شبكة روايتي الثقافية

شبكة روايتي الثقافية (https://www.rewity.com/forum/index.php)
-   الروايات الطويلة المكتملة ضمن سلاسل (وحي الاعضاء) (https://www.rewity.com/forum/f394/)
-   -   اعتراف بالحب (1) .. سلسلة أقدار للعشق *مميزة ومكتملة* (https://www.rewity.com/forum/t483944.html)

Nahla kandeel 16-09-21 02:56 PM

اعتراف بالحب (1) .. سلسلة أقدار للعشق *مميزة ومكتملة*
 



https://upload.rewity.com/uploads/154089255098181.gif



السلام عليكن جميعا..

بالبداية أحب أن اعرفكم بنفسي.. أنا نهلة قنديل.. من مصر..
كانت لي عدة محاولات للكتابة قبل سنوات ولكني توقفت نظرا لظروف شخصية.. والآن خطر لي العودة وإعادة نشر كتاباتي بعد تقنيحها مع الاحتفاظ بأسلوبها البسيط.. حتي يتسني لي الاحتفاظ بنسخة هنا في المنتدي ليسهل العودة إليها دائما..
والبداية مع أول وأحب أعمالي إلي قلبي..
رواية اعتراف بالحب..
السرد فصحي والحوار مصري عامي
اتمني أن تنال اعجابكن وأكون ضيفة خفيفة علي قلوب الجميع هنا بالمنتدي



https://upload.rewity.com/do.php?img=171089



https://up4net.com/uploads4/up4net.c...5058230211.jpg



روابط الفصول

المقدمة والفصل 1, 2 .. بالأسفل
الفصل 3, 4 متتابعان
الفصل 5 و6
الفصل 7
الفصلان 8 و9 متتابعان
الفصول 10، 11 ، 12 ، 13 ، 14 ، 15 نفس الصفحة
الفصول 16، 17 ، 18 نفس الصفحة
الفصول 19, 20, 21, 22، الاخير , الخاتمة


Nahla kandeel 16-09-21 03:00 PM

مقدمة
 
مقدمة

تطلعت الي الراقد أمامها بينما الصمت يلف الغرفة لا يقطعه سوي رتابة أصوات الأجهزة المتصلة به.
تقدمت لتجلس علي كرسي بجانب سريره.. مدت أناملها وربتت بها بخفه علي يده الساكنة بجانبه علي الفراش وهبطت عليها بقبله رقيقه..
تركت شفتيها تلامس كفه للحظات قبل أن تستند بجانب رأسها عليها..
تجمدت علي هذا الحال لدقائق.. رفعت وجهها ووجهت له حديثا لم تقطعه منذ سقوطه في تلك الغيبوبة..
تجمعت الدموع علي أطراف أهدابها التي حاولت مرارا أن تطلقها ولكنها أبت الهبوط.. كأنها تخبرها بأن وقت البكاء لم يحن بعد..
"بابا حبيبي.. قوم ليا بقي... هو أنا ما واحشتكش"
كتمت شهقة ألم كادت أن تصرخ بها وأغمضت عينيها للحظه لتتمالك أعصابها.. فهي تريد أن يصله صوتها هادئ وناعم كما يحبه..
"يا بابا أنت عارف أنت بالنسبة ليا إيه... تهون عليك فريده حبيبتك.. تهون عليك تسيبها.. عشان خاطري بقي قوم"
انتظرت كما تفعل منذ أيام.. لعلها تحصل علي أي رد فعل.. أي همسة تخبرها أنه هنا معها ولن يتركها بمفردها..
أي لمسه حانيه منه تبث بعض الاطمئنان والسكينة بقلب يكاد يتوقف هو الآخر من فرط ذعره من أن يترك بمفرده في تلك الحياه..
ابتهلت بداخلها في صمت وانتظرت.. ولكن لا رد من جانبه..
اخرجها من تأملها صوت طرقات علي الباب تبعه دخول امرأه في منصف الخمسينات..
ترتدي ملابس محتشمة وبسيطة وتضع علي رأسها وشاح أسود لم تخلعه منذ وفاه ابنها.. اقتربت منها "داده أم أحمد" كما تحب أن يناديها الجميع.. احتوت صغيرتها بين أحضانها .. إنها ابنه قلبها التي لم تتركها منذ وقعت عينيها عليها.. لتخترق قلبها بحب لم تشعر به سوي لطفل فقدته صغيرا..
فارتبطت بها كابنه لها وليس كواجب تؤديه نظير أجر..
ربتت علي ظهرها وطلبت منها بحنان..
- فريده حبيبتي قومي يا ماما أنا جبتلك هدوم معايا.. خشي خودي شاور وغيري..
- مش راضي يرد عليا يا داده
- يا حبيبتي ما ينفعش اللي أنت بتعمليه في نفسك ده .. ما يرضيش ربنا.. قومي يالا وأنا قاعده أهو بدالك
رفعت فريده رأسها لتنظر نحوها وملامح وجهها تصرخ بكل ما تحمله من إرهاق وخوف لا يفارقها .
أصدرت مربيتها صوت بجانب فمها تعبيرا عن شفقتها مما يجري لصغيرتها ..
مدت يديها لترفعها بسهوله من مكانها وتسندها لكي تذهب بها للحمام المرفق بجناحهم..
- اتوضي يا بنتي وصلي وادعي ليه... ربنا ما بيجبش حاجه وحشه أبدا.. خلي أملك في ربنا كبير
تحركت معها دون وعي حقيقي.. لا تملك أي طاقة للمناقشة أو الاعتراض.. لا تملك سوي الاستسلام لها وهي تتخذ نيابة عنها قرارات حياتها اليومية.
جلست مكان فريده وهي تتلو بعض الآيات القرآنية.. تنهدت وهي تتذكر ما حدث خلال الأيام الفائتة..
سقوط المهندس" محمود جلال" في تلك الغيبوبة اللعينة.. بعد أن أخفي عنهم خبر اصابته بذلك المرض اللعين وجاءت تلك الغيبوبة كعارض أخير له.
أجاد الاحتفاظ بسره لنفسه حتي هي لم تكن تعلم ليصعقوا بمفاجئة كانت قاتله..
..فريده..
أصدرت نفس الصوت مجددا وهي تتذكر صغيرتها التي ستفقد عقلها لا محالة.. فهي لا تملك غيره منذ وفاه والدتها وهي بعمر العامين بعد..
ليتركز عالمها كله علي أبيها فلا اقارب لهم مقربين.. سوي بعض أولاد العموم للمهندس والتي تعلم كم المشاكل والنزاعات بينهم..
استغفرت الله بداخلها وهي تدعوه لكي يخرجهم من تلك الغمه بسلام..
..................

