آخر 10 مشاركات
|
| |||||||||||||
 |
| | LinkBack | أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
03-08-21, 06:58 PM
| #51 | ||||||||
| كاتبة قسم قصص من وحي الأعضاء 
|  اقتباس:
| ||||||||
|  |
|
03-08-21, 07:01 PM
| #53 | ||||||||
| كاتبة قسم قصص من وحي الأعضاء
| اقتباس:
هو فعلا ال راجع وعينه مش شايفه غير الانتقام بسبب خلفيته النفسيه اللي هتظهر بالتدريج مع الفصول 😉 | ||||||||
|
| |
|
03-08-21, 07:03 PM
| #54 | ||||||||
| كاتبة قسم قصص من وحي الأعضاء
| اقتباس:
| ||||||||
|
| |
|
09-08-21, 01:57 AM
| #57 | ||||||||
| كاتبة قسم قصص من وحي الأعضاء
| اقتباس:
| ||||||||
|
| |
|
09-08-21, 01:58 AM
| #58 | ||||||||
| كاتبة قسم قصص من وحي الأعضاء
| اقتباس:
| ||||||||
|
| |
|
09-08-21, 10:48 PM
| #60 | |||||||
| كاتبة قسم قصص من وحي الأعضاء
| مساء الورد والياسمين عليكم ❤️❤️ دلوقتي ميعاد الفصل الثاني الفصل الثاني تجلس على أحد المقاعد تحدق في ضوء النهار من خلف النافذة .. أتكن طامعة إذا تمنت سرقة بعضًا من ضوء الشمس وحرارتها علها تدفئ روحها المتيبسة من فرط الصقيع الذي باتت تحيا بداخله ؟!! صقيع استفحل داخل عروقها فبات قطعة لا تنفصل عنها .. صقيع يزداد ويزداد حتى تجمدت روحها فلم تعد تخشى لا فقد ولا موت .. ! تحسست قرطها بأطراف أصابعها وأغمضت عيناها بحرقة .. تمنت أن تبكي، توسلت لربها حتى تضعف وتبكي .. لكنها لم تستطع ! نضبت دموعها وماتت روحها بعد أن علمت أن زفافه أُقيم ليلة الأمس .. وهي هنا ! ليث .. شقيقها الذي كان بمرتبة اب لها .. حاميها وصاحبها الأول .. من كانت تختبئ وراء عباءته تحتمي به من عقاب والدتها بعد كل مصيبة تفعلها .. تزوج بالأمس وهي مازالت تختبئ لكن هذه المرة رفع عباءة حمايته عنها وتركها لبِشر كالهم الثقيل .. ! كعار يجب مداراته و دفنه أسفل سبع أراضٍ ..! أغمضت عيناها مرة أخرى فيعصيها الدمع ولا ينسكب .. ابتسمت باستهزاء وهي تستعيد حديث غالية التي تتصل بها من فترة لأخرى من وراء والدتهما و كأنها باتت عفن استأصلوه من بينهم : " سيتزوج من ليالي منعًا للثأر ، ليتك هنا يا فضة علك تخففين عنه قليلًا .. والله لو رأيتِ كيف يبدو سيذوب قلبكِ شفقة عليه " وهل ذاب قلبهم هم شفقة عليها ؟!! كيف هانت عليهم فحاكموها على ذنبٍ لم تقترفه ؟!! وكيف أتى على عقلهم أن يلوموها لأنها دافعت عن نفسها فقتلته ؟!! هل حقًا تستحق اللوم والعقاب ؟!! ربما .. ! ربما لأنها وثقت بمن كانت لا تستحق الثقة .. ! ربما .. ! ربما لأنها لم تكن لتتخيل يومًا أن تسلّمها من كانت أعز صديقة لها لأنياب أخيها فيغرسهم فيها بلا رحمة ..! ربما .. ! ربما لأنها كانت ساذجة بما يكفي رغم ادعائها الفطنة والقوة فاطمأنت له وصدقته سابقًا حين أخبرها بحبه رغم عبثه الشهير ..! رباه .. كيف شعرت يومًا بميل نحوه ؟!! " غبية يا فضة .. غبية " انتفضت حين فُتح الباب على حين غفلة فالتفتت لتجد سندس تدخل إليها ثم تغلق الباب ورائها فيما تسألها بخفة : " كيف حالك اليوم ؟!! " نظرت لها فضة واحتفظت بتعجبها الشديد منها لنفسها ثم قالت باختصار : " بخير " " لا تبدين كذلك " همهمت بها سندس ببساطة فزفرت فضة بملل ثم سألت بضيق : " ماذا تريدين يا سندس ؟!! " حاولت سندس التحكم في دواخلها كما طلبت منها الطبيبة اخر مرة ثم قالت : " احاول بدء محادثة سلمية معك " ضحكت فضة باستهزاء ثم رددت : " محادثة سلمية معي ! .. منذ متى يا ابنة المنصوري ؟!! .. والله أنا على يقين بأنكِ الآن تمسكين نفسك بمعجزة حتى لا تتشاجرين معي لأي سبب تافه فتجدين لنفسك الفرصة حتى تهتفي بأن بِشر لكِ وكأنكِ تؤكدين لي الأمر " عضت سندس على شفتيها من الداخل تكتم غيظها من تلك المستفزة التي اُبتليت بها إلى أجل غير مسمى لكنها لم تستطع أن تمنع نفسها فتمتمت من بين أسنانها بنبرة مشدودة : " وهل يجب عليّ أن أؤكد على تلك المعلومة اليوم أيضًا ؟!! " هزت فضة رأسها بيأس لكنها لم تمانع في استفزازها اليوم أيضًا فقالت ببساطة شديدة : " سأترك إجابة هذا السؤال لكِ " زفرت سندس بضيق مدركةً أن فضة تمر بيوم عصيب فليلة البارحة أخبرها بِشر بأن زفاف شقيق فضة أُقيم لكن بِشر لم يستطع الذهاب لأنه وحسب ما اُشيع في الوادي يمكث خارج البلاد . حاولت سندس أن