شبكة روايتي الثقافية

شبكة روايتي الثقافية (https://www.rewity.com/forum/index.php)
-   قسم ارشيف الروايات المنقولة (https://www.rewity.com/forum/f490/)
-   -   تَائِه فِي أَحَضانِ البَيْداء/ للكاتبة أَحاسِيسُ ذَابِلة " (https://www.rewity.com/forum/t483199.html)

لامارا 05-07-21 09:26 PM

تَائِه فِي أَحَضانِ البَيْداء/ للكاتبة أَحاسِيسُ ذَابِلة "
 
https://upload.rewity.com/upfiles/RZx88645.png

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

نقدم لكم رواية
تَائِه فِي أَحَضانِ البَيْداء
للكاتبة أَحاسِيسُ ذَابِلة "

https://upload.rewity.com/do.php?img=170108

قراءة ممتعة للجميع.....

لامارا 05-07-21 09:30 PM


-بداية-

بالماضي البعيد..
.
.
١٩٩٥م/اليمن

هدئ المكان بعد الساعة الحادي عشر مساءً ،ليعود الرجال لمنازلهم ،وتغلق الدكاكين الصغيرة،والمحلات ،وينام الأطفال،بعد أن كرسوا جهدهم وطاقتهم باللعب بتلك الألعاب القديمة جداً ومنها الكرات الزجاجية ،وكرة القدم ولا يخلو اللعب من إزعاج الجيران،ولعبة اسمها قرقيحة ،والبعض من يعرف هذه اللعبة المزعجة أسم على مسمى ،فهي تتكون من كرتان صلبتان وخيط يجمع بينهما مربوط رأسه بشكل خاتم، ويتم ضربها ببعضهما بإحدى اليدين ،بحركات منتظمة والأغلب يبرع بلعبها،وأخر لازال يشاهد التلفاز بشكلة التقليدي القديم،وبرامجه القديمة جداً، جداً قد مضت وانتهت كما مضى الزمن القديم وانتهت احداثه.
ترتدي عباءة رثة وممزقة،وبيديها رضيع يتحرك حركات عشوائية ويشد عباءتها بأنامله الصغيرة،وفمه لازال علية أثر حليبها،مغطى برقعة رفيعة ومتسخة وفيها بعض الثقوب،تنظر يمنة ويسرة تخاف أن يراها أحد،وبعد فترة وجيزة وصلت للمكان المطلوب وقلبها ينزف نزيفاً داخلياً وغير مرئي،يديها ترتجفان يكاد الرضيع أن يقع مع وقوع قلبها ،أخرجت كيساً أسوداً من كم عباءتها لتضع الرضيع فيه بكل حرص ،علقته على باب المسجد،دموعها تنساب بغزراة ،تحرق روحها قبل وجنتيها ،قفت عن الباب لتجر خطاها ذاهبة ،وبحركة لا إرادية اتلتفت خلفها وصوت بكاء رضيعتها قطع قلبها لأنصاف، ما بيدها حيلة كل ما حدث خارجاً عن إرادتها نطقت بحرقة وأنهيار ويديها تغطي أذنيها وقدميها تسرع وتسرع خوفاً من العودة للوراء:مش بيدي يا حبيبة ماما الفقر سرق ضحكتنا وأبيك جبرني أرجمك هنا سامحيني ياشهد سامحي أمك.
اما الطفلة فكانت تبكي من البرد والجوع،و تنتحب بصوتاً عالي لعل احداً يسمع أنينها وبكاءها فينجدها.
مهلاً طفلتي !!
لالزال الوقت مبكراً جداً على بكاءكِ وأنينك ،مازالتِ طفلة ياحبيبتي على الهم،أكبري قليلاً وستعرفين أن الدنياء كذبة أغرقتنا بالمعاصي وغرتنا بالملذات،وأن الحياة لازالت تضخ سمومها بأرواح الناسِ.
نسى والدكِ يا طفلتي أن الله الرازق ،الم يتدبر ما قال في كتابية الكريم :
وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلَاقٍ ۖ نَّحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ ۚ إِنَّ قَتْلَهُمْ كَانَ خِطْئًا كَبِيرًا (31).
.
.
المملكة العربية السعودية
٢٠٠٣م/تبوك
الساعة ١٢صباحاً
اجواءً رومانسية و بلالين حمراء وبيضاء ،وشموع ووروداً مجففة منثورة بكل مكان وفوق مفرش السرير الأبيض شكلت بها قلباً، إضاءت كلها أحمر×أصفر، مشاعرها تضج بالسعادة والحب الا متناهي ،كانت بداية جميلة معه وتجربة بثت بقلبها دموع سعادة ،كان شريكها بالحزن والسعادة ووقت الشدائد طول مدة الثمان سنوات التي قضتها معه بحلوها ومرها،وماهي إلا لحظات غفرت فاهها بصدمة ونطقت بعدم إستيعاب وقد جحظت عينيها وجف ريقها وتفجرت براكين أحرقت جوفها:طلقني وسافر.
ضمها أخيها لصدره لعله يعطيها من قوته ولكن جسدها أرتخى وتفجرت سدود دموعها ،كانت تتأمل المكان وتكذب ما تسمعه سيعود نعم وسيحتفلان بذكرى زواجهما مثل كل مرة،ولكن جدية أخيها الكبير جعتلها تيقن ان كل ما حصل حقيقي ،وجهت لكمات خفيفة لصدر اخيها العريض وهو لم يعارض بل كان يحاول تهدئتها وإحتوائها.
بث بروحها السم بدل الحب قطع قلبها بمنشار قسوته وهجرانه لها رحل بدون وداع وحتى دون تبرير،لمَ؟؟ ،أي ذنب اقترفته بحقة ،هي أحبته فحسب أحبته وأحتوته وعوضته ،وأنجبت له طفلاً رغم أنهيار صحتها ،مهلاً مهلاً طفل؟؟
جحظت عينيها مجدداً وأصفر وجهها شعرت بمس كهربائي يسري بجسدها ،ويعدم روحها،و ببصيص امل نطقت بنبرة يتخللها تأتأه وتلعثم:ولدي وينه وينه يا عامر لا تقول انه اخذه وسافر وكذب علي انه بياخذه معاه لعمله ،من فتره أختفى جوازه لا يكون أخذه وسافر اليمن ،لم يرد عليها ليس لديه جواب أغمض عينيه بقوة وضمها بشدة يحاول تخفيف ألمها واسكان رجفتها ،بينما نبرتها تحتد وتحتد ،وهي تريد جواباً مع ان الجواب واضح وسينهي ما تبقى منها ،لتتلاشا نبرتها شيئاً فشيئاً ،سلبها ولدها واخذه منها بكل قسوة وهمجية ،جثت على الأرض لتضغط على وجهها بأناملها الرفيعة كانت قد صبغت أظافرها بطلاء أحمر ،تريد ولدها تريده بشدة ،تريد ان تشتمه وتضمه ليعيد الحياة لروحها التي ماتت منذُ اللحظات الفائتة، لن تهداء أعاصير قلبها وزوابع روحها الا عندما يعود طفلها ذو٧ أعوام لأحضانها،عادت تلك المشاهد منذُ تزوجته إلى اليوم لتنهار أكثر وقلبها ينزف بغزارة، وروحها تكتب بذلك النزيف"أريد ولدي"

وأي آلم أقسى وأمر من فقدان الأم لضناها ،لفقدان جزء منها ومن روحها،أمي دموعك تلك وصوت نحيبك لا تصلني ولكن أعلمي أن حالي كحالكِ أبكيك وتبكيني بمكان وزمان مختلفين،أمي يقولون أن الدنياء صغيرة ولا بد لي ولكِ من اللقاء..
.
.
بنفس المنطقة ونفس اللحظة
في مكان مهجور أمام منزل ،قد أنتهت الحياة فيه ،وسعف النخيل مالت وأنكسرت وأنتثرت أجزاءها بالمكان لتأكد ان الحياة انتهت في هذا المكان بالفعل،حفراً كثيرة ،وزجاج محطم. وبين هذا كله يجلس على عتبة المنزل ويدخن بشراهة وإبتسامة تعتلي شفتيه التي تميل للسواد.
نظر إليه ثم للطفل الذي يمسك يد الواقف بشدة ويده الأخرى تمسك شماغه، وعيناه الؤلؤيتان تبرق بفضول.نطق وهو يقف ويدوس السيجارة ويداه قد أدخلهما في جيب معطفه :سافر نهائي
نطق وهو يهز رأسه بسرعة دليل على خوفه وذعره:اي سافر و كل شي تمام التمام
جلس الرجل أمام الطفل وأمسك كتفيه بشدة وهزه بعنف، حتى وقعت غترته لينطق بفحيح:أموتك الحين هاه وش جايبك تشتي تفضحني الله يقطعك أنت وأبوك يالعله
شد الطفل على كف الشاب الواقف بجانبه وينظر إليه بإستجاد لعله يخلصه من الوحش الذي أمامه.
سحب الطفل للخلف يخاف ان يفعل به شيء او يضيعه كما أضاعه،مذعور منه ويشعر بالموت يحوم حوله ماذا لو قتله ودفنه بتلك الحفرة المثالية أمام المنزل على الجهة اليمنى بجانب ساق النخيل المهترئ،نطق وقلبه يخفق :بتصرف خلي هالولد علي
نظر إليه وأبتسم بخبث ليقف وينفض الغبار الملتصق على بنطاله ثم صفق بيداه ليزيل الغبار عنهما:طيب بس والله ثم والله لو احد عرف بتروح انت فيها،ليربط على كتفه لينطق بثقة :اما انا بقدر اخارج نفسي منها ولا احد شاف ولا أحد درى. ليتركه خلفه ويجر خطاه نحو سيارته السوداء ليحركها بسرعة.
نطق الطفل ببراءة وهو يضم ركبتيه:بنلعب هنا صح عمو.
ضرب ظهره بعنف لدرجة أن الطفل انقطع نفسه وزاغ بصرة ليعود للوراء خطوات عديدة حتى اصطدم ظهره بساق النخلة وضمها من الخلف.
نطق الشاب وهو يقترب منه وعيناه حمراء ويبتسم بمرارة:ناقصني انا عشان تلحقني ،ليصفعه على وجهه ،لتليها صفعات أخرى .اما الطفل فكان غير مستوعب لما يحصل حتى دموعه متحجرة بعينية كل ماكان يريده أن يلعب معه فحسب.
أخرج سكيناً لمع حدها بالظلام ،ليرتجف قلبه ويرتج عقله حالما وضع السكين على رقبته سيذبحه التف بجسده ليحاوط النخلة ويضمها رغم خدشها لجسده ويداه الصغيرتان،يلتقط للمكان نظرات بعينية الصغيرة يحاول ان يجد مصدر أمان،وللأسف الشديد لايوجد، كل أنش في هذا المكان رعباً×رعب كما في الأفلام التي كان يشاهدها ،شعر بآلم في رقبته وبعض قطرات الدم قد حطت على ثوبه الأبيض، ليصرخ بصوت،مستنجد،خائف، مرعوب ،ومذعور،ودموعه قد انسابت على وجنتيه الحمراء وصفعاته قد تركت اثر أصابعه لتختلط تلك الدموع بقطرات الدماء :ماما تعالي بيقتلوني ماما تعالي ما أبي أموت كذا ..بيذبحني مثل البقره ..،ليصيح بصوت أعلى ونفسه يتقطع وجسدة يهتز بجنون وعشوائية:ماما بيذبحوني ..ماما ،ليخور جسده على الأرض وشفتاه الصغيرة والمرتجفة تهمس:ماما.
.
.
٢٠١٠م/ تبوك
الساعة ٣عصراً
تكاثفت الغيوم وهبت رياح باردة لتراقص الأشجار ،والشجيرات،والورود التي تقبع بالجهة اليسرى من فناء المنزل بألوانها المتعددة والزاهية ،ساندة يدها على خدها ويدها الأخرى مطوية امامها على الطاولة وتقبض أصابعها تتأمل ولديها ،جراح ذو١٥ عام وحَلاه ذات ٨ أعوام تهاتفت أصواتهما فرحة بالمطر وكل وأحداً منهما أخذ دلواً ليتحديا بعضهما ،والتحدي ان من يجمع أكبر قدراً من الماء في دلوه يفوز،أبتسمت شبه إبتسامة ولكن فرحتها بولدها محب الأشجار والزرعة، وأبنتها محبة المطر ،ناقصة فلديها ولدها الثالث تؤام الأول والقريب لقلبها،أتعبها أبكاها دماً بدلاً من الدموع ،أرهقها ،وأنهكها، وأستنزف طاقتها بتصرفاته الا منطقية ،مشاكله لاتنتهي ومعايرة والده لاتنتهي أيضاً فهو يرجع اللوم عليها وانها لم تستطع ان تربيه كبقية الأطفال،بحق لم تعد تحتمل أكثر،وحتى أخيها سافر مع ولده وتركها بهذا البلد وحيدة.
سقطت قطرات المطر الواحدة تلو الأخرى لتعزف الحاناً على وجهه الأرض ،لتغسل الروح وتروي حقول القلوب فسبحان من خلق فأبدع.
نطقت بأسى وعينيها قد لمعت :كنت أحب المطر ياغلا والحين كل ما نزل كأن الغيوم ترثيني تعبت وقسم بالله العظيم تعبت ،شبعت كلام وشبعت مشاكل وشبعت معايره من سند وشبعت غربة،واختي الصغيرة من يهتم بها ويرعاها بعد موت أمي وأبوي.تنهدت مطولاً وقد حضنت نفسها :ولدي كل يوم يبعد عني وصاير اخس من قبل وسند صاير عصبي زيادة يمسيه ويصبحه بكفوف.توقفت الكلمات لتتراصف ببلعومها وتخنقها لا الدموع تحكي ولا الشعور يحكي ولا قصيدة توصف ماتمر به من مأسي.
ربتت على كتفها لتنطق بأسى يشابه أساها وهي تتأمل ولديها اللذان يلعبان بالوحل ويصنعان منه بيوتاً صغيرة ليتشاجرا بعدها ثم يتراميان بالوحل ليفسدا ما بنياه وهما يضحكان:رفيدا أنتي عارفه ان فيك سكر لازم تنتبهي لصحتك وأحمدي الله ان أولادك قدام عينك اما انا ولدي ما أدري عنه.
لم تستطع ان تواسيها كما تفعل، تعب الكلام من الكلام تفقدت المكان بعينيها لاوجود له تخاف أن تغفل عنه فيحصل مالا يحمد عقباه وقفت ووقفت تلك معها لتحرك خطاها نحو المطبخ وكأن قلبها يدلها لمكان المصيبة ،تجر تنورتها الحمراء المبتلة معها لتفتح باب المطبخ ،شهقت بعنف وجحظت عينيها من المشهد الذي رأته ،شحب وجهها لتنطق بدون وعي ويداها تتحرك بعشوائية ونفي ممزوج برجاء مرير:أترك السكين من يدك ، يكفي جنان حبيبي أنت بتتركها صح
نظر إليها بعينان متحجرتان وملامح خالية من التعبير ثم أعاد نظره للسكين وقد بدأت بالغوص في معصمه محدثة جرحاً سطحياً أبتسم إبتسامة خالية من الحياة ثم نظر إليها بدون اكتراث..
لم يلقي بالاً لكلامها وكأنه أصم ،ولا يصغي إليها حتى ولا لأمرها أنسابت دموعها وهي تترجاه وتتوسل إليه بكل الكلمات خشت أن تقترب ويحصل ماتخشاه ، قلبها يتقطع لأشلاء ويكوي فؤادها دعت الله كثيراً وترجته كثيراً وتلك خلفها تضمها و تحاول بكل جهدها أن تساعد دون فائدة .لم تجد نفسها الا وهي تجر خطاها نحو ولدها وإتزان روحها يختل ستأتيها نوبة قلبيه لو حصل له شيء وبالوقت نفسه شعرت بتوازن جسدها يختل لتنزلق قدمها اليمنى وينحني جسدها وهي تشهق ليرتطم رأسها على زاوية حادة وفمها لازال ينطق بترجي أن يتوقف عن جنونه
.
.
٢٠١٣م/بأحد مناطق صنعاء

حفل زفاف صاخب، أصوات متفجرات ومفرقعات نارية ،البعض يتأمل جمال أشكالها من الشبابيك والبعض يتأملها من الخرج ،أصبحت السماء حمراء من شدة التفجيرات ،وإطلاق الرصاص فهذا شيء شائع في الأعراس اليمنية.
يمشون بسلام تمسك والدها بيد ووالدتها بيد وهما يبتسمان لتصرفاتها الطفولية ،تتملكها السعادة بجانب والديها ،يمشون باتجاه المنزل بعد قضاء وقت ممتع في حديقة "السبعين".
صوت إطلاق رصاص،وبنفس اللحظة صوت إرتطام جسداً على الأرض بقوة كبيرة ،وقد أفلتت إحدى يديها،فتحت عينيها بذهول وصرخت صرخة هزت الشارع بأكملة بعد أن وجهت أنظارها لوالدها :بابا .
الدم ينزف من جهته اليسرى وعينه مفتوحتان وينظر لنقطة محددة ،وجسده بات يصبح بارداً ،نظرت لوالدتها مفجوعة ومذهولة وعينيها جاحظتان من شدة رعب الموقف،كان مريعاً بكل ماتحمله الكلمة من معنى ،اتجهت نحو زوجها ووجهت ناظريها لمكان الرصاصة لتنهار جالسة بجانبه ودموعها خطت خطاها الثابتة على وجنتيها وأبنتها بالمثل أجتمع الناس والنساء حولهما ،منهم من يذكر الله ومنهم من ينظر إليهما بشفقة ،لتسمعهم ينطقون وهم يقيسون نبضة:عظم الله أجركم
.
.
بالماضي القريب..
.
.
٢٠١٦/صنعاء
الساعة ٨ مساءً
بالمجلس العربي ..
حاولت الهرب من جانبة لكنه يضمها من كتفها ويمرر أصبعه السبابة على ذراعها الأيسر بينما يشاهدان مقطعاً مضحكاً ،شعرت أنها في خطر وأنه تعداء الخطوط الحمراء ،حيث يقبل رأسها مراراً وتكراراً عكس العادة ولمساته أصبحت جريئة ،لينتفض جسدها مبتعدة عنه ،بعد ان تمادئ أكثر خطت لجانب الباب تريد الخروج ولكنه وقف بسرعة وأقترب منها ضمها لصدره من جديد .
شعرت بقرف حقيقي وأن نيتة ليست سليمة وأنها في خطر حقيقي نطقت بحذر وهي تحاول التملص:اشتي أذاكر. نطق بدون أكتراث وهو يقبل رأسها :بذاكر لك بعدا(بعدين)
لتبتعد عنه وتدفع صدره بيديها الصغيرتين بعد ان شعرت بيده على صدرها نطقت بإشتعال :بعد عني الله يشلك تحسبني ما اعرفش هذي الحركات والله اني اعرف كل شي ولأكلم أمي وأبي .لتهرب نحو الخارج ووجهها أحمر ودموعها متحجرة ،وجسدها يرتجف،تشعر أن قلبها قد أصبح بحلقها، كانت تهدده فحسب لمَ تقع بأيدي أشخاص خبيثون هكذا هذه ثالث مرة يحصل لها هذا الموقف وتنجو بأعجوبة منهم وكلهم من العائلة، هل صدق بأنها ستخبر والدتها؟ تقسم انها لن تبقي عظمة وأحدة سليمة بجسدها ولن تتفهمها بل ستقهرها وتكذبها ،وهي بطبعها كتومة .
اما هو أستغفر ربه ومسح على وجهه مراراً وتكراراً مالذي فعله بها لا يصدق أن هذا كلامها وهي بعمر١٣عام ،من الجيد أنها أيقضته مماكان سيفعله ،وقف ليذهب لدورة المياه ويتوضاء،صلى ركعتين وأستغفر ربه وقرأ قرآن وشعور الندم يأكله ببطىء..
.
.
٢٠١٦م/صنعاء
الساعة ٩ مساءً
،تجلس بزاوية الغرفة ،كانت تنظر لوالديها ، يتشاجران وكل واحداً يرمي على الأخر بكلمات ماكان عليهما قولها أمامها ،ووالدتها تحطم وترمي كل مايقف بطريقها،تنظر إليهما برجاء وأسى تريد منهما ان يكفا عما يفعلانه،كل يوم يتشاجران أمامها وهي تنتظر نهاية هذه المشاجرة العقيمة اما بعقد السلام او الإنفصال،ارتجف جسدها من الجملة الأخيرة لا تستطيع العيش بواحداً دون الأخر.
أحمرت عيناه ونفذ صبره لم يعد يحتمل شكها الزائد عن حده ليس سجيناً لها حتى تقييده بها وتمنع عنه الحرية نطق بنفاذ صبر وهو يدفع ذراعها بعد ان كانت ممسكة بكتفه :اي متزوج وعندي ولدين
شهقت بعنف ونطقت ودموعها جرت على خدها كجريان السيول ،أشرت على نفسها وضربت صدرها:ليش تكذب عليا من أول شي،متزوجها حتى قبل ام هادي الله يرحمها ليش ما صارحتني أنك متزوج واني الثالثه كذاب الله لايسامحك،لتنطق بكبرياء وهي تدفعه من صدره:طلقني الآن والله ما أجلس ببيتك ساعه وحده ،لتتركه وتتجه نحو عباءتها المعلقة على الشماعة ،وتجمع أغرضها لحقيبتها وهي بقمة غضبها وإشتعالها وغيرتها وشكها الذي بدأ بتدمير شيء من حياتها.
نطق بلحظة غصب وقد أكتفى منها ومن شكها:أنتي طالق
أرتجف صدرها من وقع تلك الكلمة ولكنها لم تلتفت إليه بل أخذت نفسها وذهبت وهو بالمثل أخذ مفاتيح سيارته وخرج حتى يشتم هواءً نقياً ويهدئ من اشتعاله.
أنتفض جسدها وبؤبؤ عينيها توسع ،تنظر لنقطة محددة،تحاول ترجمة وإستيعاب الموقف ،مال رأسها بحركة لا إرادية لم تتوقع او تفكر لحظة واحدة بأنهما سينفصلان ،هل الزواج هكذا وهذه نهايته ،اي راحة يتكلمون عنها وهي منذُ ان عرفت نفسها ووالديها يتشاجران أمامها دون إكتراث لها ولمشاعرها الرقيقة..
.
.
الوقت الحالي
يريدون تمزيق صفحات الماضي التي لازالت مضارعاً مستمراً لوقتنا الحالي ،ولكن تلك الصفحات غير مرئية ومركونة بأحد رفوف أرواحهم المهجورة ،وقد حاك الحزن خيوطة بزواياء الفرح ،وأحاط الغبار تلك الصفحات المهترئة بحروفها الباهتة كبهوت أرواحهم ،أبية أن تُطوى،مقاومة التمزق بسيل دموعهم ،و الإحتراق مع حريق أرواحهم الداخلية، والتساؤل الأن هل تطوى تلك الصفحات الغبراء المهترئة؟
.
.
أنتظروني قريباً.
.
.


لامارا 05-07-21 09:31 PM


بسم الله الرحمن الرحيم.


من اعماق اعماق داخلي عزفت حروفاً على مسودتي المليئة بحروفاً صادقة،عزفت الحاناً من أعماق وجداني لتحكي قصصاً لابطالاً هم جزء مني،ومن أيامي،قطعت اشواطاً عديدة معهم،ولازال طريقي نحو النهاية مستمر ان شاء الله ،ربما كنت قد عزفت حروفاً مؤلمة،والقليل منها السعيد،فطبع الدنيا الشقاء،والسعادة بالرضاء.
ليست تحدي بيني وبين أحد بل بيني وبين نفسي،طردت الخوف والتردد، لأخوض تجربة مختلفة عما سبق، لربما طريقي متعب وطويل،ولكني سأصل لما أطمح له بفضل الله ثم بتعبي وأنتم.
اريد إيصال صوت أبطالي للآفاق ،طرحت قضايا برأيي انها تستحق النقاش ،ونقاشكم لن يضيع سوداً.
كتبت خربشات مابين عمر السادس والسابع عشر،ولكن لم تكن بالنضج الكافي ولم أتجرأ بنشرها،واليوم وقد شعرت بأني نضجت كفاية لاتجرأ وافضفض بما في خاطري ووجداني لست كاتبة ولا هاوية بل اعمل بمقولة"أكتب لأرتاح".
تنبيه:الرواية خيالية إضافة أن الأعمار والأحداث والعادات والتقاليد والدول التي ذكرتها، كلها حسب البيئة التي أعيش فيها،و سأكون صادقة بما أكتب دون تزييف أو مبالغة..
الرواية باللهجة اليمنية،ولأكون صريحة احترت حقاً بأي لهجة سأكتب،وقررت أخيراً،وبفكرة غريبة أن أجمع كل الكلمات الواضحة من جميع المحافظات اليمنية وأختار السلسة منها ،ليكون كل شيء واضح.
فكونوا بالقرب لنخوض رحلة في بلدي الجميل،وبعض من عاداته وتقاليده،وحتى صموده،واسأل من الله أن تخلد هذه الرواية بعقل كل قارئ ،وجعلها الله شاهدة لي لا علي.
وبما ان أغلب المشاركات بالمنتدى جامعيات ماشاء الله تبارك الرحمن ،اعتبرنني اختكن،الصغيره وخذن بيدي عند الخطأ ووجهنني للصواب.

،متمنية للجميع التوفيق.

أختكم / أحاسيس ذابلة..

