آخر 10 مشاركات
جدران دافئة (2) .. سلسلة مشاعر صادقة (الكاتـب : كلبهار - )           »          أسيـ الغرام ـاد -ج2 من سلسلة أسياد الغرام- لفاتنة الرومانسية: عبير قائــد *مكتملة* (الكاتـب : noor1984 - )           »          قطار الحنين لن يأتي *مميزة و مكتملة* (الكاتـب : رُقيّة - )           »          فجر يلوح بمشكاة * مميزة ومكتملة * (الكاتـب : Lamees othman - )           »          لُقياك ليّ المأوى * مميزة ومكتملة * (الكاتـب : AyahAhmed - )           »          كاثرين(137)للكاتبة:Lynne Graham (الجزء1من سلسلة الأخوات مارشال)كاملة+روابط (الكاتـب : Gege86 - )           »          حين يبتسم الورد (2) *مميزة ومكتملة * .. سلسلة سلاطين الهوى (الكاتـب : serendipity green - )           »          هيا نجدد إيماننا 2024 (الكاتـب : رانو قنديل - )           »          379-لا ترحلي..أبداً -سوزان إيفانوفيتش -مركز دولي (الكاتـب : Just Faith - )           »          378-ثورة في قلب امرأة -تامي سميث - مركز دولي (الكاتـب : Just Faith - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء

مشاهدة نتائج الإستطلاع: ما هو تقييمك لمستوى الرواية ؟
جيد جداً 83 89.25%
جيد 10 10.75%
سيء 0 0%
المصوتون: 93. أنت لم تصوت في هذا الإستطلاع

Like Tree9581Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 13-05-22, 04:48 PM   #331

ألحان الربيع
 
الصورة الرمزية ألحان الربيع

? العضوٌ??? » 492532
?  التسِجيلٌ » Sep 2021
? مشَارَ?اتْي » 2,253
? الًجنِس »
?  نُقآطِيْ » ألحان الربيع has a reputation beyond reputeألحان الربيع has a reputation beyond reputeألحان الربيع has a reputation beyond reputeألحان الربيع has a reputation beyond reputeألحان الربيع has a reputation beyond reputeألحان الربيع has a reputation beyond reputeألحان الربيع has a reputation beyond reputeألحان الربيع has a reputation beyond reputeألحان الربيع has a reputation beyond reputeألحان الربيع has a reputation beyond reputeألحان الربيع has a reputation beyond repute
Icon26


اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة صل على النبي محمد مشاهدة المشاركة
اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد كما صليت على سيدنا إبراهيم وعلى آل سيدنا إبراهيم وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد كما باركت على سيدنا إبراهيم وعلى آل سيدنا إبراهيم في العالمين إنك حميد مجيد

لا تنسوا الباقيات الصالحات

سبحان الله

الحمد لله

لا إله إلا الله

الله أكبر

لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم

جزاكِ الله خير الجزاء


ألحان الربيع متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 14-05-22, 01:49 AM   #332

ألحان الربيع
 
الصورة الرمزية ألحان الربيع

? العضوٌ??? » 492532
?  التسِجيلٌ » Sep 2021
? مشَارَ?اتْي » 2,253
? الًجنِس »
?  نُقآطِيْ » ألحان الربيع has a reputation beyond reputeألحان الربيع has a reputation beyond reputeألحان الربيع has a reputation beyond reputeألحان الربيع has a reputation beyond reputeألحان الربيع has a reputation beyond reputeألحان الربيع has a reputation beyond reputeألحان الربيع has a reputation beyond reputeألحان الربيع has a reputation beyond reputeألحان الربيع has a reputation beyond reputeألحان الربيع has a reputation beyond reputeألحان الربيع has a reputation beyond repute
Elk

السلام عليكم ....

ان شاء الله خلال 10 دقائق وأقل سيكون الفصل نازلاً.....

اعتذر عن التأخير لظروف خاصة .....

اتمنى ان ينال رضاكم وأرجوووو أن تتغاضوا عن اخطائي وهفواتي لأنني كتبت معظمه بمشقة....


ألحان الربيع متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 14-05-22, 02:04 AM   #333

ألحان الربيع
 
الصورة الرمزية ألحان الربيع

? العضوٌ??? » 492532
?  التسِجيلٌ » Sep 2021
? مشَارَ?اتْي » 2,253
? الًجنِس »
?  نُقآطِيْ » ألحان الربيع has a reputation beyond reputeألحان الربيع has a reputation beyond reputeألحان الربيع has a reputation beyond reputeألحان الربيع has a reputation beyond reputeألحان الربيع has a reputation beyond reputeألحان الربيع has a reputation beyond reputeألحان الربيع has a reputation beyond reputeألحان الربيع has a reputation beyond reputeألحان الربيع has a reputation beyond reputeألحان الربيع has a reputation beyond reputeألحان الربيع has a reputation beyond repute
افتراضي

الفصل الثالث والعشرون (( مد وجزر ))




رفعت رأسها وسلّطت عينيها بحدقتيها المرتجفتين واللتين تنبئان عن حقد وليد اللحظة وقالت بقسوة :
" لا أهذي أيها الكاذب الخائن !!.."

استقمتُ اكثر بوقفتي وعدت للوراء خطوة مضيّقاً عينيّ استرجع جملتها وأحاول صياغتها في عقلي ولكنها لم تعطني الفرصة لأبحث عن زلاتي عندما سحبت من خلفها هاتفي تمسكه بقوة وتنصبه أمامي رغم الرجفة في يدها والمماثلة لها في حدقتيها قائلة وهي تجز على اسنانها :
" أهذا هو هاتفك الاحتياطي؟!....ألم أقل لك انه يوجد امرأة أخرى في حياتك وأنكرت ذلك وكأن الشرف يقطر منك؟!.."

وقفت أمامي تستجوبني وتتحداني وأكملت:
" من تكون تلك قليلة الشرف التي تسجلها بهاتفك الاحتياطي تحت اسم غاليتي ؟؟!!.."

اقتربت مني وأنا على حالي وعباءتها أخذت بالارتخاء والانزلاق عن كتفيها ومن حقدها واتقاد نيران غيرتها لم تنتبه لها او لم تهتم لستر نفسها وبدأت تدفعني بيدها ضاربة صدري العاري ومتابعة بنبرة جافة ويدها الممسكة بالهاتف ما زالت منصوبة:
" أجبني من تكون تلك الحقيرة السافلة ؟!.....أهي عشيقتك كما قالت سوزي ؟!"

لقد أعمتني بسحرها وفتنتها فكنتُ قد تركتُ هاتفي الذي القته بيدها على السرير لا ادرك ما يحصل حولي بعد رؤيتي لها وهي تعطيني الإشارة الخضراء لاقترب منها وتصرّح بكل وضوح على لسانها انها تريد حقوقها الزوجية مني وطبعا لم اتردد ولم احتر بما أني كنتُ جائعاً , متعطشاً لقربها فقد سلبت مني كل دفاعاتي المستميتة ورفعتُ لها راياتي مستسلماً لأدمج روحي بروحها وجسدي بجسدها ملقياً بالمهمة وأصحابها الى قعر الجحيم وقد نسيتُ الاتصال والمتصل والعالم أجمع ولم افكر لحظتها ما سينتج من تَبِعات لحظتنا الحميمية تلك فهذا الجمال يخطف القلب ويدمّر العقل ويجعل أكبر بطل خاسراً في حروبه مهما كان بحوزته من عتاد ومهما امتلك من دروع ومهما حمل من شجاعة ولما استوعبتُ الأمر وتذكرت المكالمة التي كنت انتظرها من شقيقتي بعدما واجهتني بهاتفي الخاص بـ (هادي) واستقبل عقلي كلماتها البذيئة التي نعتت بها غاليتي لم أحاول التبرير ولا الكذب والانكار وكل ما حصل معي هو اشتعال دمائي غيرةً على أختي وعرضها ولتسميتها بألفاظ نابية فوق اشتعالي من جرح رجولتي وكبريائي بسبب رفضها لي بكل فظاظة فسحبتُ هاتفي من يدها بقساوة بيساري وبيميني أمسكتُ معصم يسراها أضغط عليه بخشونة غير آبه لأوجاعها التي ظهرت على تقاسيم وجهها وهتفت بصوت خفيض مجروح وجارح وعيناي كالجمر الملتهب وأنا أرجعها للخلف حتى أوصلتها للسرير ودفعتها عليه بشراسة :
" أصمتي واحفظي لسانك..... لا اريد سماع صوتك .....ستندمين أشدّ الندم يا ابنة عاصي.....أنا الغبي الذي ازلتُ الحاجز من بيننا....ما كان عليّ فعلها.....استحق اكثر من ذلك !!"

وتركتها متجهاً بغضب الى خزانتي أُخرج ملابسي ودخلتُ الحمام لارتدائها وكانت هي على وضعها تجاهد وتمسك نفسها عن البكاء وتمسّد معصمها المتألّم من قبضتي ولما خرجتُ متجهاً الى طاولة الزينة لأسحب مفاتيحي لحقتني تمسك ذراعي تسأل بإصرار وصوت مهتز:
" اخبرني من تكون غاليتك ؟! ...ولمَ تضع على هذا الهاتف بصمتك للرد على المكالمات ولفتحه ؟؟!....أليس هذا كافياً لتصدق ظنوني ؟؟!.....هيا اجبني من تكون؟؟"

ضحكت ضحكة مبتورة بتهكم وقلت :
" هل حاولتِ الرد والعبث بما لا يخصك ايضاً ؟!...من سمح لكِ بهذا .. ؟؟"

سحبتُ ذراعي من قبضتها بقوة ومشيتُ خطوة ..توقفت ثم استدرتُ مستطرداً بقهر اخفيته :
" وأجل هي غاليتي ودنيتي وحبيبتي ولا شأن لكِ بها ....وعند معرفتك من تكون ستعتذرين مني ولن أسامحك بسهولة حينها ....تذكري هذا جيداً !!.."

حمدتُ الله أن هاتفي هذا محصناً ومحمياً سواء من اختراقات بفضل صديقي (بلال) الذي وضع به أفضل برامج الحماية وكذلك لمثل هذه الحالات ان غفلت عنه ووقع بيد ايٍ كان فلا يستطيع الرد او العبث به لأنه يحتاج فقط لبصمة إصبعي فهذا الهاتف يحمل كافة الاسرار التي تخص مهمتي وأي شيء يتعلّق بالمعسكر والثوار إن كان من رسائل أو أرقام هامة وغيرها....!!

تبعتُ كلماتي بأخرى وبنبرة شديدة :
" أنتِ من طلبتِ حقوقك بلسانك واعلمي انك أنتِ من اضعتها بيدك..!!.."

ثم خرجتُ من غرفتنا صافعاً الباب خلفي دون النظر او الاستماع للتي تهاوت على الكرسي الخاص لطاولة الزينة ونظرت لنفسها بأسى ثواني ومقلتاها ممتلئة بالدموع ثم استلّت منديلاً من أمامها بقوة تداري بها انكسارها ومسحت أحمر الشفاه بعنف عن فمها ...ونجحت بربط شعرها بعشوائية بعد أن ارهقها حتى ثبت دون ان يفلت لأنها لم تجلب معها مشبكها الكبير الذي يمسكه بإحكام.....وقفت تتأمل حالها مقهورة....خلعت العباءة بلونها الدموي التي كانت منزلقة وعالقة في منتصف ذراعيها وكمشتها بيديها ثم ألقتها بسلة المهملات جانب طاولة الزينة بغلّ وهي تجز على أسنانها وتمتمت يائسة تكلّم انعكاس صورتها بالمرآة:
" كُتبَ عليكِ الّا تكتمل أي فرحة لكِ...."

اتجهت الى الحمام غسلت وجهها تبرّد لهيبه ثم خرجت منه قاصدة خزانتها وأخرجت منها منامة قطنية طويلة لونها سكري وعلى بلوزتها مرسوماً دباً بنياً وجرّت قدميها الى السرير ودسّت جسدها تحت اللحاف وشردت تسترجع لحظاتنا.....تبسّمت بنشوة عندما وصلت لتقاربنا الحار لتتحول بسمتها الى عبوس عندما تذكّرت كيف كانت تنتظرني بكل لهفة لأسقيها من شراب حبي وأطعمها من عسل عشقي ليقطع لهفتها تلك الرنين الذي اجفلها من خلفها ولم يترك لها المجال لتفكّر بتروّي وكل ما جاء ببالها بعد رؤيتها الاسم على الشاشة وعدم قدرتها على الرد عليه أنها ستعذبني وتحرقني مع احتراقها عند ايهامي باستسلامها لمشاعري وشغفي ثم ايقافي برفضها لي ومنعي عنها بعد أن تُأجِج الرغبة داخلي وهي تعلم ماذا يكون هذا للرجل !!.....فجأة وهي سارحة بأفكارها شعرت بانقباض قلبها فهربت من شرودها جالسة تضع يدها على صدرها عندما وصلت بها التحليلات متمتمة :
" ماذا لو كانت غاليتي هي خالته التي يراها بمقام امه ويعاملها باحترام وحنية كما لا يعامل ابنٌ حقيقيٌ امه ؟!!...."

ابتلعت ريقها وتابعت بتحليلاتها:
" يا ويلي إن كان هذا صحيحاً !!....فهو لم يرتبك ولم يحاول الاخفاء والكذب او التملّص بل كان واثقاً بنفسه وكأنه لم يرتكب خطأ !!.....يا الله كيف سأتأكد من ظنوني وإن تأكدت كيف سأصلح الوضع بيننا وهو قالها بصريح العبارة أنني سأندم ولن يسامح بسهولة ؟!......لكن لمَ يضع بصمته على هاتفه الاحتياطي ؟!..."

تأففت من سؤالها الغبي وأضافت في سرها تعاتب نفسها... " يا غبية أنت هاتفك مليء بالتفاهات وتضعين له رمزاً سرياً ...كيف وهو رجل الأعمال الذي له حسابات كثيرة وملفات مهمة ويمكن أن يفقدها إن أهمل حمايته لها ؟ّ..."

شعرت بغصة في روحها ....استدارت بجسدها لجانبها الآخر فوقع نظرها على هاتفي الخاص بـ ( يامن) على المنضدة الموجودة جانب الأريكة الزوجية قرب النافذة فأبعدت الغطاء عنها بسرعة وزحفت لتصل الطرف الآخر للسرير الكبير ...أنزلت قدميها أرضاً ومدّت يدها تتناوله فوجدته مغلقاً....حاولت تشغيله ولما لم تفلح تمتمت شاتمة نفسها بندم:
" يا حمارة ها هو هاتفه الرئيسي مقفل بسبب انتهاء بطاريته فهذا يعزز من احتمال أن غاليتي هي خالته وحاولت الاتصال به على هذا وعندما لم تصل اليه اتصلت على الآخر .....افرحي لخيبتك ألمى يا حمقاء !!.....ظننتِ نفسك ذكية وأمسكتِ به بالجرم المشهود !!...."

زفرت أنفاسها التي تخللتها شهقة تحارب للبكاء وأعادت الهاتف مكانه ثم عادت تستلقي على السرير تدثر نفسها بالكامل وتكوّر جسدها كالجنين في رحم أمه كأنها تلتمس الأمان من رحم اللحاف وسمحت لدموعها بالانهمار لتؤنسها في وحدتها الموحشة ....!!
وبينما كانت هي متقوقعة تحت الغطاء وصلها طرقات على الباب وقد ظنت انها ستكون الأفعى فلربما رأتني خارجاً كالإعصار وأتت لتمارس فحيحها عليها لأن الخادمة انهت عملها وانصرفت والأكيد أن والدها معتكف في غرفته ولن يغلبه الفضول للحركات الخارجية التي لا تهمه !!....مسحت آثار دمعاتها وتوجهت الى الباب وعندما فتحته رسمت ابتسامة مائلة لأنها اصابت بظنها فهمست :
" نعم خالة سوزي ....أهناك شيء ؟!.."

حدّقتها بنظرة تفحصية وثبتت نظرها على عنقها ولما رأت أين تصوّب تلك بصرها توهّجت وجنتاها حرجاً وبحركة عفوية رفعت يدها تضع أناملها تلصقها ببعضها لتغطي بقعة حمراء دمغتُها بشفتيّ فشقت ثغر الأفعى ابتسامة لعوبة خبيثة وهمست دون أن تبعد عينيها:
" والدك يريدك...!!"

اومأت بحسناً دون كلام وأغلقت الباب بهدوء ثم سارت نحو المرآة حانقة على كل شيء حولها فها هي فُضحت وستحسدها تلك عبثاً كأنها كانت غارقة بالعسل وكذلك شعرها ستضطر أن تحرره من رِباطه لتخفي جريمتنا الغير مكتملة وهي التي شُلت يداها حتى نجحت بربطه .....كانت غرفتنا في الطابق الأوسط ووالدها متواجد في جناحه العلوي فصعدت السلالم بتكاسل ولما وصلت غرفتهما طرقت الباب بأدب ودخلت بعد أن أذِن لها وهمست :
" مساء الخير أبي..."

كان يجلس على أريكة طويلة موضوعة في ركن خاص لمشاهدة التلفاز فرفع يده بعد أن رد التحية يحرّك أصابعه بإشارة لتأتي هامساً:
" تعالي صغيرتي ..."

تقدّمت نحوه ولما وصلته قال مباشرة:
" ما به زوجك خرج عاصفاً؟؟....سمعتُ باب المدخل يصفع واطليّتُ من النافذة فرأيته خارجاً بغضب وقاد السيارة التي استأجرها بجنون ....ماذا حصل بينكما ليتصرف هكذا ؟!.."

ابتلعت ريقها وأجابت متهربة بعينيها :
" لم يحصل شيء أبي...."

خلع نظارته الطبية التي كان يرتديها عند مشاهدته التلفاز ورفع حاجبيه مستنكراً فبالطبع لن يفوت الثعلب كذبة من طفلة تقف امامه وهتف:
" لوما تعلمين لا أحب الكذب .....ماذا حصل اخبريني ؟!.."

طأطأت رأسها وأجابت:
" سوء تفاهم صغير انتهى بجدال بسيط!!.."

" لا يعقل جدال بسيط يفعل به هكذا ؟!.."

عليها أن تستر على ما بيننا فجمعت قوتها واقتربت منه ترسم ابتسامة مزيّفة وجلست جواره تحاول تطويق خصره الذي لن يكفيه ذراعيها بسبب بروز بطنه وهمست بدلع مصطنع :
" أبـــي....لا تشغل بالك ! أنت تعلم بدلالي المفرط لذا اغضبته مني قليلاً....سيروق بعد خروجه ثم أنا تربيتك وأنت لا تحب البوح عن الأمور الخاصة التي تحدث بين أي اثنين وكيف ان كانا زوجين ؟!...يعني عليك أن تفتخر بي لأني لن أفصح عمّا يدور بيننا...أليس كذلك ؟!.."

ضحك معتزاً بنفسه وبها بينما كانت الواقفة تلوي فمها وتحركه يمنة ويسرة بتهكم منهما وسأل ابنته :
" كيف هو معك أميرتي ؟!.."

أجابت بصدق مبتسمة رغم الآلام التي بداخلها بسبب موقفنا الأخير:
" إن لم يكن غاضباً يكون أطيب وأحن زوج ممكن ان تحصل عليه المرأة .."

أضافت ترقّع كلماتها :
" طبعاً من بعدك أبي ...!.."

