شبكة روايتي الثقافية

شبكة روايتي الثقافية (https://www.rewity.com/forum/index.php)
-   الروايات الطويلة المكتملة المنفردة ( وحي الأعضاء ) (https://www.rewity.com/forum/f118/)
-   -   على الاسلاف نواصل الاختلاف * مكتملة ومميزة* (https://www.rewity.com/forum/t484198.html)

Cigarno 10-10-21 04:00 AM

على الاسلاف نواصل الاختلاف * مكتملة ومميزة*
 

https://upload.rewity.com/do.php?img=158954 https://upload.rewity.com/do.php?img=158955


https://upload.rewity.com/do.php?img=172160








https://upload.rewity.com/do.php?img=172158



المقدمة

في احد الايام باحدى القرى كانت هناك عائلتين متجاورتين بينهما ود وتشارك تجاري ولكن قضت الاعراف والعادات من تلك العائلتين ان الزواج يكون محصور على افراد العائلة ولا يتزوج الرجل خارجها ولا تتزوج المرأة خارج هذه العائلتين الى ان اتى يوم معين

لابد التنويه لتاريخ هتين العائلتين فالاولى كانت تسمى لجيدة واميرهم دريد بن الحارث بني ركاب وسبب التسمية ان كان لديهم عدد كبيرا من الابل فكانت حين تمشي تسمى بالركاب اي من حسن مسيرهم وتناسقهم في الترحال وهذه العائلة تنحدر من قبائل الشمال وهي من قبيلة لجيدة ولكنها ارتحلت بسبب الفقر للمناطق الوسطى واستوطنتها منذ اكثر من 150 عام وسكنت قرى بطن الواد في قرية الوداعة وسميتة بالوداعة انها لم تشهد حرب تذكرها الناس في تاريخهم المعاصر.

واما العائلة الثانية فهي عائلة الغائلة ويسمى الرجل بالغائل وسبب التسمية نسبة لجدهم غائلة بن عاديا ويرجع نسبهم لقبائل الجنوب من قبيلة قراطة المشهورة جدا بكثرة بطونها وكانت هي من تحكم الجنوب لسنوات عديدة قبل ان ياتيهم الويل حينما صار بأسهم بينهم فتمزق ملكهم وكان غائلة بن عاديا اخو الملك معد بن عاديا انذاك فذهبت مجموعة منهم وسكنت قرية الوداعة قبل حوالي 120 سنة.

واما قرى بطن الواد فتحكمها قبيلة حرز الجنوبية حيث القبائل كلها اما شمالي او جنوبي وحينما اتت عائلة لجيدة نازحة من الفقر تم استقبالهم والترحيب بهم من قبل الحرزين وبنو قرية الوداعة في هذا البطن واشتغلو بالرعي والتجارة كبقية القبائل والعوائل وكانت مقربة جدا من قبيلة حرز فكان بينهم نسب وود واحترام وتعظيم الى ان اتت عائلة غائلة التي ما ان وصلت حتى ذاع صيتها وعظم امرها بشكل سريع وملفت كونهم سليلين الملك في الجنوب وتم تقريبهم من كبارة قبيلة حرز واقصوا عائلة لجيدة فاصبح نفوذ لجيدة مقصورا على قرية الوداعة بعدما كانت الامرة الناهية في قرى بطن الواد باسم الحرزيين فاخذت غائلة مكانة لجيدة ولكن العلاقة بين العائلتين لم يشوبها اي تشويه فكان بني ركاب يقدرون كون الاثنين يرجعون للجنوب وان الغائليين هم سليلوا ملك الجنوب فتقبلوا الامر وان كان بهم غصة لكن لا تضر بصحة العلاقة بينهم الطرفين.

فتم انزال عائلة غائلة بجوار عائلة لجيدة في قرية الوداعة ولكن الغائليين بنو قريتهم الخاصة فاسموها الاطلال لانهم بنو مواضع البيوت كما كانت في ايام ملكهم فعملوا بالتجارة مع بني ركاب وتطورت العلاقة خلال 20 عام فخطب ابن امير بني ركاب حازم بن عاصم بن دريد بن ركاب ابنة غائلة بن عاديا واسمها لبابة فقرروا ان تكون القريتين قرية واحدة لقربهم الشديد من بعضهم البعض فاختلفوا بالتسمية فالكل طالب ان تسمى القرية على اسم قريته وزاد بهم الخلاف فذهبوا الى امير قبيلة الحرزيين وهو قيس بن عتّاب الحرزي فقال لهم ان يتسابقوا من فاز حظي بالتسمية فوافق الطرفين على هذا الشرط وحددوا المسافة ان تكون من مكان يسمى بئر الناب الى جبل العارض ولكنه لم يفصح للطرفين عن مكان الانطلاقة والنهاية واخبرهم انه سوف يخبرهم يوم السباق فوافقوا ايضا على الامر ولكن الامر الذي لم يعلمه بنو ركاب هو ان قيس بن عتاب ذهب لغائلة بن عاديا واخبره عن خط السباق حيث ان الخط به مررات ضيقة تفترق ثم تلتقي ثم تفترق ثم تلتقي فذهب غائلة بن عاديا ووضع في الممرات احصنة وخبئها مع بعض الصبية حيث اذا رأو خيل بني ركاب يختبئوا ولا يظهروا انفسهم وان رأو خيل الغائليين خرجوا له وبدلوا الحصان.
وفي يوم السباق صاح بهم منادي قيس بن عتاب واسمه بشر بن محارب من بئر الناب وقال
بشر بن محارب: اليوم تنطلقون من ها هنا الى جبل العارض من وصل اعلى الجبل فقد فاز.

فجهزوا الخيول والفارس الذي سيتولى امر السباق له شروط قليل النبية خفيف الوزن عليم بامور السباق فارس خيال فانتدبوا المتسابقين وسرجوا الخيول وكل فارس امتطى صهوة جواده ينتظر شارة البداية فتقدم احد رجال بني ركاب ومعه كبش وقال

الركابي: ان هذا يوم مبارك ولهذا اذبح هذا الكبش.

ثم اخذ بيديه من دمه فمسح به ناصيته فذهب الى الفارس بني ركاب فمسح رجليه ويديه ومسح على غرة حصانه فقام احد الغائليين وقال

الغائل: الا فعلت ما فعلت مع فارسنا وحصانه كما فعلت لصاحبكم؟.

ففعل الركابي وما لبثوا الى ان اطلق قيس الاشارة فانطلقت الخيول مسرعة ومتمنعة من اجل الوصول قبل المنافس الى قمة العارض فكان كل فارس يسرع تارة ويكبح تارة لكي لا يستهلك طاقة الحصان ففي هذه السباقات يجب ان لا تغلب الحماسة السياسة ولها استراتيجيات مختلفة عن سباق المسافات القصيرة.

ثم وصلوا الى مفترق الطرق فرآهم الغائليين فجهزوا الاحصنة ليرو اي مسلك يسلكون واي ممر يدخلون هل يدخلون معا ام يتفرقون، فتفرق الخيالان فسلك كل منهما ممر غير الذي سلكه الاخر فاما الذي واجهوا الركابي فاختبئوا واما الذين واجهوا الغائل اظهروا نفسهم واعطوه حصانا اخر ليكمل الطريق وظلوا على هذه الحال الى ان انتهت متاهة الممرات وكان الركابي يرى نشاط حصان الغائل متعجبا منه ومعجب ويقول في نفسه لن يستطيع حصاني او اي حصان اعرفه ان يجاري هذا الحصان فقد سبقه بمسافة كبيرة وكان يرى همته في صعود الجبل تذهل العقول وتحبط عزائم المنافس وبالفعل وصل حصان الغائل قبل حصان الركابي وكانت هناك مجموعة من الناس تنتظر الفارسين من كلتا العائلتين ففرحوا الغائليين لما رأوا حصانهم قد سبق الاخر وشعر بنو ركاب بالاحباط ولكنهم رضوا بهذه النتيجة وعادوا جميعا الى مركز الانطلاقة.

وحينما وصلوا الى بئر الناب وكان وحينما رأو رايات الغائليين مرفوعة عرفوا نتيجة السباق فصاح الغائليين فرحين وحزن بني ركاب على خسارة هذا السباق وقبل ان يهموا بالانصراف حتى ذهب الركابي الذي ذبح الشاة قبل السباق يركض كالغول نحو حصان الغائل فتعجبوا من سرعة جريه ثم بدا يقلب نظره في الحصان فصاح بهم قال

الركابي: امسكوا وقفوا !!

فلما رآه الجمع مستنكرين فعله قال

الركابي: يا قوم انكم تعلمون قبل ان يبتدئ السباق اني ذبحت شاة ومسحتها على خيل لجيدة ثم اتى هذا الرجال -واشار على احد بني غائلة- ثم طلب مني ان امسح على فارسهم كما فعلت مع فارسنا ولكن هذا الحصان لا دم عليه والدم موجود على ارجل وايدي الفارس على غير حال حصان صاحبنا وفارسه وانا فعلت ما فعلت لرأي ارتأيته قبل السباق وقد صدقني الرأي فاحكموا انتم بما تعلمون.

فهرع الركابين نحو حصان الغائل ينظرون اليه ومعهم الغائليين الذين يجهلون هذا الامر فلما تحققوا من الامر التفتو الى اميرهم غائل بن عاديا فرأوا وجهه وقد اسود واصبح النهار في عينيه ظلام وبدأ الناس يتذامرون وتعالت الاصوات واصطكت الرجال بالرجال وساد التوتر الموقف وشحنت النفوس فتدخل قيس بن عتاب قائلا

قيس بن عتاب : يا قوم ! لا طائل من فعلكم هذا هاهنا وما تتهمون بعضكم به امر خطير لا يجب ان يكون منه الا الحلم والانصاف ولهذا جميعكم ادعوكم لكبح الجماح وانكم لمدعوين على وليمة عندي وبعدها نحتكم بما حصل اليوم ونصل به لحل يرضى جميع الاطراف ولكن اياكم والعجلة فانها تورث الندامة.

فقال امير بني ركاب عاصم بن دريد: يا قوم لا يشتحن احدكم على اخيه بعجالة فيصيبه الندم وها نحن مدعوين للاحتكام عند الامير قيس وهو من هو حيث استقبلنا حين لفظنا غيره.