التهمت عينيها تلك الأسطر أمامها علي شاشة هاتفها المحمول.. وبكل لحظه تحاول التحكم بتنفسها المتسارع وخفقات قلبها التي تعدو بجنون..
من ينظر إليها يخيل إليه أنها تقرأ رسالة غراميه من حبيب لها ولكنها في بحقيقه الأمر تتابع أحد الفصول الأسبوعية من رواية لكاتبتها المفضلة
علي موقع الفيس بوك..
لقد اصبح ذلك العالم الخاص هو حبيبها السري الذي تنشغل معه عن باقي الدنيا وما فيها من هموم.. وأصبح الوقت الذي تقضيه في تصفحه قبل نومها في المساء أو الصباح عند ذهابها لعملها هو الوقت الذي يبعث بها حياة وقوه لا تشعر بهما إلا بداخله حيث الأفكار والأحداث التي تتشابك مع ما يدور معها من
صراعات تكتمها عمن حولها ولا تجد لها منفذ إلا من خلال قراءتها .
انتهت من الفصل.. أغمضت عينيها وابتسمت بنشوه سحبتها معها لعالم آخر.. عالم وردي لا مكان له بالواقع..
فاقت من حالتها علي ترنح أصابها عند توقف قطار المترو الذي تستقله.. هبط معظم الركاب في تلك المحطة.. لتنغلق الأبواب وتُصدم هي بصورتها المنعكسة علي الباب أمامها.. رفعت كفها تلقائيا لتعيد ضبط نظارتها الطبية.. واخفضت نظرها بسرعه..
فهي تكره رؤيه انعكاس صورتها أمامها..
ابتسمت بجانب فمها وهي تسترجع أحداث الرواية التي كانت تقرأها.. لترفع نظرها مره أخري بحذر تتأمل نفسها..
تعلم أنها بعيده كل البعد عن مسمي الجمال و مواصفاته.. قامه صغيرة بجسد ضئيل.. شعر أجعد تخفيه دائما تحت حجابها سواء بالبيت أو بالخارج..
بشره سمراء ورثتها من أبيها صاحب الأصول الصعيدية كما ورثت ملامحه ولكن بلمسه أنثويه بسيطة..
ولكي تدفع شيء من الثقة بداخلها تذكرت حديث صديقتها معها ..
"أنتِ ليكي ضحكه تجنن.. دلوقت الناس بتدفع فلوس قد كده عشان تاخد ضحكتك دي"
ولكن هل تكفي تلك الضحكة لكي تجذب اهتمام أحدهم في يوم ما.. لكي تعيش مشاعر طالما قرأت عنها..
تنجح بيوم في العثور علي من تتمكن من بث أحلامها و مشاعرها له.. أن تجد من يفهم .. يستوعب.. ويحتوي..
ترنحت عند وقوف القطار وهذه المرة كانت محطتها..
هبطت منها لتجد صديقتها أسما بانتظارها .. باغتتها بصوتها العالي..
- والله لسه بدري يا ست زينب هانم..
رفعت زينب سبابتها أمام فمها لتنبه صديقاتها كي تخفض صوتها .. ربتت علي صدرها بكفها وهي تهدئها
- معلش يا أسما يا حبيبتي حقك عليا بس وطي صوتك..
شبكت صديقتها ذراعيها أمامها وهي ترفع حاجبها الأيمن كعادتها
- والله.. أنا بقي المفروض كل يوم أتقبل أسفك ده وأنتِ لطعاني هنا.
اقتربت زينب منها وهي تتعلق بذراعها ليذهبا سويا
- بصي ليكي عندي عزومة علي الفطار النهار ده بس ماتزعليش بقي مش هتأخر عليكي تاني.
تحركا سويا ولم تستطيع أسما من كتم ضحكتها
- طالما هتعزميني علي الفطار يبقي خلاص.. أنتِ عرفاني قلبي أبيض.
ابتسمت زينب ..هزت رأسها باستهجان..
- مش قلبك اللي أبيض .. ده مخك هو اللي أبيض وأنتِ الصادقة..
خرجتا من المحطة وسارتا مبتعدتان في اتجاه المكتب الهندسي الذي تعملان به كمهندستي ديكور..
نظرت أسما لها بجانب عينيها. ترددت في القاء سؤالها اليومي عن أخبارها ولكنها لم تستطيع حجم لسانها الذي سبقها..
- بابكي عامل إيه يا زيزي.
ابتسمت زينب بألم لتجاوبها وهي تنظر أمامها بشرود
- الحمد لله زي ما هو.. وبعدين مش قولتلك بلاش زيزي دي لو حد من أخواتي سمعك.
و حركت جانب كفها أمام عنقها وهي تنظر لها بتوعد لتتسع عيني أسما في رعب مصطنع..
- يا ساتر كل ده عشان بدلعك.. خلاص يا ستى خليكي زي مانتِ زينب
أجابتها بجديه مزيفه..
- يا حبيبتي أحنا صعايدة عايزه تناديني بأسم غازيه ويسكتوا..
ارتفعت ضحكات أسما لتجذب انتباه المارة لتنبها لكزه من صديقتها أصابتها بجانبها..
- خلاص خلاص.. بس غازية مرة واحده يا ساتر أخواتك دول أقفال ومصدية كمان.
نظرت لها بضيق..
- كفاية بقي نجيب سيرتهم علي الصبح.. أنا ما بصدق أسيب ليهم البيت وانزل تفكريني أنتِ بيهم.
احنت أسما شفتاها في مواساه لا تخلو من شفقة علي حال تلك المسكينة التي لا تملك سندا لها غير أب غُرس حبها في قلبه منذ أن وقع نظره عليها من أول مرة.. أب لم تمنعه عادات وتقاليد باليه من أن يعبر عن فرحته بتلك الصغيرة التي جاءت لعالمه بعد أربع ذكور.. ولم يمنعه جهل جُبر هو عليه من أن يدعمها لإكمال دراساتها.. خاصه بذكاء وموهبه اختصت هي بها دوناً عن باقي أشقائها..
فكان هو السند عند مواجهات الدراسة باختصاص لم تستوعبه عقولهم وبعدها العمل.. ولكن للأسف لم يهابه المرض كما يفعل الجميع.. فسقط فريسه له ينهش به كما ينهش القلق والخوف قلبه علي صغيرته من بعده.. فكيف تواجه وحدها عقول تحجرت ترفض تمكينها من أبسط حقوقها.. عقول رفضت الاعتراف بشيء يدعي موهبه ميزها الله بها دون الكثير غيرها.. فكيف ستكون شكل حياتها معهم من بعده.. وحيده ضعيفة.. ومن يفترض به أن يكون هو سنداً لها.. يكون هو سبب في قهر يصيبها..
.............................
أسرعت بالدخول لمبني المستشفى الحكومي الذي تعمل به.. لقد تأخرت كثيرا تلك المرة.. دخلت لمكتب شئون العاملين و وقفت وهي تستحضر معالم البراءة علي وجهها...
- صباح الخير يا أستاذ يحيي
رفع نظره لها من خلف نظراته
- صباح الخير يا دكتوره.. الساعة 9:30 دلؤقتي
- والله غصب عني المواصلات زحمه جدا.. وبعدين يا أستاذ يحيي أنا جايللي خصم الشهر اللي فات بسبب التأخير يرضيك يعني كل شهر كده
- طيب يا دكتورة ماتيجي بدري شويه.. زمايلك لو أخدوا بالهم أني بميزك عنهم هتبقي مشكله ليا أنا ..
ابتسمت له بشقاوة ونظره رجاء طفوليه تتلاعب بعينيها لتذكره بصغيرته هو فلم يستطيع مقاومة إعصار المرح و الشقاوة التي تجتاح به الجميع كما يحدث كل يوم منذ استلامها للعمل بالمستشفى.. ليجعلها أخيرا توقع في دفتر الحضور..
رفعت كفيها لتدعو له
- ربنا يخليك والله أنا مش عارفه المستشفى دي من غيرك هتبقي أزاي
ليضحك هو بوقار ويطلب منها كعاده كل يوم التبكير في الحضور قليلا.. وكعادتها تؤكد عليه أنها المرة الأخيرة ..
خرجت من مكتبه لتتجه إلي صيدلية المستشفى.. تذكرت بطريقها هاتفها المحمول.. بحثت عنه في حقيبتها لتجده وتجد عليه أكثر من عشرين مكالمه فائتة من خطيبها.. خبطت بكفها علي جبينها وهي تؤنب نفسها علي عدم تذكرها تغيير وضع الصامت بعد استيقاظها... أضاءت الشاشة بين يديها مع قدوم مكالمه جديده منه..
عضت شفتيها وهي تمهد نفسها لقذائف ستنطلق بأذنها فالحال.. ضغطت زر الإجابة
- ألو..
وصل إليها زفيره الحار..
- صباح الخير يا حبيبي
وأيضا لا رد سوي أنفاس لاهبة تصلها تكاد تحرقها في مكانها..
لتبادره هي بنعومة وأنوثة تعلم مقدار تأثيرها عليه..
- والله أنا نازله متأخرة ومافتكرتش أشغل الصوت.. طيب دانا طول الليل سهرانه مش عارفه أنام..
- وطول الليل سهرانه ومش عارفه تنامي ليه بقي..
أخيرا استجاب ووصلتها نبرته الخشنة التي تثير مشاعر مبهمة بداخلها ولكنها أدمنتها منه.. لم تستطع حجم شيطانها الصغير بداخلها من أن يتلاعب به قليلا..
- عشان فيه واحد كده واحشني أوي وكنت هتجنن واسمع بس صوته ومش عارفه. .
ازدادت سرعه تنفسه.. لتفلت منها ضحكة مغلفة بالكثير من الدلال الطفولي.
- والله واحشتني يا حبيبي.. يعني أنا عندي كام زومي هو واحد بس.. ماتزعلش بقي..
- ياسمين أنتِ عارفه إنك هتجنيني خلاص.. أنا كنت علي وشك أعمل مشكله هنا وأنزل من القطاع حالا بسببك.. عشان أشوف جرالك إيه
اغمضت عين واحده وهي تتلقي هذا التقريع.. تعلم مقدار حبه وقلقه عليها.. وهي تستحق هذا.. فلا جدوي من مجادله عقيمه..
- آسفه بقي
طفلته المدللة ستفقده عقله في يوم ما.. إلا يكفيه ما يعانيه وهو بعيدا عنها يتخيلها تتحدث مع أحدهم بتلك النبرة التي تذيب قلبه.. وهذا الشخص بالطبع لن يستطيع مقاومه تأمل ملامحها التي تجعلك تتوه بها لتحدد سر انجذابك لها بالضبط فيمر الوقت أمامها دون أن تشعر.. فهي خليط من أنوثه ناعمه وطفوله آسرة للقلب بشقاوتها.. وهي غير واعيه لما تسببه من حولها.. كل مره يأخذه تفكيره لتعاملاتها اليومية بعيدا عنه تسيطر عليه تلك الرغبة الملحة بالقتل لكل من يتجرأ ويقترب منها..
- زوما خلاص بقي عشان خاطري
أخرجته من تلك الفكرة المثيرة علي أنغام صوتها الناعم..
تنهد ليجلي صوته ويخرجه بنبره حازمه..
- طيب خلاص بس مش هنبه تاني يا ياسمين موبايلك في أيديك أول ما أتصل تردي علي طول لو مين معاكي..
أتسعت عيناها لتوافقه بمرح..
- حاضر ..في أوامر تانيه حضرتك..
لم يستطيع المقاومة أكثر من ذلك لتفلت منه ضحكته الرجولية ردا علي محاولتها الفاشلة في تضخيم صوتها ليناسب نبرته الآمرة..
- لا خلاص يا عسكري ياسمين انصراف أنت..
ليردف بهمس دغدغ مشاعرها بوعيده الخفي..
- هاحول أنزل واشوفك النهاردة عشان تعرفي تنامي بالليل..
نظر لهاتفه بعد أنهاء مكالمته متنهدا بحرقه إلى متي هذا العذاب .. الحرائق تمتد داخل شرايينه لتصل لقلبه وتحرقه في كل لحظه وزهرة الياسمين بعيده عنه..
فهو يريدها هنا بين أحضانه يخفيها عن كل الأعين فلا أحد له الحق بالتمتع بشذى عبيرها سواه..
ولكن بكل ثانيه يزداد اشتعاله ولا يخفف عنه اقتراب موعد زفافهما بل صبره أوشك علي النفاذ وهو يحصي الأيام التي تفصله عنها.
........................

