آخر 10 مشاركات
321- سهام من حرير - ميراندا لي (الكاتـب : ^RAYAHEEN^ - )           »          تائــهــة في عتمتـك (الكاتـب : نسريـن - )           »          بعينيكِ وعد*مميزة و مكتملة* (الكاتـب : tamima nabil - )           »          ليلة مع زوجها المنسي (166) للكاتبة : Annie West .. كاملة (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )           »          91- بين ضفتي الحب -كيت والكر -عبير كتاب عربي (الكاتـب : Just Faith - )           »          A Walk to Remember - Nicholas Sparks (الكاتـب : Dalyia - )           »          305 - عــــلاقات خـــطرة ليليان دارثي(كتابة /كاملة )** (الكاتـب : الملاك الحزين - )           »          At First Sight - Nicholas Sparks (الكاتـب : Dalyia - )           »          347 - الراقصة والأرستقراطى - سوزان بيكر - م.د ** (الكاتـب : * فوفو * - )           »          دين العذراء (158) للكاتبة : Abby Green .. كاملة مع الروابط (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > الروايات الطويلة المكتملة المنفردة ( وحي الأعضاء )

Like Tree11647Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 24-12-21, 08:07 PM   #1521

Lamees othman

كاتبةفي قسم قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية Lamees othman

? العضوٌ??? » 453673
?  التسِجيلٌ » Aug 2019
? مشَارَ?اتْي » 2,373
?  مُ?إني » Jordan
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Jordan
?  نُقآطِيْ » Lamees othman has a reputation beyond reputeLamees othman has a reputation beyond reputeLamees othman has a reputation beyond reputeLamees othman has a reputation beyond reputeLamees othman has a reputation beyond reputeLamees othman has a reputation beyond reputeLamees othman has a reputation beyond reputeLamees othman has a reputation beyond reputeLamees othman has a reputation beyond reputeLamees othman has a reputation beyond reputeLamees othman has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   pepsi
¬» قناتك mbc
?? ??? ~
وسخر لي الجسد والحواس في سبيلك
افتراضي


اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أسماء عايد مشاهدة المشاركة
اشتقنا لبني ومنتصر منظرينك يا لميس لا تتاخري علينا
من عيوني يا أسوم

جولتا likes this.

Lamees othman متواجد حالياً  
التوقيع
ست وعشرون نجمة وبضع من سماء روحي معلقة بين ثنايا الأفق!



(وَاجْعَل لِّي لِسَانَ صِدْقٍ فِي الْآخِرِينَ)

سبحان الله والحمدلله، ولا إله إلا الله، والله أكبر.❤
رد مع اقتباس
قديم 24-12-21, 08:10 PM   #1522

Lamees othman

كاتبةفي قسم قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية Lamees othman

? العضوٌ??? » 453673
?  التسِجيلٌ » Aug 2019
? مشَارَ?اتْي » 2,373
?  مُ?إني » Jordan
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Jordan
?  نُقآطِيْ » Lamees othman has a reputation beyond reputeLamees othman has a reputation beyond reputeLamees othman has a reputation beyond reputeLamees othman has a reputation beyond reputeLamees othman has a reputation beyond reputeLamees othman has a reputation beyond reputeLamees othman has a reputation beyond reputeLamees othman has a reputation beyond reputeLamees othman has a reputation beyond reputeLamees othman has a reputation beyond reputeLamees othman has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   pepsi
¬» قناتك mbc
?? ??? ~
وسخر لي الجسد والحواس في سبيلك
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة جولتا مشاهدة المشاركة
متحمسة الف بالذات للحبيب منتصر والغبية مرته ☠

بغض النظر عن انه لازم يوم السبت ( بكرا ) فصلين🙄🥱 مسامحينك اذا كان فصل محرز 😑😏
هو رح يكون محرز زي دايما بس قصدي طويل 😎
والله اشتقتلك يا بنت 😂 ولوضاح اكتر بكتير 😘😂

والله أنا يلي مشتقلك وللقلوب البتفسجية هالقد 💙💙💙💙💜💜💜✔
قفلة بكرة مزااااج💜💕💃
حبيبة عيوني أتت ما أنحرم منك💜

جولتا likes this.

Lamees othman متواجد حالياً  
التوقيع
ست وعشرون نجمة وبضع من سماء روحي معلقة بين ثنايا الأفق!



(وَاجْعَل لِّي لِسَانَ صِدْقٍ فِي الْآخِرِينَ)

سبحان الله والحمدلله، ولا إله إلا الله، والله أكبر.❤
رد مع اقتباس
قديم 24-12-21, 09:09 PM   #1523

نوارة البيت

? العضوٌ??? » 478893
?  التسِجيلٌ » Oct 2020
? مشَارَ?اتْي » 2,845
?  نُقآطِيْ » نوارة البيت is on a distinguished road
افتراضي

الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين
جولتا likes this.

نوارة البيت غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 24-12-21, 11:32 PM   #1524

Fatima82

? العضوٌ??? » 448353
?  التسِجيلٌ » Jul 2019
? مشَارَ?اتْي » 193
?  نُقآطِيْ » Fatima82 is on a distinguished road
افتراضي

كان سوء فهم مني والاحداث سقطت مني أنا طبعا واستدركت الأمر ووجدت ماضاع مني من أحداث الف شكر على الرواية الجميلة وبالتوفيق
جولتا likes this.

Fatima82 غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 25-12-21, 12:39 AM   #1525

Lamees othman

كاتبةفي قسم قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية Lamees othman

? العضوٌ??? » 453673
?  التسِجيلٌ » Aug 2019
? مشَارَ?اتْي » 2,373
?  مُ?إني » Jordan
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Jordan
?  نُقآطِيْ » Lamees othman has a reputation beyond reputeLamees othman has a reputation beyond reputeLamees othman has a reputation beyond reputeLamees othman has a reputation beyond reputeLamees othman has a reputation beyond reputeLamees othman has a reputation beyond reputeLamees othman has a reputation beyond reputeLamees othman has a reputation beyond reputeLamees othman has a reputation beyond reputeLamees othman has a reputation beyond reputeLamees othman has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   pepsi
¬» قناتك mbc
?? ??? ~
وسخر لي الجسد والحواس في سبيلك
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة fatima82 مشاهدة المشاركة
كان سوء فهم مني والاحداث سقطت مني أنا طبعا واستدركت الأمر ووجدت ماضاع مني من أحداث الف شكر على الرواية الجميلة وبالتوفيق
حبيبتي يا فاطمة تسلمين لي يا عمري 💜💜💜💜

جولتا likes this.

Lamees othman متواجد حالياً  
التوقيع
ست وعشرون نجمة وبضع من سماء روحي معلقة بين ثنايا الأفق!



(وَاجْعَل لِّي لِسَانَ صِدْقٍ فِي الْآخِرِينَ)

سبحان الله والحمدلله، ولا إله إلا الله، والله أكبر.❤
رد مع اقتباس
قديم 25-12-21, 07:29 PM   #1526

Maryam Tamim

مصممة في قسم وحي الاعضاء

 
الصورة الرمزية Maryam Tamim

? العضوٌ??? » 435378
?  التسِجيلٌ » Nov 2018
? مشَارَ?اتْي » 2,733
?  مُ?إني » بغداد
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Iraq
?  نُقآطِيْ » Maryam Tamim has a reputation beyond reputeMaryam Tamim has a reputation beyond reputeMaryam Tamim has a reputation beyond reputeMaryam Tamim has a reputation beyond reputeMaryam Tamim has a reputation beyond reputeMaryam Tamim has a reputation beyond reputeMaryam Tamim has a reputation beyond reputeMaryam Tamim has a reputation beyond reputeMaryam Tamim has a reputation beyond reputeMaryam Tamim has a reputation beyond reputeMaryam Tamim has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   freez
¬» قناتك nicklodeon
?? ??? ~
لا إله إلا الله وحده لا شريكَ له، له الملك، وله الحمد، وهو على كل شيءٍ قدير، سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، ولا حولَ ولا قوةَ إلا بالله العلي العظيم
?? ??? ~
My Mms ~
Elk

السلام عليكم و رحمة الله وبركاته

مساء الخير والسعادة


تسجيـــــــــــــــــــــ ـل حضـــــــــــــــــــــــ ـــور


في انتظار نزول الفصل


اشتقـــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــناا ااااا




جولتا likes this.

