آخر 10 مشاركات
فجر يلوح بمشكاة * مميزة ومكتملة * (الكاتـب : Lamees othman - )           »          لُقياك ليّ المأوى * مميزة ومكتملة * (الكاتـب : AyahAhmed - )           »          كاثرين(137)للكاتبة:Lynne Graham (الجزء1من سلسلة الأخوات مارشال)كاملة+روابط (الكاتـب : Gege86 - )           »          حين يبتسم الورد (2) *مميزة ومكتملة * .. سلسلة سلاطين الهوى (الكاتـب : serendipity green - )           »          هيا نجدد إيماننا 2024 (الكاتـب : رانو قنديل - )           »          379-لا ترحلي..أبداً -سوزان إيفانوفيتش -مركز دولي (الكاتـب : Just Faith - )           »          378-ثورة في قلب امرأة -تامي سميث - مركز دولي (الكاتـب : Just Faith - )           »          نصيحة ... / سحر ... / الأرملة السوداء ... ( ق.ق.ج ) بقلمي ... (الكاتـب : حكواتي - )           »          377-حب من أول نظرة -بات ريتشارد سن -مركز دولي (الكاتـب : Just Faith - )           »          376 - الهروب من الواقع - جودي بريستون - م.د** (الكاتـب : سنو وايت - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > الروايات الطويلة المكتملة ضمن سلاسل (وحي الاعضاء)

Like Tree1710Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 04-07-21, 04:36 PM   #41

إسراء يسري

? العضوٌ??? » 475395
?  التسِجيلٌ » Jul 2020
? مشَارَ?اتْي » 629
?  نُقآطِيْ » إسراء يسري is on a distinguished road
افتراضي رواية وأشرقت الشمس بعينيها


الفصل الثامن ...

: الفصل..الثامن ...

ساعة القضاء يعمى البصر ..
تغلق العقول ..
وتنمحي البصيرة
وهنا لا مجال لإنذار احذر هناك مصيبة في الطريق ..!

لم تكُف عن البكاء سوى من غفوة صغيرة تكاد لا تصل إلى دقائق معدودة ربما جسدها هو ما أخذها من إليها قسراً حتى استيقظت على... أو بالأحرى دبت صافرات الإنظار في جسدها لتجمد الجسد المجوار لها وسكون أنفاسه..
انتفضت سنابل بهلع وهي تهزه بإرتعاش قائلة من بين غشاوة دموعها:
"همام استيقظ "
والجسد متجمد .. الأنفاس خامدة.. والروح مفقودة
لكن العقل البرئ لا يدرك
الدموع تتساقط ..تنهمر كالسيل.. الغشاوة تغمي العين
فيرتعش الكفين على جسده تحركه
بقوة
بهلع !!
تمسح دموعها بعنف وصوت الشهقات المرعوبة يعلو ومازال العقل البرئ لا يدرك مدى المصيبة الواقعة !
تمسك وجهه المثلج بين كفيها اللذان لا يقلان عنه برودة وقد انسحب الدم تاركاً المجال للخوف أن يسيطر !

لكنها لا تدرك
رباه مابه ؟
لما لا يرد عليها وما تلك البرودة المسيطرة عليه ؟
لما لا يفتح عينيه ؟!
تربت على وجنته بأحد كفيها والآخر يمسح دموعها
غشاوة العقل مُغلَقة عن عُري الجسد !
الم لا وقت له ينتشر بسائر جسدها لكنها لا تأبه له وهي تواصل التربيت عليه في أنحاء مختلفة عله يستيقظ
والتربيت تحول لضربات متوالية والضربات ترافق التوسل الباكي أن يقوم
أن يستيقظ...
أن يطمئنها ...
أن يخرج قبل أن يأتي أحد ...
لكنه لا يرد!!!
لا يستجيب!!!!
هل جن؟!
هل هذا وقت مقلب سخيف منه ؟
بأيدي مرتعشة تسحب قميصها الداخلي المكوم بآخر الفراش وترتديه على عجل وبعض من الخوف أن يأتي أحد يتسلل لعقلها المذعور فينتبه قليلاً
قليلاً فقط
تجثو على ركبتيها وهي تناديه بصوت مبحوح والفكرة المأساوية تضئ في عقلها
فتهز رأسها نفياً مراراً بجنون وهي تهذي بتوسل مناديه باسمه ولا يستجيب
رباه !
دقات القلب تكاد تيقظ الميت من فور سرعتها
ميت!
تتسع العينين بهلع أبدا ً لا يساويه الذعر السابق بشئ
تلطم وجنتها بأحد كفيها والآخر يفعل المثل مع وجنته الباردة
"همام... هم..ام...ه..م..ا..م "
البُكاء يحكم صوتها فتختنق بإرتعاش
تنتحب بصوت عالي غير دارية
تميل إلى أنفه علها تشعر بنَفسه لكن لا حياة لمن تنادي
والنحيب يتحول لصراخ مدوي لا تسمعه أذنيها لكن الجدران فعلت
والصراخ أصبح جعير بالصوت وكأنها جنت فلا تدري بصوت الباب الخارجي الذي فُتِح للتو
أهو باب الدار ؟
أم باب من الجحيم !!
*********************
قبل دقائق

وقفت " سيدة " والدة سنابل أمام باب البيت تُخِرج مفتاحها من جيب عبائتها السمراء ذات القصة المستديرة وهي تبرطم قائلة :_
"يجب أن يظل مع المحروسة حتى يطمئن عليها فربما هي المرأة الأولى التي تلد في الدنيا "

تلوي شفتيها مواصلة :_
"ماذا لو لم تكن هذه الولادة الرابعة لها ..منذ أن تزوجها وهي كالأرنبة تأكل وتلد"
تضع المفتاح في (كالون) الباب وهي تديره قائلة :_

"دقائق وسأجده ورائي كي يحضر غطاء زائد للمحروسة "

صرخة مذعورة أتت مكتومة من الداخل جعلت المفتاح يقع من يدها وهي تفتح صدرها تتفُل فيه برعب ثم تتناول المفتاح تفتح الباب مسرعة وقد وقع قلبها بين قدميها من صراخ ابنتها الواصل من غرفتها

"(بت) بنت يا سنابل " صرختها بخوف وهي تخلع وشاحها الأسمر ترميه على طول ذراعها تفتح باب غرفة ابنتها ترى ما بها
ولم تكن في أحلك كوابيسها سوادا ً أن تتوقع ما ترى الآن !!

وقفت جاحظة العينين تهز رأسها بنفي وگأنها تريد أن تُكذب بشاعة المشهد أمامها
تخلخل الدم في ركبتيها فخانتاها وسقطت أرضاً وجسدها بأكمله يؤل لفعل المثل
ابنتها الصغيرة جاثية على ركبتيها على الفراش بقميصها الداخلي القصير
شعرها الأسود الطويل مشعث وكأنها خرجت من حرب مجنونة
صوت نشيجها يعلو بذعر وكأن الشهقة تخرج مرتعشة لكن ما ذبح قلبها و أودى بعقلها إلى الجنون
هو الجسد الراقد على الفراش دون حراك والذي لم يكن سوى لخطيب ابنتها
همام !!
صوت ابنتها الذي يجعر دب الخوف في جسدها الواهن فزحفت على ركبتيها وهي تغلق الباب خلفها
حتى وصلت إلى حافة الفراش فأخذته عكازاً كي تقف وليتها ما فعلت !
فالفراش المدنس ببقعه صغيرة باللون الوردي يفي لشرح ما حدث
تحاول أن تُخرِج صوتها فلا تستطيع ... فتشهق محاولة أن تَعُب الهواء في صدرها وهي تنقل نظرها بين الجسدين أحدهما خامد بلا حراك والآخر يماثله سوى من صوت الشهقات المذعورة
وأخيراً فاقت وقد دبت الحمية في عروقها فتقترب من ابنتها التي ربما أصابها الجنون
تشد شعرها بخشونة قائلة بقسوة :_

"ماذا فعلتِ يا فاجرة ؟"
تلطم وجهها بقسوة وهي ترميها على الجسد الآخر غير مدركة لما حدث له تصرخ بعنف:_
"أقسم أن اقتلك واقتله ونائم أيضاً والله لن يطلع عليكم صباح "
واللطمة أخرجت سنابل من حالة الجمود الباكي وهي تنتفض كالملسوعة من على جسد همام وقد دخلت في نوبة هستيرية باكية وجسدها كله يرتعش هاذيه:_
"مات ... هو لا يرد... لا نفس له ... مات ... همام تركني ومات
أبي سيقتلني ...همام ...مات "

التفتت سيدة للجسد الخامد برعب وشحوب وجهه الظاهر أصدق دليل على صدق هذيان ابنتها !
أخذت تلطم وجنتيها مراراً برعب وهي تنقل نظرها بينه وبين أثار عذرية ابنتها على الفراش

الروع من الفضيحة التي تلوح في سواد الأفق أعاد بعض التعقل لها فمسكت ابنتها من طوقها بعنف
تلطمها مرة أخرى على وجنتها وهي تأمرها بقسوة فتقمع الحديث بعقلها:_
"أفيقي ...أفيقي لعنة الله عليكِ لا وقت لجنونك وهذيانك الآن فأخيگِ على وشك القدوم "
والأخرى ليست هنا
الدموع تهطل من عينيها كالأنهار وكأنها تريد أن تجاوره اليوم
عَبّت الهواء القاسي في صدرها وهي ترميها جانباً غير عابئة بقسوة سقوطها أرضاً
تتجه للجسد الخامد أمامها والمغطى نصفه السُفلي
بأيادي مرتجفة
قلب يقرع توجساً من الفضيحة التي لا مفر منها
عقل يسعى لتأجيل صدمته
التقطت جلبابه الساقط أرضا تحاول أن تلبسه له
لكن الجسد متيبس
والوقت لا يسعفها
أي من زوجها أو ابنها ممكن أن يأتو الآن والله أعلم ماذا سيحدث حينها
تحاول أن تسيطر على رعشة جسدها فتتساقط دموعها أخيرا ً بقهر ترفع وجهها للسقف وكأنها تناجي ربها دون أن تدرك ماذا تقول ثم تتنهد محاولة إعادة ماتفعله حتى نجحت أخيراً

تركت الغرفة مسرعة إلى باب البيت تغلقه بالمزلاج ثم تناولت دورق مياه لمحته بعينيها
واتجهت بعزيمة مزلزلة جهت تلك الفاجرة كي توقظها فتساعدها في تلك المصيبة التي حلت لا محالة على رأسهم

ألقت دورق المياه في وجه الملقاة أرضاً بقسوة جعلتها تشهق عدة شهقات متتالية أتيه من أعمق أعماق روحها المكلومة وحين كادت أن تبكي عنفتها بقسوة ناهرة:_

"أياكِ ... أياكِ أن تبكي أو ترثي نفسك الآن فلا تتعجلي
رثائك آتي لا محالة "
ثم دفعتها دفعاً أمامها مواصلة :_

"ساعديني هيا لإخراجه إلى الردهة قبل أن يأتي أحد "

وبأرواح مهزومة ..
قلوب ٍ مكلومة..
وأجسادٍ واهنة ...!
تمت عملية النقل بعد أن كاد يسقط منهم عدة مرات من ثقل جسده أو ربما هم من كادوا أن يسقطوا من عظم الموقف نقلوه إلى الردهة الخارجية للمنزل حيث مددوه على الأريكة قديمة الطراز
ولم تلحق أي منهما أن تأخذ أنفاسها حتى وصوت الباب يقرع مع محاولة عنيفة لفتح الباب من الخارج
لطمت سيدة وجنتيها بهلع وجسدها كله ينتفض لوصول ولدها فماذا سيفعل
نظرت لابنتها الشاحبة والتي نظرها مجمد على الجسد الساكن جوارهم ودفعتها بقوة جهة غرفتها هامسة بقسوة :_

"ادخلي استري جسدك بشئ وانزعي مفرش السرير خبئيه بأي مكان "
وقرع آخر مع صوت ابنها ينادي جعلها تدفعها بقوة حتى أدخلتها الغرفة وأغلقت عليها ثم هرولت حتى كادت تنكفئ على وجهها مسرعة إلى الباب
أعصابها كلها مزلزلة لا تستطيع أن تُلم عليها حتى أن عقلها أعلن استسلامه فلا تدري ماذا تقول
فتحت الباب بأصابع مرتجفة وقد بدأت أعراض الصدمة التي قمعتها قليلاً تظهر عليها
في ارتعاش جسدها ورجفة شفتيها مع صوت اصطكاك أسنانها جعل ابنها يسألها بقلق وهو يسندها :_

"أمي ما بگِ لقد كنتِ بخير منذ قليل "

ثم زعق بصوته الجهوري على أخته :_

"بنت (بت) يا سنابل أين أنتي اصنعي كو..."

تسمر مكانه فور أن وقعت عيناه على الجسد المسجي على الأريكة تاركاً والدته فسقطت أرضاً لكنه لم يأبه!
انتفض العصب بجبينه واحمرت عينيه بشرر و شياطين العالم كلها تتقافز أمام عينيه وهو يقترب من خطيب أخته النائم على الأريكة بكل تبجح !
ما الذي أتى به إلى هنا في غيابهم ؟
وكيف تسمح له الفاجرة بالدخول ؟
سيكون آخر يوم في حياتهم على يديه
وقبل أن ينقض عليه قضت عليه همسة والدته الشاحبة :_

"إنه ميت "

تقهقر للخلف تلقائيا بفزع وهو يبتلع ريقه بصعوبة يتسأل بذهول :_
"ماذا ؟...كيف!!"

ينفض عقله بقوة وكأن رهبة الموت لا تعنيه وهو يجعر بصوته الجهوري على أخته
متجهاً إلى غرفتها والدماء تتناثر أمام عينيه

قبل دقائق
بعد أن دفعتها أمها إلى الغرفة وأغلقت عليها
تقدمت تنزع المفرش بآلية وهي تدسه أسفل الفراش
مسمرة أمام فراشها ومشاهد من ملحمة عشقية مع روح غادرتها لتهوى في لُجة الجحيم وحدها تتقافز أمام عينيها فتنزل على روحها وكأنها السياط !
الدموع جفت مأقيها ولم يعد سوى العار وانتظار المحتوم
صرخة أخيها باسمها جعلتها تسقط زاحفه إلى عبائتها البيتيه تلتقطها بأصابع مرتجفة في محاولة لارتدائها لتستر عري جسدها فيكفي عارها
وفور أن سترت ما يمكن ستره كان أخيها يدخل عليها كالمجنون
مغيب العقل والقلب ولو وعى للحظة لادرك أن بيده يصنع الفضيحة وقد كان سترها بأيديهم
زحفت برعب شل جسدها وهي ترتجف متقهقرة إلى الوراء وعينيها المتورمتان من الدموع تحجبان عنها عمق اقترابه منها حتى قبض عليها بقسوة صارخاً:_

"يا فاجرة ماذا كان يفعل عندك "

لطمة على الوجه أدمت الشفتين وصراخ آخر جلب الجيران وجسد الأم بالخارج لا تستطيع الحراك ولا النطق فقط العينين تذرفان الدموع خزياً على دخول القوم

ولطمة أخرى رافقتها دفعة لرأسها في الحائط وهي تبكي مولولة بجزع دون توقف هاذية بجنون :_

"لم أفعل ...هو ....اسفة ....لم أقصد ...أااااااه"

ركلات عنيفة وقاسية بلا رحمة في سائر أنحاء جسدها الضعيف كادت أن تودي بحياتها حتى كبله أحدهم من الجيران والمارين اللذين ظهروا صارخاً وهو يدفعه خارجاً :_

"يكفي يا بن ربيع وحد الله الفتاة ستموت في يدك "

وشياطين الغباء تسيطر على ذات الرجولة فيزأر :_

"فلتمت تلك الفاجرة "

والهمهمات بالخارج متناثرة بين قيل وقال حتى وصلت والدها الذي أتى ركضاً تاركاً حقله ومواشيه
وأحاديث الناس تُشعل الحريق في جسده من هول الفضيحة التي أوقعته بها ابنته
تلك الحوادث تنتشر سريعاً في القرى كانتشار النار في الهشيم ويا حبذا لو زدنا من الأشاعات أقوالاً وأقوال

فتلك المرأة على باب البيت المقابل تهمس لجارتها مولولة بشفقة مصطنعة :_

"يقولون أنهم قبضوا عليكى همام المعلم بالقرية المجاورة مع ابنة ربيع في بيتهم "
والأخرى تلوي شفتيها تسرها :_

"ليس بالجديدة دوما ما أراهم بالليل على سطح بيتهم سوياً لكن كنت أقول وليه واستر عليها "

وثالثة تأتي مولولة ولاطمة الخدين تقول :_

"الحقوا الحقوا
يقولون أن المعلم ميت ببيت ربيع "

والشهقات النسائية ترتفع ترافقها ضرب كفوفهم على مقدمة صدورهم
والجانب الآخر رجال القرية لا يقلون عنهم شئ سوى الحديث همساً وشماتةً

"والله يستحق أليس هو من يضع أنفه في السماء "

"لترى يا أخي أن الله حق لقد فضح ابنة أخيه قبل سنوات ففضحته ابنته "
"يا أخي الفتاة بالأساس لم تكن مضبوطة دوماً ما كنت أراها تقف مع الرجل في ذاك الركن النائي من القرية "

"يقولون الرجل مات
أتصدقون ؟!"

