شبكة روايتي الثقافية

شبكة روايتي الثقافية (https://www.rewity.com/forum/index.php)
-   ارشيف الروايات الطويلة المغلقة غير المكتملة (https://www.rewity.com/forum/f524/)
-   -   عرش الذئاب (https://www.rewity.com/forum/t483442.html)

Budoor Elsalmi 05-08-21 11:24 PM

الفصل الاول


(1)

رائحة رحيلك أيقظت ذئاب الحنين، ووحده لقاؤك من يقضي عليها.

عبدالله العتيبي


القلعة السوداء –مصر


على بعد من المدينة، وسط الغابات الكثيفة السابحة على وجه البحر وفي بلدة نائية من البشر كانت تقف خلف زجاج قصر القلعة السوداء، عيناها تراقب سماء فبراير الملبدة بالسحب الرمادية، والشتاء يعصف برعده لآخر مرة فتهطل الأمطار بغزارة.
امرأة استثنائية، سلاحها محجرين تشع براءة، وغوايتها بسمة ناعمة فصوت أشبه بالترانيم.

فِدوة ساجد عبداللّه خطًّاب

صوت اديث بياف يصدح من جرامافون ذهبي عريق في الخلفية كثوابت صباحية تحيي بها الأجيال السابقة القابعة باللوحات المعلقة خلفها، والتي ترجع للحقبة الثامنة عشر حين تسلم خطّاب الأول القصر الأسود من محمد علي باشا أول مرة.
بجانبها شجرة العائلة الممتدة بأزمنة مختلفة وصور متنوعة منذ عام 1864 م .
تنقلًا للوحات اللوفر أقصى اليسار، والسجاد العثماني والشمعدانات المعلقة.
تسلل صوت خطواته البطيئة إلى مسامعها يهبط الدرج برتابة كالمعتاد فاستدارت بلهفة رغمًا عنها تتأمله.
اليوم اختار بدلة كلاسيكية داكنة ومعطف بني طويل.
خصلاته ندية مصففة بعناية، وعيناه كعادتها حادة، ظللتها الهالات السوداء مجددًا .
بدى عليه الإرهاق لكنه كالمعتاد صلب كأحجار القصر اللعين.
نادته بحشرجة دومًا تعتريها :
- سليم.
فتوقف يمنحها نظرة... نظرة ثابتة، باردة، خاوية من كل شيء فتبسمت .
بسمة مريرة بائسة لم تستطع اخفائها والحديث فخرج سؤالها مبعثر:
- ألديك عمل اليوم ؟ أعني هل يجب عليك
الذهاب ؟!
أجلى حنجرته، يجيبها بصوته الخشن :
- أجل .
كان رجلٌ قاموسه لا يعرف المنح بتاتًا، رجلًا
لن تجد للعطف في حياته معنى، أو حتى تفسير .
ومنحتها الوحيدة يكفلها عقد زواج يبقيها بالقرب منه رغم قلبه البعيد.
ابتلعت ريقها تخبره بأعين غائرة:
- احترس إذًا الأمطار غزيرة للغاية.
همهم وأصابعه تغلق الباب خلفه:
-لا تهتمي.
ولم تكن لتفعل لو أن الأمر يخص شخصًا آخر،
لكنه سليم، زوجها وحبها الأول والأخير.
شاهدته يستقل سيارته و ينطلق بسرعة يشق دربه وسط الأشجار الكثيفة و الرياح العاصفة فشرعت في بكاء صامت، خانق مميت قاطعه نداء جدها:
- ما الأمر فِدوة؟!
كفكفت عينيها بسرعة، واستدارت ترسم
بسمتها اللعينة ببراءة تقترب منه:
- لا شيء جدي، إنه الشتاء.. أنت تعلم أنا لا أحبه.
تلمست ذراعه تحاصرها بين يديها وارتفعت
تقبل خده؛ همست:
- صباح الخير.
خرجت ودودة، محبة فاستلت البسمة من على ثغره؛ قال:
- صباح الخير.
وربت بكفه الآخر على كفيها قبل أن يكمل:
-هل ضايقك سليم مجددًا، أخبريني؟!
سارت معه نحو المائدة المعدة للفطور وجاورته على اليسار تجيبه بنفي قاطع:
- بالطبع لا جدي سليم لا يضايقني أبدًا،
تنهدت تكمل:
- أنا فقط قلقة عليه فالعاصفة هذه المرة قوية
للغاية، أخشى أن تصيبه بسوء.
كان يعرف أنها تكذب، عيناها علقت بها خيوط الحمرة فأضحت منكسرة، وملامحها باهتة رغم اتساع بسمتها الخادعة.
يعرفها ويحفظ تفاصيلها فكيف بصانع الدمى ألا يعرف دميته التي حاك خيوطها بنفسه؟!
ألا يعرف أي خيطٍ تهالك و أي جزء فيها أوشك على السقوط؟!
تناول الطعام بصمت كعادته يتجاهل كذبها رغم علمه بالفجوة التي بينهما، واستقام يغادر مقعده.
قطع نصف الطريق لمكتبه ثم توقف، توقف خبيث يحمل ببواطنه اختلال لعوالمها السلمية.
التفت يسألها بثبات:
-إلى أي دولة استقر إدريس؟!
غصت لسؤاله، فقد مر وقتًا طويًلا منذ آخِر مرة
ذكر فيها اسمه، وضعت شوكتها بالصحن ورفعت كأس الماء ترتشف منه قبل أن تجيبه بصدق، فالكذب هنا عاقبته وخيمة:
-باريس.
حمحمت تجلي حنجرتها وتابعت بأطراف
مرتعشة وجسد استقام عوده بالجلوس:
- أخبرني أبي أنهم حاليًا بباريس.
هز رأسه و عيناه ثابتة، والتفت يرميها بجملته
التي تخشاها:
-حين تنهي فطورك، تعالي لمكتبي ومعك
عنوانهما.
ابتلعت ريقها بتيه واسترخت بجسدها على
المقعد يصاحبها الثقل فيعم عقلها فوضى.
رفعت المحرمة من على قدميها فجأة، ترميها بعنف فوق صحنها و غادرت المائدة تبحث عن هاتفها.

