آخر 10 مشاركات
112 - دمية وراء القضبان - فيوليت وينسبير - ع.ق (الكاتـب : بنوته عراقيه - )           »          صغيرات على الحياة / للكاتبة المبدعة أم وسن ، مكتملة (الكاتـب : بلازا - )           »          ثمن الكبرياء (107) للكاتبة: Michelle Reid...... كاملة (الكاتـب : فراشه وردى - )           »          جدران دافئة (2) .. سلسلة مشاعر صادقة (الكاتـب : كلبهار - )           »          أحلام بعيــــــدة (11) للكاتبة الرائعة: بيان *كامله & مميزة* (الكاتـب : بيدا - )           »          317 – صدى الذكريات - فانيسا جرانت - روايات أحلامي (الكاتـب : Just Faith - )           »          فِتْنَة موريتي(103) للكاتبة:Katherine Garbera(الجزء2من سلسلة ميراث آل موريتي) كاملة (الكاتـب : Gege86 - )           »          العروس المنسية (16) للكاتبة: Michelle Reid *كاملة+روابط* (الكاتـب : * فوفو * - )           »          رواية كنتِ أنتِ.. وأنتِ لما تكوني أنتِ ما هو عادي *مكتملة* (الكاتـب : غِيْــمّ ~ - )           »          311- الميراث المتوحش - مارغريت بارغتير -روايات أحلامي (الكاتـب : Just Faith - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > ارشيف الروايات الطويلة المغلقة غير المكتملة

Like Tree581Likes
موضوع مغلق
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 05-09-21, 04:07 PM   #41

فايزة العشري لوزة
 
الصورة الرمزية فايزة العشري لوزة

? العضوٌ??? » 472964
?  التسِجيلٌ » Jun 2020
? مشَارَ?اتْي » 393
?  نُقآطِيْ » فايزة العشري لوزة has a reputation beyond reputeفايزة العشري لوزة has a reputation beyond reputeفايزة العشري لوزة has a reputation beyond reputeفايزة العشري لوزة has a reputation beyond reputeفايزة العشري لوزة has a reputation beyond reputeفايزة العشري لوزة has a reputation beyond reputeفايزة العشري لوزة has a reputation beyond reputeفايزة العشري لوزة has a reputation beyond reputeفايزة العشري لوزة has a reputation beyond reputeفايزة العشري لوزة has a reputation beyond reputeفايزة العشري لوزة has a reputation beyond repute
افتراضي


اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة shezo مشاهدة المشاركة
مرحبا."عذرا اقبح من ذنب".عودة مريم متأخرة بعد ان رفضت توصيل زاهر لها حتي منزلها تصرفا خاطئا
ربما لها العذر في وقوفها بجانب صديقتها ولكن قولتها لوالدتها ان الناس يتكلمون علي كل حالx عندما نبهتها أمها لسكنهم بحي شعبي هو خاطئ تماما .
إذ طالما الناس يتكلمون سواء بالحق او الباطل فيجب أن يتوخي المرء ما يتفق مع العرف ومع ما هو سائد بالمجتمع فلا يضع نفسه بوضع الشبهات
فالرسول الكريم يقول"إنتقل مما يريبك إلي ما يريبك"
فمن يضع نفسه بموضع الشبهات اولى بسوء الظن.
أما عن حلمها بأن يكون زاهر لها يوما وتراه حلم مستحيل فأتفق معها فعالم الأثرياء تحكمه قواعد أخرى ليس من ضمنها حسن الأخلاق اوالتمسك بالقيم قد يحركها قليلا الجمال الباهر او تمنع الفتاة فتصبح تحديا
أما الواقع شيئا آخر فعالم المال مال عنه من ليس له مال
وما نقرأه بالروايات عن ان المشاعر هي الاهم والفقر لا يعيب صاحبه هو محض خيال جميل يربت به الضعفاء علي تواضع حالهم وبساطة أحلامهم التي قد تنحصر في ان يمر يومهم وليس عليهم دين لأحد او توفير الحد الادني من متطلبات الحياة التي تغدق علي البعض وتقبض يدها عن الآخر.
"غدا يوم آخر".اليوم يصير أمسا ويمضي العمر بنا بين ماض وحاضر.
لكن أن يحبس الإنسان نفسه في ذكرى ماضيه خاصة لو لم يجد منه سوى الحزن والألم فهذا هو الضياع بعينه فلا يجد المرء أملا في غده
هذا هو حال فريدة بالضبط ولو لم تخرج من تلك الشرنقة سيسهل علي سيف الإيقاع بها في شباك العنكبوت ثانية.
هي لم ترتح لوليد وقد أيدتها في ذلك أما موسي الذى اهتم بها في مرضها ولم ترى حتي وجهه ولم تعلم ان له ميلا إليها إنه مجرد أمنية أم ليس بالضرورة أن تجد قبولا لدى موسي او غيره فلم تحجر علي نفسها التعامل مع أى أحد وكأنها تضع نفسها علي الرف وفاءا لذكرى اعتبرها سيف ملكية له.
"مظاهر إجتماعية".سجن بلا قضبان يسكنه الأثرياء بقواعد يضعونها تجعلهم كتماثيل متحف الشمع تعيشهم الحياة ولا يعيشونها وهم متقولبين في قالب المركز الإجتماعي وما يليق ولا يليق .
يملكون اسباب السعادة ولا يملكون السعادة نفسها واكبر مثال علي هذا النمط هو والدة زاهر التي لا ترى غضاضة في عودته لنور تلك التي تخلت عن إبنها وباعته بلا ثمن.
فماذا لو علمت ان إبنها يريد فتاة هي والفقر حليفان؟
غريب أمر الحياة ليست عادلة أبدا في منحها ومنعها
وبالأخير الرضي لمن يرضي.
وإن عاندنا أقدارنا فماذا سنجني غير الحسرة والألم فهل يستطيع المرء أن يغير قدرا كتب عليه ؟وهل غير النهر يوما مجراه؟
بانتظار القادم
وسلامتك حبيبتي شافاكي الله وعافاكي وأذهب البأس عنك ومتعك بالصحة والعافية.


مساكِ الله عزيزتي بالخير والسرور

ربما كان تصرف مريم خطأ لكن هي وأمها مثالا لكل من يضع لكلام الناس اعتبارا ويخشاه بشدة حتى وإن ادعى العكس !!

ومن قال أن الحياة عادلة ؟! علينا فقط بالرضا في كل الأحوال

سلمك الله غاليتي من كل سوء واستجاب الله لدعائك شكرا لك
وبانتظار رأيك بالقادم
دمت سالمة🌼🌿💚



زهرورة and shezo like this.

فايزة العشري لوزة غير متواجد حالياً  
قديم 05-09-21, 04:11 PM   #42

فايزة العشري لوزة
 
الصورة الرمزية فايزة العشري لوزة

? العضوٌ??? » 472964
?  التسِجيلٌ » Jun 2020
? مشَارَ?اتْي » 393
?  نُقآطِيْ » فايزة العشري لوزة has a reputation beyond reputeفايزة العشري لوزة has a reputation beyond reputeفايزة العشري لوزة has a reputation beyond reputeفايزة العشري لوزة has a reputation beyond reputeفايزة العشري لوزة has a reputation beyond reputeفايزة العشري لوزة has a reputation beyond reputeفايزة العشري لوزة has a reputation beyond reputeفايزة العشري لوزة has a reputation beyond reputeفايزة العشري لوزة has a reputation beyond reputeفايزة العشري لوزة has a reputation beyond reputeفايزة العشري لوزة has a reputation beyond repute
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة قــــلــــم مشاهدة المشاركة
فصل هادف وقيم وواعي
وبه انفرادات انسانيه عميقه تماما
بل ومؤثره


راق لي جدا هذا القول وتوقفت كثيرا عنده :

غريب أمر الحياة ليست عادلة أبدا في منحها ومنعها
وبالأخير الرضي لمن يرضي



حقيقي
اسمتعت جدا بالقراءه المشوقه
وكلي شغف في انتظار جديدك









كان هنا





قلم



تحياتي وودي واحترامي










سعدت جدا أن الفصل قد نال إعجابكم وتأثرتم بأحداثه
إن شاء الله تجد القادم أكثر تشويقا وتأثيرا

شكرا لزهوركم الجميلة ولمروركم العطر

وبانتظار اَرائكم بالقادم
🌿🌼


فايزة العشري لوزة غير متواجد حالياً  
قديم 09-09-21, 11:44 PM   #43

فايزة العشري لوزة
 
الصورة الرمزية فايزة العشري لوزة

? العضوٌ??? » 472964
?  التسِجيلٌ » Jun 2020
? مشَارَ?اتْي » 393
?  نُقآطِيْ » فايزة العشري لوزة has a reputation beyond reputeفايزة العشري لوزة has a reputation beyond reputeفايزة العشري لوزة has a reputation beyond reputeفايزة العشري لوزة has a reputation beyond reputeفايزة العشري لوزة has a reputation beyond reputeفايزة العشري لوزة has a reputation beyond reputeفايزة العشري لوزة has a reputation beyond reputeفايزة العشري لوزة has a reputation beyond reputeفايزة العشري لوزة has a reputation beyond reputeفايزة العشري لوزة has a reputation beyond reputeفايزة العشري لوزة has a reputation beyond repute
افتراضي الفصل التاسع

