آخر 10 مشاركات
رحلة امل *مميزة*,*مكتملة* (الكاتـب : maroska - )           »          هل يصفح القلب؟-قلوب شرقية(33)-[حصرياً]للكاتبة:: Asma Ahmed(كاملة)*مميزة* (الكاتـب : Asmaa Ahmad - )           »          سيمفونية الجليد والنار(117)-ج3 أسرار خلف أسوار القصور - noor1984*الفصل17ج1* *مميزة* (الكاتـب : noor1984 - )           »          جدران دافئة (2) .. سلسلة مشاعر صادقة (الكاتـب : كلبهار - )           »          بريّة أنتِ (2) *مميزة ومكتملة * .. سلسلة قوارير العطّار (الكاتـب : كاردينيا الغوازي - )           »          الزوج المنسي (10) للكاتبة: Helen Bianchin *كاملة+روابط* (الكاتـب : raan - )           »          طوق نجاة (4) .. سلسلة حكايا القلوب (الكاتـب : سلافه الشرقاوي - )           »          261-سحابة من الماضي - ساره كريفن ( كتابة / كاملة )** (الكاتـب : بنوته عراقيه - )           »          تريـاق قلبي (23) -غربية- للمبدعة: فتــون [مميزة] *كاملة&روابط* (الكاتـب : فُتُوْن - )           »          متزوجات و لكن ...(مميزة و مكتمله) (الكاتـب : سحابه نقيه 1 - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > الروايات الطويلة المكتملة المنفردة ( وحي الأعضاء )

Like Tree4110Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 27-05-21, 01:15 PM   #161

بنت سعاد38

? العضوٌ??? » 403742
?  التسِجيلٌ » Jul 2017
? مشَارَ?اتْي » 524
?  نُقآطِيْ » بنت سعاد38 is on a distinguished road
افتراضي


جمييييييل جدااااا

بنت سعاد38 غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 27-05-21, 11:43 PM   #162

Heba aly g

كاتبة بقسم قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية Heba aly g

? العضوٌ??? » 459277
?  التسِجيلٌ » Dec 2019
? مشَارَ?اتْي » 1,500
?  نُقآطِيْ » Heba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond repute
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ام ياسين حاتم مشاهدة المشاركة
احداث ممتعه وفصل جميل 😍
ربنا يبارك لك حبيبتي 💞



Heba aly g غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 27-05-21, 11:44 PM   #163

Heba aly g

كاتبة بقسم قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية Heba aly g

? العضوٌ??? » 459277
?  التسِجيلٌ » Dec 2019
? مشَارَ?اتْي » 1,500
?  نُقآطِيْ » Heba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond repute
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة بنت سعاد38 مشاهدة المشاركة
جمييييييل جدااااا
اشكرك يا جميلة🥰🥰🥰

Ahom and ولاء مطاوع like this.

Heba aly g غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 30-05-21, 07:03 PM   #164

آية العيسوي

? العضوٌ??? » 475453
?  التسِجيلٌ » Jul 2020
? مشَارَ?اتْي » 111
?  نُقآطِيْ » آية العيسوي is on a distinguished road
افتراضي

الفصل حلو أوي تسلم ايدك ♥️

آية العيسوي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 30-05-21, 09:15 PM   #165

طوطم الخطيب

? العضوٌ??? » 487178
?  التسِجيلٌ » Apr 2021
? مشَارَ?اتْي » 169
?  نُقآطِيْ » طوطم الخطيب is on a distinguished road
Rewitysmile1

بدايه موفقه تسلم ايدك

طوطم الخطيب غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 31-05-21, 11:22 AM   #166

Heba aly g

كاتبة بقسم قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية Heba aly g

? العضوٌ??? » 459277
?  التسِجيلٌ » Dec 2019
? مشَارَ?اتْي » 1,500
?  نُقآطِيْ » Heba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond repute
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة آية العيسوي مشاهدة المشاركة
الفصل حلو أوي تسلم ايدك ♥️
تسلميلي حبيبتي ربنا يباركلك ❤️❤️


Heba aly g غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 31-05-21, 11:23 AM   #167

Heba aly g

كاتبة بقسم قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية Heba aly g

? العضوٌ??? » 459277
?  التسِجيلٌ » Dec 2019
? مشَارَ?اتْي » 1,500
?  نُقآطِيْ » Heba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond repute
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة طوطم الخطيب مشاهدة المشاركة
بدايه موفقه تسلم ايدك
ربنا يبارك فيكي حبيبتي تسلميلي🥰🥰


Heba aly g غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 31-05-21, 06:01 PM   #168

Heba aly g

كاتبة بقسم قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية Heba aly g

? العضوٌ??? » 459277
?  التسِجيلٌ » Dec 2019
? مشَارَ?اتْي » 1,500
?  نُقآطِيْ » Heba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond repute
افتراضي

