آخر 10 مشاركات
غريب الروح * مميزة ومكتملة * (الكاتـب : Heba aly g - )           »          ليلة مع زوجها المنسي (166) للكاتبة : Annie West .. كاملة (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )           »          جددي فيني حياتي باللقاء *مميزة ومكتملة* (الكاتـب : وديمه العطا - )           »          لحظات صعبة (17) للكاتبة: Lucy Monroe *كاملة+روابط* (الكاتـب : ميقات - )           »          نيران الجوى (2) .. * متميزه ومكتملة * سلسلة قلوب شائكه (الكاتـب : hadeer mansour - )           »          الانتقام المرير - ليليان بيك (الكاتـب : سيرينا - )           »          المتمردة الصغيرة (25) للكاتبة: Violet Winspear *كاملة+روابط* (الكاتـب : monaaa - )           »          القليل من الحب (81) للكاتبة Joss Wood .. كاملة مع الرابط (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )           »          جنون المطر (الجزء الثاني)،للكاتبة الرااااائعة/ برد المشاعر،ليبية فصحى"مميزة " (الكاتـب : فيتامين سي - )           »          شموخ لا ينحني -قلوب شرقي(خليجي)-للمبدعة: منى الليلي(أم حمدة) *مكتملة & الروابط* (الكاتـب : أم حمدة - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > الروايات الطويلة المكتملة المنفردة ( وحي الأعضاء )

Like Tree247Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 18-06-22, 03:24 PM   #91

اماني راكان

? العضوٌ??? » 355019
?  التسِجيلٌ » Oct 2015
? مشَارَ?اتْي » 86
?  نُقآطِيْ » اماني راكان is on a distinguished road
افتراضي


حاتم ليش قال كذا 😨😨😨😩
الكاديّ likes this.

اماني راكان غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 18-06-22, 05:38 PM   #92

Booo7

? العضوٌ??? » 409773
?  التسِجيلٌ » Oct 2017
? مشَارَ?اتْي » 65
?  نُقآطِيْ » Booo7 is on a distinguished road
افتراضي

اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد كما صليت على سيدنا إبراهيم وعلى آل سيدنا إبراهيم وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد كما باركت على سيدنا إبراهيم وعلى آل سيدنا إبراهيم في العالمين إنك حميد مجيد

لا تنسوا الباقيات الصالحات

سبحان الله

الحمد لله

لا إله إلا الله

الله أكبر

لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم

الكاديّ likes this.

Booo7 غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 19-06-22, 12:33 AM   #93

الكاديّ
 
الصورة الرمزية الكاديّ

? العضوٌ??? » 490082
?  التسِجيلٌ » Jul 2021
? مشَارَ?اتْي » 300
?  نُقآطِيْ » الكاديّ is on a distinguished road
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة الخلووود°` مشاهدة المشاركة
يالله ماتوقعت ردة فعل زينة كذا 😭
ننتظرج متى ينزل البارت
يالله هذا البارت في الطريق ✨


الكاديّ غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 19-06-22, 12:35 AM   #94

الكاديّ
 
الصورة الرمزية الكاديّ

? العضوٌ??? » 490082
?  التسِجيلٌ » Jul 2021
? مشَارَ?اتْي » 300
?  نُقآطِيْ » الكاديّ is on a distinguished road
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة اماني راكان مشاهدة المشاركة
حاتم ليش قال كذا 😨😨😨😩
قربنا 🏃🏻‍♀ بنعرف ليش قال كذا في البارت الجاي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة booo7 مشاهدة المشاركة
اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد كما صليت على سيدنا إبراهيم وعلى آل سيدنا إبراهيم وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد كما باركت على سيدنا إبراهيم وعلى آل سيدنا إبراهيم في العالمين إنك حميد مجيد

لا تنسوا الباقيات الصالحات

سبحان الله

الحمد لله

لا إله إلا الله

الله أكبر

لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم

اللهم صلِّ وسلم عليك يارسول الله
جزاك الله خير ✨


الكاديّ غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 19-06-22, 12:59 AM   #95

الكاديّ
 
الصورة الرمزية الكاديّ

? العضوٌ??? » 490082
?  التسِجيلٌ » Jul 2021
? مشَارَ?اتْي » 300
?  نُقآطِيْ » الكاديّ is on a distinguished road
افتراضي

بسم الله الرحمن الرحيم

*
*

لا تلهيـكم الرواية عن الصـلاة

*
*

الفـصل الواحـد والعشـرون






-
استيقظ صباحًا على ألم يده المتنملة التي ما زالت تنام عليها زينة ، أغمض نصف عين بسبب أشعة الشمس المتسللة من خلف الستائر رغم ثقلها ، تأبى التواري والظلام فتتراقص من بين جنبات السحاب والجبال والشجر حتى تُنير القلوب الباهتة
التفت نحوها ، نائمة بعمق كالمقتولة ، يقسم أنها لم تشعر به وباحتضانه التملّكي إليها
اقترب منها رغبةً منه في هدنة ، دون تملّص وتمنّع ومكابرة
قبّل جبينها بعمق ليتفاجأ بالحرارة العالية التي تحترق بها
وللتو فقط ينتبه لأنفاسها شبه المتلاحقة ، والساخنة
همس قُرب اذنها :
زينة !
همهمت بكسل بعد مناداته المستمرة ، لم تقدر على فتح عينيها وصوته يزعجها أكثر
همس حاتم بحُب مخلوط بقلقه :
حياتي قومي ، أنتِ محمومة
رقّ قلبه مئة مرة لتعبها هذا الذي يعلم تمامًا أنه لم ينتج سوى من صدمتها وكبتها لمشاعرها دون تحدّث
سحب يده من أسفلها ببطء شديد حتى لا يؤذيها وفي هذه اللحظة فتحت عيناها ليصدم أكثر بعينيها المحمرة
لا بد أنها قضت ليلتها باكية في حلمها وواقعها ..
وضع يده على خدها قائلًا بهمس حانٍ :
تراش مولعة ، قومي تنشطي وكلي شيء عشان تاخذي دواء
أغمضت عيناها وهي منزعجة من تعبها ، ومن بُعدها عن أحضانه بعد أن كانت متنعمة بالدفء
همست بصوتٍ مبحوح نتيجة نومها ، وعقلها ما زال في حالة اللاوعي :
خذيت حبوب !
عقد حاجبيه ، ثم رفع نظره للكمدينة القريبة من جهتها فوجد شريط " بنادول نايت " وشريط مسكن ورديّ اللون
شعر بالغضب عليها ، ومن تصرفها اللامحسوب .. وهو يرى خلّو شريط البنادول من حبتين .. المجنونة ستقتل نفسها
زفرّ بخفوت ، لتعود نبرته الحانية :
قومي وخذي شاور عشان تبعدي الحمة عنش
همهمت بتعب ، ثم قالت بعد صمتٍ بسيط :
حاتم ، بردانة !
هدر قلبه بعنف ، ليس لشكواها .. بل بالنبرة الغريبة التي نطقت بها اسمه
كأنها تناديه ، تستدعيه إليها .. كأنها تقول له دثرّني ، أعدني إلى دفء حضنك
عاود احتضانها وهو يهمس بعمق عاطفته :
يخسي البرد .. تعالي ما عاش من يردّش
-مسح على شعرها ورأسها ينام على كتفه هامسًا-
أنا موجود ، بعيد كنت ولا قريب بظل موجود ، وش حدّش على الكبت وهالصدر مفتوح لش ؟ وش حدش على مواري الليل والعتمة وقلبي ينيرش ؟
مرشد رجع ، مب هذا اللي تمنيته ولو إنش ما قلتيه .. وش تالي هالصد والحرمان بعد ما جاش ؟
-صمت قليلًا ليُردف بصوت هامس موجع وهو ينظر لها-
إذا هذا مرشد ، أبوش ونظر عينش وكل حياتش .. وش بكون أنا ؟
آخ يا بنت عمّي !
شوفي وجهي المخذول ، هذا مكاني من سنين ولو تدري ترا تلبسّني الخوف من المجهول ، خايف أمشي وأصير محروم
كان يعلم أنها لا تعي ما يقول ، وربما لا تسمعه
لتعمقّها الشديد في النوم نتيجة المسكنات التي أخذتها
لكنّه كان يريد الإفصاح فقط ، يريد إخلاء ما بداخله نائمة كانت لا تسمعه أو مستيقظة ولا تسمعه أيضًا
لا يعلم متى سيجد الجرأة لقول الكثير مما يخبئه ، لا يعلم متى سيقف أمامها متلبسًّا بشعوره الجديد ليسقيها من طوفانٍ يجعلها تنضب وتُزهر مثل أشجار الربيع بعد جفاف شتاءها وتساقط أوراق خريفها
تركها مرتاحة على السرير الوثير ودخل إلى دورة المياة ليستحم ويبدأ يومه الطويل ، ارتدى ملابسه على عجل
وكل فكرة تتصارع مع آخرى لتُعلن انتصارها
نظر لتمددها على السرير ، سيفعلها من أجلها .. من أجل أن يعود لها بصورة أنظف .. فتستقبله بصورة أنقى
خرج وأغلق الباب خلفه وتوجه مباشرة نحو مجلس الرجال حيث ينام عمّه ..
وسرعان ما اتسعت عيناه بصدمة والمنظر أمامه جعل قلبه القاسي ينبض بشدة سريعة
عمه مرشد نائم في منتصف السرير الصغير ، في حضنه حسن متمسك بياقة ثوبه ومن خلفه الحارث متمسك بيده
والثلاثة نائمون بعمق شديد .. يالله هل الوجع ما يجعلهم ينامون بهذه الصورة العميقة التي لا تعي ولا تفقه ما حولها أم هي الصدمة التي لا يستحملها الجسد فيدخل في نوبة ضعفٍ وغرق ؟
اقترب منه عمه بخطوات خفيفة ، هزّه من عضده بخفوت هامس :
عمي ، عمي مرشد ؟
فتح مرشد عينه بصورة سريعة ومفزعة لحاتم ، ليقول بنبرة مبحوحة خائفة :
ايش في ؟ بنتي فيها شيء ؟
ابتسم حاتم بطمأنة لعمه ، حتى وابناءه ينامون في حضنه ما زال على لسانه ابنته
جلس على طرف السرير وهمس بخفوت :
بنتك نايمة ، وش اللي صار هنا عمي من اللي جاب الحارث والحسن ؟
ألقى مرشد نظرة سريعة على الحارث وأركز نظراته نحو الحسن ليرفع عيناه الدامعة نحو حاتم المندهش :
ليش ما قلت لي عنه ؟
اجترع حاتم ريقه ، ما بال قلبه لم يعد يحتمل هذه النبرات الموجوعة ، همس :
أنت ما تدري عنه ؟
ولوهلة استوعب غباء سؤاله ، فاستدرك بقوله :
اعذرني عمي .. وسط هذه الفوضى ما جاء على بالي إلا زينة
-ثم استطرد بإيضاح-
أم زينة كانت حامل بعد ما رحت أنت ! يعني عمر الحسن من عمر غيابك
حاول انتقاء أقل الكلمات ضررًا لقلبه ، فلم يقوى على قول " موتك المزعوم " بل ذكر الغياب .. وهو أهون من الموت
مسح مرشد على شعر الحسن بخفوت ، وقلبه يرتعد بداخله :
عرفني .. من أول ما شافني عرفني وأنا ماعرفته .. كيف كذا ؟
هزّ كتفيه وهو يقول بثقة :
من زينة أكيد ياعمي ، من اللي جابهم ؟
مرشد باجتراع لريقه الجاف :
عبدالرحمن جابهم أمس بالليل بعد ما دخلتوا الغرفة ! ما توقعت ألقى هالاستقبال منهم بالذات !
ربت على كتفه هامسًا :
الحرمان يوجع يا عمي وعيالك جربّوه وتجرعوه فمالهم حيل ولا طاقة على الصد ..
اليوم الحارث والحسن وبكرة زينة بإذن الله
مرشد بنبرة قلقة :
زينة شخبارها ؟
وقف حاتم وهو يقول بجدية وصدق :
تعبانة شوي صايبتنها حمى وبعذرها ياعمي ، هي ماخذه مسكنات الحين وما أظن بتقوم قبل الظهر بس طلّ عليها وصرّ على موقفك علّها تلين !
هزّ رأسه ليقول بإستفسار:
وين رايح أنت ؟
حاتم بثقة وهو يتأكد من وجود مفاتيحه وجميع حاجياته:
عندي مشاوير مهمة تأجلت كثير ورايح اقضيها ، العاملة موجودة هنا .. البيت بيتك ياعم والعيال جنبك ! الله الله فيهم
همس مرشد وهو يرّبت على كتفه :
لا توصيني على عيوني وروحي .. توكل الله ييسر لك دربك
تنّهد حاتم وهو أحوج ما يكون لهذه الدعوة ، خرج وهو يتوكل على الله ليعينه على قضاء حوائجه التي طال تأخيرها