فلما صار المساء وذهب الجمع الى منزل الامير قيس فاستقبلهم احسن ما تستقبل الضيوف وبدأو بقرع الطبل وضرب الدفوف وامسو اول ليلهم آنسين حتى انقضى وقت الافراح واغلب المدعوين ذهب وراح ولم يبقى الا كبارة القوم من الاطراف كلها فجل الامير قيس على كرسيه ليقضي بالامر الذي كان هو سببه وجلس غائلة في مكانه وقد بلغ من العمر ارذله وهو خائف من العار وجلس عاصم بن دريد قبالته ثم بدأت جلسة الاحتكام.

فقال الامير قيس للركابي صاحب الكبش

الامير قيس : ما خبر ما جئتنا به من اتهام تسوقه الى بني غائلة.

فقام الركابي وشرح ما حصل بالتفصيل وكلما زاد في شرحه ازداد سواد وجه غائلة بن عاديا حيث ان له سمعة ذاع صيتها واكثر ما اشتهر عنه الصدق والوفاء، واما الامير قيس فكان مطمئنا من جانب غائلة فهو يعلم علم اليقين ان لو الفضيحة وقعت على راس غائلة لن يبوح لهم بانه فعل ما فعل بامر من قيس حيث انه يرى ما فعله قيس تجاهه هو معروف لا يجب ان يجابه باساءة ان افضحه معي.

وما ان فرغ الركابي الحديث نظر الجميع الى غائلة بن عاديا ليسمعوا رأيه فيما حصل وكيف له ان يحصل من الاصل وهم غائلة بالاعتراف لهم بانه سمع الامير وهو يضع البداية والنهاية للسباق خلسة فدبر مكيدته وقبل ان ينطق ببنت شفة حتى قام ابن غائلة الاكبر واسمه سمرة بن غائلة وقال .

سمرة بن غائلة: يا قوم انا من فعل هذا الشيء ولست عليه بنادم واني قد زرت الامير قيس في احد المرات فاسترقت السمع وسمعته يحدد مكان انطلاق السباق ونهايته وذهب من فوري اتفحص الطريق ووجدت به ممرات تلتقي ثم تفترق فخطرت علي هذه الخطة ووضعتها ولم اخبر ابي عنها لانه سيسخط علي ولن اجد منه الا التوبيخ والتقريع، وفكتمت عنه الامر ودبرت الامر بنفسي وطلبت من ساسة الخيل ان يخرجوا اكثر لون بين خيولنا تكون منه الاصايل اسرجتها بنفس السروج، لاني في الواقع لا اطيق ان تكون التسمية لهم لا لنا ونحن سليلي الملك الجنوبي وهؤلاء الرعابة الاعراب لا شغل لهم الا الرعي فانى تكون لهم يد طولى علينا وكما ذكرت اني فعلت ما فعلت وانا لست بنادم فافعلوا ما تملي عليكم عقولكم.

وما ان انتهى من كلامه حتى بدا الناس يتذامرون وعلت المجلس اصوات التمتمة المندهشة مما سمعت فاحمرت عينا عاصم بن دريد لما سمع كلام سمرة بن غائلة وتقليله من شأنهم وكشر بوجهه حتى بدت نواجذه واما غائلة فلقد نظر الى ابنه وهو مندهش متحير في امره ولقد عظم ابنه في عينه كثيرا لانه حينما اجتمع قيس وغائلة وخططوا للسباق كان سمرة حاضر ذلك الاجتماع فاخبر ابيه ان لايفعل والح على ابيه يخبره عن مدى سوء هذا الامر وانعدام المروءة وان بني ركاب اقوام لا تستحق مثل هذا الاستخفاف وهم سيصبحون اصهاره وكان معارضا بشدة لموقف ابيه فكيف الان في هذه اللحظة يفتدي ابيه بالاعتراف لذنب لم يرتكبه وبادعاء رايا يخالف مبادئه لكي لا يتكلم الناس عن ابيه او يصيبه عار بعد عز وصيت ملئ الارجاء.

حينها قال الامير قيس : ها قد سمعتم جميعا ما قال الرجل وان بني ركاب لهم حق على غائلة فالتسمية لهم وهذا الرجال ان شائو عفو وهذا فعل الكرام وان شائو وبخو فلا يضامون فيما رأوا... فنظر الى عاصم فقال : ما قولك يا عاصم ؟

عاصم بن دريد : والله ان الفعل لقبيح وان العفو لمليح ... لوكانت على السباق لعفونا ولصفحنا ولكنه اهاننا وقلل من شأننا بوصفنا الغير المحمود وان كان لنا حق عليكم وعليهم فلا يجاورنا ولا نراه ودمه مسفوح ان اراد العيش هنا فالنفي اخير له ولنا فوجوده فتنة بين الحيين.


********
الى هنا اتوقف واكمل لاحقا ان شاء الله






الرواية حصرية لشبكة روايتي الثقافية











https://upload.rewity.com/do.php?img=172162






متابعة قراءة وترشيح للتميز : مشرفات وحي الاعضاء
التصاميم لنخبة من فريق مصممات وحي الاعضاء


تصميم الغلاف الرسمي : Maryam Tamim


تصميم لوجو الحصرية ولوجو التميز ولوجو ترقيم الرواية على الغلاف :كاردينيا الغوازي


تصميم قالب الصفحات الداخلية الموحد للكتاب الالكتروني (عند انتهاء الرواية) : كاردينيا الغوازي


تصميم قالب الفواصل ووسام القارئ المميز (الموحدة للحصريات) : DelicaTe BuTTerfLy

تنسيق ألوان وسام القارئ المميز والفواصل وتثبيتها مع غلاف الرواية : كاردينيا الغوازي


تصميم وسام التهنئة : كاردينيا الغوازي






https://upload.rewity.com/do.php?img=172161

المقدمة .. اعلاه
الفصل 1 ج(1, 2), 2, 3 .. المشاركة بالأسفل

الفصول 4 ج (1, 2), 5, 6, 7 نفس الصفحة
الفصول 8, 9, 10 ج(1, 2) نفس الصفحة
الفصل 11, 12, 13 نفس الصفحة
الفصل 14, 15, 16, 17 نفس الصفحة
الفصل 18 الأخير





https://upload.rewity.com/do.php?img=172163

يجب ان ترد لمشاهدة المحتوى المخفي


https://upload.rewity.com/do.php?img=172164



Cigarno 10-10-21 11:39 PM

*****
الفصل الأول ج1


وبعد ان سمع الجمع رأي عاصم بن دريد اطرقت رؤوس بني غائلة واميرهم غائل بن عاديا وليس له الا القبول ان اعترض وانكشف امره اصابته الفضيحة واضحت تضحية ابنه هباءا لا قيمة لها وسيتصاغر باعين قومه، فامر الامير قيس بان ينفى كل من سمرة بن غائلة و6 من الرجال ممن اشترك بهذه الخديعة وان تتم تسمية القرية بالوداعة كما سماها بني ركاب فتوترت العلاقة بين بني ركاب وغائلة واصبحت النفوس والاجواء مشحونة رغم التسوية المرضية للطرفين الا ان توجد في النفوس غصة وخرج سمرة هو ومن معه من القرية واما ابوه غائلة فصابه الغم واصبح طريح الفراش الى ان مات كمدا على ما حصل منه من استهانة واستخفاف نصحه ابنه الذي اضاعه برأيه البائس وقد كان قبل هذا صاحب رأي رزين وعقل راجح ولكن لم يسعفه هذه المرة، وبعد وفاته خلفه ابنه بسطام من غائلة.

واما ما كان من امر عاصم ومن معه فانهم حينما خرجوا من منزل قيس بن عتاب اجتمعوا في سقيفة لهم اعتادوا الجلوس بها والتشاور في شتى امورهم فسألوا احد شيوخهم المعمرين من اهل الحل والعقد فيهم وصاحب رأي سديد مجرب الحياة في رغد وضيق عما حصل ويريدون منه تفسيرا وتوجيه فقال الرجل منهم يدعى عدي بن سلمة

عدي بن سلمة : اما والله وما قد حصل اليوم في السباق لامر جلل يتعدى ما رأينا وما سمعنا واني خبرت الرجال سنين وتفرست بالحياة واني اعرف الكذب من الصدق واعرف ما كيف يكون الصدق في حديث الكاذب، واني رأيت وجوه الناس في بئر الناب وتفرستهم فعرفت منهم ما في انفسهم لا رجما بالغيب ولكن للوجوه علامات تكاد تنطق لي عن احوالهم واما وجه صاحبهم غائلة فقد كان كظيم اصفر لونه كمن بُلي بعرضه او أٌخبر بفاجعة واما وجه ابنه فانه وجه الغاضب الممتعض واما وجه قيس فانه كان مطمئنا لم يتفاجئ بخبر او يجزع لامر، واما في مجلسه رأيت الحسرة والندم في وجه غائلة حتى انه كاد ان يهم بالكلام ويلقي على نفسه الملام ووجه ابنه وجه المتربص المجهد بالتفكير قاطع ما اراد القيام به ابوه بتضحية واباء ودفاع عن شرف الاباء قال ما قاله ولا اظن انه صادق واما حينما قلل من شأننا فانه اراد منا الاصرار على تصديقه لنعاقبه على التقليل من شأننا يشاغلنا عن صلب الموضوع وكانه يريد لهوانا ان يقلب عليه التهمة فكيف لا وهو يخالف ما قاله وانه لكثير الجلوس معنا محب لنا من قبل بل وهو اول من فرح بخطبة حازم بن عاصم لاخته لبابة، ولكن يجب عليكم ان لا تنسوا ان مكان انطلاقة السباق كان سرا لم يعرفه احد قبل يوم السباق وان كان غائلة ويغلب علي ظني انه هو من دبر وخطط فانه لم يدبر ويخطط من فراغ بل من خبر اتاه من قيس عن خط سير السباق فتهيأ له وثنى له الركب لينفذ امره هذا رأيي فانظروا فيه او ردوه علي.

وحينما انتهى من الكلام نظر الرجال بعضهم الى بعض من تفسير عدي وكانت انفس تقول والله ان هذا ما رأيت وحسبته مما حصل فقال عاصم

عاصم بن دريد: لا فض فوك يا ابا ضباع - كنية عدي من سلمة – والله قد احسنت القول وقلت ما في انفسنا باحسن مما كنا سنقول وفسرت لنا مالم يحضرنا واني أرى ما رأيت الا ان الغضب اعتراني من سمرة وانا اعلم انه لا يعني ما يقول رغم قباحة قوله.

فبدأ الناس يقولون ايسخرون منا لابد لنا من الرد وبدا المجلس يضج بالكلام والتهديد والوعيد لبني غائلة فقاطعهم عدي بن سلمة بصوت عالي.