أمستردام-هولندا

محاصرة في شقتها، تحديدًا أمام شرفتها، تنظر من خلالها نحو إطلالة شهدتها مدار 7 سنوات زواج وكان يشاركها فيها أيهم، زوجها سابقًا، طليقها حاليًا.
تنهدت بخفوت تسقي أصيص الأوكساليس وعادت لطاولتها الجانبية تحتل كرسيها الفخم لتحتسي كوب شايها المنكه.
رُفعت عيناها مصادفة، تتأمل الكرسي الفارغ أمامها لأول مرة بهذا التوقيت .
غصة، فحشرجة تبعتها كرامة امرأة ترفض مرور الضعف من سحابة عيناها الزرقاء فأغمضتها عنوة.
شهيق، زفير، وعاد القطب الشمالي في محجريها يظهر.
حملتها رياح الذكرى المارة عبر شرفتها فعادت للبداية، نحو عشر سنوات مضت حين قابلت أيهم أول مرة ب اجتماع مجلس إدارة شركة عبدالله خطّاب.
كان ذكي مهندم و حاز على إعجابها أثناء عرض اقتراحاته لتطوير الأجهزة الإلكترونية.
رجلٌ حين غادر مقعده واستقام هابته رغم أن
الرجال عادةً لا تحوز اهتمامها، فابتسمت.
سمعت صوته يناديها:
-حِصن .
فاستدارت توليه انتباهها على الفور.
كانت تتأمله بروحها لا عيناها، وتشيعه ببسمة وداع تغتصبها فمحراب عشقه لم يعد يحتمل وزنها.
سألته بعدما وارت حزنها:
-حزمت كل شيء؟!
هز رأسه برتابة وفي حيزها اندلع الصمت.
حملت عيناه عتاب أخير فتجاهلته ترفع كوبها
نحو شفتيها تحتسي رشفة.
استدار برأس مسدلة، وظهر تقوص انحنى يشق دربه في الرحيل فبعدها لا وطن.
نادته وقد استقامت من مقعدها:
-ألن تودعني ؟!
توقف مكانه فقطعت المسافة لآخِر مرة، تقترب منه كما تحب فتحاصره من ظهره في احتضان قاسي.

هي امرأة العشق عندها بلا مبدأ، لا حدود تكفله أو منطق.
تهجر بحنو، وتسطو بقسوة، امرأة... سيحفل تاريخه باسمها مددًا.


تضم يديها على صدره، تستند برأسها على ظهره، وفمها يبتر خيوط العودة:
-لا تبحث عني مجددًا أيهم، جد لك زوجة تحبك وتمنحك طفل يشبهك، ابني لك بيت وعائلة .
تنهدت تلتقط أنفاسها فتكمل:
-كن سعيدًا لأجلي، كن سعيد أيهم .
التفت يحتضنها بلهفة، يعتصرها بعنفوان رجل انكمش قلبه لحديثها، فيخبرها قبل أن يرحل :
-ستصلك ورقة الطلاق مع مارسيل قريبًا،
وداعًا حِصن.
ورحل، رحل عن عالمها يصفع بابها الذي لن يخطوه العشق مجددًا .

***





لا يوجد هدف واحد أو حقيقة واحدة يعيش
من أجلها الجميع، وكل فرد في الأرض له
الحق والحرية الكاملة في اختيار الحياة
التي يرغبها و الهدف الذي يسعى له و يعيش من
أجل، وليس من حق الغير تحديد خيارات الآخرين.

جان بول سارتر


فرنسا –باريس

تلك فلسفة العظماء، هؤلاء الذين استنشقوا الحرية بأسمى معانيها، الذين علموا غايتهم وأدركوها، الذين سبحوا في بحور الفن وتذوقوها فلا قيد يحكمهم ولا عواقب يشكوها.
كان في مجرته الخاصة، فوق السحب السوداء يرفع فرشاته بلون أحمر، صوت اديث بياف يصدح بالخلفية، خصلات شعره مبعثرة، وقميصه الأسود المفتوح للمنتصف ملطخ بألوان لوحاته.
رفع كأس نبيذ مونت بلانك يرتشف منه القليل، وعاد للعنته الخاصة.
لوحته البيضاء ستار الليل يعلوها، القمر على سفح الجبل ساطع، والأشجار تظلل الكهف الغادر .
تركض الساحرة بثوبها الأسود وعصاها البلورية، والذئاب تحاصرها من كل جانب.
دماء مهدورة، ذئاب مقتولة، وأنياب تضمحل فيغدوا بعدها أُناس.
أنهى رتوش اللوحة ثم وقع بحروف اسمه ISA
وجلس يتأملها من على سريره قبل أن يغط في نوم عميق.
اديث بياف تعزف في الخلفية، أرض الأحلام
تستدرجه مجددًا و أقدامه تلبي النداء كالعادة.
باب القبو المفتوح، الدرج الخشبي ومصابيح
الضوء الخافت مضاءة .
صوت اديث بياف يوضح أكثر، ورائحة مذيب الألوان تعبق الأنحاء فتجسد المشهد كالآتي:
خطواته تتقدم، وتوضح الرؤية أكثر
كأس النبيذ المكسورة، لوحات أمه المبعثرة وجسدها المسجي على الأرض في سكون تام.
عيناه ضبابية، أصابعه ترتجف، ويد عجوز تلامس كتفه .
انفلجت عيناه فجأة بأرض الواقع، جسده ينتفض،أنفاسه مبعثرة مختنقة وهاتفه ينبئه بمكالمة مُلِحَة.





