كلامه ووقفت قدامه بعصبية وهي تقول : قطع الله هاللسان خذ حمل جسمك وخذ سود الليالي الي يسندك لأجل تهاجمنا كذا وإذلف قبّل أدعي لك الأمن
تحسب الدنيا لعبة؟ تهَجم علينا ...
سكتت بصدمة بسبب ضرار اللي قال بحدة وإنعمت عينه بسبب الظلم وزهقّ الروح : الله لايبَارك لا فيك ولا فيها يا كلاب يا عديّمين الرحمة ، تعاونتي معها صح؟ كل ذا لأجل سطام ؟ كل ذا لأجل تفرقين بينهم؟ عيشيتنا الظلم والنكران والوجع بس لأجل تتزوجين ولد آل سهيّل ما خفتي من الله؟ ماقلتي وراي حساب ؟ وراي جنة ونار؟
عقدت حواجبها بذهول وهي ترمي عليه الشنطة بغضب والقهر ملأ جوفها : أسكت حسبي الله عليك ، وش هالحكي الي ما ينقال ؟ أنت من لأجل تجي تتهمنا بحياتكم الرديـ..
قاطعها وهَاج هالمرة وهو يتقدم لأمهم الي تناظرهم والدموع بعيونها وقال بقهر : خذيتو مننا الحياة الله لا يردها لكم ، ما ألتفتنا لكم لأجل كذا قلتو السحر بيخليهم يلتفتون؟
شهقت فايّزة بخوف من هالجملة وأرتجفت عظامها وهي تقول : الله لا يوفقكم وش هالحكي يا اللي ماتخافون الله ، إطلعو برى ، إطلعو الله لا يسامحكم كانكم جاييّن تتهمونا بالباطل ، إطلعو ولا والله ليكون ممّساكم هالليلة في السجن
تنهد ضرار وهو يضحك بسخرية على حالهم ومسح على وجهه وهو يقول : خافو الله يا بّشر ، خذيتو مننا الحياة ما يكفي؟
وقفت فايّزة قدام أمها بعصبية وهي تناظرهم بقهر : الله والحياة الي عشتوها ، والي كنتو عايشينها قبلي ، أنتو من خلقكم الله متغربليّن لا ترمي سوء حظوظكم على ظهري ، لاتجي بأنصاص الليالي تبكي وتنوح وتتهمنا على حياتك السوداء ..
ناظرت لأخوها الي واقف بصمت بجنب الباب وهو مفجوع وساكت ، وحتى إن وجهه تلون بالسواد من الصدمة ، صرخت بقهر : لا تسكت حنا مالنا ذنب بحياتهم ، لا تصدق أكاذيبهم الي متهمينا فيها ، اي سحر واي تهايم جايين تبلونا فيها؟ ما خفتو من الله انتو؟ خرجتونا عن الملة وعن الدين ، رح ياضرار قبل ينتهي عهدك فينا بسبب كلامك رح الله لايسامحك
ألتفت بخوف بسبب أمها اللي سحبّت يدها وناظرتها بذهول ودمُوعها تهل بشكل جنوني على مساحات وجهها المتلاشي ، نظراتها كانت مُخيفة ، هزت كل أركان فايزة وتركتها تتلحف بالرعب لدرجة ان يدها تخدرت من رهبتها


كان كلام ضرار محض أكاذيب وخزعبلات وافتراءات بالنسبة لها ، لأن فايزة وإن كان خوفها من الله قليل وقلبها أسود وحقودة ماتوصل مواصيلها للنقطة هذي أبداً مستحيل تتعدى هالحد المرعب مستحيل تخطي خطوة للطريق المرعب ذا ، لذلك نظرات أمها هاللحظة جمدت الكون بعينها وتركتها ترتجف ، نظرات ال"سامحيني" كانت كفيلة بإن هالاكاذيب تنقلب اقوال صادقة وواقع عاشوه هزت رأسها بالنفي الشديد متجاهلة تماماً ضرار ووهّاج اللي ما انهز لهم طرف ، كان الوجع الي عاشوه قبل لحظات يكفيهم سنين طويلة
أخذت يدين المتهالكة انها بيدها وهي تضمها بحرص وتنفي بتشديد متناسية كل الي حولها وجل رعبها يكمن في إن امها تخطت هالحد وكان حكيهم صحيح ، كلما حاولت تلقى طرف خيط ينفي ، تلاقي كل تصرفات امها تأيد كلامهم ، أمها اللي عجزت تبوح بذنبها برغم كل هالسنين أمها واللي نتيجة تدميرها لحياة أشخاص تدمرت حياتها وحياة عيالها بأبشع صورة ممكنة ، أكبر عيالها والي فقد يده وعينه وحتى إنه فقد كل سبل الحياة وتقفلت الدنيا بوجهه ، فايزة اللي مات زوجها منتحر وأكبر عيالها في السجن بسبب تعاطيه المخدرات وبنتها آلت بها الدنيا للنيران الي أشعلها اخوها ، وبنتها الثانية والي ماذاقت بحياتها طعم السعادة نتيجة ام زوجها اللي أهلكتها ، وأصغر بناتها الي كانت عاجزة عن الانجاب لسنوات طويلة كلما تاكد حملها وتهادى الفرح بقلوبهم يطيح الجنين بشهره الخامس حتى لما أكتمل الحمل وولدت اول طفل لها مات بعمر السنة ، هالخطوة كلفتها حياتها وحياة عيالها ، هالخطوة مادمرت ضرار وأهله وبس دمرت كل عيالها ، جشعها وطمعها بولد ال سهيل وحب بنتها له برغم كل شيء اجبرها تخطي على خطوات كثيرة وصعبة أولها محاولة تفريقهم بكلامها ثم بأفعالها هي وبنتها ولكن عجزت فأستسملت فايَزة ولكن أمها مارضت بالخيَبة هذي ، ماكانت فايّزة عابرة بحياة أمواج أبببداً ، كانت بنت جيرانها المحبوبة والي دايماً تكون بجنبها ، جاهلة إن فايّزة كانت حاسدتها على حياتها وطمعانة في راحتها ، وهالحسد تحققّ لحظة الي نست أمها قلبها بأحد فصول حياتها وغفلت عن خوفها وسممّتهم بحقدها تحقق لحظة بدأ مفعول السحر ينطلق بحياتهم ، لحظة الي ماكانت تتحمل أمواج شوفته ولا القرب منه ، لحظة الي كانت تتقرف من ولدها وتبّكي لو قرب منها ، لحظة اللي كانت المشاكل الصغيرة بمثابة كوارث طبيعية ومخيفة ، حتى كبّرت الصغار وصارت كبيّرة لحظة اللي مد يده عليها وهنا كان تصرفها واضح وصريّح لحظة الي رجعت لبيّت أبوها وطلبت الفراق



و علاقتها مع حليمة كانت من سيء لأسوء وماذاقو طعم الهناء أبببداً
طمعها وطمع بنتها براحة غيرهم ؛ كلف الكل سعادتهم وراحتهم وطمأنينتهم ، سرق من الكل دمع عينهم القرير ووهبّهم الضيق والفراق والموادع سلبّهم نوم عينهم الي ضاع لحظة اللي إنتشر السُم بأجسادهم ، خمسة وعشرين سنة يبّكي سطام بالسر فراق أمواج الي كان يحبّها ويغليها بالحيّل وكان حبّ ضرار من حُبها ، وثلاثين سنة وحليمة تنهار كل ليلة على بعد أختها وقسوتها على عيالها ، وخمسة وعشرين سنة وأمواج تبّكيهم دم بدل الدمع ! ماكانت هالحياة هينة بعينهم أبداً

بكت فايّزة بكثرة بكت بنحيّب وهي ترتجي أمها يكون هالحكي كذب ، بكت ذهول وصدمة لإنها وإن كانت أسوء الخلق ماكانت قادرة توصل للسوء الي تكبدّته أمها ! بكّت لإنها فهمت إن كل المصايّب اللي عاشوها كانت نتيجة سوايا أمها وأفعالها ، لإن برغم إرتباطها بال سهيّل ما تعدلت هالحياة أبداً ، ولكن زادتها أفعال فايّزة سوء
تراكم الظلم تركهم يعيشون هالمعاناة والي ما بتنتهي أبداً ، بكت على يد أمها وهي تستغثيّث : الله يجعل يومي الأول يايمة قولي لا ، قولي لاا وريحيني ياعيوني ، قولي إنك ما سويتيها ، قولي إن نظراتك تكذب وكلامك ماكان إلا وسوسة
قولي لا يايمة والله مالنا قوة لهالحمل أبد ، دخيَلك يايمة
بكت أمها معها وهي تضغط على يدها وتناظر لضرار اللي يناظرهم بعدم رحمّة وقلبه يشتعل غيّظ وقالت بصُوت متحشرج من شدة الوجع : سامحني
صد بقهر وهو يضغط على يده اللي ضلوعها تستغيث بسبب شدة ضغطه عليها ومن لمح الرائد يوقف وهو يتنفس بعجلة بجانب الباب المفتوح ، أخذ يتقدم له ويشرح له الوضع ، وكونها إعترفت لبنتها الواضح إنها بتعترف للمحكمة! غضّ النظر عن هلاكهم وعن وجعهم وناظر لوهّاج الي مكتف يدينهم بعدم إهتمام ويناظرهم بقهر كونهم ينتظرون يعفون عنهم بعد هالعذاب كله ، وهّاج اللي من دخل الضابّط لمح فايّزة تتقدم لهم وتنهار بجنبهم وهي تصرخ بقهر وعيونها على أمها اللي جهاز غسّل الكلى مازال بجنبها ، وذايّبة من شدة الوجع ومنتهية ولكن للآن عايّشة ، للآن تدفع ثمن سوءها : لاا تكفون لا ، أمي ماعاد بها حيّل للوجع
ناظرت لوهّاج برجاء وهي تمسك يدينه وتقول بتعب : تكفى يا وهَاج ، تكفى ياولدي إرفق حالها ماعاد لها قدرة على هالمحاكم ، خذت فوق حقها بزيادة خلاص يا وهّاج خلاص
ناظرها وهَاج بصمت ، وهو يضحك على سخرية الظروف ، طوال حياتها كان كل مناداتها له"سود الليالي" حتى برغم براءته وطفولته واللحظة هذي صار "وهَاج"؟ لما إنهارت عليها دنياها؟



سحبّ يده بإشمئزاز من يدها ورجع خطوة لورى غير مهتم تماماً بإنهيارها وبصوت أمها الخايّف والمرتجف والي تربص الرعب بقلبها ، هي برغم كُل المصائب والمواجع الي كانت تدري إنها سببّها أخفت الموضوع لإنها كانت خايفة ، خايفة من هاللحظة
خايفة من إنهيار بناتها وخايفة من نظرة ولدها الخايّبة ، ولكنها عاشتها هاللحظة بأبشع صورة
تحت أنظار ضرار اللي ما ملأ قلبه حتى ذرة شفقة على حالهم وحتى صوت بكاءهم مارفّ له جفن
كان موقن إنهم يستاهلون هالعذاب ، لذلك خرج بعدم مبالاة وهو يحرص على الرائد بينما وهَاج اللي مازال واقف بجنب فايزة الي تترجاه قال لها بهدوء : هالفعايّل خبيّتها عن أقرب الأقربيّن حتى ، حسّ بالك يدرون بها وديّع وأخته ياويلك لو تبليّنهم ببلاويك أنتي وأمك ، لا يذوقون الضيَم بسببكم وعساه ما يبتعد عن قلوبكم

لأول مرة تطوع له نفسه يدعي على غيره بهالكثرة ولكن مازال صوت بكاء أمه يتردد بذهنه ومازالت دموع ضراروكايّد تحت مرأ عينه ، ومازال ضيقه من بعد دُجى يقهره لذلك ماقدر يرحمهم .. أببببداً


بيّنما بين أركان بيت الصعبّ ، والي دخل بخطوات هاديّة وكفوف يدينه تحتضن جواله بأريحية وصوته الهامِس شبّة يوصل لمسامع بنيّان الي متعني وهو يحاول يسمعه ، ومن وصل لغرفة النوم قال بهمسّ : ثواني بس يالجنوبي
نزل الجوال عن إذنه وأخذ يدخل ويدور عليها بعيونه ، ومن لمحها متخبيّة بوسط السرير ومتلاشي جسدها بين اللحاف أقترب وهو يبتسم بلهفة وجلس للحظات بجنبها وهو يتأمل الراديُو الي كان بين كفوفها والي كانت تسّتمع بحرص لبرنامجه اللي بُث قبل ساعة ، أخذ نفس برااحة وهو يقرب ويدفِن وجهه بين نسايّم شعرها المُغري وبعدما قبّلها للحظات طويلةلعله يروي بهالقُبلة ذبول قلبه ، إبتعد عنها بصعوبة وهو يلحفها بحرص لأجل تنام براحتها وأخذ جواله وهو يجر خطوااته لبرى الغرفة ، جاهل إنها حسَت على وجوده وفزت بفرحة من مكانها وهي تتنهد وتسحب جاكيتها الحرير وتتلحف فيه بعشوائية وأخذت توسّع خطواتها بإبتسامة كونها من شدة إنتظارها غفت عينها ، ومن لمحت حضوره إبتسمت كل خلاياها ، بُرهان اللي غمّرها بصعوبته الي أهلكت كل روحها وصارت محطات رؤيتها تخصه هو بس ، ياكم تنتظر وتنتظر وجوده حتى لو إبتعد دقايق طويلة فكيّف بساعات؟
لمحته يوقف بالبلكونة الي بوسط الصالة ومستند على طرفها وواضح مندمج بالمكالمة لإن صوت تناهيّده وصلتها ، إقتربت وهي مبتسمة ووقفت على عتبّة البلكونة ومن كانت خطاويّها بتتجه له بُترت بشكل مُخيف وتراجعت هالخطوة للخلف برعب ، بلعت ريقها بصعوبة وهي ترجع كل المسافة للخلف..



وسط محادثة بُرهان الي أكملها بضيّق : أخاف بلحظة نسيَان يغادرني الحرص وتضيّع الكلمات من جوفي وتوصل لمسامعها ، والله صعبّة يالجنوبي صعبّة وأنت تعرف وش بيكون موقفها لادرت عنه ، كيف بتعيّش وأسوء ذكرياتها كانت بسبب أخوها؟
رد عليه بنيّان بعقلانية وقال بهدوء : إسمع يالصعبَ ماظنتي شخص مثلك بيقدر يفرط بكلمة وحدة بس فمابالك لو كانت هالكلمة بتوجع؟ وطواري أخوها هالنذل إقطعها لو صار ولاح طاريه قفل الموضوع أو غيّره
تنهد بُرهان وهو المتضايّق كونه مرتين على التوالي حضر فيها طاري وقاص وكانت فعلاً كلماته بتخونه لذلك كان خايّف ، خايّف عليها حيل
جاهل تماماً إنه من غير قصد منه وصل الكلام لأعتاب مسامعها !
وصلت لباب الغرفة ودفعته بكل قوة وهي تتجه على عجل للشبَاك الي بوسطها ، فتحته بيدينها المرتجفة وهي توقف قدامه وتتنفس بصعوبة ، رفعت يدها برجفة وهي تضرب صدرها بخوف ودموعها بدأت تتساقط بشكل جنوني على أطراف وجهها ، ضربت صدرها بقوة أكبر وهي تشهقّ بخوف تحاول تسترجع نفسها اللي تلاشى وذاب من فُرط صدمتها تحاول تستعيَد الحياة اللي إنذّبحت فيها بأبشع الطرق الي ما تخيلتها أبدا ، إحمّرخدها وتعرقت كل أطرافها ، وحتى هدبّ عينها كان له نصيَب من الرجفة ، مازالت تضرب صدرها مازالت تشهق وهي تبكي بنحيّب وخوف تقدمت للشبّاك وهي تتثبت فيه بقوة وتسحب أنفاسها بكل طاقتها ، ومن زفرتها وقدرت تستعيّد هالنفس الي ضاع وسط فوضاء ذهولها وصدمتها ذابت ضلوعها بوسط جلدها وعجزت بقايا هالضلوع تشيّل حمل قلبها فإنهارت بمكانها وهي تثبت يدينها على الأرض ورأسها منكوس للأسفل ودموعها الوحيَدة الي ترجمت رعبها ،كانت تتساقط بشكل عنيّف ، ومن شدة حرارتها يُخيل لها إن خدّها الرقيق جُرح وخُدش ! كانت تنهار هالدموع نتيجة ذهولها وصدمتها وعدم إستيعابها للموقف ولا للحدث الي حصل ، مستحيَل يكذب ومستحيل تكون المحادثة عابّرة ، هالحدث ماهو مجرد تراهات هالحدث حصَل حقيقة ، هالحدث بيورّثها الحُزن العميَق
وكإن دمها جفّ بعروقها وقلبها لولا الضلوع المتلفة حوله كان بيغادرها من فُرط وجعها ، دموها ماكانت الشيء الوحيّذ الي طاح من عينها كانت كل هقاويّها وظنونها الي خابت وتلاشت بشكل موجع "يعني سارِق مني الحياة«أخوي؟» يعني سبايب بكاي ودموعي وكُرهي للحياة وإنكسار قلب وسلبي لحقوقي كان «أخوي؟» "
كانت هالجمل كلما رددتها بقلبّها يرتجف وتضطر تثبت يدينها حوله خوفاً من إنها يغادرها ، بعد لحظات إستوعبت فيها هالكلام الي تبادر لسمعها أخذت تلم ضلوعها لها وهي تدفن رأسها بين أطراف ركبتها وتبَكي بصمت مُخيف



، عاجزة تماماً عن إستيعاب هالكارثة الي بدلت أفراحها بلحظة بسيَطة لأتراح وضيّق عنيف عجزت رقتها وهشاشتها تتحمله !
" سجنه ماكان بسبب من صنع يد غيره كان بسببَه ، مسجون لإنه سلبّني الحياة مسجون بسببي " أفكار كثير كان قادرة على تدميرها ، وبالأحرى دمرتها كونها فقدت السيّطرة على حالها وإنتهت ليّلتها بصداع عنيّف داهمها بسبب كثرة بكاءها ، هالليّلة كانت صعبّة فقدت فيها سندها وضلع من ضلوعها هالليلة فقدت"أخوها" والفقد ماكان الموت وبس
الفقد كان خيّبة هقاويها اللي تزلزلت بعدها كل ثقتها وماعادت قادرة على حمل هالكلمة بقلبها! عاجزة عن إكمّال السير بهالدرب بعدما خانها أقرب الضلوع لصدرها ، ودمَر سكينتها شخص ظنت بيوم من الأيام إنها ضمّاد بينما كان الجرح !
-

بين زوايا بيت البهُور ، خرج من غرفته وهو يضغط بهُدوء على مقدمة جبهته بسبب الصداع اللي داهمّه ، واللي ماكان يلتفت له لإنه يعيشه هالفترة بكثَرة ، صار الصُداع نصّف رأسه ، خرج بعدما ريّح جسده ساعتين بعد رجوعه من الجامعة ، حياته هالفترة مشتتة والترتيب أبعد مايكون عنه ، مشتت بكل أحواله ولكنه يحاول يمسّك زمام أمور كل حياته ، بُعد دُجاه وغُصن اللي للآن يحاول يختار التوقيّت المناسب لرجعتهم خُصوصاً إن حليّمة بدأت تستعيد رُشدها ، ولكن خايّف عليهم للآن ، مثل خوفه على كايَد اللي ماقدر يستعيد وعيه حتى هاللحظة!كايد اللي ماتحرَر من هالحِمل والي من شدة ثقله على ظهره نقل الخبّر لسلطان أبوهم ، أعطاه خبّر عن أوجاعهم وهو بدوره أنهار من الذهول والضيَق !
وبرغم زحمة كل هالمشاعر كان"اول انسان تنهَّد شوقًا في عز القايلة" لإن الشوق مايعرف التوقيت!
خرج من الغرفة وهو يتخبّط بخطواته ولكنه توقف عن السعييّ لحظة اللي لمح أمه جالسة تحت شجرة الليمون وشعرها مِنسدل بأريحية على كتفها وبيدها مُشطها البني تمشط شعرها بإبتسامة وهي تلقي نظرات سريعة للمكان والهُدوء يحيط فيها ، هالفترة بالذات أغلب أوقات جلوسها هنا تحت هالشجرة بالذات ، كونها تدور للسعة إلي انحرمت منها سنين طويلة!
أقترب منها وهو مبتسم والراحة توسطت قلبه لحظة الي لمح إبتسامتها الراضية وهو يقول : ومسّى الله أم وهّاج بالخير
رفعت رأسها وإشتدت إبتسامتها وهي تقول بحبُور : الله يمسيّك بالرضا يمك ، ليه صحيت اللحين؟ ليه ماريحت نفسك كم ساعة بعد
ينهد حيّلي ياوهّاج من ألمح وجهك بهالشحوب والتعبّ ، ريَح قلبك وجسمك ياولدي
ناظرها بإبتسامةللحظات طويلة حتى بعد إنتهائها من حرصها بقى ساكن ومبسوط حيّل ، بقى سعيَد إنه فعلاً يسمع هالكلمات من ثُغر أمه ، الكلمات اللي هدّر نفسه وهُدرت روحه في سبيّل سماعها ، أقترب منها وهو يأخذ المُشط من يدها بهدوء ويجلس خلفها وهو يقول بضحكة : الله يجعلني فدى يدينك يايمة ، ما بيلحقني تعب مادامك بخير ، أنا ما بينوجع لي قلب وأنتي تضحكين ، المهم تكونين بخيّر والباقي يعدي ويهون
كانت تسمع كلامه وهي شادّة بكل قوة على يدينها وتضغط على ثوبها البُني ، ودَها تبكي وودها تهل دموعها .. ولكنها دموع فرحة
دموع رضا إنها ودّعت شعور الهم والقهر والضيق اللي كان يدمر خلايا صدرها لحظة الي ودّها تضحك أو تحتويهم لحظة الي ودّها تكون سعيَدة ، كانت تستشعر إن كلماته مثل ضِماد ينلف فيه قلبها ويطبّطب على ثناياه فكيف بلمسة يدينه الحنيّنة اللي يمررها على شعرها وهو يمشّطه بكل رقة ويحاول يرتبه بكل طاقته


يحاول ما يوجعه وحريّص على كل شعرة وكإنه لو أذى خُصلة منها رح ينهار قال بين تمّشيطه لها : وحنا نقول شعر كايّد يشابه الليل ونعومته ماهي بطبيعية ، آثر الموضوع وراثة منك يمة
ضحكت بحياء من كلامه ومن إنتهى ورتبّه بالبّلكة جلس جنبها وهو يقول بإبتسامة : قهوة ..يّمة؟
أبتسمت له بهدُوء وهي تهز رأسها بإيجاب وقبل يوقف وهَاج أخذت تمسك يده بكل قوة وتقول بإستفسار : كايّد ؟
أنحنى لها وهو يجلس من جديد ويقول بخفوت : رجعت للبيّت أنا ، وهو توّجه للبهاء
فهمت مقصده وهزت رأسها بإيجاب وأول مرة يطري طاري البهاء وما توجع قلبها بالعتب على وهَاج لأول مرة تمر سيّرة سلطان وما تغرق وهّاج بنظرات القهر ، لأول مرة تحاول تتفهمه وما تضيّق عليه كونه بظنونها ، لأول مرة تستوعب إنه توجع لدرجة ماعاد يقدر يخطّي خُطوة لسلطان لذلك أكتفت بإبتسامة ولكنها أكملت سلسلة تساؤلاتها ب : ومتى على الله بترجع بهّجة البيت؟
ألتفت لها وهَاج وهو يناظرها بتنهيَدة ومن طرى طاري البّهجة أيقن مقصدها " غُصن" حك طرف ذقنه بضيّق وهو وده يتأكد إن حليمة طابّت بالحيل وما بتنهار أو ما بتحاول تأذي نفسها من جديد لأجل يستردون بهجتهم من جديد قال وهو يرفع كتوفه بششوق شقّ طرف صدره : ودي الليلة يمة ، ودي هاللحظة تكون هنا ودي....
سكت بذهول وهو يلتفت ناحية الباب اللي أنفتح بكل قوة وضربّ بكل رعب بطرف الجدار وصوت دويّ ضربته هز البيت ، وقبّل ما ينهال الغضب على روحه توسعت حدقات عيونه بدهشّة وهو يلمحها تركض بضحكة وتصرخ بفرحة وهي تتجه له وبجنبها كاندي اللي تسارع خطواتها والي أستقرت بجانب وهّاج وهي تعلن شوقها لها، لإن حتى كاندي لها من اللهفة نصيّب : غُصن جات ، الشمس نورتكم يابابا
ضحك من كُل قلبه حتى إن الدهشّة إستقرت بقلبه مع الفرحة ، كيّف جاءت بالتوقيت المناسب برغم كل شيء ؟ أنحنى بقامته لحظة اللي رفعت أقدامها من على الأرض وقفزت بإتجاهها وهو ألتقطها بيّن ثنايا حُضنه وهو يعانقها بكل قوة ويضحك من بيّن قلبه وهو يقول : حيّا الله الشمس الي نوّرتنا
أبتسمت غُصن وهي تضحك من كلمته وهو بعد لحظات قال بإستفسار : جيّتي مع من؟
رفعت رأسها من حُجر حضنه وناظرت لأطراف الباب لحظة اللي كانت دُجى تعبر من على عتبته وتِتجه لهم فأتسعت إبتسامته بشكل واضح وكبيّر ، وبهاللحظة فارِقت غُصن حضنه وأتجهت وهي تتوسطت حُضن حليمة وهي تلمّها لها بكل شوق وسط ضحكة حليّمة ، بيَنما وهَاج تقدم لدُجى اللي نزعت نقابها عن وجهها بهدوء ، ومن لمحته يستقر بخطواته قدامها حتى تنّهدت ، العتب يحرق قلبها ولكن حتى بالنظر ماتقدر تِصد عنه ،


تخاف عليه حتى من صدُودها وتحنّه من نظرة يمكن توجعه ، لذلك كانت تنهيَدتها كافية ووافية لأجل توصل مشاعر العتبّ كلها لقلبه ولكن وش بيّدينه غير أعذاره الكثيّرة لأجل تقدر تعفو عن هزالة موقفه!
ميّلت شفايفها بتعب من هالمواقف وقالت بضيّق كونه مرت أسبوعيّن كاملة عجزت تلاقي عيونه وعجز تصافح كفوفه ، أسبّوعين كان الوله واللهفة والشوق عنوانهم : يعني كذا تخليني ؟
تأمل نبرة صوتها الي يسيّل منها كل العتب وكتم تنهيّدته لحظة اللي نطقت بضيّق : " مازارك الشوق؟"
رفع كتوفه بحركة لا إراديّة وهو يميّل شفايفه بخُفوت وشاركها نفس النبّرة : الشوق ما يزُور ياقرة القلبّ ، الشوق يجي ويكسر ضلُوع
ناظرته بنظرات تملئها الوِحشة وأخذ يقترب منها ينزع عنه حجابها ويرتب شعرها بحِرص وهو يبتسّم بلهفة ، حتى شعرها عاتِب وشارِهه على بُعد كفوف يده عنه! : سمييّ وآمري ، عطيني كل الي بجوفك لا تخبين الكلام بين صفّ أهدابك ، علميني مستعد أكون لك سمّع طول العمر
تنهدت وهي تستشعر كفوفه على أطراف شعرها ، يمّررها والشوق يسَيل من بين أصابعه
ويفيض لدرجة أيقنت إنه يروي شوقه بهالطريقة: لا تكون لي سمّع ، ولا تكون لي بصّر ولاكفوف ولا حتى طريق ووجهة
عقَد حواجبه بإستنكار من كلامها ورجع خطُوة لورى وهو يحاول يفهم مقصدها ؛ كان يكفيه يناظر لملامح وجهها وهي تتكلم لأجل يفهم وش مقصد حكيها ، أكملت بذات النبّرة : إذا تبي تصير لي شيء، صر لي خُطوات ما تنقطع ، صِر لي درب ما ينتهي لازارك وجعك ، صِر لي كلام ما يتبّدد ورأس ينحني على كتفي ، ووجهه خالي من التعب .. وبتلقاني الطريّق والوجهة والكفوف والسمّع والبصر
المهم إنك ما تخليني أتعبّ عنك وأنت بعيد عني ، المهم إنك ما تبّقى تشيل الهم وحدك وتعاني بدوني،هالمرة جيت أنا والمرات الجاية ما بتكون موجودة ؛ لإني ما برضى بالبُعد هذا من جديد
لو حصَل ونسيت إني هناك وخذتك أوجاعك مني ، فأنا ما نسيت إني حريّصة عليك مثل حرصي على قلبي أشيّل همك وكإن الكون كله محرصني عليَك ،لاتظن إن إنقطاع خطواتك وإخفاء شحُوب وجهك ونظرات الوجع عني بتسيني ، جاهل إنك....
سكتت بذهُول وهي تبلع ريقها بصعوبة وتحاول ترتب ضربات قلبها اللي إنتفضت بشكل هستيري ، كانِت تتصدد عن نظرات عيونه طوال حكيّها لإنها تدري إنها بتنسى كل عتبّها وبتغرق وبتوصل للعُمق ، وهذا اللي حصّل تمردت عليها عيُونها ولمحت غرقه فيها ، كان يتأمل كل تفاصيّلها بوفرة ، كان يتأمل بكثافة لدرجة إن تفاصيلها تطلبّ النجدة



