آخر 10 مشاركات
ليلة مع زوجها المنسي (166) للكاتبة : Annie West .. كاملة (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )           »          رواية قصاصٌ وخلاص (الكاتـب : اسما زايد - )           »          [تحميل] إمــا "شيطـــان" أو شـخـص مــهـزوز الـكـــيان/للكاتبة Miss Julian(جميع الصيغ) (الكاتـب : فيتامين سي - )           »          جددي فيني حياتي باللقاء *مميزة ومكتملة* (الكاتـب : وديمه العطا - )           »          زوجة مدفوعة الثمن (44) للكاتبة:Lynne Graham *كاملة+روابط* (الكاتـب : فراشه وردى - )           »          أشعلي جمر الرماد (4) للكاتبة الرائعة: jemmy *مميزة & كاملهــ* (الكاتـب : حنين - )           »          أسيرة الثلاثمائة يوم *مكتملة * (الكاتـب : ملك علي - )           »          هل تغفر لي - باربرا مكماهون (الكاتـب : سيرينا - )           »          269 - قطار النسيان - آن ميثر (الكاتـب : عنووود - )           »          جنون المطر (الجزء الثاني)،للكاتبة الرااااائعة/ برد المشاعر،ليبية فصحى"مميزة " (الكاتـب : فيتامين سي - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > الروايات الطويلة المكتملة المنفردة ( وحي الأعضاء )

Like Tree11647Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 02-02-22, 10:36 PM   #1881

Lamees othman

كاتبةفي قسم قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية Lamees othman

? العضوٌ??? » 453673
?  التسِجيلٌ » Aug 2019
? مشَارَ?اتْي » 2,373
?  مُ?إني » Jordan
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Jordan
?  نُقآطِيْ » Lamees othman has a reputation beyond reputeLamees othman has a reputation beyond reputeLamees othman has a reputation beyond reputeLamees othman has a reputation beyond reputeLamees othman has a reputation beyond reputeLamees othman has a reputation beyond reputeLamees othman has a reputation beyond reputeLamees othman has a reputation beyond reputeLamees othman has a reputation beyond reputeLamees othman has a reputation beyond reputeLamees othman has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   pepsi
¬» قناتك mbc
?? ??? ~
وسخر لي الجسد والحواس في سبيلك
افتراضي


اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة غادة كربلاء مشاهدة المشاركة
شكرااا جزيلا لما تقدمنه من ابداع
شكرا حبيبتي ..تسلمين لي💜💜💜


Lamees othman غير متواجد حالياً  
التوقيع
ست وعشرون نجمة وبضع من سماء روحي معلقة بين ثنايا الأفق!



(وَاجْعَل لِّي لِسَانَ صِدْقٍ فِي الْآخِرِينَ)

سبحان الله والحمدلله، ولا إله إلا الله، والله أكبر.❤
رد مع اقتباس
قديم 03-02-22, 12:11 PM   #1882

أسيوش

? العضوٌ??? » 484131
?  التسِجيلٌ » Jan 2021
? مشَارَ?اتْي » 82
?  نُقآطِيْ » أسيوش has a reputation beyond reputeأسيوش has a reputation beyond reputeأسيوش has a reputation beyond reputeأسيوش has a reputation beyond reputeأسيوش has a reputation beyond reputeأسيوش has a reputation beyond reputeأسيوش has a reputation beyond reputeأسيوش has a reputation beyond reputeأسيوش has a reputation beyond reputeأسيوش has a reputation beyond reputeأسيوش has a reputation beyond repute
افتراضي

كل فصل احلى من اللي قبله دمتي مبدعه يا لموسي

أسيوش غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 03-02-22, 02:46 PM   #1883

صل على النبي محمد
 
الصورة الرمزية صل على النبي محمد

? العضوٌ??? » 404607
?  التسِجيلٌ » Jul 2017
? مشَارَ?اتْي » 2,174
?  نُقآطِيْ » صل على النبي محمد has a reputation beyond reputeصل على النبي محمد has a reputation beyond reputeصل على النبي محمد has a reputation beyond reputeصل على النبي محمد has a reputation beyond reputeصل على النبي محمد has a reputation beyond reputeصل على النبي محمد has a reputation beyond reputeصل على النبي محمد has a reputation beyond reputeصل على النبي محمد has a reputation beyond reputeصل على النبي محمد has a reputation beyond reputeصل على النبي محمد has a reputation beyond reputeصل على النبي محمد has a reputation beyond repute
افتراضي

اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد كما صليت على سيدنا إبراهيم وعلى آل سيدنا إبراهيم وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد كما باركت على سيدنا إبراهيم وعلى آل سيدنا إبراهيم في العالمين إنك حميد مجيد

لا تنسوا الباقيات الصالحات

سبحان الله

الحمد لله

لا إله إلا الله

الله أكبر

لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم


صل على النبي محمد متواجد حالياً  
التوقيع
لا إله إلا الله وحده لا شريك له
له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير
رد مع اقتباس
قديم 04-02-22, 11:17 PM   #1884

جولتا
 
الصورة الرمزية جولتا

? العضوٌ??? » 464323
?  التسِجيلٌ » Apr 2020
? مشَارَ?اتْي » 540
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Jordan
?  نُقآطِيْ » جولتا has a reputation beyond reputeجولتا has a reputation beyond reputeجولتا has a reputation beyond reputeجولتا has a reputation beyond reputeجولتا has a reputation beyond reputeجولتا has a reputation beyond reputeجولتا has a reputation beyond reputeجولتا has a reputation beyond reputeجولتا has a reputation beyond reputeجولتا has a reputation beyond reputeجولتا has a reputation beyond repute
افتراضي

كأنه بكرا السبت 🙂🙂🙂😄😄😄😆🙂😆😆😆
متحمسة اللللللللللللق للباشا وضاح شو رح يعمل وللقلب منتصر شو رح يعمل

وربول شو اوضاعه 👰🏻‍♂👰🏻‍♂👰🏻‍♂👰🏻‍♂👰🏻‍♂👰🏻‍♂👰🏻‍♂👰🏻‍♂👰🏻 ‍♂👰🏻‍♂👰🏻‍♂👰🏻‍♂👰🏻‍♂👰🏻‍♂👰🏻‍♂🥲🥲

لميس ابداع قلمك ما اله مثيل والله عندك لغة مش طبيييييعية انا واقعة بالحب 😍😍😍😍😍😍😍❤❤❤😍❤❤

shezo and ميس ناصر like this.

جولتا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 05-02-22, 10:01 PM   #1885

أسماء رجائي

كاتبة في قسم قصص من وحي الاعضاء

 
الصورة الرمزية أسماء رجائي

? العضوٌ??? » 445126
?  التسِجيلٌ » May 2019
? مشَارَ?اتْي » 1,618
?  نُقآطِيْ » أسماء رجائي is on a distinguished road
افتراضي

الفصل الخامس والعشرون(١)
بين هذه اللحظة وتاليها يخلق الله ما لا نعلم، نحرك أهدابنا ولا ندري إن استطعنا فعلها ثانية. نأوي للفراش دون يقين بصحوتنا.. مضمار الحياة ليس عادلًا ولا يعطيك الثغرات في غمر السباقات لدراستها أو تخمينها.. عليك أن تعد العدة.. فأنت لاعبٌ قد يُستغنى عنك بأي لحظة!
من كان يعلم أن اللفافة التي جاءت خصيصًا لموسى أشعلها آخر.. وأنه كان على شفا حفرة من الموت، وها هو يعود لبيته بعد يومٍ من تنقيب المكان وأخذ الجثة وتشريحها، يدخل الحمام يغتسل ويطهّر بالماء لجّة معاصيه، يتساقط المطر في وحله فيغرق في لوثة الذنوب.. يستمر ويستمر حتى غطى بالطهر خطيئته، توضأ والتحق في صفوف المصلين.. خجل من نفسه حين ركع في صلاة الجنازة التي لا يعرفها..ولم يشارك فيها مرة.. ببساطة كان أميًا جاهلا في دينه، حين أنهى الشيخ الدعاء استفاق من غيبوبة الفقد التي غيبته وجعلته هائمًا فاستقام وشارك في حمل يزن ..حمله إلى مستقره..
يسير بين الحضور يرفع نعش صاحبه.. يرافقه ثلاثة من ذلك الوكر يتبعهم الجمع بالدعاء كان مشهدًا لا يخصه رغم إيمانه بأن صاحبه رحل، ودّعوه إلى مثواه الأخير، ثم رحل الجميع إلاه وأصدقاءه وواحداً من أهله، يهيل التراب بوجعٍ كاد يدميه يرمي برأسه ويهتف بدموعه بصورة موجعة:
-رحمك الله يا يزن.. رحمك الله!
جاوره شيخٌ مهيب بلحية بيضاء وما كان إلا الشيخ طالب القاضي فانشرح له قلبه المكلوم وقَبِل مجاورته دون أن ينتبه أنه كان يدعو لقبر بجانبه :
-رحم الله صاحبكم وأدخله الجنة بلا حساب ولا سابقة عذاب!
أمّن الشباب لدعواه فربت على كتف موسى يقول لهم بصوتٍ رخيم استقر في سقر قلوبهم وأحاله جنة.. لم يغب عن أسماع الشيخ نبأ وفاة الشاب وظروفها السيئة فقال قاصدًا كل حرف:
-كفى بالموت عظة يا أبنائي.. للموت هيبة تقشعر لها الأبدان وترضخ لها النفوس مهما تعالت وتعاظمت.. رفيقكم كان معكم أمس واليوم هو في قبضة الله وضيفه دون أن يعلم! أين ومتى سيقابله؟ ومن يدري فقد نكون ضيوفه غدًا؟
أسبل أهدابه وضم سبحته يكمل:
-لذا أعدوا للقائه بخير ما عندكم ولا تأخذكم الحياة ببهرجها وتعطلكم عن زوادتكم للآخرة، فنحن هنا زوّار.. لا نضمن طريقنا!
أدمعت عينا موسى وضاق صدره فسمى الشيخ بالله ومد كفه نحو صدره يمسده له و يقول :
-لا تقنطوا من رحمة الله.. أقبلوا عليه بالحب يغفر لكم، ولتكن منكم قلوب مستنيرة لا تنسى صاحبها الذي يرقد تحت التراب وتدخلونه الجنة بدعائكم وذكركم!
استقام الشيخ طالب حين أهلّ عليه أحد أبنائه، يناوله عباءته المطوية على كفه فرفضها:
-لا دائم إلا وجه الله.. دع عنك العباءة هنا نحن مجردون!
أرجعها ابنه لمكانها وأخذ بيده نحو الخارج فهتف لهم:
-ادعوا الله.. ألا ينسيكم اسمه ولا ذكره!
ومضى مع ابنه بعد أن زار ضريح زوجته "سلمى" وحكى لها عن خطبة ربيبها ريبال القريبة!
حين خرج رفع كفه دون أن يلتفت مستودعًا إياهم:
-جعلتكم في ودائع الله!
هتف رياض الذي جلس على يمين موسى:
-أتعرفون أن الذي كان يجالسنا هو الشيخ طالب القاضي..
نكس موسى بصره بلا إجابة ويداه تتقبضان على حفنة تراب خضبها بدموعه:
-لا أعرفه!
غادر أصحابه وبقي وحده فوق القبر يقرأ ما يحفظه ويدعو له بأن يخفف الله عنه، متكئا على حافته، غادر بعد منتصف الليل إذ أوحشه المكان وأخافه، والرهبة لا ينكرها فبكى مجددًا:
-اللهم آنس وحشته وأنر قبره يا الله!
طوال طريقه والرعب يملأه بحال صديقه الذي قابل وجه الله بمعصية، كيف سيكون حاله
ليلتها عاد موسى لأحضان أمه التي جفت مآقيها على حال صاحب ابنها ..وابنها معه، لاقته عند الباب و أخذته في أحضانها تهدهد على قلبه وتمسح على رأسه تشاركه دموعه
كان يعرف جيدًا أنه خرج من عند قبر صاحبه موسى جديداً والذي يتوسد حجر والدته لم يعد الذي كان!
**
يتبع....



