آخر 10 مشاركات
عاطفة من ذهب (123) للكاتبة: Helen Bianchin (الجزء الأول من سلسلة عواطف متقلبة) كاملة (الكاتـب : salmanlina - )           »          482-خفقات مجنونة -ميشيل ريد (كتابة /كاملة ) (الكاتـب : Just Faith - )           »          إشاعة حب (122) للكاتبة: Michelle Reid (كاملة) (الكاتـب : بحر الندى - )           »          الوصــــــيِّــــــة * مميزة ومكتملة * (الكاتـب : البارونة - )           »          غريق.. بين أحضانك (108) للكاتبة: Red Garnier *كاملة* (الكاتـب : Gege86 - )           »          سجل هنا حضورك اليومي (الكاتـب : فراس الاصيل - )           »          إلَى السماءِ تجلت نَظرَتِي وَرَنـت (الكاتـب : ميساء بيتي - )           »          العروس المنسية (16) للكاتبة: Michelle Reid *كاملة+روابط* (الكاتـب : * فوفو * - )           »          على أوتار الماضي عُزف لحن شتاتي (الكاتـب : نبض اسوود - )           »          وَ بِكَ أَتَهَجَأْ .. أَبْجَدِيَتيِ * مميزة * (الكاتـب : حلمْ يُعآنقْ السمَآء - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > الروايات الطويلة المكتملة ضمن سلاسل (وحي الاعضاء)

Like Tree1710Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 09-10-22, 05:05 PM   #811

إسراء يسري

? العضوٌ??? » 475395
?  التسِجيلٌ » Jul 2020
? مشَارَ?اتْي » 629
?  نُقآطِيْ » إسراء يسري is on a distinguished road
افتراضي


موعدنا اليوم مع الإشراقة التاسعة والأربعون

إسراء يسري غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 09-10-22, 05:28 PM   #812

اسمهان ب

? العضوٌ??? » 506338
?  التسِجيلٌ » Aug 2022
? مشَارَ?اتْي » 21
?  نُقآطِيْ » اسمهان ب is on a distinguished road
افتراضي

في انتظار بقية الأحداث فالرواية رائعة باتم معنى الكلمة
remokoko likes this.

اسمهان ب غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 09-10-22, 08:09 PM   #813

إسراء يسري

? العضوٌ??? » 475395
?  التسِجيلٌ » Jul 2020
? مشَارَ?اتْي » 629
?  نُقآطِيْ » إسراء يسري is on a distinguished road
افتراضي رواية وأشرقت الشمس بعينيها

الإشراقة التاسعة والأربعون
#جلسات الاربعاء
المعجزات انتهت نعم
لكن قدرة الله مستمرة لا تنتهي
خزائنه لا تنفد وإرادته تكون رغما عن نظريات البشر وتحليلاتهم
ثق به سيجعل الذي ظننته معجزة مقدراً بالدعاء بين كفيك
_____________

الماضي ربما يُدفن لكنه لا يموت
الجروح تندمل لكن آثارها لا تُمحى
لا تغرس حوافر أنانيتك بقلوب من تحب ثم تحزن لأن قطرات دماؤهم أعمتك

" ألا تريد الدخول للحمام يا علي ؟"
سألها أكمل لعلي الجالس بين أحضانه بينما هو يجلس مجاوراً لسراج في سيارته في طريقهم لعمته لزيارتها
هز علي رأسه نفياً ينقلب في جلسته بدلال حتى أصبح ظهره ملاصقاً لفخذي أكمل بينما رفع ساقيه يضع رقبة أكمل بينهم
ابتسم أكمل قائلاً بنبرة مبحوحه :-
"هكذا سأختنق منك فأنت بطل قوي بينما أنا ضعيف "
ضحك علي ضحكته المحببة يزيد من ضغط ساقيه على رقبة أكمل الذي مد كفيه مدغدغاً له حتى عاد علي لجلسته الأولى ثم مال يطبع قبلات كثيرة على صدر أكمل
ضمه أكمل له بقوة مشدداً عليه وهو يطبع عدة قبلات على رأسه وعنقه متلمساً لجسده بهوس جعل سراج يشفق عليه
أكمل نوبات الهلع لا تتركه ومازال لا يصدق أن علي مازال حي
أراد أنه يخرجه مما هو فيه قليلاً فمط شفتيه قائلاً بازدراء مصطنع:-
" حالتكم ميؤوس منها أنت وابنك
لا تفعل هكذا أمام أحد حتى لا يظنونك أحد متحرشي الأطفال "
حدجه أكمل بامتعاض ثم نظر لعلي قائلاً بنبرة حزينة تأخذ مسارها لقلب الصغير:-
" العم سراج يحزن أكمل يا علي ويغضبه "
عقد علي حاجبيه بشدة يناظر سراج بنظرة طفولية غاضبة ثم بلا مقدمات ولا توقع مد كفه الصغير وخرمش جانب عنق سراج الذي اتسعت عيناه مذهولاً والصغير يواصل بهذر لا يفهمه سواهم :-
" أكمل
علي موجود أحد أكمل يحزن "
" وعلي موجود لا أحد يحزن أكمل"
ما قاله وفعله جعل قلب أكمل يرتجف كعصفور رضيع يتخبط بين ضلوعه حتى أنه أخذ عدة أنفاس متسارعة
هذا الصغير رغم ملكوته ودنياه المختلفة عنهم إلا أنه في كل مرة يثبت له أنه رحمة السماء به
لو يعلم
لو يدرك فقط كم يحبه أكثر مما يفعل
تلك الجملة التي قالها دوماً ما كان هو من يقولها له
" لا أحد يحزن علي وأكمل موجود "
ضمه له بشده وقد ذرفت إحدى عيناه دمعه تكفى عن أطنان من البكاء بينما يضحك ضحكة مختنقه وهو يقول :-
" حبيب أبيك أنت "
قبله عدة قبلات جعل سراج يسبهم سوياً فضحك علي بينما قال أكمل بخبث :-
" لا يهمك منه يا ولد تعلم لو أردت أن تتبول على وجه العم سراج أيضاً فداك وسأجعله ينظفه راضياً "
ناظره سراج بغضب بينما يمط شفتيه قائلاً بغضب :-
" لعن الله شيطانك أنت وابنك "
بعد قليل
كانت السيارة تشق بهم الطريق فقال سراج :-
" هل تحفظت الدولة على كل أملاك البدوي ؟"
أومأ أكمل برأسه ثم قال :-
" حين ذهبت للتحقيق وإكمال الاجراءات القانونية لإخلاء سبيلي من كل ما يخص قضايا البدوي أخبروني هناك بذلك ؟"
" هل كانا متعاونين معك ؟" سأل سراج باهتمام فأجاب أكمل بنبرة مستغربة :-
" نعم وأكثر من اللازم ولا أظن عمر السبب
لكن كان هناك شئ غريب ؟"
" متى سيتم تبرأتك نهائياً ؟"
زفر أكمل يعدل من وضعية علي النائم ثم قال :-
" أظن مع الحكم عليه لا أعلم ولم أهتم "
"أكمل أنت محامي "
مط أكمل شفتيه ثم قال ببرود:-
" كنت "
لم يسمح لسراج بالمجادلة وهو يقول :-
" الليلة سأواصل ما أفعله من الذهاب لكل من تسببت في ظلمهم واستسمح منهم
كل حساباتي بالبنك قمت بإغلاقها بعدما سحبت النقود "
تنهد سراج متسائلاً :-
" وماذا ستفعل بها ؟"
صمت أكمل ثم قال :-
" من تسببت بضياع أرضه سأشتري له أرضاً
ومن تسببت بضياع حقه لن أبرح حتى أبلغ اعادته له
أما باقي النقود سأتركها للأيتام وخلافه "
صمت سراج ثم سأله :-
"بما أنك تنازلت عن ميراثك من أبيك البيولوجي منذ زمن
ماذا عن ميراث علي من أبيه كيف ستتصرف فيه "
هز أكمل كتفيه وهو يقول :-
"لم ألمسه مازال الحساب الوحيد بالبنك لا أعتبره باسمي
مال علي وحلاله"
" لكنك لم تصرف منه قرشاً واحدا منذ ولد علي "
تنهد أكمل ثم قال وهو يضم علي له :-
"لا أضمن أن أعيش له
هذا المال حقه إن لم أعد موجود "
زفر سراج ثم قال بتنبيه فهو يعلم أن أكمل أصبح يبحث في أمور الدين :-
"حسنا لكن علينا الوصول لفتوى عن وضع المال بالبنك وخلافه حتى تكن مطمأن "
أومأ أكمل فصف سراج السيارة أمام بيت البدوي ثم نزل ليأخذ علي من أكمل الذي قال باهتمام :-
" لقد تعرق جسده والهواء سيصيبه بالبرد انتظر حتى يهدأ جسده "
قالها ثم عاد نظره لارتفاع البيت الشاهق
البيت الذي كان باسم عمته فلم يتم الحجز عليه
البيت الذي عاش به عمره تقريباً
البيت الذي ذاق به من القسوة والجحود كما لم يذق أحد
البيت الذي أخيراً تحرر من السياج الذذي دوما ما كان يجذبه له
سياج البدوي
اختناق يطبق على صدره فلا يريد النزول
لا يريد الدخول لهذا المكان ولا المرور من أمامه أبداً
هذا المكان الذي عاش به مسيراً على الشر مخيراً على القبول به طوعاً أو الاجبار عليه قسراً
هذا البيت الذي شهد دموعه طفلاً ثم تجلده مراهقاً وقسوته شاباً