الفصل التاسع

ركض الصبيان بسعادة وضحكتهما تملأ الحقول الممتدة حولهما كانت أعمارهما متقاربة أحدهما في العاشرة من عمره واﻵخر يكبره بعام، وقف صاحب العشرة أعوام يلتقط أنفاسه ويقول للآخر من بين لهاثه وضحكاته :
- الحلاق جزّ لك شعرك، رأسك أصبحت تشبه الحقل الفارغ؛
ضحك اﻵخر بانطلاق وهو يقف أيضا ليلتقط أنفاسه:
- حلاق غبي لم أطلب منه أن يفعل ذلك، لن أذهب عنده ثانية
هيا هيا نعاود السباق .. سأسبقك أنا يا كسول.
قالها وأطلق ساقيه للريح واﻵخر يحاول أن يلحق به وهو يصرخ:
-أنت مخادع لقد وقفت لأستريح قليلًا؛
استمر ضحكهما وركضهما حتى أوصل صاحب الرأس المحلوق صديقه إلى بيته وودعه وهو يقول:
- أراك غدا، نذهب للشيخ لنحفظ القراَن ثم نتسابق وسأدعك تفوز هذه المرة، ضحك اﻵخر وهو يقول :
- ليس لك شأن بي سأفوز عليك من دون تنازل.
- اتفقنا
وتصافحا بحب إلا أن الصبي صاحب الرأس المحلوق شعر برغبة تدفعه لمعانقة صديقه الذي كان يلازمه دوما في لعبه، ووجده أثناء حفظهما للقراَن عند شيخ القرية!
شيء كان يدفعه لاقتناص عناق من صديق كان يشعر أنه لن يلقاه مجددا !
تعانقا بحب وافترقا على أمل اللقاء، لكن ليست كل اﻵمال قابلة للتحقق، فرغم بساطتها إلا أن القدر يعزها علينا، ربما ليعوضنا بأفضل منها وربما ليبتلينا فيطهّرنا!
سار الصبي ذو الرأس الحليق يجر رجليه بإنهاك بعد طول ركض ولعب، يقدم رجل ويؤخر أخرى فلم يكن يتمنى العودة إلى القصر الكبير المهيب الذي يعيش بغرفة خارجية به مع والديه وأخته الصغيرة.
فقد كان يكره ذلك القصر الذي يعمل والده به خفيرا لحراسة قصر عمدة البلد .. ذلك الرجل الذي لم يكن يجرؤ أحدا أن يكسر له كلمة، وإلا سيكسر بسطوته ظهر المعترض! الجميع يخشاه، والجميع على علم بجبروته واستبداده لكن لا أحد يعترض والكل يخشى قول لا في وجهه حتى لا تطالهم يده فتبطش بهم.
أما القصر فكان جوه خانقا كئيبا ولم يكن يسليه سوى ذهابه للمدرسة فيبتعد عن هذا المكان بعض الوقت أو يذهب لحفظ القراَن مع صديقه فيهرب من ضيق المكان على قلبه رغم اتساعه لبعض الوقت اﻵخر.
وصل أخيرًا عند مغيب الشمس، دلف من بوابة القصر الحديدية التي يتبعها حديقة غنّاء واسعة لا يعلم لها طولا من عرض، وهو مطأطأ الرأس منهك الخطوات فجأة استوقفه صياحٌ من وراء ظهره للعمدة وهو يناديه بصوته المرعب الجهوري:
- تعالى هنا يا ولد.
وقف مكانه مندهشا من صياح العمدة به، ونداؤه له ليحضر عنده وهو ما لم يكن يعتاده!
دار على عقبيه ونظر نحو العمدة الذي كان يقف بجواره أبوه بثيابه الرثة ووجه كالح مهموم، وكأنه فجأة كبر مائة عام فصار هرمًا كان يقف مطأطأ الرأس متهدل الكتفين وكأن حمله فاض على طاقته! هيئة أبيه أفزعته.. أفزعته أكثر مما أفزعه رؤيته لوجه العمدة!
تقدّم نحوهما بقلب يتقافز من موضعه خوفًا، وما إن اقترب حتى تبيّنت له الدموع التي تجري على وجنتي أبيه فرسمت طريقا متعرجًا مُعوّجًا على خديه كما سيكون طريقه في قادم الأيام .
هالته دموع أبيه الذي لم يره يبكي من قبل، فقطع المسافة القليلة الباقية له راكضًا والتصق بأبيه محتضنًا إيّاه، يسأله بهلع وكأنه هو الذي ناداه:
- أبي .. ما بك .. ما بك يا أبي لِمَ تبكي؟!
كانت الطامة عندما لم يأته رده، ولم يضمه إليه حتى، بل تفاجأ بمن يجذبه بغلظة وقسوة من تشبثه بأبيه، قد كانت قبضة العمدة هي من جذبت به بشدة وسأله متجاهلا احتضانه لأبيه:
- ما الذي أخّرك للمغرب ودرس القراَن ينتهي عصرًا؟ وما هذه الحلاقة التي حلقتها لرأسك؟ استأذنت من؟ لتفعلها !
كانت كل حواسه ملتهبة بشعلة الغضب، والخوف، وعدم الفهم، كان يدرك أن شيئا ألمّ بأبيه ولابد أن يكون السبب وراء ذلك هو ذاك المتجبر الذي يحقق معه اﻵن، لم يكن يشعر سوى أنه يريد إيذائه مثلما آذاه، فانفجر الطفل بغضبٍ صارخ يُذكّر العمدة بعجزه وهو يقول:
- ليس لك شأن بي.. أنت لست أبي .. أبي هو من يحق له سؤالي، عندما يكون لك ابن اذهب واسأله وقم بتربيه .
لوهلة شعر الجميع أن للصمت صوت يسمع، قبل أن يصرخ العمدة بغضبٍ وهو يصفعه:
-يا ابن الكلب.
سقط الولد على الأرضِ من قوة الصفعة، وسمع شهقة أمه التي كانت تقف بمكان غير بعيدٍ وراء أبيه.
الغريب أن الضربة لم توجعه، بل فوجئ بصمت أبيه ووقوفه كتمثال من شمعٍ عاجزٍ عن الدفاع عنه، هذا ما أوجعه وأفزعه،
لم يتصرفون جميعهم بغرابة أجُنَّ القوم؟
اتجه نحوه العمدة ليصُبّ عليه جام غضبه، وسحبه من ذراعه يوقفه، وصاح على واحد من الخفر :
- عباااااااااس احضر الحبال، والخيرزان.
جرى عباس ليلبي الطلب، وهنا اندفع الأب أخيرًا نحو العمدة يقبل يديه ويتشفع لابنه قائلًا:
- بالله عليك يا سيدي .. أُقبّل يديك اعف عنه .. ولد صغير لا يحسن الكلام مع الكبار، وهو لا يعرف بعد ما تم بيننا واتفقنا عليه!!
دفعه العمدة في كتفه بغضب وهو يقول:
- اسكت .. لازم يتربى، وأنت .. أنت لم يعد لك حق به، حتى تمنعني عن تأديبه .
وقع الكلام على الصبي كالصاعقة، كيف لم يعد لأبيه حق فيه؟ وبأي حق يؤدّبه العمدة؟ وما الذي أتموه بينهم وهو لا يعلمه وما الذي اتفقوا عليه؟!.. لم يمهله العمدة مهلة للاندهاش أو محاولة تفسير ما يحدث، عندما جرّه إلى جذع نخلة طويلة كطول ليلته الليلاء، صرخ .. حاول أن يهرب من بين يديه لكنّه فشل، خانه جسده الصغير المنهك، فلم يستطع الفكاك من قبضة الظالم القوية، ثبته الخفير في جذع النخلة وقيد رسغيه بالحبال، فأصبح محتضنا لها استمر في الصراخ مستنجدا بأبيه ومحاولا التخلص من القيد، لكن محاولاته باءت بالفشل ..
يتناهى إلى مسامعه عويل أمه وأبيه وأخته التي شاركتهم نواحهم دون أن تساعدها أعوامها القليلة، فهم ما يحدث حولها!
أتاه صوت العمدة من خلفه يقول بغضب:
- من اليوم اسمك هو "صالح علوي صالح"!
لم يفهم الصبي ماذا يريد هذا المأفون خلفه، ولِمَ يغير له اسمه، بل وينسبه إليه ويجعله ولدا له!!
صرخ به العمدة من ورائه اﻵن ما اسمك؟!
بشكل لا إرادي وبديهي نطق الصبي قائلا من بين فيض دموعه:
- موسى نصر الدين .
هدر العمدة بغضب قائلا:
-غبي
وقف الصبي يرتجف برعبٍ كورقةِ خريف متمسكة بجذعها، لا تريد أن تسقط وتتركه وهو يسمع صوت تطويح العمدة بعصا الخيزران الرفيعة في الهواء فتصدر صوتًا مرعبًا كفحيحِ الثعبان، كزّ على أسنانه بخوف، لا يتوقع عاقبة حسنة من وراء هذا الصوت المرعب وما أسوأ من انتظار وقوع بلاء واقع لا محالة.
قطع عليه انتظاره المرتجف فرقعة العصا على ظهره، فصرخ كما لم يصرخ من قبل، صرخ ولا يعرف ما الذي يدفعه اﻵن تحديدا لملئ الدنيا صراخا؟
لا يعرف إن كان الذي يدفعه خوفه؟ أم ألمه؟ أم العجز الساكن بعيني أمه؟ أم القهر الذي يطل عليه من عيني أبيه؟! أيصرخ وجعًا؟ أم خوفًا؟ أم ظلمًا؟!
كانت الدموع المالحة تغرق وجهه الصغير، ولا يستطيع أن يزيلها عن عينيه، فتركها تغرقه، تغرق ملابسه وتهرب إلى شفتيه.
أتاه سؤال العمدة مجددًا:
- ما اسمك؟!
فأجاب غير متعمدٍ:
- موسى نصر الدين.
فنزلت ضربات الخيزران على ظهره متتابعة، والعمدة يصيح مع كل ضربةٍ :
-اسمك صالح علوي صالح .. صالح علوي صالح.. وشعرك هذا عقابا لك، ستظل تحلقه كل مرة عن اَخره تماما كما فعلت، حتى أقرر أنا غير ذلك.
مع كل ضربة كانت تلهب ظهره الصغير لكنّها كانت تقربه من جذع النخلة أكثر فتوخزه قساوتها في صدره برقة، وكأنها تطلب منه أن يصير صلبًا مثلها أو متحجرا ككل هؤلاء الذين يقفون وراء ظهره، بح صوته من الصراخ والارتجاف والدموع أغشت عينيه، فكان يشعره ذلك بالخزي أكثر كلما تذكر قول أمه له كلما كان يأتيها باكيا لأمر ما في سنين مضت:
- الرجال لا يبكون.
أهو ليس رجلا لأنه يبكي اﻵن؟ أم أن الوجع قد يصير أكبر من احتمال الرجال فيبكون كما يبكي أبيه اﻵن؟!
خارت قواه وفقدت رجلاه القوة على حمله فلانت ووقع وهو مكبل، فجرى إليه أبويه برعبٍ يفكّان قيده، فقال لهما العمدة بصوته الأجش:
- احملاه وعالجاه بحجرتكما، سيبيت عندكم اليوم ﻵخر ليلة وفي الصباح ودّعاه، وادخلاه لي بالقصر.
كانت هذه اَخر كلمات سمعها قبل أن يغشى عليه فاقدا وعيه، ليفيق في الصباح على دقّات على باب حجرة أبيه، كان ممدًا على فراش أبيه وأمه اللذان تمددا على الأرض وراء الستار الفاصل بين فراشه وساحة البيت، كان عاري الصدر يَلُفّ صدره بعض الضمادات والألم بظهره كوخز الإبر، حاول أن يقف ليفتح للطارق لكن أمه قد سبقته واستفاقت، وقامت لتفتح الباب، فيأتيه صوت صديقه الحبيب:
- صباح الخير يا خالة .. أين موسى؟ أريده لكي نراجع ما حفظناه من القراَن قبل ذهابنا لدرس اليوم.
فأتاه صوت أمه يقول بنبرة جنائزية:
- موسى مات يا ولدي!.
قطع عليه استرساله بالذكريات طرق الممرضة لباب عيادته، ثم دلفت وهي تقول:
-دكتور موسى لم يعد هناك حالات بالانتظار، هل يمكنني الانصراف قبل ميعادنا. نظر لها موسى بعينين غائمتين مغرورقة بالدموع ثم قال بعد برهة:
- حسنا اذهبي
شكرته الممرضة بلطفٍ ورحلت على الفور لتتركه وراءها يجتر الذكريات ..
كم كان قاسيًا ماضيه، ولا زالت قسوته تطارده مهاتفته لأخته منذ قليل وقولها له أن أمه لازالت تطلب عودته والأخذ بثأر أبيه من قتلته، من قتلته الذين قتلوه خطأ وكان المقصود هو العمدة وراح أبوه كبش فداء لذلك المتجبر.
يأخذ بثأر أبيه أم بثأره هو؟
ثم يأخذ بثأره ممن، وكلهم قتلة؟!
حتى أمه نفسها قتلته.
وهل لازالت تعتبره ابنها بعدما طاوعها لسانها أن تنطق زورا بموته؟!
أاﻵن تطلب منه أن يعود ويظهر على الساحة مجددا بعدما ضاع عمره شريدا وحيدا متخفيا في اسمه الحقيقي الذي استخرجوا له شهادة وفاة، وفي أوراقه الرسمية كلها يحي باسم "صالح علوي صالح"، تسأله اﻵن أن يخرج هويته المدفونة من قبرها ليضيع القادم أيضا من عمره؟!
خبط براحته سطح مكتبه بتأفف وغضب، ما كان له أن يهاتف أخته اليوم، ما كان له أن يحدثها فتسمعه ما لا يرغب، وتُذكّره بماضيه المظلم، بل والأشد قسوةً يطالبوه بالعودة إلى ماضيه بعد طول هرب منه.. لا لا لن يفعل ذلك أبدا
عليه أن ينسى هذا .. هو صار طبيبًا ناجحًا يعالج المرضى، ويداوي جراحهم، وحتى وإن لم يستطع بمداواة جراحه يكفيه أنه يُشفى بكل دعوة يغدقها عليه مريض كان سببا في شفائه.
داعبت شفتيه طيف ابتسامة عندما تذكر حالته الاستثنائية "فريدة" تلك هي الوحيدة التي يشعر أنها تود قتله أو قذفه بأقرب مزهرية مجاورة لها، وليس الدعاء له، فقط أمها تلك المرأة الحنون هي من تدعو له .. كم كان يتمنى لو أنه يسمع تلك الدعوات من شفتي أمه، لكن للأسف ليست كل القلوب واحدة هناك قلوب يذيبها نسمة هواء برقتها وقلوب أخرى موصدة بأقفال صلدة كأنها من فولاذ لا تلين!!
زفر وكأنّه يخرج حميم أفكاره مع زفيره، ثم استند بمرفقه على سطح مكتبه مداعبًا بيده لحيته القصيرة وباليد الأخرى يعبث بقلمه بخطوط متقاطعة وأشكال مختلفة على الورق الموضوع أمامه، وذهب عقله إلى حيث لقائه القريب بهذه ال"فريدة" ذهب عقله إلى غدٍ بالتحديد ميعاد دعوته للغداء عندها، عليه أن يستعد جيدا لهذا اللقاء، عليه بتشذيب لحيته التي استطالت قليلا، أما شعره فسيتركه هكذا غزيرًا عاليا ناعما ولن يقص منه شعرة واحدة تذكره بماضيه وكيف كان مجبرا على حلقه تماما حتى صار فتًا!
وسيُعد حُلة أنيقة ليرتديها .. أم أنه ليس بحاجة لارتداء حُلة كاملة وفقط عليه ارتداء ثياب بسيطة كثيابه اليومية المكونة من القميص وبنطال الجينز !
ضحك من تفكيره الذي أشعره بأنه عريس يستعد ويتأنق لعروسه!
ما به؟ إنها دعوة غداء عادية، فما بال هذا الإحساس الذي يجول بصدره ... لِمَ هذا الإحساس الغريب بالارتباك الذي يشوبه السعادة واللهفة ربما لهفته تكون لجو عائلي دافئ يجمعه بهما ويفتقده، أو ربما لهفة إلى وجهها البهي وملامحها الطفولية.
يتمنى أن تواتيه الفرصة لِيعرف عنها أكثر لذا عليه أن يصمت أكثر ولا يتحدث عن نفسه الذي لا يريد أن يتذكرها أو يتحدث عنها، وفي مقابل صمته يتركها تتحدث ليعرف عنها أكثر.
لعله يعرف أين زوجها؟
أو يعرف سببًا وراء نظرات عينيها التي اتخذ منهما الخوف موطنًا! أو يفهم لِمَ يشعر وكأنه مسئول عنها؟ لِمَ حَرّكت بقلبه مشاعر مختلطة لا يجد لها تفسيرا.
يشعر أنها عانت كما عانى! يشعر أن ظلمًا ما قد وقع بها، يشعر وكأنه يريد حمايتها من الناس جميعا، وكأنها غزالة ضلّت طريقها في الغاب وهو وحده من يحق له حمايتها .. لكنه يعرف أنها لها الحق أن تخشى الغابة التي حولها.
تسائل بصوتٍ مسموعٍ وهو شارد:
- يا ترى يا "فريدة" أي نوع من وحوش الغاب واجهتِ ؟
------------
كان يوما دراسيًا شاقًا وطويلًا عليها ، فهي لم تنم جيدًا في ليلة البارحة، بعد محادثتها لفريدة ظل عقلها يجول في كل حدبٍ و صوبٍ، تارة في فريدة ومشاكلها وتارة في أيامها المتشابهة الراكدة، وتارة أخرى في ذاك الوسيم "زاهر" هذا الرجل ذو الوجود الطاغي على التفكير، والقلب، والكيان!
ألم تكن قد اتفقت مع قلبها أن يصده؟!
نعم هي فعلت لكن منذ متى كان للقلب سلطان أو لجام؟
قلبها يعاندها ويهرب إليه، واستقر رأيها على أن تترك قلبها يلهو لكن بالخيال والأحلام فقط، ولن تحرم على نفسها ذلك أيضا.
وأكثر ما أسعدها في يومها هو عزفها مع الطلاب مقطوعة موسيقية لشوبان كانت المقطوعة مميزة لأنها معزوفة باَلة البيانو، وهي تُحدّث نفسها قبل أن تتحدى مدير المدرسة أنها قادرة على تحويلها، وعزفها على الكمان وتعليمها للأولاد وقد استطاعت بالفعل أن تكسب هذا التحدي، ونالت إطراء وإعجاب مديرها، فقط كان ما ينقصها حقا هو وجود "فريدة" معها في هذا اليوم المميز …
ابتعدت خطوتان أو ثلاثة عن بوابة المدرسة أثناء سيرها في طريق العودة حتّى سمعت صوتا رجوليا مميزًا ينده باسمها فغاص قلبها في موضعه وسرت بجسدها رعشة والتفتت بوجه ملأته الدهشة ليتأكد لها صحة ما قد خمنته عن صاحب الصوت الذي وكأنه قد خرج من قلبها ليصير أمامها
!.. خرج صوتها مختنقا من حنجرتها مليئا بالتساؤلات والحيرة قائلة :
- أستاذ زاهر ؟!!! ماذا تريد؟!!!...
------------------
انقضى منتصف النهار وأذن المؤذن لصلاة العصر منذ أكثر من نصف ساعة وهي لم تُصلِ بعد ولم تنتهِ أمها بعد من التجهيزات لوليمة الغد كما يحلو لها أن تطلق عليها، وليست دعوة عادية لتناول طعام الغداء !
الكثير من أصناف الطعام قد أعدّتها مع أمها لزائر الغد المنتظر ذلك الطبيب المبجل الذي سيأتيهم ضيفا في غَدِهم على وجبة الغداء، ولأنه زائر غير عادي عند أمها فما كان منها إلا أن أهلكتها في تجهيزات الطعام وصنوف المحاشي واللحوم والدجاج! أما هي وﻷنه ضيف غير مرغوب به عندها فلا ترى سببا لكل هذا البذخ المفرط، بل إنها كانت لترى أن تضايفه بفنجان قهوة مر وطبق مقبلات وكفى ولا داعي للغداء من الأساس.
وما يغيظها أكثر أنها كلما سألت أمها وأظهرت بعضا من ضيقها الخفي أو تأفف من كثرة العمل بالمطبخ، لا تجد منها غير إجابة:
- إكرام الضيف واجب يا صغيرتي
فيزداد حنقها أكثر وأكثر، فهي وإن أقنعت نفسها بدعوة الغداء فلن تستطيع إقناع نفسها بتجهيز هذا الكم من الطعام، كأن جيوشا وكتائب قادمة لتناول الطعام معهما، أو لعلّ هذا الطبيب يحمل في جوفه وحشا خفيا، سيلتهم كل هذا الطعام أو ربما التهمهما أيضا حتى يشبع !
ضحكت لتخيلها الثائر والحانق على كل شيء، ها هي أوشكت على إنهاء تجهيزات الطعام، ولم يبق لها إلا أن ترتب منزلهما وتنام حتى يأتي الغد، فقط يا ليت النوم لا يجافيها ويهجر مضجعها من كثرة قلقها مما سيحدث بالغد، فهي تحاول التلهي عن التفكير به أو التفكير بما ينتظرها الغد من لقيا ذاك الطبيب، فقلبها منه وجل!
صحيح أنها يجب أن تستمع لكلام مريم بأن تمنح قلبها فرصة جديدة؛ ليتحرر من ماضيه، لكنها مرتعبة ... تخشى إعطاء الفرص ثم تُخذل مرة أخرى ..
هشة هي كريشةٍ تتقاذفها الرياح، لا قدرة لها على فعل شيء ولا رغبة لديها للمجازفة والوقوف ثابتة أمام عواصف حب جديد، فاقدة الإرادة، خائرة القوى كأعواد مكرونة لبثت في ماء مغلي لفترة من الزمن فصارت مثلها هشة ورخوة !
ثم إنها لا تعرف لِمَ لا زال قلبها كلما جاء على ذكر "سيف" يضطرب؟!
باغضة هي لإحساسها هذا، كارهة لضعفها أمام ذكرى حبها الضائع، حانقة على إخلاص قلبها لرجلٍ أذلّها أمام روحها، حتى وإن كانت أياما حلوة وذكريات لا تنسى قد جمعتهما معا !
فكيف تمنح نفسها فرصة ، وشعورها مختلج وأحاسيسها متضاربة؟ كيف لها أن تمنح رجلًا فرصة للتقرب منها أو تجاوز ذلك السور الذي بنته حول قلبها ؟!
سور قلبها الكبير من أشواك تجرح به كل من حاول أن يدنو، وهي من وراء سورها مجروحة.
وتضيف على قلبها ضيقًا آخر تصرفات أمها وكأنها جارية في سوق الرقيق وأمها تحاول أن تعرض بضاعتها حتّى تجد سيدًا يقبل بتلك البضاعة المزجاة فيقبل بها ويوف لها كيلا من الحب ويتصدّق عليها بمشاعر أو ربما يمن عليها بطلب زواج، فهكذا يُنظر إليها هي ومن مثلها مِن مُطلقات لم يكن الحب حليفًا لهن ولا الحياة الوردية من حظهن، فكيف سينظر لها ذاك الطبيب الذي لا تتذكر وجهه حتى إلا بهذه النظرة السائدة في مجتمعهم .. فتُعرِّضها أمها بذلك للحرج و جرح مشاعرها أكثر مما هي مُجرَّحة ولا طاقة لها لجرحٍ جديد .
استمرت في تقطيع حبات الطماطم لإعداد صحن كبير لسلطة خضار وعقلها يجوب في ذكرياتها مع سيف عُمرها الباتر و ما اَلَ إليه حالها اﻵن ولسانها يُغرّد بصوتٍ خفيضٍ بصوتها العذب الرقيق الذي طالما تدللت على سيف به، وغنَّت له من أغاني الحب في أيامهما السعيدة، لكنها اﻵن كانت تغني بما يلائم مزاجها العكر ويفكر به عقلها الشارد:
"معقول أحب تاني ... إزاي لا مش معقول
ده الحب الأولاني خلاني أسأل وأقول
تاني يا حبي تاني؟ ما كفاية يا زماني!
تاني يا حبي تاني؟ ما كفاية يا زماني
نجري ورا الأماني.. ونضيع ويا المجهول*


