23-09-21, 03:24 PM
| #1 | |||||||||||
| مشرفة منتدى عبير واحلام والروايات الرومانسيةومنتدى سلاسل روايات مصرية للجيب وكاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء 
|  مشاهد من سافارى ج2  هنا يسأل قارئ خبيث :ماذا كانت مشاعرى بالضبط فى تلك الأيام ؟ الإجابة سهلة ويمكن توقعها .. كنت أشعر بأسى لكن يخالطه سرور لا شك فيه .. وهو سرور غير قاس إلى هذا الحد السرور طبعا لأنى صرت جوارها دائما ، بل وصرت شديد الأهمية لها إلى حد أنها لا تطيق الحياة بدونى .. السرور ـ وسامحونى على قول كهذا ـ لأنها صارت ضعيفة إلى حد أن تحتاج إلى حمايتى .. كان هناك نوع مريض من السرور لكنى سحقته فورا .. السرور لأننى الوحيد الذى لن ينفر منها الآن .. والذى سيبقى جوارها حتى إذا رحل الأوغاد الآخرون .. أعطيها عينى ؟ .. لا .. إن هذا قد يكون مقبولا فى الأغانى العاطفية لكن لا مجال له فى الطب ..لا يمكن أخذ قرنية من عين إنسان حى ، ولو كان هذا ممكنا فلن أوافق عليه .. إننى لم أصل بعد درجة الهيام التى تجعلنى أقبل بالعمى من أجل حبيبتى .. تذكرت كلمة للساخر العظيم (أحمد رجب) يصف فيها كلام العشاق على غرار (خذ عينى يا حبيبى) .. لو أن فتاة قالت هذا وأطاعها حبيبها وانتزع عينيه ، لخربت بيته ولزجت به فى مستشفى الأمراض العقلية ، ولامتلأت الصحف بأخبار الحادث الفظيع .. لا يا رفاق .. لن أتبرع بعينى .. لكنى سأتبرع بكل دقيقة من وقتى وكل عاطفة نزقة فى صدرى .. فاطمئنوا لن أتخلى عنها أبدا .. لكن هل يتخلى عنها الحظ ؟ __________ الآن تراه | |||||||||||
|  |
|
15-10-21, 10:55 PM
| #2 | |||||||||||
| مشرفة منتدى عبير واحلام والروايات الرومانسيةومنتدى سلاسل روايات مصرية للجيب وكاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء
| لقـد عــاد .. لقد عاد بارتلييه يا شباب !... يبدو أن الحياة سوف تشرق من جديد .. مدير وحـدة ( سـافارى ـ الكاميـرون ) البدين طيب القلب حـار العواطف قد عاد .. أجـرى جراحـة القلب المفتـوح فى باريس ، وبعـد فترة نقاهة كاد يمـوت خلالها مرتين . عـاد للوحدة أخيـرًا شاحبًا وقد فقد عدة كيلوجرامات ، مما جعل جلد عنقه يتهدل . لكنه حى .. يضحك ويتكلم ويدير ! عاد ( بارتلييه ) يا شباب ! الشخص الذى جعل الحياة محتملة لكثيرين هنا ، وبرغم حاجته المزمنة لتبرير نفسه مما يعطى انطباعًا بضعف الشخصية أحيانًا ، فهو يظل رجلاً راقيًا ونبيلاً وعادلاً . يبدو أن علينا الاختيار بين الطيبين الشرفاء الضعيفين قليلاً ، وبين الأوغاد الأبالسة أقوياء الشخصية .. هذا هو الخيار الأبدى . عندما تقابل الخير العدوانى الكاسح عالى الصوت فلا تتخل عنه !! هذه فرصة نادرة ! عاد ( بارتلييه ) يا شباب ! عاد لوحدة سافارى من جديد فسُر الناس لأنهم تخلصوا أخيرًا من سيطرة باركر البريطانى اللعين المزعج بوجهه الأحمر وشاربه الأبيض الكث وعينيه الباردتين ، اللتين توحيان لى بعينى كونستابل بريطانى يشارك فى مذبحة دنشواى . وعرفت بالفعل أننى أحب هذا الرجل بارتلييه ، فقد جئت لسافارى وهو موجـود .. وكنت أتمنى أن أتركها وهو موجـود .. لربما طردنى هو بنفسه !.. لا أستبعد هذا فالرجل هدد بطردى ألف مرة من قبل ... لا بأس .. إن كان من سيطردنى هو بارتلييه . تذكرت كل المغامرات المشتركة معه وكل الخلافات ، وسرنى أننا سنعود لهذا. فقط أتمنى أن يبتعد عن قاتليه : كثرة العمل والطعام الجاهز الملىء بالدهون المشبعة .. رجل جالس طيلة اليوم ولا يتحرك ، ويتناول طعامه حيث هو ، من تلك الأطعمة التى تميز الحضارة الغربية .. بينما تنهال عليه المشاكل. هذا رجل لا تُرجى له حياة طويلة ، ولربما لا ترجى له صحة حسنة بتاتًا . لكن هذا لا يهم .. سوف أستمتع بوجوده حتى الرمق الأخير له أو لى . عاد ( بارتلييه ) يا شباب ! أقمنا له حفلاً لا بأس به ... عندما يجمع الحفل فنونًا أفريقية مرتجلة من بعض الأطباء الأفارقة ، وأداء أوبراليًّا