آخر 10 مشاركات
442 - وضاعت الكلمات - آن ميثر ( عدد جديد ) (الكاتـب : ^RAYAHEEN^ - )           »          هفهفت دِردارة الجوى (الكاتـب : إسراء يسري - )           »          الــــسَــــلام (الكاتـب : دانتِلا - )           »          7- جرح السنين - شارلوت لامب - كنوز روايات أحلام قديمة (الكاتـب : Just Faith - )           »          602 - عودة الحب الى قلبي - كارول مورتيمر - ق.ع.د.ن *** (الكاتـب : ^RAYAHEEN^ - )           »          مواسم العشق والشوق (الكاتـب : samar hemdan - )           »          227- المبادلة العادلة - فاليري بارف - مدبولي (حصري على روايتي) (الكاتـب : Gege86 - )           »          27 - حبى المعذب - شريف شوقى (الكاتـب : * فوفو * - )           »          انتقام النمر الأسود (13) للكاتبة: Jacqueline Baird *كاملة+روابط* (الكاتـب : * فوفو * - )           »          بحر الأسود (1) .. * متميزة ومكتملة * سلسلة سِباع آل تميم تزأر (الكاتـب : Aurora - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > الروايات الطويلة المكتملة المنفردة ( وحي الأعضاء )

Like Tree4110Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 26-06-21, 11:16 PM   #351

شيرى رفعت

? العضوٌ??? » 482388
?  التسِجيلٌ » Dec 2020
? مشَارَ?اتْي » 90
?  نُقآطِيْ » شيرى رفعت is on a distinguished road
افتراضي


الفصل حقيقى روعة
طب هحب غالية اكتر من كدا ايه
هى الام الحنون للكل بالأخص معتصم بتعرف ازاى
تداويه وتمتص غضبه ووجعه
يوسف دا الرحيم يهديه ويفوق قبل فوات الاوان
يحيى ويسر وي خوفى من زن زكريا ونعمه
عنان لازم تتخطى الصدمة وتفوق


شيرى رفعت غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 27-06-21, 12:12 PM   #352

سوهي (زهور الربيع)

? العضوٌ??? » 488697
?  التسِجيلٌ » May 2021
? مشَارَ?اتْي » 29
?  نُقآطِيْ » سوهي (زهور الربيع) is on a distinguished road
افتراضي

عنان ...
علميا ونفسيا احنا مش هنقدر نتخطى المواقف اللي سببت لنا الوجـ ـع غير لما نتقبلها الاول ونتعايش معاها كأمر واقع حصل ...

ومواجة عنان ونسرين كانت تأكيد للكلام ده ، عنان بمقابلتها لنسرين وضحت لها الحقائق كاملة ، شافت واتأكدت من غد ر رماح ليها ، عاشت الواقع بوجـ ـعة وكل تفاصيله ،
فلو كان في قلبها امل ان رماح يطلع مظلوم أو أن تطلع حياتها اللي عاشتها معاه حقيقيه في المشاعر فهي قطـ ـعت الامل بكل وضوح واتقبلت وصدقت ان ده حصل فعلا ورماح فعلا مكنش زي ما هى كانت شيفاه ، عاشت الواقع زي ما هو ومن غير إنكار .

••رماح كان لعنان زي الدائره اللي رسمتها وعاشت جواها من صغرها ، وبعد إكتشاف خيا نته ليها هي هتحاول تطلع من الدائرة دي ، ولكن أكيد هتحتاج وقت عشان تقدر تشوف النور اللي برة قوقعتها اللي كانت مكتفية بيها ...

لانه مش سهل ... مش سهل ابدا اللي مرت بيه عنان وعشان نحكم عليها بحيادية لازم نحط نفسنا مكانها ودايماً قبل مانحكم على الشخص نعيش حياته بكل تفاصيلها
ووجـ ـعها ، لان دايما واحنا برا الموضوع بنكون كلنا حكماء ولكن اللي في قلب الحدث غير ...
إحساسه غير ... ووقع الحدث عليه غير
ولان الإختلاف من أصل سماتنا ، فاحنا مختلفين في أفكارنا وفي ردود افعالنا وكمان في درجة تحملنا وصبرنا ..

وعنان عشان نحكم عليها صح ، بداية هى شخصية قوية وقوية جدا كمان والدليل مقابلتها لنسرين ومواجهتها وانها ازاي كانت متماسكة خلال كلامها معاها
ده غير قدرتها على قراءة الرسائل عشان تقطـ ـع الشك باليقين
وزيارتها لرماح ، كلامها ليه وانها قدرت تطلع ولو شويه من اللي في قلبها صرخت وقالت له دي آخر زيارة ليك وانها خلاص مش هتهتم بيه تاني وهو وقع من حساباتها وقفلت صفحتة نهائي .

••اوقات كتير بنمثل اننا بنجيد حاجه معينه لحد ما نتقنها ونحترف فيها كمان ...
وعنان حاليا بتحاول تتقبل بتحاول تتعايش ولو بالظاهر بس ولو بالتمثيل
حتى لو كان ده صعب عليها ولكن ده حجر البداية لحياه جديدة ليها ،
وطبعاً التقبل مش شرط يكون تقبل رضا عن اللي حصل وإنما ممكن يكون تقبل لغرض التخطي والتعايش .

••بالنسبة لحب معتصم لعنان ...
هوبا وضحت لنا أن معتصم شخص اتعود على الكتمان هو محتفظ بحب عنان وسط جدران قلبه ومأفصحش بيه عشان هي تشوفة فازاي احنا بنطالب انها تحس بيه وهى اصلا مكنتش بتشوف منه حاجه تدل على حبه غير أن حبه آخره قلبه وبس
كمان معتصم كان طول الوقت بعيد عنهم بسبب دراسته وبعدين شغله وكمان بسبب أنه كان بيشوف حبها لرماح في عيونها فهو فضل البعد

فطبيعي تكون دي العلاقه ما بينهم
اللي مش طبيعي ابدا أن عنان تحس أو تميل لمعتصم في الوقت ده ...
اولا هى كرهـ ـت كل الر جال وهى حا قدة عليهم ومش مستعدة أبدا لتجربه تانيه
ثانيا قلبها ده مش كومبيوتر وبضغطة زر هتغير مشاعرها من رماح لمعتصم

عمرها ما هتكون كده ، المشاعر تحديدا مستحيل تكون بالشكل ده لانها مش بايد حد
والمشاعر مش بتترسم بالورقه والقلم ولا بضغطة زر ، والقلب قبل العقل بيرفض كل من أذى أو جرح أو خا ن ، ممكن يصعب نسيان الشخص ولكن شغفنا تجاه الشخص بيغفو

••أوقات بتكون السعادة حوالينا بس احنا مركزين ومثبتين نظرنا قدامنا بس ومش شايفين غير اللي قدامنا ، وده اللي حصل في قصة عنان ،
مكنتش قادرة تشوف جبل الحب اللي في قلب معتصم ليها بسبب إفراطها في حب رماح ونتيجة ده كانت أنها عاشت حياه مزيفة ، والأصعب أنها أكتشفت زيفها بعد موت رماح
وبعد ماخرجت من نفق أيامها المزيف بدأت تشوف اللي حواليها وبدأت تشوف خيوط السعاده وأولها إحساسها بجمال السطح وانها قدرت تسترجع ذكريات الطفولة
كمان وهى داخله للسطح لاحظت نظرة معتصم ليها واستغربت من نظرته ، حاليا هى مش فاهمه معنى النظرة لكن قدرت تلاحظها.

••بأختصار زواج عنان في سن صغير منع عنها حاجات كتير ، أولها أنها لا عقلها ولا قلبها كانوا ناضجين كفاية عشان تختار صح وده أساس مشاكل او عيوب الزواج المبكر .

••تربية الحمام والطيور بشكل عام بتحتاج لصبر كبييير ، لان الحمام يحتاج عناية واهتمام سواء بأكله ولا مكانه
مش أي حد يقدر يربي الطيور خصوصاً الحمام لأن بيحتاج إهتمام خاص ، ولكن كل ما أظهر الشخص صبره على تربيته للطيور أنعكس ده على شخصيتة وانا بشوف أن معتصم اتعلم الصبر من هوايته دي ...

صبر كان يحتاجه بشدة من صغره عشان يقدر يتعايش ويتناسى لانه مستحيل ينسى
صبر كان يحتاجه وهو شاهد عيان على حب البنت الوحيده اللي أتمناها تكون ليه وهى بتحب غيره
صبر احتاجه عشان يكون صامت لسنيييين عشان ميعملش حاجه تكون سبب في تفكك العيلة
وصبر احتاجه عشان يتظاهر بأنه بخير رغم حرمانه من الام والاب والمحبوبة .

••في كتير شايفين أن عنان مش مناسبه لمعتصم ولكن انا شايفه العكس
شايفة إن فاقد الشئ يعطية وبشدة
شايفة إن معتصم وعنان كأجزاء البازل اللي تفرقت والوقت هيعيد تركيبها تاني
معتصم محتاج شخصية بحنان شخصية عنان ، وعنان مش ناقصها غير حب زي اللي في قلب معتصم

يوسف ومريم ...
أحيانا اللي بنحبهم بيكونوا سبب في بعدنا عنهم !
بسبب إفراطهم في الإهمال والبعد وعدم الإهتمام بينا
وده اللي بنشوفة في حبكة مريم بسبب إهمال يوسف ليها
الاهمال يقتـ ـل الحب وينهيه لان الحب زي الكائن الحي يمرض ويموت والاهتمام هو قوته اللي يعيش عليه .

رغم الإحساس الحلو اللي بيتسرب لمريم بإهتمام شادي بيها ، وأنه هو رجعلها إحساس كان مدفون بالنسبة لها بسبب إهمال يوسف ليها ، ورغم إغراء البسبوسة اللي قدمهالها إلا أنها رفضت كل ده ومازالت متمسكة بأخلاقها وتربيتها وبزوجها ، وفي المقابل يوسف مابيقدمش أي شيء للإستمرار حياتهم بسعادة ،،،
وكأنه البسبوسة واللي بتتميز بحلاوتها الزائدة بتمثل الحياة البعيدة عن مريم اللي هي عكس حياتها المرة

ولو مريم ضعفت واستجابت ولو شويه لشادي ده كله هيكون بسبب يوسف مش تبرير لمريم والله ولا لفعلتها لكن يوسف هو اللي دفعها لكده

هى شخصيه رومانسية وبتهتم بالمشاعر وعاشت سنييين في جفاف من المشاعر وفجأه لقيت اهتمام ولقيت سيل مشاعر يحتويها رفضت وكتير لكن لو جه اليوم اللي مالت فيه لاهتمام هى محتاجاه ده هيكون طبيعي وغصب عنها لانها بشر وليها قوة تحمل وصبر اكتر من طاقتها مش هتقدر تستحمل .

يحيى ويسر ...
العادات والتقاليد لعبت دور كبير في حياة يسر ويحيى هما اتجوزوا بسبب العادات والتقاليد صحيح اتجوزوا عن حب ولكن العادات والتقاليد بتاعتهم كمان كان ليها دور كبير في ارتباطهم ...
وزي ماكانت العادات والتقاليد الدور الاساسي في ارتباطهم كمان دلوقتي هي سبب معاناتهم وإنقلاب حياتهم رأساً على عقب ...

قانون العيلة وأنهم لازم يتجوزوا من بعض ، دلوقتي هو السبب في إحساس الاتنين بالو جع ، ولان وللأسف اوقات كتير المجتمع بيشوف حقوق الرجل اولا ، فيحيى دلوقتي من حقه يتجوز تاني عشان يكون أب ،
إلا إننا لو نظرنا للموضوع بعين المنطق فيسر كمان من حقها تكون أم ووارد جدا انها او اتجوزت حد تاني غير يحيى ربنا يرزقها بالطفل

بس تيجي العادات والتقاليد تفكر في الزوج والزوجه لا !
فلازم يكون من حق يحيى أنه يكون اب ويكون مبرر في المجتمع لو هو اتجوز على مراته لكن مش متعارف عليه أن يسر كمان من حقها تكون أم !

دايما يسر هى اللي بتسمع الكلام من نعمة وكأن هى السبب رغم أن السبب مشترك ومش بأيد حد منهم
ومفيش حاجه مضمونه يعني حتى لو يحيى اتجوز واحده تانية هو مش ضامن ابدا وجود الأطفال برضو

••أخطاء العادات والتقاليد اللي بيمثل لنا محا ربتها
عمرو وحاتم ...

عمرو اللي سافر وساب البلد عشان مايقعش في فخ العادات والتقاليد اللي هو مش متقبلها اصلا ... ومع سفره وزيادة خبرته في الحياة وأنه شاف واتعرف على حياة مختلفة بفكر مختلف بقي مش متقبل العادات دي بشكل اكبر

و حاتم ...
حاتم الحفيد اللي قرر أنه مش هيمشي على نفس الطريق قرر أنه هو هيتجنب كل أخطائهم وهيستفاد من تجاربهم
وأنه مش هينفذ اللي مطلوب منه طالما هو مش مقتنع

••أحياناً كثرة الحب بتأدي إلى الظلـ ـم يعني اوقات الآباء بيظلموا أبنائهم من غير قصد منهم من كتر حبهم فيهم
بيظلـ ـموهم !
يعني اوقات كتيره الآباء والأمهات بيكونوا عاوزين يحققوا أحلامهم في أولادهم ، أياً كان الحلم والعقبات اللي واجهتهم في عدم تحقيقه ، بغض النظر عن إن الابن ده عايز يكون أيه او حلمه أيه !
ودي بتكون بدايه طريق الأذيه وهي ان الاباء بيتغاضوا عن رغبة أولادهم تحت مسمى انهم عايزين لهم الافضل ...

