آخر 10 مشاركات
347 - ثم عاد الأمس - هيلين بروكس ( تصوير جديد ) (الكاتـب : Dalyia - )           »          عمل غير منتهي (85) للكاتبة : Amy J. Fetzer .. كاملة مع الرابط (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )           »          جدران دافئة (2) .. سلسلة مشاعر صادقة (الكاتـب : كلبهار - )           »          أكتبُ تاريخي .. أنا انثى ! (2) *مميزة ومكتملة * .. سلسلة قلوب تحكي (الكاتـب : كاردينيا الغوازي - )           »          تسألينني عن المذاق ! (4) *مميزة و مكتملة*.. سلسلة قلوب تحكي (الكاتـب : كاردينيا الغوازي - )           »          ليلة مع زوجها المنسي (166) للكاتبة : Annie West .. كاملة (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )           »          جئت إلى قلبك لاجئة *مميزة ومكتملة* (الكاتـب : آمال يسري - )           »          318- وعد... بالزواج - ديبورا هوبر - (م.د)** (الكاتـب : Gege86 - )           »          عيون الغزلان (60) ~Deers eyes ~ للكاتبة لامارا ~ *متميزة* ((كاملة)). (الكاتـب : لامارا - )           »          حالات .... رواية بقلم الكاتبة ضي الشمس (فعاليات رمضان 1434)"مكتملة" (الكاتـب : قصص من وحي الاعضاء - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > ارشيف الروايات الطويلة المغلقة غير المكتملة

موضوع مغلق
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 16-07-21, 10:19 AM   #21

صفا ممدوح محمد

? العضوٌ??? » 489306
?  التسِجيلٌ » Jun 2021
? مشَارَ?اتْي » 23
?  نُقآطِيْ » صفا ممدوح محمد is on a distinguished road
افتراضي


الفصل الرابع



كانت ترتدي زيًا عمليًا من اللون الأسود وحجاب نبيذي اللون، تتجه بخطوات ثابتة ناحية باب مكتبها، لليوم السابع عشر للتوالي.
أخذت نفسًا عميقًا ورفعت كتفيها وأخبرت نفسها ماكررته مرارًا، هي قادرة على القيام بالأمر.

لم يتوقف الهاتف عن الرنين طوال النهار، أخذت الإتصالات تنهار فوق رأسها والرسائل تتراكم في صندوق الوارد متسائلة عن موعد عودة أحمد أو طريقة مقابلتها شخصيًا.. لقد استطاعت أن تنال حيزًا من وجود الشركة وبمساعدة وليد تمكنت من عقد ثالث إجتماع ترأسه، أحمد يزودها بكافة المعلومات وينتظر منها أن تحقق شيئًا، فتبهره!
سبعة عشر يومًا مرت عليها وهي في هذه الحالة، تستفيق من نومها تتوجه
إلى الجامعة ثم تعود لفندق قريب تتناول غداءً خفيفًا وأحيانًا تفوت الغداء وتذهب إلى العمل وتتناول أي شيء هناك ثم تعود إلى الإسطبل في نهاية النهار منهكة القوى لتغرق في النوم.
مالذي تحاول إثباته؟ أن أبيها كان مخطئًا وأنها يمكنها الإعتماد على نفسها والعيش وحدها.
لم يكن أحمد بعيدًا عن تفكيرها طوال هذه المدة، بل كان يتصل بها لثلاث دقائق في بداية النهار يخبرها بما ستفعله، وخمس دقائق في نهاية النهار تخبره بما فعلته وما ورد من مستجدات.
لكن لم تقرب هذه المكالمات بينهما، كانا يقتربان في تحفظ، هي تبني الأسوار وأحمد يزيدها علوًا وقد بدا كلامه مقتضبًا جدًا!
ماقربها منه بالفعل، كان تفاصيله التي تركها في كل مكان، خطه الواضح والمنظم وطريقة تدوينه للملاحظات، كانت كلما انتهى تاريخ ملاحظة خطفتها وكأنها ستلقيها في القمامة ثم تحتفظ بها في حقيبتها لتحتفظ بـ خطه إلى الأبد.
في نهاية هذا النهار، كانت تقف أمام طابعة الأوراق تنتظر طباعة بعض الأوراق فيما نبتت بعض حبات العرق فوق جبينها بإرهاق.. تثائبت ومطت جسدها قبل أن يفاجئها صوت ما من خلفها: لسة بتشتغلي! حرام عليكي نفسك.
قفزت في مكانها وهي تستدير ناحية الصوت، فيما راح قلبها يخفق بقوة، من المفاجأة ولـ أنه أحمد!
كان يمسك بـ عكاز في يمينه توكأ عليه وهو يتخذ خطواته نحوها قائلًا: مفاجأة صح؟
بأنفاس متقطعة أوشكت على الإندثار أجابته: ماكنتش أعرف إن حضرتك جاي النهاردة، اعتقدت إن لسة قدامك وقت، وكنت بطبع الورق دة مكان منى السيكرتيرة.. أصل باباها تعب واضطرت تمشي وانا كنت بطبعه، هي قالتلي على مكان الملفات و كانت الطابعة مش شغالة الحبر.. الحبر كان ناقص بس..
أوقفها قائلًا بحزم: منار... خدي نفسك!
ابتسمت قائلة: آسفة!
جلس على الأريكة قائلًا: لو كنت أعرف إنك هاتتوتري كدة ماكنتش جيت!
_بالعكس، حمدًا لله على سلامة حضرتك!
_أنا قولت أعملها للموظفين مفاجأة بس واضح إنها مكانتش مفاجأة سارة، تقريبًا كدة خايفين تسيبيهم بعد ما أثبتتِ جدارتك.
التقطت الأوراق لتضعها في مغلف وهي تحاول أن تداري خجلها: دي مجاملة لطيفة أوي، بس أنا ماعملتش غير اللي حضرتك كلفتني بيه.
_أنا عارف ايه اللي طلبته منك بالظبط، لكن انتي اتعلمتي بسرعة وأثبتتِ جدارتك بسرعة وإتقان رهيب للعمل.

كان الوقوف تحت وطأة الخجل من مجاملته مؤلمًا جدًا بالنسبة إليها: شكرًا.. أنا هانزل الورق دة للحسابات تحت.. حمدًا لله على سلامتك تاني.

_منار؟
_نعم!

التفتت له مرة أخرى فابتسم وهو ينهض على عكازه: ماتمشيش.. الموظفين عاملين حفلة صغيرة كدة بيستقبلوني، وهيتبسطوا أكتر لو انتي حضرتيها.
لتقول ببهجة: كويس، وأهو فرصة أودعهم فيها.
_تودعيهم، قصدك إنك هاتمشي!
لتقول ببلاهة: مش حضرتك رجعت، أنا هامشي!
_مصممة؟
لم تفهم جملته، مصممة على ماذا، هل قرأ الوصية أم لم يقرأها، إنها الحيرة، الحيرة مجددًا!

أومأت برأسها وكادت أن ترحل لكنه أوقفها: منار، هو انتي بجد مش ناوية تكملي معانا في الشركة؟ حتى بعد ما اكتشفتي قدرتك على الشغل؟

كلامه يخبرها أنه لم يقرأ الوصية، هل تصدقه؟
ابتسمت بمواربة لـ شعورها الحقيقي: أنا عندي مذاكرة كتير أوي، بإذن الله لما اخلص السنادي هابدأ شغل، بس من الخطوات البسيطة قبل ما امسك خطوة كبيرة كدة، يعني أنا اللي قدرني عالشغل الأسبوعين اللي فاتوا كان وقوف حضرتك جنبي بمساعدة دكتور وليد، لكن بلاش مبالغة لو لوحدي ماكنتش أنجزت أي حاجة.
_طيب خلاص، شوفي تحبي تبدأي فين والمرة دي مش هساعدك، هاستناكي بمجهودك تطلعي لمكتبك هنا تاني.

شعرت أن قلبها يكاد أن يخرج من صدرها، هو يبتسم ويحبسها بداخل ثنايا ابتسامته دون أن يدري!
رانت منها نظرة نحو الخزينة الحديدية المغلقة بأرقامها السرية على يمينه، فخيم الحزن على ملامحها، وتلعثمت، قالت شيئًا ما ورحلت، وهو الآن أكيد، ربما تحبه.. ربما! وربما أدرك أبوها حبها له، لكنها ليست من كتبت الوصية، أو حتى أوصت بكتابتها، أو حتى علمت بكتابتها قبل وفاة أبيها.. بل هي تشعر بالخجل مما كتب فيها، وتصر على رفضه، وتُفضل ترك كل ما تملك على أن تتزوجه بشروط وصية..
جلس مجددًا وفي عقله ألف فكرة وفكرة..


____

وقفت في حمام مكتب السكرتارية، تضبط حجابها وملابسها إستعدادًا للحفل، غسلت وجهها بالماء البارد..
ونظرت إلى المرآة، كل شيء يتجه في إتجاهه الصحيح الذي يميل قلبها إليه لكن في التوقيت الخطأ!
لو كان مايحدث الآن بينهما حدث بدون وصية، أو قبل كتابة الوصية لكانت تنبأت بشيء جميل يمكنه أن يحدث، لكنها الآن لا تستطيع أن تغمض عينيها وتحلم، فكلما فعلت نبتت لها الوصية فجأة بابتسامة شريرة تلوح في الأفق.
تنفست بعمق وهي تضع يدها على مقبض الباب، وقد صدقت أو كافحت لتصدق أنه لا يعلم شيئًا عن الوصية.. وأنه لطيف فحسب.. تناولت شطيرة ثقة بالنفس وفنجان ارتياح، نفسان عميقان وابتسامة مشرقة.. وخرجت.