كانت أمها جالسة على إحدى كراسي الطاولة التي تتوسط المطبخ تقطع خضروات وتستمع لصوتِ ابنتها الرقيق التي تعطي لها ظهرها وتدندن باللحن المعروف للغنوة التي تتغنى بها، كانت كلماتها تشي بِمَ تفكر به وأنها غير قادرة على الحب من جديدٍ، لكنها لن تسمح لها أن تتركها هكذا تائهة متخبطة ولن تجاريها!
وعلى غير عادتها في رغبتها في سماع غناء ابنتها أو الغناء معها قاطعتها قائلة :
- أنهِ ما تقومي بتقطيعه يا فريدة واذهبي لصلاة العصر، ثم جهّزي ما سترتديه غدًا.
قطع شرودها صوت أمها المفاجئ فاضطربت يداها وكأنها قد لدغها عقرب فجرحت إبهامها بالسكين القاطع، وفي نفس اللحظة ألقته من يدها كرد فعل ناجم عن ألم جرحها .. ثم اتجهت نحو الصنبور لتضع أصبعها المجروح ذات الدماء الثائرة تحت الماء الجاري وكأن دمائها قد وجدت الفرصة سانحة لتتدفق منها إعلانا منها بالثورة والاضطراب .
ظلّت أمها تراقب ما حدث بوجه قلق، ولم تتحرك من موضعها لتطمئن عليها، لأنها لم تشأ أن تشعرها بأن اضطرابها هذا شيئا طبيعيا لابد لها أن تقسو قليلا على فريدة حتى تستفيق مما هي فيه لابد ..
أنهت فريدة غسل أصابعها من الدماء التي كلما زالت كلما ظهرت من جديد على أصبعها رغم أن الجرح لم يكن عميقا،وخرجت من المطبخ وهي ممسكة يدها المجروحة بيدها الأخرى المرتعشة مقطبة الجبين شاعرة بقليل من الدوار نتيجة لرؤيتها لدماء يدها، ثم اتجهت نحو الخلاء، ففتحت صندوق الاسعافات المثبّت في الحائط وأخرجت منه قطنًا وشاشًا طبيًا، ثم عملت على تضميد جرحها، وهي تكاد تفقد وعيها من شدة اضطرابها من مظهر الدماء المنبثق، أنهت ما كانت تفعله، وخرجت متوجّهة لغرفتها بغضبٍ من رد فعل أمها التي لم تهرع إليها ولم تسألها حتى عن حالها ولم تأتِ لتضمد لها جرحها، رغم علمها بأنها تكاد تفقد الوعي أمام منظر الدماء لم تتجه مرة أخرى للمطبخ، لن تكمل ما كانت بدأته، واتجهت إلى غرفتها ساخطة على هذا الطبيب الذي لم يأتِ من ورائه إلى اﻵن إلا جرح أصبعها بسبب الوليمة التي سيبتلعها لتستقر داخل كرشه -إذا كان له كرش- و غضب أمها منها وكأنها ليست ابنتها وقد تبنته هو عوضًا عنها !
وقبل أن تدلف داخل حجرتها سمعت أمها تسألها من روائها:
ـ فريدة هل أنت بخير ؟
ابتسمت فريدة ابتسامة جانبية تنم عن خيبتها وضيقها وأجابت في اقتضاب:
- نعم .. بخير .
تعلم أمها تمام العلم أنها كاذبة لكنها لم تُرد أن تشعرها بقلقها عليها فأكملت كأنها مصدقة لقولها:
- حمدا لله إذن فلتصلي وتعدي ثياب غد التي ستستقبلين بها ضيفنا يا حبيبتي وعندما تنتهي أخبريني حتى نتناول معا طعام الغداء .. أُريدك أن تُبهريني غدا بأناقتك يا صغيرتي .
صمتت فريدة ولم تعقّب بسبب شعورها بأن أحد أبراج عقلها سيطير حتما أمام معاملة أمها لها، تشعر وكأن أمها تستفزها ..لِمَ تفعل ذلك؟ هي تحتاج أن تطمئنها لا أن تزيد من غضبها وإثارة أعصابها لذا حاولت أن تبدو طبيعية رغم أن عينيها تفضح خلاف ذلك وأجابت أمها قائلة :
- إن شاء الله .. استأذنك يا أمي .
ابتسمت لها أمها دون أن تعقّب وكأنها منحتها الإذن فأغلقت فريدة باب حجرتها تاركة أمها خلفها تنظر لباب الحجرة بقلق وقد غابت بسمتها هي تعرف أن ابنتها قلقة ولكن لا شيء يستحق القلق. ضيفهم الذي سيأتيهم غدا لن يأكلها بالطبع وهي قلقة ومتوترة من اللا شيء، وتعطي الأمور أكبر من حجمها؛ لذا لن تجاريها في قلقها حتى لا تشعر أنه أمر طبيعي، ورغم قرارها هذا إلا أن قلبها قلق من اضطراب أعصاب ابنتها الزائد وتمنت أن يمر غَدِهم على خير .
أما فريدة فقد ارتمت على فراشها وتركت دموعها تنساب على خديها المتوردين، دموعًا جارية على وجنتيها تزيد من اشتعالهما وتطفئ ولو قليلا من حرارة قلبها واشتعال أعصابها.
حدثت نفسها وهي مغمضة العينين ودموعها لا زالت تنساب بصوت غير مسموع :
- ما بكِ يا فريدة اهدئي لا شيء يستحق تلك الدموع .. لا شيء يستحق القلق أبدا
- لا هناك ما يستحق، جرح أصبعي يؤلمني بحق، وأمي تتعامل معي بطريقة لم أعهدها منها وتريدني أن أتنّق لأبهر ذلك الغبي الذي سيأتينا غدا في حقيقة الأمر و ليس لأبهرها كما تدعي، وسيف وذكرياته وحديث زاهر عنه، كل هذا ولا يوجد ما يستحق أنا مكدودة .. مكدودة حقًا، وأتمنى لو نمت نومًا أبديًا لأستريح من عناء التفكير والإحساس والحب والإخلاص كل تلك المشاعر الرخيصة التي لا قيمة لها اﻵن ولا طاقة لي للإحساس بها مجددا .. لا طاقة لي.. لمَ لا يشعر بي أحد ؟!
- حسنا .. لك الحق في التوتر والبكاء ولكن ليس إلى هذا الحد فقط اهدئي وستجري الأمور على أحسن ما يرام ألم تقري بأنك يجب أن تعطي فرصة لقلبك ؟ أمنحِ لنفسك تلك الفرصة يا فريدة و كفاكِ بكاءً على اللبن المسكوب كالحمقى ، البكاء على ماضٍ ولّى بدايات الجنون فاحذري .
- وماذا علي أن أفعل؟ أأتأنق وأُعدّ نفسي لأنال رضا ذلك الطبيب؟! وماذا لو فعلت وتأنّقت وعلم بحكايتي فخابت كل أماني أمي وأحلامها ورفضني لأني مُطلقة ؟ بالتأكيد هذه رغبتي ألّا يرتبط بي، ولكن في نفس الوقت سيؤلمني هذا ويشعرني بأنني جارية معروضة في سوق الرقيق، وقد يشتري، وقد يمتنع... لا لا كفى سخفًا .. هذا فوق احتمالي حقا.
- وماذا ستفعلين إذًا ؟
- لا أعرف .. لا أعرف
ثم أضاءت في عقلها فكرة شيطانية جمّلها شيطان نفسها بعينيها فكرة تليق بحالتها النفسية وكمية الضغوط التي تواجهها ثم جلست، ومسحت دموعها بيدها السليمة ثم حكت شعرها المموج بيدها، ورفعت خصلة شعرها التي انسدلت على عينها وابتسمت برضى عن فكرتها وقالت بصوتٍ مسموعٍ :
- حسنا سأتأنق كما شئتِ يا أمي سأتأنق، لكن بطريقتي الخاصة!