وفور أن وصل إلي بيته كان كالنار الموقودة يندفع جهة ابنته الغارقة في دمائها على الأرض غير عابئاً بأحد سوى نظرة تأكيدية ملقاة على الجسد الميت بردهة بيته
بصق عليها لاطماً وكأنها ينقصها لطمات أخرى اليوم بتلك الدماء التي تتناثر من أنفها وشفتيها ومقدمة جبهتها فلا تقدر على أخذ أنفاسها
ركلة قاسية في منتصف بطنها يشدها من شعرها زحفاً أسفل قدميه وهو يخرج للقوم المجتمع في بيته خارجا حتى وصل أمام البيت زاعقاً
"هذه الفاجرة من جلبت لي العار .. أقسم أن تكون مدفونة حية هذه الساعة قبل أن يُدفن المعلم"
وُصك مصيرها بالموت فقبلت قدمية صارخة ببكاء وتوسل :_

"لا يا أبي أقسم أني لست فاجرة"

ضربة أخرى في وجهها بقدمه خارت لها قواها لكنها لم تيأس وهي تتمسك بأسفل قدمه متوسلة بجعير البكاء الذي قطع نياط القلوب :_
"اقتلني يا أبي ..أتوسل إليك اقتلني ولا تدفني حية ..لا تفعلها بي يا أبي"

لكن لا حياة لمن تنادي من القلوب منزوعة الرحمة المتجبرة فبعد أقل من ساعتين كان يوفي بقسمه وهو يركلها في حفرة عميقة فعلها بيده بالقرب من مقابرهم بشهادة البلد كلها أن ربيع أبو الحكم غسل عاره قبل أن يأتي الصباح ...

_______________________

تأفف عمر بضيق شاتماً ذلك التيس المجاور له لكنه نائماً
"لعنة الله عليك يا رشاد أنت السبب في هذا المشوار الثقيل وبالأخير نام وتركني أقود الطريق كله "
خبط على المقود مردفاً بهمس :-
" هذا كله لأن حسه الأمني جعله يشك بأن ....يقوم بتهريب بضائعه في تلك المناطق الريفية"
أبطأ عمر من قيادته وهو يعبس هامساً بتساؤل مع نفسه :-
"ما هذا لما هذا التجمهر في منتصف الليل بالقرب من المقابر !"
أصوات الناس وهمهماتهم العالية جعلته يلكز التيس المجاور له هامساً بغيظ:-
"رشاد قم...
قم يا زفت لنرى تلك المصيبة التي أوقعتنا بها "
"ها!
ماذا.. ماذا هناك .. هل وجدته؟"

رمقه عمر بإمتعاض وهو يعتدل في جلسته يفرك عينيه هاذياً ثم قال وهو يعود بعينيه لمراقبة الطريق المغبش بالظلمة:-

"قم الطريق الذي كنا سندخل منه مغلق وهناك تجمهر للناس في الناحية الأخرى حول المقابر "

التف رشاد بوجهه ناحية النافذة وقد طار النوم من عينه إثر حديث عمر وعقبه تلك الهمهمات العالية فقال مُضيقاً عينيه في محاولة لاستشفاف ما يحدث:-
"هل يعقل أنها جنازة أحدهم؟"

التفت عمر إليه بتركيز قائلاً:-
"لا أعلم لكن الوضع يبدو مريب"

قبل أن يرد عليه رشاد التفت الإثنان على صوت عويل العجوز المارة من جانبهم وهي تخبط على رأسها مولوله:-
"قتلوا الفتاة ...دفنوها حية ..لعنة الله على قلوبهم المتحجرة"

نظر الاثنان لبعضهم بتوجس وبنفس الثانية كانا يترجلان من السيارة مما أثار فزع العجوز التي جلست على الأرض باكيه فاقترب منها رشاد مهدئاً :-
"لاتخافي يا حاجه أنا وأخي فقط عالقين في الطريق"
التفت لعمر ثم عاد لها مرة أخرى متسائلا ببراءة:-
"قولي لي يا حاجه لما هذا التجمهر !"
عادت العجوز بالخبط على رأسها وهي تهذي ببكاء :-
"دفنوها يا ولدي
لقد رأيتهم بعيني وهم ينزلون عليها التراب وهي حية"
ثم تبكي وتواصل بانفعال:-
" لقد ترجته ربيع الكلب هذا ترجته ألا يفعل بها هذا لكنه عديم القلب لعنة الله عليه "

حَكّ عمر خده بتوجس ثم سألها بفضول :-
"من ربيع هذا ولما فعل ذلك"
"أنه (المدعوق) والدها لعنة الله عليه
لقد وجدوا المُعلم ميت معها بالبيت "

برقت عينا الاثنان وقد بدأت جذوة الغضب الأمني تشتعل وهما لا يفهمان شيئاً فابتعدوا عنها في توافق ضمني في الأفكار أن يذهبوا جهة ما يحدث كأنهم فضوليين عابرين كالأخرين علهم يلتقطوا شئ
وفور أن مشوا قليلاً مر بهم رجلين يتحدثان
أحدهم ينظر للأخرقائلاً:-
" ترى هل ماتت أم مازالت حية تحت التراب يا أبي"
يخبط الأب كفيه ببعضهم قائلاً:-
"لا أعلم يا بني ربما تكون حية فلتوها دُفَنت"
هدر عمر هامساً بحزم مما جعل رشاد يلتفت له بذهول قائلاً:- "لنذهب يا رشاد علنا ننقذها"
"هل جُننت يا عمر
نذهب أين ونحن لسنا معنا أي تصريحات أو إذن من النيابة
ألم تسمع ما يقولوا؟
الرجل دفن ابنته حية ,إذا فهو لن يهمه القانون حتى"

لم يسمع له عمر وهو يتجه ناحية ظُلمة المقابر الموحشة سالكاً الطريق الجانبي مما اضطره للذهاب ورائه مبرطماً بغيظ.....
أما الأخر فلم يكن يبالي...
بل لم يكن حتى يفكر ....
كل ما وُضِع أمام عينيه أن هناك روح قد تكون عالقه الآن تحت التراب بين الحياة والموت !!
كان ينوي القفز من وراء السور إلا أن الحظ كان حليفاً له أو لتلك العالقة فالباب الحديدي لم يكن مغلقاً ولم يكن يجلس عليه حارس أو ما شابه....
وعند ظُلمة القبور تعلو رهبة النفوس فالقبور لها حُرمة يعلم عنها الكبير والصغير
الليل البهيم يخيم و للحشرات الصغيرة هنا وكر فيعلو صوتها المنفر مرسلاً الاشمئزاز لهم ..
التفت عمر على همس رشاد الذي أضاء مصباح هاتفه هامساً برهبة :-
"من أين سنعرف مكانها يا عمر ؟
هل سنفتح كل عين لنرى إن كانت بها أم لا"

لم يرد عليه عمر يحاول أن يسيطر على نفسه و رهبة جسده الطبيعية لمكانٍ كهذا سيكون مؤانا تاركاً لتفكيره العنان وهو يشعل مصباح هاتفه هو الأخر يوجهه ناحية أرض مدخل المقبرة وليس العيون المظلمه ذاتها..
إذا أفاده تفكيره فالرجل لن يدفنها بأي عين تخص المتوفيين فهي تخص العائلة بأكملها , إن فعلها فسيفعلها بالأرض الخارجية...
ولم يكن مخطئ فأثناء تحسسه اصطدم بالقطعة الرطبة والظاهر بها علو عن باقي الأرض المسواه مما جعله يجثوا على ركبتيه مُسلطاً ضوء الهاتف بتركيز
ورشاد ورائه يندب حظه وتكاد ركبه تخبط في بعضها رعباً من كثرة أصوات الحيوانات الليلية التي تزاحم صوت بزوخ الفجر!
رباه هل من يدخولون المقابر نهاراً يقولون عنها مخيفة
ماذا إذاً عن وحشتها ليلاً؟!
تلك العيون المتراصة جوار بعضها والتي ترقد بها أجسام
الميتين ..
هناك من عمله صالح فتهب عليه رياح الجنة وهناك من فسد عمله فيرى موضعه من النار
الأمر مخيف ...بل مرعب لمجرد التفكير به
وأصوات العواء هذة أهي حقيقية أم جان ؟!
واللعنة عليه يوم أن شغّل حسه الأمني بالشك والمراقبة ,ثم لعنة أخرى حين أختار عمر الذي سيوصلهم إن شاءالله إلي مجاورة المرحومة وربما في أقل الخسائر يخسرون عملهم ويأتوا ليخدموا على هذه المقابر!
انتفض على همس عمر النزق يقول:-
"جد لنا أي أداة نستطيع الحفر بها هيا قبل أن يبزغ الفجر"

تحرك مضطراً وهو يهمس بآيات القرآن الكريم ..يظن أنه سيخرج من هنا ملبوساً على أقل تقدير ..
اصطدم بأكثر من أداة من تلك الموضوعة دائماً في المقابر فأخذ اثنين واتجه نحو عمر
التقط منه عمر الأداة (الفأس) مسرعاً ثم توقف لثوانٍ يبتلع ريقه بصعوبة يحاول أن يسيطر على ارتجافة كفيه
يحدق في الأرض أسفله بصعوبة وجميع الأفكار السوداء تأتي برأسه
هو لا يصدق ...لا يصدق أن ما من إنسان حي عالق أسفل هذه الأرض بين الحياة والموت !
الأمر وحده على أشد الرجال صعباً بل مريع ..ماذا عن فتاة ؟!
على أغلب ظنه قد تكون ماتت رعباً

أوقف سيل أفكاره و شرع في الحفر بحذر وبعد دقائق اتبعه رشاد وقد غلبت انسانيته خوفه...
صوت صفير الرياح يعلو وكأنه يشجعهم على الإسراع وربما يشاركهم مصابهم
عواء الكلاب من حولهم يتراشق مع صوت دقات قلوبهم الوجلة
صوت قرأن الفجر يصدح من المسجد القريب فيسرعون حتى زعق عمر بخفوت متحشرج رافعاً ذراعه وهو يلهث من الإنهاك
" انتظر يا رشاد هناك ملابس ظهرت "
توقف رشاد برعب من هول الموقف...
وكأنه لم يكن يعلم من قبل ...
وكأنه كان يحفر لغرض آخر غير إنقاذ روح من براثن الموت !
الموقف عظيم على أي نفس؟
هل حقا دفنوا ابنتهم حية تحت التراب !
بالله أنه لا يستطيع السيطرة على رعدة جسده المتواصلة ..
أسرع عمر في شد قطعة القماش حتى اصطدم كفيه بطراوة جسد بشري فارتعد بجزع وقد ارتعش جسده هامساً:-
"رباه"
ابتلع ريقه بصعوبة وأسرع في شد الجسد غير عابئاً برشاد المتجمد جواره حتى التقطها بين ذراعيه
جسد صغير ملفوف في قماش أسود كالعبائه السمراء
"عليهم اللعنة!"
همسها عمر وهو يسرع في كشف وجهها المغبر مربتاً على وجنتيها مراراً لكن لا مجيب !
"هل ماتت؟!"
همسها رشاد مرتعشاً وقد دمعت عينا عمر من عظم الموقف من أن تكون الفتاه قد ماتت حية ولم يستطيعوا إنقاذها لكنه عاود المحاولة بإصرار وهو يقيس مواضع النبض في جسدها حتى أنه اضطر للقياس في منطقة خاصة خلاف ساعدها ورقبتها ونَبَض الأمل من نَبْض الروح الضعيف فرفع رأسه لرشاد هامساً بتعب:-
"هناك نبض يا رشاد من الممكن أن نلحقها"
وبزغ
الفجر ومعه ربما يبزغ الأمل
ليس ربما بل الأكيد!!
"الله أكبر الله أكبر
الله أكبر الله أكبر"
رفعها عمر بين ذراعيه واستقام واقفاً يقول:-
"لنذهب بها إلى المشفى "
سار أمامه رشاد بحذر ثم استوقفه هامساً بحزم وهو يدور بعينيه في المكان :-
" هل جننت يا عمر أين نذهب إن المسجد القريب بالتأكيد يتوافد عليه الناس الأن كما أنه أي مشفى التي نذهب لها الأن بجثه دون أي إثباتات شخصية "

"المسجد يبدو في الباحة الخلفية ذلك الطريق الذي أدخلنا منه السيارة لا يمر منه أحد
أسرع يا رشاد وأتي بالسيارة أمام الباب قبل أن يدخل النهار حتى نستطيع إعادة شكل الحفرة كما كان قبل أن نذهب"

بعد نصف ساعة كانو عند بوابة القرية الصغيرة فأوقف رشاد السيارة جانباً ثم استدار لعمر بعد أن رمق الجسد المسجي على الأريكة الخلفية ثم قال :-
"هل لك أن تقول لي أين سنذهب بها
أنت هكذا تحولنا من رجال قانون إلى مجرمين يا عمر "

ترجل عمر من السيارة مما جعل رشاد ينظر له بذهول وهو يلف له و يفتح بابه ويشده قائلاً بحزم:-
"أنزل يا رشاد وخذ سيارة أجرة وأنا سأتحمل المسؤولية كاملة "
تنهد رشاد قائلاً وهو يعود ويغلق الباب :_
"عد لمكانك يا عمر أنا سأجاريك وسنأخذها لكن ليس لمشفى وهذا أخر كلام عندي "
ركب عمر مكانه مرة أخرى وانطلق رشاد مسرعاً إلى طريق قريب يعرفه عمر جيداً مما جعله يصمت
!!
*************
بعد نصف ساعة أخرى
أغلقت السيدة فايزة الباب ورائها ثم نظرت للأثنين نظرة حازمة وهي تقول بصرامة من يسمعها لا يصدق أنها تكلم هاذين الضخمين واللذان ويالا الحظ ضباط شرطة !!
"والآن هل أياً منكم سيتفضل ويشرح لي الأمر أم أرفع الأمر إلى أمهاتكم"
رفع عمر حاجبيه بسخرية غير منطوقه بينما رشاد أشهر سبابته تجاه عمر وهويقول :-
"أنه هو من تصرف بتهور يا خالتي "
نظر عمر بغيظ لزميله النذل والذي من حظه الأسود يكون ابن خالته إلا أنه اعتدل في وقفته واضعاً كفيه في جيبي سرواله وهو يقول بثقة:-
"نعم كما قال أنا أتحمل المسؤولية "
ناظرته السيدة فايزة بثبات والتي تكون بن خالة والدته هو ورشاد وتعمل ممرضة (حكيمة ) بالمشفى الحكومي والذي من حظهم أن رشاد فكر بها
وقالت:-
"حسناً بما أنها في بيتي وعلى فراشي أريد أن أفهم الأمر حتى أقبل بالمساعدة "
سحب عمر كرسي موضوع جانباً وجلس عليه يشرح لها الأمر بإختصار دون أن يتطرق لسبب دفنها الذي سمعه من العجوز فشهقت ضاربة على صدرها وهي تقول:-
"حبيبتي يا ابنتي ولما كل هذا !"
تبادل كل من رشاد وعمر نظرة صامتة على عدم الخوض في الأعراض فتنحنح عمر قائلاً:-
"لا نعلم هذا ما سأعلمه حين أعود إلى البلدة الأن "

نظرات القلق في عينيها جعلته يناظرها بتساؤل فقالت :-
"بناءاً على كلامك يا عمر فبمجرد إنتهاء المحلول ستفيق وتدخل في حالة إنهيار عصبي فما تعرضت له ليس بالهين أبداً"
أطرق عمر برأسه مفكراً في إشفاق !
ليس بالهين فقط ! بل مريع ..إنه يشعر نفسه تحول لشخص آخر من هول ما مروا به فماذا عن تلك المسكينة !؟
نظرت فايزة في ساعتها ثم التفتت لرشاد قائلة :-
"سأحتاج بعض الأدوية اجلبها لي من الصيدلية المجاورة "

ثم شرعت في تدوين ورقة ما على طاولة السفرة وأعطتها له
أحضر رشاد الأدوية واستأذن منهم مجبراً لأن زوجته قلقة عليه على وعد بالتواصل هاتفياً!!
بعد دقائق بالداخل في الغرفة حيث توجد سنابل كانت هناك معركة من نوع آخر ..بين غياهب اللاوعي كانت ترى
ملحمة عشقية
لهفة ذكورية
وضعف أنثوي
ضباب..ضباب..ضباب!
جسد مسجي لا يرد
بكاء وعويل ثم صفعة على وجهها !!
ضباب..ضباب..ضباب!
صراخ وسباب
ناس متجمعين
ركلات عنيفة تضرب في بطنها وسائر جسدها
لُطمَت الخدود ..وشُقَت الصدور
دموعها تجري على وجنتيها ولا تستطيع أن تمسحهم
صوت شهقاتها يعلو لكن لما لا تسمعه !
اثنين يجرونها بعنف فتتوسلهم ألا يفعلوا!
لما يفعلون ذلك !!
ماذا فعلت لهم ؟
ولما أمها مسجية على الأرض هكذا لا تستطيع التحرك لكنها تناظرها بلوم !
ماذا ..ماذا!
لما يحملونها رغماً عنها ؟
أين سيذهبون بها ؟
يقيدونها لكن تشعر بجسدها حر !
وأخيراً يريدون أن يدفنونها حية !
رباه!!
رباه!!
أين تذهب ؟!!
لما يفعلون بها هذا؟!
همام ..همام ..
أمي ..أمي ..
لما لا يردون عليها لما لا يسمعونها !!
أنهم يحفرون لها في الأرض الأن
لالالالا أنها تخاف الظلام !
وهاهي تُقبل أرجلهم لكنهم لا يسمعون
لا يرحمون !
الحفرة أخيراً ظهرت وهاهم يلقونها بها دون رحمة
ترفع ذراعيها بضعف علهم يشفقون بها فيُهيلون عليها التراب
طُبعت قلوبهم بالقسوة فماذا تنتظر!
بُح صوتها من كثرة البكاء والصراخ وهيلت عليها أخر ذرة تراب رافقتها صرخة مبحوحة من قعر القهر
لالالالا هي لن تموت يجب أن تخرج ..
تبكي .. تقاوم .. تعافر ..!!
ترفع كفيها فلا يقابلها سوى الهواء فترتجف برداً وربما ذعراً
وأخيراً كانت صرخة عنيفة تشق القلوب !
اندفعت فايزة مسرعة نحوها تحاول أن تسيطر عليها حتى تستطيع أن تحقنها بالمهدئ وحين لم تستطع نادت على عمر الذي دخل مسرعاً يناظرهم بذهول حتى زعقت به قائلة :-
"ماذا تفعل عندك تعالى وامسكها جيدا حتى أعطيها الدواء"