أُقيمت الحفلة في الطابق الأرضي المطل على الحديقة المقابلة للشركة، كانت لا تقف وحيدة أبدًا فكلما حاولت فاجئها أحدهم ليثني على الفترة التي قضتها معهم وكونها تشبه روح أبيها وطيبة قلبه تمامًا، كانت العاملات يمررون لها من وقت لـ آخر قطعة فاكهة أو شطيرة ترفضها بشكر فيصرون على تغذيتها وكأنها ابنة لهم فتبتسم وهي تتناولها بلطف لتضعها في سلة بجانبها.
فجأة سمعت صوته، كان صوتًا قويًا يبعث في القلب شعورًا محببًا، كان يقف أمام الميكروفون، يتحدث إلى الجميع وعندما تحدث عنها وشكرها على الفترة التي قضتها معهم، فحول وجهها إلى ثمرة طماطم باردة وتمنت لو انشقت الأرض وابتلعتها.
لكنها على الرغم من هذا، شعرت بالفخر وهي تراقبه، نصف عقلها يراه كـ رجل أعمال جاد يرتدي سترة كحلية اللون وقميص سماوي وبنطلون من الجينز والنصف الآخر كان يراه كـ د. أحمد المعيد المرح الذي يقف في وسط الطلبة أو يجلس على مقعد بجانبهم يشرح لهم شيئًا ما لا يفهمونه، كانت تراه أحمد الأخ الأكبر والمشرف على أحد الأسر الإجتماعية في الكلية وترى مدى إرتباطه بالجميع وحبهم له.
التفتت حولها، فشعرت بالتميز، لم يكن أحد يراه كما تراه هي، شعرت أنها تراه بقلبها وعقلها وبكل ذرة كيان بداخلها.
أغمضت عينيها وابتسمت بيأس من حالتها، تنفسي يا منار، تنفسي بعمق.. حاولي.. غاب صوته في غياهب خيالها ولم تجد يد واقع تنتشلها حتى..
_منار انتي كويسة؟
شهقت فجأة وهي تراه قريبًا منها جدًا يمسك بذراعها وعيناه قلقتان، فخطت للخلف وهي تسحب ذراعها بنعومة: الحمدلله.
_كلي حاجة، من الصبح عمالة تحطي الأكل جنبك، لازم تاكلي حاجة وشك أصفر جدًا..
كان قلقه عليها يزيدها توترًا وإصفرارًا.
ليمسك بيدها مجددًا برفق: منار!
تنبهت الأجراس في عقلها لتسحب يدها مبتعدة بسرعة قائلة بحدة ضعيفة: أرجوك ماتمسكش إيدي!
رفع حاجبه ليداري إحراجه بسخرية: كنتي هاتقعي على فكرة!
احتدت نبرتها: حتى لو بقع مش المفروض تلمسني، كدة حرام!
_حرام؟! طيب بعد كدة لو شوفتك بتقعي هاسيبك تقعي.
لتبتسم ببرود مفاجئ: ماشي، ياريت.
كان يتصرف بطبيعية، يقترب منها، يمسك بيدها، يسألها عن حالها، يربكها، يوترها بالكامل!
زفر وكاد أن يبتعد، لكن اقترب منهما فجأة رجل قصير بشكل ملحوظ، حتى أقصر منها قائلًا: مستر أحمد سعد؟
عقد أحمد ذراعيه ليجيبه بنبرة غير مبالية: أيوة أنا.
ثم نظر الرجل بابتسامة لزجة إلى منار ليسألها: منار بركات؟
أرخى أحمد عقدة ذراعيه وقد بدأ يتنبه إلى خطر مفاجئ، بينما الرجل يكمل وهو ينظر إلى ملامح منار الشاحبة: أنا كمال الشاذلي، مسئول الشئون القانونية في جمعية "لبسونا" الخيرية.
ليسأله أحمد: جمعية ايه؟
_لبسونا يا فندم.
_لبسوكم؟
_أيوة، من غير تريقة إذا سمحت، دي جمعية مشهورة، مابتتفرجش على تليفزيون ولا ايه؟
_لا والله، آسف مابتفرجش.
أخرج الرجل فجأة من حقيبته عدة أوراق قائلًا كخطبة قصيرة: جمعية لبسونا، هي جمعية خيرية أُنشئت بغرض توفير الكسوة والملابس للأطفال والكبار، وهي موثقة في الشهر الxxxxي بـ رقم...
أوقفه أحمد بملل: أيوة، خير؟ أقدر أساعدك إزاي؟ لو عايز مساعدة فالموضوع دة تتكلم فيه مع مستر وليد، هناك أهو.
ليغضب الرجل قائلًا: مساعدة ايه يافندم؟ جمعية لبسونا دي جمعية خيرية أشرف عليها للسنوات الأخيرة والدك وواالد الآنسة الله يرحمهم.. وبموجب الوصية اللي معايا، وبحسب ما اتفقت مع محامي والديكم رحمهما الله فـ بكرة بإذن الله معاد نقل ملكية الشركة إلى الجمعية وبيعها وتسييل أموالها بهدف خدمة مصلحة الجمعية وأطفالها ونساءها وكبار السن، وتوفير كسوة العيد الكبير والتبرع ببعض العجول والخراف أيضًا والحمدلله.
فشلت حويصلاتها الهوائية في إلتقاط ذرات الهواء من الأنف، فاستخدمت الفم في وظيفة ليست من وظائفه لتبتلع الهواء بشراهة.
ماذا ستفعل الآن؟ أتمثل دور المتفاجئة أم تدعي اللامبالاة وكأن الأمر لا عينيها؟ أليس الوصي عليها؟ فليتصرف.
أما أحمد فكان يقلب الأمر في عقله، كان الرجل يبدو كـ محامي مخضرم أفنى حياته في إقتلاع الأموال من الأغنياء ووضعها تحت تصرف الفقراء..
_أعتقد إنك كنت مفروض تديني إنذار قبلها بفترة بإنتهاء المدة، مش تقولي فجأة إنها بكرة!
احمر وجه منار، هو يعلم إذن! هو يعلم بشأن الوصية!!!
حاول الرجل تبرير موقفه ليقول أحمد بلهجة عملية: آنسة منار كانت مختفية وبتمر بظروف نفسية تمنعها من التواجد في مكتب والدها، وأنا معايا تقرير طبي يثبت إني كنت طوال الأسبوعين اللي فاتوا في المستشفى لشرخ في رجلي.. يعني أعتقد إن كان عندنا ظروفنا اللي تمنعنا من فتح الوصية، فالمفروض كان يبقى في تنبيه قبلها بالمهلة! وصدقني الوصية ماتفتحتش في وجود المحامي، أنا كنت بدور على ورق بالصدفة وشوفتها!

ليبتسم الرجل في ثقة: طيب اعتبر الليلادي تنبيه بالمهلة، بكرة بإذن الله الساعة 12 الضهر هو أخر معاد.

وقفت منار في مكانها كـ دمية خشبية لا تقوى على الحراك، بينما استأذن الرجل مغادرًا، تابعه أحمد بعينيه ثم نظر إلى منار المتيبسة.
جلست على مقعد ما، فجلس هو على مقعد بجانبها يمسح وجهه بيأس، فيما ترقرقت دمعة ما في عينيها، تمنعت، حاولت.. استطاعت أن تربط حروفها ببعض: انت كنت عارف؟
اقترب منهم بعض الموظفين يحيوهم، فـ بدت ابتسامتها مرتجفة فوق صفحة وجهها ومع دموعها التي تملأ عينيها.
ابتعد الموظفين فجلس أحمد مجددًا ونظر إليها وهو يهز رأسه نفيًا: مش من مدة كبيرة، أقل من أسبوع تقريبًا بالصدفة.. عرفت بالصدفة تمامًا وانا بدور على ورق فعلًا والدي كان سابلي جواب بين الورق.
أومأت برأسها وهي تنظر إلى يديها المعقودتين في حجرها، ليسألها: انتي كويسة؟
نظرت إليه وكأنها لا تعرف بما تجيبه.. فأعاد النظر إليها نظرة طويلة متسائلة أردت عينيها أرضًا.. لم يكن واثقًا مما سيخبرها به، كان يعلم أن قلبها سيتألم، لكن المشكلة أنه شعر أن قلبه أيضًا سيتألم، لمَ؟

كان أخر فوج من الموظفين يغادورن المكان، حيوهم من بعيد تاركين لهما حرية ماظنّوه لحظة خاصة.. كانت أشجع منه سألته: هو كدة هايحصل ايه؟ هاتروح فعلًا بكرة الشهر الxxxxي تنقل الملكية؟

شعر أن بداخله شيئًا ما يُشقيه.. يدرك تمامًا أن تلك هي اللحظة الحاسمة التي يُخرج فيها قراره، وأنه لو خرج من تلك المعركة خاسرًا سيحقق خسائر لا تُذكر، لكن ماذا عن قلبه؟
يُدرك أن المال سيسلب منها هي ليس هو، وأن أموال شركة أبيه هي من نصيب أمه وأخته وقد قرر هذا قبلًا.. لكن هي.. هي ربما سلبت منه ماهو أكثر.. حبه!
_تتجوزيني؟
تلك الكلمة التي تمنت أن ينطقها في يوم ما، تلك الكلمة التي حلمت بها لليال طوال، تلك الكلمة التي تخيلتها وعاشت لها وفيها وكانت تعطيها كمًا كبيرًا من الطاقة والسعادة لتحيا.. تخيلت أنها تجيبه عليها مرارًا بردود شاعرية، تخيلتها في أماكن كثيرة، لكنها لم تتخيلها في مكان كهذا، على مقعدين متجاورين في ركن ما من الشركة وبشكل بائس تمامًا.
أجابته وهي تفرك يديها بآخر رد توقعته من نفسها: مش عارفة!

تمنى لو كانت إجابتها أكثر تحديدًا سواء بالرفض أو بالقبول، لكنه أعطاها الثقة: أنا عارف إنك مش بتحبيني.. بس أنا.. أنا عرفتك من فترة صغيرة صحيح بس اكتشفت فيكي حاجات كتير، عرفت حاجات أي راجل في الدنيا يتمناها، مابيننا حاجات كتير مشتركة، في الدراسة، في الشغل، في المستوى الإجتماعي، انتي ذكية، دمك خفيف، طيبة، خدومة جدًا، مثقفة وفعلًا شايفك زوجة محترمة.. يعني مش بقولك تتجوزيني عشان أي شيء غير إني شايف إننا ممكن نكمل سوا، بشكل عقلاني تمامًا.

هل يطلب منها الزواج بعقلانية؟!
سألته كما لو أنها تتأكد: جواز من غير حب؟

أجابها متذكرًا مريم: مش كل اللي اتجوزوا عن حب مبسوطين في جوازهم، بالعكس في جوازات اتبنت على الحب وفشلت لـ إنها مش متوافقة، يمكن أهالينا شافوا اللي إحنا مش شايفينه وشافوا كم التوافق اللي ممكن يكون بيننا.. مش بلزمك تكوني زوجة لـ آخر العمر، لو استحالت بيننا العشرة وشوفتي مني شيء سيء صدقيني هانتفارق بالمعروف.
_قصدك إننا نتجوز بعقد، زي عقد الشغل كدة؟!
عقد حاجبيه بسرعة قائلًا: لا طبعًا، وآسف إن دي الفكرة اللي وصلتلك، حقيقي آسف..
قاطعته بابتسامة ساخرة: لا عادي، أنا متفهمة تمامًا إنك ممكن تكون عندك خطط تانية والوصية بوظتهالك.
ليبتسم بـ ود حقيقي: جايز، جايز كان عندي خطط تانية، لكن دلوقتي انتي خطتي الوحيدة.

نظرت إليه فشعرت أنها تغرق في كلماته، حد ترقرق ماء البحر في عينيها. ستوافق، ستوافق ولن يوقفها أحد أبدًا، ستوافق وليذهب كل ما يمنعها إلى الجحيم رأسًا.
_أنا مش عايزك تقوليلي رأيك دلوقتي.
أوقفها في اللحظة الأخيرة وبعدما تمالكت كل شجاعتها.
تابع: بكرة الصبح الساعة 8، يانروح على المأذون انا وانتي والمحامي، يانروح على الشهر الxxxxي.
ثم نهض حاملًا سترته: دلوقتي ممكن تتفضلي أوصلك لـإن الوقت بيتأخر..
ثم وكأنه تذكر: ممكن تتكلمي مع آلاء ووالدتها، أنا حاسس إنهم قريبين منك، ممكن يفكروا معاكي بشكل أفضل.
أومأت برأسها وهي تنهض وتتبعه.
جلست في مقعد السيارة الخلفي تبحث عن ذرة هواء تتنفسها، وهو حافظ على شروده وصمته، كأنه لا يريد أن يؤثر عليها بحديثه، تابع القيادة دون حتى أن ينظر إلى المرآة.. وحين كان سيأخذ الطريق الصحراوي إلى الكينج مريوط، أوقفته: لا معلش، هاغير العنوان، هابات عند آلاء الليلادي.