عدي بن سلمة: يا قوم يا قوم !! اني لا اريد لكم العاجلة التي تفضي الى الفاضحة والله سيكون الحق عليكم بعد ان كان لكم وستلامون عند العرب ان القوم قد نفوا ابنهم وطردوه منهم واعترفوا بذنبهم واعطوكم حق التسمية وهو ما تسابقنا لاجله لا تحملوا الناس ما لا يحتملون منكم فانكم غالبون الان لا تبالغو في الطلب فتغلبون ويذهب عنائكم مهب ادراج الرياح بلا فائدة تذكر او عائدة تشكر فخذوا الامر كما كان وحملوه على مقالتهم لا رأيكم فتكونوا اصحاب اليد الطولى عليهم واصحاب الفضل وانهم ليعلموا اننا لم نصدق ما قاله سمرة فيكون فضلكم عليهم بعدم فضحهم والعفو عنهم حين المقدرة واني لكم لناصح.

فارتضى القوم رأي عدي وشكروه على رأيه ومقالته.

وبعد ان ساد التوتر الموقف ارسل عاصم بن دريد الى غائلة من عاديا قبل وفاته يطلب منه الحل في امر زواج ابنه حازم من ابنة غائلة لبابة بسبب ما حصل مما زاد العلاقة توترا وعقد الموقف بينهم وقال في كتابه

من عاصم بن دريد الى غائلة بن عاديا واما بعد فان في كتابي فانكم في حل من تزويج ابنتكم لبابة من تشاء انتهى.

ولما وصل الكتاب زاد غائلة غما على غم وتفاقمت حالته وانتكست ومات بعدها كمدا على ما فعل من امر ظنه يسير فكان عسير.

فكانت العلاقة متوترة بينهم لا شيء يجمع بينهم غير التجارة والاعمال النفعية وعلى الصعيد الاجتماعي والحديث بينهم حديث العابر رغم تجاور واختلاط البيوت الا ان انهم لا يختلطون ببعضهم البعض واستمروا على هذه الحال مدة مائة عام فكان امير غائلة حرب بن ورد اومير بني ركاب حاجب بن عازب واما امير قبيلة الحرز فكان حجر بن ثعلبة وكان هو المهيمن على المر العائلتين.

فكان من بيوت بنو ركاب بيت سعد بن زيد ولم يكن من اكابر بنو ركاب بل كان ادناهم كان كفيفا فقيرا يرعى بابله ولم يكن له الا ناقتين وواحدة منهم عرجاء فتلقب بها ابو العرجاء وكان كبير السن وله ولد وحيد رزق به على كبر واسماه غالب لانه ولم يمت لانه في كل مرة يرزق بمولود يموت صغيرا ولكن هذه المرة لم يمت ولكن ماتت زوجته وهي تلده فسماه غالب اي غلبها في الحياة.

وكان حرب بن ورد لديه ابنة واحدة وسماها الخالصة لانها خالصة الجمال وتوفيت امها وهي صغيرة لا تذكرها.



انا اتوقف هنا واكمل لاحقا ان شاء الله

Cigarno 11-10-21 03:37 AM

****
الفصل الأول ج2

فقد كان بيت سعد بن زيد قريب موقعه من منازل بني غائلة متجاورا معهم وكونه من ادنى بني ركاب لم يعره الكثير من الاهتمام ولم تتم معاملته كسائر بني ركاب من قبل بني غائلة فقد كان بشوشا كثير التبسم يذهب اول النهار بالناقتين يرعاهما ويعود اخره وكان في كل مرة يخرج للرعي يضع ابنه الرضيع عند احدى نساء بني غائلة فانها كانت مرضعته وهذه المرأة رضيت بان تهتم بامور الرضيع في اوقات خروج ابيه للرعي ولكن عند عودته ياخذها منها ويعود للمنزل يكابد بكاء ابنه الرضيع وهو كفيف ضعيف الحال لا حول ولا قوة له الا بالله.

وحين كبر الفتى واصبح صبيا بدأ ياخذه معه في الرعي وفي كل مكان يذهب اليه يصاحبه ابنه واما علاقته مع بقية بنو ركاب ضعيفة لانشغالها بالرعي وبابنه فلم يستطع الاجتماع معهم كما يفعل سائر بني ركاب وكونه من ادنى القوم فلم ينتبهوا لغيابه او حضوره كثيرا.

وكان بعد الرعي يحلب الناقة ويستبدل جزء من حليبا برغيف من الخبز يقاسمه مع ولده غالب وكان غالب لا يلعب الا في المراعي بجوار ابيه وقليل اللعب في القرية كبقية الصبية بين الاسواق والدكاكين وفي احدى المرات وهو عائد مع ابوه وبيدهم الحليب ليستبدلوه برغيف من الخبز فكانوا يطوفون البيوت يسالون من اراد الحليب ويعطيهم قليل من الخبز ولم يكن الكل يرغب في استبدال الرغيف بالحليب لوفرة الحليب عندهم فكانت الصدف تلقي بهم احيانا لمن يستبدلهم واحيانا يعودون بلا رغيف وينامون تحت وطأة الجوع وفي احدى المرات وقفوا على باب رجل من بني غائلة فخرج الرجل ومعه ولد له اكبر من غالب بقليل فلما كان الرجال يتقايضون كان غالب ينظر الى ابن الرجل وكانت بيده قطعة من لحم ياكلها وغالب لم يتذوق اللحم قط اقصى ما ناله هي عظمة وبها بواقي من اللحم لشدة فقر ابيه وكادت عيناه تخرج من مكانهما فرآه الصبي ينظر الى قطعة اللحم التي بيده فقال له

الفتى: اتريد هذه اللحمة..؟

نظر غالب الى ابيه وكان مشغولا مع الرجل في المقايضة فقال له : انك تاكلها الا تريدها انت ...؟

الفتى: عندي غيرها فخذها فهي لك.

فاعطاه اللحمة فاخذها غالب بتردد وتمنع وخبأها ولما انقضوا من المقايضة وعادوا الى المنزل اخرج اللحمة غالب وقال لابيه

غالب : هذه اللحمة اعطاني اياها الفتى الذين كنا نقايض اباه فسناكلها مع الخبز الذي معنا واللبن.

سعد-والد غالب-: بل هي لك يابني اني لا اشتهي اللحم في الليل يضر بمعدتي وانا رجل كبير كلها انت انا ساكتفي بالخبز واللبن.

غالب: يا ابتي انظر اليها انها شهية ولا نستطيع ان ناكلها كل يوم فكل معي قليلا.

فتبسم ابوه في وجهه وكانت اسنان ابيه قد تساقطت وقال له

سعد: انظر يابني اني لا اقوى على مضغ اللحم فكلها انت فهي لا تصلح لي.

فاكلها غالب ونام بجوار ابيه وهكذا استمر الحال بهم يخرج مع ابيه اول النهار ويعود اخر الليل برغم من انه كفيف الا انه يستدل بالطريق الى المرعى ويرعى بجوار ابل بني ركاب فيعطف عليه الرعاة احيانا فيشاركونه طعامهم ويعودون به الى القرية.

واما ما كان من خالصة ابنة حرب بن ورد فانها ولدت في بيئة غنية منيعة عزيزة وعاشت حياة مترفة رغيدة فكانت تلعب بجوار البيت وتتمادى الى اطراف السوق ومعها جاريتها التي تتبعها اينما ذهبت وكانت تدخل الدكاكين فتاخذ ما تريد بلا ثمن فياتي من خلفها من يسدد عنها ما اخذت لدرجة انها لا تعرف معنى النقود وقيمتها فكانت كلما اشتهت شيء اخذته ولا تُسأل عن ثمنه وكانت وحيدة ابيها الذي اغدق عليها بالاموال والجواري يخدمنها وتميزت عن بنات جيلها بجمال نادر خالص فكان الناس فقط ينتظرون مرورها لرؤيتها التي تشرح الصدور وتبعث السرور في النفوس، ولكنها كانت صعبة المراس متقلبة المزاج لا يرضيها العجب وان عجبها شيء كانت تتعمد كتم اعجابها وقد اختلط جمالها بغرور وكبرياء وقد كانت ترى كل من هو ادنى منها حقير ذليل لا يستحق النظر اليها او محادثتها وان كلمها احد العامة وبخته امام الملأ باحتقار وتقليل شأن وشكته لابيها وكان الناس يعذرون فيها حداثة سنها وكانوا يشكونها لابيها كونه اميرهم وكان ابيها حرب بن ورد يتجاوب مع كلا الجانبين بدهاء وسياسة يرضيهم بالكلام فقد كان كثير الاشغال مع الامير حجر بن ثعلبة امير قبائل حرز وهو جليسه ونديمه والمقرب له.

واما الامير حجر بن ثعلبة حينما تقلد الامارة بعد ابيه ثعلبة نظر الى جماعته واحلافه وما هو مهيمن عليه فاراد المزيد واراد سن القوانين وتطوير النظام وان ينتقلوا جميعا من الحياة البدوية الى الحياة المدنية المتطورة فوضع الديوان ونصب قضاة ووضع شرطة ووضع الحسبة لمراقبة الغش في الاسواق وصرف المرتبات لعمال دولته الحديثة ولكن الناس لم يتجاوبوا مع هذا التطور بسرعة تطوره خصوصا بني ركاب الذين ما زال في الرعي والتجارة ولم يتكيفوا مع نظام حجر بن ثعلبة الجديد وكان حجر صبورا في مغزاه عليما بان تغيير الجبال اسهل من تغيير منهجية اعتاد الناس انتهاجها فكان يكتفي بالتلميحات والعتاب، فمع ذلك كان به خصلة مذمومة جدا حيث انه شديد العنصرية مبالغ فيها فكان متحيزا مائلا كل الميل الى بني غائلة كون الاثنين يرجعون للجنوب وبني ركاب يرجعون لقبائل الشمال فاذا كانت هناك شكوى بين ثنين من غائلة او بني ركاب مع ندرة حصول النزاعات بينهم لقلة تواصلهم فاذا كان الحق مع بني غائلة جد في المحاكمة وسعى لنيل الغائلي حقه من الركابي وان كان الحق مع الركابي فانه يماطل المحاكمة ويتكاسل عن شغله فيها ويهونها في اعين الركابي فيتململ الركابي منها ويضيع حقه من الغائلي.