تغير دفة الحوار فسألتها : " أخبريني ما رايك في ما يدور في الخارج ؟!! .. هل تصدقين عودة علي بعد كل هذه السنوات ؟!! " كزت فضة على أسنانها تود لو تصرخ في وجه الجميع أن الذي يدعونه علي ما هو إلا لص .. ! لص اقتحم المنزل منذ فترة لسبب مجهول ولم يراه سواها .. لكن من سيصدقها ؟!! إذا كانوا جميعًا أصبحوا لا ينظرون لها إلا كمختلة أو كلاجئة تستحق العطف .. ! تذكرت عيناه فارتعش جسدها بموجة غضب و رعب وعقلها يُعيدها للمساته لجسدها في تلك الليلة اللعينة فتجمدت في مقعدها وهي تذكر أصابعه التي مرت على ظهرها وهو يعاركها ولمساته لذراعيها وضربه لها على مؤخرة رأسها فارتعد جسدها بنفور شديد .. جذبة مفاجئة لذراعها أرعبتها فجعلتها تمسك بتلك الكف الفضولية بخشونة شديدة وتعتصرها بكل قوتها فتأوهت سندس لتنتبه فضة لما تفعله وتتركها على الفور بينما هتفت سندس بغضب : " هل جننتِ ؟!! .. ستكسرين أصابعي " لكن بدلًا من أن تعتذر فضة غمغمت بنبرة حادة وكأنها لا تزال تقبع داخل تلك الليلة : " لا تجذبينني هكذا مجددًا " " كنتِ شاردة وأنبهك " هتفت بها سندس بضيق ليدخل بِشر في تلك اللحظة فيجد سندس تدلك أصابعها بألم بينما فضة تجلس بجسد مستنفر و كأنها على وشك خوض عراك فسألهن بقلق وهو يقترب من سندس : " ماذا بكن ؟!! .. هل تتشاجرن من جديد ؟!! " نظرت له سندس ثم قالت بغضب : " كنت احدثها وفجأة شردت وحين أردت تنبيهها كادت أن تكسر لي أصابعي " قطب بِشر بتعجب بينما عقبت فضة بملل : " توقفي عن الدلال .. أصابعك لا تزال سليمة " كادت سندس أن تتشاجر معها فأمسك بها بِشر قائلًا باسترضاء : " حرير الجنة .. هلا تذهبين لمساعدة أمي وفداء قليلًا حتى أنهي حديثي مع فضة ؟!! " لمعت الغيرة في مقلتيها فاستطرد بِشر بهدوء : " عشر دقائق وسآتي ورائك " " الحق على من أرادت السؤال عن حالك " غمغمت بها سندس بطفولية ثم انصرفت تدب الأرض بضيق شديد بينما تابعت فضة خروجها بلا مبالاة لتعود بعينيها إلى بِشر الذي جلس أمامها سائلًا بهدوء : " هل بتِ أفضل ؟!! .. هل أنتِ بخير ؟!! " لوحت فضة بكفها وقد أصبحت تكره هذا السؤال فأدارت السؤال عليه قائلةً : " الأولى أن أسألك انا هذا السؤال .. فلست أنا من وجدت اخي بعد سنوات " ابتسم لها بِشر بطيبة ولم يعقب على هذا الأمر ثم قال بإقرار: " لقد علمتِ بزفاف ليث " اضطربت نظراتها للحظة ثم قالت باستهزاء مصطنع : " علمت ، العقبى لك " " العقبى لكِ أنتِ يا طويلة اللسان " التوت شفتيّ فضة بسخرية مريرة ولم تعقب بينما غمغم بِشر بحذر : " هل لازلتِ عند رأيك ولا ترغبين بالذهاب إلى طبيبة نفسية ؟!! " رفعت له عينان ناريتان ثم قالت من بين اسنانها : " سأذهب حين أشعر بفقدان عقلي " مجددًا لم يضغط عليها بِشر ثم نهض قائلاً : " حسنًا .. تعالي لنتناول الطعام سويًا " هل عليها أن تجازف وتخرج فترى ذلك اللص من جديد ؟!! لا لن تفعـ..... " هيااااااااااااا والآن .. ستتناولين طعامك معنا " نبرة بِشر الصارمة جعلت فضة تنهض بضيق وتتحرك وراءه بآلية وحين اتبعته للخارج وجدت عينا الآخر بانتظارها وعلى شفتيه ابتسامة ذئبية مستفزة ودت لو تنسفها في الحال فاقتربت من مكان الجلوس مكرهة وجلست على طرف المقعد بضيق تتبادل نظرات نارية غير مفهومة معه وأخرى مثلها مع سندس . بعدها تجاهلت فضة وجوده ثم تمتمت وهي تشير بعينيها نحو اصابع سندس التي مازالت تدلكها : " كيف الحال الآن ؟!! " فترد سندس بغضب مكتوم : " والله لأردها لكِ يا فضة " التوت شفتيّ فضة بسخرية لاهية عن من يتابعها بطرف عينه والذي رفض تجاهلها له أكثر من ذلك فقال بشكل مفاجئ : " Hello Silver " نظرت له وكذلك فعل البقية فاستطرد بابتسامة مغيظة : " لم نتعارف بشكل جيد .. أنا آل " " فضة العامري " غمغمت باسمها بضيق ووجهها يعلوه القرف لكن آل لم يبالي وقال باستفزاز وهو يلعق شفتيه : " أراكِ لستِ مسرورة بعودتي كالبقية " رفعت له فضة حاجبًا متهكمًا بينما نظر له بِشر وسندس بعجب ليجنحا نحو التفسير الأقرب لحديثه وهو انقلاب ملامح وجه فضة منذ الصباح : " وما الذي سيضرني في عودتك ؟؟! " هز آل كتفيه قائلًا ببراءة زائفة : " لا أعلم .. ربما لأنك الوحيدة التي لم ترحب بي منذ اتيت ! " حدقت فضة في عينيه بنظرة برية وكأنها على وشك الفتك به ثم قالت بلا حذر : " رحبت بك سابقًا .. أم