آخر 10 مشاركات
زوجة لأسباب خاطئة (170) للكاتبة Chantelle Shaw .. كاملة مع الرابط (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )           »          الوهم * مميزة ومكتملة * (الكاتـب : hollygogo - )           »          غمد السحاب *مكتملة* (الكاتـب : Aurora - )           »          صبراً يا غازية (3) *مميزة و مكتملة* .. سلسلة إلياذة العاشقين (الكاتـب : كاردينيا الغوازي - )           »          الــــسَــــلام (الكاتـب : دانتِلا - )           »          اخطأت واحببتك *مميزة*& مكتمله* (الكاتـب : Laila Mustafa - )           »          تشعلين نارى (160) للكاتبة : Lynne Graham .. كاملة مع الروابط (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )           »          [تحميل]نور وظلال (اسرار حياتنا) للكاتبة زهرة سوداء اردنية(جميع الصيغ) (الكاتـب : فيتامين سي - )           »          السجينة الحرة (54) -قلوب غربية-للكاتبةالرائعة: أمل العامري*كاملة&الروابط*مميزة (الكاتـب : Just Faith - )           »          جنتي هي .. صحراءُ قلبِكَ القاحلة (1) * مميزة ومكتملة* .. سلسلة حكايات النشامى (الكاتـب : lolla sweety - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > الروايات الطويلة المكتملة المنفردة ( وحي الأعضاء )

مشاهدة نتائج الإستطلاع: في اي زمن تفضلون تكون الرواية القادمة باذن الله ؟
قديمة ومشابهة لزمن هذه الراوية 2 40.00%
عصور وسطى 0 0%
عصر النهضة 0 0%
حديثة 3 60.00%
المصوتون: 5. أنت لم تصوت في هذا الإستطلاع

Like Tree94Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 28-11-21, 09:45 PM   #51

Cigarno

كاتب في قسم قصص من وحي الاعضاء


? العضوٌ??? » 459381
?  التسِجيلٌ » Dec 2019
? مشَارَ?اتْي » 85
? الًجنِس »
?  نُقآطِيْ » Cigarno is on a distinguished road
افتراضي


(1) جبل خزاز ليس في جنوب الجزيرة العربية ولكن جبل خزاز يقع جنوب منطقة القصيم قريبًا من دخنة وسط الجزيرة العربية

Cigarno غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 06-12-21, 04:39 PM   #52

Cigarno

كاتب في قسم قصص من وحي الاعضاء


? العضوٌ??? » 459381
?  التسِجيلٌ » Dec 2019
? مشَارَ?اتْي » 85
? الًجنِس »
?  نُقآطِيْ » Cigarno is on a distinguished road
افتراضي

الفصل الثامن عشر – النضال الاخير

في فجر يوم باكر قد ازرقت السماء قبل طلوع الفجر والهدوء يعم مضارب بني ركاب لا تسمع الا صوت انعامهم ونباح كلابهم، واذ باحد الفرسان يعدو بفرسه وقد ظهرت ركبتاه حتى وصل الى مضارب بني ركاب وصاح فيهم قائلا (واصباحاه يا ال ركاب... واصباحاه يا ال ركاب...) فقض مضاجع القوم نداءه، وخرجوا اليه ومالك كان ممن خرج فقال له مالك (ويحك اي صباح سوء جئت تنذرنا به؟...) الفارس (لقد ابصرت سوادا لا تسمع لهم الا قلقلة حديد وصهيل خيل عنيد وهم على مسيرة يومين من ارضكم فانظروا في امركم...).

ما ان سمعت الناس الخبر حتى ارتبكت الجموع واضطرب الحاضرين، حتى قال فيهم مالك (الزموا قرارة انفسكم ولا تطمعون عدوكم بكم، فان الجازع لا الحق ينازع ولا لعدوه بدافع ولا لقومه بنافع ويورث اهله المدامع، وان اليومين بهن حياة وممات وما آن للأوان الفوات، اصبروا لعدوكم جميعا فالوحدة درعا منيعا...).

ثم تركهم ونادى بأغيال بني ركاب اي اهل الحل والعقد والمشورة، وامر بنصب قبة للحرب ودخلوا بها جميعا، فبدأوا يتشاورون في امرهم ثم قام رجل يدعى بهثة بن قيس الركابي وقال (انما من جاء الينا ونظنهم جميعا هم غالب ومن احتشد معه، ولعل غالب ترك فينا الاماني والامال، بان دس فينا اسلم يجيش له جيشا من بنينا، وهو لا يعلم بحقيقة بوار امره ومسعاه، ولعلنا نستفد من ذلك بان نرسل له جيشا صغيرا من رجالنا يدعون انهم ممن تبع اسلم في قضيته، ونزحف نحن واهلنا شمالا حيث بني قمعة فنتحد معهم، ونجعل رجالنا الذين معه يخبرونه زيفا بان ابل بني ركاب وظعائنهم قد تُركوا في جبل ثهلان، فان من احتشد مع غالب ستغريه الغنيمة وقد يلجأوا الى ذلك الجبل وهذا ما سيعطينا مزيدا من الوقت للذهاب شمالا كي لا يدركونا فان ذهبوا الى جبل ثهلان طامعينا بالغنائم سيختلفون قبل الوصول اليه بتقسيم الغنائم وقد توغر صدورا بعضهم على بعضهم فلا يكونون على قلب واحد وما ان يدركوا انه لا يوجد في ثهلان غير الغربان سيميلون الينا وفي انفسهم غصة من بعضهم، وما ان يصلوا الينا سنكون قد ارسلنا ابلنا ونسائنا الى سفوح راما فلن يكون في استقبالهم غير رجال مصلتين سيوفا خلقت للضرب ورماحا اورثت نديمها الكرب، حينها ينشق ابنائنا عنهم وينضموا الينا فيعرفوا انهم قد وقعوا لقمة سائغة في شراكنا وهذا ما سيضعف عزائمهم، وهذا هو الرأي عندي ...) نظر اليه مالك واغيال بني ركاب باعجاب وقال له مالك (هذا هو الرأي عندي ... انتدبوا من تثقون به من ابنائكم لهذا الخطب...).

في واقع الامر هو ان مالك تحقق بعد قتله لاسلم من اتباعه فوقع على كثير منهم فقتل جزء منهم وجزء استعبده لديه، فلما ارسلوا ابنائهم لخداع غالب ومن معه انتدبوا خواص ابنائهم ومن يثقون بسلامة موقفه من اسلم الى غالب الذي لم يدري بما قد احيط باسلم ومن معه.

واما غالب وهو يسير مع جيش عظيم واذ بعشرة فرسان اقبلوا من جهة بني ركاب وهم يعدون بسرعة كبيرة حتى وقفوا على القوم فاخبروهم انهم من اتباع اسلم وانهم من استطاع تحين الفرصة والخروج لغالب بحجة مماطلته، فلما سال غالب عن اسلم وعن العدد اخبروه ان اسلم بخير وانه يخطط لغلب الموازين على بني ركاب باقل الضرر، ففرح غالب بهذا الخبر ورحب ببني عمه الركابيين فاخبروا غالب ومن معه من قادة الجيوش بان الابل والظعان قد اودعوها ثهلان فسمع الرجال ومن ضمنهم الكميت بن زرارة هذا الكلام.