الفصل الثالث
وقفت خلف نافذة غرفة نومها تتأمل شعاع شمس المغيب المغموس في ماء النهر العذب فيعطيه جاذبية وسحر خاص ورغم أنه نفس النهر الذي يسري في بلدتهم ولكن جاذبيته وسحره هنا تزداد
لطالما عشقت هي حياة المدينة وتمنت أن تخرج من القرية الصغيرة على هذا العالم الواسع خاصة وأن الحياة في بيت عمها صالح مختلفة تماما عن الحياة الصارمة في بيت والدها
دائما كان والدها وعمها صالح على طرفي النقيض
فوالدها صارم وعمها صالح لين القلب و حسن العشرة .... كانت تأسرها معاملته ليسر كأميرة وكانت تتمنى أن يكون والدها مثله
كان والدها لا يحب انجاب الاناث ويفضل يحيى و عمرو عليها هي و هاجر في الوقت الذي كان عمها صالح يميز يسر عن يوسف وحاتم ويدللها
كان والدها لا جدال ولا نقاش معه وكان عمها صالح صدره رحب لكل ابناؤه وكل أبناء اخوته ... لذلك ترافق حلمها بالزواج من يوسف حبيبها الأول والأوحد مع الحياة التي تمنتها ولكنها لم تكن تعرف أن الحياة ليست كريمة نطلب منها فتعطينا لتصطدم بعد زواجها بطبيعة يوسف العملية التي لم تكن تعرف عنها أي شىء من قبل والتي تتناقض بشدة مع طبيعتها الرومانسية الحالمة
خرجت منها تنهيدة قصيرة بعد أن جالت بأفكارها مابين ماضيها وحاضرها بتناقضهما
ماضيها القريب الذي كان يحوي حب يوسف حيث كانت وقتها تسكن سحابة وردية تجاور بها نجوم السماء
وحاضرها الذي يعيش فيه معها بوجه آخر غير الذي كان....
ماضيها الذي كان به أب متسلط كزكريا .....
وحاضرها الذي به عمها صالح بكل تسامحه.....
تحولت التنهيدة إلى ابتسامة ساخرة على شفتيها وقد أدركت أن ليس كل ما يتمناه المرء يدركه...
سمعت صوت باب الشقة يُغلق فعقدت حاجبيها فمن الذي سيدخل هكذا ويوسف ليس هذا بموعد عودته وما أن همت بالخروج من غرفة نومها حتى فتح يوسف الباب فاتسعت عينيها قائلة بشك:"ليس هذا موعد عودتك هل حدث شىء؟.."
"آتى متأخرا لا أعجب آتي باكرا لا أعجب ...."
قالها يوسف بابتسامة ساخرة فأردفت بنظرة عين يملؤها الاحتياج وهي تقترب منه بثوبها الخفيف الذي يلتصق على جسدها بإغراء :"لا ...حين تأتي باكرا يعجبني افعلها دائما..."
هاهي تقترب منه بنعومة و نظرة عينيها المستكينة تعده بالكثير لما لا تظل هكذا دائما؟ لما لا تتقبل طبيعته وتتكيف معه وتكف عن المشاكل التي أصبحت تؤرقه ؟..كانت بالفعل قد اقتربت منه وشوقها إليه بلغ أقصاه فلهما فترة طويلة يبتعدان نفسيا وجسديا مابين انشغاله تارة وملله الذي يصيبه كل فترة تارة وعنادها هي بمنع نفسها عنه عله يشعر بها تارة أخرى ولكن امتناعها يكون لفترة قصيرة لا تستطع بعدها الصمود فما كان منها ما أن أحاط خصرها بذراعيه حتى أحاطت عنقه بكفيها ووضعت رأسها كقطة ناعمة فوق صدره فابتسم وهو يقبل شعرها قائلاً:"اشتاق أنا إلى قطتي الصغيرة لما لا تبقين هكذا دائما وتكفي عن الشعارات الرنانة بحقوق المرأة ؟.."
كان يقولها بلهجته المرحة الساخرة التي تعشقها فضحكت ورفعت وجهها نحوه قائلة:"ولما لا تبقى أنت الآخر يوسف حبيبي الذي أعشقه وتكُف عن مشاكستي؟ لما لا أجد حضنك مفتوحا لي دائما؟..."
مط شفتيه ولمعت عينيه بلمعة ماكرة قائلاً:"ها أنا موجودٌ بكليتي .."
قالها وهو يميل ليلثم ثغرها برقة ونعومة ،قالها بنبرة شعرت أنها تجذبها لقاع النهر الذي في الجوار
بعد فترة
كان يوسف قد غفى لنصف ساعة تقريبا وما أن فتح عينيه حتى ابتسم لها وهو يراها تنظر إليه وهو نائم هكذا بنظرة بها شغف لم ينطفىء منذ سنوات ... عينيه دائما بهما لمعة مكر فطرية في شخصيته و ابتسامته مراوغة و شخصيته متمردة ولكنها تعشقه بكل حالاته فقال لها و هو يغمز بعينه و يرفع ذقنها بسبابته وابهامه :" أرأيتِ كيف حين تتحولين إلى قطة تخرجين أفضل ماعندي..."
قهقهت ضاحكة على تلميحاته الوقحة وأردفت:"حسنا نعقد اتفاقية أنا أظل هكذا وأنت تظل هكذا ...."
قال لها مبتسما :"حسنا أوافق...."
تحسست جانب وجهه بأناملها قائلة:"يوسف أنا أحبك وكل ما أريده منك أن تشعر بي ..أن أسمع منك كلمة حلوة... أن أسمع منك كلمة أحبك كالسابق..."
قال لها بنبرة ساخرة وعينين تلمعان بالتسلية:"ألا تريدينني مقرمش من الخارج وطري من الداخل؟..."
لكزته في كتفه قائلة بغيظ:"لا تفصلني بمزاحك السخيف هذا أنا أتحدث في ماذا وأنت تتحدث في ماذا؟.."
قال لها مٌتهكما:"ماذا أفعل لكِ أنتِ غالبا الروايات التي تقرأينها أتلفت عقلك، أنتِ تعيشين في عالم خيالي وتطلبين مني ان أتصرف كأبطالك الخارقين ....ثم أردف مدعيا الجدية:أنا غالبا سأمنع دخول الروايات المنزل .."
اتسعت عينيها قائلة:"كل ذلك لأنني أطلب منك أن تقول لي أحبك؟..."
غمزها بعينه قائلاً وهو ينفض الغطاء عنه:"أنا رجل أفعال مالي أنا بالأقوال؟.."
ثم تركها ودلف إلى حمام الغرفة فتابعته بنظرها وقد كانت لا تزال تحت تأثير لحظاتهم معا فقالت لنفسها وهي تتشبث بغطاءها وتثبته على صدرها كمن تقنع نفسها بأمر ما :"حسنا كما قال هو طبيعته عملية فيكفيني منه أفعاله مادامت الأقوال صعبة إلى هذه الدرجة"
ثم استقامت هي الأخرى ودلفت إلى الحمام الخارجي وبعد أن أنهت حمامها دلفت إلى الغرفة مرة أخرى وارتدت فستان قصير بحمالات رفيعة بلون فيروزي ونفضت شعرها المبلل حول وجهها
كانت بشرتها البيضاء متوهجة فنظرت إلى نفسها نظرة رضا ثم خرجت إلى غرفة المعيشة وفتحت التلفاز على قناة للأفلام وهي تنوي بما أنه جاء مبكرا أن تستغل هذه الفرصة لخلق جو رومانسي رائع فغالبا الأولاد ناما بالاسفل عند جدهما ماداما لم يصعدا حتى الآن..
دلفت إلى المطبخ وهي تشعر بشحنة من الطاقة الايجابية تملأها
وقفت أمام الموقد تعد الفيشار للسهرة التي تجهز لها وفي ذهنها تجول أفكارها ..عليها أن تعترف أن لديه كل الحق هي طبيعتها رومانسية وقراءتها للروايات الرومانسية بالفعل تؤثر عليها ودائما تنتظر منه تصرفات وكلمات وهدايا رومانسية ولكن هناك حقا فجوة بين الواقع والخيال عليها أن تعترف بذلك
أنهت الفيشار و أعدت كوبين من العصير الطازج ووضعت الصينية على المنضدة الصغيرة وأغلقت الأضواء الرئيسية للشقة وفتحت فقط الأضواء الجانبية فلهما فترة لم ينعما بهذا الهدوء والأجواء الرومانسية
وحين التفتت لتعود إلى غرفتها لتقول له أن يأتي ليجلس معها وجدته خارجا وهو يرتدي حلة أنيقة ورائحة عطره تسبقه فقالت له بنظرة خطرة :"إلى أين؟.. هل جئت باكرا لتخرج مرة أخرى؟..."
قال لها بهدوء:"لدينا حفل زفاف صديق لنا..."
"خذني معك لي فترة طويلة لم أخرج..."
قالتها برجاء فأردف هو بنفس الهدوء:"أصدقائي سيذهبون معي وليس معهم زوجاتهم..."
قالت له وهي تشير إلى المنضدة التي عليها المسليات والعصائر:"لقد أعددت لسهرة لنا معا .."
تقدم من المنضدة وأخذ عدة حبات من الفيشار وضعهم في فمه قائلاً:"رغما عني مريومة ....ثم أردف وهو يتجه نحو باب الشقة:سأرسل لكِ القردان من أسفل وهما يقومان بالمهمة...."
ثم أغلق الباب خلفه وتركها تشعر بالإحباط بعد أن كانت قد أعدت نفسها لسهرة دافئة بعد لحظات دافئة
***************
وكما الحال في كل المدن كما يوجد من يسكنون ضفاف النيل يوجد من يسكنون جحورا صغيرة نظرا لضيق الحال
كما يوجد من يبحثون عن كماليات الحياة كمشاعر مفقودة وكلمات معسولة يوجد من يحصلون على أساسيات الحياة بالكاد فالكماليات لا تظهر الحاجة إليها الا عند اكتمال الاساسيات ومن لم يمتلك الأساسيات لا يملك رفاهية التفكير فيما هو أكثر من كسرة خبز وشربة ماء أو مسكن آمن أو دواء...