لعلك نسيت ؟!! " وهنا انتقلت النظرات المتعجبة إليها بسبب نبرتها المتحفزة فتداركت نفسها واستطردت وهي تتجنب النظر لبِشر وسندس : " رحبت بك حين وصلت مع الجميع " فيستفزها آل أكثر ويهمهم بود زائد : " ومع ذلك مرحبًا بكِ من جديد سيلفر " " فضة " غمغمت بها من بين أسنانها فينظر لها قائلًا بابتسامة هادئة استفزتها لأبعد حد : " لا أستطيع نطقه بشكل جيد سيلفر ، سأدعوكِ سيلفر أفضل " استغفرت بخفوت وقالت من بين أسنانها : " قلت اسمي فضة " تدخل بِشر يغير دفة الحوار قبل أن تنقض فضة على اخيه وسأله بفضول : " ماذا تعمل يا علي ؟!! " نظر له بطرف عينه ثم أجاب : " أمين مكتبة " كتمت فضة ضحكة ساخرة كادت أن تخرج منها وهي تنظر إليه بتكذيب صارخ أما بِشر فانتظر توضيحًا ليغمغم الآخر : " صديق لي لديه مكتبة كبيرة وأنا أساعده معظم الوقت في الإدارة أحيانًا والترجمة احيان اخرى " " يليق بك " التفت الرؤوس إلى فضة التي لم تحتمل واطلقت تعقيبها الساخر على قوله فارتسمت ابتسامة جانبية على شفتي آل ثم قال باستفزاز : " شكرًا لكِ سيلفر .. سأجعلك تشاهدينها يومًا ما " لوت فضة شفتيها بسماجة دون أن تعير حديثه أهمية . أما سميحة فعادت من جديد والتصقت به تربت عليه وتلمسه بلا توقف وشفتيها لا تتوقف عن التمتمة بالحمد والشكر بينما آل ظل متماسكًا هادئًا ودودًا ، تعلو ثغره ابتسامة ساكنة وعقله يموج به سؤال واحد .... ما المانع من تكرار تجربته مع جدته العزيزة روڤانا لكن هذه المرة مع والدته الحبيبة ؟!! **** " صباح الخير " التفت الجميع إلى عزيز الذي دخل إلى غرفة الطعام حيث التفت العائلة حول الطاولة و على رأسهم بالطبع يجلس والدهم الحاج مبروك جاد الله أحد أكبر تجار الذهب في الوادي بل في المحافظة بأكملها وجواره تقف حليمة زوجة والده التي لم يعرف أمًا غيرها منذ أن توفيت أمه بعد ولادته مباشرة . ابتسم عزيز ثم اتخذ مجلسه جوار والده لتبدأ حليمة في إغداق حنانها عليه هو بالأخص مما جعل سمية أصغر إخوته والوحيدة التي لم تتزوج بعد تتمتم بغيظ مصطنع : " كفى يا أماه .. وكأنك لم تنجبي غيره ! " رفع لها عزيز عينين ضاحكتين بسماحة بينما تولت حليمة الرد على ابنتها فقالت بحمية : " انتبهي لنفسك وطعامك يا سمية ولا تتدخلي في ما لا يخصك ، ثم أن عزيز هو من سيخرج ليكد في العمل طوال اليوم وليس مثلك تجلسين متربعة كالدببة فوق الفراش طوال اليوم بلا شغلة " تبرمت سمية بطفولية : " وما المفترض أن أفعل في العطلة ؟! " وضعت حليمة المزيد من الطعام في طبق عزيز ثم قالت بفم ملتوي : " أنتِ لا تفعلين أي شيء من الأساس في المنزل غير اللعب بهاتفك مثل أولاد أخواتك .. والله لا تفرقين عنهم شيئًا " كادت سمية أن تعترض لولا أن أوقفها صوت والدها بخشونة : " تناولي طعامك يا سمية و توقفي عن الميوعة " دفنت سمية وجهها في طبقها تبرطم بما لا يسمعه غيرها لينطق عزيز أخيرًا وهو ينظر لها بطرف عينه بمكر : " اتركها يا أبي .. بما أن الهانم ترى أنني لا أستحق دلال أمي لي إذًا أنا أيضًا أرى أنها لا تستحق أن تعرف بأن السلسال الذي صدعت رأسنا به موجود معي هنا في البيت " انتفضت سمية واقتربت منه تغمغم بعينين لامعتين : " أنت لا تمزح معي .. أليس كذلك ؟!! " رفع عزيز حاجبه بكبر ثم قال بغرور مضحك : " وهل أنا من عمرك حتى أمزح معك يا فتاة ؟!! " مدت سمية كفها وهي تهتف بطفولية محببة : " أريد أن اراه يا عزيز، أعطني إياه بالله عليك " التفت عزيز ليكمل طعامه بلا مبالاة وهي تقف جواره كالجرو الصغير تتوسله بلا توقف فيهمهم بصوت حان وهو ينظر لأمه : " أقري أولًا أنني أكثر من تحبه أمك " غمغمت من بين اسنانها : " هذا الأمر ليس محتاج لإقرار يا عزيز ، أمي بالفعل تحبك أكثر منا جميعًا " " لأنه البكري ... ولي العهد " غمغم بها والده بفخر فربت عزيز على كف والده بمحبة بينما ظلت سمية على ثرثرتها إلى أن نهض عزيز وأخرج علبة مخملية زرقاء اللون ثم فتحها أمامها لتشهق بسعادة وهي تحدق في السلسال الذي كان يلازم خيالها منذ أن رأت إحدى الممثلات التركيات ترتديه في مسلسل ما فبحثت عنه بلا توقف على الانترنت إلى أن وجدت صورته ثم ذهبت بها إلى عزيز تترجاه أن يصمم لها مثله أو يجلبه لها من اي مكان يتعامل معه وها هو ذا بين يديها بعد شهرين من البحث المضنى ..! احتضنت سمية