فاراد غالب ان يدرك بني ركاب لا ابلهم وظعائنهم لانه هو نفسه من بني ركاب، ولكن الكميت بن زرارة اصر على الذهاب الى ثهلان وقد وافقه الرأي عمرو بن حنشة، فانكر عليهم غالب رأيهم واختلف معهم اختلافا شديدا، وقال لهم (يا اسياد قومكم ما لكم وابل قومي، فان ظعائنهم عرضي وابلهم مالي، وانما اردتكم ان تشدوا من ازري ولا تعضلوا علي امري...) فقال الكميت (لا ضير في ان نغنم ممن عاداك من قومك ونصيب منهم القليل...) وقال عمرو بن حنشة (يا غالب سنحث مالك ومن معه للخروج لملاقاتنا ان علموا باننا احتبسنا ابلهم واما الظعائن فامرهن مرتهن لك...) وأيده الكميت على كلامه، فاطمئن غالب وساروا جميعا حيث جبل ثهلان.

وكان جبل ثهلان يتطرف عن مضارب بني ركاب وان سار اليه الجيش قد يأخرهم يوما ونصف اليوم لان حركة الجيش ثقيلة وبطيئة مما يتيح لمالك الهروب لبني قمعة والاستنصار بهم.

وهم في الطريق كان بني مجاشع وبني زاخم يتحدثون عن صيبهم في ثهلان وتدخل جنود جيش ملك سبأ وطالبوا بحصتهم فاختلفوا في التقسيم وشد الاختلاف بينهم وكان عمرو بن حنشة يسمع من خلفه وامامه احاديث الرجال عن الغنائم فقال وهو يسرح فوق حصانه (يا رجال من تلهيه الغنائم سيلقى على اثرها الهزائم فاعقدوا هممكم على قدر العزائم...) ولما سمع الجند كلامه سكتو عن ذكر الغنائم ولكنهم اسروا امرها في صدورهم ومنوا فيها النفوس الامانيا.

وحينما وصلوا الى جبل ثهلان وجدوه خاويا لا اثر لاحد فيه لا من قريب ولا من بعيد، فاستدعى غالب العشرة الذين اتوه من قومه وسالهم عن سبب غياب ما ذكروه له في ثهلان فعللوا السبب انهم قد تخلفوا عن رأيهم وقال احدهم (لعله طارئا طرأ عليهم فجعلهم يعدلون عن هذا الرأي واخوف ما اخافه انهم ادركوا بني قمعة قبل ان نصل اليهم...) ولما سمع الكلام الكميت اشتد غيظه بعد ان منا نفسه هو الاخر بغنائم حرب سائغة فخاب رجاءه وثبطت عمته وعزيمته، والتفت الى غالب وقال (يا غالب لقد سعينا معك في امر لا شأن لنا به، وكدت ان تمنعنا صيبنا واعترضت عليه، والجبل خاويا خاليا مما منينا النفس به، وقد عطشت الجند وتعبت الخيل فما هو ثباتنا اذا حق اللقاء وقد استجار خصمك بحليف قوي، وانما خصمك بضعة منك اترى ان انتصرت انت عليه واصبنا في دمائكم ما اصبنا هل انت تارك ثأرك منا ام هل قومك لحق دمائهم هادرون؟... اما والله لقد وفيناك في مسعانا وما نكبناك في مسيرنا، وانت تستبخل علينا ما ينبغى ان تركمنا به، وما اعترضنا ولا تمنعنا عليك حتى ثهلان، اما الان فلا طاقة لخيولنا على النضال ولا لابطالنا على القتال، وما ارى من مسوغ لنا يدفعنا دفع الرياح لمراقصة الرماح، ولا ملاقاة الحتوف تحت ظل السيوف، فاني ارى ما هو لصلاح قومي فاني مضطرا للانسحاب فمن اراد من بني زاخم ان يأتي معي فمرحبا به ومن اراد مواصلة المسير معك فله ذلك ولا يصطرخ ببني زاخم في رحاها...)

لما سمع غالب كلام الكميت خاب رجاءه به، وشعر باحباط شديد وخاف ان يتفلفل القوم منه ولما سمع حرب بن ورد كلام الكميت قال له (والله لست الكميت بل حي كميت، والله تقاعست عن نصرتنا سابقا وها انت تعيد تقاعسك، لا عجب في جبنك ولكن العجب في من ارتضاك على رأس قوم مكرمين...) ما ان سمع بني زاخم كلام حرب غضبوا وغضب معهم الكميت فتعالت الاصوات واختلفت الرجال وكادت ان تنشب بينهم صولة لم يكن لها مبرر، حتى تدخل عمرو بن حنشة وقال (اهدأوا يا رجال فنحن جميعا على صف واحد، وقد احسن الكميت مسيره معنا اذ خرج من اليمن برأيه غير مدفوع، وان عدل فهو شأنه وقومه لا دخل لنا بها وما زال العدد والرجال في صالحنا ولنا اليد الطولى عليهم، فمن اراد الانسحاب فله ذلك مالم نصل الى الموعد المحتوم والمكان المعلوم، فلا تتنازعوا ويشتد امركم بينكم، واذخروا ما تكنون به لعدوكم....) ثم ادار حصانه حيث الكميت وقال له (والله لا انساها لك يا كميت والله لن انساها ما حييت...).

وانسحب الكميت وبني قومه من هذا الجيش بعد ان غرهم سراب الغنائم وشعورهم بالاحباط، وهي حرب لم يكن الكميت يريدها انما سار عليها وقد اجبرته اعراف العرب، وما ان رأى مخرجا حتى خرج به وخذل غالب ومن معه.

وغالب يرى الكميت وهو ينسحب ببني قومه ولما مر من امام غالب قال له غالب :

يرى الجبناء ان العجز عقل * * * وتلك خديعة الطبع اللئيم

وكل شجاعة في المرء تغنى * * * ولا مثل الجشاعة في الحكيم (1)


لما سمع الكميت تلك الابيات قال :

لا يعاب المرء جبن يوم * * * وقد شاعت شجاعته قديم

ويوم خزاز قد حملنا * * * على الرومان حملة الكريم (2)
وانفصل الكميت عن غالب ومن معه وعاد الى الجنوب، واما بني ركاب فانهم وصلوا الى شريح بن جديلة فرحب بهم وبنا لهم وضيفهم باحسن ما تستقبل به الضيفان، واخبره مالك بما خطط ودبر له، فاثنى على خطته شريح، ثم ارسلوا الظعائن والغنائم الى سفوح راما ومعهم مجموعة قليلة من الرجال تحميهم وتقلدوا الرجال سيوفهم، وشحذوا نصالهم، واستعدوا للموعد المحدد.