جلست فاطمة على الأريكة العالية ذات الطراز القديم في منزل حماتها تنظر من فتحة الشرفة الصغيرة إلى الشارع الضيق الذي تسكنه ورغم ضيقه إلا أنه لم يكن أضيق من حالها ...جلستها هذه كانت تسليتها الوحيدة وهي تتابع أهل الحي البسيط، تلقي نساء الحي البسيطات عليها التحية تتحدث معها تلك وتسأل عن حالها الأخرى ،ومن كان ينظر إلى الحي البسيط الذي تسكنه والبيت المتواضع ذي الطابق الواحد بمساحته الصغيرة وينظر إلى ملامحها كان يرى تناقضا واضحا بين صاحبة هذا الوجه الجميل و بين هذه البيئة التي تحيا فيها ولكن "فاطمة" لم يكن لسانها يتمتم سوى بالحمد لله الذي لا يٌحمد على مكروه سواه
انتزعها من شرودها أنامل صغيرة تلعب في قدميها من أسفل فنظرت للاسفل لتجد صغيرتها ذات الوجه الملائكي والابتسامة الرائعة وما أن نظرت لها فاطمة بابتسامة حانية حتى قالت الصغيرة التي تجاوزت الأربع سنوات بعدة أشهر :"ما....ما" رفعتها فاطمة من ذراعيها لتجلس الصغيرة على ساقيها .... قبلتها قبلة حانية على رأسها قائلة:"قلب ماما وفرحة قلبها أنتِ..."
صغيرة، جميلة ،شقية وحانية .. حين تضمها تشعر بأن العالم كله ضمها ضمة حانية ..
مخطىء من قال أن الابن هو من يحتاج حضن الأم فالأم هي من تحتاج بشدة إلى حضن أبناءها حتى تستطيع أن تتجرع مرارة الحياة بنفس راضية
أخذت الصغيرة تلعب في وجه أمها وتنطق حروفا غير مترابطة فقط هي من تفهمها ...كانت فاطمة تنظر إلى صغيرتها بشغف لم يقل ....
منذ رأتها عينيها وهي تراها بعين الكمال وهل ترى عين الأم في ولدها نقصا أو اختلافا؟ غرباء هؤلاء البشر في الخارج حين ينظرون إليها نظرة نقص وهي في الحقيقة لا تعاني من شىء سوى أنها من أصحاب متلازمة الحب وهل هناك أجمل أو أنقى من كل من يحمل هذا الكروموسوم الزائد؟ ضمتها إليها فاطمة بحب ولم تمضى ثوانٍ حتى خرجت والدتها من غرفتها بعد أن صلت صلاة العشاء فجلست بجوارها على الأريكة وهي تٌسبح على سبحتها وتبتسم للصغيرة ابتسامة حانية
ثلاثة أجيال يسكنون شقة واحدة ، الجدة الخمسينية الطيبة أم فاطمة والأم الشابة والصغيرة التي لا تعرف في الحياة سوى أمها وجدتها ولا تحمل للدنيا هما....
قالت فاطمة وهي توجه نظرها لوالدتها:"أمي سأخرج لأحضر علاج فرح ،نسيت أن أحضره حين عودتي من العمل ..."
قالت لها أمها وقد أشفقت عليها من الخروج ثانية وهي تعلم كم تتعب في عملها:"اجلسي أنتِ حبيبتي وأنا أخرج لأحضره..."
قالت لها فاطمة:"لا أمي.. سأخرج أنا وآخذ فرح معي تغير جو قليلاً..."
أومأت لها أمها برأسها فالصيدلية على بعد عدة خطوات من البيت فارتدت فاطمة عباءتها السوداء ووشاحها الأسود وأخذت صغيرتها في يدها وخرجت إلى الشارع وكل من يقابل الصغيرة من أهل الحي يصافحها بمودة فقد نجحت في اكتساب قلوب الجميع ببراءتها وجمالها وكانت جدتها تتابعهما من النافذة الواقعة في الطابق الأرضي إلى أن قابلت الشيخ عزت امام المسجد في منتصف الشارع فابتسمت له فاطمة قائلة بمودة:"كيف حالك ياشيخ عزت؟..."
ابتسم الرجل العجوز ابتسامة واسعة وجهها للصغيرة التي قبل يدها قبلة حانية قائلا لأمها:"بخير يا ابنتي كيف حالكم أنتم؟..."
"في نعمة والحمد لله..." قالتها برضا وهي تمسد على شعر الصغيرة فقال الرجل بنظرة جادة:"كيف حال سعد هل يرسل إليكم مصاريفكم الشهرية..."
تبدلت نظرة الرضا في عينيها إلى نظرة كسيرة وأردفت:"يرسل شهرا و ينسى شهرا ولكن الحمد لله مستورة..."
أردف الرجل بشفقة:"كان الله في عونك يا ابنتي وأعانه الله على نفسه صدقيني حدثته كثيرا...."
أومأت برأسها قائلة:"أعرف .."
كان يود لو يساعدها ولكنه يعرفها عزيزة النفس ولن تقبل مساعدة من أي أحد فربت على شعر الصغيرة مستعدا للانصراف حين فاجأته فاطمة بسؤالها:"ألا يٌعد ياشيخ مايفعله سعد هجرا؟.."
نظر لها الرجل وإلى ملامحها الجامدة قائلا بخجل من فعلة سعد معها:"نعم يا ابنتي هجرا..."
قالت له بتساؤل وهي تضيق عينيها "وما عقاب الله للرجل الذي يهجر زوجته وابنته بالسنوات؟..."
زفر الرجل زفرة حارة قائلاً:"عقابه عند الله كبير يا فاطمة..."
ابتسمت ابتسامة واهنة من خارج قلبها قائلة :"فعلا أعانه الله على نفسه وأعانه على تحمل عقاب الله..."
لم يجد الرجل ردا ولم تجد هي ما تزيده فاستئذنت منه وتركته لتتابع سيرها بصغيرتها نحو الصيدلية...
*************
وعلى قدر جمال القرية نهاراً والحياة التي تدب فيها والدفء الذي يغمرها على قدر هدوءها ليلاً ... وعلى قدر جمال النهر العذب نهاراً وشعاع الشمس ينغمس فيه فيضفي على جاذبيته جاذبية على قدر مايزداد قتامة ليلاً لولا القمر الذي يزين السماء و يٌلقي بضوؤه على صفحة ماء النهر
وقفت يسر خلف النافذة في غرفة المعيشة تنظر إلى القرية الهادئة التي لا يُسمع فيها سوى صوت صرصور الحقل في الوقت الذي فتح فيه يحيى باب الشقة وأغلقه خلفه بهدوء فالتفتت إليه لتجده يُقبِل عليها بابتسامة رائقة ووضع الكيس الذي في يده على منضدة السفرة ثم احتضنها بحنان قائلاً:"حبيبتي تأخرت عليكِ..."
أغمضت عينيها وهي تتشبث في صدر قميصه قائلة:"نعم تأخرت فجلست مع ماما غالية حتى نامت ثم صعدت منذ قليل...."
كان يشعر بنبرة الحزن لا تزال تسيطر عليها فأبعدها عنه قليلاً ناظرا في عمق عينيها البندقيتين قائلاً:"ما رأيك لو نأخذ السهرة معا .. ثم أردف بحماس طفل صغير وبعينين تأسرانها دائما : أحضرت لكِ فيلما أجنبيا من الطراز الذي تعشقيه .."
ابتسمت وهي تتحسس وجهه بأناملها ممتنة لمحاولاته الحثيثة لكي يخرجها من حالة الحزن التي لا تزال تسيطر عليها فأردفت وهي تنظر إلى الكيس على المنضدة:"هل أحضرت تسالي ومقرمشات معك؟..."
نظر إلى حيث تنظر قائلاً :"بل أحضرت الدواء الذي كتبه الطبيب وقال أن تنتظمي عليه...."
تقدمت من المنضدة وفتحته لتجد عدة أنواع من المكملات الغذائية و.... رفعت وجهها إليه بشريط منع الحمل الذي كان بين الأدوية قائلة بتحفز :"لماذا أحضرت هذا؟...."
تنحنح قائلاً وهو يعرف أن هذا سيكون رد فعلها :"الطبيب قال أنكِ لابد أن تاخذيه لفترة..."
قالت له بصرامة:"لا لن آخذه ..ثم أردفت وقد تهدج صوتها :ربما أراد الله لنا بحملٍ قريب و..."
"لا.... قاطعها هو بصرامة هذه المرة ثم أردف بنبرة أهدأ قليلاً وهو يمسد على ذراعها:يسر لقد ضعفت صحتك حبيبتي والطبيب شدد على أن تاخذي فترة راحة طويلة...."
ترقرقت الدموع من عينيها فضمها إليه قائلاً:"فترة وستمر وسنتذكرها فيما بعد حين يراضينا الله ولكن المهم عندي الآن صحتك..."
استكانت بين ذراعيه أخيرا وهي لا تملك سوى الاستكانة
جمرة نار في أعماقها من فقدها واحتياجها و طاقة نور تنساب من بين كلماته الداعمة وتفهمه ومراعاته
ولا تعرف أنه هو أيضا يشتعل من داخله ولكنه بطبيعته يستطيع أن يتصنع المرح ويداري عنها ما يزعجه والأهم أنه له في الحياة أولويات وأول أولوياته هي صغيرته التي ينطبع حبها في قلبه كوشم منذ سنوات
كان كلاهما قد ذاب جزء كبير من توتره بين ذراعي الآخر فأبعدها عنه قليلا قائلا بنبرة دافئة:"هيا حتى لا يضيع الوقت فالفيلم طويل ثم غمز بعينه قائلاً:وملىء بالأكشن ...."
ابتسمت أخيراً ابتسامة من قلبها ولم يمر وقت طويل حتى كانت تجلس بجوراه على الأريكة ترتدي منامتها القطنية المرسوم عليها شخصيات كارتونية وشعرها الاسود الناعم مسترسلاً على ظهرها وهو يجلس بجوارها يحتضنها وعينيها تتسعان رعبا من المشاهد العنيفة أمامها في الفيلم وقد نجح في أن يخرجها من حالتها ...
استند بذقنه فوق رأسها وهو لا ينتبه كثيرا للفيلم أمامه ولكن يتذكر بضيق تلميحات والدته له منذ قليل عن رغبتها في أن يتزوج مرة أخرى ورغم أنه لم يستمع لها وأغلق الموضوع قبل أن تفتحه إلا أنه يشعر بضيقٍ في صدره وهم يفوق سنوات عمره الثلاثون
************