لامارا 05-07-21 09:32 PM


الفصل-الأول-
.
"تَاهَت خُطانا في الظَلام"
.
اليمن/صنعاء
الساعة ١:١٠صباحاً
فتحت مقلتيها ،عندما وصل صوت غريباً لمسامعها ،المكان مظلم وموحش،تتنفس ببطء شديد ،تسمع صوت غرغرة،صادرة من غرفة أختها التي تقع بجوار غرفتها ،وكأن أحداً يخنق أختها أو ملك الموت يسحب روحها ،،شعرت بقدميها يرتخيان عاجزة عن الوقوف،وجسدها يهتز وكأن زلزالاً يزلزلها من أقصى أعماقها،جلست بصعوبة، لتقف وهي تستند على طرف السرير،خطت خطوتين، تريد الذهاب لغرفة أختها، لتجثي على الأرض وتشعر بمغناطيساً يلصقها على الأرض،حاولت النهوض ،ولكن دون جدوى أغمضت عينيها بإنهيار ،شعرت بالإختناق ،وأن فمها خانها تريد الصراخ باسم أختها بعد أن اعتلى صوت أختها بالنجدة ،لتحاول الصراخ باسمها دون جدوى، شلت حركتها تماماً،وصوت شخصاً يضحك ،وصدى صوته يتردد بأذنيها ،أرخت جسدها المشدود،وأغمضت عينيها، لتتلو آية الكرسي مثل كل مرة.
أنتفض جسدها وفتحت عينيها على وسعها وهي تتعرق بشدة ،نظرت حولها بعينان مفتوحتان ،كل ماحدث قبل قليل كان حلماً أغمضت عينيها،وصوت تنفسها يسمع ،وقلبها ينبض كأنه طبول تقرع يوم العيد،فتحت هاتفها ،بعد أن أخرجته من الدرج الذي بجانب السرير على الجهة اليمنى ،كانت الساعة ١ والنصف صباحاً،لم تنم الا ربع ساعة فحسب بعد عراك طويل مع ضجيج عقلها الذي لايهداء،أستغفرت وتعوذت من الشيطان ،فتحت كشاف هاتفها،لتبعد اللحاف عن جسدها ويقع على الأرض خطت نحو غرفة أختها تتطمن عليها وعلى أبنيها،كان باب غرفتها شبه مفتوح ،أسترقت عينها اليسرى لقطة ،قطعت قلبها،ولزلزت كيانها ،كانت أخُتها تجلس على سريرها ،وتقلب صوراً ،وتتأملها كثيراً،ثم تتأمل صور زواجها ،تحاول كتم شهقاتها ،ودموعها تهبط لترتطم على تلك الصور المرصوفة،كانت أغلب الصور لولدها المتوفي ،وزوجها الخائن كما تزعم،تزوج عليها وتدهورت صحتها النفسية ومازاد الأمر سوءً موت ولدها البكر ،كان يبلغ من العمر١٠أعوام ،هذا الشيء الوحيد الذي يغفر لها كلما كشرت بأنيابها لتعضها وتبث السموم بقلبها المتعب،بعد طلاق والديها ،سافر والدها وتركها عند أختها غير الشقيقة "روايةية"ولديها أدهم عمره ٩ أعوام ودلال تبلغ من العمر٤ أعوام .
عادت لغرفتها بخطى متعثرة ،وأسنانها العلوية تضغط على شفتها السفلية ،لا تريد البكاء مع أنها ستنفجر،باتت ماهرة بالتحكم في مشاعرها والصمود ولازالت تطمح للمزيد،تريد أن تصبح قوية كالصخر لا يهزها شيء،يكفيها بكاء ويكفيها نحيب السنون الماضية ،ستجمد مشاعرها للأبد ، لا تريد حناناً ولا عطفاً ولا حباً "اكتفت من كل شيء حرفياً،وليست مستعدة للخوض في علاقات جديدة كانت صداقة او غيرها ،لقت من الخذلان ما يكفيها لأعوام عديدة ،كيف تضمن أن هناك من سيبقى معها ووالديها وهما والديها تخليا عنها وجعلاها تبكي كطفل ضائع بالزحام .قرأت الرسالة التي وصلتها من رئيسة صفهم "البيداء باكر دوام"تأففت بضجر لترمي بجسدها المتهالك على سريرها،وترمي الهاتف جانبها، أغمضت عينيها بقوة لتردد الأذكار ،تخاف ان يزورها ذاك الحلم مجدداً ككل مرة ،نظرت لكتبها المرصوفة بجانب رأسها "كيمياء،أحياء،فيزياء،رياض� �ات " الصف الثاني ثانوي،هذه السنة الدراسية ماقبل الأخيرة ولكنها السنة الأثقل عليها وعلى روحها،وحتى يوم الخميس عليهم ان يدرسوا لإكمال منهج الترم الثاني..
.
.
الساعة ٢:٥٠فجراً
يشاهد التلفاز بملل شديد ،لاشيء مهم كل شيء بات مملاً،رمى الريموت جانبه ليتأمل السقف بعينين جامدتين ،كل شيء كان يسعى للوصول إليه ،تحقق وأصبح حقيقة،المنزل ،والسيارة،والوظيفة حيث أصبح معلم أحياء،وأصبح دكتور مختبرات بأحد العيادات ،قبل سنوات كان حلمه ان يصبح معلماً والحمدلله تحقق ،وكم يستمتع بهذه المهنة،مدّ ركبتيه بعد أن كانت مطوية ،ليضغط بأنامله على كعب ركبتيه،تعب كثيراً حتى وصل لهذه المرحلة واستنزفت كل طاقته،ولازالت هناك عقبات كثيرة ستواجهه لاحقاً،أتت الأشياء الجميلة بعد أن ذاق المر وأعتاد عليه،ولم يعد يستمتع بسكر الأيام،الشوق يمزقه والحنين يبعثره،وحضن والدته هو فقط من سيجمعه.
تلك الأيام التي مضت ،لم تكن هينة بل سحقته مزقته عبثت بروحه ،عمره٢٥عام فقط وقد خطت بعض الشعرات البيضاء رأسه تحكي معاناة قسمت ظهره وهو بعز طفولته وبراءته،كان ينظر للأطفال بعينان جائعتان يشتهيان الحياة مثلهم يلعب بتلك الألعاب المغرية ويأكل من تلك المنتجات العجيبة المخصصة للأطفال ،يرتدي ثياباً جميلة مثلهم ،والأهم أن يكون برفقة والديه ،واحداً يمسك بيده اليمنى والأخر باليسرى ،ولكن مع الأسف أصبح يتيماً ووالديه على قيد الحياة،الأقدار جعلته أكبر من عمره بسنوات كثيرة جداً،سرقت ابتسامته بكل قسوة وبشاعة وكل تلك المعاناة سببها من؟؟سببها والده الذي أبعده عن أمه واختفى ليتركه مع زوجته الأولى،ولو كان بينها وبين الجنة ذنبه ماسامحها.
تنظر إليه من جانب الباب ،شارد الذهن ويداه تهمز ركبتاه ،فترة طويلة حتى لمحها اعتدل بجلسته وابتسم لينطق:تعالي ،أبتسمت لتقترب منه وتقبل رأسه ثم بدأت بعمل مساج لركبتيه ،نطقت برثاء:رماح ارتاح باكر مش ضروري تتعب نفسك. قبل رأسها ونطق بمكابرة :انا بخير بس اشوية تعب وبيخف ،ثم أردف وهو يعتدل بطريقة جلسته :سيري أرقدي عشان ما ترقدي بالفصل .هزت رأسها بالموافقة وتصنعت الابتسامه لتقبل رأسه،وتنطق :تصبح على خير ،لتقف وتغلق الأضواء ،وتعود لغرفتها بينما هو رد عليها متأخراً بصوت مرهق:وأنتي بخير سماهر، ليريح جسده على ضغط المجلس ويغطى عينيه بذراعه الأيمن ليغط بنوم عميق.
بغرفتها بعد أن عادت من عنده، تمسك الكتاب بكلتا يديها وقدميها تتحرك ذهاباً وأياباً،بحدود غرفتها، تريد حصد أعلى الدرجات ،حتى تفرح وتفرحه معها،تريد أن تثبت له أن المال الذي ينفقه عليها ،لايذهب سُداً ،بل ينبت أشجاراً تخرج منها ثماراً كثيرة ووفيرة.
ببلدهم هناك تدمير للمعنويات والأحلام وبالاخص"الفتيات" أما يحرمن من دراستهن بحكم أن لافائدة من دارستهن وأن نهايتهن ربات بيوت ،ويخافون عليهن أيضاً كما يزعمون ،ومن جملهم الشائعة:
"أنتي بنت ليش تدرسي وآخرتك للمطبخ.
تضيعي عمرك على الفاضي ومافيش أشغال للرجال بتحصلي أنتي.
ايش بتستفيدي من الدراسة تزوجي أحسن .
وإذا تزوجت ولم تكمل دراستها قالوا:ليش ماكملتي دراستك أحسنلك ،وهنا ندرك أن رضى الناس غاية لاتدرك،ولكنهن لا زلن يحاولن ويطمحن للقمم مهما كانت الصعوبات والعرقلات يكفيها أن الله عوضها بأبن أخيها الذي يقف بجانبها ويشجعها ،وتستند عليه عند الإنحناء ،ويجبرها عند الإنكسار .جلست على السرير وعينيها مثبتة على الصفحة٥٠ من كتاب الأحياء، ستفعلها،ستصل لما تطمح،نعم ستصل ،هل ياترى قرأت البيداء الرسالة ام أنها ستتغيب مثل اليوم؟ .
.
.
الصباح أشرقت الشمس لتساعد الأجساد على الدفء،بعد نزول المطر ليلة البارحة ،وبرودة الجو.
عدلت خمارها ومن ثم غطاء وجهها تنفست رائحة الصباح بعمق،ثم نظرت لساعتها السوداء التي تحيط معصمها ، كانت تشير للسابعة والنصف ،لازال الوقت مبكراً ستتمشى بالشارع قليلاً ،كان مليئاً بالمياه والوحل أثر نزول المطر فقد أكملت ملامح الشتاء ،تلفتت يمنة ثم يسرة،بعض المحلات التي تحيط الشارع لازالت مغلقة،وتفوح رائحة خبزاً شهية،بعض بسطات الخضروات مفتوحة،وأطفال يعملون بها وبعضهم يتناولن وجبة الإفطار على الرصيف ،أجبرتهم الأوضاع على العمل وترك المدارس،ثم تأملت طلاب الثانوية ببدلة المدرسة الكحليه ،والفتيات بعباءتهن الكحلية وحجابهن الأبيض ولثاماتهن والبعض كاشفات وجوههن،أولئك الطائشون الكارهون للدراسة ،يضحكون ويهربون يغيظون بعضهم،وحتى انهم يقطعون الشارع بتهور،يشترون من البقائل والمكتبات،أما الفتيات مجدات و مجتهدات يسارعن للوصول للمدرسة،أبتسمت بهدوء،والتفائل يدغدغ قلبها أشتاقت لأيام المدرسة ،ولكن لاتشتاق لتنمرهم البتة ونظرات احتقارهم ،كم لقباً باتت تحمل الأن ،واحد عانس مع أنها لم تكمل الخامس والعشرين من عمرها،واثنان قليلة تربية بسبب عملها المختلط وقيادتها لسيارتها،والكثير والكثير،من التنمر.
صوت من خلفها يتخلله البحة والهدوء :براءة
أدرات بجسدها لتنظر إليها بكامل حشمتها:صباح الخير بيبو
أبتسمت البيداء بإرهاق لتسلم عليها :صباح العسل ياعسل
أبتسمت براءة بشيء من السعادة ،ومثل ما أن هناك كثير من المتنمرين والحاقدين،مازال العالم مليئاً بالطيبين ردت على كلامها:انتي العسل.لتردف بتساؤل:كأنك تأخرتي .
نطقت بلا مبالاة وهي تحرك رجليها باتجاه المدرسة:انشغلت ياقلبي،ثم مشت بخطوات أسرع متجنبة الغوص في الوحل والمياه،أدارت بجسدها ولوحت لبراءة ،لو تأخرت أكثر سيعاقبها،تكن له الكثير من البغض.أبتسمت براءة بصفاء ،لتفتح العيادة بعد فترة طويلة ،وتفتح باب صيدليتها المطل على الشارع،تعمل وتعمل لأجل والدها ونفسها.
.
.
عشت إيماني وحبي أمميا
ومسيري فوق دربي عربيا
وسيبقى نبض قلبي يمنيا
لن ترى الدنيا على أرضي وصيا.
الجميع يقف بثبات ورؤوسهم تنظر للأعلى كن فتيات أو فتيان وذلك العلم الشامخ يرفرف عالياً،
وقد كانت هذه السطور آخر سطور من النشيد الوطني ،ما يعني أنها تأخرت.
بجانبها نظرت إليها وضمتها ثم نطقت بفرح:الحمدلله ماتأخرت وحدي .
نظرت إليها البيداء بطرف عينيها وقد تكتفت ،ستعاقب ،ستعاقب.
أدركت الأخرى أنها لا تريد التحدث ،نظرت للطلاب وهم يدخلون الصف بطابور منتظم،وحتى الطالبات بنفس صفهن ، وجهت نظرها لوالدتها التي تنظف الساحة ،ألماً ضرب قلبها ،مابيدها حيلة ولو ذهبت لمساعدتها ستوبخها بعنف،فقدت والدها وفقدت البلد ولكنها لم تفقد الأمل بالله،تأملت عباءة والدتها المتسخة من الوحل ويداها الناعمتين والبيضاوتين أسمرتا ،وقد عبث بهما العمل وأصبحا منقوشتين بخدوش وندبات عميقة لن يمحيها الزمن،لا أحد يعلم أنها والدتها ،ليست هي من تخفي بل والدتها وتجهل السبب ،طول السبع سنوات الماضية عانت المُر والضيم مع والدتها ولم يلتفت عليهما أحد ولا أحد،تلك القصص طويلة ،ولو حكتها لاحتاجت لسبع سنين أخرى.لمعت عينيها وقبضت أصابعها بألم على والدها، حال مالمحتها تتنفس بتعب كيف لرقيقة و جميلة مثل والدتها أن تعمل بمشقة هكذا،ستحقق ماتطمح له وتعوض والدتها التي تضحي من أجلها ومن أجل سعادتها وحتى ثياب المدرسة التي ترتديها جديدة وبأعلى الأسعار من يراها يظن أن حالتها المادية ممتازة.
سحبتها من يدها اليمنى لتشهق وتصحى من شرودها ،لتنطق البيداء بغيظ:روان تحركي مش وقت تسرحي ،الأستاذ بيعاقبنا.
ابتسمت روان بوسعه على هذه النفسية ،بنات الصف ينادينها "بالمطوعة" لأن ثيابها محتشمة ولا تتمادى مع المعلمين ودائماً تنصحهن وتوجههن.
وصلا لجانب باب الصف وسمعاه ينطق:روان تدخل ،البيداء لعند المشرفة
نظرت اليه بحقد لتتجه نحو المشرفة ،وحتى تخيفها المشرفة وتحد من تأخرها قالت بقسوة أن من تتأخر عليها العودة للمنزل ،وهي بدون تفكير أخذت إذناً وعادت للمنزل.
.
.
المساء
كانت تعمل بكل ذمة وضمير ،تنظيف،ترتيب،غسيل الصحون،والثياب ،أخذت نفساً عميقاً ورمت نفسها على الأريكة التي تتوسط الصالة بلونها الأرجواني،تنظر إليه بحسرة وخيبة أمل ،يعبث بهاتفه ويبتسم ابتسامات غريبة ومريبة ،بالتأكيد يراسل حبيباته،نظرت للبلاط الأبيض ينصع والطاولة بالمنتصف تلمع والكراسي مرتبة،ثم لثيابها الأنيقة ،كل شيء مثالي ومرتب،وقفت بإرهاق وتوجهت للمطبخ ،لتأخذ سكينناً ووعاء،وتخرج تفاحاً وبرتقال من الثلاجة،ستشبع بطنها وليذهب ذاك الى الجحيم هو ومن تراسله،عمرها ٢١عاماً ،وتزوجت بعمر١٥عاماً صغيرة أليس كذلك قصتها طويلة جداً ، لديها طفل بعمر٥ أعوام ،وهو الشيء الوحيد الذي يطرد من رأسها فكرة الطلاق ،حتى لو كان ياسر قاساً عليها فهو حنون على ولده ،وطفلها راكان متعلق بكليهما .
صرخ بصوت عالي أفزع به راكان الذي هرع ليضم والدته من ركبتيها ،وبيده عدّة أوراق:انغام .أجابته بهدوء وهي تغلق أذني صغيرها:أيش تشتي
نطق بتذمر:وين الشاهي لازم أتكلم يعني.أخذت نفساً و ابتسمت لولدها بمكابره لتنطق بلطف متجاهلة نداءه:حبيب ماما وش معه
نطق بتساؤل طفولي بعد أن قبل وجنتها اليمنى:ماما ليش بابا يصيح كذا.
قبلت رأسه ونطقت بنفي:بابا يحبني ومايشتيني اتعب.ليمد لها ورقتين ،فتحت الورقتين المطويتان ولاحظت بقع شكلاه عليها،أبتسمت له ومسحت عن فمه الشكلاة التي تناولها قبل قليل ،كانت الأولى مرسوم عليها دائرة كبيرة ومن جانبي الدائرة دائرتين أصغر ،وقد رسم ملامح تشبه ملامح الدب ضمته لصدرها:ماشاء الله حبيب ماما فنان .ثم فتحت رسمة أخرى ،كان قد رسم شخصين بجانب بعض ووسطهما طفل.نطق وهو يدور على نفسه ويصفق:هذا انا وانتي وبابا،ضحكت بخفة وقبلت رأسه لتنطق:أحلى عائلة وأحلى كوكو،سحب الورق من يديها وهو مبتسم بوسعه لينطق:بعلم بابي ، مدحه والده مثل مدح أمه وأكثر وأعطاه نقوداً تقديراً لجهده،وراكان ينتفض من السعادة ويقلب النقود بيده،اما هي قدمت له الشاي،لينظر لها بطرفي عينيه، تجاهلت تلك النظرات لتعود غرفتها وتستلقي على سريرها ،لاتريد أن تتشاجر معه أمام ولدها لاتريده أن يتعقد وتغلط غلطة أخيها.
.
.
تبوك
الساعة ١٢صباحاََ
بأحد الشقق متوسطة الحجم التي تطل على الشارع ،رمى نفسه على سريره وأغلق أذنيه، وكأن طلب الزبائن يتردد بأذنيه ،حتى أن هادي أخبره انه يستيقظ آخر الليل ويهلوس ،ويتكلم بنومه مثل:طلبك جاهز،ايش طلبك، أستيقظ الآخر من نومه وفرك عينيه الحمراوتين لينطق بنعاس وخفوت:متى رجعت.
نطق الأخر بتعب ويديه تمسح وجهه:قبل شوية ،
نظر الآخر للسقف ونطق بمرارة وحسرة:ياخي متى بنرجع البلاد ونتزوج ونكون أسرة عمري يضيع قدام عيني والي مثلي قد عندهم من ثلاثه جهال
.ضحك عبدالرحمن مطولاً ثم تنهد مطولاً :حسك عند الزواجه يا ابن أخي قول متى بنرجع ونضم أحبابنا وأهلنا ،متى بنرتاح من هم الغربة وشقائها.
تنهد الإثنان وكل واحداً منهما سرح بهمه ،خمس سنوات من الغربة ،والبعد عن الأهل والأصحاب،تغربا وهما بعمر العشرين ،وعلى مايبدوا أنهما سيعودان بعد أن يخط الشعر الأبيض رأسيهما.
نطق هادي بقهر وهو يغطي جسده بالكامل:ياخي لو بلدنا صالحه،
قاطعه عبدالرحمن بأسى:أخ يا هادي اللوم مش على البلد اللوم على الي باعوها ،المفروض ان احنا نشتغل ببلدنا ،مرتاحين وجنب أهلنا،لاسامح الله من كان السبب.
نطق هادي بعمق وتنهيدة طويلة :آمين ،ثم أردف بضحكة رغم وجعه:تخيل البيداء أتصلت بي عشان تعلمني العصيد والمندي الي عملتهم وصلت ريحة العصيد لهنا،الظاهر تشتي تغيظني.ضحك عبدالرحمن بخفوت ونطق ،بعد أن تثاوب وأغلق عينيه بإرهاق :أختك ذي يشتي لها زوج عنده قلب سع الدنياء كلها،اليوم طردها الأستاذ من الصف وروحت البيت عناد .هادي بإبتسامة وهو يغلق عينيه:الله يوفقها ويعينها.
.
.
بنفس المنطقة ،بأحد المستشفيات.
:لاتستسلمي خليك قويه انتي قدها وقدود،محد يقدر يحطمك،الله معك ،بكل اوقاتك كوني مؤمنه بالله ولاتنسي قوله " وَلَا تَيْأَسُوا مِن رَّوْحِ اللَّهِ ۖ إِنَّهُ لَا يَيْأَسُ مِن رَّوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ"الحال مايدوم سمعت مره مقولة مضمونها ان حياتنا مثل الفصول الأربعة ولازم تتناوب عليك طول العام،بتلفحك الخيبات ،وتتجمدي بصقيع الوحدة ،وتتساقط الأحلام ،ويجي الربيع ويزهر حياتنا من جديد وهكذا،الله معانا بنومنا وقومتنا،وجهي لله سهوم دعائك أخر الليل والحال بتتيسر وبالأخير الله يجبر كسرك وخاطرك،لتنطق أخيراً بصوت متشحرج و كسير يتخلله الألم والحزن:الدنياء متعبة وأحنا لازم نرضى ونصبر عشان نفوز بالأخرة.
أطفئ التسجيل ليبتسم ابتسامة صغيرة، كيف يدمر كتلة التفائل تلك ،بل يجب وضعها بمكان لا يصل إليه إلا من يستحقه بجدارة،كأنها لؤلؤة يتهافت ويتنافس الجميع لإيجادها،وبالصدفة كانت من حليفه ،ليس حرفياً ولكنه يريدها بشدة بات يشعر بأنها جزء من يومه،يشعر أنه مجرم عندما يستمع للتسجيل وأنه ليس من حقه ولكن تلك الكلمات البسيطة تزرع زهوراً وردية بقلبه ليتها تعرف فقط ،كيف أحيت قلبة ،بعد أن عزى نفسه ومشاعره التي توفيت منذ زمن طويل ونسى كيف يحب ،أعادت الشعور بعد الله تعالى .أخذ هاتفه من على الطاولة السوداء التي أمامه والمليئة بالأوراق الكثيرة والأقلام المنثورة ، حظر رقمها ،لن يكون نذلاً ويفسد على نفسه ،يكفيه هذا التسجيل ،ليرسل تغريدة مضمونها .
-برحاب صحراكِ تهتُ عشقاً
تاركاً خلفي بساتين الزهور.
.
.
الساعة ٩مسائاً
يجتمعون على سفرة واحدة يتناولون وجبة العشاء،ويتبادلون الضحكات بينما والدهم يسكتهم يوبخهم.صمت الجميع بعد ان تحولت ملامح والدهم للغضب.دخل للتو عائداً من عمله بعد أن تمشي بشوارع تبوك،ليقف ويتأملهم للحظات،جراح توأمه وأخته حَلاه التي تبلغ من العمر ١٨عام ،وزوجة والده غلا،وأخيراً الإستخبارات،أخته أريام التي تبلغ من العمر٧ أعوام،عمه صقر بالأربعينات من عمرة أخ والده من أبيه وأمه يمنية وقد توفيت بنوبة قلبية منذُ زمن بعيد،وجدته والدة والده وجنسيتها سعودية ،وجده ذو الجنسية اليمنية ،وعمته سلوى أخت والده الشقيقة ليس لها وجود يبدو أنها تحتفل مع زوجها بنجاح ابنتهما الريم في الترم الأول ،وقد حصلت على الترتيب الأول.كاد أن يتخطاهم ليقطع عليه صوت والده الحازم :بتّار
أدار بجسده لينظر إليه بهدوء.نطق سند بشبه ابتسامة:تعال تعشى معنا.
هز رأسه بالنفي لينطق بإختصار: تعشيت برا ،ليكمل خطاه نحو غرفته ذات الألوان الكئيبة "أسود، رمادي ،وشيء قليل من الأبيض"رسومات بالأبيض والأسود ملصقة على الحائط ،وبعضها ملونة ،إضاءات خافتة ،كتب ذات أغلفة سوداء وبنية ،مرصوفة على مكتبته بأحد زوايا الغرفة ،بعض منها قصص رعب،والأغلب كتب علم النفس،أصبح طبيباً نفسياً وذا خبرة عالية جداً،أستحم وغير ثيابه ليرتمي على سريره ،أخذ ريموت التلفاز واشغله على محطة علمية،ذهنه لم يكن ينصت للقناة بل يتأمل صورته مع ابن خاله ،همس ببرود ويبتسم بهدوء:إن شاء الله أعرف مكانك و نلتقي قريب.

سند نظر لأبنائه كلهم قريبون له إلا بتّار،أخطئ بحقه عندما كان طفلاً وقسى عليه أكثر بمرحلة مراهقته ، ليتبين أخيراً أن كل ماكان يفعله خارجاً عن إرادته،كان يفتعل المشاكل وأتفه كلمة تشعله يبقى وحيداً لأيام ،لا يجالس أحد ولايملك أصدقاء ،وسند بطبعه غضب ولا يتحمل ،فكر و أخذه لقارئ مرة واحدة،وقد تحسن لأيام" ثم عادت حليمة لعادتها القديمة " ليرجع اللوم على تربيته هو ورفيدا وأنهما أفسدا تصرفاته بدلعهما الزائد له فقد كان ملاقاً ويحبهما بجنون ،أول سنة دراسية له،كان يحرم نفسه و يشتري لهما الهدايا من مصروفه على الرغم من صغر سنه ،كان مختلفاً عن البقية ،وكانا يدللانه دون أن يلحظ أخويه،وبعد وفاة والدته، بسبب تلك الضربة القوية والمضاعفات التي حصلت لها بسبب السكر،كتب لها الله الموت،لم يحمله الذنب لأنه شك بأن به شيء غير طبيعي ،ولكنه كان ينظر إليه بشيء من اللوم والمسؤولية،وما صدمة وجعل شياطينه تتجمع برأسه إتصال أحد معلميه عليه وأعلامه له أن بتّار يتعاطى حشيشاً مع أحد أصدقائه الفاسدين بالمدرسة ،لايدري ءابقى عظمة سليمة بجسده ذلك اليوم أم لا؟أستشار أحداً ونصحه بأخذه لطبيب نفسي وتبين بالأخير أن به اكتئاباً حاد،يجهلون سببه او بالأحرى أن نفسيته تأثرت بعد فقدانه لرماح ، والحمد لله بعد العلاج والتوجيهات والإنتباه له وتشجيعه، تحسنت حالته كثيراً وسلوكياته أيضاً ولكنه أصبح أكثر بعداً منهم .نظرت إليه غلا وابتسمت له يعني تفائل فالقادم أجمل،رد لها الابتسامة بابتسامة أجمل. كتمت تنهيدتها، ودموعها تحجرت بعينيها الحادة ،كل ما تراه يراودها خيال ولدها المسلوب ،كانا صديقان مقربان ،يلعبان سوية ويأكلان سوية،وحتى أنهما يتشابهان ببنية أجسادهما وبعض ملامحهما،ترى رماح فيه ،يقتلها شوقها.
.
.
بنفس الوقت
قبل رأسها وهو مفتخر بإنجازها لينطق بحنان ممزوج بفرح:من نجاح لنجاح حبيبة بابا.ضمته بقوة ،لتبتعد وتضع يده على يدها ،ثم يد والدتها.نظر إليهم أخيها الذي يبلغ من العمر ٢٢عام نطق بحنق وهو متكتف:طيب وانا.ضحكت مطولاً لتنطق:يلا نمير بلادلع ماصخ تعال وشاركنا .ضحك بخفة ليقترب منهم ،قطعوا الجاتو،البسيط الذي يتوسط الطاولة المغطاة بمفرش زهري ،ثم أخذ كل واحداً منهم كأس عصير.نظرت الريم لنمير وبتحدي:نشوف من بيكمله أول.شعرت بضربة خفيفة على رأسها ونمير أيضاً .نظرا لوالديهما وضحكا بخفة ليشربا العصير ويلغيا فكرة التحدي،لتنطق الريم بزعل وعينيها تتأمل والدها:يبه راسلت البيداء ووضحت لها أني أختها وأنكرت وقالت ما أعرفك وسحبت علي .عقد رويد حاجبيه لينطق بضيق: الظاهر انها تمزح معك البنت تحب ترفع ضغط أي أحد الله يسعدها ويهديها.نظرت إليه سلوى بلؤم شديد،تجاهل نظراتها المصوبة عليه،تلك النظرات تزيد من تأنيب ضميره،كل جمعة تراسله ويرد عليها باختصار شديد،سيتصل بها لاحقاً ،وسينسى مثل كل مرة.كانت الريم سعيدة بنجاحها ودت لو تحتفل مع حَلاة فهي بنفس صفها وهذه السنة الأخيرة لهما،ليدخلا بمرحلة جديدة "الجامعة" تناولوا الجاتو وهم يتبادلون الضحكات والأحاديث ولا تخلوا تلك الأحاديث من مزح رويد ودعاباته.
.
.
صباحاً بالمستشفى.
مغمضة عينيها بسلام ،وملامحها الجميلة مرتخية،يداها مشبوكة فوق بطنها،لاحياة فيها سوى قلبها الذي ينبض،أقترب منها وضم وجهها بيديه ليقبل رأسها وينطق بابتسامة خبيثة :بدري يا مهوي بدري عليك التعب.طبطب على وجهها ليناديها:مها حبيبي تسمعيني ،تحركت ملامحها بانزعاج ،ليتحرك رمشها ،وتفتح عينيها البنيتين و الواسعتان ،غفرت عينيها بصدمة وتجمعت دموع يتيمة تعلقت بأهدابها.نطق بنبرة مستفزة ويده اليمنى لازالت تطبطب على خدها:ما اشتقتي لي،هزت رأسها بالرفض القاطع وملامحها تميل للذبول والهلع.وضع يداه على رقبتها وضغط بخفة ،أغمضت عينيها بقوة ،سينهي ما تبقى ،سينهي الحياة ،ويذبل أخر وردة ببساتين قلبها القاحلة.أبعد يديه لتكح كثيراً وصدرها يعلو ويهبط،تشهق بعنف تريد إلتقاط أنفاسها،تشعر بصدرها يتمزق.رفعت يدها المرتجفة لمستوى فمها،لتغطية ابعدتها وتشوشت رؤيتها وهي تنظر لبعض قطرات الدم قد التصقت بها.نطق بتلاعب:زعلانه على طليقك رويد أمس أحتفل مع زوجته وأولاده ،وتارك بنتك معها تصحيها وتمسيها بكلام وهواش ،تركها بعد أن طعنها عدة طعنات غير مرئية.رمشت عدة مرات ثم أغلقت عينيها بأسى وحسرة ولكنها لن تستسلم ستكسب الأجر وتنال الثواب تشعر بالله قريباً منها مع انها،فقدت كل شيء"صحتها وقوتها وأبنتها ونفسها"كل هذا بسبب شيء سخيف أعمى بصرها وهدم بيتها..
.
.
- انتهى..
.
.

لامارا 05-07-21 09:33 PM

الفصل"الثاني"
.
"لا نَدرِي إِلى مَتَى..؟ "
.