ولما كان رجال بني ركاب وقمعة يتأهبون وينتظرون بني مجاشع وجيش سبأ واذ باحد العيون الذين ارسلهم شريح بن جديلة يستطلع الطلائع لكي يرى اي فج يسلكون ومن اي جهة يقدمون، واذ به يركض بخيله والشمس بالكاد قد طلعت من ظهره وهو يصيح قائلا (الى السلاح الى السلاح... ستلقون عدوكم هذا الصباح ...).

فهرع مالك وقومه الى سلاحهم وكذلك بني قمعة وهم في جمع غفير فخرجوا الى غالب ومنه معه، واما غالب ومن معه فلما رأوا تلك الجموع قد احتشد بحشد عظيم رفع غالب طرفه للسماء ورأى حومة العقبان وقال (سأملأن بطونكم حتى تشبعون...) فتقابلت الرجال وخرج عمرو بن حنشة يركض بخيله بعرض مقدمة الجيش ويصطرخهم للحرب ويحفزهم فسأل مالك عنه فاخبروه انه عمرو بن حنشة وكان مالك يعرفه فانه ذو حسب ونسب وامه اسمها هند وهي من النساء المعروفات عند العرب بعزتها وانفتها، فتقدم قليلا مالك حتى برز عن بقية الجيش وقال (يا عمرو مالك ومالنا تاتينا مقاتلا؟...) التفت اليه عمرو وقال (لقد سمعنا ان لديك ابل كثيرة لا واموال غفيرة لا تدري ما تصنع بها، ولديك نساء مكلمات لا تدري ما يُصنع بها، ولديك خالصة بنت حرب بن ورد ونحن منك اولى بها...) فغضب مالك لما سمع الكلام من عمرو فقال له:

ابا هند فلا تعجل علينا * * * وانظرنا نخبرك اليقين

بأننا نورد الرايات بيضا * * * ونصدرهن حمرا قد روينا

بأي مشيئة عمر بن هند * * * تطيع بنا الوشاة وتزدرينا

تهددنا واوعدنا رويدا * * * متى كنا لامرك مقتوينا

متى ننقل الى قوم رحانا * * * يكونوا في اللقاء لها طحينا (3)

لما سمع هذه الابيات عمرو بن حنشة رد عليه منشدا :

ألا لا يجهلن احد علينا * * * فنجهل فوق جهل الجاهلينا

فأن قناتنا لعمرك اعيت * * * على الاعداء قبلك ان تلينا

ونحن غداة اوقد في خزازى * * * رفدنا فوق رفد الرافدين

فنحن الحاكمون اذا اطعنا * * * ونحن العازمون اذا عصينا

فصولوا صولة فيمن يليكم * * * ونصول صولة فيمن يلينا

فعدتوا بالنهاب وبالسبايا * * * وعدنا بالروم مصفدينا (4)

ما ان انهى عمرو ابياته واذ بالفرسان العشرة المنغمسين من بني ركاب قد ركضوا بخيلهم امام اعين غالب ومن معه وذهبوا واصطفوا مع بني ركاب، وسط تعجب من غالب وخذلان ويأس جب به وبمن معه، فاستشعروا الخديعة في ثهلان ولاشك انها من تدبير اولئك الفرسان، فصاح بهم غالب فرد عليه احدهم قائلا (ويحك اتعيرنا العرب باننا نقتل قومنا قبحت وما تدعونا اليه...) فعض شفتيه غالب غضبا من قولهم وفعلهم ورد عليه وقال (بل والله انتم من ستعيركم العرب بانكم احتبستم حرائركم فساء ما تسعون اليه... فاذهبوا فلا كلام يدور بيننا ولا حوار الا بحد السيف... عسى ان تكون أسنتكم اثبت من السنتكم...) فعرف غالب انكشاف خبره وبوار امره فتقدم بفرسه لا يدري ان كان اسلم قد خانه ام ان المحاذير لم تنج اسلم من قدره، واقترب من بني ركاب وصاح فيهم قائلا (أأسلم بن روحان فيكم؟...) فرد عليه مالك وقال (بل تركناه جزر السباع والنسور القشاعم... وسنلحقك به لا تجزع ...) لم سمع ذلك الكلام غالب حزن على اسلم وغضب من مالك وقال له (والله لو قتلتك الف مرة ما شفيت بك غليلي وستعلم ان حق اللقاء من فينا اصبر على المرار ...) فضرب غالب حصانه وعاد مسرعا لقومه.

وما لبثوا على من الشمال الغبار وظهر من تحته سواد سد الاقطار، ونادى في بني قمعة رجلا يقول (أتاكم الغوث...) واذ به عبادة الثالث على رأس جيشا عظيم عرمرم من الانباط قد سار ثائرا من اهل نجران وهم بني مجاشع ظنا منهم انهم من قتل صالح ونصرة لبني عمومته بني قمعة، فوجئ غالب وعمرو بن حنشة بقدوم عبادة الثالث وكذلك تفاجئ بهم قائد جيش سبأ وكان اسمه عمران بن يزن.

ووسط هذا الدهشة والذهول من قبل غالب واعوانه توقف جيش عبادة الثالث على جانب الفريقين من جهة الشمال، ثم ارسل المراسيل الى كلا الطرفين، واما المرسول الذي ذهب الى شريح بن جديلة فانه جاء فيه امر من الملك بان ينضموا تحت لواءه في القتال، فامتثل القوم وذهبوا حيث عبادة الثالث، واما المرسول الذي ذهب الى غالب واعوانه جاء فيه وعيد وتنديد ان لم يسلموا قتلة صالح وينصرفوا من وادي بني قمعة ويعودوا الى الجنوب حيث كانوا، لما سمع عمران ذلك الكلام انتفضت اكتافه غضبا وغيظا على عبادة الثالث ونهر مرسوله وقال له (لو ان المراسيل لا تقتل لاطحت رأسك من كتفيك...) فكتب عمران كتاب الى عبادة الثالث يخبره بالانصياع لاوامر ملك سبأ ايلي شرح يحضب وعدم الانخراط في هذه المعركة وحينما وصلت الى عبادة نهض من مكانه فسال عن قتلة صالح فاجابه المرسول انه لم يذكرهم بسوء او خير بل وتجاهل ذلك الامر قبل ان يسلمه الكتاب، فازداد غضب عبادة وقال (ايزردي دماءنا ويتجاهل ثاراتنا...).