التعديل الأخير تم بواسطة rontii ; 01-06-21 الساعة 02:00 PM
Heba aly g غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 31-05-21, 06:05 PM   #169

Heba aly g

كاتبة بقسم قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية Heba aly g

? العضوٌ??? » 459277
?  التسِجيلٌ » Dec 2019
? مشَارَ?اتْي » 1,500
?  نُقآطِيْ » Heba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond repute
افتراضي

في الصباح


وقف يحيى بين المزارعين الذين يقومون بتعبئة محصول الطماطم يتأكد من أن كل الثمار بحالة جيدة كما كان يتوقع فهو يعمل منذ تخرجه على تطبيق الأساليب الحديثة في الزراعة لتنمية المحاصيل وزيادة جودتها لتصبح محاصيل آل عمران هي الأولى على مستوى المحافظة

كان يقف بين المزارعين يرتدي قميصا كلاسيكيا وبنطال كلاسيكي ونظارته فوق عينيه تحميه من الشمس الحارقة وعلى بعد خطوات منه كان يقف زكريا على النقيض تماما من ولده فهو يرتدي جلبابه فوقه عباءته الثمينة التي تعطيه مظهرا مميزا بين المزارعين والتجار وبعد أن انتهى المزارعين من تعبئة المحصول الذي سيأخذه التاجر صاحب سلسلة المحلات الشهيرة في مركز المحافظة حتى وقف يحيى ليعد الاقفاص التي تم تحميلها على العربة النصف نقل

قال التاجر لزكريا :"نشكرك ياحاج زكريا...."

فقال زكريا :"أهلا بك في أي وقت ياحاج عزمي..."

تحركت السيارة بعد أن نقد الرجل زكريا حساب الحمولة ومسك يحيى الدفتر ليسجل عدد الاقفاص التي خرجت وحسابها كحال كل شىء يخرج من المزارع يتم تسجيله وحال كل إيرادات الشركة والمصنع حيث يديرهما عمه صالح وابناؤه وفي نهاية العام يتم عمل جرد وتسوية للحسابات لتُقسم الأرباح بالعدل على الجميع

اقترب زكريا من ابنه قائلا :"ماذا تفعل؟..."

قال يحيى :"أسجل ماخرج"

قال زكريا بهدوء:"اخصم عشرة أقفاص من الحسبة"

قال يحيى بتذمر:"لماذا أبي ؟...."

قال زكريا بتململ:"اسمع ما أقوله بلا جدال...."

تغضنت ملامح يحيى قائلا :"أبي لا يصح أن نكتب شىء أقل مما خرج بالفعل ومما دخل جيوبنا ..."

جذب زكريا الدفتر من ابنه قائلاً بضجر :"ألم أقل لك من قبل أنني واخوتي بيننا أشياء أنت لا تعرفها؟ثم أردف بغيظ من ابنه الذي لم يأخذ من طباعه شيئاً: فعلا لا يصح أن تكتب أنت ...أكتب أنا..."

مط يحيى شفتيه بضيق وهو لا يروق له ما يفعله والده فقال زكريا أخيرا :"اذهب أنت للأرض الشرقية وتابع عمل المزارعين فلنا يومين لم يذهب أحد اليهم..."

زفر يحيى قائلاً:"حسنا يا حاج زكريا" ثم ترك والده واتجه نحو سيارته في حين غمغم زكريا الذي كان يقف في منتصف الأرض الواسعة وأشعة الشمس تسقط على وجهه :"هذا ما نأخذه من المتعلمين رواد المدارس...."

*************

يرقد في فراشه يغمض عينيه وجسده ساكن في مكانه أما روحه فتجوب عالما آخر لا يدري عن كنهه شيئا

أشخاص كثيرون يقفون في مكان واسع لا يستطيع رؤية جميع تفاصيله

غيامة بيضاء تشوش على رؤيته فتجعله لا يرى ما حوله بصورة واضحة و رغم ذلك لا يشعر بالخوف ولا الضيق، لا يشعر أنه في كرب بل يشعر بالراحة الشديدة من الصوت العذب الذي يمس شغاف القلب والمنبعث من حوله بترددات روحانية عالية تجعل جسده يستسلم وهو يرهف السمع للصوت البعيد وكلما سار خطوة واقترب من هذا الجمع كلما ارتعش جسده و....

فتح عينيه فجأة وقد صحى من نومه في نفس موعد استيقاظه كل صباح .... هكذا دون منبه ودون أن يوقظه أحد

استقام معتصم وابتسامة على شفتيه وراحة تغمره من حلمه الذي يزوره منذ سنوات ولا يجد له تفسيرا

ولم يمر وقتا طويلاً حتى كان قد أخذ حمامه ووقف أمام مرآته يتمم على مظهره بحلته الرمادية الداكنة ذات الطابع الشبابي العصري

ولم ينسى أن يغلق التلفاز على المسلسل التليفزيوني الذي يٌعاد في نفس موعد خروجه من المنزل كل صباح فأردف وهو يغلقه بتنهيدة حارة

"نفسي ادوقك ياملبن ع الفستق اتبرم"

وككل يوم اطمئن أولا على طيوره قبل أن ينزل إلى غالية

كانت غالية تجلس في نفس جلستها وحولها نعمة وابنتها الصغرى هاجر ذات الثامنة عشرة عاما وحليمة وابنتيها وصال التي أنهت دراستها الجامعية منذ عامين ومودة التي تماثل هاجر في السن وجميعهن يشربن الشاي باللبن الذي أعدته أم أيمن مع المعجنات الساخنة في الوقت الذي قالت فيه نعمة بفضول لحليمة :"هل ستذهبين إلى عنان اليوم ؟...."

فقالت حليمة :"بل ستأتي هي ،يونس سيمر عليها بعد الظهر ليحضرها وربما تبيت للغد..."

