آخر 10 مشاركات
جدران دافئة (2) .. سلسلة مشاعر صادقة (الكاتـب : كلبهار - )           »          583 - دور القدر - باتريسيا ويلسون - ق.ع.د.ن ( إعادة تنزيل ) (الكاتـب : * فوفو * - )           »          فتاه ليل (الكاتـب : ندي محمد1 - )           »          وريف الجوري (الكاتـب : Adella rose - )           »          لك بكل الحب (5) "رواية شرقية" بقلم: athenadelta *مميزة* ((كاملة)) (الكاتـب : athenadelta - )           »          445 - غرباء في الصحراء - جيسيكا هارت ( عدد جديد ) (الكاتـب : ^RAYAHEEN^ - )           »          الجبلي .. *مميزة ومكتملة* رواية بقلم الكاتبة ضي الشمس (فعاليات رمضان 1436) (الكاتـب : قصص من وحي الاعضاء - )           »          دين العذراء (158) للكاتبة : Abby Green .. كاملة مع الروابط (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )           »          لقاء الخريف / الكاتبة : طرماء و ثرثارة ، كاملة (الكاتـب : taman - )           »          لا تتحديني (165) للكاتبة: Angela Bissell(ج2 من سلسلة فينسينتي)كاملة+رابط (الكاتـب : Gege86 - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > ارشيف الروايات الطويلة المغلقة غير المكتملة

Like Tree6Likes
موضوع مغلق
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 30-06-21, 07:19 PM   #1

علا الخالع همسات

كاتبة في قصص من وحي الاعضاء

 
الصورة الرمزية علا الخالع همسات

? العضوٌ??? » 355357
?  التسِجيلٌ » Oct 2015
? مشَارَ?اتْي » 290
?  نُقآطِيْ » علا الخالع همسات has a reputation beyond reputeعلا الخالع همسات has a reputation beyond reputeعلا الخالع همسات has a reputation beyond reputeعلا الخالع همسات has a reputation beyond reputeعلا الخالع همسات has a reputation beyond reputeعلا الخالع همسات has a reputation beyond reputeعلا الخالع همسات has a reputation beyond reputeعلا الخالع همسات has a reputation beyond reputeعلا الخالع همسات has a reputation beyond reputeعلا الخالع همسات has a reputation beyond reputeعلا الخالع همسات has a reputation beyond repute
Rewitysmile27 رواية ليتني لم أحبك أكثر



السلام عليكم
اليوم أرى أنني أمتلك الشجاعة الكافية لأعود من جديد بعد انقطاع عامين عن الكتابة
أظن أنني أخطأت حينما اعتقدت أن الكتابة تأخذ من حياتي الكثير من الوقت و لكني اكتشفت أنها الشئ الوحيد الذي كان يعيد لي التوازن لأستطيع مواصلة حياتي ببال رائق و أفكار مفندة ، اليوم أبدأ رحلة جديدة مع أبطال جدد و أتمني أن تشاركوني إياها و أدعو الله أن تكون العودة موفقة



إهداء
" إلي نفسي التي بعثرها الشتات أتمني أن بجد بعضك البعض الآخر و تلملمي نفسك في نهاية المطاف "






المقدمة
" ليتني لم أحبك أكثر "
بكل علاقة طرف قالها لنفسه يوما ما " وقت خلاف ، لحظة سوء فهم ، أو بيوم فراق!"
الحب حينما يطرق أبواب قلوبنا يبهرنا ، يأسرنا و يجرفنا نحو طوفان مشاعر لا طاقة لعقولنا بتحليله فتبقي مغيبة و تظل السلطة بيد العشق الذي يتعاظم و يشعرنا بنشوة تجرف قلوبنا به أكثر فتأتي العثرات واحدة تلو الأخرى و يصبح الحب مهددًا بطارق جديد يدعى الندم !
ندم على عطاء ترى مقابله عدم تقدير أو اهتمام بارد ليس كالسابق أو ربما ندم على كلمات قيلت أو صمتنا عنها
فيتحول الندم لألم ينحر صدورنا ببطء و برود ... فنجد الدمع يسيل حارقًا جدًا ، العشق يواريه الألم و القلوب تشكو من و إلى عاشق أوجعها
" ليتني لم أحبك أكثر !"



روابط الفصول

الفصل 1, 2, 3, ... بالأسفل
الفصل 4 ... بالأسفل









التعديل الأخير تم بواسطة ebti ; 13-08-21 الساعة 10:18 PM
علا الخالع همسات غير متواجد حالياً  
قديم 30-06-21, 07:22 PM   #2

علا الخالع همسات

كاتبة في قصص من وحي الاعضاء

 
الصورة الرمزية علا الخالع همسات

? العضوٌ??? » 355357
?  التسِجيلٌ » Oct 2015
? مشَارَ?اتْي » 290
?  نُقآطِيْ » علا الخالع همسات has a reputation beyond reputeعلا الخالع همسات has a reputation beyond reputeعلا الخالع همسات has a reputation beyond reputeعلا الخالع همسات has a reputation beyond reputeعلا الخالع همسات has a reputation beyond reputeعلا الخالع همسات has a reputation beyond reputeعلا الخالع همسات has a reputation beyond reputeعلا الخالع همسات has a reputation beyond reputeعلا الخالع همسات has a reputation beyond reputeعلا الخالع همسات has a reputation beyond reputeعلا الخالع همسات has a reputation beyond repute
Rewitysmile27 مواعيد الفصول



الرواية أسبوعية و الموعد يوم الجمعة الساعه التاسعة مساءًا






التعديل الأخير تم بواسطة ebti ; 30-06-21 الساعة 08:20 PM
علا الخالع همسات غير متواجد حالياً  
قديم 02-07-21, 09:42 PM   #3

علا الخالع همسات

كاتبة في قصص من وحي الاعضاء

 
الصورة الرمزية علا الخالع همسات

? العضوٌ??? » 355357
?  التسِجيلٌ » Oct 2015
? مشَارَ?اتْي » 290
?  نُقآطِيْ » علا الخالع همسات has a reputation beyond reputeعلا الخالع همسات has a reputation beyond reputeعلا الخالع همسات has a reputation beyond reputeعلا الخالع همسات has a reputation beyond reputeعلا الخالع همسات has a reputation beyond reputeعلا الخالع همسات has a reputation beyond reputeعلا الخالع همسات has a reputation beyond reputeعلا الخالع همسات has a reputation beyond reputeعلا الخالع همسات has a reputation beyond reputeعلا الخالع همسات has a reputation beyond reputeعلا الخالع همسات has a reputation beyond repute
Rewity Smile 1 الفصل الأول من رواية ليتني لم أحبك أكثر

الصراع الدنيوي الأعظم علي الإطلاق هو صراع الرجل و المرأه ، هو يريد و هي تهرب أو هي تشتهي و هو يزهد ، أو كلاهما يفر من الآخر نحو مستنقع من المجهول ، ربما أيضا يجمعهما هالة من الخيال ....
زائف على الأغلب!
" أبية انتظري "
صرخت بها تحاول أن تستوقفها فما كان من الفتاة التي حولوها عنوة الي امرأة ، زوجة على وشك الطلاق
" نعم يا أمي ، ماذا تريدون أكثر ، هل ستحاولين التلاعب بعقلي ثانية؟، كفاكِ بالله"
" أية تلاعب يا حمقاء أنا فقط أحافظ علي بيتك من الخراب "
ردت والدتها باستنكار فزفرت بقوة تحاول كبح جماح الكلمات ، تجاهد لترد أذي الأحاديث المختنقة داخلها عن أمها ف تابعت بهدوء زائف يغلبه الحزن و الخيبة
" لم يكن بيتي أبدًا يا أمي ، لم أشعر للحظة بأنه مكاني .... بأنني أنتمي اليه أو لمحمد ، أقنعت نفسي كثيرًا أنه أصبح واقعًا علي التعايش معه و لكن روحي سجينة تتوق للحرية "
أغمضت عينيها لدقيقة تحاول استجماع نفسها المبعثرة قبل أن تهمس بتوسل " اتركيني ألحق الباقي من عمري ، رجاءًا لا تفوتي علي الفرصة "
و غادرت .....
اختفت بسرعه قبل أن تستطع حتي والدتها أن تدرك كم الألم المتشنج ب صوتها ، هربت من الجميع و كل أملها أن تجد نفسها ، طالبة بكلية الطب على وشك التخرج و بدلًا من الاهتمام بدراستها و اللحاق بركب أحلامها ألحقوها فجأة ب زمرة المتزوجات دون حتي أن تستطع استيعاب فكرة " متى حدث كل هذا و متي انقلبت حياتها رأسًا على عقب هكذا ؟!"
طريقة التحليل و التنويم التي مارسوها معها كانت جدًا مقنعة، ف العريس مناسب و هي أصبحت مفعمة بالأنوثة و طالما كليهما يملك مظاهر النضج حتي و لو كان شكليًا فالزواج حتمي! ، و هي كأي أنثى أغراها وجود آخر بحياتها ومن يدري فلربما فازت بالجهتين " العلم و العشق " !
و بالحديث عن المغريات ف " محمد " حدث و لا حرج.....
طبيب عيون ناجح و من عائلة أصيلة تقدم و أراد الزواج بسرعه ، بسرعة كبيرة جدًا قبل حتي أن تستطع استيعاب شخصيته و كفاها حينها أنه أظهر الشغف و الاهتمام فلم تعقد الدنيا و توقف حالها بيديها؟!
بالطبع هذه الآراء غُرست من الخارج برأسها فلم يتركوا لها أي مجال للتفكير أو التروي، كانت شبه مغيبة ب هالة خيالية حالمة قابعة بداخل كل أنثى تنتظر الفرصة لتطفو على السطح و تُطالب ب سد احتياج !
محمد رجل كما تستطيع أي امرأه أن تسميه " جنتل مان" حقيقي و لكن زوجها العزيز أوبن مايند أكثر مما تحتمل و واسع الأفق أكثر مما تستطيع التأقلم أما هي ففي قاموسه " خنيقة " أكثر مما يطيق و متطلبة ل مشاعره أكثر مما ينبغي !