وفي احد الايام قرر حجر بن ثعلبة ان يضع حدود للرعي من اجل تسويق القوانين وتسهيل تقبلها في المستقبل فقسم اراضي الرعي الى ثلاثة اقسام قسم ترعى فيه ابل الحرزيين وكان هذا المكان الذي يرعى فيه ابو غالب وهو اقرب مكان للقرى وكان يسمى وادي العيون لكثرة عيون الماء به يحيطه جبل وهضبة صغيرة وممر يؤدي اليه من جهة القرية وخلف تلك الهضبة هناك ارض مربعة يتجمع بها ماء المطر المنحدر من الجبل والهضبة وكانت تسمى تلك الارض بالخضراء لكثر نباتها واعطاها بني غائلة يرعون بها واما الارض التي خصصت لابل بني ركاب فكانت ارض تسمى الغادية وبها تكثر الوحوش والسبع وهي ابعد من وادي العيون والخضراء وسميت بالغادية حيث ان من يدخلها يغدو بلا عودة.

ولما سمع الناس هذا الخبر انزعجوا منه خصوصا بني ركاب الذين احتمعوا في سقيفتهم وكان حاجب بن عازب اميرهم كبير السن ربط حاجبيه على جبينه وبدا الناس يتذامرون من هذا الفعل غير راضيين عليه وتعالت الاصوات بين مندد ومهدد فقام حاجب وقال

حاجب بن عازب: يا ايها الناس على مهلكم اني جربت الحياة فعرفت منها ما تجهلون فاعرضوا علي الاراء وانا اختار لكم احسنه.

فقال رجلا منهم ويدعى مالك.

مالك: ماذا نقول وهل هناك مجال للرأي الا ترى ان حجر يزدرينا ويقرب بني غائلة فسكتنا بحق قرابة الدم التي تربطهم ولكن ان يتمادى علينا فيقصينا من المراعي فتهلك ابلنا ورعيانا من اجل الرعي في غابة تعج بالوحوش وان الرأي ان نجابه هذا الامر بالعصيان وان حكمت السيوف بيننا.

حاجب بن عازب : على مهلك يا مالك ان السيف ان خرج من غمدة لا يعود ابدا فتكون الخسارة اكبر من مكان رعي له مثائل في هذه الوسيعة وان اعطانا الغادية لا على الاجبار وانما للقسمة فان لم نرضى بها ذهبنا لغيرها وتجنبنا مراعيهم وان كان التقسيم اخير من الاختلاط فها نحن واياهم بنفس المراعي والابل كثيرة....

فبدا الناس بالكلام وضجت السقيفة باصواتهم وتعالت صيحاتهم بين مؤيد ومعارض حتى كادوا يتشابكون بالايدي فانقسموا بين الرأيين فقام مالك وقال

مالك : يا حاجب لقد كبرت وضعفت همتك وبدأت ترضى بالقليل وان كان حقك اكبر فان كان هذا شأنك فلا تقحمنا فيه وانا لن نرضى بما آلت اليه القسمة الخاسرة فانها قسمت بليل ونحن عنها غافلون فان كان هذا شأن القوم فاني راحل عن هذه الديار فالبراري والترحال خلف الامطار اخير لي من بقائي هنا ومن اراد الرحيل معي فليصحبني ومن اراد البقاء فليبقى.

فتعالت اصواتهم مرة اخرة لما سمعوا مالك فانقسم الفريقين وذهب مع مالك اكثر من نصف بني ركاب لانهم لم يرضوا بما آلت اليه القسمة، ولما وصلت الاخبار الى حجر بن ثعلبة لم يبدي اي ردة فعل وقال
حجر بن ثعلبة: ان للقوم في امورهم حق الخصوصية وعدم التدخل انا ارادوا البقاء فهذه ديارهم وان ارادوا الرحيل فهم احرار.

في هذه الاثناء وصلت الاخبار الى مسامع سعد ابو غالب الذي كان لا يقوى الا على الرعي في وادي العيون فضاق صدره بما سمع وذهب بعكازه يتحسس البيوت الى ان وصل بيت حجر بن ثعلبة فاستاذن بالدخول فطلب منه حجر الانتظار واطال بانتظاره الى ان اذنو له بالدخول ولما دخل قال له

سعد بن زيد: اطال الله عمر الامير وسدد رأيه واني جئتكم بحاجة انتم لها قادرون وانــ...(قاطعه حجر- لقد كان حجر مشمئزا من منظر الرجل وهيئته-)

حجر بن ثعلبة: قل ما حاجتك ايها الرجل وانجز لست بمزاج يسمح لي بسماع المقدمات الطويلة.

سعد: اني رجل كفيف النظر ولقد اعتدت ان اخرج بناقتين لا ثالث لهما الى المراعي القريبة في وادي العيون وانك قسمت المراعي الى ثلاث لحكمة تراها وانا رجل من بني ركاب وقد قسمت لهم ارض الغادية وهي بعيدة جدا وخطرة وعرة على الرجل السليم فما يا ترى فعل الكفيف فيها؟ فانك ان اذنت لي بكرمك ان تستثنيني للرعي بناقتين لا ينقصان العشب ولا يستهلكان الماء بالرعي في وادي العيون ساكون لك من الشاكرين.

فنظر اليه حجر فسال عن حال سعد احد رجاله فاخبره بحاله فقال له

حجر: اسمع يا رجل لو اني سننت القوانين وفق ظروف الناس لخربت الديار ولعم الدمار ولو اتبعت اهواء الناس لتقطعت بك السبل انك رجل اضر به دهره وكانت هذه قسمتك في الحياة فلا تلمني ان كنت من بني ركاب فانه لم يكن لي من الامر شيء في ولادتك ونسبك، واني ليحزنني ان ارى مثلك على بابي ولم اقضي حاجته، ولكن ان قضيتها لك اتاني غيرك فغيرك فغيرك فيصبح ما وضعناه اليوم اضحوكة المستقبل وسقطت هيبة الامارة ولكني ساعوضك بشيء حتى لا تخرج مني خالي الوفاض ساعطيك 10 دنانير وبغلة تعينك على السير الى ارض الغادية واما امر الوحوش فيها ان سرتم في جماعة خافتكم الوحوش وتركت الارض لكم وارجو ان تعذرني فاني في عجلة من امري....

فنادى عامله بان ينفذ له 10 دنانير وبغلة، لما سمع هذا الكلام سعد حزن حزنا شديدا فقام من مكانه وقال لحجر قبل ان يرحل

سعد : والله ما سالتك مالا ولا دابة انما سالتك شيء ايسر من ذلك بكثير وقد عشت عمري اكل بعرقي وتعبي واطعم من خلفي واليوم تتصدق علي بشعرة دنانير وبغلة لاني اثرت شفقتك والله ان عطائك عطاء كريم ولكن ارجوا ان تغفر لي رفض ما اكرمت به علي فوالله لا استطيع اخذ ما عرضت.

فاقسم عليه حجر بان ياخذ ورفض سعد ذلك وخرج من بيت حجر وذهب بعكازه الى بيت حرب بن ورد فطرق الباب فاستئذن للدخول على حرب فدخل عليه وجلس واخبره ما اخبره لحجر بان يسمح له بالرعي في الخضراء كونها قريبة جدا من وادي العيون وبقربها من القرية فقال له حرب.

حرب بن ورد: ان اردت الرعي في مراعينا فانك ستفتح علي ابواب لا اعلم كيف اغلقها من قومي وقومك، فان قومي لا يطيقون قومك وانت تعلم ذلك وان في قومك من هو بمثل حالك سيطمع بما اعطيتك فيأتيني فيطلب ما تطلب انت ولكني اريد لك الخير ولا اريد لنفسي الشر فقايضني بشيء حتى اذر الرماد به على العيون فان قالوا لماذا سعد اخبرتهم بما قايضتني به فيسكتون عني وعنك.

سعد: ومالذي يستطيع مثلي تقديمه لمثلك لترضى بما طلبت؟

حرب: اني والله ينقصني العمال في رعيان الابل وساسة الخيل وان ابنك كما علمت بلغ من العمر ثمانية اعوام فشغله عندي بنصف مرتب اي عامل اخر والنصف الاخر احقيتك في الرعي بالارض الخضراء.

سعد: لا ان ابني ليس بخادم ولا عبدا للدينار انه حر وهو ما زال صغيرا اخشى عليه قسوة حياة العامل يزدريه عامل اخر او ينهره رجل منكم ظانا بانه عبد او خادم ضعيف.

حرب بن ورد: اذن لا مقايضة بيننا فانا كما قلت اريد لك الخير ولا اريد لنفسي الشر فكر فيما قلت فان عدلت عن رايك فعرضي ما زال قائما وثق ان ابنك لن يضام في خدمتي ابدا واسال خدمي كيف هي معاملتي.



************
الى هنا اتوقف واكمل لاحقا ان شاء الله





قصص من وحي الاعضاء 11-10-21 02:13 PM




اهلاً وسهلاً بك بيننا في منتدى قصص من وحي الأعضاء ان شاء الله تجدين مايرضيك موفقة بإذن الله تعالى ...


للضرورة ارجو منكِ التفضل هنا لمعرفة قوانين المنتدى والتقيد بها
https://www.rewity.com/forum/t285382.html

كما ارجو منك التنبيه عندما تقومين بتنزيل الفصول على هذا الرابط
https://www.rewity.com/forum/t313401.html

رابط لطرح اي استفسار او ملاحظات لديك
https://www.rewity.com/forum/t6466.html


حجم الغلاف رجاءً يكون بمقاس 610 × 790



هل الرواية حصرية لشبكة روايتي الثقافية ام هي غير حصرية؟ الرجاء الإجابة بحصرية او غير حصرية دون اضافات....



ماذا تقصدين بكلمة تكملة هل تقصدين انها اجزاء للمقدمة ؟

نظامنا في منتدى الوحي ان تكون المشاركة مرقمة بترقيم كمثال الفصل الأول الفصل الثاني وهكذا واذا كان الفصل مقسم اجزاء يكون الترقيم الفصل الأول الجزء الاول الفصل الأول الجزء الثاني وهكذا نرجو منك تنظيم مشاركاتك بهذه الطريقة حتى يسهل تنسيق الروابط للاعضاء




واي موضوع له علاقة بروايتك يمكنك ارسال رسالة خاصة لاحدى المشرفات ...

(rontii ، um soso ، كاردينيا الغوازي, rola2065 ، رغيدا ، **منى لطيفي (نصر الدين )** ، ebti )



اشراف وحي الاعضاء



Cigarno 12-10-21 01:13 AM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة قصص من وحي الاعضاء (المشاركة 15708931)



اهلاً وسهلاً بك بيننا في منتدى قصص من وحي الأعضاء ان شاء الله تجدين مايرضيك موفقة بإذن الله تعالى ...