السلسال بعشق جارف جلب الابتسامة إلى ثغر والدها وأخاها بينما ضربت حليمة كفًا بكف وهي تستعوض الله في عقل ابنتها الذي سافر بلا رجعة . بعد الافطار اقترب عزيز من والده قائلًا بوجه هادئ : " أريد التحدث معك في أمر هام يا حاج " وكالعادة حشرت سمية نفسها في الحوار فهتفت ضاحكة : " لا تقل أن حضورك زفاف صاحبك ليلة الأمس فك عقدتك و استيقظت تريد الزواج أنت الآخر ! " " يا ليت " هتفت بها حليمة بتمني ليسبل عزيز اهدابه ويجمد وجه والده ثم يقول بمراوغة : " اختر من تشاء من النساء وسأعقد لك عليها في الحال " صمت عزيز ينظر إلى والده الذي تجاهل اعترافه ليلة الأمس وكأنه لم يسمعه كما تجاهل إدراكه لمشاعره تجاه الغالية لسنوات طويلة فلم يجد عزيز بدًا وقال : " لقد اخترت عروسي يا حاج وانت تدرك ذلك " " لا " قالها مبروك صريحة قاطعة لا جدال فيها فاغتم وجه عزيز أمام أنظار حليمة وابنتها الغير مدركتين لما يدور بينما كرر مبروك قوله مرة أخرى أمام عيني ابنه الغاضبة : " اختر من تشاء من النساء وسأعقد لك عليها اليوم إذا أردت، كلهن رهن إشارة منك .. لكن هذه لا " تدخلت حليمة هذه المرة تتساءل بتعجب واضح : " من هذه يا مبروك ؟!! " نظر مبروك إلى ابنه بخيبة أمل ثم أشار نحوه وهو يهدر بازدراء وسخط : " بسلامته ترك نساء الوادي كلهن واختار غالية العامري ليتزوجها " اتسعت عينا سمية بينما ضربت حليمة على صدرها شاهقة وهي تردد بذهول : " غالية !! .. لماذا يا بني ؟!! ... من قلة الفتيات وقع اختيارك على العليلة ! " " أمي " هدر بها عزيز بغضب فردت عليه حليمة بغضب مماثل : " ماذا ؟!! .. هل تظن أنك سترهبني يا ولد ؟!! .. أجل عليلة و الوادي بأكمله يعلم بأنها عليلة بل و مغرورة أيضًا فلا تقبل بالفرص القليلة التي تأتيها من وقت لآخر " نهض عزيز ثم هتف بقهر على حال مالكة قلبه : " ولما عليها أن تقبل برجال يريدون الجمع بينها و بين زوجاتهم أو آخرون يبحثون عن من تتولى مسؤولية تربية أبنائهم بعد وفاة أمهاتهم ؟!! " التزم مبروك الصمت تاركًا الأمر لحليمة التي هدرت تدافع عن منطقها : " لأنها عليلة ،قلبها عليل .. ومرضها لن يجعلها أمًا أبدًا ، فما مغزى ان تدفن شبابك جوار امرأة ستحرمك من رؤية ذريتك أمامك ، امرأة حتى لو قبلنا بها وبعلتها على أن تتزوج أخرى في ما بعد تهبك الذرية التي تستحق لن تقبل و ستقلب حياتنا جحيمًا دون وجه حق " ردد عزيز ورائها بخيبة : " كل هذا وتقولين دون وجه حق ! " لتتصلب ملامحه فيما بعد فيغمغم بصوت قوي قبل أن يتركهم ويندفع نحو غرفته : " إذًا لتعلموا جميعًا .. إن لم تكن غالية لن اتزوج قط " عم الصمت عليهم فاستغفر مبروك و زفر بضيق شديد بينما انقلبت ملامح حليمة ونهضت لتجمع أكواب الشاي لتغسلهم بصمت حانق وملامح وجه مكفهرة . *** دخل عزيز إلى غرفته يرغي ويزبد .. قلبه يختنق بعشقه المكتوم داخله وروحه تعبه من فرط الاشتياق إلى حلم يكاد يكون مستحيل تحقيقه ..! ( اختر من تشاء من النساء وسأعقد لك عليها من الصباح إذا أردت، كلهن رهن إشارة منك .. لكن هذه لا ) كلمات والده تتردد حوله بلا توقف كترنيمة عذاب مستمرة على مسامعه فيلقي بنفسه فوق فراشه بوضع افقي فتتدلى ساقاه أرضًا ويبقى شاردًا في السقف لدقائق يراقب اللاشيء .. ! اللاشيء الذي سيبقى منه إذا أنصت لغير قلبه .. ! المنطق يردد والدك معه كل الحق .. والقلب يضرب بالمنطق عرض الحائط ويغرد باسمها بلا توقف .. يزعمون أن النساء كلهن رهن إشارة منه .. ! وما حيلته إذا كان هو كله رهن إشارة طرف منها ؟!! غاليته هي .. غالية قلبه ووجدانه غاليته التي لن ترضى أبدًا بأقل مما تستحق ولن يرضى هو أيضًا بجرح كرامتها .. قلبه يئن و روحه تثور عليه حتى يفعل أي شيء للفوز بها فقد اضناه الاشتياق رغم أن لا شيء حقيقي وملموس يجمعهما ! بل هو موقن أنها لم تنتبه له في الكثير من الأحيان . ضرب عزيز بقبضته فوق الفراش وعيناه تغيم بحزن شديد وغضب أشد بينما لسانه يردد بلا توقف : " سأجد حلًا ، يجب أن أجد حلًا " ***** رن منبه هاتفه فنهض يحرك ذراعه بألم ويدلكه ببطء حتى يهدئ من تشنجه بعد أن غفى بعد الفجر فوق الأريكة الليلة الماضية بنومة غير مريحة على الاطلاق ليستيقظ الآن في السابعة صباحًا حتى يلحق بموعده في العاصمة .. موعده الغير ضروري .. ! فهو ليس مضطرًا للذهاب مع