****
تغافل و لكن لا تتغابى ....
التغافل أن ترى و تفهم ، تستوعب ثم تبتسم و تلقي كل هذا خلف ظهرك و لا تبالي ، التغابي مختلف ، أنت هنا تحجب المعطيات عن عقلك و تجبره على عدم الفهم هروبًا من المواجهة
ألم يخطر ببالك أن المواجهة قد تحميك من أذى كبير لا طاقة لك به
" رحيل ، رحيل يا ابنتي أين أنت "
ركضت نحو حماتها أو كما تسميها " خالتي عزيزة " فوقفت المرأة الطيبة تتأمل و تدقق ثم اتسعت عيناها بذهول و لسان حالها يتساءل
" ماهذا ؟"
" ماذا ؟!"
قالتها رحيل بابتسامة خجولة لم ترها العجوز منذ ثلاث سنوات أي منذ زواجها ب أمين " ولدها " ، ثم تابعت حركة يدي رحيل علي جسدها الرشيق و هي تتمتم بسعادة
" ما رأيك بفستاني الجديد ؟"
و الجديد هذا كان أزرقا مقاربًا للون عينيها ضيق للغاية و جميل لدرجة جعلت المرأة المستندة علي عكازها تتمتم " ماشاء الله ، فالله خير حافظًا "
دمعت عيناها و كانت علي وشك البكاء ، لم تستطع الوقوف طويلًا ف جلست تستند على عكازها و تبعتها رحيل أرضًا " خالتي ماذا حدث ماذا بك ، لم تبكين الآن و الله لم أبدد المال الذي أرسله أمين لقد أدخرت هذا المال منذ زمن "
مسدت المرأة شعرها المموج هامسة بحب صادق " فداك كل مال الدنيا يا حبيبتي و الله ما خطر ببالي ، اخبريني اذا ما سر فستانك الجديد و السعادة المتراقصة بعينيك "
ارتبكت فقامت تواري عينيها بعيدًا تدور أمام المرأة لتريها فستانها كاملًا قائله بخفوت و حمرة قانية تغزو وجنتيها " أردت شراء فستانًا جديدًا منذ فترة و أعجبني هذا فظللت أجمع ثمنه حتي حصلت عليه أخيرًأ ، دللت نفسي قليلًا لعل ضيق قلبي و حزنه ل بُعد أمين يغادرني و لو للحظات"
قبلتها المرأه ثم ضمتها اليها بحزن قبل أن تلتفت و تعود لغرفتها متمتمه بخفوت" موعد دوائي الآن سوف أتناوله و أرتاح ب فراشي قليلًا حتي تنتهي من تدليل نفسك يا حبيبتي "
تابعت رحيل خطوات الخالة عزيزة و هي تبتعد ثم وضعت يدها علي صدرها الخافق بقوة لعلها تهدأ هامسه بتوتر " الحمد لله لم تكتشف الخالة أمري "
و عادت للغرفة بسرعه تفتش عن خطاب أمين بلهفة ، الورقة التي لم تخبر بها الخالة عزيزة ليكن الأمر مفاجأة سعيدة لها ثم طبعته علي صدرها بشوق ، عناق تبعه قبله لكلمات دونها بيديه ، تُرى كيف ستروي شوقها منه حينما تراه أمام عينيها بشحمه و لحمه، تنهدت و هي تهمس بشقاوة " ساعات قليلة و يرتوي الظمأ يا أمين "
***
الصورة من بعيد تبدو دومًا كاملة ، اقترب، انتبه و دقق ،حينها فقط سوف تلتقط عيناك الرتوش الصغيرة المفسدة لبهجتك بذلك الكمال الوهمي!
يقف ب عيادته يراقب العالم من حوله يتحرك بجنون مع كل رشفه من فنجان قهوته
لم احتل الركود حياته هو تحديدًا اذن ؟!
صورتها لا تفارق عينيه أبدًا ، رغم التفاهم المفقود بينهما و التفاوت الكبير بشخصية كلاهما إلا أنه يعشقها ، يشعر بها تسري بعروقه و رغم كل هذه المشاعر التي يكنها لها لم يستطع تحديد خطأه معها حتي الآن كي يتطور معه الأمر ل طلب الطلاق !
مجرد ذكر اسمها يجعل جسده يتشنج و قلبه يلهث خلف أثرها ،
" أبية " و هي دومًا أبية ، منذ تزوج بها وهي تنأى بنفسها عنه ، تهرب منه و النفور منها تجاههه يتزايد ، تعطي كل شيء قيمة أكبر من قيمته و تختلق المشاكل بينهما لم و قد فعل كل ما في استطاعته لأجل سعادتها لم يجد الإجابة حتي الآن!
" دكتور محمد مدام هناء جاءت بموعدها "
" أدخليها "
قالها برتابة ثم عاد لمكتبه يستقبل مريضة جديدة كالأخريات اللواتي كن سبب في كثير من المشكلات بحياته مع أبية
" طبيبنا الجميل كيف حالك ؟
قالتها المرأة بغنج اعتاده من مريضاته و كعادته استقبلها بابتسامه رسمية هادئة و عيون تنظر دون تدقيق " أهلا مدام هناء تفضلي "
جلست تضع قدمًا فوق أخرى تكشف الكثير و هو شبه معتاد علي هذه المشاهد يلتقط الصورة كاملة دون تفصيل و هذه كانت إحدى نقاط اختلاف زوجته معه ، طبيعة بشرية بحته خلق بها الرجال فلم يتفهم حتى الآن سبب جهادها ضد فطرته
امرأة جاءته ب ملابس مكشوفه بمقر عمله و هو مجرد مُتفرج لم يبادر لا ب استحسان و لا استياء لأنه ببساطة لا حق له بهذا بينما تريده أبية أعمى بين كل نساء الأرض مٌعاديًا للجريئات منهن ، لطالما أخبرها أن عليها فقط أن تحاسبه لو بادر إحداهن بشئ أو حتي سعى لتلبية دعواتهن الصريحة بعيونهن! ،
هو يعلم جيدًا كم هو جذاب بملامح شرقية مٌلفتة ، بشرة سوداء تعشقها أغلب النساء و عينين بلون القهوة و جسد متناسق اشتغل عليه كثيرًا حتى أصبح رغمًا عنه ملفت للنظر و لكنه أبدًا لم يشتهي امرأة سواها و هي ماذا فعلت ؟
هجرته!
****
الصخب لم يكن له يومًا مدلول واحد صريح، لطالما اختلفت و تناقضت معانيه ، أما هنا بمنزله المتواضع و بوجود شقيقته الشاردة " علية " فللصخب سبب واحد و هو الهرب من أفكارها التي لا تتوقف لحظة عن التدفق ، أغلق الباب برفق ثم استند عليه يراقبها و هي منهمكة في أفكارها، الأصوات تعلو بصخب حولها بينما تقف هي تراقب الحارة الصغيرة بصمت و كأنها حقًا مهتمه أو مثلًا رائقة البال !
و لكن كوب الشاي البارد خاصتها فضحها ،أثبت له أنها ليست هنا ، ليست معه و لا مع أي مخلوق آخر ، هي دوما غريقة تتقاذفها أمواج أفكارها فلا تصل لشاطئ و لا تستسلم لطوفان يكاد بكل لحظة يبتلعها
" دعني أراك لأبلل مبسم قلبي بفيض هواك
دعني أراك
قبل أفول الشمس مع الأفلاك
أوتشفع للحب صلاة قبل صلاة الدمع معاك
دعني أراك "
الكلمات تصرخ بجنون حولها و ليتها مدركة لهذا أو واعية لما يزعق بجانبها !
حاضرة هي دومًا غائبة حتمًا و ليته يملك طريقة لمساعدتها ،
اقترب ببطء شديد و بحذر أشد ، توأمه حينما يباغتها أحدهم بأي فعل مفاجئ أثناء شرودها المتكرر هذا لا تستطيع تمالك نفسها و لن يتمكن أحد من توقع ردة فعلها
و لكنه ليس كأي أحد فقد توصل لطريقة آمنه تكفيه نوبات غضبها ، وسيلة يمكنه أن ينبهها بها و التي تعتمدها هي نفسها أيضا أغلب الأوقات
" تعال يا علي التقطك"
أغلقت الهاتف بلحظة و رمت كلمتها بتهكم دون أن تلتفت له حتي ف شعر بالغيظ ككل مرة تفعلها بها !
ثم قرر تجاهل سخريتها بينما يسيطر الشغب علي عينيه و هو يمازحها بغلظة اعتادتها " ما فصيلتك أنتِ تحديدًا ؟، لم أضع غير رشة عطر واحدة كيف التقطتها أنفك ! "
تنهدت بخفوت شديد لم يكن ليلتقطة سواه قبل أن تلتفت و تهمس بنبرة مريرة " هل تستكثر علي الميزة الوحيدة التي أعطاها لي الله !"
صمت بقلة حيلة و قنوط منها شديد ، كيف سيقنعها أنها كتلة مميزات ، أنها جميلة و رقيقة و لديها قدرة رائعة علي التأقلم و التعلم يحسدها هو نفسه عليها ، شقيقته الخمرية اللون بعينين واسعتين سمراوتين و رموش كثيفة جدا و شعر مجعد و لكن طويل و كثيف لا قصيرة و لا طويلة و لكنها رغم كل هذا تري أنها ليست هدفًا لأي خاطب الآن أو مستقبلًا فرتبت حياتها على وحدة وضعت حدودها هي قبل أن يفرضها عليها أي مخلوق آخر من وجهة نظره ، كما أن وفاة والديهما و هي بالصف الثالث الثانوي و هو بدبلوم التجارة و توقفهما عند هذا الحد في مسيرة تعليمهما لقلة الدخل الذي يجاهد بشتى الطرق للحصول عليه يكاد يذهب ب عقلها
كانت متفوقة للغاية ، حصلت علي 99 بالمائة و لكن تفوقها هذا دُفن تحت الثرى و لكم يشعر بالقهر عليها و يحاول تعويضها بشتي الطرق!
" وجدت عملًا "
التفتت تخبره بهدوء شديد فأجابها بعدم فهم " عمل ماذا ؟"
" عملًا لي ، ممرضة بعيادة طبيب عيون "
" ماذا ؟! هل وجدتني عاجزًا لهذه الدرجة؟ ألا أستطيع تلبية طلباتك ف أردت مقاسمتي ب دوري !"
زعق بها بغضب حقيقي و لكنها لم تهتز تعلم جيدًا أنه لن يتقبل الفكرة ، ف " علي " لديه حساسية مفرطة تجاه موضوع عملها ، كلاهما يعلم أن الأموال التي يحصل عليها تكفيهما حتي نهاية الشهر بأعجوبة لذا يشعر بالحنق و الذنب و ربما العجز .... يثور و يغضب منها و من قلة حيلته عند ذكر عملها رغم أنه ما كان يومًا شخصًا عصبيًا ، صحيح هو ليس بهدوءها إلا أنه أيضًا ليس عصبيًا للحد الذي تراه الآن
اقتربت بهدوء و حنكة امرأة تعلم مفاتيح الشخص الواقف أمامها ، لم تفلت عينيه ، كلاهما يفهم الآخر جيدًا و يستطيع التواصل معه من خلال نظرة حتى و لو كانت عابرة ، وقفت أمامه مباشرة و تركت نفسها له ليحتويها بين أحضانه ف التقطها فورًا و ضمها اليه بدموع حبيسه ،أرادت أن تُشعره بأنها دومًا بحاجة احتواءة و أنها لم توجه له أبدًا أي اتهام ضمني بالتقصير و سمح لها بأن تمتص غضبه بكل سلاسة هي أكثر من قادرة عليها " الأمر لا يتعلق بك و لا بالمال يا علي ، أنا هي الهدف ، أريد الخروج من قوقعتي و إيجاد نفسي ، أريد أن أفعل شيئًا لنفسي فقط ، لأشعر بأن هناك قيمة لوجودي بالحياة ، أنا بالبيت طوال النهار ، لا شاغل لي و لا هواية لدي و الملل يخنقني ، أفكاري لا تهدأ فلا تتركني فريسة لفراغي أرجوك ، أريد النجاة بنفسي و أحاول ألا أصل للجنون جراء رأسي الذي لا يتوقف عن الإسترسال سواء ب أشياء تخصني أو أشياء لا تمت لي بصلة "
" وافق أرجوك "
همست كلمتها الأخيرة بضياع شديد تعلم أنه لا يستطيع مقاومته فقبل رأسها هامسًا بحنان " اتركي لي تفاصيل هذا الأمر و سوف أبلغك قراري خلال أسبوع "
" يومين فقط يا علي ، موعد المقابلة خلال ثلاثة أيام "
" و الله لم أقرر بدون أخذ رأيك ، أنا فقط حجزت موعدًا مقدمًا كي لا تفوتني الفرصة إن وافقت "
سارعت تخبره بالحقيقة حينما اتسعت عيناه و كاد بركانه يفور من جديد فهدأ نسبيًا و تركتها متجها نحو غرفته مرددًا بتذمر " حسنًا سأخبرك غدًا مساءًا "
ف ابتسمت بنصر قبل أن تعاود أدراجها نحو النافذه تري الدنيا حولها تدور و تدور و كلٌ يجد سعادته إلا هي الوحيدة تقريبًا بالحياة الغارقة بخيباتها التي لم و لن تسمح ل علي بأن يغرق بها هو الآخر
كاذبة هي هذه المرة فقد أرادت العمل لأجل شقيقها الذي أصبحت عيناه لامعه باستمرار منذ شهور قليلة ، لمعة عاشق وجد ضالته و لكن لا حول له و لا قوة و ابتسامة حزينة لرجل المال الضائع يٌكبله فأرادت تحريره من عبئها بل و مساعدته أيضًا عله يملك الجرأه ليخبرها يومًا أنه سيفوز بالحبيبة المجهولة و يتزوج بها رغم أنف حياتهم البائسة !
****
" عشق الرجل عزيز وإن عَشِق هذا العزيز ذل "
منذ متي وقلبه يخفق بهذا الشغف ، بهذه القوة و بكل هذا الجبروت ، كان يعتقد أنه لن يقع في هذا المأزق يومًا و حينما سقط به سهوًا أصبح حقًا في مأزق،
فقد تعثر قلبه بعشق امرأة متزوجة !
سلواه الوحيدة أنه لم يكن يعلم ، حينما رآها أول يوم عمل به بذلك المطعم بحي السيدة زينب كانت مجرد فتاة جميلة لا يزين اصبعها أي خاتم ،لفتت انتباهه و حصلت على اهتمامه ، شعر بأنه رغمًا عنه يترقب ظهورها ، عام كامل مر و هو يراها كل أسبوع تقريبًا بنفس الموعد و نفس المكان
السادسة مساءًا من يوم الجمعة كل أسبوع تطل عليه بعباءة سوداء و حجاب مماثل و عيون أخذت من البحر رشفة فكانت ثمالته!
شاردة هي ، ف بكل مرة كان يراها بها كانت تبدو شاردة ، و عيناها معلقة بالمسجد الذي تغيب به ل نصف ساعة كاملة ثم تغادره ب ابتسامة حلوة جدًا سرقت لُبه منه بأول مره رآها بها
تسير بخطى ثابته متروية و كأن كل سكون الكون زُرع فيها بينما عيناها تشتعل شوقًا للحبيبة العظيمة الشريفة ستنا السيدة زينب
تفوت من جانبه دون أن تراه و هو الذي يتوقف الكون كله حوله حينما يراها !
ألقى بجسده المُتعب علي الفراش ، وليت قلبه مثلًا مرتاح ف كلاهما يأن و لا سبيل لتعافي أحدهما من سقمه ، فجسده معلق بعملين ، نادل ب مطعم مساءًا و بائع ب مكتبة نهارًا
ظل لأشهر طويلة يحفظ تفاصيلها ، يراقبها و يغرق أكثر بعشقها
حتي جاءته الصدمة بغتتة والحياة تضرب أحلامه بمقتل و بكل قسوة لتخبره أن المرأة الوحيدة التي شعر بقلبه و دقاته في وجودها ليست له و أن آخر يمتلكها !
لم يفعل ك معظم الشباب ، فلم يترك لنفسه فرصة للتعافي من عشق لا نصيب له به لأنه لا يملك أصلًا رفاهية إعطاء مشاعره حقها ، يكاد يكون لا يجد وقتًا أساسًا للمشاعر و إلا فمن سيعوله و هو وحيد بلا كبير و لا عائل
وحده الله يعلم كم حاول الخروج من مدارها ، ترك كل طريق يوصله بها فترك المطعم الوحيد الذي قبله و دار بالقاهره بكل درب من دروبها يبتغي عملًا و لكن بزمن البطالة هي سمته الأساسية كيف يجد عملًا ؟!
بدأت الديون بالتراكم عليه و لو كان وحده لما أهمه و كان استطاع استكمال طريق نسيانها إلا أنه ليس وحيدًا لديه شقيقة يعولها ف عاد مجبرًا لعمله و دار قلبه بفلكها من جديد فقرر أن يظل عاشقًا بصمت !
" علي الطعام جاهز تعال "
انتزعته توأمه من أفكاره البائسة فرسم ابتسامه زائفة على شفتيه علها تواري حيرة عينيه و عذاب قلبه ثم ذهب يشاكسها كالمعتاد " أتمنى أن يبدو طعامًا في النهاية يا علية "
****
" إن أردت حصد اهتمام رجل تجاهله و إن أردت إغضاب أنثى اهتم "
ليس لأن الأنثى مجنونة بطبعها مثلًا لا سمح الله و لكن لأن أغلب الرجال حينما يريدون الإهتمام يسلكون الطريق الخاطئ أو يخطئون بنهاية الأمر بعدم تقدير مراد النساء البسيط !
" اجلسي لنتفاهم يا أبية أنا ما جئت هنا إلا لأستمع اليك بهدوء دون عصبيك المفرطة رجاءًا ، فأغلب نقاشاتنا باءت بالفشل لأنك تغضبين و تصرخين فجأة بقدر يجعلني راغبًا بالرحيل حفظًا لماء وجههي و احترامًا لكرامتنا سويًا "
اغمضت عينيها بنفاذ صبر و هي تعاود الجلوس ف والدتها نفذت خطتها و جمعتها ب " محمد " ببيت والدها و الجميع أكثر من مرحب !
" أخبرني ما لديك "
رددت بتذمر جعله يأمل ، يشد طرفي بدلته بجاهزية و يتحدث بسياسة و صبر " الآن انت تقولين أنك لا تشعرين أنك في موضعك المناسب بحياتي و أننا نختلف في طباعنا لدرجة اليأس من التفاهم يومًا ما ، صحيح ؟
لم تجب و اكتفت بالنظر العميق بعينيه محاولة التقاط خطتهم للتأثير عليها هذه المرة و لو كان رجلًا آخر لدهسه قطار الإرتباك جراء تفحصها هذا به و لكنه بكل بساطة " محمد !"
استبشر خيرًا و استطرد بمحايلة " ماذا لو حاولنا اصلاح البعض و تغاضينا عن الآخر ، أنا سوف أحاول من جديد و أنت كذلك ، تندمجين قليلا بعالمي و أذوب قليلا بعالمك ، لن تستقيم الحياة لو كان أحدنا نسخة مكررة من الآخر ، أنت ببساطة أنت و أنا هو أنا ب اختلافنا الذي يعطي طعمًا للحياة !
" انظر يا محمد "
همست بقلة حيلة قبل أن تتنفس بقوة و تشبك كفيها بتحفز ، تحاول السيطرة على غضبها من الجميع و أولهم محمد بأسلوبه الهادئ ، الهادئ جدًا ، هل حقًا يحدثها و كأنها طفلة !
" المشكلة ليست بهذه البساطة ، وحده الله يعلم أنني لم أرد يومًا قول هذا الكلام و لكن لا مفر ، أنت جذاب ، جذاب جدًا من بعيد ، منذ رأيتك بالمرة الأولى و أنت تجرني اليك جرًا و لكن بعد الزواج ، بعد زوال عنصر الانبهار ، لم أشعر ليوم بالسعادة الكاملة ، هناك دومًا شيئًا ناقصًا بعلاقتنا ، أنا أريد رجلًا عاديًا و لكن أشعر معه أنني غير عادية ، أنني معه حالة استثنائية ، لطالما تمنيت رجلًا عشقه غير مألوف ، رجل وجوده بحياتي ثورة و عشقه لي ملحمة !
أنت هادئ جدًا جدًا لدرجة تشعرني بالموت ، ثابت للغاية ب انفعالاتك لدرجة مغيظة و باردة ، لطالما رأيت بخيالاتي رجلًا يغار بقوة و يحب بعنفوان و أنت تحب بصمت و تعبر بهدية متدية بحته! ، كلامك العاطفي قليل لدرجة جعلتني دومًا جائعة للمشاعر ، حتى الحرية التي أعطيتني إياها و التي تريدني أن أعطيك إياها بالمقابل و هذا ما لم اتقبله أبدًا لم و لن تناسبني فقد أردت دومًا رجلًا متوغلًا بتفاصيلي!
قالت جملتها الأخيرة بيأس من يحاول التحدث مع صيني بالعربية مثلًا ثم صمتت بخجل و إدراك متأخر لكل ما تفوهت به، صدمتها صراحتها التي رسمت الجمود جليًا على جسد محمد و نظراته ، انتظرت ردة فعله على أحر من الجمر بينما صمته المعتاد يؤجج نارها أكثر
" أنتِ محقة بأنك لا تناسبيني فأنتِ بالنهاية لم تقدري شيئًا منحتك إياه ، آسف لأني لم أعلم أنك مجرد مراهقة حمقاء ساذجة قبل الآن!
قالها ببرود ناقض اشتعال عينيه فأصابها الجنون و الفكرة أرست كل الشياطين أمام عينيها بلحظة
" هل سخر من أحلامها و تطلعاتها نحو الرجل الذي تتمناه للتو! "
" أنا أريدك أن تحررني لأنني اختنقت من وجودي بحياتك الباردة ، أنت بكل صراحة لا تكفيني يا محمد "
" أنت طالق يا أبية "
نطق كل منهما كلماته بنفس الثبات الواهي و و بنفس حالة الغضب من عدم تفهم الآخر لمشاعره و لكنه لم ينتظر حتى ليلتقط ردة فعلها فقد قام مغادرًا و هو يهمس بسخرية يشوبها الألم الذي لم تستطع ادراكه " أتمنى أن تجدي ذلك الرجل يومًا دون أن يطلقك بالنهاية "
باغتها بالطلاق !
لطالما سعت خلف ذلك الأمر إلا أن حدوثه حقيقةً مختلف جدًا عما كانت تتخيل !
هناك برودة غريبة تدغدغ جسدها و ألم بمعدتها لا تعلم سببه
هل هو الخوف من التحرر ، هل اعتادت علي التمرد ولكن بكنفه؟
سمعت أصوات حركة سريعه بالخارج فرسمت الثبات علي ملامحها و ابتلعت ريقها الجاف تخفي معه مشاعرها المتناقضة و تحاول لعب دور الناج من الطوفان !
" ها ماذا حدث؟"
"حدث كل خير يا أمي "
ردت علي فضول والدتها بهدوء ف كادت المرأة تزغرد و هي تتسائل " هل تصالحتما ؟"
" لا محمد طلقني "
ردت بابتسامة باردة جعلت المرأة تهمس بصدمة و عدم استيعاب " ماذا ؟!،
ثم اتسعت عيناها ببطء و الإدراك يعود خلال دقيقة متسائلة بخوف " هل فعل حقًا ؟"
حينما رأت التأكيد بعيني أبية و هدوءها المبالغ فيه سيطر عليها الغضب فصرخت بفزع " ماذا قلتِ له كي يطلقك؟"
" قلت الحقيقة يا أمي ، أخبرته بكل ما كتمته بنفسي منذ زواجي منه "
" ماذا ! أنتِ لم تقدري النعمة التي بين يديك و الله ستندمين يومًا "
همست المرأة بحزن بينما تحاول أن تمسك رأسها الذي يدور و السيطرة على جسدها الذي خذلها ، تهاوت علي المقعد خلفها فأغمضت أبية عينيها تهمس بتعب " لقد حققت ما أردته أنا حقًا هذه المرة يا أمي و أنا المسئولة عن خياري ، يكفيني أنني أشعر بنفسي الآن كالسابق و كأن قدمي تحط ع أول الطريق ثانية "
***
إلا انت
كل غالي يهون عليا إلا انت
إلا انت
و ابتساماتي و آهاتي منك انت
و الي حبيته ف حياتي هو انت
فيها ايه الدنيا دي إلا انت
تتمايل مع الأغنية و تردد بحنين بينما تصبغ شفتيها بلون النبيذ القاتم ثم تدور حول نفسها تتأمل وجهها المتوهج لأول مرة منذ ثلاث سنوات بالمرآة و تمسد شعرها المموج ثم تتذكر وترسم حدودًا لعينيها الزرقاوتين ربما لتمنعه من الغرق فيهما فاليوم يومه و اليوم اللقاء !
اليوم تروي شوقها و تكسر حاجز خجلها الذي تركها به منذ سنوات،
بعد دقائق يرى أمين امرأة أخرى غير تلك الفتاه الخجول التي غادرها ، اليوم قد تزينت و أخرجت الأنثي الموجودة داخلها و المشتاقه له بكل ذرة فيها
سمعت جرس الباب فركضت ، قلبها يخفق بشدة يكاد يغادر صدرها ، اتسعت ابتسامتها و هي تفتح الباب و تختبئ خلفه بمشاكسة ليطل أمين هامسًا ب استغراب " رحيل ! "
ذابت رحيل و دمعت عيناها و لكن قبل أن تلقي بنفسها بين أحضانه ، تبثه سعادتها و شوقها بعناق هي أحوج مخلوق إليه كان ينادي على ضيف معه و يلتف ليُدخل الحقيبة الكبيرة ثم عاد ليواجهها ب امرأة !
" تعال يا خديجة "
أطلت عليها امرأة غريبة عنها يحتضن كتفيها و يخبرها ببساطة و ألفة مغيظة أن تدخل شقتها !
لجمت الصدمة لسانها و ضيقت عينيها بعدم فهم ، صمتت بغباء يتزايد و هي تسمعه يقول " أين أمي ؟، ماذا تفعلين هنا وحدك ؟! "
مسدت رأسها تحاول الاستفاقة و الخروج من حالة اللاوعي التي شعرت بها ، حركت شفتيها تحاول الإجابة علي أمين الذي ينتظر منها ردًا فخرجت كلمتها مبعثرة كحال روحها الآن " من ... من هذه !"
سألت بحشرجة وثِقل تنظر لأمين بتفحص أغضبه فأجابها بنفاذ صبر " هذه زوجتي خديجة ، أين هي أمي الآن و لم تستقبليني أنتِ بدلًا عنها يا رحيل ؟! "
" من ؟!"
" هل تزوجت علي!"
همست بألم و صدمة بينما تشير للمرأة و الدنيا المظلمة تلفها أكثر ، تكاد تبتلعها،ف الدوار يشتد و لكن عدم الفهم يجبرها علي الصمود
نظرت الأخرى نحو أمين بعينين متسعتين بينما يحاول هو الإجابة بمنطق ظهر بلباس السخرية " تزوجت عليك ! ، كيف أتزوج عليك و قد طلقتك يا رحيل !"
" طلق......"
لم تستطع استكمال حديثها و لا نطق الكلمة ،ف سقطت أرضًا بنفس اللحظة التي همست بها الخالة عزيزة بعدم تصديق و هي تغادر غرفتها بآثار نوم قريب " أمين ؟"
ثم استندت علي عكازها و أسرعت للخارج حينما رأت رحيل تسقط مغشيًا عليها أمام عينيها و جلست أرضًا إلى جانبها تناديها بخوف و تهزها بحنان " رحيل ، افيقي يا ابنتي بالله عليك "
فتح أمين حقيبته و أخرج زجاجة عطر قوية و رشها حول أنفها بينما يده الأخرى تضرب علي وجهها بقوة يناديها بغيظ و سخط شديد " رحيل .... رحيييييل "
فتحت عينيها الدامعة بضعف و ألم شديد جعلها تتأوه بينما تحاول الجلوس و لكنها لم تهتم ف الوضع حولها يجبرها على استفاقة لا مفر منها على الأقل لترتب كل هذه الفوضى المحيطة بها ، حاولت التغلب على قلبها الذي يكاد يكون لا يعمل و عينيها الزائغتين ، نظرت لأمين طويلًا ثم للمرأة الجالسة بجانبها بضياع
أشارت لأمين و هي تهمس بضعف و عدم فهم توجه حديثها للخالة عزيزة " يقول أنه طلقني يا خالتي "
" أمي ما الذي يجري هنا ؟ لم تجلس رحيل معك و لم تتحدث و كأنها زوجتي ! "
و ما هذه العصا !
ما بها قدمك ؟!
" و كأني زوجتك ! "
همست رحيل بصعوبة فالكلمات باتت ثقيلة على شفتيها ، رددت جملته بألم و دموع كست ملامحها فلم تعد واضحه أمامه فجن جنون الآخر " ما بك أنتِ ألم أطلقك منذ عام ! ألم أرسل لك ورقة طلاقك و جواب يفيد بذلك !
" عن أي جواب و طلاق تتحدث أنت ! ، أنا من كانت تتسلم كل رسائلك التي لم تكلف خاطرك بواحده منها لتسأل عني !
صراخها صم أذنهم جميعًا ففرك جبهته بغيظ من هذه الغبية المتواجده أمامه و المُصرة على زعزعة فرحته بالعودة و التشويش على لقاءه بأمه!
" أنا آسفه يا رحيل ، حقك علي يا ابنتي "
" ماذا تقولين يا خالة و ما ذنبك أنت بكل هذا الاختلال !"
أمسكت يد المرأه تُهدأ من رجفتها رغم تزعزع كيانها هي فشدت العجوز علي يدها بتوسل " أستحلفك بالله أن تسامحيني على أنانيتي "
حاولت الفتاة التحدث فألجمت المرأة الكلمات على لسانها حينما فجرت قنبلتها الموقوته " الرسالة الوحيدة التي تسلمتها من قبل سقمي كانت ورقة طلاقك و جواب من أمين يخبرني فيه أنه لن يستطيع الاستمرار أكثر و أنه وجد المرأه التي يريد أن يكمل معها و لكني لم أستطع يومًا إخبارك يهذا الأمر"
" ماذا ! "
همست بشحوب و أنين، تقلب عينيها بين الثلاثة المتواجدين أمامها ، تتمنى لو أن أحدهم يضحك ثم يخبرها بأن كل هذا هراء ، بأن كل هذا كذب و أن أمين حلم طفولتها لم يغدر بها ، بأن الخالة عزيزة لم تستغلها ، و بأنها ليست دمية عبث بها الجميع
بأنها لم تفقد كل شيء دون مقدمات ثانية !
أغمضت عينيها لثوانٍ تستجمع فيها كامل وعيها ثم انتفضت من مكانها و تراجعت نحو الباب بظهرها ف الألم يتعاظم ، السكين الثلم ذاك يُغرس أكثر بصدرها ينحر قلبها حيًا دون رحمة " أبدًا أبدًا لن أسامح أحدًا منكم ، لا سامحكم الله يومًا و أذاقكم جميعًا أضعاف ما أذقتموني الآن "
و رحلت كطائر ذبيح ينتفض ، تركتهم خلفها و ركضت بينما روحها تأن ، عقلها يكاد يذهب وخطواتها تصارع بعضها البعض، تركض و لا تعلم إلى أين يمكنها الذهاب ، الدموع تلهب وجهها و الأفكار تتوالي علي رأسها ، فتاة الثانوية التجارية تعشق أمين سرًا ، تراقبه ، تتابعه و تحفظه بكامل تفاصيله عن ظهر قلب ، والدتها تلحق ب والدها المتوفى و الفتاة مقطوعة من شجرة كيف ستحيا بعدهم وحدها !، جاء حضن الخالة عزيزة لينتشلها من كل هذا ثم ماذا ، أمين يتقدم و يخطبها ثم زواج تبعه بأيام سفر للسعودية و يبتعد ، يكتفي برسائل لا يذكرها بها و تُكذِب نفسها ، و تُسكت أحاسيسها ف لم سيتجاهلها و توجِد الأعذار ثم تقنع عقلها بكلمات لا تعقل أساسًا !
و قلبها الخافق بعشقه يصدق و يشتاق ثم يمني نفسه بلقاء فكان لقاء الفراق!
" علشان خاطر الرئيسة المشيرة الكريمة العظيمة ستنا السيدة زينب "
نظرت أمامها و الصوت يخترقها فوجدت نفسها أمام مسجد السيدة زينب فهمست بنحيب بائس للغاية " طلقني يا سيدة ، طلقني و أصبحت مسكينة و ليتك هنا فتعطفي علي قلبي العليل ، آآآآآآآآآآآآه يا ربي قلبي يؤلمني ، يؤلمني بحق أشعر و كأنه سيتناثر بكل ركن في الدنيا و لن أتمكن من لملمة شتاته ثانية ! "
جلست أرضًا تبكي و كأن الكون غطاه سواد مُفاجئ و مرعب فضاعت الطفلة بداخلها عن أهلها ففزعت و تقوقعت على نفسها تخشى الأذى رغم أنه وقع بالفعل ، و كأن اليُتم يقتحمها للمرة الثالثة دون رحمة !
" رحيل ! "
نظرت أمامها بسرعه فوجدت شابًا غريبًا ، لا تعرفه ، يقف أمامها يتفحصها و الفزع محفور علي وجهه جليًا ، نظراته لها أخبرتها بأنه يعرفها و يعرفها جيدًا
كان قلبه يضرب داخل صدره كالمطرقة، فمنذ رآها و هي تركض بفستان أزرق ضيق و شعر مموج مكشوف ، كحل سائل رسم السواد بشعًا على وجنتيها و عيون أشبه بالجمر و هو يشعر بأن أحدهم لكمه بمنتصف صدره بقسوة كادت تزهق روحه و رغمًا عنه قادته قدماه إليها ، تتبعها و راقبها من بعيد حتي صرخت متأوهه بكل العذاب المرسوم علي خلقتها ثم جلست أرضًا بضعف ف لم يستطع السيطره علي مشاعره ولا على تلك الرعشة التي احتلت كيانه أكثر من ذلك ، خوف و غضب و عشق.... مشاعر كثيره متشابكة لم يجد الوقت لتحليلها و هو يجد نفسه يتقدم نحوها و يهمس اسمها بخوف متسائلًا عما قد يكون أوصلها لهذه الحالة !
*****