____

فتحت آلاء الباب فتفاجئت بوجود "منار" في هذه الساعة المتأخرة، أدخلتها بسرعة وفي قلبها ألف سؤال وهلع.

بعد ساعة تقريبًا، كانت منار تجلس بشعر مبلل ومنامة قطنية لـ آلاء وفي يدها شطيرة لم تتناول منها قضمة واحدة.
بينما تجلس أمامها كل من آلاء ووالدتها، كلاهما تبحث عمَّا تقوله، وفي النهاية تكلمت آلاء: أنا شايفة إنك توافقي.
تابعت بعد أن تعلقت بها عينا منار: أيوة توافقي ليه لأ، انتي بتحبيه وهو أنا متأكدة لو عرفك هايحبك إن مكانش طب أصلًا.
ابتسمت منار بيأس: كلامه معايا مكانش كلام واحد بيحب يا لولا، كلامه كان كلام واحد بيعمل صفقة.
لتتحدث والدتها بعقلانية: ماجايز خايف يخوفك منه، بيديكي الأمان يا منار، عشان ماتفتكريش إن حبه ليكي هايقيدك ليه لو في يوم قررتي تبعدي.
ضحكت آلاء: يعني انتوا الاتنين عيني فيه وأقول إخيه.
لكزتها والدتها بصرامة: اتلمي.
فوضعت يدها على فمها قائلة بصوت مختنق: اتلميت.
_وافرضي ماحبنيش!
قالتها منار بصوت مرتعش، فأجابتها والدة آلاء: كفاية إنك بتحبيه، وهو جدع ابن حلال وهيراعي ربنا فيكي، الحب مش هو كل حاجة، أكيد دة اللي أبوكي فكر فيه، إنه يربطك بحد ابن حلال وجدع مش حد بيحبك وبتحبيه.. أنا نفسي لو عليا أعمل اللي أبوكي عمله دة، واربط البت آلاء بحد عشان لو اتكلت على الله اتطمن عليها، بس أنا بقى مش هاربطها بـحد زي أحمد، أنا هربطها بصبي ميكانيكي يقدر على لسانها دة.
ضحكتا آلاء ومنار، واستمعت منار بذهن شبه شارد إلى مناوشات آلاء مع والدتها وعقلها هناك هناك، في ألف صلاة استخارة صلتها، وفي رجل سألها "تتجوزيني؟".
تثائبت آلاء وهي تنهض قائلة: يلا أنا هدخل أنام ابقي صحيني على الفرح.
عقدت منار ذراعيها بيأس: فرح؟ فرح ايه! إحنا يادوب بكرة الصبح هانروح للمأذون الساعة 8، من غير فرح ولا حاجة، أنا وهو والمحامي، يعني بتكيرك تلحقي تقوليلي مبروك.
آلاء بإستفاقة مفاجئة: بتهززررري؟!
تابعت: يعني يادوب تلحقي تناميلك شوية دي الساعة 2 الصبح!

لتنهض والدة آلاء: تنام؟ الله يعيني يارب، اطلعي يا آلاء سيبيني مع منار شوية.
_ليه؟
نظرت لها أمها نظرة ذات مغزى: اطلعي بقولك.
لتبتسم آلاء بخبث: امممممم.
ثم نظرت إلى منار: ماما هتثقفك الثقافة الحقيقية، الثقافة اللي بتنفع.
ابتسمت منار بخجل وهي تنهض قائلة: لأ، آلاء خليكي هنا.
أمسكت والدة آلاء بيدها لتوقفها وهي تبعد آلاء: اسمعي الكلام يا آلاء واطلعي.
ضحكت آلاء بينما منار تغرق في الخجل، وأوقفهما رنين هاتف.
نظرت إليها آلاء متسائلة، فأومأت برأسها.
أجابته: السلام عليكم.
_وعليكم السلام، أنا متوقع إنك مانمتيش زيي بالظبط بس كنت عايز أسألك إذا كنتي فكرتي، أو أقصد اخدتي قرار..
_أنا موافقة.. موافقة يا د. أحمد.
أغلقت الهاتف وفي قلبها التئم ثقب ما.

نهاية الفصل الرابع




صفا ممدوح محمد غير متواجد حالياً  
قديم 16-07-21, 10:20 AM   #22

صفا ممدوح محمد

? العضوٌ??? » 489306
?  التسِجيلٌ » Jun 2021
? مشَارَ?اتْي » 23
?  نُقآطِيْ » صفا ممدوح محمد is on a distinguished road
افتراضي

وأخيرًا انتهى عملي، وعدت إليكم مجددًا بفصل يوميًا كما اعتدنا ♥

صفا ممدوح محمد غير متواجد حالياً  
قديم 16-07-21, 02:20 PM   #23

صل على النبي محمد
 
الصورة الرمزية صل على النبي محمد

? العضوٌ??? » 404607
?  التسِجيلٌ » Jul 2017
? مشَارَ?اتْي » 2,174
?  نُقآطِيْ » صل على النبي محمد has a reputation beyond reputeصل على النبي محمد has a reputation beyond reputeصل على النبي محمد has a reputation beyond reputeصل على النبي محمد has a reputation beyond reputeصل على النبي محمد has a reputation beyond reputeصل على النبي محمد has a reputation beyond reputeصل على النبي محمد has a reputation beyond reputeصل على النبي محمد has a reputation beyond reputeصل على النبي محمد has a reputation beyond reputeصل على النبي محمد has a reputation beyond reputeصل على النبي محمد has a reputation beyond repute
افتراضي

اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد كما صليت على سيدنا ابراهيم وعلى آل سيدنا ابراهيم إنك حميد مجيد
اللهم بارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد كما باركت على سيدنا ابراهيم وعلى آل سيدنا ابراهيم إنك حميد مجيد

لا تنسوا الباقيات الصالحات :

سبحان الله

الحمد لله

لا إله إلا الله

الله أكبر

لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم

لاتنسوا في هذه الايام المباركات التكبير والتهليل

الله أكبر الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله الله أكبر الله أكبر الله أكبر ولله الحمد

الله أكبر كبيرا والحمد لله كثيرا وسبحان الله بكرة وأصيلا


صل على النبي محمد غير متواجد حالياً  
قديم 17-07-21, 01:25 AM   #24

Soy yo
عضو جديد

? العضوٌ??? » 390429
?  التسِجيلٌ » Jan 2017
? مشَارَ?اتْي » 483
?  نُقآطِيْ » Soy yo has a reputation beyond reputeSoy yo has a reputation beyond reputeSoy yo has a reputation beyond reputeSoy yo has a reputation beyond reputeSoy yo has a reputation beyond reputeSoy yo has a reputation beyond reputeSoy yo has a reputation beyond reputeSoy yo has a reputation beyond reputeSoy yo has a reputation beyond reputeSoy yo has a reputation beyond reputeSoy yo has a reputation beyond repute
افتراضي

زغرودددة يا ولاد واخيرا فرح احمد و منار من غير فرح...دحنا حنشوف ايام بامبي يهههه

Soy yo غير متواجد حالياً  
قديم 17-07-21, 10:24 AM   #25

um soso

مشرفة وكاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء ومراسلة خاصة بأدب وأدباء في المنتدى الأدبي

alkap ~
 
الصورة الرمزية um soso

? العضوٌ??? » 90020
?  التسِجيلٌ » May 2009
? مشَارَ?اتْي » 33,769
?  مُ?إني » العراق
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Iraq
?  نُقآطِيْ » um soso has a reputation beyond reputeum soso has a reputation beyond reputeum soso has a reputation beyond reputeum soso has a reputation beyond reputeum soso has a reputation beyond reputeum soso has a reputation beyond reputeum soso has a reputation beyond reputeum soso has a reputation beyond reputeum soso has a reputation beyond reputeum soso has a reputation beyond reputeum soso has a reputation beyond repute
افتراضي

صباح الخيرات
الرجاء وضع تنبيه بهذا الموضوع عند نزول فصل جديد

https://www.rewity.com/forum/t313401-713.html





التعديل الأخير تم بواسطة ebti ; 25-07-21 الساعة 12:14 AM
um soso غير متواجد حالياً  
التوقيع
روايتي الاولى وبياض ثوبك يشهدُ

https://www.rewity.com/forum/t406572.html#post13143524

روايتي الثانيه والروح اذا جرحت
https://www.rewity.com/forum/t450008.html





قديم 17-07-21, 12:10 PM   #26

صفا ممدوح محمد

? العضوٌ??? » 489306
?  التسِجيلٌ » Jun 2021
? مشَارَ?اتْي » 23
?  نُقآطِيْ » صفا ممدوح محمد is on a distinguished road
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة um soso مشاهدة المشاركة
صباح الخيرات
الرجاء وضع تنبيه بهذا الموضوع عند نزول فصل جديد

https://www.rewity.com/forum/t313401-713.html

نزلته هناك فعلا ساعة ما نزلت الفصل


صفا ممدوح محمد غير متواجد حالياً  
قديم 18-07-21, 11:25 AM   #27

صفا ممدوح محمد

? العضوٌ??? » 489306
?  التسِجيلٌ » Jun 2021
? مشَارَ?اتْي » 23
?  نُقآطِيْ » صفا ممدوح محمد is on a distinguished road
افتراضي

الفصل الخامس

كل شيء بعد ذلك مرَّ سريعًا جدًا، فلم تشعر منار بأي شيء، وبحلول الساعة العاشرة مساءً كان كل شيء قد انتهى تمامًا، كل مخاوفها المتعلقة بالوصية انتهت، وبقي لها خوفها الكبير..
اتخذت هي (وزوجها) جناحًا فخمًا في أحد الفنادق، وسؤال واحد يتردد في ذهنها، أين أهله؟! ولماذا لم يذهبا إلى شقته، إن كانا سيسكنان غرفتين منفصلتين كما هو الحال الآن، فلماذا فندق، هل يمهد لهم الأمر أولًا، وهل سيتقبلونها؟!
عصفت الأسئلة بها، وملأت إبريقها بالقهوة بدلًا من أن تملأ عينيها بالنوم، فالحلم الذي لطالما حلمت به، يتحقق الآن بشكل مريع.. هل ستستطيع أن تربح حبه في يوم ما، أم أنه حكم عليها الحب من طرف واحد للأبد؟
مع آذان الفجر، استيقظت من نومها الذي لم تنمه من الأصل على صوت طرق خفيف على باب غرفتها وصوته: منار انتي صاحية؟
_أيوة.
_طيب، هاتصلي الفجر؟
_هاقوم أصليه أهو.
كادت أن تعود إلى سكونها لكن صوته أوقظها مرة أخرى: منار؟
_أيوة يا د. أحمد، صحيت والله.
_طب متناميش تاني، ماشي؟
_حاضر.
_أنا هانزل أصلي في مسجد الفندق، وجاي على طول، لو احتجتي حاجة كلميني.
_حاضر.
_حاولي تصلي وتنامي شكل صوتك مانمتيش أصلًا.
_حاضر.