وده اللي حصل مع عمران وغاليه والأحفاد ،،،،
هما من حبهم فيهم عاوزين البنات ميطلعوش برا العيلة والأحفاد يتجوزوا من بعض
كمان عشان فلوس وأملاك العيلة متروحش لحد غريب وبرضو ده من حبهم لاحفادهم يعني مش بس حبا في الأرض لا كمان حبا في احفادهم
ولكنهم مفكروش ايه تأثير ده على الأحفاد نفسهم !

في ناس عندها فكر متأصل أن الأحفاد يتجوزوا من بعض عشان فلوس العيلة متطلعش برا
متناسيين أنهم كده بيظلمـ ـوا الأحفاد معاهم !
متجاهلين أن مش كل الأحفاد هيتقبلوا القرار ده ولا هيكونوا لايقين على بعض !
وان ممكن واحد ومش بإرادته يميل قلبه لواحده من برا العيلة وده مش حرام ولا غلط ولا ايه ذنب فيه أصلا !

••هوبا الفصل ده وضحت لنا الاختلاف بين الجيل القديم والجيل الجديد ، في نقلة في الفكر والاهتمامات ، في من الجيل الجديد اللي مشى على نهج الجيل القديم وفي اللي وقف وقفه ورفض واختار طريقه بنفسه وفي اللي عالق في المنتصف .

زهراء ...
وبنتي اخيرا ظهرت😍😍
ظهورها مميز وشخصيتها جميلة وحضورها قمر بجد انا حبيتها واتبنيتها من توقيعها اصلا زي ما انتي عارفه😂♥️
لكن حقيقي وجودها في الفصل كان مميز😍

الكاتبه المبدعة هي اللي تقدر بكلمه واحدة تواصلنا إحساس كااااامل ...
كلمة " كااااااذب" من معتصم قدرتي يا هوبا توضحي فيها معاناه معتصم ، وإزاي هو عرف إن حاتم بيحب ، وإجابتة على كلام حاتم كانت بكل ثقة وبكلمة واحده .

مشهد السطوح وعلاقة أولاد العم مع بعض ، ذكرياتهم وكلامهم مشهد مليان حب ودفئ عائلي اتمنيت جداااا اني اكون معاهم والله😂♥️♥️♥️

كلامي كتير جدا انا عارفة🤷😂
ولكن لفصلين أكثر من رائعين♥️
فصلين واضح فيهم مجهودك الجبار ، وكمية الأحاسيس المتجانسة مع مشاعر مختلفة من فرح وحزن وألم وندم وفرحه ، وقدرتي توصليلنا كل المشاعر دي بسلاسة وتاخدينا من نقلة لنقلة ومن حزن لفرح ...
حقيقي ابدعتي يا هوبا وانا في انتظار القادم بكل شوق♥️♥️♥️


سوهي (زهور الربيع) غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 27-06-21, 06:12 PM   #353

شيرى رفعت

? العضوٌ??? » 482388
?  التسِجيلٌ » Dec 2020
? مشَارَ?اتْي » 90
?  نُقآطِيْ » شيرى رفعت is on a distinguished road
افتراضي

دى فقلة برضو بتقفلى على دماغنا
ي ترى هيطلع ابو معتصم فعلا🤔🤔
يوسف عايزة اعرف ايه ف دماغه
مريم ويا خوفى من اللى ممكن يجرى ايعقل تتعلق بشادى
عنان صعبانه عليا جدا هى ومعتصم بس للاسف مش حاسه بيه


شيرى رفعت غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 28-06-21, 01:24 PM   #354

زهرة الغردينيا

نجم روايتي


? العضوٌ??? » 377544
?  التسِجيلٌ » Jul 2016
? مشَارَ?اتْي » 4,778
?  نُقآطِيْ » زهرة الغردينيا has a reputation beyond reputeزهرة الغردينيا has a reputation beyond reputeزهرة الغردينيا has a reputation beyond reputeزهرة الغردينيا has a reputation beyond reputeزهرة الغردينيا has a reputation beyond reputeزهرة الغردينيا has a reputation beyond reputeزهرة الغردينيا has a reputation beyond reputeزهرة الغردينيا has a reputation beyond reputeزهرة الغردينيا has a reputation beyond reputeزهرة الغردينيا has a reputation beyond reputeزهرة الغردينيا has a reputation beyond repute
افتراضي

فصول مليئة بالأحداث المشوقة
ما فعلة رماح جعل عنان تفقد ثقتها بنفسها وبكل الرجال
لقد مرت بتجربة مؤلمة ...ولن تجاوزها بسهولة...
معتصم وجد والدة اخيرا ....بعد بحث طويل دام لسنوات ...
يوسف الغبى سوف يدمر زواجة بسبب تصرفاتة
لقد وجد فى سندس وسيلة جديدة للتمرد...لكن هذة المرة لن يمر
الأمر بسلام وسوف يتحطم زواجة...
تسلم ايدك على الفصول الرائعة ❤❤😘


زهرة الغردينيا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 28-06-21, 04:02 PM   #355

Heba aly g

كاتبة بقسم قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية Heba aly g

? العضوٌ??? » 459277
?  التسِجيلٌ » Dec 2019
? مشَارَ?اتْي » 1,500
?  نُقآطِيْ » Heba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond repute
افتراضي

الفصل الثامن


غرباء جئنا إلى الدنيا ... وسنرحل عنها غرباء
من قال انها ساحرة ... ما هي إلا دار شقاء
نخرج من هم إلى كرب..من قصمة ظهر لعناء
غربة في الوطن وفي الروح لا مهرب منها لا رجاء
العمر يمر في غمضة عين ونعود إلى المولى غرباء
فيحول وحدتنا لونس ....ونهيم في الف فضاء
لا يأس عنده لا غربة بل نظرة عطف وشفاء
لن نصبح عنده ضعفاء لن نصبح أبدا غرباء


انطلق بسيارته على الطريق الفاصل بين المحافظتين وهو يشعر أن روحه تسبقه إلى هناك ... مٌعتصم الذي يحتفظ بهدؤه وثباته الانفعالي أمام الجميع ولا يسمح لهذه القشرة الخارجية الصلبة بأن يتجاوزها أحد إن رأه أحد الآن لأجزم أنه أضعف من عصفور يتيم فوق جزع شجرة في نهار عاصف من أيام الشتاء
كان جسده كله ينتفض انفعالاً ولهفة واشتياقا ،ضربات قلبه مسموعة وعينيه متسعتين ترقبا ...
لم يخبر أحد بمكالمة صديقه ولن يخبر أحد إلا بعد أن يراه بنفسه
ولكن كيف سيكون اللقاء ؟ ماذا سيقول له؟
أيقول له أنا ابن لك لم تعرفه لمدة ثلاثون عاما؟... وهل سيصدقه؟... لأول مرة يشعر بالخوف من لقاء أبيه...
حاول كتم أي مشاعر سلبية تجتاحه الآن وحاول شحن روحه بمشاعر ايجابية تسانده في مواجهته القادمة التي انتظرها طويلاً واشتاقها كثيراً
وصل إلى مطار ****** فهبط من السيارة بسرعة وهو يُغلق بابها بعنف حتى أنه لم يغلقه بالقفل وهرع للداخل وبعد أن عَرَفَ نفسه لأمن المطار وأبرز لهم هويته أخذوه إلى غرفة المكتب التي يحتجزون بها الرجل
كان يسير بجواره عدد من الضباط ورغم حماسه إلا أنه شعر بثقل في قدميه ما أن وضع الضابط يده على مقبض الباب ليفتحه وما أن فتحه ودلف معتصم إلى الغرفة خلفه حتى استقام الرجل واقفا وأردف بعصبية:"هل لي أن أعرف لما تحتجزوني هنا منذ وصولي ؟... ماذا فعلت أنا ؟...أنا ليس علي أي تهم على الاطلاق...."
اتسعت عيني معتصم وهو ينظر إلى الرجل بدهشة شديدة وأردف بصوت خاوي :"هلا أعطيتني جواز سفرك؟..."
رد الضابط من خلفه:"جوار سفره معي ...." ومد يده بجواز السفر لمعتصم الذي أخذه منه بعصبية وفتحه ليجد صورة الرجل الذي يقف أمامه وقرأ الاسم الذي يتشابه بالفعل مع اسمه ولكن باضافة اسم أخير لا ينتمي لاسم معتصم على الاطلاق
جلس معتصم على المقعد المواجه لمقعد الرجل وهو يسمح لنفسه أخيرا بالابتسام بسخرية ومرارة ....منذ دخوله وقد أدرك الأمر ولكنه بالطبع لابد أن يتأكد ...
منذ دخوله وجد رجلا لا يزيد عن الأربعون عاما يقف أمامه بملامح مختلفة تماما عن ملامح والده التي رأها في صورة يتيمة قديمة ... كان أبوه أسمر البشرة وهذا أبيضا إلى جانب اختلاف الملامح والسن فالرجل من جواز سفره فعلا أتم الأربعون منذ سنة واحدة ومن مواليد هذه المحافظة ....
تمالك معتصم نفسه وأردف بنبرة ضعيفة للرجل الغاضب أمامه:"نعتذر سيدي حدث لبس ما بين اسمك واسم شخص آخر...."
أخذ الرجل يتمتم بكلمات غاضبة فلم يعره معتصم أي اهتمام وهو يستند على ظهر المقعد ويٌلقي بجواز السفر على المكتب ويٌغمِض عينيه وهو يشعر بالغربة عن هذه الدنيا التي ينتمي لها ... بل بالغربة عن روحه التي تسكن جسده
************
بعد المغرب
بعد أن أنهت مريم حمامها ووقفت أمام المرآة تصفف شعرها جاء يوسف الذي تركته يجلس مع صغاره أمام التلفاز من خلفها وطبع قبلة على عنقها قائلاً:"سأنزل مريم ..."
ما أن طبع قبلته على بشرتها حتى شعرت بالاسترخاء يغمر جسدها وما أن نطق كلمته حتى زال عنها سكون جسدها وتخشبت قائلة وهي تنظر إليه في المرآة:"يوسف أنت للتو أتيت من الخارج ولم تجلس مع أبناءك سوى عشر دقائق..."
قال لها بهدوء:"معتصم نفسيته سيئة للغاية حدثته منذ قليل ووجدته في ****** أبلغوه أنه تم تسجيل دخول في المطار باسم والده .. اتسعت عينيها دهشة فأكمل هو بفتور:ولكنه لم يكن سوى تشابه أسماء وأنتِ تعرفين الباقي..."
زفرت قائلة وهي تشعر بالضيق على معتصم :"ولما لم يعد مادام تشابه في الأسماء فقط؟.."
قال لها وهو يتجه نحو خزانة ملابسه وينزع التيشيرت من على جسده:"كما قلت لكِ نفسيته سيئة وسيبيت هناك..."
قالت له بتساؤل:"وهل ستبيت معه؟..."
قال لها وهو يرتدي قميصه:"بالطبع وهل أتركه في مثل هذا الموقف!...."
"لا لايصح...بل تتركني أنا ..."
قالتها في نفسها ولم تنطقها شفتيها لأنها تعرف أن الكلام لم يعد يٌجدي معه
جلست هي على المقعد تكمل تمشيط شعرها بينما يرتدي هو ملابسه ووضع عطره الذي أزكم أنفها وهي تنظر اليه من خلال المرآة
انه يوسف ولن يتغير ...
يوسف الذي يمشي معها على سطر ويترك سطر...
يوم حنون ويوم عكسه...
لقد أدركت من خلال عشرتها معه أنه يفتقر لفن التعامل مع الزوجة وأدركت أيضا أن هناك فجوة بين الحب قبل الزواج وبعده ...
فالحب مهما كان عاصفا قبل الزواج إلا أنه يفتر بعد الزواج والمسئوليات فيأتي هنا دور الاهتمام والمودة ليحلا محل الحب ويوسف لا يهتم وإن كانت لا تنكر له المودة ولكنها مودة يختلف مضمونها عما تعرفه هي،لأنها ببساطة من ابتكار يوسف صالح عمران
تركته يكمل ملابسه وأخذت الرواية الورقية التي تقرأها هذه الأيام لكاتبتها المفضلة وجلست بجوار طفليها على الأريكة بينما يشاهدان هما فيلما كارتونيا يجعل أعينهما متسعة بانبهار وهو ما أن أكمل ارتداء ملابسه حتى خرج لها قائلاً وهو يأخذ سلسلة مفاتيحه:" سأذهب أنا وسآتي صباحا باذن الله..."
أومأت له برأسها بفتور فأردف متهكما وهو ينظر إلى الرواية التي بين يديها :"ألا تنتهي هذه الروايات أبدا؟.. ما أن تنتهي من واحدة حتى تدخلي في أخرى..."
قالت له بسماجة:"لا، لا تنتهي إنه عالم ليس له نهاية..."
"حسنا..."
قالها باستسلام وهو يتجه نحو الباب وما أن أغلقه خلفه حتى فتحت هي روايتها لتكمل أحداثها الشيقة وما أن قرأت صفحات قليلة حتى رن هاتفها بجوارها فوجدتها أمها فردت عليها قائلة:"أهلا أمي كيف حالك؟.."
قالت نعمة بمودة:"بخير يا حبيبة أمك كيف حالك أنتِ والأولاد؟؟.."
"بخير أمي..."
قالت نعمة وهي تجلس بجوار هاجر على الأريكة بينما تنهمك الأخيرة في متابعة مسلسل في التلفاز:"هل زوجك عندك؟..."
قالت مريم وهي تغرز أصابعها في خصلات شعر صغيرتها التي تنام على ساقيها :"لا أمي؟.."
قالت نعمة بشك:"هل لم يأتي من العمل بعد أم جاء ونزل مرة أخرى؟.."
رفعت مريم عينيها للسماء التي تلمع فيها النجوم عبر النافذة المفتوحة متمنية الهروب من الرد لأنها تعرف أمها ولكنها أردفت أخيراً:"جاء ونزل مرة أخرى أمي.."
عوجت نعمة فمها يميناً ويساراً وأردفت :"توقعت هذا ثم أردفت فجأة بجدية:بنت يا مريم هل تفعلين شىء معه لا أعرفه يجعله لا يحب المكوث في البيت كثيرا فيهرب للخارج؟..."
قالت مريم بحنق وقد جرحتها الجملة:"لا أمي ماذا سأفعل ،يوسف يحبني ويحب أبناؤه ويحب بيته ولكنه يحب أيضا أصدقاؤه ويحب أن يرفه عن نفسه بعد ساعات العمل ..."
"ربما..."
قالتها نعمة بلا حماس فأردفت مريم :"دعكِ من يوسف أمي كيف حالكم أنتم؟.."
قالت لها نعمة بحماس:"هل عرفتي أخر أخبار خالك راشد ؟... يريد أن يأخذ الولد من أمه..."
أغمضت مريم عينيها يأسا وهي تضع الرواية بجوارها على الأريكة فهي أكثر ما يصيبها بالملل حين تقص عليها أمها تفاصيل أحد أقاربها حيث تحكي لها بالتفاصيل التي تمقتها هي كثيراً
*********
دلف يوسف إلى الفندق العائم الذي يرسو على ضفة النهر في المحافظة التي هرع إليها معتصم منذ ساعات ومنه دلف إلى الملهى الذي تنبعث منه أصوات الأغاني العالية وأخذ ينظر حوله إلى أن لمح معتصم يجلس في ركن نائي بعيدا عن الجميع عند نافذة زجاجية تطل مباشرة على النهر
اقترب منه يوسف وسحب مقعدا وجلس أمامه قائلاً بسخرية :"دائما مصدر ازعاج لي ... لا أعرف بدوني ماذا كنت ستفعل..."
كان يقولها بسخرية عله يخفف عنه قليلاً وهو أدرى من يعرف كيف أن هذا الأمر حساسا بالنسبة له فالتفت إليه معتصم قائلاً بمزاج قاتم:"من قال لك أن تأتي؟... إن كنت أعرف أنك ستأتي لم أكن لأخبرك أين أنا...."
قال يوسف بنبرة صادقة هذه المرة :"وإن لم آتي أنا من سيأتي؟.."
لمعت عيني معتصم تأثرا من كلمات يوسف الصادقة وأردف بصوت مبحوح سمعه يوسف رغم صخب الأغاني المحيطة :" عندك حق لو لم تأتي أنت لن يأتي أحد..."
تنحنح يوسف قائلاً:"لا تٌكبر الأمر معتصم أنت تعرف أن جميع من حولك يحبونك وأن لك مكانة خاصة عند الجميع ...."
اقترب معتصم من يوسف بوجهه أكثر عبر المنضدة الصغيرة قائلاً"مكانتي الحقيقية حين أعرف بالضبط إلى من أنتمي....ثم أردف وهو يجز على أسنانه بقهر:هل تصدق أنت أن رجل يتزوج امرأة ويختفي أثره من الحياة بعدها..اتسعت عينيه وظهر فيهما الألم جليا ثم أردف:هل تتخيل أن يعيش المرء حياته كلها منتميا لأهل أمه لأنه ببساطة لا يجد له أبا ولا أهل أب؟..."
كان يوسف يشعر بكل كلمة ينطق بها معتصم ... كانت كلماته قاسية موجعة و كان يعرف معنى أن يعيش الولد مع أهل أمه في بلادهم التي يعتز فيها الرجل باسمه ونسبه ، وانتماؤه لأهل أبيه شرف لا يضاهيه شرف ولكنه قال له يؤازره :"غدا بإذن الله تتزوج وتنجب ويملأ أولادك عليك الحياة وقتها ستنسى كل شىء حٌرِمت منه.."
قهقه معتصم ضاحكا ضحكة ساخرة وأردف بمرارة:" حتى هذه الأمنية لم يعد ممكن تحقيقها...."
قال له يوسف بتساؤل:"لماذا؟.."
أخذ معتصم سيجارة من علبة سجائره التي أمامه وسحب منها نفسا طويلا وأخرجه بزفرة حارة وعروق يديه قد انتفخت من كثرة توتره وغضبه وأردف:"لأن الوحيدة في هذه الحياة والتي كانت تستطيع أن تبدل غربة روحي إلى سكن وونس لا تشعر بي ولا تنتمي إلى عالمي ...."
مد يوسف يده إلى كوب العصير الموضوع أمام معتصم والذي شرب منه القليل ورشف منه رشفتين وأردف:"ها هي أمامك لما لا تحاول معها ربما انتبهت لك إن بٌحت لها بمشاعرك التي تسجنها في قلبك منذ سنوات...."
قال معتصم بحدة:"لا .... أنا لا أريد امرأة أبوح لها بمشاعري التي لا تشعر هي من الأساس بها فتمن علي هي بمشاعرها ...هدأت حدته وأردف كأنه طفل صغير متغير المزاج:أنا كنت أريدها لي من البداية... لا كما هي الآن جسد بلا روح.. تهدج صوته وهو يقول:انها لم تعد تنتمي لدنيا البشر يايوسف ... ملامحها تغيرت ...نبرة صوتها تغيرت ... روحها تغيرت... قديما لم تكن لي ولكنها كانت عنان ،عنان التي كانت جميلة الشكل والروح ... كانت مشعة ... كانت حياتها كلها بالألوان ... لم تكن لي ولكني كنت أسعد حين أراها سعيدة أما الآن فلم تعد هي ...."
زفر يوسف زفرة حارة ... انها معضلة ابن عمته الأبدية ،عقدته من ترك أمه له صغيراً و شعوره بالنقص عنهم جميعا جعله يريد من حبيبته أن تكن هي المبادرة حتى وإن كانت المبادرة بنظرة عين تٌشعره أنه لا يفرض نفسه عليها ..
نظر معتصم إلى النهر الممتد أمامه وقال بشرود:"قديما أخذ راشد من كانت تٌدعى أمي ... وبعدها أخذ ابنه حبيبتي...."
زفر يوسف بيأس ولم يرد فساد صمت مُطبِق بينهما واحترم يوسف صمت صاحبه،إنه الوحيد الذي يعرف بقصة حب معتصم لعنان بعد غالية بالطبع ،حتى هو لم يكن معتصم ليخبره لولا أنه اكتشف الأمر وواجه معتصم به ،وقتها لم يستطع معتصم الانكار