تحرك عمر بألية وهو يثبتها جيداً حتى حقنتها بالمهدئ حتى استكانت بعدها نائمة على الفراش!
"تبدو كالملاك "
نطقتها فايزة بحزن وهي تخرج مع عمر من الغرفة فتنهد عمر بإنهاك قائلاً:-
"أنا سأتركك الأن يا خالتي وأعود لبلدتها علني أستطيع التواصل مع أحد عاقل من أهلها "
"لكن يا بني هل تظن أن من قتلوها حية سيكون بينهم أحد عاقل "
ابتسم عمر بسخرية وهو يفتح ذراعيه بقلة حيلة قائلاً:-
"لاأعلم يا خالتي أنا حقا لا أستطيع التفكير في أي شئ كل ما أمامي أن هناك روح دفنت حية ساقني الله لها لإنقاذها "
ربتت فايزة على كتفه دون حديث فبلل شفتيه قائلاً بحزم مؤدب:-
" خالة فايزة لا أوصيكِ أمي لا تعرف شيئاً فهي لن تسكت على الأمر "
أومأت المرأة برأسها تطمئنه وهي تغلق الباب ورائه ثم عادت بنظرة إلي الغرفة ثم توجهت للمطبخ كي تصنع لها شيئاً تأكله..!!
____________________________

قبل ساعات –البلدة-
نائمة بغرفتها فوق السطوح وصوت التلفاز عالي بجانبها كالمعتاد حتى هبت مفزوعة على قرع الباب العالي بالأسفل
"بسم الله الرحمن الرحيم ..اللهم اجعله خير يارب"
خرجت من غرفتها ببطئ حسب ما يسمح لها جسدها الثقيل حتى وصلت إلي حائط أعلى السُلم منادية :-
"يا همام ..استيقظ يا ولدي لترى من على الباب "
"يا همام .. هماااام أين أنت يا ولدي"
وقرع الباب مستمر ويعلو وابنها يغط في النوم لا يسمع
"سامحك الله يا همام "
نزلت السُلم ببطء حتى وصلت إلى غرفته فلم تجده
"أين ذهب !!"
"ربما يكون نسى المفتاح "
وقرع أخر جعلها تعلو بصوتها قائلة وهي تتجه ناحية الباب واضعها كفها في أحد جنبيها كي تسنده
" آتية ...أتيه "
فتحت الباب وشهقت بفزع وهي تجد رجال البلدة مجتمعين أمامها والشيخ رضا إمام الجامع يترأسهم قائلاً:-
"السلام عليكم يا خالة "
" وعليكم السلام يا بني ماذا حدث ؟"
نظر الرجال إلي بعضهم بشفقة وتحشرج صوت الشيخ وهو يقول :-
"أنتِ إمرأة مؤمنة يا خالة وتؤمنين بالقضاء والقدر وأننا كلنا هنا على الدنيا لنا أعمار محددة "
مسكت في حافة الباب بإرتجاف متسائلة بوهن :-
"ماذا حدث يابني"
دمعت عينا الشيخ وهو يقول :-
"إن لله وإن إليه راجعون البقاء لله يا حاجه في ابنك همام "
"لااااااااااااااااااااااا� �ا"
صرخة مكلومة شقت عنان السماء وهي تسقط أرضاً باكية تهز رأسها نفيا بعنف هاذية :-
"لا ابني لا....همام لا"
تخبط على رأسها بجزع والنار تنهش في قلبها فتصرخ نافية :_
"لااااا كبيري لااااااا همام لم يحدث له شئ"

ارتفعت أصوات الحوقلة مرافقة لصوت الشيخ الباكي وهو يقول :-
"وحدي الله يا حاجة إنه قدر الله ولا نقول إلا ما قاله الصالحون من قبلنا إن لله وإن إليه راجعون "
لم يكد يقولها حتى كانتا إخوته رابحة وصباح يندفعون من بين الصفوف مولولين ويبدو أن الخبر قد وصلهم!
إحداهن تلطم الخدود ..تشق الصدور
ولا مجال للأعتراض على الجهل هنا !!
الأخرى تندب قائلة بعويل :-
"لقد مات في بيت ربيع أبو الحكم يا أمي
يقولون أنه كان مع الفتاة وحدهم في المنزل "
والأخرى ترد عليها صارخة :-
"لقد ذهبو ليجلبون الجثة يا أمي "وصوت الشيخ يعلو مواسياً وناهراً برفق:-
" وحدوا الله يا إخوتي فتلك الأفعال لا تُرضي الله "
لكن ومن يسمع هنا!!
ودقائق والجثة وصلت وعّج البيت بالرجال والنساء
على صوت الصراخ و الهجاء و تغضن البيت بالجهل !
وحان وقت الغسل واشتد عود الأم المكلومة قائلة بحزم وهي تدفع الجميع عن الغرفة التي ترقد بها جثة فقيدها :-
"والله لن يُغسل ابني غيري "
ومسحت دموعها وأردفت :-
"ارفعوا صوت القرأن "
__________________________

أحقر ما قد تفعله بإمرأة حرة هو أن تكسر شموخها !
أن تُحني هامتها
أن تنتزع عزتها
ترتدي ملابسها بروح باهتة لا تمت لها بصلة
وجهها مُطفأ وكأن الدنيا أغلقت أبوابها في وجهها
ملابس لا تدري هل اتفقت حتى مع بعضها أم لا وحين وقفت أمام المرأة لتلف وشاحها لم تقدر لوقت إلى النظر في عين نفسها وحين فعلت بكت !!
لم ترى شموخ كان ذات يوم مدعاة لفخرها
لم ترى قوة كانت تزدان بها
لم تجد فخر واعتزاز لذاتها
لم تجد سوى عتاب طال لما جلبته لنفسها !
لم تستطع أن تطيل النظر وهي ترى في عينيها كل هوان وذل لم تتخيله في أحلك أحلامها سواداً!
سقطت على ركبتيها باكية
نار..نار ..نار حارقة تنهش بين ضلوعها ولا تجد منها خلاص أو راحة
رباه !!
ماذا تفعل هل تقتل نفسها؟! !
ليتها تموت ..
ليتها تذهب للجحيم ولا تكسر هامة أهلها أبداً
الحقير ليتها تقتله !!
اللعنة عليه.. اللعنة عليه وعلى أمثاله
وعلى ذكر الشيطان يحضر برسالة قصيرة على هاتفها تقرأها وتكاد تسمعها بصوته القذر
"مهلة اليومين انتهت يا جميلة ..أكاد لا أطيق صبرا ً حتى ألقاگِ بعد ساعتين "
وبعد ساعتين كانت تجلس أمامه في مكتبه تناظره باشمئزاز لم تستطع إخفائه مما جعله يصدر طقطقه غير راضية بلسانه وهو يقول :-
"أريني ابتسامتك الحلوة ألا تعلمين أنه يجب على المرأة التبسم في وجه زوجها ؟"
ونظرة شهوانية رمقتها من رأسها لأخمص قدميها ارتعد لها جسدها وغثت منها روحها !
إلا أنها ناظرته بحذر وعدم ارتياح حين رن هاتف المكتب فابتسم بخبث وهو يضطجع على كرسيه يرد بثقة وابتسامة ظافرة :-
"طبعاً .. طبعاً كنت انتظره دعيه يدخل بعد خمس دقائق "

دارت عينيها معه بخوف داخلي وهو ينهض من وراء مكتبه ببطء ثعباني لم يطمأنها خاصة وهو يتوقف أمامها يمد كفه لها بلطف فسخرت قائلة بحدة :-
"تحلم أن تلمسني"
مال عليها دون مقدمات يحاصرها بينه وبين الكرسي وفور أن فـُتِح الباب باغتها بقبلة متلذذة على وجنتها
لم تكد تستوعب ما حدث حتى وقعت عينيها في بركتين مشتعلتين من قعر الجحيم !!
وللقبلة على كل نفس وقع يناطح الأخر شر نطاح..!!
كالنبيذ الذي لا يُشبع لمن ذاق حلاوتها …..
كالرصاص المسموم على نفسها ….
وكسبعين ألف جلدة على من عشق النفس
كسياط من حديد منصهر تُدمي قلبً هوى إلى شظايا !
كمارد من جنون استفذ روح تغار من الهوى
لم يعد به عقل حتى لينتظر
ليتأنى
ليصبر
اندفع كمجنون لا يسمع ولا يرى سوى قتيله!
بثوانٍ كان كفيه يطبقان على رقبة رفعت هامساً بفحيح أسود:-
"يا****** أنت طلبت موتك هذه الساعة "

ولم يكن رفعت أبداً بأقل منه في البنيه هذا إضافةً لتلك الغيرة الحارقة التي تنهش بصدره فأضعفته مما ساعد رفعت على دفعه وهو يقول بأنفة :-
"احترم نفسك وأنت في مكاني يا بدوي "

وبمكانها كانت تناظرهم بذهول كالمشلولة كلياً فلا يتحرك سوى عينيها
تشعر أن كائنات هلامية تتحرك أمامها لا تمت لها بصلة !
جسدها حتى متيبس وروحها عالقة لم تصل أرضاً ولا سماء
شعورها متجمد فقط تشاهد !
اقترب منها أكمل يشد ذراعها ناهراً بغضب أسود :-
"قومي معي لا تكوني متخشبة هكذا ماذا دهاكِ ؟"

والبدوي ينفلت منه عقال ضعفه دون أن يشعر من فرط الحب !
ويا للسخرية!
وألقى سُمه متلذذاً ببطء..ناطقاً بثقة .. وناهراً بحزم !
"أرفع يدك عن زوجتي "
والشلل أصبح لاثنين وأكمل يهمس مستنكراً:-
"زوجتك!"
والكلمة كان وقعها عليه أشد من الرصاص وهي صامتة !
أين ذهبت ناريتها؟
لما لا تهب فتنهش وجوههم بأظافرها
لم لا تقاتله كما أعتاد منها !
يناظرها بتذلل علها تشفق بقلبه وتكذبه !
يهزها بعنف هادرا بنفس متقطع :-
"اللعنة عليكِ لما أنتِ صامتة هكذا قومي واقطعِ له لسانه "
ولم يكن الرد منها !
الرد كان من القذر الذي اقترب يشدها بحزم جواره كالخرقة وهو يمد له ورقة ما !
ليس إثباتاً وإنما إمعاناً في قهره وهو يرى اسم ازدان دوماً في روحه بالطُهر والشرف يجاور اسم لم يعرف سوى العهر والخسة
والصك !
"ورقة زواج عرفي!!"

****************

كاد أكمل أن يلقى حتفه في أكثر من حادث حتى وصل إلى شقته
تلفقه سراج الذي قلق عليه حين هاتفه يطلب منه أن يأخذ عَلي إلى السيدة خديجة ففعل ما طلبه منه ثم عاد ينتظره !
وجهه شاحب كالأموات .. العرق يتفصد من جبينه كالمسموم
ظهره منحني وكأنه شاب أعوام
ما به ؟
تسَأل سراج في نفسه وهو يتبعه مشفقاً فهو لم يره على هذه الحالة منذ موت آصف أخيه !
حاول أن يحدثه أو ينادي عليه لكنه لم يرد وهو يدخل غرفته مغلقاً الباب خلفه
وهناك وراء الباب كان يحيا في الجحيم !!
نزعة مازوشية تكرر مشهد قُبلة الأخر أمام عينيه فتلسعه بسياط الألم !
لما فعلت ذلك ما الذي دفعها !
هل أغواها عشقه ؟!
هل هددها الخسيس بشئ لكن كانت تبدو مسالمة
هي لم تعترض لقد كانت صامتة والاخر يتلذذ بنعومة خدها!
هل كانت تتهمه بالخسة ..ماذا عن الأخر ؟!
ألم تكن تهاجمه من قَبلُه !!
وضحكة مقهورة خرجت من فمه ولم تكتمل لتورم حلقه الوهمي إثر الوجع !
ينتفض دافعاً كل ما تطاله يداه على طاولة الزينة أمامه جاعراً بكل أنواع السباب التي يعرفها
وصوت سراج الخائف يعلو منادياً بخوف من الخارج لكنه لا يرد
وزجاجة عطر ألقت حتفها مرة أخرى في المرأة فانقسمت لنصفين وقسمته أمامها
حريق مندلع بصدره ...
هشيم من نيران يلتهم ضلوعه ولا قدرة له على إطفاءه
هذة اللحظة لا يريد سوى القتل كي يشفي غليله
لا يرى سوى الدماء
وصراخ آخر وهو يخبط بكفيه على الشظايا أمامه فتتناثر الدماء لكنه لا يشعر بألم وحريق صدره أوعر
وتبقى الصورة أمامه وهو منقسم لأجزاء في زجاج المرأة المكسور كروحه تماماً ....
هو مكسور.... متناثر لشظايا...والدماء تلوث كل إنش في إنعكاسه !
منذ متى وكان كاملاً بالأساس؟!
منذ متى كان نظيف!؟
والوسواس القهري الملازم له..
!! يسطع
ينتهز فرصته في الظهور
ويلعب دوره الأزلى في خلق المعاناة !
أنت المنبوذ!!
أنت العبد الحر !!
أنت بخس الثمن!
بل أنت بلا ثمن !
أنت كل الرخص!
أنت بيدق المصالح!
أنت …. هباءاً منثوراً!!!!..
_____________________

على الجانب الأخر...!!
قبل ساعات فور أن خرج أكمل من المكتب ناظر رفعت ذهولها بحقد دفين !!
يبتسم بسخرية وهي تبدو كالخرقة هكذا منذ أن ذهب البدوي
لا تبكي ولا تتحرك
حشد الدموع في عينيها لكنها لا تنزل
فقط تناظر أثر خروج الأخر بذهول
هو يكره أكمل البدوي
منذ أن عملا معاً ..بل قبل حتى أن يعملا معاً
القصة بدأت مبكراً
حِيك ثوب الكراهية من البدوي الكبير الذي دوماً يكون له كالشوكة في خاصرته وهو يأخذ منه كل ما يريد
لقد كان هو من سعى لعمل أكمل معه وهو يعلم أن جموحه لن يجعل البدوي يؤثر عليه !
في البداية كان الأمر في تدبير قضية له تجعل البدوي ينقهر عليه !
لكن الحظ كان حليفه حين وضع الفرسة في المنتصف وعلم أن البدوي الصغير عشقها !
ومن العشق يخرج الذل !
عادت عيناه تمر على جسدها بشهوانية والأفكار الشيطانية تضج بعقله أيهما يجعل عقل البدوي الصغير يطير بعيداً
هل مثلاً فيديو صغير لملحمة عشقية له هو والمحامية على فراشه ؟!
يظن أنها كافية على الإطاحة بالبدوي الصغير !
لكن دوماً القادر لا يفكر أن هناك ما هو أقدر منه!!!
فبوسط كل ألاعبيه الشيطانية لم يكن يدرك أن من لضم الإبرة بالخيط من البداية لم يكن سوى البدوي وهو يزُج المحامية زجاً في طريقه ..!
وهناك على كرسيه المتحرك كان رجله يوفيه بأخر أخبار ابنه فهز البدوي رأسه قائلاً بجمود :-
"حسناً مرر خبر أنها مرغمة لسراج حتى يخبره
وخذ نسخة من ورقة الزواج العرفي وورقة عقد العمل الذي أمضاها عليها أيضاً له "
أومأ الرجل بإحترام ثم قال :-
"ماذا عن رجل رفعت الذي مرر لنا الأخبار "
لوى البدوى فمه بسخريه ثم قال وهو يشير له بكفه كي ينصرف :-
"أخرس له فمه كي تستحي عيناه بدلاً من أن نقتلعها !"