من طبيب إيطالى . وأغنية روك من طبيب أمريكى ، وعزفًا على الأرغن من ممرضة أسترالية. وعندما أغنى أنا ( رحنا وجينا بالسلامة ) بصوتى الخشن الفظيع ، فإن الحفل يكون ممتعًا مهما كان الأفراد غير محترفين . هذا عرض للعواطف لا المواهب . سألنى عن سارة الصغيرة وطلب أن يرى صورها الجديدة .. كانت فى السن التى تسمح لها بالجلوس .. مع التلفظ ببعض الآهات . الحق إنها كانت جميلة .. أخذت الكثير من أمها .. حتى ( التشنيكة ) ذاتها كانت تؤديها كثيرًا. لحسن الحظ أنها أخذت منى ملامح بسيطة جـدًّا .. وكنت فى قصة حب دائمة معها . لكن سارة يمكن أن تنتظر فقد عاد بارتلييه . استدعانى لمكتبه فى السابعة مسـاء كالعـادة ، فهرعت هنـاك .. كان قد نحل وتهدل جلده كما قلت .. هنـاك هالات سـود تحت عينيـه . هو من هؤلاء الأشخاص الذين يكونون فى أفضـل حالاتهم مع البدانة ، ويفقدون الكثير من مرحهم عنـدما يفقدون الوزن . صلاح جاهين مثال واضح لذلك فى مصر ، فقد فقد الكثير من مرحه وحبه للحياة مع الشحوم التى فقدها .. كان يبتلع مجموعة من الأقراص ، وحكى لى عن الجراحة المعقدة التى مر بها فى فرنسا . ثم قال ضاحكًا : ـ « المرضى أبطال فعـلاً .. إنهم يتحملون الكثيـر .. ونحن لا ندرك ذلك .. » قلت له : ـ « هناك أشياء نكلف بها المرضى ولا ندرك مدى صعوبتها إلا عندما نجربها نحن .. الرنين المغناطيسى مثلاً تجربة عسيرة مخيفة ، لكننا نطلبه من المرضى كل يوم .. أعترف لك يا سيدى إننى ما زلت لا أشعر بعدم الراحة من الحقن ، وألح على الطبيب كى يبدل لى هذا العلاج . هناك أمور شبه مستحيلة مثل تحليل البراز .. أطلبه من مرضاى طيلة الوقت بينما يستحيل أن أقوم به لنفسى ! » ضحك كثيرًا ولغده الذى صار مجوفًا كعرف ديك يهتز ، ثم قال : ـ « هناك تحليل قاس جدًّا هو تحليل سائل البروستاتا ... أفضل ألا أنجب للأبد ولا أترك طبيبًا يجريه لى ! » ثم سألنى عن أسرتى وعن مصر .. لم تكن مصر فى أفضل حالاتها فى ذلك الوقت .. لهذا بدا قلقًا وراح يسألنى عن كل التفاصيل . ثم قال وهو يضحك : ـ « المشاكل فى كل مكان .. سـوف أنبهـر كثيـرًا إذا قابلت رجلاً بلا مشاكل .. » ـ « هو على الأرجح رجل ميت يا سيدى .. غير أننى لا أعتقد أن مشاكلكم تقارن بما نعانيه فى العـالم الثالث والرابـع . فى السـويد ينتحرون من أجل عدم فهمهم لمغـزى الوجـود .. فى مصر قـد ينتحـر البعض لأنهم عاجزون عـن إطعـام أطفالهم .. ومع ذلك مشاكلنا أفضل من سوانا .. لدينا فى مصر مشاكل صحية مع السمنة الناجمة عن الإفراط فى الأكل .. فى دول أفريقية كثيرة يموتون من الجوع ولا يفهمون معنى الشبع .. » صب لنفسه بعض العصير ، ثم قال : ـ « أنا مثـلاً قـد فقـدت صديقًا عزيزًا .. قبـل مجيئى بالضـبط . كـان كرسـتيان بوشـيه مهندسًا مثقفًا مرهـف الحس ، وقـد بقى معى فى المستشفى طيلة فتـرة مرضى ، ولم يتـرك حاجـة إلا وحققها لى .. كان المتوقع أن أموت أنا ويبقى هو . ما حـدث هـو العكس بالضـبط . كان الأمر مؤسيًا وقد تغلبت عليـه بصعوبة .. أخفـوا عنى هذه الكارثة طيلة وجودى فى العناية المركزة ، ثم عرفت بالخبـر بمجـرد أن تعافيت. هـذه مشكلة قاسـية أخـرى .. حتى المجتمعات المترفة يمـوت فيها الأصدقاء .. » ـ « عزائى الحار .. » هز رأسه وقلب كفه وقال : ـ « فى وسط الحياة نحن فى الموت .. لكن الموت غير المتوقع قاس.. كان يعانى اكتئابًا مزمنًا لكن هذا لايفسر تلك الوفاة القاسية السريعة ، وقد ترك أرملة بارعة الجمال لن تنساه أبدًا .. » نظرت لساعتى .. أدرك هو أنه أطال جلوسى معه .. يعرف أننى أفضل قضاء هذه الساعات مع ابنتى وزوجتى . فهز رأسه بما معناه أن بوسعى الانصراف .. لقد عاد ( بارتلييه ) يا شباب ! سوف أنعم بمعاملة باركر وليفى وهيلجا أسوأ معاملة كالعادة ! ________ قصة بوليسية | |||||||||||
|
| |
 |
| مواقع النشر (المفضلة) |
| أدوات الموضوع | |
| انواع عرض الموضوع | |
|
|
العرض العادي