علا الخالع همسات غير متواجد حالياً  
قديم 03-07-21, 01:13 AM   #4

Soy yo
عضو جديد

? العضوٌ??? » 390429
?  التسِجيلٌ » Jan 2017
? مشَارَ?اتْي » 483
?  نُقآطِيْ » Soy yo has a reputation beyond reputeSoy yo has a reputation beyond reputeSoy yo has a reputation beyond reputeSoy yo has a reputation beyond reputeSoy yo has a reputation beyond reputeSoy yo has a reputation beyond reputeSoy yo has a reputation beyond reputeSoy yo has a reputation beyond reputeSoy yo has a reputation beyond reputeSoy yo has a reputation beyond reputeSoy yo has a reputation beyond repute
افتراضي

يا سلام رواية رائعة و وصف المشاعر أروع....رحيل اشفقت عليها فقد تهدمت كل أحلامها...و خاصة ام آمين من الأنانية ان تخبأ عليها موضوع مهم كالطلاق....أما ابية اضنها تسرعت في الطلاق اتمنى لك كل التوفيق

Soy yo غير متواجد حالياً  
قديم 04-07-21, 04:44 AM   #5

سموك

? العضوٌ??? » 470700
?  التسِجيلٌ » Apr 2020
? مشَارَ?اتْي » 10
?  نُقآطِيْ » سموك is on a distinguished road
افتراضي

الرواية رائعة.. منتظرة الجاى منها بشوق ♥

سموك غير متواجد حالياً  
قديم 09-07-21, 10:18 PM   #6

علا الخالع همسات

كاتبة في قصص من وحي الاعضاء

 
الصورة الرمزية علا الخالع همسات

? العضوٌ??? » 355357
?  التسِجيلٌ » Oct 2015
? مشَارَ?اتْي » 290
?  نُقآطِيْ » علا الخالع همسات has a reputation beyond reputeعلا الخالع همسات has a reputation beyond reputeعلا الخالع همسات has a reputation beyond reputeعلا الخالع همسات has a reputation beyond reputeعلا الخالع همسات has a reputation beyond reputeعلا الخالع همسات has a reputation beyond reputeعلا الخالع همسات has a reputation beyond reputeعلا الخالع همسات has a reputation beyond reputeعلا الخالع همسات has a reputation beyond reputeعلا الخالع همسات has a reputation beyond reputeعلا الخالع همسات has a reputation beyond repute
Rewity Smile 1 الفصل الثاني من رواية ليتني لم أحبك أكثر

الفصل الثاني
" كان عليك أن تفر بنفسك ب تلك اللحظة التي شعرت فيها بأن روحك تُسلب منك "
جولات العشق مُغرية ، تُدير الرؤؤس من بعيد و تُمنيك ب نصر لن يكن لك في النهاية
لأنها ببساطة الحياة تتلاعب بك قدر ثقتك بها
ف قيس و توبة و أبو نواس و غيرهم راهنوا على مغانم عشقٍ و أسلموا القلب الراية فكان في ذلك هلاكهم
و هل تعتقد أن من نتغني ببطولاتهم قد اختاروها حقًا بمحض إرادتهم ؟!
فالشجاعة ليست دومًا طريق النجاة فببعض المواقف كان عليك أن تفر قبل أن تسقط أسيرًا مدى الحياة .
" من أنت !"
اترك الأمر لقلبك و سيُعجِل بهلاكك "
" ماذا ؟!"
" نطقت اسمي للتو ، كيف تعرفني ؟"
همست بريبة و الخوف يلوح بالأفق ، يرسم حذرًا مقيتًا بعينيها " رباه هل تخافه حقًا "
ارتبك و تعرق ، تشنج جسده بالكامل حينما توقف عقله عن التفكير بينما هي لم تتوقف نهائيًا عن انتظار الإجابة و لو عليه لأخفاها بين ضلوعه حتي يذهب خوفها و ل قبَّل عينيها حتى ترضى و تهدأ روحها
" أنا أتسائل فقط هل أنتِ حقًا رحيل ؟ ألم تعرفيني ؟ أنا " علي " كنت معكِ بالمدرسة الإبتدائية "
و ابتلع ريقه بخوف فالكذبات مهما طال عمرها كما الفقاعات الهوائية ستنفجر حتمًا و ينكشف زيفها يومًا ما ، الحيرة المرسومة علي وجهها شجعته ، دفعته للصمود بل و استكمال القصة التي رسمها و الشروع بطريق اقناعها بها ثم جاء سؤالها منطقيًا جدًا و لكنه رغم ذلك لم يهتز " أنا لا أذكرك أبدًا"
" و كيف تذكريني و أنا كالكثيرين حولك و لكنك ...
لمعت عيناه و تحشرج صوته و هو يكمل بنبرة غريبة أربكتها " و لكنكِ لستِ كأحد ف كل ما يخصك مميز ، فلم أرى بحياتي حتى الآن امرأة غيرك تسمى رحيل و لم أجد مثل صفاء زُرقة عينيك بأي عين صادفتها ، مثلك يعلق بالذاكرة و لا يرحل عنها بسهولة "
بدا علي عينيها أنها خائفة ، مرتبكة ، مشتتة و لا تعلم ما عليها فعله و خاف أن ينفضح أمره فتمالك نفسه و هو يطمئنها " أنا أعمل هنا بمطعم العم صالح ، تعالِ و استريحي هناك ف يبدو أنكِ لست على ما يرام "
" لا أنا ، أنا عائدة للمنزل "
نطقت بسرعه تحاول الفرار بنفسها من أي تواصل بشري مُحتمل و لكنه أصر و أعاد الطلب و هي خجلت فوافقت ، ربما تأخذ هدنة لتعلم إلى أين ستذهب !
تبعت خطواته على استحياء ، كما عهدها دومًا كانت شاردة و لكن هذه المرة بحزن ،كانت خجلة للغاية و تمنت لو استطاعت تهذيب مظهرها و قصر الفوضى علي دواخلها ، صحيح أنها لم ترى نفسها بمرآة إلا أنها تشعر بمظهرها المشعث ، وجهها المصبوغ بالأسود و فستانها الضيق
فستانها !
اتسعت عيناها بصدمة و هي تمد يدها لرأسها تتأكد من كونه مكشوف ، من أنها غادرت بذلك الفستان الضيق و دون غطاء رأسها
نظرت له بطرف عينها بقلق من أفكار ذلك الرجل الي جانبها ، أي أحد سيراها لن يخطر بباله إلا أقتم الأفكار و السيناريوهات عنها و لم تكن تعلم أن طبول العشق و النشوى قد سيطرت عليه فقد طال منها بضع كلمات و لقاء بل و الأكثر تسير إلى جانبه و كم كان رائعًا شعور أنها تخطو في كنفه !
تنفس بعمق ، يحاول دفع الاحمرار بعيدًا عن وجهه ، يجاهد ليُسكت ذاك المتطفل الراقص بصدره و يسعى للتماسك ليمنع نفسه من الاعتراف بعشقه ، بشوقه و بمعاناته التي استمرت لعام
" هذا هو العم صالح تفضلي "
أومأت برأسها لتحيي الرجل العجوز الذي ابتسم لها بينما التفت ل " علي " يتفحصه ف أربكه أكثر فتمتم بخفوت " إنها رحيل ، زميلة الإبتدائية "
اتسعت عينا العجوز في دهاء ثم ابتسم بمكر و هو يسأل " علي" الإبتدائية ؟ تلك التي كانت اسمها امممم.....
تشنج جسده و هو يعض علي شفتيه بغيظ ، يحذر العجوز بعينيه أن الوقت غير مناسب لمشاكساته و يرجوه بنفس اللحظة أن يساعده ف ضحك الرجل بقوة ثم أشار له بيده أن يرحل " اذهب و تابع الزبائن و اتركني مع زميلتك الجميلة لتؤنس وحدتي قليلًا "
غادر "علي" بعد تردد طال خطواته البطيئة و نظرة عينيه الحائرة فشعرت بالحرج و همست بتوتر
" أنا .... أنا ذاهبة "
" لن تذهبي ، أنت ضائعة تمامًا الآن و عليك التروي "
" ماذا ؟"
نطقت بشحوب و عينين متسعتين بريبة أمام نبرة العجوز الواثقة ، ف ضِيْق عينيه الذي رسم الجدية على ملامحه أرغم الإحمرار علي غزو وجنتيها ، كانا و كأنهما سينفجران و فكرت بقهر هل خيبتها جلية لهذه الدرجة ؟، هل حُفر علي جبينها لقب " مطلقة " كما حُفر الألم و الخذلان بقلبها ؟"
" عيناكِ تدوران بكل زاوية دون تركيز و رأسك المنكس يوشي بكثير من الخذلان و الخيبات و كتفاك متدليان ب ثقل أعياهما "
" أنا راحلة "
انتفضت من مكانها بسرعة ،تبتلع ريقها ب عصبية و تهتف بنبرة هجومية فما كان منه إلا أن ابتسم لها بهدوء قائلًا بثقة " ستعودين "
أعطته ظهرها ، غادرت أمام عينيه ب جسد متصلب قدر إرهاق كبير طاله ف على صوته يناديها بحزم " أحتاج فتاة للعمل بمطبخ المطعم يا رحيل "
اختفت عن ناظريه فأمسك كوب القهوة الموجود أمامه علي الطاولة و ارتشفه ببطء و استمتاع قبل أن يقتحم " علي " دائرة سلامه ب غضب "
" أين ذهبت رحيل و ماذا قلت لها ؟!"
" لم أفضح سرك يا ولد اطمئن "
ضحك بقوة هو يري العشق و الخوف يسيطران علي ملامح " علي " ف زفر الآخر بحنق شديد و التفت يبتغي اللحاق بها فأحكم العجوز قبضته على ذراعه و ثبته مكانه ثم التمع الحنان بعينيه و هو يخبره بصوت خافت و بثقه غريبة " اتركها الآن فهي كالطير الذبيح ، تحتاج للتمرغ بثرى حزنها قليلًا كي تستطيع البدء في طريق إحياء روحها من جديد ، انتبه لنفسك جيدًا ف حبك يكاد يكون مستحيلًا و لجعله ممكنًا تحتاج للصبر و التروي أما تسرعك و غباءك هذا سيفسد عليك كل شئ"
أظلمت عينا " علي" بحزن و ثَقُل صدره ، شعر بأن أنفاسه تتهدج من العجز و عدم الفهم لمصابها فهمس بألم
" هل أخبرتك شيئًا "
سأل و الأمل يرتسم علي وجهه ف أجابه العم صالح بأسف " لا لم تخبرني بشئٍ بعد و لكنها ستعود، قريًبا ، قريبًا جدًا "
***
" عدو المرأة هي المرأة نفسها "
أو امرأة مثلها، واحدة حرضت أو تلك التي استكثرت أو أخرى أشاعت الفوضى بحياة واحدة من الأخريات قاصدة أو غير قاصدة
الخلاصة ، سلمي لأخرى عقلك ، حياتك أو حتى جزء من نفسك و ستدمر كل شيء و هي ترتشف عصير البرتقال البارد خاصتها و ربما و هي تُقدم لكِ آخر !
بزمانٍ أصبحت فيه النفوس جدًا مريضة، أصبحت السلامة بالإنغلاق علي تفاصيلك و محاوطة نفسك و أسرتك بسورٍ عالٍ فلا ترى منه إحداهن شيئًا !
" أبية طُلقت لا تختلطي بها كثيرًا و إلا نالك مصابها "
" مسسسم ، المرأة تصبر حتى الموت و لا تُطلق إلا الخائبة الرجا أو الغبية "
" و ما المشكلة يا حبيبتي ، كل امرأة تأخذ من رجلها ما يعطيها من مشاعر دون تمرد ، أنت تمردت و أغراكِ دلالك الزائد "
" انتبهي يا ابنتي ف أبية أصبحت خالية و ربما خطفت زوجك منك"
أسبوع كامل مر على طلاقها و لم تسلم من الزيارات العائلية المُلغمة بتلك الجُمل المغطاه برداء الصعبانيات ، مائة و ثمانِ و ستون ساعة مرت و كل محاولاتها للنجاة بنفسها من أفكار المحيطين المسمومة عن المرأة المطلقة باءت بالفشل، فلم تلتقط حتى أنفاسها لدقيقة دون تدخل سافر بقرارها فقد أبدت كل واحدةٍ منهن رأيها دون السؤال عنه أساسًا
حتى مذاكرتها لم تستطع التركيز بها و النتيجة أنها غادرت لجنة الإمتحان بعد دقائق قليلة من حضورها إياه و سلمت ورقة الإجابة خالية !
تسير بالشوارع بلا هدف ، تحاول التغلب على تلك الغُصة التي تسد حلقها و تعوق رئتيها عن العمل فتتهدج أنفاسها كل دقيقة ، تشعر بفيض دموع مكتوم داخلها من شدة القهر و تتمني لو أنها انفجرت بهم و أوقفت كل واحدةٍ منهن عند حدها .... لو أنها أخبرتهم أنها فعلت ما تبتغيه كل واحدةٍ منهن بقرارة نفسها و لكن الجبن يقف لهن بالمرصاد
تريد أن تثبت للجميع أنها بخير و ستكون دومًا بخير ، تتمني السيطرة على حياتها و تحقيق أحلامها و الفوز برجل أحلامها يومًا ما عاجلًا و ليس آجلًا .
وجدت نفسها أمام مقهى كانت دومًا تزوره برفقة محمد ، عادت خطوة للخلف تبتغي هربًا من ذكريات تضرب عقلها كل لحظة رغمًا عنها ، نعم حياتها مع محمد أصبحت ذكريات يجاهد الجميع لتذكيرها بها و لكن عاد عنادها يسيطر من جديد فقررت مواجهة كل حدث كان ل " محمد " يد به بل و الأكثر محوه و استبداله بآخر أجمل و أسعد !
خطت خطواتها الأولى للداخل بإرادة عالية لتتراجع رويدًا رويدًا بينما تتسمر قدماها بمكانها و هي تراه يجلس و يقرأ كتابًا ما كما عهدته ، ليس كتابًا أدبيًا بالطبع فكل ما يهم محمد يكن ماديًا بحتًا لذا فالكتاب بالطبع علميًا ،
و كم شعرت بالنقم عليه و هي تراه كما هو لم يتأثر و لم يعاني قيد أُنملة من معاناتها هي خلال الأسبوع الماضي ، لم حملت وحدها وزر فشل علاقتهم لم تجد إجابة واحدة مقنعة لكل هذا الهراء حتى الآن !
كظمت غيظها و لملمت شتاتها و تقدمت بعيون أبية كما هي دومًا و لسوء حظها رفع عينيه فجأه لتتصادم نظراتهم فغضت الطرف عنه و هي تلمح عيناه تتسعان بسخرية ثم حاجبيه يتبعانها فيرتفعان بتهكم واضح، تخطته نحو طاولة جانبية ، و بعد أن استقرت بمجلسها أشارت للنادل مطالبة ب نوع من أنواع النسكافيه التي يبغضها بشده و لعنها بداخله حقًا هذه المرة بينما يلعن قلبه الذي دبت به الحياة فجأة ألف مرة .
منذ طلاقهما و هو مشتت حزين ، يعيد كلماتها بعقله كل ليلة دون توقف عله يضع يده على خطأه معها و لكن دون جدوي
هل كان عليه أن يُصبح سي السيد معها تحت شعار الحب و الغيرة لتُقدر مشاعره !
تلك الحمقاء لم تشعر يومًا بكم خوفه عليها و غيرته من كل نظرة و تعامل مع غيره و لكنه آثرها على نفسه و لم يُرد يومًا قمع شخصيتها القوية التي تمردت بها عليه في النهاية !
هل كان عليه أن يتحكم بها و يسيطر على حياتها كي تشعر بالإهتمام ؟
ألا يكفيها أنه كان دومًا يهيئ الجو حولها لتتفوق و يعلو شأنها و تتقدم بحياتها على المستوى الشخصي كان أو المهني بغض النظر عن حاجته هو التي لم تتوقف يومًا لها كرجل و كزوج .... ك ونس حتى ؟!
الهدايا التي أغضبتها ألم تر كم قضى أيامًا يفكر بها يُرتب كي تنال فقط اعجابها ؟ هل كان عليه التغني ب عشقها ليلًا نهارًا بينما هو يرتبك من مجرد نظرة تحببية تطلقها فجأه تجاهه !
هل آثم قلبه بحق لكونه جاهلًا بكل أحاديث الغرام؟!
الآن كان يجاهد عبثًا لانتزاعها من رأسه و المُضي قدمًا بحياته بدونها و هي ماذا فعلت ؟ غزت واقعه بحضورها المُتعالي عليه !
" الإنفصال لا ينفي قواعد الأدب و الذوق ، على الأقل ألقي السلام " قالها و هو يجلس أمامها فجأة فزمت شفتيها بحنق يتزايد أكثر و أكثر
" معك حق بالطبع إن لم تكن آخر كلماتك لي إهانة لتطلعاتي و أحلامي "
ضمت ذراعيها أمام صدرها بتحفز قطة توشك على الهجوم على أحدهم ف أخفض عينيه ينظر ل نقطة بعيدة قائلًا بمشاعر جدًا مُغلقة جمدت ملامحه " أنتِ أهنتني كرجل بشدة و مع ذلك أجلس أمامك الآن أسألك كيف حالك ؟
" هل ارتاح الطير الأسير داخلك ؟"
شردت بحزن جعل أفكاره كلها تتمحور حول عناق و قرصة أذن و قبلة رأس يخبرها بهم كم أنها طفلة عنيدة ستدمر حياتها بعنادها هذا
" ماذا هناك ؟"
" لا شيء "
ردت بسرعه و خوف من شماته أو تهكم من حالتها التي تركته لأجل صلاحها ففسدت أكثر
" رأسك مشوش للغاية ، هل والدتك لا تزال غاضبة منك؟"
نفضت رأسها تحاول التركيز و فهم جملته ثم ضيقت عيناها بتساؤل و استغراب " أول مرة تسألني عن عقلي و ما يدور به ، و ما أدراك أصلًا أن رأسي مشوش بحق ، أراك تتحدث بثقة غريبة "
" تطقطقين أصابعك بتتابع عنيف ، تفعلينها فقط حينما تكونين مشغولة البال و أما عن سؤالي إياكِ لأول مرة لأني سابقًا كنت أقتحم ذلك الرأس المُصفح عمدًا بحديثي عن مريضة تغازل مثلًا فتغضبين لأنني لم أطردها من عيادتي و تقضين وقتًا طويلًا بخناقي فينصرف رأسك عن أفكارك التي تأكل عقلك بالبطئ !
انفرجت شفتاها بصدمة و تسمرت عيناها عليه تنظر له بدهشه غير مستوعبه لما تفوه به ثم جاء النسكافيه خاصتها ليصرف عنها حالة الذهول تلك و حينما همت بالرد قام فجأة هامسًا بابتسامة جادة رسمية " على العموم أتمنى لكِ كل الخير و هنيئًا لكِ بحريتك "
لم يعطها الفرصة للتعليق ، قام و أعطاها ظهره و غادر و والله لو بقي أكثر لكان ردها لعصمته خلال لحظة و لكن نقمها عليه كان سيزداد و ربما تحول عنادها لكراهية حقيقة و خسرها للأبد أو ربما انهارت سيطرته و ضمها بقوة أمام الجميع لذا آثر السلامة و هرب!
***
بفضاء واسع ، واسع جدًا رغم دُنيانا الضيقه .... يغطيه الخضار ، يعطره المسك و تزينه العصافير الملونة تتلفتت حولها ك طفلة لم تتخطى العشر سنوات تنادي والدتها بلهفة
" أمي أمي "
وظهرت والدتها من العدم بثوب جميل و ابتسامة رائعة، مشهد لم تره إلا بالأفلام !
فاندفعت الفتاة نحوها تعانقها بشدة ، تلتصق بها بخوف فمسدت الأم رأسها بحنان قبل أن تسألها بنبرة هادئة " ماذا هناك ؟"
" أنا خائفة يا أمي ، خائقة جدًا ، جسدي تسري به رجفة فزع لا تتوقف و عقلي معطل ، ظلمني الجميع يا أمي ، تخلى عني أقرب الأقربين و بقيت وحدى ، ماذا أفعل ، لا أنا حية و لا أنا ميتة الآن "
رغم الدموع التي تجمعت بمقلتيها شدت علي يدي الفتاة تخبرها بثقة " أنتِ أقوي مما تتخيلين يا رحيل ، اصمدي و ثقي بالله و ستنالين فوق ما تتمنين بمراحل ، اصبري يا ابنتي "
همت بالرد و لكن تلك اختفت فجأة ،جحظت عيناها بهلع أرادت مناداتها فشعرت بحلقها يتيبس و صوتها يختفي قلبها يخفق بشدة ،أنفاسها تتهدج و صدرها يؤلمها
"أمي"
صدع صراخها سكون الليل حولها ، انتفضت من فراشها تنظر للفراغ أمامها بفزع ، تضع يدها علي قلبها تتأكد من أنه ينبض بشكل طبيعي ، جلست أرضًا بعيون دامعة تهمس بعذاب " أخاف الموت وحدي يا أمي و قلبي لا يتعظ ، لا يزال يعيد المشهد المؤلم بكل لحظة به دون غفوة عن أي شيء !
أغمضت عينيها في محاولة بائسة لتمالك أعصابها و ما حدث لها منذ ثلاثة أيام يفجر بداخلها الكثير و يزيل غشاوة أكبر عن بصيرتها ، فقد كانت على وشك الموت حقًا !
فلاش باك
" كثلاث ليالٍ مضت لا تكف عيناها عن الدمع و لا تغفل ذاكرتها عن صورة أمين و هو شبه مُحتضن لإمرأة غيرها ، يعاملها بأريحية لم تنلها هي يومًا ، لم تستطع مواجهتهم أبدًا حتى الآن ، قلبها يحترق و السخط على الجميع يتفاقم داخلها رغمًا عنها ، عادت لشقة والدتها المقابلة لشقة طليقها ، و لم تغادرها للحظة طوال الأيام الماضية فقد طلبت من جارتهم الصغيرة " علا " ذات الستة عشر عامًا أن تحضر حقيبة ملابسها و تجمع كل ما يخصها ، الفتاة رغم صغر سِنها إلا أنها إلى حد ما تجمعها علاقة قريبة ب رحيل ، بالليلة الماضية ليلًا وسط نحيبها شعرت فجأة بألم كبير بقلبها ، تسارعت أنفاسها و ضاقت ، خافت ، ارتعبت جدًا من أن تكن هذه هي نهايتها ، و السؤال رغم غرابته بموقف كهذا يلح عليها طلبًا لإجابة عاجلة " هل هو حقًا قدرها أن تموت وحيدة حزينة مظلومة و مهزومة ؟! "
لم تشعر بنفسها و هي تسرع لأقرب مشفى و الهلع يتملكها بطريقة
تضاعف الألم داخلها و النتيجة كانت
" broken heart syndrome “
أو كما ترجمت لها طبيبتها " متلازمة القلب المكسور " أخبرتها أن حزنها الشديد هذا سبب لها أعراض ك أعراض النوبة القلبية و التي شعرت بها بالفعل و أنها رغم سهولة علاجها إلا أن استمرار الحزن المتفاقم هذا قد يقتلها بحق
و أول خطوة لعلاج هذه الأعراض أن تنجو بنفسها من أمواج الحزن العاصفة ، و هل تستطيع حقًا ؟!
وعدتها بالسير علي العلاج و محاولة إنقاذ نفسها و الفرار دون خسائر فادحة من عِلتها و ليتها تستطيع!
و من لحظتها و هي تقوم من نومها فزعة و كأن الأعراض تلك تداهمها فعلًا فتشعر بأن الحلم اختلط بالواقع و أنها حقًا ستفارق الحياة دون أن تأخذ نصيبها من السعادة !"
***
لطالما قالوا أن البدايات دومًا مُبهرة و لكن الأكثر إبهارًا بحق هو أن تأتي النهاية مصاحبة للبداية !
تُمارس أقصى درجات ضبط النفس علي نفسها فهذا يُعتبر يومها الأول بالعمل ، منذ حصولها على موافقة "علي" و اجتيازها المُقابلة من قِبَل مساعدة الدكتور القديمة و هي تلتصق بالمرأة تتشرب منها ما يتطلبه عملها بكل التفاصيل و لكن بعد أن تسلمت عملها رسميًا اليوم تجد أمامها امرأة مُستفزة تافهة على وشك أن تُضيعه منها ، سوف تفقد أعصابها حتمًا تعلم هذا جيدًا،
و كعادتها أغمضت عينيها و أخذت نفسًا عميقًا ثم فتحتها قبل أن تهدأ مُرغمة على طرقات خفيفة على مكتبها لتجد تلك أمامها ثانيةً
" أنتِ هل أخبرتي الدكتور محمد بوجودي ؟"
سألتها المرأة بتعالي و غِلظة شديدة ف استدعت أكثر درجات برودها لتجيبها بقناع زجاجي يحول دون غليانها الداخلي
" للمرة المائة يا مدام أُخبرك أنه قد عَلِم و لكن معه حالة مهمة تسبق دورك "
" ماذا ؟"
زعقت بها المرأة و هي تستنكر جوابها ثم أخبرتها بأمر " أريد مقابلته حالًا تصرفي "
ابتسمت "علية" بتهكم و هي تهمس لها بسخرية " لست ساحرًا كي أصرف الحالة المتواجدة قبلك و عليك احترام قواعد العيادة و حقوق الآخرين يا مدام "
اشتعلت عينا المرأة بكِبر و هي تزعق و تحرك اصبعها للأعلى و الأسفل بسخط أمام وجه الفتاة " فتاة مثلك أنتِ هي من ستلعمني القواعد ؟! "
كادت تُجيب ، و الله بخيالها أمسكت شعر المرأة الحرباءة تلك و مرغته بالثرى حتي ضاعت معالمها و لكن محمد جاء و أنقذها من الخيال و الواقع
" ما الذي يحدث هنا ؟"
جاء صوت محمد نجدةً للمرأة من يديها فأجابت الأخرى بسرعه " تلك الممرضة الجديدة لا تستطيع التعامل بذوق ، أين الأخرى فهذه لا تليق بهذا المكان أبدًا "
" أعتذر منك بشدة .......
ابتسم محمد بلطف محاولًا التخلص من هذا الموقف المشحون أمام مرضاه ف جن جنون "علية" و أفلت زمام شياطينها ف صرخت باستنكار " ماذا ؟ هل تعتذر منها هي و نيابة عن من ؟ عني ! هل أنا المُخطئة الآن ! "
" علية "
ناداها بنبرة حازمة و لكنها لم تكُف عن الكلام و انطلق بركانها بكل الحمم اللاهبة بوجهه " و الله لولا أقدار الله التي لا دخل لي بها لكنت الآن مكانك و والله ما كنت لأقف بجوار قلة الذوق و عدم احترام الآخرين مقابل المال مثلك "
اتسعت عيناه بصدمة ، لعن الفتاة بداخله لأن كل كبته و غضبه من أبية يكاد أن يصبه علي تلك الآن و لكن أحدهم تدخل و أنقذها
" دكتور محمد كيف حالك ؟"
التفت نحو الرجل الذي ناداه مُحييًا إياه بتوتر " مرحبًا دكتور زياد "
أظهر زياد حقيبة من العينات المجانية لمجموعة نقط للعين قائلًا بابتسامة سمحة " مجموعة جديدة أطلقتها شركتنا و سأكون مسرورًا لو أنك اتطلعت عليها "
أطلق نظرة نارية تجاه " علية " قبل أن يُخبر السيدة بلطف " انتظريني ل 5 دقائق فقط رجاءًا "
" تفضل يا دكتور زياد معي "
عادت ل مكانها على مكتبها تتجاهل النظر للمرأة التي ترمقها تارة بنصر و تارة أخري باستعلاء ، رغمًا عنها صمدت ، ف دعمها ل " علي " يتطلب المال و كسر قوقعتها يحتاج للعمل و هي ليست وردية التفكير فهي تعلم جيدًا أن الحياة تحتاج الصمود أمامها و أخذ مرادك منها رغمًا عن أنفها ، انتفضت من أفكارها علي صوت الباب يُفتح و ذلك المدعو زياد يغادر ، يبتسم ثم يُعاود التقدم نحوها قائلًا بعفوية مُتسامحة " أخبرته أنه لم يكن ذنبك و أنها تطاولت عليك لا تقلقي "
كان يُحدثها بصوت منخفض فارتفع حاجباها بتهكم ثم اقتربت قليلًا منه هامسة باستفزاز " أنا ممتنة لك بشدة فقد كنت أخشى علقة الموت التي سيعطيني إياها حقًا "
ثم لوت شفتيها بامتعاض متمتمه بخفوت " لا ينقصني إلاك الآن !"
احمر وجه زياد و شعر بالسخط الشديد عليها فقد كان يُدافع عنها للتو و يرجو محمد أن يتروى في الحكم عليها و هي ماذا فعلت عاملته كالأبله !"
" أنتِ تستحقين ما فعلته معك و أكثر "
لطم أذنيها بكلماته و غادر دون أن يلمح شرر عينيها فقد كان كل ما يفكر به أن تلك السمراء ذات الشعر المُجعد و التنورة الصفراء الطويلة سخرت منه رغم أنه أحسن إليها و رغمًا عنه وجد لسانه يردد بسخط " السمراء المجعدة "