Maryam Tamim غير متواجد حالياً  
التوقيع
استغفر الله العظيم واتوب اليه
رد مع اقتباس
قديم 25-12-21, 08:16 PM   #1527

دانه عبد

? العضوٌ??? » 478587
?  التسِجيلٌ » Sep 2020
? مشَارَ?اتْي » 513
?  نُقآطِيْ » دانه عبد is on a distinguished road
افتراضي

بانتظار الفصل يا لموس 💚💚💚💚
جولتا likes this.

دانه عبد غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 25-12-21, 09:44 PM   #1528

Lamees othman

كاتبةفي قسم قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية Lamees othman

? العضوٌ??? » 453673
?  التسِجيلٌ » Aug 2019
? مشَارَ?اتْي » 2,373
?  مُ?إني » Jordan
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Jordan
?  نُقآطِيْ » Lamees othman has a reputation beyond reputeLamees othman has a reputation beyond reputeLamees othman has a reputation beyond reputeLamees othman has a reputation beyond reputeLamees othman has a reputation beyond reputeLamees othman has a reputation beyond reputeLamees othman has a reputation beyond reputeLamees othman has a reputation beyond reputeLamees othman has a reputation beyond reputeLamees othman has a reputation beyond reputeLamees othman has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   pepsi
¬» قناتك mbc
?? ??? ~
وسخر لي الجسد والحواس في سبيلك
افتراضي



الفجر التاسع عشر..

أعظم من قدرتنا على المغفرة؛ تلك الذنوب التي توشم بندوب لا تمحى!
**
مسته لوثة جنون مما تفوهت به رونق، فرمى بالحقيبة أعلى ما بيده، وعاد اليها صارخاً:
-كفي عن جنونك!
تنفست بصوت مسموع:
-توقعت هذا السيناريو.. لذا قد أعددت له جيداً، وأنا من ستترك البيت لك فاهنأ به كما تشاء!
جذبها من عضدها بقسوة.. تشبه حجم انكساره وكل ما فعله.. يجبرها أن تلتقي بعينيه:
-كفي عن جنونك.. لن تخرجي من البيت ولن تعتبي بابه، ها أنا أمامك، عاقبيني كما شئتِ، اقتليني أفعلي أي شيء لكن لا تخرجي منه!

هزت رأسها تنفي:
-أنت لا تستحق أن أقتلك علاء.. لقد قتلتني.. قتلتني من الداخل..
أشارت لقلبها بسبابتها وكلها بين ذراعيه:
-هذا من قتلته وغدا بلا حياة.. موت القلب لا ينبعث، ولا يُحيى!
مال برأسه نحو كتفها فنفضته بعصبية:
-لا تلمسني.. لا تقترب من امرأة اشمأززت منها لأن ذلك عار بحق تبجحك الذكوري
-آسف
نطقها بهدوء.. وكأن كل شيء سيحل بضغطة زر وثلاثة حروف كفيلة بتبديد أوجاعها ومحو ما خطت يداه على صفحات روحها، تشربت دماؤها وأنفاسها الكلمة.. هل يمحي ما كان بأسفٍ.. لقد أهداها ثورة الغضب التي تجاهد محوها كورت أناملها تضربه في صدره وأعلاه:
-آسف! على ماذا بالضبط؟ أجبني؟؟
ازداد عنفها:
-نحو أي شيء تريدني أن أصرفها؟
شوحت بكفها:
-على مروءتك ولعبك دور المنقذ الذي سيحمي سالي من طليقها، فتقدم خدمات شهامتك المجانية لكل امرأة عابرة، وتقدم عليها بأمر زواجكما!
سأل بصدمة:
-من أين عرفتِ؟
ردت بخطورة:
-هي من أخبرتني، لكن هذا ليس موضوعنا، لمَ لم تقدم لي عروض خدماتك وأنا بأمس الحاجة لها؟
وأضافت بسخرية:
-من باب الأقربون أولى بالمعروف!
-رونق.. رونق!
وكان صوته مكسوراً..
بقوة الهشيم الذي أحدثه!
- ما الذي أفعله لتغفري؟ كم عليّ أن أردد أسفاً وأفهمك أنني لم أكن بوعيي بتلك الفترة! كيف أفرط فيك وأنت تعلمينني جيداً
عادت له بصوتٍ أقوى:
-لقد فرطت.. وخنت.. وكسرت ما لن يتم إصلاحه!
-ماذا أفعل فيك؟ كيف تغفري!؟
بعذاب أجابت:
-لن أغفر.. ولو جلبت لي كل الدنيا لن أفعل!
استدارت فتشبث بكتفيها رمى بحمله على رقبتها ومفترق كتفها تنشق شعرها القصيرة، غفت أنفاسه واستقرت عند شامة، طاله العذاب والحرمان واللفظ من كل شيء، الأسوأ جداً أن تكون ملفوظا من نفسك لا يأويك قلبك ولا تتفهمك مشاعرك، بل يجلدك ضميرك وعقلك مع كل نفس!
استكان رغم تخبطها حيث جاهدت في التخلص منه فلم يستجب:
-إصرارك عليّ في هذا اليوم يزيد من سخطي عليك، لقد جئتني بعدما تركت سالي تطلب الغفران
تشبث بها أكثر:
-جئتك لأنني أود مغفرة لا داع لها سوى أنني أريد حياتي معك..
-وأنا لا أريدها..
سمعا صوت بوق سيارة في الخارج فأخبرته:
-هذا وضاح جاء يأخذني!
-ستفعلينها إذن
ردت بعناد وثقة:
-وأفعل أشياء أكثر!
استدارت بمكر:
-من فضلك احمل باسل للسيارة.
بهت للحظة من فكاهة الأمر وتصغير شأنه حتى هي لم تخفِ بسمتها من مظهره، لكنه استخدم عقله..
صمت ولم يعقب مضى نحو غرفة الصغير، اهتدى بالإذعان يأخذ الصغير.. رغم حاجته لها تركها تذهب وتجد نفسها ليستعيدها كما تستحق!
خرج بالطفل فوجد وضاح قد تناول الحقيبة من رونق، لقد أفهمت رونق وضاح أن علاء سيتأخر وإلا كان سيوصلها، وللصدفة كان كل شيء في تدبير خطتها محكماً فمن هيئة علاء يبدو وكأنه عاد للتو من المصرف، حيّا وضاح الذي رد بجفاء وأخذ رونق لإجازتها.
-اعتني بها جيدا وضاح!
رد عليه وضاح بمعنى:
-لا توصيني بشقيقتي، أنا أعرف كيف أعتني بها