التعديل الأخير تم بواسطة **منى لطيفي (نصر الدين )** ; 06-02-22 الساعة 01:35 AM
أسماء رجائي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 05-02-22, 10:05 PM   #1886

أسماء رجائي

كاتبة في قسم قصص من وحي الاعضاء

 
الصورة الرمزية أسماء رجائي

? العضوٌ??? » 445126
?  التسِجيلٌ » May 2019
? مشَارَ?اتْي » 1,618
?  نُقآطِيْ » أسماء رجائي is on a distinguished road
افتراضي

في بادرة أولى من نوعها ونادرة تستحق التخليد تناولت لبنى هاتفها تعاين منظرها شبه الكارثي لقوانينها الخاصة بالأناقة، بيجامة قديمة.. قديمة فقدت اللون والمنظر ارتدتها فيما سبق وكانت ترتاح فيها، مطت شفتيها هامسة لنفسها:
(جميلة في كل حالاتك يا فاتنة)
وقبلة مجنونة تبعت منظرها، حركت وجهها يمينًا ويسارًا تتفحصه، بخصلات مشعثة يبدو وكأنها لم تمشطها ليومين على أقل تقدير، فرغم نعومة خصلاتها إلا أنها بدت بشكل مغاير للمنظر الطبيعي، ومرفوعة بشكلٍ مهملٍ متهدلٍ:
-أمي أعيدي المحطة الأولى.. هذه المسرحية لا أفهمها!
وقفت وتين بنفاذ صبر تفتح يديها مللاً من فشل وضاح في اللعب، اقتربت أكثر لتشعر والدتها اللاهية فتنبهت لبنى لها حركت موجه الشاشة ورمته خلف ظهرها تتمتم بسخط:
-وتين كلمة أخرى وأطردك من الصالة اجلسي كفتاة مطيعة..
تذمرت الصغيرة بغضب شهي:
-لكنك لا تشاهدينها تنظرين لنفسك في الهاتف تتمتمين هكذا
وأقرنت الصغيرة القول بالفعل ترفع أناملها المكتنزة وتحرك شعرها، زمّت لبنى شفتيها بغضب ورمت الهاتف تدرأ الشبهة عنها:
-هل تراقبينني؟ لو قمت بتقليدي ثانية سأغضب منك.
كتفت يديها ترمق الطفلة التي أمسكت خبالها بالجرم المشهود:
-أجل كنت أنظر إليك.. عودي لتلك المحطة لأرقص عليها!
أعادت لبنى رأسها على طرف الأريكة:
-لا.. لن يحدث هذه المسرحية أحبها وسأشاهدها فحينما بُثت لأول مرة كنت في عمرك.. ستشاهدينها معي!
سايرت الصغيرة أمها التي تجمعت معهما في غرفة التلفاز، جلبت ألعابهما ونثرتها في الغرفة للعب وتمددت على الأريكة تريح ساقيها وترفع واحدة منهم متلاعبة بهاتفها، لم تصدق الطفلة إذ أنها لأول مرة تلعب هنا وأمها تارة تلاعبهما.. وأخرى تتذمر في فشلها صنع مكعبات وتعود لأريكتها، انشغلت وتين مع وضاح وتركت استكشافها الطفولي لوالدتها (الجديدة) التي استبدلت بواحدة أخرى، ولتذهب كراميش للجحيم ستشاهد المسرحية مع والدتها!
استرخت لبنى كعجوز ستينية متمددة أكثر متمطية براحة أكثر تشكو الحظ والطفلين اللذين عاثا الفساد في الغرفة والغريب راحتها رغم تشددها عليهما، بدأت المسرحية للعم غافل ركزت معها وحاولت أن تضحك مثلما كانت صغيرة قرب والديها لكنها لم تفعل، بل تعمقت في كل مشهد معهما وليس مع الأداء التمثيلي، حتى أنها استغربت كيف كان والديها يُجبران ويضحكان معها رغم كل شيء، حين رأت وتين تشاهد وتضحك رغمًا عنها ضحكت ..والغريب من قلبها كانت الضحكة ..بسمة لبنى واسعة شقت القلب قبل الوجه حد أن وضاح الذي لم يفهم شيئاً كان يضحك وينقلب على بطنه انفعالاً معهما ..لا تعلم كيف طفرت دمعتها وغصت بذكرى مشابهة، هي تضحك كما والديها معها والأغرب أنها باتت تعرف شعورهما (والديها) جيدًا وأنهما ضحكا لها ..لمبسمها ..لفرحتها هي وليس ضحكًا (للمشهد)
بدلت القناة وأعادتها لسيرتها الأولى قناة زاخرة بالأغاني الطفولية، بحلاوة كانت تصفق لرقص وتين والحركات البلهاء التامة لوضاح الذي يتعثر بالألعاب أثناء دورانه حول شقيقته، للحظة شعرت بجوع وحاجة ماسة لتناول شيء حلو! لكنها لا تحب الحلو هكذا كما لقنت نفسها وبات متعارفًا!
رطبت شفتيها ولبّت نداء الرغبة وخيالها يتقد باشتهاء حلوى كريمية بنكهة النسكافيه، فقررت وجهتها ستصنع حلى النسكافيه الكريمي!
استقامت سريعًا تجمع شعرها المترامي وتأمر الأطفال:
-أمامي إلى المطبخ سنصنع الحلوى
توقفت وتين متسائلة بعجب:
-إلى المطبخ؟
أكدت لبنى فيما ترفع الصغير من دلو المكعبات:
-أجل.. اتبعاني!
الدخول للمطبخ في شريعة لبنى ممنوع من الصرف، حلم الأطفال دخوله بسبب خوفها غير الطبيعي حرمتهما منه، تكتفي بجلوسهما على مقاعد رخامية حول الحاجز فقط، قادت وتين كف شقيقها وأدخلته للمطبخ بمفاجأة غير مخفاة، ودقائق وبدأت الملحمة، الوالدة الذكية تصنع الكريما والصغير ينقب في خزائن المطبخ ويكتشف، ووتين ترتدي مريول والدتها ووجهها ممتلئ بمساحيق بيضاء جافة ولبنى مشغولة بغطس البسكويت بمحلول النسكافيه، وصنع كريمة مخفوقة دون أن تنسى أن تضيف لها مسحوق النسكافيه لإضافة نكهة مميزة لهُ، أكملت رص البسكويت في الطبق الزجاجي وعيناها تتابعان الفيديو أمامها تقول لابنتها:
-حسنًا توت، بللنا البسكويت بمحلول النسكافيه الدافئ وصففناه كاملًا ماذا بعد؟
قضمت الصغيرة من البسكويت:
-ماذا بعد؟ نأكله؟
نفت برأسها متنهدة فيما تمشي صوب وضاح الذي أخرج المطبخ كله ووضعه في بهوه، حملته وأجلسته على الرخامة تشرح لوتين:
-سنضيف هذه الكريمة له ونغطيها!
وضعت أصبعها في الوعاء تتذوق الكريمة بصوت متلذذ مسموع:
-هيّا بنا نغطيها
وزعت الكريمة عليها، ثم صفت مجموعة من البسكويت المغطس بالمحلول مجدداً وأصابعها تخونها نحو الوعاء:
-سنصف بسكويت مجددًا ثم كريمة، ونصنع طبقة ثالثة!
مدت وتين يدها نحو وعاء الكريمة فنهرتها لبنى:
-لا حبيبتي لا يصح أن تأخذي هكذا، هذه عادة غير لطيفة لكِ كطفلة!
أرجعت الصغيرة كفها بتذمر تقول:
-لكنك أنت تتذوقين فلماذا مسموح لكِ؟
شعرت لبنى للحظة بتأنيب ضمير لكنها قبل أن تجيب
سمعتا صوت ضحكة مكتومة فالتفتتا نحو صاحبها الذي لم يكن سوى منتصر الذي جاء مع إطلاق صوت الضحكات في غرفة التلفاز دون المرور عليهل، بل لمح أهلها وصعد لأعلى يبدل ثيابه ويهبط نحو صيدلية وضاح الذي استدعاه لأمرٍ هام، لم يستطع لجم دهشته من حالتها بمنامة كانت ترتديها أثناء حملها بوتين يذكرها جيدًا إذ أنه لا ينسى شيئًا يخصها كانت تفضلها لارتياحها بها والآن المخبولة ترتديها بعد سنوات!
أبعد عينيه عن مرمى نظراتها يهاجم سريعًا:
-يفترض بك أن تطبّقي ما تعلمينها إياه!
قفز قلبها من مكانه لصوته فأكمل:
-افسحي مجالًا للصغيرة أن تتذوقها بدلا من التهامك لها كلها!
صفقت وتين تهبط عن الكرسي وتركض صوبه والصغير يضحك ويتابعها تلقف وتين يقبلها والصغير فتح ذراعيه ليوهبه صدره الحنون الذي يحب، غاب في سكينتهما وقدسية قربهما يتجاهل تلك المتآكلة والمستنفرة بوجنتين محمرتين، تجاهد لئلا تركض نحوه تضمه لها كما يضم صغارها، تكابد لجم رغبات حارقة ووجوده يستنفر فيها أشياء لم تعرفها ولم تشعر بها قبلًا فسألته:
-هل تريد طعامًا؟ لم أصنع طعامًا اليوم.
ثم شاب ملامحها عزم غريب، شراسة في غير موقع، تحدٍّ للذات قبل أن ترشقه بعبارة قوية:
-إن كنت جائعًا اجلب لنفسك طعامًا جاهزًا أنا لا أريد أن أصنع لك..
نطقتها بسرعة كجملة ملقنة، وشيئًا فشيئاً التهمت ملامحها الريبة فرد عليها بهدوء:
-لو كنت جائعًا ستصنعين لي رغمًا عن أنفك، لكنني في هذه اللحظة لا أريد أي شيء منكِ!
بهتت للحظة ترمقه بغير رضى، ليس منصفًا ما يفعله.. هزت كتفيها بلا اكتراث تعود لإكمال طبق حلواها بتجاهل غير مسبوق أبدًا فاستدار بالطفل نحو البهو وعن وتين باعت والدتها وخلعت المئزر تركض خلف والدها. صعد السلالم وقبل أن يصل نادى لبنى:
-إن أنهيتِ التهام الكريمة تعالي وبدلي ثياب الصغيرين!
بثوانٍ كانت تحلق وتصل باب المطبخ:
-لماذا؟
-شيءٌ لا يخصك!
نفخت غضبها محتجة:
-لكنني والدتهما ومن حقي معرفة أين سيذهبان؟
دخل غرفة التلفاز قائلا:
-سأسرقهما منكِ!
(هل سيأخذهما إلى سلوان، فسكينة هناك! ..هل سيأخذ اطفالها وهو للمكوث عند شمئرين والساحرة سلوان..تقتله والله لو فعل)
زمت شفتيها بقهر تقضم قطعة بسكويت مغطسة بالكريما، تناولتها بتلذذ امتزج بالغضب، أكملت صنع الحلوى، وضعت الطبق في المبرد وتركت فوضى المكان، قرصت خديها وعضت شفتيها تكسبهما لونًا موردًا لا تحتاجه وانطلقت صوب الأطفال
حين دخلت رأته يفترش الأرض يلاعبهما ويصنع قلعة، ضخ قلبها لهُ ولمرآه الطيب الذي يبلسم مُرّ توقها ويداويه، تخصرت على الباب:
-لا أريد قطع وصلتكم الغرامية أريد الأطفال لأبدل ثيابهم
أخذت وضاح وحاولت عدم النظر إليه، قبل أن تصل غرفة الصغير سمعت وتين تقول:
-لن تذهبي معنا إلى عمي وضاح سنذهب نحن فقط
تنفست راحة وقلبها يختض بالفرحة، تركت عنها الصغير وعادت له فوجدته قد خرج من الغرفة فسألته بغضب:
-هل تأخذهم مني إلى وضاح؟ وأنا قد خصصت اليوم لهما؟
ما بها تتحدث عن وضاح بهذه الأريحية والطلاقة؟
أين أشواك الضمير والتردد وموجات الخوف و..
ماذا؟
هي تقف تحاجج منتصر؟
ما بها؟ من استبدلها بواحدة أخرى!
عليها أن تتأكد من جلدها من الذي بدله؟
-إن أنهيتِ لهما سأكون في سيارتي!
قفزت أمامه بغتة بشرٍ يتقادح منها:
-عليك أن تحترم وجودي حين أحدثك
خطى للأمام وهبط الدرجة الأولى:
-حسنًا المرة القادمة أنظر في أمرك!
شدت معصمه بقوة كبيرة تهتف له بخفوت:
-أنا أتحدث معك منتصر ...أجبني من فضلك؟