تركيا
غابت الشمس،تدريجياً لترتسم لوحة المساء،يتوسط السماء الواسعة قمراً،حوله نجوماً ساطعة،الشوارع تضج بصوت الناس والسيارات ،رائحة الأطعمة تنتشر في كل مكان ،ورائحة الخبز أيضاً،على الجهة اليمنى من الشارع ،تركيون يرقصون رقصتهم التقليدية،وعلى الطرف الأخر امرأة توبخ طفلها،ورجل يغازل زوجته بالقرب منهم.ينظر للأماكن بغرابة ،يشعر أنه غريب بينهم على الرغم من مكوثه بهذا البلد مايقارب الثمانِ سنوات،فارق الأهل والديار وباع بلده الأول والثاني، بسبب الطمع الذي أعمى عينيه ،حصل على كل ما يريده ،مال، سيارة ،وظيفة ،وسافر للدولة التي كانت أقصى أحلامه ان يمكث فيها،ولكن كل شيء مع مرور الزمن بات يصبح مملاً جداً،لو امتلكها بطريقة أخرى بالتأكيد كانت ستكون أفضل،حفظ كل شبر في شوارع أسطنبول وحتى تلك القطة بلونها الأبيض ،تلعق يدها وتغفر فاهها،ثم تتقلب يمنة ويسرة ، تجلس على عتبة المنزل الذي يتميز برقي تصميمه،يقبع ذلك المنزل جهة الشارع الأيسر،حفظ المطاعم،والأزقة التي يتميز بها هذا الشارع.من خلفة نطقت ببراءة ومدّت يدها لتهديه وردة بيضاء كلون بشرتها وارورقها الخضراء كلون عينيها الؤلؤية:هدية.
أبتسم ليمسح على رأس الطفلة ويتناول الوردة ،ويشكرها،جلس بالقرب منها وأخرج شكلاة بغلاف بني وقدمها لها،نظرت لوالدتها وقد سمحت لها بأخذها لتبتسم وتشكره،وقف ليتجه نحو سيارته ليصعد ،ويشد على المقود ،تأمل الوردة البيضاء وادارها بإصبعيه السبابة والابهام،كان قلبه نظيفاً مثلها تقريباً ،ولكن ازهار قلبه البيضاء تحولت للسواد القاتم،يخجل من الله عندما يدعوه ،وذنوبه تكثر وتكثر.
.
.
دفاتر منثورة على سريرها ،وأقلام بألوان عديدة مرصوفة على حسب تدرجها،أوراق كثيرة ومكركبة،تجلس بوسط هذا كله،وتغرس قلماً بكعكة شعرها،هاتفها بيدها تاركة الدراسة و تعبث بالهاتف ،لتضرب رأسها بخفة وتنطق:ياهبلا ذاكري ،لماذا يطردها من الصف وران يسمح لها ،ام لأن روان من الاوائل ،ولكن معدلها هي بالتسعين دوماً،عمتها انغام ،و رماح الأستاذ الجديد فقد أنتقل من منطقة أخرى قبل سنتين وليته لم ينتقل،بغيظ بشكل غير متصور،كلهم مستأجرون بنفس العمارة وحتى روان،فهي تتكون من خمس طوابق وسرداب أرضي ،في هذه العمارة الجيد والسيء ولكنها تكرهها وتكره أغلب جيرانهم،طردتهم من رأسها .وحركت أناملها على الهاتف لتدخل تطبيق "جوجل"وتكتب"درس المناعة،للصف الثان ثانوي مادة الأحيء"تأففت بضجر أخطأت بالإملاء ،لمست على علامة بحث،لتبتسم بلامبالاة بالتأكيد جوجل سيفهم ،مزاجها لا يسمح بالتعديل،ليست بحاجة معلم من يصدق أنها لاتفهم من أستاذ الرياضيات ،ولكنها قبل الاختبار بيوم، تخرج الكتاب تقرأ الدروس وتحلل الخطوات لتفهم وتوضح لنفسها ،ودرجاتها مرتفعة الحمدلله.
بصوت حاد وعالي صادر من الصالة :بيداء.أرتجف قلبها بخوف وبدأ يخفق ، تكره المشاكل وبالتأكيد أن وراء هذا النداء العالي والغاضب ،مصيبة، وقفت وهي تشعر بتنمل رجليها وتردد لتجيبها بهدوء:هاه،نظرت إليها باشتعال لتتجه نحوها ،ويدها قد ارتفعت وضربت ظهرها بقوة:ليش المطبخ لذلحين ما تنظف هاه ناقصني وسخ.
أنقطع نفسها ونظرت إليها مطولاً ،كان وجه رواية أحمر كأنه طماطم ،تعرف أن تصرفاتها ليست بإرادتها وعليها التصرف بحكمة لتخرج بأقل الأضرار الممكنة نطقت بنفس هدوءها وهي تبتسم ابتسامة صفراء:بسير أنظفه ذلحين، أمسكتها من ثوبها الأصفر المزين بالزهور الوردية ، وجرتها نحو المطبخ لتنطق بصرامة:الآن يتنظف لتدفها وتذهب. وهي تشتمها ،تنفست براحة ويدها على صدرها ،هذا مافعلته فقط الحمدلله ظنت أن هناك مصيبة كبرى قد حلت ،على مايبدو انها تشاجرت مع زوجها وتخرج الشحنات السلبية بها،أتجهت نحو المغسلة وقد لمت شعرها البني الذي يصل لأسفل ظهرها وغرست القلم فيه من جديد،لا تتعب لتلك الدرجة بالعكس لكل واحدة لها دور بالتنظيف والترتيب يعني ليست سندريلا،واحياناً الكسل يغلبها،بدأت بتنظيف الصحون وفهما يعمل بتلاوة الآيات التي تحفظها عن ظهر قلب.أصبحت معتادة على كل مايجري بدأت تتقبل التغير وتتأقلم،تتوقع حصول اي شيء وكل شيء،كانت ستدرس ثم تنظف ،قبل أن تفقد قواها ويخيم عليها الخمول والتعب،ولكن تجري الرياح بمَ لاتشتهي السفن،صبراً جميل والله المستعان.
.
.
مساء يوم جديد
الساعة الحادي عشر.
بمنزل متوسط ومتواضع يجلسون بالمجلس البسيط ويتناقشون ،بينما والدها مستلقاً بجانبها ،تنظر لأخيها بيأس وخيبة أمل كبيرة ،كيس قات ممتلئ بجانبه الأيمن،والشيشة أمامه وبيبسي بنكهة الكولا على جانبه الأيسر،يحك رأسه ويفكر بعمق ،نطقت بصرامة:نايف متى ناوي تشتغل تعبت صراحه ولازم تعاوني بصرفة البيت.
نظر إليها وبابتسامة ويده لازالت تحك رأسه:صاحبي قال ان في شغل بمطعم حلو وبراتب محترم ،وان شاء الله بشتغل وبجمع نفسي وأكون أسرة وأشتري سيارة.
ابتسمت بسخرية لتنطق :كل يوم تخزن بالقات ،تخطط وترتب يوم بتشتغل هنا ويوم هننا ،وبتصنع وتعمل وتترك ،وبالأخير تبكر الصبح راقد ياخي ما امنعك تخزن لكن نشتيك تقوم على نفسك.
تجاهلها تجاهلاً تاماً وقد شغل" الأم بي ثري "على أغنية يمنية ويدندن عليها،يكبرها بعامين وهي أعقل منه بسنين ضوئية،لايعتمد عليه بشيء كل مايفعله طوال اليوم نوم وأكل وشرب وسمرات لأخر الليالي كله من القات الذي يمضغه،نظرت لوالدها و ملامحه تميل للانزعاج أثر صوت الأغاني ،اعتدلت بجلستها لتجلس على ركبتيها أمامه وتساعده على الوقوف خطت معه خطوة بخطوه وبكل حذر،ليصلا لغرفته الهادئة،ساعدته على الإستلقاء،لينطق بصوت ضعيف ويده اليمنى تمسح على رأسها:جعله فدا رجولك يابراءة أنتي هديه من رب السماء ،كنت أدعي الله ،أن يرزقني بأحد يساندني لما يشيب شعري وتضعف قوتي وكنتي انتي الهدية .
قبلت رأسه وهي مبتسمة وعينيها لمعت بألم عميق تخفيه:احنا الي جعلنا فداك، بيهديه ربي ،ولا تخاف فارحه(سعيدة) بشغلي ومافيش أي تعب.
أغمض عينيه المحاطة بتجاعيد الزمن،ويده المرتجفة تمسك يدها ،بينما هي محتضنة يديه بكلتا يديها ،كانت تمسح عليها بحنان كبير،تحب والدها بجنون وتخاف عليه من أطرف شيء يصيبه، كل تضحياتها من أجله هو فقط اما نايف لو يتسول منها ما أعطته ريالاً واحداًعليه الإعتماد على نفسه،لو يدخر المال الذي ينفقة لشراء القات لكان قد تزوج وبناء نفسه.
.
.
تبوك /الصباح
خرج من المطبخ وجلس على مائدة الإفطار تلفت يمنة ويسرة ،لم يأتوا بعد وضع فلفل حار بطبق جراح الذي يتكون من خبز توست محشي بالجبنة والبيض ،أخفى ابتسامته ليراهم ينزلون من الدراج وكل واحد منهم متعجل أكثر من الآخر ووالده يناديهم بصوت عالي،كان شكلهم نكتة بحد ذاتها،أجتمعوا على السفرة ليبدأ الجميع بتناول إفطاره،يلتقط نظرات سريعة لملامح جراح التي تغيرت وينظر لحَلاه نظرات اتهام ،ليكح بعدها مطولاً،تنحنح وكبح ضحكته،جراح بقهر بعد أن شرب كمية كبيرة من الماء ويلهث، رش حَلاه بقليل من قطرات المياه لينطق بقهر :حَلاه كم مره بجلس أتمشكل معاك بسبب مقالبك.نطقت بصدق وهي تقف:والله ماسويت شي،نظروا لبتّار يستحيل أن يكون هو،بينما هو ينظر لطعامه بتجاهل ويقاوم ضحكته،نطق سند وهو يخرج :أنتظرك ياحَلاه بالسيارة،و بتحذير : لا تتأخري ،بعد فترة خرجت حَلاه وذهب جراح لعمله ،نطقت غلا بهدوء:غازي أخوي ينتظرك برا ،ارتدى شماغه ليخرج ويسلم عليه ،بالسيارة .نطق غازي بحزم:بتّار وش وراك ترى المحبة المفاجئة بينك وبينه مشكوك بأمرها.نطق بابتسامة وهو يتصفح هاتفه:قريب بتعرف ياغازي كل شي بوقته حلو،وبالنسبه لرماح موضوعه صعب حبتين ونحتاج وقت طويل عشان نحدد مكانه.
.
.
بشقة رماح يصحح أوراق الإختبار التجريبي الذي حضره بالأمس واختبرهم اليوم،تأمل ورقتها مطولاً،خط جميل ومرتب،رسمها كأنه طابعة،إجابات نموذجية ،سؤال يجول بخاطره كيف تنجح وهي طوال الحصة شاردة وتتأخر على. الحصص و بحصته تحديداً؟،ولا تشارك مطلقاً،لايحب أن يتجاله أحد يريد من الجميع ان يصغي إليه ويقدر تعبه،يذهب للمدرسة وهو متعب،ويعود منهك ومرهق،وياليت الراتب يستحق ،عن نفسه الراتب يكفيه ولكن البقية مظلمون بشدة.
بغرفة سماهر التي تميل للأناقة وتفوح منها رائحة العطر والبخور.
فتحت فاهها بتعجب لتنطق:ماتوقعتها من البيداء وعامله نفسها مطوعة.
نطقت الأخرى وهي تزيد فوق النار حطب:طول اليوم وهي على الجوال والظاهر تراسلك عيال لاني سمعت أختها تشتكي منها وتقول انها عاصيه لها وما تطيعها بشي وطول اليوم خارج مسكينه أختها الله يعينها.
هزت سماهر رأسها بأسف لتنطق ببغض:كل يوم تتأخر على المدرسة وتقول ظروف وظروف شلوها من بنت ،مستحيل أصاحبها،لتردف بإمتنان:شكراً بدور لأنك نصحتيني اتجنبها الظاهر تحتها مصايب.لتنطق بتذكر وملامحها تميل للحزن:حتى اختها مرة شكت لي أن هي تمد يدها عليها.
نطقت بدور بابتسامة منتصرة:ماعلينا منها خلينا نخرج نتمشي ونغير جو. نطقت بدور بابتسامة:أحب أتمشي معك
.
.
السعودية/تبوك
الساعة ٣ عصراً
نطق بتساؤل :وش طلبك،حك رأسه بتفكير لينطق بابتسامة وهو ينظر لغازي:نفرين مشكل بالفرن،ونفرين مندي وسلطة حار،وسحاوق جبن ،وقرصين رشوش،ضحك عبدالرحمن لينطق وهو يدون الطلب:اتق الله يا رجال بتأكل كل هذا ماشاء الله عليك.
نطق بتّار بنفس ابتسامته:جوعان حدي،والسيد غازي جوعان أكثر مني وقلت باخذه معي ياخذ فكره عن المطعم،أبتسم له عبدالرحمن بامتنان لينطق:كان المطعم منور بوجودك ياشيخ والحين صرت دكتور،وحركات ووقفت الشغل هنا.
نطق بتّار بهدوء:الوقت عندي صاير ضيق ولا برجع أشتغل هنا ماعندي مانع الشغل ياخي متعة.
لكزه غازي بجانب بطنه لينطق بضحكة:مو بوقتك انت وهو ما ضننتني انك خ
قاطعه بتّار وهو يجره نحو الطاولة ،رقم ٤٥.لينطق بضحكة:لا تفضحنا يشيخ،ليضحكا سوياً،بعد فترة ،أدخل الطلب بعد الاستئذان،رتب الأطباق وأبتسم لهما بود ليخرج،يستحق هو وعبدالرحمن كل مايحصل لهما،لو أكملا دراستهما بالجامعة لكان أفضل لهما.نظر لأرجاء المطعم بضيق شديد الهذه الدرجة والده لا يهتم ،خالته سلوى تسأل عنه أفضل من والده ،وترسل نمير ليحضر لهما طعاماً لشقتهما ،كم تلك المرأة طيبة القلب،وبها كرم نصف الأرض.
نظر غازي لبتّار بابتسامة:أبوك يعرف انك اشتغلت هنا سنين،هز رأسه بالرفض لينطق بمرح:صاير معاي ملايين ياخي ،ليربت على جيبه بغرور مصطنع .
ضحك غازي مطولاً لينطق من بين ضحكته:ياحظي الغداء على حساب بيتو،بتّار نظر اليه بطرف عينه:والله ان الحساب عليك يا مصلحجي.
.
.
الساعة ٨ مساءً
بغرفتها ذات الأثاث الخشبية والألوان القاتمة ،تكتب رغماً عن نفسها،تشعر بإنهاك شديد وخمول وتعب أيضاً، نطقت التي بجانبها ويديها تعبث بشعرها البني:بيبو أيش رأيك بسماهر.
تركت القلم لتسحب شعرها من يدي الجالسة بجانبها:عادي بنت خلوقه وذكية ماشاء الله عليها بس مدري كيف طبعها يوم بعيده ويوم قريبه وصدق أني ما ارتحت لها قوي.
ضمتها بدور لصدرها وابتسمت بسعادة:والله أنك أنتي الخلوقة اليوم سمعتها تقول انك قليلة أدب وتراسلي عيال وطول اليوم وانتي خارج.
عقدت حاجبيها و ابتعدت عنها وهي تشعر بضيق ،كل شيء إلا شرفها هل تصدقها أم لا ولكن تصرفات سماهر توحي بأن كلام بدور حقيقي مع أنها أكبر الفتالين والمنافقين حاولت نصحها دون جدوى صمتت حتى لا تتوه بمتاهات الكلام .
لتنطق بدور بحقد وغيظ مخفيين بثوب الطيب والابتسامة البريئة:أيش رأيك بكلامها وشخصيتها.
اعتدلت بجلستها لتنطق بتلاعب وابتسامة ماكرة ترتسم على ثغرها ،ربعت قدميها النحيفتين:طز فيها وطز بلي يدور عليا الزلل هذا يشبه رقيصي(شبشبي)"أكرمكم الله"أصلن عاده رقيصي أحسن منه اكرمك الله بوبو خلي الي يتكلم يتكلم
مايهمني الناجح دائماً يكثر حوله الحاقدين والحسودين ،لتقلب عبنينها بغرور مصطنع لتردف:اني واثقة بنفسي وكلام الناس أخر همي، أخفت ابتسامتها لتضرب ركبتيها تمثل القهر و بحزم وعينيها احمرت:اليوم اليوم أتصل بها وأنفلها نفل أني تقول عني كذا أني الي أبي مخلي لي الحرية جوال وشريحة وزلط "نقود" بدون خوف ،قليلة أدب ولا كاننا من محافظة وحده الي هي "إب" وتجي تقول هذا الكلام.
نطقت بدور بخوف ونفي وقد توسعت عينيها من ردة فعلها،أمسكت يدها وهزت رأسها بنفي:لا تقولي لها اني قلت لك.
زمجرت بصوت غضب وهي تقف لتبحث عن هاتفها وترمي الحاجيات للأرض وتكبح ضحكتها:الا بقولها وأعلمها كيف الناس تطعن بأعراض الناس.وقفت بدور بخوف وودعتها خوفاً من أن تُفضح لتعود لشقة أهلها بالدور الثالث وهي ترتجف.
ارتمت البيداء على سريرها لتضحك وتضحك،حتى دمعت عينيها لتنطق بجنون وهي تنقلب يمنة ويسره:تستاهل تحسبني هبلا وانا قد شفتها مع سماهر اليوم العصر،ويقولو ليش معقدة والله من المحيط الجميل،سبيتها سب غير مباشر والله اني ماعندها مِهره(شغله)غير وصال الخبر هبلا،تنهدت لتنظر للسقف بابتسامة لامعنى لها، يطعنون بعرضها ويصدقون أشياء ليست بها،ستتصل بسماهر غداً وتصارحها لترتاح،كم هو جميل أن تتظاهر بالغباء وهي تعرف كل مايدور حولها،سترد لبدورالحركة ولكن بطريقة مهذبة ومحترمة،يتلاعبون مع الشخص الخطأ.
.
.
بنفس الوقت بشقة صغيرة ،تحتوي على غرفتين ومطبخ وحمام"يكرم القارئ"أثاث قليلة ،ومخزون طعام لا يكفي ليوم،عادت من الخارج بعد أن أشترت مياه باردة من مصروفها الذي حرصت على عدم صرفة ،أخذت منشفة بيضاء نظيفة من المطبخ ،وعادت للغرفة التي تنامان بها،أقتربت من والدتها ووضعت الكمادات الباردة على جبينها،بينما أنتفض جسد والدتها ،كانت دموع روان تهبط على وجنتيها الواحدة تلو الأخرى ،عاجزة عن التصرف،
والدتها ترفض الذهاب للعيادة،يبدو أنها أصيبت بضربة شمس،الطلاب لا يرحمونها يرمون القمائم وبقايا الطعام بدون اكتراث ،الا تستحق والدتها القليل من الإحترام والرحمة.
نطقت برجاء ممزوج بأسى وهي تقبل رأسها:يمه جعلني فداك خليني أشلك "أذهب بك" للعيادة،علشاني والله لو يوقع لك شي بموت بعدك يمه.
هزت نوره ،رأسها بالرفض لتنطق بابتسامة متكلفة وقلبها يتقطع على حال ابنتها الخائفة والمرعوبة :روان والله اني بخير حمه وبتخف،لاتخافي وبعدا معك الله.
نظرت إليها بشيء من الارتياح تقبل يدها اليمنى وتضع رأسها بجانب رأس والدتها لتنطق بشهقات متتالية والقهر يعميها:أحبك يمه أحبك الله يوفقني بدراستي علشان اعوضك ،قبضت يد والدتها بدون وعي لتردف بانكسار:لا سامح الله من كان السبب لا سامح الله من أخرب البلد يمه،لاسامحه ربي.لتغمض عينيها بدون شعور وتنام بعمق،رفعت يدها لمستوى رأسها ومسحت عليه لتنطق ودموعها قد تجمعت بعينيها:اخ يا روان كل الي أشتيه اني اعوضك بقدر ما أقدر،حرموني دراستي يابنتي وزوجوني جاهله تعبت كثير يابنتي والله تعبت،عشت مع أبيك بنعمة كان يدلعني ويجيب لي الي أشتيه كنت عايشه بنعمه وقالي اذا تشتي تكملي دراستك عادي ،قلت أيش اشتي بالدرسة مادامه يصرف عليا ماحسبت حساب ذاك اليوم ما حسبت حسابه ،راح أبيك وبالأخير وقعت منظفة لا مكانه ولا احترام بس واثقة بربي وموقنه ان مكانتي عنده عالية نصبر يابنتي والعوض من الله،جلست بصعوبة والدوار يلفها عدلت وضعية أبنتها لتقربها إليها أكثر وتضمها لصدرها بقوة ،وشهقاتها تتعالى،حزن وظلم وقهر وحسرة،كانت تهمس بدعوات وتتحسب وتتستغفر، لن تعيدها لهم هذه ابنتها هي وليست أبنتهم لن يأخذوها هي أبنتها وحبيبة قلبها.
.
.
الساعة التاسعة
بعيادتها تتأمل الأدوية المرصوفة على الرفوف بملل تام ،متكتفه وتطرق اصبعها السبابة على كتفها الأيسر،تشعر بالنعاس الشديد ،لتسمعه ينطق:دكتورة براءة ممكن عابه مضادحيوي،استعجلي لو سمحتي،وقفت بكسل لتبحث عن الدواء،وجدته ووضعته بكيس ومدته له من النافذة الصغيرة التي تتصل بالعيادة،تناوله من يدها ليبتسم بامتنان ويعود لعمله.
جلست على الكرسي من جديد ومغتاظة من نظراته المريبة ،يخيفها ويرعبها أيضاً ولكنه يبدو مسكيناً ونيته صافية،تحاول الانكار بنفسها انه خبيث ولكن تصرفاته محترمة ولا يضايقها وحتى ان اسمه "البراء" نظرت لساعتها بقى نصف ساعة وتعود للمنزل،قلبها يحترق خوفاً وشجناً على والدها عبدالسلام ،تخاف عليه من نايف فهو عاصي ولايعتمد عليه،و لو توقفت عن العمل ،حتى تجبره على أن يعمل ،تقسم انهم سيموتون جوعاً.
.
.
بشقة انغام
تنظف الشقة بكسل،ليس لديها شيء لتفعله،كل شيء ملل في ملل،ياسر أخذ راكان لمكان عمله،وبقت هي وحيدة،هل تتصل بالبيداء لتسليها قليلاً،جلست على الأريكة بعد أن أكملت الترتيب والتنظيف أخذت هاتفها من جانبها لتتصل بها ولكنها لا ترد حاولت عدّة محاولات ،لا مجيب أيضاً،على مايبدو انها لم تنسى ماحصل،وكيف تشاجرت معها بسبب إهمالها لدراستها،ومدافعتها عن والدها رويد،لا تنكر أن اخيها مخطأ ولكن تحبه وتدافع عنه مهما كان ما يفعله،وضعت الهاتف جانبها لتستلقي على الأريكة وتنام بعمق،وبعد فترة طويلة ،عاد برفقة ولده ليفتح بالمفتاح الإحتياطي ،دخل الصالة ليجدها نائمة،نظر لولده بخبث:كوكو قَيم(أيقظ) ماما،أبتسم بحماس طفولي وأقترب منها ليضرب وجهها بيده الصغيرة،استيقظت مفزوعة وعينيها حمراوتان ،نظرت إليه بكرة ثم لراكان لتنطق بغبنة وكره:به أحد يقيم راقد هكذا
،لتقترب من ولدها وتسحبه معها لغرفتها،حاول الإفلات منها ولكنها محكمة قبضتها على معصمع ،حال ماوصلت أغلقت باب الغرفة بقوة ،وطرقته بالمفتاح،كم مرة حاولت التقرب منه عسى أن يهتدي،فعلت ما بوسعها ولكنه لا يستحق،جلست على سريرها لتسند ذراعيها على ركبتيها وتغطي وجهها لتشرع بالبكاء،حاول طرق الباب،تكلم عن والدها ،شتمها،وهي مصممة على ما فعلت ،ضمت ولدها لصدرها وحاول تغطية أذنيه،كان ينظر إليها باستفهام وخوف.نطقت بصوت عالي ونبرة متهدجة:مادام عندك مزز كثير وملاح تزوج وهجعتني.نطق ويده صفعت الباب لتقفز بخوف:برويك يا انغام لو ما طلقتك وحرمتك أبنك ما اكون ياسر.نطق راكان برفض وجسده يهتز:لالا اشتي ماما انا ما أحبك انت وحش،هدى طرق الباب و هدأت الأجواء،قبلت رأس صغيرها و ابتسمت بشحوب يريدها هي ولا يريده ،ستفكر وتحسم قرارها ولن تتساهل مثل مامضى،استلقت ليستلقي راكان معها أمسك وجهها بيديه لينطق وعيناه تلمع:ماما لا تسيري انا احبك وأحب بابا ،لتنزل دموعه وقد ضم رقبتها،غرزت أنفها بكتفه لتنطق بحسرة على نفسها وعمرها:ما قاسم ظهري الا أنت يا راكان،مسحت على رأسه بيد مرتجفة تريده أن يطمئن:حبيبي مابسير مكان بنبقى مع بابا لا تخاف.
همس ببراءة ويده تعبث بخصلة من شعرها الأسود:مامي ليش بابا يصيح هو وحش وماهو حلو.
هزت رأسها بالرفض لتنطق بإبتسامة صفراء:بابا مش وحش بابا زعلان لانه تعب بالشغل.
ضحك ببراءة ليضمها:مامي شفنا بنت حلووه وجلست تلعب معي وتضحك لبابا وتقوله معك ولد حلو مثلك ،أغمضت عينيها بقوة لتهزة بلطف ،تريده أن ينام كلامه يتعبها ويرهقها ويحرق فؤادها ،لم تتوقع أن يصل لهذه الدرجة من الوقاحة والجراءة .
.
.
تبوك
الساعة ١٢صباحاً
يجتمعون بصالة الجلوس،يجلس معهم رغماً عنه ،أريام بحضنه تعبث بلحيته وحَلاه تذاكر ،ورأسها مربوط ،وجراح يقرأ كتاباً عن الأشجار،ووالده يقرأ القرآن،وخالته غلا تتأمله،ربما يذكرها برماح ووالدته التي يشببها بملامح رجولية ،تظاهر بالتجاهل لينزل أريام من حضنه،أنتفضت حَلاه لتفزع جراح:بيتو ليش ما تتقدم للريم متى بتعرس تراك رابط جراح معاك.
نظر إليها جراح بطرف عينيه ليصفع رأسها بالكاتب وينطق بضيق:حاشره نفسك بكل شي
بتّار رفع أحد حاجبيه:الريم ماشاء الله عليها كثير يتمنوها بس ما تناسبني.
نطق سند وهو يغلق المصحف:ما تناسبك أحمد،أصلن من بتقبل تكون حرمتك وانت على هذا الطبع المليح على قولة أبوي الله يحفظه
صمت وقد تكتف وبداخله،لاترد لاترد هذا الذي يريده ذاك المغفل،أنتظر فترة،ليقف وينظر لأريام بحدة حال ما تمسكت بركبتيه تريد اللعب معه أبعدها عنه :اذا قصدك يبه اني مريض نفسي فالحمدلله تعافيت ولله الحمد والشكر ،واذا كان على الكلام الي يعبي راسك فيه فالله يعينكم الأثنين،ليدير جسده ذاهب ليلتف من جديد وبتنبيه:تراني مسافر قريب.
سند خلع نظارته وبدون اكتراث:الي بيسمعك يا حبيب ابوك بيقول اول مره تسافر بدون علمي على العموم الله معاك ،وبسخرية :ولاتنسى تلاقي بنت الناس الي تناسب حضرتك.
أخذ نفس طويل ،وصعد غرفته ليرتاح .
نظرت إليه غلا بلؤم :كذا تزيد تبعده عنك أكثر،مو حلوه تتمسخر عليه قدام أخوانه وقدامي اسأله اذا الكلام صحيح وبعدها أحكم.
نطق بصرامة :بيني وبين ولدي ما أحب احد يتدخل.
وقفت وبغيظ:لو صار عليه شي بشوف وش بتسوي بعدين،لتجر خطاها نحو غرفتهما ،تجمعت الدموع في مقلتيها ،تخاف عليه تخاف أن تفقده هو الآخر،علاقته بها رسمية ولكنها ترى به رماح ،وترى به رفيدا،تعود لها أطياف الماضي ،تدفها للوراء بشدة،تزيدها شوقاً وتساؤلاً وحنيناً،كل شيء متعب ومرهق في هذه الحياة،ستصلي ركعتين لتدعو الله ككل يوم وكل ساعة بأن يجمعها مع ولدها لن تمل ولن تكل أملها بالله كبير لو يعرف سند كم هو مميت فقدان الولد ،لكف عن إيذاء بتّار بكلامه.
.
.
بالمشفى
تنظر لسلوى بذبول أهذه هي زوجة رويد،جميلة حقاً،ومهذبة وخلوقة ،هي من تتابع حالتها باهتمام شديد ياتُرى هل تعرف انها طليقة رويد؟بالطبع لا ليس من المعقول ان تعاملها بكل هذا اللطف وهي تعرف.
نطقت سلوى بلطف وهي تجلس بجانبها وتبتسم :ماشاء الله عليك يعجبني صبرك وتحملك استمري على كذا وبترجع لك صحتك وقوتك بأذن المولى حتى الورم الي بالرئتين بدأ يتقلص وقريب بنسوي لك العملية وبترجعي أحسن من قبل.
ابتسمت بأمل مع انها تشعر بالموت يحوم حولها وأن أجلها أقترب، في أكثر الأحيان تظن انها تحتضر،لتفتح عينيها وتجد نفسها كما هي ربما الموت أرحم لها صبرت كثيراً وصبرها يزيد ،تريد أن تنتقل لرحمة الله لم يعد بالبشر رحمة ،نطقت بهمس:وانتي اطيب من شفت بحياتي.
أقتربت من أذنها وتشبثت بيدها لتنطق بوعد:ماراح يقرب منك وانا وهو جنبك لا تخافي.
تجمعت دموعها لتنطق برجاء وأظافرها قد انغرست بيد سلوى:ممكن ورقة وقلم ،ثم أردفت بتقطع وتحاول التقاط الأنفاس :وتقولي له يجي بكره ضروري عندي شي يخصه أخاف أموت وما أديت الأمانة الي عندي،نطقت وهي تهز راسها بالرفض:بسم الله عليك ،عمرك طويل إن شاء الله ،لتبتسم وبصدق:وعد بكره أجيبه،لتقف بنشاط :الحين بروح أجيب لك ورقة وقلم.أبتسمت بود ،وخيال ابنتها لا يفارقها بنومها وصحوتها وقت أكلها ووقت شربها وحتى لو ماتت ،هي قد علمت ابنتها أن تصبر وأن الله معها،دوماً وأبداً، وباليوم الذي توفيت فيه أحد صديقات البيداء ،علمتها ان الدنياء فانية وكلنا لله وسيأتي اليوم الذي نرحل به للواحد الأحد،زرعت بداخلها قيماً كثيرة ونتائجها ظهرت وهي بسن صغير،ثيابها ساترة أخلاقها عالية ،طيبة وكريمة مع الناس رغم انها لاتظهر شيء لكن افعالها تشهد ،ولازالت تظن بها الخير لاتنسى ذلك اليوم قبل سفرها قبل سنة ونصف كانت تضمها وهي صامتة لم تترجاها ولم تتعبها بل كانت تعرف أن شكواها ورجواها سيؤلم قلبها ،اوصتها كثيراً وأول نصائحها كانت تقربي لله والاخيرة قوي صلتك بالله،اوصتها الاتخرب بيتها بيدها وتفسد حياتها بالشكوك والأوهام لاتريدها أن تغلط غلطتها فهي للأن تدفع ثمنها من حال عمرها ،وترجو الله انها لازالت للأن باقية كماهي،قوية ،وعاقلة،وصبورة ،وطيبة بذكاء،ومتمسكة بجنونها الخاص،أغمضت عينيها والدموع تجري وتجري، الا تجف الدموع الا ترحم عيون ذبلت وأحرقتها نيران الحياة الا ترحم من قطع فؤاده وماعد يقوى البكاء ولا النحيب حتى،إلى متى؟ إلى متى ؟ سنظل نتخبط بمتاهات بؤسنا،وظلمة حياتنا؟؟ ،أطالت سلوى بالمجيء و نامت الأخرى من تعب التفكير.عادت سلوى كادت أن تنطق لولا ان وجدتها نائمة وأثر دموع على وجنتيها الحمراء ،غطتها جيداً ونطقت بنبرة متهدجة مع أن القليل من الضيق يراودها ربما كانت غيرة لاتدري:طهور إن شاء الله ربي يردلك عافيتك وترجعي لبنتك،كوني بخير عشانك وعشان بنتك.
.
.
انتهى..
.
.

لامارا 11-07-21 09:33 AM


الفصل"الثالث"
"مِن هُنا تَبدأ الحِكاية."

وَفي قَلبي مِن الحَكايا لو سَردتها
ما عَبرت أقلام حِبري عمَ بِداخلي.
.