سمعت خطواته تبعتد عن الباب ثم باب الجناح يغلق، فرفعت أغطية السرير وذهبت لتتوضأ وهي مازالت ترتدي الملابس نفسها التي خرجت بها من بيتها صباح أول أمس، فلم يسعها الوقت لتشتري شيئًا وشعرت بالخجل من أن تطلب من أحمد أن تنزل لتشتري ملابس أو لتحضر ملابسها من منزلها.
أنهت صلاتها، وجلست تدعو الله أن يوفقها في حياتها ويرزقها حب أحمد وأن يرحم والدها ويسامحه على مافعله بها.
بدأت تقرأ سورة يس، ولم تنتبه للوقت فقد قرأت من يس للدخان، قبل أن يغلبها النوم فوق سجادة الصلاة، استيقظت عندما أتاها صوت خشخشة مفاتيحه في الباب، نظرت إلى ساعتها فوجدتها الثانية عشر ظهرًا، أين كان طوال هذا الوقت!
نهضت من مكانها وهي تطقطق عظامها، واستمعت إلى خطواته المقتربة من باب غرفتها وهي تطوي سجادة الصلاة في يدها وصوته: منار؟
شعرت أن قلبها يخفق بسعادة وراحة أكبر وهي تجيبه: نعم؟
_صباح الخير، شكلك ماخرجتيش من الأوضة خالص.
_فعلًا
_طب ممكن تخرجي عشان نتكلم شوية؟
وضعت سجادة الصلاة ومصحفها بجانبها على الكومود قائلة: حاضر ثانية واحدة.
تفقدت شكلها في المرآة بنظرة بائسة، فما فعلته بها الليالي السابقة يشبه الحرب.
خرجت لتجده يرتدي كنزة صوفية كريمية اللون وبنطلون جينز أزرق اللون.. كان يبدو خلابًا، رائعًا!
ابتسم قائلًا: صباح الخير تاني.
جاهدت منار لتجد ابتسامة: صباح النور.
_أنا طلبت فطار وزمانه جاي، ولا تحبي ننزل نفطر تحت؟
منار بخجل: لالالا لا هنا ولا تحت، أنا مابفطرش أصلًا، هطلب قهوة سادة.
رفع أحمد حاجبه بإستنكار: قهوة؟ عالريق؟ وسادة؟ مش عايزة سيجارة بالمرة؟ حرام عليكي.. لا هاتفطري معايا طبعًا.
_مش بفطر والله، اتعودت على كدة من أيام بابا الله يرحمه.
قال بعملية وهو يلتقط ريموت التليفزيون: معلش، العادات الغلط لازم يجيلها وقت وتتغير، هاتفطري معايا، مابحبش أبدًا أكل لوحدي على فكرة.

ها قد بدأ بفرض سيطرته منذ أول يوم زواج، يحاول تغيير عاداتها لأنه لا يفضلها، الرجل الشرقي يبقى رجلًا شرقيًا، حتى لو كان أحمد سعد الحسيني!
الجبانة لم تصارحه بما تفكر فيه، بل اكتفت بقول: حاضر اللي تشوفه.
ليغمز بعينيه: أيوة كدة، أحبك وانتي مطيعة.
"أحبك" ترى كم من الوقت والجهد اللازم لتفوز فعلًا بسماعها، بالشعور بتلك الكلمة! ليته يحبها فقط ربع ماتحبه!

كانت شاردة، تقصد إلقاء الكلمة ورؤية رد الفعل على صفحة وجهها، نهض فجأة والتقط حقيبة من جانبه قائلًا: اتفضلي.
عقدت حاجبيه بإستغراب: ايه دة؟!
ليهمس: دي متفجرات عشان نفجر الفندق بس سوكتوم بوكتوم ماتقوليش لحد.
_لا بجد؟!
ضحك قائلًا: لا بجد، دي هدومك سعادتك.
استنكرت: هدومي؟
أحمد وهو يجلس على ذراع المقعد: امبارح في وسط كل اللي حصل، نسيت موضوع هدومك دة خالص بس يعني قولت أشتريلك حبة حاجات كدة لحد مانروح البيت بإذن الله وتجيبي حاجتك.
ابتسمت مترددة: شكرًا.
ليبتسم بسخرية: شكرًا، لا ماتقوليش كدة إحنا أهل!
قفز من مكانه على صوت طرقات الباب وهو يتابع: منار، مفيش واحدة بتقول لجوزها شكرًا، مفيش واحدة كمان بتقول لجوزها دكتور!
دخلت غرفتها وأغلقت الباب خلفها، ولا تعلم مالذي أصابها عندما فتحت الحقيبة، أحمرت أذنيها من الغضب والخجل في آن، كانت الحقيبة تحتوي على ملابس وأشياء شخصية جدًا.
كيف يجرؤ؟
عصفت العصافير ببطنها، فلقد عاشت طوال حياتها مع أبيها، مع رجل لم يقترب من خصوصياتها بهذا الشكل.
دخلت إلى الحمام علَّ الماء البارد يخفف من خجلها، وعندما انتهت لم تعرف مالذي يجب عليها ارتداءه أمامه، خاصةً من بين كل تلك الأشياء التي اشتراها والتي لا يصلح أيًا منها مع الحجاب.. هل اعتقد أنه بمجرد عقد زواج وشهود أصبح زوجها؟! نعم، نعم بالطبع هو أصبح زوجها لكن من الصورة الرسمية فحسب.
تفحصت كل مافي الحقيبة فوجدت جلبابًا للصلاة، اختارته وخرجت، فلم يظهر عليه الضيق بل ابتسم بود وهو يسحب المقعد للخلف قائلًا: اتفضلي.
جلست متمتمة: شكرًا.
أما من داخله كان يقول: يارب الأكل كله يقع على الإسدال وتقومي تغيري.
نظرت منار إلى صنوف الطعام المختلفة بدهشة قائلة: ايه دة كله مش ممكن!
عقد أحمد حاجبيه بسؤال: ايه؟
_ايه كل الأكل دة؟!
ابتلع طعامه قائلًا: فطارنا!
_كل دة؟!
ضحك قائلًا: لا احنا هنبتديها من أولها ببقى ولا ايه؟ أنا بحب الأكل جدًا.
لتقول بتعجب وهي تسحب شوكتها: حتى ولو، الأكل كتير جدًا!
سعل بطعامه وهو يضحك قائلًا: لا دة انتي مصممة بقى!
ابتسمت قائلة: آسفة بس..
نظر إليها فضحكت متابعة: خلاص مش هاتكلم.
قطع نقاشهما صوت رنين الهاتف فهتفت بفرح: دي منة! وحشتني أوي
عقد أحمد حاجبيه: هو عادي إن صاحبتك تتصل بيكي يوم فرحك!
هزت رأسها وهي تضغط بسرعة على زر الصامت: لالالا منة ماتعرفش مفيش غير آلاء بس اللي تعرف، أكيد عارف إن كل حاجة حصلت بسرعة!
تنحنح وهو يضع شوكته بجانبه: مش هاتردي يعني.
ابتسمت بتفهم: لأ
بادلها الابتسامة: ماشي.
_هي أكيد هاتتصل بـ آلاء، وآلاء هاتقولها، صحيح هاتستغرب جدًا بس هاتفهم.
التقط شوكته مجددًا: تمام، تفتكري آلاء ممكن تقولها طبيعة الموقف؟
_على فكرة منة صاحبتي زي آلاء بالظبط بنفس الدرجة، بنحب بعض جدًا، لكنها في الفترة الأخيرة كانت بتمر بمشاكل بعدتنا شوية.
_دة اللي أنا اتمناه، إن ماحدش يعرف حقيقة جوازنا أبدًا.. بلاش تحكيها لكل الناس.. أي حاجة بيني وبينك من دلوقتي فصاعدا مش من حق أي حد يعرفها مهما كانت قريبة منك.
بجدية مفاجئة وضعت شوكتها: لما كنت بحكي لـ منة وآلاء، مكانش في حاجة مابيننا، أنا كنت باخد مشورتهم فقط عشان ماليش حد.
وضع الطعام في فمه قائلًا: وانا واثق فيكي.
كاد أن يمسك بدورق المياه في نفس اللحظة التي أمسكت هي به، فتلامست اليدين وبسرعة سحبت منار يدها لتضعها في حجرها بخجل.
تضايق أحمد لثانية لكنه عاد ليقول: تصدقي نسينا موضوع الدبل!
_أخدت بالي.
_لو تديني مقاس خواتمك هاقول لوالدتي تبعتهم مع السواق عشان أول خروجة نبقى لابسينهم وبعد كدة تروحي تبدليهم على ذوقك وتختاري بقية شبكتك!
رفعت أمامه يدها الخالية من أي حلي: أنا مابلبسش دهب، بيعملي حساسية!
ضحك قائلًا: بجد؟ دة ايه التوفير دة كله، طب ياستي بتلبسي ألماظ؟
ضحكت قائلة: أفكر!
ابتسم وهو ينظر إليها ويعيد رأسه إلى طعامه، لكنها تنحنحت: عايزة أسألك حاجة.
_اتفضلي.
_هي والدتك مجاتش امبارح ليه؟
نظر إليها بإستنكار، قبل أن يضحك ضحكة طويلة جدًا عقدت لها حاجبيها، وبالكاد أوقف نفسه: تعرفي! أنا سهير واخدة موقف كبير مني إني مارضتش أخليها تيجي، وانا أصلًا خوفت أخليها تيجي عشان ماتبقاش هي وأختي وجوزها ضغط عليكي، يعني انا افترضت إن وجودهم هايضايقك بس اتضح إن دة مش حقيقي، صح؟ وجودهم مكانش هايضايقك.
هزت رأسها نفيًا برقة: لأ.
_أنا آسف إني افترضت حاجة مش موجودة، حقيقي آسف.
ثم تابع بجدية وهو يقرب رأسه منها: أوعدك إني بعد كدة في أي خطوة في حياتنا مش هافترض حاجة من نفسي وهسألك الأول.

هو يسرق لبها بالكامل!
نهضت بسرعة وهي تسحب نفسها من أمامه: أنا هاقوم أصلي الضهر، نسيته!

يبدو أن الايام الثلاثة التالية لن تمر بسلام!