تفاصيّلها تطلب العِتق من كل هالنظرات اللي تشربّها جلدها وإنكسى بالحُمرة بجميع زواياه ، حاولت توازن أنفاسها حاولت تتمسك بآخر ذرات العتب الي تسكن صدرها حاولت تتشبّث بآخر حدود الضيّق وتبين إستيائها فرفعت رأسها وهي تبَلع ريقها بصعوبة وتناظره بإضطراب : " خذني على محمل الجِد يا وهّاج"
زمّت شفايفها بكل قوة لحظة الي أبتسم بتنهيّدة وهو يقول : "أنتي ما تنوخذين على محمل الجد"
كتمت شهقتها المذهُولة وهي ترجع خطوة للخلف وتغمض عيونها بدهشة لحظة اليي أخذ يحتضنها بين ذراعِينه بكل لهفة ، لحظة اللي عانِقها عِناق كل الأيام اللي مضّت واللي تجرع كل مرارة شوقه لها ، لحظة الي كان مبتعد لأجلها لحظة اللي كان يردد "ولو ممشاي في جمرٍ يفيده، مشيت بجمرها كنه عوافي" كان يمشي على جمّر الشوق ولكن كونها بخير يكفيه ، عانقها بحِرص وبلهفة وشوق متناسي ومتجاهل كل اللي حوله وهو يهمسّ بإبتسامة : أنتي دائمًا "تنوخذين بالحضُن " بالحُضن بس .. يالبّسمة العذبة
غِرقت وذابّت وتلاشت وغُمرت بوسط قاع الخجل واللي وضح هالخجل كله نتيجة رعشة وإهتزاز جسدها المُحتجز بين ذراعينه ، تلاشت من الحياء نتيجة وقوفهم بوسط البيّت بهالشكل وخصوصاً في ظل تواجد حليّمة وغُصن ، حاولت تبتعد أو تزيَحه عنها ولكنها عجزت ، كان غاِرق تماماً لذلك إستسلمت للموقف ، بعد دقايَق طويلة أبعدها عنه وهو يبتسم من ملامح وجهها المحمّرة من شدة الشعور العذّب الي يحاصرها وقال بضحكة : لولا خوفي على فهد ، كان علمتك شلون الشوق يزورني
رجعت خطوة لورى وهي ترفع يدينها وتضغط على كتفها الي تدمَر نتيجة ذراعينه الي ضيَقت الخِناق عليه ، وهذا ماكان شوقه كله.. أجل لو كان كله وش كان صار ؟ أيقنت إنها لو سألت من جديد"مازارك الشوق؟" رح تكوم النتيجة تكسيَر لكل ضلوعها وهذا المتوقع!
قبل تسأل أو تقول أدنى حرف ، ناظرت لكفه الي أحتضنت كفها بكل قوة وهو يقول بإبتسامة لحظة الي سحبها معه : مادام القلبّ تعدل وتلاشت عِلته ، تعالي نعدلّ الرأس
فهمّت مقصده على طول ولكنها كانت تمشي معه وهي متلاشية وحسَها مختفي ومنطفي وماهي قادرة تنطَق بحرف واحد ، تناظر لحليّمة الي جالسة تحت شجرة الليمُون وملامحها هاديَة وساكنة ، هالمرة ماكان للإنزعاج ولا للضيّق مكان بتعابيرها ، هالمرة كانت هادية فعلاً ! بحُضنها غُصن اللي مغطية عيونها وهي تضحك تظن إنها تلعب معها وبحضنها كانِدي مستقرة، وهنا فهمت مقصدها وبلعت ريقها بإحراج وهي تعض على شفايفها بقهر ، حاولت تفلت يدها لأجل تتقدم وتسلم على خالتها ، تحاول هالمرة بعد كل هالتّعب ، ولكن كفوف وهَاج الي تحتجزها كانت لها بالمرصاد




بوسّط أركان المطبّخ كانت واقفة بجنب الدرج تُلقي عليه نظرات مبّتسمة وهادية تراقب تصرفاته وإنفعالاته الضاحِكة على كل تصرف ، تراقب فرحته الي ماغابت عن عيّنها ، دندنته العليّلة سوالفه الي ما أنتهت ، طريقة تجهيّزه للقهوة وسط بسماته الي ماغابت عن ثُغره ، تتسائل بكل قوة عن"سبّب بعده عنها بوقت ضيقه مادام طواريّها بس كفيلة بنزع كل هالضيّق عنه!" جاهلة أتم الجهل إنه "لو بيبقى طول عمره في ضيّق وقهر ما تقدم خطوة وحدة بطريقها وهو يدري إنها بتذوق من نفس الوجع" جاهلة إنه كان خايّف يقدم خطوة ويرضي كبرياء قلبه ويروي شوقه ونتيجة هالخطوة دموعها ، خايّف يذوق نظرات التعب بعيونها بسبّب بجاحة مطالبّه لذلك بقى واقف على نفس العتبة..ولكن لإنها جاءت بنفسها كان الوضع غير وخييير !
بوسط إندماجه وهو يعدل درجة حرارة النار ويوازنها وقبل ما يصب البُن بوسط الماء رفع رأسه وناظرها بإبتسامة خافِتة وهو يدندن : ويالبّسمة العذبة .. عنك الصبّر كذبة ! وفيك العمر موعود
ضحك نابّها من جملته المفاجأة وهو أبتسم من ضحكتها ، بينما هي تدحرج الخجل من جديد بقلبها فأيقنت إنها لازم تغير الموضوع لأجل تستمر بوقوفها بشكل طبيعي فقالت : تحبّ الفانيلا؟
هز رأسه بعجل وهي تقدمت خطوة للدرج وهي تقول : أجل موعود بألذ كيك فانيّلا
أبتسم إبتسامة ذابّلة لحظة اللي لاحت له طواري ماهي بهيّنة مع هالكيك مع ذلك قفل الإبريّق وهو مكتفي بإبتسامة خافتة ، وإشتدت لحظة دخول غُصن ووقفها بجنبه ، والي عقبها أنحنى وهو يأخذها بحضنه ويقول : دُجى تقول ودها تسوي لنا كيك فانيّلا ، ودك تساعدينها؟
هزت رأسها بإيجاب وهي ترجع شعرها للخلف بحركة عفوية وهي تقول : أصلا انا دايماً أساعدها في بيت جد فهد ، صح يا دُجى؟
ضحكت دُجى وهي تهز رأسها بإيجاب وتناظر لوهّاج اللي جلس على الدرج وبحضنه غُصن يراقبونها ، واكتشفت إن مساعدتهم كانت عبارة عن "مراقبتها وبس" ورغم إنها ما أقتصرت على المراقبة وزادت بالضحكات والملاحظات والإنتقادات وحتى الفرحة لحظة الي إنتهت من صُنعها وتركتها بالقالب قدامهم وهي مبتسمة بضحكة على أشكالهم : الحمد لله أول كيكة مصنوعة من الضحكات والإنتقادات
غُصن اللي ما قدرت تتحمل مدت يدها وغرزت إصبعها بكريمة الفانيّلا وسط شهقة وهَاج وضحكة دُجى الخافتة ، نزل من على الدرج وغُصن بحضنه وأخذ ينحني وهو يبتسم لها بضحكة: يلا نروح لجدة ؟
هزت رأسها بإيجاب ، فأخذ صحن القهوة الي جهزته دُجى وهي أخذت قالب الكيك وهي تمشي بخطوات متعثرة بسبب الخوف


-
تكذب لو قالت إنها قررت ترجع برغم كل الرعب اللي تكنّه بصدرها بعد معرفتها بحالة خالتها ؟ برغم ذلك ماقدرت تتركه وحده ،ماطاوعها قلبها!
تقدم وهّاج وهو يترك الصحن على جنب ويفرش البسّاط الأحمر كله ،رتب بعدها السُفرة وهو يترك صحن القهوة بالوسط وأخذ صحن الكيك من يدينها ، من بعدها تقدم ناحية غرفة أمه وهو يدق الباب بهدوء : يمة وين غديتي ؟ (رحتي) تعالي حنا بإنتظارك
سمع موافقتها وأبتسم ورجع يجلس بمحاذاة الجذع بمكانه الدائم والمعروف وهو يسند ظهره للخلف ويناظر لدُجى الي تضغط على كفوفها مدّ يده وهو يضغط على يدها بكل حنيّة ذابت بين أصابعها ونزلت رأسها وهي تبتسم له ، من لما خطت خطاوي حليّمة لهم ووقفت بمقابل دجى حتى إرتشعت كل أركانها وحاولت تتصرف ولكن خانتها يدينها ، ضغط على كفها وهَاج وهي إستوعبت الموقف وتقدمت خطوة صريَحة وهي تقبل رأسها وتسلم عليها بوقار وسط سكُون حليمة ، برغم إنها ماردت عليها إلا إن تقبُلها للسلام وعدم نفُورها أو وضوح علامات إنزعاج بتفاصيَل وجهها كان يكفيها !
أبتسمت برحاببّة غمرت كل فؤادها وأخذت تقترب من وهَاج وهي تستند بكتفه لأجل تجلس ، ومن جلست حتى أخذت دلة القهوة وبدأت تصبُ لهم فيها ، الشهور الي مضت كانت حليمة ترفض تأخذ الفنجان من يدها وتصد عنها بإنزعاج بينما هالمرة لما قدمته أخذته بهُدوء وهي تناظر لغُصن اللي تضحك بفرحة على وهَاج اللي يقطع الكيَك ، أبتسمت حليّمة لا إرادياً وهنا توهّج قلب دُجى وأبتسمت معها بفرحة حاولت تكتمها أو تكبّتها وهي عارفة أصلاً إن هالبسمة ماهي لها ولكن كونها تبتسم بحضورها كان يكفيَها ، وزّع وهاج الكيك وُوزعت الضحكات مع كل قطعة حتى إن حليمة قالت بعدما أكلت قط صغيرة : يشبّه طعم الكيك الي كان من صُنع يدين شُعاع
أبتسم وهّاج وهو يهز رأسه بإيجاب بينما دُجى ناظرتهم بإستغراب وحاولت تفهم ولكن صوت الباب الي أندق تركها ترتبك وتسحب حجابها وهي تلفه بعجل على وجهها ، ومن فتحت غُصن الباب وناظرت لكاَيد حتى ضحكت بفرحة وهي ترتفع بجسدها الصغير وتهبّط على الأرض وهي تكرر : أشتقت لك
أبتسم برغم كل شيء وهو ينحني بفرحة ويغمرها بحضنه وهو يوقف ويمشي معها : أنا الي قطعني الشوق يا غُصن ، يعني كذا تخلينا بدون الشمس طوال الوقت؟
فلت شعرها وهي تضحك وتقول : خلاص آخر مررة والله ، مارح أخليك تبقى بالظلام دايم بجي أنشر أشعة شعري عليكم
ضحك وهو يضمها له من جديد ومن وقف قدام جلستهم قال بإبتسامة : حيا الله دُجى بنت الخالة
هزت رأسها بإيجاب وهي تقول : الله يحيّك



ألتفت بوجهه ولمح وهَاج يناظره بطرف عينه ضحك بإنزعاج وقال: تراك أقلقتنا بإسمها ، وتراها بنت خالتي ولي حق أناديها بإسمها الصريح ، وبعدين فهد ماتعب وسمّاها دُجى عشان تحتفظ بإسمها لك، حنا وش نناديها يعني ؟ يا حُرم وهَاج؟ ياهية؟ ياسِستر؟
ضحكت دُجى بصوت مكتوم وحليمة أبتسمت بينما وهّاج قال وهو يناظره بإستنكار : الله كثر الألقاب ، وعاد لو قلت ياحُرم وهّاج ما بعترض المهم ما..
جلس كايَد عند أمه وبعيد عن محيط وهّاج ودُجى وقال : دُجى ودُجى ودُجى ، وصدقني نكال لك بسمي بنتي دُجى عشان تنقهر
ضحك وهّاج بذهول وهو يرمي عليه ورق الليمون : ياا نذل ، من وين تعلمت هالحركات
سكت كايّد وهو يزمّ شفايفها بهدوء ، فقدم له وهّاج صحن الكيك وهو يتنهد بضحكة : خُذ بس ، ما يحتاج يلوح إسمه هنا ونبدأ بفصول الشُوق
تنهد كايّد وشوقه للافي واضح بشكل مُفرط ولولا إنه يدري مابقى غير أسابيع على تخرجه كان إنهار من فُرط حنينه ، ومن أكل من الكيك رفع رأسه بذهول وهو يبّتسم بضحكة:كيكة شُعاع؟
ألتفت له وهَاج ولمح اللمعة اللي بوسط محاجره فضّحك بهدوء لعل هاللمعة تتلاشى وتبّقى الضحكة وبس : ليّن الحين تذكرها؟
هز رأسه بإيجاب وهو يضحك معه ويقول : يارجل كيف أنساها؟كل مغرب كانت تجبرنا نأكل منها ، وإن عدّى مغرب وما أكلناها تصحى من الفجر تسويها ، يمكن أنسى كل الذكريات ولكن هالكيك ما ظنتي..يالله لو تدري إني تذكرت أشياء كثير هاللحظة
أبتسم وألتفت لدُجى وهو يقول بفرحة : تسلم يمينك يا أم فهد
دُجى الي كانت تنقل نظراتها عليهم ومتلهفة على طواري شُعاع والي مجرد تشابّه طعم الكيك الي كانت تصنعه قادر على نشر الضحكات على وجوههم أجل لو كانت الذكرى أكبر ؟ أبتسمت بخفوت وهي تقول : بالعافيّة ياولد الخالة
إستمرت الجلسة تحوفها الضحكات ، المشاعر العذّبة ، الرحابة الي فقدوها شهور طويّلة ، كايّد الي كل لحظة ولحظة يلتفت ويناظر لأمه يتأكد من إن ضحكتها حقيقة ، وده يريّح قلبه إن هالضحكة ماهي لأجل يتطمنون ، ماهي بمثل ضحكاتها الي مضت الضحكة الي كانت تداري بها خواطرهم لإنها تدري بمقدار معاناتهم الي عاشوها معها ، من عرفو عن تعبّها وحتى بإستمرار علاجها ، ولكن هالمرة كانت غير هالمرة كانت ضحكتها من قلبّها.. ضحكة ماتخفي خلفها سبّب !
وهذا اللي مريّح فؤاده هذا الي زارع البهجة في قلبه ، هو اللي عانى معاناة ماهي بهيّنة خلال الأيام الي مرت لإنه مو قادر ينسى المنظر مو قادر يتناسى الصوت والكلام الي إنقال على مسامعه
كان خايّف وحيل على أمه


خايف لا فعلاً يأخذون منها ظهرها ، خايف يوجعونها أكثر لدرجة إنه كل وقته قريب منها وحتى لانامت يدخل يتطمن عليها ، لذلك كان حريّص وبشدة على ضحكتها .. حريّص تكون بخير بعد كل هالتعب
بمُقابله وهّاج اللي ترك صحن الكيّك وعيُونها ما أُزيحت ولا بمقدار سم عنها ، كان يتأملها بوفرة وبكثافة ماكانت سهلة ، وحتى لو صد لثواني يرجع على قلبه ويغرق فيها من جديد ، كانت ضريبة بُعدها هالفترة وخيّمة كثيير وخصوصاً على قلب مثل قلببّه ، لإنها مواساته بهالحيَاة
لإنها بمثابة النُور وسبايّب الضحكة ، لإن الراحة كانت غايّبة عنهم أسابيّع وليالي وبمجرد حضورها هي وغُصن حضّرت كل الطمأنينة والسكينة بأعلى مستوى! كان قبل ساعات منهدّ حيله ومُهلك وماله من الأمان ذرة ولكنه هاللحظة " بخيّر " بكل ما تعنيه هالكلمة من معنى ؛ لذلك من ناظرها وصغّرت عيونها دلالة على بسممّتها تبّسم لها وأخذ يتمتم بقلبه"‏وأنا والله إنه يزول التعب منّي..
‏ليا عيني بعينها جات،مثل لا من شروق الشمس عن وجه السماء بدّد الظلما "
-
أمام بيّت فهد .. كانت واقفة وتحتضن قلبّها ما بين ذراع يدينها ، تناظر بنظرات تملأ محاجر عينها خوف ورهبّة ، برغم من إن صدرها يحتجز كل مشاعر الخوف والرعب إلا إنها قدرت توقف وتمشي هالخطوة ، برغم من إن حياتها رهينة كل هالرهبّة إلا إنها جاهدت وحاربت كل هالسوء في سبيّل توقف على عتبة هالباب لوحدها بدون ما ينقبّض قلبها من الخوف بدون ما تبكي جوارحها من سوء شعورها!
أخذت نفس بصعوبة وهي تناظر بنظرات يملأها التشتت ، جوفها يرتجف من شعورها الغريّب الي يحيط بقلبها! تكذب لو قالت إن لياليها الي مضت عدّت بسهولة!تكذب لو تقول إنها قدرت تتجاهل الشعور الي تعيشه ، تكذب لو تقول إنها ماهي برهّن لقلبها وإن روحها ترتجف من ليالي طويلة بمجرد ما يحضر طاري صوته !!
هي اللي كانت واقفة مع دُجى بجنب المجلس لحظة اللي صرَح وهاج لضرار عن المصيبة الي أهلكت حياته ، هي الي فهمّت الموضوع من دُجى لما ضغطت عليها هي اللي تتعذّب من شدة تفكيرها فيه وذاقت مُر العذاب الي يذوقه! كانت مذهولة والدهشّة تخترق أعماق قلبها وتتسائل بكل لحظة يطري ببالها " فيه شخص يقدر يستمّر بالحياة وهو يحمل هالكم الهائل من الوجع بين ضلوع صدره ؟ أصلاً فيه ضلوع صدر تتحمل كل هالثقل على متنها وتبّقى قوية! يعني هالضلوع ما تتعرض لهشاشة بسبب ثقل الدموع؟"
على مدار شهور عرفته فيها كان تستنكر وتقول " ليه شخص مثله تغربّ عن كل الناس وبقى ببيت مهجور مغترب وغريّب عن الكل؟" والحين إكتشفت إنه" غريّب وتغرب عن الكل لإن أوجاعه تكفيه عن قرابة وأصحاب وأهل"



للآن تتذكر دموعها اللي أحرقت رقّة خدها بسبب بكاءه وتعبّه من هالظروف ، وتتذكر إنهيار دُجى بسبب وضعه ؛ موقنة لو إستمع الحجر لكل هالوجع للان وتحول لدمع !
لذلك هي هنا ؛ واقفة تحاول تتناسى كل وجعها واقفة برغم الرهن والحجز والإستيلاء على منطقة الأمان بصدرها ، واقفة تحاول وبتحاول ليّن تمل محاولاتها
ماتدري وش هيئة شعورها ، هي فعلاً موقنة إن صدرها ملّ من هالتعب وبرّدت كل مشاعرها بس ليه صوت شهقات تعبّه تهز أركانها؟ليه ماهي قادرة تتناسى ظروفه وتعبّه؟
ليه تحس إنه عاجزة عن التحكم بذاتها وإن قلبها اللي يسيرها وسالبّها حق الإختيار
تنهدت بتعب وهي تناظر لأطراف الأرض وتضغط على خلاياها تحاول تتقدم هالخطُوة ولكن عجّزتت ، رجعت لورى وهي تتنفس بصعوبة ولكن بلحظة خاطفة مر على أنظارها طيّفه وهو يمشي بتمايّل بعدما مالت به ظروفه والوجع يسيل بكل خطواته ، وخطت لا إرادياً وهي تتجهه بكل صلابة ناحية«البيّت المهجور»
ماتدري ليه بتخطي هالخطوات ، وليه لاح بقلبها شعور الي ودها تتواجد ولو على أعتابه ، وليه ودّها تزور متاعبّه مثل ما زارها بأبشع لياليها!
أخذت نفس بذهول وهي تصد لحظة اللي وقفت أمام الشارع الي قدام البيت ، مذهولة والدهشّة أتعبت جوفها"هالشُعور وش ؟ هاللهفة وين مصدرها ؟ هالأمان من وين؟" رجف قلبَها لحظة الي أرتشعت شفايفها غمضّت عيونها بصعوبة تحاول تتفاداه ولكن عجزت ، بكل ما تكن مفردات العجز ومعانيّها من معنى كانت عاجزة
لأول مرة يكون العجز له مفتاح أمان ، لأول مرة تكون عاجزة ولكنها راااضية !
أخذت نفس وهي تناظر لشنطتها اللي بجنبها ، وسحبّت الكتاب الي مرت أسابيّع طويلة وهو بين حضن كفوفها ! ناظرته بتنهيّدة ومن يفهم شعور إن حتى العيون ودّها تتنهد؟ مررت يدينها حوله وعلى حيّن غفلة من قلبها إبّتسمت بدون شعور وهي تراقب الملاحظات اللي كتبَها وشعوره اللي شاركها من بيّن السطور! إحتضنته عيونها وكفوفها ليالي طويلة وكانت بالحيّل ممتنة! لأجل هالإمتنان كانت تظن إنها هنا! لإنه شاركها ودها تشاركه «هذا ظنَها»
وقفت قدام عتبة الباب وهي تضحك بسخرية على المشاعر الي طرت بقلبها لحظة الي لاح لها لحظة الي خذت رسالتها الي نهتها من تفتيش وتنبّيش جروحه ؛ وحتى بعد مرور كل هالشهور مازالت تتطفل على جروحه ولكن الي ماتعرفه إن تطفلها هالمرة هو ممنون لأجل ويحبّه ووده فيه !
رائحة الذكريات كانت مُنهكة ومؤذية لأوردة قلبها وحتى إن سحبّها لرئتيها كان مُتعب فكيف بالبقاء وإستنشاقها فترة أطول ؟


تركت كتابه بجنب الباب وناظرت بعبّث لثواني ومن بعدها سحبّت الكتاب الي جازفت بكل شيء لأجله وهي تتركه بجنب كتابه ، تحتضن غلافاتهم بعض ؛ وكإنهم مواساة لبّعضهم
وأخذت تلتفت بعجل وهي تجر خُطاها مبتعدة عنه ، عن كل هالمشاعر الي ظنت بيوم من الأيام إنها تنازلت عنها من التعب ظنت إنها تناستها ونستها ولكن مجرد مرورها للمكان الي جمع هالذكريات غرقت بنفس الشعور وكإنها تعيشه لأول مرة
خطوات الخوف الي نُزع منها الأمان بسبّب الي عاشته تلاشت وبقى بس الخوف من كل هالشعور !


الصعبّ الي ما تهيأ لصعوبته أي صعب ! يغرق بهالصعوبة بكل مرة وكل ليّلة ، وهذا هي دقات قلبه تصارع ذرات الجمال المرشوشة على وجهها ، كان الوقت المتاح لأجل يرضي شوقه ويتأملها بكل وفرة وبكل اسراف وتبذير بدون ما يعتدل او يوفر او يدخر اي نظرة ، كان يحاول يروي جفاف روحه والي يمتد لجميع الساعات الي تكون صاحية فيها ، والي تقابله بالنفور والصد ونظرات التيّه والضياع الي تخر كل قواه قدامها ويعجز بكل طاقته يلاقي الحل لأنها تصده ولانها ترفض حلوله وتتركه خارج ضياعها تماماً ! وهذا اللي مضيّق عليه الكون بعيونه ماهو قادر يفهمها ولاهي قادرة تعطيه فرصة لاجل يخطي خطوة في دروب الفهم ، تغيرها المخيف واللحظي اهلكه واتعب كل محاولاته
وهي عاجزة تنحني لكل هالمحاولات لإنها"فاقدة الرغبة بالحياة" أخذ نفس طهّر جميع جوارحه من شوائب الشوق وأبعد خُصل شعرها عن أطراف وجهها وهو يمرر أصابع يدينه على منحنيات ندوبّها ويبّتسم بتعب ، يحب وحيل هالبُقعة من وجهها لإنها بكل مرة تذكره بأنها"قوية" لانار ولا وجع قادر يهدّها
أنحنى برأسه وهو يُقبل هالندُوب بكل رقة وأخذ ينشر قُبلاته على وجهها لعلها تروي مابقى من شوق ولعلها ترضيّه لليلة بكرة ؛ لإن الواضح إنها مخاصمة دروب الرضا معه ولا يدري عن سبّب خصامها وهذا اللي أتعبه

-
أما عقيّدنا .. صاحب أكبر قلب حنيّن و على مقدار هالكبَر جاء وجعه ، على مقاس قلبه الكبير
نزل من سيارته اللي ركنها بمكانها المُعتاد بالشارع الخلفي وأخذ يجر خُطاه مُتعب ومنهد حيّله ، مرت ليلته بصعوبة بسبب مرور ثلاث ليالي والنوم مجافي عيونه ، للآن عايش بدوامة التعب بسبب الي حصل ورغم إنه بعيون قلبه تأمل ردود الدنيا على مُسبب هالوجع وبنفسه عرف كمية التعب اللي دار ولحق قلوبهم بس للآن حسرة بقلبه وجمرة تكوي جوفه ماهو قادر يسلى ، الأيام الي مضت ما إنقطعت خطاويه عن بيت خالته، الي عُقد معها للآن أربع جلسات للعلاج النفسي..



بعدما أنهى الشيّخ جلساته وبعدما تأكد إنها في تلك الليلة إستفرغت كل وجع السنين الي مضّت ، تأكد إنها تطهرت من كل هالتعب بنفسه لذلك إنتهى دوره
كان يزورها كل خمس ساعات لأجل بس يتأكد ، وكان ممتن حيل ، للي ما تسّمى"البهُوور"من فراغ كان يتسائل كل السعة هذي والرحابة من وين أصلها؟ برغم إن التعب يسيل سيلان الدمع من المحاجر على وجهه كان يواسيّه ويربت على كتفه وقلبه ويضحك له ، يحاول يسليه الخاطر اللي له ثلاثين سنة ماسلى!
وصل لأعتاب بيته المهجُور وهو مثبت يدينه بوسط جيبه البُني ومن كانت خطوته بتعبُر من على عتبة بيته ، ملأ الإستنكار محجر عيونه نتيجة نظراته الي تعثرت بسبب وجود الكُتب الي مُرتبة فوق بعضها على عتبة الباب ، أنحنى وهو يجلس قدامها ويناظرها بإستغراب ، قبل يفتح الكتاب الأول لمح كتابه اللي جهزه لأجلها ، بنفس الملاحظة وبنفس الشعور الي ركنه بين تفاصيل أوراقه ، بقى شارد ذِهن لحظات من الزمن وهو يحاول يفهم الموقف الي يعيشه هاللحظة ، وبعد مرور دقايق بسيطة أعتدل بجلسته على العتبة وأخذ يحتضن الكتاب وهو شارِد الذهن للحظة ، واللحظة الي بعدها إرتسمت إبتسامة بسيطة على طرف ثغره تحولت لبّسمة واسعة وأخذت تنحني وتتلون الضحكة على وجهه ، الضحكة الي سرقتها الليالي الموجعة أسابيع طويلة ، الضحكة الي غابت عن ثغره ونسى كيَف يضحك ، إستردها بسبب خطوة ، خطوة بعيون الكل بسيطة ولكن بعينه هو "كبيّرة وماهي بهينه أبداً" كبيّرة هانت من عقبها كل أوجاعه بعين قلبه .. لإنها جاءت بوقتها الصحّ لإنها برغم كل محاولاتها بالصد والتناسي ما نست ولا صدت !
قرأ إسم الكتاب اللي من عقب إحتضانه لكفوفها صار بين كفوفه وأخذ يسند رأسه للخلف ويناظره بإبتسامة لدقايق طويلة .. حبُور يملأ مساحات قلبه الشاسعة بمجرد معرفته إنها صاحبّة الكتاب ، صاحبة القلب والشعور الأولي .. صاحبة أول الخطاوي الي بأول مرة سدّ الباب بوجهها ولكن هالمرة كل بيبان هالدنيا مفتوحة بوسعها لخطوة وحدة بس منها
إحتضن الكتاب بين مساحة صدره العريض وبيده كتابه اللي وصل مع كتابها ، وأخذ يهز رأسه ويبّتسم : خطوة رحبَة في ظل هالضيق تكفي لأجل يكون كل هالكون سعّة
-


الجنوبيَ واللي متوسط شمال صدر هالمعاني ، جالس بوسط الحوش وبيدينه كوبيَن الشاي ، يبردهم ببعض ويدندن بصوته الرايّق بأريحية وإبتسامة عذّبة تتسلسل كل لحظة ولحظة لثغره ، بعدسنيّن القحط والوحدة هالأيام يعيّش أبهى وأرّق أيامه .. كان يظنها قليلة وبسّيطة بحياته ولكنه على خطأ وكبيير هالخطأ وكثير
لإن صوت قعقعة خطواتها مُعلنة إتجاهها له كان يكفي لأجل يترك رحابة صدره تمتد وتتوزع على الأهل والجيّران وكل الحي









"جوري" غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 12-10-21, 02:49 PM   #76

صل على النبي محمد
 
الصورة الرمزية صل على النبي محمد

? العضوٌ??? » 404607
?  التسِجيلٌ » Jul 2017
? مشَارَ?اتْي » 2,174
?  نُقآطِيْ » صل على النبي محمد has a reputation beyond reputeصل على النبي محمد has a reputation beyond reputeصل على النبي محمد has a reputation beyond reputeصل على النبي محمد has a reputation beyond reputeصل على النبي محمد has a reputation beyond reputeصل على النبي محمد has a reputation beyond reputeصل على النبي محمد has a reputation beyond reputeصل على النبي محمد has a reputation beyond reputeصل على النبي محمد has a reputation beyond reputeصل على النبي محمد has a reputation beyond reputeصل على النبي محمد has a reputation beyond repute
افتراضي

اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد كما صليت على سيدنا إبراهيم وعلى آل سيدنا إبراهيم وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد كما باركت على سيدنا إبراهيم وعلى آل سيدنا إبراهيم إنك حميد مجيد

لا تنسوا الباقيات الصالحات

سبحان الله

الحمد لله

لا إله إلا الله

الله أكبر

لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم


صل على النبي محمد غير متواجد حالياً  
التوقيع
لا إله إلا الله وحده لا شريك له
له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير
رد مع اقتباس
قديم 12-10-21, 03:01 PM   #77

"جوري"

مشرفة منتدى الروايات المنقولة

 
الصورة الرمزية "جوري"

? العضوٌ??? » 333867
?  التسِجيلٌ » Jan 2015
? مشَارَ?اتْي » 1,010
? الًجنِس »
?  نُقآطِيْ » "جوري" has a reputation beyond repute"جوري" has a reputation beyond repute"جوري" has a reputation beyond repute"جوري" has a reputation beyond repute"جوري" has a reputation beyond repute"جوري" has a reputation beyond repute"جوري" has a reputation beyond repute"جوري" has a reputation beyond repute"جوري" has a reputation beyond repute"جوري" has a reputation beyond repute"جوري" has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي




أخذ يرفع رأسه وهو مبتسم من ضحكتها الهادية وهي تراقبه : علامش تضحكين؟
تلاشت ضحكتها بشكل خافت وبقى مكانها إبتسامة بسيطة كانت بسبب تأملها وتذكرها للموقف ذاته بوسط المقهى ، رفعت كتوفها بعشوائية وهي تجلس بجنبه بهدوءها الطاغي ، ناظرها للحظات وأخذ يناظر لكوب الشايي الي مُمتلىء والي ماكان ساخِن بزيادة وأخذ يمده لها بيده اليمين وهو يقول : مامن خلاف وحتى لو ماكُنا على علم بسبايّب ضحكتش ، المهم نسمعها
إنكمشت بحيَاء وتلون ثُغرها ببسمات الخجل وهي ملاحظة حِرصه الشديد عليها ، تفاصيّل إهتمامه البسيطَة الي تحليّ كل أيامها معه ، التفاصيّل الي ممكن مانهتم لها مثل حرصه على تبريّد كوب الشاييّ اللي بتشرب منه ، تفاصيل ممكن نعديّها ولكن هي ماتقدر ، هي شخص تمنت يكون معها شخص يقدرها مثل ماتقدر كل تفاصيل حياتها وهذا الحاصل ، وأخذت تقول بإبتسامة : والبقلاوة؟
ضحك وهو يعتدل بجلوسه ويناظر لأوراق النعناع الي رتبّها بجنبه وقال بخفوت : الليلة مامن حلى ، حلاش يكفيّنا!
ناظرته بطرف عينها وهو ضحك أكثر من ردة فعلها وأخذ يسحب علبة البقلاوة من خلف ظهره ويقول : أبد سمي وآمري بس ، تفضلي
أبتسمت وقالت وهي تراقب تفاصيَل وجهه : زاد فضّلك ، هب لي ( أعطني ) الي مغرقة بالفستق
هز رأسه بإيجاب وسحب البقلاوة بالملعقة ولكنه تجمّد بمكانه للحظات وعُقبها رفع رأسه وهو يضحك : وش قلتي؟
ناظرته وهي تدعي الإستغراب وقالت : وش قومكك(وش فيك؟)
ضحك أكثر وهو يقفل علبة البقلاوة ويقرب من مُحيط جلوسها حتى إستلوى على كل المُحيط الي بجنبها بجسده وأخذ يغلف ذراعينها بيدينه ووهو يحاوطها بتمُلك وضحكة ثائِرة سيطرت على ثغره وهو يقول : وش قومش صرتي تتكلمين جنوبي ؟ حنا على الله بقينا أسبوع بالجنوب متى امداش تتعلمين !
ضحكت وهي تصد عنه وهو شدّها له وهو مبتسم: يومين وتصيرين تتحديني باللهجة ، وعُقبها ما نفرق من الجنوبي والركُن الشمالي
سكتت للحظات وسكُوتها كان نتيجة غرقها بخجلها وهي تتأمل كفوف يده الي تشد على كتفها ولكنها جمّعت جسارتها وألتفت على حيّن غفلة قبل وقبل تنطق سكتت بخوف بسبب شهقته وهو مسك قلبه بيده اليّسار وهو يقول : أتمنى مرة ثانية تعطيني خبر إنش بتناظريني ، لا تجيني وأنا ساهي عن نظراتش وتربكيّني
ضحكت وهي ترفع يدها بصعوبة وتأشر على خشّمها وهو بدوره أقترب منها وقبّله وهو يبتسم بضحكة : عليه الشحم
( بالجنوب لما يطلب منك شخص يرد البعض عليك ب «على خشمي» بمعنى "تبّشر أو تمام أو طيّب" ويكون الرد على هالجملة«عليه الشحم»)
إنكمّشت على نفسها من جديد وقبّل تغرق بحياءها قالت بربكة : ليه الركُن الشمالي؟


إستنكر سؤالها ومافهم مقصدها فناظرها بإستغراب ، وهي ناظرته للحظات بهدوء وهي تتذكر المرات الثلاث اللي ذكر فيها " الرُكن الشمالي" واللي يخصّها هي بالذات بهاللقلب وسط جهلها وعدم فهمها بمقصده فقالت محاولة توضح إستفسارها : تقول لي الرُكن الشمالي ، وأنا أجهل مقصدك
ناظرها بهدُوء وما أقتصر على النظر ، غرِق وغاص وعامّ وإنغمس ووصل لعمقها وهو يتأملها وسط سكُونها العجيب وإبتسامتها الخافتة لحظة الي يسّرح فيها هالسّرحان ، ولكنها رفعت رأسها بتعجُب لحظة اللي سرق كفها بين كفه للحظات ومن عُقبها أخذ يثبت كفها على حدود شمال صدره ، ثبّتها بنفس المنطقة الي كانت دقات قلبه ثائرة فيها وواضحة "ثبّتها على قلبه رُكنه الشمالي بصدره"
أبتسم وهو يناظرها بهُدوء لعلها فهمّت تلميحته بدون ما يتعنّى ، لعلها فهمّت إن المقصد من" الُركن الشمالي" ماكان إلا " قلببببّه "
ولكنه عقد حواجبَه برهبة بسبب اللمعة الي إستولت على محاجر عيُونها أخذ يحضُن وجهها بإرتبّاك : ليه تبّكين في كل مرة ؟ ليه ...
سكت بذهُول لحظة اللي سحبت وجهها عن كفوفها وغرقته بوسط صدره وهي تشد على ظهره بكل قوة ، هالدمُوع ماهي بيدين قلبها هالدُموع رهيّنة لتصرفاته بكل مرة يوضح لها مكانتها بقلبه تلاقييّ هالدموع تتوسط محاجر عيونها بدون سبّب مقنع ، وهي بذاتها ماهي قادرة تقتنع بسبب منطقي لهالدموع فكيّف تقنعه هو ؟ كيّف تقول له مشاعري تنصّب بشكل هائل بمحجر عيوني بسبايّب حُبك ؟ كيف توصف له أثر أفعاله وكلامه على قلبها؟ كيف توفيه وهي تدري إنه يحبها للحد اللي تشعر إنها ضلع من ضلوعه أو قلبه الثاني!إذا ماكانت قلببه كله!
كان حضُنها كافي وواافي ، كانت شدّة يدها على ثوبه ووجهها اللي إندفن بكل طاقته بضوعه رد كافي لأجل يعرف هيئة شعورها ، لأجل يأخذ الردّ على سؤاله " لييّه تبكين بكل مرة أجيك فيها بشعوري كله"والجواب كان مُعقد ولكن الحُضن حلّ العُقدة وصار واضّح وصريييّح " لإنك تجيي بكثرة تتعبّ هدب عيني من شدة حمل الدمّع ،لإنك تجي بمشاعر كنت أجهلها ومعك عشتها ببرودة الدمّع القرير "
-


بالقُرب من طاولة البّث الإذاعية ، كان مستند بذقنه على يدينه ويوزع نظرات التيّه على محيط نظره"سارِح "هذا الوصَف الواضح والصريّح لحالته هالفترة ؛ سارِح بضيّق وبعدم فهم
أبشع شعور إنك تعيش شعور الضياع مع الشخص الي تحبّه بدون ما يكون لك أدنى فكرة عن سبب هالضيَاع ، تمُر أيامكم الحلوة بوجع بمشاكل صغيرة وتكبر فجأة ، بكلمة سيئة بشعور مُر بدون ما يكون لك أدنى معرفة عن سبَب كل هالوجع !
مر شهر عسّلهم بمرَارة ، بغصّة بالحلق بكل مرة يحاول يحاول يراضي خاطرها ، ماكان يعرف عن سبّب كل هالأفعال ، ولاكان قادر يسأل ويستفسر
مرت أيامهم وماهو قادر يقول " ليه كل هالجفاء" كان تارِك الموضوع على طبيّعته تارِك العلاقة تنجح بنفسها بدون مايحرك ساكن ، يذُوب من الضيّق واللهفة عليها وماهو قادر يقرب خطوة بسبب صدُودها ، وهي تذُوب من التعب والقهر وماهي قادرة تعبّر عن سبب وجعها ، كانت تمر هالأيام مثل ما تمّر كلمة بين تراكم غصّات !
رفع رأسها وهو يتنهد بهُدوء ، ولمح المخُرج يأشر له على الساعة ، وينبّهه عن بدء البرنامج بعد دقايّق بسيطة ، لذلك إعتدل بجلسته وهو يمسح وجهه بتنهيَّدة وهو يسند ظهره للخلف ويثّبته على الكرسي ، وهو يدري إنه بيستفتح كلامه بالكلمة المُعتادة ، الكلمة الي أعتادها من ليالي طويلة من اللحظة الي رجعو فيها من شهر العسّل " وحشتُوني" وهالوِحشة كانت لها هي ، كانت تخُصها وحدها ، كان الزمن يوقف بكل مرة يتذكر الحياة المُتعبة الي يعيشوها وهم سوى ، فكيف بيدور الزمن وهو كل وقته يتذكرها؟ ماكانت الوحشّة الي يقصدها هو بُعد جسدها عنه ، كانت الوِحشة هو بُعد قلبها عنه ، هو ذبُولها وإنهيار طاقتها وشحُوب وجهها قدام عيونه وهو مو قادر يمد كفوفه لها ، هو كونها قريّبة وبعيدة بنفس الوقت ، " وحشتُوني" كانت تخصّها والنبّرة المُتعبة تخصّها هي وبس ، ياكم وحشته وهي أقرب من النسّمة لقلبه! كان هالراديو وسيَلة تواصلهم الوحيدة وهم بعّاد ، ولكنه كان موجع وهم يتواصلون بسببه حتى وهو قراب!
أخذ يتنحنح لعله يتدارك ويتفادى غصّات التعب اللي تراكمت بحلقه وأخذ يرتشف قطرات من كأس الماء الي بجنبه ، وبعد لحظات أشر له المُخرج وأُضيئت الإشارة باللون الأخضر مُعلنة بدء الحلقة " مسَاء الخير أهل القلُوب الطيّيبة ، كيف أحوال قلوبكم ؟ طمنُوني عنها ؟ عسّى مامرها بأس يهد القلب ويهل الدمّع بسببه ! وأنا ودي والله ما يمركم بأس ولا يزور محاجر عينكم غير الدمع القريّر ؛ دمع الفرح الي تعجز كل حواسّكم على ترجمة فرحكم وتترجم هالفرح عيونكم على شكل هالدمع



"بالمُناسبة وحشتوني
ألتقي بمسامعكم كل ليّلة ولكن تزور هالوحشة قلبي كل ليَلة أعتقد صارت وسّم على قلبي هالليالي "
أبتسم بخفوت وهو يبتعد عن مايكروفون البثّ ويأخذ نفس بهدوء ، دائماً لاطرى طاريّها بقلببه تتدحرج اللهفة وتضيّق الخناق على روحه كان يهمّس بضيق " آه يابريّق ، ما أقربك وما أبعدك"
أخذ نفس يحاول يستعيد رُشده ورفع رأسه للمخرج اللي يناظره بخوف وربّكة ولكن يدين بُرهان اللي أعلنت إنه بخيّر طمأنته أخذ يستدرك نفسه ويرتب إضطرابات نبَضه وأبتسم بهُدوء وهو يقول " تداركنا بالليالي الي مضّت كلام ما ينعد ولا يهد إلا حيّل الضيق ، ولكن هالليلة بنحكي عن شيء غيّر ، قريته وماودي يفوتكم ماودي تغفل قلوبكم عنه أبّد ؛ سمعتو بالمُصطلح اللي يقول"إقطع اليّد الي توجعك؟"
أكيد لامر مسامعكم تسائلتو وش قصده؟ بأقرب لكم الموضوع بمثال ( لو إن القميّص اللي تحبه بيأخرك عن عملك لإنه يحتاج تنظيّف ،لا تلبّسه )
( لو إن نوع الطعام اللي تحبّه بيسبب لك سمنة وبيوردك التعب والخمول ،لا تأكله )
( لو كنت تنتظر مكالمة معينة وأنت موقن وتعرف أتم المعرفة إنك لو رديت عليها رح تتضايّق ويمتلأ صدرك بأس ،لا ترد عليها مهما كانت مهمة )
إشارتي لهالأمثلة ومقصدي الواضح والصريّح إننا بمرحلة ما من حياتنا لازم نمتلك مهارة ( القدرة على الإستغناء عن الأشياء مهما بلغ حبنا لها ومهما كنا متعلقيّن فيها)
الأكيد إنه بيمّر قلبك ضيق واليقيّن إن هالضيّق ماهو بهيّن وبيكون كبير لدرجة بتفكر بالإنسحاب من هالخطُوة ؛ولكن فجأة بتدرك إنك رجعت طبيعي مثل ماكنت ولكن بثقة أكبر ؛لأجل كذا أحِدث طفرة إيجابية بحياتك وإستغني عن أحبّ الأشياء لقلبك واللي أنت تدري إن وجودها يتعبّك وتمسكك فيها يوجعك ويرهقك !
الأكيد إن كلامي ماكان مُقتصر على قميص أو مكالمة أو نوع من الأكل،حياتنا ممتلئة بقرارات مصيّرية والي بكل مرة نأجلها والي نخاف منها واللي نأخرها لأننا مانقدر نتخيّل مرورنا يومنا بدونها لإننا ماقدرنا نقنع نفسنا إننا نقدر قادرين نعيّش بدونها
بمعنى آخر ؛ فيه أشخاص نوهم أنفسنا إننا نحتاج لهم ودائماً نوفر لهم الأعذار ونعطيهم كل الفرص ولكن .. لمتى؟
من الضروري أحيانا ترخِي يدّك ولو بالشيء القليل بس لأجل تعرف من اللي بيحارب ويتمسك فيها برغم كل شيء "
بلع ريقه بصعوبة لوهلة وأخذ يضغط على كفه بإرهاق ويكمّل بنبرة مائلة للإنهاك ولكنه أخفاها بصوته الهادي " ننهيّ لقانا معكم هالليلة هنا ؛ مُوقن إنكم فهمتو مقصدي وعرفتو متى تختارون تمدُون يدكم ومتى تفلتونها ، مُوقن إن جميّع السامعين يوقرون نفسهم لدرجة يعز عليهم يتشبثون بأوجاعهم"


"وآخر وصل بالحكي لهالليّلة الله يمدّكم بالفرح أعوام وأعوام ، وعسّى الليالي الحزينة لانوت تزُوركم ما تفتح بيّبان حياتكم لها ، تمسُون على خير "



بزوايا المبّنى العسكري ، كان واقف بهيئته الي جسّدت كل معاني الوفاء والشَرف ، واقف بكل بسالة يُلقي نظرات قوة وحزم لكل العسَكر الي يشاركونه مشاعر الإنجاز ، مشاعر الفخَر والسرُور الي تُرجمت على شكل تعابيَر قوة وجديَة ، يناظرون للمقدم اللي تحتضن كفوفه شهادات ووثائق التخرج وسط إلقاءه لكلمة التخرج وبحُضور كبار المسؤولين والي التخرج أُقتصر على الضُباط بدون أي حضور خارجي ، ألقى كلمات الفخر على مسامعهم وأخذ يوزع وثائق التخرج للي تلهفت قلوبهم لإحتضانها ، للي يعيشون شعور الـ"آخيراً "
إستلمها ولما صارت بين كفوف يدينه ضحك من كل قلبَه وهو يحاول يوضح الجديَة لكنه عجز ، عجز لإن هذا حلمه اللي زاره بمنامه بكل لياليّه السابقة !
هذا مُناه ويحتضن كفوفه ، جلس على الأرض ووثيقته بيده وأخذ يتنهد من وسط جوفه وهو يرفع رأسه للسماء وهو يتمتم ب"الحمدلله على التمّام" ومن بعدها إتجهو للغرف و ماأنتظر دقيقة زيادة لحظة الي أُعلن عن فتّح البوابات ، أخذ يسحب شنطته وهو يودّع كل الأصحاب اللي إحتضنو حياة بعض ومشاكل وضحكات بعض خلال كل هالشهور ، ودعهم وهو يخرج معهم بكل فرحة وفرحته كانت تُترجم على شكل ضِحكات وبسمات تملأ تفاصيّل وجهه !
أخذ يتجهه للبيت وهو متلهف على شوفهم ، على حكاويهم على جمعتهم وهو الي ما أعطاهم خبر عن يوم تخرجه .. لإن وده يفاجئهم


ومن بيّن زوايا البيت المهجُور ، كان مِتكي بظهره على طرف الجدار وينقل أنظاره للكتاب اللي عاش بين طيّات أوراقه ليالي طويلة ، ماكان الكتاب الوحيّد اللي تبادلُوه ، كانت حزمة كتب"حزمة مشاعر" كان تبادُل الكتب بينهم مثل مايتبادل البقيّة الرسائل ، عيشهم القصص الخيالية وتخيلهم لنفس المواقف مع الأبطال كان بمثابة مواساة ، إنتظارهم الليلة المنشودة بكل إسبوع لأجل يتبادلون الكتب كان الإنتظار المُحبب، الإنتظار الي بسببه تتحول مُنعطفات الوجع لطريق خالي من شوائب التعب!
مرور هالليالي كلها وهم يتبادُلون الروايات اللي تُختار بعناية لأجل يتشاركونها قربّهم بالحييل بدون علمهم ، بدون مايكون لعقولهم تحكم بتصرفاتهم ،كانت أفعال نابعة من وسط القلبّ ، ودهم يستمرون فيها بس لأجل ينسون التعب وهذا الحاصل ؛ مواساة ضرار الكبيرة والضِماد الرقيَق كانت هي ، تفكيرها فيه من أول ليلة ، كُتبها ، إنتظارها ، الخطُوط اللي تتركها تحت بعض السُطور وكإنها تنبّهه لأجل ينتبه لها وهو يغرق بين كل نقاطها مادام هالخط الي تحتها كان من بين يدينها !



إستقام بطُوله الشاهِق وهو يضم حنايا الكتاب بين كفُوف يدينه وأخذ ينقل نظراته بعبّث للمكان وبسرحان وأخذ يناظر للكتاب الي تركته له قبل إسبوع أنحنى وأخذه وكانت نيته يتركه مع كتابه لحتى تأخذهم ، ولكن قبل يعاود الإستقامة من جديد سحبّ القلم من على الطاولة الخشبيّة وأخذ يفتح آخر صفحة من الكتاب وهو يأخذ نفس بهُدوء ناظر الفراغ الأبيض بنظرات مُطولة وهو يحرك القلم بين أصابعه بلا شعور ؛ يحاول يوصّل لها شعُوره بدون ما ينرفض من جديد ، هو موقن إن الرفض ما بيكون له درب من جديد بينهم ، ولكن ودّه يفهمها إنه طريق الأمان لها ، وإن العقد مارح يكون خاتم وختم وتوقيعهم وبس ! العقد بيكون عهّد أمان وصدر حنيّن وكفوف دافيّة ، بيكون طريق مُمهد وخالي من كل شوائب التّعب ، بيكون حياة منفوض عن فراشها كل غبّار هالتعب ، بيكون وسّادة تحتضن أفكارهم بدون ملل ، مارح يكون عقد على الورق وبس ، بتكون مشاركة حتى لو إنهد حيله من تعبّها فوق هدّه !
كان موقن إنها مادام غامّرت وقررت تواسيه حتى وهي محفوفة بمشاعر الخوف ، مادامها أيقنت إنه الخطوة الآمنة بين كل خُطواتها المرعبة فما له قلبّ يصّد ، ماله قلب يكون رفضتني مرة وأوجعتني ومالها باب لأجل ينفتح لها ! هو اللي فرط فيها أول مرة ، وهالمرة مستعد يشّرع أبوابه سنين وبنيّن !
هالمرة ما بيكون للتفريّط مكان بصدره ، هو ذاق مرارته مرة وماهو مستعد يتجرع هالمرارة من جديد
أخذ يناظر للفراغ الأبيّض من جديد وبعد لحظات بسَيطة لطخ هالبيّاض بالحبر الأسود وهو ينقل أمانيّه ، طموحه ، مُناه بين طيّات الورق لعلها تحقق مُناه " ملاحظة ؛ عندما تنتهين من الكتاب أتمنى أن يُعيدك لي لا أن تعيديه لي .. ولأول مرة أتمنى أن يعود لي شخص لا الكتاب"
ومن إنتهى قفل الكتاب وهو يأخذ نفس بهدوء ووقف وهو يحتضن الكتاب بين قماش بدلته الرسميَة ويشده لصدره وهو يخرج من البيّت ومن تركه بمكانه المُعتاد أخذ يتجه للشارع الخلفي وهو يناظر للي واقف عند سيارته وينتظره ، ميّل شفايفه بخفوت وتقدم بإتجاهه ومن لمحه متصلبَ بوقوفه ببدلته الرسمية ويناظره بترقُب ، ومن لمحه متوتر والإرتباك عايش بين تفاصيل وجهه أخذ يبتسم له بهدوء وهو يتقدم ويسّلم عليه وهو يقول بضحكة هادية : العريّس مشرفنا ؟ علامك قطعت إجازتك؟
تنحنح فواز وهو ينزل يده بعدها دقّ التحية وأخذ يرجع يدينه للخلف ويناظره بتوتر : إنتهت إجازتي طال عمرك
أبتسم ضرار وهز رأسه بخفوت وهو يضرب على كتفه بهدوء : أجل خذ بعد هاليومين إجازة مني ، أنت عريّس جديد وجب علينا ندللك


فواز كان منكسي بالإرتبّاك والقلق وواضح وضوح الشمسّ ، يحاول يوضح الهدوء برغم مرور كل هالأسابيع ، وبرغم إنه قبل يخطي هالخطوة أعطاه خبر ولقى الموافقة والضحكة من ثغر ضرار وحتى إنه حضر زواجه الي كان قبل شهر ، ولكن بقلبه حشجرّة ضيق ماهو قادر يتغاضى عنها لإن هذا أول لقاء لهم بعد زواجه ، وماخفى هالتوتر على ضرار اللي أخذ يبتسم بهدوء وهو يفتح باب سيارته ويقول بهُدوء : رح تهنّى بأول لياليك مع زوجتك يا فواز ، محد يأخذ نصيّب أحد وأنا أخوك ، رح وقد قلت لك جعل السعادة فالك وممّشاك مّمشى الفرح ، لا تضيق عليك هالليالي بسبب تفكيرك ذا ، رح ووسّع عليك صدرك ياخوي
أبتسم فواز بتنهيّدة راحة هبّطت على قلبه ماكانت من كلامه وبس كانت من إبتسامته اللي مابها ذرة عتَب أو ضيق أو خيّبة من إني شكيّت لك همي معها وعُقب نصيحتك طلقتها ثم خذيتها أنت ؟ لا كانت فرحة وبهّجة بإن فواز هو اللي أخذها ، لإنه كان موقن إنها تستاهل رجال يحبّها من وسط قلبه رجال شاري قُربها بماء عينه
ناظر لسيارة ضرار الي تبتعد عنه ومسح على وجهه بطمأنينة وأخذ يسحب جواله وهو يرسل لها " ودّك تشميّن هواء مختلط بريّحة البحر؟"
وصله ردها السريّع والي قالت فيه " دوامك؟"
أبتسم وهو يركب سيارته ويرد " لي رئيس قلبّه وسيع ، تجهزي لأجل نوسع على قلبّك وقلب عمي بعد "
ضحك بهدوء من لمحها ترد عليه ب"قلب أحمر" وكانت دائماً هذي ردودها من تستحي أو من يحرجها لطفه لذلك كان يحبببّ هالخجل وحييل


أما بجانب الخريّج ، اللي العتب طايّل كل جوارحه وهو يتمتم بغضّب لحظة خروجه من البيت : بفهم وين أهل هالبيت ؟ وين مختفين ؟ وش هالتسّيب هذا ، لافي الخريّج الي مأكول حقه من الشوق جاييّ وهم مختفيين ؟ العتب علي والشرهة طاليتني مسوي لهم مفاجآت
مالي غيّر السند والمحزم كايّد ، مالي غير أم فهد

كان يحكي هالكلام وهو متجهه لبيت وهّاج والي بعدما وصل بيتهم مالقى أي رد عليه ، والواضح إن البيّت خالي من حس خيّال وفهد !

وصل لأعتاب بيت وهّاج وهو يلقي نظرات خاطفة ويناظر لساعته الي تُشير للساعة "٣ مساء" أخذ يتنهد وهو يناظر لوثيّقة التخرج الي بيده وعلى مُحياه إبتسامة هادية ومن لمح الباب مفتوح دخل بعدما دق الباب دقات بسّيطة وأخذ يخطي خطواته بداخل الحوش ببدلته البُنية الرسميّة والوثيقة تلوح بيده ومبتسم يحاول يلاقي شخص بهالمكان ، وماكان الشخص الموجود غير غُصن الي من لمحته شهقت وهي تناظره من تحت شجرة الليمون وبجنبها كانِدي اللي من وقفت غُصن وقفت معها ، ناظرته بريّبة وإستنكار للحظات طويلة ثم تقدمت منه وهي توقف قدامه وتقول : وجه التيّس لافي؟


ناظرها بطرف عينه وهو كاتم ضحكته بقهر وأنحنى وهو يوقف قدامها ويقول : أنت تدرين أنا أكبر منك بكم؟ متى بتحترميني؟
ميلت شفايفها وهي تتكتف وتقول : وبابا وهّاج أكبر منك بكم؟ ليه تقول عنه..
سكتها وهو يغطي فمها بيده ويضحك : خلاص تكفين آسفيّن وسمينا باللي يحبه خاطرك ، كيفك ؟ ما اشتقتي لخالك العسكري لافي؟
كشّرت بعدم إعجاب وهي تسحب يدها عن فمها وتقول : أنت مو خالي ، وما أشتقت لك
ناظرها بقهر وهو يقول : طيب أنا أشتقت لك ...
قاطعته بإبتسامة بريئة وهي تناظره بغرُور قبل تتنازل وتقول : طيب دامك أشتقت لي وأنا أشتقت لك ، حتى خال كايّد دايم يقول أشتقت للخبل لافي ، وجد فهد بعد يقول إنه أشتاق لك
أبتسم وهو يحضنها بضحكة : يعني ماتتنازلين إلا لما أحد يتنازل لك؟ هذا طبّعك وأنتي صغيرة لامنك كبرتي وش بتصيرين
ضحكت من يده الي تلعب بشعرها وقالت بفخر : إذا كبّرت بصير حلوة كثيير
هز رأسه بإيجاب شديد وقبّل يتكلم لمح طيّف حليمة يقترب منه فنزل غُصن من حضنه وتنحنح بإرتبّاك وهو يوقف ويضغط على أطراف الوثيّقة وهو يشتت نظراته للمكان ، لأول مرة يختلي معها بدون كايّد ، لأول مرة يلمحها تتجه له بسكون وهدوء ، لأول مرة ما تفزع وتعصّب وتنقهر من تشوفه لذلك تصرفها الهادي سكب الخوف بقلبه وكان بيخرج من البيت لولا إنها وقفت بجنبه وهي تسحب وثيقة التخرج من يده وتقرأها بصمت وسط ربكته وبلعه لريقه بصعوبة وهو يراقب تفاصيل وجهها الهادية ، كل الي غابه عنها شهور معدودة متى تحولت للهدوء المخيف هذا؟ متى تحولت لدرجة إنها تبتسم بحضوره؟
راقب إنبّساطة عضلات وجهها نتيجة إبتسامتها الخافتة وهنا شبّت نار الخوف بقلبه وبدأ يلوم نفسه بشكل هائل كونه ترك حضوره مفاجأة للجميع وجاء ومالقى أحد يستقبله إلا خالته اللي تبغّضه وتكره طاريه ! ولكنها هالمرة تستقبله بإبتسامة والخوف كان أكبر وأكبر ، رفعت رأسها بهدوء وهي تناظره بذات الإبتسامة ، الإبتسامة المليئة ب"الفخر" وهي تقول له : مّبارك التخرج يالافي ، مليّت قلبي فيك فخر
وهنا تلاشى الأمان من قلب لافي وذابت ضلوعه من دهشته وصدمته ، كان وده هاللحظة يلاقي سبب يقنعه فعلاً إنها تغيرت بس مالقى ! تغيرها مخيف لدرجة إنه عجز حتى عن بلع ريقه ! ناظرها بربكة وهو يحاول يفهم شعوره هاللحظة ولكنه عجز ، توتر ، خوف ، رهبَة ، إستنكار ، فرحة ، ذهول .. تجمعت كل هالمشاعر بقلبه بذات اللحظة لدرجة عجز يفرق بينها !
اقتربت منه وهي تحتضنه بهدوء وسط كتمه لشهقته وتوسّع حدقات عينه بشكل مُفاجىء وكبير وهو يستشعر يدينها تضغط على كتفه بشكل حنيّن ، بشكل ترك كل مقاومته تنهد وكل مدائن الخوف بصدره تخر راكعة بعدما هدمها الأمان