تنهد قاطعاً سيل أفكاره ينزل من السيارة بعدما أخذ سراج علي منه يحاول إبقاظه
تقدموا للداخلوكلما خطا خطوة شعر باالأرض تميل من حت قدميه
هو يشعر بالاختناق لكن الاختناق يتزايد وشعور كريه يسيطر عليه لا يفهمه
فور أن ضرب الجرس وفتحت له عمته تشده بين ذراعيها تحاول احتضانه لكنه كالعادة يتركها تفعل دون أن يحتضنها هو فتبتعد بخذلان لا تظهره بينما تلتفت ناحيو سراج تحييه وهي تشير لعلي الذي يفرك عينيه لتسلم عليه
دخلوا معاً حتى جلسوا بالردهه إلا أن الاختناق كان أقوى من أكمل وهو يفتح أزرار قميصه قائلاً لسراج بنبرة متعبة جعلت خديجة تناظره بقلق وتردد :-
افتح النوافذ يا سراج"
تحرك سراج ليفعل لكنه تسمر مكانه وهو يبصر أم أكمل تجلس على كرسيها وارؤه تكتكم فمها بكفيها باكية
رنا بنظره ناحية خديجة التي يتعاقب على وجهها الألوان توجساً وأكمل الذي يظهر عليه التعب وكأنه يشعر
رفع أكمل رأسه لسراج قائلاً بنبرة منهكه :-
" تحرك يا سراج"
نظرة سراج المتوترة جعلته يقف وهو يقول بوجل :-
"سأفع..."
علقت الكلمة بحنجرته وهو يبصر أمه أمامه فزدا اختناقه فأخذ يكح بشكل متواصل ووجهه يحتقن بدرجه مخيفه حتى أنها صرخت باسمه تقترب بكرسيها بلهفه
ناوله سراج كأس الماء متلهفاً وخديجة تربت على ظهره المنحني فتتمنى أمه بلوعة أم تكن هي الفاعل
لكنها لا تستطيع
أهناك أم تخشى لمس ابنها مثلها حقاً؟
تخشى بقدر ما تتمنى
تخشى عليه روعه كالتي هو فيها الأن
وتخشى على قلبها الأمومي خذلان نفوره
بلحظة كانت القسوة بقلب أكمل تتغلب عليه فيدفع كف سراج الممدود له بكأس الماء مرة أخرى حتى سقط متهشماً يناظرها بعينان شرستان وهو يقول بغلظة :-
"لما أنتِ هنا ؟
ما الذي أتى بكِ "
نظر لخديجة نظرة خذلان وهو يقول بنفس النبرة :-
" مالذي أتى بهذة المرأة هنا ؟"
دمعت عينا خديجة وهي تقول بارتجاف :-
"أمك يا قلب أمك "
وأمك الأولى لأمه والأخيرة لقلبها الذي طالما أحبه وللعجيب فهم ما قصدت وليته ما فعل
لقد ابتسم ساخراً بينما عينه اليسرى ترف بضعف وتلمع بها دموع مخزونة بينما يقول بنبرة مهتزة لكنها خشنة مرة كعلقم :-
" هي ليست بأمي وأنتِ لم تكوني يوماً"
هل لكمها أحد في قلبها للتو ؟
بل هل انتزع أحد قلب الأخرى من أحشائها
كلاهما تتشاركان نفس شعور الجزع فتبكيان بدرجه مثيرة للشفقة حتى أن سراج أخذ علي وانسحب خارجاً
ابتسم أكمل ببرود ومازال ينظر لخديجه وهو يقول :-
" ماذا يا عمتي لما أنتِ مصدومة هكذا وكأني فاجئتك ؟
أنتِ مثلها تماماً لا تحبين سوى نفسك "
هزت خديجة رأسها نفياً باكية وهي تهمس بتحشرج :-
" والله إنك لأحب من عيني يا قلب أمك "
مسح أكمل عينه الدامعه بطارف كفه حتى أنها احمرت من شدة قسوته إلا أنه لم يبالي وهو يقول بنبرته المتوحشة :-
" لو كنتِ لم تكوني لتأخذيني منها
لو كان لديكِ قلب يشعر لما وافقتي على انتزاع طفلاً من حضن أمه
أنتِ تنظرين لنفسك بعد التوبة يا عمتي وأنا أراكِ قبلها"
ران بنظره ناحية المكلومة التي تحتضر اللحظة من قسوة حديثه ثم عاد لخديجة وقال :-
"إن كانت هي بلا قلب وأنتم تنتزعوني منها مفضلة النقود علي فأنتِ لم تقلي عنها أنانية
أعلم أن بداخلك تقولين وإن كانت أمك فعلت
لكن أرد وأقول كنتِ حاولي إبعاده عني"
نطقت عمته من بين نشيجها :-
"ألم أفعل يا أكمل ؟"
هز رأسه نفياً قائلاً بسخرية سوداء:-
" لا يا عمتي
دوماً كنتِ خانعه له
لو أحببتني يوماً كنتِ دافعتي عني
كنتِ حاولتي بث الخير في قلبي وفكري
كان الخير لينتصر على شره
لو أحببتني حقاً كنت حميتني منه
لكنكِ تركتني له
أنتِ لم تحبني كابنك يوماً يا عمتي ولو فعلتي لكان قلب الأم بكِ خاف علي من شره والتي أكثر من يعلم به
تركتيه يحركني كاللعبة بين يديه كيف يشاء
لو أحببتني حقاً يا عمتي لكنتِ القيتي لي طعم اليمين لكنكِ تركتيه ليأخذني لليسار"
بكت خديجة بشده واضعه رأسها بين كفيها وهي تغمغم :-
" كنت أخاف منه كنت أخاف منه "
صراخ أكمل بغضب :-
" وأنا ؟
أنا الذي أخذني طفلا ليعجنني بماء شره ومكره ألم أكن أخاف ؟
كنتِ تخافين فتركتيني له كالعبد
ألم أكن أخاف أنا الأخر بينما لم يكن يفعل شئ سوى تهديدي وحقني بكل ماهو عطن
لقد حولني المسخ حولني المسخ "
" لا " صرختها أمه بجزع بينما أعطى لهم ظهره محاولا تحرير دموعه لكن لا شئ ينزل فقط الوهن يشتد بروحه فاستدار مرة أخرى لكن وجهته كانت أمه التي كانت أمامه اللحظة فلم يبتعد
رفعت كفيها محاولة تناول كفيه وحين لم يبتعد تناولتهم بلهفة تقبلهم بوله أمومي هامسة من بين دموعها:-
"ابني ابني"
بينما كان هو واقفاً جامداً كالجبال منهاراً كالزلزال
الأرض أسفله تميل والجدران تطبق على ذاته لكنه يتجلد ثم أخيراً قال بالنبرة التي تشبه وقع السياط :-
" هل انتهيتِ ؟"
توقفت عن تقبيلها لكفيه تناظره بتذلل إلا أنه قال بنفس النبرة :-
"أنا أسف حقاً لكن لا أجد في قلبي شفقةً عليكِ
قبلاتك كالنار بين كفاي وصوت تذللك يزيد في قلبي الوحشة
لا أشعرك أمي لا أشعرك أمي
لا تحملوني فوق طاقتي لا تحملوني فوق طاقتي "
أنهى كلامه بصراخ جعلها تسحب كفيها تناظره ببهوت والدموع تتحجر في عينيها
إلا أنها ورغم كل شئ مست القلب الذي دوماً ما كان حنون رغم غمامته
كانت كسيرة كسيرة اللحظة بدرجه لم يرتضيها فجثى على ركبتيه أمامها يحاول صد ضجيج قلبه لا يعرف كيف يضيغ لها شعوره
هل يخبرها أن الليلة التي أفلتت كفه الصغير فيها شاخ قلبه وكبر أعواماً فوق عمره الذي لم يتعجى السنوات؟
تنهد بوجع ثم واشتد فكه بقسوة ثم أخيراً همس بنبرة مبعثرة وعينين مائلتين من شدة حزنهما :-
"كنت اسأل نفسي كل ليلة عن الذنب الذي اقترفته طفلاً لتتركيني بصدر رحب
اسأل نفسي كل ليلة هل هنت عليكِ حقاً ؟
هل عوضك أصف "
تهز رأسها نفياً باكية مخذولة من نفسها وتلعنها ألف مرة يوم ظنت هذا وارتضت بالنقود
تلعن نفسها ألف مرة أنها لم تنهش لحومهم يوم أخذوه منها
تلعن نفسها ألف مرة أن لم تموت كمداً في ساعة فقده ولا تعش ساعة كهذة
إلا أن قلبه الفاقد لمعنى أمومتها لم يقرأ على وجهها كل هذا بل واصل بإنهاك :-
" كنت كل ليلة اتسائل هل نسيتني ؟
ألا تشتاق لرائحتي وحضني كما أفعل ؟
أكبر فتشتد قسوتي وتظهر قوتي متظاهراً بالنسيان بينما اسدل وجه ثباتي ولامبالاتي أمامهم
أتعلمين لما ؟"
ضحك ضحكة سوادء خشنه تبتلع دموعه المخنوقة ثم واصل :-
" حتى لا أسمه جملة تخلت عنك بكامل إرادتها اتذكرها حقاً ؟
سمعتها منه يوم كنت صغير ولم أنساها
بداخلي دوماً كنت احترق من شدة الحوجة والفقد"
ابتلع ريقه الغير موجود بالأساس بينما يشعر بحلقه متخشب فواصل باحتراق وهو يضع يده على صدره:-
"لا تعرفين أبداً حجم الوجع الذي لازمني في صدري إلى لحظتنا هذة
سامحيني لأني لا أستطيع السماح"
تهدج صوته واحتقنت عيناه بالدموع بينما تواصل هي لا الجزعه :-
" أنتِ لا تحبيني لا توهمي نفسك بذلك
أنتِ تريدين عوضاً عن أصف وأنا لست هو
أعلم شعورك وقد ذقته بأمر ما يكون حتى أني أتمنى لو أعاد الله لكِ ابنك لكنه ليس أنا
الابن لا يعوض "
تحاول مد كفيها هامسة بحبه فصرخ بانهيار:-
" واالله لا أصدق
لا تطلبين مني تصديق حبك والله لن أفعل
ارحميني الأمر فوق طاقتي لن استطيع التعاطي مع حضنك لن أصدقه يوماً
كيف تطلبين مني تصديق حبك وأنتِ لم تزرعيه في قلبي
والله لا أصدق ولن أفعل ارحميني"
انتفض متجهاً ناحية الخارج يصحبه صوت عويلهم ونحيب خسارتهم إلا أنه قبل أن يخرج عاد وقال :-
" الابن لا يعوض رحم الله ابنك أصف وتولى تؤمه اليتيم برحمته "
ولو كان أحرق قلبها ولحمها كله بقنينه من زيتٍ مغلي لكان أهون عليها مما نطق
..........................

الخسارة لا تُدرك مرة واحدة بل تُدرك تباعاً

" هل كنتِ تعرفين ؟
هل كنتِ تعرفين عنه كل هذا وتزوجتيه ؟" قالها عامر لغدي بغضب فهزت رأسها نفياً قائلة بثبات وهي تنظر لجدها :-
" لم أكن أعلم يا بابا أقسم لك "
خبط عامر كفيه ببعضهم يجلس على الأريكة جوار والده بمضيفة بيت البلدة وهو يقول :-
" لم أصدق نفسي حين قرأت الأخبار بالجريدة
الأخبار التي تتناولها الصحف من وقتها ولم أعرف سوى الأن صدفة حين أتينا للبلد فمررت ببائع الجرائد من باب الفضول "
نظرت غدي لجدها بخوف فأومأ بعينيه لها أن تصمد ولا تخاف ثم نظر لابنه قائلاً باهتمام :-
" وحد الله يا عامر كل أمر وله حل "
نظر عامر لوالده قائلاً بغضب :-
"أي حل يا أبي إنه مجرم ابن مجرم "
"ليس ابنه يا بابا " دافعت دون وعي بينما خرجت نبرتها حزينه فانتفض عامر قائلاً من بين أسنانه :-
" وتدافعين عنه أيضاً "
عضت غدي شفتها ماسحه وجهها ثم قالت بتعب :-
"لا أدافع والله لا أدافع لكني أقول الحق
أنا لا أبرأه لكن أيضاً هو ليس له ذنب أن يكون الرجل الذي ربا هكذا "
" كما أنه خرج من كل القضايا برئ صحيح يا ابنتي ؟"
قالها الجد ببراءة جعلت ابنه يناظره بذهول بينما غدي ترد :-
" أظن هذا لا أعرف كل التفاصيل "
"أبي هل تدافع عنه ؟"
خبط أبيه بعصاه أرضاً وهو يقول :-
"أنا لا أدافع عن أحد أنا أتحدث معكم بالأخير هو زوج حفيدتي"
" سيكون طليقها لن تظل على ذمته سأطلقها منه " قالها عامر بحميه أبويه وهو يجلس جوارها مقبلاً رأسها رغم غضبه فمالت دافنه رأسها في حضنه باكيه
لا أحد يقدر أبداً مقدار ما تعانيه
لا أحد يعرف كيف أنها مازالت لم تتعافى من فقدها لجنينها
لا أحد يعرف أنها مازالت لم تتعافى من كل ما مرت به معه
هذا الذي يعرف جدها المساند لها جزءاً منه
هذا الذي لو قصته كله على أحد لظن أنها تحيك عليه قصة لأحد المسلسلات الهندية
لا أحد يعلم القهر الأنثوي بداخلها بعدما تخلى عنها ونبذها
يا إلهي
إنه حتى لم يخرج لها
لم يتسرع لرؤية وجهها
أهذا هو نفسه أكمل البدوي الذي سقى أنوثتها من الدلال أطناناً ؟
أهذا هو نفسه الذي لم يكن ينام ليلة دون قران أنفاسها ؟
أأأأأه مريعه تشق صدرها ولا تقدر على البوح بها
تسمع أبيها يهدهدها الأن متوعداً بطلاقها ظاناً أنها تبكي لهذا
ما بينها وبينه لا يبكى ولا تخط له سطور الوجع
ما بينهما كان أكبر من هذا
لقد استولى على روحها ومشاعرها بالوقت الذي كانت به تتغنى بجمود مشاعرها ولامبالاة قلبها تجاه الحب وما يقرب منه
ثم ماذا ؟
ثم لا يسأل عنها ؟
لا يسأل عن جنينه المفقود ؟
يغرق في رثاؤه وحده ؟
وأين هي من رثاؤه هذا اللعنه عليه وعلى حبه
لا وبالأخير حين كانت عنده حين يأست واستدارت تذكر ليناجي اسمها بتلك النبرة المكلومه التي لعنت قلبها لتعاطفه معها
لا واهم
واهم أكمل البدوي أن ظن حبه سيضعفها
أفلح إن ظنها ستغفر له شئ كهذا
أبعد كل ما مرت به معه ووقفت جواره يكن نصيبها هي اللفظ ؟
انتفضت بحميه أنوثة رغم الهون الذي يدب كل إنش بها وهي تتحرك قائلة بعزيمة ونبرة مقتضبة بينما تشيعه نظرات جدها المشفقة والمفكرة:-
"أريد الطلاق يا بابا "
.........................