__________________________________________________ ___

-
- * أغنية من غناء وردة الجزائرية وكلمات مرسي جميل عزيز
-بانتظار اَرائكم وانتقادتكم البناء دمتم بحب وموعدنا يوم الخميس القادم
بقلم/ فايزة ضياء العشري


فايزة العشري لوزة غير متواجد حالياً  
قديم 10-09-21, 02:39 PM   #44

عبد الرزاق أنس
 
الصورة الرمزية عبد الرزاق أنس

? العضوٌ??? » 492246
?  التسِجيلٌ » Sep 2021
? مشَارَ?اتْي » 2
?  نُقآطِيْ » عبد الرزاق أنس is on a distinguished road
افتراضي

الفصل سيكون يتنقيطه 09/10، أول الغيث، لن أتحدث عن التفاصيل، عن الألم عن تغييرك لمجريات الأحداث، جعلتنا نتحرق شوقًا لمعرفة، ماذت سيحدث في بقية الفصول، ثبات في المستوى ومفردات جميلة، استخدامك لمفرردات من القرآن الكريم أضفى على الفصل جمالية واراقني كثيرًا ما فعلتِ، من خلال قراءتي للفصل تبين بأننك تعبتِ كثيرًا وعصرتِ بنات أفكارك، ورتبتها، وزيّنتها، فأخرجتِ لنا حلة تسرّ للقارئين، لن أنسى موسى الأكول، أضحكني تنمر فريدة عليه، وفقتِ في جميع الأحداث دون استثناء...... لقد أوقتِ نفسك في ورطةٍ هذه المرة، وجب عليك المضي قدمًا فالقارئ لن يرضى إلا بفصل مقارب للفصل التاسع أو يتجاوز، بالتوووووفيق....

عبد الرزاق أنس غير متواجد حالياً  
قديم 10-09-21, 10:35 PM   #45

shezo

نجم روايتي

 
الصورة الرمزية shezo

? العضوٌ??? » 373461
?  التسِجيلٌ » May 2016
? مشَارَ?اتْي » 10,532
?  نُقآطِيْ » shezo has a reputation beyond reputeshezo has a reputation beyond reputeshezo has a reputation beyond reputeshezo has a reputation beyond reputeshezo has a reputation beyond reputeshezo has a reputation beyond reputeshezo has a reputation beyond reputeshezo has a reputation beyond reputeshezo has a reputation beyond reputeshezo has a reputation beyond reputeshezo has a reputation beyond repute
افتراضي

مرحبا".أبناء وقتلة".حقوق الوالدين أكثر من أن تحصي لقدسية مكانة الوالدين ولعل سورة الإسراء بها جانب كبير من الحض علي الرفقx بالوالدين وحسن معاملتهما
بل حتي الوالدين الغير مؤمنينx لهما حقوقا تؤطر في مصاحبتهما بالمعروف بسورة الإحقاف
عقوق الابناء من الكبائر فماذا عن عقوق الوالدين لأبنائهم
عندما يعلن الوالدين وفاة إبنهم وتنازلهم عنه للعمدة أيا كان جبروته خاصة ان موسي كان بالحادية عشر اي ان البلدة تعرف إبن من هو.
وما دام إبنهم موسي مات وصار هو بالاوراق الرسمية صالح فلا حقوق لهم عليه يطالبونه بها خاصة أن الثار الذى يطلبوه لابيه البيولوجي والذى قتل أيضا نيابة عن العمدة مخالف للقانون .
ولمن يثأر ؟لمن تخلوا عنه الأن تذكروا أنه ابنا لهم
وبدون كل ذلك الماضي فهذا الثأر تقليد جاهلي يجب أن ينتفي مع وجود القانون وإذا لم يتحقق فرب العباد عينه لا تغفل ولا تنام ولا تضيع عنده الحقوق والمظالم.
صدقا لقد أبهرتني بمقدمة الفصل وكأنه برواية أخرى.
"أحلام مشروعة"مريم تلك الشخصية الجميلة رغم ما يحيط بها من عوامل تبعث علي الإحباط إلا أنها متوازنة تعيش ألمها ببسمة ويومها بنغمة وغدها بأمل.
الحلم والأمل زاد المقهورين بإمكانياتهم المكبلين بظروفهم فمتي كانت الأحلام غير مشروعة ؟بل هي زاد يعطي للمرء قوة
وكم من أحلام ظنها أصحابها مستحيلة واضحت بمشيئة الله واقعا ملموسا بالأخذ بأسباب تحقيقها.
وإذا لم تتحقق يكفي سعادة أن يشعر المرء بتحقق الامل ولو بخياله كاستراحة محارب من واقع صعب
"ترحال عبر الأحزان".يا لفريدة وطبيعتها النقية التي تجعلها كالمسافر عبر رحلة أحزان لا تريد ان تغادرها وتوليها ظهرها .
وكأنها بعد هوانها مع المدعو سيف اغلقت قلبهاx دونه ومع ذلك أغلقته امام اى احد آخر
بشكل مرضي تستدعي الذكريات وتحتفظ بالجزء الحسن منها وكأنها تعلق علي قلبها لافتة ممنوع الإقتراب.
وتوهم نفسها انها تقي نفسها من أن تعامل كجارية يتم عرضها لانها مطلقة.
والواقع أنها أوصدت الباب علي تجربة فاشلة وشخص سادى مريض لفظها بكل قسوة ولفظت هي بعده قلبها بإحاطته بسياج من الأشواك
ليس ذلك فحسب بل تعد مفاجاة لموسي الذى تأمل به أمها زوجا لها فهل سألت نفسها هل هو فكر فيها من هذه الناحية؟ ام هل فكرت به كإنسان وليس وحش يريد التهامها؟
لا تستعجل قدرها فسيف الذى وقفت حياتها بسببه عائدا ليستعيد أملاكه فلترى ماذا ستفعل للتصدى له؟
بانتظار مواجهات الفصل القادم .
لك كل المودة والمحبة غاليتي


shezo متواجد حالياً  
قديم 17-09-21, 12:05 AM   #46

فايزة العشري لوزة
 
الصورة الرمزية فايزة العشري لوزة

? العضوٌ??? » 472964
?  التسِجيلٌ » Jun 2020
? مشَارَ?اتْي » 393
?  نُقآطِيْ » فايزة العشري لوزة has a reputation beyond reputeفايزة العشري لوزة has a reputation beyond reputeفايزة العشري لوزة has a reputation beyond reputeفايزة العشري لوزة has a reputation beyond reputeفايزة العشري لوزة has a reputation beyond reputeفايزة العشري لوزة has a reputation beyond reputeفايزة العشري لوزة has a reputation beyond reputeفايزة العشري لوزة has a reputation beyond reputeفايزة العشري لوزة has a reputation beyond reputeفايزة العشري لوزة has a reputation beyond reputeفايزة العشري لوزة has a reputation beyond repute
افتراضي الفصل العاشر