واما عمرو بن حنشة قد دعى لاجتماع طارئ في جيشه واحلافهم واخبرهم ان العدد ليس في صالحهم بل ان العدد تضخم اكثر بقدوم عبادة بجيش ملكي مهيأ لأشرس انواع القتال فقاطعه غالب قائلا (يا عمرو لقد في الرومان فعرفت منهم امورا قد سبقونا اليها وهي تهيئة ارض القتال لتتكافئ الاعداد في ظروف مماثلة كهذه وهي بالتظاهر بالانسحاب فيتحمسون للانقضاض علينا فتتباعد صفوفهم ونواصل الانسحاب الى حيث سفوح راما فتصعب الخيل حركتها هناك ونكون قد وضعنا مسبقا الرماة فنمطرهم بالسهام ونستغل تباعد صفوفهم فنميل بالفرسان على مذيلتهم فان رأو ذلك سيترددون في الاقدام او التراجع لحماية مذيلة الجيش...) وكان عمرو يستمع لخطة غالب فقال (الا والله لقد انرت بصيرتي لشيء لعله اخير مما ذكرت، الم تلحظ ان الديار خالية من نساءها والمراعي من ابلها؟...) غالب (بلى...) عمرو (والله لا اعلم مكان امنع ولا احصن لهم من سفوح راما ولعلها هناك الابل والنساء، فان ما جئتنا به سنزيد عليه ان الانسحاب يكون للكل جهة سفوح راما حيث ابلهم ونسائهم فنحاوطها ونحتبسها عليهم فانهم ان رأوا ذلك سيهرعون يتسابقون على من يدركنا قبل الاخر ستتمايز الخيول وسيسبق الفعل العقل، اما عمران فانه سيلتف لصد عبادة الثالث وتعطيل نصرته لبني قمعة وبني ركاب...) اعجبت الخطة عمران لانه وجد سببا اخر للقتال وهو غطرسة عبادة حين ارسل له المرسول.

وحينما اصبح الصباح وتقابل الصفان برزت الفرسان كعادتهم تطلب المبارزة فخرج شراحيل بن عمرو يسأل (الا هل من مبارز ؟...) فخرج له رجل من بني قمعة فقال (انا لك ...) شراحيل (انا شراحيل بن عمرو بن حنشة المجاشعي من انت ...) الرجل (انعم بحسبك ونسبك وانا كفؤا لك فأنا نصر بن عجل القمعي...).

فتصادما الرجلان وحامت فوقهم العقبان، وتطاير من النصل الشرار وكل منهم لا ينوي الفرار، فقام شراحيل بمباغتة نصر وقد ادرك بطعنته النصر، بعد ان انكشف له ابطه طعنه طعنة احزنت رهطه، فخرجت من فوق كتفه فادرك نصر اوان حتفه، فاجهز عليه بطعنة كريم ولم يزرديه كحقير لئيم، فصاحت بني مجاشع واورث بنو عجل المدامع.

فخرجت الرجال للمبارزة الى ان ارتفعت شمس الصباح فامر عبادة الثالث ببدء الهجوم عليهم فتحركت الجيوش، فتقدم عمران للاشتباك لتأخير العدو واتاحة الفرصة لحلفاءه للالتفات، فركب بني مجاشع نحو سفوح راما مسرعين، ولما رأهم بني قمعة وبني ركاب صاحت الرجال في اقوامها ان ادركوا ابلكم وظعانكم ولحقوا بهم ولكن عمران كان قد قطع عليهم الطريق، ولما ادرك عمران وصول عمرو ومن معه مقصدهم تظاهر بالانسحاب تحت ضغط بني ركاب وبني قمعة، ولما رأى منه ذلك عبادة الثالث ضحك ساخرا من هروبه، واما بني مجاشع فانهم ادركوا السفوح وقد وجدوا الابل ونساء بني ركاب وبني قمعة حاوطهم.

وكانت الخطوط قد تباعدت على بني ركاب وبني قمعة لمحاولتهم استنقاذ ابلهم ونساءهم، واما غالب فوسط هذا الارتباك قد اقتحم مكان النساء ونزع عمامته ورماها على الارض وصاح (انا غالب بن سعد بن زيد الركابي والله ما جئت بالعذارى طامعا، ولا الاستغناء بالابل طامحا، وانني جئت لنساء قومي ثائرا والموت دونكن اليوم سائرا...) وهو في هذا الاصطراخ سمعت النساء كلامه واما خالصة فانها دافعت النساء وارتقت فوق صندوق لترى من فوق رؤس النساء بفارس قد امتطى جوادا غاصت رجلا في الرمل الى الركب وهو ليس بحاسر عمامته وهي ملقاة على الارض والشعر يلهث كانه لهب غيظ حمى برأسه واذ به غالب فارتعشت لما رأته وقد ساورتها الظنون بعد انقطاع رجاءها واذرفت الدموع فرحا وكذلك فعلن مكلومات بني ركاب عفراء وريماس وغيرهن من النساء فصاحت عليه احداهن وقالت (يا غالب ان في القوم من رجالنا فلا تقسون بحد سيفك عليهم فانهم عضدك ومن تشد به ازرك...).

ورجع غالب وركب ناقة فعطف مع الفرسان على منتصف تلك الخطوط بضرب حير العقول، وتقاتل الرجال فوق السفوح فرطبت دماء الرجال رمال الصحراء، واما عبادة فلما اراد التقدم لحسم هذه الرحى لم يلبث الا وصيحات قد باغتته من ميمنته واذ به عمران قد انسحب والتف وانقض عليه فاربك صفوف الجيش وانشغلوا في قتال عظيم.

وهم في وسط القتال واذ بصائح من بني ركاب يقول (لبيك يا غالب والله ان سيوفنا معك ...) فرأى رجالا قد ربطو عصائبهم على اكتافهم وبدأوا يقتتلون مع بني عمهم من بني ركاب فتردد القوم من بني ركاب في القتال لما رأوا ان الدائرة بينهم وبعضهم، فارادوا درأ الفتنة بين ابناء عمومتهم ولكنهم ادركوا عدم مقدرتهم على ذلك فصاح رجل اخر من بني ركاب (والله لا قتال لي اليوم وهذا سيفي ...) فقام وثنى صفحة سيفه فصاح عمرو بن حنشة في قومه (لا تقاتلوا الا من يقاتلكم ومن ثنى سيفه او اعتصب زنده فهو محرم على سيوفكم دمه...)فتوقف بني قمعة ومن بقي من احلافهم من بني ركاب فنظروا واذ بمن يقف مع غالب من بني ركاب اذ به جمع كبير فصاح فيهم مالك وخونهم وتوعدهم، فتقدم غالب الى المقدمة وصاح في بني قمعة وقال (يا شريح والله لحقن الدماء والديات احب عندي من الثأر فهل انت موافقي على مبدأئي...) فاغتاظ مالك من ذلك الحديث والتفت الى شريح وحفزه وقال (لقد قتل منكم الرجال هل ستريق دمائكم...) فقال له شريح (والله لقد اصبنا من دمائهم كما اصابوا ولكنهم لم يصيبوا نسائنا كفعلك بنسائك ولا ارى مسوغ لبني قمعة في هذه الحرب فالخروج منها باقل الضرر فان هذا هو النصر...) وانتهى خلاف قتالهم في يومهم.