Nahla kandeel 16-09-21 03:14 PM

الفصل الأول
 
الفصل الأول


دلف أحمد الي المستشفى صباحا كعادته في الأيام الأخيرة حيث زيارته اليومية يقضي بها بعض الوقت بجانب أباه الروحي.. وصل إلي الجناح التي يقبع فيه منذ غيبوبته وطرق الباب وانتظر إلي أن فتح وظهر له وجه السيدة "أم أحمد"..
- صباح الخير.
- صباح النور يا ابني اتفضل أدخل..
أفسحت له الطريق ليدلف إلي الغرفة ونظره يسبقه إليه ليطمئن قلبه أنه مازال معهم..
سألها بخفوت وهو يقترب منه إلي أن جلس بجانبه..
- ما فيش جديد
هزت رأسها بأسي..
-لا يا حبيبي زي ما هو
تجمدت نظراته عليه إلي الآن لا يصدق أنه سيغادر حياته للأسف أخذه علي أنه أمر مسلم به.. اعتبره تعويض له عن أحبه تركوه صغيرا يواجه الحياه وحده.. لا ليس وحده بل مع صغيرين آخرين تركوهما تحت مسئوليته هو الطفل الذي خطا نحو عالم الرجولة مبكرا..
- الدكتور يا بني مش راضي يطمنا.. هو قالك حاجه..
سألته بهمس تخشي أن يصل صوتها لتلك الغافية علي الأريكة في الجانب الآخر من الغرفة..
- أن شاء الله خير..
قالها بغصة ألم استحكمت بحلقه.. نظر حوله وهو ينتبه لعدم وجودها من حوله علي غير العادة..
- هي فريده روحت ولا إيه..
- لا يا ابني دانا نشف ريقي معاها وهي مش راضيه.. قولتلها تمدد أن شا الله ساعة واحده بس.. دي كانت هتوقع من طولها خلاص..
مسح بكفه علي وجهه في إرهاق فهو الآخر مستنفذ إلي أقصي حد.. نهض ليخلع سترة بدلته وعلقها علي مسند كرسيه وجلس وهو يشمر أكمام قميصه لمنتصف ذراعيه..
- يا ابني ماطعتلش نفسك روح شوفك وراك إيه أنت معطل نفسك معانا من ساعة اللي حصل..
نظر لها بجانب عيناه ولم يعلق سوي بهزه رفض بسيطة برأسه فمنذ الصباح وهناك شعور خانق يسيطر... وتأكد منه عندما مر علي الطبيب هذا الصباح بطريقه إلي هنا.. وشرد عقله وهو يتذكر تلك الكلمات التي صاغ بها نهاية الراقد أمامه ببساطه
" أنا ما خبتش عليك من الأول حقيقة الوضع "
"الحالة جاية متأخرة اوي وصدقني لو السفر كان فيه فايدة بنسبة واحد في المية كنت وافقتك علي السفر"....
"الحالة اللي هو فيها حاليا مش غيبوبة بالمعني المفهوم المسكنات مع المهدئات اللي بنحقنه بيها مسببه الحالة دي الألم في المرحلة دي مش هيقدر يستحمله ولا اللي حواليه هيقدروا يشفوه في الحالة دي "
لما لم ينتبه لسوء الوضع مبكرا.. كيف لم يلاحظ.. لن يعف نفسه من التقصير ويتحجج بمقدار مشاغله وسفرياته المتعددة ..
وعندما أثار شكوكه منذ شهر تقريبا بطلبه العجيب وقتها.. كان للأسف الوقت تأخر كثيرا..
قبل شهر مضي..
جلس أمامه في مكتبه يتناقش معه في آخر تطورات المشروع القائمين عليه لينتبه فجأة علي صمته الغير طبيعي..
- في حاجه يا باشمهندس
سأله بنظرات متفحصه لعله يصل إلي ما يشغل باله لهذه الدرجة..
-عايزك في موضوع كده يا أحمد
صمت وهو يفكر كيف يفاتحه بما يضيق به صدره..
- خير أنت قلقتني علي فكرة..
ثبت بصره عليه.. يقيمه للمرة الأخيرة.. ولكنه أحمد.. من رباه علي يديه منذ كان مراهقا في الخامسة عشر..
- عايزاك تتجوز فريده..
ارتد رأسه للخلف والصدمة تسيطر سريعا علي ملامحه.. فريده.. فريده ابنته هو.. كيف ولماذا؟!
- ممكن أفهم..
سأله بثبات يخفي تحته الكثير من التخمينات التي تعج برأسه..
- تفهم إيه بالضبط.. بقولك تتجوزها لو عندك اعتراض عليها قولي وخلاص وانسي أني قولتلك حاجه.
رده كان بحده غريبه علي طباعه اللينة التي يتعامل بها مع الكل ليسارع هو وينفي أي تقليل من قيمه وحيدته..
- يا باشمهندس أنا قصدي بس إن أنا عمري ما فكرت في الأنسة فريده.. أنا وهي كل واحد من دنيا تانيه خالص....
صمت ليستجمع أفكار تناثرت مع هذا العرض المزلزل.. أكمل بعدها..
- حتي دلوقت آه أنا قدرت أحقق اللي كنت بحلم به بس حضرتك عارف أنا عملت إيه عشان أوصل لكده.. ده غير موضوع...
قاطعه بحده أشد..
- أحمد لو علي موضوع إنك ماكملتش تعليمك..أكيد أنا عارف كده وأنا بعرض عليك بنتي.. أنا بسألك عندك اعتراض عليها وعايز أجابه محددة آه ولا لأ..
- لا طبعا ماعنديش.. بس هي هتوافق
صمت ليهدأ أنفاسه قليلا.. وأجابته كانت قاطعه..
- آه هتوافق..
وعلي الجانب الآخر..
- أحمد يا بابا.. إزاي بس
هتفت فريده بصدمه ودهشة مما يخبرها به.. هل يعقل أن يفكر بها هي ليتزوجها.. تعلم عنه الكثير من أبيها .. لكنها لم تتعامل معه مباشره ومع ذلك هي متأكدة من استحاله تفكيره بها..
فمن مثله له مواصفات معينه في من يرغب بالاقتران بها.. علي الأقل ألا يشعر معها بلحظه بأي نقص أو انتقاص من قيمته.. بعزة نفسه التي تبلغ عنان السماء..
وهي بعيده كل البعد عن تلك المواصفات التي تعتقدها وكما ظنت هو لن يزج بنفسه في علاقة لا تحمل تكافؤ يصب بصالحه..
و هناك أبيها الذي رفض أكثر من عريس تقدم لها مؤخرا ليجول بخاطرها بفكاهة أنه ممن يحملون عقده من زواج أبنتهم الوحيدة ولم تمانع فيكفيها هو معها.. حبها له يغنيها عن أي مشاعر تجاه أي رجل آخر يقع تحت بند زوج مستقبلي ..
ولكنه مرحب بأحمد!!
مد يديه ليجذبها نحوه.. أجلسها بجانبه. واحتوي كفها بيد وربت عليها بالأخرى..
- ماله بس أحمد يا حبيبتي.. ده راجل بجد وأكتر واحد هطمن وأنتِ معاه كأنك في حضني أنا..
رفعت كفها لتمسد وجنته برقة وهي تبتسم..
- يا حبيبي أنت ما فيش زيك.. ماشي هو راجل وأنا عارفة أنت بتحبه وبتثق فيه إزاي بس يا بابا ..
صمتت للحظات وهي لا تعلم كيف تشرح له هي ليست بفتاه تافهة لكي تحكم علي الأشخاص من مظاهرهم فقط.. ولكن أحمد لم يمر ببالها للحظه كعريس محتمل في يوم ما.. رجل بدأ حياته من تحت الصفر بمراحل.. عثر عليه أباها يعمل مع العمال بأحد مواقع الأنشاء وجذب اهتمامه بحكايته طفل فقد أبواه واحدا تلو الآخر .. وانشغل من حولهم عنه هو وأخوته الصغار ليجد نفسه أمام مسئولية أكبر من عمره.. في بادئ الأمر كان الانجذاب نتيجة شفقه علي هذا الصغير الذي يرتدي ثوب الرجولة المهلهل عليه.. ليتحول لأعجاب بذكاء حاد يفتقده الكثير ممن يفوقه عمرا..
- عشان حكاية أنه ماكملش تعليمه صح..
تذكرت كلام والدها في أحد المناسبات أنه ضغط عليه كثيرا ليكمل بعد الثانوية وأستجاب تحت ضغط منه ليقدم في الجامعة المفتوحة ولكنه لم يكمل..
أفاقت من شرودها لتجيبه بثبات..
- مش بس كده أنا وهو مختلفين أوي.. أنا اتربيت بطريقه وبشكل وهو.. يا بابا من اللي أنت حكيت عنه هو اتبهدل كتير أوي في حياته وبعدين فرق السن يا بابا أنت إزاي مافكرتش في كده..
جذبها لأحضانه وربت علي ظهرها بحنان..
- مين قالك مافكرتش.. أنا فكرت في كل تفصيله ممكن تجمعكم يا فيري.. رغم كل ده بقولك أنا عايزك توافقي عشان خاطري أنا..
أبعدها لينظر في عينيها مباشره..
- عشان خاطري..ريحي قلبي
رعشه أصابتها في قلبها ..هناك ما يخفيه ممكن لها أن تقسم علي ذلك.. هزت رأسها لتهديه راحة يتوسل لها..
- طيب سيبني أفكر شويه
هز رأسه بالرفض وهو يزدرد ريقه بصعوبة
- لا..عايز رأيك دلوقت
أعجزتها الصدمة.. ما الذي تخفيه عني.. ما سر هذا الوجع والقلق بعينيك الذي يذبحني.. هل من المعقول كل هذا الإصرار علي الارتباط به هو دونا عن غيره وبتلك السرعة...أزداد وجع قلبها. حررت يدها منه لتمسك هي بكفوفه..رفعتها لشفتيها ..قبلتها بينما عينيها ترقرق الدمع بهما ولم تتمكن من منع نفسها..
- طيب لو وافقت هتقولي فيه إيه..
جذب يده ليمسح دمعه خانتها وكادت تفلت منها..
- هتعرفي كل حاجه.. بس في وقتها.. أنا هكلمه وخليه يجهز كل حاجه عشان تكتبه الكتاب بأسرع وقت ماشي.. ماشي يا حبيبتي
قال جملته الاخيرة بنبره متوسله..
بل كل ما فيه كان يتوسل إليها لتوافقه...
بشكل غير أرادي هزت رأسها بنعم وكل ما يشغل بالها ليس موضوع زواجها الوشيك بل ما يخفيه أبيها عنها لكي
يضغط عليها بتلك الطريقة..
قلبها يحدثها بما تنكره علي عقلها فلا يمكنها التفكير بهذا الاحتمال..
................................
أنتهي حازم من مكالمته مع ياسمين.. وتوجه بعدها مباشره لمكتب زميله ورفيق دربه منذ الطفولة مصطفي والذي تنطبق عليه مقوله" رب أخ لم تلده أمك"..
كان يراجع بعد الأوراق بمكتبه.. وجه إليه لكمه قويه علي كتفه فور اقترابه منه..
- أنت إزاي يا ابني أنت ماتقوليش إن أخوك أتجوز..
برد فعل سريع رد له اللكمة أعلي صدره..
- أنت إيدك دي مش هتبطل تطولها.. وبعدين أتجوز فين ده كتب كتاب بس.
رفع حازم حاجبيه باستهجان..
- وهو كتب الكتاب ده شويه ..أنا كنت فاكر هكون أول واحد هتعزمه.. فما تقولش أصلا يا مصطفي..
انطلقت ضحكات مصطفي وهو يتذكر مفاجئته هو الآخر بالأمر.. نهض من كرسيه ليواجه..
- والله أخوه ذات نفسه ماكنش يعرف أنا رجعت من القطاع الإجازة اللي فاتت لقيت عمر بيقول أخوك كتب كتابه إزاي
وفين ما عرفش..
- معقولة كده غريبه دي
حرك كتفيه لأعلى ومط شفتيه..
- المهم يا ابني إن بعدها علي طول حماه دخل المستشفى وحالته شكلها متأخرة أوي.. بقولك.. أنا استأذنت ساعتين من سياده اللواء هاروح المستشفى بسرعه وارجعلك..
تذكر حازم علي الفور أمر أجازته. سأله بلهفه..
-ماتعرفش جاتلي الموافقة علي الإجازة ولا لسه..
حرك مصطفي حاجبيه له ليغيظه..
-لا ماعرفش.. خلاص مستعجل أوي علي الجواز..
- آه يا اخويا مستعجل.. عقبال ما أشوفك واقع علي وشك أنت كمان..
تعالت ضحكات مصطفي وهو يضع يده أعلي كتف صديق..
- أيدي علي كتفك .. ظبط بقي الفرح وليك مني وعد مش هقصر رقبتك بس مش هوصيك..
أكد له حازم وهو يضع يده علي رقبته يؤكد..
- عيب عليك.. ده كفاية بس أصحابها وقرايبها أنا عارف معظمهم حاجه لوز بس أدعي أنت ربنا يكرم والأجازة
يتوافق عليها..
حرك مصطفي كفيه أمامه برفض..
- لا والنبي لا لوز ولا جوز أنا عايز واحده بنت ناس ومؤدبه كده مش الأشكال اللي ما يعلم بيها إلا ربنا دي.
جذبه حازم من ياقة بدلته العسكرية بعنف مفتعل.
- قصدك إيه يا ابني أنت.. ما تضبط الكلام.. هي واصحابها علي راسك من فوق فاهم ولا لأ...
دفعه مصطفي بعيدا عنه وهو يسخر من حميه صديقه القوية..
- خلاص يا عم الحمش أنا ماجتش ناحيه المدام أنا باتكلم علي الباقيين وبعدين والله لو كان ليها أخت ماكنتش أسيبها أبدا..
أقترب منه حازم ..مسد ياقة بدلته ليعيد فردها مره اخري وربت علي كتفه بوداعه وهو يتأمله..
- ليها أخت وعلي ضمانتي..عارف أسما اللي قولتلك عليها بنت خالتها.. اللي خليتك تتوسط عند تخوك يشغلها في المكتب عنده
فرك ذقنه وهو يحاول أن يتذكرها
- أنا ما قبلتهاش ساعتها بس فاكر الحوار آه..
حرك رأسه بتأكيد
- خلاص يا معلم ها تشوفها في الفرح ولو عجبتك نقول مبروك..ماشي..
تحرك مصطفي من أمامه وهو يبتسم من تلك الحماسة التي سيطرت علي صديقه.. اتجه نحو باب مكتبه ليغادر..
- ماشي يا معلم موعدنا في فرحك هاسيبك بقي عشان الحق أرجع سلام..
رفع يديه لتحيته وهو يستدير ليجلس مكانه علي المكتب..
ابتسامته لم تغادره والسبب تفكيره بزهرة الياسمين خاصته..أخرج هاتفه لتطالعه صورتها في خلفيه الشاشة..
تردد في مكالمتها حيث لم تنقضي عده دقائق عن آخر مكالمه معها..
شعر بكم الضغط و الحصار الذي يجريه عليها فقرر تأجيل ذلك الاتصال بعض الوقت و تعويض نفسه بقبله يرسلها لصورتها..