للحظة سمح لنفسه أن يلتفت وينظر إليها، لم تطرف أهدابها ولم تحد ببصرها عنه، كانت مسالمة حد الصفاء، محتقنة بالغضب حد الفتك به.. وكانت تفتك به دون انفعالاتٍ.. وحدها لبنى الفارغة من مفاتيحه.. وحدها من تلج إليه دون استئذان
نفض كفها بهدوء يجيب بذات السكينة التي سطت بها هالتها:
-لا تؤخريني أنا في الانتظار!
**
وصل منتصر الحي بطفليه، هبط من سيارته واستدار نحو الباب الخلفي ينزل وتين ويرفع وضاح الصغير من عربته الخاصة، أغلق الباب خلفه ودخل قبل أي تحية أو تبادل مودة هتف وضاح في وجه الطفلين الضاحكين له بسعادة:
-طلبتك أنت دون زينة؟ ماذا أفعل في أطفالك؟
ركضت وتين نحوه فتلقفها ببسمة حانية رغم امتعاضه من منتصر الذي هتف:
-صلّ لله شكرًا إن سنحت لك فرصة رؤية أطفالي يا عديم الذوق
ورغم أن وضاح يوقن في سره أن منتصر جلبهما للتخفيف عنه والترويح قليلًا فقد هاتف منتصر في أكثر حالاته فقدانًا للسيطرة.. سيطرة فلتت زمامها منه حين اعترضه وجهٌ في عمق صحرائه يبغي نجدة، وهو فارغٌ من العطاء لكنه أعطى بروحٍ لا يعلم كيف وهبت
أخذت وتين حصتها من الحلوى وارتدت ثوب ثريا الذي جر خلفها، تبسم بيأس مراهق حين رأى ثوبها على وتين، والصغير يجري ببلاهة خلف ست الحسن شقيقته
-كان من المفترض أن يكون هذا المنظر لك ويخصك؟ أن ترى فتاة من صلبك ترتدي شيئا لك وبجوارك أيها المعقد البليد
مط وضاح شفتيه يهتف بسخرية:
-الله.. يبدو أن لبنى لم تقصر معك وجاءت بك بجرعة مشاعر فياضة!
التمعت ملامح تمثيلية هزلية في وجه منتصر يشكو:
-آهٍ لو تعلم كيف أعاني تقشفًا لا أرجوه لعدوي
استراح وضاح في كرسيه قائلا:
-تستحق.. طوال عمرك في نعيمٍ.. جرّب الجوع ولو قليلاً
ارتكز منتصر بساعديه على قدميه شبه المفتوحتين:
-بارعٌ أنت في قلب المواضيع.. كنت فيك فكيف انتقل الحال إليَّ
بصدقٍ خالطه شعور عارم بالمرارة هتف وضاح:
-حالي ميؤوس منه.. دعك مني لهذا أتحدث عنك!
الجميل في علاقتهما الصدق حد الشفافية وولوج الروح:
-أنت علة كل شيء وضاح! تضع نفسك عائقًا بينك وبين الأشياء فتحيل بينكما
فرك وضاح جبينه بتعبٍ:
-ستلهيني عما جلبتك له، اسمع أريد معلومات عن رجل ما اسمه (حمزة.... ......) ضروري جدًا
سأل منتصر بضحكة:
-من يكون؟ خاطب تقدم لك؟
-هيا كف عن سماجتك
استقام وضاح يجلب "سميّه الصغير" الذي بدأ بالتقاط الحاجيات الطبية من الرفوف وشقيقته تهدده:
-سأضع لك حقنة إن لم تهدأ
تصنّع وضاح الدهشة:
-أووه الطبيبة الجميلة ماذا تفعل؟
زمّت شفتيها كمعلمة تعاقب طالبها:
-أنهي شقيقي عن الأخطاء
التهى فيهما وعاد نحو منتصر الذي يجري اتصالاته، جاوره بنفاذ صبر، كان متحرّقًا ومتحفزًا لما سيسمعه، لم يتأخر منتصر الذي رد بعد إجراء مكالمة هاتفية لم يعجبه ما احتوتها، تنهد وأسبل أهدابه:
-حمزة.. ثلاث وثلاثون عامًا.. مكان إقامته الحالية () السابقة () مهندس اتصالات في شركة اورانج.. لديه قيد قانوني بتهمة هتك عرض، وتم القبض عليه في سيارة خاصة مع فتاة ليل في منطقة ().. ولديه أسبقيات بهذا النوع..
أكمل منتصر سرد معلوماته الفاضحة يرمق الهاتف ويرمق ملامح صاحبه الذي اختلفت، مرر وضاح أصابعه في شعره بعصبية يشتم بسبة بذيئة، فسأل منتصر بتفكّه:
-ما الأمر؟ من هو الذي تسأل عنه؟ لو لم أعرف ميولك لشككت بك
رد عليه بوضاح بملامح واجمة:
-هذا خطيب زميلتنا في الصيدلية هنا! رباه أي رجل كانت ستربط مصيرها به؟!!
ما يسمعه ويراه ويشعره خلق فيه تضاربًا يتخبط به بلا وجهة إلا أنه يتفق في جلد ذاته المؤنبة
أي رجل تركها له؟
لمَ لم يكن هو محله؟
لماذا عليه أن يعاني فيما يحب دون أن يكون لقلبه أو لسانه قدرة البوح؟!
ضيّق منتصر عينيه يسأله:
-لم أفهم هو زوج الموظفة هنا؟ إذا كان كذلك فحذروها منه لتتخلص منه فسجله مليء بالقيود الشائنة
رد وضاح بنبرة غريبة.. جديدة كليًا على منتصر:
-لم تعد امرأته.. طُلقت أمس!
لم يخطئ منتصر حدسه ولا رؤيا عينه، انبثاق النور والنار من نبرته، عيناه اللتان دكنتا حتى غطت الدجنة سحابهما المحترق، قال منتصر وعيناه تدرسان كل ما يصدر عن رفيقه:
-هي تهمك!
لم يكن سؤالًا.. بل تقريرًا
والآخر
لم ينفِ.. ولم يصرح، بل أجاب:
-زميلتي وشأنها من شأننا أي يهمنا أمرها.. ليس أكثر من هذا!
منتصر لا يناور.. طريقه مستقيم.. مستقيم جدًا فهتف:
-تحبها؟
انفعل وضاح واحمرّ وجهه وما منعه من الإجابة إلا دخول جيداء الصيدلية بتحية خافتة، غرقت وجنتيها بحمرة الخجل حين رأت منتصر الذي كادت تجن لرؤيته مرة تصنمت حرجًا فتكفلت ضحى بالقول:
-نريد حبوبًا مسكنةً للصداع؟
تقدمت جيداء تسأل عن أحوال وضاح فهتف سريعًا بنبرة لهفة خرجت عن إيقاع الرزانة:
-كيف هي الآن.. هل أصبحت بخير؟ ألم نكتب لها مسكنات؟
تابع منتصر بتسلية إجابة الفتاتين:
-لا لقد أضيفت المسكنات لكن ابن شقيقي أوقع شريحة الدواء ونثر أقراصها!
بسط شفتيه بلا حيلة وصرف لها أقراصًا جديدة، وقبل أن يمدها لها سألها عن حالها إذ أن اللئيم منذر تكفل بتغيير ضمادها في المنزل:
-هي بخير وتتحسن بشكل جيد
تنبهت ضحى لأحد يجذبها من سروالها فتلفتت ورأت طفلا صغيراً شهقت متعجبة:
-من هذا؟
استقام منتصر مستديرًا حول الحاجز:
-معذرة منكِ.. هذا ابني!
ناظرته جيداء بانبهار ضاحك وضحى تقطف من وجنته المكتنزة القبل، عينان حادتي الخضار، عقيقهما لامعٌ، وطفل مبهر جدًا كطبق يغري بالالتهام تلقفته ببسمة واسعة من حضن ضحى تقبله وتهاتفه، ظهرت وتين بالصورة فتوقفت بجانب والدها بغيظ من الفتاتين اللتين تقبلان شقيقها، كشرت ضحى لها ودعتها لها فلم تجب.. عاودت نداءها مرة أخرى اقتربت منها بزمة شفاه:
-أنا آتيك يا حلوة!
ردت بتوجس:
-أنا وتين ولست حلوة..
كورت ضحى وجنتها بين كفيها:
-اسمك رائع.. يشبهك جدًا
رفعت رأسها نحو منتصر:
-ما شاء الله جميلان جدًا جدًا حفظهما الله لك.
رد عليها منتصر بدفء:
-آمين.. شكرًا لك!
تركت جيداء الصغير وقبلت الفتاة المتحفزة وللحظة كادت تقول بأن الطفلة نسخة والدها حتى بشعرها المجعد، قالت الكلام ذاته التي هتفت به ضحى ورد عليها منتصر ..خرجتا من المكان بهمسة جيداء لضحى:
-والله قلت.. هذا الرجل أطفاله سيكونون مصنع حلويات وكب كيك، لم تخطئ نظرتي!
**
-لقد فضحنا ابنك يتحرش بالفتيات، صحيح من قال الولد سر أبيه..
قهقه منتصر يردها له:
-قل إنه سَميك الذي لم يترك منك خصلة إلا وأخذها...الأهم الآن قل لي ما موقع زميلتك (المنفصلة) في حياتك، بدون مراوغة أو دوران حول المعنى!
حدجه وضاح بنظرة نارية:
-لا أدوار لها منتصر، كن حذرًا فيما تقول، وطبق أدواتك النفسية في التحقيق مع غيري؟
للحظة انهارت بلاستيكية ملامحه، والتالية كان قد شكلها بقوة فسأل منتصر:
-تحبها؟
-إياك!
وهنا المطلب!
الغاية.. كل القصد، اختلجت عضلة فكه!
توسع حجم أنفه إنشات، وخصلاته تشعثت، والمشهد حرك منتصر.. حركه جدًا فمنتصر عمله يقبع في دراسة النفس وقراءتها ككتاب مفتوح فأكمل:
-ترغبها؟ أو دعنا نغير المصطلح؛ تريدها؟ أي لا مشكلة الآن.. فهي منفصلة وأنت كرجل كهف صام طويلًا يحق له الإفطار الذي حرم نفسه منه! لا تنفي فأنت مفضوح جدًا جدًا يا صديقي؛ حالتك بائسة بشكل لا يوصف!
أتمّها بطرقعة لسان وملامح تتصنع التأثر فقذفه وضاح بحرقة بحافظة السجائر الذي تلافاها منتصر بجدارة
-اصمت يا أحمق
أعاد له منتصر الحافظة بعدما أشعل سيجارة منها ينفث تبغها بهدوء يرفع ساقه فوق الأخرى.. هاتفًا له باستفزاز وبصره يلاحق ظلال تبغه:
-لا أحمق هنا سواك.. اسمع مني جيدًا ستكون في حالة نفسية صعبة ويائسة أتمنى ألا تطول حالتها فيها كثيرًا.
تنهد منتصر متابعًا:
-حالة البكم والعته التي تتلبسك وتعيشها ستئدها في مكانها.. أنت رجل عمرك ليس هين أبدًا.. بحاجة امرأة يا معتوه.. لقد نسيت شكل الحياة فيك حتى جاءت سيرة الفتاة وفجأة حلت عليك قبلة الروح!
انفعل صوت منتصر بحرارة..
-حاصرها.. كن عالمها.. داوها.. اجعلها تراك الرجل الذي تتمناه.. رغم خيبتك يا صديقي
للأسف وضاح يستمع بغباء يخشع وينصت!
مستسلم لنصائح منتصر الفاشلة مثله
كمراهق غر يستمع لصديقه العابث كيف يصطاد فتاة..
-تتجاوز حدودك منتصر
-قل لي ما الذي نفعتك به الحدود؟
اخشوشنت نظرة وضاح بإجرام:
-عن قتلك هذه اللحظة!
مط منتصر شفتيه فيما يسترخي أكثر ويهز يده التي تحمل السيجارة
-وفر فنونك القتالية في حرب نيلها أيها الفاشل، كسبها بعد تجربة فاشلة يستحق تجنيد وتكتيكات عسكرية
-وفر تكتيكاتك لامرأتك يا حكيم زمانك
رمقه منتصر بنشوة من اصطاد طعم:
-أموري هينة.. وحلها شبه قائم الأهم أنت إذ لا نريد فضائحًا في فشلك أيها العازب
استقام وضاح يطرده:
-هيا.. هيا غادر من هنا! لقد استمعت لترهاتك بما يكفي وادعاءاتك الباطلة أيها المحقق.. وفر تخطيطاتك لأعمالك
لم يتزحزح منتصر الذي بالفعل نوى المغادرة لأجل الصغيرين:
-حاصرها.. أطبق على أنفاسها حتى لا تعد ترى في كل هذا الكون سواك!
ثم التفت له بجدية:
-كف عن تصنع الكذب ونفي ما تفضحه مشاعرك التي لا تتكبد عناء ارتداء الأقنعة البلاستيكية، فأنت مفضوح.. مفضوح أيها الوغد!
يتبع