واما عبادة وعمران فاستمروا في قتال شديد تطايرت منه الرؤوس كما يتطاير الرحيق من الزهور، الى ان غابت الشمس واتت المراسيل لعبادة وعمران بالصلح المحتمل بين الطرفين فقام عمران وارسل لعبادة كتابه بان لم يكن مقتل صالح على يد اهل نجران انما اكتشف امره الرومان وقتلوه.

وبعد ان نصبت خيمة الصلح دخل الكل فيها وتشاوروا وافضى اجتماعهم على دفع الديات، فقام فيهم عبادة ودفع ديات الاطراف كلها من امواله الخاصة، فشكروه على كرمه ومروءته، واما موضوع مالك ومكلومات بني ركاب فلقد انتصفوا من مالك ورهطه الاقربون بان تؤخذ ابلهم واموالهم فتقسم على مكلومات بني ركاب وذويهم وان ينفى قوم مالك عن تلك الديار، وان يقتل مالكا نكاية بما فعل في حرائر بني ركاب، وترجع الاموال المستباحة من بني غائلة الى حرب بن ورد.

ولما سمعت مكلومات بني ركاب تلك الاخبار فرحن بما سمعن، واما من بقية رجال بني ركاب من وقف على الحياد او شارك في الحرب فانه تم الاعفاء عنه واما علقمة بن ساعدة فانه وجد مقتولا في السفوح لانه كان يريد الوصول لاستنقاذ امه وابيه.

واما خالصة فانه لما كانت قد ظنت بموت ابيها وبكته ورثته رثاءا حزينا، قد جيء بها وبمكلومات بني ركاب ليعتذر منهن القوم ويدفعون اليهن اموالهن، واما خالصة فانها لما رأت ذلك الشيخ الذي ربط حاجبه على جبينه وقد بليت عظامه يتكئ على عكاز ويداه في ارتعاش وهو لا يرى من امامه لذهاب بصره، فتحت فاهها خالصة واغرورقت عيناها بالدموع ولطمت خدها بكفيها وضربت نحرها، ثم ركضت بعد ان رفعت ثوبها وهي تصيح (أبي .. أبي ..) ولما سمع الصوت ابيها التفت جهتها ورما عكازه وهو يقول بصوت خافت (خالصة ..خالصة ..) فارتمت في حضنه وهو كبيرة كما كانت تفعل وهي صغيرة في كل مرة يغيب ابيها لمشاغله ويعود للبيت فسقطا على الارض وهي تعانقه وتقبل رأسه ويديه وتبكي بحرارة وهو كذلك قد فعل كما فعلت هي وسط تأثرا كبير لكل من يراهما لم يمتلك دموعه.

واما غالب فلقد نصب لعفراء وريماس قبة تليق بهن وتليق بصنيع ابيهما بغالب من قبل، وكانت ريماس قد شغف غالب قلبها حبا كيف لا وكان حديث النساء وبطل اللقاء، الا انها تمنته لنفسها وازداد تعلقها به وظنها بانه سيتخارها زوجة دون غيرها.

ولكن حينما اتى حرب بن ورد ومن خلفه خالصة رأت من غالب نظرات لخالصة حطمت كل حلم جميل حلمت به، فشكره حرب بن ورد على مروءته وشهامته وهنأه بنيل مراده، فذهب حرب لخيمة قد نصبت له في وسط بني ركاب وهو من هو بالامس فكيف اصبح اليوم.

فجلس غالب مع عفراء وريماس يطمئن عليهم محاولا التعويض لهن على ما فاتهن في غيبته، وكان بين الفينة والاخرى يسال كيف كانت هي احوال خالصة، وكيف كانت عشرتها لهن، فاحست ريماس برغبة غالب في خالصة ورغبته عنها فانها لا يزال يراها كاخته الصغرى لا اكثر فازعجتها منه تلك النظرة، واما عفراء فكانت تبادل المحبة غالب فهو يحبها كاخت وهي تحبه كاخ.

ولما ذهبت خالصة مع ابيها ورأت تقلب الاحوال كيف كانت ولا يمكن للمرء الاطمئنان بدوام الحال لان هذا شيء محال، بل واكثر ما تعجبت منه هو قلبها الذي كان خالصا كاسمها لغالب ثم غلب عليه كاسمه شيبان والان هام الفؤاد به وكلما ذكرته ارتعشت شوقا اليه.

وفي الليل وقبل ان يخرج غالب من عفراء وريماس بعد ان اطمئن من اكتمال حاجتهم اراد الخروج فغمزته ريماس انها تريده لامر يخصها فخرجت خلفه ولما انفردت به قالت له (انك قد سالت عن خالصة وهي من اكمل النساء ممن كان معنا ولم تقصر عنا بشيء ولكنها في اخر اوانها كثير شرود عقلها فكانت تنشد الاشعار وكثيرة الانعزال عنا ولم نرى او نسمع ما ننكر عليها الا في احد المرات وكنت قريبة منها صدفة سمعتها تنشد شعرا لم اعلم من تقصد به الا انها قد ذكرت كفيفا وذكرت ابن ابي العرجاء ...) فقاطعها غالب وقد بدت على ملامحه الغضب(ماذا ذكرت؟....) ريماس (لم تذكرهما بخير...) غالب (ماذا قالت ؟...) ريماس (لقد سمعتها تقول منشدة:

ودعت من كان الضياء نوره وان الخبائث تحشتم من شيبان
طعنه ابن ابي العرجاء خسة وخبثا لم يرى مثله الثقـــــلان
حقير ابـن حقير هــالــك كفيف يمشي بحــــقد بلا عيـــنـان
ورائحته التي كان يعرف بها اقرب ما تكون من الــحدثان
لم تطق البهائم مر جواره فكيف يطيق جواره انســــــــان
الا ابنه القرد قد طاقه فلا يطيق الحيوان غير الحيـــــوان
غلب الحياة امه حين جائت به بوجه حرم قلبها الخــفقان
كما حرم عيني الكـــرى لفقد من حوت عيناه القمـــــران
وموت قرب شيبـــان لا بـــغيره بــدل العمـــر عـمــران
لما سمع تلك الابيات وهو يعرف ان ريماس لم تختلقها لورود اشياء فيها لم يكن ريماس تعرفها الا خالصة فأيقن بحقيقة انتساب تلك الابيات لخالصة احمر وجهه وعض شفتاه واغمض عيناه بشدة ووضع يده على قلبه وانثنى عليه وقال لريماس (اصمتي ثكلتك امك لقد اوجعتني بهذا وكاني فقدت ابي مرتين ... اه يا أبي وا اسفي عليك لم يقدروك حق قدرك يا ابا العرجاء...) ثم ادار وجهه وذهب لخيمته وقد ذرف الدموع اسفا على جهل الناس بقدر ابيه، الا انه يعلم ان ذلك الشعر قديم جدا منذ ان كان ابيه حيا الا ان اعادته هي من اوجعه.