.
.
"أخي العزيز أفتقدتك وياليتني كنت معك الأن ،لن أنسى معرفك معي أبداً ،انا أحزن عليك كثيراً،انا افدي قلبك ،الفراق مولم ولكن ليتني انا مت وانت بقيت وياليتنا انا وانت نتبادل تعود أنت لاهلي وانا أموت يارب حقق لي هاذا الو لمرة واحدة،حتى لو كان حلماً اتمنى ان أراك ياأخي العزيز المرحوم أجمل من العيش مع هاؤلا أتمنى ان ابقى راقداً ورى أخي المرحوم الغالي رحمه الله"
قلبت الصفحة رسالة أخرى..
"يا أخي تعال ساخذك لاحضاني طول العمر عشنا سواء وانت ببعدك مارتاح لاهم ولا اشكي جراح أين انت الان ياليتني اراك،قلبي،أحبك حب كبير ولكنك ضعك مني حلمي لم يراك بعدها عشت حيات بائسه واملي تحطم واختفى لاتروح عني لا تيروح عشنا أفضل اللحضات لكن اتى اليوم الذي تفرقنا فيه انا وانت كان يوماً عصيباً لم أصدق انك مت في ذلك الوقت انا الأن اعيش بؤس وكآابة ولكنت عندي الأن لاكنت سعيد "
نظرت إليه وبتأثر نطقت بنبرة متهدجة:أدهم أنت الي كتبت هذا،أنفجر باكياً ودموعها كالفيض ليهز رأسه بنعم،ضمها بقوة وهو يشهق ويشهق نطق من بين تلك الشهقات:خالتي فقدته أشتي أشوفه مامعي احد يلعب معي،كنا نلعب سوا ونضحك سوا وذلحين مات ليش يموت ليش
.قاومت دموعها تاريخ الرسالة كان الأمس فقد ضربته والدته ووبخته بعنف ،بسبب درجاته وذهب لغرفته هو ودلال واعتكف على الكتابة ظنت انه يدرس،تشعر بضيق ولكنها مجبورة على إحتوائه ،حاله قطع قلبها لأنصاف عديدة،مسحت على ظهره بحنان لتنطق بكبت ووجهها قد أحمر:حبيبي أدهم كلنا حق الله وكلنا بنموت،بس يارب نلتقي بالجنه،لازم نرضى بالي كتبه الله مهما كان وكيف ماكان،واذا تشتي تلتقي بسليم لازم تصلي،وتدعي الله .
انتفض جسده لينطق وقد أشر على نفسه :يعني لو صليت وصمت وادعي الله بشوفه بالجنه؟.
هزت رأسها بالموافقة لتجده قد ابتعد من حضنها وهرع للخارج يبدو أنه يريد الصلاة ،ابتسمت بود وراحة،مالبثت ثوان حتى شعرت بحرقة على كتفها ،التفتت خلفها لتجد رواية بعينان حمراوتان ،وتتنفس أطنان من الهواء.
نطقت بنفاذ صبر:رواية ارحمي نفسك بتقتلي نفسك بيدك خلي التعصب والانفعال لا تنسي ان بك شحنات.
ضربتها مجدداً لتنطق بوحشية وفكها يتشنج:انتي الي توصلي لزوجي أخباري صاح .
قطبت جبينها، نظرات الإتهام التي تصوبها عليها تجعلها تشك بنفسها لتنطق بضحكة معاندة كل ما يحصل،وهي تمرر يدها على كتفها:مره ثانيه لما تضربيني غيري المكان،الأماكن الثانيه تشتي تدفي مثل كتفي.ثم أردفت بصدق ورفض قاطع وهي تبسط يدها:أيش دخلني بك وبه ياحب مستحيل أقوله
.ضحكت بسخرية لتنطق بتحذير مباشر وعينيها تلمع:الكلام الي وصلني بكلم به أبي
وقفت لتعدل ثوبها وشعرها لتنطق بكبريائها المعهود:قولي له يازعم اني مش متعوده على صياحك انتي وهو .لتخرج من غرفة الأطفال وتهرول لغرفتها وتقفل الباب،جلست وسندت ذراعيها على ركبتيها المطوية لتغطي وجهها الأحمر،تنفست عدّة أنفاس متتالية وثقيلة،تلك الكلمات ترجمها عقلها وهي أماتت شعورها لتدفنها بمقابر روحها وتعزي نفسها أخيراً،أمسكت جهة صدرها اليسرى بعد ان شعرت بنغزة ونفسها ينقطع،تشعر بألم يمتد من جهتها لفكها وكتفها ،استلقت باستسلام ليهدأ الألم وتعيد جمع نفسها نطقت بتوعد متجاهلة كل ما حدث:حسيبك الله يا سامي الله يقطعك تزوجت عليها وزاد عقلها طار نظيف ،وليتها تلتزم بعلاج الشحنات كله من أم علي الله يجعلها الي ماجعله ربي لاحد،قالت ممسوسه قالت وحتى القات يضرها وما تفهم.ثم تحولت ملامحها لتقلد ملامح ام علي لتتحدث بنبرتها الثقيلة:رواية لاتصدقيش الدكاتره يشتو زلط بس،سيري لك عند قارئ أحسن،لتعود لطبيعتها وترفع يدها للسماء:يارب بدعي عليها مش تموت بس تنقل من جنبنا وتفكنا منها ومن معتقداتها الي من أيام جدي.وقفت لتنظر لنفسها بالمرآة دندنت قليلاً لتستغفر الله ثم ارتمت على سريرها،تنام أخر واحدة وتستيقظ اول واحدة ،الضيق يأكل صدرها والخمول والكسل لا يتركانها وشأنها لا تستطيع فعل شيء،ملل في ملل،ستنفجر بسبب الضغط الذي يضغط على صدرها،لن تبكي ولن تشكي لأحد،لأن وبكل إختصار،لن يفهمك ولن يهتم أحد ستشرح وتشرح وتشكي وتفضفض بينما الآخر يعبث بهاتفه المقيت وكل مايواسك به"هاه ،اي ،صح والله"لم تكن رواية هكذا بل كانت مسالمة هناك بالمنتصف لا تشاجرها ولاتموت بحبها،ولكنها أصبحت أكثر تشنجاً وعصبية ولا تلتزم بدواء الشحنات،غطت وجهها بيدها،تخاف ان تصل لمرحلة اسمها" التبلد "لا تريد ان تصل لتلك المرحلة فهي مخيفة جداً،لم تكن هي أيضاً هكذا بل كانت ضعيفة وهشة تنكسر بسهولة ،وتبكي بسهولة تشتكي كثيراً وتتذمر من كل شيء ،كانت كالنسمة الطيفة تنكسر من أتفه كلمة ،والأن بدأت تتحول لوحش،غدت قوية،وتستطيع التحمل والتكيف مع أي ظرف.لا تنكر ان قوتها من الله ثم من والديها،أغمضت عينيها بقوة،أين والدتها؟ وكيف حالها؟،منذُ أن سافرت لم تتصل بها ولا تصلها أخبراها.هزت رأسها بعنف وشدت شعرها يكفي تفكير فغداً دوام لا ينقصها التأخر،أبت الأفكار أن تفارقها،أخرجت هاتفها من تحت وسادتها لتتصفح البرامج،يالله كم البيت آمن بوجود رجُل عاقل،تشعر بالخوف من كل شيء وتشتاق إلى والدها و والدتها.
.
.
بنفس الوقت
أستيقظ من النوم فزعاً ليتناول علبة المياه من الطاولة شرب نصفها دفعة واحدة،سند ظهره على الوسادة بعد أن سحب منديلاً مسح به العرق،لن يسامحه لو قبل رجليه وقدم إليه مليارات الإعتذارت والقبلات وحتى الحسرات، أحبه كأخيه الأكبر كان يبيع أعز أصدقائه لأجله يقدم له الهدايا بكل براءة ومحبة وود كان يراه قدوته بالحياة،لكنه حطم إطار الصورة وجرحه بعمق جرح لن يمحيه الزمان ولا المكان،ولا الدموع ولا الرجاء،لازال يتذكر ذلك اليوم كأنه الأمس يتردد صداه بعقله، يموت الآف المرات، وتدفن روحه كل يوم تلك السكرات تذيقة العذاب كل دقيقة،ترجياتها ودموعها،حسرتها وبكاؤها،كلها ترن بأذنيه كل ليلة و بقسوة وعنف تفجر خلايا دماغه ،أيسمى نفسه قاتلاً،ولكن ليس بيده،مات ذلك اليوم ولم يجد أحداً ينتشله ممَ هو فيه لم يجد غير اللوم والتجاهل،لم يجدهما الا نادمين على إنجابه ،لو لحظ أحدهم لكان ساعده ،لكان مد له يد العون ولكن لم يجد أحد سوا نفسه وكابوس حياته ليقدم على ماكان سيفعله.نهض من سريره ليتجه نحو النافذة فتح جزء منها ليتأمل النجوم والسماء الواسعة والشاسعة،همس بابتسامة والريح تداعب شعره الأسود:لولا رحمتك ربي كنت أنتهيت من زمان،لك الحمد والشكر على الهداية، إذا لاموني وحملوني ذنوب ما أخاف يكفي انك تعرف دخائل النفوس،أنتقم يارب،ووريني فيهم عجايب قدرتك،أحضر كرسياً وجلس عليه ليتأمل السماء و يقرأ آيات وسور بخشوع،كان للأطباء دور بتعافيه ولكن القرآن وقربه من الله كان الحافز الأكبر كانت النجاة فيه، كانت نهاية للنهاية المأساوية التي رسمها بمخيلته كم أستهزؤا به وسخروا منه عندما أخذه والده لطبيب نفسي وكأنه عاهه،و كم تنمروا عليه الناس في تلك الفترة ،الا يستحق المريض بعض المساندة والإهتمام هو لم يقل لنفسه كن مكتئباً هذا شيء كتبه الله ورضي به كان يواسي نفسه بالقرآن والتقرب لله يدعوه وعيناه تفيض وتفيض، كاد يموت حقيقة من فرط الشقاء ومامر به ولولا الله ثم والده الذي أهتم به وصبر عليه لكان قد هلك.
.
.
الصباح.
نظرت لوالدتها النائمة رق قلبها لمنظرها،لن تيقظها فهي متعبة كثيراً،وملامحها منهكة،ستتركها تنام وستتصرف بشأن المدرسة،غسلت وجهها وارتدت عباءتها وطرحتها ثم لثامها،أخذت حقيبتها وقبلت رأس والدتها لتنطق بإنكسار ممزوج برجاء:يارب ما تقومي الا الظهر.
حضرت لوالدتها فطوراً بسيطاً ثم خرجت من باب الشقة وطرقته بحذر،الشقة فارغة وليس بها أثاث كثير وصدى الصوت يسمع ،فزت حالما رأته يخرج من الباب الذي يقابل باب شقتهم .
يحمل حقيبته بيده اليمنى ويغض بصره عنها ،و ببحة هادئة:كلمي أبوك أن صاحب العمارة يشتي الإيجار.
ليذهب وسماهر خلفه .
اما هي نظرت للأسفل بهم قطع فؤادها ويكبت روحها يظنون أنهما مقتدرتان وأن والدها لازال حياً لا تعجبوا،فهذا الزمن لم يعد الجار للجار بل حتى صلة الأرحام بعضها قد قطعت،كيف ستذهب للمدرسة الآن بعد أن تعكر مزاجها،ولكن اليوم مهم ولديهم اختبار،كتمت شهقاتها،
لتنزل البيداء كالإعصار وتمر من جانبها لتتوقف فجأة وتلتفت عليها،دموعها متجمعة ويديها ترتجفان بينما تمسك مقبض الباب بيدها اليسرى وجسدها مائل ،نطقت بتساؤل:روان بك شي.
نظرت للبيداء ودغدغ الأمل قلبها:بعدا بقولك ،أقتربت منها وسلمت عليها لتمسكا بيدي بعض ويتجها نحو المدرسة لم يأتي الباص ليقلهما للمدرسة أزمة غاز جديدة،بعد أن انفجرت الحرب ،اعتمد أصحاب الباصات على الغاز بصورة كبير،المدرسة بعيدة وستمشيان كثيراً .
بالمدرسة وبالصف تحديداً.
نطقت بتفاجئ:إختبار؟
نظر إليها وبلامبالاة:أي اختبار ونبهتكم أمس.
حكت رأسها تحاول التذكر متى نبههن دون جدوى يبدو انها كانت منغمسة بأفكارها وشاردة،نظرت للورقة التي أمهامها وبدأت بالحل بعد ربع ساعة نطقت بثقة:كملت،تكتفت وشعرت براحة كان سهلاً.
نظر إليها رافعاً أحد حاجبيه ليتجه نحو طاولتها ويسحب الورقة كل الأجوبة صحية الا سؤال واحد،نطق بتساؤل:سؤال أنتي كيف تنجحي طول الحصه سرحانه وتتأخري على حصتي .
نطقت تمثل الثقة وأصبعها السبابة تطرق جانب جبينها الأيمن:الذكاء يا أستاذ بعائلتنا وراثة.
تجاهلها لينظر للطالبات ولسماهر التي تحذف الأجوبة ثم تعيد كتابتها ثم وجهه ناظريه إلى روان ليتقدم لطاولتها كانت قد تركت الورقة كما هي دون حل، نطق وأصابع يده اليمنى تطرق الطاولة:في شي صعب ياروان.
حركت رأسها بلا نطق بتعجب:تمام بس ليش ما تحلي الأسئلة.
مسحت دموعها تعبت من المقاومة ،طرقت المشرفة الباب لتتفاجئ بروان تبكي أخذتها معها وتحاول تهدئتها حيث تعطيها الماء لتشرب وتريح أعصابها.
أستغرب من حالها فهي الأولى على الصف وسماهر الثانية هل الإختبار صعب لهذه الدرجة؟،تلك المجنونة أكملته بدقائق معدودة،وسماهر الى الأن تحذف وتكتب،وتنظر اليه بحقد هي والطالبات.
همست البيداء ويدها على خدها و تهز رأسها تمثل الحنق:أخ بس لو كنت اوائل كانت بتعاملني بهذي الطيبة والإحترام.
نظر إليها بحدة وحزم:اجتهدي وأضمن لك الاوائل.
صمتت وهي تزدرد ريقها ،كانت بالماضي تخجل وتخاف والآن أصبحت جريئة قليلاً وبخت نفسها كثيراً فهو بالأخير معلم .
وقت الإستراحة،صفقت البيداء بيديها لتنطق بحزم :الخاله تاعبه ولازم نتكفل بعملها اليوم.
وقفن وهن ينظرن إليها بحقد وكره ،أخفى ابتسامته ترعب طالبات الصف ولا يجرئن على فعل شيء خاطئ أمامها ،أكملن التنظيف،لتبتسم روان بإمتنان للبيداء وسماهر.
لكزت البيداء سماهر لتنطق بجدية:يا بجي عندك ياتجي عندي اليوم ولا باكر لأني أشتيك بموضوع مهم.
نظرت إليها سماهر بإستغراب لتنطق بموافقة :تمام
.
.
العصر.
أحضر زوجته وولديه للمطعم ويريد أيضاً مقابلة عبدالرحمن وهادي ،أشتاق لهما كثيراً في كل مرة يريد زيارتهما في شقتهما لا يجدهما او نائمين،والريم متحمسة كثيراً للمشاجرة معهما مثل كل مرة.
كاد أن يهرب عندما رأها تتجه نحوه ولكنه سيكون نكتة العام ،أستسلم للأمر الواقع لتضمه بقوه نطقت بضحكة منتصرة:هدهودي فقدتك يالسامج .
ضحك بخفة ويده تنزل نقابها على عينيها،تفحص عباءتها ،فيها شيء قليل من الزينة،زم شفتيه بحنق لايريد فرض أوامره عليها فهو يعرف أشد المعرفة انها إذا فعلت الشيء وهو نابع من اقتناعها لن تتغير مبادئها فالبيداء تنقبت برضاها على الرغم من رفض والدها بحكم صغر سنها إلا أنها لا تفكر ابداً بنزعه او الإستغناء عنه،والريم ذكية أيضاً وحريصة على نفسها وتدرك أين مصلحتها جيداً،نطق بداية بمرح:وانا ما أشتقت لك ابداً ،ليردف بحنق ونفاذ صبر وغيرة أخ على أخته:كم مره بقولك اني انا ونمير نغار عليك وما أحب عبايتك هذي وفتحتة نقابك.
نطقت بصدق وابتسامة:اخر مره هدهودي،تلفتت تبحث عنه ولم تجده نطقت بتساؤل:وينه عبود
نطق بمرح:عبود شرد من المطعم يوم عرف بجيتك.
ضحكت وضحكت حتى شعرت بضربة خفيفة على ظهرها من العيب أن ترفع صوتها بمكان عام،يحبها ويخاف عليها ،كتمت ضحكتها واتجهت نحو نمير الذي يبحث عن عبدالرحمن.
عند رويد بتفاجئ:بتسافر
عبد الرحمن بحماس شديد وعينيه تشع بالحنين:اي الحمدلله قدنا مستعد للسفر وحتى هادي قالي بيستأذنك وما حصل وقت وبتّار بيسافر معانا وان شاء الله بنأشر الجوازات قريب.
رويد بهدوء:والظاهر اني معاكم البنت جننتني رواية متصله الصبح تشتكي منها وفي واحد طلب نصلح له هنجر والوقت ضيق بس بجهز أموري وان شاء الله نسافر سوا.
نطق عبدالرحمن بصدق وهو يعود لمكانه ليدون طلب أخيه:بالنسبه لي لو تقولي ان البيداء عملت ما عملت ماصدقتها البيداء معها حركات مجنونه وبها زَقَعه"طيش" بس أعقل منها مافيش،والله يعينك على شغلك.
أبتسم له رويد بوسعة وربت على كتفه ثم عاد لأهله لم يجد لا نمير ولا الريم نطق بتساؤل:سلوى وينهم .
نطقت بابتسامة ودودة:راحوا يطلبو الحلويات الي يبوها،الله يعين أخوك وهادي.
ضحك بخفة ليخرج هاتفه من جيب ثوبه اتصل بها ولم ترد الظاهر انها منشغلة.
.
.
اليوم التالي..
بعد صلاة الجمعة
اللهم صلِ وسلم وبارك على نبينا محمد.
كانت تهمس بها بينما يديها تعمل بتحضير الغداء ،ما أجمل الجمعة كأنها عيد بالنسبة للمسلمين،ابتسمت لراكان الذي عاد مع والده من المسجد، يتأفف من المشدة التي على رأسه ،كان شكله لطيفاً بالثوب والغترة وحتى الجنبية ، مستغربة من ياسر وهدوئه الغير معهود حتى أنه لم يشاجرها بعد ذلك اليوم،يستحيل ان تفتح له قلبها مرة أخرى مجروحة منه حد نخاع النخاع.
نطق بابتسامة مريبة وهو يقبل رأسها:جمعة مباركه انغام
نطقت بمجارية:علينا وعليك وعلى جميع المسلمين.
أبتعد عنها وجلس على السفرة ،بالتأكيد أن وراءه شيء ويرد التلاعب بمشاعرها،بالأمس سمعته يحدث أحدهم ،وما أخافها طريقة كلامه كانها رموز،،نطقت بجرأة ممزوجة بحزم بعد أن قدمت الأطباق:ياسر علشان راكان لاتدخلنا بمشاكل.
نطق من بين أسنانه وعيناه احمرت :النسوان ما يتدخلين بكلام الرجال يا الأم المثالية تسكتي وتضمي لقفك"فمك".
صمتت حتى لا تكبر المشكلة وبدأت بإطعام راكان الذي يشاهد التلفاز،على محطة طيور الجنة، ويرفض تناول الطعام، أغلقت التلفاز ليزم شفتاه ويتكتف بحنق حاولت إطعامه ولكنه يحرك راسه يمنة ويسرة ويضم شفتاه الحمراء بقوة،تنهدت بضيق لن تسكت عندما ينفذ صبرها وتقل حيلتها لماذا ؟فقط لماذا ؟كان يردد أسم رماح، استاذ البيداء وجارهم الموضوع معقد وعليها إخراج نفسها لأجل ولدها.
.
.
الساعة الرابعة عصراً
نظر إليها تتأمل الشوارع من النافذة وتقرأ سورة الكهف غيباً ولم تلحظ وجوده نطق بهدوء:السلام عليكم.
التفتت إليه لتبتسم بوسعة لسلوى وله نطقت:وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
نطق باحترام:جمعة طيبه،كيفك ياخاله.
ردت ودموعها قد تجمعت:علينا وعليك ياولدي ،انا بخير الحمدلله وانت.
هزته كلمة ولدي بشدة،فقد هجرته هذه الكلمة وماتت منذُ زمن بعيد،تعجب من صبرها وكيف انها لازالت قوية ومتفائلة آخر مرة رآها كانت بعز قوتها والأن بأضعف حالاتها ولكن روحها لازالت كما هي :الحمدلله ياخاله سمعت انك تبيني .
هزت رأسها بالموافقة وتأملته كثيراً وعادت الذكريات كأنها فلم يعرض أمامها ،الدموع ،الأماكن المرتفعة والجبال الخضراء ،الضباب،ورعي الأغنام ،البرك والشجيرات الصغيرة،المدرجات الزراعية ،الضحكات والمشاجرة ،الرمي بالحجارة،كلها عادت بهذه اللحظات،وتردد صداها بأذنيها،شهقت لتنطق بكلمات خرجت من أعماقها:أكيد انها حكت لك عن صحبتنا الي وصلت لحد الأخوة وعن مغامراتنا،كانت طيبة وخفيفة على القلب ومرحة وكريمة ،وصاحبة واجب.
صمتت حتى لا تزيدها عليه أخرجت ورقة من تحت وسادتها ومدتها له بيد ترتجف:أمانه منها التقطها من يدها ووضعها بمحفظته البنية ،أخرجت ورقة أخرى ونطقت برجاء عميق ودموعها متحجرة بعينيها الحمراء كالجمر:لاشفت أحد من أقربائنا أعطيه هذي الورقه ،يوصلها ليدها،التقطها من كفها التي أصبحت هزيلة:أوعدك توصل لها مثل ماوصلت لي ذي الرسالة.
أبتسمت بوسعة وعدلت لثامها لتنطق بامتنان:شكراً ربي يوفقك ويسعدك ويفرج همك ويجبر كسرك.
نطق بابتسامة واسعة:آمين يارب وياك ياخاله ،أدار بجسد لينظر لها متأثرة بالموقف نطق وقد أعاد نظره إليها:الله معك ياخاله متطر امشي،وتفائلي خير بيشفيك ربي وترجعي لسابق عهدك.
ألتقطت له نظرة أخيرة وابتسمت براحة أدت الأمانة لأصحابها،ودعته ودعت له،لتريح جسدها على السرير ودموعها عادت لتشق طريقها وتحرق خدها يا ليت جمال تلك الأيام البسيطة والجميلة يعود ،لو يعود ذلك الموقف فقط ،فقط.
"في يوماً بعيداً جداً في ايام التسعينات، بمحافظة إب الخضراء كما نسميها وبأحد القرى ،وقد بدأت الشمس بالتواري خلف الغيوم ،وأصبح لون السماء برتقالي ،وأصفر، الأغنام بألوانها المتعددة متوزعة على الجبال بلباسها الاخضر،،يتناولن الحشائش ،ويحاولن التملص لدخول الخط الأحمر لأكل الزرع الذي يحمل السنابل التي بدأت بالظهور ويتراجعن حالما يرميا عليهن بحجر صغير،البعض يشربن الماء من المشنة بجانب البركة التي تحمل بأحشائها ضفادع صغيرة لم يكتمل نموها بعد،وقفت وبدأت تركض والأخرى تركض خلفها ويقفزا من مرتفع الى مرتفع ويضحكا بأنفاس متقطعة تحاول إمساكها ولم تستطع ،فجأة تدحرجت الاولى لينزلق جسدها على منحدر،لتزيد ضحكتها والأخرى وراءها ،لترتطم بها ضحكا أكثر رغم الألم الذي بهما."مواقف ومشاهد مخزونة بالذاكرة يستحيل محوها ونسيانها،حقاً الأموات لا يموتون ماداموا محفوظين بالقلب.

بممر المشفى نطقت بتحذير شديد وهي تتلفت يمنة ويسرة: أنتبه على نفسك الرجال راسه حامي،مجنون هذا راميها هنا وعايش حياته للأخير لاذمه ولاضمير.
نطق بهدوء: بنتبه على نفسي،وتراني كلمتك عشان تنتبهي لها أكثر ولا يطلع الكلام لأي أحد،ثم أردف بهم: لين اشوف حل.
بابتسامة بانت من عينيها عكس الغيرة تتسلل لقلبها:ولا تهم بعيوني،ثم نطقت بجدية:والموضوع الي قلت لي عليه انا معاك.ثم حكت راسها تحاول التذكر:وش كان يقولي رويد إذا أقدمت على خطوة جديدة وش كان يقول؟.ابعدت يدها عن رأسها لتردف بتذكر:انا معاك يد ورجل.
أبتسم بهدوء وامتنان ليقفِ بظهره ويذهب.
.
.
بنفس الوقت.
مسحت بقايا العرق،وهي تلهث،وبختها والدتها كثيراً،بسبب انها لم توقظها لم يقوى قلبها على هذا،لن تخجل بعد الآن وتفتخر بوالدته ،سمعت صوت البيداء وبدور ،وسماهر معهما ينزلن من الدور الثاني،راودها بعض الخجل ،وعينيها العسلية تتفحص عباءتها المبقعة بالوحل،آه كم تضحيات والدتها كبيرة ،كبيرة جداً،ومؤلمة، أنزلت طرحة لثامها لتغطي عينيها المدمعة،لتعاود تنظيف الدرج.
بدور عقدت حاجبيها وباستصغار واحتقار شديد:المقرفه وينها ؟الظاهر بنتها المقرفه الجديدة جاءت بدالها.
نظرت إليها سماهر وحتى البيداء باحتقار.
نطقت روان من بين اسنانها وعينيها لمعت:الحمدلله انحنا مقرفين من الخارج وماحنا مقرفين من الداخل، الحمدلله الذي عافانا مما أبتلى به كثيراً من الناس.
نطقت سماهر بتفاجئ وهي تتجه نحوها:روان.
تجاهلتها لتجمع الغبار والقراطيس للملف،ثم للكيس المخصص،كم تشعر بالقهر من كلام بدور،جرحها ومزقها،نثرها نثراً، بالنهاية هي إنسانه وقلبها يتمزق من أتفه كلمه،كان القهر يعميها، دخلت شقتهم بعد أن أكملت لتغلق الباب خلفها بقوة لتنزل دموعها بضعف وحرقة والدتها مازالت نائمة بعمق وتعب،نزعت العباءة الممتلئة بالغبار لترميها للأرض تحممت وارتدت ثياباً عادية وارتمت بالغرفة المجاورة بعيداً عن والدتها تشعر بضيق وجسدها يرتجف لازالت فجيعة منظر وموت والدها بعينيها ،ارتجف صدرها وتنهدت بعمق،أين والدتها لتضمها وترقيها بالقرآن ،كلما انعاد الموقف وارعبها،كانت ستحكي لها قصة ككل مرة عن الصبر والأمل والتفائل،استغفرت بداخلها،عليها أن تحاول الاعتماد على نفسها،قرأت آيات الكرسي والأذكار،وأغمضت عينيها لتنام بدون شعور.

البيداء بهدوء مريب:وين بنجلس ببيتنا ولا وين.
نطقت سماهر بهدوء:تعالو عندي.
دخلن شقة رماح،ثم الغرفة المخصصة للجلوس ونزعن غطاء وجوههن.
البيداء بنظرة خاطفة لبدور التي حشرت نفسها لتجلس معهما فلتتحمل ما سيحصل ،أشرت على نفسها ،وصغرت عينيها ونطقت بنبرة مؤثرة أتقنتها :سماهر ذلحين انا بنت قليلة أدب وأراسل عيال،والله انك جرحتيني بكلامك،ليش الطعن بأعراض الناس .
انتفضت سماهر بذهول وعينيها تنظر لبدور بشك:والله ما قلت كذا صح اني اسأت الظن بك وأصدق اللي أسمعه بس مستحيل أطلع كلام.
بدور بهذه اللحظة أحمر، أصفر ،أزرق ،وجهها تلون مئات الألوان الجمها كلام البيداء وسماهر كيف ستهرب الأن من الحقيقة تمنت لو تتبخر يتقلص حجمها لتخرج من هنا.
نطقت البيداء ببرود وهي متكتفة:بدور انتي الشاهدة على كلامها وانتي الي وصلتي لي صح ولا لا.
هزت رأسها بلا ،وبنبرة كاذبة ممزوجة بتأتأة،مع أن لعبتها قد انكشفت أوراقها:سماهر انتي قلتي كذا ليش تكذبي والله انك قلتي.
فتحت سماهر عينيها وفاهها بصدمة من حلفها بالله وكأنه شيء عادي جداً:الله يشلك يا كذابه،أستحي على وجهك يا أم وجهين.
بدور صمتت فهي بموقف لا يحسد عليه لم تفكر كيف ستتصرف بهذه اللحظة المحرجة تشعر بنفسها تصغر أكثر وأكثر شعرت بحقارتها والخزي يقتلها ارتفعت حرارة جسدها،ستنفجر حتماً.
نطقت البيداء بمرارة مخفية:بدور حبل الكذب قصير مهما كان بطلي فتن وكذب وطلاع كلام ونزال كلام ما بتستفيدي شي واذا تشتيني أكلم أمك ماعندي مانع بس لأني انسانه راقيه وواثقة بنفسي مابنزل نفسي لمقامك بجيب لك فرصه تتعدلي وأمك مافيش أطيب منها، شوفي وجهك كيف انقلب قدمنا كيف لو وقفتي قدام الله بالأخرة.
وقفت بدور وهي محرجة وخجلة، مهزوزة،شعورها لايوصف،خرجت من الشقة لتعود لشقتهم.
نظرت البيداء لسماهر بلؤم وخيبة أمل:اسمعي مني ولا تسمعي عني وانا اقول ليش تتجنبيني، وأبن أخيك يعاملني كذا،اعرفي شي واحد اني بنت بألف رجال مش غرور لا ثقة ،لاتقهروا أنسان مايعرف حاله الا الله دارية انك طيبه وعلى نياتك، لاتخلي احد يلعب عليك يوم يومين وطلعت عليك كلام زيي زيك.
ضمتها سماهر وأغمضت عينيها بأسف ورجاء :أسفه والله أسفه طلعه الزفته ام وجهين،شكراً لأنك كشفتيها قدامي،انا وحيدة ماعندي لا أم ولا أب ولا صاحبة حسبتها بتكون مقربه لي مليت من وحشة البيت ورماح مش موجود اغلب الوقت،مسحت دموعها المتعلقة بأهدابها وأبتعدت عنها ثم اشرت باصبعها السبابة على الغرفة:شوفي كيف الدنياء هدوء ووحشة ومظلمه ماعندي أحد.
تنهدت البيداء لتشفق عليها ولكن مازالت حاقدة عليها،ربتت على كتفها بمحاولة طيبة:أعتبريني من اليوم أختك،ثم أردفت بصدق:كلنا نغتاب ونتكلم عن الناس بس بشي يغيظنا ويضبحنا بس ما ننقل كلام كذب ونطعن بأعراض الناس.
سماهر بابتسامة صافية:اي والله،ثم أردفت بأسف:مسكينه روان قطعت قلبي ماتوقعت تكون المنظفه أمها.
نطقت البيداء بحسرة أخفتها وهي تقف لتذهب:المساكين انا وانتي ياسماهر مش روان.
عقدت سماهر حاجبيها وقد وقفت بعدها لتنطق بتعجب:مافهمتك.
البيداء بشحوب وعينيها أحمرت :بتفهمي بعدا،لتفتح باب الشقة وتنطلق لشقة رواية.
تأملت الدرج لثوان معدودة ثم اغلقت الباب ودخلت الشقة لتعود لوحدتها المقيتة،ماتت والدتها باليوم الذي ولدت فيه وتوفي والدها بعدها بشهرين، أنجبتها والدتها وهي بعمر كبير،في بعض الأحيان يتردد بعقلها،ماذا لو لم ياتي جواد اخيها الوحيد برماح،كانت ستتسول وتموت جوعاً بسبب زوجتة،حزينة عليه وعلى والدته المكسورة وحزينة على أختها التي تدعى روفيدا لم يحالفها الحظ بالتعرف عليها فقط لديها صورتان وقد عبث بهما الزمن ،تتخيل شعور غلا وكيف أن أخيها حرمها من ولدها كم تشفق عليها،وكم تحمد الله على نعمة رماح،مرة سمعت مثلاً يقول"مصائب قوم عند قوم فوائده"هذا المثل يمثل حياتهم حقيقةً.
.
.
بعد أيام
الساعة ١١ مساءً
تهاتف زوجها وتحاول اسكات طفلتها المتعبة نطقت بنفاذ صبر:حبي دقايق أرقدها وأتصل بك بعدا.
نطق برثاء وهو يكبح حزنه :خذي راحتك قلبي .
لتغلق المكالمة وتهزها بلطف دون فائدة،سقطت دموعها على صدر صغيرتها، في بداية نموها ومرور الشهور شهر بعد شهر،بدأت تلحظ حركات غريبة تفعلها صغيرتها،أطرافها السفلية مرتخية ونظرها غير متزنه،وأطرافها العلوية مشدودة،وأسنانها متفرقة ليست كباقي منهم في عمرها أكملت عامها الثاني،وهي لا تستطيع المشي بعد،تبكي كثيراً،وعندما كشف عليها الطبيب تبين انها تشكي من ضمور بالدماغ،بسبب عسر الولادة،ونقص الأكسجين على طفلتها،وقعت على يد طبيبة، تخرجت بواسطة،لم تنبهها بأنها ستتعب ،والولادة بالمنزل لن تكون جيدة لها،قلبها يؤلمها ورأسها أيضاً ستنفجر حتماً،من الغباء أن تتصل بالبيداء أبنة أختها، بهذا الوقت لتلاعبها،بعد فترة طويلة وعراك طويل ،استسلمت الصغيرة للنوم،لتتصل بزوجها المغترب ،والشوق مفضوح بعينيها،الفرق بينه وبين ياسر أخيه فرق السماء عن الأرض ،أعانه الله على الغربة وعلى التعب وأعانها الله على التحمل والصبر،كم مرة تتشاجر معه ويقطعا بعضهما لأيام ثم يعودان لبعضهما بالنهاية،تزوجته وعمرها ١٧تقريباً،وانجبت علي ذو١٣عام ورغد بعمر عامين سافر قبل أن تلدها بشهور والى الآن لم يعد من الغربة وحتى علي ولد وهو بالغربة لم يتهنى لابتربيتهم ولا بحملهم بأحضانه وهم رُضع،يحب الأطفال الرضيعة بجنون ولكن الله لم يكتب الاستقرار في البلد،والصبر مفتاح الفرج.
رد بابتسامة واسعة ويداه تحركان المقود ليوصل الطلبية:هلا حبيبي ليردف بهم:نامت حبيبة بابا.
هزت سندس رأسها بالموافقة ووجهت الكاميرا لرغد النائمة ويدها تلعق اصابعها الصغيرة، منظر لطيف.
أوقف السيارة ليتأملها بجوع وحب أبوي ولدت وهو بعيد عنها يريد أخراجها من الهاتف وضمها لصدره بقوة وتقبيل وجهها ويديها ورجليها الصغيرة ،نطق بابتسامة حزينه :فديتها نوم العافية ،ثم اردف بشفقة على زوجته وابنته:سندس لاتتعبي نفسك، ومثل ماقلت لك بَرَوح قريب ونحاول نأخذها لأطباء متخصصين.
.
.
قلبها يخفق بعنف وتحاول قيادة السيارة بروية ،كأن احداً يتبعها،زجاج سيارته مظلل ولا تستطيع التعرف على ملامحة أينما توجهت توجه نحوها ،يديها ترتجف بجنون وتضرب المقود بدون وعي، تتلفت يمنة ويسرة،تاخرت بصيدليتها كثيراً دون أن تلحظ هذا،وبدون تفكير،اوقفت السيارة بجانب منزلهم،لتنزل من السيارة بسرعة قياسيه وتحاول فتح الباب بينما ضوء سيارته مسلط عليها واخيراً فتحت الباب لتدخل وتغلق الباب بسرعة جلست وهي تتنفس انفاس كثيرة وعديدة، كادت أن تموت خوفاً ورعباً ،أمسكت قلبها والرعب يتملكها لتنطق بنبرة مرعوبة بدون وعي ونفسها ينقطع:ياللَّــــه،استرخت قليلاً ثم وقفت بتهالك ،ووجبة العشاء بيدها،ذهبت لغرفة والدها لتجده نائم وقد تناول عشاءه،ابتسمت من قلبها لتقترب منه وتقبل تجاعيد جبينه وتهمس بتعب وغلب:يارب عينني وأسترني بالدنياء والأخرة،تعبت والله تعبت،اتجهت لغرفتها بعد أن غطته جيداً، بعدها استحمت وغيرت ثياب العمل لترتمي على السرير ولازالت الرجفة تتملك جسدها ضمت نفسها بقوة لتحاول تهدئة نفسها،تتسائل هل لازال موجوداً،يبدو انه شخص مجنون فحسب وسينتهي الكابوس.