**

استباحها الموج وقذفت على شاطئه، جردها من سترها فباتت عارية، لقد فرغت من الأسرار وما عاد هناك ما يخفى!
أغمضت عينيها تراقب خطواته والنار المستعرة التي تلتهمها، ظلت جامدة.. تضم قبضتيها المرتجفتين منتظرة عقابه ومعجزة إلهية تنقذها فيبدو ألا فكاك.. وصلها وبات أمامها لا يفصل بينهما شيء:
-ألن تحكي لي؟
زاغت حدقتاها ، الأهوال ترهبها وترعبها، تفتح فمها فتسمعه يكمل:
-ما الذي يقصده زوج والدتك بهذه العبارة؟
وأقرن قوله بضغط زر ما على هاتفه ففتح تسجيلًا صوتيًا وصوت سليمان البغيض يصدح:
(اجلبي الملف الأخضر قبل أن أكشف المستور!)
هزت رأسها تنفي بترجي:
- لا تسأل منتصر.. من فضلك لا تسأل!
كانت متهمة.. مكسورة.. سارقة.. والأعظم خائنة، هي تعرف وهذا الأصعب ذنب المعرفة؛ بأنها أخطأت وأجرمت..
أجابها بنبرة خطرة فيما أعصابه توشك الاندلاع:
-لا تختبري صبري لبنى.. لا تجعليني أخرج عن هدوئي الذي أحاول صبرًا فيه
واشتدت نبرته الصارخة:
-قولي.
توسلت بالنظرة فأعرض، نكست رأسها بمسكنة لم تلتهم شفقته، ناظرها بسخط كبير وكره.. كل مواقف الدنيا تحرق وتفنى.. إلا الخيانة، توشم وتنبعث كل حين..
لا يستطيع تصور ما هو شائن يمتلكونه نحوها، ببساطة رسائل سليمان زعزعت ثقته رغم أنه لا يصدق ولا يشكك بالهين.. لكن إذعانها القاتل لسليمان ما يقتله.
-قولي ما المستور؟ الذي يهددك به؟ ما حجم الجرم الذي يستحق المجازفة لستره!
تقهقرت للخلف مرتجفة:
-أرجوك.. أرجوك أعفني، إلا هذا يا منتصر
ضمها بيد واحدة يرفعها بقسوة لا تعرفها معه:
-قولي لبنى.. أنا أسمع..
خصلاتها الندية تصفع وجنتيه، بكت في قبضته القاسية تناظره عن قرب إذ بديا متساويان في الطول تضع كفها فوق عينيها:
-يا منتصر.. كنت مجبرة أقسم لك
أرسل عليها بوابل نظراته الحارقة:
-ما الذي فعلته لتجبري على ذلك؟
وكأن الربيع الذي مر بليلتهما حلمًا وانقضى، كان خريفاً أوراقه متساقطة فتساقط فيه حبها وكل ما أسقته إياه.. حاولت جلبه بصوتها ولم يسمع، نادته ولم يجب فاعترفت بلعثمة:
-في الماضي.. كان جزءًا من ماضٍ يلاحقني هو به!
رد متهكماً:
-وتسرقينني؟ هذا إذا ما كنت قد سرقتني قبلاً!
رفعت كفيها بمحاولة يائسة لتضم كلا وجنتيه فرفع رأسه صادا:
-مرة.. هي هذه المرة فقط!
أجابها بخذلان:
-مرة واحدة نسفتِ بها كل ما بيننا
كانت على شفا البكاء.. وما استغربه لم تذرف معه دمعةً طيلة سنواتهما فلماذا الآن؟
-لا تقل ذلك منتصر!
أطرقت بخزي:
-كنت مجبرة..
يتحجر قلبه إذا ما فكر بضمة حنو تهدهد قلبها فهتف من بين أسنانه وكله يمقتها:
-لبنى لقد طال الحديث، أنا لا أطيق رؤيتك مطلقاً، لا أريد أن يطول حديثنا الآن.. لذا الآن ستنطقين.. قولي ما الأمر أو عرفته بطريقتي، كما وصلني أساساً..
كان منتصر آخر لا تعرفه، لقد جربت غضبه، لكنها تدرك أنه معها مختلف، لكن ما تراه الآن فاق كل شيء، لا ينظر في عينيها، لو نظر لرحم لكنه لم يفعل..
-منتصر! تفهمني قليلاً
أسبغ عليها أنفاس الاحتقار، تدرك الآن أن زمن المعجزات ولّى.. هي على مفترق من خسارة زوجها وخسارته لصديقه، كل داخلها يذوب ويرتعد فتنشد عونا وقوة لا تمتلكها، تعلم جيداً أن سليمان الذي هددها بوضاح مراراً وتكراراً كانت غايته فض علاقتهما ودمارها لا يريده مع وضاح أبدا، وهي تفعل المستحيل وما يفوقه لكيلا تخسره.. ولا يخسر صديقه ففي كلا الحالتين سيخسرهما بلا عودة، وهي ستتشبث به باستماتة، ستنكر إن وشى له سليمان حد الموت..
الموت ولا الاعتراف، لم يسترها الله طيلة هذه السنوات لتكشف غطاء الستر بلمحة جزع!
ليقينها ب إن الشك إذا دخل سيزعزع كل شيء؛ لذا لا تعرف كيف قالت ما قالته رغم حقيقته:
ـتود أن تعرف؟
نفخت شفتيها بقلة حيلة:
-حسناً
وزورق نجاة انتشلها فجدفت في هبوب رياح مؤنسات لم تعرفهن، عيناها جاءتهما نجدة الجدية والصدق، يعتم زمردها الواضح رغم تعبه:
-لقد فعلت ما فعلت لكيلا تعلم ما ألصقته بي طليقة أبي قبل زواجنا.. وصمة عار طالت شرفي وأخلاقي التي حافظت عليها طوال عمري وحميتها.. لكنني عشت بكابوسها سنواتٍ طوال!
سالت دمعتها خوفاً وقهراً:
-هل ارتحت الآن؟؟ لقد جاهدت لئلا تعرف كنت أموت ولا تعرف، ولا تهتز صورتي بعينك!
وأردفت بمرارة:
-هذا ما يحاول ستره
رد عليها بصدمة أذهلتها:
-لكنني كنت أعرف
ناظرته متسعة العينين التي هطلت دموعهما لأول مرةٍ ويراهما. على حد سواء من دهشته لكنها في وضعٍ مغاير لأن تغضب فما يود النقب عنه يرعبها أكثر
تلاحقت دموعها بشدة كبيرة، رق قلبه لهم فاجتزه من جذوره يسألها:
-هل كان يستحق ذلك أن لا تلجئي إليّ؟؟
لم تقو الرد وكل ما بها يطلبها التوسل رغم تخشبها:
-أو أن تقومي بسرقة الملف الذي كان يحوي الأدلة التي تبرئ والدك!
صدمة.. صدمة تلقتها فأكمل بقهر رجل لم تقو الظروف الشداد أن تحنيه:
-والذي أبحث فيها منذ زمنٍ فقدمتها لغريمه على طبق من ذهب؟؟
تنفس بصوت عالٍ يرى انهيارها وضعفها كيف تكومت على ذاتها، تغشاها الحقائق وتتوالى على أذنيها
بصرها
قلبها..
حتى أباها لقد وصل أذاها إلى والدها
لطمت وجهها بكفها تسأله بشهقات:
-والدي!
أغمض عينيه والمواجهة تستنزفه كله فيكمل سيل خيباته:
-أتمنى ألا تسفر ليلة أمس ولا التي سبقتها بجذب جنين لرحمك!
أغفلتها الصدمات مقصده:
-هل ظننتِ أن أمر الحبوب فاتني؟ مؤكد قمت باتخاذها وسيلة للضغط عليّ فيما لو كشفت سيل خططك وحيلك مع زوج والدك، تكونين حامل وبذلك سأمرر لكِ ما حدث!
أرهقه وجهها فأنزلها باستنزاف يسخر:
-مخطط مرتب.. لكنه فاشل
تهاوت ما أن أنزلها، تشبثت بمقبض الأريكة تستمع إليه:
-لكنك مخطئة.. هذا لا يشفع لك أبدا.. لا تشفع خيانتي.. لا تشفع سرقتي والتواطؤ معه لاستغلالي!
نادته بنجدة:
-منتصر
تعالت أبواق سيارة في الخارج وهاتفه يلح بالرنين، كما طرقات جناحهما، استجمع ذاته سريعاً وذهب للباب فوجد أيمن، عاد إليها بعد لحظات يضرب ما أمامه بغضبٍ ويهتف:
-حظك من ينقذك دائما.. أمي على الباب برفقة سلوان!
لم تدل بكلمة حتى أمرها:
-قومي باستقبالها وأكرميها!
وصل الباب والتفت إليها بعذاب:
-سأحرق قلبك لبنى.. وسأحرص أن أفعل ذلك جيداً
**
نزل قبلها ودارت في الغرفة ببكاءٍ.. أعلى حالها تبكي أم تبكي ما فعلته بوالدها، أم تبكي كل شيء!
لقد بدأت الحكاية منذ أسابيع، حين استطاع منتصر تحديد مكان الشاهد الذي حضر مسرح الجريمة قبل خمسة عشر عاماً، بعث إليه بأناس يعرفهم فساوموه بالأموال كي يعود إلى البلد بغرض تقديم شهادته إذا ما فتحت القضية، لقد رتب منتصر كل شيء، أمّن اللوازم كلها بالفعل، عاد الرجل إلى البيادر هناك أوصى منتصر بحراسة له، لأن الأمور للآن تجري بشكل شخصي من منتصر أي لم يتدخل القانون حرفياً، اضطر لمتابعته ومراقبته، في خضم البحث والتنقيب الذي يجريه منتصر، زار الأرض الذي باع خليف إنصاف لأجلها، وتنازل عنها مأمون فداءً لعينيها، هناك وجد شابا بهي المحيا، واثق الخطى، وبكل صدمة يعترف منتصر أنه يشبهه!
لولا يقينه أنه بلا أشقاء لظنه لوهلة شقيقه، إلا أن الشاب أصغر منه كما يبدو، اقترب منه وحيّاه . جاوره أمام النار التي أوقدها الشاب، تعرف عليه وارتاح له قلبه، فتكررت اللقاءات حتى وجد منتصر في نفسه الثقة التي يسأله بها عن قصة مأمون، حينها وعده الشاب كما عرف بنفسه "ريبال" أنه سيسأل جده لكي يعاونه..
جاءه الاتصال من ريبال الذي طلب:
(جدي يريد مقابلتك بشكل شخصي)
جهز نفسه ذاهبًا، عند وصوله تلقى منتصر اتصالا من سلوان تخبره بأن سليمان علم بأمر الشاهد وقابله!
حينها سلم أمره لله، طالبًا من سلوان متابعة الحيثيات كاملة، دخل لمنزل "طالب القاضي" واستقبله حفيده الذي تفاجأ للمرة الثانية منتصر أنه ربيب جده مثله ولا يعلم لم مسّه من الداخل ربما لتشابههم في التنشئة وإن اختلفت، قابل طالب الذي أكرم استقباله واحتجزه يوماً كاملا عنده بحجة الضيافة، لم يتفوه بحرفٍ حتى أتم غداءه كاملاً، بعد ذلك أعطاه أكثر بكثير مما يحتاجه حول قضيته، بذلك استولى منتصر على خيوط القضية بأكملها.
في نفس اليوم الذي عاد به أخبره سائقه
(سيدي بعد خروجك هذا الصباح بقليل جئت لأخذ الصغيرة، ووجدتُ سيارة حميك هنا؟)
قطب منتصر حينها:
(من؟ هل والدة لبنى من كانت هنا)
نفى سائقه يخبره
(لا.. سيارة زوج والدتها لم يطل المكوث حتى لم يهبط من سيارته)
ساورته الشكوك ظن لوهلة أنه قد جاء يريد شيئاً ما لوالدتها من لبنى لم يدقق إذ أن موضوع والد لبنى مأمون يأخذ كل حيزه!
لم يكن يعلم منتصر حينها أن لبنى تصارع الأمرّين وسليمان يهددها بكشف مستورها مع وضاح لمنتصر، بهذا يسحب من تحتها بساط الأمان الذي آوت إليه، فطلب منها ملفات بعينها، أنكرت حينها بشدة تنفي وجود أي أعمال مكتبية تخص زوجها في العمل هنا في البيت، فعاود التهديد متجبراً كان دائما يملك سطوة تجعلها تخضع فسيرت لتهديده برضا، طلب منها فتح هاتفها وتثبيت الكاميرا للمرور عند خزائن أعماله وكشف كذبتها بأمر الملفات وأخذ الملف الذي يريد!
لحسن الحظ أم سوئه!
كان الملف المهم الذي يحوي كل شيء في قبضة منتصر وبقي مع سلوان بقية الوقت لأنها متمرسة ويثق بها في التوثيق كما التحقيق بسرية، الأهم أن الملف الآخر الذي فقده فجأة وهو يعلم بوجوده بالبيت ما أشعل أقطاب الخطر عنده، فزحف الشك بشكل إجباري عنده!
تعمد جلب ملف آخر بنفس اللون ووضعه، ولسوء الحظ الملف أُخذ مجدداً ولأول مرة أغشى بصيرته متعمداً، فالخوف من نتيجة البحث طويلاً أصعب بكثير من رحلة الشقاء به، لم يأت أحد في غيبته وللحظة حصر الأسماء بين لبنى وأيمن، والعامل الأكبر أحد ما يدخل المنزل دون علمه، لهذا طلب تسجيلات الكاميرا للحي من الأمن الموجود، وصلته التسجيلات عقب ليلة الأحلام مع زوجته ووجدها هي تتوسط الشارع وتعطي بملفاته ليد سليمان، لم يتردد بسحب هاتفها وتفتيشه وجد المحادثات فيما بينهما فارغة إلا من رسائل حديثة..
(أعطني إياه.. قبل أن أكشف المستور)..
لا تعلم لبنى كيف عرف متى عرف؟ وما الذي سيحل بينهما؟
لقد أقحمها سليمان في خيانة كبرى تمثلت بسرقة زوجها، زاد ضغطه في النوبات الأخيرة، يطلب منها ملفاً أخضر لا تعرفه ومما زاد حيرتها جنونه فرضخت مجبرة وليت منتصر يرحمها!
كفكفت دموعها تعاين وجهها لتستقبل والدته التي جاءت بشكلٍ مفاجئ من بلادها برفقة سلوان البغيضة الكريهة، ضربت الأرض بقدمها تكتم دموعها مجدداً لكنها قبلا هاتفت والدتها:
(لقد هدم حياتي زوجك.. لقد أبلغ منتصر كل شيء)


