آخر 10 مشاركات
96 - القرار يعود لك - ايما دارسى - روايات عبير الجديدة (الكاتـب : samahss - )           »          اختلاف متشابه * مميزة ومكتملة * (الكاتـب : كلبهار - )           »          112 - دمية وراء القضبان - فيوليت وينسبير - ع.ق (الكاتـب : بنوته عراقيه - )           »          يبقى الحب ...... قصة سعودية رومانسيه واقعية .. مميزة مكتملة (الكاتـب : غيوض 2008 - )           »          سيدة الشتاء (1) *مميزة* , *مكتملة*..سلسلة للعشق فصول !! (الكاتـب : blue me - )           »          499 - أكثر من حلم أقل من حب -لين غراهام - أحلام جديدة جديدة (الكاتـب : Just Faith - )           »          كما العنقاء " مميزة ومكتملة " (الكاتـب : blue me - )           »          219 - صديقان ...وشيئا ما - جيسيكا ستيل (الكاتـب : Fairey Angel - )           »          أرواحٌ تائـهـة في غياهِبِ القَدَر (الكاتـب : الـميّادة - )           »          [تحميل] لعنة العشق ،للكاتبه / همس يوسف "فصحى" ( Pdf)ـ docx) (الكاتـب : فيتامين سي - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > الروايات الطويلة المكتملة المنفردة ( وحي الأعضاء )

Like Tree11647Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 12-07-22, 11:19 PM   #2841

Lamees othman

كاتبةفي قسم قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية Lamees othman

? العضوٌ??? » 453673
?  التسِجيلٌ » Aug 2019
? مشَارَ?اتْي » 2,373
?  مُ?إني » Jordan
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Jordan
?  نُقآطِيْ » Lamees othman has a reputation beyond reputeLamees othman has a reputation beyond reputeLamees othman has a reputation beyond reputeLamees othman has a reputation beyond reputeLamees othman has a reputation beyond reputeLamees othman has a reputation beyond reputeLamees othman has a reputation beyond reputeLamees othman has a reputation beyond reputeLamees othman has a reputation beyond reputeLamees othman has a reputation beyond reputeLamees othman has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   pepsi
¬» قناتك mbc
?? ??? ~
وسخر لي الجسد والحواس في سبيلك
افتراضي


الفصل بعد دقائق من الآن.

كونوا بالقرب❤️❤️


Lamees othman غير متواجد حالياً  
التوقيع
ست وعشرون نجمة وبضع من سماء روحي معلقة بين ثنايا الأفق!



(وَاجْعَل لِّي لِسَانَ صِدْقٍ فِي الْآخِرِينَ)

سبحان الله والحمدلله، ولا إله إلا الله، والله أكبر.❤
رد مع اقتباس
قديم 12-07-22, 11:32 PM   #2842

Gunoot Malik
 
الصورة الرمزية Gunoot Malik

? العضوٌ??? » 431670
?  التسِجيلٌ » Sep 2018
? مشَارَ?اتْي » 14
?  نُقآطِيْ » Gunoot Malik is on a distinguished road
افتراضي

قريبيننن💃❤️❤️❤️🔥.
shezo, Joie, maram alsaeed and 3 others like this.

Gunoot Malik غير متواجد حالياً  
التوقيع
Gunoot
رد مع اقتباس
قديم 12-07-22, 11:51 PM   #2843

Lamees othman

كاتبةفي قسم قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية Lamees othman

? العضوٌ??? » 453673
?  التسِجيلٌ » Aug 2019
? مشَارَ?اتْي » 2,373
?  مُ?إني » Jordan
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Jordan
?  نُقآطِيْ » Lamees othman has a reputation beyond reputeLamees othman has a reputation beyond reputeLamees othman has a reputation beyond reputeLamees othman has a reputation beyond reputeLamees othman has a reputation beyond reputeLamees othman has a reputation beyond reputeLamees othman has a reputation beyond reputeLamees othman has a reputation beyond reputeLamees othman has a reputation beyond reputeLamees othman has a reputation beyond reputeLamees othman has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   pepsi
¬» قناتك mbc
?? ??? ~
وسخر لي الجسد والحواس في سبيلك
افتراضي



الفصل الخامس والثلاثون.

التوقُ ثوبٌ مغازله جالت عمر اللهفة، وحرمان السنين.

في الليلة التي عاد فيها مأمون لبيته الجديد الذي استبدله ببيته الذي عاشت فيه رضوة مع ابنها أيمن، فأول شيء قام به لبنى وأيمن هو بيع المنزل والاحتفاظ بثمنه وعند سماع خبر إطلاق سراح مأمون بدأا في البحث عن بيت مناسب في المدينة، وبجهد جبّار تم إيجاده قبل خروج والدها بيومين، يومان كانا كفيلان بأن يتم تأثيثه على قدر طاقة اليومين هذين، حين دخله هو وابنه ومنتصر وجد أنواره مضاءة والقهوة بدلالها التي تفوح منها رائحة الهيل مركونة في وسط بيته ولبنى تقف عندها لم تركض إليه لتعانقه بل قدّمت ولديها اللذين أخذهما بالأحضان وعرفته عليهما بصوتها.
-هذه وتين الغالية.
قبلها وتشمم عبقها فالتصقت به كأنما تعرفه وأضافت:
-والله اشتقنا لك يا جدي.
ضحك لها من قلبه وانحنى للصغير الذي لم يتقبله بعكس وتين، بل ارتعب وتعلق بثوب أمه فشاكسه:
-أيها الشقي تتخفى مني.
وحين وصل ابنته ضحكت له دامعة ومدّت له فنجان قهوته التي تناولها و شربها منها:
-أنرت البيت وقلوبنا يا حبيبي.
نطقتها متضرعة إليه بأن يأويها إليه لم ينتظر تكملة قولها وهو يسحبها بكفين تنتشلان الحياة باحتضانها وأخذها إليه فقد ذاق مُرّها بما يكفي، انهارت بين يديه ببكائها شاكية:
-آه كم اشتقت إليك.
كررتها بوجع أوجع قلبه، تشده إليها كلما شعرت بارتخاء قبضتها حوله، شهقت وابتعدت عنه للحظات فأخذ وجهها بين كفيه:
-لبنى ..لا تبكي.
وبكت حتى أبكته وأبكت من حوله، بدموع يُتمها وتشردها وخوفها وكل لحظة حُرمت منه على باطل فرجاها:
-إلا دموعك يا أبي!
آلم منتصر ما يحدث، منتصر الذي انسحب يتابع المشهد بنصف قلب، بعينيه شاهد عمه مأمون ينحني نحو ابنته وسرّها بشيء فضحكت، ثم سرّها بشيء وبكت مجددًا فأخذت قلبه للمرة التي عجز فيها عنها.
-لبن العسل لا تبكي أمام زوجك ويراك بهيئتك المزرية.
ضحكت حين قال لها ما قال وحين كرر النداء:
-لبن العسل.
وكم حنّ سمعها لصوته الذي كان يغني لها:
(ليله عسل امها..حظه من نالها يا حليله)
مسح لها دموعها الغالية واحتفظ بوجهها الذي يحمل حُسنًا قاهرًا مثل أمها..
لبناه ضناه الأول.. وفرحته الأولى.
صاحبة المسمى الأول في الشعور من كل شيء.
الحب لها كله..
ولبن العسل خاصته، ودمعته التي رافقته في ليالي السجن.
-اضحك لي.. لم أخرج لتستقبليني بدموعك.
ابتعلت غصتها فمسح الدموع التي علقت بين أهدابها.
-أبشر.
همست بها ضاحكة فأخذها إليه بعناق أقوى وطفلاها مستغربين حالتها فانكمشا في حضن أبيهما الذي ضمهما بحنو، وقلبه مع تلك التي ضحكت أخيرا همس لصغيرته بعدما ضم كتفيها:
-والدتك بخير يا توت، هي تضاحك جدك فقط.
أومأت وتين وكأنها فهمت، فيما اكتفى وضاح بفمه الذي احتوى إبهامه بسكون ونظراته حول أمه.
**

على عتبات الفراق؛ كل الأبواب لا تسمح بالعبور!
"بعد أيام"
أوصل منتصر والدته ورحلها للأبد، لم يكن آسفاً وهو يُجبَر على إبعاد جزءٍ منه، قلبه فيما يخصها بَتر عنه أجنحته منذ زمن، زمن طويل لم تنفك فيه عن خذلانه بأوجع الطرق له، كل هذا يبدو هيناً جدًّا أمام ما استمع إليه وعرفه عن عمته ميسم، ليته ما عرفها ولا تقاطعت درب عاصم طليق سلوان معها!
أوقف سيارته وركنها على جانب الطريق، هبط منها خالعا نظارته، تنفس بضيق ففك زر قميصه الأول، مشى للأمام صارخاً بأعلى ما لديه يركل مقدمة السيارة مزمجرا بقهر:
-يا الله!
كم تبدو موجعة وثقيلة عليه وبحقه وبحق رجولته، لقد أكرمه طالب القاضي وأدخله مجلسه كما أخذه بالأحضان وذكر له جده بالخير دون أن يعرف أن هناك ماضٍ ما أسوأه وما أبشعه يجمع بين العائلتين، استغفر الله في سرّه وتراءت له من العدم صورة سلوان التي أججت نيرانه، لذا استدار حول السيارة واستقلها سالكًا الطريق نحوها فحسابها قد جاء مع أول أمر هاتفي نقله إلى أحد موظفيه.
-سلوان ..لن تبقى في عملها بدءًا من اليوم.
**
نجحت محاولات سلوان في ربطها مع دائرة الإفتاء واستطاعت الوصول إلى أحد المشايخ فقصت له ما حدث لها بندمٍ لا تنكره فهي وإن أرادت منتصر كانت لتريده بطرق غير ملتوية تستخدم فيها الجن والشعوذة، أخبرته عن ندمها وأسفها حتى أن همست له على استحياء:
-حتى أننا صنعنا سحراً لجذب المحبة بيني وبين والدته أكثر وللأسف نحن الآن على خصام.
استمع لها الشيخ بصبرٍ وحين بدأ الكلام أخجلها من نفسها بإعلامه الكبيرة التي فعلتها وكم تستحق منها توبة عظيمة، ثم ما لبث أن قال لها مستشهدا بآية كريمة:
{وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَىٰ مُلْكِ سُلَيْمَانَ ۖ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَٰكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ ۚ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّىٰ يَقُولَا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ ۖ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ ۚ وَمَا هُم بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ ۚ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنفَعُهُمْ ۚ وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ ۚ وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنفُسَهُمْ ۚ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ}
-لن يفعل السحر أي أمر بمخلوق دون إرادة الله، أمر الله طائلٌ ونافذ ما لم يأذن بشيء لن يكون وإن أحرقت الدنيا بسعيك خلف الدجالين.
بصبرٍ استمع لتمتماتها النادمة فنصحها:
-توبي لله يا اختي ولا تكوني سببًا بأذى مخلوق، لن تفرضي على مشيئة الله شيء أبدًا.
وعن سؤالها عن قلب أحوالها مع سكينة أجابها:
-لقد انقلب تدبيركما عليكما يا أختي.
دخل الساعي إليها فأدى لها التحية، رمقت المغلف في يده فأشارت له أن يضعه على المكتب، استمعت للشيخ الذي شرح لها أن الأقدار بيد الله وكل ما يصيب الإنسان قد كتب له قبل بدء الخلق، وأنها مخطئة حين حاولت أن تكون سببًا لأذية إنسان ربما كان ليبتلى دون سعيٍ منها فلمَ تكسب إثمه مرة وإثم الدجل مضاعفًا؟
أنهت الحديث معه وحاولت الاتصال بسكينة فأجابها الرد الآلي بإغلاقه كليا، قطبّت ومدت كفها نحو الملف تقرأ ما به، فتحته وتناولت أول صفحة تقرأها بعينين متسعتين، ما حوته الصفحة جعلتها تستقيم برعب متلفتة نحوها، أخفت فمها بالمغلف وأطبقت شفتيها بمصيبة، أنفاسها استحالت لهاثًا، فرفعت أناملها برعشة وحركت الأوراق تُمّر على الصفحة الثانية فارتجفت أناملها وقبضت عليها بقوة، هذه الأوراق تدينها بتجاوزات فادحة في حق عملها مرفقة مع مرسوم محاكمة عسكرية تحددت لها ربما تسرحها من عملها كله، قذفت الأوراق بانهيار أوشك على ذرف دموعها، واستندت على مكتبها بكلا كفيها تضربهما بعنف مقدرة حجم مصيبتها ومن خلفها..
لا سواه
"منتصر".
وكأنها بذكره استحضرته إذ فتح الباب بركلة ساقه، وهيئته كفيلة لأن تتهاوى وتلتشي، لشدة رعبها تهاوت نحو كرسيها ولم تحاول أن تقف، بل راقبته برجفة عنيفة وهو يدخل بخطوات نارية أحرقتها وصل فيها مكتبها بغضون لحظات وكفه تحوي ملفًا آخرًا رُمي إليها بقذفه له على الطاولة، أرفقه صوته الذي لم تعرفه:
-تمتعي بكافة الاختراقات القانونية والثغرات الكافية لقذفك من هنا كما أتيتِ!
في طور صدمتها ولم تخرج، فرفعت له عينين دامعتين معاتبتين:
-لمَ؟
والطامة تسأله ..بل تعاتبه، رفع كفه بإشارة ونبض عرقه النافر في رقبته يلتهم تركيزها مرفقًا بتهديد صريح:
-أمرٌ واحد مني وأخفيكِ عن الوجود حارصاً ألا يجدوا دلائل خلفك!
بكت تهز الورق بين أناملها:
-ماذا فعلت.. فقط أخبرني؟
تجاهل سؤالها وأوصل إليها رسالة شديدة اللهجة:
-ما يحرضني لأن أتهمك في تهمة تحرمك رؤية أطفالك للأبد.
ارتدت للخلف غير مصدقة والأوراق أمامها تدينها بالكلية فنطقت:
-لا.. لن تفعل ذلك!!
سألها بضحكة عصبية:
-عشمك بي يحثني جدًا كي أفعل.
هزت رأسها بالنفي:
-لا يمكن أن تفعلها.. ألا أعز عليك أنا ابنة عمك؟
اقترب منها محافظًا على مسافة لكيلا يطيح بها:
-وهل كنت بذات المعزة وأنت تتطفلين وتسعين خلفي وخلف امرأتي؟
أغمضت عينيها بخزي فما هتف به كل الجنون ..ولم تكن أقل منه فوازته حروفها جنوناً أكبر:
-لأنني أحببتك.
رد بسخط:
-سحقًا لك ولحبك.
اتهمته عيناها بالخيبة:
-لا تسء إلى حبي.
اشمأز منها ومن اللحظة ساباً الدرب الذي جاء بها إليه:
-أنت من تسيئين إليه.. كفي عن جنونك فأنا رجل متزوج لو حاولت التقرب مني لن أرحمك.
ثم أضاف بلا رحمة:
-ومن الآن سأفعل.
بثت صدقها في حروف حقيقية فلن تنكر أو تدّعي فهي على حافة النهاية:
-لقد أحببتك.. ولم أحب سواك.
سألها مستهجنًا:
-هل أشعرتك يومًا بقبولٍ بيننا؟
هطلت عيناها بمطر غريب، لمح فيهما طيفًا من جنون،
في نظرتها المخذولة وهمٌ وفي عزيمتها أمامه كل السراب، المرأة مجنونة بحق نسجته حبيبًا في أوهامها واقتاتت بقربه تغذيه، زارته كل الآلام فشتم نساء العمري وحبهن المسموم.
-ها أنا ذا أحذرك، ولن أتدخل في محاكمتك كلها، إن لم تهدأي وتلزمي حدودك.. سأنهيكِ.
تركها غير قادر على وصلة الجنون أكثر من ذلك فلحقت به تناديه فالتفت لها متذكراً:
-تهديدك لوالدتي مزحة؟
لم تجب وقد نسيت أمر التهديد كله فأكمل متشفيًا:
-في اللحظة التي تخبرين فيها ريبال.. سُتحرمين من أبنائك كما حُرمت ميسم من ابنها.
كان صارمًا.. جادًا..مما أخرسها والأدهى أنها لن تفلت من أنيابه إذا افلتت بالطبع بعد التهم التي وجهت إليها الآن.
انهارت أمامه بشكل مُذّلٍ وتوسلته بكل عنفوانها الأبي فشاء أن يذلها أكثر.
-أ تعلمين ما الحب يا سلوان؟
عانقت بصره دون أن تجد نفسها فَبُهت قلبها الذي عشق:
-أن لا تفعلي كل ذلك!
اصطكت أسنانها بالغيظ، عسير نفسها وحروفه كسهام تصوب لقلبها الناتئة جروحه:
-لو سألتني عن الحب لأجبتك ألا أجد فيها ما يشبهني.
ضحك بسخرية وعاد ليكمل صورته التي شُوِهت في عينيها للتو وعلى يديه:
-بعكس تشابهنا سوية الذي منحكِ كل الوقاحة لتتمادي.
تصنمت في حركتها وأشاحت بوجهها تمنع عنه رؤية وجهها بذكر حبه لأخرى فأكمل بعذاب لها:
-تخيلي لا تلتقي طرائقنا أبدًا، لكننا نلتقي.
كرر ببسمة هانئة:
-وفعلاً نلتقي!
تنفست بثقل ورددت:
-لستَ بصادقٍ.
أسبل أهدابه بضحكة، ومشاعره تحت وطأة الدفء من "تلك" وحرارة الغيّ الصريحة من "هذه":
-ماذا لو أخبرتك أنها الوحيدة التي لا يغفو قلبي إلا حين تتوسد نبضاته؟
شعّ وميضٌ من عينيه تقوس له فمها فتابع:
-وكأنها تمسّه بتهويدة نوم وسكن تخصها.
هزّت رأسها تحترق لصدق عينيه الحكاءتين، واعترافه يبرع في إخراج المسخ داخلها؛ رمقته بكل الاحتراق الذي أشعله داخلها متسائلة بضعف هل ألقت عليه لبنى تعويذة حبها وصنعت ما حلمت به لسنوات؟
أجابها صوته بجملة يتيمة، كبيتٍ شعري عادل دواوين من غزلٍ؛ لامرأة صامتة مثله تراه ويراها بلغتهما، لكنها ليست موجودة لتسمعه:
-وحدي سكنها ومأواها يا سلوان!! فهل كنتِ كذلك لي؟؟
حجزت أنفاسها وسألت وجهه المتقزز:
-كنتُ أقرب منها ولا زلتُ.. لِمَ لمْ تمنحني فرصة!
لم يأخذ نفسًا.. لم يرتح ولن يريح قلبها فنطق لعينيها الباكيتين الذليلتين واللتين أثارتا نفوره أكبر:
-هي الوحيدة التي نظرت لها كامرأة.
شهقت رغمًا عنها، غصت بالكلمة وأنوثتها تسحق تحت قدميه اللتين لم ترحمها وكرامتها تتهاوى أشلاء، فاضت مآقيها وبكته.. بكته بصدق كل السنوات التي أحبّته فيها ولم يحبها وتهشيمه لما بينهما للأبد فصرخت لاهثة:
-كنت توأمك.. طوال عمري كنت كذلك.
أقر لها بتسلية:
- أجل أنت الشطر الآخر عني لكنكِ لستِ مني.
التفت مغادراً وقبل أن يصل الباب أمرها:
-احتفظي ببواقي كرامتك.. ودعيني بسلام لأتركك سالمة.
**


يتبع...