التماثيل تتحرك




صرح آل خطاب

التمثال الأعظم يسكن مقعده خلف مكتبٍ داكن اختاره له جده بعناية .
ملامحه ثابتة، غارق بين أوراق بيضاء على سطح مكتبه مهملة.
بعضها أسهم متداولة، وبعضها الآخر عقود و
صفقات و أرباح .
لا وقت لأنفاس راحة يأخذها ولا حق يملكه في تمنيها حتى، منذ خضع للتشكيل والهيكلة فقد وافق إذًا على الموت و هو على قيد الحياة.
نقح العقود على مكتبه وجهز الأسهم المتداولة ثم رفع هاتفه يحادث سكرتيره الخاص:
- هاشم، هاتِف السيد زين العابدين أحمد و حول لي المكالمة .
أجابه بكياسة:
-على الفور سيدي.
لم تمر دقائق حتى أجابه الآخر بحرفية:
-مرحبًا سيد سليم، كيف حالك؟!
رد عليه بصوت ثابت:
-بخير سيد زين.
وتابع بعملية بحتة وبعض المقت الذي شاب
صوته:
-أود إعلامك أن الأسهم قد تم تجهيز عقود اقتسامها بين الشركتين ونقلها لحسابك، ننتظر منك الحضور قريبًا للتوقيع فمتى يناسبك؟!
كانت ملامح زين العابدين الماكرة تتسع بانشداه، وعيناه تناظر عقد الطلاق القابع بيده بتلذذ .
تلك المكائد التي تحاك بروية تنال الربح عنوة من براثِن الثعالب .

أجابه بملامح صارمة ساخرة اعتلت وجهه فجأة:
-في القريب العاجل سيد سليم سأشرفك بحضوري .
وأضاف بعنجهية:
-سأحضر لك هدية فور وصولي، وداعًا .
وأغلق الخط مباشرة دون أن يترك لسليم فرصة
التفكير، ترى ما المفاجأة التي يعدها له، وصفحة الصداقة بينهما لا تحمل أي عنوان ؟!
***





تقف بوسط غرفتها تائهة، حائرة، تستدير حولها يمينًا يسارًا فتتطاير خصلاتها البنية بقصتها الحديثة على وجهها.
ثوبها خريفي بلون الغسق رغم أن الشمس لتوها أشرقت وانبعث ضوئها عبر الزجاج ليصل أقدامها المختبئة داخل حذاء شتوي بني يصل لمفاصلها.
تخطت غرفة المجلس الأثرية نحو غرفة النوم المكونة من سريرين، تبحث بعينيها عن هاتفها ولا تجده.
اتجهت نحو المنضدة بقرب سريرها، وتخطتها نحو طاولة زينتها، فغرفة الثياب ولم تجده .
تأففت مكانها قبل أن تعود أدراجها للأسفل، تلتهم خطواتها الدرج الرخيم بسرعة متجهةً نحو النافذة و الطاولة الخشبية جوارها بعدما تذكرت أين وضعته.
لمحته موضوعًا مكانه فتبسمت بخفة تلتقطه بسرعة.
أضاءت شاشته الحديثة فور أن رفعته لوجهها فبحثت اسم أخوها وهاتفته.
تحرك جسدها قرب الباب بتلقائية، تحمل يدها معطفًا رماديًا من الخزانة التركية قرب الباب لترتديه، وخرجت بالصقيع تسير على صَفوانٍ صلدًا تنتظر رده.
أجابها بعد عدة مهاتفات بصوت ناعس:
-Bonjour
تنهدت بيأس، تزفر أنفاسًا حارة معادية للجو:
-استيقظ أيها الكسول، هنالك كارثة.
والكسول فلسفته في الاستيقاظ روتينية بحتة، تبدأ بعينين انفلجت إثر ما مر به، فاستدارة كاملة بتمطع على السرير، وتنتهي باستقامة عنه نحو النافذة .
عادة رغم سنواته الخامسة و الثلاثون لم ولن تتغير.
فتح النافذة يستنشق نسيم الصباح يخبرها:
-تحدثي، أسمعك الآن .
شرعت في الحديث دون تمهيد:
- جدك يريد عنوانك.
همهم يسألها بثبات :
- لماذا؟!
ومسد خصلاته الكثيفة بيسراه يتابع:
- ما الذي يعده جدك فِدوة؟!
تحرك بجسده الممشوق نحو المطبخ، يخرج عصير البرتقال من ثلاجته الصغيرة فيصبه صبًا داخل كأس كبير تجرع منه النصف دفعة واحدة، سمعها تهتف:
- لا أعلم حقًا، أخبرني أن أجلب العنوان و أتبعه للغرفة، فأرسله لي على الفور.
هز رأسه يفتح المكبر الصوتي يخبرها بتخمين:
-ربما سيشرفنا بزيارة.
اتجه نحو سلة البيض و شرائح اللحم المقدد يخرجها ليعد الفطور .
قالت فِدوة بعد برهة:
- لا أظن، عبدالله خطَّاب لن يترك قصره أبدًا، لم يفعلها مسبقًا ولن يفعلها .
ضحك بسخرية يخبرها:
- يترآى لي أنكِ تعرفينه جيدًا فِدوة ، رغم أنكِ بالتأكيد لا تفعلين .
زعقت مستاءة من سخريته:
- إدريس!
فاستدار ينظر نحو الهاتف يحدثها:
- ماذا فعلت، لم أقُل سوى الحقيقة.
وتابع:
- لا أعلم أي خدعة تلك التي حاكها عليك، لكنك بالتأكيد لا تعرفينه جيدًا، على الأقل كما
أفعل أنا.
أطرقت رأسها أرضًا وتنهدت تجيبه بصوت خافت:
-أرسل العنوان إدريس .
انتفخت أوداجه لتجاهلها فصرخ بها:
- تبًا لكِ فِدوة ، لماذا أنتِ تحت حِصاره ؟!
لم تجبه وأغلقت الخط ترفع رأسها للسماء بيأس فتسيل الدموع أنهارًا على جانبي وجهها المشرئب بحمرة .
بقائها بعيدًا عن أبوها وأخوها يمزقها، ورحيلها عن زوجها وجدها حتمًا سيقتلها .
ضائعة بين درب الوصال والقطيعة، لا هي نالت الدفء، و لا غمرتها السكينة .
استدارت نحو الباب الكبير، و عادت للداخل،
تسمع صوت رسالة وصلتها، فاتجهت مباشرة
لمكتب جدها .
طرقت الباب وبعد إذنه دلفت، صوت موسيقى
الجاز يتسلل لمسامعها بهدوء، وملامح جدها
ثابتة على دعوتين زفاف.
قاطعها صوت جدها يطوي الدعوات قبل أن
تسترق النظر للأسماء فيها:
-اجلسي فِدوة وأملي عليَّ العنوان .
همهمت تستجيب لأمره وجلست على حرف الكرسي الخشبي المبطن بفخامة، وتلك هي فِدوة، تخشاه على قدر حبه حد أنها لا تستطيع الجلوس براحة؛ أخبرته:
-الرمز البريدي 72712 و العنوان باريس – حي مونامارت - مولان روج.
هز رأسه و ألصق الطابع البريدي الذي أخرجه من درج مكتبه ثم ضغط زر استدعاء خادمه جلال.
اشتعل الفضول بجوف فِدوة، ورآه عبدالله في مقلتيها يطوف دون مرسى حتى سألته:
- لمن دعوة الزفاف هذه جدي، و لماذا ترسلها لأبي وإدريس ؟!
ناظرها لحظات بعينين تمسح تفاصيلها بشفقة
حتى بدأ فمه يعرب عن ابتسامة فيخبرها:
-سأقيم حفل زفاف .
بهتت ملامح فِدوة ولم تكن لتستطع مواراتها عن أنظاره فسألها بوجه خالٍ من التعبير :
-ماذا ؟!
تساءلت بغرابة وصوتها يتلعثم:
- لـ .. من ...لمن جدي؟!
ملامح وجهها، تلعثمها، صوتها المذبذب ...كل شيء فيها يدعوه للتعجب، يتساءل أحيانًا كيف أتت فِدوة لهذه العائلة ، وكيف وضعتها أمها حملٌ وديع وسط الذئاب تلك؟!
قطع أفكاره دخول جلال، فمنحه دعوات الزفاف ليرسلها.
أخبره قبل أن يغادر:
-تأكد من عنوان حِصن الأول جلال و أرسل لها أولًا.