التعديل الأخير تم بواسطة **منى لطيفي (نصر الدين )** ; 06-02-22 الساعة 01:35 AM
أسماء رجائي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 05-02-22, 10:10 PM   #1887

أسماء رجائي

كاتبة في قسم قصص من وحي الاعضاء

 
الصورة الرمزية أسماء رجائي

? العضوٌ??? » 445126
?  التسِجيلٌ » May 2019
? مشَارَ?اتْي » 1,618
?  نُقآطِيْ » أسماء رجائي is on a distinguished road
افتراضي

ترك منتصر وضاح في لجة تيه، تيه حقيقي لا يعلم أين بدأ؟ هل لهفته الطبيعية والقلقة فُسرت حبًا وشعوراً!
لحظة هل قال لهفة؟ هل هو ملهوف ومحترق في مدار وجودها في حيز آخر على مرأى عينه وإن كانت انتهت منه؟
هل شعر بقلبه ينتثر شظايا.. وألم مخيف يطبق عليه كل ما فكر أنه أرادها للحظة.. وهي أمامه مع آخر..
هل قال أنه أرادها.. أم أن منتصر غذى فيه هذه المشاعر التي نسي!
أجل هو أرادها لنفسه لأنه تأثر بها!
سابقًا أحب امرأة وعبرته ولم يتحرك قلبه العصي الذي طالب برغباتٍ إلا حين طلت أخرى وعبرته!
أغمض عينيه يملس قلبه الذي اهتاج كتنفسه، وحرارة غريبة غزته.. حرارة أذابت قلاع الجليد التي شيدها، عاد بكفه نحو قلبه يربت بهدوء متناولًا حبة لتمييع الدم هاتفًا:
-لقد فعلت يا عصي وأحببت!
شرب الماء وجلس يهدئ نفسه معاتبًا قلبه:
-أحببتها.. وأنت الذي أوصدت قفل قلبك جيدًا، وحرمته النوافذ لئلا يتسلل نور إحداهن إليك...فكيف اخترقتِ يا ثريا!؟ أي شعاع ذلك الذي عاندني فيكِ
في الأمس كان مطعونًا في رجولته، سهم حمية صوب له في قعر مشاعره، ثائرًا وكأنها من أهله.. مهمومًا وكأنها امرأته.. فرحًا وكأن أمانيه تجلت في خلاصها من ذلك المدعو البغيض!
لقد عم السرور قلبه وكأن الفرح ما زاره!
تناقض.. محض جنون!
مراهقة متأخرة؛ ما الذي يشعر به؟ وكيف طفت تلك الأشياء بغتةً على يابسة قلبه لتحيلها جنة!
ازدرد ريق التأثر البليغ حد الصمم، واستغفر الله، يدعوه بالتعقل وهدي السريرة!
سامح الله منتصر!
من جاء بمنتصر المعتوه غيره!
**
طوال طريق القيادة ومنتصر يخزن في عقله هيئة وضاح، متى رأى مثلها؟ وأين؟ لقد أعطى ذات الانفعال حين أخبره برغبته من زواجه بلبنى، حينها كرس منتصر في خاطره هيئته وطلب منه إن ارادها أو كان له رغبةً فيها أن يخبره فنفى وضاح مستميتًا، بل أخبره أنه فوجئ وأشفق لحالها فلبنى كانت تثير في نفسه التعاطف كما الشفقة واللين.. وذات الوجه عاد للطفو اليوم أترى وضاح مثله أخذته رأفة في تلك الفتاة التي تعمل معه؟ ورأى فيها ملاذه وسكنه؟
توقف عند باب المنزل يركن السيارة في مرآبه، أخذ الطفلين وسار بهما صوب المنزل فتح له أيمن بضحكة واسعة وأخذ الصغير، تجاوروا في الصالة فبادر منتصر باهتمام:
-أخبرني ما أحوالك؟
رد أيمن بهدوء:
-كل شيء بخير..
أعاد منتصر رأسه للخلف:
-هل مدرس الفيزياء الجديد جيد؟ إن لم يعجبك ولم تستطع التأقلم معه أخبرني دون تردد
بلل أيمن شفتيه يضم الصغير له فيما يغمغم:
-أجل جيد.. بل أكثر من جيد يكفي أنه رجل إذ لا أستطيع التعامل مع النساء
التفت منتصر له والكلمة طنت في عقله وليس أذنه فحسب ومع أنه لمح المعتوهة تقف أعلى السلالم إلا أنه أولى أيمن تركيزه:
-مشكلتك معها كونها امرأة؟
أومأ أيمن بحرج:
-أجل لا أفضل معاملة الجنس الآخر!
واحتدت كلمته الأخيرة رغمًا.. وتوجس منتصر ألفًا فهادنه:
-معك حق في شعور عدم الراحة في التلقي من امرأة.. لكن عليك أن تضع في حسبانك أنك معرض للتعامل بأشكال مباشرة وغير مباشرة مع الجنس الآخر، بأبسط الأحوال وأهمها
تنفس الشاب بعمق مما جعل منتصر يقطب حاجبيه ويتابع:
-حين أكون مضطرًا سأفعل!
قرر أن يترك موضوع أيمن للمعتوهة وغير دفة الحوار قائلاً:
-لا بأس.. كل شيء سيمر المهم الآن هل اجتزت امتحان القدرات؟
وسرعان ما هلل أيمن بسؤال منتصر عن النادي الرياضي الذي أشركه معه فيه فبدأ بشرح بطولاته وآخر إنجازاته حتى جاء صوت زاعق بسيطرة أنثوية فكاهية
-أيمن قل للصغيرين أن يصعدا إليّ!
وصعد الطفلان اللذان ثرثرا بكل شيء وتين تشرح والصغير يعيد خلفها بلغته لكنه يبدو متحمسًا حسنًا حمداً لله أنهم برفقة وضاح لا شمئرين وصديقتها، تنهدت براحة وقالت لهما بتسلط:
-لن أعطيكما من الحلوى التي صنعتها، لأنكما ذهبتما معه وتركتماني وحدي!
كورت وتين شفتيها بحزن على الحلوى:
-أبي قال سآخذكما هل نحن من أنفسنا ذهبنا؟ ماذا فعلنا؟
تخصّرت بغباء منقطع النظير:
-لأنكما تركتماني وحدي وأنا التي أعددت لكما سهرة مثالية
قاطعها صوته الحبيب.. ليس حبيبًا.. الآن لن تضعف أبدًا له
-إن لم تطعمكما سأشتري لكما أنا
ضحكت الخائنة وتين وتبدلت الأدوار فقال:
-والدتكما كانت تمزح معكما.. هي تضاحككما فقط!
اقترب منها يهمس في أذنها ويقشعر بدنها برجفة ستنهار لها قوتها المنيعة:
-فارغة وغبية تهددين الأطفال بالحلوى
وتبخر التأثر فالتفتت له بغضب فوضع سبابته على فمها فمسهما ذات الصاعق والتماس يشعلهما
-لقد تركناكِ لتتمتعي بعم غافل لوحدك!
رفعت رأسها له تزدرد ريقها بصعوبة وتسأله بعينين ضيقيتين:
-منذ متى وأنت هنا؟
رد عليها يراقب خصلاتها غير المرتبة كالعادة
-منذ أن كنتِ تتمطين كعجوز تسعينية على الأريكة
زمّت شفتيها حانقة تقرص كفها بيدها التي التفت خلف ظهرها
-هل تراقبني؟
رمقها من أسفل إلى أعلى، ودنى منها التصق رأسه بكتفها فتقافز الخائن بين ضلوعها رفرفرت أهدابها بتوتر تنتظر حركته ففك أسر يديها خلف ظهرها يهمس لها فور أن ابتعد وخلّف الفراغ خلفه:
-لا تملكين تلك الأهمية التي تدفعني لفعلها!
ضربت وجنتها عدة مرات ثم أدخلت الصغيرين وجلبت لهما حلوى تناولاها وذهبا في ألعابهما
-أين طبق والدي؟
ردت لبنى بعناد ترمق غرفته التي لم يخرج منها:
-لن أعطيه.. فأنا غاضبة منه
توقفت الصغيرة عن التهام حلواها ترمق والدتها التي أجهزت على نصف الطبق الرئيسي:
-لكنني لستُ غاضبة منه..
وبطريقة لم تستوعبها لبنى سارت وتين نحو الأعلى تمد طبقها المأكول نصفه لوالدها
-أمي غاضبة منك.. أنا لست كذلك سنتناول سويةً هذا الطبق!
ولجت لبنى المكان بلا طرق ولا استئذان كعادتها المؤخرة فوجدت وتين ترفع لوالدها شوكتها بقطعة صغيرة تشبه براءتها.. وبحلاوة قسمتها، ود على سبيل إغاظة لبنى أن لا يفعل لكنه فعل وتناولها
-لقد أكل والدك.. اذهبي وتين وأكملي طبقك وضعيه على الرخامة لا تدخلي المطبخ
