آخر 10 مشاركات
جددي فيني حياتي باللقاء *مميزة ومكتملة* (الكاتـب : وديمه العطا - )           »          زوجة مدفوعة الثمن (44) للكاتبة:Lynne Graham *كاملة+روابط* (الكاتـب : فراشه وردى - )           »          أشعلي جمر الرماد (4) للكاتبة الرائعة: jemmy *مميزة & كاملهــ* (الكاتـب : حنين - )           »          أسيرة الثلاثمائة يوم *مكتملة * (الكاتـب : ملك علي - )           »          هل تغفر لي - باربرا مكماهون (الكاتـب : سيرينا - )           »          269 - قطار النسيان - آن ميثر (الكاتـب : عنووود - )           »          جنون المطر (الجزء الثاني)،للكاتبة الرااااائعة/ برد المشاعر،ليبية فصحى"مميزة " (الكاتـب : فيتامين سي - )           »          رغبات حائرة (168) للكاتبة Heidi Rice .. كاملة مع الروابط (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )           »          ..خطوات نحو العشق * مميزة ومكتملة * (الكاتـب : smile rania - )           »          بأمر الحب * مميزة & مكتملة* (الكاتـب : tamima nabil - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > الروايات الطويلة المكتملة المنفردة ( وحي الأعضاء )

Like Tree11647Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 06-08-22, 09:39 PM   #3051

جولتا
 
الصورة الرمزية جولتا

? العضوٌ??? » 464323
?  التسِجيلٌ » Apr 2020
? مشَارَ?اتْي » 540
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Jordan
?  نُقآطِيْ » جولتا has a reputation beyond reputeجولتا has a reputation beyond reputeجولتا has a reputation beyond reputeجولتا has a reputation beyond reputeجولتا has a reputation beyond reputeجولتا has a reputation beyond reputeجولتا has a reputation beyond reputeجولتا has a reputation beyond reputeجولتا has a reputation beyond reputeجولتا has a reputation beyond reputeجولتا has a reputation beyond repute
افتراضي


اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة shezo مشاهدة المشاركة
حبيبة قلبي بسمة المنتدى الجميلة جولتا

انا لا استطيع ان أخرب علاقتك بمنتصر مصنع الكيك
ولن اقول له ابدا ماذا قلتى عليه
هاخليها في قلبي واقعد ساكتة علشان أنا طيبة وبأحبك
لكن الاشرار هنا هما ايكة وبلقيس بيوقعوا بينكم
المهم لميس تقومه بالسلامة ياقمر

انا قلت شي عن منتصرر. ؟؟؟😮🙀
انا؟؟؟؟🙀🙀🙀
انا الوحيدة الي حكيت مستحيل يتزوج له له 🙀🙀🙀🙀🙀🙀🙀🙀


جولتا غير متواجد حالياً  
التوقيع
أشكو للورد عن شوقي لأجملها
فتذبل وتنثر ريحانها في الأفقي
🖤
رد مع اقتباس
قديم 06-08-22, 09:43 PM   #3052

جولتا
 
الصورة الرمزية جولتا

? العضوٌ??? » 464323
?  التسِجيلٌ » Apr 2020
? مشَارَ?اتْي » 540
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Jordan
?  نُقآطِيْ » جولتا has a reputation beyond reputeجولتا has a reputation beyond reputeجولتا has a reputation beyond reputeجولتا has a reputation beyond reputeجولتا has a reputation beyond reputeجولتا has a reputation beyond reputeجولتا has a reputation beyond reputeجولتا has a reputation beyond reputeجولتا has a reputation beyond reputeجولتا has a reputation beyond reputeجولتا has a reputation beyond repute
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة بلقيـس سبـأ مشاهدة المشاركة
السلام عليڪم ورحمة الله وبرڪاااااااااااااااته
ڪيفڪم يا عسولات 🥺😍 اشتقت لڪم مووووووت والله 🥺😭💔

بصراحة غايبي وخاصة عن التعليق كان لعدة اسباب اولها هو حرجي منك يا لميس 🥺😭🙊😩 احس مالي وجه اجي علۍ النهاية وانا ماعلقت تعليق محترم وخاصة اني اختفيت فترة طويلة هذا واحد❶ ☹
اثنين❷☹ انا والله رغم فصاحتي وتمكني في اللغة اجد اني الان اقف عاجزة عن تركيب جملة واحدة تفي جمال وروعه ما خطته اناملك ... 28 حرف عربي لم يسعفني احدهم بڪلمة تعبر لك عما احسسته من متعه من شوق وتلذذ بالفصول الاخيرة المشاعر التي عشناها مع ثريا التي ايقنت وختمتها بختم النحس ومغناطيس المشاكل ,,, الاحاسيس التي خضنا غمارها بفضل تصويرك لمشهد انقاذ منتصر من براثن الموت ,,, اصرار واجتهاد وتفاني منذر في سبيل سعادتنا نحن بعودة منتصر محبوب الجماهير ,,, ثبات لبنۍ الذي استبعدته تماما وصدمتني به ,,, المشاعر الجميلة التي كانت في فصول الحب والسعادة بانتصار الحق وظهوره وبطلان الباطل واضمحلاله مأمون وانصاف الذَين اقتطعا ما الم بهما من مآسي وواصلا حاضرهما بما توقفا عليه في الماضي ,,,x وصفك لكيف اقتص القاضي لمأمون واعاد له حياته وارضه وحبيبته وعزته ومكانته كله كان موقفا مهيبا يشيد بالقبائل والاعراف العربية العتيقة المتوارثة ,,, تطرقك لأيمن وما استشعره من زواج ابيه في سنه ذاك والغيرة بالتأكيد الۍ جانب ذكرك لكيفية تعامل انصاف معه واقتحامها لحياته وغزوها واحتلال اجزاء كبيرة منها كانت لها الكثير من التأثير عندي ولدۍ القراء الأُخَر ,,, ونعود لما بعد حادث منتصر والذي استبعدت موته تماااااما كما نقلت لكم المراسلة المتفانية ميسم 😂😍 هو "منتصر" احد اعمدة الرواية
لن يموت ليترك خلفه ((وضاح+منذر)) من لا كلمة قد تفي صداقتهم حقها
لن يترك ((لبنۍ)) الزوجة الحبيبة وقرة العين
لن يترك ((ريبال)) الاخ الذي لم تتضح معالم قصته للان
لن يترك ((سلوان)) تعيث في الارض الفساد وبقلب حبيبته النيران
لن يترك ((عشاق فجر وقلم لميس)) في حيرة وحزن واكتآب لفراقه

اتدركين يا لميس أن بذكرك لأيمن ولقائه بحفصة اثلجتي نيران قلبي القلقة من مصيرها المجهول

وبلقاء وصداقة نجوۍ وضحۍ التي كان لها من المرح الكثير والتي ختمتها بلقاء ((بصراحة مدري ايش اقول واوصف قد ايش حبيت لقا۽اتهم وخاصة هذا الاخير))


اخيرا وليس آخرا انا حزينة جدا وجدا لوصولنا لنهاية المحطة معك في هذه الرواية لكن ما يصبر قلبي الملتاع ان هناك تتمة هناك بقية هناك موعد لنا مع قلم ابداعك وجميل مشاعرك 😍😍😍



بليز متۍ بتبدئي بالجزء الثاني 🥺😢 لا تطولي علينا



اخ اخ
الله يرحم لما كنت احكيلكم يا بنات منتصر مستحيلللل يعملها ويتزوج مستحيل
بس انتم اصيريتوا له له 🙀🙀🙀🙂🙀🙀🙀🙀🙀🙂🙀🙀🙀🙂



والله يا لميسو ما حدا حكالك تزلقي بالحكي معنا وتحكيلنا في جزء تاني 😂😅😂😅😂😂😂😂 لانه حماسنا للجزء التاني مليار 😂


جولتا غير متواجد حالياً  
التوقيع
أشكو للورد عن شوقي لأجملها
فتذبل وتنثر ريحانها في الأفقي
🖤
رد مع اقتباس
قديم 06-08-22, 10:13 PM   #3053

بلقيـس سبـأ
 
الصورة الرمزية بلقيـس سبـأ

? العضوٌ??? » 474257
?  التسِجيلٌ » Jun 2020
? مشَارَ?اتْي » 277
? دولتي » دولتي Yemen
?  نُقآطِيْ » بلقيـس سبـأ has a reputation beyond reputeبلقيـس سبـأ has a reputation beyond reputeبلقيـس سبـأ has a reputation beyond reputeبلقيـس سبـأ has a reputation beyond reputeبلقيـس سبـأ has a reputation beyond reputeبلقيـس سبـأ has a reputation beyond reputeبلقيـس سبـأ has a reputation beyond reputeبلقيـس سبـأ has a reputation beyond reputeبلقيـس سبـأ has a reputation beyond reputeبلقيـس سبـأ has a reputation beyond reputeبلقيـس سبـأ has a reputation beyond repute
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة shezo مشاهدة المشاركة
مرحبا.مساكى بجمال قلبك بلقيس

سامحينى حبيبتى أنا ما دخلني
جولتا هى التى تتهمنا بالشر
وانا لانى طيوبة لم افتح الدفاتر القديمة واتكلم على النحاس والصفيح
كل ما يهمنى إن منتصر يقوم بالسلامة ومنه لها يخلص حقه ههههه
وانت كمان طيوبة لم تقولى شيئا
ربنا يسعد قلوبكم ويرزقكم بافضل ناس في الدنيا
يا أجمل وأرق بنات في الكون
اي وانا اشهد ماحد وقف وقفة رجالة مع العم منتصر زيي وزيك صح لميس 🤣😉
خليه يقوم بالسلامة ويعوض وضاح بعرس حناني طناني ويعتذر لثريا وبعدين يتفضۍ لجولتا المسكينة🤣🤣🤣🤣😉



اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة جولتا مشاهدة المشاركة
اخ اخ
الله يرحم لما كنت احكيلكم يا بنات منتصر مستحيلللل يعملها ويتزوج مستحيل
بس انتم اصيريتوا له له 🙀🙀🙀🙂🙀🙀🙀🙀🙀🙂🙀🙀🙀🙂



والله يا لميسو ما حدا حكالك تزلقي بالحكي معنا وتحكيلنا في جزء تاني 😂😅😂😅😂😂😂😂 لانه حماسنا للجزء التاني مليار 😂


حد يمسكني ياجماعه لا انفلت عليها 🤣🤣🤣🤣🤣🤣🤣 تعالي هنا 🤏🏻👂🏻هاتي اذنك اشوف
لاعاد اسمعك تقولي كذا يابنت ياميسم ولا بكلم السوسة سلوان تخربها زيادة وهي عند ريبال وتكلمه عليك كمان


بتسكتي والا كيف 🤣🤣🤣🤣🤣🤣😌


ايه صح جولتا حاسة لي حماسنا زاد من الظهر للان من مليون لمليار كلمينا متۍ تنقذينا بالجزء الثاني 🥺😍


بلقيـس سبـأ غير متواجد حالياً  
التوقيع
كيف أذبل وأنا الورد والحديقة والساقي...!🤭♥️
رد مع اقتباس
قديم 06-08-22, 10:21 PM   #3054

Lamees othman

كاتبةفي قسم قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية Lamees othman

? العضوٌ??? » 453673
?  التسِجيلٌ » Aug 2019
? مشَارَ?اتْي » 2,373
?  مُ?إني » Jordan
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Jordan
?  نُقآطِيْ » Lamees othman has a reputation beyond reputeLamees othman has a reputation beyond reputeLamees othman has a reputation beyond reputeLamees othman has a reputation beyond reputeLamees othman has a reputation beyond reputeLamees othman has a reputation beyond reputeLamees othman has a reputation beyond reputeLamees othman has a reputation beyond reputeLamees othman has a reputation beyond reputeLamees othman has a reputation beyond reputeLamees othman has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   pepsi
¬» قناتك mbc
?? ??? ~
وسخر لي الجسد والحواس في سبيلك
افتراضي




يسرني بكل الحب وحنيني من الآن أن أنهي معكم حكايتي.





Lamees othman غير متواجد حالياً  
التوقيع
ست وعشرون نجمة وبضع من سماء روحي معلقة بين ثنايا الأفق!



(وَاجْعَل لِّي لِسَانَ صِدْقٍ فِي الْآخِرِينَ)

سبحان الله والحمدلله، ولا إله إلا الله، والله أكبر.❤
رد مع اقتباس
قديم 06-08-22, 10:21 PM   #3055

بلقيـس سبـأ
 
الصورة الرمزية بلقيـس سبـأ

? العضوٌ??? » 474257
?  التسِجيلٌ » Jun 2020
? مشَارَ?اتْي » 277
? دولتي » دولتي Yemen
?  نُقآطِيْ » بلقيـس سبـأ has a reputation beyond reputeبلقيـس سبـأ has a reputation beyond reputeبلقيـس سبـأ has a reputation beyond reputeبلقيـس سبـأ has a reputation beyond reputeبلقيـس سبـأ has a reputation beyond reputeبلقيـس سبـأ has a reputation beyond reputeبلقيـس سبـأ has a reputation beyond reputeبلقيـس سبـأ has a reputation beyond reputeبلقيـس سبـأ has a reputation beyond reputeبلقيـس سبـأ has a reputation beyond reputeبلقيـس سبـأ has a reputation beyond repute
افتراضي

{{ الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 94 ( الأعضاء 32 والزوار 62)
‏بلقيـس سبـأ, ‏مرمورتي الحلوة, ‏رنيم زياد, ‏ام الانس, ‏ماريكا, ‏سبنتي أسعد, ‏Lamees othman, ‏جولتا+, ‏زهراء يوسف علي, ‏رشيدة أحمد, ‏نولا ٢٠٠٠, ‏ناديه الفهمي, ‏ghofrane ekvl, ‏maryam ghaith, ‏Totahazem, ‏Ghaida h, ‏ديما وريما, ‏Samarsharaby, ‏تالا ياسر, ‏Elafksh, ‏strom, ‏المنتقبة, ‏هبة طه, ‏روان سعد, ‏Omnia Ali farag, ‏Kothaar_10, ‏الاء اسماعيل, ‏جلاديوس, ‏samam1, ‏دعاء ام حمزه وعلى, ‏فراشة الأوركيدا, ‏أسماء عايد }}



حييييا وقوووووا 🤤 ارحبببببوووووا فوق العين والراس


الكل منتظرك لميس اتحفينا كالمعتاد 🥺😍


بلقيـس سبـأ غير متواجد حالياً  
التوقيع
كيف أذبل وأنا الورد والحديقة والساقي...!🤭♥️
رد مع اقتباس
قديم 06-08-22, 10:26 PM   #3056

Lamees othman

كاتبةفي قسم قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية Lamees othman

? العضوٌ??? » 453673
?  التسِجيلٌ » Aug 2019
? مشَارَ?اتْي » 2,373
?  مُ?إني » Jordan
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Jordan
?  نُقآطِيْ » Lamees othman has a reputation beyond reputeLamees othman has a reputation beyond reputeLamees othman has a reputation beyond reputeLamees othman has a reputation beyond reputeLamees othman has a reputation beyond reputeLamees othman has a reputation beyond reputeLamees othman has a reputation beyond reputeLamees othman has a reputation beyond reputeLamees othman has a reputation beyond reputeLamees othman has a reputation beyond reputeLamees othman has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   pepsi
¬» قناتك mbc
?? ??? ~
وسخر لي الجسد والحواس في سبيلك
افتراضي



الفصل السابع والثلاثون والاخير.