أطاعه جلال فخرج يغلق الباب خلفه و فِدوة
بالداخل محاصرة.

***











الذئاب لا تقوى على الركض في دوائر،
عودها المستقيم لا يستطيع مجاراة الالتفاف!






هو ...فلسفة اللا حدود، منازل الـ لا منطق
إدريس ساجد عبداللّه خطّاب.
العدو الثاني لعبد الله، والشاذ عن أحكامه وتشريعاته المختلة.
كان يمارس إحدى هواياته الفريدة داخل ورشة عمل خاصة بتشكيل المعدن.
منغمس داخل بدلة عمل كحلية فصلت صدره الشاسع و طوله القاطع مترين .
لم يكن رياضي أبدًا لكن الفن يجري في نسله مجرى الدم.
أنامله التي كانت تحفر فراشة على معدن صفيح ببراعة فتشكل أجنحتها المبهرة بألوان زاهية جذبتها إليه كتعويذة سحر.
فاستوقفها وقد كانت مارة بعدما سجلت بصف فنون النحت.
مستندة على باب الورشة همست منبهرة:
-يا لها من تحفة فنية.
تسلل صوتها إليه فترك أدواته على سطح المكتب والتفت لها يتفحصها.
بيضاء متوسطة الطول بخصلات ذهبية قصيرة، تلف جسدها الممشوق بسترة لم توارى جسدها النحيف وبطنها المسطح، نزولًا لجونلا سوداء لم تكن لتتعدى منتصف ساقها العلوي و حذاء.
بلا هوادة اقتربت بعينين انتصف بها ضوء الشمس تمسك بالقلادة التي صنعها وتناظره بلمعة أعجاب صريحة.
لم يكن غر أبدًا ليسهو عن افتنانها الذي طغى ملامحها فور أن خلع قناعه وتناثرت خصلاته المموجة بلون الغسق، ولا عن حدقتيه الممزوجة بمروج الزينون وخيط الفجر.
اقترب منها بابتسامة، يلامس أصابعها بروية، يهمس:
-هل أعجبتك؟!
الإجابة بديهية، لكن الطرح أفضل خاصة أن صاحبه اقترب بأنفاس حارة، يحمل خصلة شاردة لموضعها خلف أذنيها .
فتبسمت منتشية بقربه، تخبره بإنغلاق جفنيها تحت تأثيره:
-بالطبع، إنها رائعة للغاية.
و بين الفجوة التي صنعها عادت صحوتها فقالت:
-أيمكنني الحصول عليها ؟!
وفي استدارته اعتلت البسمة، فمرر لها الفخ:
-في الحقيقة، صنعتها لأخرى لكن.
وتلكأ حينً حتى اختفت البسمة، وزاغت الأعين بالفكرة مع حركة يدها التي اقتربت من إعادتها فأردف:
-يمكنني منحك إياها طالما أعجبتك.
يمرر الهزيمة حتى إذا اقتنع الجميع بها، فاجئهم بالفوز وتلك فلسفته الخاصة ولعبته.
عادت البسمة تتموضع على شفتيها الصغيرة بسعادة، قالت:
-شكرًا لك، صحيح لم نتعرف.
وفي بوتقة رجل كلاسيكي مثله، سارع بمد كفه فيعرف نفسه:
-إيدي .
تلقفت كفه بحماس:
-وأنا اديت تشرفت بمعرفتك إيدي.
سطر سيناريو مضحكًا للغاية مَثَلَ البهجة لفتاة عشرينية مثلها.
قال:
-نبدوا كثنائي رائع اديت، أليس كذلك؟!
واستأذنها ليبدل ثيابه فسمحت له على الفور.
استغرق دقائق تركها فيها تتأمل مصنوعاته الزجاجية و المعدنية وخرج من خلف الستار يسألها:
-ماذا يعني اسمك اديت؟!
التفت تتأمل قميصه الفاتح بلون البيج وبنطاله المماثل مجيبة:
-الهدية الثمينة القيمة.
فقطع المسافة، يأخذ من بين أصابعها القلادة التي لم تتركها يهمس:
-مثل هديتي.
واقترب، يدنو منها على مهل فيطوق عنقها النحيف بها.
خطواته مدروسة، وحديثه منهاج يتبع:
- أود دعوتكِ لتناول العشاء، ألديكِ مشكلة؟!
عيناه بها جاذبية فتاكة، صوته باللكنة الفرنسية يمهد رجل عاشق لأقصى درجة.
وهي مجرد عشرينية انتهجت الحب من أول نظرة فغادرت معه للعشاء ولم تكتفِ ، فكانت مثل اسمها هدية، وأقدمت فوق سريره تمارس العشق.
***