اقتربت منه تجلس على الأريكة تحرك خصلاتها المشعثة بإغواء فاشل أو لفت انتباه لا محل له في الأعراب
-أيتها الزوجة فارغة العقل.. بكل غباء تجعلين الطفلة تشفق عليّ؟ وتخبرينها بغضبك مني؟ أين عقلك؟
وضعت ساق فوق أخرى بتلك البيجامة المعدمة، تنظر له بافتتان لا يخفى و تجيبه بحركات جديدة لشفتيها:
-لا شأن لك بأين يتواجد عقلي!
ثم مدت كفها فوق قدمها تفتعل إيماءات غريبة:
-ثم لا أسمح لك بنعتي بقليلة عقل!
رد سريعاً وأنامله تطبع برشاقة محاضرة دورته الأمنية:
-بل فارغة.. لا تملكينه أصلاً!
توسعت عيناها بغضب:
-لا تقلل من شأني!
عادت لتتلاعب بخصلات شعرها، للحظة رفع رأسه عن حاسبه يرمق تشعثًا لا يلاحظه سواه.. هو الذي يقدس أدنى تفاصيلها، عاد لما يفعله فسمعها تقول له بحروف تنضح بلاهة:
-أنا لم أعد أهتم بك!
أجفلته الكلمة فتوقف عن العمل لثانية
-خيراً فعلتِ
كانت ترمق السقف طموحها السماء التي تسرها كل ليلة بأحلامها التي تبغي أن تكون
-هل تظنني لم أرَ دهشتك وصدمتك من منظر شعري! حسنًا لقد رميت بكل حماماتك وزيوتك ومقتنياتك فأنا لا أريدها.. أنا أحب شعري متروكًا هكذا لا أحب أن أصففه كل يوم.. وإن صففته سأصففه لأجلي..
خطبة عصماء تستحق التصفيق بحرارة، وماذا عن عطره الذي زكم أنفاسها هو السبب لتتأثر به..لحظة لا هي لم تتأثر من الأساس
-لن تنتظر مني أن أرتدي لك تلك الأثواب المنمقة؟ أنا أحبني هكذا بسيطة وتلقائية.. كنت أرتدي مجبرة لك ولن أفعل بعد الان أعجبك أم لم يعجبك هذه أنا!
قوس شفتيه للأسفل بانبهار ومن المضحك أنه طبع كلمة (أرتدي) بالخطأ فحذفها وعدل الكلمة الصحيحة
-حسنًا ماذا بعد؟
لوت شفتيها بحركة شهية.. لذيذة.. مغرية لو تعلم تلك الغبية كم هي مغرية:
-لا شيء أقول لك أنني لن أهتم بك بعد اليوم.. ابحث عن امرأة كاملة العقل والأوصاف غيري كتلك التي ترغبها وتريدها؟
نقرت سبابته لفتح صفحة جديدة يسألها بنظرات مركزة على حاسبه:
-من أريد.. أخبريني؟
-معالي سيدة العقل كله سلوان! ستلبي لك كل ما تريده!!
التفت لها فرأى الاتقاد وأتون الزمرد كفيل بحرق مجرة بحالها فأجابها:
-تعلمين معك حق.. سأفكر في سلوان بجدية فهي بعكسك تمامًا امرأة ناضجة وكاملة العقل والأوصاف
قفزت عن الأريكة تتهمه:
-أرأيت.. أرأيت أيها الخائن؟ كنت أعرف بزيف قناعك المثالي..
استقام واستدار حتى وصلها فأُرهبت وخفت صوتها:
-أيها الخائن ألم تقل لي مرارًا أنني بذرة حبك وأنت الساقي؟ هل رميت بزرعك لأجلها؟
من يلومه لو قتلها ومثل بجثتها استمع لجنونها :
-سأريك يا منتصر ماذا أفعل بك.. لم أعد أهتم بك ولا تعنيني في شيء.. أنا أصلا.. أنت اصلا لا تهمني!
مد يديه حول كتفيها يوجهها للخارج هاتفًا بهدوء:
-اذهبي وأكملي حلواكِ.. ليلتنا طويلة.. فكري بخطط للانتقام مني فأنا أنتظر بشوق...!
**
اليوم التالي مساءً
عادت سكينة من زيارة سلوان التي اقلتها، فاضطرت لبنى لارتداء ثياب مناسبة ومنمقة مع تضفير خصلاتها بمنظر حيوي، طرق باب غرفتها أعاقها عن إتمامها فأذنت للطارق أيمن الذي دخل بحرجٍ ..اقتربت منه وسألته بقلق:
-ما الأمر؟
رد بملامح غير مقروءة:
-في طريقي للخارج رأيتُ والدة منتصر برفقة سلوان تخبرها أن منتصر لا ينام في غرفتكما.. بل في مكتبه.
لم يعر صدمتها اهتمامًا إذ أكمل لها:
-أنا أقدر علاقتكما وخصوصيتها.. لكن من فضلك مهما بلغ الأمر بينكما لا تفسحا مجالاً للأقاويل فيما يخصكما..
تفهمت الأمر بصمت وشكرت أيمن الذي خرج إلى النادي الصيفي..
استندت على طرف السرير بتفكير عميق فزوجها أثبت لشمئرين وصائدة الرجال برهانًا لنجاح خطتهما.. هل سيصمد زوجها في وجه الإغراءات مع ضرورة الانتباه أنه قد يكون معجبًا بسلوان!
سلوان ذكية ..غير جميلة بنظرها لكنها ملفتة وناجحة
.حتى أن زوجها الحقير يعتمد عليها جدًا..وهي لا تضمن ما يشعر به أو يريده تحديدًا مع غضبه وعدم مسامحته لها، قد تلفته وتثير احتياجه ..هنا لم تحتمل ورقت بدموعها لن تتركها له مهما حدث لا تعلم أي مكر هي فارغة منه أن يدفعها إلى المرآة تعاين وجهها.. لحظات والفكرة تتشكل في جيدها وعنقها المكشوفين، لم تفكر ولن تخجل مطلقًا هي في حرب.. وهما من بدأتا النزال بغير نزاهة وستلعب مثلهما لئلا تخسر..لن تخسر منتصر ستظفر فيه للأبد..
أمسكت أحمر شفاه بني اللون ومسحت به على طرف عنقها.. وآخر جيدها، ثم محته بمحرمة ورقية بشدة لكنها أبقت الأثر بطريقة ملفتة، ومن ثم جلبت حمرة شفاه بلون بنفسجي وكررت الفعلة في ذات الموقعين ومسحت عليهن بتشديد، والنتيجة مبهرة! بل أكثر من ذلك.. علامتان تدلان على قوة علاقتهما، لم تتردد وهبطت لهن بإغراء مقصود.. والهدف تم رؤيته.. والقلوب غلت بين حقد وحسرة والهدف سدد بجدارة.. جلبت لهن فيما بعد أطباق حلوى صنعتها اليوم وهي من أصرت على سلوان أن تبقى:
-أعد الكثير من الحلوى هذه الأيام.. منتصر يبقى مشغولاً بإعداد المحاضرات في دورته، يحتاج الكثير من السكر!
أيدتها سلوان بهزة رأس:
-أتفق معك.. العمل بحاجة لأشياء تحفز الطاقة..
تمسكنت بشفقة:
-العمل يسرقه مني.. يسرقه مني كليًا! أكاد لا أره!
مطت سكينة شفتيها:
-عمله وطبيعي جدًا أن ينشغل..
للحظة كادت أن تبكي أمامهما:
-لكنني حقًا لا أراه.. طوال اليوم يطبع ويجهز الأوراق..
تغيرت السيرة سريعًا ولبنى تارة تؤرجح الضفيرة على اليمين.. وتارة إلى الشمال حتى وصل منتصر، استقامت صوبه ببسمة رائقة خلعت عنه سترته العسكرية وارتفعت على أطراف أصابع قدميها اقتربت من وجنته تقبلها:
-أهلاً حبيبي بعودتك!
لم تطل قبلتها حياءها منعها، والشوق أضناها.. ولمسته أعثت الخواء بديارها، فعادت لوجنته التالية بتلقائية وقبلتها دون أن تراعي مشاعره كرجل..
صعدت معه للأعلى وقبل أن تنفض يده عن هذا العرض الساخر وجدت نفسها مدفوعة للداخل، ومنتصر يقبل على ثغرها باجتياحٍ كسر الحدود.. وهدم شوارع الغضب وجرف الرغبة التحم توقهما بالوصال، فتمددت بسكنى داره حتى تركها يهتف بلهاث:
-كفي عن ألاعيبك التي كنت تفعلينها في الأسفل!
كانت مخدرة العواطف وبذات نشوى القرب فسألت ببلاهة:
-أي ألاعيب؟
-لبنى لا تثيري جنوني فأنا متعب!