من الواجب ألا نبخل على أنفسنا بحقها في نيل السعادة
من الواجب أن ننسى ذنوبنا طالما صدقت توبتنا

من الصباح وهي متوترة وبها شئ غريب حتى حين صحبها معه صباحاً للجامعه من أجل محاضرات الدراسات العليا التي تحضرها ظلت صامته في الطريق ولم تتحدث
وهاهي منذ أن عاد تجلس على الفراش تقلب في الهاتف بملل لكنها شاردة في عالم أخر
اقترب معاذ وجاورها على الفراش مقبلاً وجنتها وهو يقول باهتمام :-
" حبيبتي ما الذي يشغلك ؟"
ناظرته داليدا بعينين متوسلتين فهمس بحنو :-
"أخبريني "
أطرقت برأسها مترددة :-
"أتسمعني بأذن الصديق أم بأذن الزوج "
ابتسم معاذ ثم قال بعبث:-
" لا أذن الزوج لها كلمات خاصه لتسمعها لكن معكِ أذن الصديق هيا تحدثي "
شبكت داليدا أاصابعها وهي تقول بنبرة حزينة :-
" لقد وصلني خبر "
" و؟"
أخذت نفساً مثقلاً ثم قالت :-
"لقد وصلني خبر وفاة ابنة زوجي السابق "
لمعت عينا معاذ بإدراك وهو يقول :-
" رحمها الله لكن أشعر أن روحك عالقه بشئ "
أومأت داليدا وبلا مقدمات بكت وهي تقول بألم :-
"ألست سبباً يا معاذ ؟
ألم أكون سبباً يوماً في زعزعة هذة الأسرة ؟
فماتت البنت "
أغمض معاذ عينيه متنهداً بصبر ثم عاد وفتحهم وفتح معهم ذراعيه هامساً :-
" تعالي "
لجأت لأحضانه فظل يهدهدها متحدثاً بتروي :-
" أولاً موت البنت قدر الله بوجودك أو غيره
ثانياً زواجك منه يا داليدا كان رغماً عنكِ
أي أحد يقول غير هذا هو شخص لا يستطيع تقييم الأمور ولا يفهم بالحياة
ثالثاً والأهم "
صمت قليلاً ثم واصل :-
"لا أريد قول هذا غيبةً لأحد
لكن لنكن متفقين يا داليدا بعدما قصصتِ علي قصة زواجكم
هذا الرجل هو من استغل حاجتك وليس أنتِ "
" لكن "
حاولت الاعتراض فوضع أصابعه على شفتيها قائلاً بحزم :-
" لا يوجد لكن يا داليدا
التبرير لن يفيد
لا تبرري للأخرين فتوصمين نفسك عبثاً
ومسألة عدم تقبلك له التي صارحتيني بها قبلاً أنتِ لم تظهريها له إذاً لست أثمه "
رفعت عينيها لها وهمست برقه :-
" أليس لي ذنب في موتها ؟"
هز معاذ رأسه نفياً بتأكيد وهو يقول :-
" بل هو قدرها رحمها الله
هوني عليكِ حبيبتي "
ابتسمت وعينيها تلمعان بينما تهمس :-
" لا حرمني الله منك "
قبل رأسها يرد لها الدعوة ثم لمس وجنتها بأصابعه شارداً :-
"هل تعرفين بما أكنيكِ منذ أن رأيتك ؟"
ضيقت عينيها بتساؤل فلثم شفتيها بخفه وهو يقول :-
" الجمال الحزين
تماماً كلوحه رسمها فنان مبدع لا تشوبها شائبة لكن مكنونات نفسه المتعبة تغلبت عليه فطغت على اللوحة ونثرت عليها الشجن "
" لم اسمع تشبيهاً كهذا من قبل "
مال مرتشفاً أنفاسها بنعومة ثم همس بمحبة صافيه :-
" لكني سأعمل على محو كل ذرة شجن وحزن حتى تصفوا فقط لجمالها "
........................

بالوقت الذي تكن ترثي ذاتك لأجل مصيبتك يكن القدر يجهزها لتكون عطية لآخر
سبحان الذي خلق كل شيء بقدر !

" هل رأيته ؟
هل رأيته يا شهاب ؟
أرأيت كم كان صغيراً جداً بحجم كف يدي " قالتها رنا بحزن فأومأ شهاب برأسه قائلاً بتعجب :-
" سمعتِ كلام الطبيب ؟
إنه يعافر للحياة رغم تضرره الشديد"
دمعت عينا رنا وهي تسأله بقلق:-
"إن عاش يا شهاب هل سترفض أن نربيه ؟"
صمت شهاب بحيرة ثم قال :-
" لن أرفض صحيح لكن ماذا عن والدتك إن طلبت أخذه ؟"
ابتسمت رنا ساخرة وهي تقول :-
" صحيح لم أخبرك
أمي ستسافر هي وعمار ووالده للبلدة التي كانوا بها مرة أخرى "
اتسعت عينا شهاب بدهشة وهو يقول :-
" ماذا ؟"
أومأت برأسها وهي تقول :-
" نعم لقد زارني عمار اليوم
حالته سيئة جداً أنا إلى هذة اللحظة لا أصدق أنه طلق زوجته وخسر بيته وطفله وحياته ومن ثم أخته
إنه مبعثر بشدة "
مط شهاب شفتيه وهو يقول :-
" زيجتهم لم تكن مريحه لعله خير لكن" قبل أن يواصل حديثه قاطعهم صوت الجرس فنظر لها شهاب متسائلاً :-
" ألم تخبريني أن ريم أخذت الأطفال ليناموا بغرفة أمي بالأسفل كما طلبت حين وصلنا للبلدة اليوم ؟"
هزت رنا أسها نفياً وهي تقول :-
" ربما عبدالرحمن أو أحد أبناؤه
أطفالك لو كانوا أمام الباب كان صوتهم ليصلنا "
مط شفتيه ثم تحرك ليفتح الباب إلا أنه ذهل وهو يبصر أنس وزوجته أمام باب شقته بالبلدة الأن في العاشرة ليلاً
قطب شهاب قلقاً وهو يدعوهم للدخول بعدما نبه رنا بنبرته العالية
فدخلت روضة الغارقة في حزنها وأنس المتحرج بغضب
دقائق وكانوا يجلسون جميعاً بغرفة الضيافة فنظرت رنا لروضة متسائلة بقلق :-
" هل أنتِ بخير حبيبتي ؟"
بينما نظر شهاب لابن أخيه قائلاً بقلق :-
" متى أتيتم وماذا بك ؟"
نظر أنس لزوجته ثم تنهد بقلة حيلة وقال بنبرة متحرجه :-
"أنا أسف حقاً لزيارتنا المفاجئة بهذا الوقت
لكنها متعبة منذ أيام واليوم زاد عليها الأمر فأتيت لها كي تصارحها أم حياة علها تهدأ وتنسى "
نظر كل من شهاب ورنا لبعضهم البعض بحيرة ثم نطقت رنا قائلة :-
"أنا ؟"
استغفر أنس ثم قال :-
"أخبريها يا رنا أخبريها أنكِ لن تعطيها ابن أختك رحمها الله
أخبريها أنه ليس يشئ يعطى
أخبرها يا شهاب علها تهدأ وترضى بنصيبنا "
تبعثر التوتر في الأجواء وكل من شهاب ورنا لا يفهمان شئ بينما قالت نارة ببهوت :-
" كيف ؟
أنا لا أفهم شئ "
شبك أنس أصابعه يناظر روضه بحزن من أجلها
تلك الانتكاسه التي ظن أنها تعافت منها ثم ما لبث أن تفاجئ بتوغلها داخلها
شرع في قص عليهم الأمر وهوس روضه بتبني الطفل منذ أن علمت
حركت رنا عينيها لشهاب الذاهل تستنجد به فمسحت روضه الصامته عينيها وهي تقول بنبرة مبحوحه :-
" هل لكم أن تسمعونني ؟"
ابتلعت ريقها وواصلت :-
" لديكم ثلاثة أبناء حفظهم الله "
انتحبت بخوف أن يفهموها خطأ ثم واصلت :-
" والله إنهم لأحب لي من عيني
لكن أقول أيضرك إن أخذت ابن اختك اليتيم
كلانا فقيد
هو فقيد أهله وأنا فقيدة أمومتي "
حركت نظرها بينيهم بخجل ثم قالت بتوسل :-
" والله سأحبه
سأحبه أكثر من نفسي سأجعله في قلبي وعيناي
وأعوضه عن ما فقده "
مالت ملامح رنا بحزن وهي تقول بتأثر :-
"لو بيدي شئ ما بخلت عليكِ يا روضة لكن هو ابن أختي كيف أفرط فيه ؟
ماذا لو عاتبني عند كبره؟
بما أخبرها حين أقابلها في الأخرة أني فرطت بابنها ؟"
هب أنس واقفاً يعين روضه على الوقوف معه ثم قال باقتضاب :-
" فقط أردتها أن تسمع هذا
اعذرونا لنذهب إلى هنا وأنا كفيل بزوجتي "
صباحاً ...
كان كل من شهاب ورنا وريم وعبدالرحمن يتناولان الافطار بشقة الأخير والذي كان يقول :-
"أنا حقاً أشفق على أنس وبنفس الوقت أعذرها "
تناولت ريم قطعه من المخبوزات وارتشفت من الشاي بالحليب صامته تستمع لحوار رنا وشهاب معه والمعارضان للأمر رغم أسفهم على حال روضة فتنحنحت قائلة :-
" عندي فكرة وتظل مجرد فكرة لكم القبول بها أو رفضها "
التفت لها كل من شهاب ورنا باهتمام فتحدثت بنبرة موضوعية قائلة :-
" لنتفق أنكم لن تفرطا بالطفل أبداً ولا خلاف لأحد على هذا
بل سيكون كابنائكم تماما
لكن ونضع خط تحت لكن هو سيظل ك وليس ابنكم "
" هل تقولين أني سأفرق في معاملته يا ريم ؟" قالتها رنا بعتاب فهزت ريم رأسها نفياً بصدق وهي تقول :-
"والله هذا ليس قصدي حبيبتي
أنتِ لن تفعلي لكنه سيظل عائشاً على أمر أنه ليس ابنكم
أن البيت ليس بيته وأنه بن خالتهم وليس أخيهم "
صمتت متنحنحه ثم واصلت بحذر :-
" حبذا حين يكبر ويعرف الماضي أو شئ منه
مثلا تاريخ والده سيتكون عنده عقده حين يقارن أبنائكم بنفسه "
أطرق شهاب مقتنعاً بالحديث الذي فكر فيه قبلاً لكن رنا سألت بحزن :-
"إلى أين تريدي أن تصلي يا ريم ؟"
"أريد أن أقول لو تربى بين أنس وروضة لا شك عند أيا منا أنه سيكون أبنهم تماماً
وسيحسنون تربيته خلافاً عن الرفاهية كونه سيكون وحيداً
هذا غير أنه سينشأ بأسرة سوية يكون أبناً لها
حتى إن كبر وعرف
ما سيزرعه أنس وروضه به كأب وأم له وليس خالة وزوجها سيكون كفيلاً بالجبر "
نظر لعبدالرحمن باعجاب لزوجته غامزاً لها فحدجته بغيظ بينما تنظر بتركيز لرنا التي قالت :-
" لا أشعر أني استطيع التفريط به أزوره كالغريبة وربما لا أراه "
صمتت ريم ثم قالت بتركيز :-
" لدي فكرة وأعتقد لن يعارضاها أنس وروضة "
" ماهي ؟" سأل شهاب باهتمام فقالت ريم :-
"ماذا لو استأجر أنس وروضة شقة معكم بنفس المبنى أو بالمبنى المقابل ؟"
لمعت عينا رنا قائلة :-
" يعني ؟"
" يعني سيكون أسفلك أو جوارك سيتربي معك وأمام عينك ومنه ينشأ له أب وأم يخصوه
صدقيني يا رنا لو فكرتي فيها ستجدين هذا لمصلحته هو أكثر من روضه "
صدح صوت عبدالرحمن متسائلاً باهتمام :-
" ماذا عن كونه ذكر وحين يبلغ سيكون محرماً عليها ؟"
أومأ ريم وهي تقول ببساطة :-
"أظنه أمراً سهل
فالرضاعه الكيميائية الأن مباحه دينياً على ما أظن
تأخذ أدويه تدر لها لبناً وتقوم بإرضاعه فيكون ابناً لها ولزوجها
فقط فكرا بموضوعيه "
.............................