الأمان الي فقده من اللحظة اللي فقد فيها أمواج .. الأمان الي كان يحتاجه من سنيّن طويلة ، مشاعر عميّقة تمردت عليه أرهقت فؤاده ودمرت صبّره ، ذابت ضلوع صدره بوسطه وهو يسترجع هالشعور الي دائماً كان يعيشه مع أمواج ، شعور الحنيّة اللامطلقة شعور الدفء اللي يحوي كل ضلوعك من أصغرها لأكبرها ، شعور اللي وراك حضن حنينّ ودافي يفخر بك يباهي بك ويعطيك خبر إنه مفتوح لك بكل رحابة بكل مرة تلتقي فيه ،يعرف هالشعور بالذات لإنه من سنين طويلة يتمناه ، يعرف هالريّحة "ريّحة الأم" يعرف كل هالتفاصيّل الي تمناها من اللحظة اللي لمح شبيّه أمه فيها ، ولكن صدّته لذلك أخفى وجعه ؛ بس هالمرةغير هالمرة هي إحتوته بدون ما يشرع رغبته لها !
من عُمق الشعور الدافي الي غلف حنايا قلبه وسكن بكل خلاياه ، الشعور الي كان يحتااااجه بعد كل هالشهور المُهلكة ، عجز يكبّح دمُوعه عجز يقاوم رغبته بالبّكاء مثل ما يبكي الطفل الصغير
من هلت أول دمعة حتى مسح الثانية بربكة من سِمع الأصوات من خلفه " من هالوحش؟"والصوت الثاني رد عليه بصخب وصوت خطواته تضرب بالارض بشكل عنيف نتيجة ركضه " لاااافي"
ابتعد عن حضن حليّمة بعدم رغبة ولكن وقوف كايد بجنبه اجبره يبتعد ، ناظره بضحكة وبذهول دمّر منطقه وهو يتحسس وجه لافي بيدينه : هذا أنت فعلاً ؟ هذا العسكري لافي الي تخرجه يوم الخميس؟ وش جابك يوم الثلاثاء فهمني؟
أبتسم وهو يرفع كتوفه بخفوت ويقول : هذا الله يسلمك كنت ناويها مفاجأة ، بس ماشاء الله محد تفاجأ إلا غُصن وخالتي حلـ..
سكت وبلع ريقه من لمحها تناظرهم بإبتسامة وكايد عانقه بكل قوة وهو يضحك بكثرة ، بوفرة ، بكثافة وما إدخر ولا ضحكة لأيامه الجاية ، ضحك من كل قلبه !
ضحكة الـ"آخيراً أنت قبالي" وعناق "الشهور الي مضت بدونه"
بادله الحنيّن لافي وهو مبتسم من ضحكته ومن أبّتعد سلم على وهَاج الي يضحك على شكله وعلى تعليقات غُصن عليه ، تنحنح لافي من حليّمة اللي إحتضنت معصمه وهي تأشر على وثيقة تخرجه وتقول بهدوء : جااء فخرنا وجاب وثيقته معه ، عاد الله الله باقي فالكم
ضحك كايّد وهو يقول بتنهيّدة : أي فال الله يهديك يمة ، توه أول مستوى ومنهد حيّلنا هد باقي خمسة كاملة مستوعبة؟
لافي ناظره بطرف عينه وقال : هذا الله يسلمك الستة هذي ولا شيء عند الي عشته ماغير أحمد ربك
ضحك وهو يهز رأسه ووهَاج أقترب وبحضنه غُصن وهو يقول بضحكة : محد دقّك على صدرك وقال أدخل عسكرية ...
صرخ لافي وهو يضرب التحيَة : الحس الوطني دقني ، واجبي تجاه وطني أجبرني أدخل ..
قاطعه وهّاج وهو يضربه على مؤخرة رأسه بضحكة : أجل كمّل واجبك الوطني وأنت ساكت ، الوطن ما يحتاج واحد يتحلطم على شغله



تأفف لافي بقهر وحليّمة ضحكت وهي تطبطب على معصمه وأتجهو سوى لتحت شجرة الليمون ، كانوا الكل متأقلمين على وضع حليمة ، ضحكاتها ، وجهها وتعابيرها الرايّقة ، تغيرها الشاسّع والي عاشوه خلال الشهرين الأخيرة
الإستنكار كان من نصّيب لافي بس ، اللي كان كاتّمه بكل قوة
ومن بين خطواتهم ألتفت وهّاج للافي وقال بإبتسامة : ماشافتك دُجى؟
هز رأسه بالنفي وهو يتنهد بإضطراب : أهلي شكلهم تبّرو مني ، لا أب ولا إخوان ولا عمّات شافوني
عقد حواجبه بإستنكار وهو ينزل غُصن عن حضنه ويقول لها : دُجى وينها؟
غُصن زفعت كتوفها بطفوليّة وقالت وهي تأشر على غرفتهم : لما دخلت عليها قالت أخذ كاندي وألعب معها بالحوش وأقفل الباب
ميّل شفايفه بإستنكار وأخذ ينسحب من قدامهم وهو يتقدم بخطوات مُضطربة للغرفة ، فاقد حسّها من الصباح ولكن إنه ينسمع صوت أخوها بالبيت بعد شهور طويلة وما تلبّي النداء كان هذا محط قلق وخوف بقلبه!
اتجه بخطوات خاطفة ناحية غرفته اللي تحتضن الجسد المُتعب ومن فتح الباب بقوة حتى لمح فزتّها المهلكة من على الكرسي ، بلع ريقه بصعوبة من لمحها غارقة بوسط العرق اللي اهلكها بسبب المعاناة ووجهها اللي إحمّر بشكل عنيّف وصوت تنفسها مُضطرب وهي تضغط على حافة الكرسي بقوة ، كانت تقاوم التعب من الصبّاح بسبب التوصيات الي قرأتها ، كانت هادية واظن هالوجع يشبه أوجاعها الي مرتها بالأيام السابقة ولكن كل ساعة يزيد الوجع اكثر واكثر! حتى وصلت للحد الي تكتم شهقاتها بصعوبة ودموعها تنهال بشكل كارثي وهي تحاول ترفع يدها وتاشر له يتقدم لها ، وهو من لمحها غارقة ببكاءها تراخت عظامه وذابت بوسط جللده من خوفه ، ألتفت بعجل للدرج وسحب عبايتها بعجلة وهو يرميها بكل هدوء على جسدها وقرب وهو يحضن وجهها بين كفوفه ويقول بهدوء لأجل تتطمن وتهدأ : لا تخافي ، ماعليك بيهون
شدت على كفوفه وهي تبكي بتعب : وهّاج أحس بالموت ، الوجع قطع بطنيي ماني قادرة أتحمل ..
قاطعها بعجلة وهو يثبت يدينه خلف ظهرها ويرصّها بكل قوة لصدره وهو يحضنها بكل حرص وهي تعلقت بعنقه وهي تبكي بتعب ، حيّلها مهدود لدرجة مالها حيل تقاوم أو ترفض ، خرج وهو يسارع خطواته بإنهاك واضح ومن لمحوه تجمدُو بذهول بمكانهم ، وبقت نظراتهم تراقبهم بصدمَة وعدم فهم ، كايّد اللي صُب الإرتباك بجسده سارع خطواته لبرى البيت وهو يجهز السيَارة وحليمة اللي توجهت لهم قالت بخوف : أوجاع ولادة؟
لمحت رجفة وهّاج وخطواته المرتعشة وتعابير وجهه المفجوعة ، قال بصوت مرتجف ومستنكر : ما أعرف يمة ما أعرف ، قالت تتوجع
هزت رأسها بإيجاب وهي تضرب على كتفه وتقول : لا تخاف بتكون بخير ، لا تستعجل بالطريّق وإنتبه لها



تخطاها بعجل وهو يناظر لكايّد اللي يفتح السيارة ويساعده بوضعها بالسيارة بينما لافي واقف بمكانه يرتجَف ، بدون حركة
لولا يد حليّمة اللي ضغطت على كتفه وهي تقول بحنيّة : بتبّقى عند غُصن وأنا أروح معها؟
ألتفت لما أستوعب الوضع وهز رأسه بالنفي وهو يبلع ريقه بصعوبة ويرمي وثيّقة التخرج من يده على الأرض وأخذ يسارع خطواته وهو يركب السيارة بمقعد السايّق بجنب كايد الي جلس قدام ؛ لإن وهّاج كان راكب بجنب دُجى اللي تضغط على يده بكل قوة ، كانت تستشعر إنها تحتضر من شدة التعب ، تصّر على أسنانها بكل قوة ودموعها غرقت كل حجابها ، وهي تستغيّث وتدعي ؛ من بين وجعها اللي أنهكها تذكرت فضّل الدعاء بهالوقت ، أخذت نفس وصوت شهقاتها يعلّى ومن بين تنفسّها المُضطرب وصوتها المُنهك كان ينسّمع التمتمات والهمّسات الموجوعة " يارب قفل بيّبان الحزن عن قلبه ، يارب لاعاد يمسه سوء ، يارب ترحمّ أمي وتحنن قلب خالتي وتعجل بشفائها ، يارب إمسح على قلب ضرار بحنانك ، يارب أبوي برجائك لا يمسه ضر ، يارب يكون فهد بخير يارب"
والكثير من الدعوات الي عجزت تنطّق بها بسبب التعب ولكن بقت ترددها بقلبها ، ضرب وهّاج مقعد السايّق بصعبية وهو يصرخ بقهر : مسافرين حن ؟؟ أخلص ولا أنزل وخلني أسوق الله يغربلك
أرتبك لافي وهو يشد بقوة على الدريسكون وكايّد ضغط على يده وهو ينفث نفسه بحرارة ويقول : إستعجل بدون خوف ، ماعليك
لافي اللي الدنيا بكفة وهالدُجى بكفة ، كيف ممكن هادي وما يخاف وصوت بكاءها يخترق قلبه ؟ جاييّ لأجل يشوف ضحكتها ويوصل على صوت بكاءها ، كيف ممكن يكون هادي ؟
ماكان يدري كيف وصل للمستشفى وسط غضب وهّاج وكتم دُجى لبكاءها ، نزل وهّاج بعجل وكان بيأخذها بحُضنه لولا لافي اللي جاء ومعه الكُرسي المتحرك ومن خلفه المُمرضة اللي ناداها بصراخ خوف ، تركو جسّدها المرهق واللي يعاني من إنقبّاضات الولادة على طرف الكرسي وأخذ يدفعها وهّاج بكل عجلة وهو يتبع خُطى الممرضة اللي تمشي قدامه ، وسط صمت كايّد وصوت همسَات لافي اللي كله دعوات ورجاء تكون بخيّر ، وصلو لغرفة الولادة ورفضت المُمرضة دخول وهّاج برغم إصراره ورفضه القاطع تركها تمر من هالباب بدون ما تكون يده بيّدها ، ما يبيّها تعاني لوحدها ما يبيّها تبكي بدون ما يكون بجنبها لأجل يمسّح دمعها
ولكن قوانين المستشفى أجبرته يفلت يدينها بقهر وهو يصد عنهم بغضب ويجلس بجنب الباب بكراسي الإنتظار ، تحت أنظار كايّد الي كان يراقب إنفعالاته ، صوت أنفاسه العالية
والمُضطربة والي برغم بعده عنه إلا إنها وصلت لمسامعه


مسّحه لوجهه بيدينها المُرتعشة كل دقيّقة وبلعه ريقه بصعوبة ، نظرات التيّه والضياع ولبّاس الخوف والقلق اللي لبّسه ، هزّه لأطراف رجله بشكل عنيّف و وقوفه بعد كل هالإنفعالات وهو يحس إنه عاجز يبقى بنفس المكان دقيّقة كاملة ، وكإن الكون كله إستقر وسط صدره ! كان مذهول وبالأحرى مدهوش كون وهّاج كان يقدر يوضح خوفه للدرجة ذي ! وهّاج واللي لو بلغ خوفه عنان السمّاء كان توضح على هيئته الهدوء والسكينة ، ولكنه عاجز هالمرة عاجز عن لبَس لبّاس السكينة ، عاجز يكون بخير وهو يدري إنهاتعاني وتبَكي وتذوق مرارة التعب ، برغم إنه مهيئ نفسه لهاليوم من شهور طويلة ولكن باللحظة الجدية عجز يكون بخير ، عجزت الراحة تستقر بصدره !
بعد مامرت ساعة من القلق توشحو بها بالرعب وأُحطيت كل ثوانيها ودقائقها بالدعوات والرجاء ، بوسط هلع لافي وضغطه على رأسه بكل قوة ، وإختناقه برجفته وسط رعشة جسّد وهّاج الي أنحنى على طرف الباب بإنهاك وسكون كايّد وضيقه وخوفه ، إنفّتح الباب بكل قوة وفزُو كلهم بنفس اللحظة وهم يتجهون للمُمرضة اللي كانت بتتخطاهم لولا لافي اللي وقف قدامها وهو يناظرها بنظرات غضبّ لا إراديّة وعيونه محمّرة من شدة التعب وسط خوف الممرضة الي كانت مستعجلة قال بعجلة : دُجى بنت فهد ، كيفها؟؟ طيّبة؟؟ وينها ليه للحين ما طلعت؟
وقف وهّاج بجنبهم وهو يضغط على كفوفه بتعب ، لولا إنها قالت وهي تهز رأسها بإيجاب : دُجى فهد بخير الحمدلله
أكمل كايّد وهو يناظر لوهّاج اللي عاجز عن الكلام وقال: وفهد؟ الطفل كيفه !
ناظرتهم بنظرات هاديَة وسط ربكتهم وتحول ملامحهم للريّبة والشك والخوف ، بلع ريقه لافي بصعوبة وهو يقول بقهر : تكلمي يا آدمية أعمارنا بتنهد بسكوتك
إستقرت نظراتها على حفنة الأوراق الي تحتضن يدها وسط بعثرة التعب والضيّق بملامح وجهها ووسط نظراتها العشوائية وتوسط الرعشة يدينها .. سكن رُعب وخيّم بوسط قلبه وملأت كل أوعيته الدموعية بخوف مهيّب ورعشة دمرت موازينه .. ليه تغاضت عن هالسؤال وسط توترهم وخوفهم ؟ ليه عجز لسانها ينطّق إنه "بخير" معقولة الخوف من إنه يكون أبّ لفهد تبخر ؟ وصار الخوف إن فهد ما ينوجد !




توشُح ملامح الممرضة بوشاح الضيّق والتعب وسرحانها الشديّد كان نتيجة فقُدهم قبل دقايّق لأحد الخُدج ، واللي أصابها موته بالذبُول الشديد وعدم إستيعاب الوضع وهذا كان موقفها الدائم نتيجة حدوث هالمواقف !
أخذت كُفوف لافي ترتجف وكايّد إستوعب فداحة الموقف وضرب بأطراف أصابعه الورقة بقهر وهو يقول : قلوبنا رهيّنة الموقف علمينا كيف وضعه ؟
إستوعبت سوء تصرفها وتنحنحت بإرتبّاك وأخذ التوتر يتشرب بجسدها ، إعتدلت بوقفتها ونقلت أنظارها الدقيّقة على الورق وهي تتنقل ببصرها على أسماء المريّضات ، ومن لمحت إسم دُجى وحالتها الحاليّة ، رفعت رأسها وناظرتهم بهدوء : هي وولدها بخيّر الحمدلله ، قبّل نص ساعة نقلناها للغرفة الخاصة
تخطتهم بعدما رشت الماء البارد على بدايات إلتهاب الخوف وسط إندمّاج مشاعرهم مابين الراحة والقلق والخوف !
تخطتهم ووسَط قهر لافي وصوت حلطمته على إرباكهم وعلى إنتظارهم رغم إنها مرت نص ساعة على ولادتها ، ووسط ضحكة وهّاج الهادية وصوت تناهيّده الواضحة نتيجة الراحة العميّقة الي لحظة اللي سمع"هي وولدها بخيّر" برغم إن هالجمل ما تكفيه لأجل يتأكد ولكن كانت ممكن تهدي لحظات من غضبه وضيّقه ، ألتفت للباب الي أنفتح وناظر للممرضة الثانيّة وقال لها بعجل : متى بأقدر أدخل؟
ناظرته بإستغراب وقالت بعد لحظات : ولدت ...
قاطعها وهو يهز رأسه بإيجاب ويناظر للافي الي وقف بجنبه وقال بعجل : إيوة قبل نص ساعة ، بسرعة علمينا وين نروح وكيف بنقابلها ، وفهد الصغيّر متى بنشوفه ؟
ضحك كايّد على حماسهم والممرضة أشرت على الغرف الخاصة وهو تقول : إسألو هناك أكيد إستقرت الحين بالغرفة ال...
قاطعوها لما تخطوها كلهم وهو يسارعون خطواتهم بإتجاه الغرف ومن وصلو أخذو يناظرون بربّكة وتوتر كون الغرف كانت كثيرة وعاجزين يلقون الغرفة المقصودة ، لولا إنهم لمحو الممرضة اللي بيدها سرير صغيّر وتدفعه على مهل شديد وسط هدوء خطواتها أتجه لها لافي وهو يناظر للي يتوسط السرير ومن لمحه وقف بجنبه وتغيرت ملامحه للفرحة والضحكة الباكيّة وهو يقول : يالله ، صغير بالحيييّل وحلو والله يشبببهني ، يشبه خاله لافي يابعد قلبي يا فهد
وقف وهّاج قدام الممرضة بإستغراب بسبب معرفة لافي بفهد من أول نظرة ، ولكن من لمح مكتوب بيد الطفل"سماح محمد" حتى ضرب رأسه لقهر وقال : خلف الله على عقلك يالعسكري ، حتى ولد الناس شبّهته بوجهك
ناظره لافي بإستغراب ومن لمح الإسم تلون وجهه بالإحراج والصدمة وسط ضحكة كايّد الي قال : يحسب محد ولد إلا أخته وعلى طول قال يشبهه
ألتفت للممرضة وقال بهدوء : كيَف بنعرف غرفة دُجى فهد؟


سكتت المُمرضة المستنكرة تصرفاتهم للحظات وقالت بعد صمت وهي تأشر على الغرفة القريّبة منهم لإنها هي الي ساعدتها على دخولها للغرفة
فأتجهو بعيون تسترق النظر للغرفة قبل تخطي خطاويّهم لداخل توقفت خطوات لافي وكايّد بجنب الباب بذات اللحظة وكانت خطاوي وهّاج الوحيدة اللي تعدت العتبّة !

لحظة اللي توسطت خطاويّه الغرفة اللي تحتوي بشكل كبير على البيّاض ، بياض اللحاف ، الجدار ، السرير ، قلبّها تفاصيّل وجهها
ألقى نظرات مطُولة على طريقة جلوسها وملامح وجهها الي تميّل بشكل كبير للتعب ، والإنهاك الشديد يسّيل من بين تفاصيلها ، مغمضة عينيها بكل خفة ولعلها تحاول تهدأ بعد معركة عنيّفة حاربت على جبهاتها من بزوغ الفجر !
لحظة اللي إقترب منها ، وجلس بالقُرب من سريرها فتّحت عيونها تختلس النظر على الشخص الي ضغط على كفوفها ، ومن لمحته يناظرها بتساؤل يملأ أركانه الخوف والقلق تساؤل الـ" عسّاك بخير!؟" حتى تبّدلت جميع ملامحها من الإنزعاج والضيّق والوجع ، للرحابّة والسكينة والهدوء ، حتى إنبّسطت جميع عضلات وجهها ورسّمت إبتسامة خافتة على وجهها برغم كل المعاناة اللي يحتضنها جسدها ، وكان سبّب هالإبتسامة بسيط وينعرف من شدة يدينها على يده " لأجل ما يخاف "
هزت رأسها بالإيجاب وهي تهمس بصوت ذابّل عجزت تتحكم فيه : بخيير،بخير وحيل بس وينه فهد ؟
من طرى طاري فهد حتى أبتسم بجمود ورفع كتوفه بعدم معرفة وسط عقدة حاجبّها وإستنكارها من ردّة فعله،ولكنها ماقدرت تعلق بسبب دخول لافي المُبهج واللي من وقف قدام السرير حتى رفع قدمه وضربها بالأرض بكل قوة وهو يثبت كفه على طرف رأسه ويقول بضحكة : الحمدلله على السلامة طال عمرك
ضحكت بتعب وهي ترفع يدها وتناظره بلهفة وشوق وهو أقترب بعجل وأخذ ينحني ويقبّل رأسها وهو يضغط على كفوفها ويبّتسم بهدوء : الحمدلله على السّلامة يا أم فهد،مابغى ولد العهد يشرف
أخذت ترفع كفها وهي تمسح على أطراف وجهه بإبتسامة هادية وتقول بصوت باهت:أشتقت لك
قاطعها بضحكة وهو منحرج وأبتعد عنها وهو يمسح على رأسه بإحراج : الله يسلمك والله،عاد قلت بجي وأفاجئكم بس ماشاء الله فاجأتيني أنتي
ضحكت وهي تهز رأسها بإيجاب وقبّل ترد ألتفتو للباب الي أنفتح بكل قوة ،ولصوت التنفس المُضطرب والخطوات المتعثرة وللخوف الواضح والهمّسات المرتجفة، واللي توسط الغرفة وهو مثبّت يدينه على غترته لأجل ما تطير من شدة تسارع خطواته ، راقبُو كلهم تنهيدته اللي إنسمع صوت صداها وضحكته اللي بعثرت كل ملامحها نتيجة عِناق عيونه لبنته وقرة عيّنه الأولى ، لحظة ترقرُق الدمع بعينه وهو يلمح التعب زايّر وباسط خيمته بملامحها


أبتسمت وهي تحتضن يده على صدرها وتقول : الله يبّارك فيك يايُبة ، ومالك بأخبار الوجع المهم إنك هنا بالوقت الصح
قاطعها لافي وهو يلبّس قباعته السُوداء ويقول بغرُور : والله يسّلمك هو ماخالف التوقعات ، هو يسمع كلام خاله لافي ، قلت له لا يجي ليَن أتخرج وهذا هو شرف ...
سكت بسبب نظرات أبوه المصدومة وضحك بخوف وهو يوقف ويقول : علامك يُبة ؟
وقف فهد وهو يضحك من قلب وأتجه له والذهول يخطو معه بكل خطوة وهو يناظره بدهشة : متى جيّت ؟ متى تخرجت؟
ألتفت لهم وقال بخوف : اليوم الخميسّ ؟
ضحك لافي وهو يقترب ويضمه بكل قوة ويشد عليّه بجميع مشاعر الشوق الي تحتويه : النيّة أفاجئكم بحضُوري بس والله ياجية فهد الصغير دمّرت كل حضوري
ضحك فهد أكثر وهو يتنهد براحة عميّقة والدهشة أخذت منحنى كبير بصدره بس عجز يعبر عنها هالوقت بالذات ، وخصوصاً بسبب دخول ضرار اللي صوت ضحكته ملأت الغرفة والي تقدم وهو يسلم على دُجى بكل رحابة صدر ، ويبارك لها بكل فرحة وسط إبتسامتها وفرحتها بحضوره : نوّر المكان
ضحك من وسط قلبه وقال بإبتسامة كلها راحة : إلا نوّر القلب وتوهّج بفهد يا أم فهد
قاطعه لافي الي أبّتعد عن أبوه وقال بفخر : إلا نوّر بالخريج لافي
ألتفت له بخوف بسبب الصوت الي ظن إنه يهلوس فيه ولكن من لمحه واقف بجنب فهد توسّعت حدقات عينه بصدمة وأقترب منه وهو يضحك بدهشة : وش جابك يالأصلع؟
ناظره بقهر وهو ينزل يده : كنت بدق لك التحية ، بس عقيَد يتنمر علي ما يستاهل أدقها له
ضحك أكثر وهو يقترب منه ويعانقه بهدوء كونه فعلاً أنصدم بحضوره ، لإن لما قال لافي تخرجه الخميّس ما فكريسأل شخص غيره شد عليه بإبتسامة وهو يقول : مفروض أعطيتنا الخبر الصحيح ، لأجل نشيّع ميادين الفرح بتخرجك ، تعبّت كثير ومفروض نصيبك بعد هالتعب يبّان بأول خطوة من خروجك
تشبث فيه بكل قوة وهو يقول بصدمة : ياويلي وش هالكلام الي يذوب القلب ، ياشيخ أنت ليه منطوقك عسل؟ حتى الي ماوده يرضى عليك يرضى
ضحك ضرار وأبتسم فهد على حوارهم ، بينما دُجى تراقبهم بإبتسامة ، قطع هالحوار إلتفاتهم لدخول
الممرضة وهي تسحب السرير الحديد الفضي واللي فراشه الأبيض يحتضن جسد صغير ورقيّق !

نبّضات قلب مُضطربة ، وخطوات مرتعشة ، نظرات خاطِفة وشعور مُخيف من شدة لطفه
كان أول طفل يقابلوه بهالصغر ، والمهم إنه ماكان أي طفل ، كان " فهـد بن وهّـاج " اللي توهَج وأنور وأضيء وأستنار المكان بمجرد حُضور طاريّه فكيف بحضُوره هو ؟ كيّف وإنه وآخيراً تواجد جسده بالمكان الي هم فيه ؟
كيف وإنهم وآخيراً يقدرون يحتضنونه بقلوبهم ويحوفونه بلطفهم؟


ماكانت قلوبهم قادّرة على كبّح فرحهم ولا عضلات وجههم قادرة على طي الإبتسامات خصوصاً فهد ، محد بيقدر يسرق منه فرحته وعيونه تعانقّ جسد سميّه !
المشاعر إختلطت مابيّن ضحكة ودمعة ، مابيّن بسمة وربكة ، ومابيّن رعشة ورجفة
تقدم فهد بخطوات مُتعثرة وهو يوقف بجانب السرير الصغيّر ، عيونه تتأمل الجسد الصغير بتساؤل كثيّف " قطعة لحم صغيرة بأول ساعاتها كيف قدرت تسرق كل الحب والدهشة من عيوني؟"
أبتسم بضحكة وعيونه تلمّع بشكل كبير لحظة اللي رفع عينه ، وتأمل دُجى اللي فزت من مكانها وأعتدلت بجلستها وهي تتنفس بسرعة دلالة على حماسها ولهفتها ، كونها قبل ساعات ما لمحته غير ثواني
أخذه فهدّ بين ذراعه وهو يضحك بسبب لافي الي وقف بجنبه وهو يناظره بلهفة وضرار مبتسم بفرحة : هذا واضح من بداياته إنه بيتّبع خطى أخواله وبيصير عسكري
ضربه لافي على كتفه وهو يكشر ويقول : تبيه يتحول من البيّاض هذا للسواد زيي، لاوالله خل هالمسكين يصير طيّار ولا دكتور وحتى لو صار معلم ماعندي مشكلة
ضحك فهد أكثر وهو يدفعهم بكتفه ويقول بحسرة : عمره ساعتيّن ياخفيفين العقل ، أتركوه أول شيء يلتقي بأمه عالأقل
أبتسم ضرار بضحكة وفهد تقدم وهو يجلس على السريّر ويمده لها وسط تراكم الإبتسامات على شفاهها المُرتجفة وهي تحتضنه بين ذراعيّنها وسط رعشة يدينها ، تأملته من بروز الشعر الخفيّف لعيونه المُغلقة شفاهها الصغيّرة وحتى أصابع يدينه المتكورة على بعضها ، تحس بشعور مختلف غريّب وجديد بالحيل تحس إن هرمون الحنيّة سرى بشكل عنيف بجسدها بدون ما تنتبه أو تعارض !
قال فهد وهو يناظر لوهّاج اللي واقف على جنبَ : أأذن؟
أكتفى وهَاج بإيماءة رأسه وفهد أبتسم وأخذ يأذن بإذن فهد وهو يُلقيه إسمه ، وسط السكون اللي غلفّ صدر دُجى والشعور المخيف اللي حاوط صدرها ، وهي تتأمل وهّاج اللي واقف بعيد عنهم ويناظرها بنظرات هاديَة والصمت يُحيط بأركانه بمجرد ما حضر طاري فهد الصغيّر ، تشعب الخوف بضلوعها لدرجة عجزت تسيطر على ربكتها ، تراكمت بثواني بسّيطة أفكار هائلة برأسها وهي تستذكر كلامه وخوفه من كونه بيصير أب ، معقولة لما صار فهد قبّال عينه رجع ينعاد هالشعور؟ ولا ليه هالبرود بأول لقاء مع ولده!


من أمام بوابة المستشفى ، وصل بسيارته وهو يضرب بيدينه على الدريسكون بدندنة وسط سيّل إبتسامات معاني الي ما إنقطع من لحظة سماعها الخبر ، لحظة اللي كانت بتنزل ألتفت بإستنكار لبنيّان اللي تشبث بمعصمها بكل قوة وسحبها برقة له ، أخذت ترمش بإستغراب وتناظره بتساؤل


بنيّان أبتسم بضحكة وقال : أتمنى ما تقربي من فهد الصغيّر واجد ، لاتكون بوسط بطنش بنت ومن الحين تبدأ تفكر فيه وتبني معها علاقة بخيالها ، خبرش كبير عندها سبعة أشهر فاضية ماوراها شيء غير تأكل وتفكر ، والصدق ماودي تنشغل بنتي بالتفكير بولد الناس من ذلحين
ناظرته بصمت للحظات ، وهي تتذكر كل أفعاله من اللحظة الي عرف إنها حامل من قبل شهر من هاللحظة ، تتذكر إنه فعلاً صار كوميدي بشكل كبير وغريب ولكن توصل للمرحلة اللي تعدى بها لافي ؟ ما توقعت
كتمت ضحكتها بصعوبة وسحبت معصمها وهي تقول بقهر : إفلّح بس (رح)
رمش بصدمة وأخذ يناظرها بذهول وسط ضحكته اللي غرقت كل نسمات الهواء وهو يقول : تعالي تعالي ، أسألش بالله عيدي حكيش ، وش قلتي؟ من يقول إنش منتي بجنوبية كذااابب والله وبياع حكى
ضحكت من ضحكته وهزت رأسها بالنفي وهي تستند على طرف الباب وتقول : علمني يومي يمر كله من خلالك ، كيف ما تبيني أخذ من أطباعك؟
أبّتسم وهز رأسه بإيجاب وهو يمسح على طرف ذقنه بضحكة : أعز من يأخذ من أطباعي ، جعل يومي الأو...
قفلت الباب بكل قوة قبل ينطق دعوته وأبتسم بخفوت وهو يتذكر إنها نهته مرات كثيرة من قول هالدعاء لها هي بالذات ولغيرها
وقبل تخطي خطوات داخل المستشفى لمحت الي يتقدم لهم ببدلتع الرسميّة وعلى مُحياه ضحكة هادية ، رجعت خطوة للخلف بربكة ! متغير بشكل كبير من آخر نظرة لهم سوى ولولا صدى ضحكته كان ما ميزته لإن تواجده هاللحظة كان محط للصدمة والذهول ، قرب وهو يقبّل رأسها ويقول : لك حق الصدمة ياعمة ، بس عاد مهب لدرجة تنسين كيف ترمشين!
ضحكت بذهول وهي تشد على كفه بدهشة : لافي ، الحمدلله على السلامة ياعيوني ، كيف جيت ؟ يوم الخمـ..
ضحك وهو يحك طرف وجهه ويقول بضيق : كنت بسوي لكم مفاجأة بس ماقصر فهد دمرها
قبل ماترد ألتفت بخوف للي وقف بجنبهم وهو يناظر للافي بنظرات حادّة : يابن ال...
ناظرته معاني بإستغرب ، ولافي ضرب كتف بنيّان وهو يضحك : داي الشجاع أسألك بالله إفرد عضلاتك بس ، مسوي قدام عمتي مصارع ولا كيف؟
سكن جسَده للحظات وهو يحاول يربط الموضوع اللي دمّر وعيه نتيجة رؤيتها لهالشخص المخفية ملامحه يُقبل رأس ركنه الشمالي ! وبعد إستيعابه للموقف كتم ضحكته وناظر للافي بدهشة وإستنكار : ياويل حالي ياوجة التيس ، وش صاير معك؟
ناظره بغُرور وهو يثبّت أطراف قبعته على رأسه ويقول : صقلتني صقل الله وكيلك
ضحك وهو يأأيد كلامه ولافي ألتفت لمعاني وقال بإبتسامة : دُجى لوحدها تنتظرك ، صرفت أسير الأحزان ودمعة بلا لمعة عشانك
ضحكت بخفوت من ألقابه الي برغم كل شيء ما نسَاها



لافي تكاتف مع بنيّان اللي نسُو كل ثورتهم وهواشهم لبعض وتسللت ذراعهم لكتوف بعض نتيجة الشوق ، توجهوا بعدها للجلسة الي قدام باب المستشفى ، والي كلهم متواجديّن فيها
ناقصهم فهد اللي رجع البيَت لأجل خيال ..