-
وقف حاتم أمام منزل زيد واتصل به اتصال قصير قطعه زيد لدرايته السابقة بقدومه ، فتُح الباب وخرج زيد الذي سلّم على حاتم بمودة خالصة ليقول بمرح :
أخرّت الموضوع سبع سنين وداخل في السنة ثامنة ما حبكت عليك إلا لما تزوجتها ! تبغى تنكّد علي اعترف
ابتسم حاتم ابتسامته الرجولية ليقول :
ما قلت لك من قبل كل شيء في وقته حلو ؟ وينها هي ؟
ربّت على كتفه بمساندة شاكرًا لمبادرة حاتم وإن جاءت متأخرة ليردف بجدية :
ادخل المجلس وبجيك ، بنات خالتي هنا وهي معهم داخل بالصالة
هزّ رأسه واتجه نحو المجلس بعد أن تجاوز جناحهم والمطبخ الخارجي الوحيد
بينما اتجه زيد نحو الصالة ليقول بصوت عالي :
بدخل يا جماعة !
ليأتي صوت خالته بنبرة مرحة :
ادخل ماحولك احد مفصخّ حتى مرتك
ابتسم زيد وسرعان ما ضحك على نظرة أميمة المنحرجة والتي كانت ترتدي جلابية فخمة من الحرير الناعم والمشكوك بالخرز بشكل أنيق وفخم في ذات الوقت ، ترتدي كامل ذهبها كعادة العروس العُمانية في أسابيع زواجها الأولى :
التجمع هذا يحسسني بالخطر ، أنتِ وهي وش عندكن ملتمّات على مرتي ؟
قالت ابنة خالته الوسطى بنبرة مرحة كمن اعتاد على وجود زيد كأخ ثامن في حياتهم :
نعطيها اقتراحات لدول شهر العسل لأننا نشوفها ساكتة وما نطقت بكلمة مثل باقي العرايس !
اقترب زيد وجلس بجانب أميمة وسط ابتسامة والدته الهادئة :
ومن قالش أنتِ أن عروستي مثل باقي العرايس ؟
احمّر وجه أميمة بقوة مما جعل الضحكات من حولها تتعالى لتقول ابنة خالته الآخرى :
افهم من كلامك إنك اخترت شهر عسل هالمسكينة وين بيكون؟
زيد بثقة ضرب على صدره براحة كفه :
افا عليش وش تظني ولد خالتش ما يعرف يخطط ؟ ترا يمدحوا خريف صلالة هالسنة وجالس انتظره بفارغ الصبر
تعالت الاعتراضات من حوله ووبخته خالته نعيمة وسط ضحكاته المستمتعة على إغضابهن :
يا جعلك بالغناة ، صلالة عاد .. أحد يروح صلالة شهر عسل
زيد بضحكة وهو يلتفت لوالدته :
والله بلادنا أولى نسافر فيها ، صلالة خطوة أولى .. الخطوات الجاية بتكون رأس الحد والجبل الأخضر ورملة الشرقية
ولا وش رأيش يمه ؟
ضحكت والدته ضحكه ارتاح لها زيد كثيرًا ، وضربت خالته فخذه القريب منها بحنق :
ناوي تلف بالبنيّة الصحاري والبراري والشواطيء والجبال ؟ أخس عليك من عريس بخيل
ضحك زيد ثم مسك كف أميمة ليقف وتقف خلفه وهو يقول بضحكة واثقة :
زوجتي راضية يا خالتي ، وش عليكم أنتو بعد رضاها ؟
اتبع سؤاله بقبلة على ظاهر كفّها متعمدًا إحراجها أكثر وأكثر ، فهو يراها صامتة منذ أن دخل وربما منذ أن كان خارجًا .. لا يعلم ربما لم تعتاد على وجود بنات خالته وخالته بعد ، فهم لا يتلقون كثيرًا مع أهل والده رغم أنهم أبناء عم :
عن إذنكم أبغى مرتي بكلمة رأس
-التفت لوالدته لينحني ويقبّل رأسها هامسًا -
افدا وجهش الباسم ، ايه اضحكي يمه محدن يستاهل تنشال هالبسمة عشانه
ابتسمت والدته برقة ، لو قيل لها أن آخر ما قد تراه في حياتها هو هذا الوجه لكانت راضية
فالكون كلّه بكفة ، وزيد وقلب زيد وحياة زيد بكفّة أخرى وأرجح وأثقل
خرجا زيد وأميمة لتسحب أميمة يدها فور خروجهما وتقول بنبرة خجلة :
زيد أرجوك لا تحرجني كذا قدام أمي نعمة والبنات مرة
التفت لها زيد بابتسامة وهو يقول بجرأة غريبة عليه :
الحين المدحة والبوسة تحرجش ؟ بعدش ماشفتي باقي مواهبي الخلابة
كحّت بحرج فظيع ، يالله لم تكن تعلم عن هذا الجانب من شخصية زيد أبدًا .. ظنّته هادي الطبع رقيق الخُلق عذب اللسان ، لكن يبدو أن هُناك مفاجأت مخبأة تحت غطاء شخصيته المثالية بعينها
انتبهت لطريقهم فأردفت بإستفسار:
وين رايحين ؟
أمسك كفها مجددًا ليقول بجدية :
الشخص اللي المفروض تلتقي فيه أمس هذا هو جاء اليوم
ارتبكت فجاة ، فـ بالأمس وسط ربكة صباحيتها وخبر عودة عمها مرشد من الموت لم تترك لهم مجالًا للتفكير في أي شيء آخر فلم تنتبه لكلام زيد الصباحي
عدّلت حجابها بشكل أستر :
من هو هالشخص ؟ زيد لا تربكني
فتح باب المجلس بصورة سريعة لم تترك لأميمة ولا لحاتم مجالًا للإستيعاب ، شهقت أميمة فجأة وتقدمت لتقف في المنتصف
تنقل نظرها بين زوجها وأخيها ، بنظرات خائفة مرتعبة ونبرة مرتجفة :
وش فيه وش ؟ أمي فيها شيء .. أبوي !
تقدّم زيد وأمسك كتفها :
تعوذي من إبليس يا بنت الحلال عمي وخالتي مافيهم شيء بسلامتهم ، أخوش الكبير جاي يبغاش بكلمة رأس
جلست على طرف الكنبة سريعًا ويدها على قلبها السريع بنبضاته ، رؤية وجه حاتم -ويا للأسى- انبأتها بالسوء والوجع
التفتت نحوه ثم قالت بابتسامة مرتجفة وسط صمت حاتم :
خاطرك بشيء حاتم ؟
نقل نظر بينهما ، ليجلس زيد على الطرف الآخر بنظرة منه .. كأنما قال له " فـ لتساندني اليوم فإن أمري جلل ، ومصابي أعظم "
بعد صمتٍ مطبق من حاتم أردف بهدوء جاد :
بكون بخير لا وصلت للي جاي عشانه اليوم !
ارتبكت لوهلة ، هل سيطلب منها حاتم شيئًا ما حقًا ؟ أكملت بجدية مزيفة :
تبشر باللي جاي عشانه يا أخوي .. قول اللي بخاطرك
تردد حاتم للحظة ، لكن صور كثيرة تشكلّت أمام ناظريه أمدته بالقوة والصبر على ما سيُقدم عليه .. فقال بصورة سريعة ونفس واحد :
تسامحيني على اللي مضى ؟
نظرت له بعدم إستيعاب ، يبدو أن ما سمعته لم يدخل إلى أذنها بذبذباته الصحيحة ، فخرجت الكلمة منها لا إراديا:
هاه ؟
شدّ على قبضة يده ، يشجع نفسه على الإفصاح أمام أحبائه بدلًا من الجمادات :
سرقت من عُمرش سبع سنين بقسوتي عليش ، زرعت في صدرش الخوف وحصدت منش الصدّ .. ما صرت الأخو اللي تتمنيه ! وهذه السنين كانت ثقيلة على قلبي ، والله ثقيلة
أطالبش بالتخفيف علي ، تسامحيني على اللي مضى ؟
ظلت تنظر إليه لدقائق طويلة أربكت زيد أكثر مما أربكت حاتم الواثق من قرارها .. فهو رأى إنهيارها حينما إنهار قبل ليلتين في منزل والده وكان واثقًا تمام الثقة أن بقلبها بذرة حب لم تمت له
وفي ثواني معدودة كانت ترتمي في حضنه وتُشاهق بعبراتها ، تسابق الدمع في المحاجر والتنهيدات في الحلوق
احتضنته بشدة كما انحرمت منه .. احتضنته بأسى وحُب ، بقلبٍ وعين ، بحنيّة وإحترام
لم يقض حاتم الوقت في التردد بل بادلها الاحتضان سريعًا وهو يربّت على ظهرها ليخفف عنها الحمل الذي أراد التخفف منه
شدّت على احتضان غير مصدّقة لما تسمع ، هل حقًا عاد .. عاد أخيها مثلما كان ، الأنقى والأصفى بلا شوائب ولا رتوش ؟
بلا قسوة ولا سوادٍ ولا نفورٍ ولا وجل ؟
عاد بعد أن بكت أمنياتها بعودته ، عاد بعد أن انتقلت من بيتها لبيتٍ آخر ، عاد قبل أن يفوت الآوان
عاد ، نعم عاد .. شعرت بعودته لطبيعته من نبرة صوته ونظرة عينيه التائبة الراجية للمغفرة :
ما سرقت سنيني أنا أهديتها لك طوعًا ، ما زرعت فيني إلا المهابة وما خلّفت إلا الاحترام .. طول عمرك الكبير ياخوي ، طول عمرك الكبير بعيني والكبير بقلبي !
مسموح ذنبك ، وذنبّك تعداني يا نظر عين أختك
تنّهد بقوة ، روحٌ واحدة استّل من إثمها .. دمٍ أوّل استحال للنقاء من الشوائب .. ها قد بدأ أول الخطوات ويالها من راحة عظيمة فكيف بالطريق الباقي ؟
همس وما يشعر به سوى الامتنان :
الكبير قلبش اللي ما صخى بأخوش بعد سواياه ، مبروكٍ عرسش يا أميم .. مبروك على قلبي غفرانش !
ابتعدت عنه وهي تقبّل جبينه قبلتين متتاليتين ، وأودعت الأخيرة على رأسه وهي تمسح دموعها
وسط ابتسامة زيد المرتاحة جدًا .. فحاتم ليس بحاتم السنون التي مضت .. هذا رجل بدأ بخوض طريق التغيير ! وبدأها بطلب المسامحة
وقف حاتم لتقف معه أميمة ثم زيد ، هتف بابتسامة هادئة :
مسحي دموعش لا يخاف منش الرجال ، أنتِ دموعش إذا نزلت ما يوقفها إلا الشديد القوي
ابتسمت بضحكة صغيرة وهي تمسح دموعها بشكل متتالي ، لكن عيناها تدمعان بشكلٍ لا إرادي
راحة خياليّة ، إستكنان عجيب ، اطمئنان وهناء .. هذا ما تشعر به الآن بعد مسلسل البُعد والابتعاد :
اجلس تغدى معي .. الله يخليك
هزّ رأسه نافيًا ليقول بجدية :
تونا بداية الصبح ، وأنا وراي مشاوير لين قمة رأسي
لكن وعد ، ووعد الحر دين .. لش مني عزيمة أنتِ وزيد
قالها وهو يلتفت نحو زيد الباسم ليضحك :
الله الله ما نردّ كرايم أبو سيف ، لا بالله مايردها إلا اللئيم
حاتم بابتسامة يهزّ رأسه بلا فائدة ، ليلتفت نحو أميمة بذات الجدية :
الله الله في بيتش وزوجش ، حطيه هو وأمه بعيونش ترا رأس ماله هذيك الأم الطيّبة ! وأنا أوصيش من قدامه وأنبّهه من قدامش وماني مميّز واحدٍ عن الثاني ، كلكم عينين على الرأس
اثنينكم فكّروا بقلوبكم قبل كل خطوة زعل ، وحطوا أوراقكم على طاولة التفاهم .. وأسرار بيتكم اقفلي عليها في الغرفة
-انحنى ثم قبّل رأسها ببطء -
خلي بالش من نفسش !
توترت أميمة للحظة ، لكن عاطفتها الجيّاشة هذه المرة غلبت على توترها فلم تترك لها فرصة للتفكير في أمور سيئة
احتضنته برقة ثم ابتعدت وهي تبتسم في وجهه بخفوت ، ليودّع زيد على باب المجلس ويخرج
تنّفست بعمق وقلبها ما زال يرعد بداخلها ، ما زالت لم تستوعب ما حدث بالضبط
شعرت بيد زيد على طول كتفها ، واحتضانه لها حتى بات نصفها داخل صدره ورأسها يصل لبداية عنقه ! ثم همست :
ماني مصدقة اللي أشوفه
تنّهد زيد وهو الآخر شعر بتغيّر حاتم ، رغم علمه المسبق بحيثيات هذه الزيارة وما الغرض من وراءها :
سبحان مغيّر الأحوال ، وسبحان اللي ما يعلم اللي في القلوب سواه .. قبل يومين كاره الدنيا ويائس منها واليوم شوفة عينش
-التفت لها ثم ابتسم بمرح-
حطي في بالش هذه المرة آخر مرة أشوف فيها دموعش ، غير دموع الفرح طبعًا
والحين خبريني .. وش رأيش بصلالة ؟
ضحكت بلا إرادة منها هذه المرة متناسية خجلها من قربه ورعدتها من وجود حاتم ومسامحته الرقيقة
فضحك هو الآخر وقبّل جبهتها بخفوت ، ليجرّها نحو جناحهم ويغلق عليهما الباب بخفة