أما هي ف للمرة الثانية تنتفض علي صوت الهاتف إلى جانبها ،ف الدكتور محمد يطلبها حالًا ، تملكتها الرهبة و برد جسدها فجأة رغم تماسكها ف ذلك الرجل اعترفت بذلك أم لم تفعل له تلك الهالة التي تكتم أنفاسك حتى تختنق من فرط هيبته .
رفعت رأسها في كبرياء و تقدمت نحو مكتبه تنتظره أن يبدأ الحديث ف وجه كلامه لها بإمتعاض " اجلسي و توقفي عن تعبيرات وجهك المضحكة تلك "
" أنا لست مخطئة "
ألصقت ذراعيها بصدرها في تحفز شديد بينما نطقت هي جملتها ب إصرار مبالغ فيه فرأت حاجبيه ينعقدان ببوادر غضب قبل أن يتحدث برسمية " أنتِ لم تخطئي بحق المرأة ربما و لكنك أخطأت بحقي و أمام الجميع ! "
أخفضت ناظريها أرضًا بشعور بالذنب يتوغل داخلها بينما لسان حالها يهمس بدفاع " لم أقصد أبدًا فقد شعرت بالظلم و أنا أراها تنظر لي بنصر رغم أنها المُخطئة و الأكثر من ذلك إعتذار حضرتك لها "
" لم أكمل كلامي بالمناسبة "
" ماذا ؟"
رفعت رأسها بسرعه تواجهه فأخبرها بلوم " لم تتركيني لأستكمل حديثي معها فلربما أحضرت لك حقك بالنهاية ، صحيح ؟ و لكن التسرع يضيع حق صاحبه ، زيادةً علي هذا فقد اتهمتني أنني أنحاز لجهة المال و يشهد الله عليّ أنني آخر ما يعنيني هو المال ، هذه المرأة والدة زميل لي متوفي و منذ وفاته و هي ليست متزنة نفسيًا وتعاني كثيرًا لذا لم أشتد عليها و ستعرفين مع الوقت أنها طيبة جدًا جدًا و أن نبرتها المتكبرة هذه شيء فطري لا يمكنها التحكم به "
صمتت تأكل شفتيها بتوتر ف أفكارها بدأت بالتدفق و الصخب داخلها ستتزايد وتيرته خلال لحظات .
" ما معني أنكِ لولا القدر لكنتِ مكاني الآن "
رفعت عينيها نحوه بسرعة فالرفق الملازم لحديثه الذي لان فجأةً سحب منها جزء كبير من غضبها و أثار استغرابها، صمتت لدقيقة حتى ظن أنها لم تسمعه من الأساس ، نظرتها كانت ضائعه و غريبة و هي تخبره بخفوت " حصلت بالثانوبة العامة علي 99 بالمائة و لولا وفاة والديّ لأكملت تعليمي و التحقت بكلية الطب "
" حقًا ؟"
قالها بأسف و ملامح تعاطف تجلت علي وجهه بوضوح جعلتها تغادر مقعدها بسرعه و ترفع رأسها بإباء و هي تخبربه بنظرة جليدية " لم أطلب منك الشعور بالأسى أو الشفقة تجاهي فأنا غادرت مقعد الضحية منذ وقت طويل "
ابتسم ببرود و هو يتلاعب بالقلم أمامه قائلًا بجدية شديدة " لم أكن أعلم أنني وظفت معي طفلة يقودها غضبها و شتاتها ، اذهبي و أدخلي السيدة التي خانقتها للتو "
لم تُعلق فقد أدارت وجهها و التفتت مغادره ف ابتسم هامسًا بحزن " تشبهينها كثيرًا و كأن طريقي لا تسير به إلا كل " أبية "
***
الخذلان قادر على انتزاع ضعفك وحاجتك المستمرة لوجود الآخرين حولك بيدٍ باردة ، فتُخلق بنفسك بُقعة جديدة مكتفية بذاتها تقود كُلك المستهلك الضائع لبر نجاةٍ ليس ببعيد و لكن غشاوة الحزن و القهر المسيطرة على قلبك تحول دون رؤيته
" عم صالح ! "
أخفض صوت المذياع إلى جانبه ينظر لمناديه بعيون مُبتسمة قائلًا بفخر " كنت أعلم أنكِ أقوى مما يبدو عليكِ "
ارتبكت و تسمرت عيناها عليه بعدم فهم و طاقة أوشكت على النفاذ ، أشار لها أن تجلس ففعلت تنتظر كلماته فأخبرها بود " هل تعلمين يا رحيل ، أرى بكِ نفسي منذ سنوات كثيرة ، الطعنة يا ابنتي تنفذ أسرع و أعمق كلما كانت اليد قريبة من نفوسنا و لكن الناجِ منها أبدًا لن يمنح أحدًا آخر الفرصة لإلحاق أي أذى مهما كانت بساطته به "
" أنا .... أنت لا تعرف "
همست بضعف شديد فقاطعها و عيناه تُظهر قوة شاب ثلاثيني قائلًا بنبرة جهورية " لا يهمني أن أعلم أي شيء الآن ، حينما تريدين الحديث يا ابنتي ستجديني مُصغيًا إليك ، بهذه المرحلة فقط عليكِ أن تداوي جرحك النازف
" انظري.... المطبخ هنا على اليمين ، اذهبي و ستجدين بالداخل فتاة حُلوة كالشهد اسمها " نسيم " تنتظرك منذ أيام ستعملين تحت إشرافها و ستساعدكِ كثيرًا "
ظلت تنظر له بعدم فهم و غباء مُتزايد فضحك بقوة قائلًا بمزاح " أنتِ يا فتاة اذهبي هيا ، لا تخافي نسيم ابنتي و أخبرتها عنك منذ أيام ، هي تنتظرك بفارغ الصبر لتتفرغ لدراستها فتترك الحمل على عاتق أحدهم و تهرب "
قامت من مكانها ، تحركت بخجل ، وقفت أمام المطبخ و هي ترى الفتاة أمامها ،بنت صغيرة لا تتعدى العشرين عامًا تقف مُعطية إياها ظهرها ، تمزج القهوة و اللبن و مكونات أخرى تجهلها علي أنغام أم كلثوم
" الحب كله حبيته فيك الحب كله
و زماني كله أنا عشته ليك زماني كله "
ثم وضعت الكوب أمامها تتأمله بفخر قبل أن يعلو ثغرها ابتسامة رضا
و حينما استدارت كانت فتاة حلوة حقًا كما وصفها العم صالح ، قصيرة و نحيفة للغاية بشعر قصير أشقر و عيون بنكهة القهوة و غمازة رقيقة للغاية !
كانت ترتدي بنطال جينز و بلوزة قصيرة مكتوب عليها
" hope "
انتبهت لها أخيرًا فنادتها بترحيب " أنتِ رحيل أليس كذلك ؟"
أومأت برأسها مؤكدة دون أن تُغادر مكانها بشرود ، و تذكرت نسيم حديث والدها عنها فقررت بينها و بين نفسها مساعدة تلك المرأة بكل الطرق الممكنة .
و اقتربت منها بابتسامة كبيرة تجذبها من يدها تدعوها لتشاهد آخر اختراعاتها بعالم القهوة ف ابتسمت رحيل رغمًا عنها أمام شغف الفتاة المُنعش
" هيا تذوقي ، ستكونين أول من يفعلها "
أمسكت الكوب تأخذ منه رشفه صغيرة فشعرت بنشوى غريبة تسري بعروقها و رغبة مُلحة لتناول الكوب كله دُفعة واحدة "
و التمعت عيناها بسعادة قبل أن تهمس بافتتان حقيقي " ماذا وضعتِ به ؟"
هزت الفتاة رأسها برفض لفضح سرها قائلة بمشاكسة لطيفة
" إنه سحر القهوة خلطته مع سري ليصل إلي هذا المذاق الخيالي "
رأت عدم الفهم جليًا بعيني رحيل ف اقتربت و جلست على المنضدة أمامها في قفزة رشيقة للغاية هامسة بجدية " انظري ي رحيل ، القهوة كما الحب .... هناك مقادير و مكونات معينة من شأنها أن تجعله أسطوريا و أخرى بإمكانها إفساد كل شيء "
أومأت رحيل برأسها موافقة على رأي الفتاة الصغيرة التي تبدو بخفة طفلة و عقلية شيخ قبيلة !
***
" الحياة لا تتوقف على أحد و اعتقادك أن رحيلك سيصنع ذلك الفارق العظيم مؤسفٌ للغاية !"
تجلس بغرفتها و الحزن رغمًا عنها يُنغص عليها فرحتها بعودة أمين و زوجته ، رحيل و غيابها يكدر صفو حياتها، شعور الذنب يجلدها كل لحظة ، سؤالها الذي تسأله لنفسها كل دقيقة لا يتوقف عن إذلالها " لم فعلتِ و لم أخفيتِ الأمر عن الفتاة "
أفاقت من شرودها علي صوت طرقات بابها المتتابعه ف محت دموعها بسرعة قائلة بصوت مهزوز " تعال يا أمين "
" ما بكِ يا أمي لم تجلسين وحدك دومًا، تعالِ استندي علي و غادري هذه الغرفة و اجلسي معي أنا و خديجة قليلًا "
" لا تشغل بالك بي يا ولدي ، اذهب لزوجتك و اقضي بعض الوقت معها، لا تتركها وحدها فهي لم تعتد على البيت بعد "
أجابت رجاءه برفض ضعيف فقام و قبل رأسها و جلس إلي جانبها ثم أمسك كفها سائلًا إياها بحنان " كل هذا حزن على رحيل يا أمي ؟ لم أخفيت الأمر عليها إذًا ؟
أجهشت بالبكاء فجأةً بعنف جعله يُبصر كم الهشاشة التي أصبحت عليها والدته خاصة و هي تخبره بضعف " البنت اعتنت بي كثيرًا و حملتني فوق رأسها محبةً ، قضت معي أشد أوقاتي ألمًا دون تذمر و والله أصبحت ابنتي و إن حزني عليها الآن لا يقل عن حزني عليك يوم سفرك أو حزني على فراقك
"
تمالكت نفسها قليلًا ، محت دموعها و أحنت رأسها هي تُقر بذنبها " ما أخفيت عليها طلاقك لها في البداية إلا خوفًا على قلبها من الكسر ، كلما أقبلت عليها لأخبرها جاءت سيرتك فرأيت عينيها ترقصان من السعادة و مع كل خطاب منك كان شوقها يزداد و عشقها لك يتتجدد ، لم تشتكي من عدم سؤالك عليها يومًا و أوجدت لك بكل مرة كل المبررات و الأعذار الممكنة، ثم .....
خفت صوتها و هي تُكمل بخزي " حينما تكالبت على الأمراض خفت من إخبارها ، خفت من لحظة رحيلها و بقاءي وحدي ، ارتعبت ياولدي من فكرة أن أمت وحيدة دون أن يدري بي أحد ، هي بكل الأحوال أنانية و اللهِ أعلم و لكن الخوف سيطر على عقلي و ضميري فطَمَحت ليومٍ تعيدها فيه زوجة لك أو ربما أقنعت نفسي بهذا لأرضي ضميري الُمتعب "
ضمها إليه بقوة هامسًا بحلق جاف من هول المشاعر التي انتابته " سامحيني يا أمي "
" المهم أن تسامحنا رحيل يا ولدي فصدمتها ليست هينة أبدًا على من هي بهشاشتها ، ليتني أقدر علي ضمها لصدري و الإعتذار لها ، و الله قلبي مفطور عليها و لكن لا عين لي كي أذهب إليها "
أغمضت عينيها و رأسها يتدلى بتعب على كتف ولدها و السؤال يتلاعب بعقلها " هل ستسامحها رحيل يومًا ، هل ستتمكن يوما من ضمها لصدرها و هل ستصدق أصلًا صدق مشاعرها تجاهها؟!
***
" فنجاني قهوة سادة يا رحيل رجاءًا "
" حاضر "
أجابته بآلية شديدة و هي تشغل كافة حواسها بعملها الجديد ، مضت ساعتان على صدمته بوجودها معهم في المطعم و عملها إلى جواره و لكن رغمًا عنه قلبه يأبى التصديق
وقف خلف الستار يراقبها بشعف ، فقد عادت لحجابها من جديد و معه فستان أزرق طويل ، حينما رأته تهربت منه و أبعدت عينيها بعيدًا في خجل بعد أن أجابت تحيته لها باختصار ثم انخرطت في العمل بسرعة بمساعدة نسيم !
كانت تقف أمام القهوة شاردة لا تلقي للدنيا حولها بالًا !
" ماذا تفعل هنا "
التفت بفزع حينما شعر بكف يوضع على كتفه و همس ضعيف يسأله عن سبب وجوده هنا و كاد يضربها في هذه اللحظة و لكنه تمالك نفسه هامسًا بغضب " يومًا ما ستقتليني أنتِ و والدك "
ضحكت عيناها و روح المُشاكسة تحضر فالآنسة على ما يبدو بالها رائق أكثر اليوم
" انظر ! "
تغيرت ملامح وجهها بسرعه و هي تشير نحو رحيل التي أنحنت مُستندة على الطاولة الى جانبها ، تضغط على صدرها و أنفاسها تتسارع فهمّ بالذهاب اليها و لكن نسيم منعته حينما أمسكت يده بسرعه ثم تخطته مُتجهة فورًا نحو رحيل
" رحيل هل أنتِ بخير ؟! "
ابتسمت بضعف و عيون زائغة قبل أن تهمس بإعياء " لا تقلقي هذا يحدث إثر خلط مكونات لا تتفق نهائيًا مع القهوة ، سيعود كل شيء كما كان و أفضل و سوف أكن بألف خير بإذن الله "
" بإمكانك المغادرة لو كنتِ مُتعبة يا رحيل "
رفعت رأسها بسرعة تواجه عيني علي القلقتين ف ابتلع ريقه محاولًا السيطرة على مشاعره الواضحة ، الواضحة جدًا ف ارتبكت هي ، و تشتت عقلها ف " علي " هذا الذي لا تتذكره يثير داخلها خوف من نوع غريب ، في وجوده تشعر و كأنها على وشك السقوط من منحدر ضخم رغم حذرها ، به شيء يجعلها دومًا متحفزة و قلبها جدًا مُتخبط !
" أنا بخير شكرًا لك ، فنجاني القهوة جاهزين تفضل "
" ناولته الصينيه ، شبه كانت تطرده و هو لم يكن يبدُ عليه أنه سيغادر أبدًا و لكن حينما رحل زفرت بعنف جعل نسيم تناقرها بخبث " طار المطبخ إثر زفرتك يا فتاة ، ترفقي بنفسك قليلاً "
***