Lamees othman غير متواجد حالياً  
التوقيع
ست وعشرون نجمة وبضع من سماء روحي معلقة بين ثنايا الأفق!



(وَاجْعَل لِّي لِسَانَ صِدْقٍ فِي الْآخِرِينَ)

سبحان الله والحمدلله، ولا إله إلا الله، والله أكبر.❤
رد مع اقتباس
قديم 12-07-22, 11:56 PM   #2844

Lamees othman

كاتبةفي قسم قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية Lamees othman

? العضوٌ??? » 453673
?  التسِجيلٌ » Aug 2019
? مشَارَ?اتْي » 2,373
?  مُ?إني » Jordan
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Jordan
?  نُقآطِيْ » Lamees othman has a reputation beyond reputeLamees othman has a reputation beyond reputeLamees othman has a reputation beyond reputeLamees othman has a reputation beyond reputeLamees othman has a reputation beyond reputeLamees othman has a reputation beyond reputeLamees othman has a reputation beyond reputeLamees othman has a reputation beyond reputeLamees othman has a reputation beyond reputeLamees othman has a reputation beyond reputeLamees othman has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   pepsi
¬» قناتك mbc
?? ??? ~
وسخر لي الجسد والحواس في سبيلك
افتراضي




خرج من المكان بأنفاس لاهثة مقدراً حجم الضرر على أقل تقدير تأجيل ترقية وحسم، وعلى أكبر تقدير تسريح من العمل وهذا ما يريده، تذكر توسلها المذل ووقاحتها التي أعدمت كل مشاعره فنطق مشمئزًا:
-بئسًا لبنات عائلتنا وحبهن المسموم.
رباه يهددها بأطفالها وترجوه حبه، أي امرأة بلا إحساس هي، زوجته ومن لها الأحقية الوحيدة فيه لم يذكر أن توسلته ولو بنظرة فكيف بحبٍ.. هذه لا زوجة ولا حبيبة وترمي بنفسها عليه.
لِمَ يستغرب وقد سبقتها أمه في تجردها من الإنسانية حين استغنت عنه بدافع حقير بكون الرجل الذي تزوجها لم يتقبله مطلقًا، وهي بكل طواعية ازالته كحدث إضافي سيشوه حياتها، غير عابئة بأمومتها معه. زفر بضيق وهيئة ميسم الشاحبة كالأموات تنعكس على الشاشة فتنسف كل تعقله وبقايا ثباته فضرب على المقود.
-تبًّا.. تبًّا.
زوجته لم ترض إكمال تعليمها بسبب الأطفال، بل إن أطفالها في مقدمة السطور وقبله هو، طالما أعجزته في تفانيها المطلق لهما بحرصها وخوفها عليهما.. (خوفاً) لم يجربه كطفل يجول في الأنحاء، بل عرف كيف يكون (شجاعًا) عن الاحتماء خلف ظهر أحد.. و(مكتفيًا) على الدوام لا يطلب؛ بل ربّاه جدّه أحمد على أن يكون (مَطْلبًا).
بذكرها مسّته الطمأنينة كنسمة محملة بألف عبق يثلج الصدر، اشتاقها جدًا منذ أن عاد والدها وهو يتركها معه كابحًا كل شوقه لها.. لكنه الآن يود على الأقل رؤيتها أو الارتماء في عينيها ليخفف عنه عظم المصيبة التي علم بها، لم يكبح حاجته وهاتفها سريعًا يطمأن على سير يومها فاليوم ذهبت مع السائق للتسجيل في الجامعة عقب رغبتها التي صرّحت بها بالتجسير لإكمال متطلبات تخصصها الجامعية في تصميم الأزياء فقبل سريعاً، وقد فتحت الجامعة أبوابها منذ الأمس ولم يستطع مرافقتها فاعتذر مجبرًا لكي ينهي أمور والدته وسلوان.. وبعد ثوانٍ معدودة لم تتأخر وأجابته:
-منتصر لقد أتممتُ التسجيل.
لم يكن يعلم أنه افتقدها لهذا الحد الذي ابتسم فيه قلبه قبل فمه، فحرك المقود بهدوء هامسًا لها بحب:
-مبارك لكِ.. هذه لبنى التي أعرفها.
شرحت له فرحتها:
-أشعر بسعادة غامرة.
تنفس عميقًا وأخذ من صوتها اللطف:
-لك كل الحق.
ثم سأل سريعًا ورغبته في أن يرى فرحتها حيّة أكبر من كل شيء:
-أين أنت الآن؟
ردت بتلقائية:
-أسير باتجاه البوابة.
سأل بإلحاح:
-هل السائق معك؟
قطبت مستغربة:
-لا.. لم يأت بعد.
من فوره أخبرها:
-اعتذري منه.. سآتي وأقلك.
توقفت بحيرة في وسط المكان تسأله:
-لم.. أين أنت؟
أدار محرك السيارة ومضى نحوها.
-قريبٌ منك.. لن أتأخر.
وصلها بعد وقت قليل فضحكت لرؤيته وصعدت تجاوره. وما أن التقت بعينيه حتى ارتمت سريعًا إليه وقبّلت وجنتيه مباغتة إياه:
-اشتقت إليك.
ابتعدت عنه مستغلة وقوف السيارة وصفقت بكفيها فَرِحة:
-لقد أصبحتُ طالبة رسميًا.
ضحك لعينيها الضاحكة وجسدها المتحمس، أظهرت من خلف ظهرها بطاقة شخصية ورفعتها بكفها أمامه، ضمت شفتيها لئلا تضحك وهمست:
-انظر!
أخذ البطاقة منها بعد قبلة منه لجبينها:
-ألف مبارك تستحقين.
طفرت لمعة دافئة فاضت بها حدقتاها فأعربت بصدقٍ:
-منذ زمن لم أفرح هكذا.
نطق بأبدية وعوده التي يحافظ عليها جيدًا:
-أعدك أن ما تبقى من حياتك سيكون بمثل هذا الفرح وأكثر.
ضمته بعينين راضيتين.. وسكون الموج كله يرقد أسفل حشائش نظراتها.
-هناك من ساعدني لأجتاز اختبارات المستوى اليوم والمقررة أساسًا غدًا.
مال وجهه متسائلاً فتابعت بحماسها:
-أستاذٌ جامعيٌ يدعي ريبال القاضي.. رأى اسمي وعرفني مباشرة كما قال لي وأدخلني المختبرات لأمتحن.
ازدرد لعابه مع نبضة خافتة أعقبها سيلٌ جارف من النبضات.. ازداد تنفسه حين أكملت بعفوية:
-في الواقع هو يشبهك.. جدًا يشبهك حتى، لذا صدقته سريعاً حين قدّم نفسه لمساعدتي.
استدار نحو المقود بلا تعليق وتركها تشرح وتخبره عن التفاصيل حتى التفت إليها وسأل بخشونة:
-هل تمعنتِ فيه بما يكفي لتدركي شبهنا؟
رفعت فمها مستغربة سؤاله وأجابته ببديهية:
-لا يحتاج الأمر إلى نظرتين لأدرك شبهكما.
وهي محقة.. ولو تعرف من ريبال لوّلت منه رُعباً.. ولو عرف ريبال ما يربطهما لحرص جيدًا على ألا يلتقيا لكن لا عزاء اليوم ..لحروب الأمس!
لا شيء، عزاؤه أن الماضي بخيوطه هو من ربطهما الآن.
كما جاءت بسيرة ريبال خرجت منها بأحاديث كثيرة حتى تنهدت:
-جيد أنك أتيت. كنت سأطلب مساعدتك إياي؟
ضيق عينيه مهتمًا.. فتابعت بحرج ومست سبابتها طرف أنفها دون أن تنظر له.
-سأشتري مستلزمات يحتاجها والديّ قبل الزواج.
تحكم في بسمة خُلقت من اللا عدم وسأل بوقاحة:
-ماذا هل سنشتري لعمي المنامات الحريرية، وأرواب الستان.
دحجته بنظرة قاتلة وخجلها كاد يذيبها فقالت في حسم موبخة:
-منتصر!
-حسب خبرتي المتواضعة حاجيات المقبلين على الزواج محدودة.
وبدا يعدد لها ما يحتاجونه، زاغت حدقتيها وكزت على أسنانها:
-تهيؤاتك أوقح من حاجياتي البريئة!
ضحك لوجهها المغموس بالحمرة المحببة:
-أنتِ أبعد ما تكوني عن البراءة.
أشاحت بوجهها عنه وقالت محتجة:
-منتصر.
رد متولهًا.. وأحاديثه معها حسرت عواصفه وأخمدت نيرانه:
-عُيونه؟
همست بنعومة أحرقت وجنتيها:
-تأدب.. إنهما والديّ.
شبكت أناملها متعثرة تشرح له بشبه دلال غير مقصود.. إلا أنه فطري بها:
-أنا أحاول أن أنحي خجلي ودهشتي من الأمر.. مهما ادّعيتُ طبيعيتي. إلا أنني أشعر بشعور غريب.
تنهدت فمس بكفه طرف وجنتها متفهمًا:
-هذا هو حالهما الطبيعي من البداية.. ناهيك عمّا حدث.
التفتت له تعجز عن الشرح فانسكبت حروفه بدفء:
-أنا أفهمك جيدًا.. لكن هذا ما يستحقانه الآن.
تنهدت مسبلة أهدابها واعترفت:
-أنا لا شيء أمام أيمن.
نفخت بعجز:
-لا أستطيع أن أشرح له الأمر.. هو حزين نوعًا ما.
ثم تمسكت بكفيه راجية:
-حدّثه منتصر أنا.. أنا.
عادت لحمرتها اللذيذة وتعثرت مما جلب له بسمة متعاطفة:
-أنا أخجل أن أشرح له مدى احتياج والدّي لبعضهما.
أومأ لها فيما يبعدها برفق ويدير محرك السيّارة قائلاً لها:
-لا عليكِ.. سنمر بمعرضنا حسنًا؟
أومأت له وتوجه بها صوب معرض العمري للمفروشات، هبطت معه وجالت معه بين الأقسام وابتاعت الشراشف الديباج التي احتاجتها.. وبعض الأغطية بين قطنية وصوفية مزدوجة، ابتعد عنها قليلًا وعاد إليها بأزواجٍ من أرواب للاستحمام ومناشف ملونة عدا أنه جسّد تهيؤاته وجلب منامات حريرية وأخرى من الستان الناعم، خجلت مما جلبه ومن جرأته فكل مجيئها هنا كان لأسبابٍ أخرى:
-يا فضيحتنا.. ما هذا الذي بين يديك؟
-حاجيات للمقبلين على الزواج.
عاتبته بعينيها:
-عيبٌ ما نفعله.
مط شفتيه وأضاف ما بيديها لعربة تسوقه:
-هذان عروسان ما الذي يحتاجانه.
نكست رأسها وعينيها على الأقسام تبحث مستلزماتها، وعنه تركها وظل بين الأقسام يبتاع على هواه، حتى جاءته مكالمة وضاح الذي سيمر بمعرضهم المجاور لاختيار غرفة نوم لمنزله فالتمعت عيناه بالخبث وأضاف حزمة جديدة من منامات الستان والحرير للعريس الآخر.
التقيا عند الباب، وجد وضاح برفقة خطيبته، كبح تعليقًا للبالغين فقط حين التقى بهيئة وضاح التي وصلته، لم يكن العابس الذي لا يجيد إلا الوقاحة وتصدير قلة الأدب، بل نضحت من ملامحه حُمرة الانفعال والاندماج، خشونته الفطرية تهذبت ولان جموحها بل تلاءمت بتلقائية مع النعومة التي تجاوره؛ أي غبي هو صاحبه الذي حرم على حاله صحبة امرأة تؤنسه، وهجر الجنة التي تمتلكها المرأة بين ذراعيها، انسلخ من أفكاره مع تحية وضاح، فحيّا خطيبته بأدبٍ جمٍّ وأخبرها:
-زوجتي في الداخل.. تعرفينها أليس كذلك؟
هزت ثريا رأسها في موافقة فهي شبه عرفتها فأكمل:
-ستأخذك موظفة الصندوق إليها وأنا سآخذ وضاح منكِ.
ابتسمت له بعد أن استسحنت وجه وضاح الذي وافق منتصر، أخذتها موظفة الصندوق إلى الداخل وهناك التقت بلبنى التي تجر عربة كبيرة تحوي مغلفات كبيرة من الأغطية والمناشف، حيّتها بخفوت، فالتفتت لها لبنى المنهمكة في البحث وحدقت بها للحظة بلا تركيز وما لبثت أن أدركت هويتها فسارعت بمصافحتها بعد بسمة لطيفة:
-معذرة.. كما ترين أقاتل العربة بكل قوتي.
تبسمت ثريا لها:
-لا عليكِ.. هل أساعدك؟
تبرعت ثريا بعفويتها ولم تجد لبنى بُدّاً من قبول وصلها فهمهمت بحرج:
-أنا أتبضع لزواج والديّ الوشيك.
في مشهد آخر لَتصنمّت ثريا حرفيًا ولاحتاج إدراكها المحدود وقتًا مضاعفا لتفهم الجنون الذي يحدث إلا أن وضاح أخبرها فعلًا عن العلاقة الغريبة كلها، فأضاءت عيناها بتفهم:
-مباركٌ لأجلهما.. أنا سعيدة لزواجهما.
سريعًا ما انزلقت ثريا في الانخراط معها فجاورتها وبدأت تختار معها فقالت ثريا سريعًا:
-علينا أن نكون صديقتين.. فزوجك الصديق الأقرب لزوجي.