-
بعد خروجه من منزل زيد اتجه للوجهة الآخرى ، منزل طفولته .. حيث جدته عزيزة المنهمكة في حزنها وصدمتها على فقيد قلبها الذي عاد من الموت
دخل مباشرةً إلى غرفة الضيوف حيث يوجد سرير كبير لجده وجدته ،
فوجدها متمددة عليه بهدوء وصوت القرآن يصدح من مسجل راديو قديم لا تستغني عنه مهما حصل
اخفض صوت القرآن ، جرّ الكرسي البلاستيكي من خلفه وجلس بالقرب منها
قبّل رأسها ثم همس بنبرة حانية لنظرة جدته التعبة :
اللي ولدها يرجع من الموت تمدّ بساط الصدقات والبركات للفقراء والمساكين واليتامى وتقضي يومها على السجادة تشكر ربها وتحمده !
من اللي تمنى هالشيء اللي ما يعجز على الله وينهار لما يتحقق ؟
مسحت الجدة عزيزة دمعتها بطرف الشيلة السوداء الطويلة التي ترتديها ، ولم تنطق بحرف
كأنما تنتظر أن يُخفف عنها أحدٌ ما :
يمه توفوا عنّش نص أخوانش ، فقدتي أبوش في عمر صغير وماتت أمش بعد صراع مع المرض .. صبّرتي قلبش عنهم بس ما صبّرتي قلبش عن ولدش !
ويوم رجع لش من الموت استقبلتيه بهالطيحة ، يستاهل مرشد يمه ؟
ارتجف صوتها بوهن :
خذني على قد عقلي !
أردف حاتم بإندفاع :
عقلش يوزن بلد يا شيخة آل خاطر كلهم ، أنتِ الصامدة في وجه المصايب والابتلاءات تطيّحك نعمة من ربي ؟
عزيزة بإرتجافة قلبها الذي لا يصدق حتى الآن :
الخبر أوجعني ! ما ظنيته يوجعني
حاتم بذات النبرة المندفعة :
كله من مسوّد الوجه حويمد أبو كلام زايغ ، ما عرف ينقل الخبر صح وصار اللي صار .. بس يمه قومي وحيلش فيه
ابتسمت جدته بتعب فظيع:
هو صدق حي ؟
مسك يدها ، قبّلها بعمق ثم قال بحنيّة لا تخرج إلا لأعز ما في قلبه :
حيّ والله حي ، وواجعه صدّكم له ! لمّوه يمه والله إنه ما يستاهل من يبخص في استقباله .. مرشد طول عمره بعيوننا شامخ وعزيز
ساعدها حاتم في الاعتدال لتجلس بطريقة مريحة على السرير وتقول بنبرة جادة رغم بحتها :
جيبه لي ، خليني أأدبه مثل ما أدبته يوم كان ابن الطعش ، خليني ألطم خدوده وأعاقبه على سواته فينا قليل الشيمة !
ابتسم حاتم وفلتت منه ضحكة قصيرة :
عزّ الطلب يالشيخة ، عزّ الطلب
-التفت نحوه ليقول بإستفسار-
وين أمي والبنات ؟
مسكت الجدة عزيزة مسباحها وبدأت بالحوقلة ، فرغم كل المصائب التي تأتي تباعًا لا يكون ضمادها إلا الحوقلة والتوكل على الله :
بغرفتها !
خرج حاتم من غرفة الضيوف وصعد إلى الطابق العلوي متجهًا إلى غرفة والديه ، طرق الباب وفتح ربعه ليقول :
يمه !
جاء صوت والدته من داخل الغرفة :
تعال أبوي
دخل حاتم للداخل ، ولم يستغرب حينما رأى دموع والدته تسيل على خدها تشاطر أبيه الألم وتشاطرهم كأبناء أخٍ لمرشد :
صبحش الله بالخير يالغالية
ابتسمت أم حاتم رغم دمعها السائل :
بالنور والسرور أبوي أنت ، اجلس !
جلس بالقرب منها على طرف الكنبة الصغيرة ، همست بودّ :
وش أخبارك ؟
انحنى ثم قبّل يدها هي الآخرى ، اقترب منها دون ذرة خجلٍ وتردد ..
وأراح رأسه على كتفها :
أخباري كلها مشتاقة لش يمه
اندهشت أم حاتم من تصريحه المباشر .. السنوات الفائتة وما قبلها كانت كفيلة بأن تضع حاتم في موضع الخجل من التنّعم بحضن والدته .. فهو على مشارف الـ 33 ولا يليق به - حسب ظنه - أن يرتجي حضنها كلما كبر
ربّتت على كتفه بحنيّة خالصة ، ومن كحنيّة الأمهات :
وش هالوجع اللي بصوتك رغم الشوق اللي جايني فيه ؟
اندهش حاتم هذه المرة ، كيف استشّفت والدته هذه النبرة - الموجعة - مثلما قالت ؟ هل من المعقول أنها تشعر بمشاعره صغيرة كانت أم كبيرة :
قول يا حاتم ، خلّي سنين القسى تمشي من قدامنا وقول اللي بخاطرك بدل ما تقولها بالصمت والنظرات
أغمض عينه وكبت تنهيدة وجع كادت تحرق صدرها :
يمه ساعديني ! كيف أمد حبال الوصل إذا كنت أنا الجاني ؟
أم حاتم بنبرة دافئة :
شايف نفسك غلطان ؟
حاتم بذات الوجع :
وكثير يمه ، كثير ياكثرها أغلاطي !
مسحت على ظهره بحنيّة قصوى ما وُجدت إلا لأول فرحتها :
الغلطان يعتذر ، والإعتذار من شيم الرجال
ابتعد من حضنها وودّت لو أن تقول له " عُد ، فما بال هذا الصدر يصبح باردًا ببُعدك عنه" لكنها آثرت الصمت فهي لا تستطيع أن تتنبأ بخطوة حاتم التالية
تفاجأت به بعد ثواني وهو يقبّل رأسها بعمق شديد :
آسف يمه ، آسف على عقوقي !
أم حاتم بجزع مسكت به عضده :
أعوذ بالله ما جاني من عقوقك شيء ، إلا والله إنك البار بي ومحدن أبر منّك علي.
ابتسم حاتم بوجع شديد ، وجع بات يرافقه منذ فترة :
راضية عني يمه ؟
أم حاتم بعجلة حانية :
راضية عليك دنيا وآخرة ، الله ينوّر دربك ويصلح بالك ويهدي سرّك
وقفّ من مكانه وهو يتنّهد بصعوبة بالغة .. ها هو يجد الغفران من حبيبة عينه ورضى حياته ، ولا شيء أجمل من رضاها حتى يسلك باقي طريقه مرتاحًا مطمئنًا :
مابي غير هالدعوات يمه ، حفيّني بها
قبّلها ثم وادعها ليخرج وهو يدعو الله أن يتم دعواتها ويحققها ، فما يرجوه سوى صلاح البال ونور الدرب القاسي الذي عزم على سلكه دون مساندة
بحث في الطابق العلوي عن حسّ مخلوق لكنه لم يجد أحدًا وشعر باليأس يتسلل لقلبه .. لا بأس ما زال هُناك وقت
سيعود ، لا مُحال سيعود