للضرورة ارجو منكِ التفضل هنا لمعرفة قوانين المنتدى والتقيد بها
https://www.rewity.com/forum/t285382.html

كما ارجو منك التنبيه عندما تقومين بتنزيل الفصول على هذا الرابط
https://www.rewity.com/forum/t313401.html

رابط لطرح اي استفسار او ملاحظات لديك
https://www.rewity.com/forum/t6466.html


حجم الغلاف رجاءً يكون بمقاس 610 × 790



هل الرواية حصرية لشبكة روايتي الثقافية ام هي غير حصرية؟ الرجاء الإجابة بحصرية او غير حصرية دون اضافات....



ماذا تقصدين بكلمة تكملة هل تقصدين انها اجزاء للمقدمة ؟

نظامنا في منتدى الوحي ان تكون المشاركة مرقمة بترقيم كمثال الفصل الأول الفصل الثاني وهكذا واذا كان الفصل مقسم اجزاء يكون الترقيم الفصل الأول الجزء الاول الفصل الأول الجزء الثاني وهكذا نرجو منك تنظيم مشاركاتك بهذه الطريقة حتى يسهل تنسيق الروابط للاعضاء




واي موضوع له علاقة بروايتك يمكنك ارسال رسالة خاصة لاحدى المشرفات ...

(rontii ، um soso ، كاردينيا الغوازي, rola2065 ، رغيدا ، **منى لطيفي (نصر الدين )** ، ebti )



اشراف وحي الاعضاء



الرواية حصرية ان شاء الله

Cigarno 12-10-21 11:07 PM

الفصل الثاني : (نقطة تحول وشارة بداية)


ولكن سعد رفض رفضا قاطعا بمقايضة كهذه فانه لا يريد لابنه المهانة والمذلة فذهب من عند حرب بن ورد متحيرا تائها بما آلت له امور القوم و لا يدري ماذا يفعل حيث كان ابنه جالسا في السوق ينتظر عودة ابيه بخبر يسر الاثنين ولكنه رأى وجه ابيه كالحا ذهب الضياء منه فراح يجري اليه كما يفعل الابناء حين رؤية ابائهم فسأل ابيه عن الخبر فتغصب ابوه البسمة وطمئنه ان الامور آلت الى خير ولكن غالب كان فطنا حذقا استشعر من وجه ابيه عكس كلامه ولكنه لم يرد ان يلح عليه فتبسم ومشى مع ابيه لمنزلهم دون الرعي على غير عادتهم.

فلما وصلوا الى بيتهم ولم يتناولو غير شرب اللبن فغلب غالب النوم فغط بمنامه وظل والده يتفكر في امره جالسا في زاوية الحجرة المظلمة وفوق راسه قنديل لا يكاد ينير يتخافت ضوءه ويعود وسعد ثانيا ركبتيه وحدة واحدة نائمة والاخرى مرتفعه واضعا ذراعه فوق الركبة المرتفعة وكفه الاخر واضعه على راسه كمن يشكو صداع او الما في الاسنان وفي حلقة غصبة تكاد عروق رقبته تنفجر في كل مرة يبلع ريقه فيها والدموع تنهمل تارة وتجف تارة ولا يدري ماذا يعمل غدا.

وحينما اصبح الصبح قاموا في اول النهار سعد وابنه غالب وذهبوا للمرعى دون الابل فتعجب غالب من هذا الامر فقال

غالب: يا ابتي انرعى دون الناقتين؟

سعد: بل سنذهب لنحتطب فقد اصبحت رجلا واشتد ساعدك وان نور دربي الذي امشي فيه.

ففهم غالب ومشى مع والده يبحثون عن الحطب ولكنهم لم يجدوا غير الاعواد المتناثرة وبعد جد كبير بجمع تلك الاعواد حينما وضعوها على بعضها وجدوها صغيرة الحجم قليلة العدد لا تصلح الا للقدح وعادوا بها الى القرية يعرضونها على الناس ولم يجدوا من يشتري فيأيس سعد ولكنه يتحامل الاسى لاجل ابنه غالب وغالب يجاري ابوه فيما يريد ويدعي الجهل بالحال وكان يتالم لشدة وجد ابيه على ماهم فيه.

وباتو ليلتهم الثانية كما كانوا في الاولى وحينما اصبح الصبح ذهب سعد الى الناقتين وقد سحب واحدة منهم وكانت السليمة وابقى على العرجاء وذهب يطوف بها قائلا

سعد: من يشتري هذه الناقة انها حلوب حلو لبنها...

وظل يكرر التسويق للناقة على امل ان يشتريها احد وكان غالب يمشي خلف ابيه وقد تقطعت كبده حرقة لما رأى ابوه وصل به الحال لأن يبيع ناقته من اجل العيش فمر بهم رجل كان عند حرب بن ورد لنا دخل عليه سعد واسمه البراق بن ساعدة.

البراق بن ساعدة: يا سعد لو انك رضيت بما عرضه عليك حرب لما صرت الان تجرجر هذه الناقة الهزيلة وتعرضها على الناس واني لاظنها لا تباع ولو بنصف ثمن الناقة.

فلم يعره اهتماما سعد وظل يمشي ويردد كلامه، ولكن كلام البراق وقع في اذني غالب وزاد فضولا بان يعرف مالذي عرضه حرب بن ورد على ابيه، فمشى الاب والابن الى ان انتصفت الشمس كبد السماء فجلسا تحت شجرة يستظلان بها ويستريحان، فاستأذن غالب من ابيه بالذهاب الى البيت مدعيا انه نسي شيء يخصه وان يعود له سريعا فأذن له ابوه.

فانطلق غالب يتقصى البراق الى ان وجده في السوق يعاين بعض البضائع فكلمه وساله عن خبر ابيه وحرب بن ورد قائلا بعد ان حياه وعرفه بنفسه.

غالب: مالذي كان بين ابي وحرب بن ورد؟

البراق: ان ابوك استاذن حرب بان يرعى مع ابل بني غائلة ولكن حرب ابى ان يكون هذا الشيء دون مردود وكان المردود انت ان تعمل له كعماله وتاخذ نصف ما ياخذون ويرعى ابوك في المراعي القريبة مع ابل بني غائلة ولكن ابوك رفض هذا العرض وهاهو الان يجرجر هذه الناقة ويجرجرك معه وان كان للعمل عند حرب بن ورد ايسر لك وله من هذا الامر الذي لا طائل منه.

فلما سمع غالب ذلك الكلام شكرا البراق وعاد الى ابيه وكانت عيناه شاخصتان في الارض وقد دخلت رقبته في جسده وضم كتفيه الى صدره وهو يشنج بالبكاء من غير صوت وعاد الى ابيه فجلس بجوار ابيه وحينما رحب به ابوه وكلمه سمع تغير في صوته فعرف ان ابنه كان يبكي فقال.

سعد: وما يبكيك يا غالب فالرجال لا تبكي..

غالب: ليس من البكاء انما شربت شربة اختلط الهواء بها فذهب الماء في مجرى الهواء فاختنقت منها وتغير صوتي على اثرها.

فتبسم ابوه وعاود التسويق لناقته ولم يشتريها احد الى ان غربت الشمس وعاد الكل الى منازلهم ونام الجميع الا غالب وابوه فكان غالب ينتظر ان يغلب النوم ابيه وتربص الى ان نام سعد فانتهز الفرصة غالب وخرج من البيت في اخر منتصف الليل وذهب يجري الى بيت حرب بن ورد فاستقبله الخدم وطلب منهم ملاقاة حرب ولم يسمحوا له فقال لهم قولوا له اني رضيت العمل في عنده.

وهم في ذلك صدف ان حرب بن ورد كان في مجلس سمر مع حجر بن ثعلبة وكان عائدا للبيت فلقيه غالب فجلس على رجليه ومسك بطرف ثوبه وقال له.

غالب: يا سيدي انا غالب بن سعد الذي اتاك قبل حين وعرضت عليه المقايضة ودق رفضها وها انا اليوم اقبلها نيابة عنه فارجو ان تسمح لي بالعمل في ارض ومع عمالك وان يرعى ابي حول القرية وان تسمح له بان يساير رعيانك فيرشدوه للطريق فهو كفيف لا حول ولا قوة له واني لا احسن غير الرعي ان اردتني راعيا رعيت ابلك كما لو كانت لابي وسايرت ابي في رعيه وارجو ان لا ترد طلبي هذا

حرب بن ورد: يابني لم ارد منك الرعي في المراعي انما العمل في بيتي وحديقتي وان تسوس خيلي وتقوم باعمال داخل البيت لا تصلح لمن هو اكبر منك فان رأينا فيك مالم نرى في غيرك رقيناك واغدقنا عليك فهل انت راض بهذا.

غالب: اخادم تقصد؟

حرب بن ورد: اذاً ماذا؟

غالب: اذاً فارجو ان توافق على ان اذهب يوم في كل اسبوع للرعي مع ابي.

فوافق حرب على شرطه.

وحينما اصبح الصباح وقام الاب والابن اخبر غالب ابوه بما حصل فغضب ابوه منه غضبا شديدا فألح غالب عليه بان لا يغضب منه وانه لن يعمل كخادم(كذب على ابوه) وانما سيعمل على الرعي ولكن في مكان اخر وسمح لي ان ارعى معك يوم من كل اسبوع وان له اجرة ياخذها من حرب بن ورد بكل يوم، فاطرق ابوه رأسه راضيا بواقع لم يرده لابنه ولكن لا مناص فانهم بين امرين احلاهما مر.

غدا يوم اخر 12-10-21 11:59 PM

بطلة البداية والمقدمة كاني اقراء قصص من كتب تاريخية التفاصيل هنا مهمة الشايب الاكفيف الفقير الي يربي مولود ه لوحده الي قبيلته ماانتبهت له ولا فقدته هل بيوصلها ماحدث بعد مايخدم في بيت الامير توقعت ان يرعى ويقتل الوحوش
استمري تمنتها مكتمله

ebti 13-10-21 10:54 PM

ليلتك سعيدة... نرجو الالتزام بحجم الفصل المطلوب ضمن القوانين

15 صفحة ورد بحجم خط 18

Cigarno 14-10-21 03:09 AM

الفصل الثالث: (الحر المستعبد)

وفي صباح اول ايام عمل غالب عند حرب بن ورد ومع بزوغ الفجر يستقيظ غالب وابيه من نومهما وينظر غالب الى ابيه وهو يعرف ان هذا اول يوم سيفترق هو وابيه عن بعضهما البعض وان ابيه سيرعى وحيدا فحبس الدموع لكي لا يشعر ابيه الذي بدوره كان حزينا جدا ويستشعر حزن غالب وغصته من نبرة صوته.