تلألأت عيناها بوهجٍ خاص، أنسى لبنى أشياء كثيرة، ولو كان الحذر لا زال موجودًا.. والخوف سرمدي فيها فقالت ببراءة حقيقية:
-ألم نفعل للآن؟
ضحكت ثريا لتساؤل شريكتها الجديدة وقالت بمكر لشبه تكلفها فلا يخفى على اثنين انطواء لبنى:
-نحتاج أشياء كثيرة لنكون.
حارت لبنى وأومأت بلا فهم وخيالها المحصور بالماضي يجتهد في بث رؤى جديدة مرعبة، التهت عنها في البحث مجددًا فوقعت نظراتهما واختيارهما على شرشف كبير بلوازم كثيرة لونه خمري، تحمست ثريا سريعًا:
-مذهل!
لم يفتها انبهار ثريا به فوافقتها:
-بالفعل جميل جدًا..
بصعوبة فائقة للحجم الذي تمتلكه سحبته لبنى دون أن تفكر بمساعدة العامل لها، ولعجب ثريا تناولت واحدًا إضافيًا بعد أن ساعدتها فيه بفرق الطول.
تدخلت ثريا كعادتها:
-اثنان من اللون ذاته؟
ابتسمت لبنى وأومأت بغموض وأكملت السير مع ثريا التي استغربتها.
-سنذهب إلى قسم الاكسسوارات المنزلية.
هزت ثريا رأسها لها وأكملت معها الطريق:
-أظنكِ في عمر جيداء أنت؟
التفتت لها لبنى:
-أنا في الثامنة والعشرين.. إلا أربعة أشهر.
قطبت ثريا للحظات وحسبت بآلتها العقلية الزمن والأبراج التي تهتم بها.
-هل أنت عقرب؟
سألتها بتكشيرة قطبت لها لبنى المستغربة فأشارت لنفسها:
-أنا عقرب؟
تداركت ثريا نفسها سريعاً وصححت:
-برجك أقصد.
**
على الجانب الآخر، كان منتصر بجوار وضاح الذي يتواقح ويتفحص التصاميم بدون إدلاء أي نظرة إعجاب:
-سآخذ أفضل تصميم لغرفة نوم هنا.
ثم أتبع قوله بنظرة تقييمية غير راضية:
-بالرغم من شكي بأفضلية أي شيء تمتلكه لك.
أشاح منتصر بوجهه غير مهتم فحاول استفزازه أكثر:
-والأغلى على الإطلاق دون أن أدفع قرشًا واحدًا.
زفر منتصر ورفع نظراته في ملل عن حاجبي الغبي المتراقصين:
-لن تستفزني.. فكّر في شيء يفلح أكثر!
سبقه بخطوة وتوقف عند تصميم لا يتم تجاهله مطلقًا وسأل بشبه إفاقة متأخرة ونظرة مطعونة تم اصطناعها بجدارة:
-هل انتخيت لي بغرفة نوم لتأخذها من معرضك بالمجان؟
كاد منتصر أن يضحك إلا أنه ساير الغبي:
-أجل وهل أخسر فيك أموالاً.. لا بالطبع سأهديك مما أقتنيه.
فكّر وضاح للحظة فابتأس راداً:
-الهدية الأكثر خسارة في حياتي.. ليتني ما وافقتك.
تلاعب منتصر في نظراته وأقر له:
-لقد خدعتك وضحكتُ عليك.
تأسفت نظرات وضاح:
-أجل.. أشعر باستغلالك لي.
اقترب منه منتصر وأمسكه من كتفيه سائراً به نحو الغرفة التي توقف عندها فعلاً ينهي عرضه الدرامي:
-هل تخيلت في أحلامك أن تأخذ مما أقتنيه أيها الأجرب العفن.
كان مستسلمًا لمنتصر يغمغم ببؤس:
-هل تعيّرني يا قليل المروءة.
ثم رد ببواقي كرامة وضحكة يجاهد بها لئلا تنفلت:
-لا أريد هديتك احتفظ بها.
أوصله منتصر حيث لواحق الغرفة ونطق بأكثر لهجاته مللاً:
-ستأخذها وحذاؤك فوق رأسك.. هيا أمامي.
تلمس وضاح الأريكة المرفقة وأمر:
-تعامل معي باحترام.. لست متسولاً عندك.
-بل أسوأ.. هل أعجبك اللون؟
رمق وضاح الغرفة بإعجاب صريحٍ ورد:
-مذهلة.
-تصميم لبنى.
رد بأول ما جال في خاطره:
-محترفة.. دعها تطور موهبتها.
-هي بدأت فعلاً.. لكنها من استوحت التصميم من عدة أفكار مجمعة.
قرر وضاح اختيار غرفة النوم التي أقرّها منتصر منذ ليلة عقد القران كنقوط شخصي له، ثم خرجا وسارا في المكان وعينا وضاح تحاولان اختيار أية اكسسوارات إلا أن منتصر أوقفه:
-النساء أفضل منا في الواقع.. اترك ذوقك الرديء لأشياء أفضل.
وبالفعل سحبه للبوابة الثانية وأخذ عربته المحتجزة عند الأمانات، عارضاً على وضاح المنامات التي ابتاعها له.. ولعمه وشرح له عن كمية مذهلة في عربة زوجته، ضحك وضاح ملء فمه وعاتبه:
-لِمَ لم تجلب لنفسك أيضًا؟
-ذكرتني بنفسي سأفعل حقًا.
عند هذا الحد انفجرا بالضحك تزامنا مع صدح ضحكة ثريا المميزة والمجلجلة التي يعرفها وضاح ..هذه الضحكة لا تصدرها إلا حين يُصرّح عن جزء من طاقاته المكبوتة ويخبرها بأمانيه المسائية، فلا تجد بداً أمام وقاحته إلا الضحك بصوتٍ عالٍ، غاظته ضحكتها ولم ينكر ولا يعلم أن ثريا للآن تواجه صعوبة في التقاط أنفاسها أو التوقف عن الضحك، فحين وضعت قائم المناشف في العربة وبحثت مكانًا له اصطدمت عيناها بحاوية منامة ستان رجالية لم تستطع التغاضي عنها بل توقفت عند تفحصها مستغربة بضحكة، فرفعت وجهها للبنى المحرجة والتي ضحكت بقلة حيلة هازة كتفيها بعجز قائلة:
-هذه الأشياء اختيار منتصر!
حينها ضحكت ثريا ولم تكبح خيالها الخصب:
-لا عجب أنه صديق وضاح.
تتبعا الصوت ووصلاهما، انفرد منتصر بلبنى سريعًا، مما جعل وضاح يكاد يسجد شكرًا لله ومع ذلك حيّاها فردت تحيته بخفوت، سريعًا ما ابتلع موجة التوتر عاصفة الحياة المتمثلة بخطيبته، حين جاءته بإلحاح وفوضوية تسأله:
-ألن نختار غرفة النوم اليوم؟
أجابها ببساطة وعيناه تضمان جديتها وثرثرتها المشرقة بتوقٍ خاص هي وحدها من تملك زمام أمره فيه:
-لقد اخترتها بالفعل.
قطبت حاجبيها وردت باستهجان:
-لم.. ألم نأتي لاختيارها؟
تنفس قربها، وأضحكه تنفسها المحتدم مع انتفاخ فتحتي أنفها فأغاظها:
-لا رأي لكِ هنا.. البيت بيتي والغرفة غرفتي.
كادت لوهلة أن تنزلق في حديثه الملغوم وتنفعل محتدة كعادتها كالبلهاء وتقع في فخ وقاحة محكم حولها إلا أنها راعت المكان وتخصرت تناوره:
-مفهومك عن المشاركة خاطئ.
ابتلع توجيهه الذي سيبدو توبيخاً لها وقال بصبر لا يمتلكه:
-سنتفاهم في أمر المشاركة عقب أن تفكي تخصيرة ذراعيكِ.
تلكأت عيناه عليها بقصد وأضاف بصوتٍ أجشّ:
-مكانها ليس هنا، بل في غرفة نومي إن شاء الله.
تنبهت بحرجٍ وأفلتت ذراعيها بتأنيب فهي للآن تقع معه في زلات تباسطها وانفتاحها ولم تنخرط جيدًا في انضباطه فعاود لنكده:
-ماذا عن الضحكة قبل قليل؟
ردت بتأنيب غير كامل والضحكة على أعتاب شفتيها:
-أفلتت مني رغمًا عني!
رفع حاجبه وأضاف بنبرة مدروسة:
-هذه الضحكة مدعاة لارتكاب الفواحش.. وموقعها أيضًا في غرفة نومي إن شاء الله.
توردت وزار الشفق وجنتيها، فراق له منظرهما، مال فمه بحزمٍ على وشك التلاشي مع ضحكة ماكرة:
-وجهك وجه من تم تقبيلها للتو، لا تجلبي لي الفضائح هذا منتصر لا تفوته فائتة.
التفتت حيث يشير ووجدت الآخر يحتجز زوجته، ضمت فمها وحاولت بصعوبة ألا تنفجر بالضحك وتخبره عما رأته في عربة لبنى إلا أنه تبرع وقال ما تتحرق لإفضائه عقب سحبه لها لبوابة المعرض الثاني:
-لقد كان يبتاع لي ولعمه لوازم المتزوجين من..
رفعت كفها على جنب تحركها علّ هواءً من هفهفته وصل وجنتها المحترقة.
-أين نحن؟
تجاهلها قاصدًا وأضاف:
-هو يغريني لتقديم الموعد.
تنحنحت وابتلعت ردها المتمثل بـ (ماذا تنتظر.. بل ما الذي يؤخرك)..
إلا أنه حركها وسار بها صوب غرفة النوم التي اختارها توّا وأشار لها نحو السرير الضخم:
-انظري.. أفضل بكثير من توقعاتي.
حدقت في الغرفة المميزة بتفاصيلها وقالت له مؤكدة:
-هي حقًا جميلة.
ثم عاتبته بمزاح:
-عليّ أن ألا أمتدحها فأنت أخذتها دون أن تأخذ برأيي.
رد بصدق وتوهجها أحرق المكان:
-لم أشأ أن أتعبك.
ضيقت عينيها متوقفة أمامه فشرح ببساطة وهو يتذكر أنه كان حاضرًا عليها حين ذهابها مع حمزة لاختيار أثاث منزلهما الذي وحمداً لله لم يتم؛ عدا أنها في عفوية مطلقة ستقتله يومًا بشكل مؤكد ولا حسرة سوى على شبابه قد باحت له في إحدى المرات قائلة أن جهازها مع سعد تكفلت به كاملًا.
لذا تعهد على نفسه أن يزيح عن كاهلها تكرار اللحظات، بل سعى جاهدًا أن يترك بصمة لا تنسى معها تختمها به:
-أنا أريدك أن تتدللي.. جئتُ بك معي فقط لتؤنسيني وأترك لنفسي مهمة البحث عنكِ.
ثم أضاف بتلاعبٍ باتت تتناغم وتندمج فيه:
-فكما تعلمين هذه غرفتي.
مطت شفتيها والدلال الذي يتفوه به تكاد تبكي لأن تحصل عليه بعد جفاف عمرها فهمست لخطواته التي تقترب.. وبكل دنو منها تغفو في قلبها للأبد:
-لا بأس تعبي معك راحة.
ورغم أنها كاذبة، فهي كادت ترقص طربًا حين فهمت من والدته عواطف أنها كانت تُجهز له الأثاث منذ أن شبّ وبيته كامل الآن، لذا أكدّت عليها:
-لن تحتاجي لإضافة كأس ماء.. طوال عمري أجهز له.
وبعد دمعة يائسة من زواجه أتبعت:
-لم أيأس من روح الله.. بل كنت أشتري له حتى وهو يخبرني بأنه لن يتزوج.
وثريا في الواقع لا طاقة لها مطلقًا بإعادة المحطات، والوقوف عند التفاصيل فرحمة الله بها أن كان كل شيء جاهزًا.
-وضاح ما الذي سنحتاجه الآن؟
سألته بعد تقسيم بيته بين الهدايا فهي فهمت أن من أهم طباعهم في المكان، النخوة ولم العون لصاحب أي مناسبة، فصالة الضيافة هدية رونق كاملة بتفاصيلها، وسالم ابن عمه تكفل بغرفة المعيشة، وعن ربيع ابن عمه سليمان فله كسوة البيت من السجاد بأكمله، ومنذر جلب المبرد الشيء الوحيد الذي لم تجلبه أمه للآن، وله المصاغ وتكاليف الزفاف، وبهكذا تقاسم الجميع حمله فلم يفترش ظهره كاملًا.
أجابها بعد صمتٍ، وحروف ثقيلة مشبعة بتنهيدة الارتياح وقصر المنى.
-هانت.
تلكأت مشاعره على ملامحها وانجرفت بالتوق متممة:
-لم يتبقَ الكثير.
ناورته بذكاء وردت متجاهلة نداءاته:
-كثيرٌ أم قليل.. نحن سوية وهذا المهم.
-زواجنا في الثلاثون من تموز!
شهقت مصدومة:
-تموز؟؟
وضعها في صيغة الواقع والأمر:
-لن أنتظر أكثر من هذا؟
سألت مستنكرة:
-ولماذا تموز.. لا أحب هذا الشهر.
رد بثقة:
-ستحبينه لأنه شهر ميلادي.
تجاوزت كون شهر ميلاده في أكثر الشهور التي تكرهها واعترضت:
-إلا ثلاثون تموز.. لا أريد هذا الموعد.. من فضلك.
سأل لإلحاحها الغريب:
-ما الأمر.. أين المشكلة
-لدّي مشكلة مع أواخر أيامه
رد بجلافته:
-أنا لا أفهمك.. وضّحي.
ضربت القدم بشبه بكاء:
-أواخر شهر تموز.. أيام مواليد برج الأسد وأنا أمقت هذا البرج وأبناءه.
سألها مستهجنًا:
-حقًا؟
أومأت في عشمٍ لكي يغير الموعد:
-ضعه في يوم مولدك عوضًا عن ميقات أبناء برج الأسد.
رد عليها بحدة:
-معذرة منك .. معك ابن الأسد شخصيًا.
شهقت مرتدة وسألت:
-متى يوم مولدك.
كز على أسنانه وأجاب:
-يوم زفافنا أيتها المخبولة.
***