______

على الجانب الآخر، كانت منى تكاد أن تميز من الغيظ ولم تجد إلا آلاء تنفث فيها بعض من غضبها فهتفت: إزاي؟ تتجوز فجأة ومن غير ماتقولي؟ صحوبية ايه بقى دي؟
آلاء بأسف: والله يا منون، هي فكرت إن الأيام اللي فات انتي كان عندك مشاكل فمارضتش تدوشك بمشاكلها، الجواز جه بسرعة جدً!
_آه، مانا في الهم مدعية وفي الفرح منسية، يوم ما ابوها يموت تجري منة الحقيني، ويوم ماتتجوز لا مش عايزة أدوشك بمشاكلي.
_عندك حق، بس معلش أعذريها والله اتجوزوا في نفس اليوم اللي طلب إيدها فيه، مش نفس اليوم لا دة نفس الليلة كمان والله!
منة في محاولة للتصديق: ياسلام؟ عايزة تفهميني إنها مش مرتباها وموقعاه من فترة، بتضحكي عليا؟
عقدت آلاء حاجبيها بضيق: عيب يامنة اللي انتي بتقوليه دة، مين اللي يوقع مين؟ منار؟ ما انتي عارفاها خيبة إزاي!
_خيبة واتجوزت أحمد الحسيني دة ايه الخيبة الجميلة دي؟
ضحكت آلاء: يالهوي أنا هاروح اتطمن عالبت وعلى جوزها، هاتحسديها يالهوي.
كانت تضحك بشدة وبغرض فكاهي فقط، لكن منة بصوت شبه باكٍ قالت: سلام يا آلاء ماما بتناديني أنا هاقفل.
اعتذرت آلاء: منة، أنا آسفة مش قصدي والله!
لكن منة أغلقت الهاتف وانهارت على سريرها باكية حبها لـ أحمد.

_____

كما توقع، مرت الثلاثة أيام التالية بهدوء وإن كان كلما حاول شد خيط الحديث معها والتعرف عليها أكثر تصده بشكل لا يفهمه، ولا هي تفهمه!

كانت مريم أخته تجلس في بهو الفيللا مع والدتها تشربان فنجانين من القهوة فتفوهت فجأة: لا يا ماما، أنا اخويا دة توأمي عارفاه كويس أوي، يعني مش لا في إن في الموضوع!
سهير: أهو اللي حصل بقى، المهم أحمد منبه علينا نتعامل معاها بطبيعية، ومانحسسهاش بأي حاجة غريبة في الجوازة، دي يتيمة ومكسورة ياعيني.
_ياسلام عالإنسانية، وابنك اتجوزها عشان مكسورة ويتيمة؟! لالا الموضوع مش كدة وبس!
سهير بتعجب: قصدك ايه؟
_قصدي إن ابنك قلبه بوم بوم.
ضحكت سهير قائلة: طب ياريت، البنت على حسب مافهمت طيبة أوي واهي تيجي تونسني ونبقى صحاب.
مريم بسخرية مضحكة: ايــــه يا أمي، طب راعي شعوري أنا قاعدة.
ضحكت سهير فاهتز جسدها الممتلئ: دة انتي روحي وأختي وصاحبتي وكل حاجة يا مريومة، هو انا ليا غيرك انتي وأخوكي.
مريم وهي تحضن يدها وتقبلها: ربنا يخليكي لينا يا أمي.
رن هاتفها فنظرت إلى الاسم قائلة: ياريتنا جيبنا سيرة مليون جنيه، أهو الغالي جه عالسيرة.
أكملت وهي تجيبه: ايه يا عم فينك غطست انت ها!
أحمد: الناس الطبيعين اللي هما مش انتي طبعًا لما ييجوا يردوا يقولوا السلام عليكم وبياخدوا عليها حسنات، يلا هاقفل تاني واتصل بيكي تقوليها.
هتفت بسرعة: لا إحياة عيالك ياشيخ ماتقفلش السلام عليكم ورحمة الله وبركاته كاملة مكملة أهو.
همست سهير بضحكة مكتومة: هايقولك مش قولتلك ماتحلفيش إلا بالله قولي لا إله إلا الله.
ضحك أحمد: قولي لا إله إلا الله.. وعليكم السلام يامريم.
زمت مريم شفتيها بيأس: بنسى، اعمل ايه بنسى!
ضحك: هي نور فين؟ وحشتني وقولت أكلمها.
_هي نايمة، بس من بدري فـ كلم ماما لحد ما اشوفهالك.
سألها: انتي عند ماما؟!
ضحكت ضحكة شريرة: كنا لسة مقطعين فروتك حالًا.
_يا ستير يارب ياستير! اديهاني أكلمها.
أعطت لوالدتها الهاتف وتهضت لتقول والدتها: السلام عليكم إزيك يا حبيبي؟
_وعليكم السلام، إزيك يا سوسو؟ عاملة ايه؟
_كويسة طول ما انت كويس يا نور عيني، عامل ايه ومراتك كويسة؟
أحمد وهو ينظر إلى الباب المغلق بيأس: الحمدلله يا أمي، بألف خير.. كويسين والله، طمنيني على صحتك.
_أنا كويسة يا أحمد.
_دايمًا يارب يا أمي.
_خد بالك منها يا أحمد ماشي؟ دي أمانة ياحبيبي.
ابتسم: في عيوني والله ياماما ماتقلقيش.
وأضاف: معلش ياماما، أنا كلمت محل الدهب اللي بنتعامل معاه وطلبت منه حاجات ممكن تبعتي السواق يجيبها على الفندق.
سهير بابتسامة رضا: حاضر ياحبيبي هابعته على طول أهو.
_تسلمي يا سوسو.
تأوهت فجأة عندما قفزت نورهان فوق ساقها: عايزة أكلم خالو!
كانت صوت سهير لازال متألمًا: أهي القردة بتاعتك جات، خد كلمها واقفل معاها.
همَّت منار بالخروج والجلوس معه عندما سمعت أحمد يقول: نونو وحشتيييييني أاااد الدنيا بحالها، والله خلاص بكرة هاكون عندك وهاعوضك عن الأيام اللي غيبت فيها.
التصقت منار بالباب: هاجيبلك كل اللي نفسك فيه.
استمع إلى مريم تُلقن نورهان: قوليله لا ما خلاص اللي لقا أحبابه بقى هتنساني.
رددت كلمات أمها بشقاوة فضحك قائلًا: أنساكي؟ طب بكرة تشوفي هنركن منار دي على جانب خالص وهافضالك انتي بس، عدي 24 ساعة وهاتلاقيني قدامك.. باي ياروحي السلام عليكم.
عادت منار إلى فراشها وخلعت جلبابها مكتفية بمنامتها، وهي لا ترى أمامها من الدموع، نعم في حياته أخرى! نعم ربما كانا يسخران من موقفها، ربما!
سمعت صوت طرقاته على الباب وينغم اسمها: منااار
_نعم؟
مسحت دموعها وهي تستمع لـ إهتمامه المبالغ فيه: مش زهقانة من قعدتك لوحدك كل دة؟
التقطت الريموت كنترول لتفتح التلفاز قائلة: لا بتفرج عالتي في.
عقد جبينه بضيق: طيب أنا هاطلب الهوم سرفيس عشان الغدا، عندك أي طلبات معينة ولا أطلب على ذوقي.
قالت بإقتضاب: مش عايزة أكل.
زفر وهو يفتح الباب فجأة: هو في ايه يامنار؟
اعتدلت في فراشها وبحثت عن الجلباب بجانبها لكنها شعرت بالإحراج من إرتدائه، تركته ووقفت أمامه عاقدة ذراعيها بتحدٍ: انت إزاي تدخل من غير ماتخبط!
نظر إليها لثوانٍ ثم سألها بجدية: انتي شايفة إن المفروض أصلًا إن الباب يفضل مقفول عليكي طول النهار والليل؟
بللت شفتيها بإحراج قائلة: عادي.
نظر إلى الأرض، ولم يفته الابتسام بإنتصار لرؤيتها على هذه الحالة لكنه رفع رأسه: منار أنا بحاول أقرب المسافات مابيننا، بعمل المستحيل عشان حياتنا تبقى طبيعية وانتي بتبعدي!
بضحكة ساخرة قالت: مستحيل؟ لا آسفة ههه بتعبك معايا.
ليقول ببرود: لا تعبك راحة.
أمسك مقبض الباب وخرج صافعًا الباب خلفه فتنفست الصعداء وجلست لكنه عاد وفتح الباب مرة أخرى: على فكرة اعملي حسابك إن إحنا بكرة رايحين بيتنا، سهير عاملالنا حفلة عالضيق كدة عشان تعرفك عالعائلة، يعني لو عايزة تعزمي صحابك اللي عايزة تعرفيهم بجوازنا تقدري تعزميهم.
هل يعايرها بعدم وجود أهل لها، مجرد أصدقاء!
سألته: حفلة إزاي يعني؟
ابتسم بخبث: حفلة كدة، هانجيب عمرو دياب وصافيناز.
منار بدهشة: أفندم؟
هل هو متساهل في حياته إلى هذه الدرجة، هل هو من هذه الطبقة التي تستحل المحرمات؟ كيف وبعدما رأته مواظبًا عالصلوات في وقتها في المسجد؟
ضحك فجأة: بهزر بهزر، أكيد مش هانجيبوا عمرو دياب يغني وانا موجود، دة حتى عيب في حقه لو سمع صوتي هايتوب عن الغنا بقية حياته.. أنا اللي هاغني وصافيناز هاترقص.
لم تتحرك ملامحها، فقد كانت تفكر في تلك الفتاة التي كان يحادثها.
ليسألها بتفكير: هو انتي كدة عادي مافيكش حاجة؟
منار بمحاولة للابتسام: عادي، زي ماقولت الوضع غريب وانا بحاول أتعامل فلازم تحصل شوية أعراض جانبية كدة.
أومأ برأسه: تمام، أنا هاروح اطلب الغدا بس افتكري إني مش بحب أكل لوحدي تمام؟
_حاضر.
سألها: هو انتي كل حاجة حاضر.
_أقول لأ؟
ضحك وبادلته بابتسامة بسيطة.
خرج وذهبت هي إلى الحمام، نظرت إلى المرآة وتمنت لو لم تحب أحمد من البداية، ربما لكان الأمر أسهل عليها الآن، لكنها تحبه وإلى درجة كبيرة جدًا، وهي زوجته الشرعية والوحيدة لذا عليها أن تقاتل من أجل التمسك به وألا تتركه لـ أي امرأة أخرى.
خرجت بمنامتها لا بالجلباب وهي عاقدة تلك النية في قلبها ووجدته يوزع الأطباق بفخر على المائدة: تعالي بقى شوفي ذوقي واحكمي عليا.
ابتسمت وهي تقترب: أنا معدتي وجعتني جدًا من أكل المطاعم دة، بجد مابقتش قادرة أتحمله، خاصةً إن أيام الشغل كنت باكله برضه عشان أعرف أوفق بين كل اللي بعمله.
ابتسم: طب ياست مناال العالم، بكرة نروح بيتنا وتورينا مهاراتك هناك.