ثم اصطحب غالب ابيه الى مبيت الابل والرعيان فطلب من احد الرعيان الذين يعرفهم من قبل ان يرعى ابيه في غيابه فاجابه ذلك الراعي بالقبول لحسن معاملتهم له من قبل وودع الابن ابيه والغصة ضاقت انفاس الاثنين لمثل هذا اليوم.

ومشى غالب بخطى متثاقلة وقد اغرورقت عيناه بالدموع وبدأ يمسح وجهه باطراف الاكمام ليجفف تلك الدموع التي لا تكاد والا انسكبت من عينيه في مجراها القديم فوق الخدود وبجنب العارضين الذان لا شعر لهما لحداثة سنه ومن كان في مثل سنه في هذا الصباح الباكر والطقس البارد لا يكون الا في حجر امه آمنا، ولكن الاقدار هي من وضعت لهذا الفتى طريقا اخر مختلف عن اترابه من الفتيان.

فوصل غالب الى باب دار حرب بن ورد وكان بيته كبير عريضا مرتفع عن الارض ومن خلفه حديقة كبيرة منخفضه عن الارض كما ان اختيار البيت تم بعناية من قبل اسلافه سليلي ملك الجنوب ولا عجب لمثل اولاءك ان يختاروا بعناية ويحسبوا حساب كل الامور، فجلس على باب حرب بن ورد منتظرا ان يخرج احد من البيت فيخبره بامره الا ان غالب قد جاء مبكرا جدا والطقس قارس البرودة فجلس بجوار البيت منتظرا وطال انتظاره الى ان سمع قلقلة المفاتيح تالها صرير الباب فقام من مكانه وتهيأ فخرج احد العبيد ومعه اكياس فارغة فقال غالب.

غالب : الا تخبر السيد حرب بن ورد انني واقفا على بابه وقل له ان غالب بن سعد في بابك.

العبد : اعذرني ايها السيد الصغير اني في عجلة من امري الى السوق قبل ان يكتظ الناس به فيأخذون اطيب ما فيه ويبقى الاقل منه فيوبخني مولاي على هذا انتظر قليلا هاهنا وسيأتيك من بعدي من يرى امرك.

ثم طأطأ رأسه غالب وعاد للجلوس ولم يمكث طويلا حتى سمع صوتا خطوات اقدام قادمة فقام من مكانه ورأى رجلا ومعه فرسين فتوقف على باب صغير بجانب البيت فذهب اليه غالب وطلب منه كما طلب من الاول فقال له.

السائس: يا فتى اني سائس لخير حرب بن ورد وقليلا ما اراه وان رأيته ساكلمه بشأن امور تعنيني انا فاكفني ما تريد وسل غيري.

فعاد الى الجلوس وظل منتظرا وكل ما وجد احد طلب منه يعتذر منه فتفكر بنفسه وقال كل اولاءك الخدم يخدمون رجلا واحدا وهو من هو وقد قال لابي انه يحتاج عمال هنا ادرك غالب رغم حداثة سنه ان هناك طبقات بين الناس يكاد يصل مداها مابين السماوات والارض.

ولما انتصفت الشمس كبد السماء سمع قلقلة المفاتيح وصرير الابواب ولكنه هذه المرة لم ينهض ولم يهيأ نفسه لانه شعر باليأس بكل مرة يقوم فيها فاكتفى بان يرفع نظره تجاه الباب ملتفتا غير مكترثا واذ بحرب بن ورد هو الذي خرج من البيت فوجد غالب وقد جهل منظره ولم يتعرف عليه، وظل غالب ساكنا فالتفت حرب بن ورد الى داخل البيت وقد كان نصفه خارج البيت وقال

يا مرجان: احضر لهذا المحتاج طعاما واسقه ماءا واصرفه من على بابي بعد ان تنهره لكي لا يعود ويسنها سنة بين الفقراء يتسكعون ها هنا.

فلما سمع غالب هذا الكلام نهض ونفض ثيابه وقدم نفسه لحرب بن ورد قائلا.

غالب: مهلا يا سيدي انا لست فقيرا ولست متسكعا انما انا غالب بن سعد وقد اتيتك بعد الاتفاق الذي بيننا.

حرب: اجل اجل ذكرتك حسنا وماذا تجيد من الاعمال.

غالب: الرعي

حرب: ولكننا قد نحتاجك لغيرها .. اسمع اذهب لخلف البيت ستجد بستانا وبه عبد اسمه ابن الرباب وقل له اني ارسلتك ليرى عملا يناسبك تشغله وفي كل يوم تأتي به الى العمل فلتأتي من باب البستان لا من واجهة البيت.

فذهب حرب منصرفا لشغله ومضى غالب الى خلف البستان ووجد بن الرباب فقال له ما قاله حرب، وبدأ بن الرباب يسال غالب ماذا يعرف عن كل الاعمال فوجده لا يفقه بها شيئا فقرر ان يعمل غالب في كل حين عملا معينا ليرى ماذا تجيد همته اكثر من غيره.

ففي اليوم الاول وضعو غالب في تشذيب الشجر اي في البستان الداخلي وانشغل غالب في نصف يوم عمله الى ان قاربت الشمس على الزوال فلما اراد الرجوع لبيته وجد بن الرباب يعطيه مرتبه وكان ربع مرتب العامل وكان غالب يرى بن الرباب يعطي العمال درهمين بينما اخذ غالب نصف درهم فقال.

غالب: يا بن الرباب ان اتفاقي والسيد حرب بن ورد هي اني اخذ نصف مرتب العامل العادي وانت اعطيتني الربع.

بن الرباب: نعم هذا صحيح ولكنك بدأت العمل من نصف النهار لا من اوله فعليه تاخذ الربع فالمرتب عندنا درهمين وانت لك النصف وقد اتيت بنصف الوقت فنصف نصف الدرهمين هو نصف درهم.

فغضب غالب لهذا الكلام لانه كان متواجدا عند باب حرب بن ورد قبل ان يستيقظ اغلب العمال ومع ذلك اخذ الربع، ولكنه لم يجادل وعاد الى بيته متشوقا لأبيه فدخل الى البيت ولم يجد اباه فشعر بالقلق على ابيه لان الشمس غابت والسماء مالت الى الظلام فاخذ القنديل المعلق واخذ القداح فاشعل النار فيه وخرج من البيت وذهب الى مبيت الرعيان والابل فبحث عن ذلك الراعي الى ان وجده وقال له.

غالب: يا برد اين ابي هل جرى له شيء انه لم يعد الى البيت الى الان ونحن في غسق الليل؟؟

برد: يا غالب ان اباك طلب مني ان اوصله الى بيت حرب بن ورد لكي يصطحبك منه لان لا يطيق دخول البيت وانت لست فيه فخرج اليك قبل ان تعود فتعودان معا.

ثم فزع غالب من مكانه وراح يركض الى بيت حرب بن ورد والقنديل الضئيل بيده يكاد لا يضيء ابعد من ذراعه والدموع في انهمار من عينيه ويكاد بكاءه يضج المكان لولا حبسه لتلك الدموع وكبح جماع عواطفه وهو متفكرا في ابيه الحنون كيف له ان بهذا الحنان ووصل الى بيت حرب بن ورد ورأى شيخا متكئأ على الجدار بجوار الباب في نفس المكان الذي جلس فيه حرب اول النهار وقد مالت رقبته الى الامام يرفعها ثم لا تصبر الا ان تعود ويميل رأسها بها الى الامام كمن يصارع النوم فيغلبه تارة وتارة هو يغلبه ولما وصل لابيه احتضنه ووضع وجهه في صدر ابيه واجهش بكاءا وهو يقول.

غالب: لمَ يا ابتي تاتي الى بيت حرب وهو بعيد والاولى ان آتي انا اليك مكان مبيت الابل والرعيان والليل بارد وانت منهك القوى لا تهتدي لطريق.

فلما سمع سعد هذا الكلام بكا هو الاخر وضم جسد ابنه الهزيل بحنان ومسح من وجه ابنه الدموع ورفع ابنه رأسه ينظر الى وجه ابيه الكفيف والدموع تسيل على خديه وهو مبتسم وقال لابنه.

سعد: لم احب ان اكون كفيفا طوال عمري تمنيت البصر الا اليوم فقد الشكر العمى لكي لا ارى وجهك وقد نصب التعب عليه وعبثت الدموع والاحزان بملامحه.

فزاد بلوعة ابنه فقام غالب بتقبيل يدا ابيه ورجليه ورأسه، فقاما وذهبا الى المنزل فنامو ليلتهم تلك وفي النفس لوعة مما حدث ولكنه قدر محتوم.

فمرت الايام وهم على ذلك الحال وغالب في بيت حرب في كل حين يتولى عمل امر معين فتارة يذهب للوسق يمتار لاهل بيت حرب المؤنة وتارة يحمل الاشياء من والى داخل الدار وتارة يجهز الخيل مع السائس وينظف اسطبلهم او يعمل في البستان.

وفي احد الايام لاحظت خالصة بنت حرب بن ورد وجود هذا الفتى الذي يكبرها بعام او عامين في البستان وكونها وحيدة ابيها ومكانة ابيها منعها من ان يكون لها اصدقاء بمثل عمرها يلعبون معها فنزلت الى البستان ورأت غالب وهو منهمك في تشذيب الاشجار وقطف الازهار ووقفت غير بعيد عنه تنظر اليه وكلما نظر اليها اختبأت خلف غصن من الاشجار كونها لم تالف ان ترا من هو مثله في مثل هذا المكان وعادت الى ابيها وسالته عن خبره فاخبرها بانه احد العمال فطلبت الاذن من والدها باللعب معه فوافق ابيها على هذا الامر.

فنادى حرب على غالب واخبره بانه يريده ان يرافق ابنته ويؤانسها في وحدتها وكانوا اطفالا دون الحلم، فبدأ غالب عملا جديدا في هذا البيت فكانت تلعب معه فكان وقت غالب في هذا البيت اوله عمل ثم لعب وما ان تنتهي خالصة من اللعب حتى يعود غالب الى العمل كما كان قبل ان يلعب معها.