سيارات النقل التي تنقل موارد المزرعة إلى العاصمة حيث مطاعم بِشر لكنه اليوم سيذهب .. ! بل سيركض فرارًا من الجحيم الذي ألقى نفسه به .. من الوعد الذي كبل به عنق نفسه حتى يقي الجميع من عاقبة الدماء ويغلق باب ثأر إن فُتح لن ينغلق أبدًا وسيكسحهم جميعًا دون استثناء . تنهد بضيق شديد وعيناه تتركز على من تحتل فراشه .. على من تزوج منها على الرغم من رؤيته لوجه أخيها في كل مرة ينظر إليها عرضًا .. ليته يستطيع إفراغ غضبه فيها ! ليته يستطيع أخذ ثأر فضة منها ! ليته ما كان نبيلًا لدرجة أن يجعل من نفسه مضغة في أفواه الجميع بعد أن تنازل في نظرهم عن شرف أخته بل وستر أخت مغتصبها أيضًا بزيجة ترفع الرأس .. ! دقق في ملامح ليالي من جديد و رأى خطوط الكحل الأسود على وجنتيها ترسم لوحة من الأسى والخوف فاغمض عينيه مستغفرًا بخفوت محاولًا طرد كل ما يدور في رأسه تجاهها .. فهي لا ذنب لها فيما حدث بل هي نسخة أخرى من فضة كان يراها من حين إلى آخر معها . توقف عقله عند اسمها فأسبل اهدابه بألم شديد مدركًا حجم قهرتها بعد أن أخبرتها غالية عن زفافه اللعين . صغيرته التي كان يحملها على كتفه سقطت منه في بئر سحيق ولم يستطع إنقاذها .. قُهرت أمامه ولم يستطع حمايتها فأعطاها لمن ركض بها هاربًا وكأنها هي الخطيئة بذاتها . فقط لو يعلم كيف استدرجها الحقير الذي رحمه الموت مما كان سيفعله به ! فقط لو يعلم كيف استطاع إخراجها من المنزل ليلتها ؟!! ضم قبضته وفتحها عدة مرات محاولًا تصفية ذهنه ثم نهض وأخذ بعضًا من ملابسه و دخل إلى دورة المياه حتى ينعش نفسه قبل السفر ويقلل من تشنج عضلات جسده . استيقظت على صوت إغلاق باب دورة المياه فجلست منتفضة تحدق في ما يحيط بها وكأنها تؤكد لنفسها أن ما مرت به الليلة الماضية لم يكن كابوسًا هاجمها واستيقظت منه ..! شعرت بالعطش الشديد فنظرت حيث اختفى ثم نهضت ببطء وجسد مرهق وصداع يكاد يشق رأسها كرد فعل على الأرق الذي لازمها طوال الليل ثم أمسكت بزجاجة المياه وشربت بعضًا منه ثم بدأت بعدها تبحث في الارجاء عن أي مسكن قد يخفف من ألمها . ظلت تبحث لدقائق معدودة ثم وأثناء بحثها في إحدى الادراج وجدت صورةً له مع مجموعة من الشباب على ساحل ما فتطلعت فيها لبعض الوقت تتأمله بعينين حزينتين لتنتفض ويسقط قلبها كما الصورة من بين أصابعها حين جاءها صوته الخشن سائلًا بضيق : " ماذا تفعلين ؟!! " التفتت له بوجه مرتعب اثار ضيقه أكثر ثم قالت متلعثمة وهيبته تكتسحها بلا رحمة : " أنااااا ... كنت ابحـ......ـث عن مسـ...ـكن ، لم اقـ...ـصد العبث باشيـ..ـائـ....ـك " مال ليث وأمسك بالصورة التي سقطت منها ثم وضعها مكانها ليتحرك بعدها ناحية درج اخر ويفتحه مخرجًا منه بعض الأقراص ثم مدها إليها بصمت مطبق ووجه لا يحمل أي تعبير . اخذت ليالي الأقراص منه وشكرته بصوت بالكاد يُسمع بينما انتظرها هو حتى تجرعت الدواء ليغمغم بصوت هادئ لا حياة فيه : " أنا سأسافر بعد قليل " اتسعت عيناها بجزع وقد ظنت أنه سيهجرها صباح زفافهم ويتسبب لها في فضيحة انتقامًا من عائلتها فدمعت عيناها برعب وخرج صوتها متحشرج باكِ : " النــ...ــاس ! ... ماذا سيقولون عني ؟!! .. ماذا عن عائلتي ؟!! .. كيف سأبرر لهم ؟!! .. ارجوك لا تفعل " نظر لها ليث بعدم فهم ليبلغ ضيقه أوجه حين انتحبت أمامه فجأة فهدر بها بصوت خفيض : " توقفي عن البكاء " انتفضت ليالي بخوف فزفر ليث بقنوط سائلًا ربه بعض الصبر ثم قال من جديد بصوت اكثر لينًا لكنه نافذ الصبر : " هلا تخبريني ما الذي يبكيكِ الآن ؟؟! " مسحت ليالي دموعها ثم همهمت وهي تتجنب النظر في عينيه برهبة : " أرجوك لا تهجرني بهذا الشكل .. أبي لن يحتمل فضيحة كتلك " " أي فضيحة ؟!! .. عما تتحدثين أنتِ ؟!! " نظرت له ليالي باستجداء وتذلل دون أن ترد بشيء فقال بعصبية وهو يتحرك من أمام تلك المجنونة التي لا يفهم منها شيء : " أنا سأذهب حتى لا أتأخر عن موعد تسليم الطلبية " لم يصلها ما قاله وتابعت رحيله بعينين تنهمر منها الدموع بلا توقف لتجلس على طرف الفراش وهي تلطم وجنتيها بين حين و آخر وعقلها لا يرحمها من الخيالات السوداء التي سيكون أهونها هو الموت . ** خرج ليث بوجه متجهم فوجد غالية تستعد للذهاب إلى المعهد الذي تعمل به فابتسمت له بدعم لتقطب بعدها وهي تلتقط استعداده للخروج فسألته