ضحك ضحكة جهورية واستدار قليلاً نحوها يحتضنها ثم قبّل جبينها هاتفاً:
" إذاً حاولي الّا تغضبيه لأنك تعلمين كما أعلم أن غضب ابن الهاشمي قبيح ولا يطاق !...فنحن جربناه سابقاً......اثبتي له دائماً حُسن تربيتي لكِ وعليكِ مسايرته لتكسبيه كي تضمني مستقبلك معه او بعده فالرجل اذا سُعد سيفرش ما يملك لزوجته تحت قدميها وإن غضب ونفر ستكون نجوم السماء اقرب لها ...."

بدّل نبرته لتصبح اكثر وقاراً وثبوتاً واردف :
" صغيرتي زوجك وحيد أبيه وعندهم أموالاً وأملاكاً لا تأكلها النيران تخيّلي أن يصبح كل هذا لكِ ولأولادك بالإضافة لما سترثينه مني !!....لن تحتاجي وقتها لأي كلب وسيكون الجميع في خدمتك وتحت قدميكِ ....كوني ذكية واسلبيه عقله وقلبه كي لا يرى غيرك ويقدّم حتى روحه من أجلك وليس فقط أمواله !!.."

رسمت ابتسامة تجامله ولكن عيناها برقتا بقهر نتج عن احتراق فؤادها ....لن يتغيّر والدها وسيكون دائماً تفكيره مادّياً وسيوجهها دائماً نحو المادّيات ولن يضع أي اعتبار للمشاعر والعلاقات الاجتماعية الجميلة وكل همّه هو حساب الأموال....لا ينصحها لتكوّن أسرة سعيدة دافئة مليئة بالحب كما تفعل خالتها وصديقتاها ....أيعقل أن تفكير الآباء ليس كتفكير النساء أم أن هذه الخصلة موجودة فقط عنده ؟؟!.....نهضت مستقيمة بوقفتها بعد أن أخذ الحديث الطريق التي تكره منذ صغرها وهو الأعمال والأموال وابتسمت بحُب رغم حزنها على طريقة تفكير والدها وميوله التي لا تتغير وهي التي تتمنى أن يفاجئها مرة قبل أن تموت بحديث لا تقترب حروف كلمة مال منه !!...لكنها تبقى مجرّد أماني كغيرها مما لا تتحقق !!....انحنت بجذعها قليلاً وقبّلت أعلى رأسه على شعره الأسود الذي يظهر الشيب عليه قرب صدغيه وجبينه ثم استأذنتهما بأدب وعادت الى كهفها تدعو أن تنتهي هذه الليلة سريعاً كي تعود لبلادها تلك فهنا تشعر نفسها غريبة غير أنها تشتاق لخالتها ولصديقتيها وجامعتها وحتى لغرفتها في بيتنا التي بدأت تتأقلم وتعتاد عليها ...!!

×
×
×

لقد حلّقتُ في السماء عالياً لذا اصطدامي بالأرض كان شديداً ومؤلماً بعد أن عزمتُ على الاقتراب منها وخاصةً لتجاوبها معي!!....لم اذق سابقاً هكذا خذلان بعد توقي وشوقي لها ولأنني ايضاً كنتُ صابراً ومتحمّلاً ما لا يتحمله أي رجل وأنا أرى كل ذاك الحُسن والفتنة أمامي!!.....هربتُ لأحترق وحدي أو الأصح لأخمد حريقي وعند خروجي لم اكن افكر كيف عليّ تلافي هذا الخطأ وهو نسياني هاتفي عندها لأن الجرح في قلبي الخائن كان غائراً وأعمق من أي شيء آخر...لم أعاود الاتصال بأختي وهي تعلم وتفهم ان لم أرُدّ فعليها الّا تكرر اتصالها حرصاً عليّ وفقط تنتظرني حتى ارجع لها انا !!.....كنتُ أقود السيارة دون هوادة كالتائه الذي أضلّ سبيله أشتم نفسي على ضعفي ازاءها ....لقد صدق السيد (سليم) بكل كلمة قالها فها هي محاربة فتنة النساء ليست كحروبنا في ارض المعارك وعلى أرض الواقع أمام أشد الرجال وأقساهم وها أنا بالفعل خسرت معركتي معها.......مخلوقات رقيقة ضعيفة تتمكّن منا بسهولة وتضعفنا بل تردينا قتلى وتدوس علينا دون أن تتنازل وتخفض عينيها لترى نتائج افعالها !!......لم احقد عليها كما احقد على نفسي هذه اللحظة فإن كنتُ عادلاً بحقها هي لم تخطئ ومثلها مثل أي امرأة زوجها غامض وتأتيه اتصالات مشبوهة والأدهى أنني لم أبرر وتركتها حائرة في ظنونها .....لكن عتابي الوحيد ...لمَ؟؟....لمَ فعلت هذا بي ؟!....لمَ لم تقتحم الحمام وتقتلني او توبخني او تواجهني وتلقي الهاتف في وجهي ؟!....لمَ لمْ تصدني من البداية وتوقفني ؟؟!... .لمَ جعلتني اتعذب لهذه الدرجة وأذوب من قربها ولمسها دون أن أنال رشفات الحب المسكرة وأشبع منها ؟؟....ألهذه الدرجة ابنة النذل صعبة المنال ؟؟...أم أن ثمة لعنة ما تلاحق علاقتنا ؟!!...لا أعرف كيف قدتُ السيارة متجهاً الى المدينة الساحلية وبحري... الى عشقي الذي يفهمني ....الطريق يستغرق ثلاث ساعات لكني وصلته بأقل من ساعتين ونصف بسبب تهوري في القيادة....نحنُ في بداية الشتاء ومع ذلك لم أهتم !!.......اشتريتُ بنطالاً قصيراً ومنشفة من احد المحلات على الشاطئ حال وصولي ....بدّلت ملابسي وتقدّمتُ بعزيمة لأغوص وابرّد روحي وقلبي وقبل وضع قدمي بالماء أوقفني صوت يأتي من يميني :
" لا تتهوّر أيها الشاب ....البحر هائج !!.."

أأقول له أنا هائج أكثر منه ؟!...أاقول أنا من سأبتلعه علّني اطفئ حرائقي وليس هو من سيبتلعني ؟!....ماذا أجيبه ؟!......لم ألمح ملامحه فالإضاءة خافتة بسبب بُعدنا عن المحلات وأنوارها وغيوم خفيفة تحجب الهلال .....أكملتُ خطواتي دون أن أحس ببرودة الماء ودون أي تعليق للذي همس من خلفي مستنكراً ومخمّناً لم يقصد اسماعي:
" لا حول ولا قوة الا بالله .....أقطع يدي إن لم تكن امرأة السبب في هذا !..."

لا استطيع مقاومة رائحة البحر وملوحته ولا ملمس مائه ....ألقيتُ نفسي ليندمج جسدي القاسي مع قوة أمواجه ....لا أعلم كم سرقت من الدقائق وأنا أسبح بعنف كي أفرغ غضب الرغبة من داخلي وبعدها اتخذت سطح الماء فراشاً لظهري لأسترخي قليلاً وأريح عضلاتي المشدودة....ربما ساعة وربما أكثر أمضيتها مع بحري وبفضل من الله لم يبتلعني ولم ابتلعه فنحن أكثر اثنان نتفاهم ونتناغم مع بعضنا ....خرجت منه خفيفاً وبشعور آخر كأني ألقيت كل ما كان على كاهلي فيه....انحنيتُ احمل منشفتي وجففتُ جسدي وشعري والآن فقط شعرتُ ببرودة الطقس ....مشيتُ خطوتين اتجه لأخذ ملابسي من سيارتي ليصلني الصوت ذاته مرةً أخرى والآن ملامحه باتت أوضح بسبب النار الصغيرة المشتعلة حديثاً أمامه والتي أضاءت وجهه :
" حمداً لله على سلامتك أيها العاشق ....ارتدي ملابسك وعُد لنشرب الشاي سويّاً ونتسامر إن لم يكن لديك ما تفعله !!.."

ارتسمت ابتسامة مائلة على زاوية فمي فيبدو لي أن هذا العجوز أخذ كفايته من الخبرة في هذه الحياة والتي تُوَثَّق على تجاعيد وجهه ويديه فها هو يفهمني دون ان يعرفني !!....هذه الفئة أكثر ما أحب.. فهم الأصل وهم التراث الغالي ومنبع الدفء والحكمة ...كان عجوزاً هزيل الجسد أشيب الشعر وذقنه خفيفة طويلة بلون شعره وشاربه ينبت بعشوائية ويرتدي طاقية شتوية لونها رمادي وأجزم انها كانت لوالده فمثل هؤلاء يبخلون على أنفسهم من اجل اعطاء غيرهم ....ملابسه قديمة كل قطعة يرتديها لا تلائم أختها...لا تهمهم المظاهر كما تهمهم الجواهر!!....رغم قلة كلامهم الّا ان رسائلهم عميقة وهادفة...اذا احبوا احبوا بصدق واذا بغضوا لا يسامحون بسهولة !!....اومأت برأسي موافقاً على دعوته واتجهت لحمام الشاطئ ومعي ملابسي كي آخذ حماماً سريعاً لأزيل الأملاح والرمال عني !!....
عدتُ اليه ملقياً السلام فنهض من مكانه حيث كان يجلس على اناء حديدي (جالون) خاص للبنزين ليتيح لي الجلوس ثم مشى عدة خطوات وجلب آخراً فارغاً وجلس عليه مقابلاً لي قائلاً :
" أراك اول مرة هنا ...تبدو لي أنك لست من مدينتنا الساحلية رغم احترافك ومهارتك بالسباحة وقدرتك على مواجهة أمواجه العاتية !!.."

ضحكت وقلت :
" أصبت ...أصلي من المدينة الجبلية لكني أقيم خارج البلاد أما البحر هو صديقي منذ طفولتي لذا أجيد التعامل معه...."

هز رأسه موافقاً وقال وهو يمدّ يده لمصافحتي:
" معك الحاج حافظ الصياد !.."

استقمتُ واقفاً معتذراً لأني لم اصافحه ولم اعرفه على نفسي وهاتفاً وأنا امسك يده والأخرى اضعها على صدري :
" اعتذر يا عم ...عقلي ليس معي ...معك هـَ....يامن الهاشمي !!..تشرفت بمعرفتك..."

اومأ بابتسامة ثم أفلت يدي ووجّه نظره للنار ينكشها بسيخ حديدي وقال بهدوء:
" يامن هو اسمك على الهوية أم المتداول بين الناس ؟!.."

اتسعت عيناي بصدمة وقلت بمداعبة اداري صدمتي مع نبرة ضحوكة:
" يامن اسمي ...لمَ تعتقد أن لديّ غيره ؟!..."

أجاب وما زال نظره على شعلة النار :
" الشخص الذي يمتلك اسماً واحداً لا يتردد بقوله أما من يمتلك اسمين يحتار بأيهما يعرّف على نفسه يا هاني !.."

ايقنتُ تماماً أنني أمام عجوز نبيه وليس سهلاً وأنا لم ازلّ يوماً بين اسميّ لكني لامستُ نظراته وأنفاسه الصادقة وخجلتُ أن أكذب عليه لذا كنت سأخبره باسمي الحقيقي لكن في آخر لحظة غيرت رأيي احتياطاً فأنا لن اراه مرةً أخرى غالباً ! وها هو أمسك بأول حرف بكل ذكاء !!....قلتُ مادحاً بمرح:
" ما شاء الله عنك يا عمي الحاج أنت تلتقطها وهي طائرة ......إذاً عليّ الاعتراف ...اسمي الآخر هو هادي ونادني بما يعجبك !..."

قال بهدوء وهو يضع ابريق الشاي الذي اصبح لونه أسوداً من كثرة استعماله واحتراقه فوق النار:
" الاسمان جميلان ...ينزل الولد من بطن امه واسمه معه والأكيد انك لم تنزل باسمين ....فاخبرني أي اسم هو الأول ؟!..."

قلت:
" هادي..."

قال:
" معناه جميل جداً ولكل امرئ من اسمه نصيب وأتمنى أن تكون فعلاً مثل اسمك مرشد وموجّه ديني لتفيد الأمة فكم ينقصنا شبان يؤتمنون لإيصال الرسالة التي خلقنا من اجلها الله ..."

تبسّمت فتابع:
" ولا ننكر أن معنى اسم يامن أيضا جميل وهو الرجل المبارك على قومه وذو القوة والمقدرة والذي يقوم بالأعمال الحسنة وإن لاحظت سترى ان الاسمين يأخذان نفس الاتجاه وهو طريق الخير...فبارك الله بمن دعاكَ بهما أيها اليامن الهادي..."

" وبارك الله بكَ عمي الحاج !!.......هل بيتك قريب من هنا ؟!..."

استدار للوراء قليلاً ورفع يده يشير على بصيص نور من قنديل خافت معلّقاً على بيت اشبه بالكوخ مبني من صفائح حديدية وأخشاب مجيباً:
" ذاك هو قصرنا انا وزوجتي الحاجة كرام أم عُدي.."

قلت مستغرباً:
" هل سمحت لكم الدولة بالبناء هنا ؟!....الذي أعرفه انه غير مرخص بناء البيوت على الشاطئ !!..."

تنهد تنهيدة عميقة وأجاب:
" بيتنا الحقيقي في أحد الأحياء البعيدة عن هنا ....لديّ ابنتان وتزوجتا لابنيّ عمهما فانتقلنا انا وزوجتي وحدنا الى هنا !!.."

" وعُدي ؟!..اين هو ؟!.."

أجاب بعد صمت يسير :
" ذهب ولم يعُد.....بعد ان اشتدت الحرب قبل حوالي اثنتا عشر سنه ويزيد ومُنعنا من الصيد ولم يكن لدينا مصدر رزق غيره.. قرر الهجرة لبلاد الغرب ليعمل ويجني الأموال من اجلنا ....لم نوافق على سفره لكنه أصرّ بعدما رأى درجة الفقر التي وصلنا اليها ..ومنذ ذاك اليوم انقطعت اخباره وكان يصلنا اخبار عن قوارب ضاعت في البحار وناس لاقوا حتفهم فسلّمت أمري لله موقناً أنه كان بينهم لكن زوجتي الى الآن تصمم أنه على قيد الحياة وانتقلت الى هنا تنتظره ليالي ولم تكن ترضى بالعودة الى البيت فاضطررت لبناء هذا الكوخ والانتقال هنا لمسايرتها حتى يحدث الله أمراً ولأنه ممنوع البناء الاسمنتي قمت ببنائه من الحديد والخشب وسعف النخل فمثل هذه النوعية لا يهتمون بهدمها ما داموا لم يخططوا لمشاريع في المكان !.....إن كان على قيد الحياة سيكون في منتصف الثلاثينات وإن قبض الله روحه فيكون مات في عمر الثانية والعشرين ..."

حزنت لأجله وقلت:
" اسأل الله أن يأتيكم بخبر يُسرّ بالكم !!...رحمة الله واسعة "

" نعم المولى ونعم النصير .....أنا ما يهمني هو زوجتي التي بدأت تضعف مع تقدم العمر وكم حاولنا اقناعها بالرجوع الى بيتنا أنا وابنتيّ وزوجيهما الّا أنها ترفض رفضاً قاطعاً متشبثة برايها وتمضي بحياتها وتعيش على أمل العودة ورؤيته !!...لم يبقَ بالعمر مثلما مضى لذا عليّ الانتظار مع انتظارها ..."

بعد النبرات الواهية الحزينة التي خرجت منه جلى صوته وبدّل نبرته لأقوى مع تقاسيم وجهه التي تدّل على شقاء الحياة ناظراً اليّ وقال :
" أنا دعوتك لتشرب معي الشاي واسمعك لا لأن تسمعني .....اخبرني أيها الزوج العاشق ...ما أتى بك هذه الساعة وبهذا الطقس البارد الى الساحل ؟!..."

ضحكت وهتفت :
" ماذا يا عم ؟!...يبدو أنك تعرفني أكثر مما اعرف نفسي !!..كيف علمت أنني متزوج "

أشار الى يدي اليسرى دون أن يغيّر نبرته وهو محافظاً على ذات التقاسيم وقال :
" الخاتم في بنصرك الأيسر لا يحتاج لذكاء !!...هذا دليل أنك في داخل قفص الزوجية ...."

نصب ظهره متنهداً ثم انحنى مجدداً وأخرج من كيس نايلون شفاف حفنة من الشاي مع بضع أوراق مجففة من إكليل الجبل ووضعهم في الإبريق وتابع وهو يحركهم بملعقة تناولها من جانبه موضوعة على صينية ابتكرها من غطاء بلاستيكي لعلبة طلاء القوارب :
" أما لمَ أقول أنك عاشق فهذا بديهي من أنفاسك الملتهبة التي جلبتك الى هنا لتطفئها والتي أجزم سببها امرأة وليست أي امرأة إنما حبيبة فبالطبع لو كانت امرأة عابرة أو عادية لن تؤثر فيك وتثير دماءك وإن كان رجلاً لن تحتاج للبحر لتنفّس غضبك به بينما تمتلك هذه العضلات ما شاء الله الكافية بسحقه !!....أنت هربت كي لا تؤذيها بعدما أثارت حفيظتك أو جرحتك وهذا لا تفعله الّا مع من سكنت قلبك !.....هل أخطأتُ بقراءتك أيها المرشد المبارك ؟!....."

زفرتُ أنفاسي بقوة ثم رسمت ابتسامة مطعونة وهززتُ رأسي أوافقه هامساً :
" لم تخطئ عمي الحاج ..."

مدّ لي كأساً زجاجياً صغيراً بعد أن سكب به الشاي وقال وأنا اتناوله منه :
" أتريد سكر ؟!.."

قلت رافضاً:
" كلا....أُفضّل شربه مرّاً على أن أتذوق حلاوته المزيّفة !!..."

وأضفت بعد وهلة:
" ها أنت يا عم قرأتني بسهولة ....أيا ترى هل أجد لديك الحل للتخلص من العشق الخاطئ ؟!.."

رمقني باستنكار وملامح تنبع عن رفضه لما تفوهت وقال:
" هل تزوجتها لتتخلص من عشقها ؟!...كان الأولى أن تسألني كيف احافظ عليها وعلى عشقي لها ؟...كيف اكسبها في صفي ؟!.."

قلت يائساً:
" زواجنا يمكنك القول عنه اشبه بالصفقة ...تدخل به المصالح وليس زواجاً طبيعياً ومع انتهاء هذه المصالح سيُهدم أكيد ....لمَ اذاً لأتعب نفسي وأنا احافظ على عشقي لها ؟.....أليس من الأفضل أن اسعى لمحوها من قلبي كي أتقبّل بسهولة لحظة الوداع ؟!..."

أمال زاوية فمه ليرتفع معه طرف شاربه بضحكة ساخرة وقال:
" هل تظن قلبك لوحاً طباشيرياً يمكنك أن تخط عليه أو تمحو ما تشاء عنه ؟!..."