فأردفت نعمة وهي تضيق عينيها:"وهل يونس لا يقدر أن يؤثر عليها لتعود إلى هنا نهائيا ..."

"يستطيع بالطبع ولكنه لايريد أن يتعبها نفسيا أكثر ماهي متعبة،هو يريدها أن تأتي دون ضغط...."

قالتها حليمة وهي تشدد على حروف كلماتها

فأردفت نعمة :"إن أردتِ أن أجعل عمها زكريا يتحدث معها ويقنعها س.."

"لا...."

كانت المقاطعة من غالية فنظرت إليها نعمة باستفسار فأكملت غالية :"لا تدعي زكريا يتدخل في الأمر...."

فأردفت نعمة بعد أن زفرت زفرة طويلة:"كنت فقط أرى أمر جلوسها هناك حتى الآن خاصة وهي لا ولد لها ولا بنت ليس بالمقبول...."

أردفت حليمة قائلة لتخرس نعمة :"هي تجلس في شقتها ولا تخرج منها إلا في اليوم الذي تأتي فيه إلينا وكما ترين لا نمرر يوم أنا أو والدها أو إخوتها إلا ونكون عندها ثم أردفت بحسم :ولكنني أنوي أن أعيدها قريبا بإذن الله..."

كان معتصم قد نزل وألقى السلام عليهن جميعا وقبل رأس غالية فقالت له :"اجلس لتفطر بني...."

"تأخرت أمي لا يوجد وقت"

قالها على عجل

"أمي لقد تأخر أبي وسأتأخر على محاضراتي "

قالتها مودة لحليمة فأردفت الأخيرة وهي تمسك هاتفها :"لا أعرف لما لا يرد يونس

فقال معتصم :"ما الامر؟..."

قالت مودة وهي تنظر اليه :"عم زاهر السائق مريض ولن يستطع أن يقود اليوم وأبي المفترض هو من سيوصلني ولا يرد..."

فأردف معتصم ببساطة :"تعالي معي أوصلك أنا ثم نظر إلى حليمة قائلاً :إن لم تمانع عمتي حليمة..."

فأردفت حليمة بابتسامة حلوة:"ولمّا أمانع ياولدي ثم نظرت الى ابنتها قائلة :اذهبي معه حتى لا تتأخري.."

فقامت مودة بحماس وهي تمسك حقيبتها وكتبها وقالت بزهو :"هيا يا حضرة الضابط"

سارت معه للخارج وعينين تتبعانها بغيرة واضحة ،عينين حٌرمت صاحبتهما مما عند ابنة عمها التي تماثلها سنا فقط لأن والدها لم يُرِد لها أن تكمل تعليمها بعد الثانوية العامة

*************

في سيارة معتصم جلست مودة بجواره ولم تكف عن الثرثرة طوال الطريق فقال لها معتصم بتململ :"لقد أصابني الصداع قبل أن أبدأ العمل ..."

قالت مودة ضاحكة:"أنت من عرضت أن توصلني فلا تشكو الآن من ثرثرتي ثم ألست أحكي لك عن آخر أخبار العائلة..."

قال لها معتصم ضاحكا وعينيه لا تحيدان عن الطريق المزدحم :"أنتِ لا تحكين يا مودة أنتِ تنمين ..."

قهقهت ضاحكة ضحكة فتاة في مقتبل العمر لا يؤرق بالها شيئا وقالت له:"حسنا لن أَنِم ولن أقول لك آخر أفعال عمتي نعمة..."

غمغم بصوت غير مفهوم:"انها نقمة على العائلة لا نعمة...."

ضيقت مودة عينيها قائلة:"ماذا تقول؟..."

"أقول ركزي في مذاكرتك أيتها الطبيبة الصغيرة ودعكِ من كل هذا...."

اعتدلت مودة في جلستها وسندت ظهرها على ظهر المقعد بفخر قائلة:"بإذن الله أٌركز لأكون فخرا لأبي ...كان دائما يقول أنه كان يتمنى أن ينجب صبيا ليكون طبيبا بإذن الله سأكون له أنا كهذا الولد الذي تمناه..."

نظر إليها باعجاب ثم عاد إلى الطريق قائلاً:"بإذن الله ياصغيرة ...ثم أردف:أنا اليوم عندي نوباتجية ولن أعود كيف ستعودين أنتِ؟"

قالت له بثقة :"أبي بالتأكيد لن يتركني سيمر علي بعد أن يٌحضر عنان كما قالت لي أمي ثم أردفت :أنت هكذا لن ترى عنان حين تأتي فإن باتت هي لن تبقى إلا للصباح فقط كعادتها..."

قال لها بابتسامة صغيرة و هو يرفع حاجبيه:"أنا لي فترة طويلة لم أراها ،دائما حين تأتي لا أكون موجودا وحين أكون أنا موجود هي لا تأتي...."

قالت بنبرة حزينة على شقيقتها:"كان الله في عونها ورحم الله رماح رحمة واسعة..."

بعد قليل

توقف معتصم أمام بوابة الجامعة وقال لها:"تفضلي صغيرتي ..."

قالت له بنبرة غير بريئة:"معتصم هل يمكن أن تدخل بي إلى الداخل؟..."

قال لها متسائلاً:"لماذا ألن تستطيعي السير عدة خطوات؟..."

ظهرت الشقاوة في عينيها وأردفت:"بالله عليك يا معتصم ادخل معي أريد أن تراك زميلاتي..."

قال لها باستنكار:"ماذا؟.."

قالت له موضحة وهي تلتفت بجسدها كله له :"اسمعني... هن لا يصدقن أن من هو في منزلة شقيقي ضابط له اسمه في المحافظة فأنا أريد أن اثبت لهن لا أكثر..."

زفر معتصم قائلاً بتململ :"وماذا ستفعلي إن صدقن ستأخذين وسام شرف ؟.."

"حسنا يا معتصم إن لم تٌرِد فلا تفعل..."

قالتها مدعية الحنق فلم يَزِد معتصم في الكلام وأدار السيارة ليدخل بها إلى حرم الجامعة

فتحت هي باب السيارة وكانت زميلاتها يقفن في مكان تجمعهن وما أن رأينها حتى تعلقت أعينهن بها فقالت له بخبث:"من فضلك يا معتصم انزل من السيارة...."

قال لها باستنكار :"ماذا؟؟ "

تنحنحت قائلة و هي تنظر إليه نظرة مٌترجية:"هذا أخر طلب وبعدها لن أطلب شىء آخر...."

فهم مقصدها من نزوله فأردف متأففا:"وهذه أخر مرة أوصلك فيها للجامعة..."

قالها ثم نزل بالفعل من السيارة وابتسم لها ابتسامة سمجة فاقتربت منه قائلة بصوت منخفض وعينان تلمعان بالتسلية:"أشكرك يا معتصم ..."

أردف قائلا بنظرة ساخرة:"على الرحب والسعة يادكتورة..الشرطة دائما في خدمة الشعب.."

ابتسمت هي الأخرى ابتسامة حلوة ثم أشارت له بيدها و تقدمت من صديقاتها بزهو وهن أنظارهن متعلقة بهذا الوسيم الذي يوصل صديقتهن وهو ما أن رأى الأبصار متعلقة به حتى دلف داخل سيارته وانطلق بها دون النظر خلفه وهو يبتسم أخيرا متعجبا من حال الفتيات المٌراهقات وتدقيقهن في هذه الأمور التافهة

بعد قليل

كان يصف سيارته أمام قسم الشرطة ونزل منها في الوقت الذي وجد صاحب الكشك الذي يقع على ناصية القسم يمسك ولد ليس صغيرا وليس كبيرا يمسكه بعنفٍ من ملابسه ويجره تجاه القسم والولد يصرخ ويحاول التملص منه ولكن نظرا لقوة الرجل لا يستطع الولد الفرار فأردف معتصم للرجل زاجراُ:"لما تمسكه هكذا اتركه..."