الفصل العاشر

اَخر شخص كانت تتوقع رؤيته هو "زاهر" ورغم أنها شعرت بأن قلبها غاص بين ضلوعها ولا تعرف لذلك سببا إلا أنها قد تستطيع أن تبوح لنفسها بأنها مُحلقة كفراشة ملونة في سماء السعادة في هذه اللحظة، قلبها يرجف . كم هو يومُ رائع يبدأ بإطراء مديرها عليها في المدرسة وينتهي بلقيا ذلك الوسيم الطويل الرابض أمامها كعمود إنارة كما وصفته مسبقا ..
ابتسمت في سرها ولم تبدِ شيئا من بسمتها ولا سعادتها فقد وأدتها قبل أن تملأ كيانها بتساؤل حط رحاله بعقلها ليفسد عليها سعادتها تلك، لم جاء؟ أجاء بحثا عن "فريدة" مجددا؟ بالتأكيد هو جاء لأجل ذلك وإلا لم جاء؟ لذا ترجمت تساؤلها على هيئة كلمات أخفت وراءها كل اختلاجات قلبها :
- أستاذ زاهر ؟؟ ماذا تريد؟!
ابتسم ابتسامة جانبية جعلته أكثر جاذبية ووسامة بوجهه الحليق، وشعره العالي البني كعينيه، لكنها أخفضت ناظريها بسرعة في حياء جعلها لم تقتنص من رؤية وجهه وبسمته إلا النذر اليسير، ولم تسنح لها الفرصة رؤية ازدياد بسمته أمام حيائها الخلاب الذي أسره، فأجاب سؤالها ولم يطل صمته قائلا بنبرة مرحة مشاكسة :
- ألم تعلمي الصغار في المدرسة أنه من الذوق أن يُلقوا التحية أولا والسؤال عن الحال؟

قطبت جبينها بإحراج وغضب من تلميحه لها بسرعة سؤالها عم يريده دون تحية له أو ترحيب! مَن عساه يظن نفسه كي يحرجها هكذا وكأنه يشير لها بعدم فهمها في الذوقيات؟! و سرعان ما انقلبت سعادتها الداخلية لرؤيته إلى حنق وغضب منه فردت سؤاله وهي تحاول السيطرة على مشاعرها المتضاربة مخفيةََ غضبها قائلة :
- نعم أعلمهم ذلك ولكن السؤال عن الحال والترحيب لا يكون للغرباء، بل أعلمهم ألا يتبادلوا أطراف الحديث مع الغرباء لذا؛ وﻷنك لم تفصح عما تريد فأستئذنك بالانصراف .
ثم أتبعت قولها بفعل وحاولت أن تبتعد من أمامه؛ لتكمل سيرها لكنه أمسك برسغها بسرعة ليمنعها من الحركة قائلا :
- وأنا لم اَذن لك في الانصراف حتى تنصرفي .
حاولت أن تخلص معصمها من بين يده بغضب وهي مقطبة الجبين مستاءة من كلامه ولما لم تستطع رفعت وجهها إليه وعينيها الواسعتين تشع غضبا وهي تقول بغيظ
- اترك يدي فورا يا هذا .. من تظن نفسك حتى تأذن أو لا تأذن دعني أنصرف وإلا صرخت اﻵن فجمعت حولك من يعرفونك مقامك .

كانت كقطة شرسة في عينيه، قطة سرقت قلبه بخفة يد وسرعة لم يكن يحسب لها حسابا، ورغم شراستها التي تتحدث بها إلا أنه كان يرى في عينيها خوفا تحاول ألا تبديه، وتهديدها الذي تزعم فعله تقول له عينيها أنها أبدا لن تفعل!
وابتسم حينما انتبه أنها لا زالت تطلع إلى عينيه بغضب وقد أنساها غضبها حياءها، فقال لها وهو ينظر لها نظرة ماكرة :
- أخيرا استطعت استفزازك لترفعي بصرك إلي فأتطلع كما أشاء إلى هذا الوجه الرقيق -ثم ترك معصمها.
طأطأت بوجهها في سرعة متوترة خجلا وحنقا، ثم مسدت معصمها بيدها الأخرى، وخديها كتفاحتين طازجتين جاهزتين للأكل!. فاجأها كلامه وأربكها، هذا المجنون العابث ماذا يريد منها، ومن قلبها؟ في لحظة يحنقها وفي التالية يرضيها!! كيف له أن يلعب على وتر قلبها بهذه البراعة والسلاسة كأنه الوحيد القادر على عزف سمفونيتها!!

ضحك ضحكة قصيرة من ارتباكها ثم سألها وهو يشير إلى رسغها الذي تمسده باهتمام:
- هل أوجعتك؟ أنا اَسف حقا.
- ماذا تريد؟!
اتسعت ابتسامته وهو ينظر حوله ثم إلى السماء، ها هي عادت القطة إلى شراستها مجددا وبسرعة رغم بقايا حمرة الخجل التي لا زالت تزين وجهها؛ لذا أجابها ببساطة قائلا :
- حسنا .. تسمحين لي أن أوصلك إلى البيت وفي الطريق نتحدث؟
لم ترفع له وجهها هذه المرة وكأنها تعلمت الدرس وفهمت خططه لاستفزازها وعزمت ألا تقع بالخطأ مرتين فأجابته وهي لا زالت غاضبة :
- لا .. -قالتها قاطعة حاسمة وسكتت برهة، ثم أكملت لتخفف من حدة رفضها قائلة: لن أركب معك ولن توصلني إلى أي مكان هات ما لديك و دعني أرحل فقط .

ولأنه كان يتوقع منها اعتراضا فلم يماطل معها وقال:
- حسنا .. كما تشائين، لكن سأسير معك حتى نهاية هذا الشارع، وإذا سمحتي لا تجادليني. -قالها نبرة تحذيرية غليظة، وكأنه يُنذرها من رد فعله الذي لن تتوقعه إذا عاندته، ولأن شيئا من الخوف كان يسري في أعصابها فلم تجادل معه وصمتت دون اعتراض، فابتسم مجددا في رضا عن انتصاره في إقناع تلك المهرة العنيدة ؛ لذا أفسح لها الطريق متخذا من صمتها قبولا لطلبه قائلا:
- هيا بنا
أكملت سيرها إلى جوارها وهي مشوشة التفكير تكاد تموت خجلا، لم تسر يوما بالطريق مع رجل أي رجل كان سواء قريب أو غريب ثم ابتسمت في سرها بسمة استهزاء وانكسار قائلة لنفسها : و هل لك رجل قريب من الأساس يا مريم؟!
وللعجب شعرت بالكدر من ظهور "زاهر" في هذا اليوم، فظهوره، سلب منها راحة بالها وصنع دومات في بحيرة قلبها الراكدة. دوامات مضطربة من الشعور تجعل قلبها يغوص في أعماق صدرها وينزوي على نفسه كطفل خائف، فسبحان مقلب الشعور بقلوبنا في كل لحظة ومبدلها من حالِِ إلى حال!
سألته و هي تنظر لطريقها بصوت يحاول أن يكون هادئا :
- قل ما لديك يا أستاذ زاهر لينتهي هذا الهراء .
استاء من طريقتها في الحديث معه لكنه تمالك أعصابه ببراعة، وأعمل عقله بسرعة في طريقة منطقية يسألها بها عن كُنه عملها في المدرسة رغم علمه المسبق بإجابة سؤاله من مدير المدرسة الذي زاره من قبل وطلب منه أن يرشح له أفضل المعلمين في كل مادة دراسية لينتدبهم عنده في مدرسة جديدة يقوم بافتتاحها وعرض عليه مبلغا سال له لعابه، ووعده بالحصول عليه إذا نجح افتتاح هذه المدرسة خلال عام دراسي كامل .. بمعاونة انتداب معلمين أكفاء من مدرسته.

وفي حقيقة الأمر كانت هذه كذبة بسيطة ليعرف ماذا تُدرس "مريم" في هذا الصرح التعليمي، ورغم احتمال فشل هذه الكذبة واحتمالية عدم ذكر المدير لاسمها إلا أنه جازف وبالفعل لم يذكر المدير أسم "مريم" مما اضطر زاهر ليسأله و كأنه يحاول التذكر أسمها كاملا فقال له :
- وماذا عن تلك المعلمة التي تدعى .. تدعى مريم .. لا أتذكر اسمها كاملا.
- تقصد أستاذة "مريم عبد العاطي" ليس لدينا في المدرسة سواها التي تدعى مريم .
- أجل أجل هي .. لقد سمعت عنها خيرا من ابن صديق لي تعلمه هي ..
- نعم إنها معلمة الموسيقى في المدرسة وهي معلمة كفء كذلك رغم صغر سنها، لم أعرف أنك تحتاج معلمة موسيقى كذلك .