يتبع....




Lamees othman غير متواجد حالياً  
التوقيع
ست وعشرون نجمة وبضع من سماء روحي معلقة بين ثنايا الأفق!



(وَاجْعَل لِّي لِسَانَ صِدْقٍ فِي الْآخِرِينَ)

سبحان الله والحمدلله، ولا إله إلا الله، والله أكبر.❤
رد مع اقتباس
قديم 13-07-22, 12:00 AM   #2845

Lamees othman

كاتبةفي قسم قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية Lamees othman

? العضوٌ??? » 453673
?  التسِجيلٌ » Aug 2019
? مشَارَ?اتْي » 2,373
?  مُ?إني » Jordan
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Jordan
?  نُقآطِيْ » Lamees othman has a reputation beyond reputeLamees othman has a reputation beyond reputeLamees othman has a reputation beyond reputeLamees othman has a reputation beyond reputeLamees othman has a reputation beyond reputeLamees othman has a reputation beyond reputeLamees othman has a reputation beyond reputeLamees othman has a reputation beyond reputeLamees othman has a reputation beyond reputeLamees othman has a reputation beyond reputeLamees othman has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   pepsi
¬» قناتك mbc
?? ??? ~
وسخر لي الجسد والحواس في سبيلك
افتراضي




***
خرجوا من المكان بعد صدمة ثريا من لبنى التي ابتاعت الشرشف الخمري لها حين أخذت منه اثنين:
-هذا ليس هدية الزواج.. لكنه عربون صداقتنا.
امتنت لها ثريا بحقيقة وقبّلتها باندفاع لاهتمامها بنظرتها فهو بالفعل أعجبها وخجلت ابتياعه:
-أنت لطيفة ودخلت قلبي يا لبنى.
-وخطيبك دس بي خازوقا لا ينسى.. يأخذ غرفة بالمجان من عندي وفوقها شرشف أغلى منه شخصيًا.
تهكم بها منتصر بسخط فناولت ثريا الحاوية التي أخذها وضاح الضاحك وأجابت:
-لا تقل هذا.. لا شيء أغلى من وضاح.
لا تعلم لم أجابت عن وضاح الذي أفحم منتصر برد إضافي تبعه تراشق بالضحكات حتى ودع الجميع بعضهم، استقل منتصر السيارة ورأى لبنى التي رمت برأسها من التعب:
-لا أشعر أني قادرة على تحريك عظمة في جسمي.
أجابها مغتاظًا:
-أريدك بكامل طاقتك.
أغمضت عينيها بإرهاق، نالت فيهما شفقته فهو يقدر ضياعها بين بيت خالها في البيادر والذي ارتضت الدخول إليه عقبما جاءها ثائر طالباً سماحها والعفو عنه.. ولا أحد يعلم سوى الذي بجانبها أنها لم تستطع مسامحته لكنها باتت تزوره بسبب والدتها؛ وتعود لبيت والدها في المدينة لتوفيق التفاصيل.
-صدّق متعبة.
لم يجبها وحرّك المقود بسلاسة بعد أن أراح كرسيها وهيأ لها الراحة التي تحتاج، بمجرد هبوطها صرخت:
-منتصر.
-هششش.. نامي أريدك يقظة بعد قليل.
دنا منها وفك لها دبوس حجابها فأرخته حتى عنقها، وسحبت القمطة التي تغطي شعرها أسفل الحجاب، وأطاعته بلا جدال مدفوعة بأُنسه، ومسكونة بمس حضوره الذي يحيلها كجنية عاشقة بين يديه.
لم يحدثها طوال الطريق، بل بقي صامتًا مما جعلها تغمض عينيها بسلام، من بين جنبات اللاوعي والراحة التي أسكبها الاسترخاء، لاحظت استقامة الشارع الذي يسلكانه بلا أي تعرجات ولا منعطفات، لا يشبه الطريق المؤدي لبيت والدها، تجاهلت ما لاحظته وتوجست مقطبّة ما بين حاجبيها، رفعت الحجاب عن عينيها وفتحتهما متسائلة:
-أين نحن؟
لم يجبها فنهضت برأسها واشرأبت تتفحص الطريق:
-أين نحن.. هذا ليس طريق بيت والدي.
لاحظت معلمًا قريبًا من بيتها فشهقت والتفتت له:
-نحن في طريقنا للبيت؟
أومأ برأسه بدون أن يلتفت لها فاقتربت منه وأمسكت ذقنه تديره لها:
-لماذا سنذهب للبيت.. الأطفال عند والدي سنتأخر عليهم؟
لم تتح له فرصة الرد:
-بل أنا التي لم أخبر والدي أني معك!
التفت لها أخيرًا سابيًا عينيها المشتاقتين بقيد شوق محكم إقفال ولهه، بث لها حُكمه الذي قرأته بمعنى صريح الوضوح بلا بوح، فتبسمت بذات المكر الذي قابلها بتلوٍ شديدٍ غير منصف أبدًا فسألت مقطوعة الأنفاس بتعثر:
-لن نتأخر صحيح؟
أبعد كفيها ببطء عن ذقنه المحبوس فيهما وقال:
-لا أعدك.. سأحاول ألا نتأخر.
بعد وقتٍ وصلا المنزل أخذ بعض الحاجيات له من صندوق السيارة فلمحت الموجودات والتي تشابهت مع ما اقتناه لوالدها فهزت رأسها يأسًا منه ومن جرأته اللا محدودة، دخلا المنزل فاستبقته لرواقه فكت حجابها وقبل أن ينزلق إلى جيدها شهقت وخصرها يُضَم في قبضة منتصر التي رفعتها لأعلى بصوتٍ متوعدٍ شديد التأثير على قلبها:
-لستِ وحدك من اشتاق.
ترنحت حين أدارها إليه بغتةً بصورة لم تتوقعها، وثغره الذي عرف شفتيها قبل أن تصطدم في وجهه، امتلكهما بحوج العمر كله.. قبل أن يعرفها.. وبعد أن عرفها ..وللأبد وهو يستكشفها، ابتعد عنها بأنفاس مقطوعة وكفه الأخرى التي فكت عقدة شعرها أثناء غزوه تُلاعب خصلاتها، همس برنّة أجشّة، وعيناه تناوران شفتيها الضاحكتين اللتين احتلهما تواً:
-أخبريني الآن كم اشتقتِ لي.
شهقت حين خطى بها صوب الأعلى فتمسكت بعنقه بدلال:
-لن أخبرك!
توقف بها ودار دورة كاملة أدارت رأسها، انتهى وعاود السيطرة على شفتيها، يسلب أول اعترافات اللهفة منها على طبق الانتقام الساخن كاملًا غير ناقص، ابتعد بلا ابتعاد وأنفاسها الدافئة تلفحه:
-سآخذ اعترافاتك كاملة وعلى طريقتي.
رفعت حاجبًا له وساقيها تتأرجحان تلاعبهما على وتر طبول حربهما:
-هل تراهن؟
أجابها بحتمية نصره:
-سنرى!
سرقها من المشهد جاريًا بها نحو مضمار قبلت التحدي به تقابل نزاله بعزيمة العشق وبسالة توقها، تراشقه بذات النار فتُحرَق به وتَحرِقُه حتى تحترق النجوم وتنطفئ فامرأة مثلها تدرك أي محارب شغوفٌ هو فقاتلته والغلبة لها، طالما كان حبها ملحمة لم يسردها تاريخٌ وحار فيها الرواة، أولها حربٌ، وهدنتها حب والصلح تلاقٍ بلا فراقٍ!
استسلمت لرايته لاهثة تجاهد في إبعاده:
-منتصر.
لم يجبها فنادت مجددًا تحاول تنحيته عنها:
-منتصر انتظر.. أنا بحاجة للاستحمام.
لم يرفع رأسه عنها إلا حين دفعته بوهن متحججة:
-لقد كنتُ في السوق.. ابتعد.
حدّق فيها بلا فهم للحظات ثم نكس رأسه لها ونطق بصوتٍ خافت:
-ليس الآن.. فيما بعد.
أخذه الوسن باستراحة محارب لاستئناف العاصفة، لاحظت نومه الغريب، فهو لا ينام إلا بعد تأكده لإطباق جفنيها، كله غريب اليوم وأحست به كامرأة تحفظه؛ كأعظم كتبها.. وكأنه يناجي!
ليته شكا..
ماذا لو باح وحكى؟
أغمضت عينيها تهرب معه لحكايتهما، بعد وقتٍ أيقظها رنين هاتفها خشيتْ أن يكون والدها فماذا تخبره أنها عادت مع زوجها للبيت.
تنفست بثقل وعادت لوضعهما، خصرها في قبضة يديه ورأسه في صدرها، كان يحتضنها، يعتقلها فيه وكأنه يطلب أسرها له.. مطلقًا لم تكن هي من تفعل!
لم يدرك أنه في غياهب وعيه تشبث بها، يضمها بعمر خيباته لائذًا بأمانها المعقود به، متكئا على صدرها باستكانة، وكأنه يحتاجها لأبد الدهر أو يعلن لها بصراحة ألا تتركه؛ فمنتصر منصور لأنه قوي بها.. معتز بتعاضدها معه!
رنين الهاتف عاود صوته بقوة، قضمت شفتيها تحاول أن تصل له وتغلقه قبل أن يصحو، رمقت بندول الساعة فوجدتها السادسة مساءً فتعثرت وشعرت بخطأ بقائهما أكثر فأي وجه ستقابل والدها به وبالنظر له عزّ عليها أن توقظه، كيف توقظه وهو عند حدود قلبها يطلب أن تحتويه وتغرسه داخلها!
جذبته بأمومة قلبها له، فهو طفلها الأول مهما أنجبت، ضمت رأسه لها أكثر وارتفعت قليلًا تريح رقدته، غاصت أناملها في خصلاته الحبيبة ورغمًا عن أنف السكون رقت مشاعرها نحوه بغصةٍ لا تعرف كيف توهجت من بين الشغف، كانت تدنو كل حين تترك شفتيها تهدهد وجعه الذي لا تعرفه، تسكب أنفاسها الهادئة تسكن ثورته، تنهد في نومه ولا زالت تضمه، رفعت رأسها تحاول البحث عن أي شيء ترتديه فشتمت غباءها وعدم حرصها على إبقاء شيء قريب تنهدت عاجزة وقد قررت أن توقظه فالوقت تأخر والأطفال عند أبيها، بحركتها فتح عينيه فالتقى بعينيها .. طويلاً طويلاً كأنها الأبد والخاتمة بادرته بعبوس نال من ملامحها:
-أعتذر.. حركتي أوقظتك؟
لم يتفوه بشيء إلا بعد صمتٍ عمّته السُكنى:
-هل نمتُ طويلاً؟
مررت سبابتها على أهدابه الطويلة والمعقوفة بشكل مبهر:
-قليلاً فقط!
ابتسمت تناوشه وسبابتها ترسم ملامحه بهدوء، توقفت عند فمه الذي شعرت به يود النطق.. فرققت لمستها أكثر وأكثر تمر عليها بنعومة حاثة إياه أن يبوح.. فنطق أخيراً:
-اليوم سافرت والدتي.
ازدردت لعابها وحاجباها سريعًا ما تقابلا، رفع إبهامه يفك عقدتيهما وأضاف:
-وسلوان تدبرت أمرها للأبد.
تفتحت عيناها على وسعهما وحاولت أن تقول أي شيء، إلا أنه لم يتح المجال لها وهو يستقيم ويستدير حول السرير مرتدياً سرواله وباحثًا عن تبغه، تراجعت في سريرها والتقطت عيناها قميصها فارتدته سريعًا ولحقته، جاورته فيما ينفث تبغه تسأله:
-أنت بحاجة للبوح.. بُح لي!!
ضيعها وأفقدها الثبات في نظرته، إلا أنه أجاب:
-أنا بحاجة لأشياء كثيرة.. إلا أن الوقت لا يسعفنا.
ردت منفعلة:
-لا بأس.. قل ما بك.
تجاهلها ونفث مجددًا:
-مبدئيًا عليَّ أن أوصلك فلقد تأخرت عن الأطفال.
نادته غاضبة:
-منتصر.
-ولكن قبلاً سنصلي العصر.. أذان المغرب على وصول.
**
على الطرف الآخر قاد وضاح بثريا إلى منزله بعد توصيل المعرض لغرفة النوم، ثرثرت له وشرحت له عن الموقف اللطيف الذي صادفها فهي سعيدة بالهدية ولن تخبره أنها لم يسبق لها وأن هاداها أحدهم:
-كم أسعدتني.. بادرة لطيفة منها.
أكد لها ببساطة:
-مؤكد كنت أنت الألطف.
التفتت له بضحكة واسعة فشرح:
-أنا أعرف طباعك جيدًا.
مطت شفتيها فقد رأت أن مقصده باللطف إهانة لها وهذا ما أكدته ملامحه فشرحت:
-هي تبدو حذرة جدًا وانطوائية على نفسها.. فلم يعجبني الأمر.. لكن لم ينته اللقاء إلا ونحن صحبة.
أدارت نفسها له وشرحت:
-لقد قلت لها لسنا صحبة بما يكفي.
رفع حاجبه لأدائها فأكملت بجدية:
-شعرت بعدم الارتياح.. تعرفني أختنق من الصمت والتكلف.
تنهد وضاح ولخص اللقاء ببضعة كلمات:
-وبالطبع تدخل حسك العالي بالاندماج.
شهقت فلم يعبأ وتابع:
-وتكفلتِ بحذرها وقصصتِ عليها روايات أهل الكون لتندمج معك.. حتى قطط حيكم ثرثرتِ عنها؟
رفعت شفتها العليا للأعلى وصححت له:
-ليس إلى هذا الحد.
سألها بجدية:
-أحذف قصص القطط في الحي؟!
أومأت له فتبسم لعبوسها:
-مستوى فضولك وتدخلك في حياة الناس في تراجع مذهل.. استمري.
أشاحت بوجهها غاضبة:
-لم تكن مثلك، سريعًا ما وقعت في لساني الحلو.
ثم تجهمت ملامحها بقصد وافتعلت عقدة حاجبيه الشهيرة:
-لم تكن عاقدة حاجبيها وكأنها في عراك.
لشدة ضحكه هذه المرة اضطر أن يوقف السيارة عند أقرب مكان فقال من بين ضحكات متقطعة:
-لا تُصدقي أبدًا..هل أبدو هكذا في عينيكِ؟
-بلا هذه الحقيقة.. يا عديم الذوق.. كم من مرة وجمت على ضحكة مني أو لم يعجبك لطفي الزائد معك.
رفعت رأسها في غرور واعترفت:
-لا أعرف لم كنت بهذا اللطف معك.. وأنت تعارك ذباب وجهك.
ثم وكأنها تذكرت:
-على الدوام أحاول إضحاكك وأشركك في أمري علّني أبسط صفحة وجهك وسحنتك العابسة إلا أنني فشلت.
وبدأت في تعديد عدة مشاهد ومواقف يبدو أنها اختلقتها أو صدرت عنه بلا وعيٍ.. واستغرب قدرتها في الاحتفاظ بها وكأنها تنتظر اللحظة لتفرغها عليه وتطالب في حقها عن كل موقف كسر فيه لهفتها وهو لا يعلم.. المصيبة فعلاً أنه لا يعلم ولا يتذكر بسجلات الحفظ المكتوبة له، على ما يبدو أن الحالة الهرمونية لثريا خطيبته العتيدة ليست مستقرة وإلا كيف تعاتبه على ما مضى منذ وقت هو ينساه، إلا أنه لم ينس:
-هل تنكرين حشريتك.. ورأسك الذي يحب التدخل في كل الأشياء وجلب المصائب له؟
زمّت شفيها وحركتهما بلا رضى:
-هذا طبع ماذا أفعل؟
-حاولي أن تغيريه!
بغنج لا تعرفه، أسبلت أهدابها فيه ومالت بكتفها متدللة تسأله بصوتٍ أطاح بثباته:
-ألم يأتِ بك هذه الرأس الحشري إلى بيتنا ليكون لك بالحلال؟
ناظر الطريق من حوله فسب الضجيج وحظه والموقع وقال بصدقٍ:
-لقد غلبتني يا ابنة الخباز.. أجل هذا القلب المُحبّ هو من جاء بي.
تجهم وجهها وسألته غاضبة:
-قلبي المُحبّ من جاء بك!! لا شكرًا لا أود اعترافاتك.. ليتك ما اعترفت.
زفر بغضب:
-ما الذي أغضبك؟
-لا شيء.. يا من أحببت قلبي المحب.
استغفر الله بصوت مسموع فالتفتت له بغضب:
-علام غضبت.. من الذي من حقه أن يغضب؟ آه صحيح مفترض أن قلبي المُحبّ لن يغضب منك.
-ثريا.
هتف بها بصوت عالٍ أخافها إلا أنها أخفت رعبها جيدًا وتحدته:
-لا تصرخ في وجهي.. ألا يكفي أنك اختصرت كل ما بي بقلب محب وفقط.
عاتبته وقد التهمت غضبه، وأسقته حبها بأقداح مضاعفة إلا أنه اعترف بيأس:
-هل أخبرك عما جاء بي إلى بيت أهلك وأنا على طرف الطريق.. هل يبدو عمري هيناً عليك وعليّ إلى هذا الحد؟
خجلت في غمار تلميحاته، فأسكنها وألجم غضبها الثائر في وجهه بلا سبب، كما ثار بدون سبب، مدت كفها التي تسللت إلى كفه والتقى بها في المنتصف ورفعها حيث شفتيه لاثماً إياها بتقدير:
-شكرًا لما فعلته لأجلي اليوم وموقفك مع زوجة صاحبي لا ينسى.
هو مطمئن.. من لبنى مطمئن، لن تبوح ويعلم، لن تخبر أحداً ويعلم، تحب منتصر ويدرك جيدًا، من ذا الذي يعاشر منتصر ولا يحبه.
-لو رأيتها باحت لي بالكثير.. لم أكن وحدي من يتحدث.
أبقى فمه طويلاً على كفها المرفوع لديه.. وقدّرها بطريقته:
-أنت لا تعرفين ماذا يعني لي منتصر.
تفهمته في تأكيد وأومأت له، فهي فعلاً شرعت في صحبتها مع لبنى لأجل وضاح، مؤمنة أن أي علاقة نسوية في الكون هي سبب قوي لاستمداد أي علاقة بين رجلين واستمراريتها.
-منتصر روحي.. لو قيل لي صفه بكلمة أقرب منك إليك.
غازلته عيناها المحبة، فرد عليها بمثل ما تولهت وسأل بتأثير حلواها التي تنشرها في الأجواء بحضورها:
-هل هناك ما هو أغلى من الروح؟
نفت ببسمة حنون وهو يعترف لها بطريقة لا تشبهه أبدًا:
-أدامه الله لك.. وأدامك لي أنتَ.
أمّن على دعائها فسألت بمكرها:
-إن كان هو الروح.. فمن أكون؟
غمز لها وأجاب:
-كل شيء لا أقوله.. وأخفيه، أنت سرّ نفسي الأعظم.
**



يتبع...





Lamees othman غير متواجد حالياً  
التوقيع
ست وعشرون نجمة وبضع من سماء روحي معلقة بين ثنايا الأفق!