أحيانا لا نستطيع إظهار ضعفنا أمام أحد وحتى أمام أنفسنا !

" ماذا حدث له ؟"
قالتها غدي بلهفة فور أن فتح لها سراج بعد أن وصلها أنس الذي دخل معها متسائلاً باهتمام :-
"هل جلبتم له طبيب ؟"
أومأ سراج وهو يدعوهم للدخول قائلاً :-
"إنها حمى ترد عليه من فترة لأخرى ونعم لقد جلبت الطبيب "
صمتت غدي متحرجه من طلب الدخول له في وجودهم فتنحنحت قائله بنبرة حازمة :-
" حسنا أنا سأظل معه الليلة حتى يفيق بإمكانكما الذهاب"
" تظلي أين ؟" قالها أنس باستنكار فأسرع سراج بالرد كذباً في محاولة للتقريب بينهم قصديقه يحتاج لقوة امرأة كغدي في حياته فضلاً عن كونها حبيبته :-
" هو فعلا يحتاج وجودك فأنا لدي عمل الأن "
لم يمهلم الفرصة للحديث وهو يهب واقفاً بينما يقول :-
" علي ليس هنا لا تخافي إنه عندي "
فور أن خرج سراج التفت أنس لغدي قائلاً :-
" هل جننتتِ؟ لتوه أبيكِ كان يتحدث في طلاقك بينما أنتِ تقولين أنكِ ستظلين معه "
صمتت غدي مطرقه تحجب أفكارها خلف غيوم عينيها ثم أخيراً همست بصلابة معهودة بها :-
" اتركني يا أنس معه الليلة
إنه طريح الفراش ولن يأكلني لكنه يحتاجني
طرقنا ستفترق والطلاق أنا اطلبه قبل أبي حتى لكن الليلة لن اتركه "
قالتها شارده فيما قصه عليها سراج عن انهياره النفسي لأيام عقب مقابلته مع أمه ثم أخيراً سقوطه فريسة للحمى
نظر لها أنس ملياً ثم وقف قائلاً :-
" حسنا لكن سأنتظرك في السيارة "
رفعت غدي عينيها له هامسة بدهشة :-
"أي سيارة أنا سأبيت الليلة هنا ولتخبر أبي يا أنس بل سأفعل أنا الأن "
أمسك يدها التي رفعتها بالهاتف ورنت عيناه ناحية الغرف التي من الممكن أن يكون أكمل بإحداها
تذكر نفسه ليالٍ كان يناجي فيها روضة لتعود له
صحيح هو يخاف على أخته لكن موقف جده بصف أكمل يطمأنه لذا همس بتأكيد :-
" وأنا سأبيت بالسيارة فقط رنة واحدة منكِ لهاتفي سأكون عندك
أما عن أبي فسأخبره عن مبيتك معي "
ابتسمت غدي له بامتنان ثم احتضنته بقوة فقبل جبينها هامساً :-
" كوني قوية كما أنتِ دوماً "
بعد خروج أخيها خلعت حذائها وأرخت وشاحها بينما تحركت للداخل حيث يوجد
فور أن طلت من باب الغرفة تمسكت بحافته هامسة بجزع مذهول :-
"يا إلهي "
لم يكن هذا أكمل ؟
وجهه أسود من الحمى وجسده هزيلاً من الضعف لكن ما هزها
ما هزها حقاً تحريك إبهامه بشكل متتابع رغم ارتخاء ذراعه
تحركت حتى وقفت أمامه لتسمع همهماته فاتسعت عينيها واهتز كيانها لما تسمع
أكمل كان يناجي ربه
"يارب يارب
سامح ني يارب متعب
علي .. غدي ..جبيبتي ..ابني "
ارتج قلبها في صدرها بينما هذرة يتزايد:-
" الله أكبر
التحيات لله ... السلام عليك "
لم تعي أنها تبكي حتى سمعت صوت شهقتها
لم تصدق سراج عن توبة أكمل لكن ما رأته الأن سيظل محفوراً بقلبها
أكمل في غمرة الحمى كان يناجي ربه
"أه أه أه "
توجعه جعلها تخرج من ذهولها ماسحه عينيها بينما تجس جبهته فتلسعها حرارته
استلت هاتفها مسرعه تسأل سراج عن مواعيد الأدوية فأخبرها ثم وصاها بحمام بارد وكمادات مياه باردة كما قال الطبيب
خلعت عباءتها التي ارتدتها مسرعه فوق منامتها البيتيه ثم شرعت في عمل كمادات له بعد أن أحضرت اللازم
تضع القماشة على وجهه وأنحاء جسده فيرتجف هاذراً :-
" هي لا تحبني
لا تطلب مني السماح "
يفتح نصف عينيه فتشهق بلا صوت من بين غشاوة دموعها لكنه لم يكن يراها
كان يرى أمه وهو يقول بنبرة متعبة متألمة ومحمومه:-
" كنت أريد عناقك أريد الشعور بطعم حضنك الذي أنستني له قساوة الأيام
أريد أن أشعر بقبلتك على وجههي علها تشفيني"
يصمت طويلاً وتتوسله روحها الملتاعه ألا يتحدث مرة أخرى
أليس هذا الذي أقسمت قبل ساعات على عدم عودتها له ؟
أليس هذا الذي لعنته كارهه بينما تبكي بين أحضان غرفتها؟
أليس هذا الذي عهدت على نفسها ألا تسامحه وأن تسقيه من المرار أطياناً؟
لما قلبها يؤلمها من أجله هكذا؟
لما تشعر بالقسوة التي تجعلها تريد الذهاب لضرب أمه حتى تزهق روحها فقط لأخذ حقه
لما تريد الأن بعاطفة أمومية باحته نهش كل من سمم روحه وألمه؟
يعود للانتفاض مرة أخرى مواصلاً :-
" لن أسامحه
أنا لم اتذوق لفظ أبي بعمري أبداً ولم اشتاق له
حتى يوم موته لم أحزن عليه
لكني حزنت على أصف "
دمعه تفر من عينه فتمسحها بكفها بحنو لكن حركته وهو يميل بصدغه على كفه وكأنه يفتقد الحنان أمالت قلبها بوجع فلم تبخل عليها وهي تحتضن صدغه بكفها بينما يواصل بنبرة حزينه:-
" كرهت أصف لأن أمي أحبته هو
ولأن ....أحبته هو "
اتسعت عينا غدي بجنون الغيرة تسحب كفها منه تناظره بغضب وكأنه مستيقظ أمامها
حتى أنها بجنون ألقت قطعة القماش فارتطمت بصدره العاري وكادت تقوم لولا أن واصل هذره :-