وتمر محطات العمر.. وبكل عمر أحبك أكثر.




-لقد أفسدتُ زفافك!
جملة ضاحكة نطق بها منتصر في عز إنهاكه وجفاف حلقه حين دخل وضاح عليه بعينين دامعتين، يذكره بها كل حين.
-ومن شاربي هذا سآخذ حقي منك كاملاً غير ناقص.
من حينها وهي يرددها بشماتة، أعادها الآن وهو يستند على عكازه ماشيًا نحو سيارة وضاح، لقد تم اليوم فك جبيرة قدمه اليسرى وجبيرة يده اليمنى، أما عن كسر ركبته اليمنى فيحتاج ثلاثة أشهر أخرى وربما أكثر وعن يده اليسرى فالجبيرة تخطت العضد وتحتاج وقتًا أطول وعن جروحه الأخرى فباتت أكثر التئامًا. استقل قرب وضاح مكابرا على ألمه حيث استغنى عن يد وضاح:
-هلا مررنا بسوق الخضار المركزي؟ أود شراء بعض الخضار.
كشر وضاح بفمه:
-لا والله؟ من أخبرك أنني وقعت عقد خدمة مؤبدة لك.
كز منتصر على أسنانه يكبح تأوها:
-أجل.. كجروي الحبيب.
***
أسفل الشمس العمودية وحر أكتوبر المفاجئ يكاد يزهق روحها تعثرت في سبيل عودتها ولم تقف لها أية سيارة أجرة منذ أن غادرت من عند الطبيبة النسائية التي زارتها اليوم لتأخر حملها فأخبرتها أنها لا زالت عروساً ومن الطبيعي جداً وضعها كزوجة تأخر حملها عن شهرين إلا أن ثريا شكت لها:
-أنا لست صغيرة ولا هو أيضاً.
نفخت بغل واضطرت للسير بصورة أكبر، فجأة نادتها روائح البقدونس والنعناع وأصوات الباعة المتجولين داخل سوق الخضار المركزي "الحسبة".
-لدينا ليمون بلدي..
-فاصوليا خضراء بلدية بسعر المجان.
-رمان أحمر يا رمان..
-كيوي بأرخص الأسعار اقتربوا وجربوا..
بللت شفتيها وشعرت بنفسها تتضور جوعًا، لم تفكر أساسا فخطت للداخل بنفس عميق احتوى روائح الخضار والفاكهة، ناقرت أحد الباعة واعترضت على سعر الملفوف
-جارك يبيعه بسعر أقل.. لماذا هذا الغلاء؟
مطت شفتيها وأرجعت رأس الملفوف ودارت صوب الخيار عبأت كمية كما تحب وقبل أن تدفع شهقت حين رأت السعر
-لماذا كل هذا؟ لو كان الخيار غير ذابل ماذا تفعل؟
وصلتها هبوب حارة تعرفها ولم تجرؤ على الالتفات للتأكد من صاحبها، لحظات وتكفلت الحرارة التصريح عن نفسها.
-كم الحساب يا معلم.
بوغتت بحضوره فنكست رأسها وتلقائياً أصبحت خلفه حين تقدمها وغطاها بحضوره، نقد البائع ثمنه، ثم التقط الأكياس من السلة وسألها بصوت خشن أوقف أنفاسها:
-ماذا تريدين أيضاً؟
هزت رأسها نفياً بلا وعي فكرر من بين أسنان مطبقة:
-قلت ما الذي تريدين الآن؟!
استماتت بالنفي وعيناه ترسلان تمهيداً خفيفاً لما ستلقاه منه فأمرها بفحيح:
-أمامي.
تجلجلت بالحركة أمامه فكتم انفعالاته وهدد:
-لستِ مجبرة على شراء شيء.
دار بين البسطات يبتاع بعض الخضار التي طلبها منتصر فبقيت معه بفم منخرس، كان عصبياً ويختار بفوضى ولما انتهى جرت خلفه وحين وصلت سيارته وجدت منتصر هناك فكادت تسجد لله شكراً أن هناك من يمنع غضبه عنها، رباه لقد وبخها في المرتين السابقتين حين ابتاعت الخضار و أخبرها بصراحة.
-أنت لم تعودي في بيت أهلك، بل هناك رجل أنت مسؤولة منه، هو المعني بالأشياء التي تبتاعينها بين الرجال.
لا يستطيع (استيعاب) أنها كانت طوال عمرها هي (المسؤولة) ولا تستطيع (إدراك) أنها معه في حال منفصل وعليها(التأقلم) لقد راعاها في المرات السابقة والآن الله يعلم ماذا سيفعل، دخلت وحيت منتصر الذي لم يعقب على وجودها في المكان هذا..
-ألف مبارك فك الجبيرة.
استدار وضاح حول صندوق السيارة وضع الأكياس وتقدم صوب الباب، فتحه واستقل مقعده، بحث عنها بعينيه فوجدها انزوت خلف كرسي منتصر تتحاشى عينيه في المرآة، أطبق شفتيه وزفر نفساً ساخناً من فتحتي أنفه، أوصلها أولاً وحمل عنها الأكياس، سبقها ولحقته تبرر فوضع الأكياس بصبر والتفت إليها:
-حسك لا يسمع.. أنا أمتنع عنك بقوة.
زمّت شفتيها وأحبطت بكلها فساءه رؤيتها التي تعرف الخطأ وتكرره:
-كم مرة أخبرتك أن لا شأن لك بتلك الأشياء.. متى ستدركين أنك امرأة متزوجة من لوح هو كفيل بكل شيء.
-وضاح.
تبعته وحاولت استرضاءه فنفض كفها وابتعد
-أود إيصال منتصر ابتعدي.
منتصر كان مرهقاً أكثر من عصبيته وفشلت مساعيه في إفراغ غضبه فيه.
-اهدأ وضاح أنا أريد حياتي.
تنبه وضاح لسرعته فخففها فلم يعبأ منتصر بحالته المزاجية ولا حالته التي يود الصراخ ألماً منها.
-اجمد وتحكم بنفسك.. كل الكوكب علم أنك غاضب من زوجتك.
زمجر وضاح غاضباً:
-منتصر...
-المرأة تأتي باللين.. لا ترعبها، سايرها بنعومة ولطف واحرص على صرامتك.
أخجل وضاح أن منتصر عرف بوجودها هنا وفهم غضبه منها، لأنه أخبره أنها في المنزل الآن فشرح ببساطة يتقبلها وضاح رغماً عن أنفه.
-ستحتاج وقتاً للتأقلم.. اصبر عليها.
***
قضت الليلة في ترقبه فقد تأخر في عودته، نفخت بغل وارتمت على فراشها للآن تقع معه في تباسطها، منذ أيام غضب منها لزيارتها إحدى الجارات لفتح علاقة ودية فشرح لها:
-الناس هنا مختلفون.. لا يشبهون أبدا الناس في حارتك.
وأضاف متهكماً يناظر الملامح المذنبة عقب وقوع الكارثة فقط:
-هذه المرأة غير جيدة.. انتبهي لعلاقاتك والناس.. فليس الجميع أنت.
-بئساً لعنادك ثريا.
همست بها لنفسها، تهز رأسها للأمام والخلف، ولم تحاول الاتصال به، هو أخطأ في حقها وليست هي، هزت رأسها بغضب:
-أجل ليست المرة الأولى التي يصرخ بها في وجهي.
يحاول تحجيم تدخلها وعفويتها حتى باتت تشعر بأنها غير مرتاحة وكل شيء محسوب عليها، إلا أنها وللحق ستعترف أنها مرتاحة وتحبه... وهذا يكفي.
**
دخل المنزل بعد أن استرخى وسار غضبه مع الريح، وجدها تتصنع النوم فرمى بثقله على السرير انتفضت غاضبة:
-السرير لا تكسره.
رد ببال رائق:
-لا شأن لك.. هذا سريري.
أشاحت بوجهها واستقامت عن السرير:
-اهنأ به أنا لا أريده.
مال وتحكم في كفها وأسقطها قربه مدمراً المشهد الدرامي الذي حضرت له جيداً فاعترفت بغضب:
-أنا غاضبة منك ابتعد وضاح.
رفع حاجبه من النبرة وقال بلهجة بدأت تنحرف عن هدوئها:
-من صاحب الحق في الغضب؟!
أكدت بانفعال وعقدة حاجبين انتقلت منه وإليها بشكل مضحك:
-أنا!
-أنتِ؟!
التفتت للجانب الآخر وسأل بتفكّه:
-حقاً؟!
-أجل.. ما الجريمة العظيمة لو تبضعت وتسوقت للبيت من دون إخبارك!
زفر بهدوء وداخله يرجو أن تمر الليلة بسلام، فلا سلام كما يبدو بهذا الثوب الضيق والذي أبرز امتلاءها واكتناز جسدها أكثر من ذي قبل فقال بصبر صار قدوة فيه بفضلها:
-كما أخبرتك.. أنني الآن زوجك انسي حياتك السابقة أنت الآن متزوجة هناك من يقوم بمهامك السابقة.
-ماذا تقصد؟
بدموية ونظرات قاتلة سألت فأمسك كتفيها عله يدخل المعاني بالجوال السميك المسمى بعقلها:
-تدللي يا ثريا.. دللي نفسك، أنت تزوجتِ لترتاحي دعي عنك كل الأشياء التي تتعبك.
زفر وهيئتها بين الرجال ضايقته:
-بدلاً
من أن تكوني في بيتك معززة ومكرمة في انتظاري في أجمل هيئة.. أراكِ تفاصلين الرجال على بضعة كيلو جرامات من الخيار والطماطم.
-لم أشتر طماطم أنا.
مط شفتيه وزفر إحباطه:
-بغض النظر عما ابتعته.. هل فهمت عليّ؟!
ناطحته مجدداً:
-أجل أنا أفهمك، ولكنــ..
وأطبق على الأخير من بوحها الذي لن يمرر ليلته بسلامه الذي أراده.. حسناً في الغد سيستمع لتذمرها إذا تذكرت.
***

ولآخرين
"مرّت سنة والعين يعشقها السهر"
-ضحى هل أنت بحاجة شيء؟
استقامت عن المائدة بعد الحمد ونفت ببسمة لطيفة:
-لا..
ثم التفت حول مقعده وعانقت بيديها عنق نائل الذي سأل:
-أنت تغنيني عن كل شيء.
راقب دخولها الآلي لغرفتها بحسبة عاطفية تؤرقه، كان آخر شيء يتوقعه نضوج ضحى بشكل مؤلم.. لقد دفعت ضحى أوجاعها كاملة ولم يعد لدروس الحياة فضلاً عليها!
لقد غيرها غياب ثريا عنها بعد جيداء ورغم محاولته بأن لا يحسسها بالوحدة تبقى هناك غصة داخله بكونه لا يستطيع شغل فراغها.. انتبهت عليه فدوى ولكزته في كفه تطمئنه:
-لا تخشى عليها.. هي تعرف جيداً كيف تتدبر أمرها.
أومأ بتنهيدة ونكس رأسه بصمتٍ عائداً لطبقه متلاعباً بشوكته بلا أدنى شهية تجبره على تناول طعامه.
-نائل دع عنك همّها.. هي بخير يا ابني.
ابتسم لحديثها وكله يصرخ بــــ(ليست بخير والله).
أطبقت الباب خلفها وتنفست تزيل عبرتها الموشكة على الانزلاق.
-لا يصح أن أفتقدها لهذا الحد.
نفخت بيأس لعدم مقدرتها تجاوز غياب ثريا، كتمت العبرات وسرحت في غرفتها قليلاً، تدربت قليلا على المجسم الأنثوي أمامها وحاولت تزيينه وملء الخواء داخلها فعجزت لهذه الليلة وتحديداً، نهضت عن الأرض التي كانت متمددة عليها ومشت صوب صوانها، فتحت روزنامة التاريخ المخبأة داخلها وخطت على تاريخٍ بعينه.. يتجاوز منتصف ديسمبر بالكثير، عاقبتها الدموع المحتجزة لآن طويلٍ فتبللت سبابتها التي تختم حول موضع التاريخ بصك عشقي لا ختام له.
باتت الليلة بنحيب الذكرى، تميل خلف النوافذ تراقب المطر مرة وتسرح في حكايتهما مرات.
والليلة.. ذكرى ميلاده التي صادفت أول زخة شتوية.
غادرت المنزل صباحًا صوب الأكاديمية ودعت الله مخلصة له الرجاء أن تلتقي به على وحي الصدف.. وتعايده عيناها.
نسيت نفسها حين خطت إلى الحديقة واستكانت برذاذ المطر، حلقت بالنشوى وقفزت عن كرسيها تدور أسفله بمعطف أحمر كعاشقة تنهل من سُقياه، غافلها الوقت فتنبهت لخلو الحديقة من زملائها، تنفست عميقاً بلا ندم والبلل يقطر من كل خلجاتها، ركضت صوب المبنى وقررت تدفئة كفوفها بسائل الشّاي، مشت إلى كشك الإعداد الخاص به.. وقبل أن تطلب غافلها صوت أمر عنها.
-كأسان من الشّاي، أحدهما بسكر وسط والآخر بأربعة ملاعق سكر.
التفتت إليه تبتلع كل شهقتها وفرحتها وطلبها المجاب بفم فاغر على وسعه وعينين جاحظتين، أشارت لصدرها متسائلة.
-هل تطلب لي؟
نظرت ولم تتراجع.. تلهتم الغياب بجوع ولا تعبأ فأجاب ببديهية:
-أجل.. هل يوجد هناك من ينافس النمل في السكر غيرك؟
زمّت شفتيها حانقة وردت بإباء:
-معتقدك خاطئ.. لم يعد يستهويني السكر.
وكأنها باغتت مسلماته فيها، حدق لوهلة يفترس الماضي والحاضر والحقيقة من بين أنقاض الأمس نهشته فهمس بلطف.
-لا بأس.. عدّل الطلب واحدة بلا سكر والثانية سكر وسط.
تلاعبت في أناملها الباردة فأحكمت رجفتها المغرية بلمسه بضمها في جيوب المعطف، تناول طلبه الذي قدم له على حامل كرتوني، ترددت حين خطا بثقة نحو المصاعد وحين لم ير تقدمها التفت إليها بوجه متسائل:
-ألن تصعدي؟
حارت أحداقها وحيرته.. أتسير قربه وكأن العشق بينهما استحال لسلامٍ بعدَ ألف حرب وحريق وعبرات لا تعد.. أتدهس العادات وذاتها وحبها ونائل وذكرى كل أوجاعها.. رباه بينهما هي.. وهو!
والحب.. والظروف مجتمعة.
هزت رأسها نافية تحسم حيرتها ومشت خلفه بهدوء وبقيت كذلك حتى فتح المصعد أبوابه.
كمذنبة تناولت الكأس وتجاهل ذلك رغم إعجابه فسألها:
-ما الذي تفعلينه هنا؟
كوبت الكأس بكفيها فاقشعرت لحرارته وأجابت:
-متدربة في أكاديمية التجميل وأنت.. ليست المرة الأولى التي أراك هنا.
تداركت زلتها وعدلت:
-قد لمحتك قبلاً.
مال لطرف المرآة وشرح:
-وأنا أيضاً هنا متدرب في تصميم الديكور.
شهقت مهتمة:
-حقًا؟
رشف من كأسه:
-أجل.. نحن هنا لأشغال الدهان والديكور لافتتاح مركز ليزر وبشرة.
كبحت أسوأ انفعالاتها وكتمت سراً فرحتها وقالت بانفعالها المتحمس:
-أنا سعيدة لأجلك أنت موهوب في تلك الاشياء لا أنسى ديكور منزلنا.
ضحكا سوية لخاطر البيت القديم، وسافرت تستحضر الأحلام التي خططا لها على غفلة حب رفعت نظراتها إليه وسألت مدفوعة بالحنين:
-كان حلمك أن تكون كوافير رجالي.
انتشى بزفير الاهتمام منها ورد بصوت رائق:
-أنا أعمل في صالون حلاقة للاحتياط.
ضم نفسه التي توسوس له احتضانها بالنظر وأعرض بغض بصره:
-لي سمعتي في الحي الجديد.. وهناك زبائن يأتون لي في المناسبات.
ابتسمت ولم تنتبه لتوقف المصعد وعبرت بسرور:
-أجل كنت موهوباً.. أتذكرك.
قربت كأس شايها من فمها ورشفت منه، جعدت أنفها وأغمضت عينيها بتقزز، تجاسرت على الرشفة التالية مجازفة فلم يكبح ضحكته واقترب منها يأخذ منها كأسها:
-ما كان عليك أن تدعي تغير ذوقك.
كرهت شفافيتها أمامه وردت بقوة:
-أنا تغيرت فعلاً كما ذوقي.
ازدرد لعابه وقال بهزيمة:
-أجل أعلم.
هزت رأسها تؤكد لنفسها قبله فتقبل قصدها عن طيب وجع صرف وتحداها أن تنكر:
-لكن ليس لحد أن تكرهي السكر ولا تتقبلينه.
اهتزت عيناها بوميض أرجفها حد العمق وخلخل موازينها احتشدت الدموع في عينيها وسألت بهمس متقطع:
-ألم تنسَ!
عيناه تباركان معايدتها غير المنطوقة بـِ:
-كيف أنسى؟
هزت رأسها وطلبت منه كي لا تنهار أسفلها فكلها متماسك بشكل ثقيل:
-هلّا ضغطت زر الطابق الخاص بي؟!
ابتعد بهدوء بعدما ناولها كأسه وأخذ كأسها غصباً وليس برضاها، فابتعدت أكثر من المسافة المحترمة لكليهما، وصل قبلها وقبل أن يغادر التفت يضمها بشوق الشهور التي اكتملت سنة بغيابهما.
-تعالي يوماً ما إلى الطابق وشاهدي عملي.
أومأت بقوة والكأس في كفها ترتجف مثلها بفضل رؤيته أم البرد الذي نخر عظامها لا تعلم، شيعته بمعطفه الأسود، وعيناها تعايدان سنينه الأربع والعشرين بكل الحب والدعوات.. وكل المستحيلات التي ترقد فوق ممكنها الضعيف بأن لا يجعل الله مبسمه لأنثى غيرها.
**