(وَاجْعَل لِّي لِسَانَ صِدْقٍ فِي الْآخِرِينَ)

سبحان الله والحمدلله، ولا إله إلا الله، والله أكبر.❤
رد مع اقتباس
قديم 13-07-22, 12:02 AM   #2846

Lamees othman

كاتبةفي قسم قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية Lamees othman

? العضوٌ??? » 453673
?  التسِجيلٌ » Aug 2019
? مشَارَ?اتْي » 2,373
?  مُ?إني » Jordan
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Jordan
?  نُقآطِيْ » Lamees othman has a reputation beyond reputeLamees othman has a reputation beyond reputeLamees othman has a reputation beyond reputeLamees othman has a reputation beyond reputeLamees othman has a reputation beyond reputeLamees othman has a reputation beyond reputeLamees othman has a reputation beyond reputeLamees othman has a reputation beyond reputeLamees othman has a reputation beyond reputeLamees othman has a reputation beyond reputeLamees othman has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   pepsi
¬» قناتك mbc
?? ??? ~
وسخر لي الجسد والحواس في سبيلك
افتراضي




وصلا بعد وقتٍ وأجبرته على حمل هديتها الجميلة وفرشها من اليوم على سريرها الواسع، كانت والدته في انتظارهما، وبدأت في تنظيف الغبار عن أدوات المطبخ، دخلت معه إلى غرفة النوم وانبهرت بتصميمها الملائم مع المكان، أفرشت معه الشرشف الخمري والذي لاق كثيرا مع لون الجدران ولون السرير ذاته، استسلم للحظة لانبهارها ..ولنهمها الذي يتعدى حدود ملامحها معه، فينجر معها ويؤكلها من ثماره اليانعة حتى يسد رمق جوعهما سويةً، إلا أنه ببساطة لن يفعل هنا في بيته أبدًا ما دامت ليست له في حكم الإشهار ..ولن يفعل للمرة الثانية ويقترب ولو باللمس وأمه المقدسة هنا ..بل لن يقترب أساسًا وسيحافظ على حد آمن يقيها منه قبل أن يقي نفسه من غوايتها ..كلها مغوية وتفتنه بميلة فم ..وتقطيبة، تبعثر صفحات روحه المرمدة، وتنفخ فيها ببوق الحياة فتتراقص كلها بين نظراتها.. أما عن شوقه لها، فلن يرضيه أو يخمد لهفته عناق من عمر التوق، بل لن ينتهي إلا وهو داكّ وشمه بالكلية المطلقة فوق حدودها.
خرجا من الغرفة إلى رواق كان قد قرر تلوينه و لم يستأجر عاملاً له فهو ببساطة خبرته يجيد العمل به جيدًا، وبالطبع لم تتركه ثريا التي تعرف كل شيء بالفطرة وتفهم أيضًا في كل الأشياء منذ أن وِلِدت لذا استغلت تبديله لثياب مناسبة للعمل وارتدت مريول مطبخها المستقبلي وشاركت وضاح، لا يعلم أي داهية جعلته يوافقها ويندمج معها في أحاديثها التي لا تمتلك صلاحية الانتهاء ..بل متجددة على الدوام فاستغل ثرثرتها في ولادة الحدود لما ترغبه نفسه هذه اللحظة، ولم يستيقظ إلا على التفاتة بسيطة أعلمته بأنها أضاعت عليه الرسمة التي كاد يتقنها لولا تدخلها، تنفس بغضب ولم يكبح لسانه الذي يبكي تعبه:
-ما الذي فعلته؟
حدقت في تباين الرسمتين وشهقت بإدراك متأخر:
-يا إلهي كيف حدث هذا؟
تفتحت عيناه على محاجرها نظرًا للفوضى التي أحدثتها:
-لقد أفسدتِ كل شيء.
لم تحتج لقولها فما رأته أكدّ ذلك، إلا أنها ولانفعالاتها العاطفية المفرطة معه.. كادت لو تبكي.. أو ليتها فعلت عوضاً عن إحراجها معه.. لا تعلم كيف تظهر بأخطائها بطريقة كارثية أمامه لا تحدث إلا معه.. حتى أبسط الأشياء تفسد معه كحلوى السينابون التي احترقت وهو عندها في المنزل الأسبوع الماضي.. يا الله السينابون حتى فدوى المذهلة بالحلوى تطلب أكله والتلذذ فيه من يديها لحسن إتقانها وعند وضاح خرب ..وفشلت في صنعه، تنهدت بغصة مشبعة من إحباطها وأعربت عنه بـ:
-آسفة.
تبسط فمه وحاول احتواء الموقف بعيداً عن عصبيته:
-أين أصرف أسفك؟
ارتفعت على أطراف أنامل قدميها وقبّلت وجنته في رقة أنسته فراشات الرواق:
-في قلبك هو سيتفهمها.
تقاطر الدهان الزيتي الذي تحويه فرشاتها التي لم تنسَ رميها من كفها قبل أن تقبّله على شعره ووجهه وحاجبيه، فارتفع رأسيهما معًا لرؤية مصدر الضرر لم تمنع ضحكة الطوارئ خاصتها من الظهور وصوته يزمجر بها:
-اختفي من أمامي الآن ثريا.
ولم تنتظر صوته لتفعل.. بل ركضت قبل أن تلتقي أعينهما.
وبالفعل دخلت لحماتها عواطف ووجدت رونق عندها في المطبخ فاعترفت بذنب:
-أفسدت الرسمة على وضاح.
غمزت لها عواطف التي أدخلت طبق التقديم لإحدى خزائن المؤن:
-فداكِ.. كم مرة سيتزوج ابني العابس؟
ضحكت باندفاع:
-مرة واحدة.. لن يكررها سأحرص على ذلك.
استند على حاجز الباب وأكد:
-بل بعد زواجي بك.. هل أجن وأكرر التجربة؟
كادت رونق أن ترد عليه إلا أن جرس الباب أوقفها ولم يكن سوى علاء الذي جاء لينضم لمساعدتهم ومعه أكياس العشاء ومرطبات مؤكداً أنهم في حاجتها، استقبله وضاح بنجدة وقال قبل التحية:
-جئت.. وجاء بك الله لإنقاذي.
حير علاء بصره بغير فهم فتابع وضاح:
-تلك الرسمة وظيفتها عليك.. وإياك أن تفسدها.
**
التهمت رونق سلالم المنزل بجوع فطرتها التي بكت شوقًا نطفة تحتويها، استغلت غياب علاء الذي عرج على بيت عائلته لجلب السيد باسل الذي بات وجوده في البيت عبارة عن زيارات فحسب، بل بات يعتبر حضوره هنا كضيف، لا يطيق الابتعاد عن بيت جده ولا مغادرته إطلاقًا، حتى بعد غيابهما عنه لواحد وعشرين يومًا بسبب طوافهما برحلة حول العالم حلقا بها بدءًا من المالديف و استقرت أخيرًا في مكة المكرمة التي صلّت فيها رونق، صلاة استسقاء تغسل قلبها من أوجاعه وأن يعود طاهرًا كما كان ..نقيًا لا تشوبه عكرة الماضي والفقد، وابتهلته أن يعطيها بخير ما عنده، ومع ذلك لم تر باسل مشتاقاً لهما حين عادا كما يجب بل أخبرهما ببساطة:
-إذا شئتما اذهبا واتركاني وحدي.
تحت ضحكات الجدين كتمت غيظها وأخذه علاء مرغمًا، هي لا تنكر حبها لعلاقته ببيت جده التي تسعدها وترضيها لكنه يحرمها منه وهي حرفيًا تفرغت له هذه الفترة.
وصلت باب حجرتها أخيرًا وأحكمت إغلاقه تحررت من حذائها المسطح، وأخذت من حقيبتها بغيتها قبل أن تتسحب خطواتها إلى الحمام، دخلته وتوقفت عند بابه للحظات، مسحت بكفها قطرات تجمعت من فرط الإجهاد، نظمت أنفاسها وبسهولة تخلت عن ثيابها، خطت نحو أحد الأدراج والتقطت ماكنة إزالة الشعر وشغلتها تحسبًا لتواجد علاء، وبهدوء استقرت تحت المياه فليست على عجلة للتأكد مما تيقنت به في المطلق، تعرف حتمًا وفي أي مواسم حياتها تحتدم أنفاسها من أدنى التفاتة؛ بل وتعي جيدًا الحرارة التي تغزوها في أكثر حالاتها برودة، أناملها جالت على بطنها المسطحة بترنيمة امتنان ..هناك نطفة احتضنتها فطرتها ورحمها الجائع بشفقة .
عند هذا الحد انتفضت ملسوعة و خرجت من الحوض بعد أقل من دقائق قضتها في اغتسال تجهيزًا للمحتوم، ارتدت مئزرها وأجرت فحصها على عجلة، فظهر الخطان المتوقعان حد التأكيد. حدّقت في النتيجة بتشوش إثر دمعتها التي انزلقت رغمًا عن أنف الدهشة التي لم تكن في الحسبان ولا بصدمة من انتظر طويلاً، فما أجرته تأكيدًا للمحتوم، وقد رزقها الله مرتين قبل هذا، لكن عواطفها الهشة هي التي تدفعها بإلحاح مبعثرة خلايا روحها، لدقائق طويلة بقي الاختبار في يدها بين دمعة ممتنة وأخرى ضائعة، لقد تمنت هذا الحمل سريعًا ..ولقد سعى علاء فيه بإصرار حتى شكّت فيه في بعض الليالي أنه يدفع ببذرته عنوًا فيها ..ولا تدرِ لشفائها هي ..أم شفاءً لعلاقتهما، استيقظت على طرقاته القلقة على الباب رافقها دخوله الذي جعلها تجفل وترمي الاختبار سريعًا في سلة المهملات داخلها وتسحب الماكنة تمررها على يدها بعشوائية، التقط حركتها ولم يعقب بعينيه أو تشي ملامحه بمعرفة لذا اقترب وسأل:
-لي زمن طويل أطرق الباب.. ألم تسمعيني؟
نفت بصدقٍ وهزت رأسها:
-لا لم أسمع.. أين باسل هل جئت به؟
وصلها ولاحظ دمعتها المنسكبة فتولت كفاه احتواء وجهها، وإبهامه مسح إثر دموعها:
-أجل هو في غرفته.. وأعتقد أنه قد نام.
قاطع وصلتها الأمومية سؤاله المهتم التي نطقت به عيناه.. معاتب بقسوة وخيبة آسرة علقت عيناها به الآخر بلا فكاك أو نجدة، هي لا تساعده إطلاقًا لا تفعل لذا سريعًا ما تحركت بين يديه وبررت دموعها:
-تعرف حساسيتي من الماكنة الكهربائية.. يدي آلمتني.
صمت ولم يجب وفي صمته ألف عتابٍ.. واعتذار أجاد التواري خلف هامة كبريائه، سايرها والتقط يدها التي آذتها بتخبطها حين دخل لذا استلمها بدفء وخطى بها نحو قائم المستحضرات التجميلية وتناول إحدى مرطباتها وخرج بها تحججت أمام عاطفته التي يغدقها عليها:
-عليّ أن أرتدي ثيابي أولاً.
غمغم بلا اهتمام:
-لاحقًا ستفعلين.
أجلسها على السرير وتقدم منها زحف على ركبيته ورطب ساعدها الذي تهيجت مساماته من رعونتها، أنهى الأول وبدأ في الثاني، أمام عينيها المتخبطتين.. المنهارة عواطفها والمتهمشة حد الضياع، أزاحت المرطب من كفه وارتمت على صدره باكية تفرغ قلبها فيه.. قلبها الذي يمقته لأنه وللآن يتصرف بطريقة تجعلها تنساب نحوه بشكل غير منصف لما فعله سابقًا.. بل ويفعل المستحيل لأجلها الذي جعلها تتنازل له في رحلتهما هناك حيث غسل قلبها في مكة.. قررت بعد جهد أن تكافئه لطهر قلبها، وتكون له كما كانت ولو بشكل ظاهري ترضيه وإن لم تكن كما كانت بالنسبة له وهذا كرجل يعرفه حق المعرفة، ربت على ظهرها بعد أن مددها وأخذها في أحضانه يرمق عينيها الغافيتين بدموعهما بطول مسافات القرب، وتوازي السلام الذي يحيل بينهما، اكتفى بانهيارها المبكي على أبواب صدره ونوافذ روحه المشرعة لها وقد اطمأن بأن دربه بدرب صفحها سيلتقي..
**


يتبع..



Lamees othman غير متواجد حالياً  
التوقيع
ست وعشرون نجمة وبضع من سماء روحي معلقة بين ثنايا الأفق!



(وَاجْعَل لِّي لِسَانَ صِدْقٍ فِي الْآخِرِينَ)

سبحان الله والحمدلله، ولا إله إلا الله، والله أكبر.❤
رد مع اقتباس
قديم 13-07-22, 12:04 AM   #2847

Lamees othman

كاتبةفي قسم قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية Lamees othman

? العضوٌ??? » 453673
?  التسِجيلٌ » Aug 2019
? مشَارَ?اتْي » 2,373
?  مُ?إني » Jordan
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Jordan
?  نُقآطِيْ » Lamees othman has a reputation beyond reputeLamees othman has a reputation beyond reputeLamees othman has a reputation beyond reputeLamees othman has a reputation beyond reputeLamees othman has a reputation beyond reputeLamees othman has a reputation beyond reputeLamees othman has a reputation beyond reputeLamees othman has a reputation beyond reputeLamees othman has a reputation beyond reputeLamees othman has a reputation beyond reputeLamees othman has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   pepsi
¬» قناتك mbc
?? ??? ~
وسخر لي الجسد والحواس في سبيلك
افتراضي



**
زواج والداها غدًا، وهي بالحرفية تكاد تشعر بهلامية كل ما فيها من ضغط العمل وتقطيعها بين البقاء هنا وهناك، الليلة قررت أخذ ملابس والدتها وحاجياتها لبيت والدها، أخذها منتصر إلى البيادر وأخيراً ركن سيارته أمام بيت خالها ثائر، هبطت لبنى وولجت إلى الداخل استقبلتها زوجة خالها بالحقائب المصفوفة في الصالة، قررت أن تتناولهن لكن قبلاً ستمر بوالدتها، من دون أي تفكير، طرقت باب غرفتها ودلفت باندفاع:
-لم لم تستقبليني؟
تصنمت والدهشة تأخذ منها مبلغه وهي ترى والدتها تستر مقدمة صدرها بشال وقد بوغتت بحضورها، تملك منها الحرج وتمنت لو الأرض تنشق وتبتلعها فوالدتها أمام فتاة تنقش الحناء وترسمها، وما ظهر لها للآن زاخر وممتلئ بالنقوش، عدا ساقها المفترش والذي حوطته بسلسلة طويلة، اعتدلت إنصاف وحاولت إخفاء حرجها فسيطرت على نبرة صوتها:
-هل أخذت كل شيء؟
تنقلت نظرات لبنى بين امها وبين الفتاة المليحة التي ترسم لها:
-أجل ودخلت لأرى إن كان هناك أشياء تودين مني أخذها.
نفت إنصاف وهي تعيد ذراعها للفتاة:
-كل شيء أخذته بالفعل.
تنفست لبنى فهي ستغادر الآن وتوًّا عن تعرضها للإحراج أكثر إلا أن أمها أوقفتها:
-ألا تودين رسم الحناء.
وصلت الباب فعلاً للمغادرة؛ وقالت:
-لا منتصر في الخارج.
خرجت بأنفاس مقطوعة، وطوال سيرها لمنتصر وحمله الحقائب فكرة تلح عليها، لقد انتقل إليها إغواء منتصر على الدوام بالوراثة.