الخديعة بحر غادر نسماته كاذبة، أمواجه عاصفة ولا يوجد به بر أمان،
الخديعة بحر بلا مرسى و لا شطآن !




الخديعة شيطان بصورة جد يمكث على عرشه بأريحية داخل قصر نائي بـ وجه البحر .
وللغرابة الشيطان يتحدث كالبشر، أخبرها وبسمته الثعلبية ترتفع على مُحياه:
-لقد تطلقت حِصن.
حِصن، تردد الاسم كمس شيطاني مرة واثنان
وثلاث.
أخذها التيه في دروبه عنوة، وما عادت حتى استدعاها صوت الماثل أمامها:
-فِدوة .
لبت النداء بقلب وجل، وأعين زائغة غائرة ترجف:
-نعم جدي .
ناظرته تسبح في بحاره العتمة، تنصت بخشية حين، وتغيب عن الدنيا وما فيها حينًا أخرى .
فخ ... نصبه لها فسقطت بجدارة وما استطاعت إلا أن تنتفض ببوادر بكاء تثرثر:
-لماذا جدي، لماذا تطلقت، ألم يكن أيهم جيدًا معها؛ لماذا ستعود؟!
وانجرفت بارتعاشاتها المتتالية ناهضة بعدما
جمعت خيوط اللغز تكمل انتفاضتها الثائرة :
- لمن ستزوجها جدي ؟!
لأخي ... أم ؟!
صمتت تناظره بألم تدلى على صفحة وجهها وفمٍ ذمت شفاهه بارتعاشة قبل أن تتحدث:
-أم... أم سـليم زوجي ... جدي ؟!
هتفت اسمه بصوتِ أتى من جوفها المحترق بـ الغيرة.
وأغمضت عينيها تستجديه بورع:
-أجبني جدي .
ابتسامته التي رسمها في بدء الحديث تلاشت،
وبلا هوادة استوحشت ملامحه بقسوة، هتف بصوتٍ جهور :
-لا شأن لكِ.
فأضحت منكسرة ، ترجوه بأعين ذُلت وصوتٍ
الغيرة فيه سكنت وقلبٍ أحطت بهِ بين يديه
فكسرت :
-شأن من إذًا جدي؟!
الأمر يخص كلًا من أخي وزوجي.
تشابكت أصابعه باعتصار فوق عصاه الخشبية
فأجابها بصرامة :
-لا تجعليني أكررها فِدوة، قلت لا شأن لكِ.
واستقام بعوده أمامها يكمل بثبات:
- والآن غادري فِدوة.
تأملت عيناه الثابتة و ملامحه اللامبالية قبل أن تزفر أنفاسها المكتومة تطيعه مغادرة.
أولته ظهرها برأس مسدلة، وظهرٍ تقوص انحنى، تفتح باب مكتبه اللعين بحطامها...مغادرة.





الحياة شجرة عملاقة لن تمنحك عطياها على الدوام ، عليك أن تقتلع غصنك المثمر منها عنوة .