كان يائساً ومحبطاً ولاعناً في سره الظروف وكل شيء، قبل وقت ليس بقليل هاتفته سلوان تخبره بأن سليمان لم يكن القاتل وإنما مأمون هو القاتل في تلك القضية، ضاقت به سبل الأرض وهام طويلاً بلا هدى حتى عاد وحين فعل وجد الكارثة التي تزيد همه تتلاعب به، بدل ثيابه وهبط للأسفل فيما بقيت لبنى في الأعلى حين هاتفتها والدتها، طلبت سلوان من منتصر قبل المغادرة النقاش في قضية هامة وعرف مقصدها طلب منها أن تصعد لغرفة مكتبه، سمعت لبنى وقع أصواتٍ فناظرت الباب وهناك جنت، رفعت حاجبًا فيما ترى سلوان تدخل غرفته، استغرق الأمر لحظات من خبال وشيئًا فشيئاً نخزة قوية تلسعها بوسوسة شيطانية قاتلة، ركضت صوب المرآة عاينت المحيا وأسبغت لونًا عسليًا على شفتيها يعشقه رجلها ولم تنتظر إذ اكتسحت الغرفة بهجوم غير مخطط له
-حبيبي لقد جهزت السهرة؛ دقائق ويبدأ الفيلم!
استقرت عينا سلوان في الأرض تصنعًا للحرج والمواقف هنا تريق كرامتها؛ تنهد منتصر الذي تناول أقراصاً مهدئة بسببها يهتف لها إذ أن مجيئها في هذه اللحظة غير مرغوب به ولسوء حظه يدرب في دورة عسكرية ولا يستطيع رؤية سلوان للنقاش بهذه القضية:
-لدينا نقاش مهم الآن لبنى.. ما رأيك لو تؤخري الفيلم لبعض وقت؟
رمقته بغل فيما أكمل لها بإرهاق:
-بالطبع الليلة..
ارتفعت زاوية شفتها للأعلى فيما اقتربت من الأريكة تهتف بما سبب لمنتصر وسلوان نوبة قلبية:
-أستطيع الجلوس؟ لن يؤثر عليكما صحيح!
عصف الغضب بعينيه فيما ارتعد النهر الذي يغطي ربيع عينيها فتمتمت بشكل مضحك له.. وغير مناسب، بهيئة تدعو لالتهامها قطعة كاملة غير ناقصة:
-أنا لا أثرثر.. مطلقا لا أفعل ولن أزعجكما مطلقًا!
تنفست بغضب فيما تبرر بصوت سريع جدًا:
-أنا لا أستطيع النوم وحدي.. السبب منتصر عودني على ذلك!
أومأ لها صامتًا يلتفت لسلوان التي تفتحت عينيها لهذر لبنى أتقص تفاصيلهم الخاصة! تغاضت عن حديثها قبل قليل وعن مناوباته المعتادة وعدم تواجده لكن.. لماذا تمطرها بالوقاحة أتظنها ستتراجع.. مخطئة تلك المغفلة
-لن أطيل عليك منتصر..
التفتت للبنى التي تثاءبت للمرة الخامسة وأكملت بمعنى:
-فعلى ما يبدو أن لبنى ترغب بالنوم وستطير السهرة..
تجاهلت لبنى حديثها، تزيل الضفيرة عن عنقها الذي انكشف لمنتصر توا مما جعله يفتح فمه بذهول واستكشاف، يسمعها تجيب سلوان
-لا تقلقي سأكون متيقظة رغم أن أحاديثكما جلبت لي النعاس!
نطقتها بصوت خفيض فتابعت سلوان:
-ما حدث أن خالد سرق المسدس من مخزنه بطريقة مشككة..
وهنا سلوان غيرت الحديث كله.. ومنتصر استوعب وساير
أصدرت لبنى حركة مزعجة بحفر جلد الأريكة بأظافرها رد منتصر الذي يتابع عنقها بعينين جاحظتين بحقيقة العلامات وغايتها:
-أجل وماذا بعد
فهمت سلوان نظراته اهتمامًا بلبنى فكزت على أسنانها تكمل الحديث غير الصحيح:
-بريء من الإهمال حقًا هو لم يفعل أبدًا أرجو أن تنظر في مسألته..
مر على الأثر البنفسجي المموه وحينها لم يسعه إلا الضحك حد الجنون أو لكمها حد القتل:
-أجل أنا مصر أن الإهمال يصنع كثيرًا من الكوارث كالتي أراها الآن يا سلوان..
قطبت سلوان حاجبيها:
-مجددًا تقول إهمال؟
استقام عن كرسيه:
-مؤكد.. ولن يسكت عنه مطلقًا لكيلا يتفشى بين الجميع
فهمت من استقامته إنهاء الحديث الذي لم يبدأ أساسًا فنهضت لبنى:
-هل انتهيتما؟ قضاياكما بسيطة ما شاء الله، لدرجة أنها لم تفتح شهيتي للفضول أبدًا
ابتلعت سلوان ردًا تستحقه المغفلة وتبسمت بذكاء:
-مؤكد مجالات اهتماماتك مختلفة عني أنا ومنتصر..
رفرفت الضفيرة على كتف لبنى؛ فيما اهتز جسدها بحركة لا مبالية:
-هذا الجميل بيننا حقًا اهتماماتنا المختلفة هي نقطة الانجذاب على الدوام بيني وبين منتصر، لم يكن التشابه نقطة نلتقي بها على العكس تمامًا من الجميع..
استمع منتصر للمحاضرة القيمة فيما كل ذهنه محصور بحجم الدهاء الذي تمتلكه قنينة إغوائه الغبية حد الكارثة!
لديها من المكر ما يقهقر كيده كرجل إلى الجحيم!
بكياسة وحنكة غادرت سلوان التي تنفست لبنى لذهابها الصعداء ما إن اختفى جسدها حتى لوت شفتيها وتخصرت تقلدها:
-قضايا بعد منتصف الليل؛ مع ألف ذهاب بلا عودة..
جذبها نحوه يهاجم وجهها:
-وماذا بعد، لم لم تطرديها؟
ردت بجدية:
-كنت أنتظرك أن تفعل؟ ولم أنتظر في الواقع! لا أمتلك الوقت لتحملها لذا حمداً لله عرفت أنها كائن غير مرغوب به..
ابتعدت عنه قليلا تتصنع الرفعة:
-لا تظنني جئت لأجلك؟ أنا لم أفعل أبدًا!
سألها وقد راق له تبديد يأسه بها:
-لماذا جئت إذاً؟
تنفست بغضب حين كادت تهتف "لأجلك" و "لأنني أحبك":
-لمَ تسأل؟ ما يخصك في هذا؟ هل تريد السؤال عن السهرة متأملاً أنني صنعت حقا شيئًا لنا؟
ضحكت بشر فيما تقترب له بضحكة قاسية:
-لا لم أفعل ولم أحضر شيء لكن أود تعليم هذه الحشرة أن هناك..
توقفت لحظة عما كانت ستقوله مجددًا رفرفت بضفيرتها تعطيه ظهرها:
-لماذا أبرر لك؟ لا أريد ان أكمل حديثي، ليس من شأنكما أنتما، أنا أعددت سهرة خاصة بي وحدي أدلل نفسي وأسعدها لا أحصر ذاتي وأجعلك كل كوني..
غادرته بظفر فجذبها مجددًا تمهل بغزل العينين، وزار الشفتين، وارتفعت أنامله ترسم خطواتها على العنق ارتجفت تأثرًا وكادت تتوسله أن يعود معها حتى توقف عند بقعة ما عرفت مكانها الذي صنعته.. شد بإبهامه حتى آلمها:
-وما هذا؟
تلعثمت تجيد التصنع:
-ما هو؟
مسح الأثر بقوة ورفع إبهامه يسأل بهدوء حملته نسمات قربها:
-آثار حمرة تبدو كوصمة حميمية بين رجل وامرأته ماذا تفعل على عنقك؟
ضربت صدرها بكفها مصطنعة الدهشة وتلعثمها فضحها:
-بسم الله.. ماذا تفعل هذه الأشياء على جسدي
بطريقة مفضوحة بحثت بيدها عن المكان فسألت:
-هنا؟
رد عليها:
-غريب وجدته بسرعة؟
صرخت بـ "ها" وأعصابها تكاد تذوب من فرط حماقتها وخوفها:
-أهو المسّ؟ هل مسني شيء؟
رد عليها بضحكة قاسية:
-أجل على ما يبدو؟ لكن المسّ خاصتك مفعوله رديء، يصنع الحب بأدوات التجميل
شهقت خوفاً من صحة الفكرة وبدت كمن كذب الكذبة وصدقها:
-يستحيل أن يكون مسّ، هل هذه وتين أم وضاح؟؟
هزت رأسها مؤكدة:
-يفعلانها!
رد يسايرها:
-معكِ حق!
هدأت لتصديقه فاقترب منها ينحني نحو وجهها، فارت زوابع حشاها وانحسر نبضها بقربه فدنا بوجهه حتى وصلت أنفاسه هناك:
-لستِ هينة أبدًا يا قطة!
ارتدت للخلف فضمها بقسوة فيما إبهامه يمسح الحمرة:
-هذه ستكون مجدية أكثر وتخيف المسّ من قربك حين يرون أثرًا حقيقيًا!
وقبل أن تهتف أو تدفعه كان يرمي بثغره حول موقع علاماتها!
اختطفها على صهوة شغفٍ وسابق الريح فيها، سكنت في جود جوادها، حتى رن جرس المنزل ونادت سكينة بصوت غاضب غير مرحب:.
-إنصاف والدة لبنى على باب المنزل!
**
يتبع..