سرح يوسف قليلا في ذكريات الماضي يوم زفافه هو ويحيى ورماح ،كان يتوقع وقوف معتصم بجواره ولكنه صٌدِم بأنه بارك له سريعا هو ويحيى في المندرة واختفى بعدها ،ظل يوسف طوال الحفل يبحث عنه بعينيه ولم يجده وفي اليوم التالي حين ظهر كان يوسف للتو قد خرج من المندرة بعد أن رحل أصدقاؤه الذين جاءوا مهنئين ووجد معتصم في بهو البيت وقد أتى للتو من الخارج وحالته غريبة فأردف يوسف بوجه متجهم :"أين كنت من الأمس ؟هل هذه وقفتك معي يوم زفافي؟ لم يكن هذا عشمي بك معتصم..."
ربت معتصم على كتفه وهو يشعر بالذنب تجاهه وأردف بصوت خشن :"عندك حق ولكن رغما عني...."
نبرة صوت معتصم وملامح وجهه وشرود عينيه كانوا يوحون بأن ما يشك به يوسف حقيقيا فشعر بالدماء تضرب في رأسه فجأة وأردف بصوت مضطرب وهو يواجه صاحبه :"أنت تحب واحدة من البنات الثلاثة مضبوط؟؟؟"
نظر اليه معتصم نظرة حادة ثم تركه ودلف الى حجرته المجاورة لحجرة غالية فأسرع يوسف خلفه وأغلق الباب واقترب من معتصم قائلاً بغلظة وهو يجذبه من مقدمة قميصه:"من هي؟ انطق..."
قال معتصم بحنق وهو يدفع يدي يوسف عنه:"ليس لك دخل بي..."
قال يوسف بغضب:"لا ...لي دخل ثم أردف بتساؤل:يسر؟..."
رفع معتصم حاجبا مستنكرا وبدت الدهشة في عينيه قائلا:"يسر من ؟ يسر أختك ؟ هذه الطفلة ! انها أختي الصغيرة ياغبي..."
ابتلع يوسف لعابه بصعوبة ..لم يعد إلا اثنتين مريم وعنان وإن كانت مريم فهذا يعني أنه خسر صديق عمره وتؤم روحه للأبد فأردف بخوف وتردد:"مريم ؟؟؟..."
ناظره معتصم بغيظ وأردف باستنكار أكبر من سابقه:"مريم! لم تكن هي الأخرى سوى أخت صغيرة لي يا متخلف..."
أخذ يوسف أنفاسه أخيرا وأردف براحة كبيرة بدت على ملامح وجهه :"عنان..."
دفعه معتصم للخلف بغضب قائلا:"هل ارتحت الان ؟ ضغطت علي حتى عرفت..."
اقترب منه يوسف مرة أخرى قائلاً بتساؤل:"ولم لم تقل من قبل ؟ ولم لم تقل لها أو تطلبها من عمي يونس؟..."
قال معتصم بمرارة وهو يعطيه ظهره:"لأن في اليوم الذي قررت فيه مصارحتها سمعتها بأذني وهي تقف مع ابن راشد يعرض عليها الزواج وسمعت بأذني موافقتها وترحيبها...."
كان الصمت لا زال يغلف الاجواء، معتصم غارقا في أفكاره ويوسف غارقا في ذكريات اليوم الذي تأكد فيه من مشاعر صاحبه فقطع يوسف حبال الصمت وهو ينظر بطرف عينه إلى فتاتين تجلسان على المنضدة المجاورة ويبدو من ملامحهما أنهما أجنبيتين وكانت احدى الفتيات تنظر إلى يوسف نظرة ثاقبة فأردف الأخير وهو يأخذ سيجارة من علبة سجائر معتصم ويشعلها بالقداحة:"أنا أرى أن نكتفي بهذا القدر من البؤس اليوم وتنظر بجوارك سترى حوريتين من الجنة أظن بنظرة واحدة ستنضمان لنا.."
قال له معتصم باقتضاب دون أن يتنازل وينظر إليهما :"كرهت صنف النساء ،كلهن غبيات."
فتح يوسف فمه ليرد عليه ولكن صوت رنين هاتفه ارتفع فنظر اليه ليجدها مريم فأردف بصوتِ مسموع :"مريم...."
ابتسم معتصم لأول مرة منذ ساعات وأردف متهكما:"جاءك الموت يا تارك الصلاة.."
نظر إليه يوسف نظرة صارمة تعني اصمت تماما ورد عليها قائلاً:"أهلا مريم هل حدث شىء ؟ هل الأولاد بخير؟..."
قالت له وهي ترفع حاجبا واحدا وهي تقف بجوار النافذة بعد أن نام الصغار:"الجميع بخير ....كنت أطمئن فقط أنك أيضا بخير ..."
قال لها بشك:"ألم تتصلي بي منذ قليل وأخبرتك أنني أمام الفندق؟.."
قالت بهدوء وهي تنظر إلى النجوم المتلألئة فوقها :"لا أعرف قلبي أخبرني أن أطمئن مرة أخرى..."
أردف وهو يبتسم ابتسامة عفوية:"قلبك أخبرك...."
فغمغم معتصم بابتسامة عابثة:"قلب الزوجة...."
فقالت مريم في محاولة طفولية فاشلة لأن تتذاكى عليه:"هل معتصم بجوارك ؟ أريد أن أطمئن عليه...."
قال لها وقد اتسعت ابتسامته وقد فهم مغزى اتصالها:"نعم بجواري ... "
ثم أعطى له الهاتف وكلاهما تحولت ابتسامته لضحكة عابثة فأردف معتصم:"أهلا مريم كيف حالك أنتِ والصغار؟..."
اطمئن قلبها ما أن سمعت صوت معتصم وأردفت:" بخير..."
قال لها :"يوسف معي لا تقلقي ..."
قالت بسرعة:"لست قلقة أنا فقط اطمئن عليكما...."
قال معتصم وقد شعر بالشفقة الحقيقية عليها:"اطمئني مريم ..."
أغلقت معه و قد اطمئن قلبها قليلاً ... قليلاً جداً فهي رغم أنها تأكدت أنه مع معتصم إلا أنها أيضا لا تدري ماذا يفعلان... فمعتصم رغم كل شىء أعزب ويتمتع بمطلق الحرية في حياته...
زفرت بحنق وهي تلوم نفسها على تفكيرها ... هل ستظل طوال حياتها تشك فيه هكذا؟...
وصلها تنبيها بوصول رسالة على الواتس اب ففتحتها لتجدها رسالة من اسم غير مُسجل في قائمة الاصدقاء لديها مكتوبا بها " مساء الخير مدام مريم كيف حالك أنتِ والصغار أنا أطمئن فقط عليكم لما لم يحضر الأولاد التدريب اليوم؟..."
دققت مريم في الصورة فوجدتها لكابتن شادي وحين دخلت على بيانات المتصل وجدت بالفعل اسمه مكتوبا بالكامل...
"من أين أخذت رقمي؟.."
كتبت له بشىء من الضيق فكتب بسرعة"الرقم أخذته من النشاط الرياضي لأطمئن على الأولاد ..."
كتبت له "الحمد لله هما بخير زياد فقط لم يستطع النزول ... نوع من أنواع الكسل لا أكثر..."
كتب لها وهو يستلقي في فراشه بأريحية "الحمد لله..."
"شكراً على سؤالك...." قالتها على سبيل المُجاملة....
فكتب جملة في ظاهرها البراءة ولكنها كانت لحاجة في نفسه" أعتذر إن كنت تحدثت في وقت غير مُناسب هل هذا الأمر يزعج والد الأولاد؟.."
قالت له حتى تنهي المحادثة " لا يوجد ازعاج و شكراً لسؤالك ... "
وأغلقت المحادثة معه دون انتظار رد أما هو فرغم أنه لم يتأكد من شكوكه بعد بأنها منفصلة عن والد الأولاد إلا أن جملتها(لا يوجد ازعاج )جعلت أمله في أن تكون بالفعل منفصلة ينمو بداخله
************