يتبع...



Lamees othman متواجد حالياً  
التوقيع
ست وعشرون نجمة وبضع من سماء روحي معلقة بين ثنايا الأفق!



(وَاجْعَل لِّي لِسَانَ صِدْقٍ فِي الْآخِرِينَ)

سبحان الله والحمدلله، ولا إله إلا الله، والله أكبر.❤
رد مع اقتباس
قديم 25-12-21, 10:00 PM   #1529

Lamees othman

كاتبةفي قسم قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية Lamees othman

? العضوٌ??? » 453673
?  التسِجيلٌ » Aug 2019
? مشَارَ?اتْي » 2,373
?  مُ?إني » Jordan
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Jordan
?  نُقآطِيْ » Lamees othman has a reputation beyond reputeLamees othman has a reputation beyond reputeLamees othman has a reputation beyond reputeLamees othman has a reputation beyond reputeLamees othman has a reputation beyond reputeLamees othman has a reputation beyond reputeLamees othman has a reputation beyond reputeLamees othman has a reputation beyond reputeLamees othman has a reputation beyond reputeLamees othman has a reputation beyond reputeLamees othman has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   pepsi
¬» قناتك mbc
?? ??? ~
وسخر لي الجسد والحواس في سبيلك
افتراضي




نصبها الانتقام ملكةً على عرش الجليد، خضعت قلعتها لغزو شمس الشتاء، فذاب الجليد وتبخرت مملكتها!

طوال الطريق لم تنطق بحرف كما هو الآخر، تستوعب أنها عادت إليه مجدداً، معه؛ قربه؛ وله!..

وصل بهما إلى منزلهما الذي يمتلكان على الشاطئ، بقيت قليلا في السيارة تسأله بعنف:

-أين ابني؟ الأنوار مغلقة؟
تلفتت دون معنى:
أين هو؟ أجبني
رد عليها بسخرية:
-ابنك مع مربيته في المدينة، هذا شهر عسلنا يجب أن نكون وحدنا!
التفتت إليه بعينين خاويتين:
-لقد خدعتني!
ضحك بقسوة:
-لا تتقني الدور لأنه لا يليق بك!
لم تعقب فأكمل:
- كنت ستتركينه لي، لا يفرق معك تركه أسبوعاً..
حدقت به قليلاً تهز رأسها وتطرقه في خشوع يعرف توابعه، فتحت الباب بغضب تتنفس ملح البحر وانطلقت راكضة بجنون نحو الشاطئ، لم يمنعها ولم يمسك بها فهو يعرف أنها ستفرغ غضبها بالماء
وبالفعل مضت نحوه..
وصلت الشاطئ فخلعت حذائها، غاصت بالطين غير الفارق عن الوحل الذي أدخلته برضا ..
شهقت تفتح يديها وتتنفس صخبه وحياته!
أدخلت قدميها ثم مضت نحو العمق أكثر وأكثر حتى غاصت، غابت لدقائق أرعبته لأنه يعرف جنونها، أعادت له الحياة ورفعت رأسها فجأة كما دخلت تشهق ..ثم تضحك بخبال:
-لن أهرب منك.. لا تقلق زيد
تبكي والبحر يتلقف دموعها وثورتها، معه تكون كما هي يحتوي غضبها نارها ويخمدها
طال جنونها ولم يعد يراقب إذ دخل الشقة يضيئ أنوارها، سحب سيجارة ينفث تبغها.. تبعتها أخرى.. وأخرى!
لقد أعادها بجنون ..يماثل جنونه فيها!
لا عواقب حسب حسابها ..
ولن يحسب!
فسالي أماتته في بحرها ولم ينتشله أحد!
لمّا رأى أن الحال سيطول خرج إليها، دخل البحر يلعن:
-تبا لجنونك!
غاص يبحث عنها.. يبحث حتى وصلها عانقها تحت الماء، يسحبها نحو الأعلى يصرخ بها
-ما الحل معك؟ ألا حدود لتهورك؟
ضحكت بسخرية، تقول من بين أنفاسها:
-سأكون لك ذلك، سأفعل المستحيل لأكون معادلتك التي لا حلول لها.
جرها بغضب:
-لا وقت لدي لنوبات هسترتك
جذبها حيث الشاطئ ألبسها منشفة تتقاطر منها المياه، منسوب المياه لم يبخل ببثها طاقات الجنون والغضب، دخل البيت يحملها ما إن وصلا حتى أنزلها بغضب، القرب منها يشعله بالغضب والنار والسخط من ذاته أولاً ..ومنها مرات ..ومرات ..رمى بأمره يتخلص منها:
-ادخلي وبدلي ثيابك!
رفعت ظهرها تساويه وتبسطه:
-كف عن أوامرك!
رمت المنشفة أرضاً فبقيت بثوب عقد القران البائس المبتل، بلون العاج يصل ركبتيها ويلتف حول قدها البض برشاقة مهلكة!
قماشه خشن فلم يلتصق بجسدها، وحدها خصلاتها المبتلة تثور بتجعدها وتشبكها ملتصقة بوجهها!
هي الفتنة التي يرغب
له كما يتمنى
ويحلم ..
وعند الشفتين الشاحبتين، رجف قلبه بالشوق
لم تعلم ما الذي يجيش بمشاعره، حتى التقت بحمرة عينيه العاصفة، فعانق الشفق بحره، عناقاً يليق بوداعه!
اقتنص قبلة الرواء بعد جفاف الثلاثة عشر شهراً
وأكرم قحط الأربعة أيامٍ التي تلت الشهور العجاف بضمة سحق بها
ترددها!
قبلتها تشبه القطرة الأول لهاوٍ في الصحراء، والظمأ قاتل فأجهز على القربة كلها!
غاصا بسحر الغسق حيث سكنت الأمواج لآخر بصيص نور
حتى عمّ الدجى بإدراكه
فثارت موجة البحر وابتلعتها!
تشبّع منها حتى ارتوى يرى دموعها بعد التسليم المخزي الذي أقدمت عليه، لاعنًا الضعف كما الشوق والغضب الذي أحق امتلاكه لها للمرة الألف.. وما بعد!
لن يغفر لها وتعرف..
لن ينسى وتعرف
لكنه يموت بغمد نظراتها ألف مرة، ولا يتحمل ألف طعنة من أن تكون لغيره!
ذهب يستحم وعاد بثيابه ينفث سيجارة تلو الأخرى وكله يعنفه على لحظة ضعف لم يندم عليها بشكل كلي!
ركلته بغضب فأوقظت سعيره، التفت لها رآها تبكي تتجه نحوه تلكمه وتسأله ببكاء:
-لماذا!!
تزايدت ضرباتها:
-لماذا تفعل بي هذا؟
أبعد كفيها الواهنتين، يرفع كفه نحو صدرها شبه المكشوف:
-أريد أن أميته، ما ينمو بهذا القلب العطب يستحق الموت!
توالت دمعاتها فيكمل لها بهدوء:
-وأستبدله بآخر علّه يعرف كيف يحيا بدلاً من حقده!

**

فرقت ثريا جفونها بكسلٍ، رفعت الغطاء بتؤدة وإرهاق كبير يسكن محياها كما خلجاتها، صلّت الضحى وجلست مع العائلة على وجبة الفطور ترى نائلٌ الذي يجاهد في ميل فدوى ويفشل، ما إن رآها حتى سأل:
-لماذا تغيبين اليوم عن المدرسة؟
ردت عليه بغير نفس تسحب كأس شاي:
-أشعر بإرهاق وتعب!
كسا ملامحه القلق فسألها:
-ماذا بك؟ هل آخذك للطبيب؟
نفت برأسها فالعلة ليست في جسدها، لكنه صداع القلب وإرهاقه:
-أنا بخير أود راحة من الطالبات فقط!
ارتشفت الكأس الأول والثاني تراقب الوجوه، ضحى وكأن الطلاق لابنة
جارتهم ليس لها وهذا ما يُحزنها الجهل الذي تعانيه، زفرت تعاين زينة التي تحشر الزيتون في فم ابنتها التي لا تحبه، حطت نظراتها عند جيداء
الشاردة بشكل محزن، ليت منذر لم يخرج بهذا الوقت، راقبتها
تستقيم عن الطاولة الأرضية برفقة ضحى فلحقتها
-جيداء.. حبيبتي ما بك؟ منذ اليوم الذي جاء به منذر هنا وأنت لستِ بخير!
هزت ضحى رأسها بذكاء:
-قولي لها يا ثريا تبدو كالعنز التي ضلت الطريق وأدخلوها بحظيرة لا تعرفها
ناظرتها جيداء بغضب فزفرت ثريا تخبرها:

-الشاب جاء هنا لجلبه أدوية والدتك، لا تنسي أنني من طلبت منه الأدوية
وهو فضل القدوم هنا..
-حركاته مكشوفة ثريا.. بات هذا الأمر يوترني، أنه يستغل والدتي حتى كسب محبتها ومحبة العائلة ليوافقوا عليه
شهقت ضحى من قولها:
-ما هذا المسلسل الذي تعيشينه، تعطين نفسك أكبر مما يجب! ما هذه الدراما!؟
ناظرتها جيداء بلا معنى فأي دراما أكبر من التي تعيشها؟ هل تخبرهم أن وجهه القطعة المفقودة في أحجية أحلامها، وأنه جاء على مقاسه تماماً، ما عادت تعرف هل اختلطت عليها الوجوه فباتت تراه في كل وجه رفيق أحلامها؟ أم أن منذر المتحرش لسوء حظها هو من تراه!
هتفت جيداء برجاء:
-ضحى كوني منطقية من فضلك!
-ثريا أرجوك أخبريها أنه صاحب الرسائل حين ربطنا الأمر كان هو!
أطرقت جيداء بإقرار:
-أعرف.
سألتها ثريا:
-وماذا بعد؟ من فضلك الموضوع بسيط لا تريدينه ارفضي، تشعرين بتذبذب راقبي مشاعرك ولا تندفعي، تشعرين بقبول كذلك الأمر تروي، هو جاد جدا ولن يفرض نفسه عليكِ لذا لا تحملي نفسك فوق طاقتها!
هزأت جيداء بدرامية، واضح جدًا أن ذلك الهائم المتملق سيتركها وشأنها:
-حسنًا!
ودعتهما وسارت للداخل فجلبت لها لين الهاتف:
- حياتك يتصل بك عمتي!
سحبت الهاتف بضجر فهي غير قادرة على الحديث مع سبب الصداع الأول:
(أين كنت عن الهاتف؟ لقد أخفتني؟)
رق قلبها لخوفه
(كنت أتناول فطوري في الصالة)
سأل حين استشعر ألفة المنزل
(هل أنت في البيت)
أبعدت السماعة تزفر بثقل وتميل متخصرة
(أجل)
(لم تغيبتِ دون أن تعلميني، هل أنت بخير؟)
ردت بصبر على الاستجواب الصباحي
(بخير.. وأفضل حال)
(إذن لماذا لم تخبريني)
أطبقت شفتيها تصب كأس شاي إضافي لها
(لم أشعر برغبتي في العطلة إلا صباحاً، وللتو استيقظت)
أكملت المحادثة بمزاج غير صافٍ، تارة تميل بظهرها إلى الحائط وتارة تمشي نحو السطح حتى استقرت عند قن الدجاج تلاعب الصيصان الصغيرة، أنهت الحديث معه ولامست صوصاً هزيلاً لا يشبه إخوته وأمه تناظرها غاضبة:
-أظن أنني تسرعت بهذه الزواج يا صوصي!
نقرتها الدجاجة على سبابتها فأجفلت:
-أيتها الشريرة ما الذي فعلته لكِ؟
تركت الصوص الصغير تأخذ البيض وتراقب الدجاجات وضعت لهن الحبوب وشرعت تعبئ دورق الماء، بعد وقت استندت بكفيها على جدار السطح تبسطهما تراقب أهل الحي، منذ عقد قرانها وهي تشعر بحالة غير مستقرة وخز عنيف يضربها في مقتل، لقد شكت الحال في ثرثرة نسائية بغرفة المعلمات وكان الرد مستهجناً ونيفا لقلبها الفتي:
(هل جننت ثريا، أنت في عمر لا يسمح لكِ الشعور بهذه التفاصيل، هو خوف فطري من أي تجربة)
حارت بين المعلمات بغير اقتناع حتى أفحمتها ميسر بالرد اللين
(الفكرة أنك معتادة على الاستقلالية وجود شخص حولك يهتم بك وبات مسؤولاً عنك ما تسبب لك مشاكل.. لكن لا تظلميه هذا الاهتمام الحلو والشعور التملكي الذي يرضي الأنثى بداخلك)
لا تنكر صحة الأقوال إلى حدٍ ما فهي مستقلة فعلاً ولم تعتد الاهتمام التملكي المستفز هذا لا يمكنها تبرير الغيرة غير الطبيعية بالحب والعشق، مفهوم التملك لم تستسغه أو أنها وجه فقر كما تقول زينة، هاتفها مجدداً فردت عليه ولا بأس، لترى آخر الحكاية
(ثريا حبيبتي هل أنت في المدرسة؟ )
ردت تحت تأثير الحب بنعم فسأل:
(متى ستعودين لأعيدك إلى المنزل)