" لكني كنت بداخلي أحبه وأشعر بألمه لفراقي لم يكن له ذنب أن أحبته ولم تحبني أعلم لكني لم استطع إلا أن أراه سارق أمي"
" وغد" همستها بغضب وهي ترى قلبها يعود ويميل له حزنا لأجله لكن هذا لم يكن شئ جوار تبعثر أشلاء مشاعرها بينما يهمس بقول محموم :-
" اشتقت لكِ
اشتقت لجنونك وناريتك أنوثتك الطاغية وفتنتك الشافية
سامحيني لقتلي ابننا "
دمعت عينيها بحزن وهي تملس على بطنها فيقول بنبرة لاهثه وهي تعلم أنه يراها اللحظة ويظنها بعالم أحلامه :-
" لم أعشق امرأة سواكِ رغم توقف قلبي عن الشعور
ألم أخبرك ؟
هناك حب لا يموت وإن أماتت الحياة قلوبنا ؟"
زفرت غدي نفساً مرتجفاً تواصل سباباً لا متناهي له ولنفسها ثم ربتت على وجنته تحاول إيقاظه هامسة :-
"أكمل ساعدني حتى تستحم "
وضعت ذراعيها أسفل جسده تعينه على القيام وهي تقول :-
" جسدك يحتاج لحمام بارد ساعدني هيا "
وجدته يقطب بضعف يفتح عين ويغلق الأخرى بينما يهمس بنبرته الوقحة وإن تاب ألف توبة تظل الوقاحه متأصله به :-
" هل ستفعلي ؟
هل ستحمميني "
تأففت غدي هامسة بغضب :-
" هل هذا وقته بحق الله ؟"
عاد وارتخى جسده على الفراش وحين حاولت مرة أخرى رفعه شهقت وقد التف ذراعه حول جسدها يميل برأسه ناحية عنقها متشمماً لها بوله هامساً :-
" اشتقت
اشتقت حد الموت "
ثارت مشاعرها بتفاعل وكل حواسها تشاركه اشتياقه إلا أنها ابعدته بحزم بينما تقول بغضب شاعره بجسدها كله ينتفض :-
" والله لن أفعل كيف أضمن دخولي معك اساساً الحمام
حتى وأنت محموم لا أمنك يا بن البدوي
إنك معجون بالوقاحه وقلة الحياء "
تأففت تعود لغمس قطعة القماش بالماء المثلج وتضعها على جسده
تعلم أن تخاريفه تعود للأدوية خلافاً عن شدة الحمى
ستعطيه الحقن ولن تجازف بأمر تحميمه هذا وإن كان بملابسه
مع مرور ساعات الليل الطويلة كان جسده يهدأ وأنفاسه تنتظم بلا تسارع أو هذر ينام مرتاحاً لكنه متمسكاً بكفها
تلك الحركه التي فعلها وفعلت بقلبها الأفاعيل
وكأنه خائف أن تتركه فيتمسك بكفها بقوة
كرضيع يتمسك بمقدمة سترة أمه خوفاً من أن يفتقدها أثناء رحلة أحلامه
حين اشتد بها التعب والسهر بعد أن صلت الفجر داهمها النوم وسحبها لسلطته
وبعد ساعتين كان يستيقظ متتفضاً وهو يمد كفه للهاتف فيستغفر مغمضاً عينيه باحباط
لقد ضاعت صلاة الفجر التي يواظب على الاستيقاظ لها
تنهد وهو يعود ويفتح عينيه مفكراً في علي لكن كل أفكاره تشوشت وهو يبصر الهالة الأنثوية الممدده جواره على الفراش
فرك عينيه داعكاً جبينه وكأنه ينفض عنه وهن جسده لكنه عاد واتسعت عيناه بانبهار
إنها هنا جواره بكامل بهائها وجمالها حتى ملامحها الحزينة التي هو سبباً أصيلاً بها
توجع قلبه من فرط ضرباته فرحاً بوجوجها فظل مشرفاً عليها دون أن يحرك إصبعاً عليها
فقط يتأمل ملامحها التي اشتاقها حد الوله
لكنه لم يصمد كثيراً وكل حواسه تؤلمه حاجة للمسها
فقط لمسها
مد إصبعه يلمس وجنتها فتململت ثم عادت للسكون
ابتسم ابتسامة حزينة مشتاقة وهو يسحب يده بخوف عازماً على التحرك بعيدااً
لكن الطاقة هنا كانت عكسية بجاذبية جيشان مشاعر العشق في قلبه فتجذبه للقرب
القرب الذي جعله يغمض عينيه ضائعاً وهو يميل يرتشف من شفتيها إكسير الحياة
يضمها له مشتاقاً بأصابعه لكل إنش فيها غير واعياً لحاجتها للتنفس
حاجتها التي جعلتها ترى نفسها داخل أمواج متلاطة تحاول دفعها علها تتنفس حتى أنها رفعت كفيها فاصطدمتا بجدار صلب لكنه يهدر بقوة
جدار أعاد لها الوعي تفتح عينيها على اتساعهم وهي تدفعه بقوة حاجتها للنفس
عيناه تجيشان بالمشاعر وعيناها تغيمان بالذهول حتى همست لاهثة :-
" هل جننت ؟"
" هل تنفستِ ؟" همسها بجنون عنيف جعلها تناظره بغباء غير فاهمة
لم يهتم لإفهامها وهو يشدها له بقوة كاتماً أنفاسها مفشياً كل طاقة الشوق والحاجة بداخله فيها
حاولت إبعاده بكفيها لكن ضربات قلبه الهادرة تحتهم كانت وكأنها صرخات الحرب
الحرب التي لفتهم معاً في عناق حميم ملتهب لا مكان للعقل في وجوده
أنفاسه تتمهل على أنحائها هاذراً بعشق محموم لم تكذبه يوماً:-
" أشتقت لكِ اشتقت لكِ بحجم الجحيم "
تحاول دفعه متمسكه ببقايا عقلٍ لها لكن همسته المنهكه شديدة الحوجة والاحتياج لها
" أحتاجك يا إلهي أحتاجك يا غدي "
همسته التي ذكرتها بالطفل الصغير الذي يبكي في الزاوي داخله كبلتها وأعجزتها وهي تضمه لها لا تبخل عليه بما يحتاج
صوته يطرب الأنثى بداخلها اشتياقاً ولمساته تتبتل بالشوق احتراقاً
قلبها يتقلب في لظى الشوق له حتى ما عاد للعقل مكان
هو رجل وهي زوجته وما بينهما حب لا يموت وإن أماتت الحياة قلوبهم
نضجت ملامح النيران وتبعثر الشوق في الأركان
لكن ومضات من الألم لمعت في أحشائها فتصلبت ثانية وبالتالية دفعته بكل ما أوتيت من قوة غير عابئة بأن لو قتلته كان أهون
لم تنظر لعيناه المتوحشتان لكن أنفاسه المشذرة بالحريق وصلتها إلا أنها شرعت ترتدي المتبقي من ملابسها سريعاً دون أن تنظر له
فقط أنفاسهم العنيفه هي ما تضج في الغرفة حتى أنها تشعر أنه سيقتلها اللحظة لكن لا تعلم أن ما قالته وهي منحنية الرأس قتله هو فللمرة الكم يكن أنانياً ويكاد يتسبب في ضرها
" لن يحدث يا أكمل
لن يحدث أن أسلمك نفسي بعدما عهدت لأبي طلاقي منك
لن يحدث أن أحني رأس أبي حتى وإن كان ما يحدث حلالاً لا تشوبه شائبة حرام
لن يحدث أن أحني رأس أخي الذي ينتظرني نائماً بسيارته في الأسفل دعماً لي
لم يكن علي أن أسايرك بالبداية لكنه ضعف أنثى طبيعي والحمدلله أننا لم نصل للنهاية إلا لما سامحت نفسي أبداً"
" غدي " همسها بنبرة ضعيفة خاذلة ومخذولة تأتي من أعماق سحيقة فهمست وهي ترتدي عباءتها :-
" انتظر ورقة طلاقي منك يا أكمل
حمداً لله على سلامتك لقد اتيت البارحه لأوفي كل ديون الزوجة الأصيلة لكن إلى هنا وانتهى"
...........................
يتبع


إسراء يسري غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 09-10-22, 08:10 PM   #814

إسراء يسري

? العضوٌ??? » 475395
?  التسِجيلٌ » Jul 2020
? مشَارَ?اتْي » 629
?  نُقآطِيْ » إسراء يسري is on a distinguished road
افتراضي

قاعدة يجب أن تقتنع بها
لا أحد يتغير من أجل أحد
إن كان إبليس لم يتغير لأجل الواحد القهار
أترى البشر يتغيرون لأجلك ؟

" هل ستظل هكذا كالرحال في كل بلد إقامة ؟"
قالها نوح لسعد الذي فتح له باب غرفة السطح ببيت والدته فقال سعد ببرود وهو يتحرك للداخل :-
" ادخل "
دخل نوح وجلس على كرسي أمامه ينظر بأنحاء الغرفة المقلوب حالها رأساً على عقب كما حال أي مكان يوجد به ابن عمته وهو أعزب
استغفر ثم قال باهتمام :-
" هل ستظل هكذا على هذا الحال ؟"
ناظره سعد وكأنه مجنون ثم قال بحيرة :-
" ما به حالي أنا بألف خير الحمدلله "
ضيق سعد عينيه ثم تسائل :-
"ألا تشعر بالذنب يا سعد ؟"
حدجه سعد بنظره تطق شراراً إلا أن نبرته خرجت هادئة متزنه :-
" لما علي أن أشعر بالذنب عافانا الله وإياك وتجاه من ؟"
صمت نوح ثم قال بحذر :-
" تجاه طليقتك وابنك الذي فقدته "
حركة أصابعه الغاضبة لم تكن خفيه على عين نوح إلا أن نبرته كانت جامدة وهو يقول :-
" ليس لها علي ذنب أبداً بل كان لي كل الحق في كل ما فعلته بها وأزيد
أما عن الطفل الحمدلله على فقده "
" الحمدلله على فقده " رددها نوح في نفسه ساخراً لكن بنية مخالفة لسعد
لقد رحم الله هذا الطفل من القدوم للدنيا بحياة مفككه وأب لا يعترف بخطأه بل لا يراه حتى
للأسف هو أكثر من يعرف سعد
جانبه المضئ حنون متفهم لبق ومثقف من يراه لا يصدق ولو أقسمت له أغلظ الأيمان أنه مريض
أما الجانب المظلم معتم بهواجسه وأشباحه لرجل أناني متعنت وقسوته لا يتحملها أحد خلافاً عن أعراض مرضه التي لا يتعايش معها بشر
من هم مثل ابن عمته خلقوا ليعيشوا وحدهم أو يدمروا من حولهم
تنهد ثم قام واقفاً وهو يقول :-
" هل ستظل هنا ؟"
" أبحث عن مكاناً جديد جوار الأكاديمية ربما" قالها سعد ببرود ثم واصل بتحذير :-
" لا توصل لي شئ يخص تلك العائلة حتى وإن اتصلوا عليك لم يعد لديها شئ عندي ولا أريد ذكر هذا الموضوع النجس مرة أخرى
وعن الحقوق فالخائنه شرعاً لا حقوق لها "
ضم نوح قبضتيه بقوة ثم أومأ برأسه متحركاً للخارج وهو يقول :-
" هداك الله يا ابن العمة "
" هدانا الله وإياكم يا ابن الخال "
قالها سعد وهو يغلق الباب خلفه ثم همس بامتعاض :-
" أمور نصب جميعها "
........................
علينا إعطاء الحق لأنفسنا في أخذ استراحة المحارب حتى نستطيع استعادتها والتعاطي مرة أخرى