كانت كلمة بيتنا لها وقع جميل جدًا على روحها، التقطت قطعة خبز وهي تنظر إليه بحب وحين نظر إليها أردت عينيها أرضًا بحرج.
رن هاتف الغرفة فنهض أحمد وأجابه: طيب خليه يطلع.
ثم نظر إليها: دة السواق جاب الدبل وطالع.
ابتسمت وهي تبتعد عن الباب، أدارت ظهرها وحين أغلق الباب والتفتت كان احمد راكعُا أمامها في مشهد تمثيلي يحمل علبة مخملية حمراء وخاتم من الألماس قائلًا: تتجوزيني؟
أوسم رجال العالم، رجلها!
ازدردت ريقًا من الشوق وهي تراقب ملامحه المتلاعبة بقلبها، ابتسمت دون رد في حين غمز أحمد: السكوت علامة الرضا شكلك كدة موافقة.
أخرج الخاتم وأمسك بيدها ليلبسها إياه، حاولت سحب يدها لكن دون قوة حقيقية، شعرت بأن الزمن توقف بها وإن العالم خلا إلا منهما ومن لحظتهما.
نهض وهو لازال ممسكًا بيدها فسحبتها بسرعة وقوة هذه المرة، ظهر الحزن على ملامحه لثوان قبل أن يعود لمرحه المعتاد: فاكرة لما كنتي هاتقعي ومسكت إيدك..
قلد صوتها متابعًا: لو سمحت ماتمسكش إيدي!
انفجرت ضحكة صغيرة منها رغم محاولاتها لـ إخفائها وقالت: على فكرة أنا صوتي مش كدة!
ليؤكد لها: هو كدة بالظبط، أومال انتي فاكرة ايه؟
هزت رأسها ضاحكة: لا مش كدة!
ليبتعد: هاسجلهولك بعد كدة.
ثم تابع: أنا هادخل أخد شاور وبعد كدة هاقعد أحضر شغلي، عندي محاضرة الصبح.
لاحظت أنَّه أخرج خاتمه وألبسه لنفسه لكنها انتبهت لكلامه فسألته: بجد خلاص راجع الكلية بكرة؟
أومأ برأسه: اسمها راجعين بكرة انتي نسيتي كليتك ولا ايه يامدام؟
استهجنت أذناها كلمة (مدام) لكنها لم تعلق بل قالت: ماعتقدتش إننا هانرجع بالسرعة دي؟
غمز بشقاوة: طبعًا الوقت معايا بيفوت هوا، ومش عايزة تسيبيني.. مبسوطة معايا صح؟ قولي قولي ماتتكسفيش!
أومأت برأسها، فقال: أنا كمان مبسوط على فكرة، وحاسس إن الأيام الجاية هانقرب من بعض أكتر ونعرف بعض أكتر وندور على الحاجات المشتركة مابيننا.
رفعت كتفيها قائلة: تفتكرفي حاجات مشتركة بيننا؟
صمت متفكرًا قبل أن ينظر إلى ساعة يدها: الساعة في إيدك كام؟
بادلت النظر بين ساعة يدها وساعة يده بدهشة:3!
رفع ساعته في مواجهتها: وانا كمان 3، اهي دي حاجة مشتركة.
ضحكت من قلبها وهو يبتعد لكن قبل أن يدخل إلى غرفته ناداها: منار، بعد كدة لما امسك إيدك ماتسحبيهاش أنا جوزك مش غريب يعني

وأغلق الباب خلفه

نهاية الفصل الخامس


صفا ممدوح محمد غير متواجد حالياً  
قديم 19-07-21, 01:00 AM   #28

Soy yo
عضو جديد

? العضوٌ??? » 390429
?  التسِجيلٌ » Jan 2017
? مشَارَ?اتْي » 483
?  نُقآطِيْ » Soy yo has a reputation beyond reputeSoy yo has a reputation beyond reputeSoy yo has a reputation beyond reputeSoy yo has a reputation beyond reputeSoy yo has a reputation beyond reputeSoy yo has a reputation beyond reputeSoy yo has a reputation beyond reputeSoy yo has a reputation beyond reputeSoy yo has a reputation beyond reputeSoy yo has a reputation beyond reputeSoy yo has a reputation beyond repute
افتراضي

ياختشي على الرومانسية ..احمد طالع عارف حركات

Soy yo غير متواجد حالياً  
قديم 24-07-21, 03:14 PM   #29

صفا ممدوح محمد

? العضوٌ??? » 489306
?  التسِجيلٌ » Jun 2021
? مشَارَ?اتْي » 23
?  نُقآطِيْ » صفا ممدوح محمد is on a distinguished road
افتراضي

الفصل السادس

تحسست خاتم الزواج في يدها وهما في الطريق إلى المنزل، كانت تركب إلى جوار أحمد في السيارة مستمتعة بالشعور بالدفء حتى وإن لم تكتمل أركان الزواج كافة، كانت تطغى عليها السعادة وهي إلى جانبه، تنظر إليه بين الحين والآخر وكلما نظر إليها تنحنحت بإحراج وهي تنظر أرضًا.
أمَّا هو فكان يسأل نفسه، أتراها تحبه بالفعل؟ نعم.. ربما.. أكيد، فكل شيء في تصرفاتها يصرح عن حبه وإن حاولت إخفاءه، لكن هل حقًا كانت تعرف بأمر الوصية قبل وفاة والدها؟ لا، لا يعتقد أبدًا، تصرفاتها، إرتباكها، براءتها، إنها فتاة لا تجيد التمثيل أبدًا.
توقفا في الطريق لشراء المياه المعدنية، واختارت هي مياه غازية رغم تذمر أحمد الدائم بشأن صحتها، يشعرها أنها عصفور في قفص حمايته، وهي؟ تطير فرحًا لهذا الإحساس.
كانا واقفين بالإشارة المغلقة حين نظر إليها بطرف عينيه وهي تشرب من علبة الكولا خاصتها: معرفش بتشربوا بجد الحاجات دي إزاي؟ حد يشرب ثاني أكسيد الكربون ومياه وسكر؟
ضحكت بخفة قائلة: عادي يعني، تعود!
_تعود سام دة!
ضحكت بقوة قائلة: بابا أوي انت يا أحمد يعني، بجد بابا أوي.
لفتت ضحكتها نظر سائق السيارة المجاورة لهما فنظر لها بإعجاب، ارتطمت نظراته بنظرات السائق، فتنحنح السائق وهو ينظر إلى أمامه فيما انطلق هو بالسيارة بأقصى سرعة متجاهلًا ألم ساقه التي لم تبرأ تمامًا بعد، شهقت منار وهي لا تعي الأمر بعد: أحمد في إيه براحة!
توقف فجأة مصدرًا صريرًا مزعجًا لإحتكاك الإطارات بالأرض مما تسبب في سكب الكولا على ملابسها، ومازاد الأمر إحراجًا كان إنحناءه نحوها لغلق النافذة المجاورة لها ثم شغل مكيف السيارة: بصي يا منار أنا مش بتحمل نظرة أي حد لزوجتي، الموضوع دة عندي نقطة حمرا أوي، يعني في الشارع ناخد بالنا من ضحكنا تصرفاتنا، لإني ممكن أجيب أجل حد في موقف زي دة.
لا تعرف إن كان يجب عليها أن تسعد لغيرته أم تغضب لشدته، لكنها أخفضت رأسها قائلة: أنا آسفة!
ركز أحمد نظراته على الطريق، وبعد ثوان استغفر ثم نظر نحوها قائلًا: وانا كمان آسف إني اتكلمت بحدة، معلش أعذريني..
نظرت إلى ملامحه المتألمة قائلة: رجلك كويسة؟ أعتقد إنك ضغطت عليها جامد، مش مفروض إنك تسوق أصلًا!
هز رأسه نافيًا: أنا كويس، ماتقلقيش.. أتمنى بس إنك ماتكونيش زعلانة بجد من طريقة كلامي.
ابتسمت وهي تهز رأسها: ماحصلش حاجة.
ثم تنحنحت: هو في الحقيقة فيه حاجة حصلت..
نظرت إلى ملابسها بيأس قائلة: مفيش مناديل في العربية؟
صمت لثوانٍ، ثم بخبث رفع ذراعه قليلًا عن جيب كنزته: المناديل في جيبي خديها!
ابتلعت ريقها، لم تجد أبدًا مفرًا من أن تمد يدها بسرعة خاطفة وتسحب علبة المناديل من جيبه، لكن هذه اللحظة البسيطة جدًا أشعرتها وكأنها زوجة حقيقية.
بعد فترة ساد الصمت في السيارة فتبسم أحمد وهو يدير المقود بيديه: شكرًا!
_على؟
_على إنك مابتتكلميش وإحنا بنسوق، حقيقي شكرًا.. أصل أنا مابحبش الكلام أثناء السواقة بيضايقني جدًا!
ضحكت منار قائلة: تصدق ولا انا!
ضحك أحمد قائلًا: شوفتي بقى أهو طلع في مابيننا حاجة مشتركة.
ضحكت وهي تدير وجهها ناحية النافذة: فعلًا.

ساد المصت ثانية حتى اقتربا من أسوار الفيللا، فشعرت بالخجل والتوتر في آن، كيف ستقابل عائلته، وكيف هي عائلته ياترى؟
كانت الفيللا عبارة عن مبنى كريمي اللون بأسوار عالية وأشجار أعلى منه تحجب الرؤية عمَّا يدور في داخله، دخلا من بوابة تعمل بالمجيب الآلي، وعندما دلفا إلى الداخل ازداد توترها وشعرت وكأنما سيغمى عليها.
وكأنه شعر بها أراد سحب توترها: شايفة النافورة اللي على شكل صاروخ دي؟ وانا صغير كنت مهووس بالفضاء، كان نفسي بابا يشتريلي صاروخ حقيقي فعملي النافورة دي، بس ماخلصش مني بقى، كل يوم كنت أركبها واعيط إنها مش بتنطلق للسما!
ضحكت فأكمل وهو يشير إلى امرأة خمسينية تقف بباب الفيللا الداخلي: أمي!
وكأن كل توترها قد ذهب عنها بمجرد ما رأتها، سيدة خمسينية بحجاب وزي فضفاض يملأ وجهها ابتسامة تتميز بالطيبة مع الوقار ورفاهية العيش.
ترجل من السيارة وأمسك بيدها ليساعدها على النزول فللمرة الثانية شعرت أنها زوجة حقيقية
اقتربا ليتمسك أحمد بيدها أكثر وكأنه يتوكأ عليها فشعرت أن ساقه تؤلمه بالفعل، ثم تركها لثوانٍ وهو يحتضن أمه: ست الكل، وحشتيني.
احتضنته سهير أكثر قائلة: والله ياحبيبي انت اللي وحشتني اوي أوي.
ثم تركته لتحتضن منار: أهلًا أهلًا، ايه الجمال والرقة دي اللهم بارك قمراية.
قبلت منار وجنتيها بحرج: شكرًا يا طنط.. ميرسي لذوقك.
عقدت سهير حاجبيها قائلة: لا طنط لأ، قوليلي ماما وانا هاعتبرك زي بنتي وأكتر.
أحمد بتململ: ماما إزاي وانتي موقفاها عالباب كدة، دخليها طيب وبعدين تقولك ياماما!
سحبتها سهير من يدها إلى الداخل قائلة: ابني عادي معداش عليه ربع ساعة تربية دة العادي بتاعه، اتفضلي يا منار.