وصل بنيّان وهو مبتسم بهدوء ويناظر لوهّاج بفرحة ، وسط سكونه وضغطه على كوب القهوة بخفوت ، يلقي نظرات عبثيّة للمكان يشتتها للي حوله ، كايّد الي ما يوزع ضحكته على أحد ، ضرار اللي كالعادة يشاركهم الشعور ولكن هالمرة كان أقصى مناه مشاركتهم ، بُرهان الي ترك كل الي بيده والي رغم تعبه بسبب سهره طوال الليل عجز يرجع البيت وما يجي ويبّارك لوهّاج بحضور فهد اللي إنتظروه شهور طويلة ، وديّع اللي ورغم إن محاضراته إنتهت متأخر ورغم التعب اللي متسّطر على ملامح وجهه بسبب حالة أمه اللي تهد حاله إلا إنه عجز ما يحضر ويشاركهم الفرحة ، واللي كلهم شهدو على حضور لافي وسط فرحتهم الي مُزجت بدهشة
لافي اللي تركهم للحظات لأجل يتطمن على دُجى ورجع وهو متكاتف مع بنيَان .. تعودو على مشاركة أحزانهم قبل أفراحهم ، وهالمرة الفرحة كبيَرة حييل ، كبيرة وما تسع بلد من شدة وسعها ! حضور فهد بن وهّاج كان من أكبر الإنتظارات الي عاشوها!
أنحنى بنيّان وهو ناوي يسلم على وهّاج ، ولكنه وقف وهو يبتسم بخفوت : مقامك عالي يالجنوبي ، أنت ما تنحني أنت نوقف لك بصدور رحبّة
أبتسم بنيّان بسعة صدر من كلام وهّاج وأخذ يسلم عليه ويقول إبتسامة : وبالمبّارك يا أبو فهد ، هاه ننسى زمن أبو غُصن؟
جلس وهّاج وبجنبه إستقر جسد الجنوبي يترقب إجابته ، والي ألتفت بجسده له وهو يناظره بهُدوء وقبل تكون الإجابة من ثغر وهّاج قال كايد بإبتسامة خافتة : أي نسيان يالجنوبي ؟ أنت شكلك تجهل بمقام غُصن بعيون وهّاج .. يارجل هذا لا سألوه عن إسمه يقول وهّاج أبو غُصن ، حتى سلطان أبوي ما يلوح طاريه وينساه نسيان الأيام ، وصل عمره لستة وعشرين سنة وخلال كل هالسنين الي عاشها كلها ما بعمره قال وهّاج بن سلطان ويكتفي بإسمها ،وأنت تقول ينساها؟
ضحك ضرار وهو يرفع كوب القهوة ويقول : بآخر مجلس حضرناه له ، يقول لو له قدرة كتب على شاهد قبره" وهّاج أبو غصن" والجنوبي يحكي عن النسيّان!
رجع يلتفت عنه وهّاج وهو يبتسم بخفوت : جاك الجواب يالجنوبي ،فهد حضر وله قلب وعيّن ولكن ما بيتزعزع هاللقلب
ضحك بنيّان بصدمة وهو يمسح على ذقنه بربكة : طيب صلو على النبي ، والله لو إننا تعدينا على أملاككم
أبتسم بضحكة بُرهان وهو يطبّطب على ظهره ويقول : يارجل معليّك ، أنت تعرف من هي غُصن بعيونهم ، ينسون المنطق لاحضر طاريها



ضرب لافي بيده الطاولة وهو يقول بإعتراض وقهر : نعم نعم؟ يعني تفهمني إن ولد أختي الجميّل الي يشبهني ويباريكم بالجمال وهو عمره ساعات ما بيكون له سيرة وذكر
ضحك كايد وهو يأشر عليه ويقول : هذا كل أطفال العالم يشبهونه ، حتى ولد سماح الي ماندري من هي قال يشبهني
إنتشرت الضحكات على ملامحه المُحرجة وقال بسخط يحاول يتفادى هالإحراج : لا تغيرو الموضوع ، إذا هالجرادة رافض يصير أبو فهد فأنا بصير أبوه ، مهب يقولون الخال والد ؟
خلاص خلك أبو بنت أختك وأنا بصير أبو ولد أختي
وديع اللي رفع يده وأشر عليه وهو يضحك : يا العسكري أنا متأكد إنها جاءتك ضربة شمس فقدتك قدرتك على إستيعابك للمواضيع
ناظرهم بإستغراب ، وبُرهان ضحك معه وهو يقول : لا شكل أعطوه قدرة على التفكير المطلق ، ماشاء الله أبحر في موج أفكاره وحكم وخلص على الموضوع!
أحتضن كايّد كفوف لافي بحرص وهو يناظرهم بطرف عينه : آمنا إنه مسوي نفسه فاهم وهو مهب داري وين ربي حاطه ، ولكن لا تخطون عليه
تراه خريّج وهذي أول لياليه هنا المفروض تدللونه وتصيرون لكل كلامه سمعاً وطاعة
ضحك من قلبه على الكوب الورقي اللي أنرمى على وجهه بسبب بنيّان الي قال : قم بس ، أسألك بالله خذي العسكري حقك وفارق من قدامي
لافي اللي حضن كايّد وهو يقول بلهفة وفخر ملأ جوفه : هذا الصديّق الحقيقي ، هذا الي أبيع الناس كلهم وأشتريه وأولهم زوج عمتي هالأبو نص عقل الي سممّنا بالسُكري وبيصير له من صلبنا ولد ، هذا الي يستاهل أغض الطرف عن الجرادة بس عشانه أخوه
بادله الحُضن كايّد وهو يُلقي نظراته على العيال المندهشيّن ويضحك على ضرار الي قال : والله هذا ما تدري يمدح بخويه ولا يسّب باللي حوله
بنيّان الي كان ناوي يقوم عليهم مسك معصمه وهّاج وهو يضحك ويأشر للإستقبال : واحد شاهييّ وكثر النعناع نحتاج نهدي أعصابه الي صايرة تحترق بسرعة
ضحك بنيّان غصب عنه ، وجلس وهو يأشر على لافي ويقول : يارجل هذا ما بيتعدل أبداً ، حتى العسكرية والتعب والليالي ما غيرت طبّعه
ألتفت وهّاج وناظر للافي الي أندمج بالسواليّف مع كايد وقال بإبتسامة : يارب ما يتغير طبعه يا بنيّان ، يارب يبقى كذا للأبد
سكت بنيَان للحظات وماقدر ما يأأيده ، لإنهم بنفسهم يعرفون طعم الحيَاة بدون لافي ، يعرفون مراراتها .. كان بمثابة الضحكة لأيامهم
لذلك ما أعترض على كلام وهَاج أبداً
وبوسط ضحكهم وإندماجهم ألتفتو كلهم للافي الي رفع يده وأشر للي يتقدم لهم : أرحببب يا جد فهد
ناظرو لفهد اللي نزل من سيارته ، ومن الجانب الثاني نزل الجسّد المتوشح بالسواد فصدُو كلهم
إلا هو







"جوري" غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 12-10-21, 07:46 PM   #78

"جوري"

مشرفة منتدى الروايات المنقولة

 
الصورة الرمزية "جوري"

? العضوٌ??? » 333867
?  التسِجيلٌ » Jan 2015
? مشَارَ?اتْي » 1,010
? الًجنِس »
?  نُقآطِيْ » "جوري" has a reputation beyond repute"جوري" has a reputation beyond repute"جوري" has a reputation beyond repute"جوري" has a reputation beyond repute"جوري" has a reputation beyond repute"جوري" has a reputation beyond repute"جوري" has a reputation beyond repute"جوري" has a reputation beyond repute"جوري" has a reputation beyond repute"جوري" has a reputation beyond repute"جوري" has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي




كان عاجز عن الصد وعاجزة عيونه عن ميّلان نظراتها ! كانت الدهشّة تخترق صدرهو الذهول يحيط بشكل كارثي بوجهه ؛ كيف ميّزها بهالسرعة ؟ كيف عرف إنها رفيّقة الوجع والمواساة وريّحة القهوة والبيت المهجور؟ كان خايّف وحيلل من هالفوضى الي إنتشرت بقلبه المرتب ؛ لإنه برغم كان يدري إنها الشخص الي بيكون مع فهد أكيد إلا إن قدرتها على إستيعاب كل تفاصيلها معه كاه مُخيف، بينما فهد أشر لخيال تدخل وهو يكرر على مسامعها رقم الغرفة ، ويتنهد بإبتسامة خافتة
مُمتن لتغيرها ، وسعيّد بالتطور الي تعيشه من شخص خالي من المشاعر ملييء بالخوف وما ينتظر شيء من يومه غير إنه يمر بهدوء وأمان ، لشخص أبسط إنفعالاته إبتسامة حقيقة وهادية وأكبرها ضحكة رنّانة يُسمع صداها بسبب أحد أحداث روايتها، ماكان بالتغير الكبير ولكن كونها تضحك بدون خوف ، تخطي بأمان ، ترسم للمستقبل الي نسته بأيامها السابّقة ، وتظهر رغبتها بالحياة .. كان هالتغير يكفييه لأجل يحس بالأمان
أتجه للعيال وهو يبتسم بهدوء لحظة اللي وقفو كلهم له بوسط اللحظة ، وضحك وهو يأشر لهم : طلابي بكبرهم ما وقفو لي كذا ، لا تحرجوني
قال كايَد بإبتسامة وهو يجلس : إستاذ فهد أنت توقف لك قلوب مهب بس أجساد ، لا يمليّك الحرج ،
أكمّل وديع بإبتسامة : وكلنا طُلابك
هز رأسه لافي بتأأيد وهو يبتسم بفرحة كون فهد جلس بجنبه وهو يلف ذراعينه حول كتفه من الخلف ويقول بإبتسامة : وحيّا الله فخر العمّار
أبتسم بغرُور كان بسبب فخر أبوه وأخذ يضغط على يد أبوه وهم يكملون تبادل الضحكات ، الضحكات الي كان نابّعة من وسط القلب ؛ ضحكات ما تحمّل هم بكرة ولا وجع البارحة ، وهالضحكات كانت عدوى إنتقلت لثغر دُجى اللي تبتسم بضحكة على ملامح عماتها وفرحتهم بحضور حفيّدهم ، والي ما أقتصرت فرحتهم على بسمات وبس كانت الضحكات الصاخبّة لها نصيب من قلوبهم


من أمام بيّت بُرهان ، كان واقف بالحديّقة الي تحيط بيته ويوزع تناهيّده على نسمات المكان ، يسترق النظر لساعته ، ينتظر موعد نومها لأجل يدخل ويلاقيّها بملامحها الهادية والرايّقة اللي ما يلمحها إلا بوقت نومها ! كان يعرف موعد نومها حتى بالدقايّق والثواني وهذا هو الوقت يُعلن دخول الساعة الـ١١ مساءً و١٠د
وبالتالي أخذ نظرة سريّعة بأنحاء الحديّقة وخبّى أطراف يدينه بحضن جيّب بنطلونه الأسود ، وهو يجَر خُطوات يسّيل بين آثارها اللهفة والشوق ، يوم بليلةكاملة غايب عنها وهذا بحد ذاته يعتبر كارثة عنده ، ولكن سهره ليلة البارحة برى البيت كان بسبّب تسجيّل بقية الحلقات وبقاءه بعيد عن البيّت حتى هذا الوقت بسبب جمعّة الشباب اللي تمسكو فيه


وهذا هو يدفع الباب للأمام معلن إستقرار خطواته بوسط الغُرفة الي تحتوي تفاصيّلها بشكل هائل على اللون البنفسجي ، أخذ يتقدم ناحيةالسرير وهو موقن إنه بيلقاها مُلقاة بوسطه تتجرع النوم اللي يسرقها من واقعها ، ولكنه عقد حواجبه بإستنكار لما لمح السرير خالي من أثرها ، فألتفت وهو يبحث عنها بنظراته يحاول يلاقييّها كونها ماكانت من عادتها أببداً مفارقتها للسرير هالوقت !
أخذ يقترب من البلكونة اللي تطل على الحديقة وإنحلت عُقدة حاجبه بهدوء من لمحها مستقرة بجسدها الناعم على المُرجيحة وتحتضن بوسط ذراعها الراديُو البني اللي بُث منه صوته قبل ساعات ، مُغلقة عينيها وساكنة ورغم وجود تفاصيل لتتوعك بوجهها ولكنها هادية لذلك تنبأ بإنها نايمة فأقترب منها وهو ينحني قدامها بتنهيّدة ، ثبت يدينه على حدود ركُبته وثبت ذقنه على يدينه وهو يراقبها بهدوء ، شعرها اللي دايّم يسرق من النسّمات العذُوبة ، ملامح وجهها اللي ماكانت بالحادة ولا الطفوليّة كانت مزيج بينهم بشكل يحمّل كم هائل من الجمال .. الجمال الي يهلَك قلب الصعبّ بكل مرة يتأمله ويجبره ينحني وهو ضد الإنحناء ،كانت هزيمة إنحناءة الوحيّدة أمامها
وحتى الندُوب اللي تخفي داخلها قوتها ، لكفوف يدينها المتخبيّة بين ذراعها ، سرق من النسّمات تنهيدة عليّلة وهو يحاول يفهمها لوهلة من الزمن ولكنه عااجز ، وقف بعد دقايّق طويلة وهو يلمح ملامحها تميل للإنزعاج بسبب خصل شعرها الي تمردت وغزت على تفاصيل وجهها لذلك إقترب وهو يمرر كفوف يده على تفاصيل وجهها وهو يحرره من تمرد هالخُصلات ، ولكن ماحرره من فزتها ونظراتها الحادّة الي كانت نتيجة خوفها ، رجع خطوة لورى بعدما إشتدت عقدة حاجبه بسبب ردة فعلها الغريّبة ، وهي من لمحته عدلت جلستها وهي تترك الراديُو بجنبها بلا مبالاة وترتب خُصلات شعرها بتشتت ومازالت نظراتها حادّة وملامح وجهها مُنزعجة بشكل كارثِي وواضح ، عجزت تكبح ضيقها والي بكل مرة كانت تنجح بإخفاءها خلف برودها وهدوءها ولكنه كان واضح هالمرة ؛ واضح بشكل خاِنق ومُخيف
أجبر بُرهان يبّقى ثابت بمكانه ، يتأملها بصمت وبرغبة مُلحة بمعرفة سبب هالضيّق العنيف اللي دمّر تفاصيل وجهها !
تنحنح وهو يثبت يدينه بجيب بنطلونه وأخذ يشتت نظراته للمكان وهو يحاول يحرر تساؤلاته ولكنه عاجز ، قدام هيّبة ضيقها عاجز !
بعد لحظات طويّلة ألتفت على نبّرة صوتها الساخرة والمُضطربة تحمل كم هائل من الإنزعاج والتهكُم : كنت أظنك ناوي تقطعني وحوّلت نيتك لأفعال بسبب غيّابك عني ليلتين



أقترب الخطوة الي تراجعها قبّل لحظات وحرر يدينه من طرف جيبه بإستنكار وعدم فهم : ماهو بحكيّ يا بريق ، أنا وياك دروبنا ما بتنقطع ولو حدتنا الظُرو...
قاطعته بضحكة إستهزاء وهي توقف وتقول بإضطراب : ليلة البارحة تحكِي عن قطعك للشيء الي يوجعك وحتى لو كنت تحبه ، ليلة البارحة تنصح مستمعينك يفارقون أحبابهم ومع الأيام بيتعودون على البُعد ، ليلة البارحة تقول بتفارق وغبّت عُقبها وكأنك تعطيني إشارة ، كأنك تقول روحي بدربك بدون ما ينهز لجسدك كرامة وبدون ما تجرحين كبريائك
إمتلأت تفاصيل وجهه بدهشة مُخيفة ، وبُث بقلبه شعور مُريب وبشّع بشكل كبير ، يكره إنه ينفهم بشكل خطأ ، يكره تتفسر أفعاله بشكل مُناقض ومُنافي لنيته ، فكيف لو كان هالفِعل من أحبّ لشخص لقلبه ؟ فكيّف لو كان هالفعل من بريييق !
إقترب وعُقدة حاجبه تنشد بشكل لا إرادي ونبّضات قلبه تخترق صدره من رعشتها وأخذ يقول بصوت مستنكر وذابّل من الدهشة : هذا الحكي كبير بحقي يا بريّق ، ماهو بأنا اللي أصد وألتفت عنك أنتي بالذات ،ولك كل العلم عن مقصدي..
قاطعته لحظة اللي إستشعرت حرارة الدمع تحيط بمحجر عيونها وأخذت تقول بقهر : لا ماهو بكبيّر وكلنا ندري إن هالبرنامج حلقة وصل بيني وبينك ، بالوقت الي تعجز تكلمني تواصلني عن طريقه ، كلنا ندري إن كل الرسايّل المتخبية بين السطور رسايّل لي أنا ، توجهها لي بخفية لأنك عاجز تبوح بها بالعلن ، ولكن هالشيء كبير بالحيل يا بُرهان ، لو كنت عايَف وقلبك صاد وإنهد حيّلك من القُرب الموجع كان المفروض أكون الشخص الوحيّد الي يعرف عن شعورك ، كان المفروض يكون الموضوع محصور بيني وبيّنك ؛ مادام لك النيّة تقطع الشيء الي يوجعك لييه للحين هنا ؟ ليه واقف قبالي؟ ليه ما تركتني أحس على نفسي باقي هالليلة وأتلاشى من حياتك مثل ما تتلاشى الشمس بلحظة غرُوب !
أقترب أكثر وهو يحتضن كتوفها بكفوفه ويضغط عليها بخفة وهو مذهول من طريقة تفكيرها ولوين وصل الموضوع بعقلها وقال بضيّق : متى بتستوعبين إنك من صرتي حولي ماعاد للإذاعة درب الوصل بيننا ، متى بتدرين إن الحكي لاكان يوجع فماهو لك ولا يمس دروبك بأي خطوة
ليه تحكرين تفكيرك بالطريقة ذي ، ليه تحبيّن توجعين نفسك ؟ ليه تظنيني ما أبيك وأنا أتلهف على خطوة منك ؟
دفعته عنها بقهر وهي تستشعر دموعها تخترق خلايا وجهها وتحرقها من شدة ضيّقها : لا تكذب علي ، لا تكبّر ظنوني فيك وأنت خيّبة مثل غيرك
أنا بالنسبة لك هامش وشيء من صار بين يدينك أهملته ، أنا صرت مثل شمعة ؛ أذوب قدام عينك وأنت تتجاهل النظر لي ، فهمني كيف بنبقى كذا ؟ تظن الحب لوحده بيترك العلاقة تبّقى مستمرة؟ هذا وإن بـقى بقلبك حـ...



سحبت يدينه من على فمها اللي تغرقت بدموعها وهي تقول بتعب ونبرتها مازالت حادة : طيب إسأل ، قل ليييه أنهيتي من التعب ، مرت شهور طوييللة وأنت بعييد حيل بععيد يا بُرهان
أخذ نفس بصعوبة وتصدد عنها لللحظات وهو يمسح وجهه بربَكة ، ورجع يلتفت لها وهو يقترب أكثر ويرفع وجهها وهو يمسح دموعها بكفوفه ويقول بإنهاك وهو مُتعب من الوقوف ووده يستريح بين كفوفها ولكنها عاجزة تفهمه "كانت تعرفه دائماً قوي بأس وكان يعرف دائماً إنه تهد بأسه" : سألتك وكثرت تساؤلاتي بس ما أنتبهتي ، سألتك باللحظة اللي طلبتي مع قهوتك سُكر وأنتي تشربينها مُرة ، لحظة اللي شربتي عصيّر البرتقال برغم إنك تكرهينه وحتى ما تحبيّن تشمينه ، لحظة اللي نمتي عُقب صلاة الفجر وأنتي الي تعودتي على الإنتظار لأجل تراقبين شرُوق الشمس ، لحظة اللي بديتي تلبّسين اللون الأخضر برغم إنك ما تحبيّنه سألتك وكثير ولكنك صادّة بقلبك عني لدرجة عجزتي تشوفيّن تخبطاتي لأجلك
عضت على شفايفها بقهر وهي تناظره بضيّق : أنا شخص أكره التلميحات وأنت تعرف إني من مُحبين الوضوح ، كنت كل ليلة أتلاشى قدامك وأنت تسألني عن سبب تغيييّري لتسريحة شعري أو للون مفرش الغرفة أو حتى لقهوتي المُرة، أنا شخص تعبت من هالغموض تعبّت من المعاناة يا بُرهان ، تعبت أمثل إني بخير وأنا أحس إني فقدت الحيّاة ، ماعادلي قدرة للعطاء ، ماعاد أقدر أعطيك شيء
بلع ريقه بصعوبة من كلامها ، وهو يراقب ملامح وجهها الي تعتصر من الوجع ولكنها تقاوُم بس لأجل تعلن فوزها بحرب الكبّرياء هذا ،كان يستشعر نبرات التعب تخترق كل صوتها وترُدداته ، يلوم نفسه هاللحظة إنه غض الطرف عن الوضوح ، إنه بكل مرة كان يسألها من بين السطور وما كتب لها جملةواضحة فوق السطر !
كان دائماً يلاحظ خمولها وتلاشيّها ولكن ماكان عنده القدرة على السؤال ، ماكان طبعه الوضوح
كان دائماً غامض وكل إختصاصه التفاصيّل ،كان يراقب تفاصيلها بشكل أتعبه
خصُوصاً تفاصيَل يدها اللي إحتضنت كفه اللي محتجز وجهها وأخذت تسحبه عنها وهي تتنهد بتعب ، تعب غمَرها وأهلكها ، فُقدانها للثقة بأقرب ناسها كلفها طعم الحياة الحُلوة بنظرها
كلفها ثقتها بالناس كلها ؛ حتى ببُرهان!
كانت خايفة من الكل ، خايفة منه يخيّب ظنها مثل ماخيبوه كل الي حولها ، خايّفة تشرب من نفس كوب الوجع من جديد ! لأجل كذا كانت تتحاشاه ، تصد عنه وتلتفت مُجبرة
لأجل ما تعيش هالوجع من جديد لأجل ما تنهلك من خيبتين مُرة؛ ولكنها تحس بلوعة الخيّبة هذي من اللحظة الي إستمعت لعنوان برنامجه


لطالما كان هالبرنامج حلقة وصل بينهم، وحتى لو نفى وبرر إنها غير مقصودة ما رح تقصد دروب التصديّق أبببداً ! هي موقنة إنه دروبهم أنتهت لذلك قالت بتعب : يكفي لهنا ، كثرة المحاولات تهلك يا بُرهان،مادامنا على بساط الأمان وبأول الطريّق وما تعمقنا خلنا نحفظ ما بقى من ود ونفترق
كانت تقول هالكلام وهي عاجزة عن تصديقه" أي أول طريق ؟ ووين بساط الأمان الي تقصدينه ؟ مو أنتي عشتي معه بقلبّك سنين وشهور، وغرقتي لحتى وصلتي لقاع العُمق الي مالك خروج منه؟"
كانت عاجزة عن فهم مطالب قلبها ،ولكن الشيء الوحيَد الي هي فاهمته إن ودها"ترتاح" وبس !
سحبّ كفه من كفوفها وهو يتنحنح وبُث الرعب بداخل جوفه بُمجرد ماقالت هالحكي ، كان يدري إنها تحت تأثير تجاهله وصده عنها ، لذلك مستحيل يأخذ بكلامها هاللحظة ، مستحيل يغامر ويقطع الود اللي تشّفق على وصله شهور طويلة ، رجع خطوة لورى وهو يناظرها بهُدوء ويقول : ماهو بحكي ينحكي تالي الليل ، بكرة الصبح بنعيد هالكلام ونفهم هالمشاعر بالشكل الصحيح ، وإن كأنك مُصرة على موقفك فما بنبّقى واقفين على عتبة الباب ننتظرك طوال العمر ، وإن كان تغير لك رأي أنا مستعد أهمل جرحـي إللـي ينزف و أداوي خدوشِك ."
ضحكت بقهر لإنه يظن معاناتها الصعبة والمُرة " خدُوش " بينما بقاءه بعيد ينتظرها تطيّب بنفسها " جرُوح تنزف " تضاعف القهر بقلبها فتلاشت إبتسامتها وهي ترمي عليه الراديُو بسبب كلامه ، ولو إنها طلبّت القطاعة ولكنها تنتظر منه الوصل ، تنتظره يفهمها
تنتظره بعد كل هالتعب والضيق يسأل ، يقول " لييييه تعبتي ؟ من سرق النور من وجهك ؟ ليه صديتي عني ؟ وش موجعك؟"
تنتظر تلاقيي هالشيء منه ولكن كل هالإنتظار بدون جدوى ؛ لإن ماكانت هالتصرفات بشخصية بُرهان أببداً ، كان دائماً بين السطور وخلف الكواليسّ

رجع خطوة لورى بصدمة وهو يناظر للراديو الي تفتت أجزاءه وإنكسرت بشكل هائل وإنتشرت بكل مكان وسط ذهوله وغضبه الي كتمه بصعوبة ، واللي بسبب قهره وضيقه رفع رأسه وصد بنظره وهو يحجز كفوف يدينه بين أطراف جيوبه ويسارع بخطواته لأبعد نقطة عنها ؛ خاف إنه يكسر لها قلب بهالغضب الي تراكم بصدره
خاف يوجعها بنظراته الحارِقة ، خاف يزيّدضيقها ضيق ؛ لذلك تركها بنفس مكانها لحظة اللي جلست عل المُرجيحة وهي تغطي وجهها وتحرر شهقاتها المكتومة ، تحاول تفرغ مشاعر الخوف وعدم الثقة اللي لبّست قلبها ولكنها عاجزة ، عاجزة من لحظة اللي سمعت عن سبايّب وجعها ، عاجزة وحييل
-
-


وبمنتصف الليّل ؛ بغرفة غيَهب الليل
كانت مستندة بخدها على طرف كفوفها ، تسترق النظرات للحظات طويلة لوهّاج اللي كان يظنها نايّمة من تعبها ، رفض رفّضُ كلي يتركها لوحدها وهذا هو متوسط الكرسي الأبيض ، ناكِس رأسه للأسفل وضايع بدوامةالتفكير ، تايّه بدروب عدم الإدراك
يلوح صدى تناهيّده بكل دقيقة ويوصل لمسامعها اللي بكل مرة يمر هالصدى لقلبها تشد بكل قوة على طرف اللَحاف !
تراكم الخوف وأفرز جسدها هرمون الأدرينالين نتيجة رعبها من أفكارها ؛ معدل ضربات قلبها السريّعة ، سرعة جريان دمها بشراييّنها وعلى غير عادة؛ دموعها اللي تسللت خلسَة بمحاجرها
كانت خايفة يكون فعلاً عاجز عن الشعور بإحساس الأبوه ، كانت تتذكر كل مواقفه وخطواته خلال هاليوم ، تتذكر إنه ماساوره الفضول لأجل يتقدم وتحضن نظراته جسد فهد ، كانت تتذكر إنه ما أقترب ولمس جلده أو حضنه أو إنبسطت ضلوع وجهه له ، كان جامد وثابّت واللامبالاة تعتري تفاصيّل وجهه
وهذا كان مصدر الرعب بالنسبّة لها !
تشعب الخوف وتشبث بأوردة قلبها وهي تتذكر طريقة طرحه لمعاناته قبل شهور طويلة ، أوراق الليمُون وريّحة الفُل كانت تشهد على خوفه من هالخطوة ، نسايّم الهواء كان يتواجد بين ذراتها صدى ترديده لكلمات خوفه ؛ سكن الرعب جوفها لما خطر ببالها إنه ما تعدى عتبّة الخوف ، وإنه باقي بنص النقطة من شهور طويلة!
بلعت ريقها بصعوبة وهي تكتم شهقتها بكل قوة وغمضت عيونها خوفاً من إنه ينتبه لها ، ولكن بعد لحظات بسّيطة فتحتها بإستنكار بسبب صوت فتح باب الغرفة ، ناظرت للمكان الي خلى من طيفه وعقدت حواجبها بإستنكار بقت دقايق تترقب رجوعه وتناظر للباب وهي متغطية باللحاف ؛ ولكنها تغطت لحظةاللي عقدت حواجبها بعدم إدراك وهي تسمع صوت الممرضة وصدى عجلات صغيرة وهمَهمات غير مفهومة ، ملأ جوفها الفضول وحاولت تسترق النظر ولكنها عجزت بقت ساكنة بمكانها وهي تحاول ترتب ضربات قلبّها المختلطة بالقلق ، ولكن لحظة الي تسلل لمسامعها صوت العذبّ واللي أمتزج بتناهيّده وبسماته إستشعرت إن الكون كله توسّع وزادت رحابته ، ولكن بلحظة ضاق وكإنها تتنفس من خُرم إبرة ؛ من تغيرت نبرته من تناهيّد البسمة لتناهيّد التعب حتى ظنت إن قلبها يضيَق بشكل عنيف ومخيف ، تظن إنه أشتد من ضيقه لدرجة ألتفت لجهتهم وهي تسحب طرف اللحاف وتناظره ؛ ومن لمحت وضيعتهم غرقت وسادتها بدمع الندم
؛ الندم اللي بسببه ظنت إن شخص مثل وهّاج الي مايعجز عن شيء ؛ بيعجز يكون أب
رفعت كفوفها وهي تغطي أطراف ثغرها خوفاً من إنها تتسرب شهقاتها لسمعه ، وينتبّه إنها إسترقت السمع على حواره مع فهد ولده
-