خرج من باب العمارة التي يقطنها عازماً بجنون على الذهاب لها واستعادتها ولو على موته فلا يعلم كيف تركها تذهب من الأساس إلا أنه فور أن مشى خطوتين تقهقر للخلف وتلك السيارة العالية تتوقف أمامه
هدر قلبه بتوجس ووسواس من رعب ألم به أن يكون البدوي هرب من السجن
نظر لباب السيارة الذي يفتح بجزع وكأنه ينتظر شبحاً سينقض عليه لكن عيناه اتسعتا هامساً ببهوت ذاهل :-
" سيد ياسر !"
ابتسم ياسر ابتسامة جانبية يتأمله بغموض ثم قال :-
" وفرت علي الصعود
هيا اصعد "
تحرك أكمل حتى وقف أمامه قائلاً بتشوش:-
" سيد ياسر هل فهمت صحيحاً
كنت صاعداً لي أنا ؟"
اتسعت ابتسامة ياسر المتزنه وهو يشر له بكفه قائلاً بحزم :-
" اركب يا ابن البدوي "
ركب أكمل حائراً من هذة الزيارة أو المقابلة التي لم تكن تخطر له على بال
إلا أن كف ياسر حطت على ركبته وهو يقول بنبرة قوية :-
" لا تفكر حتى نصل "
فور أن اصطفت السيارة ازداد ذهول أكمل لتوقفهم أمام مؤسسة الجوهري
دقائق وكان يجلس معه بغرفة المكتب التي زارها قبل سنوات
شبك ياسر كفيه وهو يقبع خلف مكتبه ملتزماً الصمت ثم أخيراً قال بنبرته الحازمة :-
" اجلس يا أكمل"
تحرك أكمل وجلس ثم عقد حاجبيه قائلاً :-
" سيد ياسر أنا سعيد برؤيتك حقاً
لكن لا أعرف لها سبباً في عقلي"
ابتسم ياسر ثم قال :-
" يا أكمل لك حق علي أن أوان عودته "
صمت أكمل بعدم فهم فواصل البدوي :-
"أنت كنت سببباً في انقاذ ابنتي يوماً دون أن تأخذ قرشاً واحداً"
حاول أكمل الحديث وقد فطن للأمر إلا أن ياسر قاطعه وهو يقول :-
"عرضت عليك العمل وقتها لكنك رفضت
مؤخراً علمت السبب وراء رفضك "
أطرق أكمل برأسه فقال البدوي بأمر أبوي :-
" ارفع رأسك يا رجل
أحنى الله هامة من أحناه "
ارتج قلب أكمل بشعور حلو للجملة
انتشاء وكأن روحه تريد الراحه والتنفس لأجل أن هناك أحد يهتم به لذاته
نظر له بتشوش فقال الجوهري بنبرته القوية :-
" لقد تابعت القضية فور أن أعلن عنها الإعلام
ثم أرسلت وصايتي حتى تعود سريعاً لمصر
ومنه وصايتي على الاهتمام بك هنا أثناء التحقيقات حتى اطمأننت على عودتك "
كانتا عينا أكمل تتسعا بذهول مع الحديث إلا أن ياسر واصل بنبرة غير راضيه محبطه :-
" لكنك لم تعد يا ولد"
ضيق أكمل عينيه فقال ياسر :-
" تنهار يوماً بعد يوم
تترك امرأتك ليأخذها غيرك يوماً "
الجنون اللامع بعين أكمل أرضاه فواصل :-
" اسمع لقد تعرضت لشئ قديماً يقسم الظهر
يحنى هامة أعتى الرجال
لو استسلمت له لشاب رأسي باكراً
لكن عدم استسلامي هو من جعلني ياسر الجوهري الذي تقسم باسمه الدول شرقاً وغرباً"
تحرك ياسر من مكانه حتى وقف أمامه واضعاً كفه على كتفه قائلاً بنبرة صلبه مصرة :-
" انفض عنك الضعف يا ولد وعش حياتك
لا تستسلم له ليأخذها منك موجوداً وغير موجود "
تنهد أكمل وأنفاسه تتسارع بقوة بينما حديث الجوهري يلمسه بأعماقه فمال ياسر يثبت عينه في عينيه وهو يقول :-
" أخذ منك طفولتك ومراهقتك فلا تجعله يأخذ شبابك "
ابتسم بمكر ثم قال بنبرة أبوية يبث فيها اطمئناناً لقلب أكمل الراجف:-
" البدوي ومن معه تحت عيني حتى وهما وراء القضبان لن يخرجان هذا خلافاً عن التعجيل بالحكم في قضيتهم "
صمت مبتسماً من نظرة التعجب في عيني أكمل ثم تناول بطاقة ورقية قرأ أكمل ما عليها باستغراب وهو يعطيه له
" مركز لتمسك بيدي
د شهاب البرعي "
"أنت تحتاج زيارته للتعافي للفضفضه وإخراج حمولة السنوات"
ارتعاشة أكمل جعلته يثبت كفه على كتفه قائلاً بذات النبرة الصلبه :-
" هو زوج ابنتي لكني أثق لك أن مخلوقاً لن يعرف بضعفك أمامه
اذهب وانفض عن ذاتك ركودها حتى تستطيع استعادة حيويتك "
صمت ثم أكمل بالنبرة الماكرة :-
"أما عن البدوي ففور خروجك من هنا بمكالمة هاتف مني تجعل تعجيل حكم الاعدام له لا يأخذ وقت حتى نتخلص منه نهائياً"
صمت تاركاً لأكمل الاستيعاب ثم قال بحنو :-
" ثم بعد هذا تعالى ستجد وظيفتك هنا تنتظرك
أنا أحتاج رجل قوي ذو ذهن متوقد مثلك معي"
" لما تفعل معي هذا ؟"
همسها أكمل بضعف فاستقام البدوي قائلاً :-
" بوقت ما كان ابني ضائعاً مثلك وتمنيت لو انتشله أحد
ابنتي كادت تضيع لولا مساعدتك
أنا مدين لك فعلا يا أكمل "
............................

بين طيات الغياب توجد الأمنيات التي ننتظرها وظنناها يوما مستحيلة
بين طيات الغيب يوجد عوض اليوم وإشراق الغد

تنظر للاختبار في يدها تبحلق به بذهول وكأنها لا تصدق ثم تمسك هاتفها تبحث على معنى الخطين سريعاً وكأنها تكذب معلومتها
يا إلهي إنها حامل حامل
إنها تحمل طفل عمر بين أحشائها
الفكرة نفسها أصابتها بالذعر وهي تلطم خديها بخفه مولولة بهمس وهي تهذي
" يا إلهي يا سنابل أنتِ حامل "
تتسع عينيها وتهمس بقلق وخوف مريب :-
" كيف ستخبرهم
كيف ستخبرهم ؟"
" سنابل يا ابنتي طمأنيني " انتفضت على صوت طرق أمه على الباب والتي طلبت لها الاختبار حين شكت فيها
خبطت جبهتها بكفها هامسة ببوادر بكاء :-
" ماذا سأفعل ؟"
" يا سنابل سأدخل "
" لا " صرختها بجزع ثم تحركت للباب وهي تقول :-
" قادمة يا أمي "
فور أن فتحت الباب شهقت سعاد بقلق وهي تبصر وجهها الشاحب والقالب على اصفرار فسألت بقلق :-
" ما بكِ حبيبتي ؟
هل كان الاختبار سلبي فليعوضكما الله لا تحزني نفسك مازالتِ صغيرة "
"أمي " همستها بعجز جعلت سعاد تقطب لكن عاد الفرح وزار عينيها وسنابل تواصل بنفس النبرة البلهاء :-
"إنه إيجابي يا أمي "
انتفضت مرة أخرى وسعاد تشدها لحضنها باكية فبكت هي الأخرى قائلة :-
" سامحيني يا أمي والله لم أكن أقصد "
تصلبت سعاد وابتعدت عنها قائلة بتوجس :-
" ما الذي لم تقصديه يا ابنتي ؟"
زار الحزن ملامح سنابل وهي تنطق بما سبب لسعاد شلل لحظي بينما ترفع الاختبار أمام عينها :-
"لم أقصد أن أكون حامل والله لم أقصد "
اتسعت عينا سعاد بذهول وهي تخبط بكفها على صدرها قائلة بغيظ لم تستطع كبحه :-
" وهل هذا يكون بقصد وغير قصد ؟"
احمرت وجنتا سنابل بشدة فتأففت سعاد ثم ناظرتها شذراً والتفتت مطلقة زغرودة عاليه بينما تحتضنها بقوة وهي تقبلها قائلة بحنان :-
" بارك الله في حملك وأتمه على خير يا حبيبة أمك "
عادت سنابل واكتئبت ملامحها وهي تخبرها بتوسل حزين :-
" لا تخبري عمر يا أمي لا تخبريه "
قبل أن تسقط سعاد أسفل قدمي كنتها من شدة ارتفاع ضغطها كان صوت مفاتيح عمر بالباب يأتيهم فانتفضت سنابل بهلع عائدة للحمام وهي تغلقه في وجه سعاد المذهولة قائلة بتوسل :-
" لا تخبريه يا أمي "
فتح عمر الباب ودخل ملقيا التحية على أمه المسمرة بمكانها فسألها باهتمام وهو يتقدم منها بينما عيناه ترنوا بالمكان بحثاً عن جرة العسل خاصته
قبل رأسها ثم قطب سائلاً :-
" أمي ما بكِ لما تقفين هنا ؟
هل تريدين الدخول للحمام ؟"
هزت سعاد رأسها ثم سحبته من يده متحركه به تسأله همساً بتوجس :-
" هل زوجتك يظهر عليها بعض صفات الهبل أحيانا؟"
قطب عمر يناظرها باستغراب فزفرت بضيق ثم عادت ونظرت لوجهه فنست كل شئ وهي تبتسم بمحبه عارمة وبلا مقدمات كانت تطلق زغرودة أخرى جعلت عيناه تتسع وهو يتقهقر خطوة للوراء يناظرها كمعتوهه قائلاً بقلق:-
" أمي هل أنتِ بخير
هل تشعرين بالتعب ؟"
رمقته بغيظ تقترب منه بنظراتها الأموميه المريبة التي جعلته يرتاب تشده لها تحتضنه وهي تقول :-
"مبارك يا حبيبي مبارك يا حبيب أمك "
أبعدها عمر قائلاً بتوجس :-
"أمي هل متأكدة أنكِ لست متعبة ؟"
" أتعب الله عدوينك " نطقتها بغيظ ثم عادت وضحكت ببلاهة أمومية وهي تقول :-
" مبارك يا قلب أمك ستكون أب "
زارت البلاهة وجه عمر وبغباء كان ينطق :-
" من أين أتى هذا الأن ؟"
جملته اقتراناً بجملة سنابل جعلت الجنون يزورها فصرخت بغضب وغيظ :-
" هل تريد أنت والمعتوهه الأخرى أن تجننوني
هي لم تقصد وأنت لا تعرف من أين أتى
هل حقا يا سيادة الضابط تريدني أن أخبرك من أين أتى ؟"
احتقن وجهه بخجل شديد وهو يتنحنح محركاً عينيه فالأركان ثم بنفس البلاهة كان يسأل بنرة فرحه بلا تصديق:-
" هل سنابل حامل ؟"
من الغيظ رمقته أمه بغضب وهي تخبط كفاً بالأخر قائلة :-
"لا أمك الحامل يا قلب أمك "
"أمي " نطقها بتحذير صارم جعلها تشيح بيدها مبرطمة غيظاً منهم وهي تقول :-
" ادخل للبلهاء التي تغلق على نفسها في الحمام منذ عرفت الخبر لا تريد الخروج "
" أدخل أين ؟"
" الحمام " نطقتها بسخط فتململ عمر بضجر وخجل رجولي وهي ينادي على سنابل فقالت سعاد بملل وهي تلوي شفتيها :-
" لا تتعب نفسك لن تخرج "
استدار عمر ناحية باب الشقة وهي يقول ببرود جلطها :-
" حسنا سأصعد لابدل ملابسي حتى تكون خرجت "
التفتت سعاد بذهول ثم قامت وراؤه مسرعه وأوقفته وقد غلبها حبها لسنابل وهي تقول بتوسل :-
"أنا لا أمزح يا حبيبي
زوجتك خائفة في الحمام "
نظر لها عمر بقلق وهو يقول بحيرة :-
" مما تخاف يا أمي ؟"
ربتت سعاد على صدره ثم قالت :-
" يا حبيبي زوجتك مازالت صغيرة في العمر
طوال حياتها لم تمر بالهين
كما أنها وحيدة مهما أحببتها تظل تحتاج لأمها
وأنت أقرب لها من أي شخص أخر
ادخل لها واعرف مخاوفها وطمأنها "
احمرت أذناه بغيظ يشعر نفسه كالمكبل وهو يقف متململاً هكذا خجلاً من الدخول الحمام لها في وجود أمه التي فطنت للأمر فقالت بنبرة عادية وهي تتحرك تسحب وشاحها :-
"أنا كنت نازلة للشقة بالدور السفلي أريد منها بعض الخزين
أخرجها واصعدا لشقتكما لا تنتظراني "
فور أن أغلقت أمه الباب وراءها القى عمر هاتفه ثم تحرك ناحية الحمام هامساً بضيق:-
"ألم تجد غير الحمام ؟"
وقف أمام الباب وطرقه مناديا عليها فولولت مكانها تضرب خديها هامسة :-
" لقد أتى لقد أتى ولم يصعد "
" سنابل افتحي الباب " قالها برقه جعلت عينيها تدمعان وهي تهز رأسها نفياً دون رد لكن صوته الظاهر عليه بوادر نفاذ الصبر أجبرها ع التحرك وهو يقول :-
" سنابل افتحي لن تجلسي اليوم كله في الحمام هيا سأعد إلى ثلاثة لا أريد أن أصل للثالثة قبل أن تفعلي "
" واحد اثني"
وقبل الثانية كانت تفتح الباب تطل منه بوجهها العصفوري قائلة برقه حزينة أججت عوطفه تفاعلاً مع الخبر :-
" عٌمر "
دفع عمر الباب برفق وهو يدخل لها فهاله ملامحها الحزينة القلقة وهي تنظر لكل شئ عداه فقال بنبرة أجشة متأملاً ملامحها الجميلة بنظرات تضعفها
"سنابل تعالي مما أنتِ خائفة ؟"
هزت رأسها نفيا وهي تتراجع فزفر بانعدام صبر وبلا مقدمات كان يسحبها له برفق ثم رفعها بين ذراعيه قائلاً بخشونه غير مبالياً بتململها :-
" يجب أن نصعد لشقتنا "
بالأعلى فور أن أغلق الباب ورائهم وأنزلها
تحرك حتى وقف أمامها هامساً باسمها يجبرها على رفع عينيها له وفور أن فعلت طفرت الدموع في عينيها وهي تقول :-
" لم أقصد يا عمر والله لم أقصد "
عقد حاجبيه وهي يضيق عينيه متسائلاً بحنو :-
" ما الذي لم تقصديه ؟"
ظلت تحرك كفيها ثم أخيراً قالت بقلة حيلة :-
"أنا حامل يا عمر لكن والله لم أسعى لهذا ولم أقصد "
زفر عمر نفساً مشحوناً وملامحها القلقة الناطقة بالرقة والحزن تجعل مشاعره تثور لأجلها فشدها له يحميها بين ذراعيه هامساً :-
" مما أنتِ خائفة يا سنابل
نحن متزوجان من الطبيعي أن تكوني حاملاً يوماً "
ثم ابتسم بجاذبية جعلت عينيها تبرقان بانجذاب أبله وكأنها لا ترى رجلاً على وجه البسيطه سواه خاصة وهو يقول بالهمس الرائق :-
"مبارك لنا يا سنابل "
"ألم تغضب يا عُمر "
أغمض عمر عينيه هامساً في نفسه :-
" بالله عليكِ أيغضب أحد بعد عمر هذة ؟"
تنهد ثم فتح عيناه وهو يحتوي وجنتها على كفه بينما يملس على وجنتها الأخرى بأصابعه هامساً بنبرة ثقيلة تبث فيها الثقة :-
" لما أغضب يا سنابل أنتِ زوجتي ومن الطبيعي أن انتظر طفلاً منكِ "
قرب وجهها منه يقبل جبهتها بنعومة يحاول أن يطمأنها وقبل أن يصحبها للخروج فاجأته وهي تشب على أطراف أصابعها تشبك ذراعيها في رقبته تشده لها وبلا مقدمات كانت تقبله
فوران من المشاعر دفع بالحمم السائلة بين أوردته من رغبتها مغيباً العقل وهي يشدها ليعتصرها بين ذراعيه يرفعها له مستلماً هو زمام العاطفه يرتوي منها ويرتوي فيها وبانفلات عاطفي تام يهمس بين الفنية والأخرى لقبلاته :-
"أخبريني كيف أشق صدري فأحميكِ بين ضلوعي فلا أقلق عليكِ أبداً"
تناظره بعينان متولهتان تخطفاه وتمتلكا قلبه وهي تهمس بنبرة تقطر أنوثه تزيدها هرمونات حملها :-
"أنا أعشقك يا عمر أعشقك "
" وأنا أعشق كل ما فيكي يا روح عمر " تهدر بها جوارحه ويضن عليه لسانه بها فيترك لعاطفه أفعاله عنان التعبير
بعد وقت طويل هدأ فيه صخب العاطفة ولم تهدأ أثارها كان يضمها له بقوة وكأنها تحتمي فيها بينما يقبل رأسها بحنان
سنابل كل يوم عن الأخر تثبت له كم هي فطريه وعلى سجيتها
تتعلق به محتمية فيها وكأنها عصفور لا يريد الخروج من عشه
بقدر ما يسعده هذا مشعراً له برجولته في عينيها بقدر ما يجعله يخاف عليها أكثر فيريد أن يدركها في الحياة أكثر حتى أنه قدم لها بالجامعه البعيدة بعض الشئ وإن كانت بنفس المحافظة لكن على الأقل ليست المجاورة لهم علها تندرج وتتجرأ أكثر
رفع رأسها له وقد طال صمتها فسألها بحنو يتخلل شعرها :-
"لما لا تتحدثين ؟"
رفعت عينيها له فتماوج صدره وثارت حواسه مطالبه بها من جديد من نظرة الوله التي لا تفارقها
نظرة الوله التي توحي بامتلاكه لها لكن يدرك جيداً أنها نظره تمتلكه هو
" هل أنت سعيد بالحمل حقاً ؟ "
ابتسم عمر من تلك الضئيلة التي لا يتعدي طولها صدره ثم همس بحنان :-
" سعيد وانتظر قدومه بفارغ الصبر "
طالت عينيهم في الحديث حتى انطلقت الألسنه
هو بالغزل وهي بالحب
صوت الهمسات بين أنفاسهم المتشابكة كان أشبه بخرير الماء الذي يقطر من صنبور العاطفه بخجل حتى كانت تهمس :-
"أحبك يا عُمر "
بعد ساعات طويلة ...
أنهت حمامها ثم استعدت للصلاة وبعد أن أنهت فروضها وأخيراً ختمت بركعتين شكر
تناولت هاتفها ترسل له رسالة تسأله متى يأتي فقد نزل لمقابلة رشاد
حين لم يرد فردت ظهرها على السجادة ورغماً عنها تذكرت همام
زفرت بضيق وتلك الفكرة تزورها مجدداً
هل مات همام على ذنب بسببها ؟
تنهدت ثم سحبت هاتفها تبحث فيه بعناوين محتلفة حتى وجدت موقعاً موثوقاً للفتاوى كانت حماتها تتحدث عنه من قبل فكتبت سؤالها :-
" حكم الميت على جنابة وقد دخل بزوجته قبل الاشهار "
ارتجفت اصابعها ودمعت عينيها للذكرى منتظرة الاجابة التي أتتها بعد وقت
الحكم الشرعي ..
لا، ما يكون آثمًا إذا كان ما فرط ما يكون آثمًا، مثلًا أخر غسل الجنابة، أتى أهله بعد طلوع الشمس، أو بعد الفجر، ثم فاجأه الأجل في الضحى؛ ما عليه شيء، لكن يغسل عن نية الجنابة، وعن نية الموت، يكفي غسل واحد
أما حكم الدخول قبل الاشهار ..
ليس بحرام ولكن كونه يصبر حتى يدخل عليها هذا هو الذي ينبغي