فور خروج الرجل استدار بكرسيه ينظر من النافذة وهو ينتظر الخطوة التي سيلجأ له ابنه فيها كي ينجده !..
______________________

بلدة..سنابل...
ركب عمر سيارته مر أخرى وهو يستند برأسه على المقود بتعب وقد خيم الليل!
لو حكى له أحد ما مر به اليوم لم يكن ليصدق ولو أقسم له على الكتب السماوية كلها !!
لقد تورط في الفتاة فعلياً ولا يعلم ماذا عليه أن يفعل !
منذ أن تركها وهو بالبلدة يتحرى الأخبار عله يتوصل لأحد لكن ما عرفه وتوصل إليه أخبره أن الفتاة يجب أن تظل متوفاة في نظر هؤلاء الجهلة
ما علمه أن الفتاة كانت وحدها في البيت وعادوا ووجدوا خطيبها والذي علم من الأفواة الثرثارة أنه كان عاقداً عليها كان معها بالمنزل وتوفى
حتى أنه توصل أن طبيب الصحة توصل أن الموتة طبيعية إثر أزمة قلبية
الأقوال كثيرة هناك من يقول أنهم ضبطوهم في وضع مخل
لكن أي وضع مخل هذا الذي يجعلهم يدفنوها حية لقد كان عاقد قرانه عليها بعلم القرية كلها !!
هوصحيح مقدر أنه وإن كان عقد قران لا يصح أن تسلم نفسها له لكنه مذهول من ردة فعل أهلها المتطرفة والأكثر غباءاً هو تشجيع بعض أهالي البلدة لهم على فعلتهم
أي غباءٍ هذا ؟!
وكأنهم يفضحون نفسهم بغباء عقولهم
لقد علم أيضا أن والدها بعد أن دفنها أغلق باب بيته مشهراً أنه لن يأخذ عزاء فيها كجروٍ وذهب!
أحد الرجال سمعه عرضاً يقول أنهم نقلوا والدتها للمشفى صباحاً والأقوال أنها فقدت النطق والحركة !
أي جحودٍ هذا!!
دعك بين عينيه بإرهاق وهو يضغط على المقود عائداً بسيارته دون أدنى علم ماذا سيفعل ؟!
فور أن وصل استقبلته السيدة فايزة وهي تسأله بإهتمام :-
"ماذا يا بني هل توصلت لشئ؟"
هز عمر رأسه بلا معنى وهو يسألها مغيراً الموضوع :-
"كيف حالها ؟!"
مطّت خالته شفتيها وهي تقول بأسف :-
"لقد عالجت جروح جسدها كلها ..الفتاة كانت مضروبة بوحشية يا عمر ..جسدها ملئ بالعلامات الزرقاء حتى أن بعضها تورم
لم ترضى أن تتناول طعامها ..ويبدو أنها لم تفيق من صدمة عودتها للدنيا بعد فتهرب بالنوم "
أطرق عمر برأسه مفكراً ثم رفع رأسه لها قائلا :-
"ألبسيها عبائة ووشاح من عندك يا خالتي من فضلك كي أخذها "
رفعت السيدة فايزة حاجبها قائلة بقلق :-
"إلى أين ستأخذها وهي بهذه الحالة "
تنهد عمر بهّم يثقل كاهله ثم قال بأقتضاب :-
"سأخذها إلى أمي تعتني بها "
كادت خالته أن تعترض فقاطعها قائلاً:-
" خالتي أنا أعلم أن عمي إبراهيم زوجك إذا علم بالأمر لن يقبل به فدعيني لا أقحمك في المشاكل "
لم تستطع أن تجادله وهي تعلم صحة كلامه فأومأت برأسها وهي تتجه ناحية غرفتها كي تفعل ما قال ودقائق وكان يحمل جسدها الضئيل للمرة الثانية بين ذراعيه ويضعها في سيارته لكن الفرق أن الوجه المتسخ كان أبيضا شاحباً وكأنها ماتت بالفعل سوى من أنفاس ضعيفة تناقض ذلك !!
ساعتين وكان يسمع شهقة مماثلة لشهقة خالته لكن هذه المرة من أمه وهي تفتح له الباب صارخة بذعر :-
"عائد لي بفتاة بين ذراعيك ياعمر ؟"
_________________________

: اليوم التالي ...
بمكتبها تلم متعلقاتها كي تغلق المكتب إلى الأبد
لقد خدعت أهلها أنها وجدت عملاً بشركة محترمة ففضلته على ما تلاقيه في مكتبها من متاعب
محترمة؟!
أااه ساخرة شقت صدرها فدفعت بكل ما أمامها أرضاً بجنون وهي تصرخ باكية خابطة على سطح المكتب المصقول ..
تجز على أسنانها بحرقة ورغبة عنيفة بالقتل تتلوى أمام وجهها بسادية..
والله لن تتركه يهنأ بذلها ..ستسلخ من جلده حياً حتى تنتقم وإن كان آخر يوم بعمرها
هي غدي البرعي كأي غانية يقترن اسمها بورقة زواج عرفي مع هذا القذر ؟!
تعض على سبابتها بعنف حتى أدمتها
تشعر بالقهر
بالعجز
بالذل والهوان
لو علم جدها ستكسر هامته بالبلدة كلها
لو علم والدها ربما يموت فيها
رباه ماذا عن أنس ..لو قتلها فيها لن يلومه أحد !
ألم توهمهم مراراً أن كل قضاياهاه سلمية ولا تخلُق عداوة مع أحد!
رباه ! ماذا عن شهاب !! هل تكسر من كان لها ظهراً طيلة عمره ؟
هل تخذله فيها وبفخره بها ؟
هي عاجزة ...مكبلة بل مشلولة ولا تدري كيف تخرج من مأزقها
تهز رأسها نفياً ضاحكة بسخرية ورؤية أكمل بالأمس لم تغادر صدرها
هل الدائرة تدور ؟
هل ما استنكرته عليه بالأمس وضِعت به اليوم!
أكمل البدوى يستنكر فعل لها هي غدي البرعي بعد أن كان وجهاً للاستنكار ذاته
لما كان يلومها بعينيه بل لما تشعر وكأنه كان يريد قتلها أو الأحرى حرقها
لما تلك الرغبة العنيفة بالبكاء في صدرها وكأنها قتلت أحدهم
ليحترق بالجحيم عليه اللعنة هو ورفعت وأمثالهم فقط لتتخلص منهم جميعاً
هبت من مكانها تدور كالعصفور الحبيس وهاجس شيطاني يعلو بأذنها أن تتخلص من روحها
عار انتحارها ولا عار شرفها ...
والعقل لا وجود له هنا والشيطان يسيطر برعونة وغشاوة الدموع تعمي فتندفع جهة المشرط الموضوع على سطح المكتب
تفتحه برعونة ..
تبكي بهستيرية والنصل اللامع يقترب من وريد ساعدها بإهتزاز ولم تكد تفعل حتى وجدت من ينزعه من كفها بقوة حذرة قائلاً بهمس خشن :-
"بحق الجحيم ماذا تفعلين ؟!"
مسحت غدي دموعها بعنف قائلة بشراسة :-
" ما الذى أتى بك هنا ؟"
امسكها من مرفقيها بقسوة وهو يجز على أسنانه هامساً بخشونة:-
"جئت لأرى أي جحيم زججتِ نفسك به بغبائك "
"ليس لك شأن بي"
قالتها بعند وهي تحاول أن تتملص منه وكأنها تأبى أن تنكسر أمامه إلا أنه لم يفلتها بل ازداد تشبثاً بها وهو يدفعها جهة الحائط بقسوة كادت أن تتأوه لها لكنه لم يمهلها وهو يتناول رقبتها بين كفه هامساً بشراسة :-
" صدقيني يا غدي يا برعي أنا قادر على أن أدفنك حية هنا والآن و سأكون راضياً ومتلذذاً بما أفعله بكِ من عذاب دون أن أجعلك تنالي راحة الموت
وصدقي أو لا تصدقي هذا كله لن يكفي أبداً إطفاء القليل من النار التي تنهش في صدري منذ أن رأيتك معه بالأمس "

أنزل كفه عنها وتركها تكح ببطئ أمراً بقسوة:-
" والأن دون حرف مجادلة أخبريني أي غباء جعلكِ تمضين له على الورقتين "
ناظرته بذهول فابتسم بسخرية قائلاً بتهكم لنظرتها به:-
"لا تنسي أنا أكمل البدوي
الوجه الآخر للشيطان !"
و دوماً قالوا أن الغريق يتعلق بالقشة وإن كانت تلك القشة هي نفسها التي قصمت ظهر البعير !
اندفعت تحكي له كل شئ منذ أن اختطفها رفعت حتى هذه الساعة وعمّ الصمت المشحون بضجيج الأفكار حتى نطق بحزم :-
"سأتزوجك"
وردها كان ضحكة مجنونة اقتطعتها قائلة بوجع مُكلل بالعار الذي لا يفارقها منذ ما حدث:-
"أجمع بين زوجين صدقني إن قلت أكثر من هذا أنا أستحق
لكن دعني أسألك هل سيكون شرعي أم عرفي أيضاً"

عاد يمسك بها غاضباً وقسى بضغط كفه على مرفقها فانفلت منها تأوه مكتوم لكنه لم يأبه له وهو يقول بتسلط :-
"هذا الحقير ليس زوجك بالأساس وإياكِ أن تعتبريه حتى !"
اقترب منها أكثر حتى كادت الأنفاس أن تختلط وواصل بقسوة :-
"تلك الورقة سأجعل تمزقها يرافق تمزق أحشائه "

صمت لثوانٍ ولأول مرة منذ أن أتى يتأمل محياها الباهت الذي لا يمت لإشراقها بصلة ..
يرفع كفه يتلمس وجنتها بقسوة كالمحموم وعيناه لا تفارقان ارتعاش شفتيها ثم همس بصوت كالفحيح لم يتخيل أبداً أنه يُسْمِعه لها :-
"تلك القُبلة التي أخذها من وجنتك يا ابنة البرعي سأعذبك عليها مراراً"
دفعته بقسوة كارهة أن يسيطر عليها قائلة :-
"ابتعد عني وكُف عن الجنون "
إلا أنه لم يبتعد بل اقترب أكثر محاصراً لها دون أن يلمسها هذه المرة سوى بعينيه ثم نطق بصوت مختنق بالعاطفة أرسل الرعشة بسائر روحها :-
"أقسم لكِ أن أفعل ....تلك الليلة التي عيشتها بالجحيم سأحرق روحك عليها وإن كنتِ مرغمة ….
عشقي الذي تلفظيه سأجعلك تدمنيه كالمخدر بين مسامك
لمستي التي تشمئزين منها سأجعلك تمؤين لها راغبة
وانفاسي التي تحبسين أنفاسك الأن حتى لا تستنشقيه سأجعله ترياقاً تلتهمينه بالليل والنهار
أقسم لكِ على وعودي يا أستاذة واعلمي أن ما من بدوي يقسم هباءا ً"
________________________

السادسة صباحاً ... صوت زقزقة العصافير يأتي من النوافذ مهللا ً _صوت إذاعة القرآن الكريم يبعث جو من الدفء والحميمية على المكان ...
أطفأت داليدا الموقد على اللبن وجففت يديها وخرجت من المطبخ متجهة إلى جدها لترى إن كان مستيقظاً حتى تطعمه الإفطار أم مازال نائم..
طلت داليدا عليه فوجدته نائماً لم يستيقظ بعد وإخوتها يجلسان يشاهدان التلفاز على أحد قنوات الأطفال .. منذ أن جاءت الأجازة وهم يستيقظون مبكراً كما كانوا في الدراسة جلست جوارهم تضمهم إليها وهي شاردة تنتظر أن يأتي وقت ذهابها للعمل فتتركهم وتنزل ..
هي محتارة من حال السيد رأفت معها
هو لطيف وكريم ..حازم في عمله إلا أنه أيضاً يعاملها معاملة خاصة لا تفهمها
يطلبها في مكتبه مرات عديدة بحجج مختلفة تخص العمل من الممكن أن يسأل عنها أي أحد غيرها
منذ أن استنجدت به لإيصال جدها للمشفى وهو لا ينفك عن الاتصال بها بدافع الاطمئنان ..
اليوم طلب منها أن تمر عليه بعد انتهاء دوامها مؤكداً على ذلك ولا تعلم لما لكنها غير مطمئنة ...!!
وعلى ذكر الوقت نظرت في ساعة الحائط التي على شكل مسجد صغير وترحمت على من ذهبوا ثم نهضت كي ترتدي ثيابها
بعد عدة ساعات كانت تطرق عليه باب مكتبه وتدخل فور أن أذن لها بالدخول

فور أن دخلت داليدا على رأفت ابتسم بأبتهاج و كأن يومه ابتدى من هذه الثانية
مرت عيناه عليها بنظرة حسية في فستانها العشبي الذي يشبه لون عينيها
شعرها البني الطويل الذي أخفت تعرجاته في ضفيرة ترتكن بدلال على كتفها حتى تعدت أسفل خصرها وقد تخلت اليوم عن وشاحها الصغير الذي يزين مقدمة شعرها (منديل)
كل ما بها جميل.. هادئ.. ومنعش
يشعر فقط بسماع صوتها أنه يحيا من جديد لذا طلب منها أن تمر عليه اليوم بعد انتهاء دوامها كي يفاتحها فيما استقر عليه وتهفو له روحه
حين شعر بتململها أمامه تنحنح مبتسماً وهو ينهض من وراء مكتبه مشيراً لها على الأريكة الجلدية في زاوية الغرفة كي تجلس
فعلت داليدا ثم ابتسمت بمجاملة وهي تقول بصوتها المغرد لأذنيه :-
"نعم سيد رأفت لقد طلبتني ..عساه خير"
فك رأفت زر سترته وهو يجلس على المقعد جوارها قائلاً ببشاشة :-
"خير يا داليدا فقط أخبريني أولا كيف حالك وحال أسرتك "
أومأت قائلة :-
بخير الحمدلله "
صمت رأفت لثوان ثم تنحنح قائلا:-
"أنظري يا داليدا أنا رجل متزوج ولي من الأبناء عمار ونور
وبالطبع تعلمي أني مهندس عشت معظم عمري متنقلاً بين الخارج ومصر وإلى الأن "
كانت داليدا تستمع إليه صامتة تناظره بالحيرة وهي لا تدري لما يقص عليها ذلك إلا أنها شحب وجهها وهي تسمعه يواصل بثقة :-
"أنا معجب بكِ منذ أن رأيتك وأشعر أن لي مشاعر تجاهك "

هبت داليدا من مكانها غاضبة وهي تقول باستنكار لا يخلو من الذهول :-
"سيد رأفت ما الذي تقوله ؟"
وازاها رأفت في وقفتها متلهفاً وهو يقول :-
" داليد اسمعيني ولا تتسرعي أنا بحاجة إليكِ"
اندفعت خطوة تتخطاه كي تخرج إلا أنه اعترض طريقها يمسك أحد كفيها عنوة وهو يقول بتلهف :-
"داليدا أنا أعرض عليكِ الزواج"
والجملة كانت مرافقة لجملة أخرى لم تكتمل من صدمة ما سمع صاحبها
" أبي لقد أتيت ل...."

انتهى


إسراء يسري متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 04-07-21, 05:21 PM   #42

احمد حميد

نجم تغطيه مسلسل سيلا 2


? العضوٌ??? » 84369
?  التسِجيلٌ » Mar 2009
? مشَارَ?اتْي » 1,685
?  نُقآطِيْ » احمد حميد has a reputation beyond reputeاحمد حميد has a reputation beyond reputeاحمد حميد has a reputation beyond reputeاحمد حميد has a reputation beyond reputeاحمد حميد has a reputation beyond reputeاحمد حميد has a reputation beyond reputeاحمد حميد has a reputation beyond reputeاحمد حميد has a reputation beyond reputeاحمد حميد has a reputation beyond reputeاحمد حميد has a reputation beyond reputeاحمد حميد has a reputation beyond repute
افتراضي

روعه كتير احسن شىء زوج اكمل موفق بإذن الله ... لك مني أجمل تحية . شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .

احمد حميد غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 04-07-21, 06:44 PM   #43

Duaa kamel

? العضوٌ??? » 461096
?  التسِجيلٌ » Jan 2020
? مشَارَ?اتْي » 180
?  نُقآطِيْ » Duaa kamel is on a distinguished road
افتراضي

اكثر فصل بوجع القلب 😭😭😭😭 ماعرفت على مين بدي ازعل على همام و سنابل 😭😭

Duaa kamel غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 04-07-21, 06:47 PM   #44

Duaa kamel

? العضوٌ??? » 461096
?  التسِجيلٌ » Jan 2020
? مشَارَ?اتْي » 180
?  نُقآطِيْ » Duaa kamel is on a distinguished road
افتراضي

تسلم ايدك حبيبتي قلبي الفصل كان دمارر ♥️ مشاعر وأحاسيس الأبطال حاست فيها كأني موجوده معهم 💔

Duaa kamel غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 04-07-21, 09:08 PM   #45

Topaz.

مشرفة منتدى الروايات والقصص المنقولةومنتدى الـروايــات الـعـربـيـةوعضو مميزفي القسم الطبي وفراشة الروايات المنقولةومشاركة بمسابقة الرد الأول ومحررة بالجريدة الأدبية

 
الصورة الرمزية Topaz.

? العضوٌ??? » 379889
?  التسِجيلٌ » Jul 2016
? مشَارَ?اتْي » 7,035
?  مُ?إني » العِرَاقْ
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Iraq
?  نُقآطِيْ » Topaz. has a reputation beyond reputeTopaz. has a reputation beyond reputeTopaz. has a reputation beyond reputeTopaz. has a reputation beyond reputeTopaz. has a reputation beyond reputeTopaz. has a reputation beyond reputeTopaz. has a reputation beyond reputeTopaz. has a reputation beyond reputeTopaz. has a reputation beyond reputeTopaz. has a reputation beyond reputeTopaz. has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   water
¬» قناتك nicklodeon
?? ??? ~
اللهّم خِفَافًا لا لنا ولا علينا ، لا نُؤذِي ولا نُؤذَى ، لا نَجرَحُ ولا نُجرَح ، لا نَهينُ ولا نُهان ، اللهم عبورًا خفيفًا ؛ لا نشقى بأحدٍ ولا يشقى بنا أحد .
Icon26


مسائكم ريحان وعنبر

يا الله شنو هذا الّي
صار مع سنابل ! ما
توقعت إنه مات عندها
وفكرته مات بعدها
بايام بس فجعني الصار

جدًا اتفهم الاهل وردود
افعالهم الّي احيانًا تكون
قاسية بسبب صدمتهم
بابنائهم بس اهل سنابل
تجاوزوا الحد، ما استوعب
كيف الانسان يقدر يسلب
حياة غيره فَما بال إذا كان
هالاحد ابنه لا ودفنوها
هي وحية !! شهالقسوة

عمر إن شاء الله يكون
خير عوض لها ويخليها
تتجاوز الّي صار وياها

غدي وقعتها سودة زواج
وعمل معه مرة وحدة ،
الله ياخذ ابوه لاكمل الّي
يفكر بس بنفسه وورط
المسكينة ، المهم يارب
اكمل يقدر يخلصها بدون
مشاكل ورب ضارة نافعة
هو اجته بدون تعب وراح
يتزوجها لغدي اخيرًا

اكمل عنده اخ ميت وموت
الاخ فهمت إنه اثّر عليه
بشكل سلبي بس ما عرفنا
ليش ؟ وهو شلون مات

رأفت آني مو قادرة اتقبل
اعجابه او حبه لداليدا ، مو
من مؤيدي الزواج الثاني
إلا بحالات نادرة ورأفت مو
من هالحالات ابدًا ، نجلاء
للامانة ما مقصرة بشي
وهو ما حاول ينجّح زواجهم

حسن آني قرأت الجزء
الاول وشفت رفض ملك
له بالبداية بس ما فهمت
ليش بعد سنوات زواج
هو بعده يعتقد إنها ما
مقتنعة بيه كزوج وإنما
فقط تقبلته مجبورة لأنه
انفرض عليها

إسراء تسلم ايدچ على
الرواية وشكرًا على
الالتزام بتنزيل الفصول

هذا تصميم لاقتباس من
الفصل الثامن





Topaz. غير متواجد حالياً  
التوقيع

‏نسأله ألَّا تتُوه الأفئدةُ بعد هُداها ، وألا نضلَّ الطريقَ بعدَ عَناء المشَقَّةِ .