كان الرجل يعرف معتصم ولكنه لم يكن قد تعامل معه وجها لوجه من قبل فخفف من قبضه على ملابس الولد قائلاً بأدب :"هذا الولد سارق يا باشا وإن تركته سيسرق غيري .."

تغضنت ملامح معتصم ورفع نظارته الشمسية فوق رأسه قائلاً للولد بحدة:"هل مايقوله صحيحا؟..."

ظهر الخوف جليا على ملامح الولد وقال لمعتصم بلجلجة:"كنت جائع ولم يكن معي نقود...."

ضيق معتصم عينيه قائلا للرجل وهو يضع كفيه في جيبي بنطاله :"ماذا سرق بالضبط؟..."

قال الرجل وعينيه تطلقان شررا تجاه الولد :"كيس خبز كبير وعلبة جبن مطبوخ وطبق جبن رومي...."

"اتركه...."

قالها معتصم بهدوء ونظرة عين حازمة فتركه الرجل في التو فقال معتصم للولد بنبرة خفيضة و نظرة عميقة شعر الولد أنها اخترقته:"فعلا لم يكن معك نقود؟.."

أخرج الولد جيبي بنطاله الخاويين من أي شىء قائلاً بنبرة صادقة:"ليس معي أي شيء..."

ظهرت نظرة غامضة في عيني معتصم وأردف للرجل بصوتٍ مختنق:"كم ثمن ما أخذه؟..."

أردف الرجل :"...."

كان الولد يرتجف خوفا وهو يتابع كلام الرجلين ولا يعرف ماذا سيكون مصيره فحسم معتصم الأمر وهو يُخرِج حافظته من جيبه ويُخرِج المبلغ ويعطيه للرجل قائلاً بحدة:"حين يأخذ خبز وجُبن فهو لا يُعد سارق بل يُعد جائع....وعوضا عن الامساك بطفلٍ وتسليمه لقسم الشرطة لأنه جائع كان الأحرى بك أن تُطعمه حتى لو جعلته يعمل بما أكله .."

شعر الرجل بالإحراج وكأن دلوا من الماء البارد سٌكِب فوق رأسه فأردف بلجلجة :"حسنا ياباشا إن أردت....."

قاطعه معتصم بحسم قائلاً:"لا أريد شىء خذ المال وانصرف وإياك أن تأتي على المحتاج ثانية...."

أومأ له الرجل برأسه و أخذ النقود و انصرف فنظر هو للولد ثم أردف :"وأنت تعال خلفي....."وتقدم لداخل القسم والولد خلفه بخوفٍ مما سيفعله به حتى أنه فكر أن يفر هاربا إلا أنه يعلم أنه سيأتي به بسهوله

وقف الولد أمام معتصم في مكتبه وفي يده شنطة الطعام الذي سرقه من كشك الرجل فقال له معتصم :"اجلس وكل طعامك ...."

فجلس الولد وطلب معتصم كوب من الشاي له وكوب شاي باللبن للولد

كان يتأمله وهو يأكل بنهمٍ وتسائل

لما حزن هكذا عليه وتأثر به؟.... هل لأن الأمر مسه انسانيا أن يكون هناك طفل جائع؟

أم تراه رأى نفسه فيه قديما ..

طفل لا حول له ولا قوة فبالطبع ليس له أب وأم فإن كان له لما تركاه هكذا ...

هو كان القدر رحيما به قديما فكانت له غالية أما وكان له عمران أبا ولكن ليس كل الناس لديهم هذا الحظ في الحياة

كان شاردا في أفكاره وكان الولد قد أنهى طعامه فقال له بخوفٍ:"هل ستحبسني؟.."

قال معتصم بهدوء وهو يرتشف من كوب الشاي خاصته:"كم عمرك؟"

قال الولد :"16 عام..."

"ما اسمك؟"

"عبد الكريم"

"مع من تعيش يا عبدالكريم؟"

قص عليه الولد قصته كاملة وكيف ترك بيت والده لسوء معاملته له وكيف يعمل يوم في أي مهنة ويجلس أيام بلا عمل ويبيت مع مجموعة من الشباب من سنه في قطعة أرض مهجورة وبعد أن انتهى من حديثه قال له معتصم :"ماهو عنوان بيت والدك؟.."

قال له الولد عنوان البيت ولم تمضي الساعة حتى كان الرجل يقف أمامه وينظر إلى ابنه وهو يتوقع أن يكون قد فعل مصيبة من مصائبه فأردف معتصم بحدة للرجل الذي يقف أمامه كعصفور مبلل :"لماذا تترك ابنك هكذا دون أي رعاية..."

قال الرجل بخوف:"هو يا باشا من ترك البيت منذ فترة ولا يريد العودة.."

قال له معتصم:"ربما لا يريد من سوء معاملتك..."

تلجلج الرجل قائلا:"أبدا يا باشا هو الذي..."

قاطعه معتصم قائلاً بنبرة قاطعة لا تقبل نقاشا :"سيعود معك إلى البيت وإن هرب مرة أخرى أنا من سأدخله الحبس بنفسي... قالها وهو ينظر للولد بنظرة تحذيرية ثم وجه نظره للرجل قائلاً:وإن مسسته أنت بسوء فالحبس سيكون من نصيبك وأنت تعرف أنني أفعلها..."

قال الرجل برهبة :"تحت أمرك يا باشا هو فقط يطاوعني ويعمل معي ...."

قال له معتصم مع اشارة من يده:"لا....العمل أنا من سأوفره له فأنا عرفت منه انه لايريد أن يعود إلى التعليم ونقوده لا تمد يدك عليها....حول نظره ما بين الرجل وابنه ثم أردف بجدية:هل توافقان على هذا أم لا؟"

نظر الشاب إلى والده وقال كلاهما (أوافق) في صوت واحد فأردف معتصم وهو يقف ويقترب قليلاً من الرجل:"حافظ على ابنك ولا تضيعه من يدك يا رجل لقد سرق ليأكل في حياة أبيه هل تعرف ماذا يعني هذا؟.."

وضع الرجل رأسه أرضا قائلاً :"أقسم لك يا باشا أنه مٌتعب ويتعبني معه..."

قال معتصم وهو يرفع سبابته محذرا وهو يقف بين الأب و ابنه :"ستلتزمان بما قلت وسأتابعه باستمرار لأعرف هل انضبط سلوكه أم لا ... ثم أعطى للشاب بطاقه وكتب في ظهرها عنوانا قائلاً:اعطيه لصاحب هذا السوبر ماركت وقل له من طرف معتصم الرحماني وأنا أيضا سأحدثه ولا أريد أن يحدث ما حدث مرة أخرى إن تكرر فحسابك معي أنا...."

رغم نبرته الجادة إلا أن الشاب لم يشعر بالنفور منه بل كان في نبرته حنانا وخوفا على الشاب فاقترب الأخير منه فأكمل معتصم:ولا تعاند أبيك... غيرك يتمنى من الحياة أبا ولا يجد..."

فأردف الشاب بامتنان:"أشكرك يا معتصم باشا سأذهب إلى الرجل وسأعمل وأكسب من تعبي بإذن الله..."

ربت معتصم على كتفه قائلاً بخشونة ليداري مشاعره:"لا شكر على واجب بني الشرطة دائما في خدمة الشعب ...."