**
بعد وقت.

حدقت لبنى في قطعة بين كفيها توقفت عندها طويلاً وتمتمت ببلاهة:
-ما بال أمي؟!
علقتها في القائم المخصص والتقطت روبًا برقت عيناها إعجاباً به رغم الذهول.
إن كانت قد ذهلت ولو للحظة مما رأته في منزل خالها، فما يحدث معها وهي ترتب ثياب والدتها في صوان غرفتها ووالدها ذهولاً وجنونًا سيفقدها عقلها.
والدها خرج من البيت حياءً منها قبل أن تأتي مع منتصر، وهي استفردت بألوان أمها وقطعها المغوية والمثيرة التي تناسب عمرها، لن تبالغ لو قالت أنها مفضوحة، لكنها اختيارات ممتلئة بالزهو والألوان والكثير من الغنج والإغواء المختصة به والدتها على ما يبدو.
وزعت شموعًا عطرية وأشياء لن تنكر لبنى لو قالت أنها من زواجهما السابق، هذه الشموع والمناظر تبدو قديمة، بل حتى رزمة رسائل وورود مجففة قد وضعها في ألواح وإطارات، لا تعلم لم بكت وهي ترمق الكثير من الأشياء التي وزعت هنا وهناك تخص زواجهما السابق، كوسادة نقش عليها اسم إنصاف ومأمون بخيوط غزلية، وأصص زهور وهدايا تعود للتسعينيات كما هو واضح.
أغلقت الباب بعدما رتبت كل شيء، وأشعلت قبس الحياة في قلب مأمون الذي دخل الغرفة بعد رحيلها، ومس بحنين السنين كل ما جلبته إنصاف ليغفو فوق قلبه.
**
-نود أخًا لأيمن ولبنى يا خالتي.
-استح يا منتصر.
-نحن نود أطفال فعلاً يا أم لبنى.
غمرها الخجل مع همس منتصر الممازح لها، عقبما استلمها من أخيها ثائر هو وأحمد القاضي، لتوصيلها إلى بيت زوجها الذي انتظرها بلهفة عمره التي ما انفكت عن النبض بها في سباق حياته الشقية، ودّعوهما ورحلوا عقبما أخذ منتصر لبنى وأيمن خرج في تخييم شبابي حتى فجر الغد.
دخلت لغرفتها وفكت عنها عباءتها، تجلت أمام المرآة وكانت فاتنة كما عهدت نفسها، فاحت منها رائحة اللافندر التي اغتسلت به، ورائحة العود مع البخور أعادتها لزمنٍ ولى.. هي ليست كبيرة ..أجل لم تكن كذلك.
-لستِ كبيرة لم تتخطي منتصف الأربعينات حتى.
هتفت بقوة لحمرة خديها وفمها، استكانت وملست على ضفيرتها الناعمة، جرت للباب بعدما تأكدت من كمالها وفتحت طرف الباب تعلم مأمون بجاهزيتها لاستقباله.
ابتعدت بدراسة حتى نافذة الغرفة، نسائم تموز حارة وهبّاتها أشد حرورًا إلا أنها تشعر بالبرد ورجفة جسدها تصلها وتنخر عظامها، تنبهت على صوت الباب الذي أُغلق وبشوقها الذي لم يمت التفتت له بثوب أخضر جسدت فيه الربيع ومعاني حياتها القادمة ،لم ترتد الأبيض كما ظن بل خالفت توقعه كما تفعل طوال حياتها، خجلة و بتلات الجوري ترقد فوق وجنتيها وتفوح منها، ضفرت خصلاتها في ضفيرة طويلة وصلت أسفل خصرها سامحة له التعجب بشعرها الذي حافظت على طوله رغم كل شيء، مشى نحوها وسبقها في الوصول إليه محتجزًا إياها بعد مصافحة الوجه والجسد الذي آواه فيه فسأل بدهشة:
-كيف تدبر حُسنك أمر العمر؟
ضمته بعينين عاشقتين.. ضيقتين يفيض منهما الشوق:
-كما تدبرتُ أمر حبك الذي مرّضني!
عاتبها متصنعًا خيبته طامعًا بشبابها الذي يظهر معه:
-أكان حبي مرضًا؟
أضاءت عيناها وبرقت فيما تخبره بصوتٍ رائق:
-حبٌ بلا وصل.. لهو أشد الأمراض وجعاً.
تناول كفها إليه وأخبرها وهو يسير بها حيث السرير الضخم:
-لا تذكري لي المواجع.
ثم أضاف بسعة:
-عهد فرحي بدأ توّا.
عبست عيناه اللتان تألقتا حين اقتربت منه فسبت ذاتها لقد تعهدت لنفسها ألا تجلب ذكراً من الماضي ينغص عليها ليلتها، مالت بوجهها فأصبحت تحت مستوى وجهه تحركت ملامحها بحركة شقية ورفعت أناملها حيث عينيه تفك العقدة التي استوت فيما بينهما:
-ليت قلبي أخذ كل أحزانك ولا تحزن عيناك الغالية يا مأمون.
أتمّتها بدمعة انسكبت خارج إطار النص فرفع كفيه يشددهما حول كفيها المرفوعتين إلى وجهه:
-أعوذ بالله أن يحل على قلبكِ حزن ويحزن قلبي أضعافًا.
رفعت جسدها إليه وارتمت على صدره تحترق في قربه عن البرد الذي آلفته طوال السنين وسخرت منه:
-لا تذكر الأحزان هذه الليلة أرجوك.
مسح على ظهرها المستكين، وأنهضها رأى دموعها الجارية فمسحهن، لملمهما إليه بتوق يشبه السنوات التي نثرتهما وقصتهما أجزاءً، فجأة ضحكت مما أثار دهشته فسألها بجبينه المقطب:
-علام تضحكين؟
أخذ ضفيرتها في يده وعيناها تراقب ملمس أنامله عليها:
-وددتُ إعداد ليلة مميزة تليق بنضجي إلا أنني فشلت!
شدها إليه وهي في أحضانه وقبّل جبينها فأغمضت عينيها مهتزة للمسته التي ستمحو ألف لمسة دنست جبينها مع آخر كرهته، آخر كانت معه مكرهة مجبرة، لم تكن طامعة ولا راغبة كما هي الآن، ومطلقًا مطلقًا لم تكن عاشقة.
-معي أنا لا أريدك ناضجة!
تدللت وحركت أهدابها بمكر:
-قل إن شقاوتي كانت تعجبك؟
تبسم بيأس وهمس لها بشوق والحياء يغلبه من جرأتها:
-كنتِ وما زلتِ تعجبينني.
مالت أنامله حول وجنتيها والبتلات فيهما تزدهر، تنضج بدفئه فهمست بما جال في خاطرها:
-حسبي الله على الذي حال بيني وبينك!
شد رسغها بقوة شديدة وقال بصرامة:
-لا تذكريه بيننا.
أجابته سريعا:
-لم يكن بيننا يومًا.
زجرها:
-لا أريد ذكره مطلقًا.
أومأت في طاعة غريبة عليها وسكنت في لحظتها معه، حين صمت التفتت له مستغربة تحركت عن السرير وواجهت وجهه الذي بدا حائرًا:
-هل هناك شيء يا مأمون؟
-كل مأمون منكِ تأخذ من بياض شعري خصلة.
رفعت كفها بجرأة ومست الخصلات البيضاء:
-كم عليّ أن أهمس باسمك؟
-حتى تعيديني شابًا كي أنافسك!
مطت شفتيها وأخبرته بصراحة:
-لا زلتَ في أول الخمسينيات.
ثم دلكت خصلاته وأضافت:
-وما زلت عجوزاً منذ أن تزوجت بك وأنت كالعجائز.
ضحكت وغطت فمها:
-كنت اظن أن حالتك الشبابية عكسية؛ بل ستتخلى عن دور العجوز بمرور السنوات وتعود لأصلك شابا.
تابعها بضحكاتها الحلوة التي أطربته عوضًا عن شجنها وسكونها:
-إلا أنك بقيت مأمون كما كنت!
تناول خصرها المرتفع واحتواه بين كفيه عاجزاً عنها كيف تغمسه بغير حلة:
-كنتُ عجوزاً ولم أعجبك.
ابتسمت بتلاعبها مغترة فاستفزها:
-لكنه العجوز الذي حافظ على كرامتك وطلبك للزواج قبل أن تفعليها معه.
ضحكت وارتدت للخلف فكشفت عن زينتها التي لم ينسها:
-أجل.. كنت سأطلبك للزواج إن لم تفعل!
فكت المئزر الخفيف الذي يحكم أعلى كتفيها وبقيت أمامه بثوب ياقته واسعة، ولم ترحم مطلقًا اشتياقه، بل بدت متعمدة بالحناء التي لونتها على كتفها ومواقع أخرى:
-هل تراني أخجل من هذا.. أنا أردتك طوال عمري.
ازدردت لعابها تهمس لملامحه التي خطت وتجرأت على مسها ثانية:
-كنت محرمة عليك.. أقصى دعواتي أن يعوضني الله بك في الجنة.
توقفت عند عينيه مشتاقة.. امرأة تعرفه وتعرف كل ما فيه:
-لكنه أكرم مني ورزقني فرصة لتكون معي.
سألت عيناه الخضراء حبيباتها:
-هل تظنني أفرط بها؟
حدق فيها وهي معه للمرة الثانية تحييه للمرة التي نسي عددها، تبعثه بعد أن وأد نفسه وتستخرجه من بين الركام ببسمتها، شفتيها دعوته لأن يتداوى بها، وقربه دواؤها وشفاء صدرها، انحنى نحوها يمحو المواجع وما فات، يذكرها بمذاقه الأول فاهتزت بين يديه فجسدها لم يعرف غيره، والذكرى تختلط عليها فنادت بلوعة:
-مأمون!
شدت على كتفيه بنحيبٍ لم يستشعره غيره، فامتلك حقه بوله أعاد ترتيب الفواصل وصدّر عشقه أول النص وما بعده حواشي، ابتعد عنها والحمرة تنضح من وجهه حياءً:
-منذ أن عرفتك وأنتِ بلا حياء.
عبثت في أزرار قميصه متحدية فسألها مجددًا وشوقه ينادي واللئيمة تسمع فسألها مهددًا.. وطالباً القرب الذي تعرفه:
-عجوزٌ ولا أعجبك.
نطقت له بحروف متقطعة عاشقة لا تعرف الحياء ولا الخجل:
-إن لم تعجبني أنت.. فمن يعجبني!
كان في حضرة امرأة تدبرت أمر أسره.. وأسره فيها فأخذت عنه المبادرة، وفتحت أبواب السجن من ثغره؛ وحلقت بشوقه المشتاق، راعت سجنه وطول حرمانه منها وإليها فسكبت فيه زمزم حبها فغدا بقلب طاهر اغتسل برّيها، وسافر بشمسها فانجلى عنه همه.
-غنِّ لي أغنيتي!
طلبته برجاء أن يشدو لها أغانيه في زمن مضى، فلبّى بأغنية ريفية متوارثة وكفه يمر على عينها:
-يُمّا لو شفت عيون لها.. وسع الفنجان يحليلها.
أغمضت عينيها تحتجز دمعتها فمس الوجنة المخملية:
-يُمّا لو شفت خدود لها.. تفاح الشام يحليلها.
ضمته لها بحب السنين والشوق ينبثق من خلاياها فشدد الضمة واستكان:
-غنِّ لي.. لا تقطع صوتك عني.
**
(أنا فقط لم أشعر به.. أو حتى اكتفيت منه قبل أن يختارها علينا.)
ظل أيمن يردد جملته وحديثه عالق في مخيلته التي أجراها منتصر معه قبل ليالٍ حين أقنعه ببديهية وحتمية ما يحدث.
(رجل مثله بغسيل كلى دائم ما الذي يريده من الحياة وما تبقى من عمره سوى أحبابه)
حاججه أيمن حينها
(كان يحبها أكثر منا.. بل وأرادها أكثر)
(ستحبها أكثر منه أنت بالمناسبة)
جلسة طويلة دافئة حاول منتصر إفهامه فيها حاجة والده لزوجته وامرأة في حياتهما هما الاثنان، شرح له قدسية الخيط الذي جمع مأمون بزوجته.. وظلمه الذي حل عليه يحتاج دواءً فسأل أيمن مطعوناً:
(ألا أكفه كدواء أنا .. لقد سارع إليها؟)
اختصر عليه منتصر الطريق
(ستكون دواءكما أنتما الاثنان)
بعد الكثير من الإقناع ربما اقتنع أيمن وها هو خارج في تخييم شبابي لإحدى المناطق الصحراوية، احتاجوا مرطبات ومشروبات باردة فدخلوا مقهى على جانب الطريق، لفحت أعناقهم المتعرقة برودته وهدوء الأجواء فيه، تجمعوا حول طاولة وسلك كل منهم في مطلبه، لحظات وتبرع شاب بجلب المشروبات، تعلقت عينا أيمن به بعبثية تامة فجالت نظراته حوله بلا اهتمام، ومن بين خطوط اللامبالاة انسل قبس أشعل عيناه للتو بالفضول والإدراك ..فتتبع صاحبه ولحقه حتى وقف جانبه ينتظر الطلبات، نظراته ترنو للداخل حيث المطبخ، دخلته فتاة نحيلة لم يخطئ وجهها مطلقًا، خرجت زميلتها وتحجج فضوله مرة أخرى فطلب عبوة غازية إضافية، غابت التي طلبها وفجأة حضرت الأخرى التي جاء لأجلها، حصر وجهها وأخضعه لإدراكه المتفحص الذي لم يغب شيئًا عنه، بدءاً من السلك الحديدي على أسنانها حتى النمش الذي غطى وجنتيها وأنفها الطويل حد الاعوجاج، ارتابت من نظراته فتوجست خيفة وارتدت خطوة غير مرئية سوى لعينيه.
-تفضل.
بقيت العبوة في كفها بلا أدنى محاولة منه لأخذها فتركتها على الطاولة وهرعت للداخل مرتعبة، تاركة إياه يقر بصحة شكّه الذي قاده ليغدو يقينًا، هذه حفصة.. حفصة لا سواها.
**




يتبع...




Lamees othman غير متواجد حالياً  
التوقيع
ست وعشرون نجمة وبضع من سماء روحي معلقة بين ثنايا الأفق!



(وَاجْعَل لِّي لِسَانَ صِدْقٍ فِي الْآخِرِينَ)

سبحان الله والحمدلله، ولا إله إلا الله، والله أكبر.❤
رد مع اقتباس
قديم 13-07-22, 12:05 AM   #2848

Lamees othman

كاتبةفي قسم قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية Lamees othman

? العضوٌ??? » 453673
?  التسِجيلٌ » Aug 2019
? مشَارَ?اتْي » 2,373
?  مُ?إني » Jordan
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Jordan
?  نُقآطِيْ » Lamees othman has a reputation beyond reputeLamees othman has a reputation beyond reputeLamees othman has a reputation beyond reputeLamees othman has a reputation beyond reputeLamees othman has a reputation beyond reputeLamees othman has a reputation beyond reputeLamees othman has a reputation beyond reputeLamees othman has a reputation beyond reputeLamees othman has a reputation beyond reputeLamees othman has a reputation beyond reputeLamees othman has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   pepsi
¬» قناتك mbc
?? ??? ~
وسخر لي الجسد والحواس في سبيلك
افتراضي




غاية الحب وسيلتها مبررة.
انتهى الحال بين نجوى وضحى صديقتين، كان في نجوى من الخبث ما جعلها تسلك درب الصحبة مع منافستها، ضحى منافسة بل وبالصدارة أيضا، كل ما يحيط سالم يهددها، وأي تاء مؤنثة خطر متربصٌ بها عدا والدته سلمى وخديجة العاملة عنده وأمها هدهد، كل ما احتاجته استغلال حالة ضحى بعد دراسة قصيرة أوضحت لها أن الفتاة تشعر بالوحدة بعد زواج أغلب بنات العائلة وخروجها من تجربة فاشلة كما أخبرتها ضحى، الجميل جدًا في درب الحيلة أن ضحى طيبة كما يبدو للآن وبثرثرتها تقلب مزاجها ..أكانت تتحدث بالمفيد وغيره كعادتها، عدا أن معشرها حلوٌ تستطيع التحامل على نفسها وإجبارها على التأقلم معها، صادفتها أو اختلقت المصادفات إن صحّ التعبير وولجت إلى أقرب أبوابها فاستقبلتها ضحى بترحاب وافر، ولم تتعجب حين وجدتها فتاة لطيفة وشقية، وهذا بحد ذاته كارثة وقد يقع فيها سالم رأسًا على عقب كما وقعت فيها هي وأحبتها.
أوخزها قلبها لدناءة القرب بينهما، وعزّت نفسها أنها تفعل ذلك لأجل سالم، وما زاد حربها أن ضحى قصت عليها نبأ عملها عنده كاملاً وترديدها المستمر لها في ظل شكواها من ريبال:
((السيد سالم أدين له بأشياء كثيرة))
غصت نجوى حين أخبرتها ضحى بذلك وودت لو ردت
((وأنا أدين له بقلبي))
إلا أنها أسرّتها في نفسها، الآن وبعد مزاولتها لنشاطها القانوني باتت مصادفات اللقاء بينها وبين سالم كثيرة، واستغلت وجود ضحى لتعزيز ذلك.. تقضي معها أغلب الاستراحات في ظل عملها في ذات المجمع تحت يد المحامي أحمد القاضي، وهناك توسعت حدود البوح لضحى التي أخبرتها في ثرثرة عابرة
(عملي هذا لا يكفيني..)
ثم بررت بحرج لتساؤل نجوى الصامت:
(أنا لا أمتلك شهادة جامعية وبالنظر للأمد والمستقبل وظيفة السكرتاريا لن تفي حاجاتي كلها)..
سألتها نجوى حينها
(هل لديك مهارات أو هوايات تجدين نفسك تُبدعين فيها)
نفت في بادئ الأمر باستماتة فشددت عليها نجوى:
(مستحيل. كلٌّ منا لديه موهبة أو هواية ومهارة بحاجة تطوير وتنمية..)
حارت ضحى كثيرًا وجددت نفيها، فتركتها نجوى تختبر هواياتها وفي ثاني لقاءٍ في استراحة سألتها مجددًا حتى قالت بتردد:
(أنا أحب التجميل.. بل أعشقه جدًا وأحب مشاهدة مقاطع المشاهير وأتابعهم باستمرار)..
حركت نجوى قشة عصيرها المثلج وسألتها بافتراس مدروس:
(هل تتقنين ما يفعلونه حين تطبقينه؟).
أومأت ضحى بحماس والتقطت هاتفها تحت أنظار سالم الذي مرّ وتجاهل الصحبة عامدًا:
(شاهدي هذه أنا بدون أي تأثيرات أو محسنات تصوير)
انبهرت نجوى بالذي تراه فأكدت ضحى بعد أن مررت عليها ألف صورة:
(وكلها من علامات تجميلية عالية الجودة)
مررت لها عدة صور وأخبرتها:
(هذه جيداء.. كنت أجرب عليها أحيانًا)
علقت نجوى:
(فنانة)
تابعت نجوى التصفح بشرود وعند صورة ما توقفت للحظات مما أثار ضحى التي ظنتها انبهرت بجمالها وسحرها الفتاك في التجميل، إلا أنها حين مدت رأسها لتنفخه وتثرثر عن نفسها.. رأت ما جذب نظر نجوى فازدردت لعابها وأطرقت بوجهها هامسة بصوت بُحّ:
(هذه.. هذه الصورة لي ولزوجي.)
ثم استدركت نفسها سريعًا:
(طليقي)
لا تعلم لمَ انتقلت لها غصة ضحى وشعرت باختناق رغم أن ضحى بدت طبيعية، لكن الفتاة الشقية التي ظهرت بسروال جينز قصير تجاوز الفخذ والمتعلقة بظهر زوجها أمام المرآة بحركة أنامل تشير بالنصر وفم مزوم بشكل أبله كما زوجها الضاحك لم تكن أبداً تشبه التي تجاورها.... إطلاقًا لا تشبهها.
نطقت بأول ما جال بخاطرها:
(لا تشبهين نفسك أبدًا)
وبنضج التجربة التي طهت ضحى على موقد الكارثية أجابت:
(التجارب تعيد تشكيلنا، ثم لا نغدو أبدًا كما كنا).
صمتت نجوى واستحضرت سنوات تهورها وضياعها فوافقتها بهزة رأس:
(أبدًا لا نعود).
هاجس ألحَّ عليها بإمساك ضحى ودفعها نحو ما تتمناه، نيتها ليست كاملة لكن جزءًا منها مُسَّ إلى عمقٍ لا تدركه إلا عاشقة مثلها.. وضحى التي رأتها أمس لم تكن إلا مثلها.. عاشقة ودربها متعثرٌ بألف شوكة، وتين الشوك يقف حائلًا بينها وبين الوصال.
اتفقت معها على أن تأخذها لأكاديمية دولية للتجميل هي ذاتها تتعامل مع أغلب المتخرجات منها والتي غدين بأسماء معروفة فتحمست ضحى للفكرة واليوم أخذتها للأكاديمية لتراها وتأخذ دورات فيها لتطوير موهبتها..
-هل وصلنا؟
-أجل لقد وصلنا.
حدقت ضحى بالعلو الشاهق أمامها وشعرت برهبة، أخذتها نجوى وسارت بها صوب المبنى، سلكتا طريق المصاعد وانتظرتا فتح أبوابها، ما إن فُتح الباب حتى دخلتا، تبع دخولهما رجل مع ابنته ورجلان عملاقان، وقبل إغلاق الباب جاء أحدهم مهرولًا وحشر نفسه قبل أن يغلق الباب ونفذ بالفعل، لم يتبين رؤيته لضحى مطلقًا في ظل الجدران البشرية أمامها وإطراق رأسها في عد بلاطات المصعد فهي لا تزال ترهب من المصاعد، عند إحدى الطوابق خرج الرجلان وبقي عدد محدود، رفعت لرأسها للظهر الذي يواجهها، تطلعت بالظهر المشدود وكأنها تعرفه عن ظهر عشق، ..رفرفت أهدابها وزاغت بحدقتيها تستكشف.. لم تكن مشوشة ولا مستغربة بل غير مصدقة.
وقطرة نضحت عن جبينها..
فقطرة
فإدراك.. ووخزة.
ونبضة.. وموسى.
وهذا موسى!
ومائة نبضة من موسى فليس سواه اسم قلبها ولو بدلت صُحفه ألف مرة.
دقة..
ودقات أقوى بألف شوق ولوعة.. فهمست برجفة:
-يا الله!
-ماذا؟
همهمت بها نجوى فحركت ضحى كفها بألا تهتم وكلها دائرٌ في فلك من يحجب عن قلبها النور فأظلم قلبها بحبه ومن اللاعدم همست أبجديتها حروفه.. مغلقة مدار عقلها عمّا سواه.
-موسى!
والاسم المنطوق بحروفها فضحها، فاستدار على نوتة اسمه بصوت لا يُنسى بل وُشِم في خزائن قلبه، ناظرته وتقاطعت نظراتهما بصدمته فنطق اسمها بعد أن جالت نظراته واطمأن على وجود من معه:
-ضحى.
أومأت في عجزٍ وكلها يدعو على نفسها بالخرس فكيف نطقت اسمه، حار في نظراتها فبررت له ببسمة محايدة لا تعرف الحياد، بل كشفت المستور:
-لقد شبهتُ عليك.
مال رأسه ببسمة مقيمة لحديثها ومدى جديته كشفت عن غمازة ذقنه.. فنطق بهدوءٍ لها:
-لا بأس.. هذا أنا.
شتمت هيئتها أمامه وتهربت بنظراتها، ومع ذلك كانت يائسة لا تبغي إنهاء الحديث ولم تود قطع اللحظة، إلا أنه بترها بسؤاله المهتم:
-هل أنت بحاجة شيء؟
خضرة عينيها التي انطفأت جذوتها حال سؤاله أعلمته الجواب إلا أنها نفت ببسمة ودود مع تراجعها للخلف خطوة فالخطوات بينهما.. باتت محرمة.
-لا لست بحاجة شيء
زادت الفجوة بينهما والشوق ينفذ للأرواح ملتحمًا بعناق حتى السماء:
-إن أردت أي مساعدة.. لا تترددي وأخبريني.
وجدت نفسها ملتصقة بمرآة المصعد والكون غائب عنها، لم يحدق فيها، بل بصورتهما على المرآة، بظلها الذي رافقه على الدوام ووجهه الذي لم يعرفه فنطقت له بامتنان ورسمية.
-شكرًا لك.
انتهى الحديث وعلقت أصواتهما في المكان استدار بظهره يترك لها النحيب على إثره والفضاء الضيق الذي جمعهما.. تساءلت نجوى التي راقبت بريق الأعين بانطفائها.. والجو المشحون بذبذبات ماضٍ اكتسحت المكان
-من هذا؟
قرصتها في كفها فتأوهت نجوى بصوت مسموع، رحمها موسى الذي جاء دور طابقه المخصص، فاستدار لها يحييها ويغادر، لم تشيع نعش حضوره، بل غادرت معه وما تبقى صوتها الهامس بمرارة:
-هذا طليقي نجوى.. من رأيته معي في الصورة.
صاب نجوى الخبال حرفيًا فمن رأته بذقن مشذبة ووجه مليح وجسد متوازن، لا يشبه الشاب الأرعن الذي رأته في الصورة.
-هذا نفسه من كان في الصورة؟
تنهدت ضحى بعد دمعة ابتلعتها ولم تجهر بها:
-هو!
زمّت شفتيها بحيرة:
-لا يشبهه.
التفتت لها بوجع أحرق عيني نجوى:
-ألم أخبرك.. لم نعد نشبه أنفسنا.. لسنا أبناء اليوم، بل صنع الأمس.
**