رد مع اقتباس
قديم 05-07-21, 08:34 AM   #46

إسراء يسري

? العضوٌ??? » 475395
?  التسِجيلٌ » Jul 2020
? مشَارَ?اتْي » 629
?  نُقآطِيْ » إسراء يسري is on a distinguished road
افتراضي رواية وأشرقت الشمس بعينيها

صباحكم معطر بذكر الله

بداية بعتذر اني لسه مردتش ع تعليقات امبارح كنت مشغولة جدا وان شاء الله أول ما اصحى هرد عليها

اتمنى الفصل ده يعجبكم 💜


الجزأ الأول من الفصل التاسع

الحب كالغرق كلاهما يأتيان على غفلةٍ منك !
وضع عمار كفيه في جيبيّ سرواله وهو يدخل عليها غرفة مكتبها متأملاً دون أن تشعر
بلوزة زيتية اللون أسفلها سروال باللون البيج يحدد ساقيها الرفيعتان ..حجاب يخلط اللونين معا وما يظهر منها هو جانب وجهها
مشى بتمهل كسول حتى وصل إليها واتكأ بتكاسل على حافة مكتبها مائلاً
أجفلت سنا تنظر باستغراب للظل المخيم عليها ولم يكن سواه !
نظرته الناعسة لها جعلت الدم ينفجر في وجنتيها ساخناً فابتلعت ريقها متمسكة بنبرتها العملية وهي تقول :-
"أستاذ عمار هل تريد شئ؟"
"أستاذ؟!"
قالها مُستنكراً بعدم رضا ثم أردف وهو يشملها بنظراته :-
"ظننت أننا تعدينا هذه المرحلة سنا"
ونطقه لاسمها ناعم..مثير.. بلهجة شديدة الحميمية أرسلت دفقاً من السخونة في سائر عروقها !
ضعف غريب غير عادي يتمكن منها في حضرته
رعشة عنيفة تتملك عليها روحها وكأنها لأول مرة يحدثها رجل !
قلبها يهتز كعصفور صغير لا مخبأ له من العاصفة
تراجعت بكرسيها للوراء وعقلها يرفض هيمنته هذة فتقف متكتفة تقول بلهجة حاولت سبغها بالجدية :-
"لا أتذكر أن هناك ما حدث ليجعلنا نرفع الألقاب "
ويرفض خروجها عن نطاق هيمنته
هو عمار رأفت حين يريد شئ يفعله ويحصل عليه كما يريد وأكثر لذا اقترب منها متوقفاً أمامها مباشرةً وغمز بمشاكسة حُلوة :-
"يا ناكرة الجميل ألم نتصافى وعفيتك من تصليح سيارة أختى "
قبض على تلك الابتسامة التي كادت تخرج منها وكبحتها بصعوبة فابتسم بجزل ثم مال برأسه جهتها قليلاً..
قليلاً فقط ...
يثبت عينيه الجريئتان بعينينها الواثقتان على الدوام لكن هاهما يهتزان خجلاً فغمغم بثقة وكأن الأمر لا يقبل للنقاش لديه :-
"سأحادثك ليلاً"
ارتدت كالملسوعة ...و اتسعت عينيها بغضب ...قائلة بانفعال :-
"أنت جننت بالتأكيد لتطلب مني طلب كهذا
أنا لا أصادق الرجال يا سيد عمار ولا أتحدث معهم !"
لم يهتز !
فقط مطّ شفتيه قائلاً دون أن يتنازل عن لهجته الواثقة وهو يتحرك للخارج :-
"من قال أني أطلب أنا أخبرك بما سأفعله "
ونظرة تحتويها وكأنه يعلم كم أثقل عليها .. فرد ذراعيه قائلا ببديهية كمن يعرف ما يريد ولن يتنازل عنه أبداً:-
"أنا سأتزوجك !"

==================

ابتسم عمار بذهول لما استمع له من حديث يخرج من فم والده
فتاة جميلة تقف أمامه كالمشدوهه مما سمعت ويبدو أنها تحينت فرصة دخوله و خرجت راكضة
تابعها بعينيه حتى خرجت ثم عاد بنظره إلى والده
هل حقا سمع ما سمع ؟!
هل والده هو كان يعرض للتو الزواج على فتاة تقاربه في العمر
يقف أمامها يلتهمها بعينيه وكأن حياته متوقفة على ما ستنطق به ؟!
والده يحب في هذا العمر !
هل هي مزحة الموسم ؟
أم علها مراهقة متأخرة !
هل والدته تعلم لذا كانت ليست على حامٍ أو بارد منذ فترة ؟
والغريب أن والده حتى لم يُحرَج من نفسه أمامه
بل حتى لم يحاول أن يبرر له بل اتجه بخطواته الواثقة يجلس وراء مكتبه مُشبكاً كفيه وهو يقول بنبرته الواثقة :-
"تعالى يا عمار لما تقف عندك هكذا"
اقترب عمار ببطء وما زال الذهول لم يفارقه وكأن ما حدث للتو أمامه لم يكن سوى مشهد هزلي
جلس على الكرسي صامتاً لا يعرف ماذا يقول :-
"ماذا ألن تخبرني بسسبب الزيارة "
اتكأ عمار بقبضته المضمومة على فخذه وهو يقول بتهكم :-
"لا بسيطة يا رأفت باشا لقد جئت كي أفاتحك في موضوع زواجي لكني وجدتك منشغل بزواج نفسك..المعذرة لم أكن أعلم "
نقر رأفت بسبابته على سطح المكتب المصقول قائلاً بحزم :-
"حذاري أن تتهكم على والدك يا ولد هل جننت؟ "
عض عمار على باطن شفته السفلى بغضب ثم التفت إلى والده قائلاً بشئ من (العصبية):-
"فقط قل لي لما يا أبي ؟!
بما قصرت أمي معك ها؟"
لم يستطع أن يسيطر على انفعاله وصوته يعلو مواصلاً:-
"لقد أهملتنا أمي أحياناً من أجلك ... لم أراها يوماً تُقصر في حقك ...لم أرى منها سوى كل حب وتعلق بك .. كثيراً ما كانت تفضل راحتك على نفسها حتى قل لي لما "

وما يثير الغضب أكثر بل الجنون والحرقة هو ثبات والده أمامه دون أن يرمش له جفن ثم قوله بلهجة باردة مثيرة للاستفزاز :-
"أنا لا أفعل حراماً يا عمار
هو حق شرعه الله لي وأنا أخذ به ...أنا لم أدين أمك بشئ كما أني لن أطلقها ولن أتخلى عنكم أبداً"
نهض عمار واقفاً بانفعال وهو يقول بسخرية مريرة :-
" لن تُطلّقها حقاً؟"
ضرب كفيه ببعضهم وهو يواصل :-
"أكثر الله من خيرك يا أبي ...أنت لن تطلقها صحيح ..أنت فقط ستقتلها وتحيل حياتنا للجحيم "

هبّ رأفت من مكانه وقد انتقلت إليه عدوى الغضب وكأنه لم يعجبه محاسبة ابنه له فقال بشئ من الانفعال :-
"احذر أن تناقشني يا عمار..لست صغير أمامك لترفع صوتك وتحاسبني ..وأنا لا أخذ رأي أحد أنا سأفعل ما أريد وحتى كنت أنوي إخباركم أنا لا أفعل شئ خاطئ حتى أفعله في الخفاء "
كاد عمار أن يتحدث فقاطعه وهو يشير جهة الباب قائلاً بلهجة قاطعة :-
" لن اسمح بكلمة أخرى زائدة يا عمار ...الشركة ليست للحديث تفضل الأن"
نظر له عمار بغضب ثم اتجه جهة الباب مسرعاً لكنه عاد وقاطعه قبل أن يخرج قائلاً بتسلط أمر:-
"حذاري أن تخبر أمك أو أختك بشئ قبل أن أتحدث أنا "
لم يلتفت له عمار وهو يخرج صافقاً الباب خلفه وشياطين العالم تتقافز أمام عينيه !
…...............
بعد ساعة
كان عمار يجلس في حديقة منزل ماريان ينتظر نزولها فبعد أن خرج من عند والده هاتفها أنه سيمر عليها وهاهو ينتظرها منذ دقائق
بالأعلى...
تقف ماريان أمام المرأة تتأكد من مظهرها فقد كانت نائمة حين هاتفها عمار
وضعت بعض اللمسات التجميلية على وجهها ثم قيمت نفسها في (بيجامتها ) الحمراء ذات الخطوط السوداء بكم قصير يصل أسفل كتفيها وسروال يصل إلى منتصف ساقيها
جمعت شعرها الأصفر في رباط مطاطي ثم ارتدت خفها المنزلي ونزلت إليه
ابتسمت بإشراق وهي تلقي عليه التحية ثم جلست أمامه قائلة بمزاح :-
"أي رياح شريرة أتت بك ؟"
ابتسم عمار بسخرية وهي يعتدل في جلسته ثم قال بتهكم :-
"معك حق إنها رياح شريرة يا مارون ليس لها وصف سوى ذلك "
قطبت ماريان مضيقة عينيها وهي تسأله بقلق:-
"يبدو أن الموضوع جدي ماذا حدث "
تكتف عمار وهو يقول بلهجة مسرحية زائفة :-
"لا شئ فقط ضبطت والدي وهو يطلب فتاة تقربك في العمر للزواج "
فتحت ماريان شفتيها متصلبة وهي ترفع حاجبيها في ذهول وكأنها لا تصدق ما سمعت فنطقت بدهشة :-
"حقا؟ هل حقاً ما تقول يا عمار !"
مط عمار شفتيه وهو يقول :-
"صدقيني كنت أتمنى لو تكون مزحة "
حزنت من أجله وتغضن جبينها وهي تقول بتعاطف:-
"هون عليك يا عمار ربما تكون نزوة ..لكن هل علمت والدتك؟"
هز عمار رأسه نفياً ثم ابتسم قائلاً بسخرية :-
"لكن انتظري سأقول ما يجعلك تضحكين حقاً"
ابتسمت ماريان تنظر له بفضول ترى ما هذا الذي سيخبره بها فعمار قادر دوماً على تحويل كل شئ إلى دعابة
"ذهبت لأخبر أبي عن رغبتي في الزواج فوجدته يسبقني بخطوة وهو يطلب الزواج من فتاته "
انحسرت ابتسامتها وقد شحب وجهها وكأن لسعة من تيار كهربائي عالي المستوى أصابتها فابتلعت ريقها بصعوبة تسأله بصوت متهدج لم ينتبه له :-
"تتزوج هل ستتزوج حقاً؟"
حاولت أن تغتصب ابتسامة على شفتيها خرجت مريرة وهي تواصل السؤال والقلب المثير للشفقة يتمنى :-
"من سعيدة الحظ "
لمعة الحب في عينيه الشاردة كانت كسهم صوب جهة قلبها وتم غرزه قاسياً وهو يقول بعاطفة عاشق ما كانت تتوقعه بالأساس"
"إنها سنا الفارسي يا ماريان "
"أنا لا أحب سنا أو معجب بها فقط ..أنا أشعر أن قلبي أصبح بين كفيها الصغيرين فتُقلّبه كيفما تشاء"
احتشدت الدموع في عينيها حشداً حتى أنهما كانا يهطلان كالأمطار بلا رادع حتى أنها لم تنتبه لهم ولا حتى لغشاوة الرؤية بسببهم إلا حين سمعت صوته يقول بقلق :-
"ماريان لما تبكين ؟"
ابتلعت ريقها بصعوبة وهي تمسح عينيها سريعاً ..تحك أنفها الأحمر ثم تهب واقفة وهي تقول بتحشرج :-
"اعذرني يا عمار أنت تعلم أن هذا الوقت من السنة يسبب لعيني التحسس أحتاج للصعود للأعلى والجلوس في الظلام...سنتحدث لاحقاً "
لم تنتظر حتى رده ...لم تقدر أن تنظر في وجهه مرة أخرى لو فعلت لركعت تحت قدميه تتوسله حبها
حتى أنها لم تقف عند فعلتها التي لو أحد أخر لقال أنها طردته طرداً..
بل دخلت مسرعة إلى الداخل حتى أنها لم تستطع الصمود للأعلى بل دخلت الحمام وهي تغلق بابه خلفها منفجرة في نوبة بكاء هستيرية وهي تعض باطن كفها حتى لا يرتفع صوتها...
سخونة تزحف على سائر جسدها حتى أصاب أذنيها الطنين
لهيب ينهش في روحها كذئاب جائعة لا قبل لها على صدها
رباه أين كانت غافلة عن حبها له كل تلك السنوات ؟!
ما الذي فعلته بنفسها ؟
كيف تركت ذاتها تتعلق به هكذا ؟!
تحبه ؟!
لا هي تعشقه
بل تعشق أنفاسه!
عينيه الناعستان ..شقاوته الدائمة..وحنانه على من حوله
تلك السنا لا تستحقه
ماذا فعلت الأخرى كي يحبها هكذا وكأنها المرأة الوحيدة على الأرض
تغرز أظافرها في باطن كفيها قهراً حتى أدمتهم
لما أحب الأخرى ؟!
لما لم يحبها هي ... هي تجزم حتى أنه لا يراها
تبكي بضعف وهي تخبط رأسها في الباب خلفها ولا تعلم كيف تهدئ من احتراق روحها
بحق الله هي تغار ..
تموت كمداً من الغيرة عليه
ومُصيبتها أنها حتى لا تستطيع الاعتراف بذلك لأي مخلوق
لطالما كانت هي وعمار كالإخوة
هو بالذات لو علم سيبتعد عنها أميالاً وهي لا تقدر أبداً على الابتعاد عنه
نار قربه ولا جنة ابتعاده عنها أبداً...

==================

لا تعرف كيف وصلت إلى بيتها حتى !
حمداً لله أنها لم تصدمها سيارة أو تتعرض لحادث في الطريق
منذ أن خرجت من الشركة وهي كالمضروبة على رأسها
تعيد على نفسها السؤال مراراً وكأن أخرى غيرها هي من كانت هناك تستمع إلى الرجل وهو يحدثها
هل حقاً السيد رأفت طلبها للزواج منذ ساعتين فقط
هل حقا هي كانت تلك الفتاة التي كان السيد رأفت يمسك بذراعها طالبا ً منها الزواج ؟
خلعت ملابسها بآلية وهي تحمد الله على نوم جدها وإخوتها فليس بها أدنى روح حتى للتحدث بكلمة واحدة !
صوت جرس الباب جعلها تلف الشال حول كتفيها وهي تخرج سريعاً لترى من ولم يكن سوى محصل الكهرباء والذي أخذ منها أربعمائة جنيه ...
لم يكن بها روح حتى لتجادله بل أعطته ما طلب وأخذت الوصل منه مغلقة الباب خلفه وهي تعود أدراجها حيث كانت
جلست على الصوفة القطنية بجوار الحائط ولا تدري ماذا تفعل
مسؤوليتها كبيرة !
أدوية جدها و فحوصه الدورية تأخذ نصف مرتبها تقريباً
دمعت عينيها وهي تنظر للصغار النائمان بعمق على الفرشة الناعمة على الأرض
ملابسهم التي عفى عليها الزمن من شدة قِدمها تخالف ثراء ملامحهم البريئة بالطهر
رفعت عينيها للصورتين أمامها وكأنها تناشدهم متسائلة
"ماذا أفعل؟؟"
هل تذمرت يوما من والدها وهو على قيد الحياة مُتأففة من أفعاله فليعد دقيقة واحدة فقط لتقبل قدميه وتحتمي من مكر الدنيا أسفل ذراعيه
الرجل في عمر أبيها ويطلبها للزواج فجأةً هكذا دون أن يكلف نفسه عناء تمهيدها
نزلت دموعها بمرارة وهي تفكر ..
هل فكرها لقمة سائغة حين استغاثت به ليلاً؟
حين كانت ترد على اتصالاته وهي تأخذها بمحمل الأبوة ؟؟
الحمل ثقيل عليها بل يكاد يقسم ظهرها لكنها أبداً لن تستطيع أن توافق
إن تنازلت عن رغباتها في عدم انكشاف ماضيها والمضي قدماً في حياة سعيدة من أجل أخوتها وجدها
فكيف تتغاضى عن أنه رجل متزوج وله أبناء؟؟
كيف تبني راحتها على تعاسة غيرها
لو كانت أمها رحمها الله على قيد الحياة لدفنتها حية حتى قبل أن تفكر في الأمر
ألم تكن دوماً تقُل أن من تنظر لرجل متزوج ولديه عائلة هي فتاة وقحة عديمة التربية ..
تضم ركبتيها لصدرها تحاوطهم بذراعيها وهي تستند عليهم بذقنها غير عابئة بدموعها المتساقطة في صمت
لو حسبت الأمر بعقلها فهي المستفيدة بكل الأحوال ولو حسبته بقلبها فهي المكمودة بكل الأحوال
العجز يكبلها ويحيط بها ولا تستطيع حتى إخراس عقلها عن التفكير
تبدو كمن وقع في بئر لا قرار له ثم فجأة دَلّوا له بدلو من حديد مسنن
فهل تصعد أم تظلها عالقة؟!
صوت جرس الباب مرة أخرى جعلها تتأفف وهي تنهض غاضبة تمسح دموعها وفتحت الباب
وجدتها العجوز صاحبة البيت فرسمت ابتسامة مصطنعة على شفتيها وهي تقول :_
"أؤمريني يا خالتي "
ابتسمت العجوز قائلة :_
"لا يأمر عليكِ عدو يا ابنتي "
ابتلعت ريقها ثم واصلت:_
"جئت لأخبرك يا ابنتي أني سأسافر فابني طه قد أرسل لي لأذهب وأسكن عنده"
اربد وجه داليدا مسوداً وسألتها شاحبة :_
"هل تقولين أني يجب أن أبحث عن مسكن آخر يا خالة ؟"
هزت العجوز رأسها نفياً وهي تقول :_
"لا عشت ولا كنت يا ابنتي لأخرجكِ من مأواكِ .. أنا فقط أبلغك كي تتركِ لي الإيجار كل شهر في مكتب البريد و سأعطيكِ العنوان
وبالنسبة لشقتي التي في الأسفل هناك شاب قام بتأجيرها مني فلا تخافي لن تكوني وحدك"
تنهدت داليدا بإرتياح نسبي وهي تدعو لها ثم قالت بمجاملة :_
"تفضلي يا خالة"
هزت العجوز رأسها نفياً وهي تقول:_
"لا يا ابنتي جئت فقط لأخبرك"
أغلقت داليدا الباب خلفها مستندة عليه وهي تغمض عينيها بشدة متسائلة بينها وبين ذاتها :_
"ماذا تُخبئ لگِ الأيام أكثر يا داليدا؟"