التعديل الأخير تم بواسطة علا الخالع همسات ; 09-07-21 الساعة 10:36 PM
علا الخالع همسات غير متواجد حالياً  
قديم 24-07-21, 05:50 PM   #7

علا الخالع همسات

كاتبة في قصص من وحي الاعضاء

 
الصورة الرمزية علا الخالع همسات

? العضوٌ??? » 355357
?  التسِجيلٌ » Oct 2015
? مشَارَ?اتْي » 290
?  نُقآطِيْ » علا الخالع همسات has a reputation beyond reputeعلا الخالع همسات has a reputation beyond reputeعلا الخالع همسات has a reputation beyond reputeعلا الخالع همسات has a reputation beyond reputeعلا الخالع همسات has a reputation beyond reputeعلا الخالع همسات has a reputation beyond reputeعلا الخالع همسات has a reputation beyond reputeعلا الخالع همسات has a reputation beyond reputeعلا الخالع همسات has a reputation beyond reputeعلا الخالع همسات has a reputation beyond reputeعلا الخالع همسات has a reputation beyond repute
Rewitysmile9 الفصل الثالث من رواية ليتني لم أحبك أكثر

الفصل الثالث
" قبل التعلق كان عليك حسب حساب لحظة الفقد "
تقف أمام المرآه تُرتب ملابسها و تمسد جسدها بشرود فالأمس تغيبت عن عملها إثر آلالام هائلة شملت كامل جسدها و اليوم ها هي تقف بكل هدوء تستعد للذهاب إلى المطعم بعزم أن تُلقي الثلاث سنوات التي أثقلت كاهليها خلف ظهرها و تعيش حياتها بما تبقي منها ، تداوي قلبها بنفسها بعدما صرخت بها الطبيبة أمس " ستقتلين نفسك أفيقي ، أي مصاب بالدنيا هذا الذي يساوي خسارة صحتك !"
خافت كثيرًا حينما فكرت لو أنها وهنت حقًا من سيهتم ، يطيب و يساعد و حينما استوعبت أنه لا أحد فزعت و سيطر الهلع علي تفكيرها لساعات قبل أن تتخذ قراراها ألا أمين بعد اليوم بأي تفصيلة قد تخصه من قريب أو بعيد
و لكن مسار الحياة دومًا غريب و غير منطقي ف حينما تقرر شيئًا بالمساء تفعل هي خلافه صباحًا و أنت فقط عليك أن تجيد التعامل مع ألاعيبها
" حبيبي "
" أحضرت الفطور من المطعم "
حينما فتحت باب شقتها مغادرة وجدت ذلك المشهد اللعين أمامها ، بدا و كأن القدر يسخر منها و من كل قراراتها متحديًا هدنتها الهشة مع مصابها!
هبطت الدرج بسرعه تكاد لا ترى أمامها ، مرت على امرأتين يقفان أسفل البيت و قالا شيء ما لم تنتبه له فالدنيا حولها الآن أشبه بهالة من الهلاوس، استقلت الحافلة و جلست على المقعد بسرعة مُحتضنة حقيبتها ، تكاد تختفي خلفها ، تستمد منها الثبات الذي فقدته برهة
و المشهد يُعاد أمام عينيها في كل لحظة بتفاصيل أدق !
الزوجة الجديدة تفتح باب شقة كانت لها بالأمس و تهمس بابتسامة عشق " حبيبي " لأمين !
و هو يمد يده ب كيس بلاستيكي به مجموعة من الفلافل و يخبرها بمرح أنه أحضر الفطور !
لحظة تلخص بداخلها كل الرومانسية التي قد تنالها امرأة من أي رجل .... حلمت بها كثيرًا ، أكثر مما يمكنها أن تحصي ، مشاعر حُرمت منها و تاقت لها كثيرًا ، لطالما افتلعت مشهد كهذا بخيالها و انتظرت الحلم أن يقتحم أرض الواقع ففقدت الحق بالاثنين !
" رحيل يا ابنتي لم تقفين هكذا ! "
نظرت بعدم فهم للعم صالح الواقف أمامها مباشرةً ، دارت بعينيها بالمكان حولها ، لا تعلم متي غادرت الحافلة و لا منذ متى تقف مُتصلبة أمام المطعم هكذا و لا حتى تملك إجابة تخبر بها الرجل ف
همست بحاجبين منعقدين و غضب بدأ يغلي " لا شيء "
ثم تخطته للداخل نحو المطبخ ، تلملم أطباقًا لا تدري لم تنظفها و هي نظيفه أساسًا و ترتب أكوابًا هي مرتبة بالفعل ، الكلمات الحبيسة داخلها تزداد و الصمت يغذي الغضب أكثر فأصبحت حركاتها يمينًا و يسارًا عشوائية بلا هدف، بعقل شارد و بتفاصيل لقاء لم يكن عليها حضوره أبدًا
انتفض جسدها على صوت الكوب الزجاجي و هو يسقط أرضًا أمامها بعدما سيطرت الرعشة على يديها فوضعت كفها على قلبها بسرعه كأنما تُمسك نبضاته المتسارعه تحاول كبح جماح انفعالاتها ،
جلست فجأة أمام القطع الزجاجية اللامعة تتأملها بعقل مُشوش، تلك الشظايا تُذكرها بروحها ف كلاهما مُتناثر بمثل هذه الفوضى !
تسمرت مكانها بنفس النظرة المُغيبة قبل أن تمد يدها نحو قطعة، تمسكها و ترفعها أمام عينيها تتفحصها بنظرات مصدومة ، رفعت ذراعها الآخر ليوازي القطعه الحادة قبل أن تُغمض عينها و تُقرب قطعة الزجاج من معصمها بيد ترتعش حبست أنفاسها و هي تستحضر خلاص يلوح بالأفق ، تُمني نفسها أنه لا حزن و لا ألم ثانية و تحركت شفتيها بتمتمة دون صوت " سامحني يا الله لم أعد أتحمل ، آه يا سيدة زينب ليتك هنا فتساعديني ، سألقاكي يا أمي أخيرًا "

" رحيل تعالِ اشربي معي القهوة "
نفضت رأسها بسرعة قبل أن تلتفت و تنظر للرجل الواقف أمامها علي باب المطبخ بارتباك بينما تحاول إخفاء قطعة الزجاج بعيدًا عن عينيه ، كان ينتظرها بوجه رائق جدًا أجمل من أن يكون لعجوز !
ابتلعت ريقها بتوتر و هي تهز رأسها موافقة و تحاول الإبتسام ، قامت بسرعه و ذهبت خلفه بينما تحاول إزالة العرق المتصبب من جبينها و كأنها كانت تتسلق جبل عالٍ جدًا !
وسترجع يومًا يا ولدي مهزومًا مكسور الوجدان
و ستعرف بعد رحيل العمر أنك كنت تُطارد خيط دخان
كان يدندن مع الأغنية بانسجام قبل أن يمُد يده لها بالقهوة ، كان المطعم فارغًا الا من ولدي النظافة فزادت هيبة العجوز و ازداد ارتباكها و هي تشعر به يتفحصها من خلف رشفات القهوة خاصته!
" لم كنت تحاولين قتل نفسك الآن "
اتسعت عيناها بصدمة و انسكب جزء من الفنجان على ملابسها و هي تحاول وضعه علي الطاولة بيد غير ثابته ثم فتحت فمها تحاول الرد ، الإجابة جدًا حاضرة و لكن الصخب برأسها جعل الكلمات تتحشرج بحلقها فصمتت بعجز و عيون دامعة !
" هل هناك شيء بالحياة يستحق هروبك منها بهذه الطريقة المُخزية ؟!"
كان يتحدث بحزم أغضبها و كأنه يعلم دوافعها بل و الأدهي و كأنه يُعاني من القهر المسيطر عليها بكل لحظة !
" أنت لا تعلم عني شيئًا فلا تحكم علي رجاءًا "
ابتسم بسخرية و هو يخبرها بهدوء " لو أنني أحكم عليك ما كنت جلست معك بأول مرة و أنت ملطخة تمامًا بدموع و خيبة و غضب !، أنا أسألك الآن هل حقًا هناك ما يستحق إنهاء حياتك لأجله !"
" أين هي الحياة أساسًا ، كل شيء ضاع !"
ابتسمت بمرارة و هي تستطرد بنبرة حادة دون سيطرة على دموعها " تزوجت بلا أي طلبات من رجل كنت أعشقه سرًا و حينما تقدم راغبًا في الارتباط بي لم أفكر حتى و بعد أيام كان مسافرًا ، ظللت أنتظره لثلاث سنوات أن يعود في إجازة أو يسأل عني في دقيقة من اتصالاته أو أري كلمة منه في جواباته دون جدوى ، رسمت حياة جميلة بعقلي و منيت نفسي بأنه سيعود و يحقق أحلامي ،كنت أخبر قلبي كل يوم صبرًا و سأفوز بالنهاية ، خدمت والدته حبًا في الصحة و المرض و كنت لها كأبنتها و بعد انتظاري لطويل هذا عاد بزوجة يناديها ب " حبيبتي " و يخبرني أنه طلقني منذ عام و اتضح لي أن تلك التي اعتبرتها أمي بعد وفاة والديَّ هي من أخفت عنى الأمر بمنتهي الأنانية ! "
كان صدرها يعلو و يهبط بانفعال شديد ثم نظرت له هي بقوة غريبة تسأله " هل بعد ضياع كل حياتي تلومني على رحيل لم يعد هناك منه مفر ؟!"
أخذ نفسًا عميقًا قبل أن يتابع حديثه ناظرًا إليها بحنان " كل ما قلته يا رحيل ابتلاءات ، الغاية منها لا أحد يعلمها إلا الله ، ذلك الرجل لو كان يحبك ما كان ليهجرك أبدًا ، و لو أنه لم يسافر لكان طلقك بعد أيام فقط من زواجكم ، بطريقة ما ذلك الرجل أٌرغم عليك هل كنت ستسعدين لو أنكِ تعيشين بجوار رجل ينظر إليك بعيون فارغة و يعاملك بمشاعر باردة ؟!
ربما قدر الله لك أن تشقين لنفسك طريقًا تجدين سعادتك الحقيقية به و لكن نحن بنو آدم لا نرى أبعد من موطئ قدمينا و عند كل عقبة يسيطر علينا الهلع و القنوط !"
" أنتِ خسرتِ خسارة كبيرة لا أحد يمكنه إنكار هذا و لكن إن لم تفيقي لنفسك ستخسرينها هي و كل خير قدره الله لك من وراء هذا البلاء و حينها ستكونين مهزومة بحق و لن تجدي حياةً تستيقظين يومًا لأجلها !
ابتسمت بسخرية و هي تشيح بوجهها بعيدًا عنه ، تنظر للجهة المخالفة تمامًا فتنهد بقوة قائلًا بحنين " شعر رأسي الذي ملأه الشيب هذا تملأ أضعاف أضعافه الخيبات قلبي ، و لو أنني سرت على طريقك لكنت الآن شريدًا هائمًا بأرض الله فاقدًا لكل شيء أملكه في هذه اللحظة "
نظرت له بسرعه ، بإهتمام تريد أن تسأله و لكن قبل أن تفعل كان يخبرها بينما يضع فنجانه أمامه و يقف متوجهًا نحو المذياع يزيد من شدة صوته
" العشق كأس لا أحد ينجو منه و لو بقدر قطرة و كلما كان نصيبك منه عظيمًا كان عذابك معه أعظم "