"جوري" غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 12-10-21, 09:30 PM   #79

"جوري"

مشرفة منتدى الروايات المنقولة

 
الصورة الرمزية "جوري"

? العضوٌ??? » 333867
?  التسِجيلٌ » Jan 2015
? مشَارَ?اتْي » 1,010
? الًجنِس »
?  نُقآطِيْ » "جوري" has a reputation beyond repute"جوري" has a reputation beyond repute"جوري" has a reputation beyond repute"جوري" has a reputation beyond repute"جوري" has a reputation beyond repute"جوري" has a reputation beyond repute"جوري" has a reputation beyond repute"جوري" has a reputation beyond repute"جوري" has a reputation beyond repute"جوري" has a reputation beyond repute"جوري" has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي






أما من حدود صدر الشمالي ، اللي كانت ليلته غريبة ، ومشاعره تنفلت من قلبه بدون إذنه ، بعدما غرق لقاع العمق بسبب أفكاره رفع رأسه وهو يجذب شعر رأسه الأسود للخلف ويضغط عليه بكل قوة وهو يناظر لشماغه المرمي بإهمال على طرف الكرسي
وقف بعدها وهو يسترق النظر لدُجى ومن لمح سكُونها خرج من الغرفة وهو يجُر خطاه بإتجاه الغرفة اللي إعتادت على هالخطوات بسبب كثرتها خلال ساعات بسيّطة ، ينقل نظراته المتفحصة للمكان يحاول يلاقي شخص ممكن يفيّده ويقدر يكسب فيه أجر ويداري قلبه !
ومن لمح الممرض المناوب أشر له بكفوف يده وهو بدوره إتجه له : تفضل؟
أشر على حضانة الأطفال وهو يضغط على رقبته بيده الثانية وهو يقول : أقدر أخذه ؟
ناظره بإستغراب وهو يرفع الأوراق الي بيده ويقول : مايصير تأخذ الطفل لإن وقت..
رفع رأسه وهو يناظر قهره وضيّقه وبعده هز رأسه وهو يقول : تفضل أخوي ، مادام إني مناوب براقب حالته ولكن بسمح لك بس بساعتين
هز رأسه وهّاج بعجل ، والممرض فتح باب الحضانة وهو يقول : وش إسمه؟
فرك يدينه ببعض وهو يشتت أنظاره على الأطفال ويناظرهم من على عتبة الباب وهو يقول بصعوبة : فهد
إستنكر ردة فعله المُمرض فقال بتشديد : فهد ولد من ؟ وش إسمك أنت؟
تنهد وهّاج وهو يناظر بإضطراب بسبب دقات قلبه الهائل لحظة الي لاح لصدره هالإسم ؛ ماعاد فعلاً من الماضي ، صار حاضر وواقع
وله من صُلبه ولد ، أبتسم على حيّن غفلة من مواجعه وقال بهدوء : فهد بن وهّاج
وقفت الممرضة بعدما أشر لها تجيّبه ، وأخذت تسأل عن إسم الأم ومن لقت فهد سحبت السرير ومشت وهي تتجه للغرفة ووهّاج يمشي بمحاذاة السرير وهو يحرص على عيونه ما تسترق النظر على فهد ، وصلت للغرفة وأعطته التعليّمات اللازمة ومن قفلت الباب وخرجت
سحب السرير المتحرك وهو يثبته بجنب الكُرسي الي كان جالس عليه ، فضحته لهفته وصوت أنفاسه المُضطربة ، رجفة قلبه ورعشة كفوفه ، تمرد عيونه على أفكاره وإحتضانها لكل جزء بجسده الصغير ، وصوت تناهيّده الحارِقة تخترق مسامعه
أخذ يقرب كفوفه من وجهه وهو يمررها على تفاصيله الصغيرة برقة وخفة ، ويتخذ منحنى التمرير على باقي تفاصيله ومن مررها على أصابعه الضئيلة ، ذابت مخاوفه بوسط كفوف فهد الهشّة اللي تكورت على إصبع وهَاج ، توهّج جوفه ملأ السكون روحه بعد حرب طاحنة من الخوف والرعب ، هُدمت
مدائن الخوف وتلاشت آثارها وبُني بمكانها مدائن السّلام ، الطمأنينة ، الأمان
إنمحى أثر عبُوس الخوف والقلق وأرتسمت على إثره بسمات الود واللُطف
ذابت الدموع بمحاجر عيونه وهو يستشعر بحريّق هائل بسبب كتمه لهالدمع بصعوبة ؛ شعور غريّب


شعور يحمل كم هائل من اللامنطقية ، شعور يجبّره يضحك ويوزع البسمّات ، ويهل الدمع بنفس اللحظة
أخذ نفس بصعوبة وهو عاجز عن صد النظر عنه ، وعاجز عن التردد أو نزع إصبعه من كفوف ولده ، جميع الترددات ومقاومة النظر اللي أستهلكها طوال اليوم إنتهت وأعلنت إنهزامها قدام رغبته الكبيرة هاللحظة
ضحك بتنهيَدة وهو يغمر كفوفه خلف ظهره الصغير ويحتويه بكل حنيّة وهو يحتضنه لصدره ويجلس على الكرسي ونظراته عجز تصد للحظة وحدة ، عجزت ما تتأمله حد الشبّع !
تنهد التنهيّدة الي عجز يحصيَها ولكنها تنهيّدة مُحببة ، أبتسم من جديد وهو يمرر كفوفه على خدوده الناعمة ويقول بثغر مليء بالبّهجة: فهد بن وهّاج ؛ توهّج الكون بحضورك
كانت كلماته محاولات لرد العتب عن قلبه بعدما تجاهله طوال هالساعات ، وماتجاهله بود ولكنه شعور كان رغم عنه ، سكت للحظات وأنفاسه المُضطربة كانت الوحيدة اللي تترجم شعوره هاللحظة ، أخذ يقول بصوت ذابّل : تعرف يا فهد ؟ لحظة اللي لمحتك قبّل ساعات وش الشعور اللي ملأ جوفي ؟ شعور الي ودي أحضنك وأركض أبشر أبوي فيّك ، شعور الـ"يُبة تراني صرت أب لفهد ، لأحلى ولد بهالكون ، يُبة صار لي من صُلبي ولد ومابكون مثلك يُبة ، بكون له الشخص الي بيستند عليه والي إن طاح بيلقى ظهري يشيله قبل طيحته ، يُبة أنا مانيّب خايف بعد هاللحظة ، ماعاد للظلام بجوفي مكان ، أنا صرت منبّع للنور والضّياء ، آخر ذرات الظلم برُوحي تلاشت بحضور ولدي ، بحضور الي ما بيذوق مني ما ذقته منك " من لمحتك يا فهد وأنا ودي أقول " أبشر بفهد يُبة ، أبشر بولد وهّاج "
ولكني عجزت ، مالي خطُوات تِتجه لأبوي يا ولدي ؛ وأنا خوفي يدور الزمن وتنقطع خطاوييك عني
صديّت عنك بسبب خوفي من لهفتي الكبيرة واللي لمحتك بأول ساعاتك ماوقفت خطواتي إلا بجنب سلطان
تنهد بخفوت وهو يبلع ريقه بتأني ويثبّت فهد على صدره وهو يتأمله لدقايّق ، وإستمرت الدقايق لساعات
ما غفت له عيّن ، ماتعب له ضلع ، ما تلاشت له بسمة ، ما إستقر العبُوس بقلبه ؛ كان صدره الي كان أضيّق من خُرم إبرة" وسييييييّع"
عاجز عن كبّح حُبه وحنيته اللي دمرت موازين صدره ، وماكان يدري من وين مصدرها ، كيف جاءته بهالكثرة ؟ كيف القلب الي خايف قبل ساعات هاللحظة بالذات مستعد يوقف بصف كل هالدنيا بس لأجل ما ينخدش لولده طرف
من هالموقف بالذات ؛ أيقن إنه ما يشاببّه سُلطان ولا بيكون بيوم من الأيام خليفته بالأرض ، لإنه موقن لو كان بقلب سُلطان الشعور الي بقلبه هاللحظة ، ما تجرأ وكسّر لوهاج قلب ، ما وزع الجرح على روحه مثل ما يوزعون الحلاوى على الأطفال بصبح عيد


أيقن إنه بيكون " وهّاج لولده " أيقن إنه يستاهل يخُوض هالدروب بدون ما يملأ صدره خوف بإنه بيعيّش ولده الحياة الي عاشها
لذلك كان مستغرق بالنظر والتأمل ، يوزع البسمات على أجزاء ولده بدون ضجر ، بدون ملل ، بدون ما يرف له جفن : يالله يا فهد ، لو كنت أدري إن نظرة لوجهك بتحمي كل هالخوف ما ترددت للحظة ، ما لديّت عن وجهك يا "ولد وهّاج"
أبتسم للإسم وتنهد وهو يمسح على رأسه برقة وهو يستشعر إن حنيته طغت لدرجة فاضت من بين فراغات أصابعه !

وهالموقف كله كان تحَت أنظار دُجى ، قرة القلب ، غيّهب الليل ، أم فهد ، حنيّينة القلب
اللي تدمرت ملامحها من شدة مرور الدمّع عليها ، كانت عاجزة ع مداراة قلبها عن هالرجل ، عاجزة عن معرفة كميَة الحنية اللي ممكن تكون بقلبه اللي أيقنت لو توزعت على أراضي العالميّن كلها ما بيكون للوجع محل أو مستقر !





إستمر يدور بالشوارع المُحيطة ببيته لساعات طويلة ، عجز يحصي دقايّقها من شدة تشتته ولخبطة أفكاره وصخب وفوضاء مشاعره الي ماهي قادرة تِتزن أو تنحط على رفُوف الترتيب !
عاجز عن تصديق الموقف الي عاشه مع محبُوبته قبل ساعات ، عاجز يستوعب الطُرق المظلمة اللي إتجهت لها علاقتهم بسبب "الصمت والتجاهل" عجز يحدد المُتسبب منهم ، وماكان عنده طاقة لأجل يرمي سهام الُلوم عليها أو حتى عليه
كان منهد حيله بسبّب دموعها اللي إستمرت بالنزول حتى بعدما برر لها ، كان يلمح نظرات الشك والخيّبة بعيونها وهذا بحد ذاته كسّر ظهر .. متى وصلو للنقطة السوداوية هذي ؟
متى تحولت علاقتهم من حُب بريء ورسايّل على أطراف المناديل ونبرة صوت متلهفة ، لعلاقة باهتة وذابلة ؟ لعلاقة طرف منها يطلب العتق والتحرُر من عبودية الضيّق فيها؟
إستوقف سيارته أمام بيته من جديد ، واللي كان مُقابل تماماً لبيت أبوه لولا إن الفاصل كان حديقته الخاصة ، نزل بخطوات مُتعثرة وهو يتأمل أطرافه السُفلية الي عجزت تلبي مطالب قلبه وتسارع خطواتها لأجل تلتقي ببريّق من جديد ، كان عقله خايّف ولأول مرة يخاف !
خايف تكون على نفس موقفها ، خايف فعلاً يتقفل الباب ومايبقى على العتبة ينتظرها ، خايف يكون بعد كل هالحب "موادع"
ولكن برغم كل هالخوف الي يحيط بقلبه ، شعور البّقاء عند هالنقطة مُر وحيل لذلك جر خطواته المُثقلة بصعوبة وهو يتجه ناحية غرفتهم ، بقى واقف بجانب الباب دقايق طويلة ما حسبّ ثوانيها بسبب المعارك اللي تحدث بقلبه ، أخذ نفس بصعوبة وهو يهيأ نفسه للعبور من على جمّر حكيها من جديد ولخوض معركة هالمشاعر بدون ما يمّل أو يتعب ؛ المهم ما يخليها لوحدها بباقي هالليلة!
بمجرد دخوله للغرفة حتى بدأ يلقي نظراته الخاطفة للمكان ، يبحث عنها
ومن لمح جسدها يطفو على سطح السرير حتى أقترب منها وبكل خطوة تنهيّدة حتى إستقر بالقُرب منها وهو يمسح على وجهه اللي تدمر نتيجة التعب والتفكير والسهر ليومين بإنهاك ، تذكر الذبُول اللي صاحبّ وجهها قبل لحظات ، تذكر الخفُوت اللي إنتشر عُقب الضياء والبريق اللي كان يحيط بتفاصيلها ، تذكر وتنهد من وسط جوفه بتعب : ‏" كان الظلام والله كثير ..ومدري وش اللي وهقه‏ واختار خدك في الأخير "
بعد لحظات بسيّطة عقد حواجبه بإستنكار ، وتراكم الخوف بقلبه بشكل هائل ومخيف وهو يسمع أنيّنها ويراقب تحركاتها على السرير بتوتر ، سحب اللحاف بقوة من عليها ومن لمحها متكورة على نفسها وتئن بتعب وصوت شهقاتها ذاببّ بوسط أنينها ، توجع جوفه بكل ما فيه بعدم فهم وهو يقرب بخوف ويثبت يدينه على وجهها وهو يقول بذهول : وش فيك؟ ليه تبكين؟ وش يوجعك علميني؟


دفعت يده عن وجهها وهي تناظره بتعب وسحبت اللحاف من جديد وهي تتغطى فيه ، وتشد على بطنها بكل قوة وهي تستشعر إن جوفها يتقطع من الوجع ، وكإن وخزات سكين تخترق جوفها ، وكإن أحد يقطعها بلا رحمة ، دموعها نشفت على سطح خدها من شدة ذرفها لها خلال الساعات الي مضت ؛ تظن إنه بيخف لو بقت ساكتة ولكن الوجع كان عكس ظنونها ، كان يشتد بكل دقيقة تبقى مكانها
ضغطت على بطنها أكثر وهي تبكي بتعب وصوت شهقاتها الواضحة دمرت موازيّن بُرهان اللي لعب الخوف بقلبه وعجز يستوعب الموقف ، وقف وهو يناظر ليده الي ترتجف للحظات بسيطة ورجع وهو يسحب اللحاف من جديد ويجلس بجنبها وصوته المرتجف يهتز بشكل هائل ، وملامح وجهه تلونت بالخوف والفجعة عليها : علميني تكفين وش فيك؟ ليه تبّكين؟ وين الوجع يابريق ؟
ماوصله رد منها وهي مستمرة بالبّكاء ، بينما هو رفع رأسها بين كفوفه وهو يقول : بطنك؟ علميني هي ...
أرخت رأسها بتعب على كفه وهنا سكن الرعب بداخله وأهتزت جميع أركانه ، عجزت حتى أقدامه تشيله وعجز قلبه يتحمل هالكم الهائل من الرعب والرهبّة ، وقف وهو يحتضنها بكل قوة لحضنه بينما هي ذابت بين ذراعينه من شدة التعب ؛ كانت تحاول ترفض وتقاوم ولكن الوجع فتّك بكل أجزاءها لدرجة عجزت تحكي أو تنطق بحرف واحد
ماكان قادر يسيطر على الرُعب الي بداخله ولولا إن عبايتها كانت مرمية بإهمال على الكنب الي بجنب الباب ماكان تذكرها أبداً ، أنحنى وهو يسحبها بيده ورمّاها بعشوائية على جسدها وهو يسارع خطواته برجفة لخارج البيت ، وهو مستشعر يدينها اللي تضغط بكل قوة على عُنقه وصوت شهقاتها المكتومة تنخر عظام قلبه كان يتمتم من بيّن خوفه بجُمل علّه يظن إنها بتبث الراحة بقلبها "لا تخافي ماعليك" " لا تبّكين سهالات بيخف الوجع " ماعليك بيهون"

ماكان يدري هو فعلاً بيهون ؟ ولكن الخوف تركه يهلوس بكلمات مايدري كيف رتب حروفها أصلاً !
بعد دقايّق بسّيطة وصل للمستشفى ، وأستنفر كل طاقم الطوارىء وهو يهز المكان بسبب خوفه الي عجز يسيطر عليه ، وكإن الكُون كله يطوى من بين خطواته ، وكإنه قاعد يستهلك آخر ذرات الأكُسجين بحياته ويقاوم ويحارب لأجل يتنفس ويبّقى على قيد الحياة !
بمُجرد رؤيتها بهالشكل الموجع ، وكونها بقت منهارة لوحدها ساعات طويلة وهو بعيد عنها
ترك مدائن الخوف تشرع بيبانها بصدره !
يناظر للممرضة اللي تساعدها على الخروج من السيارة ولكنها عاجزة ، ماتقدر تفرد جسدها من شدة الوجع
أنحنى وهو يأخذها بين ذراعه من جديد ، وثبّتها على طرف الكُرسي وهو يناظرها ترخي رأسها على عليه ، وهنا إنهد حيله من جديد " ذبّلت من الوجع لدرجة إنها عاجزة عن رفع رأسها !"











"جوري" غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 12-10-21, 09:47 PM   #80

"جوري"

مشرفة منتدى الروايات المنقولة

 
الصورة الرمزية "جوري"

? العضوٌ??? » 333867
?  التسِجيلٌ » Jan 2015
? مشَارَ?اتْي » 1,010
? الًجنِس »
?  نُقآطِيْ » "جوري" has a reputation beyond repute"جوري" has a reputation beyond repute"جوري" has a reputation beyond repute"جوري" has a reputation beyond repute"جوري" has a reputation beyond repute"جوري" has a reputation beyond repute"جوري" has a reputation beyond repute"جوري" has a reputation beyond repute"جوري" has a reputation beyond repute"جوري" has a reputation beyond repute"جوري" has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي





كانت بكل مرة تتوجع أو يمسّها ضر ولو كانت بأقصى مرحله تتشبث بيدينه وتتمسك فيها بكل طاقتها ، ولكنها هالمرة كانت ذابلة ومُتعبة لدرجة إن يدينها تترنح بعشوائية على الكُرسي ، كانت ذايّبة من التعب وهو بمُجرد مراقبتها تغلفت كل خلاياه بالوجع والرُعب والخوف ؛ الخوف اللي يتركه عاجز حتى عن إسترداد نفسه !
-
-
وبيّن إندماج موج البحر مع سعة السماء ورحابة صدور إستبشرت بلقاء الشخص اللي كان نهاية الطريّق ، الشخص اللي يكون بخير لإنك بس تضحكيّن ، اللي يمس قلبه وجع وضيّق لإنها مرت نسمة هواء وخدّشت خدك ، اللي ينافس الغيّم من فرحته لإنك معه .. الشخص اللي يستحق تكمليّن بقايا حياتك معه بدون ما يملأ قلبك شك بمشاعره أو يزورك ضيّق لإنه أشاح بنظرك عنه!

كان جالس بعيد عن الأنظار وعلى الكُرسي المصنوع من القماش والمثبّت بالحديد المطلي باللون الأبيض وبيده كوب عصير البرتقال ، وعلى ثُغره إبتسامة مُضيئة وبراقّة من شدة وضوح إعجابه شاركه أبو محمد الإبتسامة ، فواز اللي كان يتأمل لمرُوج اللي رفعت أطراف عبايتها وهي تغمر أطراف قدمها بأمواج البحر الضئيلة وطواري بسماتها تنتشر بشكل كبير على صفحات وجهها الباهي ، تشاركها البهجة خُصل شعرها الي تمردت وكأنها تراقص نسيّم البحر من عذوبته ، لأول مرة تكون قريّبة من البحر بهالشكل ، بالشكل الي يترك خصل شعرها تتبعثر ، ويترك صدر يشرع أبوابه للحياة هالكثر ، ألتفت وهي تنقل نظراتها لهم ومن لمحت أبوها يأشر لها وهو مبسوط وفواز على مُحياه يبان الرضا ، أخذت تتنهد تنهيّدة عميييقة ، تنهيّدة الـ"الحمدلله" إنها ماتعثرت ورفضت ، الحمدلله إنها عطت نفسها فرصة وإنها بعد رفض الحياة مع ضرار ما حكرت خياراتها وتركت بابها للفرص مفتوح ، للفرص اللي تستحقها ، مابعمره ساورها شعور الي"دام ضرار رفضني فهذا يعني إن بي نقص وإن شخص غيره بيلاقيني بنفس النظرة" مابعمرها عاتبت نفسها بإنها المخطية والناقصة بالعكس،كانت تقول"هذا نصّيب والأكيد إنه ما يستاهلني ووجهي كثير على شخص مثله لأجل يتأمله" كانت دائماً تعز نفسها ولولا الظروف مارضت تنحني ، كانت دائماً موقنة إنها تستاهل الأفضل والأحسن ، وإن حصل ولقت شيء يكسرها تتخلى عنه وكإنها ما تلهفت عليه طوال حياتها ؛ لإنها موقنة إنها بتلقى العوض عن كل شيء هدّم أمانيها وهذا هو العوض اللي تستاهله يراقب كل تفاصيّلها بحُب برضا تام عن كل شيء جزء فيها ؛ لذلك كانت ممتنة وجداً للطريق اللي زرع فواز بطريقها أبتسمت لأبوها اللي أخذ ينغمس بجوه الخاص ، من الراديو الي علّى بصوت الأخبار لكوب الشايي الي بدأ يرتشفه ولنظراته الي كانت تعبر المكان بعيّد عنهم ..



فرفعت يدينها وهي تأشر لفواز بعفوية ، وتصر عليه يقترب منها وماكان للرفض بقلبه مجال من ألتفت ولقى أبو محمد منغمس بجوه حتى وقف وهو يترك العصير على الطاولة الصغيرة ويتقدم بخطوات هاديّة بإتجاهها ، وقف بجنبها وهي مسكت يده وهي تسحبه لها وسط تراكم الموج الهادي على أطرافها والضحكة مستقرة على ثغرها : تحس بشعور غيير صح؟
أبتسم بخفوت وهو يتأملها وهز رأسه بإيجاب فضحكت بفرحة وهي تتقدم أكثر بينما مازالت كفوفهم تحتضن بعض ، قالت بضحكة : قبّل شوي مارضى علي قلبي أتقدم خطوة وحدة أكثر من شدة الخوف
ميّل شفايفه بخفة وهو يناظر للخطوات الجريئةة الي تخطيها وقال : وش تغير الحين؟
رفعت كتوفها بعشوائية وهي تبتسم بخفوت : أنت معي
ضحك بلا شعور من عقله ولكن كل الشعور بقلبه وأخذ يمشي معها وعلى مُحياه الضحكة ما تلاشت ولا بهتت أبداً ولكنها تزيد كلما تمسكت مرُوج بيده ، وبعد لحظات بسيّطة جرُو خطوات الرجوع لحظة الي وصله إتصال وجبّ عليه يلاقي الرد ، سحب جواله من طرف جيّبه ومن لمح الإسم قال بردوده "أرحبببّ طال عمرك ، لا أبشرك بخير ومسكت خط سفر هاليومين ، الله يسعد قلبك لاوالله تكفيني هالأيام أحرجتني والله ، ولايهمّك أبشر بالخير كسيّتني بالرضا ياعقيّد،تسلم"
كان هذا محور حديقه بالقُرب من مروج والي رغم إنها تعرف هويّة مهنته إلا إنه وصل لقلبها شعور غريّب لما سمعت رتبة"عقيّد" تسللت خيوط من غرابة لروحها لدرجة ناظرته بإستنكار وقالت : مدّد لك الإجازة بعد؟
أبتسم وهو يهز رأسه بإيجاب : قد قلت لك والله ، العقيّد ضرار ما بنلقى بوسع صدره
بهّت لون وجهها وشحبّ من تهادى لسمعها إسمه ، يستحيل يكون شخص غير الشخص المنشود ، مستوى الصدف الي ممكن تكون إنه " يكون فيه شخص إسمه ضرار بنفس الرتبّة وعلى مقدار القرب هذا كله" ضئيلة جداً
لذلك أفكارها الي أنتشرت بمساحات عقلها وضحت بشكل لا إرادي بتفاصيّل وجهها وشحُوبه
وماكان يحتاج فواز موهبة قراءة أفكار العقل لإنها واضحة على وجهها ، أخذ يتنهد وهو يميَل شفايفه بهدوء وبعد لحظات بسّيطة رفع كفوفه وهو يرتب خصُل غرتها على أطراف جبهتها بإبتسامة خافتة وهو يقول بهُدوء : لا تفتشين في جيوب التفاصيّل عن مشاعر توجعك ، ولا ترهقيّن عقلك بكثرة الأفكار الي مالها صحة
ميّلت شفايفها بعدم إدراك وهو أبتسم وهو يكمل بهدوء : أنا مادلني غير قلبي عليّك والله الشاهد ، ولاني بحاجة شخص لأجل يمسك يدي ويقول رح أخطّبها لأن قلبي الي مسكني
مافهمت مقصده وتمّلكها الإستغراب كونها ماتعرفه فكيّف حبّها؟ جاهلة عن وصولها لأقصى قاع لقلبه بمجرد حوار مع ضرار ، أجبرها تتسلل لقلبه بغتة وتعثو فيه رغبة وتفكير !



مشاعر الإستنكار الي زارتها قبل لحظات بهتت وتلاشت لحظة اللي تأملت نظراته لها ، كانت آسِرة وكأنه ينظر لأغلى وأثمن الأشياء بحياته ، كانت نظرات أجبرت أفكارها تنتهي وتتلاشى وكإنها ما أنوجدت .. نظرات إستشعرت بسببها إنها بخير وإنها غيّر والخير لهالشخص ، نظرات أدركت فيها إنه شخص مثله مستحيل أحد يوصيه عليها لإنه ما يحتاج توصية ، لقت نفسها تتلاشى وتذوب من فُرط خجلها وحتى نسايّم البحر ما بردت على وجهها من شدة حرارته ، ضحك بخفوت لما لمح إحمّرار خدها وأخذ يشابّك يدينه بيده وهو يرجع للأمواج لأجل تسكن أطرافهم فيها ، لإن اللحظات الشاعرِية وجبّ تكون ساكنة وهادية بقى صامت ، لإن الصمت أحياناً بين المُحبين راحة

-

وعلى حدود البهُور ، كان واقِف قدام سيارته وعلى مُحياه إبتسامة رضا يتأمل فهد تلي يحتضن سميّه بين ذراعينه وينقل له نظرات الحُب والحنيّة ، لحظة اللي أخذه من دُجى واللي كان لافي يسندها وهي تخرج من باب السيارة وسط زغردته وضحكة دُجى الي تختال على ثغرها وهي تراقب فرحتهم ، والمهم راحتها الي إنصبّت في كون وهّاج يسابق الفرحة من شدة لهفته على فهد .. ألتفت لضرار اللي أخذه بين ذراعينه وسط سكون فهد الي أستوقفه وهَاج وهو يقول : ويين يالطيّب ؟ ما نتركك لو يصير مايصير
أبتسم فهد بخفوت وهو يربَت على كتفه ويقُول بهُدوء: مرة ثانية ، لنا زيارات ما تنقطع مادام السمييّ حضر "ألتفت للافي وهو يأشر عليه ويقول" : بأنتظرك بالسيارة
لافي اللي شد على يَد دُجى قال بصدمة : لاوالله مانيّب راجع ، أنا ماصدقت على الله تضحك لي خالتي وأنتو تبغوني ما أستقبل فهد معها ! لابالله ما أتحرك خطوة وحدة بس
عمَ الصمت للحظات بسبب كلامه ، ومن بعدها تنحنح كايّد وهو يقول بضحكة يحاول يغيَر الجو : خله عندنا والله ماغير يّبكي على رأسك ، يفرغ ضغط العسكرية عليك
ضحك فهد وهو يأشر برأسه بإيجاب ولافي ناظرهم بإستنكار : يحسبوني بزر؟أنافس غُصن بصغرها؟
ضحك ضرار بينما وهّاج قبل يرد ألتفت للباب الي أنفتح والي ظهرت منه غُصن وهي تصرخ بفرحة وتضحك بلهفة وهي تأشر عليهم ، ومن ركضت حتى فتح وهَاج يدينه بإبتسامة ولكنها تلاشت لما تخطته ، ضحك بذهول لافي وتغيرت ملامح وجهه من شدة الضحكة وهو يفتح يدينه ويقول : جايية صوب خالها لافييي...
سكت بصدمة لما تخطته ووقفت قدام ضرار ، وسط ضحكة دُجى الخافتة وإبتسامة كايد المكتومة على تعابيّرهم ..
وهَاج الي حك طرف شنبه وهو يناظرها واقفة قدام ضرار وترفع أطراف أقدامها بلهفة : فهد الصغير جاء؟