أرخى ملامحه وأكمل بنبرة حنونة فيها الوقار والرزانة :
" أنا لا أعرف ماهيّة زواجك ولا أريد أن أعرف أسبابه ولكن الذي أعرفه أنه عندما وضعت يدك بيد والدها وأنت تطلبها زوجة لك على سنة الله ورسوله عليك اذاً أن تكون على قدر هذا الحِمل وهذه المسؤولية وإن كانت هي الخاطئة عليك إصلاحها وتوجيهها لتبنيا معاً عشاً آمناً دافئاً لا يمكن للطيور الجارحة الوصول اليه ....الزواج ليس لينتقد احدكما الآخر وليس لمراقبة زلّات بعضكما ولا يكون مهمة مؤقته ننتظر انتهاءها يوما ما ....الزواج مؤسسة أنت تديرها بحكمتك فإما أن تجعلها خيريه تصلح الأمة أو سيئة معطوبة تزيد الوضع سوءاً ...إن كان زواجك عن حُب فهذا جميل وإن كان زواجاً تقليدياً فهذا اجمل ولكن إن كان مجرد صفقة وبعقلك وقلبك قلبت موازينها لتجعلها صفقة العمر الأبدية وتحوّلها من مصالح ومظاهر هشة الى زواج حقيقي متين مليء بالسكينة فهذا سيكون اجملها على الاطلاق لأن كل شيء يأتي بالسهل يذهب كما أتى أما الذي تبذل جهدك من أجله بتحدي وإخلاص فستحافظ عليه بكل جوارحك وقوتك لأنك صعدت سلّمه درجة درجة بعناء ولن تنسى تعبك عليه ووقتها لن تسمح له لا بالاهتزاز ولا بالانهيار وستتذوق نتائج عملك وأنت تتربع على القمة بعد ان أزلت كل العقبات من طريقك وستعيش بسعادة التي لا تشبهها أيّتها سعادة !!..."

كنت استمع له وكلّي آذانٌ صاغية فكلامه يريح القلب ويبدد الحزن لكنه مع الأسف لا يعرف ان علاقتي على حافة الهدم والسقوط لأنها مبنية على الخداع من أساسها وأن صاحبة الشأن لن تسامح ولن تعطي فرصة لنا لنبنيها يداً بيد من جديد بأرض مستوية نقية دون حقد وبهندسة متقنة من التفاهم ومواد قوية من الود والحب وأساسات متينة من الصدق ....!!.....أصغيتُ له احتراماً دون مقاطعته وبعد الانتهاء من كلامه لذنا بالصمت كلانا ...فكرتُ قليلاً ثم قررت أن اعطه بعض التلميحات عن زواجي علّني استفيد من نصائحه وتوجيهاته أكثر أو لأني أتمنى أن أجد فيه الشخص الذي يفهمني وهذا ما فعلته اخيراً وكانت ردة فعله أنه لم يستغرب ولم يعلّق بدايةً وكأنني اخبرته شيئاً دارجاً وطبيعياً وبعد برهة حرّك جمرات النار بسيخه الحديدي وقال دون النظر اليّ:
" لا يهمني الأسباب التي ربطتكما ببعضكما ولكن ما يهمني هو ما وصلني من نبرة صوتك !!.."

تطلعتُ عليه بإمعان منتظراً أن يفسّر كلامه فرفع بصره نحوي وهتف:
" أنت رجل عاشق واسوأ ما في حالتك انك تعيش عشقك بقلق وعدم طمأنينة سببها خوفك من ان تخسرها !!....تهدر اوقاتك بانتظارك ليوم الفراق ....هل جربت أن تهدرها بحماية هذا الحُب الذي تكنّه في قلبك لها ؟!...تحبها وتغار...تعصف وتنهار ....لكن هل استخدمت السلاح الذي تصيب به قلبها كي تعود ولا تتخلّى عنك؟!..."

رفعتُ حاجبيّ متسائلأ :
" ماذا تقصد ؟!.."

قال:
" مثلاً...هل أشعرتها بحُبك لها ؟!.....هل أوصلت لها هذا الإحساس العظيم ؟!.."

لويتُ فمي لعدم معرفتي للإجابة ثم همست:
" لم أفكر يوماً بأن أوصل لها حبي !!....كنتُ فقط أعيشه داخلي ويترجم لا شعوريا ربما بنظراتي التي تفضحني أو بأشياء افعلها من اجلها وصدقاً لا أدري إن كانت تراني عاشقاً لها أم أنها لا تنتبه لذلك.....فنحن لسنا صريحين بما فيه الكفاية عن مشاعرنا !!...."

تبسّمت هازئاً لحالنا وتابعت:
" أما الغضب سبحان الله لا نخفيه ونترك سراحه دون تردد على بعضنا....أحيانا كثيرة يكون سكون بيننا ولكن في هذا السكون تستطيع القول عنا أننا أصدقاء فقط !!....ولا نكون زوجين او عاشقين !!..."

قاطعني قائلاً:
" لحظات السكون التي بينكما يجب ان تستغلها لصالحك كي تكون زاداً لك وحماية اثناء الغضب ..!!.."

سألتُ:
" كيف ؟!.."

أجاب:
" لا تقارن النساء بالرجال ابداً...هن لا يكتفين بالأفعال فقط!!....ينتظرن دائماً الكلام المعسول ويرغبن بالاستماع لكلام الحُب !! لذا عليك أن تغرس جذور الحب بالاعتراف لها وتسقيه وتُنمّيه بالأفعال والاهتمام بها ....اغدق عليها بكلماتك واحضانك لترتوي وتتجذر أكثر...اجعله متيناً بقلبها مهما عصفت بكم الرياح لا يمكن اقتلاعه ....محتمل أن يميل أن ينكسر لكن لا تخف لأنه بإمكانكما إصلاحه ...... اياك أن يُقتلع ويُلقى في أرضٍ غير أرضه ....سيموت حينها ولا تستطيع احياءه !!...لا تسمح أن تكون شجرة حبكما ظمآنة.....ثِق بحُبك بنيّ وستجني ثماره مهما طال الزمان او اختلف المكان .....فإن كان قلبك يحمل الحُب لها أكثر من الكُره لوالدها حينها ستعود حتى لو ابتعدت......ستعود بنيّ........جد اللحظة المناسبة واعترف لها بما تحمل من مشاعر اتجاهها ولا تبخل عليها ....الحياة واحدة ولن تتكرر والعمر يمضي ولا يعود....ماذا تنتظر والى متى ؟!.....عِش الحُب وتحدى الخوف وإن انجلت الحقائق ستسامح وتعود رغماً عنها لأنها لا يمكنها اقتلاع جذورك التي غرستها في قلبها بقوة وبالطريقة الصحيحة....أفض عليها من بحر العشق الذي تحمله لها لتغرق ولا تستطيع النجاة منه مهما تخبطت بين امواجه ....عليك ان تكون متريثاً ذكياً لتكسبها لا متهوراً وانفعالياً......اسأل الله لكما راحة البال وصلاح الحال !!.."

وجّهتُ بصري لظلام البحر سارحاً بكلامه ثم هززتُ رأسي برضا دون كلام وبعد نصائحه الطيبة لي بدّلنا الحديث لأشياء أخرى ومعظمها كان يخص عمله كصياد وما كنتُ متأكداً منه أن هذا العجوز الطيّب كان يحتاج لونيس يكسر وحدته كما كنتُ احتاج لغريب افضفض له ويفهمني وينصحني دون أي مصلحة تربطنا...!! ....مضى وقتاً طويلاً وأنا معه وفي نهاية سهرتنا اللطيفة نهضت من مكاني أتمطّى بسبب جلستنا المريحة فقط نفسيا لا جسدياً وهمست باحترام وأنا اصافحه وهو جالس :
" تأكّد يا عمي أنني لم أشرب سابقاً مثل حلاوة شايك الخالي من السكر ....أطيب شاي تناولته على الإطلاق من أطيب يد ....أطال الله بعمرك وأراح بالك على ولدك..."

انتصب واقفاً دون ان يفلت يدي وبيسراه الحرّة طبطب على كتفي قائلاً بابتسامة راكزة :
" صحة وعافية بنيّ.....أرجو أن تزورني مجدداً ولا تنسانا....سأنتظرك لنكمل حديثنا ويكون لنا الشرف إن جلبت معك زوجتك كي اشكرها لأنها السبب بتعارفنا !!...والأهم أن تأتياني زوجان عاشقان متفقان لا متخاصمان "

ضحكتُ مجاملاً له وقلت وانا اضع يسراي على كتفه الأيمن :
" أعدك عمي الحاج إن صُلحت الأمور بيننا يوماً وأمدّ الله أمدّ بأعمارنا سآتي بها لزيارتكم وسترى حينها اليامن الهادي العاشق السعيد وليس المحطم المكوي بنيران الحُب والصفقات والمهمات..."

حررنا يدينا ومددت يمناي من خلف رأسه منحنياً بجذعي مقبّلاً جبينه وهاتفاً:
" استودعكم الله الذي لا تضيع ودائعه ..."

×
×
×

نظرتْ لساعة هاتفها وكانت تشير للخامسة فجراً ....ابعدت الغطاء عنها ونزلت عن سريرها تقصد نافذة غرفتنا.....أزاحت الستار وأطلّت للساحة فوجدتها ساكنة على حالها ولا أيّ سيارة بها ....تأففت وشدّت الستارة بغلّ تغلقها ....عادت وجلست على حافة السرير موضع الأقدام ...النعاس يقتلها لكنها لن تسمح لجفونها بالالتصاق قلقاً عليّ ....نهضت بملل واتجهت الى طاولة الزينة ....أضاءت النور الخاص بها والذي يسلّط عليها...جلست على كرسيه الخاص ورفعت أناملها تتحسس برقة تحت عينيها الهالات السوداء التي شقّت ثلوج وجهها سببها قلة النوم والاجهاد ....عبست ملامحها منزعجة من شكلها !!...أخرجت من الدُرج مبيّض الوجه التابع لمساحيق الزينة وحاولت إخفاء ما ظهر لها ....اقتربت للمرآة اكثر لتتأكد من نجاح مهمتها فوقع نظرها على دمغة الحُب التي تزيّن عنقها ....ابتسمت ومع ابتسامتها سرت رعشة لذيذة في عروق جسدها وهي تستشعر اللحظة ذاتها والتي لم تجرّب مثلها سابقاً....قُتلت ابتسامتها في ارضها بعد أن أتاها صدى صوتي "...* ستعتذرين مني ولن أسامحك بسهولة حينها !!*..."...فرّت دمعة خاصمت عينها لتلقى حتفها على السطح الخشبي لطاولة الزينة أمامها....تطلّعت عليها وخاطبت نفسها "... ابكي على خيبتك ان كانت تلك خالته فعلاً..!!....طعنتيه مرتين ...مرة باتهامك له بالخيانة ومرة عندما رفضتيه وجرحتي رجولته ....لو أشعلتِ أصابعك العشرة الآن من اجله لن ينظر لكِ !....غبية تتسرعين وتنفعلين وبعدها تفكرين !!..."...

×
×
×

عدت ادراجي الى بيتهم بعد أن أخذت احتياطاتي كتغيير اسم خالتي في هاتفي الخاص بـ (هادي) من مريوما لغاليتي وكنتُ قد بعثتُ لها رسالة وقت الفجر اطلب منها ان ترسل رسالة للمدللة تسألها فيها لمَ هاتفي مغلق والآخر لا اجيب عليه نوعاً من التمويه ولتأكيد أن غاليتي هي خالتي فأنا مضطر لفعل ذلك حتى لو كان خداعاً فهذا ما توجّب عليّ فعله لا مناص !!....
كان حديثي مع العجوز يرن في اذني وعقلي طوال الطريق ....لكن أكبر عيوبي هي عزة نفسي الغالية ...لا استطيع المسامحة بسهولة....لستُ حاقداً !!....هكذا أنا جرح القريب يؤلمني اكثر ولا يلتئم بسرعة !!....اعرف حق المعرفة ان شكوكها من حقها وليس من حقي لومها... أما شعوري في تلك اللحظة التي سلّمت نفسي لها بكامل قواي العقلية والقلبية جعلني ابدو امام ذاتي بل اقتنع كل القناعة انني الضحية وليس المتهم وكانت الوساوس تطرق صفحات عقلي لتظهرني أن كرامتي اهتزت ورجولتي خدشت ...لم استطع طرد كل هذا من دماغي ....احتاج لبعض الوقت فقط كي اعود لطبيعتي ولولا أنني كنتُ مضطراً للعودة اليها من اجل السفر لما أريتها وجهي ولا رغبتُ برؤية وجهها حتى اهدأ كلياً واستوعب ما مررت به واعطيتها الصلاحية لتفعل ما فعلت بي .....لكن هذا نصيبنا البائس وعليها أن تتحمل ثوراتي ومزاجي !!.......
دخلتُ الغرفة الساعة السابعة صباحاً وأنا عاقد الحاجبين فوقعت عيناي عليها وهي تجلس على حافة السرير ترتدي ملابس الخروج وجوارها حقيبتها التي اعادت ترتيبها من أجل العودة لتلك البلاد وهاتفها بيدها ...لم تجرؤ بدايةً على التقدم نحوي او حتى رفع عينيها لعينيّ وأنا لم أطل النظر اليها بل توجهتُ من فوري للخزانة أُخرج حقيبتي ووضعتها أرضاً وبدأت بتناول ملابسي بعشوائية دون ترتيب وهذا عكس طباعي وما ان استدرتُ لأضع القطعة الأخيرة لأجدها أسيرة بقبضتيها وترفع وجهها لوجهي وحدقتيها تلمعان ندماً وتشدّ على شفتيها بقهر فجذبتُ القطعة من يديها وملامحي الغاضبة على حالها لكنها لم تفلتها وجذبتها نحوها هامسة :
" اسمح لي لأرتب حقيبتك!.."

قلت باقتضاب وانا أشيح نظري جانباً للفراغ:
" لا احتاج مساعدة أحد !.."

بنقاء روحها وببراءة قلبها قالت بنبرة رجاء:
" أعلم ....لكني ارغب بذلك!.."

قلت بجفاء وأنا اجذب القطعة بإصرار:
" من فضلك ابتعدي عني لا وقت لدينا ..."

همست بصوت مهتز:
" السيدة مريم اتصلت بك ولم تستطع الوصول اليك ..!.."

لم أرد عليها فحررتْ القطعة من يدها وأدبرت متجهة نحو طاولة الزينة ثم عادت إليّ ومدّت هاتفي الخاص بـ(يامن) نحوي معتزّة بإنجازها وهمست متفائلة بابتسامة:
" لقد شحنتُ لك هاتفك !.."

ربما ظنت سأشكرها !!...كانت تبحث عن أي شيء لتخوض بحديث معي وتقترب مني !!....نظرتُ اليه ثم الى وجهها نظرات فارغة ثم سحبته بلا مبالاة منها والقيته بالحقيبة ليغوص بين الملابس وقلت بعدم اهتمام :
" لا داعي له.."

ثم قرفصت اضغط بكفيّ على الملابس المبعثرة داخل الحقيبة وانتصبتُ واقفاً وقصدتُ الحمام لألملم اغراضي منه كالعطر وغيره والقيتها فوق الملابس ثم أغلقتها بصعوبة بسبب الفوضى وهي تنظر عابسة بحزن وتزمّ شفتيها كالأطفال ولما سحبت حقيبتي بعزم للخروج وقفت امامي تغلق طريقي هامسة :
" دعنا نتحدث !.."

لويتُ فمي بابتسامة ساخرة وقلت :
" لا يوجد عندي شيء لأتحدث به !!.."

ثم انحرفت قليلاً لأتخطاها فأمسكت معصم يدي الممسكة بالحقيبة وهتفت بأسى:
" لكن انا عندي ..!!"

بيدي الأخرى أنزلتُ يدها وقلت بكبرياء :
" فليبقَ لكِ ما عندك ..."

وتعجّلتُ بخطواتي وقبل أن اصل الباب قالت :
" بقي ساعة لخروجنا .....اين تذهب ؟!.."

أجبتها بقسوة ونفور وانا موليها ظهري :
" سأنتظر في الحديقة ....هذه الغرفة تشعرني بالغثيان هي وكل شيء فيها..!."

شعرتُ بوَقع كلماتي القاسية عليها لكني لن اضعف.....تباً للقلب وتباً للكبرياء اللذان يلعبان بي كالريح الذي يحرّك الطائرة الورقية بالاتجاه الذي يشاء دون استشارتها ...!!

لما اختفيتُ من امامها جرّت قدميها حتى وصلت السرير وارتمت عليه مجروحة من جملتي شاردة في سقف الغرفة ووضعت يدها على صدرها تحاول تهدئة ضربات قلبها التي تدفعها للبكاء ثم قلبت جانباً ليمينها وبعد قليل فتحت الهاتف على صورة تجمعنا تخاطبني :
" قل لي ...كيف أراضيك ؟! .."
" أرجوك سامحني ولا تقسُ عليّ"

×
×
×

كنا نجلس جانب بعضنا في الطائرة ....لقد اتخذتُ المقعد المجاور للنافذة وطوال طريقنا من بيتهم للمطار لم نتكلم وقد لاحظ ذلك ابوها وزوجته الأفعى واللذان حاولا ادخالنا باحاديث مشتركة لكننا لم نتجاوب معهما ..!!...وبينما كنت مسترخياً مكاني وارخي يساري على ذراع مقعدي الفاصل بيننا واسند رأسي للخلف على رأس الكرسي مغمض العينين تجرأتْ ووضعت يمناها فوق كفي وبدأت بإبهامها تحسس برقة وهي تنظر اليّ تتأمّلني ما بين الشوق والندم والرجاء أما أنا مع اول حركتين من اصبعها سحبتُ يدي وكتفتُ ذراعيّ على صدري لأني لا أريد السماح لها بالاستمرار بذلك وفعلت هي بالمثل فقد سحبت يدها بضعف بعد ان ابتلعت ريقها لشعورها بغصة تخنقها ثم عدّلت جلستها على كرسيها وبعد مرور دقائق عديدة صادفنا مطبٌ هوائيٌ قويٌ وكردة فعل سريعة استدارت نحوي رهبةً وتشبثت بذراعي ودثّرت وجهها على كتفي وهي تشد على عينيها مرعوبة وقد لاحظتُ تلاحق أنفاسها بسبب وجلها مما جعل الخائن أن يرأف بها ويجعلني أمدّ يساري أحاوط كتفيها وأجذبها نحوي لتتوسد وجنتها صدري ليمدّها بالأمان قلبي وكانت هذه غلطتي بدعوتي لها لأنها ظلّت على حالها هذا ملتصقة بي بعد أن اخذت غفوة بسبب احساسها بالسلام ولقلة نومها الليلة الماضية وعند وصولنا مطار عاصمة تلك البلاد ايقظتها بجمود مغاير للحنان الذي اغرقتها به في رحلتنا الجوية ومن طريقتي الجافة معها فهمتْ أن لا تتوهّم بأنني سامحتها ....لم أنسَ نصائح العجوز لكن كرامتي ما زالت تتغلّب على مشاعري ولا أعلم متى سنستقر أنا والخائن قلبي... ؟؟!!....

~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~

فقط يوم واحد مضى لعودتنا من السفر ليصلنا أخبار عن مظاهرات حاشدة للمحايدين في كافة أرجاء بلاد الأم تطالب باستقالة حزب جنود الدولة بعد أن فشلوا بالسيطرة على الثورات الداخلية التي تحدث بين أنصار حزب الثوار بقيادة السيد( سليم الأسمر) وأتباع حزب المعارضين التابعين للوغد ( عاصي رضا ) والتي تنذر عن اشتعال حرب جديدة إن تأزّم الوضع أكثر وإن لم يتم اخماد هذه الفتنة في أسرع وقت ممكن !!...
لقد انهارت الاتفاقية والهدنة المؤقتتان اللتان وضعتهما الجهات الأجنبية وسببها المدسوسين الذين يخدمون مصالح الوغد واتباعه فهم لم يعودوا يطيقون صبراً وارادوا تحريك البلاد ولو بالطرق الملتوية لخوض انتخابات جديدة قريبة يتجهزون لها بشكل أقوى وأمكن.!!
إنه رجل خبيث يمكنه التمثيل بجدارة دون ترك زلات خلفه ....لم يشعرني اطلاقاً عن توتره بشأن هذا الموضوع اثناء مكوثنا معاً في بيته بالعاصمة بل كان طبيعياً جداً....لا أدري بماذا يثق لهذه الدرجة ؟!....هل الجشع يجعله يعتقد أن أهدافه ومطامعه في الجيب ؟!.....
هذه الاخبار تخيفنا لأننا بغنى عن العودة لأجواء الحرب الدامية المدمرة للوطن وشعبه وعليهم تدارك هذه الفتنة بتحديد موعد قريب للانتخابات فإذا تُركت البلاد مشاع دون إيجاد من يمسك زمام الأمور ويسيطر بحكمة وتفاني سيكون على الدنيا السلام وسنخسر اكثر مما خسرنا في السابق ..!!
وها نحن ننتظر ماذا سيكون القرار !!....اسأل الله أن يأتي بما فيه الخير لوطني وابنائه !!..