-
ها قد تبّقى لديه مشوارين ، أحدهما في طريقه إليه والآخر سيؤديه بعد الإنتهاء من الأول !
دخل على الغرفة الخاصة لمريم في المستشفى بوجهٍ مجهد وجاد ، ها هي الشمس قد غربت وها هو قد أتمم أموره
ولم يبقى له سوى التنفيذ .. ومهمته باتت أشد صعوبةً من قبلها
توترت مريم من دخوله المفاجيء ، نظرت لخلفه ولا تعلم لما شعرت باليأس والأسى حين لم تجد المعنيّة وراءه
همس حاتم وهو يدلّك المسافة ما بين عينيه :
جاهز عمتي ؟
اجترعت ريقها بخوف ، حادثها الأخير جعلها في أشد حالاتها هشاشة .. فأصبحت تخاف الغدر من أي يُحدث بها عاهة آخرى غير التي أحدثها أخيها ، من لحمها ودمها :
جاهزة لايش ؟
بجدية بالغة أردف :
من المستحيل إنش ترجعي بيت أخوش وتعيشي فيه بعد سواته فيش .. جهزنا لش شقة ولدش الحارث وراح تعيشي فيها معززة مكرمة ، أنا اتفقت مع زينة
مريم بذات النبرة القلقة ، تتمسك في طرف الوشاح :
زينة وينها ؟
تنّهد حاتم بخفة :
زينة مريضة شوي عمتي ، يالله خلينا نطلع الدكتور كتب لش خروج أساسًا ومراجعتش الثانية بعد اسبوعين
نزلت من السرير وصوتٌ بداخلها يأمرها أن تثق بحاتم ، فحاتم يعني زينة .. وزينة عادت متأخرًا لحياتها فلتستمتع لقراراتها هذه المرة ، تذكرت ابنها الحسن الذي كان في بيت أخيها لتقول بجزع :
ولدي ولدي ، ولدي الحسن وينه ؟
قال لها بطمأنه وهو يحمل حقيبتها الصغيرة :
الحسن بأيدي أمينة تطمني
رأى أنه من الأفضل أن لا يخبرها بعودة مرشد الإعجازية ، لسببين .. صحتها النفسية ، وعدم وجود أي علاقة بينهم سوى الأبناء !
قاد الطريق في صمت ، مستشعرًا رجفتها بجانبه ، ما بال تلك القوة التي كانت تتسلح بها وأين اختفت
بعد أن إقترب من موقع الشقة هتف بجدية وهو يعصر المقود بين كفيّه :
ياعمتي ، أنتِ في وجهي وعلى رأسي لا تظني اللي سواه أخوش بنظل مهتمين فيه ! أنتِ على العين والرأس
كنتِ يوم من الأيام زوجة عمي ، وما زلتِ أم زوجتي الغالية
اعتبريني ولدش الثالث .. وحطيني على يمناش
ما تنضامي وأنتِ تحت جناحي بإذن الله
التفت تنظر إليه وإلى شهامته في هذا الموقف ، وكل ما سمعته عنه من قسوة شديدة تبددت في لحظة نخوة واحدة انهمل بها كالغيث على قلبها المصدوم
فآخر ما كانت تتوقعه أن يصبح عشّ أخيها جحيمًا ، وعش غيرها نعيما
هزّت رأسها بإيجاب دون أن تنطق بكلمة حتى وصلا إلى الشقة وصعدا إليها في صمتٍ تام
دخل قبلها لدواعي أمنيّة ، أشعل المصابيح لتُنير الشقة بشكل مفاجيء .. شقة متوسطة الحجم بثلاث غرف وصالة ومطبخ و4 دورات مياة
قام بتعديلها سريعًا دون أن يغير الكثير من الأثاث فيها لضيق وقته :
الشقة كنّا نستخدمها آنا والشباب لما نرجع من دواماتنا وننام فيها عشان كذا تشوفيها شقة عزابية .. بس تراها حلال ولدش
وحلال ولدش حلالش .. والشقة من اليوم محلّش
خذي راحتش فيها
نزعت عبائتها ونقلت نظراتها الزائغة حول الشقة ، هتفت بقلق :
بجلس وحدي ؟
هزّ رأسه بالنفي ، ليُردف :
أنا مقدم على عاملة بالساعات حتى تكون تحت أمرش والليلة بتكون معش .. إن شاء الله من الليلة الجاية بجيب الحسن وزينة معش
دعكت كفيها بتوتر :
والحارث ؟
ابتسم حاتم بتعب :
والحارث إن شاء الله .. تآمرين على شيء ؟
همست مريم بخفوت شديد :
لا ، مشكور يا ولدي واسمح لي أتعبتك معي !
اقترب وقبّل رأسها ، فيبدو أن اليوم يوم التقبيل العالمي لديه .. لكنّه لا يدري لما يُرسل هذه القبلات كإعتذار آنة ، وآنًا كمؤاساة
خرجت من الشقة بعد أن أكدّ عليها بإقفال الباب جيدًا ، وأخبرها بوجود كامل الملحقات التي تحتاجها من مأكل وملبس وتوجه إلى المشوار الأخير والأثقل على قلبه
/
\
خلال ساعة كان يقف أمام منزل جده عزام ، متكيء على مقدمة سيارته ، مكتفًا يديه أمام صدره وينتظر
يعلم ما ينتظره ، فهو ينتظر خروج قايد دون أن يخبره بقدومه
لأنه واثقٌ تمامًا أنه سيخرج ، فهذا الوقت وقت سهرته في الخارج بعد أن استقال من عمله ولا يجد ما يفعله
ولم يخب ظنّه .. فها هو قايد يخرج من المنزل يراقص مغتاح السيّارة بين اصابعه
لتتجمد حركته فور اكتشافه بشخصٍ آخر يشاركه الموقف
اعتدل حاتم في وقفته ، هتف بنبرة جديّة تمامًا :
لا تهرب !
أمال قايد فمه بسخرية ، همس بنبرة خافتة :
ما هربت من الحصني والذيب .. والموت عشان أهرب منك
اقترب منه حاتم وبذات الجدية :
عارف في هاللحظة إني آخر شخص تتمنى شوفته ، لكن لازم تسمع كلامي
تأفف قايد وقال بلؤمٍ وسأم :
ماعندي وقت ، ولا دقيقة
نظر له حاتم ليردف بعد ثوانٍ من الصمت :
ما يعجز عليك تعطيني من وقتك الثمين كم دقيقة ، اسمعني وسوي اللي تبغاه بعدين
كتّف قايد يديه أمام صدره ليقول بسخرية :
تفضل ياولـد عمـي !
تنّهد حاتم بضيق ، ليهتف بعد دقيقة صمت :
أنت تحاسبنا على أخطاء ماضي ما كان لنا يد فيه ..
قاطعه قايد وهو يعتدل في وقفته بغضب من هذه السيّرة :
أنا أحاسبكم على حاضر تمسكتوا فيه بإيديكم الثنتين
قبض على كتفه ليردف بقوة :
قلت اسمعني وبعدين عساك تكفخني سوي اللي تبغاه
عقد حاجبيه وابعد يد حاتم عن كتفه ، ليُكمل حاتم :
زينة كانت وصيّة عمي لي ، زوجني إياها عشان أحميها .. الحادث اللي سويتها خلاني أخلف بالوصية ولا أتذكرها حتى ! لكن أنت .. أنت يا قايد طول هالسنين قمت بدوري وأفضل
أنا عارف ، ما جيت إلا من كم شهـر .. واللي سويته أنت في هالسنين ما يتقارن بهالشهور
أنت كنت السد المنيع لزينة من خالها ، وأمها ، وحزنها وعزاها .. كنت شايل عنها همٍ فوق هم ولا تذّمرت دقيقة
كل مربط السالفة إن النصيب صار أقوى منا ثلاثتنا .. أنا استأمنك
وهالأمانة بقابلك فيها ربي
-ركزّ نظراته بعينيه ليردف بجدية-
أوصيّك على زينة في غيابي .. اللي حفظها سنين وأنا مغيّب قادر يحفظه سنين قدام وأنا صاحي !
أحميها مثل ما كنت تحميها قبل ، شوفها بنظرة وحدة .. نظرة محرم لها
شعر قايد بجديّة كلام حاتم وصدقه ، ولا يفهم لما يوصيه عليها وهو الفائز بها :
وش فيك تتكلم بهالطريقة أنت ؟
هزّ كتفه ليقول بهدوء عميق وغامض :
ما أثق في أحد غيرك حاليًا ، أمها من صوب وأبوها من صوب وماهي لاقية جدار واحد تحتمي فيه
كون لها هالجدار ، وبكون ممنون لك الباقي من عمري !
صدّ قايد بوجهه بإعتراض ، لا يعجبه هذا الكلام .. يشتمّ منه رائحة سيئة .. رائحة وداع كريهة ربمًا
وبشكل مفاجيء شعر بنبضة قلب مؤلمة تدق أبواب صدره ، متسائلًا بينه وبين نفسه عن ماذا يخطط حاتم
لدرايته الكاملة أن حاتم لا يقول شيء من فراغ
أعطاه ظهره واتجه نحو سيّارته ، يفتح زرّ ثوبه شاعرًا بالإختناق
الوصية ثقيلة ، وهو لم يوصي إلا قايد بها .. فما رأه من أسمى درجات الحُب في قلب قايد مسبقًا يجعله يبعد شعور الغيرة ويضع نصب عينيه شعور النخوة والشهامة
وحينها سيعود .. حتمًا سيعود



-
عاد للمنزل بعد يومٍ طويل أُهلك فيه واستُنزفت به طاقته .. هرع إلى ملاذه ، إلى ملجأ راحته .. اتصل بها عدة مراتٍ لليوم ولم ترد إلا مرة واحدة تخبره أنها بخير وتُغلق الخط في وجهه
لكن وقوف عمّه مرشد واستقباله المتوتر له يجعله يوقن أنها ليست بخير أبدًا :
زينة وينها ؟
تفاجأ حاتم بسؤال عمّه ، ماذا يعني أينها ؟ ألم يتركها نائمة بفعل المسكنات ونبّه عمه على طرق الباب عليها دون كلل أو ملل ؟:
وين بتكون عمي أكيد في الغرفة !
مرشد بتوتر عظيم :
ياولد من لما رحت أنت وأنا أدق عليها الباب ولا ترد ، ولما لقيته مفتوح دخلت الغرفة ولقيتها فاضيّة
هرع حاتم إلى الغرفة بصورة سريعة ، وفكرة الهروب تتفاقم في عقله حتى استحلتّه وأكدّت على مصداقيته ، كانت تُشهر سيف الفراق قبل عدة أيام .. لا بد أنها أعقبت قولها بالفعل
وجد الغرفة فارعة مثلما قال عمه ، وارتعد قلبه بصدره
هذا القلب الذي كان نائمًا منذ فترة طويلة .. يعود ليرتعد لل لينبض فقط بسببها !
تلكأ في وقوفه ، وتنّفس بصعوبة .. وصوت عمه من خلفه يقول له :
الحارث يقول يمكن في الغرفة الثانية بس أنا أعرف إن الغرفة الثانية مخزن ، غير إنها مقفولة وما في دليل على وجود أحد من الاضاءة المقفولة
لمع النور في عقله ، كيف لم يستوعب مسبقًا أنها لن تهرب خارج البيت بل إلى داخل صندوق ذكرياتها
توجه نحو الغرفة الجانبية لغرفة نومهم ومرشد يتبعه مثل ظلّه ، فتح الباب بالمفتاح الإضافي الذي يملكه برفقة مفاتحيه ، وفُتح الباب
ظلام دامس جاء من الغرفة إلا من نور إضاءة حالك تشتعل وتنطفي من شدة قدِمها
تقدم حاتم بسرعة ووقف أمامها ليقول بلهفة عاشق :
زينة !
سمعت زينة اسمها من نبرة تعرفها جيدًا ، رفعت عيناها وسط شرودها
لتقع على عينيه السوداويتين .. شهقت بقوة ووقفت أمامه :
حاتم !
قالتها بنبرة خائفة ، خائفة جدًا لتُكمل بإرتجاف جسد :
وين رحت ؟ وين رحت وخليتني .. كيف تروح أنت وعدتني ما تروح وعدتنيييي
-مسكت ياقة قميصه برعب وعينين دامعة-
حاتم انا بديت انجن ، بديت انجن بسبب هالغرفة وذكرياتها
صرت اسمع صوت أبوي ، وأشوف زوله
قول لي أنا جنيّت صح ؟ أنا جبت الجنون لعقلي بسبب ذكرياتي
هاله منظر رجفتها فاحتضنها بقوة شديدة ، ليُهمس :
بسم الله عليش يا كلّ حاتم بسم الله عليش ! زينة أنتِ إنسانة مصلية وقايمة ، تعرفي إن ربش ما يعجزه عن المستحيل شيء
ابتعدت من حضنه وبإبتعادها فرّت الدموع من عينيها ، هزّت رأسها نافية بعنف :
لالالالا ، لا أنا أحلم ، متأكدة أحلم .. أنا دايم أحلم وأهرب من الواقع لهالغرفة ، صح أنا أحلم ؟
كان كلامها بالبداية تقرير واقع ، ليُصبح على آخره كلام غير جدير بالصحة والثقة :
يالزيـــن !
جاءت هذه النبرة من خلف حاتم ، نبرة جعلتها ترتعد بصورة مرضية ، هذه النبرة بالذات التي افتقدتها حد الموت
هذا الاسم الذي مهما نادوه بها ، لن يُصبح بجمال صوت والدها
لكن والدها ميّت ، ميّت منذ سنييين طويلة كانت كالجفاف عليها ! لا يُمكن أن ترتوي بعد أن تأقلمت على الجفاف
لا يُمكن ، استحالة :
زينـة البنــات !
صرخت بحدة وهي تضع كفيها على أذنيها بقوة ، صرخت بعمق الوجع المتجذر في قلبها :
لا لا لا اطلع من بالي يبه ، اطلع اطلع ! آآه حاتــم
حاتـم كلمنـي ، لا تخلينــي .. سمعني صوتـك تكلــم
كاد حاتم أن يتقدم بخوفه العميق على إنهيارها المرعب لولا ان تجاوزه مُرشد وأخذ زينة في حضنه ضاغطًا عليها بشدة
بكت وبكى ، صرخت وهدى ، تألمت وازداد ألمًا
ثواني معدودة وتعلّقت في عنقه بقوة ، وصوتها يتعالى بصرخاتها المبحوحة :
آآه هذه ريحته ، هذه ريحة أبوي اللي جلست أدورها بين ملابسه ! أنت أبوي ، أنت أبو زينة
أنت حقيقة ، أنا ما أحلم .. لالا ما أحلـم
همس مرشد في أذنها بوجع :
أنا حقيقة ، أنـا رجعت يا شيخة القلـب !
تعلقت فيه أقوى من سابقتها :
يـارب ! خذ روحي ولا تصحيني من ذا الحلـم
ضرب على ظهرها بقهر من نفسه وعليها ، يتألم يتوجع يترمد ، ينكوي بنارٍ غدره وهربه .. يستعر صدره بجحيم الحسرة والأسى
ماذا فعل .. ماذا صنع ؟ كيف أماتها وهي على قيد الحيـاة كيف ؟:
تدعي على روحش بالموت بعد ما رجعت منه ؟ لا تعوري قلبي لا اضربش لا تعوريّه
صمت مُرشد وهو يشعر بثقل جسدها رويدًا رويدا ، تخفف من قبضة يديها بعد أن كانت تحفر أظافرها في عنقه
صرخ باسمها وتدارك حاتم الموقف ليحملها هرعًا إلى غرفته قائلًا بغضب :
من أمس الليل على لحم بطنها وطول اليوم على حمى وتعب ، الله يهديش يا بنت عمي
لم تكن تستمع إليه وهي بين اليقظة والحلم ، لكن تشعر بيد والدها وقوتها المعروفة تضغط على كفها وآخر ما كانت تشعر به هو كلامه رقيق النبرة :
مُرشد رجع يا زينة ، قومي غافة العزم تنتظرنا
لتغط بعدها في نومٍ عميق وتعبٍ أعمق بسبب مواجهتها الغريبة لوالدها
التفت حاتم نحو عمه مرشد قائلًا بضيق :
عمي الله يخليك ، أعرف مدى شوقك لها بس والله إني خايف عليها
مُرشد بغضب هو الآخر من شدة خوفه :
وتحسب إني راضي بهالشيء ؟ أنا والله خايف عليها أكثر منك بنتي وأنا أدرى فيها .. بس بنتي ماهي مصدقة وجودي وهي كل طاقتـي
تنَهد حاتم وكبت كلام كثير يودّ قوله :
نحلها برواقة ، وبهدوء .. وأنا عند وعد راح تجيك بأشواقها طايرة
ألقى نظرة ضائقة على زينة ، ثم التفت نحو حاتم ليُردف بتعب :
دير بالك عليها ولا صحيت الصبح تعال ونبهنّي .. بنتي أنا دواها
اجترع حاتم ريقه ينظر لخروج عمه بعد آخر كلامه ، أين الصبح ؟ أليس من المفترض أن يكون الصبح بقريب ؟ لما يشعر أنه بعيد .. ساخن ، مُرعب وخالٍ من طعم الفرح مليء بالوجع والحرمان
وكـ ليلة أمس ، رمى بنفسه وسط السرير ليلتقطها بين أحضانه ويغط هو الآخر في نومٍ عميق
/
\