وكان يلازمها في بعض اوقاتها ويخرج معها الى السوق وعلمها طرق حياة العامة من الناس وبين لها المسافة بين الطبقات الاجتماعية فكانت تلازمه اغلب اوقاتها اما باللعب معه او بمتابعته من شرفته المطله على البستان.

ومع مرور الوقت بدأت خالصة تعجب بغالب ولكنها لا تدري ان كان هو معجب بها ام لا والى ان كبر الاثنين وبلغا صد حرب بن ورد غالب عن خالصة ومنعها من اللعب كما تلعب الفتيات الصغيرات ولكنها كانت تنزل البستان وتمضي وقتا مع غالب يتبادلان الاحاديث فكانت تخبر وصيفاتها بان يخبرن غالب بان خالصة قادمة فتراقبه من بعيد ماذا يفعل فما ترى منه الا ان بنفض ثيابه ويفرك يديه بالورد ويمسح على شعره فعرفت انه معجب بها كما هي فتتبسم وتحب ان تراه في كل مرة يتهيأ للقائها وبالفعل كان غالب معجبا بها ولكن يكتم اعجابه كما يكتم الميت انفاسه صابرا على لوعته.

وكان غالب يخصص يوما من كل اسبوع للرعي مع والده وكان يخبره بما يجري له من امور يستشيره فيها وفي يوم ما اخبر ابيه عن امر خالصة واعجابه به وانه يظن بانها معجبة به وهو لا يدري هل يبادرها بمشاعر كما تكنه له من مشاعر ام يواصل الكتمان فقال له.

غالب: يا ابتي اني لا ادري ما اصنع والله ما صبرني على عملي هذا الا خالصة واني انتظر الوقت القصير الذي يجمعني بها والحديث معها واني لاشعر بان الوقت يتوقف وان النشاط يتجدد بروحي بعد تعب كما يفعل الماء للظمآن وانا اعلم ان لي موضع قدم في قلبها ما ان تحدثني حتى تلعب باطراف شعرها باصابعها وهي من قال لي بان المرأة حينما تحب تلعب باصابعها باطراف شعرها حينما ترى من تحب ولا ادري يا ابتي هل ابادرها وهل لوصلها من سبيل وهي من بني غائلة ونحن من بني ركاب الا ان لا عداوة بيننا انما احقاد قديمه وسيوف من الدماء سليمة(يقصد لم تقع حرب بينهم او يقتل احدهم الاخر).

سعد ابو غالب (متبسم): يابني ان الايام تركض كما تركض بنات الريح واني اذكر اليوم الذي حملتك به رضيعا وكانه ما مضى عليه الا يوم او يومين واليوم تحدثني بصوت الرجال وتخبرني عن الحب والغرام ما اسعدني اليوم بعد ان اصبحت رجلا كبيرا وقد جعلت مني شيخ كبير وها انا قد وهنت وضعف قوتي وبدأت يداي بالارتعاش الا اني اشعر بالفخر والسعادة تغمرني حيث اديت ما علي من هذه الدنيا .. فاسمع يابني النصيحة مني فالحقيقة لا اثارة فيها والواقع لما انت عليه مواقع فانت من بني ركاب وهي من بني غائلة لعلك تتحدث من قلبك ولم تستمع الى عقلك فالنساء لهن كيد لو علمته عظيم، وهي من هي اليوم لانك لم تأتها بقبيح او شيء بخالفها لانها لا تراك الا العبد وهي السيدة ولعل السيدة تحب عبدها لتمكنها منه وهذا حالها لانها لا تباعد منزلها ولم ترى غيرك وما كان لك من اعجاب في نفسها قد تهديه لغيرك كما فعلت لك وهن ناكرات العشير فخذ حذرك منها انها لتلاطفك كي تلاطفها فالنساء يحببن الملاطفة والغزل والغنج فما في قلبك اليوم اعجاب لا تربي اعجابك كيلا يكبر ويصبح حبا لان الاعجاب يسهل استخلاصه ام الحب يستحيل علاجه ولعلك تنكر كلامي وستبدي الايام لك مالم تكن به عالم.. واما الامر الاخر يابني فما يعيب المرء عملا يقتات منه واذكر انك لست بعبد وانما حر بن حر واعمل بجد واخلاص لترضي نفسك لا لترضي سيدك ومتى استنقصك القوم او حاولوا النيل منك بتقليل شأنك او اهانتك فارحل عنهم وتذكر قول الشاعر

لَعَمرُكَ ما في الأَرضِ ضيقٌ عَلى اِمرئٍ
سَرى راغِباً أَو راهِباً وَهوَ يَعقِلُ

ثم انقضى ذلك النهار عليهم فعادوا الى المنزل من المرعى ونامو ليلتهم سعيدين واصبح الصباح فقام غالب كعادته قبل ابيه وانصرف لبيت حرب بن ورد للعمل وبدأ اعماله اليومية المعتادة ينتظر الوقت الى ان ترتفع الشمس الى الموعد المرتقب بنزول الخالصة وقضاء الوقت معها الا انه يتذكر كلام ابيه لما نصحه فاصبح متردد المشاعر ويعيش صراع بين قلبه وعقله.

واذ باحد العبيد معه رسالة وذهب بها الى حرب بن ورد فدخل عليه وقال هناك جمع من الناس في الخارج سلموا لي هذه الرسالة وسلمها الى احد قراء الرسائل وبها:

من عروة بن محارب السمري الى ابن العم حرب بن ورد فاعلم يابن العم ان ما حدث لسمرة بن غائلة بن عاديا لا يخفى عليكم امره غير بعيد عن زماننا وزمانكم واني عروة ابن عمك وقد اشتقنا للقياكم وهممنا بالعودة من اكثر من حين ولكن خفنا الفتنة بين الحيين وتكبيد الاكابر ماء الوجوه وها وقد مضى قرن على تلك الواقعة وازلف جمع كثير من بني ركاب عن الديار فان من بقي منى تفرقوا في الارجاء وها انا كالهائم في كل حين في ارض وقد ضاقت بنا السبل فنطلب الاذن منك اولا ثم من حجر بن ثعلبة فانك معذور فيما استعملت رأيك فينا.

وكانت الرسالة مختومة بختم بني غائلة واما السمري سمي سمري نسبة لسمرة بن غائلة في واقعة السباق المشهورة، فلما نظر حرب تلك المخطوط ووجد عليها ختم كالذي يلبسه هو طار بالرسالة الى حجر بن ثعلبة ومعه عروة بن محارب السمري يستأذنه في ابناء عمومته وقد فرح فرحا كبيرا حرب بهم فأذن له حجر بن ثعلبة دون الرجوع الى بني ركاب.

فارسل حرب بن ورد الى الجواري بنصب الزينة وتعليق القناديل وتهجيز الولاءم واستدعى اهل الطرب وطلب من الجواري لبس احسن الثياب واخبر ابنته كذلك لاستقبال ابناء عمومته.

وهم كذلك غالب كان منهمكا في اعماله اليومية وكان يلحظ الاضطراب في ارجاء القصر فاتاه بن الرباب(العبد) وطلب منه الذهاب للسوق لشراء اطيب المعطرات والمشاريب والفواكه ويعود باسرع ما يكون ففعل غالب ذلك.

واما الخالصة فكانت متحمسة لانه يوم مثير بالنسبة لها ولايامها المتشابه التقليدية، فوصل الركب الى دار حرب ومعهم حرب وحجر بن ثعلبة ودخلوا الى البيت يصحبهم نقر الطبول ودف الدفوف وصفق الكفوف والاهازيج والتغاريد ترحب بهم في موكب عظيم حتى ذاع خبرهم وبدأ يسال غالب عن الامر فاخبروه بامر القوم، فدخل الرجال مجلس الرجال ودخلن النساء على الخالصة ووصيفاتها ورأتها زوجة عروة وكان اسمها - اسماء بنت ضرار الاشيبية ( الاشيب قبيلة من قبائل الجنوب) وكانت لديها بنتين وولد اما البنات تماضر و وتيماء واما الولد فكان اسمه شيبان وكان بعمر ال15 عاما بعمر غالب وكان مليحا لبقا كان وجهه القمر في منتصف الشهر- وكانت اسماء وبناتها ينظرن الى خالصة متعجبين من جمالها وكان نفوسهم لم تعي ما ترى ان كان انسان ام ملاكا.

وبعد ان انتهت مراسم الحفل وذهب المدعويين وبقي خاصة الخاصة طلب حرب اليوم ان يبقى عماله لوقت اطول وسيعطيهم اجرة يومين لهذا اليوم وبقي العمال ومن جملتهم غالب كونه سيعطيهم وكون اليوم يوم فرح وبعد ان فرغ غالب من اعماله اراد ان يستمتع باخر هذا الحفل فوجد خالصة جالسة مع تماضر وتيماء وكانت الفتيات يتحدثن في سيرة اخين شيبان وكيف انه قد قتل ضبع قبل عامين اي بعمر الـ13 وعن شجاعته وفروسيته وكانت خالصة تستمع الى حديثهن وهي لم ترى شيبان الى الان وحينما تقدم اكثر غالب وتكسر الاعواد من تحت قدمه شعرن الفتيات به، ولما رأينه وعرفن من ثيابه ان ليس من المدعويين او الخواص فعرفن انه احد العمال فاشمئززن من تقربه منهن فلما شعر غالب ذلك الضيق على محياهم ابتعد وجلس ينتظر ان ينتهي هذا الحفل بخواصه كي يعود لابيه وهو يرى الولائم التي تكفي للقرية برمتها ولكنها محللة فقط لقلة من ذوي المال.

وهنا اتى شيبان الى اخواته ومعهن الخالصة فحياها وردت تحيه ونظر كل منهم الى الاخر فهامت الخالصة في جماله وتأملته وهو يراها كما تراه وغالب غير بعيد عنهم ينظر الى تلك النظرات فحاول ان يقتحم تلك النظرات الطويلة وكل منهم شاخص بوجه الاخر فقال.

غالب: يا خالصة هل لي ان اطلب منك شيء.(فأشار بيده ان تعالي وهو يبتسم)

فالتفت خالصة الى غالب ونظرته فقالت من مكانها.

خالصة: يا فتى هل انت سفيه ام قليل الادب كبير الجرأة؟؟ اولا يسبق اسمي لقب السيدة؟؟( وكانت غاضبة عابسة الوجه ولم تنظر الى غالب في وجهه)

هنا فوجئ غالب بهذا الامر فتذكر كلام ابيه حينما نصحه فتبسم وقال في نفسه (لقد صدق ابي) فعاد الى حيث يجلس العمال وانتظر الى ان انتهى هذا الحفل فقام حرب بن ورد وقام بتوزيع الاكل على العمال واعطاهم اجرة يومين وامر لاخيه ببيت بجوار بيته.