أبتسم بمكر وخبث دلته لمنزلها بكل سهولة وغباء ،ظن أنه سيتعب بالبحث واللف والدوران،ولكن فريسته غبية جداً،والدها متقاعد وكبير بالسن،ونايف أخيها عديم الغيرة على أخته ليس موجوداً بالمنزل أغلب الأوقات،أخرج سيجارة من الكرتون المخصص لها من نوع"كمران "،ليشعلها بحركة مستفزة، ولا زالت ابتسامته الماكرة ظاهرة على شفتيه وعيناه تتأمل منزلها سيأتي الوقت المناسب، ليفعل مايريده دون أدنى تفكير،لو كانت محترمة لما عادت من عملها بوقت كهذا.
.
.
انتهى.
.
.



صل على النبي محمد 13-07-21 03:30 PM

اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد كما صليت على سيدنا ابراهيم وعلى آل سيدنا ابراهيم إنك حميد مجيد
اللهم بارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد كما باركت على سيدنا ابراهيم وعلى آل سيدنا ابراهيم إنك حميد مجيد

لا تنسوا الباقيات الصالحات :

سبحان الله

الحمد لله

لا إله إلا الله

الله أكبر

لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم

لاتنسوا في هذه الايام المباركات التكبير والتهليل

الله أكبر الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله الله أكبر الله أكبر الله أكبر ولله الحمد

الله أكبر كبيرا والحمد لله كثيرا وسبحان الله بكرة وأصيلا

ام جواد 17-07-21 03:54 PM

بداية مشوقة تسلمي
عندي طلب صغير يا ريت تكتبيلنا العوائل والشخصيات لاني تلخبطت خاصتة انها اسامي غريبة شوي
استمري حبيبتي ورح نكون من متابعاتك ان شاء الله

ام جواد 18-07-21 03:41 PM

حبيبتي لامارا فيه فصل جديد نزل امس ياريت تنقلينة لنا

لامارا 02-08-21 12:57 AM


الفصل"الرابع"

"مَالذي أَقترفناه حَتى يَهجُرنا السلام؟
وَماذنبُنا حتى تُغادرنا قَناديلُ الأمل؟"
.
.
الساعة ١١ مساءً.
فتحت عينيها،لتجدها تحمل شيء حاداً وتنظر إليها بعينان حمروتان،بدأت تقترب منها ببطء وتنطق بنبرة حادة ومرعبة وشفتها تبتسم ابتسامة مريبة:أنتي الي تخربي بيتي ،حاولت التحرك يمنة ويسرة حاولت تحريك رجليها،حاولت النطق،وهي تشعر بشلل كلي،تحاول تحريك رأسها لجهة خالتها سندس،ولكنها كانت نائمة بعمق ،فهي من الأمس بشقتها بحجة أنها تشتاق لها ولرغد،حاولت مناداتها،والتحرك،حاولت وحاولت،دون جدوى ستموت من الرعب،أغمضت عينيها بقوة وقرأت المعوذات،لتستيقظ من النوم بفزع،نظرت للساعة على الحائط،لازالت الساعة ١١ قبل منتصف الليل،مسحت على وجهها وجسدها يرتجف نامت قبل نصف ساعة،يالله ،متى يأتي اليوم الذي تنام فيه براحة وعمق بعيداً عن تفكيرها والكوابيس التي تلاحقها،غطت جسدها بالكامل ،وتكورت على نفسها المكان مظلم وخالتها لازالت نائمة ورغد التي تتوسطهما لازال نائمة أيضاً. ورجليها ممدودة لوجهها،لاتتعجبوا منها وكيف تستطيع إيقاظ نفسها فهذا الحلم رفيقها الدائم ،وكلما زارها بمنامها قرأت المعوذات أو آيات من القرآن لتستيقظ،نطقت بداخلها:يالله أرحم ضعفي وقلة حيلتي يارب أنس وحشتي أرحمني يارب.ستعود لها موجة التفكير ولن تستطيع النوم،تفكير وراء تفكير يجر تفكير آخر،تدرك أن تفكيرها سيرميها بالهاوية ذات يوم ولكنها تحاول وتحاول،قدر استطاعتها.سمعت هاتفها يرن أخرجت يدها وسحبته من على الطاولة،كان والدها،عقدت حاجبيها وارتجف قلبها لا يتصل بها الا عندما تحل المصائب.
ردت والخوف قد شوش رؤيتها: السلام عليكم
نطق بدون أن يرد السلام حتى:وينك،صمتت ليس لديها إجابة لو عرف أنها عند عمتها لن يكون الأمر جيداً.ليردف بنبرة أرعبتها: مفرطه لأختك وحدها وبها حمه وسرتي عند خالتك،من جاب لك الأذن هاه قولي، تعبتيني يابنتي الله يهديكم،والله لو أزيد أسمع أنك خرجتي بدون أذن،وعصيتي أختك والله ثم والله ما يوقع خير،لاتجننيني،كل أخوانك عقل ورزانه الا انتي تجري بعد المشاكل جري ،ليردف بصوت عالي جعل النوم يطير بعيداً:سمعتي ولا لا.
بلعت كلماته ونطقت بهدوء:سمعت باكر الصبح بروح.أغلق بوجهها لتتأمل الهاتف لمَ هو هكذا معها ؟لمَ لا يحبها مثل البقية؟،ماذا سيحصل لو عادت لشقة رواية؟ ستقتلها حتماً او ستكسر عظامها،بالأمس تكلمت عليها بكلام كبير جداً عجزت ان تستوعبه،نظرت لمعصمها المجروح،ضربتها بعود المكنسة حتى أنكسر،تقسم أنها لم تشعر بألم اطلاقاً مستعجبة من نفسها حقاً،ظنت أن يدها ستنكسر،تأملت السقف بشرود،وعينيها تلمع،كم مرة حاولت اخباره أن أختها لم تعد أختها،ماذا سيحصل بالصباح؟، على الرغم مما مرت به إلا أنها لاتنتظر رجلاً ينتشلها مما هي فيه،وقد اكتفت بنفسها وانتهى،مالذي ينتظرها بالمستقبل القريب؟ وهل ستذكرها والدتها؟ كتبت لائحة طويلة كلها عتاب ولكن ماذا لو لم تكن بخير ؟وحالها كحالها.ضربت رأسها بخفة وهزته بعنف يكفي تفكير،ذابت باليأس في هذه اللحظات لاالنوم أتى،ولا هداء عقلها،ضاق صدرها تشعر بأطرافها تنملت وعينيها تحترق،جسدها يرتجف،أرخت ملامحها وأستسلمت لأفكارها ونظراتها معلقة بالسقف بينما يدها اليمنى مطوية خلف رقبتها ،فجأة وصل لمسامعها صوت انفجارات وصوت إطلاق نار ،تتيبست بمكانها وخفق قلبها بقوة،وانشدت أعصابها،لتدرك انه حفل زفاف فحسب،بعد ان سمعت صوت زغاريد وزفة صاخبة،على مايبدو أن العروس وصلت لمنزل زوجها.
.
.
بنفس الوقت.
يجلسون بصالة الجلوس المتوسطة والمتواضعة ،ويغلب عليها اللون الأحمر القاني والأسود ،صمت الاثنان بعد أن كانت أفواههما تعمل ،بينما صوت التلفاز يتداخل بأصواتهم.
سلوى لم تفتح فاهها فعندما يغضب يصبح وحشاً لايمكن التعامل معه،مضت بضع دقائق لتقف،وتذهب للمطبخ وتحضر له كأس مياه،عاد من عمله الشاق،وغير ثيابه ليهاتف أبنته،ولم يتعشى بعد،مدت له الكأس ليلتقطه منها ويشربه على فترات،أبتسم لها بود لينطق بهدوء:أعوذ بالله من الشيطان،،ليعيد نظره إليهما يجلسان بجانب بعضهما وينظران إليه بترقب،حتى هما وبخهما على الدراسة وعلى الإهمال،وعلى أتفه الأشياء،ليردف بتحذير ووعيد:والله لو أسمع صوت البلايستيشن ولا الجولات مايوقع خير،حتى صوت النفس ما أشتي أسمعه.
،ليقف بتعب ويتجه نحو غرفتهما، جلس على السرير لتحضر سلوى دهان وتجلس بجانبه لتدلك يديه الخشنة و المتعبة من العمل،اكتفى بابتسامة ممتنة ليستلقي على جنبه الأيمن،يشعر بتشتت،أولاده كل واحداً منهم بجهة يريدهم جميعاً بجانبه ولكن الظروف لا تسمح هادي من جهة يظن أنه لا يهتم لأمره وهو يزرهما بعد عمله ويجده هو وعبدالرحمن نائمين او ليسا موجودين،ورواية من جهة تعاتبه عن عدم اتصاله بها،الريم ونمير يشتكيان من عدم جلوسه معهما ،إلا آخر العنقود،لا تتصل ولا تسأل جميع أبناءه ملاقين مثله الا هي بعيدة عنه جداً جداً،لاينكر ان الندم يأكله بلحظة غضب طلق والدتها المجنونة بالشك والاوهام ،كرهته بنفسه حتى والدته كانت تمنعه منها اي جنون كان بها يدرك أنها كانت تحبه ولكن ليس هكذا لم يعد ذاك حباً بل جنون بكل ما تعنيه الكلمة،يحب علاقته بسلوى يغاران على بعضهما بحدود،وحتى الحب بينهما جميل ليس ذلك الحب الذي يجعل الشخص ينفر منه،ومثل مايقولون قدموا الود على الحب.أغمض عينيه بإرهاق ليغط بعد دقائق بنوم عميق كانت تجلس بجانبه وبعد أن نام عادت لولديها لتجدهما يذاكران ابتسمت بمحبة ودعت لهما بالتوفيق.
نظرت الريم المربعة قدميها، لنمير ونطقت بشفقة :مسكينه قسى عليها حبتين،ثم أردفت ويدها على قلبها:تخيل بس لو أبي اتصل بي ،بوقت زي هذا وهاوشني ،بتجي لي أم الركب
ترك القلم وحك رأسه ووجهه نظره إليها:المفروض انها تحاول تتجنب الأخطاء بس الظاهر تحب المشاكل بقوة وتحب تعاند.
.
.
نظرت لبراءة بدموع أمتنان:شكراً ياقلبي.
براءة بابتسامة وقد قاست حرارة والدة روان مرة أخرى:لاشكر على واجب حبيبي ماما بخير وما بها الا العافية.
نطقت روان برتياح وسعادة:الحمدلله كنت خايفه لا يوقع لها شي
ربتت على كتفها ابتسمت بأمل، ردت لها روان الابتسامة ومسحت دموعها،وقفت براءة بعد أن كانت جالسة على ركبتيها،ثم ودعت روان،التي حاولت اعطائها المال لكن براءة رفضته رفضاً قاطعاً وعادت لمنزلها بجوار العمارة برفقة نايف ،أشفقت على حال روان وكيف انها كانت منهارة.
ابتسمت روان براحة انخفضت حرارته والدتها،عادت لتدرس بجد ويدها اليسرى تضم يد والدتها،اليوم كان غريباً من بدايته فقد وجدت مالاً بجانب فتحة الباب،ياترى من وضعه،كانت تحتاجه بشدة والحمدلله كان المبلغ جيد وستدفع به بعضاً من مبلغ الإيجار،صاحب العمارة كريه ولا يعطيهم فرصة ولا يرحم حالهم ،صديقتها بالمدرسة قالت انهم مستأجرون وصاحب العمارة مقدر لوضعهم ويحاول تخفيض الإيجار،لايكسر الظهر إلا الإيجار لو كان لديها هي ووالدتها بيت ملك لهما لكانتا بحال أفضل،في كل يوم يزداد شوقها لوالدها،ولكن والدتها عوضتها وأكثر تلك النائمة ،كأنها سد منيع تحميها من التعب والأحزان،كان لدى والدتها ورث من والدها أخذه جدها بكل همجية فهم يكره
والدتها كثيراً ولا يريدها أن ،وكان لديها خيار من الاثنين أما إعادتها لهم وأما تنازلها عن الورث،ولكنها اختارتها هي،تكفي هذه التضحية ،لاتدري كيف سترد لوالدتها الجميل وتظن أنها لو أفنت عمرها كله بخدمتها وتحت قدميها ما أوفتها حقها، ما أوفتها حق تلك الابتسامة الصفراء التي ترسمها بعد عودتها بعباءة مليئة بالغبار ويدان شاحبتان ومجروحتان ،وتبتسم لها ابتسامة واسعة حتى لا تشعر باليأس والنقص.
.
.
اليوم التالي.
الساعة السادسة صباحاً.
كانت تثرثر عما حصل معها هي وبدور والبيداء،وتشرح له قصة روان ،بينما يقود السيارة متجه نحو المدرسة وكل ما ينطق به،والله،جد لاحول ولا قوة ،ذي البنت خراب،ابعدي لك منها،الله يعين،فجأة داس على الفرامل بقوة ليصدر صوت عالي ،بينما وقفت بنصف الشارع وقلبها كاد أن يقع،أخرج رأسه من النافذة ،كاد أن يصرخ عليها،ولكن عندما لمح عينيها متوسعة وصفراء،صمت وأصابعه تطرق، المقود،ما يدل على نفاذ صبره.
ركضت روان نحوها وجرتها من حقيبتها لتنطق وهي تضرب كتفها:الناس يقطعوا الشارع بانتباه مجنونه أنتي.
دفعت يد روان بقسوة لتتجه نحو المدرسة بعقل شارد.
سماهر ويدها على قلبها نطقت برتياح:الحمدلله ما وقع شي.
رماح بهدوء:الحمدلله،ثم أردف بتعجب:من يوم شفتها وهي طول الوقت سرحانه.

ركضت روان خلف البيداء.
حرك السيارة من جديد،هو المخطئ زاد سرعته بينما هي تقطع الشارع، تفكيره منحصر بوالده،ووالدته،ماذا يفعلان الآن بهذه اللحظة؟ وأين هما؟،لماذا أقدم والده على فعله هذا؟ وقد كان حبه لوالدته كبير أيعقل ان يكون مجبوراً ،ضحك بسخرية على تفكيره ،هذا يحصل في الأفلام والروايات فقط ،هل وجد بتّار صديق غيره أم زاد تعلقه بذاك؟وكيف حاله وعامر وحتى غازي القريب لقلبه؟،كان فهد مرحاً وطيب القلب،ولكنه كان يغار منه ويكرهه، ضحك بنفسه عندما تذكر نفسه وبتّار وجنونهما،يا تُرى كيف أصبح نمير اللطيف بعد أن كبر،وحتى الريم التي كان يلاعبها ويدعي أنها أبنته عندما يلعبون سويه،هل عاد والدهم بعد أن سافر وهو بعمر الثالثة كما كانوا يتحدثون أم أنه مثل والده لم يعد ؟أسئلة كثيرة تدور برأسه،قطع على نفسه التفكير،ليقف قريباً من المدرسة.

-بالصف ..
أنزلت رأسها بقهر عندما وجدتهن يتهامسن وينظرن إليها باستصغار،لترفع رأسها مدعية اللامبالاة،والدتها بخير اليوم وستساعدها بوقت الاستراحة،سعيدة أن والدتها لم توبخها،بل كانت ممتنة منها وسعيدة بقوتها.
البيداء نظرت لبدور بتوعد وعينيها تشع غضباً تلك الفتاة لاتتوب وقحة ،مغفلة،ليس بوجهها ماء،تريد أن تبرحها ضرباً حتى يتهشم وجهها الذي تغتر به،ستلقنها درساً لن تنساه.
.
.
تبوك.
عاد من عمله،وجسده حار،يشعر بالبرد،ولكنه يقاوم،منذُ الصباح والحال ليس جيد فوالده غاضباً منه،بسبب عدم جلوسه معهم،أستحم وغير ثيابه ،سينزل للأسفل ويتناول وجبة الغداء معهم ،ما بال الذكريات اليوم تنهمر عليه كالمطر الغزير،و تعصف به تلك الذكريات،والده لا يفهمه لايفهم أنه لايريد أن يجتمع معهم بسفرة ووالدته ليست موجودة،يشعر بالنقص والذنب،كاذب نعم كاذب ،يوهم نفسه أن كل شيء حصل لم يكن بيده،والذنب يأكله،ضرب الصورة العائلية التي تتوسط الطاولة ،ثم مزقها لقطع كثيرة نظر ليديه الملطخة بالدم،يحاول التغاضي عن الأفكار والغوص في أعماق الماضي البعيد ولكنه يجره إليه ويضمه بقوة وعمق ،يربت على كتفه ،ويقنعه أن يبقى بتلك النقاط وأنه لا يجب عليه محوها من صفحاته المهترئة يريد أن يجعله حبيساً له ليفسد حاضرة ويضيع مستقبلة،استغفر ربه عدّة مرات ليقنع نفسه بان يرضى بالقضاء والقدر.تنهد مطولاً، لازالت دموع وبكاء والدته ترن في مسامعه و ناظريه لن ينسى عندما كانت تبكي دماً بسببه وبسبب ما كان يفعله وتلوم نفسها بكل تصرف يصدر منه، أي ممحاة تمحو شوائب الروح؟ غسل يديه ليتوضأ،صلى الظهر بخشوع،شعر بالهم يزاح شيئاً فشيئاً،ليقف متجهاً للأسفل،جلس معهم على السفرة،لينظروا لبعضهم بتفاجئ .تجاهله سند هل يصدقه؟هل يصدق ما يسمعه عنه؟لايدري،حقاً لايدري.
غلا ابتسمت وبتشجيع:السفره منوره
حَلاه بسعادة حقيقة:اي والله
ابتسم لهما بهدوء ليبدأ بتناول طعامه متجاهلاً نظرات توأمه العاتبة،وقف جراح والضيق يتملكه أليس أخاه وجزء من روحه ،أليس من حقه أن يشاطره شيء من حزنه يخفي عنه الكثير والكثير.
نطق سند بنفاذ صبر وهو الآخر يقف:لاحول ولاقوة عمرها ماتكتمل.
أما غلا وضعت الأطباق أمامه وابتسمت:الظاهر انهم مضغوطين بسبب العمل.
.
.
بفيلا راقية.
يجلس أمام ركبتي والدته ،ويمسك بمعصمها المليئ باطواق الذهب ثم نطق بإصرار شديد:والله انها عجبتني يمه وأشتي أخطبها.
نطقت بنفاذ صبر وقد سحبت يده من يدها وتكتفت:الكلام هذا قوله لأبوك مش لي والظاهر بينكم تواصل مادامكم تشتغلو بنفس المكان خلي عقلك براسك قالي يخطبها قال بنت تشتغل بمكان عام ومختلط وتشتيني أصدق انها محترمه.
البراء وقف وبمعارضة تامة :البنت بنت ناس محترمة وما قلت بخطبها الا وأنا عارف انها محترمه وحافظه حدودها.
تأففت بضيق لتحرك شعرها بيدها اليسرى،لا تريد إجباره على شيء لا يريده،ولا تريد أن تحرمه من شيء يريده وعازم عليه نطقت بابتسامة زائفة: بسير يوم واشوفها واذا عجبتني بوافق.
عقد حاجبيه بعدم رضى،هو من سيتزوجها ويكون شريكها،لينطق اخيراً برضوخ:تمام وواثق انها بتعجبك،البنت خلوقه ومحترمه.
هزت رأسها بالموافقة لتقف وتذهب لغرفتها،وجدت زوجها يقرأ كتاب ذا غلاف بني اللون،رفع ناظريه عن الكتاب ووجه نظره إليها بعد أن سمع حوارهما:إذا الولد يشتيها ماعندي مانع.
جلست على السرير لتضع قدماً على قدم وكفها تلعب بخصلة من شعرها بتكبر وغرور:بس مستواهم مش من مستوانا
نطق بسخرية لاذعة وهو يقفل الكتاب:لاتنسي الماضي يا غاده لاتنسي ،ليجمع أصابعه ويحركها من الأعلى إلى الأسفل:تواضعي قليل.
.
.
عند البراء شعر بسعادة غامرة من اليوم الذي رآها فيه أعجب فيها إعجاب عادي كأي فتاة أخرى ولكنها ،جذبته بشخصيتها وحشمتها واحترامها وخُلوقها ،نطق بداخله وهو يتوجه نحو الخارج ليذهب لعيادته:يارب اجمع بيني وبينها بالحلال.
.
.
خارج شقة رواية،
الساعة الخامسة والنصف مساءً
حملت أسطوانة الغاز على رأسها وتدعو الله بإهلاك ، كل من أفسد في هذه البلاد،الحمدلله أن رواية لم تتعصب فوقها ولم تبدي أي ردة فعل،بل اعتذرت إليها،وهي من عظمت الأمور وألفت سنيورات مرعبة،جميعنا نملك ايجابيات وسلبيات،نزلت الدرج بحذر،بعد أن تأكدت من وجود الكرت بحقيبتها الصغيرة،خرجت من باب العمارة الرئيسي وضعت الأسطوانة على الأرض لتدحرجها كارهة صوتها والطريق فرعي أيضاً،أُعتمدت هذه الحركة بعد أن أُغلقت أغلب محطات الغاز،عليهم تسجيل أسماء البيوت والتأكد من البطاقات الشخصية،يدفعون النقود ثم بعدها بيوم او يومين يأخذون الأسطوانات لمكان قريب من بيت عاقل الحارة،ويسارب الناس أي يرتصفون طابوراً تحت أشعة الشمس ،من جديد ليتم تسليم الأسطوانة لهم،ولا يسمح الا بتعبئة أسطوانة كل شهر،لكل بيت،وبعد أيام يعودون لأخذها. وجدت روان قريبة من الموقع،خجلة منها وكيف عاملتها بوقاحة وهي فقط خافت عليها،نطقت بصوت خافت وهي تلهث من التعب وقلبها يخفق بقوة وجسدها يرتجف رجفان غير طبيعي:روان.
أدارت روان بجسدها لتنظر إليها بخيبة أمل وإنهاك:قلك مش اليوم باكر.
أنصدمت ومن ثم وضعت الغاز من رأسها على الأرض ،شعرت بأن النار أُضرمت داخلها،قدمن النساء من كل مكان للتعبئة ليقولوا غداً،تطقست المكان بعينيها التي برقت،نساء تشكي ونساء تدعوا،واحدة زوجها مغترب،وأخرى مطلقة،وتلك التي قد أنزلت رأسها بأسى وجرت الغاز لتحمله على رأسها وتجر خطاها المتعثرة أرملة ولديها ثلاثة أطفال،جميعنا،نساء ذقنا ويلات الحرب والتعب وكنا نحن رمزاً للتضحيات،حقاً أصبحنا رجال ونساء في منازلنا.
نطقت روان بحرقة وهي تضرب الأسطوانة بكلتا يديها:يختي ايش هذي الحاله ليش ،بس ليش احنا معلعلين "منهانون" بكل شي،ليش،وش ذا البلد الي فتتنا وحطمنا وكل مره لازم نجي توقع مشكلة حسبي الله ونعم الوكيل،لاحول ولا قوة إلا بالله ايش ذنبنا ايش الي عملناه علشان يوقع لنا كل هذا،لتنطق ودموعها خانتها:والله ما عملنا شي.
جلست الأخرى بجانب الأسطوانة وأبتسمت ببرود لتنطق بحب حقيقي نابع من أعماق قلبها،نابع من حب فطري للوطن الذي ترعرعت فيه واحتواها منذ أن ولدت:روان والله لو أموت جوع وعطش وخوف واوقع رماد اني ببقى أحبه لما أموت،مال الواحد إلا بلاده.
روان بإحباط شديد وتمسح دموعها بشكل طفولي:أحبه يابيداء بس تعبنا والله تعبنا.
ركضت سماهر نحوهما من بعيد،وعندما أصبحت قريبة نطقت بتقطع:رماح بيشل"بيأخذ" الدبب الغاز للعمارة لاتقولين لا.
البيداء وروان بنفس الوقت:والله مانقول لا.
لتكمل روان بتعب:خليه يشلهن بس.
أبتعدن عن المكان ليأتي رماح بسيارته ليحمل الغاز على سيارته،وحرك السيارة ،ليمسكن بيدي بعضهن ،ويتأملن منظر الغروب الجميل والرائع يكفي روعة الجو وبساطة العيش والقناعة،لازال الأطفال يلعبون بحدود تلك البلك المرصوفة التي تشكل مربعاً كبيراً،على الجهة اليسرى،ما أجمل مرحلة الطفولة،نظرت إليهما البيداء ليفهمن نظراتها كان المكان على مرتفع بسيط،نطقت وقد قدمن أرجلهن اليمنى:١،٢،٣إنطلاق،ركضن نحو العمارة وهن يضحكن بقوة حاولا الإمساك بها و لم يستطيعا.
نطقت روان بقهر وهي تضحك:بيبو لانك نحيفه سبقتينا.
ضحكت وضحكت،حتى سمعن نباح كلب يجري خلفهن.
سماهر برعب وهي تمسك بروان:يمااااااه.
كُن يركضن بشكل مضحك ،ضحك رماح فقد كان يراقبهن خوفاً عليهن ليس أخاً للبيداء ولا لروان ولكنه يشعر بالمسؤولية تجاه كل امرأة في بلده،رفع يده لمستوى رأسه من الجهة اليسرى ليحرك أصابعه بعشوائية، يعني:مجانين،ضحكت سماهر،ليتوقفن عن الركض ،كن يظن أنه قد ذهب،وصلن لجانب العماره بخطى ثابتة ، وشربن المياه وهن يلهثن كالأطفال،جلسن بجانب شقة روان ليرتحن قليلاً،وكل واحدة تبسط رجليها ككبار السن.
نطقت سماهر بود وهي توجه نظرتها إليهما:وش رايكن تدخلين عندي،ثم نظرت للبيداء وبضحكة متفاجئة:ما توقعتك تضحكي حتى .
البيداء ابتسمت بمجاملة ثم وقفت و بإعتذار:صحبات أختي عندها.
روان ضمت سماهر وبرجاء:تعالي انتي عندي،نعمل لنا عشاء حالي ونونس أمي.
هزت رأسها بالموافقة بينما صعدت البيداء وهي تجر الأسطوانة بصعوبة ،أدخلتها للشقة،فقد وجدت الباب مفتوح،تشعر بصدرها ينفطر من التعب ومعدتها تحرقها،همست بغلب:حسبي الله ونعم الوكيل.فقد وصلت رائحة شيشة لأنفها الملتهبة،صديقات أختها كلهن كريهات ومصلحيات،ومستغلات .
بجهة أخرى.
حرك المقود بحركة متهورة وهو يبتسم بمكر،مسكينة حقاً،لاتزال وستزال المشاكل تلاحقها وهي لا تدري،يتطلع ويتشوق،للأكشن الذي سيحصل بعد أيام كم يستمتع بما يفعله من جنون،ضحك مطولاً ،وضاعف من سرعة السيارة،لينتثر التراب خلفه،وهو غير آبه للمارة ،المنزعجين من تصرفة والغبار يلتصق بثيابهم.
.
.
المساء بشقة أنغام.
تقرأ كتاب علمي،وترتدي نظارتها الطبية،راكان بحضنها وياسر يراسل بهاتفه ويبتسم،مثل كل يوم هذه الأيام تتشابه يوماً بعد يوم لاشيء جديد،الهم مثل الهم،الجراح نفسها،والطعنات لم تشفى وتلتئم بعد بل لازالت تنزف.
سحب الكتاب من يدها وأخذ راكان من حضنها ليقبله قبلاً طويلة ويبتسم له بحنان وقف وأخذه لغرفته،ليعود إليها وجدها لازالت كما تركها،نطق بهدوء غريب:أنغام.
استغربت نبرته لتعقد حاجبيها:هاه
جلس بجوارها لينطق بتلاعب:بتزوج.
نطقت بدون اكتراث وقد رفعت أحد حاجبيها:تزوج ماسكه بيدك يعني.
ضحك بمكر:وبطلقك واشل ولدي.
ضحكت باستهتار لتنطق بثقة عمياء:مابتتزوج لانك دجاجة تخاف من أخوتي ،تحسب اني مابيكون في احد يصرف على راكان لو تطلقنا،والله ان اخوتي يكفو ويوفوا ،وبتشوف بعينك.
كاد أن يرفع يده المتشنجة، ليصفعها ،لولا أن نطقت بنبرة غاضبة ومتوعدة وسبابتها أمام أنفها ويدها ترتجف بوعيد:جرب حظك والله لا أوصل الخبر لرويد وشوف أيش بيعمل بك بعدا ،وقول أنغام ماقالت.
أنزل يده المعلقة واستلقى ليشتمها ويلعنها،لم تلقي له بالاً،وافقت عليه وعمرها صغير جداً لم تكن تعي ما يحدث حولها سوى أنها سترتدي فستان أبيض ومنفوش،ويكون لديها ثياب ومكياج كثيرة،قمة البراءة أليس كذلك،لم يرحموا صغر سنها وحدود تفكيرها،ولو عاد بها الزمان لما ترددت برفض الزواج وبناء مستقبلها ،حرمها درستها وكل ما تحب،سقطت دموع كثيرة على رماد أحلامها المحترقة،لتأتي رياح عاصفة،عصفت بروحها وسحبت الرماد ولم يعد لتلك الأحلام أثر،لا بخيالها ولا بواقعها،أين التي كانت تحلم بأنها ستصبح طبيبة،لتخدم بلدها،وتقدم المساعدات للغير،درست للصف الثاني ثانوي وتوقفت بسببه،تحسبت عليه بنفسها لتعود وتقرأ الكتاب بتركيز،لا الوطن الجريح رأف بأحلامها ولا الذي بجانبها.
.
.
الساعة ٩ مساءً.
عاد من دوامه ،وعيناه معمية ،يبحث عنه كالمجنون،نظر لغلا ونطق بدون وعي:بتّار وينه
حَلاه نطقت بسرعة:بغرفته،لم تكمل كلامها الا وقد ركض مثل الإعصار نحو غرفته ،أخبروه أنه متعب ولم يذهب لعمله،شعر بفزع وخوف،فتح باب غرفته بقوة،ليجد جراح بجانبه ويعبث بهاتفه،وبتّار نائم وذراعه تغطي عينيه.
ترك جراح الهاتف ونطق بابتسامة يطمن والده:ما فيه الا العافية،ارتفعت حرارته والحين قده أحسن.
أقترب منه وأبعد ذراعه عن وجهه ليضع يده على جبينه كان متعرق وحرارته منخفضة،تنفس بإرتياح،ليجلس بجانبه،جراح وقف بتعب ليودع والده ويذهب لغرفته.
سند مسح على شعره الأسود،وعيناه تشع حنان ومحبة،لا يكرهه كما يظنون، بل متعلق به،ويخاف عليه بجنون،لو حصل له شيء،لايدري مالذي سيحصل له،قبل جبينه،سيجلس بجانبه الليلة لن يتركه وحده يكفيه تلك الأيام،كيف عانى من الاكتئاب،وهم يتجاهلون حالته وحاجته الماسة لعنايتهم وقربهم،الشك يراوده منذ ذلك اليوم وحالته أنقلبت، سيبحث ويبحث إلا أن يعرف الحقيقة،ليس منطقياً أن يصيبه الاكتئاب الحاد لمجرد غياب رماح ،فقدته غلا وهي والدته والحمدلله حالتها ممتازة، أخبره الطبيب أنه تعرض لصدمة نفسية،رفض بتّار فضفضتها للطبيب.
وضع رأسه على ركبته ويده مازالت تمسح على رأسه،فتح عينيه بتعب ،لينظر لوالده،أغمض عينيه من جديد ليهمس:أسف يبه ماكان قصدي أعصبك بالصبح
.لايهون عليه غضب والده، يشعر بتشتت وضيق طوال اليوم كلما حصل بينهما شيء ،يحاول إبعاده عن والده،ولكنه لم يفلح.
نطق سند بحنان:لاتعتذر المفروض انا الي أعتذر ياولدي.
هز راسه بالرفض القاطع وقد قبل يد والده اليسرى،يبقى والده ،يبقى جزء من روحه،ويومه،نطق بنعاس شديد:الأب مايعتذر لولده يبه،الناس القريبه لا تأمنهم وبس، والله ان القريب بعض الأحيان هو السم بعينه.
.
.
بنفس الوقت
عادت لغرفتها ونظرت للريم تقلب ألبوم الصور،بالكاد سمح لها العم رويد بالمبيت عندها وبعد الترجيات والدموع الوهمية سمح لها،كانتا ترتديان نفس بجائم النوم،الزهرية بدب بني يتوسط القميص،وشعورهما السوداء،تركنها مفرودة على ظهريهما،،جلست على السرير بجانبها وبعض الصور القديمة منثورة والبعض يقلبنها بيديهما،كانت تبتسم ووجهها أحمر وتقلب صوراً عائلية،لتسألها الأخرى،عما اعترآها،وعن سبب تغير ملامحها.
وبحركة سريعة ،ضمتها لصدرها وقلبها يتقطع على حالها،تحاول احتواءها ،بقدر المستطاع،تحاول أن تتظاهر بالقوة لأجلها،شرعت بالبكاء وغصة كالخناجر تطعنها،كانت تشهق بعنف وجسدها يرتجف،تريد أن تنثر دموعها المحبوسة لترتاح.
الريم بابتسامة متفائلة وعينيها تتأمل غرفة حَلاه، التي يغلب عليها اللون التفاحي والذهبي،زهور بلون وردي تتوسط الطاولة على الزاوية،والرياح تحرك الستارة الخفيفة،تبعث على التفائل،مسحت على ظهرها:حبيبتي يا لولو،احمدي الله على ابوك،وعلى الخاله غلا،أحمدي الله على وجود اخوانك بجنبك أعرف ان الأم ماتتعوض بس لازم نصبر،أدعي لها والله أجمل هديه.
لم ترد عليها بل لازالت تنتحب،بعد فترة نطقت بصوت ضائع:والله اني ادعي لها،يالريم بس حسيت بضيق وتعب قلت بطلع قليل من الي بقلبي.
ضربت الريم ظهرها بخفة لتنطق برجاء عميق ويديها تحتوي يدها الأخرى:لا تتضايقي ابتسمي يلا علشان ما أحس بضيق.
مسحت دموعها وابتسمت بصعوبة لأجل الريم،نعمة في زمن كثرت فيه المصالح،وكثر فيه قلة الوفاء،والخيانة ،العائلة نعمة من الله،لاتصدق من قال ان الأقارب xxxxب لتوهم نفسك بذلك وتعش حياتك تتنصت وتراقب مايفعلونه،إذا كان لديك عائلة تحتويك،تنسيك الملل والحزن فلا تفقدها.
جمعا الصور التي تحتضن ذكريات كثيرة يستحيل أن تعود ،ثم فتحت الريم هاتفها وبدأت بإلقاء النكات بطريقة فكاهية،وتغرقان بضحكتهما على لهجتهما المختلطة،وحَلاه تضرب ركبة الريم وتضحك، ودموعها متعلقة بأهدابها.