استيقظت هي أولًا هذا اليوم ، لتجد السرير خالٍ والغرفة باردة خالية ، همست بصوتٍ ملهوف :
حاتم ؟
قابلها الصمت ، لتقوم وتقف على قدميها ، هاجمها الدوار فجأة وبطنها يعلن رغبته للطعام
وبمجرد تفكيرها في الطعام شعرت أنها سترجع عصارة معدتها فانطلقت بأقصى سرعة إلى دورة المياة لتُفرغ مافي جوعها
زفرّت والتعب يأخذ منها مأخذًا ، مسحت وجهها بالماء وفرّشت أسنانها
لتخرج مستندة على الجدار مستدله بطريقها ، تشعر بتعب
ورغم ذلك تشعر برغبة عميقة للإرتماء في حضنه واستنشاق رائحته الرجولية
اتجهت نحو جهة نومها لتشرب الماء حتى يأخذ الدم مجراه -على الأقل -لوجهها
التفتت تنظر إلى غرفة تنتظر قدومه وخروجه من أي مكانٍ كان .. ما بالها ستجنّ لو لم تراه الآن
سقطت عيناها على قميصه الموضوع على ظهر الكرسي ، لم تعهده فوضوي فما باله رمى قميصه بإهمال هكذا
اقتربت منه ، تناولت القميص ورفعته لأنفها تشتمّه ، ليعبس وجهها بصورة سريعة
هذه ليست رائحته وحدة ، رائحة آخرى كم تاقت لشمّها
.. رائحة والدها
جمدت يديها على القميص حين تذكرت والدها ، حقيقة ، كان حقًا حقيقة !
كانت ستخرج لتراه في وضح النهار وتتأكد بعينيها أنه حيٌّ يرزق لكن لفت انتباهها ورقة بيضاء مفتوحة على مصراعيها موضوعة على الطاولة الصغيرة أمام الكرسيين
تناولتها بيدين ترتجف ، قرأتها بنظرات سريعة ، وتلّقتها بعدم إستيعاب
هراء ، ما كُتب هنا الا الهراء .. لا يمت لحبل الوصال بينهما بصلة
ارتجفت يدها بقوة ، خرجت تبحث عنه وتبحث عن تبرير
وفور خروجها واجهت والدها ، لا ليس الآن .. ليس وقت الإنهيار
ابتسم مُرشد في وجهها بمحبة :
صباح الخير يا حبيبة أبوها
نظرت له بنظرات جامدة أقلقته لوهلة ، همست بإرتجاف :
وين حاتم ؟
عقد حاجبيه ليقول :
ما طلع من غرفتكم ، ليش ؟
في هذه اللحظة ، شعرت بأحدٍ ما يغرس سكين حادة بمنتصف قلبها ! ليتركها تنزف حتى الموت بلا رحمة
ما لبثت أن مدّت الورقة نحو والدها ، ليقرأها بصورة سريعة ثم يهتف بصدمة صارخة :
ما يسويـها ، إلا حاتم
لكنّه فعلهـا .. حاتم حقـًا قد نحرها
فها هو يعيد الوجع في موت مرشد ..
ليهـرب تاركًا إياها تتخبط بين قسوة جدران الحياة ، تاركًا إياها معلقة .. بلا وقت ولا تاريخ !
هرب حاتم !
فعل حقـًا سيعود؟





انتهـى ❤

Booo7, Salma_3_ and NON1995 like this.

الكاديّ غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 21-06-22, 02:20 AM   #96

الخلووود°`

? العضوٌ??? » 499965
?  التسِجيلٌ » Mar 2022
? مشَارَ?اتْي » 60
?  نُقآطِيْ » الخلووود°` is on a distinguished road
افتراضي

لا لا يا حاتم ليش سويت كذا بعد مابدت تحبك وهيه بأصعب اوقاتهم وفي نفسيتها وعدم تصديقها برجوع ابوها والضغط الكبير عليها تتركها المفروض يوقف معها صح فاالبدايه غلطة كثير بس ماتوقعت يغادر اتمنى يرجع ومايقدر يهرب ويتركهم اتمنى يرجع بجد موو بس عشان زينة عشانه بعد لازم يتغلب ع كل شي ويحق له يعيش الحياه الي يتمناها ويحبها ويكوم اسرته ويحقق طموحه لكن بالهروب مابيحقق شي
NON1995 and الكاديّ like this.

الخلووود°` غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 22-06-22, 07:49 PM   #97

Booo7

? العضوٌ??? » 409773
?  التسِجيلٌ » Oct 2017
? مشَارَ?اتْي » 65
?  نُقآطِيْ » Booo7 is on a distinguished road
افتراضي

تأخر البارت من اجمل الروايات اللي قرأتها
الكاديّ likes this.

Booo7 غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 22-06-22, 10:50 PM   #98

الكاديّ
 
الصورة الرمزية الكاديّ

? العضوٌ??? » 490082
?  التسِجيلٌ » Jul 2021
? مشَارَ?اتْي » 300
?  نُقآطِيْ » الكاديّ is on a distinguished road
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة الخلووود°` مشاهدة المشاركة
لا لا يا حاتم ليش سويت كذا بعد مابدت تحبك وهيه بأصعب اوقاتهم وفي نفسيتها وعدم تصديقها برجوع ابوها والضغط الكبير عليها تتركها المفروض يوقف معها صح فاالبدايه غلطة كثير بس ماتوقعت يغادر اتمنى يرجع ومايقدر يهرب ويتركهم اتمنى يرجع بجد موو بس عشان زينة عشانه بعد لازم يتغلب ع كل شي ويحق له يعيش الحياه الي يتمناها ويحبها ويكوم اسرته ويحقق طموحه لكن بالهروب مابيحقق شي

كلام جميل، وأكيد راح نعرف ليش حاتم هرب مع إني توقعته مكشوف من البارت السابق ✨

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة booo7 مشاهدة المشاركة
تأخر البارت من اجمل الروايات اللي قرأتها


سامحوني ): إذا تأخرت فالظروف عاكستني
هذا بارت اليوم استلموه ، وياحلوك وحلو قلبك ✨


الكاديّ غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 22-06-22, 11:02 PM   #99

الكاديّ
 
الصورة الرمزية الكاديّ

? العضوٌ??? » 490082
?  التسِجيلٌ » Jul 2021
? مشَارَ?اتْي » 300
?  نُقآطِيْ » الكاديّ is on a distinguished road
افتراضي

