10-07-22, 01:23 PM
| #273 | ||||
|  الفصل الواحد والأربعون السبب الرئيسي للإيقاع بها هو إنشاء تلك الشبكة. فهي ليست شبكة دعاره مثل غيرها، بل متخصصة للنخبة من طالبي المتعة المحرمة، لا يدخلها أحد إلا بكود خاص به، يتحصل عليه من خلال الدعوة من أعضاء الشبكة؛ وبالطبع يجب أن يكون المشترك ذو صفات خاصة جدًا. ليس أن يكون ذو مستوى مالي مرتفع فقط، بل يجب أن تكون مكانته الاجتماعية أيضًا مهمة، ويا حبذا لو كان ذو منصب مهم أو فعال لتكون مشاركته معهم أكثر فائدة. كما أن هناك شروط للتعامل معهم. المكان يكون من تحديد الشبكة وليس الطالب، ولا يسمح بأذية البضاعة! أي خدش أو جرح يصيب جسد (الفتاة/ الفتى) المطلوب يتم إنهاء اشتراك العميل فورًا مع تغريمه مبلغ كبير فهم لا يريدون التعامل مع مشاكل إصابات كبيرة تستلزم الاستعانة بطبيب أو قد تؤدي للوفاة. غير ذلك يمكن للعميل أن يطلب أي شخص يريده وأي عمر، طبعًا هناك أسعار خاصة للعذارى، لكن ذلك لم يكن يومًا مشكلة للأعضاء حتى الذين لا يملكون تلك الثروة الكبيرة لديهم شيء يهم أصحاب المنظمة؛ مثل الاعلامين ورجال السلطة وحتى شيوخ السوشيال ميديا، الذي يصدرون أحكام وفتاوى غريبة فقط لإثارة الناس والتغطية عن تمرير قانون أو قضية فساد، كي يتم إخراج المجرم الحقيقي دون أن يثور الناس على القضاء. لعبة كبيرة قد لا تكون روبين تعرف كل خيوطها في البداية، لكنها كانت بارعة في ما تفعله، خلال شهور قليلة تمكنت من جعلها تلك الشبكة من أكبر شبكات الدعارة الراقية. كما أنها حافظت على مكانتها طوال سنوات ولم يكشف أمر إدارتها لها حتى لمساعديها في تدبير تلك اللقاءات المحرمة؛ عن طريق مواقع الكترونية مؤمنه وبتغيير صوتِها، إخفاء صورتها كانت تقوم بكافة العمل وهي مطمئنة للغاية، والعائد كان مهولًا، ساعدها في تخطي أزمات شركة والدها التي كادت أن تؤدي بهم للإفلاس. كان كل شيء يسير بيسر وسهولة حتى تم زواجها من ساجي وما تبعهُ من مشاكل كثير جعلتها تتوقف عن حذرها لتلتقط السلطات عدة اتصالات لها من منزل المزرعة. طبعا عرفت بذلك من خلال زبائنها الذين يشغلون مناصب تؤهلهم لمعرفة تلك المعلومات. أخذت تفكر لعدة أشهر من الذي يصلح ليكون كبش فداء في حالة انكشف أمرها، أرادت أن تضع فرح في البداية خصوصًا وأنها جعلت من حياتها صعبة بلسانها الذي تريد قطعه وإطعامه للهررة. لكن المشكلة الكبرى في أن فرح ليست من رواد المجتمع الراقي وحفلاته كثيرًا، بل هي تقريبًا منذ زواجها لم تحضر سوى حفل زفاف تالين فقط، وبما أن الكود يتم تسليمه شخصيًا للزبون في البداية وكذلك في بعض الحفلات الخاصة جدًا حتى وقت قريب من المسؤول الأول، إذن ذلك ينفي التهمه عنها ويجعل من السهل تبرئتها والبحث عن المسؤول الحقيقي؛ حتى فريدة تشارك فرح في نفس