أبتسم ضرار بيّنما وهّاج تقدم لها وهو يحتضنها له ويرفعها بضحكة : طيب كان عبرتيني أول شيء لأجل نشهد على فرحتك سوى
لما قدرت تسترق النظر على وجه فهد حتى شهقت بفرحة وهي تغطي فمها بعفوية وبراءة وهي تقول : صغير مرة ، بابا وهَاج كيف بشيله؟ بيطيح من يدي
ضحك وهّاج بخفوت وضرار قال بإبتسامة : ماعليك حنا نسندك بيديننا ونسنده
أبتسم كايّد من منطوقهم وأخذ يلتفت لريّحة البخور اللي أنتشرت بشكل فضيَع بالمكان ، شارك الريّحة صدى صوت الطرب اللي كان بأعلى صوت مُزج بصوت زغاريد رحيّبة أخذت تتفنن حليّمة بإطلاقها من ثغرها وسط ضحكتها وحبُورها : حيّالله فهد بن وهّاج ، حيا الله حفيدنا
ضحك ثغر كل من بالمكان، إلا هو "ضحك قلبه ، ضحكت روحه وضحكت كل خلايا جسده ماكانت ضحكته مُقتصرة على ثغره وبس" الشخص الي رفض يترأس المسيرة بيوم زواجه هذا هو واقف المبّخرة بيده والفرحة تبّان على ثغره مثل ما تبّان خيُوط الشمس بأول الشروق !
أقترب ضرار من حليّمة وهو يقول بإبتسامة: جبنا لك ذّيب ذّيب مهب حفيد وبس
إقتربت حليمة منه ولكن ألتفت لحلطمة غُصن العالية وهي تقول بقهر : ليه يقول عن فهد ذيّب ! هو مو حيوان
ضحك لافي من وسط قلبه وهو يقول : فهد ولا ذيّب في النهاية كلهم حيوانات
سكت بورطة بسبب نظرات دُجى وهو يربت على كتفها ويقول بإبتسامة : نمزح معك ياخيتي وش في دمك صار يفور بسرعة ، شكل القُرب من وهّاج الحار خلاك على أهبّة الغليان طوال الوقت
أبتسمت بضحكة بينما وهّاج وقف بجنب دُجى اللي سارعت خطاويّها وهي تدخل للبيت من خلف حليّمة ، واللي من توسطو جلسة شجرة الليمون حتى نقلو نظراتهم ببّهجة لتجهيزات حليمة ، كانت بسّيطة بس لإنها من حليمة منزلتها غييير غير ، جلست دُجى بمساعدة لافي بينما وهّاج إستقر على ظهر الجِذع وعيُونه تراقب حليّمة وتفاصيل وجهها الي ما أنمحت منه الإبتسامة ، إبتسامة فرح ولهفة وبهجة
إنهد بعد كل هالإبتسامة جبال من ضيّق وعتب وشرهه ولان جزء بقلبه ماظن بيوم إنه بيليَن
بوسط إندماجهم وسواليّفهم الرحبة اللي أقُتصرت على الضحكات العالية وعلى الفرحة والرحابّة ألتفت حليمة وهي تهمس لكايّد : صورته لأبوك؟
أبتسم كايّد وهز رأسه بإيجاب : من شفته بالحضانة صورته وعلى طول توجهت للبّهاء والله يمة دموعه بللت شيّبه
هزت رأسها بإيجاب وهي توقف وتجلس بجنب دُجى وعلى مُحياها إبتسامة هادية : هاه كيفك عسّاك صرتي طيبة؟
ألتزمت دُجى الصمت للحظات طويلة وهي عاقدة حواجبها بعدم إستيعاب عميَق ودهشة وضحت على تفاصيّل وجهها " هالإبتسامة لي ؟ وهي فعلاً تسأل عن حالي أنا؟"




إشتدت ضحكة حليّمة وهزت رأسها بإيجاب وأخذت تعدل جلستها وفهد بحُضنها : ماعليك أول الأيام الوجع ما ينطاق بس جهزت لك بخور وكمّادة وكم من عشبة لامنك شربتيها بيخف عليك الوجع ، ولا تخافين على فهد بكون معك في كل خطوة
تنحنت دُجى وهي تستشعر تراكم مشاعر مَهيبة وسط صدرها تحاول تخفي ذهولها ولكنها عاجزة مثل ما الكل عاجز ، كلهم منتبهين للموقف وللشعور المنتشر بالمكان ، كلهم يتفادون يناظرون لبعض وحريّصين ما تتلاقى نظراتهم ، أخذت نفس وقبّلما تهل دموعها رفعت رأسها وتعانقت عيُونها الذابّلة بعيونه المبّتسمة والي كان يهز رأسه بالنفي وكإنه يقول"ماهو بوقت تهليّن دمعك ، إفرحي"وفعلاً نظراته كانت كفيّلة بإنها تستجمع نفسها وتضغط على كفُوفها وإستوقفتها همسات متحشرجة وهي تقول بصوت خافِت : تسلميّن ياخالة ، والله يجزاك خير
بلعت ريقها بصعوبة لما ربّتت حليمة على كتفها وهي تبتسم بخفُوت : مابيّننا دروب للشكر هذا واجب وحق علي
نظراتها المرتجفة ورعشة يدينها كانت تحت أنظار ضرار اللي كتم تنهيّدته بصعوبة والضيّق خيم على صدره " ليه أضطرينا نعيش البُعد ؟ ليه أهلكونا الناس ليه؟"
ألتفت على وهّاج اللي حرر الصمَت وقال وهو يضرب كتف لافي : تراك منت بأول شخص متخرج ، غيّر بدلتك عليم الله بتعشعش على جسمك
فرك لافي مكان الضربة بقهر وهو يناظره بطرف عينه : كسرالله يدينك يالجرادة ، لا يلوح ببالك عشاني مصلع يعني إنك بتقدر علي والله بقوم أطبّق عليك الي تعلمته بالعسكرية ، وإذا على بدلتي فخلها عسّاها تجلس مليون سنة وش عليك أنت؟ من جيبك شيء ؟ دافع فلوس عليها؟
كايّد ضحك وهو يلف يدينه على رقبة لافي ويقول : شكله أنكتم طوال الشهور الي راحت وحرر طاقته اليوم ، وبعدين هو مارجع البيّت أبداً لأجل كذا ما لقى فرصة يبّدل
تنهد لافي بقهر وهو يناظرهم بطرف عيّنه : المفروض تفرشون لي الدرب ورد وفلُ وتمسون وتصبحون علي بالرضا وتبخروني كل دقيقة وأنا خريّج ووثيقتي بيدي ولكن هييييّن بس
وقف ضِرار وهو يسحب المبّخرة الي جنبهم : والله ما أخليها بخاطرك قم بس
ضحك لافي ووقف وهو يتنحنح ويتجه لبعيد عن جلستهم ووقف كايّد مع ضرار وهو يسحب كف وهَاج ويقول بضحكة : قم تكفى ، يكفي إن ولدك كسّر توقعاته وخرب مفاجآته
وقف وهّاج وهو يناظر لفهد بعتب: شفت يابوك من أول ساعاتك نكبتني مع هاللافي
ضحكت حليّمة عليهم بينما دُجى كانت تناظر لعشبة الوزاب"المردقوش" اللي وصّت حليمة ضرار يتركها مع دُجى باللحظة الي يشوفها في المستشفى واللي منعت عنها الإلتهابات الي يسببها البخُور والعطور بشكل عام بهدوء من بعدها ألتفت وهي تناظرهم بإبتسامة


تنحنح لافي وعدل القبّعة السوداء على رأسه ورتب بدلته وهو يناظرهم بإبتسامة ويوسّع خطواته وهو يشوف كايّد واقف قدام شجر الفُل وهو يوزع ريحة البخور على المكان بينما هو تقدم بضحكة وهو يسلم على ضرار اللي دقّ له التحية : مببببببروك طال عمرك
ضحك لافي وهو يهز رأسه بمآساة : الكلمة الوحيَدة الي حفظتها خلال الشهور الي مضت
أقترب وهو يناظر لوهّاج الي يدعي عدم الإهتمام ولكنه من وقف قدامه لافي وهو يناظره بطرف عيّنه أبتسم بضحكة وسلم عليه وهو يقول : عزالله إن عند غُصن عقل ماهو بعندك ، يعني الحيّن أحتفلنا بتخرجك
ناظره بغرُور وقال بعدم مبالاة : لا بس عشان تعرف مقامي ، قيّمتك على حيلك بس عشان تسلم علي
ناظره للحظات وهو ملتزم الصمت ، ثم قرب وهو يلف ذراعينه حول رقبته ويضغط عليها بخفة : أنت صبّرت وتحملت كل شيء وقلت خلني بالنهاية أموت على يد وهّاج ، صح؟
ضحك لافي وهو يلف يدين وهّاج ويتملص من بينها وهو يناظره بطرف عيّنه : إنتهت أيام فرد عضلاتك علي ، لاتنس...
تقدم له وهّاج خطوة ولافي ركض بإتجاه حليّمة وهو يوقف خلفها ويقول : أفزعي لي عن ولدك ياخالة تكفين ، متعلم كم حركة وجاي يطبّقها علي
حليمة أشرت لوهّاج وهو ضحك بصدمة وقال : إبليس مستحي منه والله
أبتسم ضرار بضحكة وهو يهز رأسه بتأأيد ووهَاج ألتفت وأنحنى لغُصن الي سحبَت ثوبه بخفوت ، تعلقت برقبته وهي تميّل شفايفها بزعل ، فعقد حواجبه بإستنكار : علامها بنت أبوها زعلانة؟
تنهدت تنهيّدة عميقة وهي تناظره بضيّق وتقول : يعني لانادوك بيقولون أبو فهد ، ماعادبتصير أبوي ؟
عقد حواجبه بإستنكار وهو من قبل دقايق ملاحظ صمتها وهدوءها فقال بإضطراب : من يقولك هالحكي ؟
نزعت يدينها من على رقبته وهي ترجع خطوة لورى : بتحب فهد أكثر مني ؟
آرخى رأسه بعدم إتزان وهو يكتف يدينه ويقول : ليه تقولين كذا؟
رفعت كتوفها بعشوائية وهي ترجع شعرها للخلف : عشان توه صغيّر إذا بكيّنا سوى رح تروح له هو وأنا تتركني ، عشانه ولد دُجى
أنجلط لافي لما سمع كلامها وتخبّى أكثر خلف حليّمة وهو الي لعب بأوتار قلبها وكثّر الكلام بعقلها عن فهد الصغيّر ، ولكنه كان يمزح معها ماظن إنها بتصدق وتكبّر الموضوع ! جاهل إنها طفلة وأكبر خيّط متعلقة فيه كان"وهّاج" لذلك أي تدخل خارجي بعلاقتهم تعتبره مقص ناوي يقص هالخيّط
زمّ كايّد شفايفه وكان ناوي يقترب منها ولكن وهّاج أشر له ب"لا" ورفع كفوفه وهو يأشر لغُصن تقترب منه ترددت للحظات ولكنها إقتربت منه وهي تحرك رجلينها بالأرض بعشوائِية وتشتت أنظارها وهي مثبتة يدينها خلف ظهرها




سحبّها وهَاج من كفوفها وهو
مبتسم بلهفة وحنيّة على تصرفاتها وأخذ يقبل رأسها بهدوء بعدما إحتجز وجهها الصغيّر بين كفوفه وهو يقول : أنتي بنت شُعاع .. تعرفين وش يعني هالحكي؟
رمشت ببراءة وهي تميّل شفايفها بعدم فهم وهو أبتسم وقال : يعني أنتي الأولى بقلبي وبروحي وأول بناتي وقرة عيني وحبيبتي وبنتي ، وأنا أبو غُصن الحين وبعدين ،فهد أخوك الصغيّر وأكيد إني أحبه وحيل ولكني أحبك زود وإذا بكيتي أترك كل الي بيديني وأجيك أنتي أمسّح الدمعة وأوزع الضحكات على قلبك ، أنتي إذا بكيتي ولازعلتي تزعل كل هالدنيا كلها تدرين؟
لمح توهّج وجهها وإرتسام بسمة عفيفة على وجهها قالت على إثرها : يعني بتكون أبو غُصن دايماً ؟
ضحك وهو يقربها أكثر منه ويحضنها وهو يقول : فيه حد يبيّع لقب يعز عليه أكثر من روحه يا غُصن ؟ إي أنا أبو غُصن هاللحين وبعديّن وحتى لو جاء عُقب فهد عشرة عيال ما أبدلك والله
مافهمت أغلب كلامه ولكن من منطقها الطفولي كان يكفيّها تشديده إنه بيبقى أبوها وإن وجود فهد مارح يزعزع مكانتها بقلب وهّاج وهذا يكفيها ،لذلك نشرت ضحكة البهجة على مسامعهم وهي تحضن وهّاج بقوة وسط إبتسامته، ووسط إيماء لافي برأسه وهو يأشر عليها بذهول : شيطانة هالبنت ، عزتي لولدأختي منها
ضحك ضرار وحليّمة أبتسمت ، بيّنما دُجى كانت أنظارها مصوبة على ضحكة وهّاج وعلى مُحياها إبتسامة هاديّة وخافتة .. إبتسامة رضا تجمّلت بها كل تفاصيل وجهها
-
-
بعد يوم طويييّل ومُهلك ، كان واقف ومستند بيده على طرف الكرسي ، ويده الثانية تخلل خصلات شعره بإنهاك ؛ يستشعر إنه خلال يوم بس أُنهك وقُتل وسُفك دمه وأُهلك يستشعر إنه توفي وإنتهت به الحياة



كيَف عدت الدقايق وهي بغرفة العمليّات ، كيف قدر يستوعب ويخط توقيعه على ورقة الموافقة ، كيف فهم كلام الدكتور وكيف أستوعب إن وجعها كان بسبب "المرارة" اللي شرع الدكتور بعتابه كونها كانت على وشك الإنفجار بسبب تجاهل الوجع والإنتظار !
كان يعتصر وجع وضيّق وقهر ؛ كونها مدة طويلة تعاني من الوجع ، حتى لما كانت تعاتبه كانت تتوجع ولكنها أخفته عنه من شدة ضيقها منه ، معقولة الي يصير ؟ ينتهي بهم الحال بهالطريقة المُوحشة بعدما كانوا علاج الوحشة لبعض؟
كان واقف وسيُوف الندم تتخذ مُنحنى كبير بصدره وتعصره وتهلكه ، كان واقف وهو مُهلك من وجعه عليها ماهو من تعبه هو !
مافارقهت لحظة وحدة من خروجها من العمليات وحتى بعدما نقلوها بغرفة خاصة وإستمر مكوثها ثلاثة أيام
ولكن غضبها ونظرات القهر والعصبيّة ولبّسها للبرود اللامُتناهي معه أجبره يبتعد عنها ، ماهو بلأجل لاينجرح كان لأجل ما يضيّق كونها بحضوره !
-
برغم كل كذا رفضت رفض قاطع يعطي أهلها خبر ، ورفضت يبّقى ويساعدها برغم حرصه الشديد عليها ؛ لذلك كانت الممرضة هي الي تساعدها بالأشياء الصعبّة وباقيها تكمّلها هي

وبعدما مرت الثلاث الأيام الصعبّة عليها ، عاشت بها أنواع المُعاناة ؛ غرقت فيها مخدتها بملوحة الدمّع ، ضاقت بها دنياها بشكل مُخيف ، برغم كل شيء كان وجعها الجسدي يغطي أوجاعها القلبية
عجزت تداري قلبّها وهي بهالحالة المُنهكة ذي ؛ تتأمل وقوفه بجنب الباب لدقايّق وإنصرافه بعدها بصمت ، تتأمل دخوله للغرفة بهدوء تركه لحاجياتها المهمة وخروجه بسكون ، تتأمل مراقبته لها وقياسه لتفاصيلها بعيونه من بعيد وشدة لهفته ثم انسحابه عن المكان خالي الوفاض ، تتأمل طريقة مداراته للوضع ؛ طريقته الي فهمتها بعد مدة طويلة من التفكير
وهذي هي ساكنة وتناظر للمُمرضة اللي تخطي خطوات هادية بإتجاهها وإبتسامة خافتة تزيّن وجهها تبّشرها بإنه صار موعد خرُوجها من هالغرفة اللي إحتضنتها ثلاث ليالي مُهلكة ، رفعت رأسها المرخِي وهي تنقل نظرات باهتة للمكان كانت تستشعر بوخز أبر ببطنها كامل من لحظة الي وقفت مسكت حدود السرير بكل قوة وهي تعض على شفايفها بتعب حاولت الممرضة تساعدها بس أشرت لها بالنفي وهي تستأذنها لأجل تقدر تأخذ راحتها وتغير ملابسها
وفعلاً ما أنتظرت المُمرضة جرت خُطاها لبرى الغرفة ، ولكنه إستوقفها بُرهان اللي عقد حواجبه بإستنكار وقال : ليه خرجتي بدونها؟
الممرضة قالت بهدوء وهي تلتفت عنه وهو الي حرص عليها قبل لحظات تبقى معها : رفضت أبقى معها
وتخطته وهي تبتعد عنه بينما هو أخذ نفس بهدوء وألتفت وهو يناظر للباب للحظات بسيطة من بعدها دفعه للأمام وهو يتجه بخُطواته لها



لمحها واقفة بمكانها تناظر للسلة الي بها ملابسها ، تحاول ترفع لبس المستشفى الرصاصي وتتخلص منه أو تفتح أزرّة ولكنها كلما حاولت تنحني تضغط على بطنها ويشتد الوجع ، وجُل محاولاتها فشلت لأجل كذا كانت تمسح دموعها بتعب بعدما أنهدحيلها وهي تحاول
أقترب منها وهو يوقف جنبها وهي من أنتبهت له بلعت ريقها بصعوبة ودفعته عنها وهي تقول : لا تبّقى هنا ، إنتظر لو ودك برى بس لا تبّقى هنا هاللحظة
ماكانت تبيه ينتبه لدموعها ، ماكانت تبيه يشهد على وجعها ، ماكانت تبيه يلمح معاناتها وتعبّها ، يكفي كل اللي شافه يكفيها ويوفي !
هز رأسه بالنفي وهو ينحني ويحاول يرفع القماش الرصاصي ويحرره عن جسدها ، ولكنها دفعته بقهر عنها بعدما إستطعمت ملوحة الدمع بعيونها وهي تقول : قلت لك إبتعد عني ، مابيّك ولا أبي تشهد على هاللحظة ، لا تقترب مني لا تلمسني
أخذ نفس بصعوبة وهو يبتعد خطوة عنها وهي ألتفت عنه بقهر وسحبت بلوزتها وهي تغطي جسدها السُفلي وتحاول ترفع اللبس ولكنها من جديد عجزت ، كتمت شهقاتها بصعوبة وهي تضغط على محل الوجع بجسدها وهو تقدم منها بدون إذن وأخذ يرفع اللبسّ بكل قوة عنها وبدون ما ينتظر رفضها ، ومن سحبه عن جسدها سمع شهقتها اللي تسربّت عن ثغرها مُجبرة من التعب ، وأخذ يقترب منها بصمت تام وهويأخذ الفستان البني ويرتبه على جسدها ثم أخذ الجاكيت الأبيض وسحب يدها بحنيّة وهو يدخلها بأطراف القُماش الأبيض وألتفت ليدها الثانية وهو يكرر فعلته ، من بعدها أقترب وهو يقفل أزرّة الجاكيّت بصمت وبملامح هادية ، يستمع لشهقاتها المكتومة وملاحظ خضُوعها لتصرفاته لإنها أُنهكت من التعب ، أخذ يتأكد إنها مرتاحة بلبسّها من بعدها رتب خُصل شعرها اللي تبعثرت بأطراف كفه وهو يأخذ حجابها ويساعِدها بلبسه ، ولا أكتفت مساعدتها عند هالحد ثبّت العباية على كتفها وساعدها بلبسها برغم رفضها ومحاولاتها بتجنبه ولكنه إستمر يساعدها بصمت ، ةانت تراقب إيماءات جسده ، ملامح وجهه ، عيونه اللي كان مسيطر عليها تماماً
ماتمردت للحظة وحدة ، ما شرعت نظراتها لأي تفاصيل لبريّق ولو حتى للحظة ، كانت نظرات هادية ولكنها حريّصة
من بعدها حاولت تمشي بدونه ولكنه ثبّت يدينها بمعصمه وهو مكتفي بالصمّت ، يباري رفضها بصمته وهي من لحظة خروجها من المستشفى وحتى وصولهم للبيّت ، كانت ساكنة وهادية وإستمر صمتهم لساعات طوييّلة ولأيام وأسابيع..


في ظل إنتهاء مناوبته ، رفع معصمه وهو يتحسس ساعته بكفه اليميّن ويتأمل xxxxب الساعة الي بدأت تشيّر للساعة ٦ مساء ، أخذ نفس ورفع رأسه بعجل وهو يرتب أوراقه المبعثرة على أطراف المكتب بعشوائية ويحشُوها بداخل الدرج بدون إهتمام ..




كان يحاول ينتهي من كل هالبّعثرة ويسارع خطواته لردها ، متلهف واللهفة إخترقت أقصّاه وما بعمره تلهف لموقف كثر هالموقف ، نسّى كم معدل ضربات القلب بالدقيقة لإنه موقن إنها تعدت المعدل الطبيعي ، ألتفت لدقات البّاب ومن أذن بالدخول عقد حواجبه بإستنكار وقال بإستغراب : علامك جايي؟
ضحك فواز وهو ينزل كفه بعدما دقّ التحية وقال : بدأت مناوبتي طال عمرك ، ماباقي غير أسبوعين وأكمل شهريّن إجازة قررت أستحي على وجهي وأرجع ، خيَرك سابق طال عمرك
ناظره ضرار للحظات وأخذ يسحب قباعته السُوداء وهو يتجه له ويوقف قدامه للحظات وهو ملتزم الصمّت لدقايق طويلة ، أخذ يحك طرف حاجبه وهو يناظره بهدوء ويقول بنبّرة متسائلة : أنت مرتاح؟
أرتسمت إبتسامة خافتة على وجه فواز وأشر بالإيجاب وهذا الجواب كان يكفي ضرار الي ربّت على كتفه بإبتسامة وسارّع خطواته لبرى المكتب وهو بين كل لحظة ولحظة يسّترق النظر لأطراف ساعته ، يسابّق الوقت ويسابّق المسافة والطريّق والشعور وحتى الجواب المُنتظر !
بما إنه يوم تبّادل الكُتب هذا بحد ذاته يكفيه لأجل يتمنى أجنحة تنبّت بوسط ظهره بس لأجل يطير ويوصل قبل ما تتفجر أوعيته من الإنتظار واللهفة
وصل لحدود الشارع الخلفي للبيّت المهجُور ، وأخذ يوسّع خطواته وهو مندفع بكل طاقته ناحيّه مكان اللقاء ، ومن توقفت خطواته بجانب الباب حتى رُسمت علامة إستفهام كبيّرة بخلايا مُخه مُعلنة تساؤلاها عن خُلو العتبة من أوراق كتابه ، كتف يدينه بعدم فهم عميّق وإستفسارات سكنت فؤاده
كان ينتظر الجواب الي يرضي حزن قلبه ويبّدله بفرح ، ولكنه لقى كومة كُتب موضوعة فوق بعضها البعض بترتيب مُعين، والمساحة الي بجانبها خاليه من وجود كِتابه .. !
أخذ الكتب بعشوائية كبيرة بين كفوفه ودخل بعجل للبيت وهو يتجه للصالة ، أشعل شمعاته كعادته وأخذ يسحب الكُتب اللي إحتضنت كفوفها قبل ساعات وهو يقلب صفحاتها ، يدور على الجواب المُنتظر ، يحاول يلاقي اللهفة متخبيّة بين صفحاتها ، هوامشها ، حروفها ، فصُولها ؛ ولكن الكُتب كانت خالية من أي رد ممكن يشفي علة إنتظارَه
سحب القُبعة من على رأسه وهو يتركها بعشوائية على طرف الطاولة وأخذ يجذب شعره للخلف وهو يستشعر إن جوفه يحترق ، كونه إندفع بكل طاقته ولكنه عجز يلاقي الرد
رجع ظهره للخلف وغمّض عيونه للحظات بإنهاك ومن أزاح جفنه عن محيط نظره عقد حواجبه وعدل جلسته بسرعة فضيّعة وهو يبّلع ريقه بصعوبة ، ناظر للكُتب الي رجع يرتبّها بنفس الطريقة الي تركتها له على أعتاب بابه ، كان موقن إنها تدري إنه متلهف للرد ، موقن إنها برغم كل شيء ما بتوجعه بالإنتظار


بهاللحظة هذي بالذات أيقن إن تركها للكتب هذي المختلفة ماكانت إلا رد لملاحظته ، رد للهفته ، ورد لمطالبه وُمناه!
ضغط على يدينه بعشوائية وهويتأمل عناويّن الكتُب ، وماكانت العنوانيّن المهمة ولكن أوائل كلماتها كانت على هيئة رسالة رد ، مايدري كيف أنتبّه ولا كيف أستوعب إنها ردت بالطريقة المُغايرة لتفكيره ، ولكن المهم إنه فهم .. أخذ يقرأ الكلمات الأولى من جديد " مازلت ضائعة في طريق الماضي" كانت خمسة كُتب بمحتويات مختلفة وبكُتاب مختلفين ولكن كان شعورهم مُتشابه تماماً
كانت وظيفتهم باللحظة هذي مُتشابّهه!
أخذ نفس عميّق ومن بين ثنايا عُمقه عقد حواجبه وأخذت إبتسامة غريّبة تظهر على منحنيات وجهه ، تحولت هالإبتسامة لضحكة عالية
رجع يسند بعدها ظهره للخلف ولكنه براحة ، غفّل تماماً عن إنها "مارجعت الكتاب" وهذا يعني إنها تفكر بمطلبّه ! هذا يعني إنه صار بجزء من عقلها مساحة خاصة فيه تفكر فيها عن كلامه وعن ملاحظته ! "مارجعت الكتاب" يعني إنها تفكر وتفكيّرها كان يكفييييّه ويوفيه عن ملاييّن الردود ، مازال يذكر كيف رفضته أول مرة بنفس اللحظة لذلك تفكيرها هالمرة كان خطوة كبيييّرة منها !
ضحك وهو يمسح على وجهه وتناهيّده ما أختفت وهو يناظر للكُتب : من شدة اللهفة تناسيّت الخطوة الصح ! تناسيّت إن الكتاب لو بقى معها رح ترجع لي معه بثاني لقاء
ناظر للرد وميّل شفايفه بخفوت وهو يتنهد : لا توسع مدار أفكارك وتكبّر ظنونك يا ضِرار ، لا تعشم روحك بالشيء الكبير ، خطاوييّها ضائعة كيف ...
قطع كلامه إبتسامة خافتة : لا ضاعت خطاوييّها بدلها على الوجهة الصحيحة ، بدلها علييّ !
كان تناقضه مُخيف وغريّب ، بثانية بسيطة كان قادر على تغييّر قناعاته بشكل كُلي ! كان مثال للتضاد بتفكيره وبعلاقته معها ، وهذي أول مرة يعيش هالتناقض الكبيّر بحياته!
-
-

خيَال ..
محبُوبتنا اللي كان شعرها العسلي دواء ، تتساقط التناهيّد بشكل مُفرط من بين زوايا قلبها اللي عبّثت فيه المشاعر المختلفة ، الضيّاع ، عدم الإستقرار ، التخبُط ، الحيّرة ، الخوف ؛ كانت كل هالمشاعر عنوان حياتها طوال الشهر السابق !
كلما خطت خطوة بعيدة عن أطراف الكتاب تعود أدراجها بكل لهفة وتستعيّده لأطراف كفوفها وهي تحتضن إعترافه بين أصابعها بكل خفة ، تسترق النظر له مابين الساعة والأخرى ، تتأمله لدقايّق وتغوض بين حروفه لساعات !
كان مُلفت وكارِثي ومُغري ، برغم كل المُعوقات والعثّرات والطرق المُغلقة بينهم
تسّرب إعترافه بكل إستقامة وثبّات ووقار على هيئة باب فتح كل مدائن السلام الي مُزج بالحيّرة
-



برغم كل مرور هالشهُور الطوييّلة اللي تعدت فيها مشاعرها بالفترة السابّقة من حياتها ، واللي ذاقت فيها مرارة الخوف ووجع الإنتظار وضيّق الحياة وشقاء القلب ، برغم إنها تجاوزتها ولكنها ماتنكر الصعوبة الي تجاوزتها فيها ، ماتنكر إن للآن لو فتشو بقلبها بيلاقون آثار الشرُوخ اللي كانت مستقرة فيه ! ماتنكر إن بروحها فُتات الخوف متخبية ولا زالت تظهر مابين كل ثانية تلمح فيها إعترافه!

ماتنكر لهفتها ، إبتسامتها المصدومة ، تسارع دقات قلبها ، رجفة يدينها ، رعشة جسدها ، والشعور اللذيذ الي تستشعره حتى ببطنها
ماتنكر لحظة إنهاءها للكتاب وإنهاءها للحكاية الرقيّقة الي توسط أوراقه والي أختارها ضِرار بكل حرص وإستراقها النظر لآخر أوراقه واللي بدت منها حكاية جديدة ، حكاية تملأ أركانها الرغبّة بالتغييّر .. التغييّر له ولها !
ماتنكر إنها لقت مُناها ، وإنه برغم سخرية الي حولها من رغبتها بإن الشخص الي ترتبط فيه ، يبّادر بإعترافه بطريقة تبّهرها ويترك السّهر يصير رفيقها من شدة إنفتانها بطريقته ، ولكن لإن مُناها تأخر وجاء بعد مُعناها كانت ثقتها مهزوزة وبقايا الخوف تذكرها بحياتها الي مضت !
وبرغم كل هالشعور الي يحيط بقلبها إلا إنها ما تركته ينتظر بدون رد ، ولا ردت بطريقة تقليدية وعادية ، ردت بطريقة إستثنائية ومن بين السُطور ، بطريقة بتخليه يُدرك مدى ضياعها فعلاً !
وبعد مرور كل هالأسابيع إختفى حِسه عنها ، لإنها قطعت خطاويّها عنه ، وبقت محصُورة بين أركان غرفتها .. يرافقها كتابه وإعترافه
والي قرأته أكثر من عشر مرات ، وبكل مرة تعيّده وكإنها تقرإه من جديد ، عجزت تتقبل أي كتاب من بعده ، عجز أي كتاب يرضي غرورها ورغبتها وماكانت القصة هي المُلفتة كثر ماكان الي بين أوراقه المُلفت ، كثر ماكان إن هالكتاب يحوي أعز الكلمات الي إنقالت لها بحياتها ؛برغم كل التخُبط والحيّرة وعدم الإستيعاب ، كانت سعيّدة
سعيّدة وإبتسامتها المتخبيَة بين زوايا وجهها وااضحة للكل ولو حاولت بكل قوتها تخفيها!