بسم الله الرحمن الرحيم

*
*

لا تلهيـكم الرواية عن الصـلاة

*
*

الفصـل الثانـي والعشـرون






-
بعد اسبوعيـن ،
استيقظ منذ فترة قليلة وجسده مسترخي على السرير ، يدٌ على صدره ويده الآخرى ممدودة جهة أميمة الخالية منها
يفكّر ويفكّر ، ثم يتلوى في مدارات الألمٍ وتتشبع شعيراته ومساماته صارخةً بالاكتفاء
ما فعله حاتم -من هروب جبان- أوجع بقلبه .. فأن يرحل دون أن يوادعه أو يترك عنده خبرًا أو حتى سببًا مبررًا لفعلته -هكذا دون تردد- لأمرٌ يستوجب النعي والتعزية
قام من مكانه بكسلٍ فظيع ، يبحث عن أميمة التي هي الآخرى دامية القلب ودامعة العين بسبب رحيله
ولقاءه الأخير -حسب ظنها- ما كان إلا وداعًا ، لكن لما استثناها هي دون أختيها ؟
استند على حافة باب المطبخ ، تقف أمامه في ثوبٍ قصير وشبه شفّاف كما لم يراها فيه من قبل
تحرّك السكر داخل كوب الشاي حتى لم تبقى ذرة قابلة للذوبان
اقترب منها بهدوء ، احتجز جسدها بين جسده وحافة الطاولة الحجرية ، انحنى من طوله ثم اتكأ على كتفها :
السكر ذاب من زمان
همس بها فتوقفت حركتها فجأة ، ثم همست بشرود :
ما حسيت عليه
حبس أنفه بين ثنايا عنقها يحاول امتصاص وجذب هذا الشرود الذي تلف نفسها به :
مثل واجد أشياء ما حسيتي عليها ؟
تحركت من مكانها بضيق ، التفت إليه وهي ما زالت محشورة بين قوتين ! نظرت له ثم همست بتعب :
وش قصدك ؟
رفع خصلات شعرها الساقطة على عينيها بذات الهمس :
مثل إنسحابش تالي الفجر وجلوسش على دَرج الجناح
مثل بكاش بعد كل صلاة ليل ، مثل دموعش اللي تبللني بدون ما تحسي على نفسش
ارتعشت شفتيها ، وارتجف الدمع داخل مقلتيها .. إذن كان يشعر بها
وهي التي حاولت بكل جهد أن لا تُشعره بحركتها وهروبها من السرير منتصف الليل
وجدت نفسها بعد ثوانٍ قليلة مغروسة في حضنه وكأنها كانت تنتظر هذه الحركة -التي لا يبخل بها أساسًا- فتشبثت به وبكت
بكت حتى أغرقت قميصه القطني الأخضر الذي يرتديه
مسح على ظهرها وشعرها وكتفها مرارًا وهو صامت
حتى حين شعر بهدوءها وسكونها بين يديها ، فقال بهدوء :
لا تبكيه كأنه ميت !
اجترعت ريقها بصعوبة بالغة :
الغايب في منزلة الميت ، هذا عمّي مرشد نعيناه سنين وعزينا نفسنا فيه وبالأخير يطلع حيّ .. وش فرقه عنه؟
رصّ على احتضانها أكثر ليُردف بنبرة لا يعلم إن كان يطمئن بها نفسه أم نفسها :
إلا فرق كبير ، عمي مرشد صليّنا عليه غيابًا .. بس أخوش على الأقل ندري إنه حي وصلواتنا تتبعه حيّ
-ابتعد شبرًا ثم همس بضيق-
تراه أخوي بعد يا أميم ، أخوي اللي ما طلعت بالدنيّا غيره
لا تشوفيني سعيد في حياتي .. أنا قبل وجوده ما كنت أعرف للسعادة طعم
ويقهرني اللي سواه .. يمشي بدون ما يترك عندي خبر وبدون ما يسمح لي أشاركه محنته ،
ويعلم الله مخبّي له شرهة ياكبرها بس خليّه يرجع
خليّه يرجع ونغرّقه بعتابنا
مسحت دموعها بتصلّب ، وجعها يوازي وجعه وليس من حق الوجعان أن يلتقيها ليشكلا نهرًا من دماءٍ حارة لا تنضب :
عرفت وين مكانه ؟
هزّ رأسه بالنفي وهو يجلس على الكرسي المرتفع بالقرب منه :
ماعرفت مكانه بس يمكن عرفت سبب هروبه
جلست هي الآخرى بقربه وهتفت بلهفة :
وش هو ؟
شرد أمامه وأخذ يتذكر ليلة زفافه وكلام حاتم ليلتها ، مثله موجوع من الحُب .. كان يتوقع أنه سيكون ربّان السفينة الجدير بالثقة والصلابة
لكن يبدو أن أمواج الحُب وأقدار الهوى كانت أقوى منه ومن سفينته
ثُقبت ربما ، غمرتها المياة ربما ، أو ربما سقط شراعه بسبب ريحٍ هوجاء توعدت به
فأراد أن يُداري هزيمته ، وأن يرمي شتات خيبته خلفه .. فهرب :
حاتم يبغى ينسى ماضيه باللي كان فيه بس اختار أجبن الطرق ، ورغم ذلك ما نقدر نقيّم معتقداتنا ونلّبسها معتقداته حتى يصير نسخة مننا !
اختار الطريقة اللي تريّحه ، اللي شاف إنها بترجعه إنسان جديد ، ونظيف ، ونقي
ما حسب حساب الأطراف اللي ممكن تتوجع من طريقته ، لكن دامه يشوفها صح من حقنّا نوقف معه ولو كان بعيد
زفرّت نفسها بضيق ، التفتت نحو متكئة لتقول بهدوء :
لو كان مثل ما تقول ، ليش ما سمح لنا نكون معه ونشدّ من أزره ؟
صمت لوهلة ، هذا السؤال الذي أرّقه أساسًا وجعله يفتش عن جواب يريح قلبه ولا يسيء الظن بقلب حاتم :
عزة نفسه ما تسمح له يبروز جروحه قدامكم ، مستعد يغيب ويتغرب عشان ما تشهدون على إنهياراته
وما نقدر نلوم عزيز النفس على الوجع اللي يجينا منه .. لأنه يتوجع أكثر منا
همست بشرود حزين :
أتمنى يكون مثل ما تقول ، ولا حُزن أمي وأبوي وزينة فوق أكتافه
-وقفت مكانها وهي تقول بهدوء-
ببدل وأطلع أعطي أمي نِعمة أبرة السكر ودواها ، ألحقنا أنت على قهوة العصر
-وبابتسامة خافتة-
مسوية لك أم علي أعرف إنك تحبها
ابتسم بخفوت وهو يتقدم للأمام ويقبّل خدها برقة بالغة كمن يخشى أن يسطّر الجِراح فوقها
أبدلت ملابسها سريعًا وخرجت إلى صالة المنزل التي غالبًا ما تجلس بها أم زيد ، رسمت ابتسامة صغيرة تخفي خلفها بكاءها :
إبرة السكر يمه جاهزة لموعدها ؟
ابتسمت أم زيد وهزت رأسها بإيجاب لتقول بعد أن غرزت الإبرة في وريدها :
الله جابش وجاب معش الخير ، سنين وأخت جارتي الممرضة البعيدة تجيني عشان تضربني هالإبرة وتروح
قالت أميمة بعتاب حانٍ :
والله يمه إني عتبانة عليش .. كنتِ تتصلي فيها وأنا القريبة منش والأولى بش ، ولا ما كنت بنتش أول وتالي ؟
ام زيد ضحكت بضحكة هانئة وخجلة :
معاذ الله يابنتي من يقول هالكلام ؟ أنا بس ما كنت أدري إنش دارسة تمريض
عبست أميمة بصورة مفاجئة لتردف بنبرة حاولت أن تكون مرحة :
ما اشتغلنا كان خليتيني اطبّق شغلي الكامل يمه وأصير أرعاش بعيوني
ربتت على خدها برقة ثم ابتسمت ، يالحنية هذه الفتاة
تشكّ أنها عُجنت من ماء الورد وخُولط معها وريقاته على هذه الرقة التي تذيب القلب وتريقه
ابتسمت أميمة وهي تنبش كيس الأدوية التي دائمًا ما تضعه بجانبها ، اخرجت 4 حبّات وأخذت تبحث عن الخامسة ولم تجدها :
يمه دواء التجلطات ما موجود هذا آخر شريط وفاضي
تجرّعت أم زيد الحبيبات الأربع لتُردف بعدها :
قومي يمه دخلي غرفتي بتحصلي في آخر دولابي صندوق فيه مؤونة .. زيد كان يشتري أكثر من كرتون لمثل هالحالات
هزَت رأسها فوقفت متجهة إلى الغرفة ، بحثت في الادراج حتى وجدت صندوق كبير نسبيًا
نبشت به مطولًا ، الكثير من الأوراق والتقارير وعلب الأدوية وملفات المستشفيات التي راجعت فيه .. الكثير من تعب نِعمة الجسدي ومرضها الصحيّ
سقطت عيناها على ورقة انقلب لونها للأصفر ، وبها تاريخ قديم جدًا ، أقدم من مرضها ، وأقدم عُمر زيد حتى
عقدت حاجبيها لوهلة ، وبخبرتها الطبيّة بسبب مجالها الصحي استطاعت قراءة التقرير أمامها
شيئًا فشيئًا تتصاعد دقات قلبها وتتوسع عيناها دهشة ورهبة ، حتى شهقت شهقة قوية وهي تقرأ نتيجة الاختبار
النتيجة التي تُخبرها أن نِعمة ، أم زيـد : عقيـــم !
ارتجفت الورقة وسقطت بين أخواتها ، سقطت دموعها بشكلٍ فائض غير مصدقة
مصدومة بل مصعوقة من الذي قرأته ورأته ، هذا الذي تراه ضربٌ من الجنون ، طلاسم لا يستوعبها العقل أكبر منه بكثير
وسؤال واحد يدور في عقلها هذه اللحظة
إذا لم يكن زيد ابن عبدالله .. فمن يكون اباه ؟






-
"ليييااال خلصينييي"
صرخ فيها بأعلى صوته وهو يجلس بجانب والدته العابسة على الكنبة الراقية ، فالتفتت نحوه وهي تقول بغيض :
بس بس قصّر حسك ما بقى أحد ما سمعك
تناول قايد فنجان القهوة وسكب لنفسه حسبما يريد ، ليقول بهدوء :
يمه وشفيش علي اليوم ؟ وين رضاش يابعد هالدنيا ؟
أم قايد بذات العبوس :
ايه رضاي عليك مهم بس رضى أبوك عليك ماهو مهم.
تنّهد قايد ، سرح في الذي أمامه .. ها هي والدته تفتح موضوعه هو وأبيه للمرة العاشرة بعد المئة
ام قايد بعد أن لاحظت سكوته الذي طال :
كم لك وأنت في بيت جدك ، ما فكرت وقلت باروح لبيت أبوي وأدور رضاه واستسمح منه وأطيب بخاطره اللي ما عمره شال عليكم مثال ذرة أنت وأخوانك ؟
ولا أعجبك الظهر اللي محتمي فيه ونسيت برّك وأخلاقك؟
قايد بإنزعاج من "تقريعها" الواضح لجده :
يمه !
قاطعته والدته بحدة :
بلا يمه بلا هم .. أبوك أولى من كل حد قدامك وإن غلط عليك احفي وراه .. أبوك يا عاق أبوك
التفت لها قايد بوسع عيناه وهو مندهش :
الله ! خليتيني عاق مرة وحدة؟
-ثم تراجع وهو يتنّهد-
يمه فديت رجولش أنتِ مب فاهمة المشكلة من الأساس ، خليني أنا وأبوي نتفاهم عليها ونحلّها بطريقتنا
نزلت في هذه اللحظة ليال أخت قايد وبيدها حقيبة ظهر سوداء اللون ، كبيرة الحجم .. مخصصة لرحلات التخييم
أنزلتها جنبه وهي تلهث من تعبها :
الشنطة من ألفين وحطبة موجودة في غرفة السطح وش طرا عليك تطلعها الحين وهو لا هو جو طلعات ولا جو تخييم
نظر لها بنصف عين وبنبرة حاول إخراجها مرحة :
خيبة يا بنت أمي ، صرتِ تحاسبيني على طلعاتي بعد؟
أم قايد وهي تقول بحسرة :
وبنت أمها ليش تحاسبك ؟ تزوج وخلي زوجتك تلم أغراضك وتحاتيك بدل ما أنت كارف بنتي
حكّ قايد حاجبه الغليظ وهو يرسل نظرات مترجية لليال ، التي فهمت نظراته فقالت بمكر محتضنة عضد والدته :
شرأيش يمه نسوي قائمة بالبنات الزينات ونخليه يختار وحدة منهم ؟ عندي كذا وحدة في بالي
التفتت نحوها أم قايد بإنتباه :
بالله عليش تعرفي أحد ؟ أخوش تعبني من زمان يقول ما يبي من بنات خواله أو خالاته وشروطه وش طولها
غمزت ليال لقايد المندهش من غدرها له لتُكمل :
طبّي وتخيري ، أعرف كذا وحده شحلااتتتتهم وش زينهم أدب وأخلاق وجمال
أشرّ قايد على رقبته من خلف والدته إشارة على أنه -سيذبحها- إن زادت الجرعة وأقنعت والدتها بالهراء الذي تقوله
وقف على عجلة وهو يرتدي حقيبة ظهره ليقول :
ءاا يلا يمه ربيعي ينتظرني لازم أوصل عنده قبل الليل ، وأبي أمر بيت عمي سيف قبل .. توصي على شيء؟
نظرت له عاقدة حاجبيها وبإنزعاج بالغ مو تهربه :
ايه شلّ شلولك وطير ، طير إذا جاء وقت الجد وخلّك في اللعب واللهو ، عمرك بيمضي وربعك تزوجوا وخلّفوا
ابتسم قايد ابتسامة يحاول بها امتصاص عصبية والدته ، فهو لا يلومها .. ابنها البِكر ! لا شكّ أنها تُريد رؤيته مستقرًا في حياته
لكن ليس الآن ، فهو لديه مخطط ، مخطط على المدى البعبد
قبّل رأسها بخفوت ثم همس بضحكة :
خلي الطابق مستور حجيّة ، ربعي ذابحهم الحُب ونسوا الخلف
يلا استأذنكم أنا
خرج من باب المنزل بابتسامته ، حتى ما ركب سيارته اختفت ليصحبها بتنهيدة عميقة جدًا
وتفكيره لا إراديًا يقوده لحاتم ، وصيته الأخيرة التي قالها له أمام منزل جده كأن يُشهده عليه تقصّ مضجعه
لذلك من رحيل حاتم وحتى اللحظة استخدم جميع الصلاحيات وديون المصالح لكي يعلم فقط أين وجهته
فلا هاتفه يجيب عليه ، ولا الرسائل تلقاها
توجّه إلى منزل عمه سيف ، مشوار بات شبه يومي في ظل تَعب جدته وزوجة عمه
فأي قلبٍ يترك قلبين الرجلين بهذه الصورة العاقة بحق أمهاتهم
طرق جرس المنزل وانتظر قليلًا ، لتخرج حنان في هذه اللحظة من باب الصالة وتنظر إليه في صمت
فلم تعد تستغرب وجوده :
مساش الله بالخير أم سيف ، الوالدة موجودة ؟
هزّت حنان رأسها بإيجاب لتردف بهدوء :
موجودة ، تفضل قايد
دخل قايد بعد أن تحمحم بصوتٍ عالٍ وهو ينادي جملته -ياعرب- ليجد زوجة عمه وجدته بجانب بعضهما البعض
إن كانت واحدة عاد لها النور والنضارة ، فالآخرى باهتة وشاحبة كشحوب الأموات
سلم على رأس جدته ثم تراجع واقفًا ينتظر السؤال المعتاد من أم حاتم :
مافي شيء جديد؟
وهو يعيد عليها ما أعاده طوال الاسبوعين :
للحين لا يا خالتي ، البحث ما زال جاري في المطارات
مثل ما قلت لش جوازه وبطاقاته مب موجودة فاحتمال كبير إنه مسافر للخارج لكن ما ندري أي يوم بالضبط ولا على أي رحلة أو طيران
تنّهدت أم حاتم ، لفّت الشال الأسود حول رأسها بثبات :
كلمت ربعك اللي في المطار ؟
قايد بتقرير :
هم ربع حاتم أصلًا ، وسألت بعض مهندسي الدعم الفني اللي دايم موجودين داخل المطار وعند البوابات بس لحد الحين ما في خبر .. يمكن اللي يعرفوه شكليًا ما كانوا في الشفت مالهم
حوقلت أم حاتم بصبر خالص الإيمان :
لا حول ولا قوة إلا بالله .. ولا راد لقضاء الله ! ياولدي إن وصلك خبر ولو خبر صغيرون أنا انتظرك تبّشرني به
هزّ رأسه إيجابًا بجدية ، ليُردف بعد صمت قصير :
وين عمي سيف ؟
الجدة عزيزة بإنهاء للنقاش :
في شقة طليقة عمك مُرشد !