وفي صباح القوم الباكر تجمع الرجال في مجلس غالب اميرا لهم وكان ممن حضر حرب بن ورد لانه اقام وسطهم وكان الملك عبادة الثالث وعمران بن يزن وبني مجاشع وبني قمعة اضيافا حيث بنوا خيامهم ومضاربهم بني ركاب، وكانوا في فرح صلح، كان في صدر المجلس الملك عبادة الثالث كونه ملكا وبجانبه عمران بن يزن كونه ممثلك ملك والجانب الاخر وهو غالب كونه امير بني ركاب ومضيف الاضياف، فانشدوا الاشعار في هذه الايام يمتدحون عبادة والملك ايلي شرح يحضب وكذلك يثنون على غالب وبني ركاب الى ان انتهى الناس من الولاءم وصار وقد الندائم فتنادم الحضور، فقام حرب بن ورد واثنى على الملك عبادة وعمران ممثل ايلي شرح يحضب ثم نصب نظره الى غالب وقال (لقد اعجزت بفعلك الرجال، وذللت بحدك الاهوال، ولن تكفي حقك الاشعار والاقوال، وقد ابتدعت مكانا بين الابطال، وشهدت لعزمائمك ساحات النزال... (فكان الحضور يثني ويؤكد قول حرب في غالب بأنعم ونعم)... فأنا حرب بن ورد بن غائلة أطلب غالب بن سعد بن ركاب زوجا لإبنتي خالصة بنت حرب بن ورد بن غائلة، امامكم اجمعين...) فلما سمع الحضور كلام حرب تفاجئوا اذ جمال خالصة جمالا نادرا جدا فهي لم تلبث الا وقد خطبت بالفعل من ابيها فلقد خطبها عدة من الرجال، ولكن حرب خطب غالب لابنته وهي على غير عادة العرب ان تخطب لبناتها الا ان يكون الرجل موسوم بحسن السيرة وطيب الجيرة وافعال جديرة، فلما سمع غالب كلام حرب فوجئ هو الاخر ولكنه لم ينسى كلام ريماس بالامس عن قصيدة خالصة له، تبسم واكتفى بالسكوت، فتفاجئ الناس ايضا بردة فعل غالب واشدهم دهشة حرب بنفسه وهو كفيف، فقال حرب (اسمعتني يا غالب؟...) غالب (نعم يا ابا خالصة سمعتك...) فطأطأ حرب برأسه وتمتم وقال وهو يجلس بصوت خافت خفيف (ولم تجيب...) ففهم حرب رغبة غالب عن الزواج بابنته خالصة، فكان موقفا محرجا للغاية له في اعين الحاضرين فخاف ان يتصاغره القوم ان بقي اكثر فاستأذن من غالب ومن الحضور وغادر المجلس وفي صدره غصة مما حدث.

واما عمرو بن حنشة انكر في نفسه موقف غالب فاستاذن هو وولد شراحيل ولحقا بحرب، واما حرب فلما دخل خيمته ووجدته ابنته وقد اصفر لونه وتغيرت ملامحه سالته عن الخبر فجلس واخبرها ما جرى، فصعقت خالصة بما سمعت اذ ان غالب احرج اباها وهي تنظر له وتدرس نظراتها له وهي تيقن بمحبته لها كيف لا وقد سالها ابيها عنه بالامس ان كانت ترتضيه زوجا فاشارت برأسه اي نعم خجلا وانزلت رأسها، فقرر ابيها انه سيذهب الى نجران جنوبا مع بني مجاشع وانه لم يقدر على البقاء هنا بعد ما حصل له من سوء الموقف.

بينما كانت خالصة مذهولة مندهشة من موقف غالب وهي قد ايقنت محبتها بل وايقنت انه خاطبها في غد او بعد غد واذ بعمرو طرق بابه وابنه شراحيل فاستاذنا بالدخول فاذن لهما فدخلا عليه، فهونا عليه والتمسا الاعذار لغالب، ولكن حرب بن ورد قد اثقله الموقف ولم يزالا فيه حتى قال له عمرو بن حنشة (يا حرب وانه لشرف كبير ان يصاهرك الملوك من مغارب الارض ومشارقها، ولعل غالب قد عرف نوايانا باني قد نويت ان اتقدم بخطبة ابنتك خالصة لابني شراحيل وهذا ما اضطره للسكوت وعدم الجواب، وها نحن قد سعينا اليك فهل لنا عروسا عندك؟...) لما سمع هذا الكلام حرب بن ورد نهض من مكانه بصعوبة يتوكئ على عكازه ونهاض شراحيل وابيه يسندانه على النهوض فلما استوى مسك رأس عمرو بن حنشة وقبله بين عينيه وقال (والله انه لفخر كبير لي ...) ثم بكى بان استنقذه بعد ان خطب ابنته منه بعد رفض غالب مصاهرته امام الحاضرين، فذهب عمرو وابنه بعد ان خطبا خالصة.

واما خالصة فانها في الليل ذهبت حيث غالب فاستاذن بالدخول عليه فاذن لها ولما دخلت عليه حيته ورد التحية لها فقالت له (لمَ اوهمت ابي رغبتك عني، ونظراتك تغار علي الريح مني...) التفت اليها غالب حتى وقعت مقلتاه على مقلتاها ثم كرر لها ابياتها المشؤومة، فانصعقت بها وعضت بقلبها اصابع الندم ولكنها وقفت بكبرياءها وشموخها وانفتها وقد تفطر قلبها بعد التآمه وقالت بعد ان سال دمعها (صبابة صبى لصبي صابته منك صائبة...) فرد غالب وقال (امصابك بصبي كمصابي بالواصب...) لانه مصابه بالصبي بشيبان كان مؤقتا ومصابه بابيه واصب اي دائم وثابت، لما سمعت خالصة رده قالت له (زوجني ابي شراحيل وسنرحل معهم جنوبا ...) فرد عليها وانشد

تَرَكَنا حرب مع أناس غُرب
وليس دون قرب حرب قرب (5)
فمضت خالصة الى ابيها وقد احتنقت على غالب تريده ولا تريد شراحيل وتتمنى لو عدل غالب عن رأيه لانه يأخذها بجريرتها وهي صغيرة موجوعة بشيبان مفجوعة وقد نالت مال نالته في شعرها وهو قد ناله ما ناله في قتل شيبان.

وبالفعل ارتحل حرب مع ابنته الى بني مجاشع وتزوجها شراحيل ونادى على الضيوف وممن دعاهم كان غالبا ولكنه لم يحضر والتمس العذر وارسل من ينوب عنه من بني قومه، وقد تزوج غالب بريماس ولكنها لم تلد له وكذلك خالصة لم تلد، ومات ابو خالصة حرب وقد حضر معزيا ولكنه لم يرى خالصة، وانقطعت اخبار خالصة عن غالب وهي كذلك، وقد حكم غالب بني ركاب بعد ان كان من الاطراف فكان خير حاكم قد تمدن بقومه فعادهم الى بني حرز وقد كان اولئك في ضعف ووهن فاستعاد قرى بطون الواد حيث كان الامر باد، واستمر الحال كما هو عليه لمدة اربعين سنة فشاخ غالب وقد ملأ رأسه ولحيته البياض، فأتاه خبر ينعي عمرو بن حنشة وابنه شراحيل في شهر واحد، فحزن عليهم غالب ايما حزن وجهز ركبه للرحيل حيث بني مجاشع ليعزيهم ويقوم باداء الواجب فيهم.