~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~

كان هذا يومنا الثاني في البيت قبل عودتنا لروتين الحياة أي عملي وجامعتها..!!....يومان تحاشيتُ الالتقاء بها وضغوطات كثيرة تخنقني من كثرة المسؤوليات وكابدت لأُلهي نفسي بها حتى تتحول النار داخلي الى رماد كي لا احرقها اكثر ...لم أكن اعرف عن صراعاتها وافكارها ....اساساً لم اسأل عنها ولم تسأل عني....كالأغراب نعيش تحت سقف المهمات ......شقت ثغري ابتسامة مكلومة وأنا أشبّه وضعنا كطالبين زميلي سكن التقينا في محطة من العمر ننتظر تخرّجنا لنفترق ونعود الى بيتينا !! ........هي مع اشتياقها لخالتها الا انها لم تطلب مني الذهاب أما أنا ذهبتُ لأهلي في الأمس لأسلّم عليهم ...!!.....
قمتُ عن كرسي مكتبي في البيت أتمطّى بعد ان مرت ساعات لم اعدّها ...لقد أذّن المغرب وعليّ الوضوء والصلاة....مررتُ من جانب النافذة قبل الخروج وفتحتها لأشمّ رائحة التراب الذي سقطت عليه الأمطار فمهما حاولوا تغييري ومحو شخصيتي ....ما زلتُ أنا (هادي) المتيّم بهذه الرائحة منذ صغري !!...اغمضت عينيّ وشهقتُ بعمق ثم زفرت على مراحل مبتسماً.....طيّبتُ انفاسي بهذا الأريج والنسمات الباردة بحنان مسدّتْ وجهي....اغلقت النافذة مع الستارة خارجاً وصاعداً السلالم بسرعة وما إن وصلتُ طابقها حتى وقع نظري عليها كانت تريد النزول...!!...وليتها ظهري استديرُ ليساري كي اتابع الصعود لسلم طابقي ولما وضعتُ قدمي على آخر درجة لم انتبه انها كانت تتبعني حتى سمعتُ صوتها من خلفي هامسة :
" انتظر..!!"

تغاضيتُ عن كلمتها بقصد ومشيتُ بخطواتي الواسعة وفتحتُ باب غرفتي وقبل أن اغلقه دلفت بسرعة الى عندي !!...وجهها غدا ضعيفاً شاحباً وعيناها تعاني من سهاد ليلها.... تطلعتُ عليها من فوق لتحت مستغرباً دخولها الأول لغرفتي وانا محافظاً على صمتي فهمست بإصرار:
" سنتحدث !!.."

بلا مبالاة استدرتُ قاصداً غرفة الملابس والحمام ولم أتوقع ان تكون عنيدة بجرأة لتلحق بي !!....لمحتها بطرف عيني ولما تأكدتُ انها لن تحل عني اردت احراجها فبحركة سريعة خلعتُ بلوزتي وبقيتُ عاري الصدر ....تململت مكانها وازاحت نظرها تزدرد ريقها بخجل ولم يستمر هذا عندما تحدّت نفسها وصوبت بصرها مجددا نحوي بقوة مزيّفة وتابعت بإصرارها:
" قلت لك سنتحدث !!...ألا تسمع ؟!.."

رنّ هاتفي فأخرجته من جيبي مجيباً :
" السلام عليكم.."
"...."
"حسناً... اجلبه الى الشركة معك غداً وسأفحصه ان شاء الله !.."
"..."
" الى اللقاء.."

كان اتصال من احد موظفي شركتنا ....انهيتُ المكالمة ووضعتُ الهاتف على احد رفوف القسم المفتوح من الخزانة بهدوء....اقتربت خطوة وهتفت ساخرة بقهر:
" ها هو لسانك سليم ...لوهلة ظننتُ أن القطة ابتلعته !!.."

باقتضاب ودون النظر اليها قلت:
" سنتحدث لاحقاً...اريد ان اصلي !!"

" يعني متى ؟!.."

" لا اعلم....لا تسأليني..!!...اذهبي الآن !"

ثم فككتُ حزام بنطالي متعمّداً كي ابدّل ملابسي امامها ونيّتي كما هي....احراجها لتذهب!!...لكنها على حين غرة أصبحت مقابلة لي وبقبضتيها الناعمتين تقبض يديّ الممسكتان بالحزام لتمنعني من الاستمرار بما كنت افعل !..وسحقتْ الفراغ بيننا دون ان تفلتني وبحسيس أنفاسها الحارقة لذعت صدري ...وجيب قلبها يرتفع من ضيق المسافة والملامسة ومعه رفعت رأسها تسلّط سماءيها على أرضي ....كم تمنّت هذه اللحظة بأن احتضنها وكم تمنيتُ أنا أن التهمها !!....حررتْ احدى يديها ومرَّرَتها على عنقها تمسحه لظنها ان حبيبات عرق لمعت عليه لتداري سوء افكارها ....حركاتها تدغدغ مشاعري اليتيمة وتلعب بإيقاع قلبي.....هل درجات الحرارة بالمكيّف في غرفتي مرتفعة أم أن اشعاعات ساخنة تصدر منها وتصيب جبيني بالتعرّق ؟؟!!....آه لو ترحميني...لحظات وعيوننا تحاكي قصة حب وأوجاع ...بعد برهة تنحنحت تستعيد رباطة جأشها وهتفت بجسارة :
" أنا لستُ رجل كرسي في هذا البيت لتعاملني على مزاجك ولست موظفة في شركتك لأنتظر أمرك ولا زبونة لآخذ موعداً كي اقابلك !!...يكفي الى هنا انا سئمت!!....انا زوجتك سواء رضيت او لا وكذلك لست أي زوجة....ضع هذا في عقلك...أنا ابنة عاصي رضا الذي يريد الجميع رضاه وينحنون احتراماً له.....لم تجلبني مشردة من الشارع !!......من اول يوم قلت لك سنتحدث وأنت لا تعير طلبي أي اهتمام !!....لا تكن جلموداً !!...."

رغم انها قالت كلماتها المحقة بها بنبرة بدت عالية وبثقة واضحة وبسموّ وعظمة بوالدها النجس الا أنني رأيت حركة صدرها المرتبكة من تحت منامتها الساتان الذهبية التي لم تستطع اخفاءها....أو ربما كلا....ليست مرتبكة !!..انها فقط مقهورة لأنها محتاجة...أجل محتاجة بجنون..... كاحتياجي لها...مشتاقة ...كاشتياقي لها !!.. يا اللـه...قوّني يا اللـه....!!

لم اغتظ كعادتي مما القته عليّ فتأثير حضورها كان الأقوى ....بدأت أنفاسي تتهدج من قربها ولمستها ومن حركة الرغبة التي تفضحها...نظراتي اليها ولشفتيها كانت تترجم شغفي بها ...لقد اشتقت لملمسهما ...تذكرت طعمهما بالغابة ونحن في الوطن....أول قبلة مشتركة حقيقية حميمية من صميم فؤادينا جمعتنا....يا ويلي ما الذّها !!.... وصلتُ حد السخونة ولكني صامد لم أنبس ببنت شفة وأنا اتأمل سحرها وقلبي آيل للسقوط صريعاً تحت قدميها وقد اعتقدت هي انني لا اهتم لحديثها والحقيقة أنني كنتُ مغيّباً مع أفكار الحُب المنحرفة !!...لكن بثانية اتسعت عيناي مصدوماً ليس مفتوناً عندما حررتْ يدي الثانية من يدها وهي تعود خطوة للوراء وتلتصق بالخزانة مع اهتزاز حدقتيها وبنفس اللحظة قدّت قميص منامتها تفتحه على مصراعيه بعنف حتى تبعثَرَ قسم من الازرار على الأرض الرخامية باتجاهات مختلفة ليظهر من تحتها القطعة الوردية الداخلية اللعينة التي تغطي صدرها فقط وباقي جسدها الحليبيّ الغض يُكشف امامي وصرخت بوجع :
" خُذ ما تريد مني ان كان هذا سيجعلك تسمعني وتكلمني !!...هيا أنا تحت أمرك ما دام رفضي لك هو سبب حقدك عليّ !!...خُذ ما تريد وأرحني من هذا العذاب...افرغ بي متعتك وهواك.....اليس تفكير الرجال محصور بهذا الشيء ..وبه اما ينالون وسام الرجولة أو يتحولون لوحوش إن قوبلوا بالرفض ؟!! ."

أجل أريدها......بالتأكيد أرغبها.....قسماً متيّماً بها !!....يا عالم عشقي اوصلني حد الهلاك !!..سحقاً ....كم أنا ضائعٌ مشردٌ لاجئٌ بعينيها..!!....لكن كل هذا اصبح هباءً منثوراً...وقلبي غدا مكسوراً ....وغضبي اشتعل جموحاً ونفوراً عندما قيّمتني كحيوان تسيّره الغرائز والشهوات ....هل هذا أنا بنظرها ؟!...أحقيقة انها تظن بي ذلك ؟!..كيف تهين نفسها وتهينني ؟!...كيف تعرض نفسها عليّ كسلعة وتضعني بخانة المرضى المولعين بجسد المرأة ؟!....لمَ لا تفهم أنني لما اردت قربها لأنها هي ألمتي بروحها وعينيها اللتين أسرتاني ولأنها تلامس شغاف قلبي وليس لأنها مجرد جسد أنثى ؟! ..كم أنثى قابلتُ ورأيت ولا امرأة سواها عشقت وتمنيت !!..أحسستُ هذه الدقيقة أنني حيوان مجرد من المشاعر ويلهث وراء أي انثى !!....وا أسفاه يا هادي يا ابن الشامي ...وا أسفاه.....!!
بدل ان تُخمد ناري وتتحول الى رماد ...ألقت عليها الحطب والوقود لتنتشر وتزداد !!....من قباحة ما سمعت كادت عروق عنقي تتفجر وانا اجز على اسناني بشدة حتى برزت عظام فكيّ وقبضتي تغيّر لونها من قوة ضغطي عليها وأنا اكوّرها وشرايين ذراعي ثخنت من ثورة دمائي ...اودّ تحطيم كل شيء...اجل كل شيء وأولهم هي....نعم هي اريد تحطيمها وتفتيتها ومسحها من حياتي ...ماذا افعل بها ؟!...هل اسحبها من شعرها معذّبي والقيها بالخارج ام اصفع وجنتها الناعمة ام اكسر عظامها الرقيقة ؟!...ماذا افعل ؟....يا رب لا تجعل شياطيني تتمرد عليّ !!....بقوة ما بعدها قوة يصاحبها تربيتي ومبادئي تذكرت ( رفقاً بالقوارير )....وأي قارورة يا الله هي أمامي ؟؟...هي حبي وحياتي ....جنتي ووئامي....إنها ألمتي....وكل آلامي !!...صرختُ صرخة مدوية وبقبضتي المُصلَبة المرتجفة من ثورة اعصابي انزلتها جانب رأسها باستفحال مغمض العينين لأترك حفرة بباب من أبواب خزانتي ضحية سمومها مانعاً نفسي من مدّ يدي عليها :
" اخرجـــــــي .."

تابعتُ بنفس الشراسة وعلى نفَس واحد:
" اخرجي حااالاً قبل أن اؤذيك...."

اضفت بينما كنت الهث لهباً دون ان افتح عينيّ :
" عندما افتح عينيّ لا اريد رؤيتك امامي !!....هيا اخرجــي !!.."

كانت شاحبة شحوب الموتى ولم تقوَ حتى على بلع ريقها وعيناها أصبحت داكنة ...ضمّت طرفيّ قميص منامتها على بعضهما بعجلة لتستر نفسها وتسللت دون ان تدرك من اين اتاها الدعم لتحثّ قدميها المتيبستين على السير من جبروت ما شهدت لتوّها حتى وصلت غرفتها تحبس نفسها بها ثم انزلقت خلف الباب تفترش الأرض وتضم ساقيها بذراعيها لصدرها وسمحت لدمعات تسقي جفاف وجهها هامسة للفراغ:
" قسماً أحبك وأنت حائط لا تحسّ بي ..!!..اردت فقط ان نتحدث ونصلح الأمور بيننا ....لكن مثلما قال ابي غضبك قبيح لا يطاق ....اعان الله من وقع في طريقك وانت في هذا الحال !......كيف تستطيع ان تكون هكذا....قاسي وحنون...هادئ ومجنون ...كيف تتعامل مع النقيضين بشخصيتك كيف ؟!....ورغم كل هذا....أحببتك..!!!."

ثم دثّرت وجهها على ركبتيها وشرعت بالبكاء .....!!

كنتُ في الأعلى أصول واجول في ارجاء غرفتي كالفهد المطعون...ازفر بقوة وافكر دون ان يسعفني التفكير .....استغفر واحوقل علّني اسكُن......اعيش بعذاب ما بعده عذاب ....على يقين ان لي يد بكل ما جرى لا انكر لكن غضبي بشع واردت ان اهدأ براحة وعلى مهل حتى نلتقي مجدداً ونعيد حيوية علاقتنا ....لم اكن مستعداً للاستماع ....نعم اليومان لم يكونا كفيلين بإطفاء لهيبي لأني كنت ما زلت في دائرتها في بيتنا ورائحتها تلاحقني ....كان عليّ الابتعاد قليلاً عن محيطها لأجمع شتات فكري.....هذا أنا وهذه شخصيتي....قولوا مغرور حاقد متكبّر .....لكن لا أسميه الا كبرياء هادي .....فسحقاً لكبريائي...!!
بعد عدة جولات ذهابا واياباً....نفثت انفاسي واتجهت لحمامي آخذ دشاً وأصلي صلاة المغرب التي اوشكت ان تفوتني سببها لعنة ....تلاحق حبي ...!!

×
×
×
في صباح يوم الأحد التقينا في مطبخ بيتنا وهو اليوم الموالي لثورتي معها ...كنت هادئاً الى حدٍ ما بعد ليلة أضنت اعصابي ولكنها هي حاولت ان تتوارى مني كالنعامة بباب الثلاجة بينما كانت تخرج منها مشروب الحليب بالشوكولاتة البارد وذلك لأنها تشعُر بالخزيّ من جرأتها البارحة لمّا عرضت جسدها عليّ !!...ألقيتُ عليها التحية الصباحية بصوت ثابت وانا اتجه لآلة صنع القهوة ولمحتها بعدها تسحب حقيبتها عن طاولة المطبخ وهي تمسك مشروبها تتجه لباب المطبخ ذاهبة دون ان ترد فقلت:
" توقفي..!!."

وقفتْ مكانها دون ان تستدير فتابعتُ:
" مِن اليوم ستعود الخادمة خولة لعملها هنا كالسابق....أي أن مهمة تحضير الطعام نزلت عن عاتقك !!.."

أجابت بصوت خافت دون الالتفات نحوي :
" جيد..!!.."

شعرت بقبضة صغيرة تعتصر قلبها بسبب هذا القرار...صحيح أنها تمنت هذا اليوم كي تتحرر من العبء الذي اثقلها لكن هنا راح تفكيرها أنني بقراري الجديد أرسم حدود أوضح وأكثر متانة بيني وبينها فبالمدة القليلة التي بدأت تحضّر هي الطعام كانت تعتبر أجمل وأدفأ لحظاتنا معاً حتى لو انها لم تخلُ من المشاكسات والمناورات الخفيفة...!!....
حملتُ فنجاني ومشيتُ اتجاه المدخل فكانت قد وصلته قبلي وفتحته تسبقني !!...بالعادة انا اوصلها للجامعة عندما يكون وقت خروجنا ذاته ....ما بها مستعجلة وكأن أحداً ينتظرها؟!!......لحقتُ بها خارجاً وفتحت سيارتي ولمّا اجتازتها ناديت عليها سائلاً:
" الى اين تذهبين ؟!.."

ردّت بجفاء:
" سائق أبي ينتظرني..."

ثم عجّلت بخطواتها أكثر لتخرج من بوابة الساحة الكبيرة بينما أنا جلست على مقعدي وشغّلت المحرك ودعست على الوقود عائداً بها الى الخلف خارجاً بعزم والغضب ينال مني حتى تخطيت البوابة وتخطيتها مع سائقها دون النظر اليهما ثم عدّلت اتجاه سيارتي وقدتُ عاصفاً الى عملي !!..هل ستتخذ موقفاً ابنة (عاصي ) وتريني انها ليست بحاجتي ؟؟!...اذاً فلتأخذ راحتها وتتدلل قبل ان تفقده والزمن بيننا بإذن الله !!....
×
×
×

انهت دوام الجامعة وعلاقتها المتكهربة تخنقها فعزمت على الذهاب مباشرةً الى بيت والدها لأنها تحتاج خالتها لا غير.....بعد ان استقبلتها خالتها باشتياق وقرأت على وجهها وجود خطب ما قالت لها :
" صغيرتي....أراكِ مهمومة !!...أهناك شيء؟!.."

مسحت دمعة سقطت من احدى عينيها وشدّت على شفتيها ففهمت أنها تعاني وتحتاج للفضفضة لكن هنا المكان غير مناسب لأنه مفتوح فهمست لها بحنوٍ وهي تمسكها من ذراعها لتنهض من مكانها :
" تعالي لنذهب الى غرفتي حبيبتي !.."

اومأت توافقها وشبكت ذراعها بذراع خالتها وصعدتا السلالم ولم تنتبها للواقفة جوار العامود عندما همست بألم (ألمى) :
" أنا ويامن متشاجران منذ آخر يومين من الرحلة !!.."

مدّت يدها تحاوط لها خصرها تجذبها نحوها بعطف هامسة بينما كانت بالأخرى تفتح باب غرفتها :
" لا حول ولا قوة الا بالله ....هيا تعالي واخبريني ماذا حصل لنحل معضلتك معاً !!.."

اغلقتا الباب خلفهما وجلست السيدة (فاتن) على السرير وأشارت لها لتستلقي وتضع رأسها على حجرها كي تلعب بشعرها ولم تجد نفسها صغيرتها الّا وهي تحكي لها منذ اول يوم لنا معاً وهو ليلة الزفاف لتتلقّى الصدمة خالتها وتهمس في سرّها .." سامحك الله أيها الهادي !!...هذا ما خشيته أن شهامتك المختلطة بكبريائك تتغلب عليك ولا تلمسها !!....وأنا التي تمنيتُ اتمام زواجكما لعلّ وعسى يرزقكما الله طفلاً يربط بينكما مهما ستعيشان من حروب بعد كشف الحقيقة !!...".....تنهدت بأسى وحاولت تلطيف علاقتنا بالنصائح الطيبة والارشادات الناضجة على أمل أن تستطيع ابنة شقيقتها النجاح بإصلاح الوضع المتأزّم بيننا...!!.....كان هذا الحديث يدور في الغرفة والأفعى في الخارج ترهف السمع من خلف الباب وقد ارتسمت ابتسامة خبيثة بعد حصولها على زبدة الحديث والركن الأساسي به أما في فقرة النصائح عادت ادراجها لأن هذا لا يعنيها شيئاً...!!