=================

ثلاثة أيام
ثلاثة أيام مرت منذ أن جلب الفتاة لبيته
ثلاثة أيام حائر بين الندم والرضا عن ذاته
ثلاثة أيام يشعر أنهم بدلوا به ما لم يقدر شئ على فعله !
ثلاثة أيام منذ أن أنقذ الفتاة من موتٍ حتمي !
صوت رنين هاتفه جعله يمد كفه يأخذه من على الجارور المجاور للفراش الذي يرقد عليه ولم يكن سوى رشاد بن خالته وصديق عمله
فور أن فتح الخط أتاه صوت رشاد المهتم وهو يقول :-
"كيف حالكم يا عُمر ؟"
اعتدل عُمر في جلسته على الفراش وهو يضع ذراعه الأخر وراء رأسه قائلاً:-
"كما هو الحال خالتك سعاد تحتضن الفتاة كطفلة رضيعة لكن بالوقت ذاته لا تتحدث معي إلا للضرورة وكأنها تشك أني متورط مع الفتاة بشئ"
أتته ضحكة رشاد الخشنة ثم سأله مرة أخرى :-
"والفتاة يا عُمر هل تكلمت أم مازالت تهرب بالنوم "
ابتسم عمر ساخرا ً وهو يقول:-
" وهل تدعها خالتك تنام إنها تبدو كمن وجد كنزٍ يخاف فقدانه
لقد سألتني أكثر من مرة مؤكدة علي أن الفتاة لا أهل لها وكأنها تخاف أن يأخذوها منها "

تناول كوب الماء جواره يرتشف منه ثم أردف :-
"منذ أن انهارت حين استيقظت في بيتنا ووجدتنا جوارها وجلبت لها الطبيب وهي أفضل
لكنها شاردة ...هائمة في ملكوتٍ أخر سوى من نوبات الهلع التي تصيبها "
رفع حاجبه وصوت رشاد يأتيه مفكراً:-
"أظن أنها ستحتاج لطبيب نفسي يا عمر فما مرت به ليس سهل "
قال عمر بشرود مفكرا ً:-
"أظن ذلك "
صوت أمه المنادي عليه من الخارج جعله يتحرك من مكانه قائلاً:-
"سأغلق معك الأن يا رشاد فأمي تنادي "
أغلق الهاتف ورماه على الفراش ثم لبس خفه المنزلي خارجاً إلى أمه يجيبها
"نعم يا أمي "
قطب باستغراب وهو يراها تستعد للخروج فسألها :-
"أين أنتِ ذاهبة ؟"
رفعت سعاد رأسها له وهي ترتدي حذائها جوار باب الشقة قائلة :-
"إنه موعد خالتك عند الطبيب ويجب أن أذهب معها "

ثم أشارت بكفها نحو الخارج قائلة بأمر:-
"هيا إنزل انتظرني بالأسفل حتى أعود "

قلّب عُمر شفته مستنكراً وهو يتحرك نحوها قائلاً:-
"ولما يا أمي إنه يوم عطلتي وليس لي مزاجٍ للخروج "

رفعت أمه حاجبيها بذهول وكأنه قط نطق بالجرم قائلة :-
"هل تريدني أن أتركك مع الفتاة أمانتي أمام الله وحدكم ؟!"

كان الذهول من نصيبه هو هذه المرة مما يسمعه فتأفف بنزق قائلاً:-
"بالله عليكِ ياأمي ماذا أفعل بفتاة عائدة بأعجوبة من الموت "
كاد أن يضحك ووالدته تشهر سبابتها أمام وجهه ناهرة بحزم :-
"ولو ...ولو يا عمر اسمع الكلام وانزل هيا أمامي "
حكّ عمر ذقنه ثم قال بمهادنة :-
"أمي ماذا لو استيقظت ؟
ماذا لو أتتها نوبة خوف حين تجد نفسها وحدها ؟!"

تغضن جبين أمه وهي تدرك صحة منطقه فقالت بتردد:-
"ليتني أستطيع أن ألغي الموعد مع خالتك"
تنهد عمر بصبر قائلاً:-
"أمي اذهبي ولا تخافي عليها أقسم لكِ بشرفي لن أمسها بسوء"
مطت والدته شفتيها بضيق ثم قالت على مضض قبل أن تفتح باب الشقة :-
"أنا لا أرتاح لك يا ولد لكن أمري لله ليس أمامي غيرك "

رفع حاجبه الأيسر وهو يغلق ورائها مهمهماً بسخرية على ذاته :-
"مرحىٰ لقد أصبح الضابط عمر موضع شك بالنسبة لأمه "

ألقى نظرة على الغرفة التي ترقد بها سنابل ثم اتجه جهة التلفاز كي يشاهده حتى يكون قريباً منها ...

بالداخل ..
كانت سنابل ترقد على الفراش تبكي وهي ترى نفسها ملقاة داخل حفرة عميقة تحاول أن تمد ذراعيها لأبيها كي ينقذها لكنه يدفعها بقدمه بقسوة فتنزلق أكثر لكنها تعاود المعافرة فيهيلون عليها التراب أكثر!
تتخبط على الفراش بعنف.. تدفع بقدميها وذراعيها
تشعر بالاختناق فتعلو أنفاسها .. يتصبب العرق من جبينها وسائر جسدها
بكت مراراً
صرخت بقهر علها تنجو !
عل أحد يشفق بحالها
رباه ...
هل دعائها استجاب ؟
هل أشفق أحد بها ؟
تشعر أن هناك من ينادي عليها ...
هناك من يربت على وجنتيها يأمرها أن تصحو
وأخيراً هبّت مفزوعة ..جاحظة العينين بهلع
تنفس عمر الصعداء لاستيقاظها أخيراً
لقد أتاه صوت بكاءها العالي إلى الخارج فهب مندفعاً لها يحاول أن يهدئها وهو يرى تخبطها على الفراش وكأنها تنازع للخلاص ...
فمها يتحرك دون أن يخرج بالكلمات والدموع تجري على وجنتيها كالسيول..!
وأخيراً استيقظت تناظره برعب وهي تتقوقع حول ذاتها ..تشد ثيابها للأسفل بهستيرية وكأنها تحاول ستر نفسها رغم احتشامها الكامل فأمه تُلبسها أحد عباءاتها المنزلية ..حتى شعرها مغطى بطاقيه قطنيه ولا يظهر منها سوى رقبتها
عينيها حمراوتان بلون الدماء ومازالت الدموع تجري
صمتها شجعه على تأملها لأول مرة
جسد هزيل إثر ما مرت به ..تبدو قصيرة القامة
وجه أبيض مستدير لكنه رغم شحوبه مازال جميل به لمحة من النعومة وشئ من البراءة المختلطة بالغلب الذي يستفز فيه غريزة الحماية !
وضع كفيه في جيبي سرواله القطني ثم ابتسم قائلاً في محاولة لإخراجها من حالة الصمت المشوبة بالذعر التي هي عليها :-
"مرحباً ... أنا عمر "
ويبدو أنه بدلاً من أن يكحلها فقد أعماها وهي تنكمش على نفسها أكثر فتنحنح قائلاً:-
"ابن الحاجة سعاد التي رأيتيها من قبل.... ممممم لا تخافي هي أتيه بعد قليل من الوقت "
ولم ترد أيضا فقط دموعها تنزل كالسيل الجارف ...عينيها مسمرتان عليه لكن وكأن الحياة انقطعت عنهم ...ولولا دموعها لقال ماتت !
حسناً هل سيكون سخيف حين يقول أنه يشفق عليها ؟!
أنها أمامه كطفلة صغيرة يكره أن يرى دموعها فقط لتخبره ما تريد وسيفعله لها كي لاتبكي!
تستفز بداخله حِساً للحماية لم يختبره قط !
لم يكد يتحدث حتى وجد والدته تندفع ناحيتها وهي تخبط على صدرها قائلة بلهفة :-
"حبيبتي يا ابنتي "
جلست جوارها على الفراش وشدتها في حضنها بقوة لكن ما أثار ذهوله هو إستجابة سنابل لها وهي تدفن وجهها في صدر أمه وتنخرط في موجة بكاء عنيفة تتقطع لها نياط القلوب
جسدها يهتز بنشيج عالي وأمه قد بدأت في البكاء معها وهو لا يشعر سوى بالعجز ..
..إلا أنه عاد وكلمة رشاد ترن في أذنيه يجب أن يعجل في أخذها لطبيب نفسي
ألقى عليهم نظرة أخرى شاردة ثم تركهم وخرج ليرى أموره ...
وبين ذراعي تلك الغريبة كانت تبكي شئ تعلمه لكنها تجهله !
شئ تدركه لكنها تصم أذان مخها عنه
شئ تراه لكنها تنكره !
خنقة ووحشة تطبق على صدرها فلا تجد سوى البكاء منفساً لها
سباق عنيف بصدرها وكأن هناك من يركض أميالاً فتشعر بضربات قلبها سريعة متلاحقة وتزداد شهقات بكاؤها
من هي ؟!
من هؤلاء؟!
أين هم ؟!
بل أين هو
ووسط ضجيج الأفكار...عويل البكاء ...وخنقة الصدر كان الهروب بالنوم هو الحل !

================

لحظة !
لحظة فارقة بين الصواب والخطأ
لحظة فارقة بين البين والخفاء!
لحظة فارقة بين مصير خطه القدر وبين سوءٍ نخطه بأيدينا
واللحظة يعقبها قرار !
وقد يكون القرار هو ندبة للموت على جبين روحنا
لكن لا مناص !
لامناص حين تُخيَر بين قلبك وروحك فأي الخيارين أصعب ؟
بل أيهما أسوأ
حسناً لا مجال للتفكير هاهُنا
رُفِعت القضية من مسار التفكير إلى حيث اللارجعة من التهور واللامنطق
وأول التهور كان سروال جينز أسود يعلوه سترة قطنية سوداء كحال أيامه
ترك سيارته وأخذ الدراجة النارية وبأقصى سرعة كان يقودها
هل يسوق نفسه إلى الطريق السريع أم يسوقها لموتٍ يهفو له ولا يقدر على التصريح !
ساعة وكان يصف دراجته أمام الفيلا الكبيرة
رفع نظرة كئيبة للأعلى ثم دخل إلى تلك الغرفة الجانبية بالحديقة قبلاً
ولم يكد يدخل من الباب المفتوح على الدوام حتى فاجأه الجسد الضئيل الملقى عليه بتهليل
عَليٌ !
روحه الطاهرة !
ذنبه وتوبته!
جثى على ركبتيه يحتضنه بقوة ..يدفن وجهه في نعومة رقبته يتشمم رائحة البراءة ..يقبله متلمساً طعم الطهر
والصغير مستكين يربت بكفٍ من الجنة على ظهره قائلاً بلهجته العفوية المحببة :-
"عَليٌ...اشتاقك... يحبك أكمل"
تأوه بصوت مكتوم وهو يزيد من ضمته له ثم رفع وجهه يقبله من وجنتيه يربت على شعره النائم متسائلاً باهتمام :-
"هل أنت بخير ؟
هل أكلت جيداً"
قلب عَليٌ عينيه في السقف ثم هلل قائلاً:-
"الجدة خديجة أطعمت علي محشو"
ابتسم أكمل واستقام واقفاً مرة أخرى وقال :-
"حسناً يا غالي اذهب والعب مع الكلب حتى أتي لك "
تابعه بعينيه حتى ذهب ثم دخل عليها
كعادتها جالسة على سجادتها تمسك المصحف وتقرأ فيه
فور أن رأته ابتهجت وصدقت ثم أغلقت المصحف ووضعته جانباً فاتحه له ذراعيها باشتياق
هل يبالغ لو قال أنه في أشد الحاجة له !
لكن ليس بين ذراعيها هي !
أنه يريد أن يدفن نفسه بين ذراعي أخرى علها تبعد عنه مرارة الحياة
ألا يقولون ذلك ؟
حضن الأم كحصن دافئ ..حميمي ..يحجب عنك جليد الدنيا
يشتاق لطيبة أخرى
لحنان أخرى !
للمسة أخرى!
أخرى يدعي نسيانها وهو لا ينفك عن ذكراها!
أخرى بقدر ما يحتاجها بقدر ما يكرهها !
وأمام نظرة عينيه الشاردة كادت تبكي
يبدو بكل هيئته القاسية هذه كطفل تاه عن مأوى أمه فارتجف عند هبوب الريح
وعلى ذكر الريح ارتجف قلبها خوفاً .. هو ليس على طبيعته
ظلال عينيه ملبدة بالهموم حتى أنه حين مال عليها يقبل كتفها وتربت على كتفيه لم يدع نفسه حتى يذق حضنها بل ابتعد فوراً
أي وجعٍ هذا الذي يحمله صغيرها يجعله يقسو على نفسه هكذا؟
سألته بلهفة وهي تحتوي كفه بين كفيها بعد أن جلس أمامها :-
"ما بك يا حبيبي تبدو متعب وكأنك لم تنم لأيام ؟"
ابتسم أكمل رابتاً على كفها وهو يقول:-
"لا تخافي أنا بخير "
كادت أن تتحدث فقاطعها واقفاً وهو يقول :-
"أنتِ كيف حال صحتك ؟"
ابتسمت ابتسامه باهته وهي ترد عليه دون أن يفارقها القلق:-
"أنا بخير يابني لا تقلق "
أومأ أكمل ثم قال :-
"حسناً أنا سأصعد له اجعلي الخادمة تجهز عَليٌ سأخذه وأنا ذاهب "
بعد أن استدار نادت عليه مرة أخرى وسألته :_
" أكمل هل ضايقك والدك في شئ"
ابتسم أكمل بسخرية ثم هز رأسه نفياً وهو يواصل طريقه للأعلى ..
وربما للجحيم..
بعد دقائق ...
"كنت انتظرك "
قالها البدوي دون أن يستدير وهو يجلس بعنجهيه جزءً منه على كرسيه المتحرك جوار الشرفة فور أن شعر بدخوله عليه..