بصوت خفيض وهي تنظر نحو غرفته : " إلى أين ؟!! " أجابها بصوت مشدود دون أن يتوقف : " إلى العاصمة ، لدي عمل ولن أعود قبل المغرب " ارتفع حاجبي غالية بتعجب ثم قالت وهي تتحرك وراءه : " ماذا عن ليالي ؟!! .. والضيوف الذين سيأتون للمباركة ! " لوح ليث بكفه بلا مبالاة وهو يقول بضيق شديد ويكمل طريقه نحو الخارج وكأنه يفر من المكان برمته وتجاهل حتى اخبار أمه بسفره : " قلت لدي عمل ، اذهبي إلى الفتاة لتري ما بها " قطبت غالية بعدم فهم وتابعت رحيله لتنظر بعدها إلى غرفته وتتحرك نحوها بخطوات ثابتة وهي تدعو الله أن لا يكون أخاها قد اقترف في حق الفتاة أي سوء . أما ليث فركب سيارته وانطلق نحو المزرعة حتى يلحق بالعاملين اللذين من المؤكد يستعدون الآن للمغادرة حتى يعودون قبل غروب الشمس . *** طرقت غالية الباب ببعض الحرج الذي امتزج بالقلق حينما لم يأتي أي رد من الداخل بل وصلها صوت نحيب خافت فانقبض قلبها وفتحت الباب بسرعة لتجد ليالي تجلس على طرف الفراش تبكي بحرقة فاقتربت منها بسرعة لترمي الأخرى نفسها بين ذراعيها وكأنها تتوسل باستغاثة أي بادرة دعم . " ماذا حدث ؟!! .. لما تبكين بهذا الشكل ؟!! " سألتها غالية بقلق وهي تربت عليها وتتفحص الغرفة بعينيها وداخلها يهلج أن لا يكون أخاها قد فعلها ورد الصاع صاعين في ليالي ليطمئن قلبها بعض الشيء حينما وجدت غطاء ووسادة ملقيين بإهمال فوق الأريكة . " فُضحت يا غالية ، فُضحت " انتبهت مرة أخرى لصوت ليالي الباكي فسألتها مرة أخرى عما حدث فترد عليها وهي تلطم وجنتيها من جديد : " لقد هجرني ليث ، تركني وسافر صبيحة زفافنا .. ابي سيقتلني يا غالية رغم أنه يعرف أنني لا ذنب لي في كل ما يدور " لدقائق شعرت غالية ببعض التشوش فقالت بصوت مهتز ظنًا منها أن يكون ليث قد يكون قرر الانتقام بهذا الشكل منهم فسألتها بحذر : " ماذا قال لكِ ليث بالضبط ؟!! " انهمرت دموع ليالي أكثر لتغمغم بصوت متقطع : " أخبرني أنه مسافر " لتستطرد بعدها بانهيار : " ماذا سأفعل الآن ؟! .. ماذا سيظن بي الناس وكيف سيواجه اهلي الموقف ؟!! " ضمتها غالية بحنان ثم تمتمت بعدها بثقة مهزوزة : " لكن ليث أخبرني أنه لديه عمل مهم في العاصمة وسيعود في المغرب " انتفضت ليالي تحدق في وجه غالية الصبوح وكأنها قشتها التي ستحميها من الغرق ثم سألتها بلهفة عاتية وكأن روحها رُدت إليها : " حقًا ؟!! .. هل أخبرك أنه سيعود ؟!! " أومأت غالية وربتت على وجه ليالي وقالت : " بالطبع سيعود يا ليالي ، بعقلك هذا كيف تفكرين أنه قد يتركنا جميعًا وراءه ويرحل ؟!! .. هل سيهجرني أنا وأمي أيضًا يا ذكية ؟!! " اهتزت حدقتي ليالي وومضت عيناها ببعض الأمل لتربت غالية على وجهها مرة أخيرة وتبتسم لها بدعم ثم تنهض بعدها لتناديها ليالي بهمس خفيض فتلتفت لها غالية بتساؤل : " لا تكرهينني .. أرجوكِ " اتسعت عينا غالية للحظة ثم قالت بسماحة وابتسامة صافية لا تغادر شفتيها إلا نادرًا : " ولما سأكرهك يا ليالي ؟!! .. أنتِ بريئة لا ذنب لكِ في كل ما حدث ، أنتِ حتى تكادِ تكونين ضحية أخرى مثلها " أنهت غالية كلماتها ثم غادرت مغلقة الباب ورائها بينما اغتم وجه ليالي وهمهمت بصوت شديد الخفوت وذنبها يُثقل كاهلها : " لست بريئة ولا ضحية يا غالية .. لست كذلك أبدًا " ****** ( بعد عدة ساعات ) ( ماذا تفعلين ؟!! ... أين اختفيتِ منذ الصباح ؟! ) ( فدااااااااااء ) ( فدااااااااااء .. أين أنتِ يا فدااااااااااء ؟!! ) أمسكت فداء بهاتفها الذي لم يتوقف عن الطنين ثم قرأت رسائل صديقتها لجين المتتالية لتبتسم حينما رأت الصورة التي اتبعت الرسالة الأخيرة لذلك الممثل الذي كان ينادي على جهاد التائهة في فيلم ( وأسلاماه ) لتجيب صديقتها بشقاوة مماثلة : ( سلامة ، أنا هنا يا سلامة ) أرسلت لها لجين وجهًا ضاحكًا ثم بعثت من جديد : ( هل تفقدتِ المجموعة اليوم أم لم تصلك الأخبار بعد ؟؟! ) قطبت فداء ثم بعثت تسألها : ( أي أخبار ؟!! .. أنا لم أتفقد الهاتف منذ الصباح ؟!! ) لتأتيها إجابة لجين المستفزة : ( ادخلي المجموعة واكتشفي بنفسك يا فذة زمانك ) لترسل لها بعدها وجهًا يُخرج لسانه بإغاظة . فتحت فداء المجموعة الخاصة بدفعتها في الجامعة لتتسع عيناها تدريجيًا حينما وجدت اسمها هي ولُجين ضمن أسماء العشر طلاب الذين سينضمون لحضور أحد أكبر المؤتمرات