بوسّط حديقة الصعبّ.. كان مسترسل بجلوسه على أطراف الكُرسي الخشبي ، ينظر بعبث لوُسع السماء ،وعلى وُسع السّماء كان العتب والملامة !
العتّب اللي بسببه تآكلت رُوحه ونُهش قلبه ، العتّب الي بسبب إستمر الصمت طوال هالوقت اللي عاشُوه سوى ،من لحظة إنهيارها من التعب وهو منكسي بالمشاريّه اللي ما أنتهت ولا بتنتهي ، وكلما كانت بتعلن إنتهاءها تبدأ من جديد وتتكرر إلى مالا نهاية
كان غارِق بوسط بحر الملامة لإنها كانت تذوب وتتلاشى من أوجاعها قدامه وهو مستمر بلعبة الغُموض والبّحث في التفاصيل



كان ملاحظ تعبّها وإنكساءها بالضيّق مع ذلك كان يسألها عن "تغييّرها لعاداتها" دون ما يسألها "عن سببّ تعبها" كانت واضحة وتحبّ الوضوح من الليلة اللي أعلنت له فيها حُبها ، ولكنه إستمر بغموضه معها حتى لما صارت بيّن كفينه .. جاهل إن أساس كل علاقة هو وضوح الطرفيّن فيها ، إكمالها بالغموض يعني تعريّضها للتلاشي وبوادر الإنفصال !
كان غارِق ببحر الملامة لإنها كانت مُتعبة ومُنهكة قدام أنظاره وهو برغم حِرصه ما أنتبه لوجعها ، كانت تعتصر من وجعها كل ليلة بصمت ، وهو عاجز عن الإستماع لصرخات وجعها برغم إنها بجنبها ، لولا رجوعه في ليلة التعب كان إنتهى عهدها معه .. للأبد !
بقت حياتهم قائمة على الهُدوء والصمّت ، وماكان الصمّت المُحبّب اللي يترك بالقلب نشوة فرح ! كان الصمّت العاتب والشارِهه والمحمل بالملامة !
مرت أسابيع شفاءها وكل الجُمل الي دارت على شكل حوار بينهم ما تنعد على كفوف أصابعهم ! برغم إن البيت ماكان يحتوي إلى على نسمّاتهم وخُطواتهم إلا إن حتى أثر هالخطوات ما ينشَاف ولا ينسمع ، كانت هالأسابيع مُحمله بذرات التعّب ، اللي ينخاف بعدها يكون الفِراق

أخذ يتنفس بإضطِراب وهو ينحني برأسه للأسفل بخفة ويتأمل بلكونة الغرفة الي تحتوي جسَدها ، يتأملها بكثّرة ويآمل لو ينتهي هالصُدود ، هو يستاهل كل هالجفاء
ومُقر ومُعترف بذنبه اللي كل ليلة يتحلل منه ويتُوبه وهو يحاول يبّادر بالوضوح ، يحاول يخفف عن قلبّها وطأة الشعور عن التعب
لإنها كانت ذابلة لإنها كانت "كانت مثل طيّن مبلل ، وماكانت مبّللة بالمطر ! كانت مبّللة بالدموع"
وبرغم كل هالمشاعر الفائضة الي يعيّشها بالقُرب منها "ماكان قلبها عادي كان أشبّه ببحر يستفزك لأجل تغرق فيه بدون ما تلقى سبيّل للخلاص من بين أمواجه"
لذلك حتى بصدودها مستّلذ وراضي ، المهم تبّقى بجنبه والمهم يكون هو الشخص الي يداريّها واللي يدور لعافيتها وراحتها
المهم إنه برغم كل هالصمت والهدُوء إختارت تكون بأيام تعبَها وإنتهاء طاقتها بجنبه ، إختارت يكون هو الشخص اللي يمسح على وجعها ويقبّل طرف جرحها ويمسح دمعتها ، برغم كل الي بينهم من مشاعر متورطة من شدة الضغط إختارت تكون بجنبه.. وهذا كان عزاءه الوحييييّد !

من بين سكونه وهُدوءه وإنتقال نظراته مابين مدّ غيّم السماء وجزر حدود غُرفتها ، إستشعر حركة مُريبة بالقرب منه فإنقطع سيَل أفكاره وتأمله لشعوره وأخترق قلبه شعور رهيّب لحظة اللي إنتقلت أنظاره تدريجياً للجسد الأنثوي اللي إستقر بالكرسي القريّب منه بكل سكُون
وماكان إستقرار هادي وخافت ! كان إستقرار مُهلك وكارثِي ومُخيف ،يسبّب فيضانات وكوارث وصواعق لا حصر لها بداخل حدود قلبه



كان إستقرار مُلفت ومُغري وكاارثي بشكل لاامعقول ؛لإن البسمة الي تحوي أطراف ثغرها أربّكت صعوبة قلبه وأهلكته وأجبرته يرتبّك ويتلعثم لدرجة وضح توتره لبريّق الي كان بيدينها كوبيّن قهوة ، والي من تركتهم على الطاولة إلتفت له بإبتسامة وقالت وهي ترفع كيس السُكر الصغيّر وتقول : قهوتي هالمرة مُرة .. ودك بسكر أنت؟
تعلثم بكلامه وضاعت مُفرداته وهو يعيد ترتيب طريقة جلوسه من جديد ، ويناظرها بنظرات تملأها الدهشّة والفرحة الي تخبت بين كل هدبّ من أهدابه ، كانت مختلفة
والمهم ضاعت كل نظرات العتب والملامة من عيونها ، ورجعت تناظره بنظرات اللقاء الأول
نظرات اللهفّة ، الرِقة المُعتادة ، نظراتها الي تضحك من لحظة الي تلمحه فيها ، كانت هالنظرات كفيّلة بتسرب كل وجع ومرارة وضيّق مر قلبه على مدار سنين وشهور وأسابيع ، تنحنح وهو عاجز عن إخفاء توتره ولكنه أكتفى بإيّماءة رأسه بإيجاب فهي تبّسمت على حين غُرة وأخذت تفتح الكيّس بصمت وهدوء ، كانت هالأسابيّع اللي بقت فيها معه تحت إطار الصمّت والتعب كفيلة بإنها تضطرب وتتغيّر نظراتها ، لأول مرة تغض الطرف عن أوجاعها وتراقب تخبُطاته في سبيّلها ؛ حرمانه من النوم لليالي طويلة في سبيّل السهر لأجلها ، مدى تجرع مرارة الجفاء بإبتسامة ونفس طيّبة ، برغم تزعزع علاقتهم ووصولها للحد النهائي إلا إنه بقى بإبتسامته المعهودة بقى صابّر ومُحب وعاشِق
لأول مرة المُذيع برهان يغيّب عن حلقة من حلقاته من بدء برنامجه ، لأول مرة يتلاشى حسَه ؛ برغم كل الحوادث والمشاكل الي تصير بحياته كان دايم حرييّص مايغيب عن برنامجه
ولكن لما كان الموضوع يخُصها هي ، كان البرنامج نهاية إهتمامه ، وبدال ما ينسمع صوته إنسمع " نعتذر عن الحلقة الجديدة لغياب المُذيع " حتى الحلقات المسجلة تأجلت بس لأجلها ، فكيّف تغيب عنه ؟ كيف ترضى بقُرب شخص غيره ؟

كان كوب القهوة بعنُوان " أعتذر عن إنهمار مشاعري عليّك مؤخراً .. قلبي مثقوب "
كان على هيئة إعتذار لإنها تركت مساوىء وجعها تنبّثق بشكل مُخيف على قلبه الهادييّ
أخذت تبتسم أكثر وهي تراقب توتُره بوجودها ، عجزه عن الرمّش ، ضغطه على كفُوفه يده ، ونظراته اللي تجرأت وأخذت تراقب كل تفاصيّل وجهها وكإن هالنظرات إنهمّرت بشكل كارثي على وجهها
مع ذلك ما أستائت ولا تضايّقت ، كانت هاديّة ومرتاحة حتى مع نظراته الي تنُم عن عدم الراحة

مدَت له بيدها كوب القهوة بعدما حركت حبَات السُكر بالملعقة الصغيّرة ، ولكنها ما أسترجعت يدها اللي أحتجزها بين كفوفه بكل قوة وسط إبتسامته الي تتساقط من بينها التناهيييييّد "تناهيّد الراحة" !



فهم من تصرفاتها إنها تناسّت ونست كل اللي حصل خلال كل هالشهور .. وهي ودها تفتح قلبها من جديد بدون ما تجرح كرامتها ولا يجرح هو كبرياءه ، ودهم يصيرون أحلى بالقُرب وما يكون للوجع بينهم محل ، ودهم يكونون بخيّر سوى ؛ لإنه خلال كل هالأسابيع ما أحتواها غيّره لذلك ماودها تبتعد عن هالحُضن أبببداً !
أبتسمت بهُدوء من دفء كفوفه الي غمّر يدينها وأخذت تضحك لما سحبّها بخفة وبحرص شديد وهو يعانِقها بهُدوء وبرقة مراعي جرح العمليّة اللي بقى آثاره ، ولكن ماراعى أبداً الشوق الي كسّر ضلوعه ودمّر السعادة بعينه وأنهك قلبه ، مارااعاه أبداً وهو يشد على كتفها ويتنهد بهُدوء .. بدون ما ينطق بكلمة وحدة ، بدون ما يهمّس بهمسة أو تتبعثر جمله على مسامعها!
بقى يعانقها لدقايّق طوييلة بصمت ، وكثر ماكان الصمت بينهم مُخيف ومكروه ؛ كثر ماكان هاللحظة لذيييّذ وممُتع ومحبُوب حييييَل حيييَل !
الصمت اللي يستلذ فيه فعلاً ، واللي ما ينسمع فيه غيّر إضطراب دقات قلبهم بسبب الحُب واللهفة ، الصمت الي إشتاق له وحيل !
أخذ ينقل قُبلات الشوق على صفحات وجهها الرقيّق وسط إنهمار لهفته اللي أربكتها وتركتها تعيش تحت ظل توتر هائل أمتزج بالخجل والحيّاء ..
-
-
بسيارة العقيّد اللي يتقدم فيها بإتجاه بيته السِري ، وهالمرة ما توقفت خطاويّه بالشارع الخلفي ! هالمرة ماكان يسرق من الطريق خطوات سريّة لأجل يتخبّى بين جدران بيته !
هالمرة وقف بعجلات سيَارته قدام باب البيّت ، بكل علانية وأخترق عقود السرية الي عقدها لسنيييّن طويلة ، نزل وهو يوقف قدام الباب وتأمله للحظات طويلة ثم تنهد تنهيّدة عميقة تساقطت بعد التنهيدة إبتسامات كثيفة على ثُغره
" البيّت المهجور الي كانت خطاويه الوحيدة الي تعترف بها عتبات هالبيّت ،ماعاد مهجُور
أركانه الشاحِبة والمُعتمة واللي يتساقط من أركانها العبُوس والضيّقة بقت عامِرة ومأنوسة وتتراقص الضحكات الفرِحة على أطرافها !
البيّت المهجُور الي عاش فيه غريّب ومتغرب عن كل الناس ، صار اللحين موطن ومأوى وتصريّح دخوله كان عقده عليها "
أبتسم بهُدوء وهو يسحب المفتاح من جيبه ، ويدفع البّاب للأمام وهو مبتسم وينقل أنظاره للمكان بلهفة ، ناظر لمقبس الكهرباء بضحكة لثواني معدودة وضغط عليه وسط إبتساماته الخافتة
خلال كل هالأسابيّع ودع الشمّعات الي بقت سنين صاحبته ، ودّع بيته السِري والمهجُور
والي كان الكل يجهل وجوده فيه ولو تخبّى فيه طوال حياته ماظن أحد إنه يسكن أرجاءه
ودّع سريته فيه ، وودّع مكوثه فيه وهو غريّب ومغترب ؛ ودّعه لإنه كان يعيش بين أطرافه
بسبب وِحشته وتغريّبه عن مشاعره وتراكم أوجاعه وهمومه




ودّعه لإنه ماعاااد غريّب
لإنه لقى الوجهة ولإنه قرر ينسى وقرر يخطي خطوة إتجاه السّعادة ! صحيح إن كل خطاويه الي مضت بُترت بطريقة وحشية ! ولكن هالمرة قرر يخطي خطوة واثقة ما بتلقى التعاسة بينها مكان لأجله تحتله
ودّعه لإنه لقى الشخص اللي بيشاركه هالخطوة ، ولإنه ما بيخطيّها بدونه أبببببداً ! برغم إنقطاع التواصُل وإختلال الرد إلا إنه خطى هالخطوة ويدري بنهايتها بيلقى كفوفها تحتضن كفوفه!
أبتسم لما تذكر صدمة حليّمة وإستنكارها وذهولها لحظة الي طلبّها يسكن بهالبيت بالصريّح العام ! تذكر إجابتها المصدومة" بيت جدك ؟ هالبيت مهجُور من عشرين سنة يا ضرار وشلون تبي تسكن فيه؟"
بيَت جده اللي من صغر سنه وهو يتخذه مأمن ويتخذ جدرانه أسوار تحجب كل الناس عن رؤيته من خلاله ، بيَت جده الي هجرُوه الكل بعد موته
ولكنه عجز يهجره !
تذكر كيف رفضت بإصرار من خوفها عليه ولكنه أصر عليها وإتخذ أكثر الطُرق المُقنعة الي رضت بعدها .. وصار البيّت المهجُور اللي يحوي قلب ضِرار المتضرر
بيّت متلهف للضحكة وللعناق والبسّمة!
ألتفت ضرار للباب لما سمع صوت وقوف سيّارة وسارع خُطواته بإتجاهه ومن فتح الباب ولمح فهد ينزل من السيارة وهو مبتسم والي أرسل لها قبل ساعات يشّرفه بحضوره ، خرج وهو يضحك بهدوء وقال : واضح وجهتك كانت من عند السمييّ
ضحك فهد وهو يعدل أطراف شماغه ويهز رأسه بإيجاب : إيي والله ، والله هالحفيّد ماسوى فيني خير يا ضرار ، صرت أخرج من المدرسة قبل الناس والعالم وأنا أسابّق خطواتي لأجل أشوفه
أبتسم بضحكة وهز رأسه بإيجاب وهو يتنهد : الله يلوم من يرمي عليك الملامة ، فهد بن وهّاج وكإنه عامل جذب للسعادة ، من تلمحه تضحك ولو قلبك ممتلي ضيّق
هز رأسه بتأييّد والبسمة ماغابت عن وجهه وأخذ يتأمل البيّت الي وكأنه أُعيد بناءه من جديد ، وبرغم إنه يمر من هالشارع دائمًا إلا إنه أول مرة يلمحه بالبّهاء هذا !
أبتسم فهد وهو يكتف يدينه ويقول : غدى هالبيّت يحمل البّهجة ياضرار ، وهذي سلومك وعاداتك من تخطي خطاويّك لمكان تحمّله بالبهجة
أبتسم ولكن بسُخرية على موقفه ، لإن فهد يجهل إن هالبيت حمّل كل هالسنين الضيّق بسبب تواجد ضرار فيه ! ولكن هالبّهجة تنُم عن رغبته بالفرحة لذلك هز رأسه بإيجاب وقال بضحكة : ودنا نسمع وصيّة جدي الله يرحمه
ضحك فهد بدهشة وقال بإستغراب : الله يرحمه ولكن توالت عليها السنيّن ، وبيته كان مهجور سنيّن ، وتوك تتذكر وصيته؟
أبتسم ورفع كتوفه بعشوائية وناظر للمكان بهدوء وهو يقول : ماهيّ بوصية نمشي عليها متى ماخطر على بالنا ، وصية نمشي عليها لا أرتاحت قلوبنا



عقد حواجبه فهد بعدم فهم ، ولكنه قال بعد دقايّق صمت وهو يدخل مع ضرار للبيّت ويقول بهدوء وفرحة : يالله عسّى بعد شهور نسمع صدى ضحكاتك مع ولدك بهالمكان ، مادام تزيّنت أركانه بالألوان بتتلطخ نسماته بالضحكات
أبتسم بفرحة ضرار إن فهد هو الي تطرق للموضوع وأختصر عليه مُقدمات حاول ليالي طويلة يرتبها ولكنها بكل مرة تتبّعثر ، لذلك قال بدون مايفكر : والله ودّك ، وهذا المُنى وعلى أساس هالمُنى بنيّت على آثار هالبيت آثار ضحكات وعقد
أبتسم فهد بفرحة وقال وهو يربّت على كتفه ببّهجة : زيين مافكرت ياضرار ، والله تلهفت قلوبنا على شوفتك بالبّشت وبيدك سيّف تتمايل به بيوم عرسّك ، تعنيت كثير بحياتك ومشيت بكل الدروب ، جاء وقت تمشي بدرب السّعادة ياولدي .. إن كان ودّك بمحزم فتحزم بي أنا بحسّبة أبوك خُذ بيدي ووقف بي قدام البيّت اللي تبي تناسبه وما لقلبّك غير السعادة والموافقة والرضا
أبتسم ضرار وهو يضحك ويتقدم بخطوة وهو يمسك يدين فهد ، الي بدوره أستغرب وقال بذهول : هاللحين نروح؟
هز رأسه بإيجاب وفهد أبتسم وضرب كتفه بيده الثانية وقال بضحكة يجاري فيها ضرار: تعال سوّد الله وجه من يردك ، من الي بيرد عقيّدنا أبو قلب وسيّع وضحكة رحبّة؟
توتر ضرار للحظات لما لمح الجديّة بعيون فهد ومشى قدامه وهو يقول له : يالله ياعقيّد ، شبيّت بقلبي نار الحماس ودي هاللحين نعقد القران
ولكن خل نتعرف على أهل العروسة ، سعد عينهم لامنك ناسبتهم!
تتابّعت خطوات ضرار ورى فهد الي ركبّ سيارته وضغط على البُوري يستعجل ضرار ، والي فعلاً ركب سيارته وأخذ يتنحنح وهو يمسح على وجهه بإرتبّاك .. آل الموضوع لمُنحنى مختلف تماماً للي كان يفكر فيه !
لوجهة مُختلفة وطريق غريب مايعرف بأي إشارة يوقف فيه وبأي موقف ومفروض ينتظر !
ولكن مادام الوجهة مفتوحة أبوابها ما بيوقف وينتظر ويده على قلبه!
أتجه بسيارته للطريّق الي ينتهي ببيّت فهد ، وسط إستنكار فهد اللي من وقف ضرار ونزل من سيارته
نزل فهد وهو يتجه له ويقول بإستغراب : علامك ...
تبعثرت كلماته بحُنجرته لما سحب ضرار يده وتسارعت خُطواته وهو يوقف قدام باب فهد ، ويناظره بصمت وبعد مدة ترك فيها مساحة لفهد يتلافى الصدمة والذهول ، أخذ يقول بعدها : تظن بيّرضون بضرار يناسبهم ؟
عندك واسّطة تخليهم يرضون فيني؟
بلع ريقه فهد بشتات وأخذ يناظر للحظات طويلة لضرار ، يحاول يستوعب ويُدرك الموضوع الي مايدري كيف غابّ عن مدى إستيعابه لحظة اللي تشرعت خطوات ضرار إتجاه بيتهم!



أخذ يبتسم بخفُوت لما فهم نوايا ضرار وأخذ يضغط على كفوفه ويقول بنبّرة تضُخ بالبّهجة : عزالله من يفرط فيك ياضرار يستاهل يضيّع ، يستاهل الضيّق ! تعال وأنت ماتحتاج واسطة
أنت إسمك يكفييّهم لأجل يستقبلونك فكيّف بحضورك على بابهم؟ تعال والله يسود وجهك من يردك
أبتسم ضرار بوقار وقلبه أضطرب بشكل كارثي لحظة الي أعلنت الراحة إستقرارها بقلبه
لإن فهد ضحك لحظة سماعه لرغبته ، وهذا جزء من الخطوة الصحيحة .. ومن يسمع ضحكتها هي تكتمل كل هالخطوة!
دخل ضرار لبيت فهد ، بيّنما فهد ناظر لنبّتة الصَبار الموجودة بجانب الباب وأخذ يبّتسم بهدوء ، نحنى وأخذها بعشوائية وهو يجُر خطواته لداخل البيّت .. سعيد! لا بأعلى قمة للسعادة وخايف؟ لااا بأعلى مراحل الخوف!
البهجة مستقرة بأوردته ؛ لإن ضِرار صاحب القلب الرقيّق واللي يخاف على الي حوله من نسمة باردة تقدم خطوة له!
وخاييّف ؛ لاتكون جروح اُخته للحين طريّة ! خايف لا يلقى ضرار الرفض وخايف يكون هالخبر مربك لها!
-
-
على حدُود أبو غُصن ..
واللي كان مسترسل بجلُوسه على عتبّات الكنب العنابي ، مثبّت ظهره بكل إحكام على طرف الكنب وغائص في عُمق التأمل للجسّد الصغير اللي يعلو أطراف صدره ، يبّتسم على حين غُرة بكل لحظة يُبدي فيها فهد ردة فعل سواءً كانت عفوية أو هادية!
مرت أيامه الي مضت بحفاوة ،وكل هالحفَاوة تمركزت بعيون فهد ، اللي كان ضحكة حجاج وهّاج !
أخذ يتأمله و بين اللحظة والثانية يبّتسم ، ولكن طواري البّسمات تتلاشى بكل مرة تِتسلل أفكار تائهة لعقله!
ماغابّت ولا بتغيّب هالطواري ،وكيف بتغيّب وهي مرتبطة بإسمه ، وبدمه ، وملامح وجهه ، وتفاصيل أخوه ، وعروق جسده!
تنهد تنهيييّدة عميقة صدى صُوتها أجبّر دُجى تلتفت بإستنكار وخوف ، والي بدورها وقفت من على كُرسي التسريّحة وجلست بالقُرب منه وهي تناظره بهُدوء : تناهييّد راحة يا أبو غُصن؟
ألتفت لها وناظر لفهد اللي غارِق بنومه بنظرة سريّعة ، ثم رفع بصره لها وهو يقول : تناهييّد لوعة وقلة حيّلة ياقرة القلب
إقتربت منه بإستغراب من رده وأخذت تحاول تأخذ فهد من حضنه كونها كانت تبي تبّقى معه على إنفراد ولكن نهاها عن أخذه لما شدّه لحضنه وهو يهز رأسه بالنفييّ : خليه ، وجوده هنا يقلل الحسّرات
ميلت شفايفها بإستنكار وقالت بعدم فهم : ليه تتوالى طواري الضيّق على وجهك؟ ليه منت قادر حتى بالفرح تفرح!
تبّسم بخفة وناظرها بعبّث وهو يقول بهدوءه الطاغِي : أنا بأوقات الفرح أفرح وتتمرد الضحكات بقلبي ، ولكن تعرفين الي بكل ضحكة غصّة؟ وبكل بسمة أبتسمها ألاقي في طرف ثغري مكان يحبس البّسمة؟ ألاقي العبُوس ينتظرني بزوايا ضحكتي ومالي على هالحال حيَلة




تمرد الذهول بشتى أنواعه في تفاصيّل وجهها ، وأخذت تشبّك يدينها بكف يدينه بتساؤل هائل ودهشة عارِمة توسطت جميع أجزاء روحها ، من متى هالحكي له مجال بصدره؟ من متى وهو يخفي الضيق ورى ضحكة؟ متى خفى كل هذا عن عيّنها، قالت بنبّرة متوترة وضح بها كل أنواع الخوف والرغبة الكبيرة بالإحتواء : أنت بيت النور وموطنه ووطنه ومأمنه وأمانه ، وش الي ترك العتمة تغازل أهدابك؟
ميّل شفايفه بإبتسامة خافتة تمردت عليه من بين سيّل الوجُوم كان نتيجة تساؤلها الرقيّق والي دائما تختار معه أعذبّ وأرق الكلمات ، أخذ يناظرها بتنهيّدة وإنتهى سيل نظراته على وجه فهد اللي قال بدون سِتار واقي يستر شعور قلبه اللي ستّره سبع سنين عجاف : يوجعني هالغيّاب يا دُجى ، برغم اللي حصل بيننا واللي أنكسر ولو تكاتفو العرب كلهم لأجل يجبرونه ما أنجبّر ، برغم إني أنا اللي أخترت البعد ولكني ماني راضي فيه ، والله سبّع سنين مُرة يا دُجى مُرة
"من ناظرها بعد إنتهاء كلماتها حتى فهمت مقصده ، فهمت بكل بسّاطة إنه يقصد " سلطان" لإنه داائماً من تحضر طواريه تكون نظرة وهّاج غييير ، نبرته وتعابيّره وإيماءات جسده غييير ، اللمعة الي تحيّط بمحاجر عيونه تتلف القلب من حُر شعورها ، حتى لو كان وجود سلطان كان مجرد تلميح أو من بين السطور
كانت تلمح هاللمعة وهالنظرة بكل بّساطة ، ومن نبّرة صوته الي تمثل الوِحشة واليُتم والضيّق تضاعف الوجع بقلبها لما أكمل": أحس لامني نويت أخطي له أحد يكسر ضلوعي ويقول" تروح لجلادك ياوهَاج؟ تروح للي سرق منك إسمك ونورك؟ تروح للي قهرك وبكاك دم ماهو بدمع؟"
أحس بجروح صدري تتمرد وتنفتح وتذوب كل الضمادات وينرش الملح على كل أجزاءها باللحظة اللي أوقف فيها عند باب غرفته ، أحس بعظامي تذوب وسط جلدي لا تذكرت إن شُعاع ماتت بسبايبه هو وأخوه ، والله اللي رفع هالسماء سبّع وبسط هالأرض سبّع لانويت إذا أشرق الصبّح أتجه له يجافيني النوم وتزورني الضيّقة ويخيّم الوجع على ضلوعي ، أحس إني إذا خطيت له خطوة بلمح دم شُعاع ودمه الي كان مغطي حوش بيتنا
"بلع ريقه يحاول يستجمع أنفاسه وأخذ يمرر يدينه على وجه فهد بحنيّة تامة وصدره يفيّض من شدة الحُب له " : ولكني أخاف من بكرة يا دُجى ، أخاف لامن صحيت أسمع خبر وفاته وأنا بعيّد عنه ، أخاف يمر بكرة مثل اليوم وأنا على أمل أشوفه بعد كل هالدهر ، أخاف إن الدّهر موجعه ببُعدي يا دُجى ، أخاف إنه ندم بعد كل سواياه وزاره الشيّب من شدة بكاءه ، أخاف إني أشوف سلطان العظيّم منهد حيله على السرير بدون قوة ، مالي حييّلة يادُجى



أكمل بهدوءه الطاغي ونبرته المُتعثرة من ضيقه : طواريه تزورني بكل ضحكة ، بكل فرحة وبكل موقف أكون سعيّد فيه ، طواريه تذكرني فيه بكل لحظة وكأنه يعاتبني على الحياة اللي كملتها بدونه
" مشاعره كانت رهن الأسر طوال السنين اللي مضت ، ولكن بحضُور فهد عجز يكتمها أكثر وعجز يحتجزها أكثر تفجرت من بين الأسوار وغزت على كل صدره وعاثت فيه شوق وخوف ولهفة ، حتى إن زيارته له بليلة الإلتئام ماكانت تعتبر ضمة شوق لإنها ماكانت إلا زيارة يتحلل فيها من ذنبّ شعاع ومن ظنونه وكانت تحت ضغط الوجع وتتحت ضغط اللاوعي ! " : أخاف من بكرة لاكبّر فهد ودرى بسوايا وهَاج في أبوه ينهد له ضلع يا أم فهد ، أخاف يقول أبوي ما أحتوى أبوه وأنا كيّف أحتويه؟
"تأملته بهدوء وهي مركزة بشكل كُلي على نظراته لفهد ، كانت نظرات هائلة وكبيّرة وكثيرة وضخمة وعظيّمة نظرات ماكانت صغيرة ولا قليلة برغم صغر فهد ، كانت فعلاً نظراته تحتويّه بكل كثرة فكيّف بقلبه ؟ طفل لهالرجل كيف بيقول هالحكي ؟ أخذت نفس بهدوء وبعد صمت دام لمدة قليلة فهمت فيها تفاصيّل حواره وكلامه ، وأستنتجت سبب مخاوفه والي كانت بقلبه من سنين طويلة ولكنها تشعبّت وتكاثرت حتى تمردت عليه بعدما عانقت كفوفه كفوف فهد ، قالت بنبّرة هادية إعتاد سمع وهّاج عليها وأستلذها لإنها بكل مرة تكون حنيَنّة وبشكل لامعقول تجبر كل مخاوفه تذوب في أمانها ": لا يمليّ قلبك خوف إن فهد بيوم من الأيام بيفيّض قلبه بهالتساؤل يا وهّاج ، لإن مابعمرك بتكون مثل سلطان له ، ولا يملي قلبك شك إنك قصّرت ولا أوجعت ولا هدمت هالعلاقة أنت
هالعلاقة كانت من بدايتها مهدود ومكسروة ويدين أبوك زادت بأوجاعها أنت كأي شخص موجوع أبتعدت لأجل تدور على الضمّاد والجبر يا وهَاج ، محد بيرضى يبقى يتجرع المرارة وعنده القدرة على الخروج من هالمكان!
وأنت أبو القلبّ الحنيّن اللي غطاك الوجع ورماك بترابه ونوى يدفنك بقبّر الظلام رفضت يبّقى لوحده وكنت ظهر يسنده بدون علمه ، سواياك كلها كانت كبيرة عليه يا وهّاج ولاهي بهينة لأجل تملأ قلبك الحسايّف والحسّرات ، سواياك هي اللي بتتركه يندم على لياليك المُرة معه ، ولاعلمني من اللي يبّكي ويضيق ويقفل باب الفرح لإنه غمّض عيونه عن وجعه وهرب عنه؟
" سكتت للحظات وهي تبلع ريقها بهدوء وأخذت تحتضن أطراف ذقنه بيدينها وهي تبتسم بخفوت " : ولكن علمني .. هالشعور كلها لإن ودك به؟ ودك تشوفه؟ ماعاد عندك قدرة لإجل تبّقى رهين لأفكارك الي مضت؟
ناظرها بتشتت وهو يحاول يضيّع منطقه لأنه خاف لما فهمت مقصده من كل هالتناهيّد ، لإنه وبرغم إنه غلف كلامه بشعور غير شعوره فهمته بكل بساطة



"جوري" غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 01:45 PM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.