Lamees othman غير متواجد حالياً  
التوقيع
ست وعشرون نجمة وبضع من سماء روحي معلقة بين ثنايا الأفق!



(وَاجْعَل لِّي لِسَانَ صِدْقٍ فِي الْآخِرِينَ)

سبحان الله والحمدلله، ولا إله إلا الله، والله أكبر.❤
رد مع اقتباس
قديم 06-08-22, 10:28 PM   #3057

Lamees othman

كاتبةفي قسم قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية Lamees othman

? العضوٌ??? » 453673
?  التسِجيلٌ » Aug 2019
? مشَارَ?اتْي » 2,373
?  مُ?إني » Jordan
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Jordan
?  نُقآطِيْ » Lamees othman has a reputation beyond reputeLamees othman has a reputation beyond reputeLamees othman has a reputation beyond reputeLamees othman has a reputation beyond reputeLamees othman has a reputation beyond reputeLamees othman has a reputation beyond reputeLamees othman has a reputation beyond reputeLamees othman has a reputation beyond reputeLamees othman has a reputation beyond reputeLamees othman has a reputation beyond reputeLamees othman has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   pepsi
¬» قناتك mbc
?? ??? ~
وسخر لي الجسد والحواس في سبيلك
افتراضي



معك أسير على وعد.. على أمل.. ومحطة عمري معك هي الأجمل.
-كل هذا بسببك.
هتفت بها جيداء بعينين محتنقتين وهي تقف على الميزان ومنذر ليس بأسف على ما وصلت إليه من زيادة مفرطة.
-لقد ازددت بشكل صعب جدًا.
كادت تبكي، بل بكى قلبها حين وجدت وزنها ازداد بسبب منذر الذي يغريها بأصناف الطعام التي لا تقول لها "لا" فأسرفت وهي التي إن أفلتت منها السيطرة لا تعود أبداً معها.
دار حولها والتقط كفها بنعومة وعيناه تلمعان خبثًا:
-أنت لذيذة هكذا.
ردت بصرامة:
-لست هكذا على الأقل في عينيّ.
ابتسم لها وتألق عشق خام من ملامحه التي تحب:
-لكنك هكذا في عينيّ.. ألا يكفي؟ هل قصرت ليالينا في إثبات ذلك؟
اتبعها بغمزة فضاق قلبها وغامت عيناها بحزن عميق، ضيّع حمرة حيائها من وقاحته فاتهمته:
-أنت لا تساعدني.
-دعك من الحميات غير المجدية لم لا تقتنعين بأنك هكذا أجمل.
حافظت على دمعتها ألا تنزلق وهمست بشفتين متهدلتين وغصة تنتقل إليه وتحرقه:
-<<منذر لا تستخف أبدًا بشيء أقصى أحلامي أن أصل إليه. >>
تلك الليلة لم ينم إذ شعر بحاجة ما تطلبه وهو كمسؤول عن أبسط أشياءها السعيدة أن يحقق لها ما أرادت، هو بجميع الأحوال يحبها كما كانت.
أيقظها صباحًا وتعهد لها بأن يساعدها في الرقم الذي ستصل إليه، مستغلاً في ذلك تأخرها في الحمل الذي أرقها لفترة إلا أنه شرح لها.
<<أنا لستُ مستعجلاً للأطفال.. أود الاستمتاع والتمتع معك وبك لأقصى حد>>
توجها حيث قسم التغذية في المشفى وأخذ موعداً لها، دخل بها حيث الأخصائية ذات السمعة المشهورة والتي ناولتها خطة زمنية للوصول لهدفها مع برنامج متكامل، قطعت من الشوط الزمني ثلاثة أشهر وما يتبعها أكثر من البرنامج صرامة منذر، لهثت وهي تكاد تسقط عن إحدى الأجهزة التي داومت عليها وعرقها ينضح من جبينها وصدرها وجسدها:
-تعبت منذر.. أوقف الجهاز.
كان يستقر بجلسته على طاولة التنس يؤرجح قدميه ويحسب لها فقال بصرامة:
-تبقى خمس عشرة دقيقة أيضاً.
تراخت مستسلمة:
-مـ.. نـذر تـعـ..ـبـ.ـت!
رق قلبه لها لكنها تستحق، ألم تخبره بحاجتها الماسة للجسد المثالي.
-استريحي ثلاثة دقائق.. وعاودي.
حين وجد حالتها مرهقة حقًا فكر في أن تأخذ استراحة كالمعتاد مدعياً فيها عدم علمه بكونها تقضيها في الاسترخاء.
-سأذهب لأمي لقد اقتربت وجبة الغداء على أية حال.
هبط عن الطاولة وأمر:
-استمري ريثما آتي.
جاءها الفرج وكادت تسجد لله شكرًا في كل يوم في هذا الموعد يذهب لمنزل عائلته لتناول الطعام فهو وبكل أسف يعيش حالة التقشف في المنزل معها بكل حذافيرها، ويتناول الوجبات في منزل عائلته.. وبالتأكيد لن يتم طهو أي شيء في بيته فجيداء تتخلى عن أحلام الحمية مع أول رائحة للبصل في الطعام.
-أوصل تحياتي للجميع.
خرج من عندها فخلعت السترة عنها وابتهلت:
-متى سيأتي آذار!
خطتها الزمنية ستنتهي في شهر أذار والجوع في كانون الأول مضاعف جدًا ولا يخفف عليها سوى تمارين الجسدية التي تطبقها تحت توجيهات منذر والتي يسهلها بوقاحته وحركاته الجريئة التي تهون عليها.
-الهبوط الجميل يستحق..
تناولت خصرها بين كفيها ومالت به أمام المرايا في الصالة:
-سبعون ليس رقما سيئًا..
نفضت شعرها وسلكت صوب حجرتها للاستحمام فلا تمارين يكفي لليوم، منذر صارمٌ جدًا وليس هذا ما توقعته منه.
دخلت حجرتها ووجدت لوحًا من الشكولاتة أخذته من باب الانتقام من منذر وتناولته بأنصاف ضمير واعترفت بعد التهمة.
-للأمانة بتُ ملتزمة جدًا فمن بين كل سبعة ألواح شوكولاتة يقدمها لي أتناول ثلاثة.
كادت تشق مغلف اللوح الثاني وأكدت بقوة ونفسها تراودها لتناوله:
-في حين كنت التهم تسعة من أصل سبعة فيما سبق.
وذات العبارة كان يصرح بها منذر لوالدته التي سألت عن حميتها فأجاب بضحكة قوية فيما تحمل شوكته أصبعين من ورق العنب الذائب:
-وهذا تقدم ملحوظ يبشر بألف خير ويستحق وقفة ثناء عليه يا هدهد.
ثم بعث لجيداء الغارقة في الحلوى:
-اليوم سنتمرن على إزالة الخفسة.
بعثها بعينين تلمعان خبثا لجملة تمارين ماجنة لهذه الليلة.
***
كل حلم معك مذاقه أشهى لو تعلم!
-الله يعوضك منتصر بيك، إن شاء الله تنال منصباً أفضل.
رد منتصر بصوت لا تقرأ نبرته:
-ألف مبارك محمد بيك.. أنت أهل للمنصب.
في ظل الشهور التي قضاها في سريره فقد ثلاث فرص بمناصب حلم فيها عمره كله وذهبت لزملائه رغم استحقاقه ومع ذلك لم يصرح لأي أحد بذلك.. مشى بعسر نحو الباب وضرب الزجاج بكفه ضربات رتيبة ثم نادى زوجته:
-لبنى أخرجي لي السترة الزيتونية.
طلت عليه كشمسه الوحيدة:
-الجينز أم الكتان؟
رد عليها بعد برهة تأمل فارغة أمدته بشعاعها رغمًا عن أنفه:
-الكتان.
أومأت في سعادة وصعدت لحجرتهما لجلب طلبه، فهما ونظراً لحالة قدميه انتقلا للطابق الأول مؤقتًا، منذ يومين فك الجبيرة الصناعية لقدمه اليمنى، وبدأ بالعلاج الطبيعي المتمثل في السير لمسافات قصيرة، عرجه واضح والمشي يؤلمه إلا أنه يكابر ولبنى رغماً عن أنفه تسلطت عليه وناولته عصا في اليومين السابقين لانشغالها في اختباراتها، اليوم أنهت الفصل الدراسي الثاني وباتت متفرغة له، استغلت برودة الجو لتتمشى برفقته، جهزت الغذاء للطفلين تناولاه ودخل الطفل في غيبوبة نومه العصرية وعن وتين تركتها مع الدمى والألعاب تلاعبهم معلمة وهم طلابها. دخلت عليه وكان يتحضر للخروج غافلته وصعدت لتبديل ثيابها، عادت له ثانية ووجدته أمام المرآة رمت الشال حول رأسها وجاورته لتثبيته تدندن له ببحتها الناعمة:
-وأنت من قد ما حلو.. تحتاج المراية في شنو؟
كان يحكم وضع الشال الصوفي حول عنقه فمالت عليه تفتح يديها وتتابع مهتزة:
-أنت وبعد ماكو حلو.. فدوة لجمالك..
-ترشينني بغزل عراقي لأوافق على سيرك معي؟
نفت تزم شفتيها متراجعة بغنج للخلف تثبت دبوس حجابها:
-أنا لا أحتاج للوساطات معك.
نطقتها ببطء وذراعيها تساعدانه على ارتداء المعطف، ضبطت وضعيته وأخذت كفه:
-أين العصا؟
تبسمت وبانت أسنانها الضاحكة:
-لا عصا بدءًا من اليوم.
رفع حاجبه فاقتربت منه أكثر تشبك ذراعها بذراعه قائلة بإقرار:
-أنا عكازك للأبد.
سارت معه في حديقة الحي القريبة منه، كان صامتاً على الأغلب وهذا ما يؤلمها، تقرأ إحباطه ويأسه ولا يسعها إلا أن تكون له كل شيء ما يحدث صعب لكن نجاته بأعجوبة تسهل كل صعب، أخبرته حين توقفا عند جذع شجرة.
-سأقرر تحويل دراستي عن بعد في السنة الثانية.
تساءلت نظراته فأمسكت بيده ومشت ببطء صوب الكراسي في الحديقة وشرحت له:
-أنا سعيدة هكذا.. ولكي أعمل على تصاميم طفليّ رونق كما أريد.
كانت تكفلت بتجهيزات الطفلين الصغيرين اللذين بات وصولهما على وشك.
-أنا لست عاجزاً لبنى.. أيام قليلة وألتحق بعملي، كفي عن التصرفات هذه.
شدت على ذراعه فآلمته:
-أنا أكره الجامعة بالمناسبة.
-لا فكاك لك منها.. وحجة رعايتي ابتعدي عنها وابحثي شيئا أفضل.
زمّت شفتيها متنهدة ومالت على كتفه مستمتعة ببرده وتوحيدهما بلون أخضر كتاني كما تحب، كانت سعيدة تخطو بتعثر نحو حلمها.. لكن الأهم أنها تخطو، تتعامل مع مشغل خياطة ينفذ لها التصاميم التي ترسمها مع إضافة تعديلاتها ولمساتها الشخصية، جربت الفكرة مع طفليها أولاً.. ورونق تحمست لها وطلبت تجهيزات لمولوديها القادمين مع أثواب تخص الولادة والاستقبال..
-هذا الجو يثير مشاعري للحب.
مرت رياح قوية كادت تقتلعهما من مكانهما فتهكم:
-هذا الجو يثير رعبي بأن يجرفني معه.
قرصته في ذراعه:
-لا تفسد عواطفي.. أنا مشحونة بمشاعر جميلة.
-لا تقولي بأن زيّنا الذي خططت له والذي بدا أشبه بلاعبي فريق كرة قدم هو السبب؟
التفتت له بصدق وأفصحت:
-بل سعيدة لأجلك..
ضمت كفيها ونفختهما تقيهما البرد وعادت لكفيه تبسط لهما كل حبها:
-أيا ما كان حالك مع والدتك.. أنا سعيدة بتواصلكما وإن كان شحيحًا.
لم تنس لبنى حال والدته التي جاءت بروح تحتضر وعرفت بنجاته منها حينها دخلت عليه بنحيبٍ أبكى الجميع وقبّلته من أصغر أصابع قدمه حتى طرف أهدابه التي بللتها بتأنيبها ووجع قلبها عليه، حينها عرفت لبنى أنه مهما ادعى من اكتفاء سيبقى طفلاً لأنه إن سامحها أو لم يفعل.. فالرجل طفل أمه وإن شاخ.
حدق في الفراغ الممتلئ أمامه وتنفس بحجم البرد الذي يصفح وجنتيه ولم يجب.. مطلقاً لم ينطق فمه.. بل عيناه أجابتا، وهي لأجله أجادت القراءة.
-أنتَ تكفيني عن الدنيا منتصر.. لا تدرك أبداً أن معجزة نجاتك كانت نجاتي معك.. لا يمكنك تصور حالي دونك، أنت كل شيء.
ضم عينيها طويلاً.. وشدد على كفها بلا حروف فتابعت بقوة:
-أياً ما كانت خسارتك.. لا تشبه أبداً شعوري أنا بخسارتك.
لم يكن احمرار وجهها نابعاً من برودة وإن كانت، بل أفعالها أكبر:
-لذا وبكل أنانية مني أخبرك بصراحة إني لا أسمح لك بالميل أبدًا ولأي سبب كان.. لأجلي أنا.
رقت نظرتها أكثر عادت أم.. امرأة.. زوجة.. عادت أنثاه وهمست بعشق:
-أنت جانبي وكل شيء يهون.
ردد معها ينهل حبها ويتنفس وجودها:
-من دواعي وجودي.. وجودك قربي.
***