ولما وصل غالب حيث بني مجاشع وذهب الى بيت خالصة واستاذن بالدخول فذهبت الجارية واخبرت خالصة بان غالب بن سعد يستاذنها بالدخول فقالت (لا تأذني له بالدخول ...) فقالت الجارية (لمَ يا سيدي وانتي تكثرين المدح فيه كلما اختلينا انا وانتي وتمنين النفس لقاءه وقد انقضت عدتكي فلا يضر ان جالستيه وقررتي العين برؤيتيه...) فبكت خالصة وقال للجارية (ويحك ما احدث سنك واسفه حلمك.. والله لا اراها ولا يراني وقد مضت اربعين عام على اخر لقاء فينا فان صورته التي اذكره فيها وهو رجل كبير القامة عظيم الهامة وهو كث اللحية عظيم سوادها فاريد ان احفظها له الى ان اموت، واخر صوره لي فتاة جميلة ناعم خدها جميل قدها اسود شعرها حوراء عينها مقرون حاجبها فاريد ان يحفظها لي ما حيي ..) فلما سمعت الجارية كلام سيدتها اذرفت دموعها وبكت فقالت الجارية وهي تمسح مدامعها (هذا ما عندك له فما عنده لكي ؟...) فبكت خالصة هي الاخرى.

ولما خرجت الجارية الى غالب فرأى احمرار عينا الجارية وكانت على خلاف ما كانت عليه حينما راها قالت له الجارية برفض سيدتها اذنه بالدخول عرف ما دار بينها وبين جاريتها لما رأى احمرار عيني الجارية فقال للجارية وقد اغرورقت عيناه هو ايضا

قد يجمع الله الشتيتين بعدما * * * يظنان كل الظن أن لا تلاقيا (6)
فبكت الجارية لما سمعت كلامه، فمضى وهو يذرف الدموع عائدا الى دياره والجارية تنظره اليه وهو يبتعد، فدخلت واخبرت خالصة بما قاله فوضع خالصة رأسها على وسدة بجانبها واعولت بالبكاء.

واما غالب فعاد الى بني قومه وعاش فيهم دون ان يرى خالصة او يسمع عنها اي خبر، الى ان وافته منيته وتوفي غالب وترك الامر من بعده الى الشورى، واما خالصة فلما اتاها خبر وفاة غالب فانها بكته ورثته وماتت من بعد ذلك الخبر باربعة اشهر حزنا على غالب وكمدا عليه.



























--------------------------------------------------------------

1- المتنبي
2- الكاتب cigarno
3- عمرو بن كلثوم (البيت الثالث بدلت "لامرك" بدل "امك")
4- عمرو بن كلثوم (البيت الثاني استبدلت "لعمرك" بدل "يا عمرو"، والبيت الرابع استبدلته بهذا البيت (فصالوا صولة فيمن يليهم *** وصلنا صولة فيمن يلينا، والبيت الخامس استبدلته بدل (فآبوا بالنهاب وبالسبايا *** وأُبنا بالملوك مصفدينا)
5- استبدلته بدل "تركت حربا بمكان قفر *** وليس دون قبر حرب قبر" والمقصود فيه حرب بن امية ويقال ان الجان قالت هذا الشعر وهي من قتلت حرب بالصحراء في رحلة تجارية قام بها حرب والله اعلم.
6- قيس بن الملوح مجنون ليلى من قصيدته المؤنسة.

noor elhuda likes this.

Cigarno غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 06-12-21, 11:22 PM   #53

نهى حمزه
 
الصورة الرمزية نهى حمزه

? العضوٌ??? » 422378
?  التسِجيلٌ » Apr 2018
? مشَارَ?اتْي » 261
?  نُقآطِيْ » نهى حمزه is on a distinguished road
افتراضي

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته من اروع ما فرئت تسلم ايدك هى ملحمه من الشجاعه والفخر والحب والكرامه فى الحقيقه هى وجبه دسمه من اللغه والتاريخ والتشويق لا اجد تعبير عن احترامى اكثر من سلمت يداك ونتمنى ان تكون هناك اجزاء اخرى والف شكر لهذا الابداع المختلف هو تغريد خارج السرب ربنا يحفظك

نهى حمزه غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 07-12-21, 01:20 PM   #54

Cigarno

كاتب في قسم قصص من وحي الاعضاء


? العضوٌ??? » 459381
?  التسِجيلٌ » Dec 2019
? مشَارَ?اتْي » 85
? الًجنِس »
?  نُقآطِيْ » Cigarno is on a distinguished road
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة نهى حمزه مشاهدة المشاركة
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته من اروع ما فرئت تسلم ايدك هى ملحمه من الشجاعه والفخر والحب والكرامه فى الحقيقه هى وجبه دسمه من اللغه والتاريخ والتشويق لا اجد تعبير عن احترامى اكثر من سلمت يداك ونتمنى ان تكون هناك اجزاء اخرى والف شكر لهذا الابداع المختلف هو تغريد خارج السرب ربنا يحفظك
عليكم السلام ورحمة الله وبركاته تسلمين اختي بارك الله فيك على المرور والاطراء الكريم وكنتي خير رفيق لي في روايتي الاولى وان شاء الله اكون عند حسن ظنكم في كل ماهو قادم والله ولي التوفيق


Cigarno غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 25-12-21, 08:53 PM   #55

Maryam Tamim

مصممة في قسم وحي الاعضاء

 
الصورة الرمزية Maryam Tamim

? العضوٌ??? » 435378
?  التسِجيلٌ » Nov 2018
? مشَارَ?اتْي » 2,733
?  مُ?إني » بغداد
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Iraq
?  نُقآطِيْ » Maryam Tamim has a reputation beyond reputeMaryam Tamim has a reputation beyond reputeMaryam Tamim has a reputation beyond reputeMaryam Tamim has a reputation beyond reputeMaryam Tamim has a reputation beyond reputeMaryam Tamim has a reputation beyond reputeMaryam Tamim has a reputation beyond reputeMaryam Tamim has a reputation beyond reputeMaryam Tamim has a reputation beyond reputeMaryam Tamim has a reputation beyond reputeMaryam Tamim has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   freez
¬» قناتك nicklodeon
?? ??? ~
لا إله إلا الله وحده لا شريكَ له، له الملك، وله الحمد، وهو على كل شيءٍ قدير، سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، ولا حولَ ولا قوةَ إلا بالله العلي العظيم
?? ??? ~
My Mms ~
Elk

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
تحية طيبة
لا يسعني الا ان اشكر حضرتك على هذه الرواية الممتعة التي اخذتني في رحلة الى الماضي البعيد بسحر كلماتك البليغة وبأسلوب سردك الرائع .. حقيقة استمتعت جدا ولم تنتابني لحظة ملل بل بالعكس شدتني الاحداث جدا وصرت اتلهف لمعرفة القادم من الاحداث..