**
لم تعلم جيداء كيف حط عليها منذر في مكتبها الصغير المتواضع، تغيبت في اليومين الماضيين عامدة ووجدته يستغل أول فرصة لوجودها
-أشتقت إليك!
نظرته الهائمة المفضوحة، وبشرته الأفضل من بشرتها بالطبع تعترف، كل وسامته غير المعقولة تصرخ بمشاعر لا تعلم كيف يستعيرها ويرتديها بهذا الإتقان!؟
-ماذا تريد طبيب منذر؟
اقترب منها بحدود آمنة لا قربا فجاً ولا يتعد حدود:
-أريدك!
تلونت سحنتها بالغضب فهتف من بين نظراته الوديعة:
-أنا يائس جيداء وأريدك.. قولي نعم لآتي مع أهلي!
حدقت به بثباتٍ، صلبت شفتيها اللامعتين للحظة وهتفت:
-تبدو لي مهووسا، بشكل يثير رعبي على فكرة
كان متوقعا ولم يُصدم من ردة الفعل "الصحية" لذا استحوذ على بصرها المهتم يوجهه نحو عمق عينيه معترفًا بما يشبه البراءة:
-حتى مشاعري لك تثير رعبي أنا..
تحفزت وسألت متوجسة:
-لماذا؟
هيمنة الحواس تحف جلستهما، وخشوع الاعترافات يستحضر عواطف جاشت برحلة عذاب فيجيب بصدق مبتعدًا خطوة للخلف:
-يرعبني احتلالك، بكوني مأسور بقبضة شجرة النخيل وكوخ النسكافيه لا أخرج منها وليت باستطاعتي.
يتبسم بتوتر ويشرح، تهيم عينيه بمحطات حياته وعثرات حبها:
- لم تكفل السنوات بفك قيدي، سباني صوتك.. أو ربما سحر ألقي عليّ، جعلني هائما.. أنا لست كذلك، لستُ ممن يتبعون السراب، أو هاوٍ يُوجد من العدم أشياء!
عاد لعينيها، وعد الحكايات وصبر المواجع كلها.. لم يعر أهدابها المتحركة بفوضى أي اهتمام ، تنهد يزم شفتيه ويشرح:
-أجل لو كنت مكانك لخفت، لكنني طبيعي.. طبيعي حد الرقص فرحًا برؤيتك أمامي غير مصدقٍ!
ابتلعت ريقها بخوف بدا جليا على ملامحها فهمس باسمها:
-جيداء
كان النداء متوسلا.. حارا.. مخترقا قلبها.. لقد اخترق رغما فسألت بصوت متقطع:
-كيف استطعت أن تحبني من لقاء واحد؟
وبذات اليأس واللا منطق وفرضيات المُحال أجاب:
- لقاء واحد كان كفيلا بعدم نسيانك
هزت رأسها بجدية تنفض خوفها ورعبها:
-صدق ليس منطقيًا.. لم يحدث وان أحب أحدهم بلقاء عابر، أي أحد كان لو سمع ما أخبرتني به، لظنه مس من جنون، أو دعابة سخيفة..
ثم صمتت تقول برجاء:
-أرجوك لا أود لحديثنا أن ينحدر أكثر من ذلك، وأن أمس شخصك بغير قصد بإثر انفعالي، دعنا ننهي الأمر هنا من فضلك.

بتر محاضرتها بحروف جلجلت الكون، هزت النجوم في سمائها، كان يطير بين الحدود يحط برايات عشقه في عينيها، يدك في قلبها، كان يحتلها ويسري بجيوش حرب حبه.. دون دراية منها:
-وجهك كان رفيقا لأحلامي!

زلزل قلبها وصعقت تسأل:
-ماذا؟؟؟
حارت بحلمها وضاعت تسمعه يكمل:

-وجهك.. وجهك السبب ما انفك عن زيارة أحلامي، شعوري في لقائك يزلزل هامتي ما أن أذكر رائك التي سرقتني مني بها!
غمغمت خلفه بخفوت لو سمع ما تفوهت به لنُسِف صبره وخسرها لكنها رحمة ربه:
-رائي!
والراء عُدمت
همس بصوت أجش بإثر عاطفته:
-صوتك.. كما وجهك.. كل تفاصيل المشهد حتى الشال الذي التفت حول عنقك..
أبصر حجابها الذي لم يكن موجودًا:
-وخصلاتك الخفيفة السوداء!
صابها الغباء مجددًا، تركت عنها كل ما قاله وركزت على خصلاتها فهي ليست خفيفة كما تظن هي على الأقل، لكن ما إن دار الحديث ونظراته الولهة التي لم يحاول إخفاءها حتى ارتجفت شفتيها:
-أنت لا تُصدق..
تعالى تنفسها واستقامت عن كرسيها فتبعها، مما أثار رعبها فهددته:
-لا تقترب!
يجيب وهو يكسر بتهديدها بما أذهب عقلها:

-لن أقترب.. أعدك أن ألا أفعل، وكيف أفعل وأنا الراضي برؤية نور حجرتك.. بطلتك عن بعد أميال.. فهل أطمع بما هو أكثر من ذلك..
كوجودك بحيزٍ يضيق بنا ولا يتسع لغيرنا!

تتواثب دقات قلبها بهجومه العاطفي، وخدر يلغي تأجج الصعب.. والمحال فتكاد تبكي لأنها عاجزة عن المغادرة

-لا تحصرني بكلماتك، تفشل لو ظننت!
يرى خوفها وارتجافها، ينتشي برؤية تأثرها فيحثه ليكمل:
-لن أتوقف، كما لن أتوانى عن وصف ما يجيش بصدري، عارٌ بحق الحب
أن أكون أنا المتوجع والمعذب وأنت لاهية..
زحف الاحمرار في وجهها انفعالا ليس ولها وهذا ما يضايقه غمغمت بخفوت:
-سأشكوك للتحرش.. صدق سأفعل
اقترب فشهقت رعبا مدت الباب لتهرب فأغلقه دون لمسها:
-اختصري علينا الحكاية.. دعيني أحبك.. أعلمك كيف تحبيني، ستفعلين.. وتهيمين بي.. ستفعلين!

soha, m!ss mryoma, Topaz. and 9 others like this.


التعديل الأخير تم بواسطة Lamees othman ; 25-12-21 الساعة 10:27 PM
Lamees othman متواجد حالياً  
التوقيع
ست وعشرون نجمة وبضع من سماء روحي معلقة بين ثنايا الأفق!