الطبية لهذا العام والمفاجأة الأجمل أنه أيضًا سيكون هناك .. ! يا الله منذ متى لم تراه ؟!! تراقصت الفراشات حولها وابتسمت ببلاهة لترسل لها لجين رابط جديد مع غمزة شقية ورسالة عابثة أخرى .. ( أراهن أنكِ سترقصين من السعادة بعد قراءة هذا المنشور ) فتحت فداء الرابط لتتسع ابتسامتها أكثر فتشمل وجهها كله وتعلن أن اليوم هو يوم حظها بالتأكيد حين قرأت منشوره الذي يعلن فيه عن انضمامه لفريق التدريس في جامعتها ..! رباه هذا يعني أنها ستراه كثيرًا الفترة القادمة .. ودت لو تحشر نفسها وسط التعليقات وتبارك له وسط سيل التبريكات الذي انهمر على منشوره لكنها تراجعت وأثرت الاختباء كعادتها معه . انتفضت برعب حينما ضربها آل بخفة على كتفها فالتفتت له مجفلة ليقول بمكر خفي وعيناه تلتقط إغلاقها لشاشة الهاتف بتوتر : " هل تراسلين حبيبك ؟!! " اتسعت عينا فداء بصدمة لحظية ثم ضحكت وقالت : " اي حبيب هذا ؟!! .. والله لو سمعك بِشر سيقيم الدنيا فوق رأسي بسببك " انقلب وجه آل ثم تمتم بحدة : " وما دخله بكِ وبحياتك ؟!! " ارتفع حاجبي فداء للحظة ثم قالت بهدوء : " بالطبع له دخل " لتستطرد بعدها بذكاء حين رأت اشتعال عينيه الذي فسرته على أنه غيرة تولدت نحو بِشر الذي قضى عمره جوارهم بينما نُفي هو رغمًا عنه للخارج : " وأنت أيضًا لك دخل يا علي " هدأت نظراته بعض الشيء لتُفسر فداء بهدوء : " بِشر غيور للغاية حين يتعلق الأمر بي ، كما أن هنا ليس من المستحب أن يكون للفتاة حبيب تكلمه وتخرج معه دون رباط رسمي " عقب آل بغيرة طفولية فاجأته قبل أن تفاجئها : " أنا أيضًا لن أوافق ان يكون لكِ حبيب " امتقع وجهه عقب ما قاله وكأنه تفاجئ به بينما ضحكت فداء مرة أخرى ثم قالت بخفة وهي تهز هاتفها أمام وجهه : " وأنا ليس لدي حبيب من الأساس، لقد كنت اتفقد اخبار جامعتي وقرأت خبرًا جيدًا لا أكثر " هز آل رأسه دون تعقيب ليسمعا بعدها صوت الجرس فتحركت فداء لتفتحه في الوقت الذي تحرك فيه بِشر بدوره نحو الباب فيما يقول : " هذا ليث " **** فتحت فداء الباب لتومض عينا ليث بعشق دفين قبل أن يطرق برأسه ارضًا ملقيًا التحية بتهذيب فردت عليه فداء ببرود لتتركه حين خرج بِشر لاستقباله وتعود هي للداخل .. " من هذا ؟!! " سألها آل متجاهلًا أمه تمامًا فردت عليه من بين أسنانها بوجه مقلوب : " هذا ليث .. شقيق فضة " قطب آل مستغربًا انقلاب ملامح وجهها لتجيب هي بغضب مكتوم على سؤاله الغير منطوق : " أنا لم أعد اطيق أي فرد من هذه العائلة " " فداء .. الرجل في بيتنا " تنبيه والدتها الصارم جعلها تبتلع بقية كلماتها ثم تغادر إلى غرفتها فاتبعها آل وعقله في أشد لحظات تركيزه محاولًا فك الطلاسم التي تحيط بهذه الفتاة التي تسكن غرفته . لكن لم تمر إلا دقائق معدودة ليسمعا صوت سيارته مرة أخرى معلنةً رحيله خالي الوفاض بعد أن رفضت فضة مقابلته من جديد . " يستحق " تمتمت بها فداء بغضب وهي تنظر من شباك غرفتها تراقب رحيل ليث ثم التفتت إلى توأمها الذي كان يتأمل محتويات غرفتها بنظرات شاردة تعلو محياه .. يتأمل صورها في مراحل عمرها المختلفة .. يشاهد صورة لهما سويًا وضعتها في إطار خاص أعلى بقية الصور وكأنها توجت تلك الذكرى تحديدًا واحتفظت بها في قلبها . للحظة ومضت بعقله بعض التساؤلات ... أليس من المفترض أن يحقد عليها لأنها حظيت بحياة ساكنة بينما تعرض هو لأشد انواع القهر والمعاناة ؟!! أليس من المفترض أن يتولد بداخله النفور نحوها كما حدث مع امها و أخاها ؟!! أم أن إدراكه لحقيقة أنها كانت معرضة لأن تؤخذ معه أيضًا لولا مرضها الشديد في ذلك اليوم الذي جعل والدتهما تصحبها للطبيب تاركةً إياه وراءها بصحبة اللعين الذي انجبه قد صنع حائط سد ليحميها من كرهه وسخطه أمام حقيقة تخلي والدته عنه بعد أن اختارت السيد بِشر كما سبق وأخبره زاهر .. ! وربما رحمة ربها الذي حماها من مصير كمصير سيدرا ! اقتربت منه فداء فانتبه لها وقد انحنت زاويتا عينيه بألم ثم ابتسم ابتسامة لم تصل لعينيه وغمغم : " لقد كنتِ طفلة رائعة الجمال " ابتسمت فداء وقد شعرت بالحزن الذي يدور في خلده ليتورد وجهها وهي تطلب منه بصوت خفيض على استحياء : " هلا تعانقني مرة أخرى ؟؟! .. أريد أن أصدق أنك عدت " ترك آل ما بيده ثم سحبها لحضنه بحنان لم يدرك أنه يملكه إلا منذ عدة أشهر ليربت