ضحك أكمل ضحكة متهكمة وهو يقترب منه حتى استند على إطار الشرفة أمامه في وقفة مائلة لا مبالية يأخذ تبغً من العلبة الموضوعة أمامه ثم أشعلها يأخذ منها أنفاساً متتالية وأخيراً قال :-
"كيف حال العمل؟"
رفع البدوي أحد حاجبيه في رضا فها هي خطته تأتي بثمارها وشبله الصغير مشى في الطريق الذي رسمه له
أخذ هو الأخر غليون تبغه وأشعلها ثم قال:-
"يمشي على قدمٍ وساق فقط ينقصنا خطوتك "
حك أكمل ذقنه وهو ينظر من الشرفة يتابع علي بعينيه ثم نظر له قائلاً:-
"على شرط "
تنهد البدوي قائلا بخبث الأفاعي :-
"أتتشرط على أبيك "
ابتسم أكمل بسخرية وهو يواجهه بلهجة العارف قائلاً:-
"دعك من هذه الاسطوانة"
نفث دخانه ثم أومئ غامزاً:-
"هات ماعندك "
أطفأ أكمل سيجارته يضع كفيه في جيبي سرواله قابضاً عليهم بقوة وهو يقول بقسوة وعينيه تلمعان ٍ بشرر لم يرى البدوي مثله قط :-
"عمران"
"مابه ؟"
وبلهجة حادة كوقع السيف الباتر كان يقول بشر :-
"أريد قطع يديه .. فقع عينيه .. وابتلاعه لسانة "
(تبدو عاشق يا بدوي والعشق يا بن أبيك لا يليق بنا )
همسها في نفسه ثم تحرك بكرسيه قائلاً:-
"حسناً وبعد ؟"
ابتلع أكمل ريقه وتحدث دون أن يتحرك من مكانه :-
"هناك أمر أريد أن نجبره عليه وإن لم يفعل سأقتله "
ضحك البدوي ضحكة قصيرة وهو يسايره متسائلاً:-
"وماهو الأمر؟"
"ورقتين..
عقد عمل به شرط جزائي أريد تمزيقه والأخر.."
ابتلع حنظل مسموم بحلقه ثم قال ببهوت:-
"والأخر عقد زواج عرفي أريده أن يلقي على صاحبته اليمين ثم تقطيعه "
صمت البدوي لدقائق يثير قلقه ثم قال ببرود :-
"هل تعلم أنك هكذا تلعب بالنار ذاتها بين كفيك !"
ناظره أكمل بلامبالاة فرفع سبابته والوسطى بينهم غليونه قائلا بتشديد :-
"المقابل سيكون كبير يا ابن أبيك أكبر مما تظن "
كادت عيناه أن ترف إلا أنه تماسك قائلاً باقتضاب :-
"أعرف"
هز البدوي رأسه ثم قال :-
"حسناً اترك لي التفاصيل وسيكون لك ما أردت "
تنهد أكمل ثم قال بلهجة واثقة :-
"بقية الشرط "
رفع البدوي حاجبيه قائلاً بتحذير :-
"لا تكن طماع"
هز أكمل كتفيه بتحدي فأومأ البدوي برأسه ليسمع ما لا يريده :-
"أريد أن أتزوجها "
حسناً هو كان يتوقع ذلك ويضعه بحسابه جيداً
رغم أنه لا يستسيغ تلك الملعونة ولم يكن ليوافق على الأمر أبدا ً لكن يعلم أنه سيسعى لتحقيقه
إذاً فليسايره
موافقته الظاهرية خير من إظهار عداوته لها
لتدخل النار بقدميها خير من أن يأخذها هو لها
بكل الأحوال هي ساقطة !!
"دعني أفكر "
أومأ أكمل وكتف ذراعيه قائلاً:-
"حسنا أمر العقدين أريده اليوم قبل الغد "
أومأ البدوي موافقا وهو يتحرك بكرسيه جهة الشرفة مرة أخرى ثم قال :-
"حسناً دع الأمر لي "
وبلهجة قاطعة شديدة التحذير كان يقول:-
"لكن لو أخليت بوعدك معي يا ابن أبيك .."
قطع كلامه وهو ينظر من الشرفة ببرود نحو عَليٌ كتحذير ضمني وواصل :-
"روحك وقلبك سيكونا بين كفي "
"احلم أن تمس شعرة منهم صدقني أنا قادر على إحراق العالم حينها بك"
مط البدوي شفتيه بلامبالاة قائلاً:-
"الأمر في يدك أنت طِع أوامري يكونا بسلام "
رماه أكمل بنظرة أقل ما يقل عنها أنها نارية ثم قال قبل أن يخرج كمن ينطق بالشهادتين عند الموت من فرط الجبر :-
"لك ما تريد "
تابعه بعينيه حتى خرج صافقاً الباب خلفه ثم تبدلت عينيه الجليديتين إلى قاعين من اللهيب والشرر الذي لم يكن موجه سوى لاثنين !
اثنين بقدر ما كانوا قادرين على أخذ ابنه منه بقدر ما سيذيقهم من جحيم !
هو هكذا يوم موته من يفكر أن يقف أمام البدوي في شئ
ولا عزاء للا قصد !
__________________________

يتبع بالجزأ التاني


إسراء يسري متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 05-07-21, 08:36 AM   #47

إسراء يسري

? العضوٌ??? » 475395
?  التسِجيلٌ » Jul 2020
? مشَارَ?اتْي » 629
?  نُقآطِيْ » إسراء يسري is on a distinguished road
افتراضي رواية وأشرقت الشمس بعينيها

الجزأ الثاني من الفصل التاسع

تجلس وراء مكتبها تحاول أن تركز في عملها الجديد عبثاً
روحها مشروخة وضائعة منها ولا تعرف كيف تهتدي إليها مرة أخرى
لقد كسرها رفعت عمران بأكثر الطرق بشاعة
إنها لا تستطيع حتى رفع عينيها في وجه والديها تتهرب منهم بكل الطرق الممكنة
حتى سنا صديقتها لم تستطع أن تبوح لها بشئ !
لم تستطع أن تحكي لأحد غيره
هو دوناً عن سواه من يشهد إذلالها ..
أكمل البدوي؟!
الندم يسلخ من لحمها حياً
أيا ليتها لم تكن على ما كانت عليه
ليتها كانت فتاة بسيطة تبتلع لسانها وتخشى قول الحق
ليتها تزوجت عمر وبقت كما كان يريد ربة منزل وأم
دمعه تنزل على خدها فتبتلعها بمرارة دون أن تشعر
ليتها استمعت لنصيحة أكمل البدوي
ماذا جنت من عنادها ؟
ماذا جنت من سعيها وراء الحق ؟
ماذا جنت من فخرها بقوتها ؟
مُر...علقم...سواد...ذل...عجز...ق� �رٍ وسواد سيكلل أيامها القادمة
وضعت رأسها بين كفيها والصداع يكاد يفتك بها فتكاً
من كثرة التفكير
حتى حديثها مع أكمل لم تصل لشئ فقط عاندته وتركها غاضباً وهو يؤكد أنه سيتزوجها ..
مجنون !
أجفلت على صوت الواقفة أمامها تقول :-
"السيد رفعت يريدك في مكتبه الأن !"
عضت باطن خدها بقسوة حتى شعرت بطعم الدماء وأومأت برأسها ثم شدت قامتها تحاول أن تتحلى بثقة لم تعد تمتلكها حتى دخلت عليه ..
فورة من الإثارة التحمت بجسده وهو يمشط فتنة جسدها بعينيه الشهوانيتن...
حسناً هو لن يهدأ حتى يحصل عليها
بسيطة ليست أول امرأة تستعصي عليه
سيخضعها له روحا وجسداً
بل
سيستعبدها
لعبته بالأساس !
دار حول مكتبه مقترباً منها كالأسد الذي يترصد فريسته ثم غمغم بلهجة ناعمة أثارت إشمئزازها ليس إلا
"لما الغضب على وجهك يا جميلة ؟"
أصدر طرقعة غير راضية بلسانه وهو يضم شفتيه ثم أكمل وهو يقبض على خصرها بذراعه هامساً بلهجة باردة شديدة الخطورة والتحذير :-
"الغضب يثير غضبي وأنتِ لستِ بقادرة عليه !"
حاولت أن تتملص منه إلا أن قبضة ذراعه على خصرها كانت كالكماشة فصرخت به ولأول مرة منذ فترة تنفعل صارخة بغضب :-
"ابتعد عني ...ابتعد عني يا رفعت"
ضحك عالياً وكأنه يتلذذ بانفعالها
كالأسد الذي يستمتع بصراخ الفأر وهو يتقافز مستغيثاً لكنه يبقى داخل حدود أسواره فلما لا يلاعبه قليلاً؟
ومن ينال شرف اللعب مع الجامحة!
لكن تعود شفتيها المنتفختان بإثارة والذي يقسم أنه لأول مرة يكونا دون طلاء لكنهما شديدتي الإغراء لرجولته وكل حواسه فلم يستطع التمهل أكثر من ذلك وفي أقسى أحلامها فتكاً لم تكن تنتظر خطوة كهذه
يقترب..!
يقتنص!
يسيطر!
يلتهم ويتذوق!
هل جربت يوماً أن تشاهد نسجاً خيالياً من الشئ ونقيضه ؟!
الشهوة التي هبت بجسده فور أن امتلكها كان يقابلها صدمة شلتها وكادت أن تودي بحياتها اختناقاً
الجموح الذي كان يعيشه مُغمضاً عينيه كان يقابل إرتعاشاً مذعوراً ذرفته عينيها أنهاراً
الرعونة المثيرة للشفقة التي كادت أن تدفعه للمزيد وقد زحف خياله بعيداً حيث امتلاكها الكامل كان يقابلها تخبط هستيري من جهتها وهي تحاول أن تدفعه دفعاً والادرنالين يندفع بسائر عروقها حتى تمكنت أخيراً من فعلها !
عيناه غائمتان بالشهوة ..جسده مرتعشاً من فرط الإثارة ..وفكره غائباً في لُجة السُكر
روحها تكاد تختنق حتى أنها سعلت مراراً..جسدها يخونها ضعفاً فتكاد تسقط مغشياً عليها وجهها مسوداً من فرط الإشمئزاز وبكل ما بها من تخبط وتيه بل ربما غياب نصفي للوعي كانتا قدميها بدأتا في التحرك للهرب ولم تلحق وهو يحشرها بينه وبين الحائط هامساً من بين أسنانه بغضب بوجه شديد الإحمرار :-
"لا تُثيري النار وتظنين أني سأتركك دون أن تُطفئيها "
تخاف ... ترتعش ...
عينيها جاحظتان وهي تهز رأسها نفياً بهستيريه
جسدها شله الرعب وهي ترى النهاية تلوح في الأفق بعيداً حتى أن الكلام محشور في فمها وزاد الأمر هو تقلب معدتها
شعورها الأن أشبه بشخص لم يعتاد السفر أبداً وحين سافر حبسوه في سيارة ملبدة بالأدخنة فلن يسعفه سوى التقيؤ
لكن ما أسعفها هي الأن من فرط جنون رفعت الذي تستشعره جلياً من إرتعاش كفيه على كتفيها هو دخول كارمن مساعدته المفاجئ عليهم
هي حتى لم تعير انتباه لذهولها!
لم تعير انتباه لما قالته أو حتى ستقوله
هي فقط اندفعت راكضة بعد أن أخذت حقيبتها تعدو في الشارع لدقائق كالتي أصابها المس وفور أن توقفت !
تقيأت ...
بعض الناس تجمعوا يسألونها بقلق ما بها إلا أنها لم تستطع أن ترد
حتى أنها أخذت تشهق عدة مرات كي تعُب الهواء داخل صدرها ...
واستقامت مواصلة طريقها كالتائهة.
بعد ساعة
كانت تدخل من باب البيت شاحبة...مُرتجفة...وجهها أصفر كليمونة ذابلة حتى أنها همست لوالدتها المندفعه نحوها بقلق أن دورتها الشهرية قد زارتها
واندفعت كطفلة خائفة من الوحوش لحضن أبيها الذي أجفل من فعلتها وهي تهمس مرتجفة :-
"ضُمني يا أبي "
ولم يكد يفعل حتى انفجرت باكية وهي تتمسك بأطراف عباءته البيتيه
تدفن وجهها في صدره تسكب دموعها وبداخلها كانت تبدي الندم
تتوق لتقبيل القدم وليته يشفع..
رباه لقد كادت تفقد نفسها
رفعت لم يكن يتركها ...كان قادر بالقضاء عليها
أي شيطان هو
ماذا تفعل ؟
هي خائفة بل مرعوبة لقد كاد رفعت أن يغتصبها
بكاؤها يزداد حتى خلعت قلب والديها رعباً من كثرة القهر في صوت عويلها
أفكارها تتشوش...روحها مذبوحة من الوريد إلى الوريد
لقد كسرها
لقد نجح رفعت عمران في كسرها !
ليس لها قيامة مرة أخرى
رفعت عمران لن يتركها إلا بعد أن يدمرها
أمها تقف قلقة لا تفهم شئ لكن قلبها الأمومي يكاد يموت من فرط الفزع
والدها قد شدد من احتضانها يقرأ آيات الذكر الحكيم وقبضة من خوف مجهول ترتعش في صدره فهو لم يرى ابنته هكذا منذ أن كانت في السابعة عشر حين ماتت صديقتها المقربة
ظل يربت عليها يهدأ من ارتجافها حتى شعر بثقل رأسها على صدره فمددها على الأريكة برفق وزوجته تضع غطاء خفيف عليها ثم ترفع رأسها له وهي تضع كفها على صدرها هامسة بتساؤل قلق:-
"ابنتي ..ما بها يا عامر ؟"
صباحاً...
فتحت عينيها بصعوبة من كثرة النوم فهي بعد أن استيقظت ليلاً وطمئنت أهلها بكذبة عن تعرضها لرؤية حادثة ما أمام عينيها دخلت إلى غرفتها ترحب بين أركانها الدافئة بالنوم مرة أخرى !
أمسكت هاتفها الذي يبدو أنه كان يهتز باتصال ما ولتوه فصل متفاجئة بكم الاتصالات التي وردتها من أكمل منذ الأمس حتى أنه أرسل عدة رسائل أخرها كان من نصف ساعة تتراقص أحرفها بجنون صاحبها
"أقسم إن لم تردي سأصعد لمنزلك ولن أبالي "
تأففت وهي تعود إغماض عينيها مرة أخرى رافعة الهاتف الذي عاود الاتصال مرة أخرى هامسة بصوتها المبحوح :-
"(ألو)"
وبمكانه في سيارته كان ينتظر ردها حتى أتاه صوتها أخيراً
أغمض عينيه بقوة متأوهاً دون صوت يزفر أنفاساً مرتعشة
(ويا ليت كل صباحي يختلط بتلك البحه )
وبدلا من أن ينطق بما تتوق له روحه المتألمة كان يرد بلهجة قاسية قبل أن يقفل الخط دون الاستماع لرأيها:-
"ساعتين وألقاكِ في مكتبك القديم "

وفي طريقه إليها كان وجهه مغلقاً كصفحة سوداء خُط عليها للتو صك القتل !
الشرط الذي اشترطه عليه البدوي ليجعله يمضي في زواجه منها كان بمثابة عقد احتكار مع الموت بالنسبة له
ماذا يفعل ؟!
هل يوافق كي يكون جوارها يحمي أنفاسها برموش عينيه ؟!
لكن لو علمت ما سيفعل بالمقابل هل تغفر يوما ً؟
وإن تركها بعد أن يخلصها من الجرذ رفعت هل سيتركها حقا رفعت بحالها ؟!
هل سيأمن عليها خارج أحضانه ؟!
دعك بين عينيه وهو يصف سيارته في مرأب المبنى الكبير ثم صعد السلم مسرعاً متنازلاً عن ركوب المصعد
دخل المكان الفارغ بلا مبالاة ثم طرق باب غرفتها وقبل أن يدخل كان يأخذ نفساً عميقاً ثم دخل ...
رَفعت عينيها المنتفختين له فور دخوله الواثق وهو يغلق الباب بطرف قدمه ...
ظل يتأملها لثوانٍ ثم اقترب واضعاً كفيه في جيبي سرواله قائلاً بخفوت :-
"كيف حالك ؟"
ابتسمت ببهوت ساخر وأطرقت برأسها أرضاً في عجز
لم يروقه ضعفها هذا
لم يروقه إنطفاء بؤبؤ النارية في عينيها
لم يروقه بهوتها ولم تكن يوماً سوى وجهاً للإشراق
اتكأ على ركبتيه جالساً أمامها هامساً بحنان مس وترٍ..وتر بقلبها :-
"لا تكونِ هكذا
إياكِ أن تنطفأي أو تخافي منه أبداً وأنا هُنا "
قسوة غلفت عينيه خالفت نبرة الحنان في صوته وهو يجز على أسنانه مواصلاً بتشديد :-
"سيكون يوم موته إن مس شعرة منكِ"
رفعت عينين دامعتين له وظل إتصال الأعين لثوانٍ حتى كانت هي أول من اقتطعه وهي تهب واقفة تعطيه ظهرها ..تحاوط نفسها بذراعيها وكأنها تقيها من بردٍ لم يخرج سوى من روحها التي تشعر بها عارية !
عارية وسط صحراء قاحلة في جو صقيعي بليلة كاحلة الظلام !
تشعر نفسها مدنسة منتهكة وإن لم يحدث حتى أن تفكيرها تطرف وهي تقول بلهجة ميتة :-
"سأطلب منه أن يتزوجني رسمياً"
استند على حافة المكتب ورائة وهو يقبض عليه بكفيه بقسوة
ما نطقت به كان كرصاصة مكتومة صوبت نحو صدره
هل تفضل زواجها من رفعت عمران على زوجها منه هو ؟!
لهذه الدرجة تراه شيطان ؟!
لكن ما جعل الرؤية تُصبِح أمامه بلون الدماء هو فكرة أن يكون الأخر حصل عليها !
فهمس بتساؤل خطر:-
"لما؟"
قطبت مضيقة عينيها وهي تلتفت إليه تضم جسدها بذراعيها تنظر له بحيرة في تساؤل
هل حقا إرتجف صوته أم يهئ لها !!
جبينه معقود مائة عقدة تحكي أطنان من الألم ،وجهه شاحب لا حياة فيه ،شفتيه مشدودتان كالوتر
عضلة أنفه بالتوازي مع عضلة فكه مختلجتان دون قُدرة منه للسيطرة عليهم
وعينه اليسرى ترمش بصلابة رجل مكبل اليدين
رجل محير بين قلبه وروحه فأين السبيل ؟!
أطبق أسنانه يتنفس بصعوبة وهو يرفع رأسه للأعلى مغمضاً عينيه بقوة على تلك الدمعة الخائنة التي تريد النزول وكسر كرامته ... فكرة أن الأخر حصل عليها تكاد تفتك به
زفر أنفاسه بقوة وهو يفتح عينيه أخيراً ينظر لها هامساً بحرقه بنبرة مشتدة لكنها متوسلة ،مريرة لكنها محذرة ، مقيدة الحروف لكنها طليقة المعنى!!
«لا تفعليها ، لا تكونِ له سأتحمل ذلك وأتفهمه لكن لا تكوني له ، إياكِ أن تفعليها تحت أي ظرف أياكِ»
«أنت لا دخل لك »
قالتها باقتضاب وكأنها تبصقها بكل ما يظهر منها من القسوة وكل ما يبطن بداخلها من الخوف والاضطراب الداخلي المذعور من هول التخبط الذي تشعر به "
تراجعت خطوة للوراء وهي تراه يدور حول نفسه بغضب أهوج فاتحاً ذراعيه وقد أحمر وجهه حتى نفرت عروقه صارخاً بعذاب
"يا غبية لما لا تفهمين أني أموت إذا جُرِح إصبعك حتى ؟! حين عرضت عليك الزواج كان من أجلك ليس من أجلي ..رفعت سيخاف أن يقترب منكِ وأنتِ تخصينني"
ابتلع ريقه بصعوبه وإشتداد وجهه يزاد وهو يبتسم بقسوة قائلاً بصوت مشبع بالمرارة :_
"لو كنت أعلم أنكِ ستكونين آمنه معه بنسبة واحد بالمائة لم أكن لأقترب حتى فأنا قضيتي خاسرة على كل حال "
هزة عنيفة امتلكت قلبها وعينيها مسمرتان عليه بلا حراك
هل يريد أن يصيبها بالجنون ؟
لما يتحدث وكأنها ستموت على رفعت وليس متورطة معه بورقة زواج عرفي وعقد عمل بشرط جزائي لا تقدر حتى على نطق رقمه...
ثم لما نبرة الألم في صوته تؤثر بها هكذا وكأنها هي من تسببت بما هو فيه
لما نظرة عينيه تجعل قلبها يرتجف بتخبط لا قبل لها على فهمه ..
ثم لما تشعر وكأن؟
وكأن نفسها تلومها على ما تسببت به له
اللعنة عليه وعليها في ساعة واحدة ألن ترتاح أبداً؟
رباه
ألا مخرج من هذا التخبط الذي تحيا به؟!
الضغط والانفعال الذي تتعرض له جعلها تصرخ به باكية :-
"اللعنة عليك لما لا تفهم أن لا خيار لي أنا لا أستطيع أن أتخلص من الورقتين
وهذا الكلب لا ينوي أن يتركني بحالي "
تحرك من وقفته حتى وقف أمامها وقال بلهجة عادية غير
عابئاً بالذهول الذي أصابها :-
"الليلة أو ربما صباح الغد بالكثير سيرمي عليكِ رفعت اليمين
وبالنسبة للورقتين سيكونان معي وسأتركهم لكِ هنا "