(وَاجْعَل لِّي لِسَانَ صِدْقٍ فِي الْآخِرِينَ)

سبحان الله والحمدلله، ولا إله إلا الله، والله أكبر.❤
رد مع اقتباس
قديم 25-12-21, 10:06 PM   #1530

Lamees othman

كاتبةفي قسم قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية Lamees othman

? العضوٌ??? » 453673
?  التسِجيلٌ » Aug 2019
? مشَارَ?اتْي » 2,373
?  مُ?إني » Jordan
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Jordan
?  نُقآطِيْ » Lamees othman has a reputation beyond reputeLamees othman has a reputation beyond reputeLamees othman has a reputation beyond reputeLamees othman has a reputation beyond reputeLamees othman has a reputation beyond reputeLamees othman has a reputation beyond reputeLamees othman has a reputation beyond reputeLamees othman has a reputation beyond reputeLamees othman has a reputation beyond reputeLamees othman has a reputation beyond reputeLamees othman has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   pepsi
¬» قناتك mbc
?? ??? ~
وسخر لي الجسد والحواس في سبيلك
افتراضي





أزعج ريبال صوتاً طفولياً باكيًا ظنه لطفل إحدى الموكلات فلم يعره انتباهاً، لكنه أزعج سالم بشكل مؤذٍ، خرج نحو الرواق الخارجي، هناك انصدم من رؤية ضحى تقف أمام إحدى الواجهات الزجاجية، تبكي كالأطفال بصوت مزعج عالٍ، بسلوك غير حضاري البتة، ذهب إليها سريعا، ما إن سمعت وقع خطوات حتى كفت عن البكاء تكفكف دموعها فاقترب منها يسأل:

-ما الأمر ضحى؟ هل هناك شيء؟

هزت رأسها بالنفي فعاود النظر لعينيها الزيتونتين التي تنبه للونهما توًا:

-قولي ضحى.. أنا هنا أسمعك

نظرت له بغير معنى، ثم ما لبثت أن وضعت كفها فوق فمها وشطيرة فلافل تجاورها رآها توا أيضا:

-اليوم عيد ميلاد موسى!

قطب للحظة:
-حسنًا ما المميز في الأمر؟
عادت للبكاء مجددا بصوتها المزعج والذي كاد يتوسلها لكي توقفه
-أقول موسى زوجي والذي سيصبح طليقي غداً، يصادف اليوم عيد ميلاده
عادت تنوح وتشرح له:
-كنت أكبره بعام إلا شهراً وأنتظر عامه الجديد لأفرح أنه كبر!
أومأ لها لكيلا يمنع نفسه صفعها فأكملت:
-دوما كنت أسبقه بكل شيء!
ناولها محرمة لم يعد رقمها فتناولتها شاكرة، استخدمتها وعادت للشطيرة تقضم قضمه كبيرة وتتبعها بكأس ماء تهتف:
-يحب الفلافل مع الشطة، وأنا لا أحبها لكن لأن اليوم عيد ميلاده طلبتها!
هز رأسه لها:
-أتمنى لكما التوفيق، الانفصال ليس نهاية العالم يا ضحى لا تعلمين أي خير يسخر لكِ إن انفصلت عنه!
هزت رأسها له فأكمل:
-قد يكون طيباً ورائعا ومثاليا وأنت مثله لكنكما غير مناسبين فلا تستطيعان الإكمال، وقد يكون عاديا وأنت عادية وتجدان طريقة للتفاهم والتواصل!
-لم نجد يا سيد سالم!
-لا بأس عليكِ لا زلت صغيرة، انظري للحياة أمامك ولا تقفي عند عقبة الانفصال، بل تطوري واصنعي ذاتك
انفجر حماسها وبدأت تحكي له عن أحلامها وما الذي تود فعله أيدها وجعلها توقف الشطيرة التي أحرقت جوفها
-أهم شيء ضحى.. احترام الانفصال، لأننا أناس لا نمتلك ثقافة الانفصال أبداً

**

كم من فاصلة أتممتُ فيها سرد القوافي الناقصة،
كم ذرفتُ جزءًا مني لأرمم علاقتنا المشوهة، لقد فقدتني في غمار النجاة؛ لا أنا التي احتفظت ببعض مني
ولا متنت خيوط حبكتنا الضائعة!

(اليوم التالي)

برفقة نائل تمشي ضحى ومحاميها ريبال الذي تولى قضيتها، جاء موسى وطبقت الإجراءات للانفصال، حان موعد جلستهما الأخيرة التي تفرضها المحكمة في النظر بينهما علّهما غيرا رأيهما
ما أن استقرا والعين بالعين متقابلة حتى بدأ الحديث هو:
-أ نحاول مجددا؟
ردت بقنوط:
-لن أجازف بالخسارة
رجا عينيها الشقيتين:
-ضعي الفوز نصب عينيك؟ آمني بي؟ ألم تفعلي دائماً، كما كنا وحيدين في وجه الجميع!؟
بالبتر أسبلت أهدابها وغصة الوجع رغماً عن أنفها صبغت نبرتها بحنين ليته ينمحي:
-هناك حيث كنا.. نحن الآن لا نشبهنا!
حارت دموعه.. يرتجي النهاية أن تأتي منها لكنه لا يريدها منه، لقد رشفت من اقداح خذلانه حتى ارتوت، لن يسحقها بالخيبات حد التلاشي، ما بينهما هدم للأبد وعجز عن حمايتها، لن يرتفع بنظرها ولا نظره
لقد سقط!
انتشالهما الوحيد.. انفصال كفيل بترميمهما!
سأل متعجباً:
-ضحى؟ هل فقدت إيمانك بحبنا؟ بي أنا؟ كيف أهون لا أصدقك!
ارتجفت لصوته البكاء وأجابته:
-ألم أهن أنا؟ لقد هنت يا موسى..
نسمة من الغروب ظللت وجهها بسحر الغسق الحزين، تلاشى الشفق.. وهبط الظلام والنور باتت رؤيته مستحيلة الآن:
-لا زلت أؤمن بك.. أؤمن بحبك، لكنني لا أضمن الظروف ولا أضمن نفسك التي تخضع لهواها في كل مرة، وترميني في بئر الوحل معك كما كل مرة.
اقترب منها فابتعدت.. كان الفراق غريباً كما جاء حبهما، بعكس الحكايات، لا بدايات هنا، وجدا على متن شراع مكسور بعرض الحياة، يصارع أمواج المنطق والصحيح، مضى بلا قمر.. يجري دون بوصلة أو سارية، فرحب به الغرق:
-طلقني!
كان ينتظر!
والصدمة صنمته، توسل بالنظرة.. وقبل كفيها بحشرجة الصوت وللانفصال وقع تخشع له الحواس وتهتز له الجوارح:
-لن أفعل.. سنحاول!
طرق الباب فعرفت أنه نائل وشكرته لكيلا تضعف مجددا:
-دعنا ننهي ما بدأناه أذكرك بالخير وتذكرني، لن أشوه صورتنا أكثر من ذلك
هبطت دموعها تبكي:
-إن بقي لي شيء عندك من المحبة أو الاحترام افعل شيئاً واحداً لأجلنا ودعنا ننفصل!

***
دارت ثريا بالصيدلية كثيراً هنا وهناك تجول عند الأماكن كلها، تشعر بتوتر كبير، ضغط كل شيء حولها يشتد، دخلت تعد شايها فعاثت الفوضى التي يكرهها وضاح ويرتب خلفها، لا هي التي قد اعتادت نظامه ودقته، ولا هو الذي تأقلم مع فوضاها!
خمرت الهيل بدلا من الميرمية، فتشت في الخزائن عن شيء يؤكل لطرد التوتر فوجدت معمولاً بصنع يدوي جلبته رونق شقيقة وضاح التي زارت المكان أمس، لطيفة جميلة بعكس شقيقها وضاحكة!
تزامنت الساعة الرابعة مساءً فبعثت برسالة إلى فدوى:
-المسلسل قد بدأ!
بشكل مضحك لها موعد مع هذا المسلسل المدبلج الأول الذي تعرفت عليه بعد المكسيكي، لكنه عرض قبل أربع عشرة سنة حينها كانت موظفة في المصنع ولا تشاهده إلا يوم الجمعة بشاشة تلفازهم الصغيرة، هنا الأمر مختلف، شاشة كبيرة ضخمة تُدار للقنوات الإخبارية فقط، لكنها عدلت على نظامهم وباتت تشاهد المسلسل براحة:
-غبية يا نور لم ضحيت بنفسك لأجله؟!
كانت ناقمة على البطلة الحمقاء، تقضم حبة تسالي بذهن متيقظ وفيه مفتوح مع المشهد، حتى جاء الأشقر الوسيم صاحب العينين الزرقاوين يبكي عندها
رق قلبها له مع كلامه وعشقه، فندت عن شفتيها تنهيدة بائسة لم تنتبه لها إلا حين خرجت، وسُمعت!
تنهيدة تبكي أحلامها مع خائب الرجا حمزة!
أين هذه الكلمات لا تسمعها منهُ!؟
تلفتت حولها بحرج.. لسوء حظها الأغبر رأت وضاح يراقبها من بعيد بغير رضا مستندًا بميلان على حافة العامود الذي ينتصف المكان!
فاستقامت بتعثر تغير القناة:
-المسلسلات هذه مثيرة للاشمئزاز، تزيد من منسوب الجفاف العاطفي لدى النساء فقط!
جلس على كرسيه:
-صغيرات العقول من يصدقن هذه الفلسفة الغبية العاشقة، منقادات لكلام تمثيلي سخيف!
نفخت من كلامه والتهت بالقناة الجديدة، لكي يكتمل حظها كانت تعرض برنامجاً لطرفين عن تجاربهما، استغرقت بالاستماع وجزءًا من أحاديثهم يمسها فثرثرت:
-والله حتى أنا أشعر بتسرعي!
استرعت انتباهه فأنصت لها رأت في صمته إشارة لتفضفض عما يجول حولها وهاتفها اللعين يومض باسم (my life) فتتجاهله بإصرار، لقد بات يزعجهما في المكان بغير احترام