-
" اللي صار يابو حاتم مايقبله عاقل ، أخطاء الماضي وتصحيحها ما أثرت إلا في بنتي "
قالتها مريم بحدة جادة وهي تجلس بجانب ابنها الحارث بكامل حشمتها ، وأمامها سيف .. ومُرشد
الذي كان اللقاء معه بارد جدًا كما لو أنه لم يعد من الموت
كما لو لم تجمعهم حروب وعواصف هوجاء أقلعت بأساسهم وهدمت أعمدتهم
كانت تراه مسبقًا شيئًا لا يوصف ، مسبقًا قبل تدخل أخيها وتهديداته
كان مرسومًا على مقاس أحلامها الوردية البريئة .. زوج محب، أطفال هنيئون ، وبيتٍ دافئ أسفل سقفٍ هانيء
أخطأت بالخضوع ، وتساقطت أحلامها الوردية لتتصبغ بالسواد القاتم .. ولم يكن هُناك ضحايا ، سوى الأبناء
أكثر ما يؤلم في طلاق الآباء هو تشتت الأبناء ، فلا هم بعد البيت الدافيء مستأمنون ، ولا هم بعد الأمان العائلي مستريحون
أردف سيف بعد صمتٍ مطبق ، وبجانبه مُرشد ناكس الرأس :
لا يرضيني ولا يرضي أبوها اللي صار يا أم زينة ، ولدي رجال كبير خرج من سيطرتي من سنين طويلة
تصرفاته تلحقه وحده ما تلحقني .. أنا جاي الليلة ارجّع بنتي زينة لبيت عمها ، وين ما كان زوجها
مريم بحدة قاطعة :
لا !
كلمتها شجعت مرشد على أن يرفع رأسه ويلمح المرأة التي كانت يومًا زوجته ، وحلاله ..
لتُصبح اليوم طليقته .. محرمةً عليه
لم تتغيّر أبدًا ، كما عهدها من قبل .. جمالها الخلاّب البريء لم يتزعزع من مكانه بل زاده العُمر وأيامه نضوجا
كاذب من يقول أنه زينة تُشبهه ، زينة لم تأخذ من ملامح وجهه سوى التقسيمة ! هي طبق الأصل من الأصل ذاته
لم يجيء من أشباهه سوى الحسن .. كِعقاب إلهي على ما فعله بها
تنّهد بخفوت ثم اتنزع الصمت عقب كلمتها :
حالتها ماهي عاجبتني ، أبي زينة تحت عيني نهتم فيها كلنا كعايلة
ابتسمت بسخرية على كلمته الاخيرة ، كأن يقول لها أن لا عائلة لكِ حتى تستطيعي احتواء حزنها العظيم
وأن كل ما تملكينه ، شقة وثلاثة أبناء :
أصيل يابو الحارث .. طول عمرك تقدم مصلحة بنتك على مصلحة غيرك ، بس لاا
-وبجدية أكبر-
هذه السنين واجدة على قلبها ، كانت عقدة الحبل بيننا .. تشد من جهة وأشد من جهة ويوم نوينا البُعد
خلّفتها قدرك .. وأورثتها نصيبي !
جاء الوقت اللي نصحح فيه خطانا فيها ، بنتي بحضني وأنا أولى بها
مرشد بغضب مكبوت :
راجع من الموت والغياب ولا تهنيّت مقدار ذرة من شوفتها ، فوادي يحترق عليها وعلى سواياي فيها
وكانت قدامش طول هالسنين .. ما حلت بعينش إلا بهالشدة ؟
مريم بثقة تامة :
دامك تشوفها -شدة- فلا تفكر إنها بتطلع من هالشقة .. بنتي كفاية عليها الشد والجذب .. بنتي لازمها الرخاء
صدّ بعيدًا عن ملامح وجهها التي باتت تستفز ذاك الشاب النائم في غياهب قلبه .. ذاك الشاب المنطلق والمندفع للحُب من عيونٍ كحيلة لا تكتفي عن مداراة سهام عشقها المخذولة
صدّ احترامًا لابنه الجالس أمامهم مثل -الطوشة- غير مستوعب لما يُقال
ربت سيف على فخذ مرشد بهدوء :
صلّوا على النبي يا جماعة ، حنا الحين يهمنا رأي صاحبة الشأن أولًا وأخيرًا .. هو فالنهاية مقترح ونحنا نشوفه الأفضل
وقفت مريم ليتضح قوامها الممشوق أسفل عباءتها الفضفاضة وهي تقول بثقة بالغة :
هذا قرار بنتي على فكرة ماهو قراري .. هي اللي ودّها تجلس جنبي
عافت الجبل والغافة ، عافت أفضل أيامها وأجمل ذكرياتها
-وبنبرة مقهورة حزينة وهامسة-
بنتي جنّت وزادها الوجع جنون ، بنتي بدت تفقد عقلها وذكرياتها
وكانت حركة حاتم السكين اللي أذبحت البعير كله
خلوها لي حسيبكم الله .. خلوني أداويها وأداويني
استدارت بعد كلامها الأخير وقلبها يرتجف كمدا على فلذة كبدها ، الفلذة التي سقطت متوجعة بعد أن توجعت هي
الفلذة التي جاهدت في وقتها الضائع على المحافظة عليها
وهاهي تقطع وعدًا بإنتشال زينة من هذا البئر المظلم
علّها تبرئ الذمة ، علّها تريح الضمير ، علّها تعوض ما كان
أغلقت باب الغرفة التي تجلس بها زينة ضاربة بإكرام الضيوف والذوق معهم عرض الحائط فلا يهمها الآن سوى المنكوبة بأحزانها
اقتربت من السرير وجلست بجانبها ، قالت بلهفة قلب أم :
زينة ما ودّش تنامي شوية ؟ صارلش يوم ونص ما نمتي ساعة على بعضها
صمتٌ أّلف بها ، وهذا حالها منذ اسبوعين .. لم تكن تبكي فقد جفّت دموعها ، لكنّ قلبها من أصّر على أن يبكي دمًا
محتضنة قدميها بجسدها ، واضعة ذقنها على ركبتيها
هالات متكدسة أسفل عينيها ، وشعرها المجهّد لم يجد من يعتني فيه جيدًا
تنّهدت مريم بخفوت ، تحركت لتدير ظهر زينة وتجلس خلفها مباشرة بهدوء حتى لا تصدر صوتًا وتوقظ الحسن النائم على ذات السرير
وهكذا أصبحت زينة ، لن تنام إلا وأحدٌ ما في الغرفة بجانبها
خوفًا من أن تستيقظ وتفجع باب الرحيل مفتوحٌ على مصراعيه
بدأت مريم بترتيب شعرها كظفيرة ، تارة تتحرك اصابعها عليه وتارة تمسح على ظهرها
وحينما انتهت ، جعلتها تنام على أقدامها
لينطلق من ثغرها فجأة صوتٍ هامس حنون جدًا :
يالله تنام يالله تنام
وأهديلك طير الحمام
روح يا حمام لا تصدّق
نضحك عالحِلو لينام
-هدهدت بصوتها الناعم وهي تُكمل بلهجة آخرى تحبها-
نانّي نانّي جاك النوم
أمك قمرا وأبوك النجوم
نانّي نانّي يا نانّي
يجعل نومك متهنّي
كررت تهويدتها بصوتها الرقيق مرارًا وتكرارًا حتى شعرت بالبلل يكسي قدميها فعلمت أنها الدماء بداخل قلب زينة خرجت على شكل دموع
صعبٌ عليها أن ترى ابنتها بهذه الحالة ، وصعبٌ على شخصيتها أن تكون بهذا الإنكسار والإنهزام
فكيف لابنة العزم أن تتساقط عليها جذوع الغافة ؟
أكملت تهوديتها ، فهي عند صغرها كانت تنام مباشرة بعد التهويدة الثانية لكن يبدو أن العُمر قد غيّر الكثير من القواعد
صمتت مريم فجأة حين تكلمت زينة بهمس خافت أخيرًا :
يمه !
انحنت مريم عليها ، وبهمس حانٍ حنو خالص :
عين أمش ؟
تناولت زينة يدها التي تمشّط شعرها ، وببطء شديد وضعتها على بطنها لتُردف ببطء أشد :
أنا حامل