حِـصن الخطَّاب




على شرفتها مجددًا تستمتع بلحظاتها الهادئة وحدها.
موسيقاها الكلاسيكية، كوب شايها المنكه وعيناها السابحة في اللاشيء.
سمعت صوت خطواته يقترب، وكان لأحذيته دومًا صوت تعرفه برتابة مشيه وتتابع خطواته؛
هتفت باسمه :
-مارسيل أتيت .
احتضن رأسها بأحضانه مربتًا عليها قبل أن يحتل الكرسي أمامها بجلسة .
كانت عيناه الداكنة المحددة بأهداب كثيفة تناظرها بمكر بينما عيناها مثل صفيح الثلج تتأمله بابتسامة مديرة دفة الحديث:
-حسنًا بات كل شيء جاهز، أتوق لرؤية صفحة وجهه الآن .
حمل كوب شايها على مضض يرتشف منه، أخبرها:
-هذا يتوقف على الذي تتحدثين عنه .
وضع كوبها في صحنه وأكمل:
-جدك أم ماضيكِ الأليم ؟!
أنظرته عيناها بثبات وهلة، تبسمت بعدها بسخرية تنحني على الطاولة فتحتضن كفيه الباردة بخاصتها الحارة و فمها يسطر:
-عزيزي مارسيل، دعني أخبرك شيئًا إذ أنك ربما لا تعرف عن المرأة إلا عُريها في السرير .
وتابعت تحصد المجد:
-لا يصبح الرجل ماضيًا لامراة أبدًا إلا التي تقرر تركه عمدًا يخلد صفحاتها باسمه، سوى ذلك جميع الرجال سراب .
وتابعت بعد تنهيدة:
-سليم ... كان الأغبى على الإطلاق فجرد نفسه من حياتي دون جهد حتى، في اللحظة التي خضع بها لجدي.
اقترب منها حد أن لفحت أنفاسه الدافئة صفحة وجهها وقال:
-جيد، هذا يعني أنه لم يعد رجلًا باستطاعته هدم حصونك، أليس كذلك ؟!
تركت يده وعادت لجلستها، تأخذ من لحظات الصمت جزءً منسيًا قبل أن تهتف :
-رُبما.
عيناها الواسعة تلمع بغرور وملامحها المبتسمة تشي بمكرها المورث بالدم.
فقال:
-لا يهم، المهم أنه هاتفني اليوم ليخبرني أن عقود انتصاف الأسهم باتت جاهزة.
بسمته الثعلبية ارتسمت على وجهه باتساع قبل أن يكمل بسعادة:
- وأن نصيبك قد تعدى ال 60% من أسهم الأفرع كليًا .
وتابع يذكر:
-صحيح، هل أخبركِ أيهم عن هدية الطلاق؟!
حاز على اهتمامها فواجهته بعجب طفق يلهث حديثه:
-لا...لم يخبرني شيئًا .
أخرج هاتفه من جيبه، يضغط شاشته بحثًا عن ملفٍ خاص كان قد أرسله مع ورقة الطلاق يهتف:
-لا أعرف أي لعنة تلك التي اقترفها عبدالله خطاب لينجبك من أحفاده فيعاديك وكل الجهات تصب في صالحكِ.
تلقفت الهاتف من يده و ناظرت بأعينها الأسهم التي حولها باسمها .
رفعت رأسها بأعين ثابتة تستفسر:
-من أين أتى بهذه الأسهم ؟
ابتسامة مارسيل الجانبية ارتفعت بسخرية قبل أن يهتف:
- أي علاقة تلك التي جمعتك سنون برجل جاورته صباح مساء ولست ملمة بهدية الزواج التي منحها له جدك.
أتبع :
-لا أعرف صدقًا هل يكرهك أم يحبك ليفعل ذلك لكنه بالفعل غبي... ها قدتركها لكِ وباتت أسهمك تتخطى الـ 80% في الشركتين.
بات عقلها لا يستوعب شيئًا، لماذا فعل جدها
ذلك و لِمَ خبأ أيهم عنها هذه الأسهم حتى
الطلاق ؟!
حمل الهاتف من كفها يهمس:
- عائلة مختلة صدقًا .
ومن بين غياهب وعيها أجابته :
- يبدو أن عدم امتلاكك عائلة قد هيأ لك أنك سَوي، لكنك بالفعل مختلًا أيضًا أتعلم لِم؟!
رفع حاجبه الأيسر فلفظت إجابتها معللة:
-لأنك زين العابدين أحمد!
واستوفت :
-صاحب ال 40% من أسهم الخطاب في
الشركتين و حليفي.

***





بذرة العشق الأولى لا تفنى ، نطمسها و نقمعها
لكنها في موسم الطلع تُزهر رُغمًا!






سقط الليل على عتبات القصر الأسود تزامنًا مع عودة أحد قاطني هذا المنزل.
تهادت خطواته على السلم الخشبي الملتف دون استناد، بلا انحناء بتيمة واحدة ثابتة لا تتغير صعودًا لجناحه، ولم يكن ذاك غير
سليم آصِف عبدالله خطّاب

صاحب الأعين الثابتة اللامبالية، و الصوت الجهور في إطار الزوج الصامت للأبد فقط معها .
فِدوة ساجد عبدالله خطاب والتي كانت بانتظاره على كرسي المنضدة بكامل رونقها .
تلفها العتمة إلا من مصباح جانبي أضاءته لإضافة رونق عاطفي ربما لن يشعر به سليم لكنها تفعل .
وغلالة حرير من لون الذهب تتدلى على جسدها بإغراء صامت .
سمعت صوت خطواته تتخطى المجلس، ورأت ظله يشعل الضوء فيفسد لها مخططها .
ناظرها بصمت فتبسمت بوجهه تهتف:
-مرحبًا .
وقد كان حديثها دومًا معه لا يحمل منهاجًا، تتطرف في حوارها ونظراتها لكنها تجيد عزف سيمفونية عشق على أوتاره المهترئة .
هز رأسه بلا حديث يبادلها التحية، وسار لغرفة الثياب يسارع لـ التبديل .
أصابعه الطويلة تفتح أزرار قميصه دون تؤدة وثرثرتها تشدو في الخلفية .
-أتعلم ، لقد أرسل جدي دعوات زفاف لإدريس وأبي، أتظن أنهم سيعودون مرة أخرى؟!
تجاهلها بعدما تجرد من ثيابه و دخل غرفة الاستحمام.
و من بين الحديث ذكرت اسمها، عشقه الأبدي الذي لا يفنى فتوقفت أيديه عن فرك خصلاته السوداء .
وحاكت هي كذبة بخبثٍ استبد بجوفها، تنقش اسم إدريس فتزين به رقعتها المهملة بالأطراف.
قالت:
-صحيح، لقد حصلت حِصن على الطلاق.
وتلك قنبلة أخرى دوي صوتها بداخل قلبه وعقله رسم سيناريوهات علقت بِه ولم تكتمل إذ أمحقها صوت فِدوة :
-يبدو أنها ستعود هذه المرة أيضًا .
صمتت تناظره يرتدي سروال رمادي ويتجه صوب المنضدة فينثر رذاذ عطره الذي تعشق تاركها تتنفسه مغمضة العينين.
ومن بين غياهب العشق همست :
-أتراها ستقبل بالزواج من إدريس؟!
وفي اللحظة بين جملتها المسمومة و الأخرى سرت بِه قشعريرة وغامت عيناه بسحابات ثلجية فتجلى صوته من أعماقه السحيقة :
- لن تفعل .
استدعاها صوته الذي تحب فانفلجت عيناها تناظره بصدمة، أيحدثها فقط عندما يقترن الأمر بحِصن؟!
أما هو فقد غفلت قلبه الذي انتفض بغيرة يبغض الفكرة وخطواته التي قطعت المسافة الفاصلة بينهما يأخذها على سُحبه الرمادية فوق سريرها الخاص بلا مقدمات.

وخلف خيوط التمني تكمن الرغبات القاتلة،
وبين الواقع الماثل أمامه وعقله المحتقن بهواجسه سُطرت الخيانة بأعلى الصفحة.