-أشعر أن خطوة الارتباط بعد عمر مربكة أكثر!
لم تنتظر ملامحه، بل أكملت بشجن خاص:
-في تجربتي الأولى غزاني الحب واللهفة، حتى أن مقدار الضرر الذي طالني داوته الأيام سريعاً، وحتى هو!
ضحكت تكمل بعصبية:
-لم أتأثر به!
جاشت عيناه الرماديتان بحرائق الإدراك، لقد مرت بتجربة سابقة، ويبدو أن تجربتها هذه لا تختلف عنها، وأكبر دليل انطفاءها وتنهداتها لمشهد تمثيلي مستهلك
-بئس رجلٍ يحوج امرأته لعاطفةٍ هو أولى الناس بأن يغدقها بها!
كلها متغيرة.. ذبولها نحول وجهها ومكالماتها العصبية طوال الوقت
عاد إليها يستمع:
-هنا يقيسون حياة المرأة، نجاحها بالزواج... يا له من مجتمع مليء أفكار بالية سخيفة!
ارتخى في جلسته، يرد عليها بمنطق رجل:
-المرأة بشكل عام تحتاج رجل يا ثريا
زمت شفتيها تسحبهما حيث الطرف الآخر:
-هذا ما أود قوله، وإياك أن تقول عني متناقضة...أجل أعترف أن المرأة تحتاج رجل بحياتها!
ضربت كفها بالآخر بضحكة عصبية:
- هذه هي المشكلة
سلبت منه ربع ضحكة مرغمة فضحت تقول له:
-ها قد رأيت... لقد أضحكتك...
عدلت القول:
-لست مجنونة لكن يحق لي التناقض، والاعتراف بالشعور وعكسه هذه صراعات تبقينا على وجه الاكتئاب والنحول مثلاً
لم يستطع أن يعلق أو يمشط جسدها ويسألها أين النحول لكنه ابتلع ذلك
يستمع لهذرها وتقليبها ألف موضوع في دقيقة واحدة تمويهًا لما رآه قبل دقائق
-شقيقتك لا تشبهك
تشبعت ملامحه ارتياحًا لذكرها:
-رونق لا يشبهها أحد!
ابتسمت لقوله ترفع سبابتيها نحو وجنتيها:
-لكن تتشابهان في هذه؟
ضحك هنا مرغماً وطارت بوقاره وعقدة حاجبيه للجحيم:
-لديكما ما يشبه الغمازات... لكن ليست بغمازات!
لم تكتمل اللحظة إذ قطع سحرها مكالمة جاءته فغادر المكان للحظات تزامناً مع دخول حمزة الملهوف بالسؤال:
-ثريا أنت هنا... قلقتُ عليكِ!
استقامت بصدمة تستقبله:
-أنا هنا... ما الأمر؟
جاء وضاح مستفهماً فطلبت بلباقة:
-هل أستطيع أن أغادر؟
رد بوضاح بغموض فيما ملامحه توشحت بالاقتضاب:
-ماذا هناك؟
ردت بتبرير وتعب:
-لا شيء لكن هناك أمر خاص سأكون غداً في الموعد.
خرجت مع حمزة الساخط الذي سألها مباشرة:
-كنت معه لوحدك؟
أغمضت عينيها تستغفر:
-كنت مع زميلي الطبيب الصيدلي في مكان عملنا العام؟ هذا قصدك صحيح؟
-لقد هاتفتك.
-كان في وضع الصامت
-تنبهي لوضعه في المرات القادمة ..
توقفت تسأله:
-عليك أن تحترم مكان عملي، أنت تعلم أنه لا يصح الحديث طوال الوقت
سألها بخيبة غير مصدق:
-خوفي عليكِ بات عدم تقدير!
مشى غاضباً تعثرت هي وإياه بسجاد الحي الذي بسطته النساء في الشوارع للغسيل، رائحة المنظفات سببت لها صداعا إضافيًا!
-أنا أكرهه ولا أرتاح له مطلقاً
رت بتساؤل مشوش:
-من؟
رد ببديهية:
-من سواه وضاح هذا
شهقت تضع كفها على صدرها غيرته فاقت حدود معقولها
-وضاح جيد وطيب... إنه قليل الكلام ولا يؤذي أحداً
تبلل طرف سرواله الأنيق فتأفف بضجر وسلك القفز حمايةً لملابسه وهي تكتم ضحكة:
-أ تضحكين؟
نفت ببسمة:
-لا طبعًا
ثم قالت له بهدوء:
-أقدر غيرتك ومشاعرك لكن وفرها يا حبيبي، فوضاح ليس من النوع الذي قد تخاف منه أبداً
رد عليها بخطورة وملامح جامدة لا تحيد:
-اتركي العمل هنا ثريا!

**

أطفأت لبنى قابس الغاز بسخط، فالعشاء سيكون كما الغداء غير مضبوط، لقد صنعت وجبة غذاء شبه كارثية بظروفها غير المستقرة هذه، تمتمت لتنفسها متخصرة:
-لا ينقصني إرشادات الآن
سبت رونق التي هاتفتها ولم تجبها لصنع طبق معين، لحلاوة حظها سلوان هنا ووالدة منتصر أيضاً ولم يبخلن بإحراجها لقد أفحمنها بالتعليقات، تهكمت تقلدهما:
(عليكِ بزيادة الملح هنا)
(الأرز ليس ناضجاً كفاية)
(دبس الرمان واضح جدا في هذا)
والتعليق الكارثي الذي أنفذ صبرها كان من سلوان
(هل وجباتكم على الدوام هكذا، تلك كارثة لو تعلمون)
هنا لم يستمع لها منتصر الذي انشغل بأمر ما، جيد أنه لم يستمع لكان صف معها أساسا هو لا يطيقها، فاغتصبت ردا:
(كل ما في الأمر أن زيارتكم طارئة غير مخطط لها وفاجأتني)
لم تجعلها ابنتها اللئيمة وتين تحفل بنصرها إذ تذمرت من العصير:
(أمي العصير غير لذيذ)
ودت حينها لو شدت شعرها وقطعته:
(سنخبر والدك ألا يأتي به)
خرجت من الذكريات المخزية تنهي الأطباق ترتبها على المائدة، سعيدة بأن سلوان غادرت مساءً، ليتها تغادر بلا عودة ويتخلصون منها للأبد، عادت للمطبخ فأحرقها طبق صرخت بألم وجلبته للخارج بعناد، والدة منتصر لا تحبها وتتقبل الأمر فالقبول من عند الله ولم ترض عن زواج منتصر، ولكن لا يهم، المهم انسجامها مع سلوان المستفز، أتمّت إعداد المائدة فجاءها أيمن يسأل باهتمام:
-هل أنت بخير؟!
سحبت خيارة من الطبق تأكلها بغضب وقهر:
-كل شيء بخير لا تقلق
كان على وشك الإجابة، ولكن التحية التي حطت عليهما أجفلتهما بصوت بغيضٍ تكرهه التفت أيمن يحيي سلوان التي توسطت البهو بحقيبة، فسألت لبنى:
-لمن هذه الحقيبة؟
ردت عليها والدة منتصر:
-لسلوان ما إن علمتُ أنها وحدها في المنزل حتى جئت بها لتؤنسني!

***






انتهى الفصل ..قراءة ممتعة💜






التعديل الأخير تم بواسطة Lamees othman ; 25-12-21 الساعة 10:24 PM
Lamees othman متواجد حالياً  
التوقيع
ست وعشرون نجمة وبضع من سماء روحي معلقة بين ثنايا الأفق!



(وَاجْعَل لِّي لِسَانَ صِدْقٍ فِي الْآخِرِينَ)

سبحان الله والحمدلله، ولا إله إلا الله، والله أكبر.❤
رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 01:10 AM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.