بالغرفة المجاورة.
تنظر للفراغ بعد أن أكملت قراءة سورة"يوسف"هذه السورة تعيد الأمل لقلبها ،وروحها المشتاقة،سيعود لأحضانها وضعت يدها على قلبها وأغمضت عينيها التي تغرق بالدموع تشعر بشيء يشطر قلبها،دعت من عمق الوجع.ومن عمق التمني"يارب يامن ارجعت النبي يوسف للنبي يعقوب ارجع ولدي لأحضاني ،رده لي سالم يارب"
أنزلت يدها ونظرت للسقف،الأضواء منخفضة جداً،والمكان يبعث على الضيق كل الأثاث خشبي بلون بني ،صوت الساعة يتردد بأذنيها،سند عند بتّار،نظرت لباطن كفيها بحركة لا إرادية ،لو مات ولدها ودفنته بيديها لكان أرحم من حالها الأن،التساؤلات تقتلها ببطء وتحرق فؤادها،ياتُرى كيف حاله؟وأين يعيش؟هل لازال حياً؟حسناً هل تزوج وبنا أسرة؟هل وجد من تعوضه عن فقدها؟كيف أصبح شكله بعد كل هذه الأعوام؟ما هو تخصصه؟وماذا يعمل؟هل هو سعيد أم حزين؟هل يشتاق إليها؟هل ،وكيف؟،وأين؟،لحظة لحظة،هل تزوج وأصبح لديه أطفال.ابتسمت بحنين ووجع قبلت رأس أريام النائمة بحضنها،سيأتي ذلك اليوم الذي ستلتقي به ولكن هل سيأتي وهي لاتزال على قيد الحياة؟
.
.
اليوم التالي.
وقد حل الظلام ككل يوم،وتمادت خيوطه،على خيوط النهار،لتبدأ صراصير الليل بترانيم أغنيتها المعهودة،ينام البعض ويبقى الآخر مستيقظاً،هناك من يبكي على فراشة ،والبعض يغرق بالمعاصي،ومن جمال التضاد أن يكون شخص آخر يقيم صلاة الليل،ويدعو الله بكل خشوع ودموعه تفيض،شخص يراقب القمر،وشخص يبحث عن النجمة التي تحقق أمنيته ،تراهة وخرافة لا أصل لها، من أمثالها طفل قد خلع ضرسه ووضعه تحت وسادته ليستيقظ ويجد نقوداً،البعض ينتظر الصباح ليضيء عتمة قلبه،والبعض يتطلع لمجيئه أما أنه قد حصل على وظيفة أم أن فرحه غداً،أو أنه ينتظر مولوداً جديداً،وهناك من ينام بحضن والدته ،وهناك من ينام أيضاً بحضن والده،الكون فسيح جداً والقصص كثيرة جداً جداً،وبين كل أولئك كلهم،هل تسمع صوتي يالله،أم أن ذنوبي كانت عائقاً لإستجابة دعواتي،أنا أنزف داخلياً،تنتحب روحي ويخفق قلبي خفقات مميتة ،أموت ببطء،بدأت بالتهالك بدأت حصوني بالتراخي ماعدت أقوى يالله،ماعدت أقوى.
جلست على السيراميك البارد ممسكة بطنها ،وركبتيها تضم رأسها ،بطنها تؤلمها كتيارات كهربائية تمر بها، أليس من الظلم أن تجتمع صديقات رواية،لتتكفل بكل المهام،أليس من الظلم أن تكمل خبز الخبز الآن وقد حل منتصف الليل،احترق باطن كفها بالتنور الكريه،تحولت ذراعيها من اللون الأبيض للأحمر،مع خطوط ودوائر كالشبكة ،إثر حرارة التنور،لابأس فتلك الحروق الطفيفة ستكون علامة الجودة أذا تقدم لها أحد.ضحكت بسخرية على نفسها،تتدمر عندما تأتيها عادتها الشهرية وهي مسهترة بصحتها وبمشاعرها وبتفاصيلها،لازال لديها عمل طويل،الحوض ممتلئ بالأطباق الكثيرة،وقفت بتعب لتتجه نحو المغسلة نطقت بضحكة ليس لها داعاً :عادي ريلاكس ريلاكس بيبو يمكن تكوني سندريلا وانتي ما تدري وتحاولي تنكري.فتحت الصنبور لتضع يدها،جرتها بسرعة لتحرك يدها بعشوائية،يدها حاره والماء كالصقيع،شعرت بانزعاج،لتدعو على صديقات رواية بأبشع الدعوات وحتى رواية لم تسلم من دعواتها الخارجة من الغبنة والقهر الذي فيها،ويدها ترمي الأطباق شرقاً وغرباً.
قطبت جبينها حال ما سمعت رنين هاتفها من سيتصل الأن؟،لحظة ماذا لو كان هو،رمت الطبق بقوة لتتجه نحو هاتفها،رقم سعودي تأكدت انه هو ،سجلت المكالمة،وردت عليه وبصوت غاضب ومتفجر ويدها على خصرها:وش تشتي يا##،هاه تكلم ،يكفي فتن ،والله الفتنه اشد من القتل، ماعندك كرامه، الله لا يريح عليك،متزوج ثنتين وما قنعت،الله يشلك لجبل نقم وينتقم منك.
غطت فمها بيدها تكتم شهقاتها القاتلة، ثم نطقت بنبرة ميتة ويدها تضغط على صدرها:فديت الصوت ياحبيبة أمك.
نطقت بنبرة متهدجة وقد شعرت بمس كهربائي ،وجثت على الأرض وقلبها ينبض وداخلها يرتجف بعنف:يمه.
.
.
أنتهى..
.
.


لامارا 02-08-21 12:59 AM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ام جواد (المشاركة 15581717)
بداية مشوقة تسلمي
عندي طلب صغير يا ريت تكتبيلنا العوائل والشخصيات لاني تلخبطت خاصتة انها اسامي غريبة شوي
استمري حبيبتي ورح نكون من متابعاتك ان شاء الله


توضيح الشخصيات والأعمار.
-عائلة رويد:
زوجتة الأولى سلوى ولديها،نمير ٢١،والريم١٩.
وزوجته الثانية مريم والدة هادي ٢٥ورواية٢٦،
وأخيراً طليقته،مها والدة البيداء
-وعمر البيداء ١٧.

-عائلة سند.
زوجته الأولى رفيدا المتوفية،ولديها
بتّار٢٥،وهو توأم جراح،وحَلاه ١٨.
وزوجته الثانية،غلا،ولديها رماح ٢٥ من طليقها،
وأريام من سند.

-سماهر ١٦أخت رفيدا وجواد،أي عمة رماح الصُغرى
،مايعني أنها ،خالة بتّار.

-روان ١٦ وضحت أن والدها هو من توفى بالرصاصة
الطائشة،ووالدتها هي نفسها التي تعمل منظفة
وسنتعرف على أهل والدها لاحقاً.

-عبدالرحمن ٢٦ وأنغام ٢١ورويد ،أخوه،وسنتعرف
على البقية لاحقاً.وزوج أنغام يكون ياسر
،ولديها راكان٥.

-سندس ٣١ تكون خالة البيداء أي أخت والدتها.
وسندس متزوجة أخ ياسر محمد،ولديها
،علي ١٣ ورغد ٢ الطفلة المتعبة .

-ورواية أخت البيداء من أبيها كما ذكرت مسبقاً ،متزوجة ولديها من الأطفال أدهم ودلال،وطفلها البكر متوفي.

-براءة ٢٥كما ذكرت والدها عبدالسلام،والدتها متوفية
وأخيها نايف ٢٣.ولديها أخ ثالث ناصر قد توفى.

-البراء ٢٧،واخته شذى،٢٥.

أتمنى أني قد أفدتكم والفصول القادمة ستوضح أكثر،مع اني أجتهدت لجعل الفصل الأول تعريف للشخصيات المهمة.

أَحاسِيسُ ذَابِلة

لامارا 02-08-21 01:00 AM


الفصل"الخامس"
.
.
سكنت أحيائنا المقابر قبل أن يأتي الرحيل.
"فاروق جويدة"
.
.
عقدت حاجبيها حال ماسمعت رنين هاتفها من سيتصل الآن،لحظه ماذا لو كان هو؟،رمت الطبق لتتجه نحو هاتفها،رقم سعودي تأكدت بأنه هو،سجلت المكالمة،وردت عليه بصوت غاضب ومتفجر ويدها على خاصرتها:وش تشتي يا##،هاه تكلم ،يكفي فتن ،والله الفتنه اشد من القتل، ماعندك كرامه، الله لا يريح عليك،متزوج ثنتين وما قنعت،الله يشلك لجبل نقم وينتقم منك.
غطت فمها بيدها تكتم شهقاتها القاتلة، ثم نطقت بنبرة ميتة ويدها تضغط على صدرها:فديت الصوت ياحبيبة أمك.
نطقت بنبرة متهدجة وقد شعرت بمس كهربائي ،وجثت على الأرض وقلبها ينبض وداخلها يرتجف بعنف:يمه