تابع أحمد بعينيه انشغال منار مع سهير وبين الحين والآخر كانت ترفع عينيها لتجده يراقبها بابتسامة فتخفض رأسها خجلًا، لكن فجأة رفعت عينيها فلم تجده، فشعرت بالوحشة والوحدة، بحثت عنه بعينيها فالتقطتها سهير بابتسامة: دخل المكتب، أكيد هايتصل بوليد يتابع الشغل، أحمد متعلق بالشغل أوي في الحتة دي طالع لـ أبوه.. تعالي بقى لما أفرجك على أوضته.

دخلت الغرفة فعاد إليها الإحساس بالامان والحميمية، من كان يتخيل أنها ستدخل غرفته في يومٍ ما؟
كانت غرفة فسيحة باللون الأحمر القاني وأرضية خشبية بيضاء، أول ما لفت نظرها كان مكتبة كبيرة على شكل كلمة اقرأ تحمل في طياتها الكثير من الكتب.
جلست سهير على فراشه وفتحت ألبومًا للصور وأشارت لها بالإقتراب، فاقتربت على مضض، إنها تجلس على فراشه وتشاهد صور طفولته، إن كان حلمًا فلا تتمنى أبدًا أن يوقظها أحد!

بعد دقائق كانت منار تجلس مع سهير تحت الغطاء إختباءً من البرد، وقد سرحت سهير في سرد القصص بينما منار تستمع بإهتمام.
ثم تثائبت سهير وهي تضع يدها على فمها قائلة: هما كانوا مجانين بعقل! لا بجد دوخوني أوي هو ومريم، توأم بس كإني مخلفة عشر عيال!
دخل أحمد الغرفة فجأة، فعقد حاجبيه بإندهاش، قبل أن يصيح بمزاح: أمي ومراتي؟ وفين في أوضتي وعلى سريري؟ بيتناقلوا أسراري؟
تضرجت وجنتا منار بالأحمر وهي تنظر إليه بصدمة عاقدة حاجبيها، فيما زمت والدته شفتيها بيأس وهو يسحب سيفًا خشبيًا من على الحائط قائلًا بتأثر: لا يسلم الشرف الرفيع من الأذى حتى يُراق على جوانبه الدم!
زفرت سهير قائلة: عوض عليا عوض الصابرين يارب.
ضحك وهو يضع السيف جانبًا قائلًا: من ورا قلبك على فكرة.
ثم جلس بجانب سهير وهو يسحب الغطاء في جهته مُلتقطًا الألبوم: أهي دي بقى حبي الأول، منافستك الشرسة، نورهان بنت مريم أختي.. نور يعني.
نور؟ نورهان؟ أهي التي كان يحادثها بالأمس؟
أكمل قائلًا: بداية كره قوية مابينكم على فكرة ومستحلفالك انتي مش اخدتي خالها الوحيد، دة انتي اخدتي إنسانها المفضل يعني لو لاقتك واقفة معايا ولا قريبة مني بس ماضمنهاش.

هي ابنة أخته إذن؟
ضحكت بقوة، بقوة أكثر مما استعدت جملته، فنظرا إليها بدهشة جعلتها تتوقف قائلة: آسفة معلش، افتكرت حاجة مضحكة.
ابتسمت سهير وهي تُبعد أحمد لتنهض قائلة: شكلك دمك خفيف يا منار، أهو احنا في بيتنا دة كله ماتلاقيش ميزة أد خفة الدم، فانتي هنا في مكانك المناسب.
منار بحب: لا والله ياماما، دة انتم شكلكم كلكم مميزات.
أحمد بفخر: عشان تعرفي بس إني رافع راسك في الأسر المجاورة.
سهير بسخرية: بتقول كلكم مش انت!
_ماهي تقصدني أنا بس محرجة، ماأكيد ماتقصدكيش انتي اللي عرفاكي من ساعة كنتي بتتكلمي فيها عني!
منار بتصحيح: لا والله، أقصد كلكم، سيماهم على وجوههم فعلًا.
_آه، أطلع انا منها يعني!
هزت رأسها وهي تضحك: لالا ماقصدش والله برضه.
راقبت سهير الانسجام بينهما بابتسامة رضا قبل أن تنسحب بهدوء، تاركة أحمد يجلس مجددًا على الفراش قائلًا: بعد ايه بقى ما انتي شمتتي فينا الأعادي خلاص.
ارتجفت منار لـ اقترابه منها إلى هذا الحد، منتبهة لكونهما على فراش واحد، فنهضت وهي تحمر خجلًا، رفع حاجبه بإستفهام فابتسمت وهي تمسد ذراعيها: الدنيا برد أوي!
ليسألها بغموض: وهو لو الدنيا برد نستغطى ولا نقوم من تحت الغطا؟
أبعدت عينيها عنه لينهض قائلًا: هاشغلك الدفاية.
بعد دقيقتين مرتا تقريبًا دون كلمة حاولت أن تكون لطيفة فسألته: هو انت قرأت كل الكتب اللي في المكتبة دي؟
تحدث بعد لحظات وإن كان بجدية: أيوة قرأتها، وقرأت أدها أربع مرات كمان، الكتب اللي في أوضة المكتب تحت كلها بتاعتي.
أومأت برأسها قائلة: أنا كمان بحب الكتب أوي.
ثم اتسعت ابتسامتها: شوفت بقى أدي كمان بيننا حاجة مشتركة
لم يبادلها الابتسام، كان ينظر إلى وجهها بشرود، فاتجهت نحو المكتبة وبدأت تقرأ العناوين بسرعة تحاول أن تتخطى اللحظة.
لكن فجأة ودون أن تشعر كان على مقربة منها، يسحب كتابًا من فوقها، التفتت إليه فوجدت ابتسامة حانية على وجهه الذي كان على بعد إنشين من وجهها، حاولت أن تتخلص منه فقالت بتوتر: هادخل أخد شاور دافي يمكن أدفى شوية.
كان ينظر إلى عينيها المتسعتين بهلع أمامه بحنو ولمس وجهها بأنامله قائلًا: ماشي، الفوط والشاور والشامبو في دولاب الحمام، محتاجة حاجة تانية؟
هزت رأسها وحاولت أن تتملص من ذراعيه الذي سجنها بداخلهما، وقبل أن تهرب كان يأخذها كلها بينهما، لا ليس بشهوة، فقط كان عناق أمان، زرع في العناق أزهار الطمأنينة والسلام، كان احتضان آمن، حاني، مراعي، عناق حب كأنه أمضى سنوات وسنوات في إنتظار هذه اللحظة، وهي رفعت يديها لتحتضنه، وتلاشت كل إنذارات العالم من عقلها، وأسكتت كل صوت يأمرها بأن تبتعد.. ثم فجأة، تذكرت أنه لايحبها، فتملصت منه بجهد واضح ووقفت مترنحة متوترة: أنا.. أنا هادخل أخد. الشاور.
شهقت وهي تُغلق الباب خلفها، وتأملت وجهها في المرآة، كانت شاحبة للغاية وأنفاسها تكاد تندثر.
من بين كل فرسان الأحلام كان فارسها رجلًا يقرأ صمتها ويتفهمه، فأتاها رجلًا قرأ نصف كتب العالم ولم يقرأها هي، لم يفهم أن ابتعادها حب، وأن هروبها خوف من عدم حبه لها!
لا لن تستسلم قبل أن يسلمها قلبه. انتهى.

أتاها صوته بطرق على الباب: منار؟
التقطت أنفاسها قبل أن تجيبه بصوت مضطرب:نعم؟
وكأنه لم يفعل شيئًا قال ببراءة: ماخدتيش هدومك، ولا هاتلبسي برا؟
فركت جبينها بيديها وكأنما فاجئها صداع ما، لقد نسيت ملابسها وستحتاج للخروج مجددًا لإحضارهم، بينما ابتسم هو بتسلية وهو يخرج ثيابها من الحقيبة، قالت: حاضر طالعة.
ليقول هو ببساطة: اتناوليهم، أنا طلعتهم.
حسنًا لقد تمادى!
فتحت الباب بملامح جامدة، أخذت الملابس ساحبة يدها من يده بقوة، وأغلقت الباب.
لكنها بعد ثوان شهقت بخجل، كانت المشكلة في الملابس التي أحضرها.
خرجت وهي عاقدة حاجبيها بعصبية، تأملت جلوسه على الفراش واضعًا حاسوبه على ساقه، نظرت إليه بشزر، فضحك وهو لا يرفع عينيه عن حاسوبه، هو يدرك تمامًا مافعله.
سحبت ملابس أخرى، أكثر احتشامًا من التي أحضرها وصفعت الباب خلفها فيما صاح هو بمرح: الصبر طيب!

وبعد ثلث ساعة خرجت، ولم تجده في الغرفة، لكن من داخلها كانت تتمنى لو وجدته.

ظلت في انتظار عودته، لكنه لم يعد..
سحبها فضولها نحو الأسفل، سألت والدته فأخبرتها أنه خرج قليلًا وسيعود بعد بضعة ساعات، لمَ لم يخبرها؟
تنهدت بيأس، وجلست تحادث والدته لساعات طوالٍ، وتناولت طعام الغداء ثم صعدت لتنام قليلًا وحين استيقظت كانت الساعة الثامنة مساءً.
لم يوقظها أحد ولا حتى سأل عنها أحد!
حين نزلت للأسفل كانت والدته تتحدث بالهاتف وأخبرتها أنه بالمكتب يشاهد مباراة الأهلي والإسماعيلي، كانت تعرف أنه أهلاوي بدرجة ممتاز، فارتأتها فرصة جيدة لتشاغبه قليلًا.

فتحت الباب فوجدته جالسًا بأريحية على الأريكة يشاهد المباراة، ابتسمت وهي تجلس بجانبه لكنه لم ينظر إليها حتى!
حاولت التحدث قائلة: مشيت من غير ماتقول وطول النهار قاعدة لوحدي ولما رجعت ماقولتليش إنك رجعت!
_مشيت فجأة وانتي كنتي في الحمام، ولما رجعت كنتي نايمة وسهير قالتلي إنك اتغديتي، طلعت غيرت هدومي واتغديت لوحدي واستنيتك تصحي.
شردت، فانتبه لشرودها بتركيز قائلًا: سيبتي كل اللي قولته وبتفكري في إني دخلت الأوضة وانتي نايمة صح؟
هزت رأسها نفيًا، فضحك بسخرية وهو يعود للمباراة، سألته: مين بيلعب؟
_الأهلي والاسماعيلي.
_الله بجد! أنا بحب الاسماعيلي جدًا، الأهلي بيعمله ألف حساب وبيترعب منه أكتر مابيخاف من الزمالك!
عقد حاجبيه بضيق: الأهلي مبيخافش من حد!
ضحكت قائلة: إلا الاسماعيلي، وكل ما الدراويش يطلعوا بلاعب يخطفوه منهم، محمد بركات، أبو تريكة، محمد فضل، خالد بيبو.
_ششششش.
قالها وهو مغمض العينين ثم نظر إليها مؤكدًا: شششش.
حاولت التحدث مجددًا فنظر إليها قائلًا: مابحبش حد يتكلم أثناء الماتش، عايزة تتكلمي اطلعي اتفرجي عليه فوق.
ببراءة مصطنعة قالت: انت مش قولتلي عايزين نقعد مع بعض شوية، ولما اقعد معاك مايعجبكش!