........................
- الباشمهندس علاء عايز حضرتك في مكتبه.
رفعت زينب أنظارها عن التصميم الذي تعمل عليه..
- ماشي يا عم كرم انا رايحة حالا..
طوت التصميم من علي مكتب الرسم الذي تعمل عليه لتذهب لمكتب رئيسها في العمل.. طرقت الباب ودلفت بعد سماعه لصوته يدعوها للدخول.
- تعالي يا زينب
تقدمت للداخل لتفاجئ به جالسا علي المقعد الجانبي أمام مكتبه بينما الباشمهندس عمر صاحب المكتب يحتل كرسيه..
همست بداخلها" هو اليوم ده باين من أوله"..
أجبرت نفسها علي أن تتقدم بثبات في محاوله لتجنب هذا الغليظ ..
- اتفضل يا باشمهندس أنا تقريبا خلصت الشغل مبدئيا..
تناول علاء التصميم ليفرده علي مكتب الرسم ويتفحصه بدقه..
بينما هي تشاغلت بالنظر ليديها وتحاول تجنب النظر نحو عمر.. لا تعلم سر انقباض صدرها بكل مره تراه فيه رغم أنها لمرات قليله نعم.. فالمكتب هنا تحت مسئوليه صديقه علاء فلا يأتي إلي هنا إلا بأوقات قليله لانشغاله بالعمل بشركه أخاه الأكبر..
وبرغم من رؤيته علي فترات متباعدة إلا أنه يؤكد بداخلها دائما شعور بالحذر من التعامل المباشر معه.
وبينما هي تتجنب مجرد النظر تجاهه وتتجاهله كليا.. كان هو يتفحصها بسخريه واضحه بابتسامه مال بها جانب فمه..
ماذا الآن هل تخشي علي نفسها أم يستهوها لعب دور الخجول..تناقلت نظراته علي ملامح وجهها ثم مط شفتيه السفلي بامتعاض فبكل تأكيد لا يعجبه ما يراه ..بحق الله ما هذه النظارة التي تختفي ورائها.. فهي جريمة في حق أي أنثي.. هبط بنظره لباقي معالم جسدها ..حرك رأسه بأسف.. فهي حاله ميؤوس منها فلولا حجاب رأسها لظنها صبي علي أعتاب البلوغ بهذا الجسد الضئيل.. تأرجح بكرسيه قليلا قبل أن ينهض ويتجه لفحص تصميمها..
أخذ موقعه بجانب صديقه الذي انشغل في تسجيل ملاحظاته.. مبدعه لا ينكر.. ما تخطه يداهها يتخطى مرحله الجودة لمنطقه أخري لا يصلها أحدهم إلا نادرا .. وهي منهم تملك بصمتها الخاصة ..التي تنهض بأي تصميم لمستوي الأبداع..
- هايل يا زينب بجد...أنا متخيل رد فعل العميل علي شغلك مش هيصدق نفسه..
أضاء وجهها بابتسامه رائعة بعد سماع كلمات المديح التي وصف بها علاء تصميمها.. رغم ثقتها بعملها إلا أنها تترقب عند كل تصميم جديد رد فعل من حولها في محاوله لدفع شحنه جديده من الثقة بنفسها تساعدها في مواجهتها اليومية..
- إيه رأيك يا عمر هايل مش كده..
نظر للتصميم أمامه بجمود للحظات قبل أن يلتفت لها.. ثبت نظراته عليها قليلا مما أثار ارتكابها..
أجاب علي سؤال علاء بنبره بارده..
- مش بطال يا علاء.. في كام حاجه هقولك عليهم عشان يتعدلوا..
لتنسحب الابتسامة و يزحف الاحمرار علي وجهها" مش بطال ده اللي قدرك عليه ربنا"
استجمعت شجاعتها وحاولت السيطرة علي انفلات أعصابها بضمها لقبضه يدها بشده..
سألته بهدوء..
- ممكن أعرف إيه المحتاج يتغير بالضبط.
قيمها بنظراته للحظات وهو ينتبه لاحمرار وجهها ..
- الألوان مش عجباني وكمان النسب اللي أنتِ شغالة بيها فيها حاجه مش مضبوطة.
هتف علاء بدهشه..
- عمر الألوان هايلة وبعدين العميل كان محدد من الأول هو عايز إيه وهي نفذت في الحدود اللي طالبها.
تراجع عمر ليجلس علي كرسيه.. تأرجح به ببطيء يمينا فيسارا وهو يراقب انقباض ملامحها والاحمرار الذي بدأ في الخفوت فاشتعلت رغبته في دفع مزيد من الاحمرار بوجنتيها..
- ويا تري الباشمهندسه ناويه تحن علينا وتروح تتابع تنفيذ شغلها ولا كالعادة ...
أجابه علاء بنظرات داقت لأدراكه اللعبة التي يلعبها صديقه في إثاره تلك المسكينة..
- أنا اللي هنفذ يا عمر وأنت عارف كده..
نظر له بحده.. للتقابل نظراتهما في صراع بين" خف بقي"..وبين " مالكش دعوه أنت"
قاطعتهما بتلعثم وأصابعها تعصرهم بقبضتها.. قاومت رغبتها في سحب منديل ورقي لإزاله تعرقها كعادتها عندما تتوتر..
- يا باشمهندس.. حضرتك عارف أن مش هقدر أسافر ..
أنقذها علاء من مزيد من الاستفزاز من ذلك البارد..
- بعد أذنك يا عمر..روحي أنتِ علي مكتبك يا زينب دلوقت وأنا هبعتلك الملاحظات اللي عندي عشان تنهي التصميم واعملي حسابك إحنا هنفذ خلال الاسبوع ده ماشي..
تناقلت ببصرها عليهم بحيره ..ترددت لثواني أتنتظر الأذن من هذا البارد أولا..أم تسارع بالهروب من أمامه.. قررت التراجع سريعا فهي لا تملك الشجاعة لمواجهته وبداخلها شكرت علاء علي أنقذها منه..
شيعها هو بنظراته وهي تتراجع بارتباك لتخرج من الغرفة دون أن. توجه له نظره واحده.
ألتفت برأسه لصديقه وهو مازال يتأرجح بكرسيه رفع حاجبه بتساؤل يتقمص به دور البريء..
- فيه إيه مالها دي.؟
هز علاء رأسه بأسف..
- أنت مش هتتغير حرام عليك.. دي غلبانة غلب السنين.. وبعدين واحده زيها تمسك فيها بأيدك وسنانك مش تقعد تستخف بشغلها كده.
أجاب عمر بسخريه عبر عنها جيدا بحاجبه المرتفع باستخفاف..
- ليه يعني.. أمال لو كانت حلوه شويه كانت هتعمل فينا إيه.. أول مره أشوف مهندسه ديكور تصمم بس وما تتابعش التنفيذ..
- هو بالحلاوة يا بني آدم أنت..دي فنانة بجد وكل عميل بيجي بيطلب شغلها بالاسم..وهي ظروفها كده واحنا وافقنا من الأول بتعيد الكلام تاني ليه..
مط شفتيه أمامه وهو يبحث في بعض الأوراق .. أجابه دون اكتراث حقيقي..
- مانا بحاول أفهم بس أخواتها اللي بتقول عليهم دول خايفيين عليها من إيه يعني..عموما سيبك منها بقي وخليك في اللي جايلك فيه..
لينشغلوا في مراجعه بعد الأوراق وتتلاشي هي من تفكيره بنفس السرعة التي شغلته بها..
فعمر عبد الهادي له معايير قياسيه لأي أنثي ترغب في جذب اهتمامه وبالتأكيد هي لا تملك أي منها.
........................