التعديل الأخير تم بواسطة **منى لطيفي (نصر الدين )** ; 28-06-21 الساعة 06:32 PM
Heba aly g غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 28-06-21, 04:03 PM   #356

Heba aly g

كاتبة بقسم قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية Heba aly g

? العضوٌ??? » 459277
?  التسِجيلٌ » Dec 2019
? مشَارَ?اتْي » 1,500
?  نُقآطِيْ » Heba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond repute
افتراضي

وقف يحيى مع بعض المزارعين بجوار قطعة أرض زراعية نائية نسبيا عن العمران ... منذ سنوات وهذه الأرض مهملة لا هي صالحة للزراعة نظرا لموقعها ولا هي دخلت ضمن أراضي البناء إلى أن قرر يحيى أن يقوم بتجربة فيها وهي محور رسالة الماجستير الخاصة به
كان يجلس أرضا بين المزارعين ويوجههم إلى كيفية التعامل إلى أن مر زكريا بسيارته من أمامهم في رحلته اليومية للإشراف على الأراضي ومتابعة المزارعين وما أن وجد ابنه بينهم حتى توقف على جانب الطريق ونزل وما أن اقترب وألقى السلام حتى استقام الجميع وردوا عليه السلام فأردف ليحيى :"هل ما زلت مصرا على أنها صالحة للزراعة؟..."
قال يحيى بوجه يملؤه الحماس :"نعم يا حاج باذن الله ستنجح محاولاتنا..."
انصرف المزارعين كل منهم إلى عمله وظل يحيى بجوار والده وكل منهما يبدو عكس الآخر تماما في الهيئة فزكريا يحافظ تماما على طابعه الجنوبي فيرتدي جلبابه وعباءته و فوق رأسه العمامة
مظهره هذا مع ملامح وجهه الصارمة تعطي من يراه إحساسا بالرهبة والاحترام الممزوج بالخوف
وعلى النقيض كان يحيى بقميصه العصري وبنطاله الجينز وملامح وجهه البشوشة فأردف زكريا بشرود وهو ينظر إلى الأرض الممتدة أمامه لا أمل من عمارها
:"الأرض البور يابُني مهما فعلت فيها لا تطرح فلا تتعب نفسك ... كل شىء يبدو جليا منذ البداية الصالح يبدو صلاحه والبور أيضا يبدو كذلك ...."
شعر يحيى أن كلمات أبيه ترمي لشىء اخر ولكنه لم يُرِد أن يجاريه فأردف وهو يمط شفتيه ناظرا للبراح أمامه والهواء يضرب في وجهه:" أبي هذه الأرض كلها إن عَمُرت سأحصل على رسالة الماجستير لذلك آخذ الأمر بتحدي وبأذن الله انا متفائل بالنتيجة ..."
نظر إليه زكريا بنفس نظرته الشاردة يتأمل ملامح ابنه الذي شب وأصبح رجلا ... منذ سنوات قليلة كان يجري أمامه ويلعب واليوم أصبح رجلا ...
امتلأ قلبه بالحسرة وهو يراه هكذا له سنوات كشجرة بلا فروع كزوجته التي كهذه الأرض تماما كلما زرع فيها بذرة لا يكتمل نموها...
جميع من في سنه تزوج أبناؤهم وأصبحوا اجدادا وجاءهم الولد الذي سيُخلد ذكراهم أما هو فالعمر يجري به دون أن يحمل على يديه حفيدا يحمل اسمه ....
حتى راشد بعد أن مات ابنه جاءه الحفيد فيا لمفارقات القدر ...
انها الحيلة الأقدم على وجه الأرض
حين نتحايل على الموت رافضين أن يكون مصير أسماءنا الفناء بعد الرحيل
ومصير ديارنا الخراب بعد العمار
فننجب أبناءا ينجبون أبناء... فيحملون أسماءنا ويبقى ذكرنا ممتدا حتى بعد فناء الجسد ويسكنون ديارنا لتسري فيها روح الحياة عوضا عن الخواء وصمت الجدران
قال له زكريا أخيرا:" أخاف أن يمر بك العمر على أمل أن تصلحها وتظل كما هي "
زفر يحيى وأردف بصوت متزن :"لا تخاف أبي ثم أردف بصوت به بحة ونظرة عين بها رجاءا خفيا :ادعو لي فقط أبي ... ادعو لي..."
أومأ له زكريا برأسه دون رد ثم تركه ليكمل جولته الصباحية
أما يحيى فأخذ ينظر حوله إلى الأرض التي تحتاج فعلا مجهودا كبيرا ورفع وجهه إلى السماء قائلا بصوت مسموع :"ياااارب...."
**********
جلس راشد في المندرة يتناول افطاره بيد وعلى اليد الأخرى يحمل عمار ...
لقد أصبح الصغير في هذه الفترة البسيطة روحه التي تسكن جسده ...
تعلق به تعلقا شديدا خاصة و كل يوم يزداد الولد بأبيه شبها ... حقيقة لا يعرف هل يشبهه حقا أم أنه هو الذي يريد أن يرى ذلك عله يجد فيه العوض عن أبيه
قالت له يمنة بحنان بعد أن وضعت كوب الشاي أمامه وجلست بجواره :"اعطني الولد يا راشد حتى تستطيع أن تأكل..."
قال لها وهو يتمسك به أكثر:" لا اتركيه ..."
كانت تعذره وهي تجده يتمسك به ويرتبط به يوما بعد يوم فأردفت بتساؤل :"هل حقا يا راشد ستفعل ما قلته لي بالأمس مع نسرين ؟...."
قال لها و قد انتهى من الطعام بالفعل وبدأ يرتشف من كوب الشاي :"سأعرض عليها لأرى ما يدور في عقلها هي وأخيها... ثم أردف بنظرة حادة :أم أنهما يظنان أننا سنتقبلها في البيت بأخيها هذا...."
قالت له بتفكير :"ولكنك إن طلبت منها الرحيل ستأخذ الولد معها.."
قال لها بخشونة :"لن يستطع أحد أخذ ابني مني.... ثم أردف بنظرة قاتمة:سأعرض عليها مبلغا من المال ...."
كانت نسرين تجلس في الغرفة الصغيرة للحديقة والتي يقيم فيها شقيقها منذ أن أتوا إلى هنا فأردف هو بقلق:" ألم تعرفي على ماذا ينوي حماكِ؟..."
قالت له :"على ماذا سينوي من ماذا تقلق أنت ؟...."
قال لها بقلق:" له يومين أشعر من حديثه معي أنه لا يستسيغ بقائي هنا..."
قالت له وقد لمعت عينيها بشراسة قطة تدافع عن صغارها :"لن يستطع أن يفعل شىء ... ابني الان هو مصدر قوتي ثم أردفت وهي تتذكر سنوات شقاءهما منذ أن كانا صغارا وهي تنظر حولها إلى الحجرة الأنيقة والتي رغم أنها حجرة ضيوف إلا أنها لا تُقارن بشقة صغيرة من ضمن الشقق التي تشبه الجحور التي تنقلت فيها مع أسرتها على مدار سنوات :ما عشناه قديما أتى وقت أن تعوضنا الدنيا عنه..."
لم تكد تنطق كلمتها حتى وجدت طرقات على باب الحجرة فتبادلت معه نظرة قلقة ثم اتجهت إلى الباب وفتحته لتجد راشد يقف أمامها يحمل الصغير قائلا لها بنبرة آمرة :"اريدكما قليلا بالخارج..."
شعر كلاهما أن اللحظة التي كانا ينتظراها قد أتت فأشارت له نسرين بعينيها وخرجت خلف راشد واسلام خلفها فجلس راشد على أحد الكراسي في الحديقة الصغيرة للبيت فجلست نسرين بجواره وبجوارها شقيقها ...
كانت نسمات الصباح العطرة المٌحملة برائحة البلدة وخيراتها تفوح في المكان ... نعم للخير رائحة لا يعرفها إلا من ذاق الجوع وحٌرِم من أساسيات الحياة الكريمة وهي وشقيقها ذاقا الحرمان والذل لسنوات
قال راشد وهو ينظر إليهما ويحمل الصغير بتملك :"على ماذا تنويان ؟.."
قالت له نسرين بسرعة وثبات وثقة قبل أن ينطق شقيقها:" في ماذا بالضبط؟..."
قال راشد بلا مواربة :"أنا أرى أنكِ ما زلتِ صغيرة والاحتمال الأكبر انكِ لن تبقي طوال عمرك بلا زواج إلى جانب انكِ لستِ معتادة على حياتنا هذه فإن كنتِ تريدين أن تعيشي حياتك فليس لدي أي مانع وبالطبع سأعطيكِ مايؤمن لكِ حياة كريمة..."
فهمت نسرين إلى ماذا يرمي ... فمن ربتها الدنيا لن تعجز عن فهم راشد فأردفت بهدوء:" أنا من البداية أتيت حتى لا أحرم ابني من أهله وعزوته أما إن كنت لا تريدني هنا فسأرحل اليوم قبل غد وعلى يدي ابني.."
استند راشد على ظهر مقعده ولا زال يمسك الصغير الذي جعله الهواء يسبل أهدابه تلقائياً وأردف ببرود:" ابننا في حضننا ولن يخرج خارج هذا البيت سواء إن كنت حيا أو بعد مماتي...."
قالت له بنفس البرود :"ومن أنكر عليك هذا الحق! يبقى بالبيت مع أمه..."
فهم راشد أنها متمسكة بالبقاء هنا فأردف :" أنا لن يضيرني وجودك في شىء ولكني كما قلت لكِ أعطيكِ حرية الاختيار فأنتِ لستِ منا لتبقي هنا طوال عمرك وإن فكرتي في الزواج لن تأخذي الولد ولن ترين طرفه هذه أساسيات لدينا هنا إن تحملتيها فاجلسي ثم رفع سبابته في لهجة محذرة قائلا:ولكن اعذريني فشقيقك كان ضيفا الفترة الماضية ولكني لن أستطع استضافته أكثر من ذلك في بيتي..."
تجهمت ملامح الشاب فهذا ما كان يتوقعه فأردفت نسرين بلهجة واثقة :"عمي راشد انا وأخي ليس لنا الا بعضنا وأنا اخترت البقاء هنا في ملك زوجي الراحل الذي لي فيه نصيب وملك ابني وبقائي هنا انا وابني مرتبط ببقاء أخي فأنا لن اتركه..."
مط راشد شفتيه قائلا:" أي ملك لزوجك هذا الذي تجلسين فيه ؟... أنتِ تجلسين في ملكي أنا.."
قالت له بحاجبين معقودين :"كيف ؟ أليس لرماح رحمه الله أملاك هو أخبرني أن لديه أملاك كثيرة هنا..."
قال لها راشد بعد تنهيدة قصيرة :"يا ابنتي كل شىء هنا ملكي لا أحد من أبنائي يملك شىء..."
نظرت إليه بشك، لقد أخبرها رماح بعكس ذلك فمن الكاذب ؟
ثم تذكرت الشقة التي كانت تسكنها حين تزوجا وكانت تظنها ملكا كما أوهمها وبعد وفاته اكتشفت أنها ايجار حين أتى صاحبها يطلب الايجار الشهري حين تأخر رماح في الدفع عقب وفاته .... فهل كذب عليها في هذه أيضا؟
قالت بصلابة وهي تتمسك بحقها في حياة كريمة بعد طول سعي وشقاء :"حسنا عمي أنا أريد البقاء هنا وأعتقد أن سواء رماح له أملاك ام لا فأنا حقي في مسكن لي ولأبني والشقة موجودة بالفعل..."
ضيق راشد عينيه قائلا :"أي شقة.."
قالت له وهي تشير بعينيها للأعلى :"شقة عنان التي تركتها ولن تعود إليها مرة أخرى...."
لم يكن راشد يعلم أنها متمسكة بالبقاء هنا إلى هذه الدرجة كان يظن أنه سيلقي لها بعض المال فترحل وتترك له الصغير ولكن هذه الاستماتة لم يتوقعها وإن رفض هو بقاءها فلن تستطع فعل شىء فهو يستطيع أن يدهسها كحشرة ولكن شىء بداخله جعله لا يفعلها ...
ربما ذكرى ولده الراحل فهي مهما كان كانت زوجته....
وربما لأن الولد بالفعل يحتاج إلى أم ترضعه حتى تشبعه وتهتم به على الأقل في السنوات الأولى له...