كما يجب التوضيح أن ...
إن الدخول بالزوجة المعقود عليها سرًّا قبل الزفاف يترتب عليه كثيرٌ من المفاسد والتُّهمة وسوء الظَّنِّ بالمرأة إن لم يُقِرَّ العاقد بالدخول، وكذلك أيضًا إذا حَدَث الدُّخول سِرًّا بين العاقد والمعقود عليها، ثم انكشف ذلك للنَّاس قبل الزِّفَاف؛ فالعرف يَعْتَبِر ذلك أمرًا مُشِينًا للزَّوجين معًا، وقلةَ احترامٍ للأهل تقتضي الاعتذارَ والأسفَ".
كما أن العرف جارٍ على أن المعاشرةَ الزَّوجيَّة لا تكون إلا بعد الزِّفاف؛ فوجب احترامُه ومراعاتُه؛ لقول الله تعالى في كتابه الكريم: ﴿خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ﴾ [الأعراف: 199]، فينبغي ألَّا يتمَّ الدخول إلا بإذن الولي أو إعلامِه، أو الإشهادِ على ذلك؛ لأن الدخول يترتب عليه أحكامٌ أخرى قد يُنكِرُها أحدُ المتعاقدَين.
و الزَّوج إذا دخل بزوجته سِرًّا قبل الزفاف فلربما حَدَثَت مفاسد كثيرة تَترتَّب على هذا الدخول في حالة موت الزوج، أو وقوع الطلاق، لا سيما إذا حَدَث حَمْلٌ مِن هذا الدخول، فإذا حدث أمرٌ من هذه الأمور وتَمَّ إنكار الدخول من قِبَل الزوج أو ورثته؛ فلسوف يَنْتُج عن ذلك وقوع العديد من الأضرار والآثار السيئة على الزوجة وأهلها؛ كإنكار النَّسَب، وعدم استحقاق الولد الميراث، ولسَدِّ الذريعة للتسبب في تلك الأضرار -والتي تقع غالبًا بالفعل في هذا العصر-؛ يتَرجَّح الإفتاء بتحريم الدخول سِرًّا بالمعقود عليها.

وشدد المفتي على أن الزوج لا يحق له المطالبة بالمعاشرة الزوجية كحقٍّ من حقوقه بمجرَّدِ عقد الزواج؛ وذلك حتى يتمَّ الزِّفَافُ وتقيم الزوجة بمسكن الزوجية، أما الدخول بها سرًّا دون استئذان وليِّها ودون احترامٍ للأعراف الاجتماعية والتقاليد المتبعة في ذلك فلا يجوز شرعًا؛ حفاظًا على حقوق كلا الزوجين في تقدير حصول الطلاق أو الوفاة مع إنكار الدخول.
.........................


الكتمان النفسي أشبه بحريق اندلع بمسكن شخص أبتر القدمين والذراعين فلم يستطع النجاة
أشبه بوضعك حافة سكين على رقبة شخص أبكم فعجز عن الصراخ
منذ فترة وهو يفكر بأمر زيارة شهاب ويؤجلها ثم يقرر عدم الذهاب حتى كان شهاب نفسه يهاتفه مخبراً أن ماذا لو أتى له ليتحدثا سوياً
محض محادثة وإن لم يرتاح فليذهب ولا يعود فذهب مرة تحدث بها أحاديث متفرقه وبلا شعور وجد نفسه يقص عليه عن حياته منذ طفولته ثم ذهب مكرراً عدم العودة لكن لا يعلم ما الذي أتى به اليوم

" ما رأيك أن تأتي معي للغرفة الأخرى ؟" قالها شهاب لأكمل الذي يتضح على وجهه الندم من الزيارة

توتر أكمل ولفت عيناه بالأرجاء قليلاً ثم همس بعدم راحه :-

" ولما لا نظل هنا ؟"

ابتسم شهاب ببشاشه يقول بنبرة حنونه خفيضه بطبقه معينه تصل لنفس الساكن أمامه مُطمأنه :-

" ثق بي سترتاح "

أومأ أكمل على مضض وهو يتحرك وراء شهاب الذي لم يخرج من الباب الرئيسي بل من باب بحائط جانبي أدخلهم على غرفة أخرى فارغة بلون واحد هادئ مريح للنفس وبها كرسي واحد لا شئ أكثر من هذا
شاور شهاب على الكرسي قائلاً بنبرته الخفيضه :-

"اجلس يا أكمل "

تحرك أكمل حتى جلس حيثما أشار شهاب ثم تابعه بعيناه وهو يتحرك ناحية باب صغير بالحائط يبدو من الداخل كخزانة لكن من الخارج وكأنه جزأ من الحائط
وكأن الغرفة صنعت خصيصاً حتى لا يكون بها أي شئ يُرهق العين
أخرج منها شيئين لم يفهمهم
ثم تحرك شهاب ناحية أزرار الإضاءة وهدئها بدرجه جعلته يخرج نفساً بطيئاً ثم سأله وهو مشغول بذاك الشئ الذي أخرجه :-

" ما رأيك هل أشغل لك موسيقى ؟"

انعقد جبين أكمل وقال بنبرة فاترة غير مستسيغاً هذا الحوار :-

" لا أريد شئ "