يتبع...



Lamees othman غير متواجد حالياً  
التوقيع
ست وعشرون نجمة وبضع من سماء روحي معلقة بين ثنايا الأفق!



(وَاجْعَل لِّي لِسَانَ صِدْقٍ فِي الْآخِرِينَ)

سبحان الله والحمدلله، ولا إله إلا الله، والله أكبر.❤
رد مع اقتباس
قديم 13-07-22, 12:08 AM   #2849

Lamees othman

كاتبةفي قسم قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية Lamees othman

? العضوٌ??? » 453673
?  التسِجيلٌ » Aug 2019
? مشَارَ?اتْي » 2,373
?  مُ?إني » Jordan
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Jordan
?  نُقآطِيْ » Lamees othman has a reputation beyond reputeLamees othman has a reputation beyond reputeLamees othman has a reputation beyond reputeLamees othman has a reputation beyond reputeLamees othman has a reputation beyond reputeLamees othman has a reputation beyond reputeLamees othman has a reputation beyond reputeLamees othman has a reputation beyond reputeLamees othman has a reputation beyond reputeLamees othman has a reputation beyond reputeLamees othman has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   pepsi
¬» قناتك mbc
?? ??? ~
وسخر لي الجسد والحواس في سبيلك
افتراضي




**
جلسة الاثنين.. اليوم الذي بات الأحبّ إلى نفسها.
أوصلها زيد إلى مقر الطبيب سند وأخبرها:
-اتصلي بي قبل انتهاء الموعد بقليل.. سأكون في الأرجاء.
وافقته بهزة رأس والتفتت لأغيد تحييه قبل أن تهبط من السيارة وتتوجه صوب موعدها السادس مع الطبيب "سند".
ارتقت السلالم بزفرة تحتلها كلما عتبت باب هذا المكان فقد باتت تألفه وتشتاق للسكينة التي تحط عليها فيه.
-أنرتِ مدام سالي.
استقبلتها السكرتيرة بترحاب وأرشدتها مكانًا، غاصت في الأريكة الدائرية والهواء البارد يسلم على قلبها، ناولتها السكرتيرة عددًا من الصحف المخصصة يجهزها الطبيب بنفسه لمتابعيه وحتى الزوار، أسئلة ومعلومات يقف عندها من يقرأها ولا يتخطاها أبدًا.. لعجبها أجابت بينها وبين نفسها على عدده المتجدد اليوم، بل وافقته في أسئلة الرضا النفسي، ووجدت نفسها تجيب على سجيتها.
دقائق وحان موعدها فاستقامت وخطت للداخل، توقفت في مكانها تراقب عنايته في زهوره وإمساكه للمرش مارًا على أصص الزهور، تنفست رائحة الطبيعة وجلست على كرسيها، من يصدق أنها تقضي جلسات علاجها في حديقة واسعة، ممتلئة بالورود والشجيرات، تخلع حذاءها وتستبدله بخف أرضي يلامس النجيل أسفلها.
-لقد رأيتك.. انتظري أود سقاية الشجرة هذه.
ثم بحركة مدروسة باتت تعرفها اقترح:
-ما رأيك لو شاركتني؟
تبسمت واستقامت من فورها أخذت أنبوب الرش وسألت:
-ما الذي تود ريّه اليوم.
أشار حيث حوض الصبّارات وصوب سبابته نحو أصيص صغير:
-تلك الصبّارة.
تحمست وخطت نحوها، موقع الصبّارات من أجمل المواقع يلامس النافورة الحجرية التي تشق زاوية الجدار، انتعشت بالماء وأطالت السقاية، عيناه نحو حماسها وأناملها التي تلاعب خرير النافورة، أكملت الريّ وحان وقت سؤالها عن المحطة التالية فأجابتها خطواته التي اقتربت منها.
جلس على حافة النافورة بعد التحكم بمنسوب المياه وقابلته على المقاعد الحجرية.
-كيف حالك الآن؟
تناولت من كفة الممدودة كأس ليمون وأضافت النعناع لها بعد سكبها مكعبات الثلج.
-أعتقد أنني بخير..
رشفت أول رشفة الكأس وبدأت بسرد ذاتها كاملة بلا نقصان لقد كان من سابع المستحيلات أن تُخضع نفسها لمرآة تعريها، فتنسلخ عن ذاتها كل عباءات الهشيم الذي دثرت نفسها به جيدًا، ومع طبيبها "سند" كل عقدها تذروها الرياح، معه لا تعرف نفسها، تجالسه في حديقة معزولة عن العالم، مع موسيقى خافتة وأصوات النوافير والعصافير فقط ليس إلا.
جلسة تحاورية مع صديق لا تعرفه ولا يهمه من هي.. فقط تحكي وتحكي.. وأحياناً يتدخل.
وإذا تدخل يستفزها بذكائه
أو يطلب منها أن تكون على سجيتها.
وكثيرا ما بحثت عن سجيتها حتى عرفتها.. وأتقنت إطلاق العنان لها..
في الجلسة الأولى
(وضعت لزيدٍ إعجاباً على تغريدة تخص وضع السوق والاقتصاد)
في الجلسة الثانية
(وجدت نفسها تبتسم لملاعبته الصغير وضحكهما معًا.
وتمشت معه بطلب منها في شارع ناءٍ)
والجلسة الثالثة
(شدّت على كفه حين اطمأنّا على الجنين ونوعه ما طلبت منه أخذ صورة له.
..
والتقطت لعائلتها صورة جماعية في مطعمٍ عائلي)