صل على النبي محمد 16-09-21 03:15 PM

اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد كما صليت على سيدنا إبراهيم وعلى آل سيدنا إبراهيم وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد كما باركت على سيدنا إبراهيم وعلى آل سيدنا إبراهيم إنك حميد مجيد

لا تنسوا الباقيات الصالحات

سبحان الله

الحمد لله

لا إله إلا الله

الله أكبر

لا حول ولا قوة إلا بالله العلي

رانيا خالد 16-09-21 06:34 PM

البدايه قويه بانتظار الاحداث الجايه على نار بجد تسلم ايديكى بس هى تنزل امتى

Nahla kandeel 16-09-21 08:19 PM

هحاول كل يوم انزل فصل جديد بعد مراجعته ان شاء الله

قصص من وحي الاعضاء 16-09-21 10:11 PM




اهلاً وسهلاً بك بيننا في منتدى قصص من وحي الأعضاء ان شاء الله تجدين مايرضيك موفقة بإذن الله تعالى ...


للضرورة ارجو منكِ التفضل هنا لمعرفة قوانين المنتدى والتقيد بها
https://www.rewity.com/forum/t285382.html

كما ارجو منك التنبيه عندما تقومين بتنزيل الفصول على هذا الرابط
https://www.rewity.com/forum/t313401.html

رابط لطرح اي استفسار او ملاحظات لديك
https://www.rewity.com/forum/t6466.html


حجم الغلاف رجاءً يكون بمقاس 610 × 790



هل الرواية حصرية لشبكة روايتي الثقافية ام هي غير حصرية؟ الرجاء الإجابة بحصرية او غير حصرية دون اضافات....



نرجو الالتزام بحجم الفصل المطلوب ضمن القوانين
15 صفحة ورد بحجم خط 18




واي موضوع له علاقة بروايتك يمكنك ارسال رسالة خاصة لاحدى المشرفات ...

(rontii ، um soso ، كاردينيا الغوازي, rola2065 ، رغيدا ، **منى لطيفي (نصر الدين )** ، ebti )