سيرة غالب بن سعد الركابي ممتعة جدا خاصة وهي موضوعة في اطار تاريخي مناسب ويحاكي الاحداث التاريخية التي صاحبت تلك الحقبة ..
كم تأثرت بعمق علاقة غالب بوالده ووفاءه لذكراه وارتباطه الوثيق بكل ما يذكره به فحبه لارضه جزء من حبه لوالده و ولائه لابناء جلدته جزء من ولائه الكبير لوالده ..
وكم زاد تقدير شخصية غالب عندي عندما رفض الاقتران بخالصة وهي حلم صباه لهجائها والده وتعديها على طيب ذكراه
واما رفقته لايريك واوثو فكانت رفقة رائعة وكم تأثرت بمقتل اوثو وموت فسبانيا ..
الحقيقة ان حياة غالب كانت سلسلة من المآسي المتلاحقة لكنه واجهها بجلد وصبر وحكمة واستحق ان يكون سيد قومه في النهاية ..

بوركت وبورك قلمك الرائع


Maryam Tamim غير متواجد حالياً  
التوقيع
استغفر الله العظيم واتوب اليه
رد مع اقتباس
قديم 26-12-21, 05:40 PM   #56

funy19

? العضوٌ??? » 36652
?  التسِجيلٌ » Aug 2008
? مشَارَ?اتْي » 3,009
?  نُقآطِيْ » funy19 is on a distinguished road
افتراضي

Thaaaaaaaaaaaaaaaaaaaaaanks

funy19 غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 29-12-21, 08:24 AM   #57

Cigarno

كاتب في قسم قصص من وحي الاعضاء


? العضوٌ??? » 459381
?  التسِجيلٌ » Dec 2019
? مشَارَ?اتْي » 85
? الًجنِس »
?  نُقآطِيْ » Cigarno is on a distinguished road
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة maryam tamim مشاهدة المشاركة
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
تحية طيبة
لا يسعني الا ان اشكر حضرتك على هذه الرواية الممتعة التي اخذتني في رحلة الى الماضي البعيد بسحر كلماتك البليغة وبأسلوب سردك الرائع .. حقيقة استمتعت جدا ولم تنتابني لحظة ملل بل بالعكس شدتني الاحداث جدا وصرت اتلهف لمعرفة القادم من الاحداث..

سيرة غالب بن سعد الركابي ممتعة جدا خاصة وهي موضوعة في اطار تاريخي مناسب ويحاكي الاحداث التاريخية التي صاحبت تلك الحقبة ..
كم تأثرت بعمق علاقة غالب بوالده ووفاءه لذكراه وارتباطه الوثيق بكل ما يذكره به فحبه لارضه جزء من حبه لوالده و ولائه لابناء جلدته جزء من ولائه الكبير لوالده ..
وكم زاد تقدير شخصية غالب عندي عندما رفض الاقتران بخالصة وهي حلم صباه لهجائها والده وتعديها على طيب ذكراه
واما رفقته لايريك واوثو فكانت رفقة رائعة وكم تأثرت بمقتل اوثو وموت فسبانيا ..
الحقيقة ان حياة غالب كانت سلسلة من المآسي المتلاحقة لكنه واجهها بجلد وصبر وحكمة واستحق ان يكون سيد قومه في النهاية ..

بوركت وبورك قلمك الرائع

عليكم السلام ورحمة الله وبركاته

الشكر لله اولا ثم لكم انتم لولا الله ثم انتم ما اكملت هذه الرواية حتى نهايتها ومروركم الكريم يبعث لي الامل ويزيد بي الاصرار لكتابة مزيد من الروايات وباذن الله القادم يكون اجمل


Cigarno غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 29-12-21, 08:26 AM   #58

Cigarno

كاتب في قسم قصص من وحي الاعضاء


? العضوٌ??? » 459381
?  التسِجيلٌ » Dec 2019
? مشَارَ?اتْي » 85
? الًجنِس »
?  نُقآطِيْ » Cigarno is on a distinguished road
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة funy19 مشاهدة المشاركة
thaaaaaaaaaaaaaaaaaaaaaanks
العفوووووو


Cigarno غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 04-01-22, 04:16 PM   #59

قصص من وحي الاعضاء

اشراف القسم

 
الصورة الرمزية قصص من وحي الاعضاء

? العضوٌ??? » 168130
?  التسِجيلٌ » Apr 2011
? مشَارَ?اتْي » 2,558
?  نُقآطِيْ » قصص من وحي الاعضاء has a reputation beyond reputeقصص من وحي الاعضاء has a reputation beyond reputeقصص من وحي الاعضاء has a reputation beyond reputeقصص من وحي الاعضاء has a reputation beyond reputeقصص من وحي الاعضاء has a reputation beyond reputeقصص من وحي الاعضاء has a reputation beyond reputeقصص من وحي الاعضاء has a reputation beyond reputeقصص من وحي الاعضاء has a reputation beyond reputeقصص من وحي الاعضاء has a reputation beyond reputeقصص من وحي الاعضاء has a reputation beyond reputeقصص من وحي الاعضاء has a reputation beyond repute
افتراضي

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

تم تمييز الرواية وتثبيتها بتميز اسلوب كاتبتها اسلوبا وطرحاً

الف مبروك ونتمنى لك دوام التميز



شكر كبير لـ (فريق مصممات وحي الاعضاء) اللواتي ابدعن كلهن وبعمل جماعي لانتاج الشكل الجديد لتصاميم تمييز الروايات الحصرية
(فواصل ووسام القارئ المميز ولوجو الحصرية والتمييز وغيرها من التصاميم)



اشراف وحي الاعضاء








قصص من وحي الاعضاء غير متواجد حالياً  
التوقيع
جروب القسم على الفيسبوك

https://www.facebook.com/groups/491842117836072/

رد مع اقتباس
قديم 04-01-22, 05:38 PM   #60

نهى حمزه
 
الصورة الرمزية نهى حمزه

? العضوٌ??? » 422378
?  التسِجيلٌ » Apr 2018
? مشَارَ?اتْي » 261
?  نُقآطِيْ » نهى حمزه is on a distinguished road
افتراضي

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته السلام عليكم ورحمة الله وبركاته السلام عليكم ورحمة الله وبركاته الف مبروك التميز شكرا لفريق العمل المتميز منتدى الافلام المميزه وحى الاعضاء

نهى حمزه غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 08:20 AM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.