الصفة، البعد عن حفلات ذلك المجتمع، بل هي بعيدة عن الجميع تكتفي بالعيش في قوقعتها بين أطلال حبها لبلال. ربما لو كانت غسق هنا لوضعتها في الحساب، لكن حتى هذا لن يجدي نفعًا، غسق خبيرة كمبيوتر وبسهولة تستطِيع أن تخترق تلك الشبكة ومعرفة من المسؤول عنها. ظلت تفكر في كبش الفداء لمدة طويلة حتى استقرت على مُنى. من غيرها لا تترك حفلًا ولا عزاء لتلك الطبقة إلا وزجت بنفسها فيه حتى تظهر أنها ضمن المجتمع الراقي حتى وإن لم تتم دعوتها. كما إنها أرادت أن تؤذي ساجي الذي رفضها فقط لأنها لم تكن عذراء! حسنًا فليمرغ أنفه الشامخ في الطين عندما تسجن أمه بتهمة تسهيل الدعارة. لم تحتج للكثير كي تورط مُنى؛ بعض مكالمات من هاتفها عن طريق موقع ذو تأمين يسهل اختراقه، حساب بنكي بملايين الجنيهات في دولة تقوم بالتعامل مع السلطات المحلية، كلمة هنا و صورة هناك وبتحريات قامت هي بتوجيهها عن طريق زبائنها المهمين تم القبض على مُنى بتهمة لا يمكنها الخروج منها أبدًا. ذكريات مرت عليها بسرعة وهي تنتظر قدوم مُنى مكبلة بالأصفاد من سجنها. عدلت جلستها واضعة ساق فوق الأخرى وهي تنظر لمُنى التي ظهر عمرها الحقيقي من دون مساحيق التجميل التي تخفي الكثير: - أهلا خالتي مُنى أم أقول مدام مُنى كما يطلقون عليكِ هنا. قرنت كلامها بضحكة عالية شامته جعلت قلب مُنى يعتصر بألم شديد. - وأنا التي ظننتكِ أتيتِ كي توكلي لي محامي محترم أو تسألي عنِي؟ وأنتِ أتيتِ كي تشمتِي بي! ماذا تركتِ للأغراب إذن؟ - ومن قال أن لك أحباب؟ أنزلت ساقها ومالت بجذعها للأمام لتقولها بهمس الثعابين: - يجب أن تعترفِي بأن الجميع يمقتك وهم في قمة السعادة لما وصلتِ له، خصوصًا أنا. انخفض صوتها أكثر واقتربت من أذنها لتجفل مُنى دون أن تقوى على التحرك: - أنا من وضعك هنا ولعلمك الخاص لن يقدر أحد على إخراجك من تلك التهمة، الأفضل أن تلزمي الإنكار والصمت وإلا لن يكون لكِ صوت أو... لم تكمل بل تركت جملتها مفتوحه ليكون تأثيرها أقوى. وحدث ما أرادته فقد تحول وجه مُنى للأسود وجف لسانها حتى التصق بسطح فمها دون أن تقدر على تحريكه. أما روبين فقامت بتعديل ملابسها وربتت على ظهرها لتظهر بعض التعاطف أمام العسكري الذي أتى ليعيدها للزنزانة. خرجت من السجن وهي تشعر بانتشاء غير طبيعي، انتهت من مُنى وحرقت قلب ساجي؛ الآن وقت وسام الذي يظن بأنه نجح في خداع المنظمة! حسنًا لقد أقسمت بأن تنتقم منه شر انتقام وهو من سهل الأمر عليها. ******** أخيرًا وافقت سارة على تجريب آلة القهوة الجديدة؛ رغم أن ثمنها مرتفع وسمعتها ممتازة لكن سارة ترفض تجربتها منذ مدة. قدمت لها فنجان كبير من القهوة التي صنعتها تلك الآلة وقامت بإضافة حليب لها لتعطي الطعم المطلوب، كما زينتها بقدر المستطاع لتكون مثل التي تقدم في المقاهي المخصصة، لكنها لم تجد ذلك تمامًا، أو ربما الخوف والتوتر جعل يدها ترتعش. جلست أمامها لتلمح منها أي ردة فعل قد تخبرها عن رضاها عن المنتج، دون فائدة، كانت غسق مثل الذي ينتظر نتيجة امتحان مهم يحدد مصيره. ارتشفت سارة من الفنجان دون أن تظهر عليها أي تعبيرات عن الاستمتاع أو حتى النفور!