***
" أكثر أنواع الأذى النفسي ضررًا هو ذلك الذى لن تتمكن أبدًا من أن تُمسكه على صاحبه "
النظرات حولها و الغمزات ، الهمسات و اللمزات ، كل امرأة حولها تنظر لها على أنها كائن فضائئ متطفل ، أرضت والدتها و ذهبت معها لحضور حفل زفاف قريبتها ، تألقت و تزينت ، أرادت أن تُثبت للجميع أنها في أفضل حالاتها ، وقد كان ما كان
فكل واحدة منهن تُسلم عليها بحذر ثم تفر بزوجها أو خطيبها بعيدًا عنها حتى العروس !
" انظري ما فعلتي بنفسك ، أتمني أن تكوني سعيدة الآن !"
نظرت لوالدتها بعيون دامعة و لكن بشموخ ، قبل أن تخبرها بثقة " أنا أكثر من سعيدة لا تقلقي يا أمي "
و لعنت اليوم الذي رأت به محمد أو كان لها به صلة ، يتزوج الرجل فيأخذ و يأخذ و يأخذ ثم يطلق فتصبح هذه بنظر الجميع معطوبة و يشتهي أخرى فيعيد نفس السيناريو من جديد و تنضم أخرى إلى نفس القائمة السوداء!
نظرت أمامها لتجد أنها بالفعل قد غادرت الحفل و اتبعت هوى نفسها و جاءته !
صعدت بسرعه و بكل طابق تتخطاه حنقها يزداد أكثر و احمرار وجهها يتأصل أكثر و أكثر ، غادرت المصعد و بداخلها قِدر من الغضب يغلي ، توجهت نحو مكتبه مباشرة لتجد أخرى تقف أمامها تمنعها عنه ب استياء!
" هاي أنتِ يا آنسة إلي أين ؟"
أغمضت عينيها للحظة تحاول السيطرة على أعصابها ف الفتاة السمراء الجديدة تلك تقف أمامها ك عقبة ، تحول بيها و بينه و هو ليس بوقتها أبدًا، فأخذت نفسًا عميقًا ثم سألتها بنفاذ صبر
" محمد بالداخل صحيح ؟ أريد مقابلته "
" لا يمكنك ذلك للأسف ، اتبعي قواعد المكان رجاءًا و انتظري دورك "
كانت تلك القتاة تتحدث بقوة و حزم بل و الأكثر بساعدين منعقدين و حاجب مرفوع ، ودت لو أنها محت ملامحها الصماء و كسرت ساعديها و انفجرت بها فربما ترتاح ،
تبًا تبدو نسخة أخرى من ذاك الغبي !
حاولت تخطيها فأمسكتها علية بغضب فنفضت أبية يدها عنها صارخة بجنون " ابتعدي عن طريقي "
" أبية !"
فُتح الباب فجأة ل تجده أمامها يهمس اسمها بطريقة أربكتها لثواني معدودة قبل أن يسألها بثبات واهي
" أنتِ هنا حقًا ؟ ماذا حدث ؟"
رأي بوضوح صدرها الذي يعلو و يهبط و عينيها المُتحجرتين بدموع تأبى أن تسقط ، كف مقبوض بشدة و شفتين مزمومتين،
ستصرخ !
أمسكها بسرعه ساحبًا إياها للداخل قبل أن يغلق الباب خلفهم و يخبرها برجاء بعدما ترك ذراعها الذي جذبها منه قبل أن تدرك ذلك و تغضب أكثر طالبًا منها بهدوء
" انتظريني خمس دقائق فقط هنا، معي حالة أوشكت على الانتهاء منها "
" لا "
و " لا " خاصتها جاءت مشدودة للغاية فابتلع ريقه بقلق ف " أبية " ليست بطبيعتها أبدًا ثم عاد بسرعه للرجل الكبير المنتظر بمقعده ف كتب له روشته سريعه طالبًا منه أن يره بعد ثلاثة أيام
كل هذا لم يُكمل الثلاث دقائق قبل أن يأخذ نفسه و يستند على مكتبه ناظرًا لها بتعب " لم أنتِ هنا ، ماذا حدث؟"
" أنا التي جئت لأسألك ماذا حدث ؟"
همست بغياب عقل قعقد حاجبيه بعدم فهم قبل أن تسترسل و هي تتحرك ببطء مريب حوله " زوجان و لم يقدر لهم الله الحياة معًا ف انفصلا ب هدوء ، ماذا حدث لكل هذا ؟"
رفعت نظرها نحوه بعيون متسعة و هي تُكمل بلوم " أنت تجلس بعيادتك تُكمل حياتك التي لم يحدث بها أي خلل بينما أنا قد تدمرت حياتي بالكامل و أنا أسير بين هذه التي تُمصمص الشفاة و تلك التي تخشى أن أخطف زوجها و ذاك الذى يحاول اغتنام الفرصة لعله يفوز ب امرأة غير متزنة فيأخذ منها ما يحلو له "
" من ذاك إن شاء الله ؟!"
كان غاضبًا و ينتظر منها جواب ، هو الغاضب ؟
باغتته و هي تتجه لمكتبه في لحظة كالبرق فتُمسك تلك الزُهرية و كادت تُلقيها بالفعل فوق رأسه فتكسر عظام جمجمته لولا أنه تحرك بسرعه فسقطت أمام قدميه بينما تتابع هي صراخها بعدم وعي " من ذاك ؟ و تسألني أيضًا ؟ أنا التي تنتظر إجابة تبًا لكم جميعا "
أزاحت الكثير من الأشياء الموجودة فوق مكتبه أرضًا و هي تتابع جنونها ف صُدم مما رأي و رغمًا عنه دق قلبه بخوف عنيف عليها و السؤال بداخله يتردد " أي جحيم رأت الأيام الماضية لتصل إلى هذه الحالة ، وصل اليها بسرعه ليطوقها من الجانب يضمها إليه بهلع سيطر عليه بشدة و لدقيقة استكانت بعدما تشنج جسدها بالكامل و انفرط عقد الدموع فسقطت واحدة بينما بقيت الأخريات أسيرات فهمس لها بسرعه " أنا آسف ، أعتذر بشدة يا أبية ، هو خطأي أنني أسلمت حياتنا لتمردك و انفجارك المفاجئ، آسف على كل دقيقة مرت لم ألبي بها احتياجًا لك الحق فيه و آسف على كل مرة صمتي بها و لم تخبريني بكل ما يدور داخلك حتى تأزم الوضع هكذا فجأة دون أن تعطيني الفرصة حتى لأستوعب ما قذفته بوجهي بغتة أو أن تمهليني الوقت لأنقذ ما تبقى مننا ، أنا أردك الآن لعصمتي يا أبية "
****
" السعادة مُلفته ،تجعلك جميلًا بشكل استثنائي"
" ما بك ؟"
نظر ل " نسيم "بابتسامة واسعة يريد أن يخبرها، يتمني لو أخبر الجميع أساسًا ،تعلقت عيناه بالمطبخ حينما ظهرت " رحيل" أمامه ف اتسعت ابتسامته أكثر و لمعت عيناه ف ارتسمت ابتسامة جانبية على شفتيها و هي تسأله بهمس شقي " تحبها ، صحيح "
هز رأسه مؤكدًا و هو يبتلع ريقه بشوق ثم أخبرها دون أن يحيد بعينيه عنها " و كأن عشقي لها شيء فطري ، و كأني أعرفها منذ ولدت أو حتى قبل أن أولد ، هل تعرفين معني أن تشعرين بشئ ينقصك فيتملكك الضيق حتى ترين شخص بعينه فيذهب كل هم أو احتياج للبشر و يبقي فقط الشعور بالراحة و السكينة إلى جانبه ، هي حلمي الذي أتمنى تحقيقه يومًا ، حتى و إن لم يكن من نصيبي فلن أتخلى يومًا عن الركض خلفه أو حتى الحلم به "
لم يلحظ الدمعة التي فرت من عينيها و هي تربت على ظهره بقوة تخبره بثقة " أنت أقوى من أن يضيع حلمك منك يا علي "
و تركته و ذهبت ، لم يلتفت أبدًا بينما توقفت هي للحظة تنظر له بحزن قبل أن تركض نحو والدها بوجه المشاغبة لتضع وجه عاشقة الظل خلف ظهرها
تحركت "رحيل " بعيدًا عن مرمي بصره ف نفض رأسه يود التركيز على عمله دون السير خاف طيفها وحينها تذكر الصباح الذي اشتاق لها فيه فذهب ينتظر ظهورها أسفل سكنها ورآها كانت تركض بعيدًا دون أن تراه و كاد يذهب خلفها لولا أنه رأي السيدتين اللاتين تحدثن عنها ، كانت واحدة منهم تلقي عليها التحية لكنها لم تنتبه فقالت لها الآخرى أنها مسكينة أخبرت الآخرى بالكثير من الكلام الذي فهم منه أنها طُلقت، حلم حياته يقترب منه ، يغريه بأن يُقدم ، يتحرك و يُمسك به.
***
" تبًا لكم جميعًا "
كانت تتمتم بكلمات حانقة و ربما بعض الشتائم و هي تلملم الأوراق على مكتبها و تعيد ترتيب فوضى لا تستثني منها أحد اليوم بدءًا ب " علي " الذي غادر باكرًا جدًا ف أثار قلقها و انتهاءًا بتلك الفتاة التي كادت تقتلها ل تعبر فوق جثتها للدكتور محمد و حينما طالته خرجت بعد دقائق تركض و هي تتوعد له ليخبرها في النهاية أنها زوجته و يمكنها الدخول له وقتما تشاء ، ثم المبجل لم يكمل باقي كشوفات المرضى التي حجزتها و تبع زوجته ليترك كل هذا الجنون فوق رأسها هي!
نظرت للمكتب الذي توجب عليها ترتيبه بحنق ، أوراق هنا و أوراق هناك و زجاج بالزاوية !
اتجهت نحو الزهرية المُشوهة و انحنت ، جلست على ركبتيها تتأمل الورود الجميلة التي هاجمها الذبول ف شردت بها لدقيقة ، كانت تشبهها كثيرًا فهي مثلها تمامًا لا هي زاهية مُبهجة للنظر و لا هي ذابله و إنما بها شيء حلو وسط الكثير من القبح لا تعرف له سبب و لكم سخرت منه !
انتفضت فجأة حينما ربتت يد على كتفها ف اختل توازنها و استندت على الأرض حولها بتلقائية لتخترق القطع الزجاجية كفها بالكامل فيكن جوابها صرخه!
رفعت نظرها للرجل الواقف بارتباك أمامها يتفحصها بقلق
" ما بك ؟"
لم يلحظ الزجاج المتواجد خلفها و لم تبدِ هي الا وجه يشوبه الكثير من الألم و الكثير و الكثير من الحنق ف طحنت أسناها ببعض و هي تسأله بغضب " كيف دخلت الي هنا "
" كان الباب مواربا فطرقته و لم يجيب أحد ف دخلت و ظللت أناديكِ ف لم تجيبي ف ربتت على كتفك ل تنتبهي ، أعتذر و لكن هل دكتور محمد بخير ، أنا دكتور ذياد ألا تذكريني ؟"
" تبًا لك لا تحضر إلا و قد جلبت المصائب معك "
كانت تصرخ به فعليا ف احمر وجهه الأبيض بشدة و ضغط على نظارته بارتباك قبل أن يتنفس بعمق و ينخفض لمستواها و على نفس جلستها هامسًا بحنق يكتمه بصعوبة " لم أرى في حياتي فتاة طويلة اللسان و لا قليلة الحياء لهذه الدرجة ، ماشاء الله كل مرة تبهريني أكثر من سابقتها يا مجعدة "
اتسعت عيناها بصدمة قبل أن يشتعل بهم نيران واضحه تنافي نبرة صوتها الباردة " ماذا قلت للتو ؟"
كانت تضيق عينيها و تنظر له بطريقة غريبة و كأنها ستهجم عليه تشوه وجهه ف استغفر ربه و قرر المغادرة قبل أن يلاحظ قطع زجاج صغيرة جدًا خلفها فعاد بنظره بسرعه إليها ل ينتبه ل يدها المخفية خلف ظهرها و وجهها المُتعرق و الألم الذي تجاهد لتداريه ف شد يدها بسرعة و قبل أن تعود ثوراتها لأنه فاجأها و هذه تحديدًا نقطة انفلات أعصابها كان يصرخ بها هذه المرة
" أنتِ يا حمقاء ماذا تنتظرين و يدك تنزف هكذا ، هل تتسامرين معي و الزجاج يقطع كفك إربًا هكذا "
و قام يجذبها معه لتقف ، حاول إخراجها معه من موضع الزجاج المتناثر هذا بسرعه ، شد ذراعها فحاولت التملص من قبضته و هي تسأله بسخرية " هل أنهيت مسرحيتك ، أصفق أم لا ؟"
وقف ينظر لها بعدم فهم ثم تتبع نظراتها ليدها التي يمسكها بقوة فأخبرته بحزم " اترك يدي و إلا فأنت المسئول عما سأفعله "
" اصمتي ، حبًا في الله أسكتي ذلك اللسان المُنفلت و إلا و الله لست مسئولًا عما سأفعله أنا و اتبعيني للطابق السفلي حيث عيادة دكتور وجيه بسرعه "
ترك يدها بعصبية و سبقها و هو يتمتم بنفاذ صبر " سمراء مجعدة بصحيح "
****
" إن قالت لك امرأة يومًا كما تشاء فهو كما تشاء فعلًا و كيفهما تصرفت فهناك دومًا رد فعل متطرف ف أحذر هذه الكلمة "
" متى ستعودين للمنزل ؟"
يجلس أمامها ببيت أبيها و الجميع من حولها مبتهج لأن المطلقة ابنتهم ستعود لكنف رجل ، شاءت أم أبت عليها أن تخضع لقواعد المجتمع و تسير على نهج الفئة الغالبة
و ضحك والدها بقوة قائلًا بترحيب " الآن "
و والدتها تزغرد و تبارك " مبارك لكما يا ولدي و الله عين و أصابتكم "
و هي تكتفي ب نظرة صامته مريبة تُربكه و عيون متفحصه قبل أن تجيبه ببرود " كما تشاء "
و لو أنها طلبت الطلاق ثانية أو رفعت عليه قضية خلع مثلا ، لو شوهت وجهه أو خنقته لكان كل هذا أهون من " كما تشاء " الغريبة هذه
ابتلع ريقه بتوتر قبل أن يهمس بتردد ملحوظ " و الله أتمني أن تعودي الآن و لكن .... "
" حسنًا ، استأذن "
قاطعته بكلمتين مختصرتين ثم قامت بهدوء قبل أن توجه نظرها نحوه وحده هامسة ببرود " أرتب حقيبتي الآن و أعود معك "
و غادرت !
مسح العرق المتصبب من وجهه و بداخلها ألف سؤال و أمامهم ألف حيرة ، أبية تدبر شيئًا و الله هذه المرأة ليست زوجته هدوءها هذا سيقتله أكثر من سعادته بقرارها !
****
" لتشفى عليك التدقيق في جُرحك و سد ثغراته "
اليوم كان جدًا طويل، صعدت الدرج بصعوبة تتمنى لو أنها وصلت شقتها بسرعه و ارتمت بفراشها ، صحيح عملها بالمطعم مُهلك لجسدها و لكنها ببطء تُشفي من جراحها أو على الأقل لا تجد الوقت أبدًا للتفكير به.
" رحيل "
نظرت أمامها بسرعة لتجد أمين منتظرًا إياها أمام باب شقتها
" أريد الحديث معك "
" لا شيء بيننا لنتحدث عنه "
تخطته و هي تدير مفاتيحها بباب الشقه بيد مُرتعشة ليهمس برجاء زلزل ثباتها " عشر دقائق فقط رجاءًا "
و شيء ما بها ذاب لنبرة صوته ، بداخلها بقعة خائنة لا تزال تتمناه و لكنها قاومت.... يشهد الله أنها تتمنى لو ارتمت بين ذراعيه ، بكت بقوة و اعتذر هو ثم اعترف بخطأ ستسامحه عليه و يُصرح بعشق كان عليه أن يعلنه منذ زمن و لكن الأوان قد فات على كل هذه الأمنيات .
" تفضل "
همست بجمود ثم تخطته للداخل تاركة باب شقتها مفتوحًا و جلست على أقرب مقعد قابلها تضم ذراعيها لصدرها تشعر ببرد لا تعلم من أين أتاها الآن "
" أنا جئت اليوم لأقص عليكِ ما حدث من وجهة نظري يا رحيل ، مبدئيًا أنا جدًا آسف لكل ما تشعرين به ، أنا حينما تزوجتك لم أكن مُخيرًا ، كان رجاء والدتي و لم يكن ببالي الزواج أساسًا فقلت لم لا ، و حينما جاءتني الفرصه و سافرت ف التقيت بخديجة ، رغمًا عني شيء ما بداخلي تحرك ، شيء أنا آسف إن أخبرتك أنني لم أشعر به معك للحظة ، حينما طلقتك لم أكن أعلم أنكِ لم تعلمي بهذا الأمر و لا بأن أمي قررت ألا تخبركِ و لكن عذرها الوحيد أنها وحيدة بلا زوج و لا ولد إلى جانبها و أنتِ كذلك ، أمي خافت الموت وحيدة ، دائمًا كانت ترتجف أمام فكرة ألا يدري بحالها أحد و هو أمر عظيم على من هي بمثل عمرها ، لن أستطيع أن أقول أنها على حق أو باطل و لكن أتمنى أن تسامحيني و تسامحيها فهي و الله صدقًا أحبتكِ و ما قصدت يومًا إيذاءك "
تنفس بثقل و كأن رئتيه على وشك التوقف عن عملهما ثم أخفض بصره أرضًا قائلًا ب استسلام " أنا على إستعداد للزواج منكِ مرة أخرى ليعود كل شئٍ كما كان "
لم تجب و طال انتظاره فرفع بصره إليها يحاول تبين ردة فعلها حينما لاذت بالصمت ف قربت وجهها الجامد منه بغتتة و هي تهمس بثبات " هل تعلم إن كان لك عذر في طلاقك لي و إن كان لوالدتك عذر في إخفاء الأمر عني فلا عذر يمكن أن أوجده لك و أن تطلب عودتي ، هل تعلم يا أمين أنا أحببتك بشدة ، أحببتك أكثر مما تستطيع التصور و لكن أنت لم تستحق هذا الحب يومًا و اليوم و بعد عذاب الأيام السابقة أنا ممتنة جدًا لما حدث فوالله ما كنت لأستطيع انتزاعك من قلبي و عقلي كما فعلت أنت "
أخذت نفسًا عميقًا و هي تكمل بقرف " أنت جدًا ضعيف و ساذج ، لا تعلم معنى الزواج ، معني أن تقطف بريقي و تنتزع عطري ثم تلقيني بالطريق بحجة أن رائحتى لا تناسب أنفك ، لو كنت رجلًا بحق و أعتذر عن هذا لكنت رفضت الزواج بامرأة لا تريدها فالزواج له قدسية لا تتفق أبدًا مع مبدأ المجاملات و لو أنك ممن يتحملون المشئولية لكنت جئت و ألقيت كلمتك بوجههي و لو أنك ولد بار لما كنت جئتني الآن بداعي الزواج تلقي على كاهلي عبء والدتك و لو أنك أحببت المرأة التي تحمل اسمك الآن لما أعدت خطأك الأول مرة أخرى و إن كنت أنت لم تتعلم الدرس فأنا تعلمته جيدًا ووعد أقطعه الآن أمام الله أنني لن أسلم نفسي إلا لرجل بحق ، رجلًا بقلب شاعر و بعزيمة فارس ، بطل لا يعرف الهزيمة و لا يتنازل عن امرأته "
عادت لجلستها المرتاحة و هي تخبره بصلف " العشر دقائق انتهت يا أمين و طلبك مرفوض ، سلم على والدتك و أخبرها أنني أسامح فقط لأن قلبي لا يليق به الحقد و لكن لا أريد أي علاقة تجمعني بأى منكم بدءا من الآن "
ابتلع ريقه بحنق و غضب فالحقيقة التي ألقتها بوجهه كانت جدًا قاسية
غادر لشقته بسرعه و دخلها مغلقًا الباب خلفه بإحكام يتمني لو أنه لا أحد قد رأى عُري روحه و تهشم ثباته ، نظر أمامه ليجد خديجة تقف أمامه ، تنظر له بلوم و عيون دامعة !
***
" الليل سِتر المُتعبين "
لم يخذل يومًا مجروحًا و لا عليلًا و لا قلب عاشق جافاه النوم .
يقف إلى جانب توأمه يرتشفان كوبي الشاي الذي أعدهما هو ف شقيقته قد عادت اليوم بيد تملؤها الخيوط الجراحية فشطرت قلبه نصفين قبل أن تقص عليه ما حدث ، كلاهما شارد هي بأفكارها و هو ب عشقه !
فاليوم تحدث معها، كان قريبًا جدًا و كم كان ذلك مُثلجًا لقلبه !
فلاش باك
" رحيل هل أنتِ بخير ؟"
نظرت له بابتسامة مُتعبة لكن حلوة جدًا قبل أن تخبره بخجل " بخير لا تقلق ، أنا فقط لم أعتد على كل هذا المجهود يوميًا "
" لم طلبت من العم صالح أن تعملي منذ الصباح الباكر و حتى اغلاق المكان إذن ؟"
التفتت تفتعل انشغالًا بشئ وهمي و هي تردد بخفوت " أُسلى نفسي لا أكثر "
رفع نفسه بسهولة شديدة و جلس على الطاولة الخلفية فنظرت له بتعجب قائلة بانبهار " كيف تفعلونها، كيف تستطعن أنت و نسيم رمي نفسكم بالهواء هكذا و الجلوس فوق الطاولة رغم ارتفاعها الشديد!
ضحك بشده على انفعالها الطفولي وعينيها المتسعتين باستغراب ود لو أنه قبَّل عينيها و ضمها لصدره و لكنه تدارك نفسه و أخبرها السر بهمس لطيف " تدربنا أنا و نسيم عليها كثيرًا "
" أنتما صديقين صحيح ؟"
" ليس تمامًا "
جاء صوت نسيم ضاحكًا من خلفهم قبل أن تقترب فترفع نفسها برشاقة مماثلة و تجلس بجوار علي هامسة بمشاكسة " هو عدوي الأول و رفيقي الوحيد " ثم لمعت عيناها و الذكريات تتوالى بعقلها
، ظلت تنظر له بطريقه غريبة ف ارتبك و فرقع أصابعه أمام وجهها متسائلًا بتذمر " أنتِ لم تحدقين بوجهي هكذا ، ماذا تدبرين ؟"
أفاقت بسرعة من شرودها به و أخبرته ب تعب " أحاول استعطافك لتقدم لي كوب القهوة خاصتك "
غمز بعينيه هامسًا بشقاوة " واحد فقط و إلا قتلنا العم صالح فهذا هو الرابع اليوم تقريبا صحيح ؟"
هزت رأسها بابتسامة شاردة ، تتأمله بتعب و هو يفعلها على طريقته ، أو طريقتها التي عدل هو بها بطريقة ما لتناسبها وحدها ، الجميع يدمنون فنجانها و هي تعشقه بطريقته الغريبة و طعمه الأغرب !
" ماذا تفعل ؟"
سألته رحيل بعدم فهم و هي تراه يضع الشاي و القهوة معًا و يضيف عليهم الحليب و ملعقة من السكر ف ابتسم قائلًا بصوت حنون " يومًا ما أردتها التوقف عن الإفراط في تناول القهوة فصنعتها هكذا على أساس أن تكرهها و لكن منذ ذلك اليوم و أنا أصنعها لها بنفس الطريقة و هي تستميت في طلبها "
" ليتك حاولت منعي من الإفراط في حبك "
همستها نسيم بإرهاق فناداها دون أن يلتفت " هل تقولين شيء يا نسيم؟"
"لا يا علي سلمت "
ردت بصوت ضعيف شارد بالثنائي أمامها و مستقبل تغيرت كل خططتها به !
عودة
استمع لصوت زغاريد بالأسفل فنظر ليجد زفة عروس من حيهم فلم يُعلق و هو يشعر ب جسد علية يتشنج إلى جانبه و عيناها يغادرهما الدفء لتعودا ساخرتين
" تصبح على خير يا على "
التفتت تناوله كوب الشاي ف التقطه بصمت قبل أن يُمسك كفها المُصاب و يقبل باطنه هامسًا بحنان " و أنتِ من أهله "
تخطته نحو غرفتها ، بها الكثير من الصخب ، و تلك الزفة التي حطمت سكون الحي و التي فقدت هي الأمل بها و تتمناها مثل سائر الفتيات لا تساعدها على الهدوء أبدًا
فهي كما قال ذلك المدعو زياد " سمراء مُجعدة "
اليوم كان الي جانبها و الطبيب ينظف كفها و يخيطه كان يبدو متأثرًا ك انسان لألمها و رغما عنها تساءلت ماذا لو كان معها الآن شريك حياتها ؟
ما هو شعور أن تكون بكنف رجل يحب و يتألم لأقل جرح، يسند و يُطيب،
كان ليكون شعورًا رائعًا بالتأكيد و لكن لن يكن لها النصيب به للأسف ، و بداخلها شتمت ذلك الرجل الذي قلب عليها مواجعها فلم تشكره كما يفترض أن تفعل فرغمًا عنها وجدت نفسها حانقة و ناقمة عليه لينتهي اللقاء بينهم ببرود منها جعله يشتعل و يهمس بغضب " السمراء المجعدة " بعدما استوقف تاكسي لها !
***