~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~

من جَد وَجد ومن زرع حصد ومن سار على الدرب وصل ...!!....مثلٌ لا يليق الّا بصديقي ( سامي) الضابط المثابر المخلص ...إنه رجلٌ أقسم على حمل الأمانة حتى آخر نفس يخرج منه ...لقد شهد له زملاؤه وأبناء مدينتنا على قدرته في تأدية واجباته على الوجه الذي يرضي الله ثم ضميره ورؤساءه !!...كافح وكدّ من عرق جبينه ولم يترك دورات استكمالية وغيرها ليتقدّم ويترقّى من رتبة الى أخرى ليصل الآن الى رتبة ( عقيد ) ....!!
مرّت أربعة ايام على تلقيه خبر ترقيته وقد فرح الجميع له ومن أجله سواء من طرف أهله أو من طرفنا والأصدقاء والزملاء وزوجته التي عبّرت له عن مدى سعادتها بذلك وقد فاجأته في اليوم التالي باحتفال صغير في غرفتهما مليء بالحب والرومانسية ولكنه كبير في تأثيره عليه !!...أحب الأوقات عنده هي التي يقضيها برفقتها دون مناوشات أو اختلاف دخيل ينغّص عليهما وفاقهما....أما اليوم هو دور والده السيد ( محمود الأنيس ) ليقيم له حفلة عشاء في احد المطاعم الكبيرة في المدينة كهدية يعبّر بها عن فخره واعتزازه بأغلى أولاده والأقرب لقلبه وقد دأب ليدعو زملاء صديقي بمناصبهم المختلفة والأقارب المقربين وأصدقاء العائلة وبعض المعارف !!....حرصت شقيقتي على اقتناء فستان راقي يليق بزوجة (العقيد) وقد كان من قماش الساتان باللون الوردي العتيق بكمين متسعين قليلاً وعند الرسغين مزمومين وضيق على الصدر ومن تحت الصدر مباشرةً زنار ثابت يعقد على شكل فراشة ثم ينزل باتساع متدرج مع رفارف حتى الكاحلين يليق بالحوامل رغم أن بطنها ما زال صغيراً لا يظهر والحجاب كان ابيضاً عقدته بشكل جذّاب وأنيق بعد أن وضعت لمسات خفيفة من زينة الوجه التي أضافت لجمالها جمالاً وجعلت الشهد في عينيها يبرز بشكل ساحر .....وقفت امام الخزانة الخاصة بالأحذية واحتارت بين اثنين لونهما ابيض ....احدهما بكعب عريض غير مرتفع والآخر كعب مسمار ....فكّرت قليلاً وابتسمت لنفسها بعد ان اهتدت للأخير لأنها تدرك فرق الطول بينهما والآن ستكون محط انظار هي وزوجها بين جمهور المهنئين لذا عليها أن تتناسق مع طوله قدر الإمكان كي لا تعطي المجال ليسخر منها أحد وكذلك هو المناسب لهذا التصميم...هي لا تدرك ولا تقتنع ان الفرق في طولهما يرسم صورة جميلة لعاشقين بالذات عندما يضمها تحت جناحه كطفلته !!...طولها يسبب لها عقدة مع انها تبدو بكامل الانوثة الناعمة وزوجها يعشقها هكذا ....شقيقتي ليست قصيرة تحت المعدل انما مقارنة به تبدو كذلك...!!.....انتعلت كعبها بثقة والتفتت للمرآة الطويلة التي تتواجد في زاوية غرفتها ثم بحركة طفولية استدارت معجبة بنفسها وما إن وقفت ومع شعورها بالدوار حتى غدت بين يديّ الجبل الساند لها فور دخوله تزامناً مع حركتها والذي كان يرتدي قميصاً كلاسيكياً بلون كحلي فاخر يرسم جسده الذي ينضح رجولة بعضلاته مع بنطال أغمق بدرجتين من القميص ....أمسك بمرفقيها وتأملها بنظراته العاشقة مفتوناً بجمالها وهمس بعد ان ثبّت حدقتيه على شفتيها الرقيقتين اللامعتين :
" ارحميني !....اذا كنتِ بداية الحمل وازددتِ جمالاً يا ترى الى اين ستصلين بسحرك في نهايته ؟!..."

ازداد تورّد وجنتيها فوق مسحوق الزينة الذي تضعه عليهما واخفضت رأسها حياءً من غزله وهمست بدلع :
" سامــي.."

ظل ثابتاً على وضعه وقال بصوت رخيم ولهان:
" أيمكن لسامي تذوق احمر الشفاه يا عينيّ الشهد ؟!.."

وضعت كفيها على صدره وهمست بجرأة رغم حيائها :
" كلا لأن سامي لا يكتفي بهذا وسيتمادى اكثر والمفترض أن نذهب قبل الضيوف لاستقبالهم ..."

عاد خطوة للوراء مع ضحكة رجولية سحرتها وقال :
" بهذه معك حق !!..."

يبدو أنه الآن عاد لوعيه !!....غضن جبينه وتأملها مجدداً على كامل طولها وسأل متعجباً :
" اراك ازددتِ طولاً.."

سأل سؤاله مع انحناءه صغيرة منه وهو يمد يده يرفع فستانها من تحت ولمّا رأى الكعب الذي تنتعله أفلت الفستان ووقف قائلاً :
" بدّلي الحذاء....لا يمكنك انتعاله !!.."

قطبت حاجبيها بعدم فهم وهتفت :
" لمَ لا يمكنني انتعاله؟؟!.."

أجاب في الحال :
" لأنك حامل وهذا غير مريح لكِ وأنا سأكون مشغولاً ولا استطيع دعمك ان تعثرتِ لا قدّر الله !!.."

اتسعت عيناها باستنكار وقالت:
" سامي أنا معتادة على الكعب ويمكنني الركض به وانت تعلم ذلك ...ثم أنا حامل فقط ولستُ عرجاء او مشلولة وأيضا هذا النوع الذي يلائم الفستان !!.."

أصبحت نبرته جديّة اكثر وقال بحزم وهو ينظر لساعته الجلدية الفاخرة المتناسقة مع لون ملابسه:
" دنيا لنمرر هذا اليوم من غير عناد لطفاً....هيا بدّليه سنتأخر !!.."

رفعت كتفها بعبوس وقالت :
" لا اريد هذا مناسب اكثر لفستاني !!.."

جلس على حافة السرير مكشراً وكتّف ذراعيه وقال بهدوء :
" أنا وأنتِ والزمن بيننا.....ها انا جالس انتظرك حتى لو لم نذهب للحفلة !!..."

قبل أن ترد عليه التفتت صوب الباب حيث سمعت طرقات من أمي الهاتفة لتستعجلهما :
" هيا احبائي سنتأخر ....غير لائق هذا بحق الضيوف !!....انا وشادي سنسبقكما للخارج !.."

لم يتحرك قيد أنملة وهو محافظ على صورته بهيبته وكشرته أما هي رمقته بنظرة خاطفة ثم نظرة نحو الباب محتارة كالواقعة بين نارين ...أتعاند وتسبب مشكلة حتى لو لم يذهبوا أم تتنازل بعد سماعها صوت والدتنا الذي يرنّ بسعادة ؟!...زفرت أنفاسها بعد ان وقع اختيارها على الثاني متنازلة ثم خلعت الكعب بنزق دون ان تعيده مكانه وانتعلت الآخر بينما الجالس شقت ثغره ابتسامة انتصار لتتلاشى على الفور عندما سبقته نحو الباب ببطء مغتاظة وهي تقول بنبرة عجرفة فيها الحدّة :
" اختصرت من اجل اهلي واهلك ولكن لنا حديث عند عودتنا....لا يمكنك تقييدي لهذه الدرجة بسبب الحمل !!....خنقتني.."

مع انه انزعج من كلامها وطريقتها التي لم تعجبه بالطبع لأنه شمّ من ورائها رائحة تهديد وكأنه ابنها الّا أنه لم يرد عليها ليختصر ايضاً فالآن ليس وقت الجدال مع عقل الضفدعة !!....ولكن بالتأكيد له حديث معها لاحقاً ان شاء الله !!...

×
×
×

وقف صديقي ووالده وشقيقه الكبير (رامي ) لاستقبال الناس على مدخل المطعم المزيّن ببالونات على شكل قوس باللونين السكري والذهبي والذي يتلاءم مع ديكور شراشف الطاولات وكسوة الكراسي وكان على جانبيّ الباب عامودان من الخشب وعليهما باقتين كبيرتين من الأزهار الثمينة بألوان عديدة ساحرة وكانت تقف في الجهة المقابلة زوجته مع والدته ووالدتي لاستقبال النساء منهم !!...بعد تناول طعام العشاء بأجواء هادئة تملؤها ضحكات الناس المُحبة لهم بقي الأقربون منهم لإكمال سهرتهم الجميلة مع التضييفات بكافة أنواعها التي توزّع على الطاولات !!...تطرفت دنيا لتردّ على اتصالي بعيداً عن الضوضاء بعد ان حاولتُ محاولات عدة على هاتف صديقي الذي نسي هاتفه بالسيارة ....كنتُ اريد تهنئته !!...لمحتْ (شادي) يمر فطلبت منه مناداته ليكلمني فاستجاب له بسرعة ذاهباً اليها ومع انتهاء مكالمتنا التفتا سوياً على صوت كعب التي وصلتهما تحمل بيدها كأساً من مخفوق الحليب بنكهة الفراولة وتسحب بدلع من قشة الشرب خاصته والتي لم تكن سوى ابنة خالته الشقراء وهي ترتدي فستاناً أسوداً يصل لتحت الركبة بقليل مفتوحاً قليلاً من عند الصدر بكمين طويلين وكعبها منخفض لأنها طويلة فالطول عندهم اكتسبوه وراثياً لتجد نفسها ( دنيا ) بين عملاقين احدهما بصورة رجولية والأخرى تليق بأن تكون عارضة أزياء !!...شعرت باستصغار بينها وبين نفسها بسبب قصرها مقارنة بهذه الّا انها تمالكت نفسها ورفعت راسها بسموّ وكبرياء تحييها مجاملةً:
" اهلاً أريج ...أين انتِ لم نعد نراكِ ؟!.."

ضحكت بمياعة بعد ان أبعدت الشفاطة من بين شفتيها تزامناً مع ضربها بعفوية لكتف ابن خالتها الواقف كما هي معتادة سابقاً قبل التزامه ورغم انه نبهها على هذه النقطة الا انها تحتاج وقتاً لتعتاد وقالت مازحة:
" زوجك اللئيم لم يعد يأتي ليأخذنا عندهم كالسابق منذ أن تزوج والآن سيختفي كلياً بعدما اصبح عقيداً وأنا صراحة لا اتفق الا معه أما باقي اشقائه نمضي اوقاتنا مشاجرة .!!...لذا تأتي أمي لوحدها معهم فأنتِ تعلمين أخي ما زال صغيراً لا يملك رخصة قيادة !!.."

أحاطت ذراع زوجها بحركة تمثيلية من غيرتها لأنها لمست كتفه وجاهدت على رسم ابتسامة رغماً عنها و لم تستطع مسك لسانها عن قول:
" يبدو أنك تنسين يا أريج أن حبيبي سامي لم يعد يسمح لامرأة غريبة بلمسه !!....لأنه حرام .."

رفرف فؤاد صديقي بعد أن وصلته غيرتها الظاهرة وبقي صامتاً دون ان يتدخل ليرى أين ستصلان وهو مستمتعاً بحبيبته التي شعر بحرارة انفعالاتها من غريمتها ...!!

اطلقت (أريج ) ضحكة بصوت وردّت:
" ما زلتُ لا اصدقه هذا الغليظ انه التزم حقاً ..."

ثم وجهّت الكلام له تذكّره بدلع ومرح:
" هل نسيت أيها الأشقر عندما كنتَ في الإعدادية وحتى بداية الثانوية ونأتي عندكم أنا وشقيقتي شذى لنبيت مع بيان ورزان وينتهي بنا الحال أننا ننام بينكم أنت وباقي الفريق ؟!!..والأهم مغامراتك وأسرارك التي في جعبتي....من أين نزل عليك الالتزام الآن ؟!.."

دق انذار الخطر داخله خوفاً من انفجار ضفدعته التي تلوّن وجهها بعد سماعها تلك تدعوه بالأشقر ومن تبجحها بقصص الماضي وهو يعلم أين سيصل تفكير زوجته الغيورة لذا كان عليه ان يسكتها قبل أن تتمادى وتفضحه اكثر بمغامرات المراهقة خاصته والتي تحفظها غيباً لأنها كانت مقربة منه ويخبرها بها وخاصةً أنها كانت الوسيط بينه وبين جارتها في القرية والشاهدة على قصتهما فترة المراهقة والتي كانت تحمل عينين عسليّتين مثل دنيته !!....فقال مبتسماً بثبات وجديّة لم تعهدها عليه:
" يا الله يا أريج اما زلتِ هناك ؟!....لا ادري كيف انتن الفتيات تتذكرن أشياءً طفولية بحتة فارغة مثل هذه ....نحن الرجال لا نهتم لمثل هذه الأمور وننسى ماذا اكلنا البارحة وما يهمنا هو حاضرنا ومستقبلنا والأهم ان كل ذلك كان جهلاً في الدين وقلة وعي وقلة نضوج وأحمد الله انه هداني قبل فوات الأوان واسأله الثبات دائماً وأتمنى من كل قلبي أن اراكِ في المرة القادمة وأنتِ ترتدين اللباس الشرعي وتلتزمين بقواعد الدين وخاتم خطوبتك يزيّن يدك ايضاً قبل فوات الأوان لأنك تعلمين جيداً أنك كنت وما زلتِ شقيقتي الثالثة يا ابنة خالتي والتي أريد سعادتها في الدارين !!.."

ومع انتهاء كلامه حوّط كتفيّ زوجته بمحبة خالصة لترد عليه تلك بابتسامة مجاملة بعد ان وصلها من نبرته انه فعلاً تغيّر واصبح لديه حياة أخرى :
" فعلاً تغيرت يا ابن خالتي !...."

واردفت بنبرة مرح تداري شعورها بخسارة صديق طفولتها :
" اذاً كثّف دعاءك من أجلي !.."

ثم بكيد انثوي سببه التي خطفت صديق دربها منها ورأتها مفتخرة برد زوجها ارادت الاستهزاء بها لتستصغرها امامه ولكنها أخرجت كلماتها بمزاح خوفاً من اغضاب الجبل الواقف معهما :
" دنيا اراكِ ازددتِ وزناً عن السابق اليس كذلك ام أني مخطئة ؟!..."

في حالة الطبيعة ودون عوامل جانبية هرمونات الحمل تضغط عليها لتأتي هذه الشقراء الغليظة وتضاعف ضغطها كأنها كان ينقصها فقط هذا ....لكن كبرياؤها يحميها لذا ردت ضاحكة رغم انها ترى القرود تقفز امامها :
" على العكس بسبب الحمل نحفت ثلاثة كيلو وأعمل جاهدة لإرجاعهم لأن سامي يريد هذا ولا بد انك تلاحظين ان تصميم الفستان فضفاض خاص للحوامل لذا ظننتِ ذلك ..."

اعتقدت أنها اسكتتها لوهلة ولكن الكيد يفعل الكثير لذا مسّتها بأكثر نقطة ضعف تمتلكها عندما قالت :
" معك حق الفستان فضفاض لذا يخفي الحجم الحقيقي وهذا التصميم في حالة الطبيعة يجعل المرأة تبدو سمينة قليلاً ولأنك قصيرة أوحى الى ذلك بشكل اكبر!.......لذا كان عليكِ انتعال كعب عالي ليصبح تناسق اكثر ومع انك جميلة الّا انه كنتِ ستبدين بصورة أجمل من الآن بلا شك وخاصةً أن زوجك ما شاء الله يقف جوارك مثل الجبل بطوله الفارع !! ..."

هيأَ نفسه صديقي لكارثة ستحل عليه هذه الليلة بعد هذا الكلام لأنه السبب الرئيسي بمنعها انتعال الكعب ويبدو ان الفتيات بالفعل أكثر معرفة وخبرة بلباسهن وما كان عليه ان يتدخل وعلى العكس لأنها كانت ليلة عابرة كان عليه مسايرتها مع تحذيرها بالاهتمام بنفسها بدل أن يقع في شرك النساء الذي يتعوذ الشيطان بنفسه من كيدهن !!...

كانت شقيقتي محافظة على هدوئها وعواصف هوجاء تجتاحها وودت لو انها تسحب المسدس المثبّت في ظهر زوجها وتطلق على البغيضة النار لترتاح منها ومن شقارها وطولها الذي تتباهى به !! ...ثواني قليلة ليرحمها الله من الجرم الذي كانت تفكر به بعد ان نادت (رزان) شقيقة صديقي على ابنة خالتها لتلتقطا صوراً لهما معاً وفي اللحظة التي تركتهما الشقراء سحبت (دنيا) نفساً عميقاً وزفرته لتُضبط شعورها بالغضب من الذي بجانبها والذي كان السبب الأكبر لما عاشته قبل قليل وفي داخلها تتوعد له بحنق أكبر مما كانت عليه قبل قدومهم الى المطعم !!
×
×
×

انتهت الليلة المنهكة للجميع رغم الفرح الذي كان ينتشر في حفلتهم الجميلة ....

" اللـــه ما أجمل العودة الى البيت وتحرير الجسم من الملابس الرسمية التي تقيدنا .."
نطقت بها (دنيا) لنفسها بعد ان تخلّصت من ملابسها قبل دخول زوجها الذي كان ما زال في الخارج ليرسل سيارته لشقيقه لأنه يحتاجها غداً....دلفت الى الحمام لتأخذ حماماً يزيل تعبها ولما خرجت وجدت ان الغرفة ما زالت فارغة من اشقرها الذي ترغب بتكسير رأسه ...!!...قالت في سرها.... "... الحمد لله أنني صليت العشاء في المطعم سأستغل غيابه وانام قبل ان افجّر قنبلة في وجهه ...يا رب امسكني عن افتعال مشكلة في هذا الوقت !!.."....ارتدت منامة قطنية خفيفة بأكمام طويلة....إنها لا تشعر بالبرد منذ حملها ودائماً حرارة جسدها الباطنية تكون مرتفعة !!...هذه تبعات الحمل والهرمونات التي تزعزع استقرار النساء !!.....سبحان الله لم يكن قول الجنة تحت اقدام الأمهات عبثاً..!!....فالمرأة متى ما حملت بأحشائها النطفة تبدأ رحلتها اللذيذة الشاقة مع الأمومة وتستمر الى آخر العمر حتى لو اصبح عند أولادها احفاد..!!....تململت في سريرها والغائب لم يعد الى الآن .....لا بد انه ادركه الوقت وهو يثرثر مع اشقائه....نظرت للساعة التي أصبحت منتصف الليل !!...تأففت من الأرق الذي أصابها !!.....غدأ تبدأ محاضراتها باكراً وعليها الخلود للنوم.....مؤكد ستغفو في الجامعة وستُفضح !!....تطلعت بعد مدة لساعة هاتفها مجدداً وبذات اللحظة سمعت باب المدخل يغلق !!....يا الـله سيمسك بها !!...وضعت الهاتف على المنضدة ودثّرت نفسها ومثّلت انها غارقة في النوم لحظة ولوجه الى غرفتهما ......امال زاوية فمه بابتسامة خبيثة لما رأى شاشة الهاتف مضاءة دليل انها استعملته لتوها!!.....يبدو نسيت انها تتعامل الآن مع (عقيد )خبير بالكذب والتمثيل !!....اقترب من خزانته وخلع ملابسه ثم اخرج بنطالاً اسوداً رياضياً طويلاً دون بلوزة واتجه للسرير ورفع الغطاء عنها واستلقى جانبها ثم سحبها لحضنه فانتفضت كأنها صُعقت بتيار كهربائي وقالت مباشرة ووجهها للحائط :
" من فضلك اريد ان أنام...غداً دراسة !.."