مشت ناحية الباب وراقبها بضيق، إلى أن استدارت قائلة: كنت بهزر معاك على فكرة أنا أهلاوية جدًا كمان!

هي أكثر براءة من أن تكذب، كانت كذبتها واضحة جدًا لكن ليس هذا مايضايقه.

خرجت وحاول التركيز على المباراة، لكن هيهات!

التهمت الساعات التالية وهي تتعرف أكثر على البيت، وحين صعدت طرقت الباب بخفة فلم يجبها، فتحت الباب فوجدته جالسًا على الفراش يقرأ كتابًا ويضع نظارة قراءة جعلته وسيمًا بشدة.
توترت حين وجدته جالسًا على السرير، فجلست باضطراب على الأريكة، لاحظها فابتسم بسخرية، مرت عشر دقائق وهي لا تجد شيئًا لتقوله وهو لايسحب طرف الحديث.
وأخيرًا تكلم قائلًا: لو عايزة تنامي تعالي، هاخلص الرواية اللي في إيدي وانام.
ترددت لكنها ظلت مكانها قائلة: أنا كنت عايزة أطلب منك طلب.
_اتفضلي.
_عايزة أروح الكينج مريوط أجيب حاجتي من هناك وأودي شوية حاجات الدراي كلين وكتبي وكذا حاجة..
أومأ برأسه قائلًا: ماشي، أنا روحت النهاردة جيبتلك هدومك وبقية الحاجات ممكن تروحي تجيبيها في أي وقت.
سألته بدهشة: هدومي؟
_اه هدومك، مالها؟
كانت الحقائب أمام خزانة الملابس فتنحنحت قائلة: انت فتحت دولابي هناك؟
رفع نظراته إليها لثوانٍ قبل أن يعود للكتاب: أه.
ثم ضحك فجأة، فهزت رأسها بعند: على فكرة دمك مش خفيف خالص يعني!
ضحك أكثر وهو يقول: لا دمي خفيف، بس غلس، أنا متفق معاكي عادي.

كانت ستطلب منه بعض المال أيضًا بما أن كل مالها قد نفذ، وكانت تطلب من المحامي سابقًا أما الآن فهي لاتستطيع أن تطلب من المحامي وإلا ستثير غضبه، حاولت أن تقولها لكن لسانها قدا انعقد فجأة، إنه يحاول إشعارها بكونها زوجة حقيقية، وهي تبحث عن الحب بكامل قوتها!
وجدت نفسها تتجه نحو السرير وتسحب الأغضية لتدثر نفسها جيدًا تحتها، فضحك وهو يقرب فمه منها: منار؟
جاء صوتها مكتومًا: نعم؟
_خلاص أنا آسف ماتزعليش، مش هاضغط عليكي.

ابتسمت في داخلها بسرور وإحراج شديدين، وظلت مستيقظة إلى منتصف الليل تستمع إلى أنفاسه المنتظمة إلى جوارها، لطالما عنى لها انتصاف الليل اكتمال الوجع، لكن ليس الآن، ليس بعدما جاء هو ليزيل كل الوجع من قلبها.
أمَّا هو فكان مستيقظًا أيضًا، يحاول أن يفهم إلى متى، وفيما سيفعله ليفتت السدود بينهما.. وعند آذان الفجر استيقظ، وجدها تصلي في هدوء، فتوضأ ونزل إلى المسجد وحين عاد وجدها نائمة، ومن شدة إرهاقه نام هو الآخر، وحين استيقظ في الصباح لم يجدها بجواره، نظر إلى ساعة الهاتف فوجدها السابعة ونصف صباحًا.
رفع الغطاء ونظر إلى الشرفة المغلقة وإسدال صلاتها المطوي بجانب سجادة الصلاة، ثم باب الحمام المفتوح نسبيًا، ثم خرج من الغرفة ليبحث عنها بالأسفل.
وضبطها متلبسة بفنجان قهوة صباحي، قبض على أناملها فشهقت بفزع قبل أن تنتبه لوجوده متأسفة:آسفة!
_والله؟
سألها وهو يسكب فنجان القهوة في الحوض: قهوة برضه؟ وعالريق ومن غير فطار!
أشارت إلى رأسها: عندي صداع واخدت بنادول بس مش هعرف أخففه غير بالقهوة!
_افطري وبعدين اعملي اللي عايزاه.
طرقت الخادمة على باب المطبخ، فأشار إليها قائلًا: صباح الخير يا ست أم عبير، جهزيلنا فطار وعصير، شوفي منار تاكل ايه، ممنوع قهوة خالص.
ثم نظر إلى منار قائلًا: أنا هاطلع أغير هدومي، اتأخرت طبعًا عشان مفيش مراعاة إنك تصحيني أبدًا.
ضحكت قائلة: معلش، معرفش انت بتصحى إزاي!
ابتسم بسخرية: عذر أقبح من الذنب!

صعد الدرجات الرخامية بسرعة، وطالعته منار ثم سحبت علبة البن لتأخذ منه ملعقة وتضعها في فمها دون ماء، حين فتحت عينيها وجدت "أم عبير" تنظر إليها بدهشة، ثم ابتسمت بطيبة وهي تهز رأسها، في حين أشارت لها منار بشقاوة أن تصمت.

___

عندما وصلا إلى الجامعة، ترجل من سيارته وفتح لها الباب ليساعدها على النزول، فتوجهت نحوهما النظرات بالفضول والإستغراب والحقد.
تجاهل هو كل هذا وهو يقول: اسبقيني على المحاضرة، عشر دقايق وهانبدأ.
أومأت برأسها وهي تراه يبتعد، نادته: أحمد، متأكد إنك مش عايز العكاز؟!
هز رأسه: لا انا كويس..
ثم غمز بعينه متابعًا: بطلي انتي بس تراقبيني وانا ماشي!

ضحكت بخجل وابتعد هو ناحية مبنى العميد.
اقتربت منها فجأة إحدى الفتيات قائلة: منار عاش من شافك عاملة ايه!
ابتسمت منار قائلة: الحمدلله بخير ازيك انتي؟
_بخير بخير..
ثم همست وهي تقترب منها أكثر: هو مش دة دوك أحمد اللي نزلتي من عربيته؟
نظرت أرضًا بتوتر: أيوة هو.
لتزوم الأخرى بلؤم: اممم قولتيلي.

رأت منار منة من بعيد، فأسرعت نحوها قائلة: منة! منون وحشتيني أوي!

لم تشعر منة بذلك الحب الذي يسكن عيني منار، كل ما رأته كانت الغيرة والحسد، أحمد وهو يفتح لها الباب ويتحدث معها بحميمية احمرت لها وجنتيها، نظرات الفتيات نحوها والحسد يأكلهن والغيرة، حبها الوحيد يُسرق منها، والسارقة تقف أمامها تتبجح بافتقاد كاذب.
بابتسامة صفراء لم تصل إلى عينيها أجابتها: وانتي كمان وحشتيني، عاملة ايه يا منار؟
ربتت الأخرى على ذراعها قائلة: أنا الحمدلله بألف خير يا حبيبتي، عارفة انك زعلانة مني عشان مابكلمكيش بس والله يا إما بترني عليا وأحمد جنبي يا إما عايزة اكلمك بس فاتورتي خلصت ومكسوفة أقول لـ أحمد أروح ادفعها، تخيلي بتكسف أطلب منه فلوس حاجة هبل انا عارفة، مع إنه والله قبل ما اطلب الحاجة بتكون عندي.
قالت الجملة الأخيرة بضحكة طفولية مكتومة زادت من غيرة منة التي قالت: ولا يهمك أنا بس عايز اتطمن عليكي.
سحبتها منار ناحية قاعة المحاضرات قائلة: حبيبتي يا منون، أنا كويس خالص الحمدلله، حاسة كإن أحلامي بتتحقق قدام عيني.. آه صحيح بالمناسبة، عازماكي الليلادي على حفلة صغننة عندي في البيت في كفر عبده، هاكتبلك العنوان، حتى حفلة انما ايه هانجيب عمرو دياب وصافيناز.. أومال هي آلاء فين؟

نعم هذه الحياة هي من تستحقها، منار أصلًا لا تحتاجها، هي من تحتاج إلى دعوة أصدقائها وعائلتها إلى حفل تحييه صافيناز وعمرو دياب.
_ماشوفتهاش.
ثم سألتها: هاتجيبوا عمرو دياب وصافيناز بس؟
لتجيبها منار بدهشة: لا طبعًا، هانجيب صافيناز وانا موجودة يعني؟ دي هاتتحرج لو شافتني برقص وهاتبطل ترقص تاني، أنا اللي هرقص وعمرو دياب هايغني.
ثم انفجرت ضاحكة لتسألها منة وهي تجلس بجانبها بشك: انتي مالك النهاردة مش طبيعية خالص!
لتجيبها منار وهي تشير إلى السماء بحالمية: لامور يا أختي لامور!

صمتا، كما صمت الجميع عند دخول أحمد سعد الحسيني، اقترب من المقعد الرئيسي وفك أزرار سترته وجلس قائلًا: السلام عليكم!

رد الجميع السلام فيما صاح البعض ألف مبروك يا دكتور!
غاصت في مقعدها خجلًا وهي تسمع الصيحات المبتهجة وهو يجيب: الله يبارك فيكم يارب عقبالكم جميعًا آنسات وشبان وافرح فيكم.. آآقصد أفرح بيكم.
عمَّ الضحك في القاعة فيما سأل أحدهم: دكتور هو فعلًا زوجتك معانا هنا؟
ليجيبهم وهو ينظر في اتجاه بعيد عنها: آه هنا، وفي المحاضرة وسطكم كمان، تحبوا أشاورلكم عليها؟
لتصيح إحداهن: ياريت يا دكتور.
وسع عينيه قائلًا: اخرسي.. ها عند حد أي أسئلة شخصية تانية؟
أحرجهم، فصمتوا وهو قال: طب حد فاكر أخر مرة وقفنا فين؟
ورددوا معه بمرح جملته المعتادة: مش مهم أنا فاكر أخر مرة وقفنا فين.

وبدأ في شرح المحاضرة، وليتابعوا هم الشرح أما هي فستتابعه هو.

نهاية الفصل السادس


صفا ممدوح محمد غير متواجد حالياً  
قديم 24-07-21, 05:39 PM   #30

صفا ممدوح محمد

? العضوٌ??? » 489306
?  التسِجيلٌ » Jun 2021
? مشَارَ?اتْي » 23
?  نُقآطِيْ » صفا ممدوح محمد is on a distinguished road
افتراضي

الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين

صفا ممدوح محمد غير متواجد حالياً  
موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 02:11 PM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.