حين طال صمته متأملا أردفت هي:" أنا أعلم أنك تريد لتمام أن يتزوج عنان وتمام لدية شقته الخاصة ككل أبناءك إذن فشقة رماح ليس أحق بها سواي أنا وولده وأخي معي..."
قال راشد باستنكار:" وأخوكِ هذا يدخل ويخرج على البيت وفيه زوجتي؟"
قالت له بنفاذ صبر وهي تحاول تمالك انفعالاتها وتشير بيدها إلى أخيها :"أخي هذا من سن مالك يا عمي ... من سن اصغر أبناء عمتي يمنة ولا أظن أن وجوده سيؤثر بشىء..."
قال الشاب بصوت مهزوز وأكبر مخاوفه ألا يقبل راشد به فيضطر للعودة إلى تخبطه في الحياة مرة أخرى على الأقل هنا ضمن المأوى والمأكل :"أستطيع أن أظل هنا في هذه الغرفة وهي تبقى في شقتها..."
قال راشد باستنكار:" شقتها!..."
فقالت نسرين لتهادنه :"شقة ابني يا عمي ..."
قال لها راشد بتساؤل :"ألم يكن اتفاق رماح معكِ من البداية أنكِ ستتركي الولد لنا بعد ولادته مالذي جد؟...."
قالت مدافعة:" لا لم يكن هذا اتفاقنا قال إن وافقت عنان بالوضع سنعيش جميعنا معا ويكون الولد ابن للجميع لم يقل أنه سيحرمني من ابني وحتى وإن كان هذا اتفاقنا فبعد تعبي في حمله وولادته هل تتوقع أن أتركه؟...حاولت أن تضغط على وترا حساسا لديه فأردفت: بل هل تريد أن تحرمه مني كما حٌرِم من أبيه..."
أغمض راشد عينيه تأثرا ....
ليس تأثرا من كلماتها ولكن تأثرا من ذكرى ابنه ....
وقد أقر باحتياج الصغير إلى أمه بالفعل في هذه المرحلة....
نظر إلى أخيها قائلاً باستهجان:" ماذا كنت تعمل أنت هناك ؟.."
قال له :"كنت على باب الله أعمل في أي شىء..."
في هذا الوقت علم راشد أن اختيار ابنه لعائلة فقيرة كما كان له مميزاته سابقا ظهرت مساوئه الان وأولها أنها وأخيها سيتعلقان في رقبته لوقت طويل
*************
وقفت يسر تنظر حولها إلى شقتها الهادئة التي لم تأخذ في تنظيفها الكثير بعد رحيل يحيى إلى عمله ... ككل يوم تنهي ترتيب البيت فيصبح نظيفا مرتبا ساكنا ... كم تتوق لبعض الفوضى المحببة فيه ولكن ....
زفرت بحرارة رافضة أن تنجرف لمثل هذه الأفكار الكفيلة بأن تغير مزاجها أياما طويلة وربما أسابيع ودلفت إلى حجرتها وارتدت عباءة أنيقة بألوان صيفية مبهجة ووضعت وشاحا صغيرا فوق رأسها ولم تحتاج إلى وضع أي مساحيق على وجهها القمحي الصافي
كانت في البداية تٌحِب مستحضرات التجميل ولكن يحيى لم يحبها ابدا فبدأت تقلل من استخدامها إلى أن تركتها تماما
خرجت من شقتها حتى تنزل لجدتها تجلس معها ككل يوم ولكنها وجدت باب شقة نعمة مفتوحا فاضطرت للدخول لتٌلقي عليها تحية الصباح قبل أن تنزل لغالية وما إن دلفت للداخل حتى وجدت نعمة تجلس على الأريكة تحمل طفلة صغيرة بين يديها فقالت يسر بوجه صبوح:"صباح الخير عمتي ... من هذه؟"
قالت نعمة وهي تهدهد الصغيرة التي تتحرك على يديها بعصبية :"انها ريتاج ابنة نجاة..."
ابتسمت يسر بحنان فريتاج ابنة نجاة ابنة خالة يحيى ... هذه الصغيرة التي لم تراها منذ أشهر عديدة منذ ولادتها فاقتربت منها بحماس قائلة وهي تمد يديها لها :"جاءت مع من ؟...."
أعطتها لها نعمة قائلة :"مع جدتها محاسن.."
نغزها قلبها ما أن زكرت محاسن خالة يحيى فهي ذكرياتها معها ليست جيدة ولكنها أخذت الصغيرة وهي تتمتم بحنان :"بسم الله ماشاء الله كَبرت وأصبحت جميلة .."
نظرت إليها نعمة نظرة صامتة ولسان حالها يقول كنت أتمنى أن تحملي ابن يحيى هكذا ولكن السنوات تمر بلا أمل
أخذت الصغيرة تتلوى بين يدي يسر وملامح وجهها تهدد بالانفجار فقالت يسر لنعمة :"تحتاج لتغيير الحفاض عمتي..."
قالت نعمة بضجر :"أعرف يا ابنتي ولكني نسيت هذه الأشياء منذ زمن وجدتها بالاسفل تطمئن على عمتي غالية ثم جزت على أسنانها قائلة وهي تنظر إلى المطبخ: "ومقصوفة الرقبة هاجر ترفض أن تغير لها..."
ما إن سمعت هاجر اسمها حتى خرجت وهي ترتدي مريول المطبخ ويداها مبللتان قائلة :"هذا ما تبقى أن أغير حفاضات ألا يكفي أنني أعمل في البيت ليل نهار كالخادمة و...
قاطعتها نعمة قائلة بغيظ :"كفى لن تعيدي على مسامعي قصيدة كل يوم ألا تقدرين إلا علي لما لا تقولين هذا الكلام لأبيكِ ؟..."
نظرت يسر إليهما وهما متحفزتان هكذا والصغيرة انفجرت في البكاء بالفعل فأردفت وهي تقف بين نعمة وهاجر تفض الاشتباك:" أنا سأغير لها ادخلي هاجر أكملي ماتفعلين..."
دلفت هاجر للداخل بعد أن رمقت أمها بنظرة غاضبة وخلفها دلفت يسر إلى الحمام و وقفت على الحوض تغير الحفاض للصغيرة باهتمام ومودة كأنها ابنتها التي أنجبتها وأخذت تدندن لها بكلمات اغنية قديمة خاصة بالأطفال وكأنها تطعمها لا تغير لها الحفاض المتسخ وما إن انتهت حتى أخذت منشفة نظيفة معلقة ودثرت الصغيرة بها التي هدأت ما أن شعرت بالنظافة وبدأت تستجيب لصوت يسر الدافىء الحنون و هدهدتها لها
وما إن خرجت يسر إلى الصالة حتى قالت لنعمة:" هل معها ملابس وحفاض حتى أغير لها؟.."
لم تكد نعمة ترد حتى وجدت شقيقتها محاسن تدخل من الباب المفتوح وما إن وجدت يسر تحمل حفيدتها حتى تغير وجهها ونظرت إلى الصغيرة وهي ملفوفة بالمنشفة فأردفت يسر ما أن رأت نظرتها :"لقد كانت تحتاج إلى تغيير الحفاض وغيرت لها "
فأردفت محاسن بقلة ذوق فطرية فيها:" لماذا ؟ ..."
اتسعت عيني يسر ولم تجد ردا فأردفت نعمة:" تقول لكِ كان الحفاض متسخ"
أردفت محاسن مبررة وهي تقترب من يسر وتأخذ منها الصغيرة :"أقصد أنها مريضة وأخاف عليها ثم أردفت وهي تضم الصغيرة إليها: لقد كشفنا لها عند خمس أطباء ولم تشفى بعد.."
لم يكن اسلوب محاسن جديدا على يسر ...
فعلتها معها من قبل حين ذهبت مع نعمة ومريم للمباركة عند ولادة الصغيرة فغامت عينيها بالدموع وزمت شفتيها تلقائيا قائلة بتماسك زائف لنعمة:" بعد اذنك عمتي سأعود إلى شقتي"...
وما أن غادرت يسر حتى أردفت نعمة بلوم لشقيقتها :"لماذا فعلتي هذا انها حقا تحب الصغار..."
قالت محاسن وهي تفتح الحقيبة التي بجوارها لتخرج ملابس الصغيرة :"ومن أدراني انا بما في ضميرها هل نسيتي ما حدث يوم أن أتت معكم للمباركة ما أن حملتها حتى صرخت البنت وما أن غادرت حتى ارتفعت حرارتها ودخنا بها عند الأطباء.."
خرجت هاجر من المطبخ وهي تضع يديها في خصرها قائلة لخالتها بنبرة هجومية :"جميع الصغار يمرضون ما أن يولدوا أبناء مريم حدث معهم هذا أيضا .. هل كلما أصابتكم مصيبة تلقون مسئوليتها على الناس ماذا فعلت هي لقد فعلت ما عافت نفسي عن فعله فهل هذا جزاءها ؟..."
رفعت محاسن حاجبيها فكانت أقرب شبها بنعمة التي تكبرها بعامين فقط وقالت لها وهي تشير إلى هاجر :"هل ترين ابنتك يا نعمة هل ترين كيف تتحدث معي؟ هذه البنت بعد ما حدث لها وقد تبدلت ولم تعد ابنتنا .... "
ما إن قالت محاسن جملتها حتى تشنجت ملامح هاجر وشعرت بالدماء تضرب في رأسها وشعرت نعمة بتغير لون وجهها وكأنها تهم برد مفحم لخالتها أو تهم بالدخول في نوبة من نوباتها العصبية فأردفت بسرعة لأختها:" لا تقصد يا محاسن ..لا تقصد ثم قالت لهاجر لتمتص غضبها :وأنتِ حبيبتي اذهبي وأكملي ما تفعلين..."
خلعت هاجر مريول المطبخ ورمته أرضا قائلة بغضب مكبوت وملامح وجهها السمراء كلها تنبض بالغضب :"لن أكمل شىء لست الخادمة هنا لفعل كل شىء ولا آخذ أي شىء..."
ثم تركت أمها وخالتها مذهولتين ودلفت إلى حجرتها وأغلقت الباب بعنف خلفها،
قالت محاسن بعينين متسعتين :"الا يوجد في قدميكِ خفا لتعطيها به؟.."
قالت نعمة :"قلبك أبيض يا محاسن يكفيها ما فيها...."
قالت محاسن وهي تكمل تغيير ملابس الصغيرة :"و الثانية التي غضبت وعادت إلى شقتها ما أخر أخبارها عند الأطباء؟.."
قالت نعمة بعد تنهيدة طويلة وهي تضع قبضتها على وجنتها:" لا جديد بل ما زاد الطين بلة أنها لن يصلح لها حمل لفترة طويلة فالرحم أٌنهِك من كثرة الحمل والاجهاض.."
قالت محاسن وهي تضع حفيدتها أرضا فتحبو الصغيرة بمرح حولهما :"لو كنتِ سمعتي كلامي وزوجتيه ل نجاة ابنتي ربما لم يكن ما حدث حدث ..."
قالت نعمة متهكمة:" وهل قرأتِ الغيب لتعلمي أنه لم يكن ليحدث ثم هل كرهت أنا أن يأخذ ابنتك أم هو الذي كان يحبها منذ كان صغيرا ولم يرضى بغيرها.."
قالت محاسن بتهكم :"سواء رضى أم رفض سيأخذ غيرها..."
قالت نعمة باستفهام :"كيف؟.."
قالت محاسن بتساؤل:" وهل أنتِ وأبيه ستدعونه يمر به العمر هكذا ؟كنتِ تفكرين من قبل في تزويجه..."
اخفضت نعمة صوتها قائلة :"وما زلت ولكنه يرفض..."
قالت محاسن :"لو كانت دينا ابنتي غير مخطوبة لم أكن أعزها عليه..."
قالت نعمة بلا حرج :"وإن لم تكن فهل سأقع في نفس الفخ مرة أخرى وأزوجه من قريبة له ؟.."
قالت محاسن وهي تمصمص شفتيها:" وابنتي ليست خالية من الأساس لترفضيها،ثم استعادت جزءا من ماض ولى ولا زال يؤثر فيها :عامة ليس جديدا عليكِ فعلتيها من قبل حين رفضتي أن ترشحيني ليونس..."
قالت نعمة وهي تضغط على حروف كلماتها وتميل نحو شقيقتها:"هل جٌننتِ يا امرأة كٌنتِ غارقة في عشق صالح فكيف أٌرشحكِ ليونس؟..."
قالت محاسن بغيظ :"وصالح كان غارقا في عشق أم السنيورة وأشارت بعينيها نحو باب شقة يحيى المٌغلق ثم أغلقت الحديث الذي يصيبها كلما انجرفت إليه بالحسرة وعادت لموضوعها الأول قائلة باهتمام :عامة إن كنتِ فعلا تريدين أن تفرحي بعوض ابنك فأنا لدي فكرة ..."
اقتربت منها نعمة قائلة بفضول:" وماهي ؟..."
فاقتربت منها محاسن حتى أصبح وجه كل منهما في مقابل وجه الأخرى وأخذت تهمس لها بما تفكر فيه....
*********