التعديل الأخير تم بواسطة **منى لطيفي (نصر الدين )** ; 06-02-22 الساعة 01:36 AM
أسماء رجائي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 05-02-22, 10:13 PM   #1888

أسماء رجائي

كاتبة في قسم قصص من وحي الاعضاء

 
الصورة الرمزية أسماء رجائي

? العضوٌ??? » 445126
?  التسِجيلٌ » May 2019
? مشَارَ?اتْي » 1,618
?  نُقآطِيْ » أسماء رجائي is on a distinguished road
افتراضي

**
سبعة أيام بعد الحادثة، لازمت الفراش ولم تخرج من غرفتها، راجعت نفسها كثيرًا.. وكثيرٌ ما تلبسها ندمها (صبرها) عليه وليس ندمها على ما (فعلته)
لكنها تؤمن في قرارة نفسها أنها فعلت ما يستوجب على امرأة تقدر قيمة الرباط المقدس ولم تحاول التفريط به عبثًا
لا شعور.. تعترف بصراحة أن لا شعور هناك نحو حمزة.. لا كرهٌ ولا حب!
لقد أفرغها من كل شيء لطيف كانت ممتلئة به، كل مشاعرها الجميلة وما تحمله جردها منه بشكلٍ كامل، حتى ذكرى طيبة له لم تعد أو شعور تسامحه عليه أو يشفع له.. أثمر فيها قسوة لم تعتدها وانكسارًا لا تخفه، وأكثر هشاشة مما مضى، ربما لأن التجربة الناضجة تكون فارقة مختلفة عمقها أكبر.. نسيانها أصعب.. وتجاوزها معجزة..
رغمًا عنها حلت الذكرى الأخيرة فغصت واعتراها
الكثير من الاشمئزاز.. والأكثر منه إطباق يحجز أنفاسها حد زهقها.. لم تقاوم أناملها التي مرت على عنقها، التفتت برأسها نحو ضحى التي تجاورها في سريرها الضيق، ملست على خصلاتها بحنان، ضحى منذ أن علمت بوفاة يزن وهي لا تفارقها وتنام قربها.. انهارت بشكل مؤذٍ حين علمت بوفاته.. يزن صديق موسى!
كان قريبًا وصاحبًا لموسى يرتب لهما اللقاءات في خربة سمور.. لقاءاتهما المحرمة
هنا لم تحتمل في كل مرة كانت تحكي لثريا عنه متفجرة ببكاءٍ موجع على ميتٍ عرفته وعاشرته!
أخذتها ثريا لأسبوع في أحضانها.. تمسح دموعها ليلاً وتوقظها كل صباح!
استقامت ثريا عن سريرها بهدوء لئلا تزعج ضحى، صلّت الفجر وسبحت في الأفق واسع المدى، وبحجمه زفرت تنهيدةً تتخطى الفضاء بثقلها..
قرأت وردها وبدلت ثيابها، أمس فك لها منذر اللفافة حول رأسها واكتفى بلاصقة موقع الجرح..
عاينت وجهها الباهت بهوت كأس حليبٍ شاحب! وشعرت بالاشمئزاز منها عليها أن تكون ككأس شايها الثمين
هل تقدر؟ لا تعلم!
ما إن بدأ النور يزحف إلى الظلام ويقشعه نهضت، خرجت من غرفتها صوب المطبخ الخاص بها وبشقيقاتها، تناولت خبزًا يابسًا وبللته بالماء، جذبت بذور قمح وذرة مطحونة، وبعد أن أعدت أبريق شايها الغالي صعدت للسطح بعرجها الخفيف الذي لم تزله المراهم والمسكنات والأدوية بشكل كامل، وضعت عنها الأبريق وأطباق الحبوب، تنفست الضوء ونسيم الفجر المودع، فتحت يديها تستقبل نسائم الصبا تتنفس بغمر الإحساس النغم:
-يا نسيم الصبا.. يا دواء كل علة!