لم يهتم لكلامها وحججها وسحبها مجدداً اليه بعد ان حاصرها بين ذراعيه وظهرها على بطنه ثم همس قرب اذنها :
" ألن نختم حفلة اليوم ؟!....يكفي أنني تلقيتُ هدايا من الجميع الا من دنيتي !!.."

لقد اشترت له نظارة شمسية فاخرة وماسك مفاتيح ثمين من الفضة محفور عليه ( العقيد سامي ) ونوت ان تعطي هديتها له بعد عودتهما الى البيت لكنها الآن حانقة عليه ولا تطيقه لذا اخفت امر الهدية !!....

" سامي انا متعبة ...اريد ان انام !!.."

اجابته بجدية فحاصرها بتملّك وهو يضع يده على بطنها بحنية ويدفن وجهه بين عنقها وشعرها هامساً :
" نامي ...أنا اريد ان العب مع ابني حبيبي "

أبعدت يده عن بطنها وهمست :
" يكفي سامي....اوف!!"

قالتها بصرامة ونغمة جافة فهم منها انها حانقة ولا ترغب به هذه اللحظة فاستدار يعدّل نومته مستلقياً على ظهره واضعاً ذراعه على جبينه متمتما :
" استغفر الله العظيم يبدو اننا بدأنا بفقرة النكد !!.."

سمعته فهبّت تزيح الغطاء عنها وتستدير نحوه هاتفة بنبرة مرتفعة :
" أي نكد تقصد يا سيادة العقيد ؟!...من الأفضل لكَ أن أبقى صامتة ....يكفي الموقف الذي وضعتني به امام قريبتكم الشقراء !!..."

تطلّع عليها حانقاً قاطب الحاجبين بشدة وقال بهدوء حازم:
" اخفضي صوتك وانت تكلميني ولا تنسي أنك لست وحدك في البيت !!.."

ردّت بغضب:
" لا تتحجج بالصوت وتتهرب من الفحوى .."

رفع جذعه جالساً وقال بحدة مستنكراً:
" أترغبين بالمشاجرة دنيا في هذا الوقت؟!.."

اغرورقت عيناها بالدموع وقالت :
" أنا دائماً أرغب بالمشاجرة وأنا دائماً النكدية اليس كذلك ؟!..."

وفزّت من مكانها تسحب عباءتها البيتية عن المشجب لتخرج من الغرفة باكية وما ان وضعت يدها على مقبض الباب حتى نهرها بغِلظة :
" جرّبي أن تخرجي من باب الغرفة !!.."

هو لا يفهم عن هرمونات الحمل والحالة النفسية وما هي الاضطرابات التي تمر بها المرأة بهذه الفترة ولكنه لاحظ من أيام التقلّبات المزاجية والتحولات الفجائية بزوجته...تارةً حزينة وتارة سعيدة من لا شيء!!...تارة تداهمها وساوس وتارة مكتئبة !!...حتى هي تنزعج من حالتها ولكنها مثله لا تفقه ماذا يحصل معها ؟!!..
والآن هو غضب من غضبها الذي يرى ما من داعي له !!....دائماً يتحكّم بنفسه لأن البيت مشترك ويرفض أن يُطلع أحد على مشاكلهما حفاظاً على شعور الجميع متجاهلاً مشاعره !!...لذا الآن لا يريدها ان تخرج وتقلق والدتنا عليهما من غير سبب وجيه !!....أما هي لم تبالي بكلماته ففتحت الباب وهمّت للخروج ليصلها صوته مهدداً :
" إن خرجتِ لن أبقى الليلة هنا !!.."

ابتلعت ريقها دون النظر اليه وشجّعت نفسها على الاستمرار في طريقها هامسة بسرها ...." مستحيل لن يفعلها ويتركنا !!.." ...ثم أغلقت الباب خلفها صاعدة الى غرفة العزوبية التي شدّها الحنين اليها هذه الساعة !!...
بعد ان صعدت واستلقت على سريرها لم تدري كيف غفت ؟!...ربما من شدة التعب والنعاس !!...في الرابعة فجراً ارادت استخدام الحمام وبعد ان دخلته وخرجت مرتاحة لأنها توضأت بما ان وقت الآذان اقترب ..شعرت أن الكدرة التي كانت تملأ صدرها قد اختفت فتبسّمت بتوق لأشقرها فقررت النزول اليه ولما فتحت الباب رأت مكانه فارغاً فانقبض قلبها !!...ألقت بصرها صوب باب الحمام فرأت بابه موارباً والظلام يكسوه ....اعتصرها الألم الآتي من معدتها لأنه اول مرة منذ زواجهما يتركها هكذا بعد مشاجرة!...لقد عصفت بها الوساوس وهي تذروها بكل الاتجاهات أن هذا يدل أن (سامي) لم يعد يحبها وبدأ يملّ منها فأدبرت من الغرفة عائدة الى غرفتها وألقت نفسها على فراشها مجهشة بالبكاء !!....
كانت أمي تصلي ركعتي سنّة الوضوء قبل الفجر ولما أتمتهما قصدت زيارة شقيقي كعادتها اليومية لتطمئن عليه وتعدّل اللحاف الذي تجده ارضاً كل مرة بسبب حركته الكثيرة بالنوم فهي تخاف أن يُصاب بالبرد لذا تحرص بكل حنان على الاهتمام به !! وبعد ان خرجت من غرفته وصلها نشيج آتٍ من غرفة ابنتها فحثت خطاها الوجلة لتحذو الى ذاك الاتجاه ولما دخلتها هالها منظرها الباكي وهي تكبّ على وجهها تخبئه على مخدتها فاندفعت بقلق عليها تحاول رفعها لتجلس مع همساتها الحنونة :
" بسم الله عليكِ صغيرتي بسم الله....ما بكِ حبيبتي ...اخبريني ..ارجوك لا تُرعبيني ...قولي لي ماذا جرى ؟!..هل سامي بخير ؟!...اخبريني !!"

ارتمت في حضن الحنونة تتشبث بها بقوة تلتمس الأمان وتدثّر وجهها المتوهّج احمراراً من شدة البكاء على صدرها وتستمر بسكب عبراتها وهي تحكي لها ما حصل بينهما علّها تهوّن عليها وبعد أن أفرغت كل شيء تنهدّت ساكنة وهي تتوسد بوجنتها صدر أمي وتشهق من حين لآخر..!!...كانت والدتي تحيطها بحنانها وتمسّد بيسراها على وجنة صغيرتها وبيمناها تربّت على كتفها بخفة وهمست بابتسامة تزيّن محيّاها :
" كل ما تمرا به طبيعي بنيتي ...لا تسمحي للشيطان ان يدخل بينكما !!...هذا غرضه ومبتغاه ...نعوذ بالله منه ...اولاً انت في فترة حمل وبها يطرأ تغييرات فسيولوجية كثيرة رغماً عنك والتي تؤدي لتقلبات المزاج واحساس بمشاعر مختلفة ومختلطة وهذا كله طبيعي وعليكِ أنت وزوجك فهم ذلك واستيعابه كي تجتازا هذه المرحلة دون عقبات ومشاكل !!.."

رفعت رأسها قليلاً وحدّقت بشهديها على وجه امي القريب منها وما زالت تحاوطها بذراعيها وهمست:
" حقاً أمي ؟...يعني أنت كنتِ هكذا أيضا؟!.."

بنفس الابتسامة الرؤوفة والعينين اللتين تشعان حناناً اجابت وهي تستمر بمداعبة وجنتها :
" طبعاً حبيبتي أنا وكل النساء ونادر جداً من لم يؤثر عليهن هذا التغيير !!...رضي الله عليكما لا تضخما أي موضوع تافه وتصلا لطريق مسدود...فقط اصبرا وستمرّ بسرعة هذه الفترة وعليكما تذوّق حلاوة كل خطوة اثناء الحمل فأنتما تنعمان بأكبر النِعم التي يهبها الله لمن يشاء من عباده وهي نعمة الولد !!..."

ابعدتها عنها برقة ووضعت يدها على بطن (دنيا) وهمست بلطافة مضيفة:
" حافظا على حفيدي ولا تجعلا مشاعر الغضب تتملككما لأن هذا سينعكس عليه وأنا أريده أن يكون هادئ الطباع ...هذا حبيبي !.."

فرحت شقيقتي لكلام أمي عن ابنها وأحسّت بمشاعر حنان تتدفق منها لدرجة انها تحمّست متى ستمر الشهور عليها لتلمسه بيديها وتراه بعينيها وتستنشق رائحته الزكية ....لقد كانت مشاعر الأمومة تجتاحها فعدّلت جلستها وامسكت بيد الحنونة وقبّلتها هامسة:
" ربي يحفظك لنا أمي ...ارشديني ماذا افعل الآن ؟!.."

عبست ملامحها وطأطأت رأسها وتابعت:
" لكن لمن أفعل وهو غير موجود ؟!.."

جذبتها اليها مرةً أخرى وهمست:
" في البداية عليّ تحصينك فيبدو بالإضافة لمفعول الهرمونات أنّكِ قد أصبتِ الليلة الفائتة بالعين !!...لم تنفك النساء عن اسماعي كلام المديح بحقك وحق عزيزي سامي وكم انتما ترسمان صورة مكتملة المعالم لزوجين جميلين وحتى انهن انتبهن لنظراتكما العاشقة حِيال بعضكما !!.... حماكما الله من شر عين حاسدِ اذا حسد !! .."

انهت كلماتها وشرعت مبسملة وهي تضمها لصدرها وتتلو عليها آيات الرقية والتحصين وبعد انتهائها حوطت وجنتيها بيديها وهمست :
" والآن بنيتي أهم بند أريدك أن تضعيه في عقلك !!.."

تطلعت عليها ببراءة تنتظر ماذا ستملي عليها فاستأنفت بوصاياها :
" مهما حصل بينكما من مشادات ومهما عصفتما اياك ثم اياك أن تتركي فراشه بغير حق وبسبب تفاهات!!....لقد اوصانا رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم ...((إِذَا بَاتَتِ الْمَرْأَةُ هَاجِرَةً فِرَاشَ زَوْجِهَا لَعَنَتْهَا الْمَلاَئِكَةُ حَتَّى تُصْبِحَ ))...عليكِ المبادرة لتصلحي الوضع لا أن تتخذي هجره وسيلة !!...فهذا يؤدي لفجوة وشقاق بينكما وهنا بالضبط تفتحين الطريق للشيطان !!...كم من بيت دمّرته النساء عن جهالة وبسبب الاستهانة بهذه الأمور !!....بنيتي كلّي أمل فيكِ أن تؤسسي بيتاً دافئاً مبنياً على الحب والمودة ويتخذ شرع الله نهجاً له لأنه السبيل للسعادة الأبدية وبه ستهدين المجتمع والأمة والوطن أبناءً فخراً للجميع !!..."

عدّلت (دنيا) جلستها ودنت منها تقبّل جبينها وهمست بارتياح :
" لقد فهمت ما عليّ فعله امي !....ادعي لي !!.."

نظرت اليها بحنان وهمست برضا:
" رضي الله عنك حبيبتي .....اتصلي به واعتذري منه وان لم يرد ابعثي له رسالة ليقرأها وتجهّزي لاستقباله وارضيه !!.... سامي خصيصاً دون عن كل الرجال لا يستحق العيش بالمشاكل !!.."
×
×
×

كان صديقي يتمشّى بالشارع القريب....لا يستطيع تركهم والابتعاد عنهم حرصاُ عليهم ووصلته رسالتها على هاتفه الذي لا يمكنه اغلاقه خوفاً من حالات طارئة :
[ أشقري....دنيتك وابنك يشتاقان لك وينتظرانك على أحر من الجمر.....لا تتأخر عليهما كي لا يبكيان !!.......أحبك..]

ارتسمت ابتسامة على وجهه السموح وهمس بصوت خفيض وهو ينظر لرسالتها :
" آاه منكِ يا عينيّ الشهد ....تلعبين بي كما يحلو لكِ ....فليحفظكما الله لي يا غاليان !!.."

×
×
×

بعد أن عاد مشتاقاً لها وقبل البدء بأخذ جائزة الترضية اعتذرت منه ثم وضّحت له كل ما شرحت لها والدتنا عن فترة الحمل وماذا تواجه النساء وتفهّم الوضع ووعدها ان يصبر معها وعليها على شرط أن تتعاون معه هي ايضاً حتى يعبرا هذه الطريق بالسلامة...واعترف لها في النهاية ان سبب غضبه هو توتره الشديد لأن اليوم سيكون اول يوم له في الوظيفة بعد استلامه منصبه ومكتبه الجديد حضرة ( العقيد)...!!

في الثامنة صباحاً بعد الساعات القليلة من عيش الحُب والغرق بعسلها ارتدى زيّ الشرطة الخاص به ...تعطّر ووضع مسدسه على خصره ثم دنا من النائمة براحة والتي قررت التغيب عن الجامعة ...تأملها وانحنى يقبّلها وهمس وهو يمسّد شعرها :
" نامي عني وعنك حبيبتي ...استودعكم الله.."

وأدبرَ خارجاً بهيبته المعهودة وبكل اخلاص وطموح عالٍ لا ينضب الى مركز الشرطة ليبدأ مشواره الجديد....!!

~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~

أسبوع مضى بين الكرّ والفرّ انشغلنا خلاله بالعمل ودراستها.!!...ها نحن عدنا كزميليّ سكن جدّيان بيننا حدود وشبه متفاهمين وخصوصاً أن الخادمة عادت للعمل وتمضي معظم اوقاتها في بيتنا !!....كانت هذه الأيام كفيلة بأن تمحو ما مررنا به دون تقديم الاعتذارات....فهي صاحبة البراءة والقلب الكبير وأنا العاشق الفقير...وها نحن نضيع بين المد والجزر...!!

كنتُ في هذا اليوم انتظر وصول صديقي (أحمد) الذي اضطر لجلب أوراق مهمة من اجل توقيعها تخص شركتنا وقد كانت تابعة لزبون كبير نتعامل معه والذي أصرّ على أخذ توقيع مالك الشركة فقط ..أي انا ..وذلك لتجديد العقد بيننا.... !!...بعد ان استقبلتُ صديقي في شركتي واتممنا بفضل الله ما جاء اليه ذهبنا للغداء في احد المطاعم وكان موعد رحلته صباحاً وبينما نحن جالسين نتناوله بهدوء وردني اتصال من والدتي...في الحقيقة اربكني !!...بعد التحيات وصوتها المهزوز الذي هزني اعلمتني أن عليّ الذهاب للبلاد عاجلاً لأن جدتي تحتضر وتطلب رؤيتي ولا يمكنني التأجيل لأنها تعدّ الساعات!!....وقع عليّ الخبر كالصاعقة !!....يا اللـه ستذهب رائحة أبي ...جدتي الغالية !!....هل آن الأوان لتتركينا وتذهبي لتلتقي بفلذة كبدك ؟؟......تألّم الفؤاد من هذا الطلب وهذا الخبر...قام بمواساتي صديقي ثم حجز في الحال تذكرتين لنا على أقرب طائرة والتي كان موعدها اليوم في الحادية عشر مساءً ...!!....توجّه هو للفندق لأخذ امتعته وعدتُ انا الى بيتي ارتب اموري واجلب حقيبتي وعندما نزلتُ السلالم ووصلتُ طابقها توجهتُ الى غرفتها لأعلمها بسفري الاضطراري وكانت حجتي هي وفاة والد صديق في الوطن....لم تعلّق ...ربما لأنها مسألة موت لا يمكنها الاعتراض !!... وقد خيرتها بين الذهاب لبيت والدها او البقاء في البيت مع الخادمة....لا يهمني ذلك... لها حرية القرار !!...بعد أن انهيت كلامي أعلمتني أنها تريد الذهاب مساءً مع صديقتيها لحفلة خطوبة احدى الزميلات والتي تكون مختلطة !!....لم يكن معي متسع من الوقت لأناقش واستفسر ولكن كل ما طلبته منها هو :
" حسناً اذهبي....لكن لا ترتدي من فساتينك العارية وخصوصاً انها حفلة مختلطة....اياك!!...."

رمقتني بنظرة لم افهمها ولم ابحث عما وراءها وقالت بامتعاض :
" سأحاول...لا وقت لديّ لشراء جديد وسأرتدي مما موجود في خزانتي !!..."

قلت بجدية:
" اذاً اختاري اكثر فستان ساتر ....!!.."

تبسّمت بمكر انثوي وهمست بطاعة :
" حسناً .."

وتابعت في سرها .." من أين سأجد لك فستاناً ساتراً وكل ما لديّ اما قصير من تحت او عاري من فوق ؟!.."...

تبسمتُ لها برضا ودنوتُ مقبّلاً جبينها وهمست :
" انتبهي لنفسك....ان احتجتِ شيئاً يمكنك مهاتفة أهلي !!....استودعك الله !.."

تطلعتُ عليها نظرة حُب وهمست:
" انتظريني حتى أعود ان شاء الله .."

حملقت في وجهي لثواني تعيد في دماغها جملتي ثم ردّت بهدوء:
" وأنت أيضا انتبه لنفسك....مع السلامة !!.."

×
×
×

في طريقنا للمطار مع سائقنا والذي سيستغرق حوالي ثلاث ساعات... انشغل صديقي ببعض الأمور على هاتفه من أجل العمل أما أنا بعد أن اقتربنا من الخروج من حدود المدينة الساحلية كنتُ شارداً بأفكاري فتذكّرتها فجأة !!..أساساً متى غابت عن عقلي ؟؟!.....كنتُ أشعرُ بكامل الرضا عنها وخافقي يهفو لها ....الأيام التي مرّت امتصت غضبي !!....وبراءتها تلامس روحي ....قررتُ أن أضع كبريائي جانباً !!....واقتنعت أن (يامن) و (هادي) يملكان نفس الروح ونفس القلب....لمَ أضحك على نفسي واعذّبها بالترّهات التي لا صحة لها؟!.....أنا واحد وتغيير الاسم لم يغيّر دمائي...سأبقى ابن الشامي !!.....فمن غير مقدمات قلتُ في سري ..." انتظريني ألمتي ...سأعود بإذن الله ونفتح صفحة جديدة في حياتنا الزوجية وسيكون عنوانها كلمة (أحبك ) ...سأرسلها من شفتي لشفتيك لأغرس شتلة حبي في قلبك كما وصاني العم الحاجّ ( حافظ الصياد )......كفانا بُعد وعذاب ....سنعيش حبنا ونواجه معاً الصعاب ..انتظريني حبي وافتحي للعشق باب...!!."
×
×
×

ألقت نظرة أخيرة لفستانها وزينة وجهها على المرآة ...حملت زجاجة عطرها ورشّت منه على عنقها وملابسها ....اغمضت عينيها تستنشق شذاه ثم فتحتهما وتنهدت برضا معتزّة بمظهرها الساحر !!.....خطت بهدوء لخزانتها تختار المعطف الذي يناسب فستانها الأحمر القصير والمكشوف من الأعلى بأكتاف رفيعة...وقع نظرها على وشاح من الفرو ناصع البياض ....وضعته على كتفيها وحملت حقيبتها ونزلت السلالم ....جلست على أريكة جانبية واتصلت بقصر والدها ليبعثوا لها السائق لأن سائقنا يقوم بإيصالي لمطار العاصمة .....ردت عليها زوجة أبيها :
" السائق أخذ إجازة ليرافق زوجته للمشفى للولادة !!.."