ثم تابع خروج الشاب مع والده يسيران متجاورين ويبدو أن الرجل يؤنب ولده فأردف قائلاً لنفسه بحنين:"يشتاق المرء أحيانا لأب في حياته حتى لو كان يؤنبه أو يمسك له العصا..."
**********


Heba aly g غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 31-05-21, 06:09 PM   #170

Heba aly g

كاتبة بقسم قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية Heba aly g

? العضوٌ??? » 459277
?  التسِجيلٌ » Dec 2019
? مشَارَ?اتْي » 1,500
?  نُقآطِيْ » Heba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond repute
افتراضي

بعد العصر وبعد أن تناول الجميع الغداء في بيت غالية وخرج الرجال إلى المندرة حيث كان لديهم جلسة مع كبار أهل القرية لعقد صلح بين أسرتين متنازعتين


جلست غالية في حديقة المنزل وحولها زوجات أبناءها و حفيداتها حولهن أشجار الفواكه الناضجة وأشعة الشمس الذهبية تلقي بظلالها الهادئة المودعة ليوم من أيام الله فتعطي للمكان سحرا خاصا بخلاف سحر غالية التي يتجمع الجميع حولها أرضا
كانت يٌسر تجلس على يمينها و نعمة تجلس بجوارها وبجوارها ابنتها هاجر التي تجلس منطفئة كعادتها كمن كُسر بداخلها الف قنديل وبجوار هاجر تجلس حليمة وبجوارها ابنتيها وصال و مودة التي أتت لتوها من كليتها
أما عنان التي جاءت اليوم زائرة فكانت تجلس بجوار جدتها من الجهة الأخرى واجمة ساهمة وكأنها لا تنتمي إلى العالم من حولها وكانت أمها تنظر إليها بحسرة مشابهة لحسرة غالية بالضبط
جاءت أم أيمن ومعها صينية الشاي بالنعناع الذي يجتمعون على شربه بعد العصر في أغلب الأيام ووضعت الصينية في المنتصف فقالت لها نعمة:" اجلسي يا أم أيمن معنا ..."
جلست المرأة الأربعينية بجوارهن بابتسامة بشوشة فهي ابنة هذا البيت مثلهن فقالت لها نعمة :"كيف حالك وحال بناتك ؟..."
قالت المرأة:" بخير يا أم يحيى الحمد لله "
قالت نعمة بنبرة فضولية :"هل تعرفين ماذا فعلت ابنة الحاج عبد الحميد ابو عامر بعد طلاقها ؟..."
قالت أم أيمن بحسرة :"كما هي يا حبة عيني تجلس في بيت أبيها بأبناءها..."
قالت نعمة وهي تضيق عينيها :"و اختها التي تصغرها ألم تخطب بعد؟..."
قالت أم أيمن :"لا يا أم يحيى لازالت تدرس فهي في السنة الأخيرة من الكلية"
أومأت نعمة برأسها بتفكير فكان يبدو للجميع مجرد ثرثرة عادية وحدها غالية من كانت تفهم مقصد زوجة ابنها من نبرة صوتها،من نظرة عينيها
لذلك شددت تلقائيا من يدها على كف يسر بحركة حمائية غير إرادية
فأردفت نعمة مكملة ثرثرتها والجميع ينظرن إليها ويستمعن إلى ردود أم أيمن :"وماذا عن زوجة سالم أبو درديري ماذا فعلت بعد أن تزوج عليها؟"
قالت المرأة وهي تمصمص شفتيها :"ماذا ستفعل تعيش لتربي أبناءها..."
قالت نعمة بعدم اكتراث وهي تتحسس أساورها في ساعدها:" حسنا فعلت فالرجل بالتأكيد له سبب وجيه لولاه لما فعل ما فعل ثم شددت على حروف كلماتها قائلة :المرأة العاقلة هي من تعيش ولا تخرب بيتها بيديها..."
قالت مودة بنظرة خبيثة وحاجبان يتراقصان
:"وهل هذا سيكون رأيك إن تزوج عمي زكريامرة ثانية؟..."
عوجت نعمة فمها يمينا ويسارا قائلة :"يتزوج مرة أولى يا حبيبتي ولن أمانع في الثانية...."
قهقهت حليمة وابنتيها بينما شعرت يسر بغصة في صدرها لا تعرف سببها وهاجر لا تزال على وجومها وعنان لا تزال منفصلة عمن حولها بينما قالت غالية بحزم
:"كفى ثرثرة ونميمة يا نساء ثم قالت لنعمة بتوبيخ:وأنتِ لا تتحدثي هكذا على زوجك..."
قالت نعمة ببراءة مصطنعة:"أمزح يا عمتي ألا تمزحزن في هذا البيت..."
استقامت يسر وقالت لعنان :"تعالي نمشي قليلا بين الزرع ..."فاستقامت عنان بعينين شاردتين ومشية آلية وما أن ابتعدتا قليلا وهما تسيران بين الأشجار حتى قالت عنان بخفوت :"غضبتي من كلامها؟؟"
قالت يسر بزفرة حارة :"بل اعتدته...ثم أردفت متسائلة: وأنتِ ألم تعتادي الفراق؟"
"وهل الفراق بالشىء الهين حتى نعتاده ؟انه أشبه بضياع روحك في فضاء سرمدي...أشبه بنزع الروح من الجسد ..."
قالتها عنان بصوت مبحوحفتنهدت يسر وهي تربت على كتفها لا تعرف بما ترد فقالت عنان :"كيف حال مريم؟.."
قالت يسر:" بخير"
"ويوسف كيف حاله معها"
ابتسمت قائلة :"تشاكسه ويشاكسها كالقط والفأر..."
لم تعرف الابتسامة طريقها إلى شفاه عنانفأردفت :"اصلح الله ذات بينهما ..."
اخذت يسر تتحدث معها في أي شىء وهي تجيبها على مضض إلى أن دلف إلى الحديقة زكريا وخلفه يونس وما أن رأتهما أم أيمن حتى قالت لغالية:" هل تريدين شىء مني يا حاجة قبل أن أمشي؟..."
فقالت لها غالية:" لا يا ابنتي في حفظ الله..."
لتخرج هي ويجلس زكريا بجوار أمه بينما ذهب يونس حيث توجد ابنته ويبدو على وجهه أنه يريد أن يقول عوضا عن الكلمة كلمات وشعرت يسر بذلك فاستأذنت منه بعد أن ألقت عليه التحية فأردف هو بملامح وجهه الحنونة
"و ما نهايتها يا ابنة يونس؟.."
قالت عنان بصوت متهدج وهي تقاوم دموعها:" ماذا أبي ماذا فعلت انا؟.."
انفطر قلبه من تهدج صوتها واردف بحنان:"أنا لا أريد أن اضغط عليك في العودة وانتِ لا تريدين أن تريحي قلبي.."
قالت له والدموع بدأت بالفعل في الالتماع في عينيها :"ماذا افعل أبي لا أستطيع..."
كانت حليمة قد شعرت بأن هناك حوارا بين زوجها وابنتها فاقتربت منهما قائلة :"هل هناك شىء يونس ؟.."
فأردف يونس قائلا بصوت خافت ونظرة عين حائرة :" زكريا حدثني منذ قليل وقال إنه عيب أن تظل في جلوسها هناك خاصة أن البيت به شباب...."
قالت حليمة بضيق :"ونعمة تحدثت أيضا في الأمر"
فأردف يونس لعنان :"هل تريدين لابيكِ أن يمشي بين الناس بظهر محني؟..."
سالت دموعها على وجنتيها غزيرة كلآلىء لامعة وقالت له بشعور بالقهر:" لا استطيع أبي ثم التفتت إلى أمها قائلة: حين اترك البيت أشعر أن روحي تغادرني.."