هنا قام غالب واخذ اجرته واخذ حصته من الطعام بعد ان وصل الليل الى عتمته وعاد المنزل بخطى متسارعة لانه يعلم ان ابيه ينتظره وقد احضر لابيه طعاما شهيا يريد ان يتقاسمه معه فدخل غالب البيت ووجد ابيه وقد غلبه النوم فحزن غالب وقال في نفسه (لعله اكل شيئا قبل النوم فانه ما نام الا ان النوم قد غلبه) ثم اكل شيئا يسيرا ولكنه لم يستطع النوم وكان يفكر بما حصل اليوم من خالصة وكيف اقصته ويتذكر كلام ابيه حينما قال انها ما ان ترى غيري حتى تصرف مشاعرها له كان لم يكن بيننا مشاعر وهام في فكره يجول الى ان نام وهو لا يشعر من شدة التعب.

وفي اليوم التالي قام غالب من النوم وذهب الى بيت حرب كعادته يعمل ويقول لعل اليوم تأتيني غير الذي أتتني به البارحة وكان يشذب القتاد من تحت شرفة خالصة فنظر واذ بخالصة تنزل العتبات المؤدية الى ساحة البستان بالقرب من غالب فكان ينظر اليها ولكنها لم تنظر اليه ولم تاتي اليه بل راحت وجلست في مكان اعتاد الاثنين الجلوس فيه وقت راحة غالب فوضع المنجل واراد الذهاب الى ذلك المكان يقول في نفسه لعلها تعتذر مني اليوم بعد الذي عاملتني به في الامس ولما تقدم اكثر بدأ من خلف الاغصان في رؤية خالصة وهي جالسة ما ان تقدم اكثر ورأى شيبان وهو جالس في مكانه يتحدث وخالصة قد وضعت يد على كفها تنظر اليه وهو يتحدث فعُصر قلب غالب وطأطأ برأسه وعاد الى حيث اتى متحيرا كيف لمثل هذا ان يحدث واخذ المنجل يعمل به وهو يجول في فكره بالتساؤلات كيف ان الفتاة التي بقي ملازما لها طول 5 سنين تعامله كما يعامل الغريب الغريب وكأن ما كان بينهم من ود ما كان ثم بدا يراها تاخذه في جولة على البستان وتشير بيدها على زوايا الحديقة كلها والبيت وتشير بيدها للعمال كانها تصف العمال الى ان اشارت بيدها من بعيد على غالب وكان ينظر لها لا يدري ما تقول ثم اشارت للذي بعده وكانه قطعة من اثاث في بيتها.

وانتهى هذا اليوم الغريب بالنسبة لغالب وعاد الى منزله يسحب رجليه وقلبه مازال معلقا في بيت حرب يتسائل ان كان تمادى في الاعجاب الى ان دخل مرحلة الحب وحديث ابيه كيف ان الاعجاب يسهل الخلاص منه واما الحب فيستحيل علاجه لانه كان مصدوما بما يرى من خالصة من سوء معاملة ووصل الى باب بيته وهدفه ان يحدث ابيه بما جرى له لانه مكتوم الانفاس وبه الغصات لعل ابيه يريحه بكلامه وحكمته مما هو فيه وفتح الباب فوجد ابيه نائما فخاب امله في الحديث مع ابيه فدخل بحذر كي لا يوقظ ابيه فجل فاخذ القنديل للخارج وقدحه فاشعل القنديل ووضعه خارج البيت وكان يريد الاكل فلم يستطع الاكل من لوعة الحب ومكث في الخارج يفكر بماذا جرى له وهو يتفكر في خالصة ويتذكر كلام ابيه.

بينما كان كذلك شعر بصعقة في رأسه شديدة كادت تقتلع رأسه لشيء كان يراه دون ان ينتبه له او يعيره اهتمام لشدة انشغاله بخالصة وذلك الشيء ان اباه منذ يومين نائم بنفس الوضعية تماما نائما على جانبه الايمن ووجه على الحائط فارتعدت فرائصه ثم وثب من لحظته فاسقط القنديل فكسرت عروته واقتحم البيت وهو ينظر ابيه وهو على نفس الوضعية فتقدم اليه بحذر وهو يرتعش الى ان وصل اليه فجلس على ركبتيه ووضع كفه على كتف ابيه وقال ( ابي ...ابي ...) فسحب ابيه فمال اليه كخرقة بالية تقلبها الايدي دون مقاومة فنظر الى ملامح ابيه وقد ذهب ضياءه وتيبست ملامحه وجف ريقه وغالب ينظر الى ابيه يد ممسكة كتفه ويد ممسكة كفه ذلك الكف الحنون الذي لطالما عانا وقاس صعاب الحياة لاجل ان يعيش ابنه حياة كريمة تلك الكف التي عطفت عليه وربته صغيرا واغرورقت عيناه وهو ينظر الى اباه يحاول ان يكون فيه رمق يهزه هزا حنونا يناديه بصوت متقطع (ابي...) فوضع قبضتيه على ركبتيه وحنى رأسه الى الاسفل ودموعه تتساقط من عينيه وتسقط على جبين ابيه فصاح صيحة ايقظت الجوار واعول بالبكاء فاسمع الارجاء.

فقام على رأس ابيه يبكيه الى الصباح فتجمع الناس على بيته ودخل الراعي برد عليه فوجدهم على هذا الحال فبكى لسعد وذهب يخبر الناس ان سعد قد مات وذهب برد على بيت حرب بن ورد اخبر العمال الذين فيه فاخبرو سيدهم ان يمشوا في جنازة زميلهم ولكن حرب لم يأذن لهم بذلك لكثرة اشغالهم مع قدوم ابناء عمومتهم بل وطلب ان يخبروا غالب ان له ثلاث ايام مرخوص هو فيها.

فذهب الى بني ركاب فاخبرهم بالامر ولكنهم اعتذروا بل ولاموا سعد لانه جاور بني غائلة وكانوا يرون ذلك جحودا منه لهم ونكران وتبرؤ منه لهم.

فقام غالب وجاء بالكفن فكفن اباه وحمله ووضعه على مسطبة بجوار منزله طويلة ينتظر برد ان يعود بمن يشيع اباه الى لحده ولم يأت غير برد واخبره انه لن ياتي معهم احد، فزاد الهم والغم بغالب فحمل اباه هو وبرد ومشو الى قبره فانزلوه وسكبوا عليه الرمال وعاد سعد الى البيت لا يكاد يرى من شدة البكاء ودخل البيت وكانت هذه المرة الاولى في حياته كلها يبيت وحيدا في بيته ولم يستطع النوم وكان مسندا ظهره للحائط ينظر الى المكان الذي ينام فيه ابيه ويجلس وياكل ولشدة التعب يخال له خيال ابيه فيمعن النظر فلا يرى احد وهو كذلك يغلبه النوم فنام وحلم ان كل ما حدث لابيه لم يكن الا مجرد حلم ولما استيقظ وجد انه ما كان مجرد حلم ماهو الا حلم وبقي على هذا الحال لمدة اسبوع كامل وبرد كان يمر عليه كل يومين الى ثلاثة ايام ويحضر له الطعام ولكنه لا ياكل الا يسيرا.

بعد الاسبوع وهو يتفكر في كيف ان ابيه افنى عمره من اجل ان يعيش ابنه كريما يبنغي عليه الاصرار والمواصلة لكي لا يكون تعب ابيه هباء منثورا فعاد الى بيت حرب للعمل وهناك وجد واثناء العمل وجد خالصة وهي تمشي بين اشجار البستان مبتسمة مشرقة وبيدها منديلا قد رآه من قبل مع شيبان وكانت تشم المنديل فتبتسم، فقال في نفسه ( لعلها لم يأتيها خبر وفاة ابي) فتقدم اليها ووقف امامها فقال.

غالب: يا خالصة هل لي بحاجة عندك؟

خالصة: ماذا تريد ولماذا يصعب عليك ان تناديني بالسيدة خالصة لم اعد طفلة بعد الان وانت لم تعد طفل بعد الان.؟

فغصت الكلمات التي قالتها خالصة في صدر غالب ثم قال.

غالب: انك تعلمين ان ابي توفي منذ اسبوع وهو سبب غيابي وانقطاعي واني عمل في هذا البيت 5 سنين وكما تعلمين ان ابي كان يرعى نوقه في الخضراء والان ليس للنوق احد سواي ارجوا ان تتفضلي وتخبري السيد حرب بان يأذن لي بالرعي في مراعيكم كما كان يفعل ابي.

خالصة: وما شأني انا حتى احدث ابي بشأنك ثم انك من بني ركاب وانت تعلم ان لا مرعى لكم في الخضراء وكان المستثنى منها ابوك فقط لا انت وها قد مات والمزايا لا تورث فإن شئت حدثه انت بنفسك لا تقحمني بامرك وارجوا ان ترحل من امامي وان لا تعرضني حديثك.

غالب: هكذا اذاً... لما لا تشترينها مني فتهدينها من تشائين.

ففكرت خالصة بان تهديها شيبان مع جملة مهور هي تملكها.

خالصة: ربما في ذلك ارى ولكني دعني اراها اولا اذهب واحضرها بعد ان ينتهي عملك واربطها في اطراف البستان وعد انت للنوم وغد احدثك بامرها، ففعل غالب وربطها وعاد ونام واتى من غده ووجد خالصة وعرضها عليها فوافقت ان تشتري الناقتين ولكن بنصف ثمن الناقة العادية كونهن كبيرا في العمر وواحدة منهن عرجاء، فوافق عليها وما ان اشترتها خالصة حتى رمى منجله وقال

غالب: قلي لابيك ان لا اتفاق بيننا

وهنا توقف غالب عن العمل لدى حرب بن ورد بل لقد مات به شيء وولد به شيء اخر ورأى اصناف القسوة بالحياة وكيف لخالصة ان لعبت بمشاعره ولم تبدي اي تعاطف تجاه مأساته ووفاة ابيه وكيف لما كان بينهم من ود وعشرة ان يكون كأن لم يكن، وبعد ان اخذ المال منها توجه الى السوق للعمل ليجد طريقا يكافئ كفاح ابيه له في الدنيا.



لمعة فكر 14-10-21 02:59 PM

:sm92: يسلمووووووووووو


الساعة الآن 10:27 PM

Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.