اشراف وحي الاعضاء



Nahla kandeel 17-09-21 12:34 AM

الرواية غير حصرية

rehabreh 17-09-21 12:55 AM

thaaaaaaaaaaaaaaaaaaaaaaaaaaaaaaaanks

Nahla kandeel 17-09-21 06:03 PM



الفصل الثاني

وانتهت زينب أخيرا من رحلة عودتها الشاقة بعد انتهاء يوم عمل آخر.. وصلت لمنزل عائلتها حيث تسكن بأحدي المناطق الشعبية والذي شيده أباها منذ زمن ليجمع أبنائه وعائلتهم بداخله فيبقيه كبيت للعائلة..
" ابن عمك هيجي آخر الأسبوع عشان يقرا فاتحتكم"
تلك العبارة التي حاولت الهروب منها طوال النهار.. ولم تحاول أعادة التفكير بها حتي مع نفسها.. ولكن رغما عنها استعاد عقلها عباره أخيها قبل دخولها لمنزلها مباشره..
فلقد حان الوقت للعودة إلي الواقع..
توجهت لغرفه أبيها مباشره.. وجدت أخاها الأكبر جالسا معه.. تقدمت لتقبل يد والدها وهي تطمئن علي صحته وتحاول بنفس الوقت تجنب تلك النظرات النارية التي تشعر بها تلسعها..
- الساعة كام معاكي.؟
نظرت للساعه المعلقة علي الحائط لتجد xxxxبها تتجه نحو السادسة..
استجمعت كل هدوئها وهي تجيبه..
- أنا خلصت وجيت علي طول وأنت عارف أيام الدراسة بتبقي المواصلات زحمه أزاي..
- أنا مايخصنيش كل الرغى ده شغلك بيخلص أربعة ونص خمسه تبقي في البيت قدامي... وقولتلك ميت مره شغل اللف والدوران في الشوارع مع أصحابك ده أنا مش هاسمح بيه.. تخلصي الزفت اللي أنتِ فيه وترجعي جري علي البيت.
وقفت أمامه مبهوتة من انفعاله الغير مبرر فهو يتجنب الاحتكاك بها أمام والدها مهما كانت الظروف ..
وهي كانت تحترم ذلك و لم تكن بمستغله لأبيها للدفاع عنها أمامه فكان اتفاق غير منطوق بينهم لعدم اقحامه في مناوشاتهم فاذا كان هناك شيء وحيد يجتمعوا عليه فهو حبهم واحترامهم لهذا الأب..
أطرقت رأسها ولم ترد.. فلن تعطيه الفرصة لأسماعها محاضره أخري في كيفيه احترام أخاها الأكبر والوقوف أمامه لمجادلته..
- طه يا ابني ماحصلش حاجه لكل ده..
قاطعهم صوته المهزوز ورعشه يديه التي تحاول جذب ولده من أكمام ملابسه ليجلس بجانبه فسارع هو بتقبيل تلك
اليد المرتعشة وهو يسب بداخله من كانت السبب في انفعاله هذا ولم يدر بباله أن السبب هو تسرعه وترصده لأي هفوه لتلك الجامدة أمامه.
- أنا آسف يا بابا ماكنش قصدي أعلي صوتي قدامك بس هي اللي عصبتني..
رفعت نظرها إليه بصدمه ولم تستطع النطق بها.. بحق الله ما الذي فعلته ؟! ولكنها فهمت رسالته جيدا.. يخبرها ببساطه .. أنتِ هنا أمامي وتحت سيطرتي أنا..
نظره مستعطفه أطلت من أبيه وهو يربت علي كفه.. نظره تتوسل الرفق بها.. صغيرته التي لم يسمح للأحد بأسماعها كلمه واحده ممكن أن تثير ضيقها وهو بكامل صحته.. لكن الآن لا يملك سوي استجداء الترفق بها من ابنه البكر..
قبلت رأسه وهي تخبره أنها ستذهب لتستريح قليلا بحجرتها.. تمددت علي فراشها وحدقت بسقف غرفتها دون أن تبدل ملابسها.. أخذت الأفكار تتشكل أمامها علي هيئه صور متغيره لأوجه كثيره مرت بها اليوم تظهر فتختفي..
إلي أن توقفت أمام وجه أخيها.. علاقتها به التي تنحدر من سيء لأسوء..
والذنب ذنبها هي..
هي من اختارت أن تكون فتاه وليس أخا خامس لهم..
هي من اختارت أن تحمل بعض جينات الذكاء لتصل بدراستها الي ما لم يتمكن أي منهم الوصول إليه..
هي من اختارت أن تملك حلما وطموحا تحارب من أجلهما..
وهي من امتلكت قلب والدها بحب فكان هو حمايتها ودافعها للحياة..
نعم فهي الذنب نفسه..