-
ثلاثـة أيام مـرت ..
ثلاثـة أيام استغرقتها مريم في جمع أحجيات اللعبة وفكّ رموزها .. ثلاثة أيام تطلّب منها إدراكها لمصير زينة برفقة جنينها
حامـل ؟ هذه الكلمة التي وقع صداها على قلبها أقوى من صدى القنابل الصاروخية المرتشقة
تتعجب من القدر الإلهي .. وتسبّح آنةً عليه ! فسبحانه المبعود الذي أذهب بآخر وجلب آخر
ظنّت أن جنينها سيُصبح سلوى قلبها .. لكنها أخطأت
فهذه حالة زينة تسوء يومًا بعد يوم .. الشامخة التي كانت تتكبد العناء لتظهر بصورة قوية
ها هي اليوم تعرّي جروح أحزانها وتتلبّس إحدى شخصياتها الحقيقية
تجلس مريم على الكرسي مستظلّة بإنارة الممر ، ترتدي قميص نوم حريري وبيدها كوب شاي أخضر وحفنة نعناع .. وبجانبها شمعة عطرية خفيفة الرائحة
أبناءها جميعهم نائمون ، فاستغرقت الوقت بالتفكير في أحوالهم ، وحالتها هي بالذات
لا تنكر أن السنين الفائتة أكلت منها كمدًا ، لكن رغم ذلك عرفت كيف تعتني بمظهرها الخارجي حتى تستر عورة شموخها المكسورة
تنّهدت بخفة ، تتشابهان هي وزينة رغم إختلاف المواقف
آل تفكيرها إلى مُرشد .. أصبح أكبر عُمرًا على غير ما عهدته من اهتمامه المبالغ بصحته ومظهره
سمعت حيثيات حديثه عدة مرات طوال الاسبوعين المنصرمين ، بل تجرأ واتصل بها واضعًا عذره نصب أعينها - ابنتي بيننا-
لولا أن قلبها يُنبئها بخطرٍ محتمل ، وأفكار عجيبة توقن أنه بات يفكّر فيها
-
في إحدى غرف الشقة ، استيقظت أخيرًا بعد نومٍ طويل لا تعلم مداه أثر المسكنّات التي أخذتها تحت وصفة طبيّة
فالنوم هجرها ، والسهد توّعد بها ..
ألقت بنظراتها نحو الغرفة القاتمة و دقات قلبها بدأت بالتسارع
أشباح الذكريات تحيط بها ، وهي التي كانت تتسلّح بها وتزداد منها
وقفت بخطوات مهزوزة ، تخبطت مراتٍ عدة دون أن تفكر بإشعال الإضاءة
تنفست بصوتٍ مضطر قلق .. تنادي بصوتٍ مبحوح والكلمة لا تخرج من فاهها بوضوح
طرقت طرف السرير ، حرّكت حاجيات التسريحة ، ربما شيءٌ ثقيل سقط مما أفزعها وجعلها تصرخ بحدة
وجدت أخيرًا مقبض الباب .. فتحته آمله أن يأتي نور الأمل منها ولكن تفاجأت بالظلام
تقدمت خطوتين لتقع على ركبتيها وهي تصرخ باسمين
" يبـه / حاتـم "
احتضنت جسدها بيديها ودموعها غشت نظرها .. لم تكن ترا أمامها سوى موقفين
وقوفها تحت غافة العزم برفقة كفن
ووقوفها في منتصف بيت الجبل برفقة حقيبة سفر :
لا تخلوني لا تخلوني ، آه يبه لا تموت وتخليني
يبه تعال ما لقيت من يسقيني بعد موتك ، تعال يبه
بدأت بتحريك جسدها للأمام وللخلف ، ومن يراها يُبصم أنها مريضة نفسيًا .. أو مجنونة
أكملت نواحها العاتب غير واعية بالأصوات حولها ولا بالإضاءة التي أشتعلت :
حاتم وعدتني يا كذاب .. وعدتني ما تخليني
حلّفتني بالليالي والأيام إنك تبقى جنبي وتحييني .. تعال خليني أكرهك وارتاح
تعال خليني أقولك عن بذرة الحُب اللي نبتت فيني ، يا كذاب يا غدّار تعال أحبك اليوم أكثر من اللي قبله
صوت صفعة هو ما رد على هذيانها المجنون ، صفعة أسقطت الدموع المحتبسة ومن خلفها الغشاوة
لتتراءى لها صورة والدتها بوجهها المحمّر وخديها الغارقين في الدموع
صرخت مريم وهي تحتضن زينة ، وتلاها صوت بكاء الحسن والحارث واحتضانهم بالمثل
لابد أن حالة نفسية أصابتها ، حالة من يخشى الاستيقاظ من النوم ويجد جميع أحبائه قد رحلوا دون تبرير :
حسيبكم الله ما بقيّتوا عقل لبنتي ، حسيبكم الله تلقونها بقلوبكم
تنشّجت زينة دموعها بعد نوبة بكاء غريبة عليها ،
هامسة بأنظار شاخصة :
يمه راحوا
شدّ بإحتضانها وهي تقول بصوتٍ جاد مبحوح :
وإن راحوا حنا ما نروح ، حنا معش يا أمي شوفينا
زينة بذات النبرة :
يمه أبوي مات ، وحاتم راح !
عضّت مريم على شفتها تكبت شهقاتها حتى لا تخرج وتزيد الطين بله ، لا بد أن تكون أقوى في هذه المواقف
فهي من أصرّت على وجود زينة بقربها دون قرب عائلة بأكملها
همست بصوت تخلله البكاء :
قومي يا بنتي ، قومي ! اللي راح ما عليه حسوفة واللي مات ندعي عليه بالرحمة .. خلّش من نفسش وصحة ولدش
-رفعت عيناها للحارث الباكي-
الحارث ساعديني باختك
ليُردف بدموعه الهادئة :
حاضر يمه
تساعدا في حمل زينة إلى غرفة نومها . مددتها على السرير وحين همّت بالابتعاد مسكت يدها بقوة شديدة علمت مريم مغزاها
حملت الحسن ووضعته في النصف بينهما ، وتمددت هي على الجهة المقابلة لزينة
بينما جلس الحارث على الأرض مقابلًا لزينة وهو ممسك بيدها
صدح صوت سورة البقرة لتخفت خلفها تنشجات زينة ويغط الحسن في نومٍ عميق
لتقول مريم بتعب شديد :
الحارث قوم من الأرض وأدخل غرفتك ونام
هزّ رأسه نافيًا ونزعة الحمية ترتعش داخله :
ما أخلي أختي يمه ، ناموا وأنا جنبكم
لم تجادله كثيرًا فهي تشعر بالتعب والنوم يزور عينها رويدًا رويدا حتى غفوا جميعهم على سرير واحدٍ .. وروحٍ متوجعة واحدة




-
جثى بركبته على الجهة التي تنام عليها ، رفع شعرها الذي يغطي وجهها ثم ابتسم بحنو :
صح النوم .. ما تبينا نطلع مكان على هالصبح ؟ ترا إجازتي بتخلص قريب بعدين بتتمنّي إني دوم معش
أغمضت عينيها بقوة حتى لا يلمح الاحمرار الناتج عن بكاءها ، فهي لم تتخطى بعد صدمة معرفتها بخبر عُقم نِعمة
هزت رأسها بالنفي ليتنهد زيد بهدوء ، كانت متباعدة عنه قليلًا الأيام الفائتة رغم محاولاته الدؤوبة لكسر حاجز الخجل بينهم
لكنه تعذّر بأنها عروس جديدة ، وهو عريس ذو دمٍ حار ، فترفق بها
وقف وهو يعدل ياقة ثوبه ويضع بضع رشاتٍ من العطر:
زين على راحتش أنا بروح أخلص لي بعض الأشغال المؤجلة
إذا غيرتي رأيش ارسلي لي رسالة وأنا بجيش
خرج وأغلق الباب خلفه تاركةً إياها على الوضع ذاته ، توجه نحو الصالة وأستأذن من والدته ليخرج عدة ساعات لصباح هذا اليوم
وهاهو بالكاد قد خرج من الباب ليصادف أمامه قبيلة من النساء المتوشحات بالسواد
عرف إحداهن فعبس تلقائيًا ، لكنه قال بنبرة هادئة :
حياش الله خالتي !
نظرت له سلمى بقوة عين كمن أراد استشفاف الأسرار من خلف شعيرات وجهه :
الله يحيك ، أمك وين ؟
تنهد زيد وأمسك بمقبض الباب :
أمي موجودة بس حالتها الصحية ما راح تسمح لأي جدال
أسماء الواقفة خلف والدتها شعرت بحرج عميق من مغزى كلامه فهمست :
يمه خلاص خلينا نرجع الله يخليش ، خالتي تعبانة
التفتت لها سلمى بحدة أسكتتها ، لتنظر إلى زيد بجدية مغافة بسخرية :
لا تخاف هالمره كون أنت جنبها لأن الكلام يخصّك مثل ما يخصها أكيد
حوقل زيد بصمت ففتح الباب تاركًا المجال للدخول لهن
كاد أن يغلق الباب لولا أن رأى سيارة عمه حاكم وبداخلها خالته وبناتها .. ابتسم ليقول بينه وبين نفسه:
الله الله كملت ، وش عندهم عيال العم موجودين اليوم عساه خير
سلّم على خالته ورحّب ببناتها بأدب مضاعف لنظرات حاكم التي يرشقه بها .. أشرّ لزوج خالته بالدخول
وهو يوقن أن اليوم ليس بيوم أشغاله المؤجلة
وقفا هو وحاكم في منتصف المنزل ، يتبادل معه الأخبار بهدوء وتزمت شديدين .. فحاكم ما زال متحفظًا على علاقته به -كالعادة-
عقد حاجبيه حين سمع صوت سلمى :
ما بتكلم لين يجيني زيد ، لازم يكون على بيّنة بهالوضع اللي عاشه سنين وبنين
تقدّم بخطواته نحو الصالة ليُردف بصوتٍ جاد جدًا :
خير يا خالتي سلمى عسى خير ؟
وقفت سلمى بجدية ، لم تأتي اليوم للإنتقام .. لم تبيت النيّة للقِصاص .. فلا نِعمة لها ذنب ولا عبدالله
لكنها تكره الكذب ، تكره الاستغفال ! لأنها عانته من قبل في حياتها السابقة وعلمت كيف يقتات على مشاعر الراحة والسكون .. كيف ينهش الداخل ببطءٍ مميت
لفتّ برأسها نحو زيد ، وتجمّدت لدقيقة كاملة كما تجمّد حاكم حين التقت عيناهما ببعضهما البعض
ثلاثة وثلاثون عامًا تباعدا فيها جسدًا وروح .. كيف يلتقيان الآن في ذات المنزل الذي تجادلا فيه آخر جِدال
استضاقت نعيمة ذرعًا من النظرات المتبادلة بين زوجها وطليقته .. فهتفت بضيق :
وش موضوعش يا سلمى ؟ ما أنتِ عارفة إنه أختي تعبانة هالفترة وحالتها ما تسمح للنقاشات الحادة
نظرت لها سلمى بعد أن صدّت سريعًا عن حاكم المتصّلب والمصعوق :
خبر مثل هذا ياخذ من عمر ناس سنين طويلة .. يكفي اللي ضاع ؟
-نظرت لنِعمة الصامتة بوجوم وبجدية-
ولا وش تقولي يا أم زيــد ؟
نِعمة بهدوء بالغ :
قولي اللي عندش وما قلتيه المرة الماضية !
تفاجأت سلمى لوهلة من ردّت فعلًا لكنها أخيرًا هتفت بثقة تامة وجدية بالغة :
ما فكرتي تقولي لولدش هو ولد من بالضبط ؟ أو على الأقل على الأقل ما فكرتي تقولي له من أي حضانة أو مستشفى ماخذتنه ؟
تجمدت الأنفس حولهم من كلام سلمى العظيم ، كما تصلّب ظهر زيد وهو يستعد لإستقبال الأسوء وحواسه تتحفز بكامل معداتها وعتادها
أكملت سلمى وهي تخرج أوراق من حقيبتها :
المداوية الشعبية اللي رحتي لها بعد زواجش بشهور ما قالت لش إنش عقيم ؟
تعالت الشهقات ، وتجمد نظر زيد على ثغر سلمى الذي يخرج هذه الأكاذيب
أكملت :
انزين التقارير اللي سويتيها في أكثر من مستشفى ما قالت لش النتيجة بصريح العبارة ؟
قاطعها زيد بصوت ميت تمامًا :
اختصار كلامش ؟
التفت له سلمى ، لتقول بنبرة أقل حدة فمهما كان هذا الخبر لا يمكن أن يُقال نتيجة تراكمات السنين وأحقاد الماضي الدفينة التي لا قيمة لها الآن :
أمك ، اللي ما هي أمك .. عقيم ! أنت يا زيد مب ولد عبدالله .. أنت ما ندري ولد من !
صرخت نعيمة وصرختها هي ما اُنصت لها وسط هذا الجو الخانق ، وعيناها تقعان على زيد الذي اسودّت عينيه وأبيّضت شفتيه
إن قالوا له قبلًا أنك ستُطعن بسكين لا مرئية وتنزف حقيقةً لا خيال .. لقال إنكم لسحرةً كاذبون
هذه التراهات التي سمعها ليست بسكين ، بل كل أنواع الأسلحة الخفيفة والثقيلة والقاسية
نقل نظراته السوداء ببطء شديد نحو والدته التي بدت أكثر سكون مما يتطلبه الموقف من صدمة ودهشة
لتقلب نِعمة الطاولة على سلمى ، وهي التي بظنها جاءت شامتة ، بهدوء شديد :
هو ولدي غصب عنش ، ولدي اللي لا كبر ما يتشرّف يقول أنا أمي سلمى وأبوي حاكم
أمه اللي تخلّت عنه ، وأبوه اللي ماعرف بوجوده


انتـهى ❤
القفلة تتطلب وقوفنا هنا .

Salma_3_ likes this.

الكاديّ غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 23-06-22, 01:04 AM   #100

الخلووود°`

? العضوٌ??? » 499965
?  التسِجيلٌ » Mar 2022
? مشَارَ?اتْي » 60
?  نُقآطِيْ » الخلووود°` is on a distinguished road
افتراضي

لا حرام شووو هالقفله الأليمه موجع موجع هالبارت متى البارت الجاي

الخلووود°` غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 05:19 PM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.