ابتسم شهاب ابتسامة مداعبه كتلك التي يهديها لحمزة صغيره ثم قال :-

" لما لا نزيل الحواجز بيننا يا أكمل ونتحدث وكأننا أصدقاء"

هز أكمل رأسه نفياً ثم تحدث بنبرة نزقه :-

" أنا لا أفهمك لما أتيت بي اليوم وما الذي تريده مني ألم احكي لك المرة الماضيه "

كان شهاب قد وصل أمامه وهو جالساً على الكرسي انحنى ثم وضع قطعتين على الأرض كل منهما مستطيلة وعريضه وبها شئ يشبه المسامير ربما
استقام شهاب ثم دون أن يقف فقط بدا جاثياً على عقبيه ثم تحدث مكررا السؤال بالنبرة الخفيضه والتي تستفزك للرسو لها :-

" هل نشغل شئ ؟"

هز .... رأسه نفيا فابتسم شهاب قائلاً :-

" ممتاز "

ثم بنفس النبرة كان يأمره بحنو :-

" خذ نفساً عميقاً جداً ثم أخرجه ببطأ"

فعل أكمل ما أمره به شهاب فأومأ شهاب باستحسان وقد جعله يعيدها مرتين ثم همس :-

"أخبرتني المره الماضيه أن ثمة وجع يسكن صدرك كالوحش لا تستطيع السيطرة عليه "

أومأ أكمل وقد تغضن جبينه فهمس شهاب بلطف :-

"ما رأيك أن أساعدك على خروجه أولاً وبعدها نتحدث "

"كيف ؟" سألها بتلهف طفل صغير غلبه سقمه فأصبح متلهفاً لمرارة الدواء عل أوجاعه ترحمه

"سأخبرك لكن قبلاً ثق بي أن ما سيحدث من أجلك "

أومأ أكمل فاستقام شهاب واقفاً ثم أخبره مشيراً لما تحت قدميه :-
" قف هنا "

نظر لما أسفل قدميه الحافيتين وقد طلب منه منذ أن حضر خلع حذائه ثم عاد ونظر لشهاب مرة أخرى وكأنه ينظر لمجنون قائلاً:-

"أقف أين ؟"

أشار شهاب بعينيه للجهاز أسفل قدميه مما جعل أكمل يقول بانفعال طفيف وقد ظن شهاب يستهزأ به :-

" بالطبع لا هل تظنني مجنون ؟"

ضحك شهاب ثم مد كفه له وهو يقول بالنبرة المطمأنه :-

" ثق بي وأنا لا استخف بك امسك يدي وسأكون جوارك "

نظرة أكمل الحذرة له جعلته هو يبادر بأخذ كفه ثم همس ببشاشه :-

" هيا معي "

حين بدأ في الوقوف وقف شهاب أمامه وامسك كفيه الاثنين بين قبضتيه بقوة

مجرد أن لمست قدميه الجهاز هز رأسه نفياً دون حديث فهمس شهاب بتشجيع :-

"بلى "
بالبداية بدأ في الابتسام عِنداً رغم جزه على أسنانه بعنف
"اصرخ يا أكمل "

هز رأسه نفياً بقوة لكن شهاب أفلت إحدى قبضتيه وهو يضع كفه على بطنه ضاغطاً وبالتوالي بدأ .... بضغط قدميه

فصرخ عالياً
هل تعلم الشعور ؟
شعور أشبه بشخص سقيم تفحلت تقرحات المرض بجسده ومجرد أن لمستها جعر عاليا ً غير قادراً على الصمود أكثر
وكأنك مسكت أحدهم وألقيت به من أعلى الجبال
يصرخ ويصرخ ويصرخ ولولا أن الغرفه معدة بتقنيات عاليه لكتم الصوت لبكى المار في الشارع على نزاعه
أفلت شهاب قبضته الثانيه وهو يضع كفه الأخر على ظهره ضاغطاً
والصراخ تحول لزئير
صدره يعلو وينخفض وكأن روحه تنازع للخروج فيصرخ أعلى وقد احمرت رأسه وملامح وجهه وكأنه يطلب الرحمه للموت

يحرك شهاب كفه على ظهره برفق مؤازراً ثم يعود ويضغط حتى بدأ في الانتحاب بصوت عالٍ وساقيه يهتزان بقوة من شدة الألم
لف شهاب ثم وقف ورائه وبدأ بالضغط على كتفيه تدريجياً حتى انهار وتقوس ظهره منحنياً يضع كفيه على ركبتيه باكياً كما لم يحدث له من قبل
كما لم يحدث أبداً
يبكي ويبكي حتى أن دموعه تغرق وجهه حتى تنزل لأسفل ذقنه
روحه تتعرى فيجعر بالقول المرير وكأنه يخرج من صدره العلقم :-

" لما ؟ لما فعلو ذلك بي لما ؟"

يشد على شعره بقوة ويقول من بين شهقاته :-

" لا أستطيع أن أنسى لا أستطيع أبداً"

لف شهاب وساعده على الاستقامه ثم أخذه لأحضانه برحمه وشدد عليه ذراعيه غير سامحاً له بالفكاك
ولم يكن سيهرب بل ارتكن له مستسلماً لهذا الحضن الداعم والهمسات الحنونة الشافيه
يشد هو الأخر على حضن شهاب الداعم له ومازال مستمراً في البكاء مع البوح المتحسر :-

"أنت تفهمني أليس كذلك
أنا لا أحبهم لا أستطيع حتى أن أفعل أنا أكرههم
أكرههم "

يتسلل شهاب بأحد كفيه ضاغطاً بها ناحية معدته وهو يهمس بحنو وقد زارات الدموع عينيه شفقةً:-

" أتفهمك أنت لست سئ أبداً يا أكمل"

واللفظ الحاني اخترق صدره المكلوم فرسى برأسه على كتف شهاب تاركاً شهقاته الرجوليه تخرج بلا خجل
شعوره بحضن شهاب الأن مع كل هذا الصراخ والبكاء أشبه بشخص تلبسه شيطان من الجان فكان خروجه باقتلاع الروح أولاً ثم هبوب الريحان
انتهى


إسراء يسري غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 09-10-22, 09:48 PM   #815

داليا انور
 
الصورة الرمزية داليا انور

? العضوٌ??? » 368081
?  التسِجيلٌ » Mar 2016
? مشَارَ?اتْي » 1,195
?  نُقآطِيْ » داليا انور is on a distinguished road
افتراضي

ياالله ابدعتى فى وصف وجع اكمل سلمت يداك
remokoko likes this.

داليا انور غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 09-10-22, 10:02 PM   #816

جيجي هاني

? العضوٌ??? » 380259
?  التسِجيلٌ » Jul 2016
? مشَارَ?اتْي » 828
?  نُقآطِيْ » جيجي هاني has a reputation beyond reputeجيجي هاني has a reputation beyond reputeجيجي هاني has a reputation beyond reputeجيجي هاني has a reputation beyond reputeجيجي هاني has a reputation beyond reputeجيجي هاني has a reputation beyond reputeجيجي هاني has a reputation beyond reputeجيجي هاني has a reputation beyond reputeجيجي هاني has a reputation beyond reputeجيجي هاني has a reputation beyond reputeجيجي هاني has a reputation beyond repute
افتراضي

سلمت يداكى رائعة كالعادة

جيجي هاني غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 09-10-22, 11:13 PM   #817

فتاة طيبة

? العضوٌ??? » 306211
?  التسِجيلٌ » Oct 2013
? مشَارَ?اتْي » 562
?  نُقآطِيْ » فتاة طيبة is on a distinguished road
افتراضي

ياللخ يااسراء الجزء كله رائع لكن الجزئية الاخيرة عجيبة وددت ان ابكي مع اكمل لااعلم ماهي التقنية العلاجية التي استخدمها شهاب مع اكمل ويبدو ماشاء الله ان تخصصك نفسي وددت ان تشرحي هذه الجزئية بارك الله لك في علمك .

فتاة طيبة غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 10-10-22, 04:22 AM   #818

يمنى هيثم محمد

? العضوٌ??? » 493032
?  التسِجيلٌ » Sep 2021
? مشَارَ?اتْي » 96
?  نُقآطِيْ » يمنى هيثم محمد is on a distinguished road
افتراضي واشرقت الشمس بعينها

الفصل رااااائع كاالعاده ومبسوطه اوي ان اكمل بتعالج وهيبقى كويس ويارب غدي تسامحه لانه يستحق يعيش سعد. وفرحانه عشان سنابل حامل وأخي ا علاقته بعمر هتطوتد اكتر واخيزاشوفنا الإشراق بعد طول الغيوم 🤩🤩❤️❤️❤️❤️❤️❤️❤️❤️❤️❤️❤️❤️❤️❤️❤️❤️❤️❤️❤️

يمنى هيثم محمد غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 10-10-22, 03:26 PM   #819

Ektimal yasine

? العضوٌ??? » 449669
?  التسِجيلٌ » Jul 2019
? مشَارَ?اتْي » 1,960
?  نُقآطِيْ » Ektimal yasine has a reputation beyond reputeEktimal yasine has a reputation beyond reputeEktimal yasine has a reputation beyond reputeEktimal yasine has a reputation beyond reputeEktimal yasine has a reputation beyond reputeEktimal yasine has a reputation beyond reputeEktimal yasine has a reputation beyond reputeEktimal yasine has a reputation beyond reputeEktimal yasine has a reputation beyond reputeEktimal yasine has a reputation beyond reputeEktimal yasine has a reputation beyond repute
افتراضي

وأشرقت الشمس ياجمالووو
مشهد.اكمل مع عمتو ووالدتو بكل الكللم ياللي انقال رهيب الجرح صعب المداواة فكيف جرح روح تخلت أمو عنو لأجل المال مهنا انكرت تركتو ابراثن سيد البدوي هل لو احبتو فعلا كانت قبلت يكمل معو عمتو تركت زوحها ينهش بروخو وتكرتو لقمة سائغة للشيطان تربى عا تعاليمو مهما بررت فات الاوان
لسى داليدا مو قادرة تعيش حياتها بلا شعور بذنب لسبب ما وهلأ موت نور حملت نفسها الذنب بشفق عليها لكن معاذ قادر يشفي جروحها ويطيبها بصبرو وتفهمو وحبو
اكمل البدوي اذا ما تواقح.ما بيكون ابننا حبيب القلب الحمى بتخلي الشخص يهذي بمشاعرو ودواخلو الحقيقة والحمد لله غدي اتاكدت من توبتو ومن مشاعرو ناحيتها ولسى عندي أمل بمسامحتها الو ممكن الطلاق ليكون بداية لتعارف صخيح هالمرة
وياسر ااجوهري ربنا بعتو لاكمل انقاذ ياخد بايدو ليتعافى ويرجع اكمل القوي لكن هالمرة قوي بالخق
شهاب ومين غيرك قادر يطلع الوجع من مكامنو رووعة المشهد واخيرا أكمل لفظ كل مخاوفو وقهرو وشياطين روحو
سعد عالمريض ما في حرج وانت تحاوزت كل الحدود.بمرضك
سعاد يا سكرة القصول نعك.حق جوز المجانين بيجيبوا الحلطة وبيرفعوا الضغط رووعاتك ياعسل


Ektimal yasine غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 12-10-22, 03:09 PM   #820

nhal ahmed

? العضوٌ??? » 190694
?  التسِجيلٌ » Jul 2011
? مشَارَ?اتْي » 983
?  نُقآطِيْ » nhal ahmed is on a distinguished road
افتراضي

روووووعة ما شاء الله عليكى قلمك حقيقى نظيف وطيب

nhal ahmed غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 10:15 AM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.