، فقد وضعت الفنجان جانبًا وقالت بهدوء: - لم أفهم ماذا يعني بفندقنا؟ هل لديكما فندق قمتما بتشييده معًا؟ شعرت غسق بالإحباط لأن سارة لم تعطيها رأيها بالقهوة المعدة لكنها ردت عليها بتبرم: - يقصد ذلك الذي تم فيه زواجنا الرسمي، فندق باريس لقد اعتاد أن يأخذنِي إليه كل سنه في نفس الموعد نقضي به عدة أيام ثم نعود للوطن. حركت حاجبيها للأعلى ببطء: - احتفال لعيد زواجكما تعنين؟ إذن هو لم يكن مهملًا في حقك بالكامل كما سبق وأخبرتني؛ حتى أنا التي لا أستسيِغ تلك الأمور أجد الأمر رومانسي. أي احتفال تتحدثين عنه؟ هو معتاد على قضاء وقت هناك يحب المكان جدًا، أنا فقط للتسلية وتد.. قاطعت كلامها قبل أن تذل نفسها أكثر أمام سارة. عادت لترتشف من الفنجان: - غسق أعتقد أنك تحاولين أن تقليلِي من قيمة أي شيء فعلة لكِ ساجي، فقط كي تخرجِيه من قلبك وتجدي لنفسك أسباب لكرهه. أجابت بسرعة واندفاع كمن ينفي عن نفسه تهمه شنيعة: - غير صحيح أبدًا، أنا فقط أوضح الأمور ولم أعد أضحك على نفسِي مثل السابق بتخيل أنه يذوب عشق بي، وهو كان يخطط للحياة مع غيري. - تعنين بكلامك ذلك إنكِ لا تفكرين في العودة لساجي؟ هزت رأسها بنفي دون أن تنطق. لم تقتنع سارة، حسنًا لنتبع نظرية زهراء، لا توجد به أي مزايا تجعلك تعيدين النظر في الأمر؟ من أجل طفليك حتى. لم تجاوب فورًا، بل أخذت بضع دقائق في التفكير: - أولاً أبي أذاه جدًا وأمي كذلك، تعرفين رغم أن أبي كان يملك شركة خاصة والعمل بها كان جيدًا لكننا كثيرًا ما كنا نتعرض لأزمات مالية من دون سبب، أمي كانت تقول أن مالنا لا بركة فيه، بعد أن عرفت ذنب أبي وأمي كنت أظن أنه السبب في ضيق حالنا، لكني أعتقد أن السبب هو ما فعلاه في ساجي، هو كان مجرد طفل وأهلي استغلاه وقاما بكسره، ليس فقط جسديًا بل كسروا نفسه، ثقته بالآخرين. - هذا الأمر جعلني ربما أتعاطف معه قليلًا، مع الطفل الذي كان. - هو أب جيد، رغم ما فعله في البداية لكنه عوض تيم وتيام عن غيابه، كما أنه ساعدني جدًا في الاعتناء بهما، لن أنكر ذلك وجوده أحدث فرقًا في حياتي وحياة الطفلين، كما أنه لم يبخل عليَّ يومًا في شيء وحارب من أجل أن أنهي تعلمي هنا، لن أنكر ذلك لكن ما يفرقنا أكثر من ما يجمعنا. إجابة على سؤالك لا لن أعود لنفس الحياة السابقة، لن أعود لساجي الذي يمتهن إهانة كرامتي حتى من أجل الطفلين. الطلاق لا يعني أن يتشرد طفلينا بيننا، نحنا قادران على التفاهم والتعامل