أغمضت عينيها.. قاومت بصعوبة رغبه قاتله بالبكاء ف السيء لم يأتي بعد وهي تعلم ذلك..
فكيف سيكون وضعها عندما يحين أجل والدها وحينها سيتدهور وضعها يوم بعد آخر...
أنقذها من يأس افكارها طرقات علي الباب تبعها دخول سعاد ابنه عمها وزوجه أخيها ومعها صنيه محمله بالطعام
- من غير كتر كلام قومي غيري هدومك ويلا عشان ناكل سوا أنا مارضتش أكل مع أخوكي وقلت استناكي .
استقامت لتجلس وهي تحاول رسم ابتسامه بسيطة علي وجهها
فلو كان هناك حسنة واحده لأخيها تحتسبها له فهي سعاد.. التي استطاعت ملئ الفراغ الذي تركته أمها بعد رحيلها منذ أكثر من عام.. لتدير هي شئون البيت من بعدها بنجاح أساسه الحب والأخلاص الذي تكنه لكل فرد من أفراد هذا البيت..
ذهبت لتغتسل سريعا وابدلت ملابسها.. وحاولت ارغام نفسها علي الأكل بشهية اكراما لها ..
- ماتزعليش من أخوكي يا زينب.
هزت رأسها دون معني وهي تحاول ابتلاع ما في فمها من طعام.. لا تعلم أذا تكلمت معها ستفهمها أم لا.. فبداخلها دوامه من المشاعر المتناقضة تكاد تفتك بها..
- هتصدقيني لو قلتلك أن حاولت ازعل منه واشيل في قلبي يمكن ارتاح بس في حته جوايا فاهمه وحاسه هو بيعمل معايا كده ليه.. والحته دي مش مخلياني أقدر أزعل منه..
ضحكت سعاد ببراءة وهي تحرك يدها أمامها لتوقف استرسالها بالكلام..
- أنا يا أختي ماعرفش في الكلام بتاعك ده.. أنا بس مش عايزاكي تزعلي هو راح ولا جه أخوكي وحتي لو شد عليكي شويه من خوفه عليكي.. وأديكي شايفه اللي بيجري الأيام دي ربنا يبعد عننا الشر يا رب..
ابتسمت لها ومن صدق نيتها فهي من الناس القليلة التي ما زلت تحتفظ بنقائهم الداخلي.. تلاعبت بالطعام أمامها قليلا وهي تشرد في تفسير سعاد لمعامله شقيقها بالخوف عليها.. هل من الممكن أن يكون خوفك علي أنسان يهمك أمره دافعا لك لكي تمارس عليه كل أساليب الكبت والقهر.. تنتزع منه أي حق في تصور حياته لتفرض عليه أرادتك الخاصة.. هل الخوف مبرر لكل هذا.
- أنا الحمد لله شبعت.
- أنتِ لحقتي كلتي حاجه..ما هو طول ما أكلتك بالشكل ده لا هتتخني ولا جسمك ده هيملي أبدا.
ضحكت وهي تنهض لتجلس علي فراشها وتثني ساقيها من تحتها
- انا كده عاجبه نفسي.. أتخن إيه بس خليني كده خفيفه أحسن
باغتتها سعاد وهي ما زلت علي جلستها بالأرض..
- بس ممكن ناس تانيه يكونوا عايزينك تتخني ..
نظرت لها بعدم فهم لثانيه وهي تحاول تفسير كلامها.. ليسطع وجه فؤاد ابن عمها بعقلها.. تنهدت بيأس وهي ترفع رأسها لأعلي..
- حتي أنتِ يا سعاد
نهضت من مجلسها سريعا لتستقر بجانبها.. وملامحها توشي بعزم واصرار علي أن تخرج من معركتها في إقناع زينب بأخيها بالنصر ولا شيء سواه.
- مالو فؤاد قوليلي كده وأنا سمعاكي والله ماهزعل منك مهما قولتي زي ما هو اخويا أنتِ أختي.. فاتكلمي معايا براحتك ومن غير كسوف.
اتسعت عيناها بصدمه.. لقد توقعت هذا الهجوم خصوصا بعد أن أثار شقيقها هذا الموضوع معها صباحا .. ولكن تلك الحماسة المفرطة من سعاد..لقد فاجأتها..
- سعاد انا ماليش أي اعتراض عليه هو واحد ...
قاطعتها وهي تهتف بسرعه..
- لا لا لا كلام أنه واحد مايعبوش حاجه وأي واحده تتمناه مش عايزه أسمعه اتكلمي معايا بصراحه.. وأنا كمان هكلمك بصراحه إيه رأيك.
قطبت حاجبيها بعدم فهم
- مش فاهماكي عايزه تقولي إيه.
نظرت لها دون كلام لفتره ففهمت أنها تحاول انتقاء كلامها بعنايه.. أخبرتها أخيرا..
- بصي يا زينب بالعقل كده فؤاد مكسب ليكي مش خساره لو هتحسبيها هو ابن عمك وشاريكي وطبعه وأنتِ عارفاه طيب ومالوش في المشاكل يعني هيريحك من الهم اللي أنتِ شايفاه من أخواتك...دي أول حاجه
سكتت برهه لتتابع عندما لم تحصل علي أي رد من زينب
- أنتٍ يا بنت الحلال من غير زعل في حد اتقدم يطلب إيدك من ساعه ما اتخرجتي.. طيب أنتِ واحده بتخرجي وبتقابلي ناس في شغلك حاسة أن في حد ممكن يتقدملك قريب..
أخفضت زينب رأسها تنظر لأناملها وهي تفركهم معا..
- خلاص يا سعاد أنا فهمت عايزة تقوليلي إيه..مش هلاقي حد يقبل بيا غير ابن عمي.. أنا عارفه إن مستحيل هعجب حد بشكلي ده..
مدت سعاد ذراعيها لتقبض علي كتفي زينب وهزتها بقوة..
- ماتقوليش علي نفسك كده أنتِ ست البنات ومايعبكش حاجه.. هو عشان مالكيش في شغل الزواق والتلزيق بتاع البنات تبقي وحشه فشر دانتي سيبلي نفسك كده واتفرجي أنا هخليكي عامله إزاي.. يا بت أنا بقولك كده قصدي إن فؤاد شاريكي وعاجباه..
- أنا مش عارفه إيه لازمت الكلام ده كله أنا وأنتِ عارفين إن رأيي مش هيفرق في حاجه وقرايه الفاتحة هيقروها زي ما طه قال الصبح.
ارتسم الضيق علي وجه ابنه عمها واشاحت بوجهها بعيدا لتقول بتردد..
- بس هو فؤاد مافيهوش عيب حاجه عشان ياخد واحده مش عايزاه.. حقه إن عروسته تبقي فرحانه بيه زي ما هو فرحان تمام
صمتت زينب ولم ترد.. فهي علي حق.. فؤاد يستحق أن يرتبط بمن تفتح له أبواب قلبها.. وتمهد له الطريق ليعبر لمشاعرها .. لا أن تنظر إليه كقدر هبط عليها من السماء ليُكمل فصول حياتها المتقلبة..
التقطت سعاد نظراتها التائهة وبحدسها شعرت بالصراع الدائر بداخلها.. رفعت وجهها لتنظر بعينيها مباشره..
أخبرتها بحنان أم لأبنتها..
- زينب أنا ممكن ماكونش اتعلمت زيك بس هقولك علي حاجه هتريحك... أرضي يا زينب باللي أنتِ فيه.. أخواتك اللي مضايقه منهم ناس كتير أوي تتمني يكون ليها سند وضهر في الدنيا جمبها ومش بتلاقي.. وفؤاد أديله فرصه مش يمكن ربنا باعتلك حاجه حلوه وأنتِ اللي واقفه في وشها.. استني وشوفي ربنا كاتبلك إيه معاه.. بس حاولي تفتحي قلبك وارمي حملك علي ربنا..
ربتت سعاد علي كتفها وغادرت الغرفة لتتركها لأفكار أنهكتها.. ليت هناك من يفهم ما تشعر به فهناك أحساس يستحوذ عليها يخبرها دائما بأن هناك المزيد في هذا العالم ينتظرها لتعيشه..
تشعر بأنها روح محبوسه داخل جسد ليس لها..
قابعه داخل قبو أسفل الارض وهي تقف بعيدا تنظر الي روحها المكبلة بجمود تحاول مساعدتها لتحررها ولكنها لا تستطيع .. مقيده بسلاسل غليظة لا تستطيع الفكاك منها.. ترفع نظرها وتري السماء قريبه منها لكنها لا تستطيع لمسها..
ليتك تفهمين يا سعاد أنه ليس بيدي.. أنها مشاعر خارجه عن أي سيطرة..
فلو كان علي الرضا.. والدها زرعه بداخلي منذ الطفولة.. لكن الفرق بين الرضا والاستسلام الخانع هو شعره بسيطة والتي نجح كل من حولها في تمزيقها بجداره..
.........................
يعشقها.. حالته تلك هي عشق مستعصي لا علاج له.. مرحله الحب مضت وانتهت ليجد نفسه في جنون آخر..
حاله عشق لكل تفصيله يراها منها.. لكل همسه تنطق بها.. لأي ذره هواء تلمس رئتيها وتلفظها هي فيرغب باقتناصها داخل صدره حتي لا تمر علي أحد سواه.
مر عليها بعد انتهاء عملها كما وعدها.. أخذها في سيارته ليمضوا اليوم معا..
خطط لكثير من الأحاديث والأخبار ليتبادلها معها.. ولكن انتهي اليوم وهو صامت متأمل ..
لم يرغب بإهدار ثانيه واحده دون النظر إليها والتشبع من ملامحها.. رفض دخول السينما فكيف له بالجلوس لمده ساعتين متواصلين دون متعه رؤيتها أمامه حتي وإن كانت بجانبه وكف يدها يسكن لديه..
سيارته تكفل له الخصوصية التي ينشدها معها.. فانتهي اليوم وهم جالسون بداخلها في أحد المناطق الهادئة بعد تناولهم لوجبه خفيفة والتي كانت ايضا بالسيارة..
- أنتِ لسه زعلانه.. بصيلي يا ياسمين لو سمحت.
قالها بنفاذ صبر لتلك المدللة الجالسة بجانبه تشبك ذراعيها معا مشيحه بوجهها للجهة الأخرى بعيدا عنه وتشكل بشفتيها ثمره شهيه للغاية وهي تضمهما بهذا الشكل المثير.. لتقتله رغبه بتذوق نكهتها..
زفر بحرقه وهو يناديها مره أخري..
- ياسمين
رفعت حاجبيها لتجاوبه بحنق طفولي..
- أنت جاي دلوقتي تدور علي زعلي.. حازم أنت ما هانش عليك تخرجني حتي الأكل جبته في العربية ومارضتش تخلينا نقعد ناكل في أي حته..
دون وعي ابتسم وهي تتكلم بتلك السرعة والانفعال.. ستقتله.. كل ما فيها سيصيبه بنوبه قلبيه يوما ما..
مد ذراعه ليستند به علي مسند كرسيها.. اقترب منها ليهمس أمام وجهها مباشره..
- أنتِ زعلانه عشان بحبك.. ولا عشان بغير عليكي..
مد سبابته ليدير ذقنها إليه وهي يتأمل حركة بلعها لريقها وتوترها المتصاعد من قربه ليتابع بخفوت أشد.
- زعلانه عشان مش هقدر أشوف حد عينيه ممكن تيجي عليكي حتي وأنا معاكي.. ياسمين أنا لو أقدر أخبيكي جوايا.. هعمل كدة ومش هسيبك أبدا..
أبعدت أصبعه الذي مازال يتلاعب بذقنها وحاولت الابتعاد قليلا من قربه المهلك هذا.. ولم تملك إلا أن تجيبه بخفوت بعد أن تبدد غضبها منه.
- يا حازم أنا بستني تنزل أجازة عشان تخرجني شويه وأنت اصلا مانع الخروج من غيرك.. وبعدين مين ده اللي هيبصلي وأنت معايا أنت مش شايف نفسك عامل إزاي ده قلبه هيوقف من الرعب قبل مايفكر بس يضايقك
ضحك بقوة علي وصفها له.. تعلم كيف تغذي غروره الذكوري جيدا لتصل لغايتها.. عانقت عيناه ملامح وجهها البريء يحاول اختزان ما يستطيع بداخله ليعينه علي الأيام القادمة.. راقب احمرار وجنتيها نتيجة قربه وتحديقه بها.. لتتحرك أنامله دون أرادة منه ويلامس بأبهمه حرير بشرتها..