فكانت فِدوة بين يديه تبادله القُبلة، وبداخل
عقله كانت حِصن تعشق فتذوب .
يحتضنه الواقع بتوق، أما الحُلم فيطوقه بحنان
يجذبه لأرض يهوى فيها العيش.
غاص حتى امتلك كل شيء، القبلة التي يهوى، والجسد الذي يرغب بغياهب الوعي واستفاق بعدها على الواقع يزفر أنفاسه دون حرف.
لم تكن المرة الأولى التي يأخذها بلا مقدمات هكذا ، ولم تكن لترفض قربه المعني بالنوادر .
غادر فراشها بلا حديث يسكن الخاص بِه فيسبح ودخانه في سحب عشقه القاتلة.
وهي ... من خلف السحب الضبابية تتأمله بأعين غائرة .
***




أمستردام " مكتب البريد " بعد عدة أيام .

"دعهم يخبروني كيف كانت الرجفة باديةً على جسدك عند سماع صدى اسمي يتردد أمامك؛ دعهم يرون كيف شقت البسمة ثغرك فور عرفت أني عن الهجران تاركةً وقلبي لك عائد؛ دعهم يرَّون كيف يكون وعد الرجال جاثم و أن حربنا نحن لا يزال قائم "


رسالة قررت أن تخطها و ترسلها له بطريقة تقليدية كما فعل معها.
و بالفعل، أمام مكتب بريد أغرقت الأمطار لوحته فبات اسمه غير واضح؛ حدثها سائقها :
-سيدتي المطر غزيرٌ للغاية، يمكنني أن أتولى عنكِ ما تريدين إرساله.
جمعت معطفها بيداها الإثنان وأجابته:
-لا بأس بضع قطرات لن تقتلني، فقط انتظر هنا حتى أنتهي.
وببساطة فتحت الباب وغادرت سيارتها الداكنة فأخذت زخات المطر على رأسها بصدر رحب .
علها تغسل قلبها من حمولته، علها تنقيه من دماء ينزفها قلب آخر دون أن يستحق .
أسرعت خطواتها للداخل ونحو طابع البريد اتجهت تودع رسالتها التي خطتها له تحت عنوان قصر " عبدالله خطاب" وأرسلته .
غادرت والوجه خال من التعبير، القلب ينذر بعاصفة هوجاء والسماء تقسم أن عودة الغائبة باتت على المحك .
صعدت سيارتها وقالت :
- إلى البيت جوزيف.
وانطلقت سيارتها على قارعة الطريق السريع، تتفادى ما حولها بثبات وتبدل بين الحارات كأنها في مطاردة لا طريق عام.
وللحق كانت مطاردة بخيباتها و تعاستها،
فتحت النافذة للنصف بـ إصبعها ومن ثم كفها فهوى من راحتها خاتم الزواج، شاهدت الحلقة تسقط في مشهد سينمائي حزين دون دوي فضاعت بين الطرقات لتنهي حكايتها فتدرك أن النهايات...غريبة، دائمًا ما تجلب البدايات
بخدر حلوها فتبتسم بوجهها ساخرة؛ تمامًا كبسمتها المرتسمة على وجهها الآن.
رن هاتفها فحملته بملل دون أن تنظر مجيبة:
-مرحبًا مارسيل.
وكان الوحيد الذي يهاتفها، تحمل أنفاسه ودمائه أحقية لا أحد غيره يمتلكها، أخبرها:
- متى تريدين حجزالسفر إذًا؟!
وأكمل:
- بات كل شيء جاهزًا الآن.
تبسمت و محجريها ثابتة لا ترف تجيبه:
-جيد ، اللعبة تبدأ الآن عزيزي فتأهب لأن القادم لا يحتمل أي خطأ.






الحيلة ترياق اليأس!




بعد مرور عدة أيام

الفريسة ...تلقمت الطعم.
كان الجليد يذوب ورياح مارس بطقسها الدافئ قليلًا قد بدأت بالعبور، فخرج في نزهة مع لوحته البيضاء في حي مونامارت قرب المنزل يستلهم الوحي من المقاهي المحشودة والمعارض المقامة بعد سبات الشتاء.
يحمل حقيبة قماشية بداخلها فرشاته وألوانه وفي ركن أقصى اليسار يسكن جواز سفره
تحسبًا لأي موقف.
يرتدي سروالًا قصيرًا من خامة الجينز وسترة
قطنية فحذاء صيفي.
قضى وقتًا لا بأس به، يشاهد المارة ويستمع للموسيقى باندماج فقرر أن يستمتع ولا ينغمس بشيء.
ولأن الأقدار صنعت بمقاييس ففور عودته بعد استمتاعه، تفاجئ بخطاب أتاه مع ساعي البريد.

استلم ووقع، وجاب الشيطان عقله فور رؤيته المرسل والعنوان.
تبسم بسخرية ما كادت تعتلي صفحة وجهه حتى تحولت لغضب مشتعل فور أن مزق المغلف ووجدها دعوة زفاف.
جعدها بداخل قبضته بغضب انتفخت له أوداجه، بعدما قرأها وأدرك أن المؤامرة التي حاكها عبدالله خطّاب هذه المرة لم تكن


تخصه، بل تخص حِصن ... ابنة عمه و
سليم ابن عمه وزوج ... أخته .