Heba aly g غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 28-06-21, 04:06 PM   #357

Heba aly g

كاتبة بقسم قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية Heba aly g

? العضوٌ??? » 459277
?  التسِجيلٌ » Dec 2019
? مشَارَ?اتْي » 1,500
?  نُقآطِيْ » Heba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond repute
افتراضي

منذ دخولها إلى شقتها و الدموع تسيل على وجهها دون إرادة منها
دلفت إلى حجرتها وجلست على طرف فراشها فكانت مرآة الخزانة تعكس صورتها المهتزة
ليست اول مرة تفعلها محاسن معها
و ليست محاسن فقط من فعلتها وتفعلها
الكثير من صديقاتها يفعلنها
كم صديقة انقطعت علاقتها بها لهذا السبب؟
كم صديقة خافت على أطفالها منها؟
كم صديقة أخفت خبر حملها عنها؟
كم صديقة تفاجأت بخبر ولادتها بعد أن كانت تنفي لها حملها بقلب جامد؟
لما يعاملونها على أنها ستحسد أبناءهم؟
لما يشعرونها دائما أنها ناقصة ؟
ألا يخطر ببالهن أنها تحب الصغار بالفعل وأنها ما أن تحمل ابن أي منهن حتى تتفجر بداخل قلبها طاقات نور تضىء ظلمة روحها
لما أصبحت في أي تجمع لبنات العائلة أو صديقاتها اللاتي كن مقربات تشعر بالغربة عنهن كأنها ليست يسر التي كانت سرهن جميعا حين كن صغارا
هل عدم إنجابها فقط هو من يوصمها بوصمة من الغيرة والحسد يخافون أن تنال أطفالهن
لم تستطع تمالك نفسها ولم تستطع البوح بما في قلبها لأقرب من لها جدتها أو أمها فكل منهما بها مابها فاستلقت في فراشها وفكرة واحدة تومض في ذهنها كشهاب خاطف
فكرة فكرت بها منذ فترة وكانت مترددة في عرضها على يحيى ولكن آن أوان أن تبوح بها
**********
الحزن .....
رغم أن طبيعة الأشياء حولنا أنها تولد صغيرة ثم تكبر إلا أن الحزن من الأشياء القلائل الذي يولد كبيرا ويصغر مع مرور الأيام ...
فيبقى منه في القلب غصة...
وفي العين دمعة متحجرة لا هي جفت ولا هي سقطت
وهي الحزن نهش في روحها حتى أحرقها وأطفأ وهج عينيها لأيام طويلة ولكن قانون الكون لا يترك شىء على حاله
فدائما بعد الحزن فرح، وبعد الكسر جبر، وبعد الضعف قوة
جلست عنان في صالة بيت والدها أرضا بجوار أمها واختيها بعد ذهاب يونس إلى عمله
تجهزن الخضروات معا وبجوارهن التلفاز مفتوحا على البرنامج الاخباري الترفيهي الصباحي
تنظر حليمة إلى بناتها وهن متجمعات حولها وتحمد الله على تجمعهن هذا وتتذكر حين كن صغارا فغمغمت بصوت منخفض وهي تعمل بكلتا يديها" ليتهن بقين صغيرات ..."
كانت مودة تجلس بينهن ولم تذهب إلى جامعتها اليوم لتذاكر جيدا ففي الغد لديها امتحانا هاما فأردفت قائلة بنبرة متسلية:" بماذا تغمغمين يا حليمة؟..."
قالت له حليمة بتوبيخ :"حليمة هكذا يا قليلة الحياء كم مرة قلت لكِ لا تقوليها لي هكذا؟"
قالت مودة و هي تحرك عينيها يمينا ويسارا بمكر :"وبماذا اناديكِ وأنتِ في هذا السن الصغير؟.. من يراكِ بجوارنا لا يصدق أننا بناتك بالكاد يقول انكِ أختنا الكبرى..."
ظهرت السعادة على وجه حليمة وأردفت وهي تمط شفتيها:" حقا فقد تزوجت من أبيكِ وأنا في السادسة عشرة وأنجبت عنان وأنا في السابعة عشرة ..."
قالت لها مودة بنفس الابتسامة الماكرة:" أرأيتِ أنني عندي حق يا ليمو..."
ضحكت حليمة فقالت لها وصال بتهكم :"أكلت عقلك البنت يا أمي ..."
قالت حليمة وهي تنظر إليهن بحنان:" ومن لي سواكن حبيباتي ؟ لا يستطع أحد فعلها غيركن.."
كانت عنان تقشر الخضروات بشكل آلي وهي لا تحيد بعينيها عما أمامها ... تربط وشاحا صغيرا على رأسها وقد غابت عنها أي لمحة أناقة قديمة
كانت تبدو كصورة بالابيض والاسود عكس صورتها قديما التي كانت صارخة بألوان الربيع حتى في عز الشتاء
قالت لها حليمة وهي تتأملها بحنان:" لما لا تشاركين في الحوار حبيبتي؟..."
قالت لها بفتور:" ماذا أقول؟"
"كما كنتِ تقولين دائما حبيبتي..."
قالتها حليمة بحنان
فأردفت وصال لأختها بجدية:" لما لا تحاولين العودة إلى حياتك الطبيعية عنان ؟"
قالت الأخيرة بنفس الفتور:" وكيف كانت حياتي الطبيعية هذه لقد نسيتها؟.."
قالت وصال بعينين تفيضان حبا وتأثرا :"جميعنا تعرضنا لضربات موجعة ولكننا مضطرين للمواصلة..."
شعرت حليمة بنغزة في قلبها على حال صغيراتها فلاذت بالصمت ولكن مودة الصغيرة هي من أردفت باستنكار:" ما هذه الأجواء الكئيبة التي نعيش فيها ليتني ذهبت الى الجامعة.."
مطت وصال شفتيها قائلة بصدق:" اتمنى لكِ يا صغيرتي حظا أفضل من حظنا "
قالت مودة متجاهلة ما ترمي إليه وصال حتى لا يظل الحديث يأخذ هذا المنحنى الداكن :"عنان لما لا تعودين إلى مواصلة نشاطك على الفيسبوك لكِ مايقارب العام وأنت متغيبة تماما لو تعرفين كم المتابعين الذين يسألون عنكِ لعدتِ من اليوم قبل الغد..."
رفعت عنان عينيها إليها و لأول مرة منذ فترة تلمع عينيها بالرغبة في شىء ... فهي منذ تخرجها من قسم التاريخ والحضارة و رغم شغفها بمجال دراستها ورغبتها في العمل إلا أن رماح لم يوافق وحين طلبت مساعدة والدها في التأثير عليه رفض هو الآخر قائلا "ماذا سيقولون أهل البلدة إن رأوا ابنة يونس عمران تخرج للعمل!"
فما كان منها إلا أن قامت بإنشاء صفحة على الفيسبوك لتمارس فيها هوايتها ولحظها الحسن لاقت صفحتها قبولا واعجابا من الكثير فكانت أحيانا تقدم محتوى عن صور حية لاثار بلدها مع تعليق صوتي منها ...
تعليق بصوتها الرنان المتزن حين تتكلم بهدوء وروية ...
كان صوتها الجذاب هو ملكتها إلى جوار حبها للتاريخ والسياحة والآثار ...
كم أخذت متابعيها في رحلات ممتعة من شمال بلادها إلى جنوبها وكم أخذتهم في رحلات عبر التاريخ داعمة محتواها بصورا واقعية وأدلة فكانت هذه الهواية هي نافذتها للعالم الخارجي والتواصل مع أشخاص من كل البلدان العربية....
مر الوقت وانتهين من تجهيز الطعام وترتيب البيت فدلفت عنان إلى الحمام وأخذت حماما باردا و توضأت وارتدت عباءة أنيقة بلون رمادي وحجاب بنفس اللون وصلت الظهر ثم دلفت إلى حجرتها فوجدت هاتفها على منضدة الزينة بجوار هاتف رماح ففتحت أحد الإدراج وألقت فيه هاتفه الذي لا زالت تكتشف فيه أسرارا لا تنتهي حتى الآن ثم أخذت هاتفها ونزلت إلى الأسفل فسمعت صوت جدتها غالية في المطبخ مع أم أيمن و شمت رائحة طعام جدتها فظلل شبح ابتسامة زاوية شفتيها ولكنها لم تدخل لهما وواصلت سيرها حتى باب البيت ....
نزلت الدرجات الفاصلة بين بوابة البيت الداخلية و ساحته ومنها دلفت إلى الحظيرة ومنها إلى حديقة الفواكه وما أن دلفت للداخل حتى أغلقت الباب خلفها واستندت بظهرها عليه تنظر إلى الأشجار حولها وهي تحوي بين فروعها الثمار الناضجة وتلقي بظلالها على الحديقة فتجعل من شمس الظهيرة الحارقة شمسا هادئة بشعاع ذهبي جذاب يتسلل ما بين الفروع والأغصان
سارت بخطوات بطيئة وهي تفتح هاتفها الذي لم تكن تستخدمه طوال الأشهر الماضية سوى في الاتصالات الهاتفية الهامة فقط ثم قامت بالاتصال بشبكة الإنترنت ومنها دلفت إلى صفحتها على الفيسبوك ،صفحتها التي كانت أخر مشاركة لها فيها منذ ما يزيد عن عشرة أشهر
قبل وفاة رماح بأيام قليلة
والغريب أن الصفحة لم تكن في حالة خمول بل ازداد عدد المتابعين رغم أنها لم تكن تقدم أي محتوى بل كانت التعليقات على منشوراتها القديمة هي من تجذب الناس لها
الكثير كان يسأل عنها في التعليقات بعد أن عرفوا بخبر وفاة زوجها وتعاطفوا معها وهي بالطبع لم ترد على أي منهم
ولكنها الآن شعرت بالرغبة في العودة والتواصل ،رغم ما يحدث لنا إلا أن الله زرع فينا رغبة تدعونا للمواصلة بعد الانقطاع عن الحياة ....
فتحت الكاميرا ووقفت تعطي ظهرها لباب الحديقة المغلق وهي تصور أركان الحديقة وترتجل وهي البارعة قديما في الارتجال دون اعداد مسبق فأردفت بصوتها العذب المعبر
(السلام عليكم ورحمه الله وبركاته اشتقت اليكم جميعا ورأيت كم اشتياقكم الي في تعليقاتكم الجميلة التي لم تنقطع وهذا ما دعاني لأن أكون معكم الان .... بالطبع جميعكم يعلم الظروف الصعبة التي جعلتني أنقطع هذه الشهور فالحمد لله الذي لا يحمد على مكروه سواه .... أعدكم باذن الله بعودة قريبة ولكن ليس اليوم ،اليوم فقط أردت أن اطمأن عليكم وتطمأنون علي..."
حركت كاميرا الهاتف حولها لتظهر الحديقة كاملة بشكلها البديع وأردفت (كنتم قد اعتدتم مني التحدث عن التاريخ وتعلمون كم أحبه وأراه هو المبتدأ .... كنت أقول لكم دائما أن من لا ماضٍ له لا حاضر ولا مستقبل له ... انخفض صوتها قليلا وأردفت بعينين حزينتين وصوتٍ رغم حزنه إلا أنها حافظت على اتزانه ونبرته القوية : ولكن كما تعلمون يعيش الانسان ليتعلم واليوم مع اقراري بكل ما سبق إلا أنني أدركت أيضا أن هناك أوقاتا نتمنى فيه لو لم يكن لنا تاريخا في هذه الحياة،لو لم يكن لنا ماض،لو فقدنا الذاكرة ولو لجزأ بسيط من ماضينا حتى نستطيع أن نكمل حياتنا لأنه أحيانا الماضي يكون حجرا عائقا أمام الحياة في الحاضر والمستقبل، هل تدركون ما أقصده ليس كل ماض جميل ومشرق ومبهج ثم أردفت بصوتِ خافت قليلا : ليت كل ماض بجمال وعراقة وأصالة ماضي بلادي الذي حدثتكم عنه مرارا...... كتمت تنهيدة حارة في صدرها وأردفت بصوتٍ جذاب ذو نبرة تعلو وتهبط مع احساسها بكل كلمة :أحيانا نحتاج ممحاة لنمسح ماضينا وأحيانا نتوق لألة زمن تنقلنا من حاضرنا لماضٍ سحيق.. لزمن غابر ليس فيه حقد أو غل أو كذب أو خيانة....)
كان مٌعتصم قد وصل إلى بوابة بيت عمران الحسيني وصفها وهو ليس لديه رغبة حقيقية في الدخول ... بعد أن قضى ليلته مع يوسف في الفندق استيقظ كلاهما في وقت متأخر وللتو أوصل يوسف إلى الشركة أما هو فلم يكن في مزاج رائق للذهاب إلى العمل فاعتذر عن الذهاب ورغم ميله للذهاب إلى شقته و المكوث فيها بمفرده إلا أن رغبة عارمة ألحت عليه في العودة ... ربما يراها ... ربما يسمع صوتها... وإن لم يحدث يكفيه أنه سيمر على باب بيتها وسيجمعهما في النهاية سقف بيت واحد كبير رغم أن قلبيهما بعيدين بٌعد المشرق والمغرب...
ما أن صف سيارته حتى رن هاتفه ليجده سامح فرد عليه قائلا باقتضاب:" ماذا هناك سامح؟ ..."
قال الشاب بنبرة حماسية وبصوت لاهث :"لن تصدق يا سيادة الرائد ما حدث في قضية الاستاذ الجامعي صدق تنبؤك الرجل كان على علاقة بطالبة عنده في الجامعة وهذه الفتاة كانت على علاقة بشاب اخر و التحريات أثبتت أن هذا الشاب تشاجر مع الاستاذ قبلها بعدة أيام وتوعده و....
أخذ سامح يقص على معتصم ما توصلت إليه التحريات بحماس شديد فأردف معتصم في النهاية بابتسامة ساخرة:" ألم أقل لك يا بني فتش عن المرأة..."
قهقه سامح ضاحكا وأردف :" صدقت يا معتصم باشا منذ اليوم سأفتش عن المرأة في كل قضية"
ابتسم معتصم قائلا :"حسنا تدبر أمر الضبط ووافيني بأخر المستجدات.."
أغلق معه ودلف من البوابة الخارجية وأغلقها وما أن صعد درجتين نحو باب البيت الداخلي وهبت عليه رائحة طعام أمه وسمع صوتها آتيا من الداخل حتى تراجع فهي لن يخفى عليها أمره وهي التي تعرفه من نبرة صوته ومن نظرة عينه ومن اختلاج عضلات وجهه وهو لن يبوح لها بخذلانه بالأمس لا لشىء إلا لأنه لا يريدها أن تحزن
فهبط الدرجتين متجها نحو حظيرة المواشي ومنها إلى حديقة الفواكه....