علا الخالع همسات غير متواجد حالياً  
قديم 06-08-21, 08:52 PM   #8

AbuHossam

? العضوٌ??? » 430102
?  التسِجيلٌ » Aug 2018
? مشَارَ?اتْي » 97
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » AbuHossam has a reputation beyond reputeAbuHossam has a reputation beyond reputeAbuHossam has a reputation beyond reputeAbuHossam has a reputation beyond reputeAbuHossam has a reputation beyond reputeAbuHossam has a reputation beyond reputeAbuHossam has a reputation beyond reputeAbuHossam has a reputation beyond reputeAbuHossam has a reputation beyond reputeAbuHossam has a reputation beyond reputeAbuHossam has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   water
¬» قناتك NGA
¬» اشجع ahli
افتراضي

ألم أرسل لك ورقة طلاقك و جواب يفيد بذلك..!
اقتباس:
قويَّة


AbuHossam غير متواجد حالياً  
قديم 13-08-21, 09:58 PM   #9

علا الخالع همسات

كاتبة في قصص من وحي الاعضاء

 
الصورة الرمزية علا الخالع همسات

? العضوٌ??? » 355357
?  التسِجيلٌ » Oct 2015
? مشَارَ?اتْي » 290
?  نُقآطِيْ » علا الخالع همسات has a reputation beyond reputeعلا الخالع همسات has a reputation beyond reputeعلا الخالع همسات has a reputation beyond reputeعلا الخالع همسات has a reputation beyond reputeعلا الخالع همسات has a reputation beyond reputeعلا الخالع همسات has a reputation beyond reputeعلا الخالع همسات has a reputation beyond reputeعلا الخالع همسات has a reputation beyond reputeعلا الخالع همسات has a reputation beyond reputeعلا الخالع همسات has a reputation beyond reputeعلا الخالع همسات has a reputation beyond repute
Rewity Smile 1 الفصل الرابع من رواية ليتني لم أحبك أكثر

الفصل الرابع
"يذوب جليد المرأة أمام دفء عيني رجل عاشق "
هذه هي القاعدة و شواذها كل أنثى خذلها ذكر فلم يستطع احتواء ضعف واحدة وثقت به أو احترام قلب أخرى آمن و اطمئن!
" ارتاحي بالغرفة الأخرى و نتحدث فيما بعد وقتما تشائين يا أبية "
غرفة ماذا ؟!
اتسعت عيناها للحظة تواجهه بعدم فهم و صدمة جدًا كانت واضحة قبل أن تخفضهما مُجيبة ببرود " لن يُشكل هذا فارقًا فلو أردت .....
" لا أريد أي شيء سوى كسب قلبك هذه المرة ، لا ترسمي بمخيلتك أسباب وهمية و تلصقينها بي رجاءًا يا أبية ، اعطني فرصة حقيقية هذه المرة فقط "
" الحب لاإكراه فيه يا محمد لا يؤخذ عنوةً أبدًا "
" الحب حرب يا أبية ، و الحرب خُدعة و الخُدعة لا تُنفذ إلا على حين غفلة و المرء الذي يسقط سهوًا بشباك العشق لن يكون مُجبرًا أبدًا على اعتناقه بل يقع أسيرًا بمباركة القلب و رغمًا عن أنف تردد العقل "
كانت ساخرة و كان جاد لدرجة جعلتها تصمت غير راغبة بأي جدال ، غادرت بهدوء و لكن بنية يعلم جيدًا أنها تُخالف كل أمنياته و طموحاته تجاهها ، يتمناها بشدة و الله وحده يعلم كم يجاهد ليخفي شوقه لها و لكنه يعلم جيدًا أنها ستضعه بكل زاوية تجعله مُدانًا بنظرها ، شهواني أو مادي ربما بارد ، بكل الطرق ستحاربه و لن تُسلم قلبها له إلا تحت سطوة عشق جامح!
توجه لغرفتهم التي أصبح قاطنها الوحيد و ارتمى على الفراش بتعب ينهش كامل جسده، حتى الآن لم يستطع تصديق فكرة وجودها هنا و عودتها ل عصمته ، لا يهم خلاياه التي تصرخ من فرط الألم فاليوم سيرتاح و غدًا يستعد لحربها الباردة
" قلب العاشق لايدرك سبيلًا للنوم أو الراحة بعيدًا عن معشوقه "
و اختلط الواقع بالخيال ، هي هنا حتى بأحلامه و قد أوقعت عقله الباطن تحت سطوتها ، كانت جميلة كما هي دومًا ، جميلة جدًا بعينين واسعتين ضائعتين كالبحر تعصف أمواجه فتبتلع كل شيء بطريقها تارة و تهدأ تارة أخرى ، ابتسمت له ، ابتسامة رائعة ليست ساخرة أبدًا كالذي اعتادها منها، و يالله سيطرت الرغبة في عناقها على عقله و قلبه فأجابهما طائعًا و اقترب ، اقترب جدًا لكنها ذهبت فجأة و افلتت من بين يديه دون مقدمات !
" أبية !"
انتفض من نومه فجأه، نزع عن جسده الغطاء و فتح باب غرفته بقوة و خوف ف أفزعها و سقط من بين يديها كوبها الساخن ليتناثر أمامهم بعدما انسكب نصفه على كفها دون أن تشعر !
لم يكن واعيًا بشكل كافي ليستوعب وجودها أمامه ، ظل واقفًا مكانه بحاجبين معقودين لدقيقة ، و كأنه يرى كائن فضائي لا يستطيع عقله تحديد هويته ،
ثم أفاق !
انتبه لها فرمش بعيونه عدة مرات بعدم فهم لكل ما حدث قبل أن يدقق و يرى بوضوح و جهها الذي شحب و يدرك أنه أجفلها و أسقط الكوب من بين يديها ، كانت تنظر له بعيون مُتسعه و رهبةً أذابت قلبه فأسرع نحوها و ضمها إليه بقوة ، أحاط كامل جسدها بذراعيه لا يدري هل يطمئنها أم يتأكد من وجودها !
ثم مرر كفه ببطء على ظهرها يمسده برفق و هو يهمس بحنان و أنفاس متقطعة " أنا آسف جدًا ، لم أقصد إخافتك أبدًا "
كان صدرها يعلو و يهبط بانفعال شديد و لكنها تمالكت نفسها بسرعة و هي تدفعه بعيدًا عنها بضعف هامسه بخفوت " لا بأس "
كانت تبتغي الهرب فأمسك كفها يضغط عليه قليلًا ل يستبقيها فصرخت مُرغمة ثم عضت شفتيها بألم فرفع يدها عنها يتفحصها بقلق و حينما رأى الحرق سحبها خلفه بسرعه و رفق ووضعه تحت صنبور الماء البارد دون أن يُفلت عينيها و دون أن تعترض هي ، كانت مُستكينة و جميلة كما لم يعرفها من قبل ، غاب لدقيقة أحضر بها كريم للحروق و شاش ثم غلف الحرق بحرص شديد بينما يجلس على ركبتيه أمامها أرضًا ثم قبله قبلةً طويلةً قبل أن يعود و يأسر عينيها الجامدتين هامسًا بصدق " شكرًا لأنكِ هنا "
***
" إياك أن تسقط بفخاخ عشق امرأة خائفة "
المرأة حينما تخاف يتقوقع القلب و يهاب أي مشاعر تجاه أي رجل حتى و إن كان قديسًا ، لذا إن كان و لابد ف اجعلها مطمئنة آمنة أولًا كي تتمكن من كسب ذلك الخافق المرتجف لاحقًا !
" انتظريني هنا يا رحيل "
أومأت موافقة و هي تراه يبتعد قليلًا عنها يتحدث مع تاجر ما فالعم صالح أرسلهم منذ الصباح الباكر على غير العادة لشراء بضاعة جديدة للمطعم وكما فهمت فهو يريد أن يضيف أصناف طعام جديدة على أصناف المطعم المحدودة
لم يكن باقي التُجار بالمكان قد بدأوا يومهم فالكثير من المحال لا تزال مُغلقة
راقبت علي و هو يتحدث مع التاجر العجوز ويبتسم له ثم يُخرج ورقة مطوية و يمليها على الرجل ،
"ما بك يا جميلة "
ظهر أمامها رجلًا نحيفًا مُتثاقل اللسان فجأة ، كان قريبًا جدًا منها فأرعبها و ارتدَّت خطوة سريعة للخلف كادت تسقط إثرها حيث إلتوت قدمها بفعل الحجارة الكبيرة التي لم تنتبه لها ، وجدت ذراع ذلك الـأحمق يطوقها و كل هذا بأقل من دقيقة فصرخت بغضب و رعب و هي تدفعه بعيدًا " ابتعد عني "
ضحك بقوة و هو يخبرها بلزوجة مقيتة " أنا المخطئ كنت تركتك لتسقطي "
صرخت ثانية و هي ترى على يهجم على الرجل فجأة يدفعه بعيدًا ليرتطم ذلك بالحائط القديم خلفه و يسقط أرضًا شبه فاقد للوعي بفعل المشروب الذي يتعاطاه لا بفعل الرطمة !
" ماذا فعل ؟"
همس بغضب جعلها تخاف أكثر و كأنها أمام ولي أمرها ، و كأنها أضاعت شيئًا يخصه ،فكانت ترتجف بحثًا عن إجابة مناسبة تُطفئ بها نيران سخطه !
حاولت قول أي شيء و لكن الخوف يخنق الكلمات بحلقها فصمتت مُجبرة و هي تضع يدها على صدرها بفزع بينما تُغمض عينيها تحاول التركيز و استدعاء كامل وعيها المشتت !
" علي انتبه "
صرخت بفزع و لكن قبل أن يُدرك أي شيء كانت زجاجة حادة ترتطم برأسه و الدماء تتسابق لتسيل من بين ذلك الشق الذي أحدثه الآخر الذي هرب بسرعه
انتزعت الوشاح الذي كانت تضعه على كتفيها و أحاطت الجرح تتمني لو توقف النزيف بينما تجمهر القليلون المتواجدون بالمكان حولهم مُحاولين إسعافه ، و ظهر العجوز الذي كان يتعامل معه علي للتو و الذي فوجئ بغيابه فجأة و هو يحضر طلبه ،ذهبا مع الرجل بينما ذهب آخر ليوقف أي سيارة لتنقله لأقرب مشفى
كان يجلس أمامها و هي تراقبه بدموع لا تتوقف فأمسك يديها ضاغطًا عليها برفق و هو يهمس بصوت مُنهك " لا تبكي فوالله دموعك هذه أشد وطأةً عليَّ من ذلك الجرح برأسي "
تجمد وجهها فجأة بصدمة ثم سحبت يدها منه بتوتر و أخفضت عينيها أرضًا و هي تستند على الحائط خلفها بينما تشعر بدوار شديد يصارع وعيها يكاد يُفقدها إياه ، أغمضت عينيها لثانية تبتغي الانفصال عن كل هذا العبث لدقيقة ثم فتحت عينيها بسرعه حينما سمعته يكمل بنفس الهمس العاشق " و الله جاهدت و لكن عشقك قدر و مكتوب على قلبي يا رحيل و ما على سوى الرضا به "
***
بدي أشكيلك من نار حبي
بدي أحكيلك ع الي ف قلبي
تخطت الكافية الذي تكاد أرجاءه تتصدع من شدة الصوت بابتسامة ساخرة و لسان حالها يقول " أين هو من الأساس !"
و على ذكر النار فهي حقًا تكاد تفقد وعيها من شدة الحرارة ، الشمس ساطعة بقوة اليوم و جرحها لا يساعدها على الصمود
رأت صيدلية ببداية الطريق فقررت شراء مسكن يساعدها و لو مؤقتًا حتى تُغادر عملها
فرغم إصرار الدكتور محمد على بقاءها بمنزلها حتى تطيب يدها لم تستطع أن تفعل ذلك سوى يوم واحد إرضاءًا ل علي
و ها هي باليوم الثالث لإصابتها تغادر غرفتها و تُعاود ممارسة حياتها الجديدة بكل شغف
أو هروب !
فقد هدأت أمواج أفكارها و لو نسبيًا من كثرة مشاغلها بين العيادة و المنزل و متطلباتها هي و علي ،
علي !
لا تعلم لم تشعر بالقلق عليه اليوم تحديدًا !
خطت للداخل و طلبت من الصيدلى باستعجال أي دواء مسكن دون أي اعتبارات للشاب الواقف أمامها فأشار لها الرجل أن تنتظره لدقيقة ثم اختفى خلف باب داخلي !
التفت الشاب الواقف أمامها ينظر إليها بتعجب شديد و حاجبين مرفوعين من شدة استغرابه قبل أن يهمس بريبة " أنتِ! "
" لا شبيهتها "
كانت تجيب بامتعاض و سخريه فتمنى لو ضربها ، أو فقأ عينيها الباردتين و لكن لحسن حظها كان الصيدلى قد عاد بختم الصيدليه يختم أوراقه و أعطاها الدواء بسرعة فأعطته ثمن الأقراص و غادرت بسرعة
شكر الرجل وسلم عليه قبل أن يُسلمه حقيبة من العينات المجانية و ينصرف لاحقًا بالأخرى التي أغاظته و هربت
" يا سمراء "
تسمرت مكانها قبل أن تلتفت نحوه بغضب ثم عاودت خطواتها مقتربة منه ببطء كأنما تحاول كبح جماح رغبتها بتشويه وجهه ، وقفت أمامه مباشرة ثم وشمت الجليد على وجهها بإحترافية شديدة ليصبح دون أية معالم أو مشاعر
" هل تعلم أنني بإمكاني أن أناديك يا صاحب الأربعة أعين مثلًا أو يا سليط اللسان لكن سيكون هذا حتمًا تنمرًا و هذا غير لائق أبدًا ، و هل تعلم أنني أُدعى علية و من قلة الأدب أن تناديني بالسمراء أو المجعدة ؟"

" أنا قليل الأدب إذن ؟"
سألها ببرود لم تفهم منه دوافع السؤال فتجاهلت نواياه و أخبرته بثقة " صفاتك أنت أدرى بها "
و تركته لتُكمل طريقها دون أن تُعطيه حق الرد ف ابتسم دون أن يرفع عينيه عنها فهذه الفتاة بطريقة ما أصبحت فظاظتها تروقه ،اليوم ناداها بالسمراء دون أن يعلم السبب ربما لأنها كانت ترتدي فستان أبيض طويل و واسع أبرز سُمرتها أكثر فكانت جميلة بشكل غريب و رغمًا عنه أراد أن يستبقيها دون قدرة منه على رفع عينيه عن ملامحها الغريبة ، المميزة !
نفض عنه أفكاره و هو يراها تختفي بعيدًا وقرر إعادة تركيزه على عمله و إخراج السمراء المجعدة تلك من رأسه مؤقتاً
***
" جدار الثقة حينما ينقض لا شيء يُقيمه و لا حتى الحب مهما بلغت درجته"
" ما بكِ يا خديجة "
" مابي ؟"
أجابته بتهرب وعيون زائغة لا تقوى على المواجهة ف جلس إلى جانبها يُقربها منه ، ارتبكت وتشنج جسدها بالكامل تحت لمسة كفه فنظر لها بصدمة هامسًا بعدم فهم و هو ينتقل مُغيرًا مقعده ليجلس أمامها مباشرة " بربك ماذا حدث لمَّ تبتعدين عني منذ أيام و لم تنظرين إلى بهذه الطريقة الآن "
قامت من مكانها بسرعة و هي تخفض نظرها أرضًا هامسة ب هلع جاهدت لتخفيه " لاشئ "
أمسك ذراعها يستوقفها وأدارها نحوه مُتسائلًا برجاء " أخبريني بالله عليكِ"
نظرت له بعيون دامعة وأخبرته بصوت ضعيف مخذول " تريد أن تسمعها مني إذن !
حسنا ، لأنك خُنتني يا أمين، "
"أنا !"
همس باستنكار لتُقاطعه بعنف بينما يزداد نشيج صوتها و تتدفق دموعها رويدًا رويدًا "نعم أنت ، أنت ذهبت لزوجتك السابقة ترجوها العودة ،أردت الزواج عليَّ "
شحب وجهه و توترت نبرته ،حاول نفي الاتهام الواضح بكلماتها عن نفسه " أنا ، أنا لم ..."
" لا تكذب يا أمين لم أعهدك كاذبًا فقد سمعتك صدفةً و أنت توافق والدتك في رغبتها بعودة رحيل ، و والله كذبت نفسي، قلت لا لن يفعل أمين هذا بي و لولا أني رأيتك بعينيَّ تذهب إليها ما صدقت أبدًا
"اجلسي لنتحدث"
جذبها برفق لتعود لمقعدها بقلة حيلة و ارتكز هو على ركبتيه أرضًا أمامها دون أن يترك يديها ، يخبرها بصدق و أسف " أمي امرأة كبيرة يا خديجة و والله خشيت عليها الحزن فقلت لمَّ أعصيها و أنا أقدر على حل المشكلة ، نعم أردت إعادة رحيل و لكن لأجل أمي فقط ،أردتها رفيقة لأمي و ليس زوجة لي فوالله لا أرتضي زوجة لي سواكِ، قلت بإمكاننا حينها السفر ثانيةً و الابتعاد عن كل هذه المشاكل و لكنها أساسًا لم توافق لذا لا داعي لحزنك مني أو غضبك على "
" أنت لم تفكر بي للحظة يا أمين ،ذهبت و آذيتني بأكثر طريقة قد تقهر أي امرأة، فوالله لم أكن لأعترض على بقاءنا هنا مهما كانت الظروف و لم أكن لُأهمل والدتك أبدًا ، المُشكلة ليست موافقة رحيل أو رفضها ، المشكلة الحقيقية ب ثقتي بك التي انكسرت و عقلي الذي بات ينفر منك رغم ميل قلبي ، أنت وضعتنا بمأزق يا أمين و لا أرى لنا أي منفذ منه "
قامت من أمامه تبتغي هرب و خلوة تلملم بها شتاتها و لكن قبل أن تختفي تمامًا من أمامه التفتت هامسة بابتسامة حزينة " ما أشعر به ليس حزن و لا غضب يا أمين و إنما شعور أقرب لخيبة أمل و طعنة في الظهر "
أظلم وجهه بحزن و تملكه التعب فقد أصبح دومًا شعور أنه أخطأ بحق الجميع و حتى نفسه ملازمًا له ، كيف يرضي جميع الأطراف لا يعلم أبدًا "
وضع رأسه المشوش بين كفيه بقهر و عجز دون أن يلحظ نظرة الندم و دموع الأسف على وجنتي والدته ، عادت لفراشها ترتمي عليه بضعف و ضميرها يؤلمها بشده صارخًا بوجهها " دمرتِ حياة ابنك يا عزيزة ، لا ليس وحده ، بل خربت حياتهم جميعًا "
***
" و الله جاهدت و لكن عشقك قدر و مكتوب على قلبي يا رحيل و ما على سوى الرضا به "
لم ينظر لها أبدًا و هو ينطق كلماته حتى أنها تشك أنه قالهم من الأساس ، منذ عادت و هي تجلس مكانها بعيون مصدومة ، منذ اتصلت بنسيم و منذ لحق بهم العم صالح و هي تحاول الهرب من طنين الكلمات و أثر الهمس و صوته و هو يزعق بها بفزع !
خائفة هي و مرتجفة ك طير صغير ألقته أمه بالسماء قبل أن تعلمه أصول الطيران !
قلبها يخفق بقوة تكاد تقتلها و المشهد يتكرر مع رجل ينقذها و يخاف عليها ثم يعترف بحبه و هو غارقًا بدماءه لأجلها !
و رغم الأنثى التي استيقظت داخلها فالمرأة المهزوزة بالداخل ارتجفت و خافت و شعرت بتهديد كبير ،
كان يعاملها بشكل طبيعي بالمشفى بينما قلب كيانها كله في دقائق و وحده الله يعلم إن كانت ستتمكن من لملمة شتاتها ثانيةً أم لا !
انتفض جسدها إثر طرق شديد على باب شقتها ف أسرعت بخوف تنظر من أتى و أتى بماذا في هذا اليوم العصيب
" رحيل تعالي بسرعه "
وقفت بصدمة تنظر للمرأة المتواجدة أمامها بعدم فهم
هزت رأسها بغباء تتزايد وتيرته و حنق من تلك التي لن ترغب أبدًا برؤيتها
" ماذا تريدين؟"
ابتلعت ريقها بتوتر مُحاولة كبح جماح غضبها فأخبرتها المرأة بسرعة و ارتباك " الخالة عزيزة تحتضر و لا تنطق إلا ب اسمك ! "
" ماذا ؟!"
كان كل شيء يصدر طنينًا مزعجًا حولها ، نظرت لها خديجة بإشفاق فقد شحب وجهها و ظهرت قطرات عرق خفيفة على جبهتها بينما لفت ذراعيها حول جسدها تضمه بقوة !
" رحيل أسرعي بالله عليك ِ"
نظرت للمرأة أمامها بعدم استيعاب ، تراها تتحدث و توضح و لكن لا يستطيع عقلها التعاطي مع الحروف و الكلمات !
" رحيل المرأة تموت أفيقي "
هزتها خديجة بعنف تصرخ بها فنفضت رحيل يدها بعيدًا عنها صارخة بجنون " ماذا تريد مني بينما آثرت الهرب !"
" هي أعمار يا رحيل ما ذنبها هي ، أسرعي فالأقدار لا تنتظرنا أبدًا "
سارت بخطوات سريعة غاضبة للشقة الُمقابلة و تجاوزت كل حنين و ذكرى و انكسار بكل زاوية ، تخطت كل شيء يدعوها للتمعن، يحرك مشاعر مُتناقضة داخلها و اقتحمت غرفة الخالة عزيزة ف هالها الوهن الذي ارتسم بحرفية على كل ملامح وجهها
شهقت بفزع قبل أن تتراجع خطوة للخلف و رغمًا عنها تساءلت كيف هرمت المرأة بهذا القدر ب تلك الفترة القصيرة !
كانت تنظر لها بعيون شبه مفتوحه ثم ارتخت شفتيها بما يشبه الإبتسامة قبل أن تُغمض عينيها للأبد!
" أمي "
ناداها أمين بجزع فلم تُجِبه ، هز جسدها و رفع يديها يستحلفها بالله أن تستفيق فلم تفعل ف ركضت خديجة نحوه تشد على يده تُحاول مُساعدته على الصمود ف ارتمى بين أحضانها يبكي ، كل هذا و رحيل تقف مذهولة ، ترى كل شيء يذهب و يأتي و لا تتمكن من إدراك كل هذه السلسلة المعقدة من الأحداث بيوم واحد !
تقدمت وجلست إلى جانب المرأة تنظر لها بعيون مغرورقة بالدموع ، تنظر لملامحها المتراخية بثقل ثم همست بعدم وعي " أنتي أنانية بهذه أيضًا ،ظننت أنه سيذهب و زوجته و تحاولين كسبي ك ابنتك من جديد ، بأنكِ ستعوضيني عن القهر الذي يملأ قلبي ، بأنك ستخبريني مرارًا بأنكِ آسفة و لكنك حتى هذه حرمتني منها ، ماذا أردتِ مني !
لم طلبتني و ذهبتِ دون قول كلمة واحدة !