أخبره زاهر بأنه يحتاج بالطبع لفريق كامل من المعلمين الثقات الذين سيعملون على اختيار فريق عمل متميز يعمل تحت إشرافهم لمدة عام كامل حتى يتم النجاح لمدرسته الجديدة، وكان المدير متعاونا معه للغاية ربما تكون هذه شيمته، وربما لطمعه بالمبلغ المالي الذي عرضه، وفي النهاية كل هذا لا يهم ما يهمه بحق أنه قد حصل على إجابات لجزء من أسئلته، وهذا ما يهمه بالفعل في الوقت الحالي، لكي يستطيع المضي قدما فيما عزم على تحقيقه ألا وهو أن تكون قريبة منه، قريبة من دائرته، بحيث يستطيع بسهولة رؤيتها كيفما يشاء ووقتما يشاء.
ورغم ذلك أبى أن يطلعها على ما دبره، أو يخبرها صراحة بما فعله حتى لا يزداد عنادها، وتمنعها لذا راوغها سائلا إيَّاها وكأنه يجهل الإجابة قائلا :
- أنت معلمة تاريخ على ما أعتقد ؟
ابتسمت ساخرة وقالت:
- لِم مُعلمة تاريخ أتراني أشبه أبا الهول؟ .. أم أشبه أحد تماثيل الفراعنة؟ .. لا أنا مُعلمة موسيقى.
ضحك بانطلاق ثم نظر لها بإعجاب، وقال بهمس بطيء جعله قلبها يرجف ويخفق بشدة :
- لا ..لا تشبهين أبا الهول بالطبع .. لكنك تشبهين تماثيل الملكات الفرعونيا منحوتة تقاسيمك بإبداع وإتقان الخالق.
ضربات قلبها الشعواء صمت أذنيها من وقع كلماته التي أضرمت النيران بصدرها فازداد وجهها اشتعالا وتوهجا، لكنها أخفت اضطرابها وراء قناع غاضب ونظرت إليه مستاءة وقد زمت شفتيها فبدت له كطفلة غاضبة وقالت:
- أستاذ زاهر إذا سمحت تكلم بشكل لائق وإلا تركتك وانصرفت .. ثم .. ثم .. لماذا تبتسم هكذا لا أرى ما يستدعي الابتسام حقا ؟

زادت بسمته وهو يدور بعينيه على ملامحها قائلا:
- ابتسم لأني استطعت أن أرى وجهك الجميل وعينيكِ الثائرتين للمرة الثانية في نفس الوقت، وهذا شيء عظيم يستحق الابتسام ..
تأففت بغضب ها هو يعمل على استفزازها لكي تنظر له ويتغزل بها، هي لن تسمح له أن يفعل ذلك ثانية، وقالت :
- حسنا وأنا لا أريد أن أعرف ماذا تريد؟
ثم حثت الخطى وأسرعت وكأنها تهرول أو تحاول أن تنهب الأرض نهبا وهو من ورائها يسرع بخطواته ثم قال ما إن قارب منها بصوت حنون:
-اَسف لم أكن أقصد إغضابك، حسنا دعينا نتحدث بجدية، ما رأيك في العمل بأكاديمية خاصة لتعليم الموسيقى يديرها صديق لي،ا دوامك سيكون ثلاثة أيام فقط، وباقي الأيام عطلة يمكنك قضاءها كما يحلو لك، والراتب مجزِ، أنت تعرفين .. هذه الأكاديميات عائدها يستحق التفكير حقا، لذا إذا وافقت على ذلك العرض فاتصلي بي لتخبريني، ومد لها يده ببطاقة تحمل اسمه ورقم هاتفه .
نظرت ليده الممدودة بالبطاقة وابتسمت في سرها هي لا زالت تحتفظ ببطاقة مماثلة أعطاها لها عندما طلب منها الاتصال به أيضا عندما أرادها أن تخبره إذا تحسنت حالة فريدة الصحية منذ فترة، لكنها لم تشأ إخباره باحتفاظها ببطاقته؛ لذا أخذتها من يده وقبل أن تشكره على صنيعه أضاء بعقلها أمرا، شيء في كلامه غير منطقي، وترجمت حيرتها إلى سؤال قائلة :
- شكرا لك على كل حال، ولكن ألم تكن منذ قليل تسألني إذا كنت معلمة تاريخ أم لا؟ فكيف وجدت لي وظيفة بديلة بهذه السرعة رغم أنك لم تكن تعرف طبيعة مهنتي أم أن الوحي قد هبط فجأة عليك ليلهمك بهذه الوظيفة المغرية ؟!

فاجأه سؤالها وسرعة بديهتها ولم يعرف كيف يجيبها، وبالطبع لن يخبرها بحيلته التي فعلها ليتحصل على معلومات عنها حتى لا تثور وتغضب، وينتهي كل شيء قبل أن يبدأ؛ لذا أجابها باقتضاب:

- ستفهمين كل شيء في وقت لاحق، وتأكدي أني لا أمزح معك في موضوع العمل إن قبلتيه فاخبريني وإن أبيتي فأنت حرة .

ثم وقف، ودار على عقبيه، وعاد من حيث أتي، ووقفت هي الأخرى تنظهر إلى ظهره المبتعد أتاها هو كالحلم الجميل في وسط ليلة صيفية شديدة الحرارة، ثم غادرها فجأة فاستيقظت من الحلم، تمنت لو أن هذا الحلم السعيد يطول، عرضه هذا يعني أنه يفكر بها هي وليست فريدة، أنها هي موضع اهتمامه، أو تشغل حيزا من تفكيره على الأقل!
ابتسمت بسعادة، وأخرست عقلها الذي يسألها وحتى وإن كان يفكر بك أنت فماذا بعد؟ صمت أذنيها عن أسألته الغبية التي تفسد عليها سعادتها، تمنت لو عندها جناحين تطير بهما إلى بيتها فتهرب من كل أفكارها السعيدة والتعيسة بالنوم وعندما تستيقظ تفكر على مهل في هذا العرض المغري الذي يستحق التفكير.
أما هو فقد سار إلى حيث سيارته وهو حانق عليها، لا يعرف لم يشعر أنها متخذة منه دائما موقفا عدائيا، يشعر أنها تصده عنها بطريقتها، أتفعل ذلك لأنها تشعر بفارق المستوى بينهما فقط؟! أم أن هناك أمر اَخر يمنعها عنه؟ أيكون بقلبها حبيبا سبقه إلى قلبها فسرقه منه؟ يا لتعاسته لو كان صدقا ما يظنه،خبط مقود سيارته بغيظ ثم زاد من سرعتها وانطلق بسرعة غاضبة عائدا إلى عمله.
*****
لم تنم في ليلتها نوما هنيئا بل ذلك النوم الذي يكون بين الغفلة، والوعي ، جسدها مسجي على فراشها، وعينيها مغمضتين لكن عقلها يقظ يدور، ويدور، كطاحونة خربة لا تتوقف عن الدوران فتدرس تحتها روحها المنهكة، وها قد تسلل الضوء وولد أول ضوء للنهار، وبعد أن أدت صلاة الفجر، حاولت أن تقنع عقلها بالاسترخاء و التوقف عن التفكير لتنام قليلا ولكنه أبى واتحد مع قلبها الذي بدأت ضرباته المتسارعة يوجع صداها صدرها
والوقت يمر على قلبها بثقل كما لو أنه يعاندها! تستحلفه أن يمر وينقضي فيأتي الميعاد المنتظر لوجبة الغداء الملكية إلا أن الوقت يعاندها، ويمر بطيئا ثقيلا كسلحفاة لا تقدر على الخطو هكذا هي اللحظات الثقيلة تمر علينا ثقيلنا وتدهسنا تحتها، وتترك مرارتها أثرا بحلوقنا، أما أوقات الفرحة فتنقضي كطرفة عين، وحلاوتها تذوب بسرعة وتمر كمر السحاب!
ظلت على هذا الحال تتلوى فوق فراشها وتتقلب ذات اليمين وذات اليسار حتى أقبل الظهر، وسمعت أمها تطرق على باب حجرتها قائلة :
- هيا يا فريدة كفاك نوم لم يبقَ أمامك سوى ثلاث ساعات .
لم تجب فريدة أمها من فرط غيظها وأي نوم هذا الذي تتحدث عنه أمها؟ هي التي ظلت ساهرة طوال الليل حتى تكون هلالين سوداوين تحت عينيها يشي بسهادها، هبت من فراشها بغضب ووفتحت خزانة ملابسها، وشرعت في تنفيذ فكرتها المجنونة!

ومرت الثلاث ساعات، ودق الباب، وكانت الأم قبلها قد أعدت كل شيء بمفردها بسبب اعتكاف فريدة في غرفتها منذ الصباح فذهبت تستقبل الضيف وفتحت له الباب مرحبة قائلة :
- أهلا و سهلا يا ابني .. أهلا و سهلا تفضل بالدخول -قالتها مفسحة له طريق الدخول-
دلف "موسى"- بعدما ألقى السلام على أهل البيت - بقامته الطويلة العريضة المنكبين التي احتوتها قميص رمادي اللون كأيامه الرمادية التي خلت من الألوان! كان قميصا محكما على جسده المتناسق وقد شمر عن ساعديه، وسروال من الجينز الأسود هذا هو ما استقر عليه رأيه بعد طول تفكير !
أشارت له الأم بالجلوس على أحد كراسي الصالون العصري فجلس واستئذنته في الانصراف فأذن لها ببسمة مهذبة .
ذهبت الأم لغرفة فريدة وطرقت بابها قائلة بصوت خفيض حاد النبرات:
- فريدة .. فريدة ضيفنا بالخارج هيا اسرعي بالخروج ماذا تفعلين بربك من الصباح .؟

- حالا يا أمي.

هكذا جائها رد فريدة فاطمئنت قليلا وذهبت تعد لهم أكوابا من عصير البرتقال ، ثم دلفت بها إلى حيث يجلس موسى فوجدته ما زال يجلس بمفرده فشعرت بالحرج و اعتذرت منه قائلة :
- اَسفة على التأخير يا ابني.. أنرتنا والله كيف حالك؟

- بخير الحمدلله يا أمي .. اتمنى ألا أكون قد أزعجتكما بالمجيء اليوم يبدو أن مدام فريدة ليست بالمنزل .

قالت الأم في حرج :
- لا لا لم تزعجنا أبدا .. "فريدة" بالمنزل هي قادمة حالا سأذهب لمناداتها وقبل أن تستعد الأم للوقوف جائها صوت فريدة العذب قائلة :
- لا داعي لذلك يا أمي فقد أتيت .
فالتفت كليهما نحوها ، فغابت البسمة من فوق وجه أمها وعلت مكانها دهشة حانقة من مظهر ابنتها .. أما "موسى" فقد ظهر على وجهه الاستنكار، والامتعاض.
******
شيء من وخز الضمير ضرب قلب فريدة عندما نظرت لها أمها بدهشة وغضب مكتوم، تبدل إلى استياء لائم بعدما لوت فمها باستنكار، لكن لن يفيدها الندم أو التراجع الان، ألم تطلب منها أن تتأنق لعلها تنال إعجابه وكأنه سلعة معروضة للبيع، فلم اﻵن مستاءة منها، فقد تأنقت بالفعل ولكنها لم ترتدي ثيابها المحتشمة التي أصبحت ترتديها منذ سنوات، بل كان تأنقها من ذاك التأنق الذي يكشف عن تفاصيل الجسد ويكشف أكثر مما يستر، كانت تلك الملابس لديها ترتديها أثناء زواجها بسيف، وكان يحثها باستمرار على الخروج بهذه الملابس الضيقة، ويستنكر ويغضب عندما ترتدي إحدى فساتينها المحتشمة!
وقررت اليوم أن تخرج لذاك الطبيب بنفس الشكل الذي كان "سيف" يطلب منها الخروج به كانت تكره طلبه هذا ويشعرها بأنها ليست ذات قيمة عنده، بأنه لا يغار من العيون التي تنهش جسدها وهو بها متباهِِ، واﻵن عاد إليها إحساسها هذا بالضعة والرخص، أمها أيضا تعرضها في سوق المعروضات حسنا، لم لا ترتدي وتتأنق بنفس الشكل القديم لتكمل الصورة إغاوءََ ودونية!
اقتربت إليه بخطوات متبخترة بكعبها العالي، وملابسها الضيقة المكونة من سروال جينز أزرق ملتصق بساقيها بشدة فأظهر تقاسيمها و قميص أسود ضيق قصير حتى خصرها ذو أكمام ضيقة نثرت عليه ورود بيضاء صغيرة، ولضيقه والتصاقه بجسدها أظهر مفاتنها وقوامها الممشوق وقدها المتبختر المنحوت فبدت كغزالة صغيرة شاردة ، وغطت شعرها بما يشبه الحجاب و هو ليس كذلك و إنما مجرد قطعة قماش صغيرة وضعتها حول رأسها فغطت شعرها إلا مقدمته التي أظهرت لونه البندقي ، وكشفت عن عنقها الرقيق، أما عن وجهها فقد زينته بمساحيق تجميلية بسيطة وقد صبغت شفتيها باللون الأحمر القاني فظهرتا كثمرتين من الفراولة الناضجة الجاهزة للقطف.
لم تكن من عادتها استخدم أدوات التجميل من قبل ولكنها في يأسها هذا قررت أن تضرب بكل شيء عرض الحائط!