أُحبِطت ولم تعلم ماذا ترد لكنها بقيت على الخط فهتفت تلك بفحيحها :
" أما زلتِ معي ؟!.."

فكرت قليلاً تبحث عن بديل ثم سألت مضطرة:
" أجل...هل يستطيع كرم ايصالنا أنا وميار لحفل خطوبة زميلتنا ؟!...فأنا ارتدي ملابس للاحتفال ولا يمكنني الذهاب بسيارة أجرة "

لمعت عيناها بخباثة لأنها تعلم أين ابنها ومع من وعليها ان تستغل الظروف ..ابتسمت بمكر وقالت بحنان مزيف:
" بالطبع....اتصلي به ليقلّك أنت وصديقتك فهو موجود في المنطقة !.."

همست على مضض فلا حل لديها سواه :
" حسناً ...سأتصل به..."

بعد ان أغلقت الهاتف اتصلت به فوجدت هاتفه مشغولاً....حاولت عدة مرات دون قنوط وفي النهاية ردّ عليها ووافق على طلبها .....ليس طيبة ولا كرم من (كرم ) انما ليلعب لعبة والدته التي هاتفته قبل قليل وخصوصاً أن لديه عِلم ايضاً بما بيننا بعد أن سمعت الأفعى كلام (ألمى) لخالتها وأخبرته بذلك وقتها!!.....ضيّق عينيه بمكر وتطلع على الجالس مقابلاً له وهو البطل الرئيسي في لعبته والذي كان يناجي حبيبته الضائعة منه بعد أن قرر أخيراً الانسياق لصديقه بشرب الخمر لينسى هموماً أثقلته وهو الذي كان يلومه سابقاً على افعاله هذه بل ويتبجح انه لن يحتاجها يوماً ووعده ان اصبح مهموماً سيجرّبها ليأتي فعلاً هذا اليوم الموعود..!!.....مدّ له كأسا آخراً هاتفاً بوضاعة:
" اشرب يا صديقي لتنسى همومك ....وما الهم الأكبر من خسارتك لألمى ؟!.."

نظر له بشرود وعيناه كالجمر ثم سحب الكأس منه وشربه برشفة واحدة ليتبعه آخر فآخر حتى وصل من غير ادراك درجة الثمالة !!فهتف ذاك بخبث:
" اتصلت ألمى لأوصلها لحفل زميلتها.....ما رأيك لتوصلها أنت ؟!...فهذه فرصة لتراها بما أن زوجها المغرور مسافر ...."

وأكمل بتلكؤ:
" ثم....ثم أنا انتظر صديقتي....أيمكنك فعلها ؟!.."

أجاب يائساً:
" ماذا سأستفيد غير العذاب وهي أمامي وليست لي ؟!.."

غمزه وقال بدناءة:
" ربما تكون الليلة لك !!.."

جحظ عينيه الضعيفتين من مفعول الخمر وهتف:
" ماذا تقصد بذلك ؟!.."

اسند ظهره للخلف بثقة وتابع بدناءته :
" علمنا أنا ووالدتي شيئاً مهماً عنهما !.."

رفع حاجبه سائلاً بفضول :
" ما هو هذا الشيء؟!.."

قال متهكماً :
" أمي سمعتها بعد ان عادوا من الوطن وهي تخبر خالتها أنه لم يلمسها الى الآن وكل واحد منهما ينام في غرفة وكانت مستاءة جداً من هذا الوضع...تخيّل !!..."

وضحك ساخراً مردفاً:
" أتصدق عن رجل يمتلك هذا الجمال تحت سقفه وتكون زوجته ولا يلمسها ؟!.."

أضاف بوقاحة وابتسامة ثعلبية سائلاً:
" إن لم يفعلها فماذا يكون ؟!.."

ضحك الآخر بحماس من هول ما سمع وهتف:
" لديه عجز....أي ليس برجل كامل !!..."

ثم اطلق قهقهات شماتة من صميم قلبه ليتابع (كرم) بحقارته :
" اذاً هذه فرصتك لتعوضها عمّا ينقصها ....يكفي انك تحبها ومؤكد انها تحبك وأنت أولى بها من غيرك !..."

اتكأ بمرفقيه على الطاولة مقترباً منه وثبّت عليه عينيه الخبيثتين مع همسة تشجيع مضيفاً:
" هيا....أرنا مواهبك !!.."

هتف (صلاح ) بثقة وحبور:
" كنتُ اعلم أنها لن تكون لغيري....هي خُلقت لي أنا ولكن ذاك المتطفل الهمجي سرقها مني !!..."

ثم هبّ واقفاً دافعاً الكرسي الى الخلف وولاه ظهره خارجاً من الباب باندفاع ذاهباً إليها .....!!
×
×
×

رنّ جرس البيت بينما كانت تنتظر صديقتها و (كرم) وما إن فتحته ظهر أمامها فشهقت مشدوهة هامسة:
" صلاح !!....ماذا تفعل هنا ؟!..."

نظر اليها نظرات وقحة يتأمل جمالها من تحت لفوق ثم قال :
" أتيتُ لأوصلك الى حفلتك !!.."

أجابت مرتبكة وهي تنظر خلفه يمنة ويسرة تبحث عن (كرم):
" أين كرم ؟؟!....هل ينتظرنا في السيارة ؟!.."

قال كاذباً:
" كلا....تعطلت سيارته وطلب مني ذلك !.."

صمتت قليلاً ثم ابتلعت ريقها وهمست :
" انـ ...انتظر لحظة....سأحضر حقيبتي وهاتفي لننتظر ميار في الخارج !!.."

اومأ لها موافقاً راسماً ابتسامة ماكرة ولمّا ولجت الى الداخل تركت الباب مفتوحاً قليلاً فتبعها بخطى مترنحة دون ان يصدر صوتاً لقدميه حتى وصلها حيث كانت تسحب اغراضها عن منضدة ذهبية ملوكية موجودة على الحائط الخارجي للصالون وعليها مزهرية زجاجية مذهّبة فيها عروق خضراء اصطناعية وعند التفاتها ذُعرت ورجعت للوراء فاصطدمت بالمنضدة وأوقعت ما عليها لتتحول الى أجزاء مهشمة ولكنها لم تهتم لها وهي تتطلع عليه بقلق والوجوم يعتري وجهها لأنها ترى أن عينيه ليستا بوضعهما الطبيعي بل تنذران بالشر !! ...فاجأها بمد يده يمسك كفها وهمس بضياع :
" أحبك ألمى ....أحبك ....لا استطيع ان اكمل حياتي من دونك واعلم انك تحبينني!.."

تسارعت دقات قلبها وجلاً وسحبت يدها والتصقت اكثر بالمنضدة ...لقد صدمها....ما هذا الاعتراف الجريء والصريح ؟...لم تتوقع ذلك البتة !!...وهمست متلعثمة :
" صـ....صلاح...مـ...ماذا تقول ؟!.."

دنا منها اكثر وقرّب وجهه لوجهها....الحقير يريد تقبيلها متأمّلاً بعقله المغيب انها ستتجاوب معه!!...وصلتها رائحته المقززة بسبب المشروب مما جعلها تخجل من نفسها للحظة بعد ان لاح في بالها ذاك اليوم الذي وبختها به لتناولها الخمر يوم احتفالهم اللعين وقد اعترفت لنفسها هذه اللحظة كم كانت مقرفة بالفعل حينها واصابها الندم والحرج حتى عادت لواقعها الآن مع سماعها همسه:
" لا يمكنني مقاومة جمالك ...ما هذا الأحمر المندمج مع بياض بشرتك ؟!.....فستانك خارق يعبث بالمشاعر ...ارفقي بقلوب الرجال... أم انك تتعمدين ذلك ؟!.....ويلٌ لكِ ولنا.....أنتِ مثيرة وبه ازددتِ اثارة !!.."

هذا هو احد المتحضرين الذين كانت تدافع عنهم بثقة والذين لا ينظرون لهذه الملابس كما يراها المتخلفون امثالنا حسب نظرياتها ومعتقداتها ..!!!

كان يلقي غزله الوقح بينما صدرها يعلو ويهبط انفعالاً فدفعته بيديها بعد أن دق ناقوس الخطر أبوابها وهمست بصعوبة من جفاف حلقها :
" ماذا تهذي وماذا تفعل ؟!...يبدو انك ثمل....."

ضحك ساخراً وقال:
" أجل أنا ثمل في حبك !!.."

همست بصوت مخنوق ومذعور:
" ارجوك عد لوعيك صلاح...أنا ألمى صديقة طفولتك!!....انت لا تعي ما تقول !!...سيغضب يامن ان علم بذلك "

حدّق بها يأكلها بنظراته القذرة اكثر فأكثر وهو يخطو نحوها هامساً:
" أنتِ حبيبتي....لم أكن سابقاً بوعيي مثل هذه اللحظة!!....هذا السحر وهذه الفتنة من حقي انا لوحدي وليس لذاك السافل!.....يكفي بُعد !!.."

هتفت بخوف وهي تبتعد جانباً وتخطو للوراء بضعف:
" اخرج ارجوك ....انا متزوجة واحب زوجي....اخرج صلاح !....ارجوك.... لا تدمر علاقتي به وتزيدها سوءاً ...انا احبه ..."

اقترب منها أكثر ونطق بتهكم :
" متزوجة !؟...منذ متى وانت تعترفين به كزوج ؟؟!....ألم تنعتيه بالحائط سابقاً ؟!...لن اصدقك...انت لا تحبينه وتقولين هذا فقط لأنك تخافينه لأنه مثل الثور همجي لا تفاهم معه "

ابتلعت ريقها حتى وصلت حائطاً من خلفها واختفت كلماتها فيبدو أن لا شيء ينفع معه وعليها فقط نصب دروع الحماية حتى يفرجها عليها الله ....!!..سكت ثواني وهو يتفحّصها بعينيه الحمراوين وهتف ساخراً بعد أن مرر لسانه على شفتيه يبللهما :
" أنا اعلم انه لم يلمسك !...وأنه عاجز !!..."

ثم اطلق قهقهاته المستفزة ولم يوقفها الّا بصفعة قوية منها على خدّه ....لا تصدق...أهذا صلاح حقاً؟...أهذا من أمضت عمرها معه مطمئنة وهو بقربها ؟؟!....كيف يسمح لنفسه بأذيتها وجرحها بكلامه ؟؟!!....كيف يجرؤ أساسا على اقتحام بيتها ؟!...هو ثمل لكن هذا لن يشفع له ولن يبرر تهجمه عليها !!..والأدهى من كل ذلك كيف علم بما تفوّه به للتوّ؟!...لقد شعرت ان قلبها هوى ارضاً عند سماعها ذلك لمعرفتها انه اذا وصلني هذا الأمر لربما تنتهي وأنا الذي حذرتها بشأن هذا الموضوع منذ اول ليلة لنا معاً !!...حاولت تناسي الموضوع من رهبتها ولم تعد تعلم أتخاف من ردة فعلي أم من السافل الواقف ازاءها ؟!!...اخذتها الأفكار وهي تقارن كيف أنني أنا زوجها حلالها لم أحاول أخذ شيئاً منها عنوة رغم سهولة ذلك ....سرحت بأفكارها مع ارتباكها الشديد الذي جعل جبينها يتصبب عرقا وازداد جفاف حلقها !!......
" ..يقول عن زوجي ليس رجلاً ؟! ...هل الرجولة بالتهجم على امرأة مستضعفة أم الرجولة هي حمايتها حتى من نفسه ؟!...هل الحُب كما يدّعي يؤخذ عنوة وبالإكراه ؟!!....هل الحب أذية الحبيب ؟!....هذا يستغل غياب يامن ويتقاوى عليّ والآخر لم يلمسني مع أنه كان بإمكانه ذلك وانا حلاله !!...انا انتهيت......لقد انتهيت...."

تخلّت عن افكارها بعد انتباهها بتحول قهقهاته الى ارتجاج في حدقتيه وصكّ فكيه بغيظ للحظات قبل ان يصرخ حاقداً :
" أتضربيني من أجل واحد قذر عاجز شبه رجل يا سافلة ؟!.."

وانقضّ عليها بغضب يسحب الوشاح عنها ويلقيه ارضاً وهو يتمتم بحقارة يكشف معدنه الرخيص :
" تعالي تذوقي المتعة معي ....اعلم انك تتوقين لهذا بما ان زوجك عاجز .....لباسك هذا يليق لغرفة النوم ومؤكد تلبسينه لتصطادي من يعوضك عن النقص الموجود بالمسمّى زوجك !!.."

اختلطت مشاعرها بين الغضب من كلامه والخوف من هيئته الشيطانية ...متى أصبح يراها هكذا؟!...أين التحضّر والانفتاح ؟؟!....دفعته تحاول حماية نفسها هاربة منه وهمست بوهن من قعر خذلانها بالشخص الذي وثقت فيه كل حياتها ودمعة تستصرخ الطمأنينة والأمان فرّت من سمائها ...."..يا رب احمني ....أين أنت يا يامن ؟!...لا تتركني ...أنت الأمان !...عُد أرجوك أنا احتاجك ..."....
كانت تبكي وبدأت تتوسله أن يتركها ويخرج وهي ما زالت تهرب للوراء حتى ارتطمت بسور السلالم وكان كعبها العالي يعيق سرعتها فشدّ بهمجية احد كتفيّ فستانها ليمزّقه وهي تحاول الدفاع باستماتة تصدّه عنها بكامل قوتها لكن ما تكون قوة الانثى مقابل جسد الرجل ؟؟!!....وبعد صراع عنيف بين الصد والرد ينتهي به المطاف ان يوقعها على اريكة جانبية ويثبتها بجسده الصلب ويمسك بعنف الكتف الآخر للفستان فيُشقّه جهة الصدر لتظهر ملابسها الداخلية بعد ان قُطعت أنفاسها من صراخها وحركاتها التي استنزفت طاقتها وقد وصل بها الحال مستكينة بعد أن خارت قواها ولم يعد بإمكانها المقاومة.....!!
وصلت صديقتها (ميار) الى بيتنا مع شقيقها الذي كان على عجلة من أمره !!...لقد أنزلها وذهب فوراً....وقع نظرها على سيارة (صلاح) الرياضية!...جالت بعينيها على ارجاء الساحة ولمّا لم تجد سيارتي قطبت حاجبيها بتساؤل وتمتمت:
" ماذا يفعل هذا في بيتكم يا حمقاء ؟!.."

اقتربت من المدخل تمشي بهدوء وداخلها تساؤلات كثيرة تريد اجاباتها من صديقتها في الحال !!...لما وصلت الباب رأته مفتوحاً قليلاً !!...وصلها صوت أنين !!....وضعت يدها على صدرها بعد ان هوى قلبها !!...ولجت بحذر تنقل قدميها بثبات شديد ....نظرت على الأرض حيث المزهرية المكسورة ...ابعدت حدقتيها البنيتين قليلاً فرأت وشاح الفرو ملقى على الأرض...كتمت شهقة كادت تفلت منها بكفها !!...امالت بوجهها لليسار فاتسعت عيناها مما تشاهد وازدردت لعابها وبردة فعل سريعة منها حرّكت رأسها تبحث عن شيء فتذكرت مزهرية النحاس بفوهتها الحادة الموجودة جانب الباب....سحبتها من مكانها وتسللت بركبتيها المرتجفتين نحو الذي يوليها ظهره يحاول الاعتداء على (ألمى)...اسدلت اهدابها مبسملة تحاول التركيز لتصيب الهدف قبل ان يشعر بوجودها....فهو ما زال منشغلاً يحاول السيطرة على التي تتململ تحته بوهن!! .....فتحت عينيها وأنزلت ضربتها القوية على رأسه ثم أفلتت ما كان بيديها وبدأت ترتجف عندما وقع على الأرض فوراً من غير حراك والدماء تنزف بغزارة تغرق رأسه !!...لم تستطع السيطرة على اصطكاك فكيها ببعضهما من الرهبة ولم تستطع الوصول لصديقتها لتحتضنها وكان جلّ تركيزها على الجسد الذي يبدو أنه.....فارق الحياة !!

انحنت بجذعها تحاول تحريكه او رؤية مؤشرات للحياة عليه ....هل أنها لا تستطيع التركيز لتجدها أم أن حظها أبى ليهديها أيٍ منها ؟؟!!.....خانتاها ساقاها لتفترش الأرض شاردة بالفراغ مصدومة ومرّ شريط حياتها سريعاً من امامها لتنهيه بمستقبل مدمّر صورته قضبان السجن وهمست بصعوبة :

" أصبحتُ قاتلة .."


**********( انتهى الفصل الثالث والعشرون )**********




قراءة ممتعة...