الجلسة الرابعة
(طلبت منه حديقة كما التي عند طبيبها.
وزارت بيت عائلته بطبق حلوى من صنع يديها.)
جلسة اليوم.
(علقتّ على صورته الشخصية التي قام بتحديثها بِـ "أدامك الله لنا")
و
(لم تولهِ ظهرها حين جاء وقت النوم، بل استدارت له.. حتى شبك كفوفهما ببعضٍ وأخذها إليه فيها كما رغبت عيناها)..
غادرت طبيبها بعد أن أهداها أصيص الصبارة الصغيرة قائلاً لها:
-كل مريض أهديه نبتة مني.. كي لا ينساني.. فاعتني بها وراعِها.
وها هو الأصيص صابر مثل الذي احتواها عليه.
صبيحة اليوم التالي وجدت في نفسها القدرة عن الاستغناء عن العاملة عندها؛ باتت تجهز وجبة الإفطار بنفسها وتعد المشروبات الطبيعية بحب، انتقلوا مرغمين من البحر الميّت إلى بيتهم في العاصمة، أعد لها الحديقة التي طلبتها وبات فطورهم وعشاءهم عليها، صنع ذات النافورة التي رآها بعد زيارته لسند وأخضعه لمحاورات يحتاجها.
-انظر لقد أينعت أوراق هذه!
بفرحة غامرة استقامت نحو زرعة جديدة استنشقتها مغمضة العينين وسألت بعبوس:
-ما الذي نحتاجه لتكبر هذه بسرعة؟
كان يجاورها يتابع اهتمامها، فالتقط وردة جورية جاءت مع أصيص جلبه مؤخراً ودسه في لفائف ذهبها.
-هذا ما نحتاجه.
لمح الإعجاب في مقلتيها فأضاف:
-تليق بك.
نفسها لم يحتدم وفمها ساكن بهدوء دون عبوس أو تلوي يقتله بل حدقت في عمق عينيه وأخذته لصفاء أمواجها الراكدة.
توقفت أمام السجية وما تحس وصورته أمامها.. فانهارت اختياراتها وهي ترى فرضًا خرج من وحي الشعور قبل أن تنتقي وتضع نفسها في خانات تخضع أيهما أنسب.. بل الفرض صنع لها ابتسامة جميلة..
ساكنة..
ومن القلب على ما يبدو ظهر على إثرها صف أسنانها اللؤلؤية
-شكراً لك ً
همهم لها برضاً وأخبرها:
-على الرحب والسعة.
أخذت كفه تريه بقية المزروعات شارحة عن الكثير حتى قال لها:
-والدتي دعتنا اليوم للغداء.
تمالكت أعصابها ورأت أن دعوة السيدة ليلى قبولاً ودعوة عن تناول الود فأشارت له:
-سنذهب.
شملتهم بنون الجماعة قاصدة فما تفعله لأجل عائلتها.
أخذها وكانت الجلسة أفضل مما تظن.. أجمل من توقعاتها، كعادته حين غادروا ركن السيارة في مكانٍ وأكملوا السير مشيًا.. كانت له في تلك الليلة مرة واثنتان.. وربما ثلاث بلين نفس طيعة، وعند الصباح أعادت طقوس كل يومٍ..
حتى تمشوا في الشارع المجاور، تناولوا المثلجات وجلسوا في مقهى قريب تحمست وتحدثت بالكثير وعند الذهاب أوصلها للبيت واستغربت عدم ذهابه للبيت معها.
-ألن تدخل؟
رمق حيرتها طويلاً فحسم رده:
-لن أفعل.
قطبت وسألت:
-لم؟
فرك ما بين حاجبيه وأغمض عينيه بعد تنهيدة:
-سأكون في بيتنا البحري.
ازدردت لعابها وتوترت فتابع:
-سالي أنا لن أفرض عليكِ شيء.. ولا أود الضغط عليكِ في رحلة التعرف على ذاتك..
سألته بانفعال:
-ماذا يعني ذلك.. ولماذا الآن؟!
-اهدأي.
زعقت منفعلة:
-لا أريد.
زفر وقال بروية:
-عليك أن تستمعي لي للآخر.
تحفزت في جلستها فتجاهل وجهها مجبراً:
-إن تعافيت وأردتني سأكون في بيتنا منتظرًا لك.
ضم عينيها بوداع ونطق الأصعب عليه:
-وإن لم تريديني.. فسأحترم رغبتك.. واعلمي أني أريدك لأبد العمر.
**
تبقى على زفافهما يومان فقط والتجهيزات على قدم وساق في حين أن نائل عجّل في افتتاح محل الحلويات خاصته يوم الثلاثاء، لتحضره ثريا كاملاً فجهزت معهم وكانت أول المتواجدين مع وضاح، جيداء لا زالت في رحلتها لشهر العسل الذي لن ينتهي وسيعودان فجر يوم زفافهما.
حدقت في المكان الذي افتتحه نائل وأعجبت بقوة لمدى حداثته وكمية الجمال فيه فقالت بصدق لشقيقها:
-المحل من أفضل الأماكن التي زرتها.
أرفقتها تشير إلى الديكورات والتصميمات المتعوب عليها فتبسم لها بسعادة وراحة تغمره:
-شكراً لك ثريا.. أتمنى أن يعجب الجميع.
هزت رأسها بحرارة:
-من ذا لا يعجبه.. المكان مبهر حقيقة.
رفعت كفيها مبتهلة للسماء:
-يا رب آية الرزق الله يفتحها عليك من أوسع أبوابه.
دارت بين المتواجدين وسلمت على النساء كلهن دون استثناء، اليوم الحلوى والمخبوزات مجانية فالجميع هرع لذلك.
-ما جلسة التعاسة هذه؟
غمغمت بها لضحى الجالسة بسكون وشيء من ذنب فاعترفت لها باستياء:
-أشعر بذنب حيال فدوى.
منذ أن رفضت طلب فدوى بالانضمام لها والعمل معها في المخبز وهي تشعر بذنب وخيبة من نفسها تخجلها، مطت ثريا شفتيها لمشاعرها الجياشة وصرحت لها:
-لا ذنب لك فأنت لا تهوين المطبخ.
وهي محقة فآخر شيء تفعله ضحى إتقان شيء يخص الطبخ.
-كانت تود مساعدتي بشكل عام.
جلست قربها وهي تشعر بأن استياءها ليس من أجل فدوى فاقترحت عليها
-لا بأس.. عندما تكونين متفرغة.. تعالي إلى هنا وساعديهم.
ثم تذكرت شيئا فأضافت بمنطقية:
-ألم تساعديها في تجهيز الطلبيات وهي تبيع في البيت؟ إذن ما الذي سيتغير الآن؟!
أومأت ضحى بهزة رأس فهي تساعد فدوى وتغلف معها العبوات وكل شيء وحسناً لن يتغير شيء ستبقى تساعدها، دورة التجميل لن تقطع تواصلها عن العالم وإن أصبحت خبيرة تجميل
-معك حق.. ثم أنني لن أغلق صالونات التجميل لو أصبحت خبيرة تجميل.
جلجلت ضحكة ثريا وشاركتها ضحى مما جلب فدوى التي ضحكت هي الأخرى على فكاهة ضحى وسخريتها من نفسها أولا
-يا إلهي لا تصدقين يا ضحى الداهية.
ما تلى ذلك صور جماعية للعائلة وأفرادها، وتهاني انهالت على المحل من كل حدب وصوب، انزوت فدوى مع نائل خلف قائم الطلبات وجهزت طبقًا لأحد القادمين وقبل أن تخرج التفتت لنائل:
-هذا حلمي طوال عمري.. لا أعرف كيف أشكرك.
عبّرت بها فدوى بعينين فاض منهما الامتنان والحب، فأمسك بكفها وقبّله:
-وأنا حلم عمري أن أراك سعيدة وأحقق فرحي معك.
وضعت الطبق على جنب وضمت كفيه بقوة هامسة:
-أنا سعيدة معك.. سعيدة معك وحدك.
**
-الحلوى جلبت لي الصداع.. لا أطيق تناولها كثيراً.
ابتسم وضاح لتذمرها وقادها بهدوء لطاولة القهوة، صبّ لها قهوة مُرة تحت تذمرها كعجوز ستينية:
-اشربي من هذه.. ستعدل الحلوى ومزاجك.
أخذت الفنجان منه وكررت إعادتها مرة ثانية قائلة بين رشفة وأخرى:
-الحلوى صدّعتني.
أغمضت عينيها ووجهها يتغضن مما تناولته فعلق متهكماً:
-ما من داعٍ لتجريبك كل أنواع الحلوى.. وتناول حلوى اللوتس بثلاثة أطباق.
رفعت رأسها بصدمة:
-لم أتناول كل هذا!
رفع حاجباً مستفزاً للكذبة:
-بل أجهزت على نصف الحلوى المخصصة للضيافة.
نفت برأسها ووجهها يمتقع:
-لم يحصل.
-بل حصل.
تنفست بغضب وسألته بدموية:
-هل كنت تحسب لي؟ ثم من المجنون الذي لا يتناول الحلوى عداك؟
مط شفتيه وتناول كفها يستفرد بها ويسرقها من المكان.
-تعالي معي.
توقفت وسألته بعدما رمقت الجمع هنا:
-إلى أين؟
-سأسرقك من هنا.
رمقته بشك فجرى بها وتمشيا إلى بيت أهلها بهدوء، كفها بكفه تتشابك أناملهما بنعومة تحت ثرثرتها وصمته المعتاد، وصلا الساحة التي جمعتهما بنبضة أولى متوحدة تقاسماها في الليلة التي طلبت ضحى فيها الطلاق حين اشتبك موسى مع صاحبه الذي حاول الاعتداء على ضحى فذكرته بحنين:
-تتذكر المشاجرة هنا.
هز رأسه فالتفتت له ووجدته سارحاً وكأنه ليس هنا:
-أخذتني إلى الصيدلية ووبختني.
ثم وكأنها تذكرت أمراً مهماً.. فتفتحت عيناها بحماس وأشارت بسبابتها:
-يومها أول مرة ترفع تكلفتك عني.
توقف فجأة والتفت لها:
-أريد منك طلب!
مالت رأسها تحت جدية وجهه وصرامة الطلب على ما يبدو:
-ماذا؟
-ثوب النوم الذي كنت ترتدينه تلك الليلة أريده الآن.
ثم جذب كفيها وقال بحيرة وضياع:
-والشيء الذي كنت تضعينه على أظافر يديك وقدميك أود منك أن تضعيه أيضًا.
بجنون حدقت في كفيها وقلبتهما ترمق نقش الخطبة الذي ما زال للآن فسألت:
-ماذا تريد بالثوب.. عدا أنه شتوي أساسًا ..ويدي أيضا
قاطعها جاذباً كفها ماشيًا نحو البيت وحين وصل نهرته:
-كف عن جنونك.. لن أفعل.
ساومها وأغراها:
-سأجلس معك على السلالم كما تحبين.
تخصرت له بعصبية:
-كم مرة طلبت منك.. وكنت ترفض والآن تبتزني.
أشاحت بوجهها معاندة بدلال:
-لا.. لن أفعل.
أمسك ذقنها وأدار وجهها له:
-وأصنع لك الشاي.
بان الرضا على قسماتها فوضع آخر قطعة نرد ليغريها:
-وعلى الحطب.. مدخن طعمه.. ما رأيك؟
ركضت بضحكة وقبل أن تصل الباب:
-أريده بالنعناع.. الحوض على السطح سيكون.
تنهد بكبت وسب أوامرها، وطفق بجلب الحطب من بيت السلالم للمؤن، وأعد الشاي على الفحم كما وعدها، أنضج الشّاي وأتم استواؤه.. فصعد للسطح جالباً النعناع بعد ضحكة يائسة لنفسه وهو يقطفه.
-حمداً لله منتصر لا يراني.
جهز الكؤوس وطلبها أن تستعجل فردت عليه:
-الثوب في الصوان الشتوي انتظر.
صبّ أول كأس له وطلت عليه أخيرًا، بثوب النوم الذي احتفظت فيه ذاكرته بغير إنصاف، هبطت السلالم بنعومة وكل خلاياها ترتعش إثارة، كان قبالتها على البسطة نهرته بخجل وهي ترى مسلك نظراته:
-لا تنظر لي كما في المسلسلات.
للحظة لم يستوعب حتى فاجأه وجهها الغارق في حمرته إثر نظراته، أخيراً وصلته فرمق أظافر قدميها المطليتين وكفيها.
-هل نظرت إليك كما في المسلسلات؟
أومأت بضحكة مجلجلة فسألها مسايراً:
-وحين تقترب البطلة ماذا يفعل البطل؟
أجابته ببديهية:
-يصف لها جمالها.
ضيق عينيه متسائلاً:
-ألم تفعل عيناه المطلوب.
رفعت شفتها للأعلى بنفي فأكد بمنطقه العملي:
-الجانب النظري من الجمال تبوح به العين.. والجانب العملي الذي يفي الجمال حقه هكذا يكون.
ودنى منها في نية واضحة فأبعدته بكفيها بحزم:
-قد يأتي أحدهم هنا.
ضحك وابتعد عنها:
-واللهِ أنت كلك بؤس.. أفسدتِ مشهدنا.
تدللت متآمرة بحسنها وابتعدت فأمرها بصرامة:
-اجلبي أحمر الشفاه الذي وضعتِ منه.
سألته بخشونة:
-لماذا..
أجاب بحسم:
-هيا اذهبي.
انصاعت وأتت به، وقبل أن تجاوره حقق مشهده الذي حلم به مذ رآها.
-جدديه الآن.
لوقت طويل بقيت مذهولة وبلا حركة حتى أمسك معصمها يجبرها على فعل ما أمره:
-والله أنتِ تشككيني بصحة سنوات عمرك.
تناولت محرمة منه أعطاها إياها ومسحت فمها تجدد أحمر الشفاه فقالت له ساخطة:
-عمري صحيح جدًا.. حتى أنني أتممت الثالثة والثلاثين في شهر رمضان.
تنهد وأضاف لشفتيها بحرمان:
-نظرياً ثلاثينية.. عمليًا لا زلت مراهقة.
زمّت فمها بضيق واعترفت:
-يا الله تثبت لي كل يوم أنك من أبناء برج الأسد بحق.
لوى معصمها فضحكت متأوهة فسأل:
-ما بالهم أبناء الأسد؟!
كزت على أسنانها بغيظ وقررت الانتقام:
-طواويس.
ضحكت لصدمته فأجلسها قربه مستمتعاً بضحكاتها في المكان بعدما راضته عن زلتها بحقه كما يريد ويرغب.
-الآن قولي لي.. ما شأنك مع مواليد برج الأسد.
تأففت وحاولت تغيير السيرة:
-لا شيء.. كنت أمزح.
لم يستسلم وألح في سؤاله تحت ملامحه الجادة فحذرته:
-أنا حذرتك.
تنهد بملل:
-هيّا.
-صفاتهم لا أحبها..
نحت وجهها عنه وأخبرته تعد على أناملها بخبرة:
-أول شيء هم محور الكون.
سخر ضاحكاً:
-وأيضًا؟
ردت بجدية تمسك البنصر:
--ومحقون في كل شيء.
صفق كفيه بجذل:
-ما شاء الله!
ضحكت وتابعت غير عابئة بسخريته:
-متجهمون ومغرورين بشكل مزعج.
التفت له مضيقاً عينيه وتهكم بوضوح:
-هذه اجتهاد منك!
نفت برأسها فأكد:
-تابعي.
-إن كنت تتعامل معهم فأنت المخطئ، حتى لو كنت على حق.
هنا لم يتحكم في انفعاله وقال:
-لا هذا كثيرٌ..
التفتت له مخاصمة:
-لا والله.. هذا لا شيء أمام صفاتكم..
تلاعبت ملامحه ببسمة حلوة:
-هل هناك الكثير؟
أومأت بقوة وهزت رأسها:
-سأكتفي بذلك..
مطت شفتيها تستفزه:
-لا تود معرفة حقيقتك.
نكس رأسه بضحكة منفعلة:
-لا أعرف نفسي جيدًا.. وأدرك كيف أوقعتك بي بكل هذه الصفات.
**




يتبع بالجزئية الأخيرة.



Lamees othman غير متواجد حالياً  
التوقيع
ست وعشرون نجمة وبضع من سماء روحي معلقة بين ثنايا الأفق!



(وَاجْعَل لِّي لِسَانَ صِدْقٍ فِي الْآخِرِينَ)

سبحان الله والحمدلله، ولا إله إلا الله، والله أكبر.❤
رد مع اقتباس
قديم 13-07-22, 12:11 AM   #2850

Lamees othman

كاتبةفي قسم قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية Lamees othman

? العضوٌ??? » 453673
?  التسِجيلٌ » Aug 2019
? مشَارَ?اتْي » 2,373
?  مُ?إني » Jordan
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Jordan
?  نُقآطِيْ » Lamees othman has a reputation beyond reputeLamees othman has a reputation beyond reputeLamees othman has a reputation beyond reputeLamees othman has a reputation beyond reputeLamees othman has a reputation beyond reputeLamees othman has a reputation beyond reputeLamees othman has a reputation beyond reputeLamees othman has a reputation beyond reputeLamees othman has a reputation beyond reputeLamees othman has a reputation beyond reputeLamees othman has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   pepsi
¬» قناتك mbc
?? ??? ~
وسخر لي الجسد والحواس في سبيلك
افتراضي




-المهم أنتم بخير.
نطقتها لبنى لوالدتها التي هاتفتها في عز انهماكها في الكتابة.
-أجل ابنتي.. سأذهب الآن أيمن جاء مع والدك.
أنهت لبنى المكالمة مع والدتها التي كانت في المشفى مع والدها لإجراء الغسل الأسبوعي، برفقة أيمن الذي باتت تشاركه في كل الأشياء.
تمطت في كرسيها بكسل ورشفت من مشروبها، وعادت لدفترها وصديقها ذي القلب الأزرق تكمل له خواتيم الحكايات.. فمع زواج وضاح الليلة عليها أن تحرق أثر حروفه من قصصها.. فلم يكن بطلًا لدورها، بل هو بطل في حكاية أخرى.. وأيضا قصت عليه خاتمة والديها الحبيبين.
-أخيرًا-
(صديقي ذا القلب الأزرق)
لقد استقر وضاح الذي عجت به صفحات رسائلي، لقد وجد سعادته أخيرًا، طالما حدثتك عنه وما أخبرني به، أنني سرّه الصغير الذي احتفظ به بين طيات أيامه ليسعده؛ ولم أكن أعيّ حينها أن الأسرار التي لا تخرج إلى النور يطبق عليها بظلمات سرمدية!
هكذا كانت حكايتنا يا صديقي، أحبني كسكرة تحلي مرارة أيامه، وأحببته حب الدحنونة لموسم الشتاء لتحيا!
والآن.. هو أثر خيّر في قلبي لا أنساه، بل أدعو له بالسعادة من كل قلبي.
أكملت الكتابة مستمرة حتى غافلها صوت منتصر
-ما الذي تكتبينه منذ وقت؟
للحظة شكت لبنى في صوته أو تخيلت أنها اختلقته، فتوقفت عن الكتابة وأغلقت الدفتر كردة فعل مبدأية ، قبل أن تلتفت وتقر المحسوم، ببطء وبعنق مشدود وعروق بارزة من الرعب دارت بوجهها، فاشلة في جلب ابتسامة طبيعية سألت بشحوب:
-هذا أنت!
مد كفه بسؤال فضولي نحو الدفتر فنطقت بجزع وخوف تمكن منها:
-لا..
حاولت ثني يده، بل كان أسرع منها واجتذبه، انهارت على الكرسي ترجوه بمرة أخيرة.. وبلوعة تمكنت منها:
-لا تفتحه.
تواثبت نبضاتها فيما تكرر بهستيريا:
-من فضلك لا تفعل.
**
-منتصر النذل تأخر عليّ.
همهم بها وضاح وهو يعارك رابطة عنقه فتركها أخيراً حين فشل في إتقانها، دخلت عليه والدته بقميص أبيض آخر ظانه أنه لم يرتد للآن.
-هل ارتديت؟
اقترب منها وقبل جبينها:
-أجل ارتديت الثاني.
وضعته في رفق على الأريكة:
-حسنًا.. لقد قمت بكي هذا في جميع الأحوال.
أخذها بحنو وأجلسها على الأريكة راكعاً عند ركبتيها:
-أنت راضية عني؟
سالت دمعتها وضمت وجهه قائلة:
-كل الرضا.. قلبي راض عنك إلى يوم يبعثون.
تمرغ بين كفيها فسأل:
-هل عاد والدي؟
كانت لتجيبه لولا أن
قاطع جلستهما رنين الهاتف فاستقام معتذراً منها ماشياً صوب الهاتف؛ وجد الإشعارات قد غطت شاشة المحمول بالإضافة لمدونات منشورة.
-عظم الله أجركم وغفر الله لميتكم.
غلى دمه، وامتقع وجهه بالخوف، فاخذ نفساً قصيرًا ثم فك زر قميصه الأول ليرى ما الأمر وقبل أن يعرف باغته رنين الهاتف الذي لم يكن سوى أيمن شقيق لبنى.
**
في سباق مع أنفاسه والحياة، في اختبار أقسى مشاهداته التي عايشها ورآها، قاد بتهور وتجاوز عن أغلب السيارات والإشارت المرورية تاركًا بيت العزاء الآخر خلفه، عيناه متجمرتان والدمع فائض فيهما.. كل ابتهالات الكون وكفوف الداعين إلى السماء لن تبرد على قلبه، صف السيارة حين رأى تجمهراً، ترجل منها وركض بأعلى ما لديه من طاقة، شق الجمع وجثا أمام الجسد المسجى أمامه، الذي بدا وكأنه كان بانتظاره.
-جئت يا وضاح.. كنت أعلم ستأتي.
ارتمى عليه يحارب أنفاسه الضعيفة وقلبه خيوطه تقطعت برجفة الفقد:
-لا تقل شيء.. إياك أن تقول.
ازدرد منتصر لعابه والدماء مضرجة تغطي وجهه وجسده فناداه بضعف.
-وضاح.
تواترت نظرات وضاح بين أنفاسه الواهنة حد الاختفاء ومستوى نبضاته الشحيح فتوعده بجنون:
-أقتلك لو فعلتها وتركتني.
حارب جفونه لئلا تستسلم إلا أن كل شيء كان أقوى منه، فتهدجت حروفه التي خرجت بالوصية:
-لبنى.
ضربه وهو يصيح به ودموعه تسقط على صدر منتصر.
-لا توصي.. لن يحدث لك شيء..لن يحدث.

-لبنى وأولادي في أمانتك.
أطبق أجفانه مستسلماً، تاركاً وضاح يهجيه بأعلى ما لديه ويصرخ باسمه:
-منتصر!!
لم يجبه ولم يرحمه، فانهال عليه وضاح بالسباب والدموع راميا رأسه فوق صدره يكيل له الشتائم ويتوعده:
-لن تموت.. لن تفعلها أيها النذل
**
انتهى الفصل



**أحبتي فصول الختام تأخذ معها كل طاقتي بالحرفية، لن أعدكم بفصل السبت ..لكنني سأحاول أن يكون خلال الأسبوع المقبل**
تبقى من رحلتنا فصل وخاتمة ..أو فصلين وخاتمة.




Lamees othman غير متواجد حالياً  
التوقيع
ست وعشرون نجمة وبضع من سماء روحي معلقة بين ثنايا الأفق!



(وَاجْعَل لِّي لِسَانَ صِدْقٍ فِي الْآخِرِينَ)

سبحان الله والحمدلله، ولا إله إلا الله، والله أكبر.❤
رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 03:26 AM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.