وقف "موسى" بقامته التي كانت تفوقها طولا رغم ارتدائها لحذاء ذي كعب عال، نظر نحوها وهي تتقدم إليه فالتقت أعينهما للحظات غض هو بصره بعدها ولم يعجبه طريقة ملابسها، ولا زينتها، كيف يسمح لها زوجها أو أمها أن تظهر بهذا الشكل أمام غريب، شعر بالغيرة عليها حتى ولو من نفسه، وللعجب أن دهشة أمها ونظرة التردد التي راَها بعين فريدة أول ما التقاها كان لها وقع غريب في نفسه، كان، وقعها كأنها طفلة صغيرة ظلت تلهو بمساحيق أمها التجميلية فصبغت شفاها الكرزية دون حاجة لذلك، أو أنها تحاول أن تلعب دور المرأة المُغوية، ولكنها أبعد ما يكون عن هذا الدور، بملامحها الملائكية! فهو لم ينس ملاحمها الهادئة بعد عندما أتى ليفحصها وكانت مسبلة الجفنين فأخفت رموشها السوداء جمال العسل بحدقتيها، لم ينس ملامحها الطفولية البريئة وجهها الذي زادته براءة ورقة منتصف طابع حسن ذقنها الرائع الذي شق ذقنها إلى نصفين في قسمة عادلة فأكسب وجهها مزيدا من ملامح الأطفال وبرائتهم، فكيف لها أن تشوه صورتها الهادئة بهذا العبث التي طلت به عليه؟
اتجهت نحو كرسي مقابل له وجلست واضعة ساقا على ساق دون أن تحييه، وإنما اكتفت بابتسامة وإماءة مشيرة له بيدها بالجلوس بطريقة متعجرفة غريبة أن تصدر من هذه الملامح الملائكية وببرود حقيقي أثار غيظه ولكنه كظمه وجلس، تحدثت الأم التي بدت هي الأخرى غير راضية عن ابنتها مذ دلفت قائلة وهي تستعد للنهوض :
- أنرتنا يا ابني ثواني والغداء يكون جاهزا .
- البيت منار بوجودك يا أمي
تركتهما الأم واتجهت نحو المطبخ لتجلب الأطباق و تعد مائدة الطعام وهي تتوعد في سرها لفريدة بعد رحيل موسى .
خيم الصمت عليهما للحظات فقطعه هو محاولا أن يتجاذب معها أطراف الحديث فقال دون أن ينظر إليها :
- علمت من والدتك بأنك مُعلمة ولكن لم أعرف أي مادة تقومين بتدريسها؟
ردت باقتضاب :
- لغة عربية
وبجملتها القصيرة المقتضبة أشعرته بأنها لا تريد أن تجاريه في الحديث لكنه وجد نفسه يريد أن يسألها ثانية، أو يخبرها بأمور عامة عن نفسه لعلها بذلك تنحل عقدة لسانها وتتجلذب معه أطراف الحديث؛ لذا قال لها :
- أنا طبيب باطني أعمل في مستشفى (…) لست من القاهرة وليس لي أحدا بها فعائلتي تعيش في محافظة(…) في قرية صغيرة بصعيد مصر .
كانت طريقته في الحديث مهذبة وصريحة، وكم فاجأها بأنه صعيدي المنشأ فهي لم تكن متوقعة لذلك لأن لهجته لم تشِ بحقيقة أصله، ولا حتى ثيابه توحي بذلك ثم ضحكت في نفسها فماذا كانت تنظر أن تراه مرتديا حتى تدل ثيابه بأنه صعيدي ؟ أيأتي لزيارتهما وهو مرتديا جلبابا و عِمامة و قُبقاب مثلا، كادت ضحكتها تفلت منها لتخيلها له اَتيا لزيارتهما بهذا الشكل الذي رسمته في مخيلتها ، وحمدت ربها أنه لم يكن ينظر تجاهها وإلا وصفها بالجنون، أو شعر أنها تسخر منه.
ثم سألته قائلة:
- ولكنك لا يبدو في طريقة حديثك بأنك تمُتُّ إلى الصعيد بصلة فكيف ذلك ؟
ابتسم وقبل أن يهم بالرد عليها دلفت الأم قائلة :
- هيا أكملا حديثكما على مائدة الطعام .
اتجه ثلاثتهم إلى مائدة الطعام العامرة بصنوف الطعام الشهي الذي أعدته المرأتان معا في أمسهما وأنهته الأم في هذا الصباح.
جلس "موسى" وشعور بالألفة يدغدغ حواسه، لولا نظرات "فريدة" المستاءة من وجوده فأفسدت بذلك شعوره الدفين هذا.
جلست قبالته دون أن تنطق بشيء، كان يراقبها وهي شاردة تحرك ملعقتها في صحنها دون أكل، وصمت الألسن خيم على المائدة في الدقائق الأولى ولم يخيم على الملاعق والأطباق التي أصدرت أصواتها المعروفة لتعلن عن وجودها.
قطعت السيدة"شمس" هذا الصمت موجهة حديثها لموسى :
-كل يا ابني أريد أن يعود صحنك هذا فارغا أم لم يعجبك الطعام ؟
ابتسم موسى في مودة، ثم قال وقد زاغت نظراته بأسى:
- لا أبدا الطعام رائع … يذكرني بطعام أمي، لم أذق طعاما مثل طعامها منذ كنت صغيرا .. صغيرا جدا -ثم تنحنح وقد شعر أن حزنه قد بدأ يطفو على السطح فأخفاه وراء بسمت ودود وأكمل قائلا: سلمت يداكما وأعتذر إن أتعبتكما .

- لا تعب أبدا يا ابني بالهناء والشفاء، ولكن لمَ لم تذق مثل طعام أمك منذ كنت صغيرا ألا تزورهم؟ ومن أي بلد أنت ؟
صمت هنيهة وتجاهل عن عمد إجابة سؤالها الأول، واكتفى فقط بإخبارها بما قصه على "فريدة" منذ دقائق عن عمله ومحافظته و قريته بصعيد مصر ثم أكمل موجها الحديث لفريدة ليلفت انتباهها قائلا:
- أما عن لهجتي التي لا تبدو أنها من الصعيد يا مدام فريدة فهي لأني استقررت بالقاهرة حوالي ستة عشر عاما أو يزيد وهي فترة كفيلة لاكتساب لهجة قاهرية، كنت أتحدث بلهجتي تلك عندما كنت بينهم، وما إن سافرت للدراسة بالقاهرة والعمل حتى تغير كل شيء، أحببت أن أجيبك عن سؤالك حتى لا تعتقدي أنني تهربت من الإجابة عليه .قالها مبتسما ولكنها خبت عند قول فريدة الجاف:

- و لما أعتقد أنك تتهرب من سؤالي أنا لا يعنيني إجابته من الأساس .

أحرجه ردها وفارت دماءه وصارت تغلي برأسه كأنه على مرجل فاحتقن وحهه بغضب، وعضد على أضراسه فبرزت عظام فكه، استغفر سرا، وكظم غيظه إكراما لأمها، وأزعجته بشدة طريقتها الحافة المتعجرفة معه منذ لقائهما،أما أمها فقد شعرت بحرجه، وازداد غضبها من ابنتها التي زاد عندها رصيد حسابها، فقالت لتلهيه عن فظاظة ابنتها وتقطع الصمت الخانق الذي حل عليهم بعد قولها كضيف غير مرغوب به:
- كم عمرك إذن بعد كل هذه السنين التي عشتها هنا؟

xفأجابها ببشاشة وهدوء ظاهري لا يوحي ببركان روحه الثائرة من "فريدة" وإحراجها له،وقد فطن كذلك إلى محاولات الأم الحنون في تلهيته عن غضبه بالحديث معه فلم يشأ أن يأخذها بذنب ابنتها لذا قال مبتسما لها:
- خمسة وثلاثون عاما يا أمي.

- ماشاء الله ماشاء الله ولكن لم قضيت كل هذا العمر هنا في القاهرة بعيدا عن أهلك وأمك ؟
سكت برهة متحججا بما يلوكه من طعام في فيه. هو لم يكن يرغب في أن يشرح لها المزيد من تفاصيل حياته التي يكره ماضيها، ويأمل أن يكون حاضرها ومستقبلها أفضل، ورغم حاجته للحديث ليزيح عن صدره ولو قليلا من ثقل ماضيه الذي يطارده إلا أنه كبت شعوره هذا، فهو لا يود الثرثرة عن نفسه وتلك الصخرة ذات الملامح الطفولية الجالسة أمامه لم تنطق بشيء عنها حتى اﻵن، ولم يصل لإجابات لتساؤلاته، بعد ويخشى أن يسألها فترميه بحجر اَخر من لسانها حينها لن يأمن رد فعله لذا أجاب الأم باقتضاب لم يخلو من رقة وذوق في الحديث بعدما ابتلع الطعام :
- ظروف الدنيا يا أمي ظروف هي من أجبرتتي على ذلك، ثم وقف وهو يقول:
- الحمدلله .. سلمت يداكما.
قامت الأم هي الأخرى، وهي تقول بانزعاج:
- إلى أين؟ .. أنت لم تأكل شيئا.
شكرها وهو يمسك معدته باليد الأخرى:
- لا لا أكلت كثيرا الحمدلله .. سلمت يداك.
استسلمت الأم لغربته وطلبت من أنه يغسل يديه وينتظر حتى تأتي له بفنجان قهوة، أما فريدة فكانت تجلس ببردو تدعي أنها مهتمة بإنهاء طعامها الذي لم تأكل منه شيئا وكأن ما يدور حولها من أمور أخرى لا يعنيها!
دلت الأم "موسى" على مكان الخلاء، فكرر شكره وطلب منها ألا تتعب نفسها في إعداد القهوة لكنها أصرت.
وفي هذه الأثناء كانت "فريدة" قد أنهت تمثيلها بتناول الطعام، وقامت تجمع الأطباق التي ملأت المائدة إلى المطبخ، وتأنيب الضمير ينهش قلبها ولم تعرف أتأنب نفسها على خروجها بهذا الشكل لاستقباله، تأنب نفسها على طريقتها الفظة مع "موسى" ، وفي مقابل ذلك كان هو هادئا حكيما في ردوده، وأضاف لرصيد حسناته حسنات.
وقبل أن تستمر في لوم وجلد نفسها على كم الأخطاء التي أوقعت نفسها بها بسبب طيش تفكيرها كانت قد حملت الأطباق فثقلت على يدها ذات الإصبع المجروح ولم تستطع التحكم بهم فانفلتت الأطباق من يدها، وسقطت متحطمة على الأرض محدثة دويا عاليا هرع على إثره الأم و "موسى" إلى الداخل فوجداها جالسة تحاول لملمة حطام الأطباق بخوف ، فتسائلت الأم بضيق وغضب وهي تشعر أن ابنتها افتعلت ذلك الأمر لتحدث نوعا من التوتر:
- ماذا حدث يا فريدة؟
فأجابتها فريدة بصوت مختنق قارب على البكاء :
- لم أستطع حمل الأطباق بسبب جرح يدي فانفلتت دون قصد مني .
اتجه "موسى" نحوها باهتمام مشفقا على هيئتها المرتعدة التي سقط عنها قناعها المزيف بالغطرسة وتحطم مع الأطباق ليبقى وجه البراءة والرقة، اقترب منها وجلس القرفصاء قبالتها، ثم أمرها باهتمام حازم، وكأنه قد نسي غلظتها معه:
- أريني جرحك .
وقفت وأبعدت ذراعها الأيسر عنه وقالت بتوتر :
- لا حاجة لذلك س...
قطع كلامها بتصرفه فمد يده نحو ساعدها فأمسكه ثم اتجه بها نحو كراسي المائدة اَمرا أياها بالجلوس، حاولت أن تتخلص من كفه القوي الممسك بها لكنها لم تستطع فجلست، وبدأ التوتر يدب في أوصالها وأثلج توترها كفها الذي أمسكه وفرده أمامه ليجد إصبعها الملفوف بالشاش الطبي قد ظهرت عليه بقعة دم كبيرة ، فبدأ يزيله عنها رويدا رويدا، وهي تتأوه بخفوت وخوف وأناملها ترتعش في كفه، ومع كل طبقة شاش يزيحها كان بقايا قناعها الذي ارتدته منذ طلت عليه يسقط عنها رويدا رويدا كذلك.
حاولت أن تثنيه عن فك تلك الضمادة التي لفتها حول أصبعها بسحب كفها من بين يديه ولكن لم يكن هذا يزيدها إلا ألمََا، ولا يزيده هو سوى إكمال ما بدأه في صمت، خافية كل تعاطفه معها ورغبته في طمأنتها، استمؤ في إزالة الشاش الطبي حتى أزاله تماما، واختفى عن وجهها قناعها تماما، وندت قطرات من الدمع على خديها، وعضت على شفتيها من الوجع
كانت أمها قد أنهت لملمة الأطباق المتكسرة واتجهت نحو ابنتها التي بدت كالعصفور المبتل في جلستها، هزت رأسها بأسف وشعرت أن هذا عقاب القدر لها على تصرفاتها الجنونية، وها هو "موسى" يرد لها الإساءة بالحسنى، لعلها تشعر بخطأها إذن.
وقفت إلى جوار ابنتها، منتظرة قوله بعد تفقده للجرح، أما "فريدة" فقد كانت تردد بصوت مرتعش من بين دموعها:
- هو جرح بسيط ، لقد زال الألم ، لا داعي لذلك .
لكنه أجابها بضيق من منظر جرحها، وهو مقطب الجبين :
- ومن فينا الطبيب حتى يحكم ببساطة الجرح؟ كيف جرحتي نفسك هكذا؟