حاولت هي دفعه بكفيها للوراء قليلا فما تراه بعينيه يثير قلقها.
وما أن شعرت بعضلات صدره تحت يدها أدركت خطائها بملامسته فحاولت أبعادها بسرعه والارتباك يسيطر عليها..
- طيب ممكن توسع شويه أنت مقرب أوي كده ليه.
وهو لم يكن ليفلت يدها الملامسة لصدره.. ثبتها وضغط بكفه لعله يصل إليها ما يجيش به قلبه..
- حازم
- قلب حازم
عضت شفتيها خافضه رأسها لأسفل .. لن تتمكن من مواجهه نظراته المربكة لها أكثر من هذا.. تعلم أنها آتيه..
تشعر بها يحاول أحجامها ولكنه لن ينجح أكثر من هذا.. وبالفعل لم تتأخر فهبطت قبلته برقه رفرفه فراشه فوق شفاها.. ليستكشفها ببطيء ونعومه.. يتذوقها علي مهل ليستمتع بكل قطره شهد منها.. رفع وجهه لينظر إليها محمره الوجه.. تحدق به بعدم استيعاب لما تمر به معه.. ولكن وسط الفوضى التي ألمت بها ادركت إن لم تقاومه الآن
سيجتاحها بفوره مشاعر جديده لن تصمد أمامها..
توسلت بأنفاس متقطعة وهي تحاول دفعه من جديد.
- عشان خاطري يا حازم أبعد.. كفاية كده.
أفاق من تلك النشوة علي ضغط يدها.. ليدرك مقدار خوفها من نظره عينيها المتوسلة له ليتركها بسلام..
أبتعد ببطيء ماسحا وجهه بكفه.. إذا كان هذا مذاق شفاها فكيف بالباقي.. ومن أين له بالصبر أكثر من هذا.. قربها منه يلغي أي أراده له.. ففي تلك اللحظة تعصف به مشاعره المحترقة لإعادة اكتشاف مذاق شفتيها من جديد..
ألقي نظره عليها ليجدها تراجعت بشده لتلتصق بالباب.. فآلمه قلبه للخوف الذي سببه له.. ويلوم نفسه علي تسرعه وعدم أحكام سيطرته علي رغباته .. مد ذراعه ليقبض علي كفها القابع بجانبها ليفاجئ ببرودتها..
- ياسمين.. أنا آسف غصب عني والله
رفعت بصرها إليه بتردد وذكري قربه منها مازال يبعث رجفه بداخلها..
- أنا عايزة أروح
قالتها بنبره طفل صغير يريد اللجوء لحضن والدته و الاحتماء بها من أي خطر يحيط به.
سيطرت عليه فكره أن يزرعها بحضنه لكي يثبت لها أنه لا مجال للخوف بينهما.. فمكانها الطبيعي بين ذراعيه هو.. ولكنه لا يضمن النتائج فمن الأفضل لها أن يلبي طلبها قبل أن يفقد سيطرته..أعاد تشغيل محرك سيارته ليتوجهوا بها الي البناية التي يقطنوا بها.. فهما جيران منذ عشر سنوات تقريبا..
عشر سنوات يراها أمامه منذ أن كانت طفله.. يتذكرها وهي تتسابق علي درجات السلم أمامه وشعرها يتطاير خلفها كأمواج من ليل حالك السواد.. هذا الشعر الذي يثير خيالاته كل ليله خاصة بعد أن حجبته عنه.. نظر إليها بطرف عينيه يحاول أن يستشف ما تفكر به.. هل ما زلت خائفة منه أم غاضبه عليه.. نغزه قلبه بألم عندما مر بخاطره أنها من الممكن أن تتركه يوما ما.. ولا يعلم سر سيطرة تلك الفكرة عليه مؤخرا.. هاجس يقبض روحه يخبره أنها بعيده عنه..
- حازم أنت كويس..
أفاق علي لمستها لكفه ونبره صوتها القلقة لتتابع
- وشك مقبوض كده كأن فيه
حاجه وجعاك.. حاسس بحاجه
رفع كفها ليقبلها.. هتف بشرود ونظراته مثبته أمامه..
- طول ما أنتِ قويسة أنا كويس ما تقلقيش..
نظرت له بعدم فهم.. فمن لحظات كان يلبسه جنون العشق والآن وجهه ينطق بالألم دون سبب معين..
- مالك بس أنت زعلان مني..
كانا قد وصلا بالفعل أمام منزلهما عندما أوقف السيارة لينظر نحوها وهو يطرد أي افكار سيئة من باله.. فها هي ملاكه البريء قلقه عليه تستفسر بلهفه إن كان هو الغاضب منها.. وإن كان فمن نفسه ومن أجلها..
تنهد يمازحها بتحريك حاجبيه بمرح.. أراد فقط تشتيت أي قلق وضيق في نفسها
- بصراحه زعلان.. مالحقتش أشبع منها..
قالها مثبتا نظراته علي شفتيها..
- يا حرام يا حازم.. أنت اتجننت خلاص..
أجابته بضحكه.. لقد اطمئن قلبها علي حالته العاطفية ولكن قواه العقلية هي التي تحتاج التأكد منها.. أفلتت منه عندما حاول الاقتراب لتفتح باب السيارة وتهبط منها سريعا..
- أنت مش طالع
- لا رايح أشوف ناس كده وراجع بالليل.
هزت كتفيها بلا مبالاة مصطنعة وهي تدير نفسها لتغادر..
- ياسمين
نادها قبل دخولها للبناية ليباغتها أول ما التفتت له..
- بحبك
همسها بشفاه دون صوت لتتسع عينيها دهشه و حب لذلك المجنون.. ألقت إليه بقبله صغيره وهي ترد همسه بهمس مشابه قبل أن تختفي من امامه..
...............................
مرت ساعه وهي جالسه بجانبه علي نفس الوضع وهو تناسي وجودها تقريبا..
تراقبه.. تحاول أن تفهم ما الذي اخطأت به كي يعاقبها هكذا.. فألم التجاهل منه أشد من ألف صفعه علي وجهها.. هو الذي لم يكن يستطيع أن يبتعد بيده عنها طوال قربها منه.. يلقي بأذنها همسه الذي يبعث في أوصالها رجفه شوق تذيبها..
يعدها بجنه لن تجدها إلا علي يديه.. ليعلن قلبها استسلامه الغير مشروط.. فيضع هو شروطه .. وتخضع هي لأغرائه دون أدني مقاومه.. لتهبط علي أرض الواقع مره أخري حين طردها بقسوة خارج عالمه.. فواقع عمر عبد الهادي شديد القسوة مثله إذا فقد شغفه بشيء يلقي به ولا يلتفت له ومن الممكن أن يدهسه بـ طريقه دون أن يدري عنه شيئا.
- عمر ممكن أتكلم معاك شويه..
انتظرت.. وانتظرت ولا رد
تركيزه بالكامل مع تلك اللعبة اللعينة أمامه ب " البلاي ستشين".. كأنه في نهائي سباق لكأس العالم..
نظره لم يحيد مره ولو بالخطأ ليلتفت لها.. فمن كان ليصدق أن نانسي مختار تجلس بجانب أحدهم وهو غير واعي أصلا بوجودها من حوله وينشغل عنها هي بلعبه غبيه مثله.. اشتعل فتيل الغضب بداخلها والذي حاولت أخمداه طويلا هروبا من مواجهه تعلم نتيجتها مسبقا.. رغم كل شيء مازال قلبها الغبي يخفق له وعليه.. ولكن لكل شيء نهاية.. رأتها قادمه منذ البداية وبسذاجة تختبرها لأول مره معه أقنعت نفسها انها مختلفة.. وقصه حبهما ستغيره من أجلها هي ..
فسيتحول الوحش علي يديها لأميرها الوسيم.. ولكنه درس جديد تعلمته..
ففي الواقع لا مجال لقصص الأطفال الخيالية.
نهضت من مكانها وعلي وجهها عزم لأنهاء الأمور اليوم..
فهي لن تنتظر النهاية بل ستصنعها بيديها..
تقدمت لتنتزع قابس جهاز التلفزيون ووقفت أمامه تشبك ذراعيها معا.. وللغرابة لم تعد تشعر بشيء.. حتي شعور الخوف من مواجهته تلاشي..
- بقول ممكن اتكلم معاك..
نظره شيطانيه تلاعبت بعينيه.. لكن لا مجال للتراجع الآن..
- عايزة أعرف ودلوقتي أنت عايز مني إيه..
رغما عنها ارتجفت من تلك الابتسامة القاسية علي وجه..
سألها بسخريه وعيناه تجوب علي جسدها من أسفل لأعلي بنظره لم تغب عنها..
- مش شايفه إن السؤال ده متأخر أوي..
نهض من مكانه ليتوجه نحوها.. انتفضت وهي تتخيل عقاب ما ينتظرها منه.. ليصدمها بإزاحتها من أمامه ثم أعاد وضع قابس الجهاز من جديد ليعيد تشغيله.. وأستدار مبتعدا عنها دون أن يلقي نظره واحده عليها.
إلي هنا وكفي لم تعد تحتمل.. ولن تفقد أكثر مما فقدته بالفعل
صرخت به وهي تجذبه من كتفه قبل أن يجلس..
- ما تتعاملش معايا كده يا عمر.. مش أنا اللي يتعمل فيها كده
استدار إليها وجذبها من ذراعها .. وملامح وجهه تنطق بوحشيه مخيفه جعلتها تندم للحظه علي إثارة المارد الغاضب بداخله..
- ومش أنا اللي اسمح لواحده تكلمني بالطريقة دي..
نطقها ببرود يناقض قوه هزه لها الذي تبعه بدفعه لتسقط علي الأريكة بجانبه لحسن حظها إلا وكان رأسها مرتطم الآن بالأرض..
انهمرت دموع حاولت حبسها لكنها خانتها وتساقطت علي وجهها.. سالت حزنا وكمداً علي حالها.. طوال حياتها لم يعاملها أحد بمثل تلك الدونية.. شعور بالقرف والاشمئزاز طغي عليها ليس منه بل منها هي.. فهي من سمحت له بأذلالها بهذه الطريقة منذ البداية تحت ستار الحب..
- انا عايزة أطلق..
همست بها مرتجفة.. محاوله إيجاد أي منفذ لها للهروب من هذا المستنقع الذي غرقت به..
- وأنا ما بطلقش..
هتف بها وهو يعيد تشغيل لعبته لتستحوذ علي تركيزه مره أخري.. ليسود الصمت بينهما لدقائق قبل أن يلتفت إليها وهي علي نفس وضعها.. ونظره حقد تلبسها مسلطه عليه.. ليقترب منها وهو يغمر يده بشعرها الذي تناثر حولها وبيده الأخرى مسح خيط الدموع الذي رُسم علي وجهها.. وبسخريته الباردة..
- انا لسه مازهقتش منك يا حبيبتي.. صدقيني أول ما ده يحصل هتلاقيني بقطع الورقة اللي ما بينا بنفسي وبقولك باي باي.. ولغايه ما ده يحصل مش عايز اسمعها منك تاني.. مفهوم يا نانسي
ولم ينتظر ردها ليؤكد هو كلامه بقبله عاقبها بها علي انفعال لم تستطع أن تحجمه..
قبله أدمت قلبها قبل شفتيها.. ليرسل معها رساله أوضح بها مكانتها لديه.. فهي له متعه خالصه لم تفقد رونقها بعد.. مازالت تحمل بعد الأثارة ولن يقبل بأي شكل أن تملك هي قرار ابتعادها عنه.. فهو من يقرر كيف ومتي وأين وهي عليها التنفيذ وهذه هي الشروط من البداية وعليها الان الالتزام بشروطه
لم ينقذها من بين يديه سوي رنين هاتفه الملح ليطلق سراحها أخيرا وتلتقط أنفاسها بصعوبة..
راقبته يتحول بلحظه لشخص آخر لا تعرفه وهو يجيب علي أخيه ولم تستوعب شيء من مكالمته سوي..
" البقاء لله يا أحمد أنا جاي حالا"
...................................


الساعة الآن 06:07 AM

Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.