كان يونس من السهل عليه أن يأخذها غصبا ... بكلمة واحدة قاطعة ولكنه لم يفعلها من قبل ولا يطاوعه قلبه لفعلها فأردف قائلا ليضغط عليها
:"حسنا دعي الناس تتكلم عن ابيك ..."بينما اكتفت حليمة بمشاركة ابنتها البكاء
شعرت عنان بصراع حاد ينهش في صدرها
صراع بين رغبتها في أن تعيش في بيتها الذي عاشت فيه حياة كاملة ويحمل ذكرياتها مع رماح و بين كرامة أبيها بين الناس
تصدقه أن عمها زكريا يفعلها ويلومه وتصدق أن أهل البلدة يفعلونها فهم في النهاية تحكمهم عادات وتقاليد ولكن من يصدقها هي وهي تشعر أنها تختنق بلا رماح وأن وجودها في بيته هو الشيء الوحيد الذي يدفعها للتمسك بالحياة
"هل من الممكن أن تظل شقتي كما هي وأزورها كل اسبوع ولو ساعة واحدة .."
قالتها برجاء وقد أقرت أخيرا أن الأسلم أن تستمع لوالديها حتى لا تتسبب في إحراجهما بين الناس وهما اللذان يحملانها فوق رؤوسهم طوال العمر
ربتت حليمة على كتف ابنتها وأردف يونس وقد شعر بحمل وقد بدأ ينزاح عن كتفيه :" حسنا يا ابنتي...."
فأردفت ولا زالت دموعها جارية :"هل أستطيع أن أعود غدا وأجلس يومين وأجمع الاشياء الهامة التي أريدها معي ...."
قال لها يونس وهو يحتضنها فأسندت رأسها على كتفه :"حسنا يا ابنتي حسنا...."
كان زكريا يجلس مقابلا لهم فقال لأمه ساخرا :"هل ابنك هذا سيظل ضعيف أمام بناته طوال العمر ؟..."
فأردفت غالية :"بل رقيق القلب يا ولدي رحم الله كل هين لين ..."
أما ابنته هاجر فكان لسان حالها يقول:"ليتك كنت مثله..."
ابتسم زكريا قائلاً :"لن يأتي به من الخارج يا حاجة...."


كان شعاع الشمس قد انحسر وظلال الليل بدأت في إلقاء ستائرها فقالت لهم جميعا
:"هيا لنشاهد البرنامج الطبي للدكتور هارون سيأتي بعد قليل على التلفاز..."
غمغم زكريا بصوت ساخر غير مسموع:" انتهينا من الرقيق نتجه إلى الطبيب.."
بعد قليل
كانت غالية تجلس في بهو البيت على أريكتها أمام التلفاز الكبير و الجميع حولها وكان أمام هارون دقائق ويظهر على شاشة التلفاز
في الوقت الذي دلف فيه معتصم إلى البيت بهالته المبهجة قائلا :"السلام عليكم جميعا ..."
بعد أن رد الجميع عليه السلام قالت غالية :"تعال بسرعة يا معتصم فالدكتور هارون على وشك الظهور.."
ابتسم وهو يتقدم منها وكانت عنان تجلس على يمينها فجلس هو على يسارها قائلاً :"أهلا عنان..."
فأردفت الأخيرة بشرود دون أن تنظر إليه :"أهلا معتصم .."
أما مودة التي كانت تجلس على الكرسي المجاور له من الجهة الأخرى فقالت له بفضول :"ألم تقل صباحا أن لديك نوباتجية؟.."
تنحنح قائلاً :"بدلت مع صديق لي هل هناك مانعا؟."
قالت له بابتسامة عذبة :"لا ليس هناك مانعا ياباشا خاصة بعد الواجب الذي فعلته معي صباحا..."
غمز لها قائلا :"لا عليكِ ... الشرطة دائما في خدمة الشعب..."
ثم انتبه الجميع إلى هارون الذي ظهر على شاشة التلفاز وغالية كل ما عليها قول (اللهم صل على النبي)
************
في صباح اليوم التالي
في حياة كل منا لحظة ربما تكون هي اللحظة الفاصلة في حياته كلها....
أو يوم نكون على موعد فيه ربما مع السعادة و ربما مع التعاسة ....
في حياة كل منا أفكار ومعتقدات وثوابت و مشاعر لا يغيرها إلا أمر جلل....
كلنا نؤدي أدوار البطولة في قصص نحن من صنعناها فماذا لو اكتشفنا فجأة أن البطولة لم تكن مطلقة وأن هناك من قاسمنا اياها دون أن نعرف ؟...
أوصل يونس عنان كما اتفقا لتعد كل ماتحتاج أن يكون معها
كانت تعرف أنها تماطل من البداية ببقاءها هنا
كما تماطل الان وهي تضغط على والدها لترك متعلقاتها كما هي لتكون الحجة لتأتي إلى مملكتها التي نٌزِعت من على عرشها بأمرٍ إلهي حاشا لله أن تعترض عليه
دلفت من بوابة البيت التي لم تكن محكمة الغلق وكانت تسمع صوت عمتها يمنة بالداخل وما أن وصلت إلى بهو البيت حتى وجدت عمتها وأبناءها وزوجها يتناولون طعام الافطار فقالت يمنة بمحبة:"هيا حبيبتي لتفطري معنا....."
قالت بصوتٍ خافت:"تناولت الافطار معهم قبل أن آتي.."
فأردف راشد بمداهنة:"تعالي يا ابنتي وزيدي معنا ...."
جلست على الأريكة المقابلة لباب البيت وهي ترى أمامها الزرع الأخضر الذي يبهج النظر إلا نظرها هي الذي لم يعد يهتم برؤية أي جميل من بعده
أخذت تجوب بنظرها في أرجاء البيت وهي في مكانها ،هنا كانت تجلس معه وهنا كانت تمازحه وهنا كان يغمرها بسيل من كلامه المعسول فتتضرج خجلا من كلماته وتقول له بغيظ لنا بيت نتحدث فيه
شعرت يمنة بأن ابنة أخيها تعاني نفسيا وربما تعاني جسديا فوجهها يبدو عليه الاصفرار فاستقامت وجلست بجوارها وأخذت تتحدث معها وهي سعيدة أن عنان أخيرا جلست بينهم ولم تصعد إلى شقتها كالمعتاد وبعد أن انتهى راشد وأبناؤه من الافطار وجلسوا لشرب الشاي وهي معهم وجدوا من تدخل عليهم من الباب المفتوح
امرأة غريبة عنهم وعن البلدة طويلة القامة ترتدي عباءة سوداء ونقاب أسود وخلفها شابين أطول منها لا يبدو من ملابسهما أيضا أنهما من البلدة فضيق راشد عينيه قائلا:"من أنتم؟..."و هو يشعر أن وجوههما ليست غريبة عليه
بينما استقام "تمام" واقفا وهو لا يشعر بالراحة فأردفت المرأة بصوت واضح لا غموض فيه ونبرة واثقة لا شك فيها وثبات انفعالي تحسد عليه:"أنا زوجة المرحوم رماح..."
وكأن صاعقة هوت على رؤوس الجميع وإن كان وقعها مختلفا على كل منهم فيمنة وضعت كفيها على وجنتيها صدمة والثلاث شباب كل منهم اتسعت عينيه دهشة وراشد غمغم من بين أسنانه بتمتمة لم يسمعها أحد"أين كنتِ يا ابنة ال*** لقد قلبت عليكِ المحافظة ولم أجدك؟..."
أما عنان فشعرت وكأن أذنيها صٌمت وكأن الأرض قد توقفت عن الدوران ومعها قلبها توقف عن الخفقان وتسارعت أنفاسها وهي تتمتم من بين شفتيها:"ماذا؟؟."
و دون شعور ضغطت بسبابتها على هاتفها الذي كان بين يديها واتصلت بوالدها الذي كان لا يبعد عنها كثيرا وكأنها تحتمي به بشكل لا إرادي ولكنها لم ترفع الهاتف إلى أذنها
ليسمع هو المهاترات التي تحدث فيعود بسيارته اليها بسرعة وهو لا يعرف مالذي حدث بالضبط
أردف تمام وهو يقترب من المرأة:"ماذا تقولين أنتِ.. زوجة من؟.."
قالت المرأة بنفس النبرة الواثقة:"زوجة المرحوم رماح راشد سليمان الحسيني...ثم أردفت وهي تنظر إلى لفافة في يديها لم ينتبه إليها أحد:وهذا ابنه..."


نهاية الفصل
اتمنى يكون نال اعجابكم وهنتظر آراؤكم بإذن الله


Heba aly g غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 01:57 AM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.