تقدمت صوب الدجاجات وضعت لهن طعامهن، أسبغت عليهن اشتياقها، وحلقن حولها بمشهد أبهجها، اطمأنت لإطعامهن وأخذت بصيصان جدد تلاعبهن، مضت قليلا حيث السور وارتشفت كأسها الأول، الحي مبهج كله روح.. حياة! رائحة الخبز من المخبز ومن فرن فدوى أسفلها، قهوة البكري المتنقلة فاحت روائحها، رائحة الصباح قليلاً ما هدهدتها وأهدتها سكونًا بحاجته بسطت نظراتها وجالت حول المارة، رأت تماضر ببناتها اللواتي يرتدين زيهن المدرسي، وهي معهن في طريقها إلى الأكاديمية، تماضر أسوأ حالا منها، أكثر مسؤولية بزوج يهجرها.. وفتيات ماثلنها طولًا، لم تستسلم، بل نزعت عنها الشبح الذي خلفّه زوجها القديم، وعافرت لتصنع اسمًا في عالم الجمال واللمسة، لم تكن جميلة لكن أناقتها الحالية وثقتها المفرطة تعطيك هالة جمالها وتطبعها بك.. راقبت الطرقات وخلف كل وجه ساعٍ حكاية ثقيلة ممتلئة صفحاتها بمآسي تجاوزها أصحابها.. بسطت كفها على وجهها ودارت صوب كل شيء حتى توقفت عند الصيدلية فهمست بحنين
-لقد افتقدتكم!
هبطت نحو الأسفل ومضت نحو غرفتها، ربتت على كتف ضحى التي تململت تهتف لها بسعادة
-هيا نوقظ الضوء!
أزاحت الستارة وانتشرت الشمس بضوئها في المكان، سارعت
تجلس على طرف السرير:
-هيا ضحى تجهزي.. سنتناول إفطارنا الآن.. بدلي ثيابك وتجهزي سأكون في انتظارك
خرجت من عندها وذهبت لمطبخ فدوى فوجدتها تعد آخر صينية، أشرق وجه نائل وكأن الصبح لم يأتِ إلا بخروجها من شرنقتها، حيت فدوى التي تبسمت لها في وجهها فهتفت ثريا:
-ما رأيكم أن نستغني عن طلبية اليوم ونتناولها نحن؟
استهجنت فدوى للحظات فشرحت ثريا:
-مخبوزاتك اسالت لعابي.. أعتقد أن طريق التعافي يبدأ بمخبوزاتك!
ضحكت فدوى وقالت لها:
-أبشري فكل ما أصنعه سيكون لكِ
فركت ثريا كفيها بحماس:
-حسنًا سأوقظ الجميع لتناول الإفطار على السطح.. الجو ربيعي مبهج جدًا
قبلها نائل على جبينها فيما تلوك قطعة مخبوزات محشوة بالجبنة البيضاء، خرجت من عندهما فقالت فدوى
-هذه ثريا التي أعرف.. تسقط . تعتزل كل شيء أياماً ثم تعود أقوى مما كانت عليه!
تنهدت فيما تحرك الصينية أمام نائل الذي كان عاجزاً أمامها بين مطرقة العقد الذي يلتزم به في عمله.. وسندان عائلته المكبل بها والتي لا يستطع تركها!
-لطالما كنت أحسدها على ما تملكه.. دائمًا تبتر طرقها المؤذية مهما اجتازت فيها.. تستطيع الاستغناء وشراء نفسها! كنتُ بعكسها طوال عمري..
لم تدر فدوى أن كلامها كان مسموعًا لثريا التي عادت لتطلب منهما صنع شاي، دخلت فوجدت الأجواء مشحونة بما يكفي فتمسكت بوجه بشوش
-رؤيتكما في المطبخ تخلق أشياءً من بهجة.. ورضا يغمر القلب ليتكما تبقيا هكذا!
صنعت الشاي وصعدوا جميعًا إلى سطح المنزل حتى جيداء رافقتهم بملابس عملها، افترشوا حصيرًا أرضيًا وتناولوا مخبوزات فدوى بطاولة أرضية..
كانوا راضيين.. منتعشين.. مشرقين بنور ثريا الذي بدد السواد بعد كل ما حدث، وكأنهم يثبتون لها أن لا سبيل لهم دونها!
**
اليوم التالي:
لله در الشوق ما أوجعه..
يطرق نواقيس القلب يقض مضجعه!
بنزق ونفس محتدم ناول وضاح أحد الزبائن حاجياته، كان ثرثارًا مزعجًا، خرج بعد أن عدّ عائلته وجيرانه الذين أتوا معه وشرح أحوالهم كلهم.. تركه لسهاد عقله الذي لم يرتح، يكاد يرتجف من فرط رغبته برؤيتها.. سبعة أيام بلياليهن لم يرها فيهن ولم يطمئن قلبه الملهوف، أشعل سيجارته فيما يتناول هاتفه يطمئن لآخر حضور لها، الشبكة الضعيفة السيئة لا تطمئن له خاطرًا عنها، حتى لا يستطيع أن يحادثها فتواصلها مع منذر كله وهو مطلقًا لم تفعل!
-تبًا!
رمى الهاتف غاضبًا إذ أن رؤيتها متصلة تعطيه حلو السكنى وغنيمة الراحة؛ بلا تفكير خرج متمشيًا بدون هدى، يداه معقودتان خلف ظهره، يمشي جيئة وذهابًا أمام باب الصيدلية وعيناه الخائنتان ترنوان نحو منزلها كل لحظة ... خيل إليه أنه لا بد من رؤيتها، حتى لو كلفه الأمر الذهاب إليها، أليس سهلاً السؤال بحكم الزمالة؟
-لقد جننت يا أخرق!
تراجع قليلا عن غبائه وقبل أن يغلق الباب لمح زولاً يعرفه يعارك ذباب الحي، كثور هائج لمح قماشة حمراء، استرد أنفاسه وعيناه تلمحان تعثرها بأدراج السلالم قليلاً حد السقوط فعرف وضاح أنه المسكين الذي سيتلقى ثورتها وإن أفرغت جيوب قلبها فهو راضٍ الأهم رؤيتها بخير..
فتحت الباب بفضاضة تتمتم بكلمات نصفها مفهوم والآخر اجتهد في استنباطه:
-حظي العاثر بات معروفا.. ليس غريبًا لو تكسرت أصلا
استقام بضياع أنفاسه و اضطرب نبضه، حاول الظهور على طبيعته فرد تحيتها:
-أهلا ثريا..
سقطت عيناها في بئره الداكن فيما تمتمت بتعثر تلوح بيدها وتشرح :
-لم أستطع الجلوس في المنزل، الإجازة قاتلة!
كاد يخبرها أن غيابها القاتل لكنه احتفظ بآخر ذرات وقاره الذي كاد يراق:
-موظفة مجتهدة أنتِ كعادتك..
تصلبت محاجرها للحظة ولاحظت استهزاءه:
-أ تسخر مني؟
تصنع الدهشة فيما يرتفع حاجبه الذي يلاحظ كفها الحرة:
- أ تشككين في مثابرتك..
لهزلية المشهد كادت أن تبكي فردت بمرارة:
-ليتني لم أكن.. لكان أفضل!
جالت نظراته بتفحص رجولي بحت حول جذعها، غصنها بات حرًا رغم هشاشته، طليقًا ساكنًا يغريه أن يأوي بعشه إليه فقال بصفاء:
-الصيدلية افتقدتك جدًا
مرت نظراتها في كل مكان وتفحصه يشوشها أتراه يؤازرها ويدعمها فهتفت بحنجرة مكتومة:
-أنا أيضًا أفتقدت كل شيء..
ركز بعينيه نحوها يهتف بتشديد ولغةً تمنى أن تسعفه:
-ليس بحجم الأشياء هنا
تنفست ببطء وثقل كبيرين نصلا قلبه المهتم والقلق عليها، دخلت للمخزن دون أن ترتدي ثوبها، غابت دقائق لم يشم فيهن رائحة الشاي الذي وعد نفسه أن يشربه لو حضرته؛ عادت بعد دقائق بمساحة ومقشة ريش، وعدة نظافة كاملة، نصبتها في البهو تحت نظراته المستهجنة؛ ثم عادت تأتي بدلو كبير من الماء، توقفت في المنتصف تلتفت إليه بنظرة ذبيحة ونبرتها مشحونة بالكثير:
-لن تمنعني من التنظيف حسنًا، ليس هذه المرة..
كانت أقرب للرجاء دون التفوه به فأومأ برأسه ونظرته مبهمة مهتمة:
-كما تريدين..
بللت الممسحة في الدلو وفرشتها على الأرضية بصمت تام دون حرف، انفعلت في سحب المياه وكانت حركتها عنيفة قاسية، شدت على العصا فدخلت نشارة الخشب في سبابتها دمعت عيناها ألمًا فيما رمت العصا من يدها:
-لم يكن عليك أن تشقي أصبعي يا خائنة!
تقدم صوبها باهتمام:
-ماذا حدث؟
ردت عليه بنبرة خاوية ميتة، فعلم أنها بغير وعي فأخذ يدها:
-جرح قلبي كان كافيًا وتقبلته، أليس كثيرًا أن تُجرح يدي أيضًا!
جرها معه وكلماتها تطعنه في عمق رجولته وتجبره أن يضمها ويربت على قلبها عله يمسح وجعه:
-دعيني أخرجها وأضمد يدك..
عاندته فاستخدم قوته فانصاعت لها متمتة:
-الجرح ليس هنا..
الألم يضرب قلبها بعنف وقلبه أضعاف عنفها فهتف بصوتٍ أجش:
-أعلم جيدًا موقعه..
أغمضت عينيها فيما يستخدم أدواته ليخرج أثر العصا:
-تدرك كيف يكون، فلا تلمني..
سالت دموعها ألمًا فأخرجها بسلام وضمد لها يدها خرج يسبقها قبل أن يعترف لها بآلامه هو الآخر ويكوم عقد الكون ويتركها دون فكاك..
لملم فوضى المكان التي اعتادها منها فعلقت ضاحكة حين خرجت ورأته:
-أرأيت.. دائمًا تنظم الفوضى خلفي!
علق بما لا يناسب سوداوية الأحداث:
-لا بأس.. لقد اعتدت.
طقطقت معدتها جوعًا وكان صوتها واضحًا فعلقت تغطي على إحراجها الذي صدر:
-انظر كنت قد أتيت لأنظف المكان وأطهره..
كان يعلم أن قصدها بالتطهير مسح كل أثر آلمها هنا لكنه صمت فيما يعطها الحرية لتكمل:
-لكنني جُرحت وأنت من طهرتَ جرحي!
رفع رأسه لها يبتلع ريقه عن الصمم الذي تعانيه عيناها وإدراكها:
-لا بأس بالشوائب.. فأسهل ما في الشوائب العكرة سهولة مسحها لأنها لا تذكر..
تعانقت النظرات.. بلا فراق والغصن يتهادى على سحر الحروف فرفرف طيره يغرد فوقه:
-الأهم ألا تستسلم جوارحنا فتلتصق الشوائب وتحجز عنا تضميد ما صنعت..
كاد يشكر نفسه على هذه الحروف عوضًا عن فعل الشيء الذي تمناه منذ أن حطّت نظراته على هيئتها الثائرة، دخل وبيده الأشياء التي لم تستخدمها وخرج بعد دقائق فسأل:
-لم أتناول طعامي.. هل أحسب حسابك؟
نفت برأسها فأجابها:
-كفي عن تمنعك فالأصوات التي أصدرتها معدتك تشي بجوعك، وأنا جائع أكثر منكِ وربما تفضحني معدتي بشكل سيء..
ضحكت تخبره والغصن يستقر تحت خطواته:
-اجلب لي من معجنات فدوى من فضلك!
تبسم يطمئن لسلامتها وقواها إذ طلبت أعمال فدوى:
-هذا تحيز.. ألن تكفي عن الترويج الذي تنتهجينه؟
نفت باستماتة:
-انتمائي كاملٌ لا أحيد فيه.

نهاية الجزء الأول من الفصل...
اسفة بس لميس ايدها تعبانة ومش قادرة تنزل الفصل
انا نزلته وإن شاء الله يعجبكم.. وإن شاء الله لميس تتعافى وهي الي تنشر فصلها



التعديل الأخير تم بواسطة **منى لطيفي (نصر الدين )** ; 06-02-22 الساعة 01:37 AM
أسماء رجائي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 05-02-22, 11:47 PM   #1889

م ممم ممم

? العضوٌ??? » 490132
?  التسِجيلٌ » Jul 2021
? مشَارَ?اتْي » 48
?  نُقآطِيْ » م ممم ممم is on a distinguished road
افتراضي

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته رواية جميله فين باقي الفصول

م ممم ممم غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 05-02-22, 11:49 PM   #1890

م ممم ممم

? العضوٌ??? » 490132
?  التسِجيلٌ » Jul 2021
? مشَارَ?اتْي » 48
?  نُقآطِيْ » م ممم ممم is on a distinguished road
افتراضي

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أين باقي الفصول

م ممم ممم غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 04:02 PM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.