على خصلات شعرها قائلًا بوعد : " لقد عدت صغيرتي ، ولن أتركك من جديد " **** في الخارج .. خرج بِشر من غرفة فضة بصحبة سندس بعد أن فلحا أخيرًا بتهدئتها بعد أن علمت بوجود ليث فرفضت رؤيته بشراسة انقلبت لبكاء مرير فور رحيله لتقابلهم سميحة وتسأل بملامح منقلبة : " لقد عاد أخاك لبيته .. أين ستقيم فضة ؟!! " نظرا لها بعدم فهم فتستطرد سميحة : " مؤكد سيرغب بالنوم في غرفته ، أخبر فضة أن تنتقل إلى غرفتك " زفر بِشر بضيق دون رد بينما قالت سندس بضيق مماثل : " هل هذا وقته يا خالتي ؟!! " كادت سميحة أن تتحدث ليقاطعها صوت آل الذي لم تروي أخته فضوله و أخبرته بتحفظ حين سألها عن فضة ورفضها لرؤية شقيقها أنها مجرد مشاكل عائلية لا أكثر : " انا لا أريد تلك الغرفة ، لتبقى لها " التفتت له الأعين لتغمغم سميحة باستنكار : " لكن يا ابني ...... " قاطعها آل متهكمًا وكلمة ابني تصيبه بالغثيان : " بدون لكن .. أنا لن أقيم هنا معظم الوقت على أية حال وإذا أردت يومًا قضاء ليلتي هنا سأبيت في الغرفة الأخرى أو مع فيدا " شهقت سميحة واتسعت عيناها بجزع ولم تلتقط إلا رغبته في الرحيل فاقتربت منه مهرولة فيما تغمغم بصوت متحشرج : " كيف لن تقيم معي ؟!! .. هل ستتركني مرة أخرى ؟!! " ثم التفتت إلى بِشر وقالت بعينين دامعتين : " قل شيئًا يا بِشر " التزم بِشر الصمت يشعر باختناق شديد يداهمه بينما سحب آل ذراعه الذي تتشبث به أمه وقال باستهزاء : " أنا لم أقل سأرحل ، لا داعي لهذه الدراما " بكت سميحة بصوت خافت بينما أوضح هو حين لمح خروج فداء من غرفتها تراقب ما يحدث بعينين دامعتين بدورها وصبره يكاد ينفذ بعد أن قضى يومه بأكمله معهم وثارت أعصابه بما يكفي : " أنا لدي حياة وعمل لا أستطيع التخلف عنه " ثم تحرك ناحية من تهمه بحق ينظر إلى عينيها الحزينتين وقال : " لا تبتئسي هكذا .. أخبرتك أنني سأعود من جديد " " ابقى معي " رجاءها اوجع قلبه لكنه أكثر من يعلم أن بقاءه هنا باستمرار مستحيل فرد عليها وهو يلمس وجنتها بحنو : " سأعود لأجلك .. وعد " قبّل وجنتها ثم ترك لها رقم هاتفه وغادر تاركًا أمه تنتحب كما تشاء بعد أن صدعت رأسه بما يكفي وبِشر ينظر إلى عائلته بأسى ليمسك بعدها بسندس ويجرها وراءه بصمت مطبق مغادرًا ذلك المنزل الذي لم يجلب له إلا كل أذى ووجع . ****** ( بعد مرور ثلاثة أيام ) ( الثانية صباحًا ) تتنفس بصعوبة وقد غرقت في ظلمتها من جديد .. بئر سحيق يبتلعها دون رحمة ويداه تحولت لآلاف الأيدي التي تجذبها وتمنعها من النجاة أنفاسها كُتمت .. روحها اختنقت .. صرخاتها مكتومة .. أما الفرار فاصبح أمنية بعيدة المنال . سقطت تحت ثقل جسده فانتهكها من جديد مرارًا دون توقف وكأنها في حلم داخل حلم .. رأسها يدور في فلك احداث بشعة تتكرر بلا رحمة .. وعيونها المتسعة تحدق في عينيه الكريهتين الزائغتين برعب وشراسة في آنٍ واحد .. وكأنها أقسمت أن على النجاة مهما بلغت خسارتها ترى أنامله تتلمسّها فتحاول الابتعاد بنفور لكنه أقوى منها فخلع عنها حجابها واتسعت عيناه بانبهار وهو يتأمل خصلاتها السوداء الطويلة جدًا يغمغم باسمها بصوت ثقيل ويقبل خصلاتها بما يشبه الهوس وكأن عقله انفصل عنه تمامًا ..! وهي تحاربه بكل ذرة من كيانها و رائحة الخمر التي تفوح من أنفاسه تزكم أنفها و تصيبها بالغثيان ليلكمها بشكل مفاجئ فتدور رأسها وتهدأ حركتها بعض الشيء دون أن تفقد وعيها أو تستسلم له للحظة . نزلت دموعها بقهر حين سمعت صوت تمزق عباءتها وشعرت بكفيه ينتهكا حرمتها فحاولت الصراخ من جديد دون نتيجة لينتهي الأمر في دقائق معدودة بصرخة مختلفة .. أيضًا لم تظهر للعلن ! صرخة صامتة لا صوت لها ولا صدى لكنها ترددت داخل روحها فشقتها بهديرها المرتفع . صرخة أنثى أبية تحولت لحطام .. صرخةً في وجه البشاعة التي تعرضت لها .. وأخيرًا صرختها خرجت للعلن وهي تنتفض من فوق وسادتها برعب لتجد عينين زرقاوتين في انتظارها يجلس صاحبهم متربعًا على طرف فراشها وكأنه يشاهد عرض ما باستمتاع بينما يقطع التفاح بسكينها الخاص الذي تخبئه عادةً أسفل وسادتها وصوته هادئ مترافق مع ابتسامة لا تخرج إلا من مختل : " Welcome back Silver " نهاية الفصل الثاني قراءة سعيدة ❤️ | |||||||
|
| |
|
| أدوات الموضوع | |
| انواع عرض الموضوع | |
|
|
4011Likes
العرض العادي