Lamees othman غير متواجد حالياً  
التوقيع
ست وعشرون نجمة وبضع من سماء روحي معلقة بين ثنايا الأفق!



(وَاجْعَل لِّي لِسَانَ صِدْقٍ فِي الْآخِرِينَ)

سبحان الله والحمدلله، ولا إله إلا الله، والله أكبر.❤
رد مع اقتباس
قديم 06-08-22, 10:31 PM   #3058

Lamees othman

كاتبةفي قسم قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية Lamees othman

? العضوٌ??? » 453673
?  التسِجيلٌ » Aug 2019
? مشَارَ?اتْي » 2,373
?  مُ?إني » Jordan
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Jordan
?  نُقآطِيْ » Lamees othman has a reputation beyond reputeLamees othman has a reputation beyond reputeLamees othman has a reputation beyond reputeLamees othman has a reputation beyond reputeLamees othman has a reputation beyond reputeLamees othman has a reputation beyond reputeLamees othman has a reputation beyond reputeLamees othman has a reputation beyond reputeLamees othman has a reputation beyond reputeLamees othman has a reputation beyond reputeLamees othman has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   pepsi
¬» قناتك mbc
?? ??? ~
وسخر لي الجسد والحواس في سبيلك
افتراضي



***
-سالي أغمضي عينيك اللقطة التالية مرعبة.
تحمست في جلستها أكثر وسحبت من القشة الماصة لكأس الكوكتيل أكبر قدر يبلل جوفها المتعطش الحماس وعلقت:
-متى ستعرف أن افلام الرعب هي خياري الأول؟
إشارتها غير منطوقة لمعرفته تفاصيلها ومع ذلك هو يخشى عليها أكثر من نفسها وما يحيرها أحيانًا فيه إلا أنه كرجل يحفظها عن ظهر حب برر:
-التأثير الهرموني قد يغير أبرز عاداتك.
التهمت كمية لا يستهان بها من الذرة المنفوخة وعلقت بتوحش لعينيه اللتين تعلقتا رغما عنه بفمها الذي عجز به كيف التقط كمية الذرة:
-بتُ متوحشة أكثر في حملي هذا..
أردفت بها بتلاعب حاجبين كثين مرسومين بفتنة:
-وقد أرعبك شخصياً.
تأخذها انفعالاتها أحياناً في نسيان نفسها، كتواجدها في صالة السينما، فعدلت وضعية الوسادة أسفل قدميها وتذمرت له تذمرها الشهي:
-لقد ألهيتني عن مشهد التهام الوحش للرجل.. يا الله منك!
ضبط وضع نظارته واسترخى أكثر:
-وددت التخلص من تشبثك المستميت بي بعد كل فيلم من مفضلاتك.
خلعت نظارتها وتوعدته بشر:
-سأحرمك من عناقي الذي بات يزعجك.
شد رسغها بقوة يزجرها:
-إياك لو تجرأتِ وفكرتِ أساسًا.
ابتعدت صاغرة وعدلت نظارتها تتابع الفيلم متجاهلة إياه بتنهيدة جمعت دواخلهما، سرحت بعيداً عنه كما سرح
لقد علمتها التجارب أن التجاوز هو السبيل الوحيد للعيش، زيد لم يسامحها على ما اقترفته في حق قلبه، لكنه لأجلها تعلم التخطي وإن لا زالت عيناه تقيدانها بعتبٍ لا يُحكى، شفاؤه من تلك الفترة مستحيل وتعلم جيدًا لذا تتعامل بمداواة حقيقية لنوبات غضبه التي تهتاج بضراوة في عينيه و أنفاسه كما مزاجه الذي يستحيل صعبًا وتصعب معه لمسات يديه الصعبة لها، إلا أنها بتفانٍ حقيقي تطيب موضع كل لمسة وتخبره دائماً:
-أنا معك لأنني أريد هذه الحياة.
وإذا رأت ألمًا في خلجاته التي يحكم عليها بكبرياء تؤكد له:
-أريد إنجاح هذا الزواج بكل ما أوتيت من انتماء.
منذ ليالٍ طويلة أدركت في قرارة نفسها أنها تنتمي إليه وعرفت معه كيف تألف بعد الخصام وعدم القبول، وبصورة حبيبة عادت لها أيامها القديمة، فبات كل خميس يوماً كاملاً تخصصه للرفاهية المطلقة لها وله، بين الشوارع في السينما يجربان مطاعم جديدة، ولها حلقة ملاهي في المدينة الترفيهية رغماً من حملها.
الليلة طلبت منه حضنه الذي تحب، يهتم بأن تكون راغبة أكثر منه ويسعى كرجل لأن تفعل ذلك، سألته بعدما ارتكزت على صدره:
-سيشبهني أم يشبهك هذه المرة؟
أغيد نسخة منقسمة بينهما، وحمداً لله ألف مرة ورث وجنتيها المرتفعتين وأنفها واكتفى بعيني والده، والشكر لله أنه لم يرث عينيها المعذبتين له:
-فليأخذك وجهك كله فلا أهتم.. إلا عيناكِ فليحفظهما لكِ لا طاقة لي بعذاب جديد.
لا يعلم كيف تجمع عيناها البياض الشاحب فوق صفحة زرقاء مجنونة، كيف تُعذّبه، كيف تكون عيناها بكل هذا الألم غير المنصف لرجولته.. عينان موجعتان.. جميلتان.. آسرتان، متنميتان لشط واحد.. هو له!
-ألم تكن عيناي حبيبتاك؟
دارت سبابته حول محاجرهما، واقترب رأسه من رأسها حد لوعة الأحداق، تكفل ثغره باقتراب يصف موجات الحب، لم يبدأ بالعينين ويستقر في الشفتين، بل بدأ في أقدس ملامحها إليه، واستقر عند عينيها أول الوجع وآخره، منبع عشقه ومُستقره،
مس جفنيها اللذين انغلقا استقبالاً لقبله التي تستكين فيها وأجاب:
-هاتان العينان أعظم أوجاعي.. وخطاياي!
ارتجفت شفتيها فهدهدتهما سبابته:
-وكل نصيبي من العشق.. الذي عرفته بين حدودهما!
تعثرت أنفاسها في محيط جسده الذي يغلق عليها وسألت بتقطع:
-عيناي وجعك الأعظم؟
كرر لوجهها الذي تساءل بسخط:
-وأعظم خطاياي!
-ألا سبيل للتسامح معك؟
-لقد تعايشت على أوجاعنا منذ زمن لنكون معًا.
لم تشأ تقليب الماضي فهي مصرة على حياتها معه ولا حياة له مع امرأة دونها فهو ظلم بيّن لأي تاء تأنيث ستشاركه.. بسطت شفتيها تحتار وتتعثر فيه، فضم نَفَسَها لنَفَسهُ.. وعلمها كيف يمكن للحب أن يكون خطيئة.. والتعايش سبيل توحدهما.
تلك الليلة أشرقت على صياح "عَلم الدين زيد غياث" الذي أعلن عن وجوده بصرخات متواصلة، أخرجوها إلى القسم بعد الاطمئنان عليها ولم يسمح له برؤيتها، مشى مع الممرضة صوب الحاضنة التي اشتكت له:
-لقد أقلق نوم الصغار..
ضحك لوصفها وقلبه ينبض بوتيرة أبوة يعيشها في ظروف محبة:
-ها هو سنفور غضبان!
تناول منها الصغير بكفين عثرتين، ورجفة لم تكن خوفاً، تلقفه في حب وضاع في تفاصيله.
-ماذا تركت لوالدتك أيها الشقي؟
تمتم بها قرب أذنه ففرق الصغير جفنيه الواسعتين وأهداه لكمة في منتصف قلبه بزرقة عينيه الشاحبة التي ستجره ميتًا في حبهما لا محالة:
-إلا عيناها.. كيف تخونني وترثهما.
تحكم في إمساكه وقبل جبينه، قبل أن يميل على أذنيه ويكبّر فيهما.. انتهى منه وحين ناوله للممرضة ودعه بسخط:
-ستنال مني أمك مهما حييت.
***
ومرت سنة والشوق باقي ما انمحى..
-والله يا ضحى أنك عاشقة!
تنبهت ضحى لشرودها والتفتت لثريا المتمددة على سريرها:
-ها.. ما الأمر؟
زجرتها ثريا التي تشكو الوحام الصعب:
-عصا إن شاء الله تنكسر على جنبك، أحادثك منذ ساعة أين أنت عني؟
ازدردت لعابها وعادت ترتب وضعية شعرها وردت بشبه طبيعية:
-كنت أفكر في اليوم.. أخبرونا عن احتفال تخرّج سنُحضّر له الخميس.
مطت ثريا شفتيها ولم تقتنع فعادت تضطجع وتقول بضجر:
-أشعر بحرّ لا يطاق.
نفخت ضحى من مزاجها الكريه وقالت لها:
-نحن في آذار الجو يتنفس برودة.
-لن يؤثر بي كحامل طبعاً.
عادت ضحى لسرحانها وأناملها تسرّح خصلاتها بوله من أحبت لأول مرة، ترى موسى كل صباح ومساء، معه تعيش حالة الترقب الخجول لكاتب يعقد البداية مع قلمه الذي تكومت عليه غبار الماضي وتسلح بوميض التردد، وما بينهما شعلة شغف تنمو ببطء.
جاءها الخميس أسرع مما تظن، عرفت من رقم الروزنامة أنها أتمت الخامسة والعشرون، واليوم تتسلم شهادة الأكاديمية،
دائمًا ما تجتاز المراحل قبله، تسبقه بالعمر.. والمغادرة.. ولا يلتقيان أبداً.. مهما فعلا.
لم يكن مطرًا ما يهطل.. ودقاً خفيفاً رطّب وجنتيها، وصلت المكان بلا نفس، ولم تشأ رؤيته ولأول مرة لم ترج لقاءه.. لا تريد وداعه.. يؤلمها ويقتل فرحتها ذلك لا تود فقدان آخر بصيص نور بينهما، لحظها كانت في انتظارها صدفة لقائهما المقدرة، دخلت آخر الوافدين للمبنى واطمأنت حين مشطت المكان ولم تره، استقرت في المصعد بسكون وقبل أن يغلق كان آتياً بتأخير يتضح من لهاثه، حيّا المتواجدين بالسلام وحيّاها بالحب، ردت له التحايا برفرفة أهداب ونفس عثرٍ، لم يهبط في موقعه المخصص، بل بقي في المصعد مما أثار هلعها، انفتحت أبوابها عند الطابق خاصتها فخرجا سوية، سبقته وناداها قلبه والتفت له قلبها يلبي:
-اليوم آخر يوم لكِ هنا؟
أومأت بصمت فاقترب بشجاعة:
-مبارك لك.. أتمنى لك التوفيق.
شكرته وعجزت في حضرته عن فتح أحاديث، فضم كفيه داخل سترته ونكس بصره فيما ينقر بحذائه بشكل رتيب:
-ضحى أنا لم أنسك ولو للحظة.
غصت وبكت.. ارتدت وتماسكت بصوت واهن:
-لا يصح هذا الحديث.
رفع عينيه لها واعترف بصدق:
-مثلك لا ينسى.. وبغض النظر عن أحوالنا وما حدث بيننا.. إلا أنك ستبقين خياري الأول دائماً.
انزلقت دمعتها وحارت كيف تصده إلا أنه أولاها ظهره مبتعداً وقبل أن يفعل ترك قلبها أشلاء مهباً للمواجع:
-أعلم أن كل شيء يحيل بيننا.. ظروفي وحياتي وتاريخي المشرف معك، إلا أنني أريدك أن تعلمي أنني أردتك دائمًا مهما حصل بيننا وسيحصل...
ليلتها اطفأت شمعة ميلادها بنصف حضور وابتسمت لأجل خاطر ثريا التي جلبت كعكة الميلاد، سايرتها بقطعة منها وانزلقت من بين الجميع نحو غرفتها تحتفظ بالشمعة التي تحوي الرقم خمسة وعشرون في صندوق الذكرى لتحتفل بها بعد تسعة أشهر من اليوم.
***
ومرت سنة والقلب ذابحه الهجر.
-مليكة.. مليكة هلّا صمتي قليلا فجرتي رأسي.
هتفتها ضحى بنبرة أقرب للجنون تكاد تبكي حقًا وثريا هانم تتصل بها للاطمئنان على صغيرتها التي تركتها لديها، حملتها بيد تحت بكائها المتواصل بلا سبب وأجابت بالثانية:
-ثريا لم تركت راديو إف إم لدي إن كنت لا تستطيعين مفارقتها؟!
-ضحى هلّا أعطيتيها وجبتها؟
سحبت ضحى الهاتف وركزته بين كتفها وخدها لكي تحمل الكارثة الصغيرة وأجابت بنزق:
-متى تحن علينا مليكة وتصمت كي نعطيها وجبتها.
شهقت ثريا على الطرف الآخر:
-الفتاة تبكي من جوعها يا غبية.. اصنعي لها وجبة.
نفخت ضحى ورفعت عينيها للسقف تبتهل الصبر:
-ابنتك لا تصمت ولا تغلق فمها ولا تتقبل الطعام.. بدلاً من نصائحك كنت أخذتها معك للاحتفال بتخرج لبنى.
رشقتها ثريا بوابل من السباب وقلة التقدير والتهذيب:
-وضاح السبب هو من أصرّ.. وإلا لفضلت أخذها للمزرعة عوضًا عن جميلتك.
أغلقت معها ضحى الهاتف وعادت للصغيرة التي سكنت بشكل مفاجئ هزتها برفق فأغمضت عينيها، تنهدت بارتياح واستقبلت اتصالات زبائن متفرقة، لقد بات لها اسماً يناسب مجالها وصفحتها على تطبيق الانستجرام تخطت الآلاف، تقدم خدمة التزيين البيتية للعرائس ومرافقاتها وإن تطلب الأمر منها الذهاب لبيوتهن.
أغلقت مع الزبونة وحان وقت الذكرى السنوية، تمهلت خطاها عند صوانها، وأشعلت ذات الشمعة التي احتفلت بها فيما سبق، أخرجها من وصلتها الدرامية صوت الصغيرة الذي ارتفع فجأة مصحوباً بسعالٍ خفيف.
-أين رحلت الغفوة فقط افهميني!
تذكرت رائحة الشمعة فأطفأتها سريعًا وفتحت النافذة وأخذت الطفلة هناك.
-فهمنا فهمنا أن جيوبك الأنفية حساسة.. اصمتي.
-ضحى أين أنت؟
دخلت فدوى عليها فوجدت ضحى النجدة ورحبت بها بحماس على غير العادة:
-جئت أخيراً!
تفتحت عينا فدوى وركضت تسحب الطفلة من عند النافذة وقالت موبخة:
-هل جننتِ؟؟ الصغيرة ستلتقط البرد.
تناولتها وخرجت بها والتقط أنفها رائحة كريهة فسألت ضحى:
-هل بدلت للصغيرة؟
نفت ضحى ببلاهة فكزّت فدوى على أسنانها وشكت:
-تتركين مليكة بلا تبديل ثياب.. اللوم ليس عليك، بل على الست ثريا المحسوبة على العاقلين.
أشاحت ضحى بوجهها ولم تشأ الرد وجلب مشكلة جديدة مع فدوى التي تذكرت لم جاءت هنا أساسًا:
-نائل يريدك ضحى.
تساءلت نظرات ضحى التي توجست رعباً فتجاهلتها فدوى مما أكد لها أن التجاهل تأكيد الإجابة، في كون هناك من تقدم لخطبتها، انحسرت علامات الشغب عندها وخرجت لنائل الذي فتح الموضوع معها وردت عليه بجملة كل مرة:
-أنا بحاجة إلى وقت.. لست مستعدة حالياً.. أود تحقيق نفسي.
***
لم تنتظر تبديل ثيابها، وضعت ثريا مليكة في مهدها وركضت صوب الحمام، لحظات وتشكلت صدمتها وشهقتها وجنونها فنطقت بخبال:
-الله لا يعطيك العافية يا وضاح!
تحققت من الخطين الماثلين بجريمتهما النكراء والشنعاء فكررت لنفسها:
-بل أنت يا ثريا الله لا يعطيك العافية.
انفجرت في بكاء هستيري مصحوباً بولولة وضربات لفخذها حتى طالت وجنتها، دخل عليها وضاح ورآها تتمسك بدليل الإدانة والجرم فسأل:
-ما الأمر...
تمتمت له بدرامية:
-مصيبة!
اقترب منها عاقداً حاجبيه واستند على طرف المغسلة ولم يخف عليه الاختبار بنتيجته فشكت له بقهر:
-أنا حامل ومليكة لم تتعدى الشهرين وضاح.
انفجر بالضحك أمامها فشدت شعرها تنوح:
-لقد أصبحت فدوى جديدة، هذا كله كفارة لها والله لقد كنت أعيرها طوال الوقت.
لم يتمالك ضحكاته فزجرته كي يحترم طقوس عزائها:
-لا تضحك.
رد باستفزاز:
-أعبر عن فرحتي كما تعتبرين عن استيائك.
سألته بوجه متخضب بالقهر فأخبرها بفرح:
-هذه المرة سيأتي منتصر... سببا جديرا للفرح.
ارتجفت شفتيها تنعي مصيبتها وفضيحتها:
-هذه خطية فدوى... خطيتها.
أنهضها من دائرة الحزن وغمغم لها:
-هل سنبقى الليلة في نواحك
صرخت في وجهه غير قادرة على مجاراته
-دعني وضاح في همّي.
-بل دعينا من دراميتك.. سنحتفل.
***