وما أن دلف للداخل حتى تفاجأ بها وهي تقف تسجل الفيديو الخاص بها

كانت تعطيه ظهرها ولم يكن يحتاج لأن يرى وجهها ليعرف أنها هي

ماذا عليه أن يفعل الان ؟ هل يعود إدراجه ثانية؟ فلا يصح أن يتواجد مع إحدى بنات خاله منفردا في مكان خالي

ولكن ماذا عن قلبه المشتاق الذي قطع هذه المسافة فقط ليكون معها تحت سقف بناية واحدة ألا يمكن أن تكون هذه رحمة ربه به أن رتب هذا اللقاء لهما ليطفىء نار قلبه؟

حتى وإن كان العقل يقول أن يرحل فأين القلب الذي يسمع له الان؟

لقد كان القلب مغيبا فدلف معتصم حتى وقف خلفها على بعد عدة خطوات وما أن شعرت به حتى التفتت خلفها فوجدته هو فتلاقت عيونهما في نظرة خاطفة ثم عادت مرة أخرى لتكمل حديثها قائلة (بالطبع تتساءلون عن هذا المكان الذي أحدثكم منه فلم أحدثكم من هنا من قبل ولكن هل تعلمون أن هذا المكان أيضا يحمل جزءا من تاريخ بلادي... هذا المكان كانت منه بداية لعائلة كبيرة من عائلات الجنوب مارأيكم إن كان هذا هو موضوع حديثنا المرة القادمة إن أجمعتم في التعليقات على الموافقة فستكون من هنا الحلقة القادمة بإذن الله اترككم في رعاية الله....)

حفظت التسجيل إلى أن تقوم بمراجعته والتفتت خلفها قائلة بهدوء:"أهلا معتصم..."

قالتها بعفوية فرد قلبه بنفس العفوية (روح معتصم التي غابت عن جسده منذ أن رحلتي عن هذا البيت ولم تعد الا بعودتك....)

أما لسانه فتمتم بهدوء كاذب عكس ضربات قلبه المضطربة حاليا:" أهلا عنان ثم أردف باهتمام وهو يقف أمامها مباشرة يبدو طويلا ورغم طولها إلا أنها كانت ترفع عينيها اليه :هل عدتِ لنشاطك مرة أخرى؟.."

مطت شفتيها الجميلتين قائلة وهي تثبت عينيها الزيتونيتين الداكنتين في عينيه البنيتين الثاقبتين لأول مره منذ فترة طويلة :"لست متأكدة... هي محاولة ولا أعرف هل سأتحمس وأكملها أم لا..."

قال لها وهو يضيق عينيه ويضع يديه في جيبي بنطاله الكلاسيكي فتنحسر حلته عن جذعه ويبدو سلاحه مثبتا في جانبه :"ولما لا تتحمسين ولما لا تعودين هل ستظلين طوال العمر هكذا؟...."

فأردفت وهي تنظر إليه و تشعر بأن به شىء غريب في نبرة صوته ونظرة عينيه:" سأحاول... سأبذل كل جهدي على الأقل من أجل أبي وأمي...."

أومأ لها بوجهه بابتسامة شاحبة ونظرة حائرة فباغتته وهي تضيق عينيها و تسأله بشك:"معتصم هل بك شىء؟...."

أغمض عينيه لثانية

ثانية واحدة يتمالك فيها نفسه وقلبه الخافق بين ضلوعه يتراقص فرحا أنها لاحظت أن به شيئا غريباً

ود لو يضمها اليه في هذه اللحظة يمحو ألمها و ألمه....

ماذا لو فعلها وضمها بين ضلوعه ؟.....

يقسم بالله سينمحي وقتها وجع قلبه وتتلاشى غربة روحه عن هذا الكون....

لو مس بشفتيه عينيها سيزيل عنهما هذا الحزن الذي يسكنهما....

قالت له بصوتِ أعلى ما أن طال صمته:" معتصم أسألك هل بك شىء أراك غريبا...."

قال لها بنبرة طفل تائه يبحث عن أبيه ولم يجده وهو يشعر برغبة عارمة بالبوح لها هي على وجه التحديد لا لأحد غيرها :"أنا فقط أشعر بثقل فوق صدري...."

قالت له باهتمام وهي تقف أمامه كعصفورة حزينة ويقف أمامها كمارد يتيم:" قل ما بك...."

أخذ يقص عليها ما حدث معه بالأمس

أمله وخيبته....

فرحه وحزنه....

اشتعال الامل في نفسه وانطفاؤه....

كان جسده ساكنا لا يتحرك فيه سوى ملامح وجهه المنفعلة وعينيه اللتان تمتلأن حزنا

كان يتحدث إليها بصوت كأنه يأتي من قاع النهر المجاور لهما وعينين رغم بريقهما إلا أن بهما ظلالا من حزن أو يأس لا تدري على وجه التحديد أيهما أدق

وصوت به بحة طبيعية و حشرجة كأنه يأتي من حنجرة مجروحة

حتى أنها لاحظت تشنج حلقه وظهور تفاحة آدم واضحة في منتصف حلقه

شعرت به في هذه اللحظة كطفل يتيم حقا لا كرجل بطول الباب أمامها

كان دائما على وجهه قناعا جليديا أما الان فتشعر أن هذا القناع سقط

أم تراها هي التي لم تنتبه من البداية؟

كان يحيد بعينيه عن عينيها ينظر في اللاشىء وهو يصف لها ما شعر به من أمل حين جاءه الهاتف والخيبة حين أدرك أنه ليس هو

أما هي فكانت تنظر إلى جانب وجهه بتعجب

هل هذا هو معتصم ابن عمتها يمنة؟

بما يحكيه وبما يشعر به فهي لم تعرفه من قبل

كل ما عرفته عنه كان قشورا أما الآن فقد زالت هذه القشرة وهي تراه يقف أمامها هكذا

كانت تضع أناملها على شفتيها و نظرة عينيها بها دهشة مما اكتشفته للتو وشفقة عليه في نفس الوقت ولكنه لم يرى نظرتها هذه وهو شاردا في ملكوته الخاص

وما أن توقف عن الكلام حتى قالت له بتساؤل يحمل بين طياته تعاطفا في أول بادرة إنسانية تشعر بها تجاه أحد منذ أزمتها:" هل هذا كله بداخلك يا معتصم ظننتك نسيت هذا الأمر منذ سنوات...."

نظر إليها نظرة ثاقبة و مط شفتيه قائلاً :" لم أنساه مطلقا أنتِ فقط لكِ فترة كبيرة نظرا للظروف لا تنظرين حولك لتلاحظي ماذا يحدث للمحيطين بكِ...."

قالها بنبرة أشبه للوم أو عتاب رقيق ولكنها لم تلاحظ

فقالت له بشرود

"لثاني مرة اليوم أسمع هذه الجملة...."

قال لها متسائلاً وهو يلمح في عينيها تأثرا :" ممن سمعتيها ؟..."

قالت و شعور بالذنب يتملكها تجاه جدتها:" من ماما غالية حين رأيتها في الصباح تأخذ حقنة انسولين تفاجأت فقالت لي أنني لي فترة كبيرة لا أهتم سوى بما بي فقط حتى من قبل وفاة رماح...."

تشنجت عضلة في وجهه ما أن ذكرت اسمه وشعر بأن جسده لا يسع أنفاسه فأردفت بتردد وهي تظن أن اضطرابه سبب حزنه على والده :"أريد أن أقول شىء ولكني مترددة....."

قال لها بصوت خافت وهو يشعر بالشفقة عليها من الهالات الداكنة تحت عينيها ونحول جسدها وذبول عينيها وإن كانت في عينيه دائما كوجه القمر:"قولي..."

قالت وهي تتنحنح بخجل :" ألا يأتي في ذهنك أنه ربما ... ربما..."

صمتت تتلفت حولها كأنها تبحث عن الكلمة المناسبة فأردف هو :"مات؟..."

فاومأت برأسها إيجابا فأردف وهو يقطب جبينه:" لا أريد أن أضع هذا الأمر في حساباتي ...لو وضعته ربما لا أستطع أن أكمل الحياة... ربما الأمل هو ما يجعلني أعيش..ثم أردف بصوتِ به نبرة أمل :يقولون أن الله قد يجمع الشتيتين بعدما يظنان كل الظن أن لا تلاقيا.."

كانت عنان تنظر إلى ملامحه وانفعالاته وكلامه و دهشتها تتزايد

ربما لأول مرة يدور بينهما حوارا مطولا منفردين هكذا

لم تكن تعلم أن كل هذا بداخل معتصم .. لم يخطر ببالها أنه يحمل كل هذه المشاعر الإنسانية فمتى كانت ستعاشره وتعرف عنه شىء وهي خرجت من البيت في الثامنة عشرة وقبلها كان هو دائم الغياب عن البيت في كليته التي كان يمكث فيها بالاشهر ويأتي هنا زائرا ؟

نظرت حولها فجأة فأدركت أنهما بمفردهما وأنه مهما كان معتصم ابن عمتها ومن أبناء العائلة إلا أن هذا لا يصح

منذ أن كبروا جميعا اعتادوا على وضع الحدود فقالت له وهي تهم بالمغادرة:" حقيقة لا أعرف ماذا أقول سوى أن أدعو الله أن يجمع بينك وبين كل من تحب..."

ابتسم أخيرا قائلاً بصوت خشن وقد لامست دعوتها هوى في قلبه:"لا تقولي شىء يكفيني دعوتكِ الأخيرة هذه..."

ابتسمت له ابتسامة حلوة عفوية وأردفت :" بعد اذنك لابد أن أصعد لأمي.."

بسط ذراعه أمامها قائلاً :"تفضلي...."