لا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم


ألحان الربيع متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 14-05-22, 02:27 AM   #334

ألحان الربيع
 
الصورة الرمزية ألحان الربيع

? العضوٌ??? » 492532
?  التسِجيلٌ » Sep 2021
? مشَارَ?اتْي » 2,253
? الًجنِس »
?  نُقآطِيْ » ألحان الربيع has a reputation beyond reputeألحان الربيع has a reputation beyond reputeألحان الربيع has a reputation beyond reputeألحان الربيع has a reputation beyond reputeألحان الربيع has a reputation beyond reputeألحان الربيع has a reputation beyond reputeألحان الربيع has a reputation beyond reputeألحان الربيع has a reputation beyond reputeألحان الربيع has a reputation beyond reputeألحان الربيع has a reputation beyond reputeألحان الربيع has a reputation beyond repute
افتراضي

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 4x( الأعضاء 4 والزوار 0)‏ألحان الربيع, ‏سلطانةعيد, ‏nmnooomh, ‏حروف هادئه


منورات عزيزاتي 💐

يارب يعجبكن❤


ألحان الربيع متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 14-05-22, 03:43 AM   #335

ألحان الربيع
 
الصورة الرمزية ألحان الربيع

? العضوٌ??? » 492532
?  التسِجيلٌ » Sep 2021
? مشَارَ?اتْي » 2,253
? الًجنِس »
?  نُقآطِيْ » ألحان الربيع has a reputation beyond reputeألحان الربيع has a reputation beyond reputeألحان الربيع has a reputation beyond reputeألحان الربيع has a reputation beyond reputeألحان الربيع has a reputation beyond reputeألحان الربيع has a reputation beyond reputeألحان الربيع has a reputation beyond reputeألحان الربيع has a reputation beyond reputeألحان الربيع has a reputation beyond reputeألحان الربيع has a reputation beyond reputeألحان الربيع has a reputation beyond repute
افتراضي

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 7x( الأعضاء 4 والزوار 3)‏
ألحان الربيع, ‏شاكرة, ‏هتاف عبدالله, ‏سلطانةعيد

💖 يا مرحبا بكن 💖


ألحان الربيع متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 14-05-22, 10:22 AM   #336

shezo

نجم روايتي

 
الصورة الرمزية shezo

? العضوٌ??? » 373461
?  التسِجيلٌ » May 2016
? مشَارَ?اتْي » 10,094
?  نُقآطِيْ » shezo has a reputation beyond reputeshezo has a reputation beyond reputeshezo has a reputation beyond reputeshezo has a reputation beyond reputeshezo has a reputation beyond reputeshezo has a reputation beyond reputeshezo has a reputation beyond reputeshezo has a reputation beyond reputeshezo has a reputation beyond reputeshezo has a reputation beyond reputeshezo has a reputation beyond repute
افتراضي

مرحبا.صباح الخير والسعادة ألحان الإبداع

عودا أحمد حبيبة قلبي..إشتقت إليك كثيرا ولكل ابطالنا الحلوين
جعل الله أيامك كلها أعيادا وبركة ..واكرمك برضاه

**حب وكبرياء**

☆براءة الطفولة☆
ألمى تذكرنى بطفل صغير يتعلم المشي يقع كثيرا ويعاود المحاولة
لو كانت اعطت نفسها الفرصة للتفكر كما فعلت بعد خروج هادى
لما وصلت الأمور لهذا الحد ولكنها إندفعت بشعور وتفكير طفلة
مع ان كلمة غاليتى التى وجدتها لا تشير إلى حبيبة كما تصورت فهى تنم عن قرابة اسرية كما حللتها انها خالته

وكما تشعر المراة بقمة الإهانة عندما تتعرض للرفض ممن تحب يكون الإحساس اكثر الما عند الرجل فهو يربطه برجولته وكرامته فيكون رد فعله مبالغا فيه
من حوار ألمى مع والدها الذى لا ينفك يدور حول المال ألتمس لها العذر في تخبطها وأحترم إنسانيتها فى أنها لا تفكر مثله رغم صغرها كان من الممكن ان تتاثر باسلوبه الإنتهازى

☆غراس القلب☆
مقاومة الرجل لمشاعره لإمرأة يحبها بالفعل هى مثل الحرب وأكثر قسوة وألما لذا كان إندفاع هادى وراء مشاعره قاسيا بالنسبة له
وأظن ان ألمى ستعانى كثيرا إذا حاولت جذبه إليها ثانية
لان هادى ادرك بالطريقة الصعبة صحة نظرية السيد سليم

جميل جدا ذلك اللقاء العفوى بين هادى والصياد العجوز
جاء حوارهما دافئا جميلا ملئ بالعبرات والحكمة فالعجوز خبر من الدنيا الكثير ..عايش الحب الصادق مع زوجته واسرته وعايش فقد الإبن الذى لا يعلم له مستقرا..موتا او حياة

مثله يكون كلامه نورا ونصيحته ضياءا إذ ينير الله بصيرته فيبصر ما بالقلب وليس بظاهر القول
فقد نصح هادى بالنصيحة الملائمة فعلا ولم يهتم بإعتبارات إرتباطهما أو ملابساته
فالرجل رأى العشق والعذاب البادى علي هادى فلا تهم المقدمات بشئ ولا تلك النتيحة الكارثية التى يتوقعها

وكان رأى العجوز مطابقا لرأي
فلو زرع هادى عشقه ومحبته بقلب ألمى الطيبة فهى لن تلبث ان تسامحه وتعود إليه بعد ان تهدأ كعادتها خاصة عندما تتأكد من جرم والدها والذى لن يتناقض كثيرا عما تعرفه عنه
فهو لم يتوانى في جعلها صفقة حين ضاقت به السبل رغم حبه لها وقد فعلها أكثر من مرة

كان الأولى أن يعش هادى يومه ويترك الغد لله فزواجه بالمى زواجا صحيحا تتوافر به كل الاركان وليس تمثيلية أو خطة حربية في معركته
وكم من زواج طبيعى بداياته كانت صحيحة ولم يقدر له الإستمرار والعكس فالامر كله لله

وألمى التى تتسرع عادة فتفوه بالكلام الخاطئ ثم تفكر بعدها في سوء قولها عادت إلي الصواب ولامت نفسها وأقرت بصعوبة حصولها علي غفران هادى

☆ضد التيار☆
للأسف هادى فعل عكس ما نصحه به العجوز تماما فكانت غلظته وقسوته مع ألمى وقعها مؤلم جدا خاصة مع محاولتها التودد والحديث لتعتذر له
ربما بالفعل الإنسان الطيب نقى السريرة لا يصفو سريعا عندما يتم جرحه ممن يخب
ولكن كنت أعتقده تأثر ولو قليلا بحديث العجوز الحكيم

حتى أثناء رحلة العودة لم يتوانى عن طمأنتها بعد ذعرها ولكنه يعاود جفائه يا لتلك الكرامة البائسة التى لا يجب ان يكون لها مكان بين العاشقين

ولتزيد ألمى الامر سوءا تعرض نفسها عليه وكأن مشاعره نحوها حيوانية وهي بالطبع لا تقصد هذا المعنى ولكنه ما هداه لها تفكيرها الطفولى
ويكون رد فعل هادى أسوأ من سابقه
ويستمر الامر كذلك بعدها
والأسوا ان تتسمع سوزى لحوارها وخالتها وتعلم حقيقة الوضع بينها وهادى

يا لهذه الحياة والتناقض الذى يجعل زوجين يعشقان بعضهما علي هذا القدر من الغباء وكأنهما علي صفيح ساخن دائما لا تجمعهما نسمة عطرة ينظر فيها كلا منهما للآخر كإنسان فقط دون أى خلفيات


shezo متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 14-05-22, 10:28 AM   #337

shezo

نجم روايتي

 
الصورة الرمزية shezo

? العضوٌ??? » 373461
?  التسِجيلٌ » May 2016
? مشَارَ?اتْي » 10,094
?  نُقآطِيْ » shezo has a reputation beyond reputeshezo has a reputation beyond reputeshezo has a reputation beyond reputeshezo has a reputation beyond reputeshezo has a reputation beyond reputeshezo has a reputation beyond reputeshezo has a reputation beyond reputeshezo has a reputation beyond reputeshezo has a reputation beyond reputeshezo has a reputation beyond reputeshezo has a reputation beyond repute
افتراضي

☆العش الهادئ☆
سامى شخصيتي المحببة الجميلة وعلاقته المتوازنة مع دنبا رغم جموحها احيانا علاقة جميلة ترسم البهجة والهدوء رغم تصرفات المدللة صاحبة الحذاء العالى
لكن شتان بين حياتهما وحياة هادى المعذبة
ويأتي الإحتفال بترقية سامى عقيدا لإجتهاده و لو الامرعلي لرقيته إلى لواء مباشرة ههههه

يبدو أنى اصبتهما بالعين فالوضع ليس هادئا أبدا بسبب تلك الشقراء المغيظة إبنة خالته والتى لم تترك فعلا اوقولا إلا فعلته لإغاظة دنيا التى تتلاعب بها هرمونات الحمل وبحالتها النفسية

وقد بالغت تلك الشقراء كثيرا رغم محاولة سامى وضع حدودا لها والتأكيد انها مثل شقيقته

لا ادرى لماذا تلجأ بعضهن لهذه الطريقة خاصة وهى تتعامل مع رجل متزوح حتى لو كان في محل اخبها فالحدود والاصول في التعامل معروفة للحميع ليست بحاجة لكتب لتدريسها

وقد أحسنت دنيا عندما تمسكت برباطة جأشها معها ولكنها أساءت في تصرفها مع سامى بعد عودتهما ولم تعره إلتفاتا ولم تحترم كلمته

الحوار الذى دار بينها وامها جاء جميلاجدا ونصائحها كفيلة باستقرار اى بيت ولإنجاح العلاقة الزوجية
خاصة اذا كان الزوج متسع الافق مثل سامى وليس صاحب الكرامة التى تقفز فوق انفه هادى

☆ الباب المقفول☆
لابد ان الوقت يتيح الفرصة للصفاء وهذا ما كان من ألمى وهادى رغم جمود علاقتهما
ومع إضطراره للسفر لإحتضار جدته إلا انه يعد نفسه بعد العودة بفتح باباجديدا بينه والمى واتباع نصائح العجوز الحكيم

لكن يبدو ان ألمى ستغلق هذا الباب بخطبة صديقتها
وقدأعتقدت انها ستفعل ذلك بفستان غير ساتر ولكن
المصيبة اكبر من ذلك بكثير

فالحمقاء لا تتعلم ابدا وقد وقعت للمرة الثانية ببراثن الافعى سوزى
عندما تواطئت مع الثعبان إبنها للنيل منها باستغلال المختل صلاح
لو كان عند ألمى ذرة من العقل لألغت ذهابها لخطبة صديقتها لعلمها أن يامن لا يتقبل كرم هذا فتكون الطامة الكبرى بهذا الصلاح وما عبأ كرم رأسه به

الجميل فقط في هذا الموقف الرهيب أن ألمى أيقنت بخطأ فرضياتها وارائهاعن التحضر والرقي وعن حسن النوايا فيمن افترضت انه رفيق العمر وكانت تأمن علي نفسها معه

كما عرفت الفرق بين نبل السلوك من يامن زوجها ووضاعة الاخلاق من صلاح وطبقته التى تدعى الرقي

ولم يفتها الذعر الرهيب من معرفته بطبيعة علاقتها بيامن
مع ان التفسير بسبط جداهى لم تتحدث سوى مع خالتها وهى لن تقول شيئا اذن هناك من تسمع عليهما ولن يكون سوى سوزى
ولكن ألمى تظل المى بسذاجتها المعهودة
ولولا وصول ميار بالوقت المناسب لكان صلاح اكمل جريمته الشنعاء فقد فقد صوابه تماما
وما اظنه مات كما تصورت ميار فالقذرين امثاله بسبعة أرواح

يا ربى.. أتشوق لمعرفة كيف سيتم معالجة الامر وكيف ستكون ردة فعل هادى..وكيف سيكون الوضع القادم بينهما بعد ذيوع تجمد علاقته بها وهو من نبهها لذلك

الوضع كله صار مثيرا جدا

سلمتى حبيبتى علي الفصل الرائع جدا جدا والطويل بحق أى أنه استنزف منك مجهودا كبيرا ليس لدينا منه الكثير خاصة بعد شهر الصيام وضجيح ايام العيد
ولكنك حبيبتى أبدعتى بالفعل وجاء الفصل من أروع ما يكون بالحوار والسرد والمضمون الرائع الذى احتوى علي الكثير من النصائح والحكم من الحياة وكيفية التعامل الصحيح بها
وتصويرك للصراع الرائع بين مشاعر الانسان الصادقة وبين كرامته

حقا انت ذات موهبة فطرية تتحلى بالصدق والنقاء فتصل للقلب والروح

بإنتظار الفصل القادم
دمتى أختى بكل التوفيق والتألق
ولك كل الحب والود والتقدير


shezo متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 14-05-22, 09:38 PM   #338

ألحان الربيع
 
الصورة الرمزية ألحان الربيع

? العضوٌ??? » 492532
?  التسِجيلٌ » Sep 2021
? مشَارَ?اتْي » 2,253
? الًجنِس »
?  نُقآطِيْ » ألحان الربيع has a reputation beyond reputeألحان الربيع has a reputation beyond reputeألحان الربيع has a reputation beyond reputeألحان الربيع has a reputation beyond reputeألحان الربيع has a reputation beyond reputeألحان الربيع has a reputation beyond reputeألحان الربيع has a reputation beyond reputeألحان الربيع has a reputation beyond reputeألحان الربيع has a reputation beyond reputeألحان الربيع has a reputation beyond reputeألحان الربيع has a reputation beyond repute
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة shezo مشاهدة المشاركة
مرحبا.صباح الخير والسعادة ألحان الإبداع

عودا أحمد حبيبة قلبي..إشتقت إليك كثيرا ولكل ابطالنا الحلوين
جعل الله أيامك كلها أعيادا وبركة ..واكرمك برضاه

**حب وكبرياء**

☆براءة الطفولة☆
ألمى تذكرنى بطفل صغير يتعلم المشي يقع كثيرا ويعاود المحاولة
لو كانت اعطت نفسها الفرصة للتفكر كما فعلت بعد خروج هادى
لما وصلت الأمور لهذا الحد ولكنها إندفعت بشعور وتفكير طفلة
مع ان كلمة غاليتى التى وجدتها لا تشير إلى حبيبة كما تصورت فهى تنم عن قرابة اسرية كما حللتها انها خالته

وكما تشعر المراة بقمة الإهانة عندما تتعرض للرفض ممن تحب يكون الإحساس اكثر الما عند الرجل فهو يربطه برجولته وكرامته فيكون رد فعله مبالغا فيه
من حوار ألمى مع والدها الذى لا ينفك يدور حول المال ألتمس لها العذر في تخبطها وأحترم إنسانيتها فى أنها لا تفكر مثله رغم صغرها كان من الممكن ان تتاثر باسلوبه الإنتهازى

☆غراس القلب☆
مقاومة الرجل لمشاعره لإمرأة يحبها بالفعل هى مثل الحرب وأكثر قسوة وألما لذا كان إندفاع هادى وراء مشاعره قاسيا بالنسبة له
وأظن ان ألمى ستعانى كثيرا إذا حاولت جذبه إليها ثانية
لان هادى ادرك بالطريقة الصعبة صحة نظرية السيد سليم

جميل جدا ذلك اللقاء العفوى بين هادى والصياد العجوز
جاء حوارهما دافئا جميلا ملئ بالعبرات والحكمة فالعجوز خبر من الدنيا الكثير ..عايش الحب الصادق مع زوجته واسرته وعايش فقد الإبن الذى لا يعلم له مستقرا..موتا او حياة

مثله يكون كلامه نورا ونصيحته ضياءا إذ ينير الله بصيرته فيبصر ما بالقلب وليس بظاهر القول
فقد نصح هادى بالنصيحة الملائمة فعلا ولم يهتم بإعتبارات إرتباطهما أو ملابساته
فالرجل رأى العشق والعذاب البادى علي هادى فلا تهم المقدمات بشئ ولا تلك النتيحة الكارثية التى يتوقعها

وكان رأى العجوز مطابقا لرأي
فلو زرع هادى عشقه ومحبته بقلب ألمى الطيبة فهى لن تلبث ان تسامحه وتعود إليه بعد ان تهدأ كعادتها خاصة عندما تتأكد من جرم والدها والذى لن يتناقض كثيرا عما تعرفه عنه
فهو لم يتوانى في جعلها صفقة حين ضاقت به السبل رغم حبه لها وقد فعلها أكثر من مرة

كان الأولى أن يعش هادى يومه ويترك الغد لله فزواجه بالمى زواجا صحيحا تتوافر به كل الاركان وليس تمثيلية أو خطة حربية في معركته
وكم من زواج طبيعى بداياته كانت صحيحة ولم يقدر له الإستمرار والعكس فالامر كله لله

وألمى التى تتسرع عادة فتفوه بالكلام الخاطئ ثم تفكر بعدها في سوء قولها عادت إلي الصواب ولامت نفسها وأقرت بصعوبة حصولها علي غفران هادى

☆ضد التيار☆
للأسف هادى فعل عكس ما نصحه به العجوز تماما فكانت غلظته وقسوته مع ألمى وقعها مؤلم جدا خاصة مع محاولتها التودد والحديث لتعتذر له
ربما بالفعل الإنسان الطيب نقى السريرة لا يصفو سريعا عندما يتم جرحه ممن يخب
ولكن كنت أعتقده تأثر ولو قليلا بحديث العجوز الحكيم

حتى أثناء رحلة العودة لم يتوانى عن طمأنتها بعد ذعرها ولكنه يعاود جفائه يا لتلك الكرامة البائسة التى لا يجب ان يكون لها مكان بين العاشقين

ولتزيد ألمى الامر سوءا تعرض نفسها عليه وكأن مشاعره نحوها حيوانية وهي بالطبع لا تقصد هذا المعنى ولكنه ما هداه لها تفكيرها الطفولى
ويكون رد فعل هادى أسوأ من سابقه
ويستمر الامر كذلك بعدها
والأسوا ان تتسمع سوزى لحوارها وخالتها وتعلم حقيقة الوضع بينها وهادى

يا لهذه الحياة والتناقض الذى يجعل زوجين يعشقان بعضهما علي هذا القدر من الغباء وكأنهما علي صفيح ساخن دائما لا تجمعهما نسمة عطرة ينظر فيها كلا منهما للآخر كإنسان فقط دون أى خلفيات


مساء الآمال والجمال ❤❤

وانا اشتاق دائما لك اكثر حبيبتي الغالية 💞


ما أحلى يوم السبت الصبح لأنه بستفتحه بتعليقك اللي بفرّح قلبي 😍😍

( حب وكبرياء )....يا ريييت قلتيلي اياها من قبل لحتى تكون عنوان الفصل ههههه مناسبة اكثر من (مد وجزر) 🤣.....عقلي كان خارج التغطية واخترت العنوان بعفوية المهم بدي اخلص منه هههههه🏃‍♀️


جميل قراءتك للشخصيات في الرواية وتفهّم مواقفهم رغم تصرفات وردود افعال بعضهم الخاطئة ....

هادي رسمت له شخصية صعب التعامل معها عند الغضب رغم ما يميزه من ايجابيات ...فهو دائما يضع عزة النفس والكبرياء في الأول ويظهرها بشكل اكبر مع ألمى ....شخصيته تسير على نمط واحد للنهاية لن يتغير وعلى الطرف الآخر اما تقبله كما هو او لا......مثلا هو اقتنع بكلام العجوز لكن ليس من السهل تطبيقه وفق الشخصية خاصته .....عليه اولا ان يواجه صراع داخلي دوما حتى يخطو خطوة واحدة عندما يتعلق الامر بكبريائه.....


كلامك جميل بحق العجوز ...لقد كتبت مشهده وانا اتخيله كما وصفتيه تماماً مع نقاء سريرته....

صحيح أذكر بتعليقاتك السابقة نصائحك له بالتعامل معها كي يجد شيئاً يشفع له عندها.....

هادي يعيش الخوف اكثر من الحب لذا يتصرف بغباء معها ويتخبط بعلاقته بها وهي ردود افعالها تأتي حسب تصرفاته معها لهذا لا تجمعهما نسمة عطرة ههههههه....لكن الى متى ؟؟🤔



(( ردي على تعليقك الأول ولي عودة ان شاء الله لتعليقك الثاني اختي آمال ))


ألحان الربيع متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 14-05-22, 10:29 PM   #339

ألحان الربيع
 
الصورة الرمزية ألحان الربيع

? العضوٌ??? » 492532
?  التسِجيلٌ » Sep 2021
? مشَارَ?اتْي » 2,253
? الًجنِس »
?  نُقآطِيْ » ألحان الربيع has a reputation beyond reputeألحان الربيع has a reputation beyond reputeألحان الربيع has a reputation beyond reputeألحان الربيع has a reputation beyond reputeألحان الربيع has a reputation beyond reputeألحان الربيع has a reputation beyond reputeألحان الربيع has a reputation beyond reputeألحان الربيع has a reputation beyond reputeألحان الربيع has a reputation beyond reputeألحان الربيع has a reputation beyond reputeألحان الربيع has a reputation beyond repute
افتراضي

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 4x( الأعضاء 4 والزوار 0)‏
ألحان الربيع, ‏مكاويه, ‏موضى و راكان, ‏هامتي عتيبه


منورات 😍

ان شاء الله يعجبكن 🌹😊


ألحان الربيع متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 15-05-22, 12:13 AM   #340

موضى و راكان

نجم روايتي

alkap ~
 
الصورة الرمزية موضى و راكان

? العضوٌ??? » 314098
?  التسِجيلٌ » Mar 2014
? مشَارَ?اتْي » 6,239
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » موضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   cola
¬» قناتك max
?? ??? ~
سبحان الله وبحمده .. سبحان الله العظيم
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 7 ( الأعضاء 2 والزوار 5)
‏موضى و راكان, ‏جزيرة


فصل جميل يا حبيبتى 🌹 تسلم أناملك الذهبية يا مبدعة


موضى و راكان غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 01:45 PM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.