كادت مها أن تنطق،لولا أن سحب الهاتف من يدها،بكل قسوة وهمجية لينطق بفحيح:من أذن لك يا مها،ثم نظر لسلوى واردف بجنون:حاشره نفسك بكل شي يا سلوى.
تكتفت سلوى وبقوة وهي تتوعد:لو ما بلغت عليك.
ضحك باستخفاف شديد:تبيني أوريك بزوجك حاجات وحاجات ماعندي مانع،ماقلك انه مسافر اليمن وانتي عارفه الوضع هناك أقدر اسرح وأمرح على كيفي وحتى اني بايع عمري.
عضت سلوى شفتها ونظرت اليه بحقد ومن بين أسنانها:بنت عمك ياعديم الرحمة.
ابتسم بمكر وقد نظر اليها،تنظر له بنظرات جامدة لم يفهمها:مهوي حبيبتي راضية خذي نفسك ويلا وبعدين ماتدري انها طليقة رورو.
سلوى بقهر من تصرفاته المقيتة:أعرف،انها طليقته،فعل ماضي وانتهى.لتأشر على نفسها وتردف :ديني مايسمح لي أموتها ولا أكرهها عشان كانت طليقته.أكملت كلامها وتكتفت لن تتحرك شبراً واحداً ستبقى بجانبها،قلبها رحيم ليس حجراً،مثله.
رمى الهاتف على سلوى وخرج من الغرفة كالإعصار،سيريه وسيري ذلك الأخرق ،الذي يظن أن الموضوع انتهى.
سلوى انحنت لتلتقط الهاتف من الأرض بعد أن ارتطم بها ووقع أرضاً،ثم اعتدلت وقفتها،لن تحاول الاتصال مجدداً،تهديد صريح منه وهي تخاف على زوجها مخدوعون به وظنوا أنه تغير.
ثم ربتت على كتفها ونطقت بمواساه وعينيها تلمع:الله على الظالم كبير.
لم ترد مها عليها بل كانت بعالم آخر حيث ابنتها وصوتها المتعب،قلب الأم يشعر،تلك الكلمات التي نطقتها اولاً ماذا تعني،من يضايقها،نطقت بحرقة وعينيها تنظر لنقطة محدده ويداها ترتجفان:والله الموت أرحم منه أعوذ بالله من شره وشر أعماله.
نظرت لهاتفها لم ينقطع الإتصال بعد أغلقت دون أن تشعر مها،و بابتسامة:أنتي قوية وبتبقي قوية،واحنا معاك أنا والدكتوره شهد.
نظرت مها للدكتورة السعودية شهد لاتزال شابة وللتو أتت لتتفقدها وتتطمن عليها،فهي لاتتركها بوقت فراغها.
لوحت لها شهد بابتسامة تظهر من فتحتة نقابها ثم أقتربت وسلمت عليها وباحترام وطيبة:شخبارك اليوم ياخاله،عساك طيبة.
ابتسمت مها بلطف وأمتنان:الحمدلله بخير حبيبتي،ربي يسعدك.
.
.
البيداء كانت تستمع للحوار وملامحها تتغير،أغلقت الهاتف لتقف وتتجه نحو الحوض ،هل كل الرجال هكذا،لا لا فهناك محمد،زوج خالتها سندس ،وزوج صديقتها مريم،ووالدها، وهادي،وجدها،ووالد بدور،وعمها عصام،وعمها عبدالرحمن،لا لا ليس هو،بل أسمه برأس القائمة السوداء،هل والدتها تتعذب مثلها،أو أسوء،كانت تحدث نفسها بينما يديها تعمل بغسل الأطباق،لا شيء يواسيها ولا شيء يبث الأمل لقلبها،تشعر بنار تكتويها، مادخله بوالدها البغيظ ،أكملت التنظيف،لتنظر للقدر،على النار،كانت قد حضرت لها وجبة سريعة"اندومي"تحبه كثيراً،سكبته للطبق،وبدأت بتناوله سريعاً ،تريد الخلود للنوم،تريد أن ترمي ثقلها وأحزانها على سريرها،أكملت تناول العشاء،لتغسل الطبق،لم تذق طعمه،من شدة القهر الذي فيها،أتجهت نحو غرفتها وأرتمت على سريرها بثيابها،جسدها لم يعد يحتمل حتى حركة واحدة،أغمضت عينيها،ليست خائفة من الافكار،فعندما تتعب وتجهد جسدها تنام سريعاً،بدأ،النوم يحط على عينيها،شيئاً فشيئاً حتى غفت،لتفتح عينيها فجأة ويدها تمسك جانب ظهرها الأيمن،فقد شعرت بشيء شق ظهرها وألم صدرها،لقد كانت تنهيدة،مزقتها، تعجبت من نفسها ومن هذه التنهيدة المميتة التي أيقظتها من نومها،هل جرب أحداً أن يستيقظ بسبب تنهيدة مؤلمة كهذه!،يالله هل الحزن يسبب كل هذا الألم؟؟عادت للنوم وفؤادها يتقطع،شيء بجسدها ينبض،كل يوم تمتلئ روحها بالمتفجرات والمفرقعات وبراكين خامدة دون أن يلحظ أحد،ولا تريد من أحد أن يلحظ،لن يهتم أحد،لن يهتم،تترقب اليوم الذي ستنفجر فيه لامحالة ،ولكن هل ستمر هذه الحروب الدخلية وتنتهي بعقد السلام والإستقرار،أم ستدمر كما تدمرت وتشوهت بلادها،أغمضت عينيها من جديد راجية من النوم ان يعود.
.
.
"براءة"
كل يوماً أكبر وهمي يكبرني،والأمل قد غادرني وانتهى،والهموم تقع وترتطم على رأسي،أثقلتني الحياة،وأثقلوني،الا أستحق العيش بسلام،تلك النظرات الملتهمة،باتت تقتلني وتخنقني،والله أن الذنب ليس ذنبي ،فما بالكم تثقبون قلبي بها،ليتني أذهب لمكان لا أحد به يعرفني ولا يعرف قصتي.
نظرت إليه البراءة بعينان حمروتان،وشعرها ملتصق بووجهها المنتفخ من القهر وبكبرياء:بيت أبي وغصب عنك يانايف تقوم تقلع من وجهي ماعندي ولا ريال،والله لو معي كنوز الدنيا ما أديت لك"أعطيك"ريال واحد.
ضحك بسخرية ويده تعبث بالمفتاح :لاتتفرحيش بشغلك كل بفضل أبي.
من جانب الباب ،يمسك المقبض بيد مرتجفة تملأها التجاعيد،قاطعه بنبرة ضعيفة أرهقتها الحياة وبيده الأخرى قد مسح بغترته ،دمعة خانته،دمعة سقطت تحكي معاناة طويلة الأمد تحكي عجزاً وضعفاً ،وقهراً، وعقوقاً:أسكت وشل نفسك واجزع من بيتي أحترم أختك ياعديم التربية الله يرحم أمك الي كانت تقدر عليك ،ويرحم اخوك ناصر كان مافيش أرجل منه وهو أصغر منك،الحمدلله على كل حال.
أخذ نفسه وذهب غير مكترث لغضب والده وأنهياره أغلق باب المنزل بقوة،وصدح صوته العالي .
هرعت لوالدها الذي كان قد توكى على عصاه ،وظهره مقوس وجسدة هزيل لم يعد كسابق عهده وأنقلبت الأدوار،أنفطر قلبها عندما جثى على الأرض ودموعه تسقط ،آتى من غرفته حالما سمع الشجار، جسده يرتجف بضعف ووهن،ونظارته العتيقة قد وقعت وتشقق زجاجها كما تشقق قلبها،سندته وذهبت به لغرفته البسيطة،وضعته على سريره،ودموعها متحجرة وتتنفس بسرعة،الغرفة تفوح برائحة والدها ورائحة عطره،الهادئة ،المسبحة موضوعة تحت وسادته ،ومصحفه على الطاولة الصغيرة بجانبه.
نظر اليها بعجز،من المفترض أن يصرف عليها هو،لا هي،رواتب المتقاعدين منعت،والزمن لم يعد كما كان،مهلاً لحظه،ليس الزمان بل البشر،هم من تغيروا واغواهم الطمع والملذات.
مسحت دموعه بإبهاميها المرتجفة ونطقت بابتسامة،ووجهها منتفخ من انفعلاتها:بابي فديتك لاتتعبني أكثر وتزيد تزعلني،تطمن،الخير يابي عاده موجود والناس الخيره ماماتت، عاد في كثير،تخيل الدكتور براء،ماشاء الله عليه جالس يشتغل على مشروع خيري،بيبني دار للقطاء،وجارنا الي يشتغل بالمختبر بصيدلية البراء، متشارك معاه،الرجال الطيبين كثير،كثير مره.
نطق بنبرة حنان أبوية وأمل ورجاء لله تعالى :الله يرزقك بواحد منهم،ويكتب لك العيشه الهنية.
براءة برفض قاطع وبنبرة متهدجة لتفضفض القليل:مستحيل أترك ياقلبي وبعدا الشباب حق هذي الأيام مدري كيفهم والزواج مدري كيف كله مشاكل.
قبل يديها ومسح عليها وابتسم لينطق بمنطقية :الزواج مش مسألة زوج ومسؤوليه يابنتي الزواج سنة الحياة،الرسل تزوجوا وكونوا أسر والإسلام يحث على الزواج مايكره به،وستر لبني آدم،لاتصدقي الي تقولك الزواج هم والناس مدري كيف ومدري أيش،كل واحد بيعيش الي كتبه الله له خير ولا شر عملك على الرضا بالقضاء والقدر،اذا سألتي وحده متزوجة عن حياتها الزوجيه بتقلك لابد من المشاكل،لأن المشاكل ملح الحياة،كل شي له سلبيات وإيجابيات لاتكوني متشائمة يابنتي ولاتكوني متخيلة السعادة الأبدية.أشر على نفسه وعيناه لمعت:لو انا أعرف اني بدوم لك ما بزوجك بس بيجي يوم وياخذ ربي روحي،وانتي من لك يابنتي أتركك لنايف،بيعوضك الله بلي يسترك ويساندك لا تقولي مافي رجال تمام وشباب هذي الأيام الله يستر منهم ،لا أدعي الله بكل سجود اللهم أرزقني الزوج الصالح وعوضني.
أكمل كلامه وابتسم لها،بعد أن ابتسمت له وهزت رأسها بتفهم ستحفظ كلامه جيداً ستخزنه بأحد خزائن عقلها،لن تنساه،خذ الحكمة من منهم أكبر منك،وستذكرها بأحد عقود الزمن الآتية.
يرزقك الله من يعوضك ويرعاك،لا يترركك وحدك،الله لم يخلقك لأجل أن يحملك فوق طاقتك،الله خلقك لطاعته لتعمر الأرض،لتسعى لطاعته.
.
.
الصباح الباكر.
الساعة الخامسة صباحاً.
"بجانب العمارة"
وقد بدأت خيوط الصباح بالظهور،وبدأت الشمس تطلع شيئاً فشيئاً،"روان ،البيداء، سماهر"يتأملن جمال الصباح ،وينتظرن الباص،لازالت البلد تشع بالجمال،لازال جوها جمالاً لايمكن وصفه،ما أجمل الصغار وهم يتشبثون بأيدي بعض ذاهبون للمدرسه كمية لطافة أغلبهم قصار القامة،وطفل بجانب الدكان القريب، يفتح فمه ليخرج بخاراً من فمه فيضحك بتعجب وغرابة مما حصل ويهز أخاه لينطق بتعجرف طفولي انا ادخن بسيجارة ،نظرت للبيداء،شابكة يديها أمام ركبتيها،عينيها الؤلؤية حمراء،وتحت عينيها هالات داكنة،بشرتها،ويديها تميل للأصفرار،جسدها بات يصبح هزيلاً أكثر،أول مرة تتأملها عن قرب هكذا،هل هذا حالها كل يوم؟،تشعر بتأنيب ضمير وكيف أنهن جيران وكل واحدة بعيدة عن الأخرى،نظرت لروان مبتسمة وعينيها تلمع بالأمل وتتامل المكان كله لاتريد أن تفوت شبراً واحداً، كيف انهم لم يقفوا بجانبها وهي بعز حاجتها للمساعدة،من يراها يظنها بحال ممتازة،فهمت كلام البيداء،عندما قالت أنا وأنتي المسكينتان،مايعني أن روان لديها أم والأم هي مفتاح السعادة،هي من تعطي دون مقابل،هي كل شيء في هذه الحياه،هي صاحبة التضحية،والابتسامة الكاذبة لتسعد صغارها،ما أعظم نعمتها ،وقليل من يقدرها،لم تذق حنان الوالدين قط ولكنها تحمدالله على رماح،هو سندها بعد الله،تود لو تسأل البيداء عن قصتها ولكن على مايبدو أنها من الأشخاص الذين يكبتون داخلهم وكبريائهم أهم من كل شيء.نطقت بمحاولة ويدها ضربت ركبة البيداء:بيبو وش متعبك.
هزت رأسها بالرفض،وأبتسمت لتتصغر عينيها الذابلة:مافيش شي بس ما رقدت سوا.
سماهر بابتسامة:اذا تحتاجي مساعده كلميني،ثم نظرت لروان ووضعت يدها على كتفها:وأنتي ولكل"أيضاً"
توسعت ابتسامة روان لتنطق بصوت منخفض يميل للطف:تمام ياقلبي،ثم نطق ويديها على وجنتيها:شوفي متحف الكلب الصغير.كان بجانب أحد البيوت القريبة ،لونه أسود وأبيض ويحاول التكور على نفسه وجسده يرتجف،لتردف روان برحمة وشفقة ودموعها تجمعت:ياحرام شكله بردان،ثم نظرت للبيداء:قلتي بتسمعيني التلاوة.
اعتدلت بجلستها ونطقت بابتسامة،لتخرج هاتفها من حقيبة المدرسة:بعلمك ذلحين ماشاء الله صوت القارئ جميييل،وهادئ،حتى وقعت أتلي مثله.
هزت سماهر راسها بيأس تلك المجنونة ستأخذ هاتفها للمدرسة وهي تعلم جيداً أن المدير،قد أقسم بالله،أنه لو وجد هاتف مع أحد لن يعيده إليه الا أخر العام.
فتحت الاستوديو ودخلت أحد الألبومات المخصصة للتلآوات،لتشغل مقطع من سورة النور ،بعد أن اكتمل المقطع،نظرت إليها روان بابتسامة:ماشاء الله تبارك الرحمن صوته مريح للسمع،وانتي مطبقة التلاوه مثله.
ابتسمت بشكر ثم ضحكت بخفة لتدخل حسابه على تويتر:باليوتيوب قارئ وبتويتر عاشق،لتقرأ لهما بصوت معبر وشاعري، تغريدة مضمونها.
"حبكِ بَات يَغزو قَلبي وكُلي دون منفذاً ،كَأنه مَرض عَجز الأطباءُ عن مُداواتهِ،كل الأمراض عِللاً وأذى الا مَرضُ حُبك لذةً، قَد دَعوت الله ألا يُشفى "
ضحكن ثلاثتهن لتنطق سماهر بمرح من بين ضحكتها:شكله غزل إسلامي.
غرقن بضحكتهن أكثر،ليعتدلن بجلستهن ويبكحن ضحكتهن حالما لمحن والد بدور،يخرج من الباب،ذاهب لعمله،وبدور خلفة تنظر إليهن بغيظ وحسد ظاهر،قلبت مقلتيها،وأعرضت عنهن بتكبر لتصعد السيارة.
نظرت إليها روان بشيء من الكره ،كلنا نملك عيوباً ووجوهاً مختلفة فهذا شيء لا يمكن نكرانه أبداً نخطئ ونصيب نحب ونكره ننتقد ونغتاب،نبغض،ونحقد،ولكن تأنيب الضمير لايتركنا وشأننا يأكلنا ويرهقنا يجعلنا نعض أصابعنا ندماً وخجلاً من الله ثم من الناس،نعتذر ثم نعود ثم نعتذر ونعود وهكذا، أما البعض يجرح و لايخجل يفتن بين الناس بل ويتمادى بالتكبر والوقاحة،لايتوب ولا يشعر بتأنيب الضمير،يظن نفسه بالأعلى بينما هو بالقاع لايُرى ولا يُسمع.
.
.
الساعة الرابعة مساءً
.
.
"هادي،عبدالرحمن"
وضبا حقائبهما وهما مبتسمين بسعادة حقيقية،ليضربا كفي بعضهما بحماس ،وأخيراً سيعودان لأحضان الوطن الحبيب،سيعودان لأحضان الأحباب والأهل،ستعود الأيام الجميلة،كان الخوف يأكل قلبيهما على أهلهما من حال البلاد،والآن هاقد أقترب اللقاء موطني،عندما نصل،سوف نستنشق هوائك ،ونقبل ترابك كما سنقبل أهلنا،قد سمعنا مثلاً يقول"خبز الوطن أجمل من كعك الغربة"سامحنا موطني ولكننا لم نجد حتى الخبز فيك وربما قد وجدنا فتات خبز يابس،فغادرناك ،لنجد لقمة العيش،لأجلهم ولأجلنا،فلوكان الجسد هنا فالقلب بداخلك وطني،أشتقنا لجملة من نشيدنا الوطني مضمونها "وسيبقى نبض قلبي يمنيا"أشتقنا للأكلات الشعبية من يد أمهاتنا،اشتقنا للأستيقاظ من الخامسة فجراً، لصوت أبائنا وهم يشددون رؤسهم ويرددون"ياالله ياكريم يارب" لنحمل عدتنا ،ونذهب للعمل في المدرجات ،والمحاصيل،أشتقنا لأصوات أمهاتنا وأخواتنا كل صباح ولتغريداتهن وأيديهن تعمل بتحضير العصيد،وجبة الفطور الدائمة كانت رائحتها جميلة جداً ،ولا تحدثني عن رائحة السمن البلدي وكأنه عطراً منتشراً بالأجواء نشتمه بتمتع ولذة، نتسابق للسفرة البسيطة ونجتمع كلنا ،ونتبادل الضحكات والمشاجرات بينما الوالد يوبخنا ،والله أننا قد أشتقنا للقرية والأغنام،أشتقنا للون الأخضر،أشتقنا لرائحة الصباح،ولرائحة الزرع بعد المطر لترديد تلك الكلمات حال ماتنزل قطرات الغيث كما يفعل أبائنا"ياقريب يامجيب يالله يسامع الدعاء يالله"،نشتهي تناول الشجيرات الصغيرة "كالجدمل التي تشبه الباميا بشكلها ،لها حواف تشبه الأشواك وطعمها مر ولكننا نتلذذُ بها،"،أشتقنا للصيد وأكل التين الشوكي أشتقنا لخيراتك بلادي،هذه الكلمات البسيطة ، تنطقها كل روح مغترب فارق الأهل والديار يشقي بدم قلبه لأجل عائلته،فيارب كون في عونهم،واروي شوق قلوبهم وقلوبنا وعوضنا وعوضهم خيراً.
نطق هادي بشوق وهو مستلقاً على فراشه ،وابتسامة واسعة جداً تعتلي شفتيه:يارجال فقدت لجدتي ورواية وبيداء،وفقدت لقبر أمي،الي كنت ازوره كل يوم.
حقاً اشتاق لنثر الحبوب وسكب الماء على قبرها ليطعم ويسقي الحمام،لم يقدر قيمتها الا بعد وفاتها.
عبدالرحمن وقد ربع قدمية ونطق بنبرة أعمق ممزوجة بتساؤل:تتوقع عاد العيشه مثل ماكانت ولا تغير كل شي.
غطى وجهه باللحاف ومن الفرح طار النوم وحلق بعيداً بالآفق مع أنه متعب كثيراً،نطق بنفي وهو يبتسم:ماأدري ياعمي ما أدري،بس إذا كنا أنا وأنت تغيرنا طبيعي يتغير كل شي مع مرور الزمن.
صمت عبدالرحمن وهو منتش من الفرحة التي تغمر فؤاده ،يقسم أنه كلما شعر بقرب اللقاء وتخيله يرتجف قلبه،لم يبقى الا القليل،القليل فقط،بعض الهدايا للأهل والأصحاب،ويتفقد سيارته،وبعدها الى البلد والحافظ الله.
.
.
اليوم التالي بعد الظهيرة.
"جراح"
بالفناء المحاط بالأشجار والشجيرات ،كان المكان هادئ كهدوء المقابر عكس ماكان بالسابق ،عكسه تماماً .
ماذا لو يعود الأمس ؟؟
كان يجلس على التربة سقى الاشجار والورود ومن ثم يتأملها ويتأمل روعة جمالها كما يحب يشعر أنها جزء منه كأنها أشخاص قريبة لقلبه كل يوم بهذا الوقت يعود من عمله ليعطيها جزء من وقته الثمين، عاهد نفسه من اليوم الذي توفت فيه والدته أن يهتم بتلك الورود والشجيرات التي زرعتها والدته بيديها الناعمتين ،كثيرة العطاء والسخاء، كان يساعدها دائماً ،لازال طيفها يعانق قلبه وروحه وكل جزء منه، تأمل الورود الحمراء القريبة منه سرح بطيفها، بنفس المكان بورود مختلفة بلون أبيض كصفاء قلبها تماماً ،مشمرة أكمام قميصها الزهري الذي ترتديه أغلب الأوقات لأنه هدية من صديقتها،تجمع شعرها الأسود الطويل لتبتسم لهم بحماس وحب حقيقي ،تجعلهم يحملون عدتهم الزراعية ويستمتعون معها في ما يفعلون، ولاينسى تراميهم بالوحل،حتى والدهم كان يشاركهم بهذه الفعاليات المجنونة ..
أغمض عينيه التي لمعت بحنين وشوق ،فتحها من جديد ببطء ونظر للسماء مباشرة ولسان حاله يقول"كبرت يا أمي واجتزت مرحل الطفولة وأنتِ لست بقربي كالماضي ،سرقكِ الموت بلمح البصر، كنت أبكي بأنصاف الليل أرثي نفسي بفقدانك وأشكي لله وحشة العيش بدونك،واجتزت مرحلة المراهقة ولا زلت كعادتي أرثي نفسي أكثر من ذي قبل ،وها أنا قد أصبحت ابن الخامس والعشرين ولازلت بجسد ذلك الطفل الذي يشتاق لك ويتمنى أن يستيقظ وفطوره جاهز وينتظر قبلة الصباح اللطيفة والدافئة، ولازال ذاك الطفل الذي بداخلي يريد إهتمام مثل اهتمامك ، أمي ولو تزوجت أجمل وأحن نساء العالم لن تعوضني عنكِ ، يا من كنتي بالأمس زهرة ببستان أخضر،واليوم غدوت بين القبور ،وتحت التراب ،رحمك ربي يا جنة الدنياء " نهض ونفض ثوبه ، واتجه نحو التي تقطف وتعبث بالورود وتبتسم بمشاكسة ،بينما تمسح أثر الورود على فستانها الأبيض،ابتسم وهو يضم أريام لصدره ويقبل خديها لينطق بحنان :أريومتي لا تقطعي الورود تراهم مثلنا يتنفسون وإذا أحد زعلهم يموتون.
شهقت لتنظر إليه والى بعض الوروق التي قطفتها، ابتعدت عنه وتوجهت نحو الورود لتجلس على ركبتيها الصغيرة، تحاول جمع بقاياها بيديها الصغيرتين لتنطق بحزن طفولي وقد نظرت إليه بعينان تلمع بحزن:جوجو انا موتها ما بتسامحني .
جراح وهو يحملها الى الداخل ، لايريد البقاء أكثر تلك الذكريات ترهقه وتتعبه ، نطق بنفس الابتسامة :اذا بطلتي تقطفيها بتسامحك ياقلبي.
بصالة الجلوس نظر جراح لعمه صقر الجالس بجانب والده،ولبتّار الذي يرمق عمه بنظرات حادة كالصقر،لديه ملامح وعينان حادتان كوالدته تماماً،ولكن نظراته مخيفة.
وقف صقر وبابتسامة هادئة ،ربت على كتف بتّار وينظر إليه بمغزى ثم نطق وهو يغمز بعينه اليمنى:توصل بالسلامه بتّار.ليغمز له مجدداً.
ليبتسم بتّار بهدوء وهو يفهم جيداً ما يرمي إليه.
.
.
الساعة ٣عصراً
والدة روان بجانب الباب ،تنظر اليه بوهن وضعف،بلاحول لها ولاقوة،وسماهر تنظر إليها من خلف رماح ،نظرات رجاءها تؤلمها،كثيراً،الذل والترجي مؤلم كثيراً عزة النفس فوق كل شيء ولكنها مجبورة،على من ندعوا والى من نلجئ بعد الله ،لاندري من يريد لنا الخير ومن يريد لنا الشر،أصبح الناس أحزاباً وتعددت الأيادي المجرمة،ولكن لنا رب واحد سنشكوا اليه بثنا وحزننا،سنشكوا إليه ما فعلتموه بنا،ويلكم من الله يامن سفكتم دماءً وأفسدتم بلاداً،ويتمتم اطفالاً،وأرملتم نساءً،وفطرتم أفئدة ،ما توقف فمها عن الدعاء،ألا تخجلون من ربكم،حسبكم الله أينما كنتم واين ما حللتم.
أما البيداء تقف بأعلى الدرج تنظر لوالدة روان وهي تترجاه بكل الكلمات وبنبرة متهدجة وكسيرة،:الله يسعدك ياخي الشهر.
قاطعها وكيل العمارة متجاهلاً ترجياتها المؤلمة:سامحيني يا أخت بس صاحب العمارة يشتي الإيجار اليوم.
من الداخل نظرت روان لأمها بقلة حيلة وفمها يعض القلم بانفعال،بقى من إيجار الشهر الفائت مبلغ كبير، بينما نظرت لها الأخرى بضعف،ما البيد حيلة،دموع الكسر قد بدأت تتلألأ بعينيها.
نطق رماح من خلفه بحزم وهدوء :راعي لي "أنتظرني" خارج وانا بتفاهم معك.
هز الوكيل رأسه بالموافقة وخرج لخارج العمارة.
نطق رماح بابتسامة وأحترام:لاتهمي الإيجار ياخاله كله بيوقع تمام،ليخرج للخارج خلف الوكيل،وتعود سماهر للمنزل،فقد عادوا من المطعم قبل بضع دقائق وتريد أن ترتاح قليلاً.
أما والدة روان شعرت بشيء من الراحة بالتأكيد سيحاول تأخير الدفع،دخلت للداخل لتبشر روان المتوترة والخائفة.
بعد أن ذهب الجميع نزلت البيداء من الدرج وأخرجت ١٥الفاً،كانت تحتاجها بشدة ولكن الله سيعوضها حتماً،اقتربت من الباب وأدخلتها من الفتحة لتخرج من العمارة بسرعة،خطت نحو طريقاً مختصر يشبة الازفلت،نظرت للسماء الممتلئة بالغيوم ،الجو مغيم وجميل،والهواء يداعب خمارها ولثامها ويديها تحاول تثبيتهما،ابتسمت وهي تتلفت يمنة ويسرة وشدها،منظر لأربعة اطفال يلعبون،لعبة البلابل بأدواتهم البسيطة،ومستمتعون لأبعد حد،رأس برميل حديدي مقطوع يشبه الصاروخ،يثبتونه بأحجار كأنه ساحة بلابل،وأشياء تشبه البلابل بشيء بسيط ولكنها تفي بالغرض،بدأوا بالجولة وصرخوا بصوت عال"وقت البلابل" لتبتسم بتفائل،نحن شعب بسيط،نسعد بالقليل ،ونحب البساطة كثيراً،تأملتهم حتى ابتعدت عن المكان وأختفوا عن أنظارها،نظرت لساعتها لتسرع بخطواتها،عمتها أنغام،وخالتها سندس وبعض الجيران سيأتين لشقة أختها ليستمتعن معاً.
.
.
الساعة ٨ مساءً
تبوك.
يجتمعون بالمجلس العربي بنقوشه السوداء وديكوره الجميل،تفوح من رائحة العود،والقهوة العربية،يتبادلون الحوارات،عن رجل مات،ورجل خسر أمواله،وآخر ناجح في عمله.
بينما بتّار يرتشف من القهوة ،وبرأسه غترة يرتديها بالطريقة اليمنية كما كانت والدته تلبسه أياها،يبتسم لرويد الذي يتأمله بنظرات حنونة كنظرات والده،شعر بيد تربت على كتفه كان عمه صقر بابتسامة هادئة:بنفقدك يارجال.
ابتسم له،وهو يدرك أن الصمت أفضل و قد تخونه لسانه بلحظة ما فهو يسمع ويتعلم.
نظر سند إلى بتّار وابتسم بسعادة سعيدد بأنه شاركهم هذه الجلسة ،ثم نظر لجراح الذي قد انسجم مع غازي بالحوار، نظر لعمه والدغلا فهو شقيق والده،وحتى والدتها شقيقة والدته،القرابة بينهما كبيرة،نظر لعامر ثم نطق بتساؤل:فهد ماهو بناوي يرجع فقدنا سواليفه الي تفتح النفس.
بتّار لمعت عيناه ليترقب جواب عامر.
بينما نطق عامر شقيق غلا بنفي:عاجبته القعده هناك ويقولي مرتاح،ويفكر يزورنا بوقت قريب.
نطق والد غلا بشجن وحنين:فقدته مره،الله يهديه ويحفظه.
صقر بابتسامة صافية:إن شاء الله ياعم يزورنا قريب.
نظر اليه والده بطرف عينيه،وعكازه قد ضرب الأرض:وانت لا تعمل لنا عملة جواد و
قاطع صقر والده وعينيه احمرت :لازم تربطني بجواد كان خير ولا شر،الله ياخذه.ليقف بحنق ويحرك رجليه نحو الخارج.
لمَ المقارنة بينهما،منذ أن كانا طفلين والمقارنة قائمة،كان قريباً أو بعيداً والمقارنة قائمة،سافر باليوم الذي سافر به جواد،وعاد من سفره ولازالت المقارنة قائمة،تباً له من رجل،لو كان موجوداً أمامه لما تردد بتهشيم وجهه،تكاد عظام قبضته بالتكسر من شدة الغيظ الذي فيه.
كتم بتّار ابتسامته،ونظر لغازي،فهم غازي نظراته وتجاهله،تشاجر معه بسبب حوار عقيم دار بينهما،ياليته لم يجبره على التحدث لكان أفضل من معرفة مالايمكن تصديقه،ولكن لن يصدق ماسمعه،إلا إذا سمع بأذنيه ونظر بعينيه،كم يشتاق لفهد الحنون صاحب القلب الصافي ،هو الوسط بينه وبين عامر،وغلا أكبرهم فهم أربعة أخوة فقط وهو آخر العنقود
.ابتسم بتّار لنمير الذي يضحك ويمازح العجوزان،بينما هما يضحان لنكاته وكلامه العجيب، ويلكزانه بعصيهما ،وهو يمثل الألم ثم يشرع بالضحك،في كل مرة يجتمعون، لايتركهما وشئنهما بل يبقى بجانبهما،يتعلم كلمات يمنية قديمة ،ويتكلم معهما بلهجة يمنية.
وقف بتّار وجر خطواته نحو أخيه،ليجلس بجانبه ويبتسم له،همس له:جراح أنت توأمي ومن حقك تزعل بس لازم تعرف اني أخبي أشياء عنك عشان مصلحة الكل بس كل شي بيتوضح مع الزمن،أنت أخي ومو حلوه تزعل مني.
أبتسم له جراح وربت على كتفه بطيبة ومحبة:انا ازعل منك مستحيل ،ليردف :أخاف اني أكون مقصر معاك،أخاف تكون تكتم حاجات توجعك،كنت أبيك بس تشاركني عشان نذوق المُر أنا وأنت وما تكون وحدك.
.
.
بشقة رواية،مجلس النساء يصدح بصوت الأغاني المتنوعة،وقد رصفن المداكي،أي قطعة إسفنج مستطيلة وصلبة ،مغطاة بنفس قماش المجلس،تستخدم للإتكاء عليها.
مربعة قدميها ،وتنظر إليهن بابتسامة،أتصل لها والدها واعتذر إليها، وصرح لها بأنه يخاف عليها ويريد مصلحتها ،كم أسعدتها كلماته البسيطة وجبرت خاطرها لن تجد والداً مثل والدها في هذه الأيام ،حاولن جعلها تخزن معهن ولكنها ترفض، آخر مرة خزنت بالقات،لم تترك احداً إلا واتصلت به لتزعجة،نظفت المنزل كله والمطبخ،من فرط النشاط الذي كان بها،عادة القات سيئة ولكنها بعضاً من تقاليدنا وعاداتنا ونستمتع عندما تجتمع الأسرة لنسمر لأخر الليل ،ياليت تلك الأيام تعود.
ولكن القات يخل من أقتصاد الدوله،ويباع بمبالغ مختلفة وأجود أنواعه يكون باهض الثمن وخصوصاً بفصل الشتاء،صحيح لا يذهب العقل ولكن له أضرار طفيفة على الجسم،وبالأخير تبقى هذه العادة عادة سيئة.
بدور تنظر اليهن بغرور وهن يجلسن بجانب بعض"البيداء ،سماهر ،روان "تريد أن تكون مثلهن حيث أن الجميع ينجذب إليها ولم تجد غير الغرور والتصنع لترفع من مقام نفسها.
سندس وأنغام منسجمات بالحديث،عن مرض رغد وعودة محمد الذي لم يستطع تجديد إقامته وأوضاعه صعبة،والأطفال يلعبون ويرقصون كالمجانين حرفياً،ووالدة بدور تتحدث مع رواية،تلك المرأة طيبة ولا أحد يصدق أنها والدة بدور.
شعرت بروان وسماهر،يوقفنها لترقص معهما،وقفت بعد إصرار شديد منهما،ليرقصن بجنون،وهي تتمايل بخجل.والاطفال يتفرجون عليهن ويبتسمون بتعجب ،وكأنهم يقولون،"هن الأطفال وليس نحن"بعد مدة طويلة ذهب الضيوف،لتجلس على الأرض وهي تلهث اليوم رقصت بجنون ،نظفت ورتبت الشقة وبالكاد أكملت لم تكتب واجباً واحداً،تعرف أن بعد هذه الضحكات الكثيرة والإستمتاع سينتابها الضيق،والملل،كانت رواية لاتزال سامرة وتراسل زوجها الكريه كم تكسب ذنوباً بسبب شتمه ،وما زادها كرهاً إتصلاته المقيتة ووقاحته يظنها غبية وتقع بالشباك من أتفه كلمة حب أقل مايقال عنه مقرف ،بدأ قلبها يخفق حالما لمحت وجه رواية قد احمر وكأنه طماطم بعز حمرتها،تباً له الوغد،جلست وأرجعت ظهرها لتسنده ثم سرقت نظرة لأختها والذعر هو سيد الموقف لتقف وهي تريد الهروب فقلبها لم يعد يحتمل،ولكن الأخرى وقفت كالإعصار واعترضت طريقها لتنطق بزمجرة وقد رمت الكأس من يدها ليرتطم على خاصرة البيداء:أيش رأيك أخليه لك.
عقد حاجبيها بألم ممزوج بإستفهام وتراجعت للخلف عندما وقع الكأس وتحطم،لماذا ؟لماذا؟فقط كلما هدأت الأوضاع بينها وبين أختها تأتي مصيبة تفسد كل ذلك تراجعت للخلف بذكاء ونطقت بغباء ونبرتها تتهدج بينما عينيها الؤلؤية لمعت:ايش هو .
نطقت روايه بانهيار حقيقي وهي تحطم ما تراه عينها:زوجي مادامك تحبيه ،وتراسليه وعامله نفسك مطوعه،تخوني أختك واني مخليه لك ببيتي تخوني ثقتي،لتنحني وتلتقط قطعة زجاج وتبتسم بريبة:بقتل نفسي وأهجعك "أريحك"مني
فتحت عينيها بذهول وفجيعة وقد ألجمتها الصدمة،تيبست بمكانها اولاً لكلامها الذي أخترق قلبها بسهام مسمومة، وثانياً لرعب الموقف ،بالتأكيد تهدد مثل كل مرة،يستحيل أن تنتحر فهي تخاف على نفسها من جرح صغير فكيف لها أن تقدم على هذا الفعل،هي فقط تخيفها،تشعر بتنمل بركبتيها،وقلبها زاد خفقانه ستقع من شدة الدوار،أهتز وجدانها وشحب وجهها حالما رأتها تتقدم نحوها ،هزت رأسها يمنة ويسرة،مهلاً لحظه على مايبدو انها تريد قتلها هي.
هل ستكون نهايتها هكذا ؟
.
.
انتهى..
.
.


لامارا 08-08-21 12:51 PM


الفصل"السادس"