سارت أمامه وسار خلفها يغلفهما الصمت إلى أن خرجا معا للخارج وما أن دلفا إلى داخل البيت حتى كانت غالية تخرج من المطبخ بخطوات بطيئة فاتسعت عينيها ما أن وجدتهما يدخلان خلف بعضهما هكذا فقالت بتساؤل حذر :"مالذي جمع الشامي على المغربي؟..."
قال لها بنظرة بريئة:"صدفة ثم أردف وهو يشم رائحة الطعام المنبعثة من المطبخ :رائحة الطعام شهية أمي يبدو أنكِ من طبختِ اليوم..."
ابتسمت ابتسامتها الحلوة قائلة:" نعم..."
قال بمحبة وهو يقترب منها وابتسامة عذبة حنونة ترتسم على وجهه:"أعرف طعامك من رائحته يملأ البيت بشعور مختلف لا أستطيع وصفه ..."
أردفت قائلة بمودة:"ريحة الأكل في البيت عمار يا ولدي..."
قبل يدها قائلا:" يارب يظل عامر بوجودك ياغالية..."
كانت عنان تتأملهما معا في رحلتها الجديدة لملاحظة من حولها كما لم تفعل من قبل وابتسمت ابتسامة صغيرة وهي ترى هذه المحبة التي تتعمق وتكبر يوما بعد يوم بينهما
خرجت يمنة من المطبخ قائلة بابتسامة واسعة وعينين بهما رجاءا حارا:" كيف حالك حبيبي اشتقت لك ..."
تبدلت ملامح معتصم في ثانية واحدة من النقيض للنقيض وكأنه رأى عفريتا وما أن لاحظت يمنة تجهمه حتى توقفت بجوار أمها فأردف هو ببروده المعتاد معها :"أهلا يا عمة..."
شحب وجهها فأردفت عنان للتغلب على حرج الموقف :"أهلا عمتي كيف حالك ؟"
قالت يمنة بصوتِ منخفض :"بخير حبيبتي كيف حالك أنتِ؟..."
قال معتصم لغالية :" سأصعد أمي أريد أن أنام لا أريد أن يوقظني أحد لم أنم لي يومين .."
قالت يمنة بخيبة أمل :"والطعام؟ كنت أريد أن أتناول معك طعام الغداء.."
قال لها وهو يعطيها ظهره متجها للسلم :"لا أريد ... أريد النوم فقط..."
وتركها صاعدا للأعلى بخطواتِ بطيئة رغما عنه وخيبة أمله مما حدث أمس تُلقي بظلالها على مشاعره كلها فقالت يمنة لعنان والدموع في عينيها :"وأنتِ عنان ألن تتناولي الطعام مع عمتك ؟..."
قالت لها عنان :"بالهناء يا عمتي بعد اذنك ..."
ثم صعدت خلف معتصم الذي غاب عن أنظارهن ولكنها قبل أن تصل إلى باب شقتهم كان معتصم أمامها لا زال يصعد بخطوات بطيئة فقالت له بعتاب رقيق:" لما أحرجتها ؟..."
توقف وهو يعطيها ظهره لثانية واحدة ثم التفت اليها قائلاً بصوت خاوي ووجه خالي من التعابيرعدا نظرات عينيه القاتمة:" اعتبريه جحود ،عقوق،قسوة ..."
ثم تركها صاعدا للأعلى فنظرت هي في أثره و قد أدركت من نظرة عينيه أن لا شىء مما قاله صحيحا هناك شىء آخر في عينيه ... شىء لا تدري كنهه.....
دلفت إلى شقة والدها ومنها إلى حجرتها وفتحت هاتفها لتشاهد ما سجلته في الحديقة
أما هو فما أن صعد حتى دلف مباشرة من باب السطح وذهب تلقائياً إلى برج الحمام ،ومن نظرة واحدة أدرك أن الماء حولهم قارب على النفاذ والجو حار فأسرع إلى دلو الماء الذي يجهزه دائما لهم ووقف يضع أمام كل مجموعة الكثير من الماء فبدأوا يتحلقون حول يديه وهو يضع الماء إلى أن انتهى من سكب الماء في جميع الأقفاص وقال لهم وهو يمسح على رأس واحدة بكفه "الكائنات الوحيدة التي تستحق تقديم كل شىء دون ذرة ندم على العطاء..."
دلف إلى شقته وما أن دلف للداخل حتى أطاح بحلته على الأريكة ولم يكد يفعلها حتى وجد من تحوم حول قدميه فنظر إليها وهو يُضيق عينيه ... لم يعتاد على وجودها في البيت بعد ... فأردف قائلاً لها وهو يدخل إلى غرفته في نهاية الرواق وهي خلفه:"لا أعرف مالمُغري يا ابنة الحلال في الحياة مع رجل وحيد ألم تكن حياتك مع أسرة كبيرة أفضل لكِ لما تحبين الجلوس هنا؟..."
أصدرت القطة الصغيرة المغطاة بفراء أبيض ناعم مواءا ناعما مثلها وكأنها تفهمه وترد عليه...
منذ أسبوع واحد وهي هنا... منذ أن كان يزور صديقا له مريضا في بيته ووالدته تربي مجموعة من القطط وما أن رأته القطة حتى أخذت تتمسح فيه وتحوم حوله وقتها حملها وأخذ يمسح على ظهرها بحنان ليتفاجأ بها تسير خلفه عند رحيله وتتشبث في طرف بنطاله....
وحين وجدت والدة صديقه هذا عرضت عليه أن يأخذها ...
ورغم عدم مروره بتجربة كهذه من قبل ولكن ربما راق له تمسكها به أو شعر بالشفقة عليها لا يعرف ولكنها من يومها وهي هنا يضع لها طعامها وشرابها في ركن الغرفة ويتركها بالساعات بمفردها فيعود لتحوم حوله هكذا
قال لها وهو يخلع بنطاله وقميصه ويٌلقي بهما على الأريكة في غرفة النوم :"أنا لا أعرف مالذي ورطني فيكِ هكذا؟.."
اتجه ناحية الفراش وألقى جسده المنهك عليه فصعدت على الفراش خلفه ووضعت رأسها على صدره العاري فأردف وهو يمسد على شعرها الناعم :"حسنا في الحقيقة أنا أعرف لماذا ....تمتم بصوت ناعس وهو يغمض عينيه قبل أن يغرق في سبات عميق:لأنكِ تشبهينها كثيراً....بيضاء... ناعمة.... مغرية كقطعة ملبن "
**********
دلف يحيى إلى الشقة وهو يبحث عنها بعد أن عرف من جدته أنها لم تنزل لها اليوم، قال بصوتِ عالٍ :"يسر... أين أنتِ؟..."
لم ترد عليه فتسرب القلق إلى قلبه فدلف بسرعة إلى غرفة النوم ليجدها ترقد في فراشها كحالها منذ ساعات فأردف بقلق وهو يجلس بجوارها ويرفع وجهها إليه:"ماذا حدث ؟.. ماذا بكِ..."
كانت دموعها قد جفت تماما ووجهها فقد رونقه فقالت له باقتضاب:"لا شىء..."
قال لها بحمائية:"يسر انطقي حدث شىء اليوم ما هو؟.."
رغما عنها عادت الدموع لتسيل من عينيها فجذبها من يديها فأجلسها أمامه وضمها إليه بقوة قائلاً:"احكِ لي بهدوء ما حدث بالضبط؟..."
التصقت به بقوة ومن بين دموعها قصت عليه ما حدث في الصباح فقبل شعرها بحنان وأردف :"الأمر لا يستدعي كل ذلك لا تكوني حساسة زيادة عن اللزوم ولا تجعلي كل كلمة تؤثر بكِ هكذا ..."
ابتعدت عنه قليلاً قائلة من بين دموعها :"أنت ترى ذلك؟.. ترى أنني من أضخم الأمور؟..."
تنهد قائلاً لها بصبر :"ما رأيك أن تقومي لتأخذي حماما حتى تهدأين قليلاً ونتحدث بعدها بهدوء ؟.."
وضعت يدها على وجهها وشعرها... غالبا مظهرها بائس بعد وصلة البكاء التي قطعتها فاستجابت له دون مجادلة فهي أكثر ما يزعجها أن تشعر أنها ليست جميلة في عينيه
أما يحيى فخرج ودق باب شقة والده وما أن فتحت له والدته الباب حتى دلف قائلاً لها بعتاب:"لماذا أمي؟... لما سمحتِ لخالتي بأن تضايق يُسر وأنتِ تعرفين مدى حساسيتها؟.."
قالت له نعمة وهي تجلس على الأريكة المقابلة للباب المفتوح خلف ابنها:"هل حكت لك ؟... ثم أردفت بهدوء:لم تقصد شىء مجرد سوء فهم ...."
قال يحيى بغيظ:"ليس سوء فهم أمي لقد جرحت مشاعرها لمجرد أن حملت الطفلة هل هذا جزائها لأنها تعاملت بسجيتها ..."
تنهدت نعمة قائلة:"اسمع يابُني أنا قلت لخالتك هذا لا تظن أنني لم أقل ولكني أريد أن أقول لزوجتك أيضا ألا تضع نفسها في هذا الموقف ثانية حتى لا تحزن هكذا إلى أن يراضيها الله من عنده..."
"هكذا اذن أمي ! حسنا بعد اذنك...."
قالها يحيى بنبرة حانقة وترك أمه وأغلق الباب خلفه أما هي فأخذت تفكر للمرة التي لا تعرف عددها فيما اقترحته أختها منذ ساعات
**********
دلف يحيى إلى شقته ومنها إلى غرفة النوم فوجدها تخرج من الحمام تتدثر بمأزر الاستحمام وشعرها الأسود المبلل يتناثر حول وجهها الذي كانت ملامحه تحمل لمعة لم تكن موجودة حين تركها منذ قليل
وقف يبدل ملابسه أمام الخزانة فاقتربت منه من الخلف إلى أن التصقت به ووضعت جانب وجهها على ظهره العاري وأردفت بصوت متردد:"يحيى ... أريد أن أطلب منك شىء...."
تنهد قائلاً وقد أنهكه كلام والده له صباحا حين مر عليه في الأرض وأنهكه كلام خالته القاسي وكلام أمه وحزنها هي :"أأمري ياست البنات ...."
عضت على شفتها السفلى قائلة وهي تحيط جذعه بذراعيها:"أريد أن نتبنى طفلاً...."
اتسعت عيني يحيى و احتدت ملامحه وأردف بصوت صلب فكان في هذه اللحظة أكثر شبها بوالده :"ماذا قلتِ؟.."
قالت له بصوتِ أعلى وهي تشدد من التصاقها به :"كما سمعت أريد أن نتبنى طفلاً..."
قالتها يسر بنبرة يعلمها جيدا ويعلم ماتحمله من إصرار
ابتعد عنها قليلاً جدا والتفت اليها يتأمل ملامحها التي يرتسم عليها العزم وصمت تماما بينما أعطاها تجهم وجهه الإجابة فقالت له بجدية :"ما رأيك لما لا ترد؟..."
زفر قائلا بجدية:"أنتِ تعرفين جيدا الجواب... لن نستطع فعلها يسر...."
قالت له بعصبية :"لماذا؟..."
" ببساطة لأن لا أبي ولا أمي سيوافقان بشىء كهذا...."
ضيقت عينيها و قالت له بلا فهم:"وما دخل عمي وزوجة عمي بالأمر أنا من سأتبنى وأنا من سأربي..."
احتدت نظرته قليلاً فهي تبدو أنها قد أخذت قرارها ولن تتراجع عنه فأردف باستنكار :"وهل نحن نعيش بمفردنا ؟ لم ينتظر منها جوابا وأردف وهو يرفع يديه ويشير حوله :نحن نعيش في بيت كبير به أمي غالية وبه أبي وأمي هل سنفرض عليهم شىء كهذا؟..."
اتسعت عينيها دهشة من كلماته وأردفت :"ولما تفترض أنهم سيرفضون ؟ ألا يوجد احتمالية لموافقتهم؟.."
حرك رأسه يمينا ويسارا قائلا بأسف:" انا أعرفهم أكثر منكِ وأجزم أنهم لن يوافقوا جميعا..."
قالت باستنكار وغضب لا يظهران إلا في المواقف التى تتعرض فيها لضغط
:"ومن أجلهم انا أضحي بحاجتي الشديدة لأن أكون أما!...."
كانت تتحدث بقلب موجوع وكان يلمس ذلك ولكنه عند هذه النقطة لن يستطع مجاراتها
لقد تحمل طوال السنوات الماضية حالتها النفسية السيئة عقب كل اجهاض ...
كان يشعر بها لأن ألمها كان ألمه ،وحاجتها كانت حاجته،تَفَهم مزاجها المتقلب بنفس راضية أما ما تطلبه الآن فلا يستطع مجاراتها فيه فأردف بحزم:" انسي هذا الأمر يسر ،هل تظنين أنكِ حين تتبنين طفلا ستٌحل الازمة ؟..."
هدأت حدتها قليلا وأردفت بعينين تتلألأ بهما الدموع :"نعم بالنسبة لي ستُحل...."
أغمض عينيه وتمتم بلا صوت :"وبالنسبة لي ستبدأ وقتها سيظن ابي وامي أنه لا أمل في انجابنا... ثم فتح عينيه قائلا بجدية :وأنتِ لا تعيشين وحدك فلابد أن تراعي في قراراتك من حولك أيضا ..."
ناظرته بنظرة جامدة كالثلج وهي تضغط على شفتها بغيظ ثم أردفت :"هل هذا اخر كلام عندك في هذا الامر؟ "
قال لها بحزم لينهي الأمر:" نعم...."
كانا يقفان امام بعضهما تتشابه ملامحهما وانفعالاتهما ولم يكن التشابه فقط في الملامح بل في الطباع ،فكلاهما على قدر ما يحب الآخر حبا شديدا على قدر ما يدخلان في نوبة من العناد ما أن تمتد بينهما مناقشة ما ....
كلاهما يتشدد في رأيه،كلاهما رأسه يابسة،كلاهما كلمته واحدة ،و على قدر ما تشع بينهما السكينة حين تكون الحياة بينهما صافية على قدر ما تعمها برودة الثلج حين يختلفان ويتشبث كل منهما برأيه كالأطفال
مطت شفتيها قائلة وهي تعود إلى فراشها وتدخل تحت الغطاء :"متى ستسافر ؟"
قال لها وهو يبدأ في تغيير ملابسه و لا يعرف هل هي بذلك صرفت نظرها عن الأمر أم لا :"غدا باذن الله هل تريدين أن تأتي معي؟..."
قالت له ببرود ليس من طبعها :"لا ...أريد أن أذهب عند أبي...."
قال لها وقد عرف انها بذلك غاضبة منه:" هما يومان وسأعود باذن الله لن أتأخر.."
قالت له بنفس البرود :"وأنا أريد الذهاب لأبي وأمي هل عندك مانع؟ "
زفر قائلا وهو ينفض الغطاء لينام بجوارها :"لا ليس لدي مانع سأوصلك في طريقي..."
أعطته ظهرها وأغمضت عينيها لتمتص غضبها و احباطها أما هو فاستند بظهره على ظهر الفراش وفتح هاتفه يتصفحه بلا تركيز وكل كلمات يسر تدور في رأسه ... وشعر أنها بذلك قد وصلت لأقصى درجات احتمالها......


نهاية الفصل


اتمنى ينال اعجابكم وهنتظر آراؤوكم



التعديل الأخير تم بواسطة rontii ; 28-06-21 الساعة 11:46 PM
Heba aly g غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 28-06-21, 05:19 PM   #358

Heba aly g

كاتبة بقسم قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية Heba aly g

? العضوٌ??? » 459277
?  التسِجيلٌ » Dec 2019
? مشَارَ?اتْي » 1,500
?  نُقآطِيْ » Heba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond repute
افتراضي

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 103 ( الأعضاء 20 والزوار 83)
‏Heba aly g, ‏وصال م, ‏NoOoShy, ‏ولاء مطاوع, ‏فاطمة زعرور, ‏هاجر جوده, ‏سوهي (زهور الربيع), ‏مزاهر عبده, ‏Majd_f, ‏سهى قيسيه, ‏اللؤلؤة الوردية, ‏Solly m, ‏أمل عبدالوهاب, ‏رسوو1435, ‏Redred, ‏ايمي مجربي, ‏wafaa hk, ‏رائحة الجنة, ‏ادم الصغير, ‏Hayette Bjd


Heba aly g غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 28-06-21, 05:25 PM   #359

Solly m

? العضوٌ??? » 434739
?  التسِجيلٌ » Nov 2018
? مشَارَ?اتْي » 460
?  نُقآطِيْ » Solly m is on a distinguished road
افتراضي

فصل جميل و ممتع استمتعت بيه جدا 💖💖💖💖💖💖

Solly m غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 28-06-21, 05:32 PM   #360

اللؤلؤة الوردية
 
الصورة الرمزية اللؤلؤة الوردية

? العضوٌ??? » 414871
?  التسِجيلٌ » Dec 2017
? مشَارَ?اتْي » 722
?  نُقآطِيْ » اللؤلؤة الوردية is on a distinguished road
افتراضي

تسلم إيديكي الحلوة على الفصل

معتصم يؤلم القلب بما يحس به خاصة بمجتمعهم وأهمية إسم الأب والقوة التي تأتي معه وموقف عنان معه زاد من وضعه وما يحس به.

فرحت ببداية تغيير عنان وعودتها للحياة وإحساسها ببعدها عنهم منذ فترة وأعجبني إحساسها بمعتصم وبداية انتباهها عليه.

يسر كنت في نفس وضعها حتى بعد أن اتت ابنتي الأولى بقيت هذه النظرة والخوف من الحسد لأن البنت لا تحسب بمجتمعاتنا إلى أن أتوا أولاد أخواتي فبدأت اعوض حبي للأطفال معهم.

طلب يسر للتبني غير مقبولة في مجتمع مغلق مثل مجتمعهم خاصة أهمية مجئ الولد بسبب حمل الإسم والورث أعتقد ستفتح على نفسها موضوع تزويج يحيى بعد كلامها هذا.

منتظرة القادم بشوق


اللؤلؤة الوردية غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 05:47 PM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.