===================

"أقسمت عليك يا أبي لا تضربه "
قالتها هنا بتوسل وهي تتمسك بذراع والدها المنفعل غضباً بعد أن اكتشفوا أن ياسين هو من قام بتجريح سيارة والده وهو يعيد الكرة مرة أخرى والغبي يتبجح ببرود أمامهم وكأنه لم يفعل شئ!
لقد دفعته من أمام أبيها بصعوبة
زمجر والدها صارخاً بغضب :-
"هذا الكلب يظن أني لن أعرف أربيه "
يلتفت لأمها الباكية بقلة حيلة مواصلاً الصراخ :-
"هذا كله بسببك يا هانم ..كله بسبب قلة تربيتك وتدليلك له أصبح لدينا بلطجي في طور المراهقة "
تربت هَنا على كتفه في محاولة لتهدئته مرة أخرى وهي تقول :-
"حقك علي أنا يا أبي أدخل الأن لتلحق الذهاب إلى عملك وأنا أعدك أن ياسين لن يكررها مرة أخرى "
والغبي يتبجح صارخا من داخل غرفته :-
ّ ومن أنتِ لتمنعيني هل تعينين نفسك كبيرة علي "
حركة والدها الغاضبة وهو يدور عينيه اللتان تطقان منهم الشرر في المكان ويبدو أنه يبحث عن شئ يضربه به جعلتها تقف أمامه مرة أخرى متوسلة ببكاء :-
"أتوسل إليك يا أبي اذهب الأن لتلحق بعملك ودع الأمر لي "
ناظرها والدها بترددد ثم استدار ذاهباً لغرفته وهو يرمي والدتها الباكية بنظرة غاضبة زادتها بكاءاً
اقتربت منها هَنا تربت على كتفها وشخص واحد يلمع في عقلها عله يساعدها في الأمر!
أخرجت هاتفها من جيب سروالها وهي تبعث رسالة قصيرة ولم تكن سوى لخالد بن خالها محمد
"خالد أحتاجك اليوم ضروري في بيت عمتك "
بعد عدة ساعات ...
كان خالد يجلس مطرقاً برأسه غير مصدقاً لما سمعه عن ياسين الصغير
حين استنجدت به هَنا ظن أنه أمر يخص عملها أو دراستها لكن ما قصته عليه أبداً لم يتوقعه
أين هم عنه ؟
حك جبينه ثم سألها باهتمام:_
"أين هو الأن ؟"
أطرقت هَنا مشبكة كفيها وقالت :_
"إنه بالمرآب يفك دراجته النارية منذ ساعات "
مط خالد شفتيه رافعاً حاجبيه بعدم رضا بينه وبين نفسه
"دراجة نارية لياسين المراهق !!"
أومأ برأسه وهو يقول :-
"هل لي أن أدخل غرفته يا هَنا ؟"
أومأت هَنا واقفة وهي تشير له جهة الغرفة و تقول :-
"نعم يا خالد بالتأكيد تفضل "
دخل خالد ورائها للغرفة المظلمة والتي أقرب لغرفة شاب كبير وليس مراهق بكل ما بها من أجهزة إلكترونية ...علب سجائر..ملابس ملقاه بإهمال
فتح خالد الشرفة ليدخل الهواء عله يبدد رائحة السجائر العالقة في الغرفة قليلاً
لاحظ خالد الهاتف المُلقى بإهمال على الفراش فالتفت لهنا قائلاً:-
"أغلقي الباب الخارجي بالمزلاج يا هَنا "
أومأت هَنا وهي تخرج لتفعل ما أراد فبدأ بالتفتيش في الغرفة
التقط خالد أحد العلب يقرأ ما بها وهو يمط شفتيه رافعاً أحد حاجبيه ساخراً :-
"إنها من أجود أنواع السجائر كم يأخذ هذا الولد مصروف !"

اتكأ على ركبتيه ينظر أسفل الفراش وجحظت عينيه ذهولاً
لم يعبأ بشهقة هَنا ولا حتى بكاء عمته التي لحقت بهم بل مد كفيه يسحب ما أسفل الفراش وقد بدأ يقلق بالفعل ..!
سكين كبير ..
أداة خشبية ..
عدة مطاوي صغيرة
استقام خالد واقفاً وهو يلتفت إلى هَنا قائلاً بسخرية :-
"ماذا يا هَنا ألم تنظفي الغرفة من قبل وتلحظِ هذه الأشياء؟!"
تحدثت هنا ومازال الذهول لم يفارقها وهي تنظر لما أسفل الفراش:-
"يبدو أنه كان يأخذ احتياطاته ويضعهم في خزانة ملابسه عند التنظيف"
أومأ خالد برأسه وسألهم :-
"هل تعرفون أصدقائه ؟!"
هزت هَنا رأسها نفياً بينما ظهرت علامات الذنب على وجه والدتها التي يبدو أنها هي الأخرى لا تعلم شئ ..
جلس خالد على الفراش وراءه وهو يتناول حاسوب ياسين المحمول يفتحه
قلب به عدة دقائق ثم أخذ الهاتف وسألهم :-
"هل تعلمون الرقم السري لهاتفه ؟"
هزت والدتها رأسها نفياً بينما قالت هنا بأمل :-
"جرب تاريخ مولد أمي أو تاريخ ميلاده هو أو ادمج الاثنين معاً"
حاول خالد حتى نجحت المحاولة الأخيرة وأخذ يقلب به مذهولاً
كم المحادثات القذرة بينه وبين مجموعة من الأصدقاء والتي تكبر أعمارهم بسنوات وسنوات
بضع محادثات مع فتيات
وأخيراً اللعبة المهووس بها هذا الجيل ...!
"لعبة البابجي !"
وعدة ألعاب إلكترونية من هذا القبيل !
مط خالد شفتيه بأسف وهو يعاود إغلاق الهاتف مرة أخرى وأخذ يقلبه في يديه ثم قال لعمته بتأنيب:-
"أيفون أحدث الإخراجات في هذا العمر يا عمتى ؟!"
فتح درج الجارور جواره وهو يخرج منه أربعمائة جنيه ملقاه بإهمال وكأنها عملات صغيرة وهمس ساخراً في نفسه :-
"ويلومونه !"
حين أخذ بكاء عمته يشتد اقترب منها يحتضنها وهو يربت عليها بحنان لتهدئتها ثم نظر لهَنا مُطمئناً وقال :-
"سنحدث شهاب الآن ونرى ماذا سنفعل !"
ولم يكد يخرج من عند عمته مستقلاً سيارته حتى ورده إتصال من تلك الصغيرة التي أصبحت صديقة أيامه "
"نور!"
===============

خبط رفعت على سطح مكتبه بكفيه بعنف يزيح كل ما أمامه مُزمجراً بغضب
هل سيظل البدوي هكذا دوماً كالشوكة في ظهره ؟!
هل سيظل دوماً يسبقه بالخطوات ؟!
هل يريد أن يريق له دم ابنه أمام عينيه عله ينهد ؟!
الحقير لقد أتصل عليه ملقياً أمره من عدة جمل ثم أغلق الهاتف دون أن يستمع لرده وكأن أوامره من المسلمات! ..

"أمامك فرصة لصباح الغد يا رفعت لتلقي يمين الطلاق على تلك المحامية بالهاتف
أحد رجالي سيكون عندك بعد ساعتين لأخذ الورقتين..

غداً ليلاً يا رفعت إن لم تكن نفذت أوامري ستفوح رائحة تجارتك في الدعارة وجنس الأطفال بجميع الصحف ومركز الشرطة وأنت تعلم أني لا أكرر حديثي مرتين !!"
ضم قبضتيه بقسوة وهو يتحرك في الغرفة بانفعال ولا يلمع أمام عينيه الأن سوى القتل !
حسابك ثقل ..حسابك ثقل يا بدوي أنت وابنك وضربتي ستكون بالدماء فقط اصبر أنت علي
البدوي يتجرأ على حرمة نطاقه الخاص مستغلاً سلطته ونفوذه وهو لن يرحمهم أبداً
الصغير يلجأ لأبيه حتى يستعيد له حلوته المفضلة حسناً فليهنأ بها
يظنون أنهم يتلاعبون معه؟
يتلاعبون به ؟
خاسرون !
الدخول في معركة مع رفعت عمران لا خروج منه سوى لطريقين
إما الموت وإما تمنيه !!
رفع هاتفه وهو يطلب رقم غدي وانتظر حتى أتاه صوتها
أسدل ستار النعومة على وجهه وكأنها أمامه وحين أتاه صوتها نطق بنبرة شيطانية هادئه كمن يسوي فريسته على نار هادئة :-
"لا تظني أننا انتهينا هاهُنا "
صمت ثوانٍ يتلاعب بأعصابها وقد تعالت وتيرة أنفاسها :-
"أنتِ طالق "
أغلق الهاتف وهو يلقيه على طول ذراعه يعض باطن شفته حتى أدماها ...
ابنة البرعي أنثى كالشمس ..لهيبها حارق..مؤلم..إذا اقتربت منه تبتلعك بجحيمها لكن إذا أخضعتها تدور من حولك ..
برقت عينيه يغضب أعمى وهو يخرج علبة تبغه من جيب سترته ساحباً منها واحدة يمُج منها بشراهه ثم ضحك ساخراً وهو يغمغم :-
"نهايتك تكون على يدي يا بدوي أنت وأبيك لكن قبلاً لنرسل هدية للأستاذة "
ولم تكن الهدية سوى صورة من عقد زواجها العرفي تصل إلى يد والدها بعدها بساعتين ...
انتهى

في انتظار تعليقاتكم و ارائكم

__________________

اللهم صل ِ صلاةً كاملة وسلم سلاماً تاماً على نبي تنحل به العقد وتنفرج به الكرب وتقضى به الحوائج وتنال به الرغائب وحسن الخواتيم ويستسقى الغمام بنور وجهه الكريم وعلى آله...


إسراء يسري متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 05-07-21, 12:47 PM   #48

ماسال غيبي

? العضوٌ??? » 485399
?  التسِجيلٌ » Feb 2021
? مشَارَ?اتْي » 331
?  نُقآطِيْ » ماسال غيبي is on a distinguished road
افتراضي

رفعت ببساطة متال للرجل الخائن الذي يبيع العشرة الحسنة و كل ما فعلت زوجنه لاسترجاع شبابه انا الوم نجلاء لانها وضعته محور حياتها لان لا احد يتحق و الدليل رغبته من زواح امراءة من عمر ابناءه اتمني ان تنتفض كرامتها و تتركه اما حسن و عقده بالله عليك اي حب و انت تتزوج باخري انا متاكدة انه يتمم زواجه بها بعدها سسندم بالله عليك اجعل مللك تتطلق منه و لا تقبل الذل ماريان اشفقت عليها حقا اعتقد ان عمار يخيها دون ان يدرك ووض عا في قاءمة الاشياء مسام بها واد حقا كان يحب سناء اتمني ان تعويضا خيرا سؤال كم فصل يوجد هل يمكنك انزال يوميا اما حقا انتظر تطور احدات
remokoko likes this.

ماسال غيبي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 05-07-21, 02:19 PM   #49

Topaz.

مشرفة منتدى الروايات والقصص المنقولةومنتدى الـروايــات الـعـربـيـةوعضو مميزفي القسم الطبي وفراشة الروايات المنقولةومشاركة بمسابقة الرد الأول ومحررة بالجريدة الأدبية

 
الصورة الرمزية Topaz.

? العضوٌ??? » 379889
?  التسِجيلٌ » Jul 2016
? مشَارَ?اتْي » 7,035
?  مُ?إني » العِرَاقْ
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Iraq
?  نُقآطِيْ » Topaz. has a reputation beyond reputeTopaz. has a reputation beyond reputeTopaz. has a reputation beyond reputeTopaz. has a reputation beyond reputeTopaz. has a reputation beyond reputeTopaz. has a reputation beyond reputeTopaz. has a reputation beyond reputeTopaz. has a reputation beyond reputeTopaz. has a reputation beyond reputeTopaz. has a reputation beyond reputeTopaz. has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   water
¬» قناتك nicklodeon
?? ??? ~
اللهّم خِفَافًا لا لنا ولا علينا ، لا نُؤذِي ولا نُؤذَى ، لا نَجرَحُ ولا نُجرَح ، لا نَهينُ ولا نُهان ، اللهم عبورًا خفيفًا ؛ لا نشقى بأحدٍ ولا يشقى بنا أحد .
Icon26


مسائكم تراتيل فرح

رأفت كنت ما متقبلة
اعجابه بداليدا وصرت
ما متقبلته كله كشخص
كان بداخلي جزء صغير
متعاطف معه إذا صدق
كان حابها لداليدا لأن
هالشي مو بايده لكن
بعد تبجحه بحقه الّي
ما موجود اصلًا لأن ما
موجودة اسباب للتعدد
صرت مو طايقة حقارته

هو يمكن بس حاب
يجدد شبابه مع داليدا
لأنه مل من نجلاء ،
وبعيدًا عن وقاحته لما
تكلم مع عمار خطبته
لداليدا كلها مستفزة
لأنه ما فكر قبلها وولا
وضع احتمال إنها ممكن
ترفض وتقريبًا استغل
وضعها وحاجتها ،لنفرض
تقدم لنور واحد نفس
وضعه وظروفه هل راح
يوافق ؟ اكيد لا

انتقال جارة داليدا ومجيء
شاب يعيش مكانها اتوقع
راح يغير اشياء بالرواية
وبلكي يخلصنا من رأفت
ووجوده بحياة داليدا

غدي ورطت حالها واكمل
ورطته معها ، ابوه ابد
مو راحة وما راح يخليهم
يتهنون ويرتاحون

ياسين رفعلي ضغطي
مو معقولة قلة ادبه وما
احس اكو مبرر لها ابدًا

ماريان مع احترامي بس
غبية غبية غبية ، عرفت
إنها تحبه وعرفت إنه
يحب غيرها باقية قربه
ليش!! المفروض تحاول
تتجاوز هالحب مو تزيده


duaa.jabar likes this.

Topaz. غير متواجد حالياً  
التوقيع

‏نسأله ألَّا تتُوه الأفئدةُ بعد هُداها ، وألا نضلَّ الطريقَ بعدَ عَناء المشَقَّةِ .


رد مع اقتباس
قديم 05-07-21, 03:01 PM   #50

شروق منصور

نجم روايتي و شاعرة متألقة في المنتدى الأدبي

alkap ~
 
الصورة الرمزية شروق منصور

? العضوٌ??? » 242556
?  التسِجيلٌ » May 2012
? مشَارَ?اتْي » 2,115
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » شروق منصور has a reputation beyond reputeشروق منصور has a reputation beyond reputeشروق منصور has a reputation beyond reputeشروق منصور has a reputation beyond reputeشروق منصور has a reputation beyond reputeشروق منصور has a reputation beyond reputeشروق منصور has a reputation beyond reputeشروق منصور has a reputation beyond reputeشروق منصور has a reputation beyond reputeشروق منصور has a reputation beyond reputeشروق منصور has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين
شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك. لك مني أجمل تحية. ألف مبروك. لقد سعدت بالرواية. سلمت أناملك. وبانتظار المزيد دائما.


شروق منصور غير متواجد حالياً  
التوقيع
رواية/ حنين السنين
رواية نبض فيض القلوب
https://www.rewity.com/forum/t487493.html
الكاتبة /شروق منصور
رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 01:36 PM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.