.
.
تمزّقني بداياتي، تؤرقني نهاياتي

يلوّحُني اغترابيَ بين بعثرةِ المساراتِ

يلوّنُ فيّ ذاكرتي وترسُمني صِراعاتي

يعلّقُني كقربانٍ على بابِ السَّماواتِ

فشرخُ القلبِ أخدودٌ تجذرَ في متاهاتي

يلوكُ الحزنُ أوردَتي على وجعِ المسافاتِ

تباعِدُنا على مضضٍ لتغتالَ المسرّاتِ

أيا صبحي الذي ما زال يهجرني فلا ياتي

فمن يطوي جراحاتي ويغفر لي خطيئاتي

مصوّعةٌ بأقداري وآلامي و عثراتي

ولستُ أنا التي تَدري بما قد حَلّ في ذاتي...!!
"فواغي صقر"
.
.
"بعد ٣ أيام"
"الساعة الرابعة عصراً"
تبوك/بأحد المكاتب
بلون أثاثة الرمادي والأسود وشيء قليل من الأبيض،صوراً كثيرة معلقة على الحائط لعلماء كُثر، ورسومات غريبة ،وملفات مصفوفة على الطاولة يكتب آخر تتطور للحالة التي أمامه ،ينظر له بين الفينة والأخرى، ويستمع لمعاناته من الوساوس والشكوك بإصغاء تام،حدد له الأدوية بعناية شديدة،ثم بعد فترة خرج المريض،ليسند ظهره على الكرسي،ثم أخذ نظرة جانبية لغازي،الذي ينظر إليه بنظرات حادة،ومكذبة لمَ أخبرة.
نطق بتّار بنفاذ صبر:غازي ماني فاضي لك،أنت الي طلبتني أتكلم وانا اتكلمت وانتهى صدقت براحتك ما صدقت أبعد عني.
غازي بعدم تصديق وهو يقف:بس مستحيل.
بتّار وهو يضرب الطاولة ليقف وينطق بتحذير:لا مش مستحيل،وما بألف فيلم من راسي،ليردف:روح الحين قبل ما تطلع شياطيني وتصير مشكله طويله عريضه.
نطق غازي بلؤم من نبرته:بتّار من جدك
نطق وهو يكبح ضحكته:لا من جدتي.
غازي وهو يضرب الطاولة وقد تبعثرت بعض الملفات:بتار
نطق بضحكة وهو متحفظ بهدوئه ويجمع الملفات:بتّار ولا بتّله
نظر إليه غازي بأشتعال ليجر خطاه نحو الخارج ويقفل الباب بقوة.
أغمض بتّار عينيه وهو يضحك على نفسه وغازي الذي يأبى التصديق ثم جلس على الكرسي وهو يبتسم بهدوء،لم يأتي الهدوء من عبث،كل تلك السنين جعلته هكذا،وجه ناظريه لشهاداته،ولكن لم تمنعه من تحقيق طموحه،ومايسعى إليه.
.
.
بنفس الوقت:
"سماهر"
قطرات المطر تتابع بالسقوط واحدة تلو الأخرى،تطرق النوافذ والأسقف،لتزداد سرعتها ،بينما البعض يركضون وحتى الحيوانات بدأت بالإختباء تحت الأسقف،والتكور على نفسها،اولئك بجانب الدكان ، يمشون ببطء،ويبسطون أيديهم لجمع قطرات المطر،والنساء يسارعن بخطواتهن ويرفعن عباءتهن تجنباً لاتساخها وتبللها،وهناك أطفال يضحكون،بسعادة ،بنفس اللحظة عاد لها صدى صوت تلك الأنشودة لترددها.بلحن "مطر..مطر..مطر،، بنعمة همر،تهللي يا أرضنا السمراء وأستقبلي هدية السماء..الخ"هذه الأغنية كلنا نحفظها عن ظهر قلب،كلنا درسناها بالصف الاول الأبتدائي ما أجمل ذكرياته.
كانت تجلس أمام النافذة مرتدية كنزة صوفية بلون القهوة،وملامحها تميل للحمرة ،أثر شعورها بالبرد،طاوية لذراعيها أمامها ،وتسند ذقنها على وسطها، تشعر بكآبة حقيقية،الشقة مع هذا الطقس أصبحت شبه مظلمة، وهادئة كهدوء المقابر، تشعر بالملل،مرت ثلاثة أيام والبيداء مختفية،لاتحضر المدرسة ولا تخرج لشراء الحاجيات من الشارع كما كانت تفعل،مع أن نفسيتها ذلك اليوم كانت ممتازة،وروان تغيبت ليومين، وهذا المساء براءة مقفلة عيادتها،تأملت السيول التي تركض من رأس الطريق الفرعية من جهة اليمين،المطر جميل ولكن،الطرق بدأت بالتهالك شيئاً فشيئاً،السنة الماضية كانت السيول شديدة،خلفت الكثير من الدمار الكارثي ،الطبيعي والإنساني ،الحمدلله على كل حال،بدأت كريات البرد بالتساقط ليدخل الأطفال منازلهم ،وقفت بسرعة وفتحت النافذة لتهب رياح عنيفة قاومتها،وقعت القليل من البرد لباطن كفها ،لتدخل يدها وتتذوقها،أبتسمت بطفولة وكأنها حققت إنجازاً،سمعت الباب يفتح أبتسمت بسعادة،وأخيراً لقد عاد،هرعت للصاله،لتراه مبتل تماماً وبيده كيس،أبتسم لها لينطق بتعب وجسده يرتجف من البرد :بسير أبدل ملابس وارجع لك.
ردت له الابتسامة وهزت راسها بالرضاء ،جلست بالصالة تنتظره.
عاد بعد دقائق وقد ارتدى بجامة سوداء ،ليجلس على الأرض بمحاذاتها ،ثم ربع قدمية ،وضع علبة الأيسكريم أمامهما،فقد أتصلت به تطلبه أيسكريم مع أن الجو بارد،ولكنه لن يرفض طلبها فهي طفلته المدللة.
قبلت رأسه بفرح لتنطق بنبرة بامتنان صادقة:شكراً ياقلبي والله أنك أحسن أب بالعالم.
تصنم لثوان هل قالت "أب"يالله كم وقعها كان جميلاً ومؤثراً على قلبه هل فعلاً يستحقها،نظر إليها نظرة جانبية تتناول الأيسكريم بطفولة، ،أبتسم ابتسامة عريضة،خانه التعبير،لم يتوقع منها هذه الكلمة، وضع يده اليسرى على رأسها ومسح عليه ثم همس بحنان:ربي يحفظك لي،ابتسمت بوسعة وقبلت يده اليمنى لتنطق:ويحفظك لي بابي ،أرتجف قلبه هذه ثاني مرة تناديه "أبي"جميلة تلك الكلمة والله انها جميلة ولطيفة ،حتى لو تزوج وأصبح لديه طفل وطفلين وثلاثه،ستبقي هي طفلته الأولى، والقريبة لقلبه ،هي المؤنسة لروحه وظلمته،يحب العودة من عمله وترحيبها به،حنقها ،ومعايرتها ،وحركاتها التي تحيي قلبه،كل ذلك الشقاء لأجلها،ولأجل أن تعيش كغيريها براحة وطمأنينة ،يدرك انها تشعر بالوحدة ،ولكنه يخاف عليها لايرديها أن تذهب لأي مكان أو تخرج بمفردها ،تلك العادات والتقاليد،ليست لإلحاق الضرر بهن بل لأنهم يخافون عليهن،الوضع أصبح مخيفاً جداً،نطق بتساؤل: ماشفتيها .
هزت رأسها بالرفض وقد تركت الملعقة،لتزفر بضيق و بعبرة ونبرة خافتة :لا،الله يعلم وش وقع،وحتى يوم ما سمرنا سوا،ونزلت شقتنا سمعت انا وانتا صوت تكسير، ياخوفي يكون وقع شي لها، ثم اردفت وهي تنظر اليه:بس شفت أختها روايه أمس خارجه السوق،وما رضت تكلمني.
نطق بتفكير ويده تمسح لحيته القصيرة:صح انها تتأخر على الحصص وتسرح بها ،بس نادراً ماتغيب الله يعلم وش وقع.
نطقت ودموعها تلألأت بعينيها العسلية:وحتى روان غابت اليوم ،وجارتنا الي تشتغل بالعيادة،مغلقة عيادتها.
ضمها من كتفها ونطق بمواساة :أكيد كل واحد معه ظروفه،وان شاء الله ،تشوفيهم بكره كلهم.
نطقت برجاء وقد رفعت يديها للسماء:يارب أشوفهم كلهم.
.
.
بمنزل والد براءة.
تجلس بجانب عمتها،مرتدية فستان ناعم وأنيق،فاردة شعرها الأسود، الذي يصل لنصف ظهرها،مكحلة عينيها بكحل أسود،وملونة شفاهها بلون زهري فاتح.
ابتسمت لصديقتها المحببة لقلبها، صاحبة المواقف المرة والحلوة ،لم تتوقع زيارتها هي ووالدتها،مع أن الرفاهة تشع من كل تفاصيلهن،إلا أنهن يدخلن القلب بسرعة فائقة بلباقتهن ورقي كلامهن.
نطقت غادة بإعجاب حقيقي وعينيها تتفحصها:ما توقعتك تكوني انتي وشذى صديقات،مع انها ما تحب تتعرف على أحد وعادحنا الا نقلنا لهذي المنطقة .
براءة بنبرة رقيقة وهي تبتسم وتشد يد شذى:شذى حبوبة ماشاء الله وتدخل القلب بسرعة.
ضحكت شذى وضمتها من رقبتها بحركة سريعة ومجنونة:قلت لك يمه انها عسل وسكر،وكل الصفات الحلوه بها.
ابتسمت بخجل لمدحها وثنائها ثم نظرت لعمتها بالزاوية تتأملها بنظرات كارهة،صدت عنها لتتحدث مع شذى،بمواضيع مختلفة،"عن الدراسة ،العمل،الحال،"بينما غاده تتأملها كثيراً ليست بذاك الجمال ولكنها جذابة حقاً، بارة بوالدها ولاتريد تركه ولو على قطع رأسها، وكما تسمع من هنا وهناك أن كل من يتقدم لها، يكون شرطها الوحيد أن يكون والدها برفقتها وهم يرفضون.
وكما يقول المثل"من به خير لأهله ،به خير للناس"ومادام البراء سيرضى لامانع لديها،ستاتي المرة القادمة،وتخطبها لولدها رسمياً.
مر الوقت بسرعة ليأتي وقت الذهاب فقد أصبحت الساعة السادسة مساءً رفضت شذى العودة مع والدتها لتتصل بالبراء وتستأذنه ليعود لها بعد العشاء،وبعد أخذ وعطاء،ورفض قاطع،ومحاولات غير ميؤس منها،رضخ لطلبها،لتذهب غادة وعمة براءة،ولم يتبقى الا هما الاثنتان.
ضمتها شذى وقلبها يشعر أن بها خطب ما،منذُ الصباح وهي توزع ابتسامات وضحكات مزيفة وكاذبة سيصدقها أي أحد إلا هي تعرفها جيداً ،فهما تعملان بعيادة البراء،فجأة، شرعت براءة بالنحيب وشعور التيه لا يفارقها،آتى نايف بالصباح وتشاجرت معه،وحصلت أشياء لو تكلمت بها نحرتها نحراً، لاتريد تذكر شيء ولاشيء ،تريد أن تسكن بحضنها وتكتم شهقاتها حتى لا تخيف والدها الذي يقرأ القرآن بالغرفة المجاورة،ربتت على ظهرها بينما هي ،ضمتها بشدة،سأنثر الأحزان والهموم على حضنك الحاني، وسأنزف دموعاً لو كفكفتها فاضت من جديد و أحرقتني ،وسأشكو لكِ بصمتاً حزناً قسم ظهري وقتل روحي،سأنوح وأنوح دون حرجاً مادمتي أنتي معي، سامحيني لو زدت همي على همكِ ،فقد باتت الهموم كالجبالِ الشامخاتِ،ضميني فقط يا توأم الروح ضمي ،لفي ذراعيك على كتفاي و اسنديني ،ساعديني بجمع رماد روحي فقد باتت الريح تنهيني، حاولت جمع ماتبقى من رمادي لوحدي دون فائدة،وكأني أجمعها بغربالِ".
.
.
اليوم التالي.
الساعة ٢ بعد الظهر.
عادت من عملها منهكة ومتعبة ،نزلت من سيارة بتّار وشكرته على إيصالها للمنزل، خجلة من نفسها ومنه ،تأخرت كثيراً،ورويد قد عاد قبل ساعتين،وحتى نمير والريم،حاولت الإتصال بالريم لتحضر الغداء بدلاً عنها ولكنها لا ترد،يالله سيخاصمها كالمرة السابقة،كان شرطها أن تعمل دون أن يتدخل بعملها،وكان شرطه ألا يلهيها عن واجباتها الزوجية والمنزلية، فتحت الباب بتردد،ليست عبدة له ولا ضعيفة،ولكن الإحترام بين الزوجين ومحاولة الحفاظ على التماسك الأسري ليس عيباً ولا ذلاً كما تتصور البعض من الفتيات في هذا الزمان الذي كثر فيه الطلاق،من السخافة أن تخسر زوجها لأنه لا يريدها أن تفعل كذا وكذا،
وحتى لو تزوج وسافر بعد حملها بالريم مباشرة أي عندما كان نمير بعمر الثالثة،يكفيها أنه بالنهاية عاد لها و يحترمها ويقدرها وواضعاً لها تاجاً على رأسه،لن تحرم أولادها من والدهم وحتى هي تحبه لا تنكر،الكلمة الطيبة والتودد تجعل من كل شيء ممكناً،دخلت لتداعب انفها رائحة شهية،لاتشتم هذه الرائحة إلا عندما يدخل رويد المطبخ،أحمر وجهها بخجل،لايعقل أن يكون قد حضر الغداء بنفسه.
التقطت للصالة نظرات عديدة لا وجود لأحد،اتجهت نحو المطبخ،لتستند على الباب وتبتسم بوسعه،مشمر أكمام قميصه و يغسل الأطباق والريم بجانبه،أما نمير لازال يتناول طعامه على الطاولة بجانب المطبخ.
لمحها وابتسم ليغلق الصنبور ويتجه نحوها قبل رأسها وهمس:نتفاهم فوق،روحي غيري وتعالي كولي.
أختفت ابتسامتها لتصعد للأعلى غيرت ثيابها،ونزلت للأسفل،لتتجه للمطبخ وتجلس على الطاولة،قدم لها الأطباق،"حنيذ دجاج،مع الأرز الأبيض،وسحاوق ،اي طماطم مع فلفل أخضر وثوم والقليل من الملح والكمون،تعصر بالخلاط وتقدم مع الأرز"نظرت إليه بامتنان ونطقت:ودي أهزمك بالطبخ والحركات هذي.
نطق بابتسامة ورأسه يهتز بلا وملامحه تميل للغرور:مستحيل،ثم نظر لولديه ونطق بمرح:ايش عاد معاكم هنا،توكلو على الله.
ضحك الاثنان وخرجا من المطبخ لينطق بحزم وقد تكتف:ليش تأخرتي.
نطقت بصدق وقد تركت الملعقة:كان في حالة استثنائية تدهورت حالتها وماقدرت اتركها.
كان قد جهز كلاماً،وقرر عدم محادثتها،ولكنه لم يستطع،كانت هي من أيقظته من جنونه وطيشه وتحملته كثيراً،بعد أن فشل بعلاقته مع والدة هادي،ووالدة البيداء،فمن الوقاحة الا يحاول تفهمها،نطق وهو يترقب ردة فعلها:بسافر اليوم المساء
وضعت كأس الماء وادارت وجهها ناحيته بتفاجئ ودهشة:بهذي السرعة ،لتنطق بملامح متغيرة:طيب مايخالف لو سافرتم بكره .
مسح على وجهه وبهم أثقله:مجبور ياسلوى قلبي مو مرتاح احس بضيق بنتي ماهي بخير ماهي بخير قلبي يقول كذا،ربي بيعاقبني ،راميها هناك وعايش حياتي.
وضعت يده على كتفه ونطقت بكلمات مع أن داخلها يحترق:طيب مادام قطعت لها جواز جيبها وخليها معانا هنا،أمها بعد ماهي بخير .لاتدري كيف استطاعت اخراج تلك الكلمات، صحيح أنها طيبة ولكن للطيبة حدود،تحترق من الغيرة،كم تحملت طيشه،وتبختره ببداية شبابه،تزوج ثلاث مرات وكان تبريره لنفسه،"عندي فلوس وبعيش مره وحده"ولكنها أحبته بطيشه وجنونه،وحنانه،وغيرته،ربما وسامته،من يراه لا يصدق ان لديه،اولاداً بطوله.
تأملها للحظات يحاول ترجمة كلامها ابتسم بهدوء لينطق بجدية:أعرف انك طيبه القلب بس ما أحب أجبرك على شيء انتي ما تشتيه، ثم نطق بنبرة جدية:تعرفي امها.
حاولت التحكم بغيرتنا حيث ضغطت على الملعقة بأناملها،وبجدية:اي اعرفها تتعالج بالمشفى الي اشتغل فيه،وفيها الخبيث،وزوجها مانعها من بنتها يعني انها ماتدري بمرض أمها.
صمت طويلاً لينهض ويتجه نحو غرفتهما بخطوات بطيئة،تلك الفتاة صخرة أم ماذا أم أنها لم تترك له مجالاً بقلبها،عمرها لم تشتكي مما اصابها،وحتى مصروفها لا تخبره بحاجتها إليه،ويجزم أنه لو لم يرسل لها لمدة سنة لن تطلبه،ليتها مثل الريم ورواية،تعاتبانه،وتحنقا منه،وحتى تراضيانه وتدللان عليه سيعود للوطن،وسيرى ما مشكلتها،هناك الكثير والكثير من العتاب،تفاجئ بالريم بها تضمه وتحتمي به وهي تضحك،كم يقتله ضميره عندما يضمها ويحتفل بأبسط تفاصيلها وتلك لا يدري ما حالها، يالله عونك ان بات كل شيء ثقيل ومهلك.
.
.
"الساعة السادسة مساءً"
"بتّار"
نظر لحقيبته وهو مبتسم،ثم أعاد نظره للصور بين يديه يتأمل،لازالت تلك الزيارة للبلد الذي ترعرعت به والدته ذكرى جميلة كم قصة حكتها لهم عن مغامراتها وارتهم تلك الندوب الخفيفة على يدها،وكانت لاتزال محتفظة،بصور الأغنام والأبقار التي كانت ترعاها،وتحبها،كانت تلك الزيارة قبل ١٤عام تقريباً أي قبل وفاتها بسنة،تلك المشاهد مخزونة بأعمق مكان بذاكرته،كانت أياماً جميلة برفقتها مع أنه كان بعيداً جداً،ولكن قلبه كان يجاور قلبها،كيف ستكون هذه الزيارة بدونها؟،وبدون ضحكاتها وروحها المرحة؟،كيف سيتأمل الجبال بروعة ؟،وانبهار وقد قطفت زهرتاه الورديتان والفريدتان ،سبحان الله كيف أن الأحوال تتبدل.
ارتسمت ابتسامة على ثغره،فقد شدته تلك الصورة اللطيفة،يالله متى اللقاء؟متى يأتي ذلك اليوم؟ملامح بريئة أكثر من اللازم.
ترك الصور ونزل للأسفل ليجلس مع عائلته،كم يدغدغه شعور السعادة عندما يرحب به والده وعائلته،كم يفرحون عند رؤيته وتغير نفسيته للأفضل.
جلس بجانب حَلاه على الأريكة ،لتضمه بتهور ضحك على حركتها،ليقبل رأسها.
أشرت على جيبه وبضحكة مازحة :جيبك دافي صح
ضحك على جملتها ونظراتها التي تتأمل جيب ثوبه،ليرفع يده لمستواه،ويخرج ٥٠٠،سحبتها من يده ونظرت لجراح بتمسكن ونظرات لطيفة:جراح وديني المطعم وعشاك على حسابي.
تجاهلها تجاهلاً تاماً،لينطق موجهاً كلامه لبتّار:ياخوفي ترجع بعد سنتين ولا سنين.
ابتسم بتّار وبجدية مصطنعة وهي يحمل أريام لحضنه وبحركة سريعة سحبت مئة ريال من جيبه:أفا عليك برجع بعد ما أتزوج واخلف بنين وبنات وأصير جد.
سمع ضحكة والده وهو يتجه نحوهم ليجلس بجانبه ويربت على كتفه:مادام الموضوع كذا،لاعاد تسافر.
قبل رأسه وانزل أريام من حضنه ،بينما هي،تقلب النقود بابتسامة
وترسل له قبل بالهوا،ثم وجه نظره لوالده وبجدية:أمزح يبه رايح أقطع الشك باليقين وأرجع شفته ،شفته ماشفته ،الله كفيل بكل شي عملنا بالأسباب وكله على الله.
نظرت إليه غلا بعد أن أغلقت دفتر القراءة، كانت تجلس مقابلة لهم وتدرس أريام التي الغبتها بالمذاكرة والواجبات وترقص على أغنية أطفال،ترفع يديها الممسكة بالنقود وتتمايل يمينة ويسرة،لتنطق غلا ببصيص أمل وعينيها تلمع:يعني في أمل.أول مرة تظهر شوقها وحنينها ،وكأنها لا تريد العبث بمشاعر سند ،وفناء عمرها بالتحسر والبكاء والكآبة.
نطق بتّار بجدية شديدة وقد تكتف:في أمل إن شاء الله.
.
.
"روان"
كانت تركض وتركض،تدوس كل مايمر بطريقها،وحل ومياه ،وعينيها تدمع من الضحك ومن جنونها،لاتدري تلك الدموع دموع حزن ام دموع ضحك،فليحرق الله كل من أحرق قلب والدتها،وليفطر الله فؤاد كل من فطر فؤادها،وليكسر الله كل من كسر نفسها،وليدمر الله كل من دمرها،ليلة قضتها بدونها،كدهر من عمرها،هل عرف بهروبها من سيارته،غبي هو ليأمن مكرها،لمحت سماهر تلوح لها من سيارة رماح،لاتدري لمَ فاضت دموعها،وكأنها تبحث عن احداً ليمسك يدها.
اقتربت سيارة رماح منها لتنظر إليها سماهر قد فتحت الباب وبإصرار :اركبي معنا الدنياء مطر.
نظرت إليها بتردد شديد فرماح صديق عمها نظرت خلفها أنتفضت حالما لمحت سيارته السوداء من بعيد لمَ يخلف وعده وقد قال أنه سيعيدها ،بخجل شديد صعدت المرتبة الخلفية بجانب سماهر،وليحصل مايحصل كل ماتريده والدتها،ضمتها سماهر وهي تنطق بتوبيخ:به أحد يخرج والدنيا مطر،لتردف وهي تتفحصها بعينيها:وليش عيونك كذا أيش وقع.
ضمت روان نفسها بشدة وهمست بنبرة مرتجفة وشفتيها التي ازرقت تتراقص من البرد:بعدا بكلمك،لتردف بتساؤل مرير ودموعها تجمعت:شفتي أمي بهذي اليومتين.
سماهر وضعت يدها على رأسها ونظرت لسقف السيارة لتنطق بضياع:الله يعلم وش قصتكم اي شفتها بالمدرسه والعمارة ولكل.
شعرت بارتياح عظيم وعاد لها شعور الضحك لتكبح ضحكتها ،كيف خدعته ،ماذا لو يراها؟سيقطعها ارباً ارباً،ويطعمها للكلاب،مع أنه أرحمهم وأطيبهم.
وصلوا العمارة لتنزل من السيارة بسرعة،وبحركة غير مقصودة ضربت رأسها على بابا السيارة ،تجاهلت الألم وشكرت سماهر، ثم ركضت نحو باب العمارة وهي تسابق الريح،تباً لشخص لا يطيع أمه تباً له ويزعم أنه يستطيع العيش بدونها،كانت تطرق الباب بقوة وتعجل،يالله لا تفجعني بأمي فهي حياتي،ومن دونها بعدك لا أكون.
أدارت جسدها لتجدها خلفها تنظر اليها بذبول وعينيها حمروتان ،عباءتها مليئة بالطين ،ويداها ترتجفان إثر عملها،هرعت اليها لتضمها،بقوة ،ضربات قلبها سريعة جداً تمزق روحها،بالتأكيد انها تعبت كثيراً وتعمل من وقت طويل،عادت لحضن وطنها الحقيقي.
حضنتها من كتف واحد وفتحت باب الشقة لتدخلها وتدخل معها بينما هي تتشبث بها بقوة،وكأنها حبل النجاة،من الغرق في قاع الآلام والأحزان.
أغلقت الباب تجلس بنهيار وتضمها ودموعها تسقط ،وذراعيها تحاوط صغيرتها بكل ماتملك من قوة.
.
.
بالخارج دخلت باب العمارة،ثم ابتسمت بسعادة وفرح،لتنظر إليه وهي تعد بأصابعها:شفنا روان وشفنا براءة باقي البيداء.
ابتسم لها ليدخلا الشقة،جلست بالصالة وربعت قدميها واخرجت كل الأغراض من حقيبتها البنية" اوراق، اقلام، عطر، كريم ،وهاتفها"تناولت هاتفها من بينهم وأتصلت بها عدّة مرات.لا تجيب بالعادة هي من تزعجها وترفع ضغطها،وخصوصاً عندما تدرس وتناديها بمجنونة الدراسة.
بصوت هادئ هادئ جداً وضائع وكأنها تلهث ،لوهلة شكت بأنه صوتها:ايش تشتي
نطقت بابتسامة واسعة وعينيها تبرق:وأخيراً،لتردف بكلمة وراء كلمة:وينك مغيبه لا سلام ولا كلام ولا دراسة حرام يختي أبيك دافع ١٣٠الف ،عشان الدراسة غير حق الدفاتر ،والزي وحاجات المدرسة الثانيه والاختبارات التحريرة من بكرة ورماح يقولك حرام السنه تضيع عطل(على الفاضي).
نطقت بجمود:أنتي أمي.
عقدت حاجبيها وهزت رأسها بالرفض:لا.
لتعيد بنفس نبرتها:وولد أخيك ،أخي.
لم تتغير ملامحها ونبرتها:لا.
نطقت بضحكة ساخرة:خلاص لاتدخلو بي خير ولا شر يعمل صفر،ويعمله بالخط العريض ولكل.لتقفل بوجهها،أبعدت الهاتف عن أذنها ونظرت إليه مطولاً بعينان مفتوحتان أغلقت النذلة بوجهها، ضمت الهاتف لحضنها،أول مرة تسمع تلك النبرة،نظرت إليه كان يهاتف أحداً وملامحه تميل للغضب،لن تحادثه ستذهب لغرفتها وتعود لوحدتها،حملت ما يخصها وجرت خطاها الخائبة نحو غرفتها الكريهه،ستدرس وتدرس فهي تريد أن تكمل التنافس بينها وبين روان،تريد المركز الأول هذا الشهر ولا تريد غيره.
.
.
الساعة ٨ مساءً.
حملوا اغراضهم وحقائبهم للسيارة،ليصعدوا أخيراً نظر لأخيه،ووجهه متهجم ومتعب،حالته صعبة،يودع الأهل هنا وسيسافر للأهل هناك،قطعت الريم قلوبهم من حضنها لهم وتوديعهم ودموعها تترقرق بعينيها الحادة،وكيف كانت تضم ولدها ومتردده بإفلاته، يبدو انها تراقبهم من النافذة،نظر لنمير وهو يودعهم لهم بيده ليبتسم له بحنان ويوصيه بأمه وأخته،ليحرك عبدالرحمن السيارة بعد فترة،ليلتفت رويد على هادي وبتّار،لينطق موجهاً كلامه للجميع:رددوا معي اللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُ أَكْبَرُ، ﴿ سُبْحَانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ * وَإِنَّا إِلَى رَبِّنَا لَمُنْقَلِبُونَ ﴾ [الزخرف: 13، 14] ((اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ فِي سَفَرِنَا هَذَا البِرَّ وَالتَّقْوَى، وَمِنَ الْعَمَلِ مَا تَرْضَى، اللَّهُمَّ هَوِّنْ عَلَيْنَا سَفَرَنَا هَذَا وَاطْوِ عَنَّا بُعْدَهُ، اللَّهُمَّ أَنْتَ الصَّاحِبُ فِي السَّفَرِ، وَالْخَليفَةُ فِي الْأَهْلِ، اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ وَعْثَاءِ السَّفَرِ، وَكَآبَةِ الْمَنْظَرِ، وَسُوءِ الْمُنْقَلَبِ فِي الْمَالِ وَالْأَهْلِ)).
ابتسم لهم ليعتدل بجلسته،وبود:حيا الله بتّار الغالي ولد الغالي.
رد عليه بهدوء وهو مبتسم ابتسامة عريضة:الله يحيك ياعم.
ربت هادي على كتفه،وفرح حقيقي :بلف بك اليمن كلها،ليردف بضجر:بس السفر بيطول،ويقولوا أن الطريق حقنا ياسلام سلم.
بتّار بابتسامة:الصبر مفتاح الفرج. ليدير بوجهه ويتأمل الطريق هنا ترعرع،وتربى،هنا ولد وهنا عاش،هناك أم هنا فالقلب متعلقاً بكليهما،متطلع للتعرف أكثر على بلد الأجداد، الذي لا يمكن نكرانه،ولا يمكن نسيانه، يشتاق قلبك ويهتز وجدانك،للمكوث فيه للتعرف،على عاداتهم وتقاليدهم،لتأمل المباني والحضارات العريقة والقديمة،للون الأخضر والجبال الشاهقة،المدرجات ،والسدود التي شاهدها قديماً و بمواقع التواصل حالياً، وحتى الأكلات البلدية ،يتطلع لرؤيته لو كتب الله اللقاء ،ويتطلع لسماع قصته،وما حدث بعد الرحيل وقطع حبل التواصل،وهل تتشابه مأساتهما رغم اختلاف القصص.
عبدالرحمن بتنبيه:لما نوصل للحدود كلمنا أمي برجعتنا،لو كلمناها ذلحين بتشجن وتأكل نفسها.
.
.
بنفس الوقت.تتلفت من النافذة كالمجنونة لمَ لم تعد إلى الآن هي وأولادها،ذهبت لزيارة صديقتها ولم تعد على غير العادة،سيقع قلبها بين رجليها،غطت وجهها بيديها،حالما شعرت بتخالف عينيها،ياللجنون،حتى بصرها،تشعر بالموت يحوم حولها،تسمع اصوات غريبة،ماذا لو يقتحم أحداً المنزل،وهي بمفردها،ارتجف قلبها،لتفتح باب الغرفة بحذر،رائحة غاز،هل الغاز يتسرب من الأسطوانه،هزت رأسها بجنون ،لا لا بالتأكيد تتوهم،توقفت كل ذرة بجسدها حالما سمعت انفتاح باب الحمام بقوة"أكرمكم الله"تيبست وازدردت ريقها لتنطق بدون وعي وعينيها اصفرت:من؟
لتبحث بعينيها عن سبب انفتاح الباب وقلبها يخفق بشدة يكاد أن يغمى عليها ،لتجد أنه لم يكن محكم الاغلاق فحسب، ستنهار حتماً ستنتهي ،ستموت رعباً وخوفاً،الوساوس تقودها للهلاك،نعم للهلاك،أربعة أيام وهي على هذه الحالة تشعر أنها ستموت وأن أجلها حان قلبها خائف ومتلهف لوالدتها وحزينة حال والدها الذي يشقى بدم قلبه لأجلهم ومغلوبة على أختها ،كله بسبب زوجها الذي ينشر الفتن ويتصل بها من فترة لفترة ويغريها بالمال،تباً له الخائن والسافل كم مرة غيرت رقمها ولا تدري من أين يحصل عليه ،عادت ذاكرتها لذلك اليوم ليرتجف جسدها،عندما اقتربت منها رواية لتخيفها فحسب، لتركض لغرفتها كالمجنونة وتغلق الباب بكل قوتها ليست غبية لتدعها تقتلها بتلك البساطه،لاتنسى طرقات رواية المجنونة وهي خائفة أن تفعل بنفسها شيء،وبنفس الوقت تشتمها وانهيارها يزيد وحتى بكاءها واتهامها الباطل،وكيف أتى الليل وهي تسمعها تتوهم باشياء لاوجود لها بالواقع،فلترحم نفسها وتكف عن الشك والوهم،أصبحت حبيسة بغرفتها،وكل ما تتناوله، عصير، كيك،بسكويت،لاتريد الخروج بسبب خوفها من رواية،ما أجمل الوحدة بعيداً عنهم وعن لومهم،كل ما تتمناه مكان هادئ،مريح للنظر والسمع والأهم بعيداً عنهم.
عادت لغرفتها ووجهها مصفر وشاحب وكأنها،بطلة بأحد الأفلام ،حيث تحرم البطلة نفسها من كل شيء فيصيبها انهيار عصبي،وكل هذا لأن حبيبها خانها أو تركها،تباً لها تلك المغفلة ولكن بعض الخيال حقيقة وكم فتاة تبكي لأجل شخص غبي ومكار تنحر نفسها لأجل حب كاذب،لا ليس حباً أصلن من الحرام أن يشوهوا الحب الحقيقي ،فالرسول يقول"لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا، ولا تؤمنوا حتى تحابوا، أوَلا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم؟ أفشوا السلام بينكم"فتحت هاتفها لتشاهد الحالات ببرنامج الواتس،شدها مقطع لصديقة قديمة،كانت عتاباً،ومركب عليه أغنية،تعبر عن خيبتها وحزنها،بخيانة حبيبها،ألا تدرك تلك المغنية المقيتة ما هو الحزن الحقيقي،هو أن تفقد آمان الأسرة وآمان البلد وآمان نفسك،أن تفقد حضن الحنان،أن تنسى متى آخر مرة فرحت بها من قلبك،أن تصبح حياتك قاتمة بالسواد لتتوه خطاك في الظلام،أن تنثر الدموع على أحلامك المشتته،أن تتعقد من كل شيء كل شيء حرفياً ،أن تجد خريف عمرك يأتي قبل آوانه لتتساقط به الأفكار والأحلام وحتى الأشخاص،أن تذبل كزهرة لم تتفتح أوراقها حتى ،استلقت على الأرض،تكبت شهقاتها ودموعها لن تبكي لأجل اشياء سخيفة كهذه،ولكن ما الحل ؟ما الحل؟إلى من تلجأ؟ولمن تهرب؟سمعت صوت باب الشقة يُفتح وقد وصلت أصوات متداخلة لمسامعها كانت رواية وأولادها شعرت براحة لتغمض عينيها وترخي جسدها المشدود.
.
.
دخلت أنغام شقة رواية ،اتجهت نحو غرفتها لتطرق الباب ما من مجيب،هل جُنت حتى تتغيب وتنعزل عن العالم الخارجي،نظرت لسندس المرعوبة عليها،وتنظر إليها بنظرات خائفة،زادت خوفها..
نطقت انغام بصوت عالي:بيداء لو انتي تسمعيني وتحبي تعملي حركات ماعنديش مشكله،بس انتي تضري نفسك،ارحميها وحاولي تطنشي،نفسك عليك حق،والله انك بترجعي تدوري صحتك ،بشوف لا جرا لك شي من بينفعك،والله ما أحد بأحد وبتتذكري كلامي،باكر تسيري،المدرسة ولا بكلم أبيك.
نطقت من داخل الغرفة بصوت منخفض:تمام
نطقت سندس بغبنة ممزوجة بسخرية وقد ضربت الباب بقبضتها المشدودة :تحسسيني ان احد مات،لا تعملي من الحبه قبه،أعذبي إبليس،وكملي دراستك،هذا لو انتي حق دراسة.
بلعت كلامهما داخلها معترف أنه لمصلحتها ولكن شعور رفض كلامهما كان أكبر فالإنسان بطبيعته لا يريد من أحداً أن يوجهه له الأوامر.
سندس التفت بحنق لتاخذ رغد وتسحب علي من أذنه،بعد أن رفض العودة للبقاء مع أدهم.
بينما أنغام جلست على السرير بجانب رواية كانت تبكي بعنف وتشهق،تنهدت انغام بضيق،لاتدري مالقصة بينهما،ولكن الموضوع كبير،ستبقى إلى أن تهدأ الأمور وستجبر البيداء على التصريح بمَ حصل،قست عليها بالكلام ولكن لأجل مصلحتها،فقد رأتها آخر مرة ذلك اليوم عندما اجتمعن،كانت تمسك صدرها وتتنفس بصعوبة،توتر نفسها وتحمل نفسها فوق طاقتها،ولا ترحم نفسها،يارب الكون عونك.
نظرت لهاتفها الذي يرن لتتناوله بعد أن هدأت رواية،زلزلت تلك الرسالة النصية كيانها،وجف ريقها،لتقف وتفزع رواية ،بينما هي أسرعت بخطواتها كالإعصار، وعينيها قد أمطرت،هزت رأسها بعنف وعينيها معمية وتتعثر بصعودها للدرج الذي يؤدي لشقتها ،لا..لا لن يفعلها لن يقتل روحها.
.
.
انتهى..
.
.


لامارا 16-08-21 01:45 AM

تنويه من الكاتبة

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أَحاسِيسُ ذَابِلة " (المشاركة 32526677)
السلام عليكم ..
احب اعتذر منكم الكثير من الإعتذارات أولاً وثانياً
سأغلق الرواية،ولو شاء الله وختمتها أكملتها.
أخاف التسرع كما سبق،والضغوطات والمسؤوليات تتكاثر
ويجب أن أعطي لكل شيء حقه..
وان شاء الله يكون اللقاء قريب🌼


Fat00mh 19-08-21 03:33 PM

لييييش الروايه جداً جمميله حرام نتعلق فيها كذا وتتوقف

صل على النبي محمد 16-09-21 03:06 PM

اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد كما صليت على سيدنا إبراهيم وعلى آل سيدنا إبراهيم وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد كما باركت على سيدنا إبراهيم وعلى آل سيدنا إبراهيم إنك حميد مجيد

لا تنسوا الباقيات الصالحات

سبحان الله

الحمد لله

لا إله إلا الله

الله أكبر

لا حول ولا قوة إلا بالله العلي

Maymo 19-02-22 08:29 PM

هل في تكمله؟؟؟؟


الساعة الآن 05:47 PM

Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.