Lamees othman غير متواجد حالياً  
التوقيع
ست وعشرون نجمة وبضع من سماء روحي معلقة بين ثنايا الأفق!



(وَاجْعَل لِّي لِسَانَ صِدْقٍ فِي الْآخِرِينَ)

سبحان الله والحمدلله، ولا إله إلا الله، والله أكبر.❤
رد مع اقتباس
قديم 06-08-22, 10:34 PM   #3059

Lamees othman

كاتبةفي قسم قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية Lamees othman

? العضوٌ??? » 453673
?  التسِجيلٌ » Aug 2019
? مشَارَ?اتْي » 2,373
?  مُ?إني » Jordan
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Jordan
?  نُقآطِيْ » Lamees othman has a reputation beyond reputeLamees othman has a reputation beyond reputeLamees othman has a reputation beyond reputeLamees othman has a reputation beyond reputeLamees othman has a reputation beyond reputeLamees othman has a reputation beyond reputeLamees othman has a reputation beyond reputeLamees othman has a reputation beyond reputeLamees othman has a reputation beyond reputeLamees othman has a reputation beyond reputeLamees othman has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   pepsi
¬» قناتك mbc
?? ??? ~
وسخر لي الجسد والحواس في سبيلك
افتراضي



***
جو الربيع الأقرب لقلبها بإنعاشه، جاورته بحديقة البيت في جلسة القهوة التي أعدّها على النار، الصغيران قرب ألعابهما، تناولت منه كوبها تشكره، كانت القهوة دافئة مثلها.. تنفسها ناعم، والربيع يتألق في نظرتها، بفضول.. وأشياء تشبه لحظة الانتماء الأولى هكذا كانت، ضبط وضعية المنقل للنارجيلة وشغّل أغاني القيصر التي يحب لقد عاد لانطلاقه للحياة عقبما استلم عمله الذي يجد نفسه فيه وهذا ما يسعدها ربما ضاعت فرصته التي تمنى لكنه راض وهذا الأهم، تنفست برضاه ومالت نحو أصيص الزهور تمسك بوردة صغيرة تهمس له:
-السر السابع لليوم؟ هل أنت جاهز لهُ!؟
تناول كفها يحاول فتح الرسالة فامتنعت بدلال تضمها لها، بشقاوة لذيذة:
-لا تكن طماعاً، لك السر أو الرسالة إن طمعت في أكثر من واحدة لن تحصل على شيء.
مال نحوها حين رآها انتبهت لمناداة الصغيرة التي تنتظر إشادتهما بلعبتها أشارت بإبهامها لها وعادت له ضاحكة:
-ليس ذنبي، لقد علمتني الطمع.
تضخمت أنفاسها وطمعه ينتقل لها فترد بأصدق ما لديها:
-أعتقد أنك أكثر شخص قنوع قابلته في حياتي، بل أنك الأكثر زهداً رغم أنك تستحق كل شيء.
تمتدحه كثيراً وتسبغ عليه عبارات تظنها بعظمة الأكوان وانبهار الملوك وإن رآها هي واجبة عليه.. وبرضا يفعلها لأنها ببساطة التعقيد؛ لبنى:
-أنت امرأتي.. شريكة عمري وحياتي.. ما حدث كان واجباً عليّ التكيف مفروض معك بأي ظرف مهما كان.
ازدردت لعابها وشعر بالضيق، إذ كثيراً ما تشعره هي بتقصيرها.. وهو يحب التجاوز وعدم الوقوف عند المحطات فتمتم بغضب لشفتيها المرتجفتين:
-إن كنت تودين قلب السيرة بالحديث عن أفضالي فلا أمانع لكنني أضجر من النفخ وأمل بسرعة، هاتي سرك سريعاً.
سايرته وتبسمت لمحاولة تغييره الموضوع فتشجعت:
-أنا أمتلك ثياباً للآن منذ كنت مراهقة.. وأصغر أيضاً، كنت أحتفظ بالفترات والمشاعر.. وحتى أيضاً المواقف لدّي ذاكرة حديدية بكل أسف لا تنسى.
سألها متفاجئًا:
-حقا؟
ضحكت تهز رأسها كما كتفيها:
-للأسف أجل.
دق قلبه فضولاً ولهفة:
-هل قميصك الفيروزي المورد بالأبيض ما زال موجودًا؟؟
قطبت للحظة:
-الفيروزي ذا الجيوب المنتفخة!؟
نفى بغير صبر:
-لا.. قميصك هذا بلا تفاصيل أو أي شيء مميز، مورد بوردات صغيرة بيضاء كنت ترتدينه في الصيف مع سروال واسع لونه أبيض.
برقت عيناها بعد تفكير:
-أجل بالطبع لدي.
سأل سريعاً بغير صبرٍ:
-هل هو موجود الآن؟؟
أومأت فتابع بإلحاح:
-في بيتنا هنا؟؟؟
عادت تهز رأسها:
-أجل في مقتنياتي الخاصة بالطابق العلوي.
سحبها خلفه ومضى بها نحو السلالم فذكّرته:
-إلى أين؟ الطفلان بالحديقة.
-اتركي الطفلين وشأنهما، هما سعيدان بلا هوسك بهما.
وصلا الطابق العلوي وتوقفا أمام غرفة التخزين فأشار بكفه:
-هنا؟؟
أجابته بلهاث تمد كفها نحو صدرها:
-هنا لكن لماذا تسأل؟
-أريدك أن ترتديه الآن وللتو!
رفعت حاجبها بنفي:
-لا مستحيل أساساً لن يلائمني الآن كما ترى صرت ممتلئة أكثر وهو بات قديماً أي لا يصح ارتداؤه.
تهكم عليها ونظراته تمشطها بمجون:
-أجل أسمن بخمسمئة جرام على الأكثر أو ثلاثمئة إن كنا منصفين..
تخصرت تهم بالإجابة فسحبها للداخل:
-بدلاً من كلامك غير المفيد أخرجيه وارتديه.
دخلت بغير رضا، وإحقاقاً للحق انقادت للهفته فأخرجت القميص من بين كومة الأشياء وعلقت بضحكة:
-لم لا أستفيد من الثياب هذه في تصاميمي؟
نطق بتهكم:
-ستستفيدين وحتماً ليس الآن.
تنهدت ومضت نحو غرفتهما متسائلة عن جنونه وارتدته كما يجب، لم يصبر واقتحم غرفة التبديل فوجدها تغلق أزراره بتأنيها المعتاد، رفعت نظراتها لهجومه فكان مبهوراً بشكل لم تتصوره، القميص كان أضيق بالفعل عليها، ولم يعد كما كان رغم نحولها، وصلها يمسك خصرها فجرّها لألقه الذي مسّها كمسحورة، أغلق آخر زرين لها مع عبث وملامسات جريئة دائمة لا تستغربها منه، أغلقه وضم خصرها له:
-يجب عليّ أن أخبرك كم تبدين فاتنة به، وأن الفيروز خلق لعينيكِ وحدك.
ضمت شفتيها عن ضحكة فتابع بذات الروح:
-أساساً كل ألوان الحياة خلقت لوجهك باذخ الحسن والفتنة!
تزاحمت أنفاسها ونظراته لا ترحمها، بل تهب بعواصف وتبدل أحوالها، سحب كفها وعاد بها إلى الحديقة تحت تعليقات زاخرة ووقحة:
-سنكون مع الأولاد.. ومن ثم أحكي لك كيف لفتنتك أن تجسد كل أنواع الشغف وتحرض الروح لإلهامها.
انحسر نفسها فشاكسها:
-كنت أحتفظ بتعليقات خاصة ووقحة لا تصح حينها، تركتها لنفسي إلى أن تكوني حلالي ولن أحرم نفسي متعتها!
شهقت بغير تصديق فضحك يزود عياره:
-كفي عن انفعالاتك ستحرضنا الأفعال الشائنة.
كفت عن الحركة تتابع الطفلين ودوامة عقلها تسحبها لتساؤل أشعل ألف مضمار في قلبها، هل أحبها منتصر قبل أن يرتبطا؟؟ بل أين رآها في غير المرتين التي تذكر؟!
***
ومرت سنة والهجر عيّا ما استحى!
كان موسم الخريف الذي لا تحبه، شعرت بالحرّ ما إن صعدت قرب نائل الذي سيوصلها لإحدى زبوناتها، وبصورة مفاجئة شعرت برجفة من نال منه البرد فطلبت منه بهدوء:
-هلّا أغلقت المكيف، أشعر بالبرد.
ضم حاجبيه مستغرباً وسألها باستنكار بعدما التفت إليها نصف التفاتة:
-ما بك.. الجو حار هذا اليوم.
هزت كتفيها ورجفة مريبة تتسلق بدءاً من قدميها أشعرتها بوهن عظامها فعجزت فيها عن شرح حالها:
-لا أعلم.. حتى جسدي باتت تقلباته مريبة.
ضحكت بعدها تسبغ الأريحية في صوتها لتطمئنه:
-الخريف السبب، نتناول المثلجات فيه ونحن نرتدي معاطف الشتاء.
ضحك لفكاهتها المعنية في أسلوبها الساخر، فضحى تجعل من الجمل الصارمة نكات ليس إلا، ركن سيارته على مفترق شارعين حيث رغبت أن تسير المتبقي على قدميها، ودّعته وضبطت وضعية حقيبة كتفها الصغيرة وذراعها الأيسر تحمل الحقيبة الضخمة التي تحتوي مستلزماتها.
-سأهاتفك حين أنتهي مباشرة.
هز رأسه يوافقها ببسمة يعطيها إياها في كل مشوار لعمل تسعى به، بسمة (الثقة) التي تحتاجها وتجعلها دائمًا (جديرة) بها، نائل يعاملها كوالد وأكثر.. في حضرته هي طفلته ومدللته، يعطيها مساحة لا يحتلها سواها يعوضها فيها عن كل الأشياء والدنيا بأكملها إن أرادت..
مال على المقود يراقبها ويحفظها بعينيه متسائلاً:
-متى نضجتٍ يا ضحى؟
قبل سنتين حين تزوجت ثريا أدرك أنها قفزت سنوات عدة بشكل لم يحصل معها أثناء طلاقها، طوال حياتها متدثرة بغطاء ثريا حتى (عرّاها) الواقع أمام نفسها فارتدت (دثارها) هي.
وتجارب ثريا علمتها (الاجتياز) عوضًا عن (الوقوف) عندها فهو وكأخ لهن الاثنتين يقر داخل نفسه بــِ تفوق ضحى عن ثريا والمقارنة غير عادلة بالطبع فثريا ألف ثريا وكفى، تنهد حين اطمأن لدخولها العمارة فاستدار بسيارته عائدًا نحو مخبزه.
***
سارت بهدى في الطريق الصاخب بأهله وقررت الاندماج معهم إلا أن هاتفها الذي رن باسم لبنى أوقف رحلتها.
-ضحى.. الطرد الخريفي سيكون الليلة عندك إن كان يناسبك بالطبع.
توقفت ضحى وأخبرتها:
-حسناً سأكون في انتظاره.. الآن أنا في طريقي لإحدى زبوناتي.
اعتذرت منها لبنى للتوقيت وسألتها:
-هل أؤجل جلبه للغد؟! لا مشكلة.
مسحت جبينها وشرحت لها، فضحى باتت إحدى الوجوه الأولى لعلامة لبنى الخاصة في التصميم وعرض منتوجاتها عبر صفحتها والترويج لمعرضها الذي تم افتتاحه منذ شهور، وللأمانة هي معجبة بتطريزاتها وأزيائها التي تجمع اللمحة الماضية للفلكلور والتقاليد القديمة بلمسة عصرية جعلتها مميزة، فترويجها لحب ما ترى وتود إشاعته وليس تجارياً كما تعلن عن غيرها..
-لا عليك لبنى.. فدوى ستكون في المنزل مساء وتستلم الطرد.
تابعت حديثها
-أنا ممتنة لك لبنى.. شكراً لذوقك.
***
أنهت الحديث معها وأكملت سيرها ببطء مستغلة وحدتها، تخطت أول مربع سكني وحين خطت الثاني تنفست روائح الطعام التي فاحت من البيوت، دغدغها جوعٌ غريب و شعرت بألفة مريبة تستقر عبر حواسها وتعانق كل خلاياها، وللحظة واحدة شكّت بأنها تنتمي إلى رائحة بعينها أو أن مذاقها قد سكنها وعاشرته، تباطأت خطواتها لتتشرب رائحة البصل والثوم المحمص بزيت زيتون لا تخطئ رائحته مع فلفل حار وحلو إن لم يفقد حدسها قوته، هذا المزيج تتذكره وتحفظ تفاصيله عن رأي قلب وذاكرة، رماها أحد الصغار بكرة لعبٍ أصابتها الضربة في صدرها فتأوهت وأغمضت عينيها ألمًا وضعت كفها تمسد مكان الضربة ثم تحاملت على نفسها وهبطت تجلب الكرة التي لم يتجرأ الصغار على الاقتراب منها وناولتهم إياها بتمريرة من قدمها وإشارة دعم من إبهامها:
-استمروا يا أبطال.
ابتسمت مما أحال وجوههم المترقبة إلى مطمئنة وباسمة، فتركت الأطفال وهاتفت الزبونة التي عرفت منزلها من الزينة المحاطة به.
***
جفف موسى شعره بعد حمام طويل قضاه في تنظيف كفي يديه من الدهان الزيتي، استلم ورشة أفقدته كل طاقته يعود مع وجه الصبح، وتمتد راحته حتى أذان الظهر.
-ماذا طهوتِ لي يا ست الحُسن؟
ناكف والدته حين دخل عليها فضحكت في وجهه ضحكة العمر التي تخصه بها وأجابته ببهجة بعدما تلقت قبلة كفها ووجنتها.
-كبسة، أعلم كم تحبها.
وهي طهتها لأجله حين استيقظت ورأته في صالة البيت نائماً بحذائه على الأريكة فرقّ قلبها وتذكرت أنه لم يتناول الطعام معها هذا الأسبوع.
-كم اشتقت لطعامك.. زودي كمية الأرز.
تناول حبة جزر من الطبق الذي تقطع فيه، وأخذ كتفها في ضمة ذراعه:
-هل تحتاجين مساعدة؟
نفت بهزة رأس ونهضت صوب المقلاة تضيف الجزر لخليط الفلفل والبصل مع الثوم وزيت الزيتون.
-فكّري فهذا عرض مثالي.. ألا تريدين سلطة؟
نفت مجددًا وأخبرته بمغزى:
-مريم ابنة خالك ستأتي لتجهزها لنا.
رفع حاجباً مستهجناً:
-ولم مريم تصنعها لنا؟ أنا قادر على صنعها.
حركت المقلاة وأخذت نظرة خاطفة على الدجاج المسلوق وسألته بعد نفس قصير:
-ما مشكلتك مع مريم؟
همس باستغفار وقال بأعصاب يسيطر عليها كي لا يرتفع صوته في وجه والدته التي تبقت له كل الدنيا بعد وفاة والده.
-أمي، مريم مثل أختي التي لم تنجبيها.. فلم َ تكون لي مشاكل معها؟!
تنفست بغضب وحركت الملعقة الخشبية تصحح له:
-مريم ابنة خالك وليست أختك.. دعك من هذا الكلام.
-ابنة خالي وبمقام أختي ولا مشاكل لدي معها.
اصطدمت كرة اللعب التي يلعب بها أطفال الحي في النافذة فتقدم بغضب منها يزجر الأطفال الذين لا يحترمون الجيران، استغل في توبيخهم فرصة ليبتعد عن والدته إلا أن هروبه من أمه قاده لأكبر عذاب يهرب إليه فيه من نفسه؛ حين مال من طرف النافذة وجد شابة ما تنحني صوب الكرة وحين رفعت رأسها عرفها من مبسمها فلم تكُ إلا صبحه الخجول.
تابع المشهد بغمّ أطبق على صدره فشوش نبضه وأعسر أنفاسه التي تصالحت برؤية والدته، ولم يترك المكان لوقت طويل.
قبل سنوات حين طلب والده الرحيل جن واستنكر ورغم ذلك أطاعه ولم يبلغه والده نيته في الرحيل إلا لحاجة في نفسه قضاها، وحين انتقلوا للعيش هنا لم يكمل والده الشهر إلا وكان قد توفاه الله.. في حينها لم يدرك موسى غايته، حتى علم أن والده جلبه لهذا الحي كي يزرعه بين أقاربه ويترك له عزوة إن رحل، تنهد وترحم عليه من قلبه لحسن ما صنع حتى سمع صوت أمه قربه
-موسى ما بك؟
ازدرد لعابه ولم يتعن إخفاء ضيقه فتقاسيمه تنضح بالتوق رغماً، تقلبت سحنة والدته وسألت بإقرار:
-ضحى مجددًا؟
تعرف سبب هذا الوجه الذي يرتديه طوال وقته ولا يتركه فعاتبته:
-لم هي بالذات؟ ما الذي تمتلكه ابنة الخباز وليس عند غيرها؟!
لم يجب سوى بتنهيدة أعجزت والدته عن فهمه:
-تكفي لأن تكون هي ولا يلتفت قلبي بعدها أبدًا.
احتشدت عبراتها في مآقيها وذكرته:
-انسها.. هي تقف بينك وبين كل فتاة يمكنها أن تسعدك.
غمغم لعينيها الدامعة بصوت أنحب قلبها بعدم صلاحه لبعدها:
- بل تقف بيني وبين الحياة.. هي أو لا أنثى غيرها.
-ما الذي تملكه يا موسى ضدك؟ قل لي.
قبّل جبينها وود لو اعتذر لها فما من قوة يملكها ليزيح ألمها عن إجابته.
-تملك قلبي.. ألا يكفي؟
تركها بدموعها وحسرتها وغادر للصلاة يفرع أوجاعه ويستودع قلبها له عند الواحد القادر على جمعهــما!
***
أنهت زينة الفتيات كما العروس وانضمت لأهازيج الفرح معهن حتى يأتيها نائل، تراقصت بكتفيها وميلت كفيها مندمجة حتى ضربها الحماس في مقتل وقادت دبكة " الچوبي" مرددة معها مقاطعها حتى قالت إحدى شقيقات العروس:
-أنت فظيعة يا ضحى.. أشعلت حماس الفتيات.
ضحكت تهز رأسها وكفها تلوح بالسبحة تزامناً مع هزة كتفيها أثناء المشي بالدبكة:
-أنا متعددة المواهب.. ستجدينني في كل شيء أبهرك.
صدقتها الفتاة مؤيدة:
-حقا أنت مبهرة.
رفعت حاجبها بغرور ضاحك وهزت رأسها بالضحك تغني:
(وليد العم ما أريده أريد وليد جيرانه..)
تعالى تصفيق الحاضرات وغنين بصوت أنثوي واحد:
(ولج عرنة ولج خانة يولي وين ربيانة.)
مشاركة الفتيات أشعلت فرحاً خامداً في صدرها فتغيرت نبرتها التي استقبلت نائل بالضحك والكثير من الطاقة فانتقلت له العدوى بصوتها وسألها إذا ما أنهت عملها فردت عليه بلهاث:
-انتظرني عند المفترق.. دقائق وآتيك.
ودعت العروس بعد ألف صورة لعملها المبهر وهبطت برشاقة تدندن المقطع الذي سمعته لأول مرة بصوت غريب إلا أنها أحبته:
-هذا الحلو اللي مرّ سلّم علي.. يا ناس قولوا اللي بس إيش أسـ..ــو..
وانقطعت حروفها تزامنا مع تشغيل محرك شاحنة صغيرة تحفظ رقم نمرتها ولونها وأعطالها وحتى قطع خرابها فارتدت بشهقة مصدومة مستغلة انشغاله في التعامل مع المقود ونقرت بكفها على صدرها:
-بسم الله على قلبي.. هذا موسى.
همستها بخفوت لقلبها الذي ارتعب مرغماً، هذه أول مرة ترى شاحنته ومكان سكنه رغم تعقبها لصفحاته على مواقع التواصل، هذه الشاحنة غلاف صفحته الذي لم يغيره من ثلاث سنوات، شدت ظهرها ورفعت رأسها وكأنها ما لمحته ولا أوقع قلبها الذي تجاهد فيه أمامه كي لا ينساب أسفلها، خطت خطوتين ويبدو أنه انتبه من بوق شاحنته اللحوح، التفتت إليه تتصنع الانزعاج وحين تعانقت المقل افتعلت دهشة!
وردت التحية بالحاجب..
-ما الذي تفعلينه هنا؟
شدت حقيبتها:
-ألا تمتلك أسئلة أخرى عوضًا عن سؤالك هذا؟
وتركته تعطيه ظهرها متقافزة خطواتها تركض ركضاً كما نبضاتها حتى وصلت لنائل صعدت وقبلت وجنته:
-نائل أشعر بحب مفاجئ لهذا الكون.
***
كأنك العمر إذا اختزل في لحظة!
سنة تلو السنة وكل سنة تعيشها برفقته تشعر فيها كأنها ملكة، هذه الراحة كثيرة عليها وأفقدتها جل طاقاتها، تعيش له بالمقدمة وللطفلين، هو صعب لا تنكر لكنها أصعب، اليوم ذكرى الأم من آذار كل سنة.
--وضاح أود جلب شيء خاص لخالتيّ ربيعة وعواطف.
تعتبرها بمقام ربيعة ويكفي لديها أن تكون والدة وضاح إلا أنه رد بنصف مزاج:
-أي شيء لا فكرة لدي عن هداياكن.
تأففت في وجهه ونهضت عن السرير فأعادها بصوت لا نقاش فيه:
-عودي بفنجانين من القهوة وإياك أن تنهضي وأنا جالس.
أطاعته تبرطم غاضبة مفكرة بشيء خاص حتى اهتدت لخواتم ذهب فهي تعرف حب النساء له.. صبت القهوة وعادت إليه منتصرة برأيها السديد.. فهي بحمد الله تمتلك رصيداً في المصرف لم تمسه منذ أن تزوجت أو بالأصح هي لم تستلم راتبها منذ تزوجت إلا لتفاصيل شخصية تحتاجها، فوضاح يمنعها من صرف فلس واحد على البيت رغم أن ذلك يغضبها.
من بكورة الصباح تركت الصغيرين برفقة فدوى وأخذت ضحى لتختار معها، ذهبتا لسوق البيادر الشعبي حيث محل الذهب الذي جلبت منه مصاغ خطبتها وأصبح هو عميلها للأبد، هبطتا تحت ضجر ضحى ولم تنتبه ثريا للسيارة التي صفت أمام المحل.
-هيّا اختاري لي شيئاً ثقيلاً ومميزاً فكلتاهما تستحق.
شمرت ضحى عن أفكارها وبدأت تجول على الحوافظ الذهبية منذهلة من كمية الجمال، استقرتا عند خاتمين وقبل الحساب وجدت زوجها يخرج من الغرفة الخاصة بالضيوف وبيديه حقيبة كبيرة، ابتأسات في وجهه ودمدمت:
-لقد ضاعت مفاجأة خالتي.
مطت شفتيها أمام نظراته حين اقترب وسأل:
-ما الذي تفعلانه هنا؟
ضحكت ضحى وحاولت تطرية الجو عن شقيقتها التي بدت وكأنها رأت شبحاً:
-ما تفعله أنت هنا.
شاكسته بحاجبها فضحك لها وأخبرها:
-أية مساعدة؟
أشاحت ثريا بوجهها فمال عليها يسأل:
-أي عفريت حضر في وجهك.
كزت على أسنانها وردت:
-هادمٌ اللذّات على ما يبدو..
ابتسم بقسوة ومال يأخذ الخواتم من بين يديها:
-سيحقق لك غايتك لا تهتمي.
حاسب على الخواتم وحين خرجا أوقفته:
-هذان الخاتمان هديتي الخاصة لا أسمح لك بالحساب عني.
تجاهلها وصعد فتبعته تحت نظرات ضحى المستمتعة فلا أحد قادر على هزم ثريا سوى زوجها...
ليلاً
مرت بمنزل عائلتها أولاً واكتشفت أن وضاح جلب لربيعة سواراً ناعماً ألبستها إياه وأعطتها الخاتم الذي جلبته لها، ثم مرّوا بصغارهما على رونق التي اعتذرت عن المجيء لعائلتها فعلاء وشقيقه في منزل عائلته، استقبلته بضحكة فعانقها وقبلها على جبينها.
-لن أتأخر دقائق وأذهب.. أمي في انتظاري.
خرجت له صغيرتها رواء التي أسماها علاء جامعاً مقدمة حروفها وختام حروفه معاً وتعلقت بقدمه فأخذها يقبلها:
-أهلاً بمدللة خالها.
لم يقف الحضور هنا فدخل عليهم مؤيد الصغير توأم رواء الذي أسمته على اسم شقيقه الذي فقدته، وتبعه باسل فأعطاهم حصة حبه وقبل أن يغادر ألبسها هديتها سواراً ناعماً مربوطاً بخاتم له حجرة مميزة
-كل عام وأنت أعظم امرأة وأجمل أم في هذا الكون بأكمله.
احتضنته وشكرته بحب لا ينقطع، ثم كانت محطته الأهم والدته الذي حضر لها طقماً من الذهب وحين ألبسها إياه مسح لها دموعها:
-قليلٌ بحقك كفي عن دموعك.
مسحت دموعها وأضافت له بأمومة:
-عساني أذوق نفعك لآخر العمر..
ولضوء حياته وبهجته، كهرباء منزله المتوترة على الدوام كان لها سلسلة تنتهي بجوهرة شفافة تحوي حبة بُن كبيرة، أخذ عنقها الطويلة وألبسها إياها تحت انبهارها:
-أنت حبة البن لقلبي الذي أعدتِ ضبط مزاجه!
***






Lamees othman غير متواجد حالياً  
التوقيع
ست وعشرون نجمة وبضع من سماء روحي معلقة بين ثنايا الأفق!