نهاية الفصل، دمتم بود ♥

DelicaTe BuTTerfLy 06-08-21 10:15 AM

تسلم ايديك بيدو الفصل دسم جدا وجميل


جولة بين اروقة القصر الاسود وال خطاب


الجد ال كرهتة من اول لقطة قسوتة واضحة جدا


فدوة لسة يعتبر راي انفعالي عنها بس حزنت عليها وعلى كرامتها المهدورة بحب تعيس من طرف واحد ويقينها من حب زوجها لبنت عمها



سليم يعني حطيتك مقدما ببلاك ليست تكون مع زوجتك العاشقة جسد بلا روح والروح خائنة وتواقة لبنت العم الهاجرة وواضح انة بسبب خذلانك وانصياعك للذئب الأكبر مشهدة معها كان مهين لاي زوجة بتحب زوجها



ادريس حبيت رسمة شضخيتة وبوهيميتة الفن مع المكر بنشوف هيرجع لأختة وللقصر ولا هيفضل شارد عن القطيع


حصن شخصية مرسومة باناقة وتميز لسة محتارة اية يخليها تطلق من زوجها ال بتحبة وهل هو حب تعود وانجذاب عام لكن للقلب دقة خائنة مع ابن العم ولا لا


زين الثعلب بوسط قطيع الذئاب علاقتة مع حصن مميزة بس بنشوف كيف باقي الامور تتفك شباكها بمجرد ما يرجعو لارض الصراع


سلمت ايديك يا قمر



طبعا مش محتاجة اقول تمزجت بالوصف والسرد ورسم الشخصيات


بس هستنى منك تعرفيني لون عين ادريس :) فشلت اعرف اية لون العين ال ميكس بين دروب الزيتون والفجر دة :)

Budoor Elsalmi 06-08-21 08:43 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة delicate butterfly (المشاركة 15609460)
تسلم ايديك بيدو الفصل دسم جدا وجميل


جولة بين اروقة القصر الاسود وال خطاب


الجد ال كرهتة من اول لقطة قسوتة واضحة جدا


فدوة لسة يعتبر راي انفعالي عنها بس حزنت عليها وعلى كرامتها المهدورة بحب تعيس من طرف واحد ويقينها من حب زوجها لبنت عمها



سليم يعني حطيتك مقدما ببلاك ليست تكون مع زوجتك العاشقة جسد بلا روح والروح خائنة وتواقة لبنت العم الهاجرة وواضح انة بسبب خذلانك وانصياعك للذئب الأكبر مشهدة معها كان مهين لاي زوجة بتحب زوجها



ادريس حبيت رسمة شضخيتة وبوهيميتة الفن مع المكر بنشوف هيرجع لأختة وللقصر ولا هيفضل شارد عن القطيع


حصن شخصية مرسومة باناقة وتميز لسة محتارة اية يخليها تطلق من زوجها ال بتحبة وهل هو حب تعود وانجذاب عام لكن للقلب دقة خائنة مع ابن العم ولا لا


زين الثعلب بوسط قطيع الذئاب علاقتة مع حصن مميزة بس بنشوف كيف باقي الامور تتفك شباكها بمجرد ما يرجعو لارض الصراع


سلمت ايديك يا قمر



طبعا مش محتاجة اقول تمزجت بالوصف والسرد ورسم الشخصيات


بس هستنى منك تعرفيني لون عين ادريس :) فشلت اعرف اية لون العين ال ميكس بين دروب الزيتون والفجر دة :)

فاتي 😍❤️♥️🙊
سعيدة إن الفصل عجبك و مستمتعة جدًا برأيك ❤️
في الحقيقة قبل كل شيء، الشخصيات خداعة كلها، اللي قد يظهر قاسي ممكن يكون مظلوم و اللي بيظهر ضعيف ممكن يكون ظالم 😂🙊 الكل للاسف غير موثزق فيه.
لكن سعيدة ان إدريس عجبك و إن رسم الشخصيات كذلك تفهمتيه❤️😍
إن شاء الله نتونس مع بعض في الفصول و تسلمي لي يا روحي ❤️

heba nada 06-08-21 09:43 PM

مبارك بيدو بداية قوية لرواية أكيد قوية
بالتوفيق يارب

Budoor Elsalmi 07-08-21 04:05 AM

[/size]
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة خالتي صاصي (المشاركة 15608869)
بالتوفيق يا بيدو
ان شاء الله تحققي نجاح كبير انتي تستاهلي كل الخير
انا عضو صامت في المنتدى بس عشان اكتب واعلق

تسلمي يا قمر على دخولك الخاص و على تعليقك ❤️🌹 يسعد أيامك يارب بيشرفني مرورك ♥️

Budoor Elsalmi 07-08-21 04:12 AM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة heba nada (المشاركة 15610076)
مبارك بيدو بداية قوية لرواية أكيد قوية
بالتوفيق يارب

حبيبتي يا بوب، الله يبارك فيكِ يا رب و يسعد قلبك و عقبال ما تشرفي المنتدى بروايتك الثالثة عاجلًا بإذن الله 😍♥️🌹 كل الحب يا قلبي. ♥️😍

Budoor Elsalmi 07-08-21 07:23 AM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة esraa sa so (المشاركة 15605070)
الف مبرووك يا بيدو وموفقة بأذن الله
العنوان يخض😂😂 بس حلوو ❤❤💙💙❣❣

ها يا ايسو، أخبار الفصل إيه 😍❤️🌹 قولي لي رأيك و إن شاء الله هتستمتعي 😍

Budoor Elsalmi 07-08-21 10:59 AM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة budoor elsalmi (المشاركة 15610010)
فاتي 😍❤️♥️🙊
سعيدة إن الفصل عجبك و مستمتعة جدًا برأيك ❤️
في الحقيقة قبل كل شيء، الشخصيات خداعة كلها، اللي قد يظهر قاسي ممكن يكون مظلوم و اللي بيظهر ضعيف ممكن يكون ظالم 😂🙊 الكل للاسف غير موثزق فيه.
لكن سعيدة ان إدريس عجبك و إن رسم الشخصيات كذلك تفهمتيه❤️😍
إن شاء الله نتونس مع بعض في الفصول و تسلمي لي يا روحي ❤️

صحيح بالنسبة لعيون إدريس، مروج الزيتون و خيط الفجر. 🙊♥️
يعني اخضر ضبابي يا فاتي.
تحسيها رمادي مخضر كدة الصورة بتاعته واضح فيها لو كبرتي 😍 و إن شاء الله يكون التصور وصل

samar hemdan 08-08-21 03:28 AM

لسة بنقول يا هادي وخطاب صنع الكوارث😂❤

samar hemdan 08-08-21 03:30 AM

السرد رائع يا بدور واللغة قوية جدا
ماشاء الله عليكي مبدعة❤❤❤❤❤


الساعة الآن 06:47 PM

Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.