" رحيل "
التفتت لأمين تنظر له بعيون حمراء ضائعة فـأخبرها بألم " أرادت أن تعتذر لكِ بشدة ، قالت لي أنها اشتاقت لكِ و بأنكِ ابنتها التي لم تنجبها ، أخبرتني أنها تريد أن تضمك لصدرها و تطيب جراحك و أنها لو وافتها المنية قبل رؤيتك ترجوكِ أن تقفي و تتلقي عزاءها ك ابنتها ، كتبت لكِ الشقة و أوصت بألا يُفارق خاتمها هذا بعد غُسلها يدك و بأنها تتمنى فقط لو يطيل الله بعمرها و تراكِ سعيدة مرة أخرى "

" لا ننال كل ما نتمنى في النهاية "
" ماذا تقصدين ؟"
كان وجهه يرجوها أن تنفذ وصية والدته و ألا تخذلها ، أن تريحها بقبرها ، كان الضعف يطل من بين نظراته يخبرها بعينيه ألا تزيد الحمل على كاهليه
" لا يهم ، هل ستقوم بدفنها اليوم أم بالصباح الباكر ؟"
" غدًا "
همسها برعب و هو يراقب ملامح والدته وكأنما ينتظرها أن تفيق و تحتضنه و تخبره أنها تمزح مثلًا !
" البقاء لله يا أمين "
همست بآلية شديدة فخاف و سارع بالسؤال بلهفة و هو يراها تغادر دون أية نية واضحة " أين تذهبين ؟"
" موعد على تلبيته و سوف أعود سريعًا لا تقلق "
خطت خطواتها للخارج ببطء، تُحرك نظراتها بين كل زاوية و أخرى، تراجع كل شبر بالمكان ، كان كل شيء كما هو تقريبًا ، لم يتغير سواها !
حينما وصلت لباب الشقة التفتت و نظرت للغرفة المقابلة بحزن شديد تُشاهد أمين على نفس الحال و زوجته تشد على يده و تمسد ظهره بثبات شديد!
تسمرت مكانها تواجه المشهد بإصرار ، تحفره بعقلها متعمدة!
و فجأة التفتت لها خديجة و كأنها تعلم أنها تراقبهم و للغرابة لم تشعر بأنها تريد ابعاد نظرها عنهم أو حتى يراودها شعورًا بالخجل و قد أمسكت بها المرأة مُتلصصة عليهم، ابتسمت لها خديجة ابتسامة صغيرة حزينة و نظرت لها بعيون دامعة تحمل نظرة امتنان!
أسبلت أهدابها تخفي مشاعرها بداخلها قبل أن تلتفت و تغادر بصمت و بداخلها شعور عميق بالرغبة في الفناء ، أن تصبح رمادًا أو أي شيء لا كيان له
بداخلها ثقل معقد لا تستطيع فك شفراته ، تسير بالطريق دون أي شعور ملموس، تنظر للجموع حولها تذهب و تأتي دون إدراك لزمان و لا مكان
و كأنها أصبحت موجة مياه هادئة أو راكدة ب نيل عذب !
هل هي حزينة أم لا ، تريد أن تبكي أم لا
لم تستطع حتى هذه اللحظة فهم نفسها ، كل ما تشعر به أنها تريد الذهاب للسيدة زينب ، تحتاج لزيارتها بشدة!
***
لولا بعض الكلمات المتأففة ما استطعنا استكمال حياتنا الرتيبة ،
فالسخط مفيد أحيانًا
تصعد الدرج نحو شقتها بتعب و غضب فالكلمات لا تزال تتردد بأُذنيها " يا سمراء يا مُجعدة "
الكلمة ضربت دواخلها المُهتزة بمقتل و تحمد الله ألف مرة أن رزقها نعمة البرود و الثبات الإنفعالي
فذلك الحقير قد لامس وترًا حساسًا داخلها بالفعل !
فتحت بابا الشقة ب تعب و عقل مُشوش ف رأت أمامها فتاة شابة تحمل زجاجة مياه و كوب زجاجي من مطبخها!
رفعت إحدى حاجبيها بسخرية قبل أن تقترب بخطوات بطيئة تتأكد مما تراه فجعلت وجه نسيم الهادئ يمتلئ بالريبة، توقفت أمامها فجأة ثم قالت ببرود شديد " آخر امرأة رأيتها بهذا المنزل غيري كان منذ سنوات و كانت أمي رحمة الله عليها ، من أنت؟"
" أنا من تقوم بدورك منذ ساعات "
كانت غليظة و ساخرة فأعجبت نسيم اللعبة فبادلتها الحديث بنفس لهجتها قبل أن تُضيق علية عينيها بتدقيق قائلة باستهزاء " و من كلفك بالقيام بمهامي ؟"
" أخيك بالداخل مشقوق الرأس اطمئني عليه أولًا بدلًا من كل هذا الهراء "
كانت لكمة قوية وجهتها نسيم لوجه علية الذي ذهب لونه فرأت جيدًا ريقها الذي ابتلعته بخوف و نفسها الذي توقف لثوانٍ قبل أن تتمالك نفسها فتستعيد ثباتها و ترمقها بنظرة نارية ثم تذهب و تقتحم غرفة أخيها بسخط فرأت معه رجلًا مسن بشوش و هو بفراشه حول رأسه ضماده !
ابتسم لها فور رؤيتها محاولًا امتصاص شحنة التوتر المُشعة من بين نظراتها قبل أن يهمس لها مُلاطفًا " لا تفزعي هو جرح سطحي "
" السلام عليكم ، أي حمامة كنت تنقذ هذه المرة "
سألته ببرود و هي تقترب من فراشه تداري رعبها و تجلس إلى جانبه فنظر لها بابتسامة هادئة مشيرًا لكفها " كيف حال يدك اليوم "
" أعرج يسأل على أبتر "
احمر وجهه خجلًا فهمس لها بصوت خافت بشئ ما يتوعدها و هو يضغط على ذراعها بغلظة فانفجر العم صالح ضاحكًا يغمزها مُشجعًا " و الله يا ابنتي لو كان له نصف ثباتك لحقق مُناه منذ زمن "
" و ما هو مُناك يا حبيبي "
" العم صالح يمزح يا علية ما بكِ"
ازدادت وتيرة ضحكات العم صالح قبل أن تتمتم " صبرًا " ثم التفتت نحو نسيم الغارقة ب علي توجه كلماتها لها " ما اسمك صحيح "
" نسيم "
" حمدًا لله على سلامتك يا بني ، خذ وقتك و لا تحمل هم العمل ، و لا تأتي الا حينما تطيب "
هز علي رأسه بامتنان قبل أن يراقب العم صالح و نسيم و هما يغادران بشرود ، أفكاره كلها تدور بفلكها ، تباعدت عنه في المشفى رغم محاولته لإبقاء مسافة آمنه بينهم و حرصه على ألا يضغط عليها أكثر
لم تتحدث بكلمة و بمجرد ظهور نسيم و العم صالح هربت !
يتسائل هل ستحبه يومًا أم أنه يركض خلف سراب!
" تحبك "
نظر ل " علية" بصدمة ، بتسائل هل ترجم لسانه أفكاره دون أن يُلاحظ؟
" ماذا ؟"
سألها بعدم فهم فجلست مكان العم صالح ، تنظر لعينيه بتفحص و تخبره ب ثقة " تُحبك ، الفتاه مُغرمة بك "
" من ؟"
عقد حاجبيه بعدم فهم حقيقي فأجابته بتأكيد " نسيم "
" أنتِ تمزحين حتمًا ، نسيم ك أختي تمامًا "
" إذن من هي حبيبتك "
عقدت ذراعيها أمام صدرها باستفهام تطرق الحديد و هو ساخن ف احمر وجهه وتعمد استخدام اسلوبها الساخر " لا حبيبة لي سواكِ هلا تركتني أرتاح قليلًا ؟"
" ألن تخبرني من هؤلاء و ماذا حدث لك ؟"
" صاحب المطعم وابنته ، أريد النوم بشدة يا علية أرجوكِ "
أجابها بنفاذ صبر و صوت مُجهد بشدة ف
تحركت دون كلمة واحدة و أطفأت الأضواء حوله و لكن قبل أن تُغادر تمامًا مُغلقة الباب خلفها التفتت تنظر له قائلة بإصرار " بعيدًا عن كونك تحبها أم لا ف هذه الفتاة مُغرمة بك "
"علية كفاكِ هراءًا و اتركيني ارتاح رجاءًا "
صرخ بها بغضب لم يُحرك برأسها شعرة فانصرفت و أغلقت الباب خلفها بعنف غير آبهة بسيل الشتائم الذي لحق بها ثم ارتسمت ابتسامة مُتلاعبة على شفتيها قبل أن تتمتم باستمتاع " أسرارك أصبحت أكثر إثارة يا علي "
***
" عم صالح"
التفت خلفه فهاله ما رأى
كانت رحيل و لكن ليست كأي مرة رآها بها ، كانت ظاهريًا ثابته و لكن عيناها الغائمة و شحوب وجهها ينذر ب انهيار قوي وشيك قد لا يستطيع التعامل معه أبدًا
كان على وشك إغلاق المطعم فأوقف كل شيء يفعله و جذب كرسي لها بسرعة ثم أجلسها برفق
" نسيم أحضري كوب ماء بسرعة "
صرخ ب نسيم الغائبة بالمطبخ فركضت نحوه بكوب الماء مفزوعة لتجد رحيل أمامها تجلس على الكرسي بجسد واهن و وعي على وشك أن تفقده ف احتضنتها بهلع و سقتها كوب الماء بسرعه ثم ذهبت تأتي بكوب آخر ، تُملس به على وجهها و هي تهمس لها بخوف " رحيل ما بكِ ، ماذا أصابك ؟"
وجهت نظرها نحو العم صالح تهمس له بضعف " ذهبت دون أن تراني قوية و سعيدة بدونهم ، قبل أن تعوضني خسارتي أو حتى تخبرني أنها نادمة ، ألا أستحق شيئًا من هذا ؟"
تنفس الرجل بعمق شديد يحاول التماسك أمام وضع الفتاة المزري قبل أن يخبرها بحزم " ماتت عزيزة صحيح ؟"
أومأت برأسها مؤكدة على ما وصله من معلومات ف أتي ب كرسي آخر ووضعه أمامها غير آبه ب ابنته التي تقف بينهم غير واعية عما يتحدثان عنه و لم تُبدِ نسيم أساسًا أية اهتمام ب غير الفتاة التي يحاكي وجهها وجه الأموات الي جانبها ، كانت تحتضن جسدها لا تعرف هل تطمئن نفسها أم تبث الحياة بداخل تلك المسكينة !
" هي ذهبت لرب العالمين ب اثمها و لا حيلة لها و لا قوة الآن بينما انت لا تزالين حية و تملكين الروح التي تأتي بها و تذهبين دون أن تدركي قيمتها و بإمكانك هدم الأرض و بناءها بمشيئة الله إن أردتِ ، دون عفوك هي عند الله مذنبة و لك منها القصاص و لا تستطيع حتى أن تطلب منك هذا العفو ، هل رأيتِ بأي مأذقٍ هي ؟!
" لم يكن عليكِ انتظار العوض منها فالجبر و العوض من عند الله وحده يا ابنتي أفيقي ، كل البشر لا حول لهم و لا قوة من دون الله ، أنتِ لا تزالين شابة جميلة و أمامك العمر ، عليكِ أن تعوضي ما سلبوكِ إياه و تعيدين السعادة و السكينة لأعماقك

" تريدني أن أقف ب عزاءها ، خائفة من القرار ، هل أذهب أم..... "
" واجهي يا رحيل ، كفاكِ هربًا ، اذهبي و قفي و واجهي خذلان الجميع لك برأس مرفوع و صدر سليم لا ضغينة به و لا حقد ، و حينما تغادرين هذا المنزل لن يكن بداخلك سوى رحيل جديدة تريد العيش و ليس أي عيش و إنما حياة كلها سعادة و رضا و أمان
هزت رأسها بضعف، بطاعة و قدرة فانية على النقاش أو الاعتراض
" خذيها يا رحيل ، ساعديها و لا تتركيها تذهب إلا و هي بخير "
أومأت نسيم موافقة فجلس مكانه بتعب شديد و كأن الأيام تعيد نفسها ، و كأنه عاد ذاك الشاب الضائع و كأن الحياة تأبي أن تترك قلبًا سليمًا، لا بد من ندبة يظل يأن بها طوال حياته !
***
" إذا أردت قتل أحدهم، فاحتل قلبه ثم غادر ببطء تاركًا إياه بين الموت و الجنون "
نزار قباني
فهو مات يوم هجرته و جن حينما عادت ، و كم يخشى الفقد ثانيةً و يطمع بعودة عشقٍ لم يكن له أساسًا أي وجود ، أو يأمل بأن يغرسه بأرض قلبها البور غرسًا !
اليوم قرر أن يذهب إلى جامعتها
هاتفها و أخبرها أنه بالخارج ينتظر ، كان الليل قد حل و الحرم الجامعي شبه فارغ إلا من طلبة كلية الطب ببعض فِرقها ، رآها من بعيد مُقبلة عليه بحاجبين معقودين و ريبة جدًا واضحة على وجهها فابتسم دون أن يشعر و شرد بها " أبيته " ، كانت ترتدي فستان يتعدى ركبتيها صيفي بلون الغروب، جميل جدًا ، ابتلع ريقه بشوقٍ يكاد يقتله و عيون رغمًا عنه تفضحه فتتلألأ برغبة شديدة بتقبيلها! ، كانت تبدو مزيج من الطفولة و الأنوثة ف تنهد بقوة حائرًا كيف لها ألا ترى كم هو مريض بها بحق ؟!
" ماذا هناك ؟"
" أحبك "
رمشت عدة مرات مُتفاجئة قبل أن تعيد رسم الثبات على ملامحها تسأله بجدية " لم أتيت ؟"
" أكاد أن أفقد وعيي من فرط الجوع "
توترت ملامحها و همست ب أسف صادق " أنا آسفة اليوم طويل و ......."
" لا يهم ، أنا أتيت لأأخذك معي و نذهب لتناول العشاء سويًا "
" الآن ؟"
همست باستغراب ف ابتسم دون أن يُفلت عينيها و هو يتحدث بنفس طريقتها الهادئة " الوقت غير مُناسب ؟"
" أنا فقط ، امممم كيف أذهب معك هكذا ، ملابسي غير مناسبة "
" أنتِ جميلة جدًا هكذا "
مد يده فجأة بخفة شديدة و التقط رباط شعرها يحرره ، ثم اقترب يُمرر أصابعه بين خُصلاته بسرعة شديدة قبل أن يغمزها هامسًا بشقاوة " انتِ جاهزة جدًا الان ، هيا "
و فتح لها باب السيارة ينتظرها ، تسمرت مكانها لدقيقة تنظر له بغرابة ، تحاول الوصول لدواخله و كأنها تخفى عليها !
بدت و كأنها لن تتحرك و هو لم يكن ليمل الإنتظار أبدًا ، وفجأةً اقتربت و أطاعته و اتخذت مقعدها إلى جانبه،
كانت شاردة ، تفكر هل عليها حقًا أن تعطيهم فرصة أم أنها أيام و تعود ريمة لعادتها القديمة !
تخشى الندم إن أضاعت الفرصة و تخشى خيبة الأمل إن عاد لحاله القديم بعد أن تأمنه
نظرت له خلسةً الي جانبها ، كان ينظر للطريق أمامه ، يقود بيد واحدة و يستند بالأخرى على الزجاج الى جانبه، يُمسد ذقنه ببال مشغول.... فشردت بملامحه ، كان مُجهدًا و لكن به شيء غريب يجذبها ، به شيء مُتغير لا تعلم ماهيته !
و لم تكن تعلم أن قلبه كان يرقص فرحًا و هو يشعر بنظراتها تتخلله ، تمني لو تخطت الظواهر و ذهبت مُباشرة لقلبه لترى كم هي مُستبدة بحقه !
***


علا الخالع همسات غير متواجد حالياً  
قديم 29-08-21, 03:29 PM   #10

shezo

نجم روايتي

 
الصورة الرمزية shezo

? العضوٌ??? » 373461
?  التسِجيلٌ » May 2016
? مشَارَ?اتْي » 10,109
?  نُقآطِيْ » shezo has a reputation beyond reputeshezo has a reputation beyond reputeshezo has a reputation beyond reputeshezo has a reputation beyond reputeshezo has a reputation beyond reputeshezo has a reputation beyond reputeshezo has a reputation beyond reputeshezo has a reputation beyond reputeshezo has a reputation beyond reputeshezo has a reputation beyond reputeshezo has a reputation beyond repute
افتراضي

مرحبا.عودا أحمد بروايتك الجديدة "ليتني لم أحبك أكثر".
الأسم واقعي جدا فالكثير منا يقولها كثيرا ربما علانية وربما يسرها في نفسه.
وبكلتا الحالتين هي صرخة ألم من جحود او عدم تقدير أو خذلان يجعل المرء يندم حتي علي مشاعر هي اسمي ما في الكون.
وليست بالضرورة أن تكون موجهة من عاشق أو عاشقة فقد تكون لإبن جاحد أو لصديقة تخلت ولم تفي الصداقة حقها او وفاء ضائع في زحام المصاعب وازمات الحياة
الامثلة كثيرة لكنها المقولة الأكثر ترددا.
واقعيتك تعرفت عليها في رواية أنثي قابلة للقسمة وقتها شدني العنوان جدا وقلت لابد ان هناك خطا ما والاسم هو انثي غير قابلة للقسمة ولكني أدركت المعني بقراءة الرواية واكتشفت أن ليس الإناث فقط هن القابلات للقسمة بل كل شئ من حولنا قابل للقسمة حتي المعاني الجميلة والمثل والقيم جاء عليها وقت صارت قابلة للقسمة.
قرأت الرواية وعلقت علي كل فصولها اتفقت معك في أشياء واختلفت في أخرى ولكن الذى وصلت له أنك كاتبة استثنائية تتناول موضوعاتها بشكل اكثر من واقعي وافكار جديدة لم تجل بخاطرى من قبل.
كنت أتمني ان اقرا معك رواية تخطينها واستطيع متابعتها وليست لها سنوات مضت.
وقدسعدت عندما وجدت روايتك هذه
وإن شاء الله أتابع معك ولكن أعذريني إن تخلفت بعض الوقت .
تهنئتي لك بروايتك الجميلة واتمتي لك كل التوفيق فكما قلت الكتابة والإبداع حياة كالنهر الجارى لا يجب أن يوقفها شئ
لك مني كل الحب والتقدير


shezo متواجد حالياً  
موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 03:20 PM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.