(وَاجْعَل لِّي لِسَانَ صِدْقٍ فِي الْآخِرِينَ)

سبحان الله والحمدلله، ولا إله إلا الله، والله أكبر.❤
رد مع اقتباس
قديم 06-08-22, 10:38 PM   #3060

Lamees othman

كاتبةفي قسم قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية Lamees othman

? العضوٌ??? » 453673
?  التسِجيلٌ » Aug 2019
? مشَارَ?اتْي » 2,373
?  مُ?إني » Jordan
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Jordan
?  نُقآطِيْ » Lamees othman has a reputation beyond reputeLamees othman has a reputation beyond reputeLamees othman has a reputation beyond reputeLamees othman has a reputation beyond reputeLamees othman has a reputation beyond reputeLamees othman has a reputation beyond reputeLamees othman has a reputation beyond reputeLamees othman has a reputation beyond reputeLamees othman has a reputation beyond reputeLamees othman has a reputation beyond reputeLamees othman has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   pepsi
¬» قناتك mbc
?? ??? ~
وسخر لي الجسد والحواس في سبيلك
افتراضي






***
تكررت زيارتها لحيّ موسى رغماً، فالناس أحبت عملها وهذا مصدر رزقها بعيدًا عن نافذة قلبها الذي تهوى الطرق عليها، أوصلها نائل وقد رأيا حادثاً مروعا أخافهما، وصلت لبيت زبونتها وخرجت من عندها أبكر مما توقعت حاولت الاتصال بنائل والشبكة ضعيفة فظنت أن خلل الاتصال مؤقت فصدمها ضعف الشبكة خارجًا.
-يا إلهي لماذا لم يجب نائل!
أخذها خوفها عليه إلى حد الرعب فتذكرت الحادث الذي مرا قربه، وكانت قد خرجت من عند زبونتها وصعبت العودة إليها لتطمئن.
-حتى أنت ثريا لا تجيبين!
هاتفت الجميع والهاتف يعطيها ذات الإجابة المستفزة ضربت بقدمها الأرض من أسفلها وطالت وقفتها حتى جاء إليها من انتظرت مجيئه وإن لم يصرح قلبها يضع كفيه في جيبيه متسائلاً:
-ضحى أقلقتني ما بك؟!
أجابته بنجدة الغريق وأشارت لهاتفها شاكية:
-أحاول التواصل مع عائلتي لا ينفع.
تقدم منها خطوة وعاود خطوتين تبسط فمه فيما يشرح لها:
-لقد حصل حادث سير قرب هنا وأبراج الاتصالات تدمرت بسببه.
توتر فمها وسألته بأول ما جال في خاطرها ملهوفة:
-متى حدث ذلك.. وهل هناك إصابات؟
طمأنها سريعاً:
-أجل إصابات ولم يمت أحد.
-كيف سأتواصل مع نائل ليأخذني كما ترى فلا سيارات أجرة هنا.
سألته متهدلة الكتفين بلا حيلة فاقترح عليها:
-ما رأيك أن أوصلك.. لا يصح وقوفك هنا ستمطر كما يبدو.
-لا.
قاطعة وحادة ولا مجال لأن تلتئم أو يحاول فيها، فقرر أن يهادنها بشيء، فالجو بارد وهذه تعاند بشكل درامي ولا محل له من المنطق.
-تعالي إلى منزلنا سأتركك مع والدتي ريثما أتواصل معه وأطمئنك.
من العدم حل شريط لهوهما السابق فهزت رأسها بعناد تنفي وتبتعد للخلف تجيب الماضي لا هو:
-لا.. لن أفعل وأذهب معك.
تأفف من دراميتها:
-ضحى الموقف لا يستحق رفضك.. أود تأمين مكان لك عوضاً عن الشارع.. سأصل لنائل سريعاً لا تقلقي.
عاندت وتكتفت في الشارع فغاب عنها بعد ألف محاولة فغمغمت بقهر حين عاد:
-الوغد كيف تركني ورحل.
والوغد عاد برفقة أمه بعد وقت قصير، فاستقبلت قدومها بشهقة وسبة له فيما تقدمت والدته منها وحيتها.
-ضحى حبيبتي الجو بارد عليك لمَ تقفين في الشارع هكذا؟!
توتر فمها وشعرت بخرس فردت بلعثمة:
-أنتظر نائل.
تنهدت والدة موسى وأخبرتها:
-وهل أنت طفلة صغيرة؟! تستطيعين تدبر نفسك.
ازدردت لعابها ونظرت في عيني موسى تستنجد فأجاب بغباء:
-حسنًا لا تصعدي لمنزلنا ابقي مع أمي في السيارة.
-هل تجلسني في السيارة يا ولد لأن ضحى لا تود دخول بيتنا.
التفت لضحى بعينين مصدومتين ثم أمرتها بقسوة:
-هيّا معي يا ضحى بدون أي كلمة..
لم تنظر ضحى لموسى، بل سارت بطاعة قبل والدته التي طردته من أمام السلالم:
-سحنتك لا أراها هيا من أمامي بدون أي كلمة.
نفخ بضيقٍ عقبما استغفر.
-لم أكن لأتبعكما يا أمي هداكِ الله.
-أجل طمأنتني.. كنت لأظن غير ذلك.
صعد درجة وطلب:
-هاتي رقم شقيقها من فضلك...
أبقاها مع والدته التي أخبرتها بوفاة زوجها وقصت عليها كل أحداث حياتهما ولم تبخل ضحى التي أخبرتها بكل شيء، استطاع موسى الوصول لنائل ومهاتفته وإخباره بما حدث، كانت قد ارتشفت معها القهوة ورفضت أن تذهب بالصينية فأخذتها هي للمطبخ، وتباً لفضولها إن تركته، استطالت على أطراف أناملها وألقت نظرة على موسى الذي ترقد أقدامه أسفل البيت في حضرة المطر الخفيف، تلاهت بغسل الفناجين
-ها أنا قادمة.
نطقت بها وهي تلقي نظرة ضاحكة مستمتعة وعاشقة له ولأسفها هي طالت..
ولأسفه هو استطالت نظرته ورفعت سقف توقعاتها والتفت برأسها الصغير الحشري الذي يسترق النظر إليه، تأوه ملتاعاً والغبية تتلصص عليه وشقيقها قادم، لم يعرها أهمية وشكر الله أن هربت حين استحضرت نائل الذي جاء وحيّاه.
-يا غبية لم يروك صحيح.
خرجت بتخمة شوقها لوالدته تنتظر رحيلها بألف خوف، تبادل نائل معهم الحديث وحين استفرد بها في السيارة سريعًا ما أخبرته.
-نائل سأخبرك بكل شــ..
قاطعها بنظرة لن تنساها لأمد العمر:
-لا تقولي شيئاَ.. أنا أثق بك وأعرفك تمامًا.
برقت عيناها ببريق جاهد فيه لسنواتٍ كي يحصل عليه (هو) ولم يدرك أنه ترك في داخلها أثراً (آلمها) فكيف تخبره أنها تجاسرت وحاولت النظر لموسى.
***
صفت رونق سيارتها قرب متجر لبنى، هبطت وسارت بهدوء نحوه تحرك جيب بذلتها الرياضية برنين علاء الذي كانت قد قررت أن تخبره بوصولها ريثما تصل المحل، مسحت الشاشة وأجابته مستندة بوقوفها على إحدى صناديق الألعاب المزروعة أمام واجهة المحل المغطية لثلاثة طوابق.
-أجل علاء، لقد وصلت.
سألها بإلحاح وقلق عن حالتها أثناء القيادة فأخبرته بعدما مسحت جبينها:
-لم يحدث معي شيء، كان الطريق سالكًا.
تبسمت له حين أنهى محادثته معها:
-بأمان الله أعطيني خبرًا برحيلك.
منذ أن استقلت بسيارة خاصة لها وهو غير مرتاحً البتة يجن جنونه ويقلقها باتصالاته الكثيرة خوفاً عليها ورغماً عن أنف كل شيء.. هي تعرف صدقه.
للآن تعترف بنوباتها الخاصة التي ترهق كليهما، لها موعد حزن أبدي مع الشتاء حين عرفت بخيانته.. تحفظ التاريخ واليوم والساعة.. لكنها هي من عادت له برضاها فتدرك أن عليها التغلب على نفسها، كانت قد تركته في آخر قائمتها التي تضم اسمها أول السطر وأوسطه وهو خاتمته.. حتى أطفالها هي أم جيدة لهم لكنها لم تعد بذلك التفاني، ببساطة هي استقلت عنه منذ زمن.. وتعلم جيدًا أنه يتحمل جزءًا من عذابها له لأجل الأطفال.
رن هاتفها فكانت لبنى فجرت سريعاً وهي تنهي معها المكالمة وخطت نحو الرواق سالكة نحو الطابق الثاني.
-أهلاً رونق.. اشتقنا.
ببشاشة نطقت بها ناي التي تعمل في المتجر فبررت لها رونق بإرهاق:
-كنا في جرد البنك المعتاد.
-سأصنع لك شيئا تشربينه ريثما تأتي مدام لبنى دقائق وتكون هنا.
سارت رونق بين الأزياء المعروضة وأخبرتها:
-أجل هاتفتني منذ لحظات.
عادت ناي بعد دقيقتين نحو رونق بكوب من القهوة، تربطها في رونق علاقة قريبة فهي شقيقة نديم الذي يعمل في مصرف الفقيه وهي من تدبرت بأمر عملها هنا، رونق ملهمتها وتعشق كل شيء فيها.
-أخبريني عن انتقائك هذه المرة لأساعدك.
التفت لها رونق وسألتها وفي كفها ثوب سهرة:
-بل أخبريني عن عملك أنت هنا..
تبسمت ناي وأخبرتها بحماس أظهر إشراق ملامحها:
-المكان مميز.. مميز جدًا والسيدة لبنى أكثر من لطيفة.
هزت رأسها رونق بارتياح وأخبرتها:
-أنا أريدك أن تكوني سعيدة ومرتاحة.
حل عليهما صوت لبنى التي جاءت ونادت:
-لقد أتيـت.
تبادلتا القبل والسلام الودي، مشت لبنى صوب مكتبها وطلبت من ناي:
-مشروبي المعتاد حبيبتي.
-دقائق ويكون لديكِ.
راقبت حركة العاملتين الأخرتين وحيتهما ببسمة، فهي تأتمن ناي على المتجر ولا تأتيه إلا لمامًا كحال اليوم من أجل رونق وشرائها، طبعها البيتوتي غلاب، إذ تحب أن تخصص وقتها لبيتها أكثر طالما أنها مرتاحة وتصمم شغفها.
-أجل ما الأحوال..
ضحكت رونق وأجابتها
-كل شيء بخير.. أنت طمئنيني عنك.
تأملتها لبرهة فهي تحب استقلال رونق وشخصيتها ذات المذاق المتماوج بين الثقة والقوة فأجابتها بصفاء.
-كما أحوالك بالضبط.
-سعيدة بعملك.
أومأت لبنى بحماس إذ منذ بضعة شهور افتتحت متجرها بعدما توسعت نقاط التوصيل خاصتها.
-جداً رونق أجدني في هذا المكان جدًا.
أمسكت رونق كفها وأخبرتها بدعم حقيقي:
-هذا المهم.. أن تكوني راضية عن نفسك وتجديها، ستلهمين وتخرجين أروع ما لديكِ، نحن نبدع ما أن نجد أنفسنا في أي مكان تتثبت فيه خطواتها.
-معك حق.. هذا الشيء الذي كان ينقصني.
تبدلت أحوال الحديث حتى انتقلت للصغار.. رفرفت لبنى بأهدابها وعبس فمها تشكو:
-أنا أريد طفلاً.. أشتاق جداً لأن أكون..
قطبت رونق وتساءلت:
-ما الذي يمنعك؟
برمت شفتيها وأعربت بضجر:
-منتصر السبب يخبرني بأن عليّ أن أكون جاهزة لاستقباله.
نفخت بسخط:
-ويرى الآن أنني لست جاهزة بسبب المتجر.
أكدت رونق بهزة رأس:
-معه حق.. تحتاجين وقتًا.. أما إن كانت رغبتك به أكبر من شغفك بالعمل فرغبتك أولى بالطبع.
تنهدت لبنى وهزت رأسها بشرود فأخبرتها رونق قبل أن تستقيم:
-وازني خيارتك وكل شيء سيكون بخير.. هيا تعالي لتساعديني في انتقاء ثوب.
-ما مناسبته؟
ردت رونق بتلقائية:
-سهرة بنات العائلة كالمعتاد.
التمعت عينا لبنى وسألتها بمشاكسة:
-ألا يوجد ثوب خاص لأجل علاء؟
ضيقت رونق عينيها:
-لا مانع لدي.. سأرى مقتنياتك وحسب إغوائها لي سأشتري.
ضحكت لبنى بانطلاق وأكدت بثقة:
-أخشى أن تأخذي المحل بأكمله.. هذا الفن تخصصي.
سريعًا ما اختارت لها لبنى ثوبًا ذهبيًا لأجل السهرة، وآخر كان أسود ملكياً ناولتها إياه بخبث:
-هذا كفيل بإطاحة علاء.
***
**
السبت الثالث من كل شهر موعد ناظم مع أبنائه وحفيده باسل الذي جاء ليلعب معهم الألعاب الشبابية المعتادة في يوم كامل يخصصونه لوالدهم بكل حب ويحرصون فيه على السعادة المطلقة تاركين كل شيء خلفهم، كان اختيارهم اليوم مزرعتهم في السلط كموقع بعيد عن الفوضى، رشف منذر فنجانه السادس من الدلة التي جلبها علاء معه وعلق:
-قهوتك بلا مذاق.
بسط علاء فمه له بلا ضحكة وكشر في وجهه:
-كلحمك النيء تمامًا.
قصف بها علاء جبهة منذر الذي يتهكم على كل شيء وترك عنه القهوة لسوء مذاقها وأضاف بتلاعب:
-أمي هي التي وضعتها في الدلة سأخبرها برأيك.
فتح منذر فمه بشكل درامي وصحح:
-ظننتك أنت وتهيأت نفسياً لسوئها.
سحب علاء من نرجيلته والتقط حبة فاكهة يؤكد له:
-ورغم تهيئاتك النفسية لسوئها أجهزت على نصفها؟
رفع منذر كتفيه باستسلام وقال:
-هل أرجعها فارغة؟ عارٌ عليك علاء.
أدار ناظم دفة الحديث وقال ينقذ منذر الذي قصفت جبهته ولم تعد تظهر أبداً:
-أروني مراجلكم في السباحة هيّا.
تسابقا في المسبح وباسل يحاول اللحاق بهما، وصلا في الوقت ذاته مما سر قلب ناظم، هذا موعدهم كل شهر يسرقون من عمر المشاغل وقتاً مستقطعاً لهم ..يصنعون فيه كل شيء بأنفسهم يطهون له ويعدون الشّاي وختامها اليوم كان مسكًا بلعبة الشطرنج حيث غلبهما فيها علاء، فعلاء ملك اللعبة كالمعتاد ولا يجرؤ أحد على غلبه، اقترح ناظم بعدها لعبة كرة السلة لحاجة جسده للرياضة فهو لم يأخذ كفايته من كرة القدم اليوم بسبب منذر وخوفه عليه.
-إمكانياتك تدهورت يا زعيم.. اعترف بعمرك يكفي.
هتف بها منذر وهو يناور والده لمرمى السلة وسجّل نقطة فأعلن باسل دعمه لعمه منذر وعلاء يوبخه:
-شجع جدك يا ولد.
انتهى يومهم وعادوا للبيت الذي تتجهز فيه النساء للذهاب لسهرة نسائية معتادة، صعد علاء لطفليه ورأى رونق تتجهز قبل مرورها على المزينة التي جاءت بشكل شخصي، حين رأى علاء زوجته لا يعرف كيف سمح لنفسه أن تخرج بهذا الثوب ليوم نسائي بحت، هذا الثوب يتوجب أن يكون لأجله لا لأجل ثلة نساء
-رونق هذا كثير لأجل سهرة نساء.
تخصرت له وتهكمت:
-ما الكثير؟
علق ضاحكًا :
-أريد مثله.
تناولت مؤيد من يده وضحكت:
-لا تستعجل على رزقك ..لك شيء أجمل منه.
سأل بلهفة:
-الليلة؟
ضحكت ولم تجبه فتوعدها بنظرة ماجنة وهبط للأسفل يتميز غيظاً وجلس قرب شقيقه الأسد منذر الذي سأله بحسرة:
-هل انتهت المزينة؟
مط علاء شفتيه ورد بخيبة:
-ليس بعد!
-هل تبدو هذه الحفلة ضرورية؟
تأفف علاء وأخبره بنزق:
-ليست امرأتك الوحيدة الحامل في هذا الكون.
**
-جيداء لا تتحركي أرهقتني بحركتك.
بغيظ ترجت ضحى جيداء التي تتحرك وأفسدت رسم العين خاصتها
-الطفل لا يريحني حركته متركزة في الشمال.
نفخت ضحى وصححت لها:
-بل تناولك الطعام السبب.. انتظري ريثما أنتهي.
تبرمت جيداء وتناولت حبة كرز وغمستها في الملح قبل تناولها، بالرغم من وزنها الذي فقدت أكثر من نصفه وخسرت أكثر في حملها، إلا أن شهيتها مفتوحة طوال الوقت وتشتهي كل الأشياء غير المتاحة كاللوز الذي اشتهته في غير وقت وتتناوله مع الليمون
-إن شاء الله أراك حاملا وتلتهمين الأخضر واليابس يا ضحى.
مسحت ضحى خطاً أفسدته جيداء وأخبرتها:
-أنا آكل الأخضر واليابس بدون حمل لا تقلقي.
أنهت معها عملها بعد جهد، وأخبرتها عن حماسها لصنع ليلة خاصة لمنذر لأنه كان في دورة طبية أبعدته عنها واليوم كان مع عائلته، مسدت على بطنها المكورة وهمست لصغيرها:
-سنصنع ليلة جميلة مع والدك حبيبي جاد.
-الويل لك ضحى إن لم يعجبني شكلي.
..
بدأت ضحى بزينة رونق لم يحتج وجهها الكثير قبل أن تنهي آخر لمساتها، لاحظت سؤالها المتكرر عن مؤيد كل حين ويطمئنها باسل عنه وعن وجوده حوله، حتى أجابها مرة:
-لم أره ..لا أعرف أين هو.
انتفضت وأرعبت ضحى بسؤالها المذعور:
-أين هو؟!
دارت وأربكت ضحى التي توقفت ببلاهة:
-مؤيد ..أمي أين أنت.
كادت تصرخ كمكلومة:
-أين هو ..أين؟
تبحث خلف الأرائك والستائر حتى بحثت في الحمامات عنه بلوعة معتادة حفظها أهل المنزل وأخيراً وجده باسل مع شقيقته أسفل الطاولة احتضنته وقبلته ملهوفة، كما بدأ كل شيء انحسر كل شيء وعادت بسكون تضحك وتطلب من ضحى إكمال الزينة، ضحى التي هدأتها جيداء وأخبرتها بعدما أنهت زينة نجوى:
-لا تخافي هي تعيش حالة خاصة مع هذا الطفل.
رق قلبها وتابعت:
-تعتبره عوضها وبديلاً عن أخيه الذي مات..
ثم شرحت بمأساة وحزن:
-تعتبره هو ..تعيش معه أنه طفلها الذي توفي، لكننا اعتدنا عليها وعلى حالاتها هذه.
..
تحرك منذر بغير أريحية، رباه! منذ أسبوعين لم يرها وأمس عاد منهكاً ولم يشأ أن يوقظها وهي متعبة هكذا في شهور حملها.. ناظر ساعته وسأل:
-هل السهرة ضرورية؟
مال منذر نحو علاء الذي ضحك وقال:
-لا ليست ضرورية أبدًا .
أيده منذر الذي بدأ يخطط بهمس بعيداً عن والده الذي يتابع الأخبار:
-ساعة كافية للاحتفال النسوي الذي لا يعجبني ..هيا بنا.
شاركه علاء الجنون:
-لا نساء لدينا تقضي وقتها بعد التاسعة ..العار لنا.
تسحبا بخفة فناداهما ناظم :
-غادرا البيت لكن بعد أن تجلبا لي هدى ..هيّا أيها الأوغاد.
-هو السبب!
-هو السبب!
اعترف كل منهما عن الآخر فقال ناظم بتوبيخ:
-ابتعدا عني ..تريدان نساءكما وجالسان عندي.. لم؟ هيا كل واحد يستفرد بامرأته .
ركضا بدون تفكير وسعى كل منهما بخطة جلب امرأته لنداء والدته، ابتلعت رونق الطعم التي ذهبت لتنادي على خالتها
وما إن هبطت إليه لترى ما يريد رمى عليها بعباءة لوالدته وأمر:
-دقيقتين تجلبي فيهما الصغيرين وهيا للمنزل .
قطبت جبينها وحاججته:
-هل جننت؟
أكد لها ببديهية:
-أجل وتركت العقل لك.
..
عند منذر أخبرها بذات الطلب فهبطت له وحسبما أمرها لم تلبس مكشوفًا واكتفت بحجاب يغطي رأسها دون رقبتها، بحثت عنه في الساحة الخلفية للمنزل، التف من خلفها وقبض على خصرها بيد والأخرى كممت شهقتها:
-افتقدتك.
أراح كفه ومس بطنها حين نطقت بحب:
-منذر؟
مال على كتفها الذي قبله:
-عيون منذر الذي اشتاق ..واشتاق ..وتباً لشوقه لا ينتهي.
تمايل في وقفته بها فهمست بوله:
-وأنا اشتقت لك.
مال على عنقها الذي تحرك بحنجرتها التي تأثرت به:
-أخبريني عن شوقك.
أحاطت يديه وناوشته:
-إذا سمحت لي رؤيتك ..سأخبرك.
قبل المفترق الذي يعشق بين كتفها وعنقها:
-لا أستطيع رؤية وجهك دون تقبيلك ..هيا للمنزل اشتقت لجاد أيضا.
ضحكت بميوعة وحاولت الهرب منه فشد عليها:
-اتركي ليلتنا للأشواق.. وكفي عن تمنعك.
غمغم لها تحت أنفاسها المتسارعة:
-وأنا أجزم لكِ أن لي عندك أضعاف ما عندي لك.
**
كان من أهم الأشياء التي تعلمتها ضحى أن وجود الأخت مهما كان هو كنز لا يعوض، ومن ضمن التصحيحات الكثيرة التي قامت بها تقويم علاقتها بزينة، باتت تستقبلها بحب حين تأتي وتسايرها في كل زيارة لها عندهم، هذه المرة كانت قد أتت لإجازة الأطفال السنوية فطلبت ضحى من نائل:
-سآتي معك.
-سنتأخر..
لم تخف حماسها وقابلته بوجه لا يحيد:
-سأذهب لا تقلق عليّ.
تواجدها في ساحة المطار أشعرها بحنينٍ لا تعرف من صاحبه أو لمن يعود، ترنمت على أوتار قلبها أشجاناً لا تعرف كيف حضرت، تابعت بعينيها دموع الفرح والفراق وشتان ما بين الاثنين، ازدردت لعابها وأخبرت نائل بحاجتها للخروج من أجل الهواء فما حضرته أشعرها بالاختناق وإن كان الجو ماطراً
-أشعر بالاختناق.. لا أستطيع البقاء هنا.
-هل أوصلك؟
نفت وسارا للخارج وأخبرته:
-سأكون أسفل المظليات.
وافقها بهزة رأس وخرجت تضم معطفها وتواري بشالها الصوفي عبرات انزلقت رغم فراغ نصها من أية سطور تحوي وجعا، أدركها قبل أن تدركه، سارت جيئة وذهاباً بخطوات متواترة وتنفست عميقاً متوجهة نحو الساحة، رفعت قلنسوة المعطف فوق حجابها وأمسكتها بكلا كفيها وقبل أن تصل الرصيف شعرت بهبوب ريح اقتلعتها من مكانها وقذفتها بقسوة، لحظات واستجابت لنداءٍ خفيٍ باسمها:
-ضحى..
وبلغها الحنين..
وتراقص شجنها على مذبح قلبها بفراق أخير أدركته..
فنطقت بصوت واهن فيما تهدل كتفيها:
-موسى..
ابتسم يزدرد لعابه، تحركت حنجرته فيما يحدق فيها ملتهماً فواصل المسافة ويُودِع وجهها كل حبه..
-هل لكِ أناس راحلون أو قادمون؟
لم تستطع النظر في وجهه، زاغت حدقتيها وارتجفت أطرافها فأومأت بضحكة شاحبة
-أجل..
سأل يرفع من رصيد الأمل لحساب اللقيا في سجلات الزمن والمستقبل..
-من؟
اكتست ملامحها بشحوب أكبر أسبغ عليه خيبة كان يتوقعها فأي حدس سيعلمها برحيله.
-زينة.
سمع نداء باسمه فاقترب منها وشعر برجفة شفتيها والتماع عينيها وهزها البطيء لرأسها فسألت باهتزاز
-وأنت من لك هنا؟
حاول النطق ففتح فمه مرة وأغلقه مرتين فكررت عليه بصوت باكٍ:
-من لك هنا يا موسى..
رد عليها وأسبل أهدابه عن دمعتها:
-أنا..
جن المطر..
وارتجف قلبها..
ورعد قلبه
فصابها الخبال مع صوته:
-أنا راحل..
صرخت بجزع:
-لا..
حرك الهواء معطفها، فاستحالت وجنتيها بدموعهما لوحتين قرمزيتين.. سبحت عيناها في شفق آسر احتفظ فيه للأبد فيما تهذي
-لن تفعلها..
لغى فاصلة البعد المحرم والتقط من جيبه سبحة ناولها إياها ووضعها في كفها ونطق بصوت أجش:
-دعيها معك.. هذه سبحة والدي.
حدقت فيها بلا روح فروحها تسحبت معه وتوحدت فهمس لعينيها بلا حروف وشفتيه تشكلان حروفاً بلا صوت:
-انتظريني..
تجمدت في وقفتها وهو يتركها بعده لمن! في مهب الريح في صحراء مقفرة بلا أُنسه، ركضت خلفه توقفه بعزم
-انتظر..
أغمض عينيه ولم يجرؤ فاستدارت تواجهه.
-ما بيننا يتوقف على كلمة لا.. وإن قلت نعم فلن أعدك بشيء.
تفتحت عيناه أمام بأسها الجبّار وعيناها عازمتين فسألت بجسارة:
-قل لي حدودك مع نصرة.. وأنا سأجيبك بما لم تجرؤ على نطقه.
سؤالها عن نصرة غانية الحي أوجع قلبه عن أسوأ فترة عاشها وجربها، حدق فيها بضياع فذكرته:
-أنت رجل تحفظ كلام الله.. لن تكذب عليّ.
صغرته في عين نفسه ولم تكن بأفضل حال، دمعها على خدها تحتفظ بثبات مزعوم وأنفاسها واهنة تشبه لحظتها الأصعب وعهدهما بين حدود شفتيه التي أجابتا
-أقسم ما لمستها يومًا كنت أذهب إليها لتبيعني سمومها.
نظرت إليه وكأنه العمر ولم تعط وعداً:
-لم تزن معها..
نفى بحياءٍ ما امتلكته هي التي ضحكت من بين دموعها واستدارت مهرولة:
-في ودائع الله.. سلام.
تأوهت تنزلق عبراتها أكثر وتضم كفها لفمها تغادره بلا وعد أو عهد تترك ظلها لرجل الشتاء الذي حضر في غير موسم، دخلت الصالة لا تعير الحاضرين بالاً، تشهق ضاحكة ودمع عينيها الضد من حالتها.. لاقت زينة في المنتصف فأخذتها بعناق طويل ومن خلف كتف زينة رأت موسى التي ودعته بحروف ثلاثة حوت
-وعــد.
***









انتهى الفصل... يتبع بالختام..




التعديل الأخير تم بواسطة Lamees othman ; 06-08-22 الساعة 11:04 PM
Lamees othman غير متواجد حالياً  
التوقيع
ست وعشرون نجمة وبضع من سماء روحي معلقة بين ثنايا الأفق!



(وَاجْعَل لِّي لِسَانَ صِدْقٍ فِي الْآخِرِينَ)

سبحان الله والحمدلله، ولا إله إلا الله، والله أكبر.❤
رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 03:48 PM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.