- كنت أقطع الخضروات بالأمس و ..
-تقصدين كنتِ نائمة وأنت تستخدمين السكين وتقطعين الخضروات قال ذلك مقاطعا إياها ثم أكمل قائلا :
- إبهامك يحتاج إلى تقطيب…
قاطعته بسحب يدها بسرعة من يده فتألمت و قالت بتوتر و ضيق و قد عادت إليها فظاظةxأسلوبها:
لا ... شكرا لا حاجة لي لمساعداتك الجليلة سيلتأم الجرح مع الوقت.
رد عليها بحزم حاني :
- أعدك لن تشعري بألم ولن أؤذيك لا تخافي .. لكن لابد من تقطيبه،
ثم نظر لأم وأكمل:
- سأحضر مطهرا من شقتي وبعض الأدوات اللازمة واَتي سريعا .

قالها وقام متجها صوب الباب، تاركا وراءه إياها ضائعة ومتوجعة، ينازعها الخوف مما هي مقبلة عليه، ويمزقها الخجل من نفسها مما فعلت في هذا اليوم وكيف انتهى بسببها إلى يوم موتر خانق، أما أمها فقد امتنعت عن الحديث معها تماما، ولا مواستها، ولا حتى النظر إليها فزاد ذلك من وجعها، وخوفها من تأنيب أمها لها وتعنيفها على ما فعلت لا محالة بعد رحيل "موسى" وما إن وصل تفكيرها له مرة أخرى حتى وجدته قد أقبل ومعه معداته، فشهقت من الخوف ما إن رأته وأغمضت عينيها بقوة، سمعته يستأذن بالدخول فأذنت أمها له، واقترب إلى حيث كانت فجلس مرة أخرى أمامها ...ليبدأ في تقطيب جرح يدها، وقلبها يخفق بخوف، وتوجع، وسخرت من حالها بألم قائلة لنفسها:
ياليتك تقدر على تقطيب جروح قلبي الغائرة فذلك أهم وأجدى لدي من تقطيب جرح يدي!
__________________________________________________ _______
- اعتذر عن تأخر النشر ساعة لمشكلة بالإنترنت، بانتظار اَراءكم وانتقاداتكم البناءة دمتم بود بقلم/ فايزة ضياء العشري


فايزة العشري لوزة غير متواجد حالياً  
قديم 17-09-21, 11:23 AM   #47

عبد الرزاق أنس
 
الصورة الرمزية عبد الرزاق أنس

? العضوٌ??? » 492246
?  التسِجيلٌ » Sep 2021
? مشَارَ?اتْي » 2
?  نُقآطِيْ » عبد الرزاق أنس is on a distinguished road
Rewitysmile20

بداية الفصل كانت وقعها ثقيلا، ولكنني مع احتدام العناد بين زاهر ومريم، شدتني القراءة واستمتعت بحوارهما، حركة غير متوقعة من زاهر الذي عزم على أمره، ووضع مريم نصب عينيه، أما هي فلا يمكنها قراءة ما في الصدور، لهذا ستعيش صراعا باطنيا كبيرا، بسبب الكم الهائل من التساؤلات، الحيرة طغت على تفكيرها، أزاهر هذا عدو أم صديق، هل يكن لها مشاعر دافئة حقا بعد أن علمت بأن فريدة ليست من يفكر بها.......أما هو فلا يقل عنها حيرة،............. وفقتِ في تصوير هذا المشهد، هذه المرة سأعطي تنقيطا لكل مشهد على حدى: 8/10.... مشهد الغذاء، لن أطيل الحديث عنه، سأكتفي بالقول بأنني أحببت روايتك ووقعت في حبهابصراحة ودون مبالغة، لم انتبه لانتهاء الفصل، لقد اندمجت مع أحداث هذا المشهد، أحييك فعلا، لقد استمتعت وعشت المشهد أول بأول، كأنني متواجد معهم، تنقيطي له سيكون 10/10............. أما التنقيط على الفصل العاشر سيكون 9/10..... بالتوفيق، واستمري على هذا المنوال لأنك في الطريق السليم...

عبد الرزاق أنس غير متواجد حالياً  
قديم 17-09-21, 09:42 PM   #48

shezo

نجم روايتي

 
الصورة الرمزية shezo

? العضوٌ??? » 373461
?  التسِجيلٌ » May 2016
? مشَارَ?اتْي » 10,532
?  نُقآطِيْ » shezo has a reputation beyond reputeshezo has a reputation beyond reputeshezo has a reputation beyond reputeshezo has a reputation beyond reputeshezo has a reputation beyond reputeshezo has a reputation beyond reputeshezo has a reputation beyond reputeshezo has a reputation beyond reputeshezo has a reputation beyond reputeshezo has a reputation beyond reputeshezo has a reputation beyond repute
افتراضي

مرحبا."أين أنت مني؟". لله در من يرغب ولا يستطيع.
من يحلم بالثريا ولا تقبض يداه إلا علي الثري
من يرى زاهره ولا يشم شذاه
هي الحياة مرة أخرى.
وكأن سعادتها في السخرية من أحلام البسطاء
لمن هواكي يا مريم؟
أشفق علي مريم وهي تفتقد العنصر الرجالي بحياتها فلا والد يكون عزا لها ولا أخا هو سندا وعونا علي مشاق الحياة
وبسيرها القليل مع زاهر تضطرب كل حواسها ولكن يعجبني إظهارها القوة والثقة بالتفس مع انها من اكثر المقهورين
عرض العمل الذى عرضه عليها مناسب جدا ولحسن الحظ انها بدأت تدرك أن اهتمامه لها وليس لفريدة
ومن يدرى تدور الأيام وتعمل معه بشركته بمؤهلها الأساسي.
"كفاني ..يا قلب".لم أتوقع بمفاجأة فريدة لموسي ان تظهر كما بأفلام الابيض والاسود بشكل منفروملابس مهلهلة مع العلم أن الرجل ليس سوى ضيف علي الغداء.
لكن المظهر المتحرر الذى ظهرت به فريدةاسوأ بكثير وفاق كل تصوراتي.
ليس بحق موسي ولكن بحق نفسها ووالدتها.
فمتي كان رفض الإرتباط بأحد بإدعاء شكلا ومضمونا سيئا او بالإساءة لشخص لم يسئ إليها.
حتي لو موسي يفكر بالزواج بهاوهي لا ترغب فالرفض له اسلوب لائق بدون جرح لشخصه
والأسوا انها تستجلب ذكرى سيف بتشجيعه لها علي تلك الملابس .
وكأنها بكل موقف يمر بحياتها علي العهد والميثاق لتلك الفترة التي عاشتها معه بدلا من ان تقذف بها في جب سحيق لا قرار له
حتي بعد تحذير زاهر لها وشكه بأنه وراء مقتل وليد لا تفتأ تذكره .
اعجز عن إيجاد وصف لها فكم يستفزني حال إمراة تستسلم بهذا الشكل من جراء تجربة فاشلة بل مجرد تذكرها إهانة أم انها تستعذب الالم بلا سبب منطقي.
لبس الخطر في جرح إصبعها الذى قطبه لها موسي ولا بجرح قلبها الذى تتوهمه لكنها بحاجة لطبيبي نفسي يعيد اليها توازنها فهي ليست بخير
اما موسي فكان له أن يغادر باسرع وقت ممكن فما عليه من إمرأة تتعامل معه بوقاحةوتجاهل وعدم لياقة .
كونه ضيف فحسن مقابلته واجبة وفرض
الفصل جميل وبه تطور في اللغة والأسلوب والأحداث
بانتظار الفصل الجديد لك كل المودة والمحبة


shezo متواجد حالياً  
قديم 20-09-21, 12:12 AM   #49

modyblue

نجم روايتي

alkap ~
 
الصورة الرمزية modyblue

? العضوٌ??? » 321414
?  التسِجيلٌ » Jun 2014
? مشَارَ?اتْي » 19,073
?  نُقآطِيْ » modyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond repute
افتراضي

كانت موقنة أننا نشرق من الداخل،فينعكس ذلك في لمعة العين فرحةََ
وتورد الوجنتين خجلا
وننطفئ من الداخل أيضا، فلا يؤثر في بؤس وجوهنا اَلاف أقلام الكحل، وأحمر الشفاه !


modyblue غير متواجد حالياً  
التوقيع
[imgr]https://scontent.cdninstagram.com/t51.2885-15/e35/13381174_1031484333594500_1155395635_n.jpg?ig_cach e_key=MTI3NDU2NTI5NjAzNjMwNzM2OQ%3D%3D.2[/imgr]

قديم 20-09-21, 12:13 AM   #50

modyblue

نجم روايتي

alkap ~
 
الصورة الرمزية modyblue

? العضوٌ??? » 321414
?  التسِجيلٌ » Jun 2014
? مشَارَ?اتْي » 19,073
?  نُقآطِيْ » modyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond repute
افتراضي

لوزه الجميييله الف الف مبروووك روايتك اتمني لك التميز وكما امتعتينا بخواطرك تمتعينا بروايتك دومتي موفقه

modyblue غير متواجد حالياً  
التوقيع
[imgr]https://scontent.cdninstagram.com/t51.2885-15/e35/13381174_1031484333594500_1155395635_n.jpg?ig_cach e_key=MTI3NDU2NTI5NjAzNjMwNzM2OQ%3D%3D.2[/imgr]

موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
فريدة، زاهر، حب، وجع، سيف، مريم، موسى، أشواك، ندم

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 11:39 AM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.