باحترام من أجل الطفلين. واثقه من أن طلبه الزواج مني هو فقط تأنيب ضمير أو ربما من أجل الطفلين كما قلتِ، بمجرد أن يقتنع بمقدرتنا على تربية الأطفال بيننا دون الحاجة لرجوعنا لن يعيد الكرة. ******* قبل دخول فرح لمكتب سراج وميلا بنصف ساعة تقريبًا دخل أيهم للمكتب حسب الموعد المتفق عليه ليناقش مشروع مهم مع سراج وميلا حسب ما فهم من رسالة ميلا. وجد ميلا في انتظاره وقد وضعت فوق الطاولة عدت مجلات متخصصة في الزفاف. اتجهت ناحيته مبتسمة وهي تجره من يديه: - أهلًا حبيبي لماذا تأخرت، تعال كي نختار التصميم والقاعة الآن، فالوقت ضيق جدًا، يجب أن تحسب حساب بأنك لن تخرج من هنا إلا عندما ننتهي من كل تلك الأمور. جلس معها على الأريكة الصغيرة دون أن يفهم ماذا تقول وعن أي قاعة وتصميم تتكلم. رمش بعينيه عدة مرات وهو ينظر لكل تلك المجلات الموجودة أمامه: - لم أفهم ماذا تعنين بأن الوقت ضيق؟ أخذت إحدى المجلات التي قامت بوضع إشارات عليها بالورق اللاصق أصفر اللون لتريه ما أعجبها من التصاميم: - لقد أخبرتك بأننا سنتزوج، وبما أن المشاكل القانونية للمجموعة في طريقها للحل، قررت بأن أستعد للزفاف منذ الآن وربما تقيمه قريبًا فلا داعي للتأجيل أكثر من ذلك. نظر لها ببلاهة: - أي زفاف؟ من الذي سيتزوج؟ وضعت المجلة والتفت له وقد اقترب وجهها منه لدرجة خطيرة وهي تضع سبابتها على صدره: - أنت وأنا سنتزوج ثم نذهب شهر عسل لجنوب أفريقيا. عقد حاجبيه: - جنوب أفريقيا! لعبت حاجبيها في شقاوة: - نعم جنوب أفريقيا، الجو حار فلا نحتاج لملابس كثيرة، كما أنه لا توجد أماكن كثيره لمشاهدتها فقط جولة لمشاهدات الحيوانات البرية، وأنت لا تحبها إذن لدينا الوقت الكافي لأفعل بك ما أريد. أنهت كلامها مع غمزة عين جعلت وجهه يتحول لكتله حمراء من شدة إحراجه؛ هذا أكثر ما تعشق في أيهم خجله كفتاة عذراء، رغم أنه رجل أعمال ناجح وسيم تخطى منتصف الثلاثينيات لكنه لم يقم بأي علاقة عاطفية طوال حياته، بل تكاد تقسم بأنه لم يعاكس فتاة حتى في مراهقته، لولا الشبه الكبير بينه وبين إياد لكانت قالت بأنهما لا يمتان لبعض بأي صفه، فإياد هو النقيض له تمامًا. منذ أن وقع نظرها عليه وقد أصدر القلب فرمانًا بعشقة، حتى محاولاته المستميتة لإبعادها لم تنجح في إخماد ذلك الحب بداخلها، في البداية ظنت بأنه انجذاب لوسامته أو ربما لتكرر قصة والديها فقط، لكنها بعد مرور السنوات تأكدت بأنه زرع نبت في قلبها لتتشعب جذروه حول كافة شرايينها ويصبح النبض خاص به وحده لا يشاركه به بشري. عندما خرجت من غرفة المكتب لم تكن في نفس الحالة التي بدأت بها يومها؛ فقد كان الألم هو الإحساس الذي يعتريها، ليس فقط بسبب ما فعلته فرح، بل بسبب ردة فعل أيهم. بدلًا من أن يوقف شقيقته المجنونة، قام بأخذ صفها وهو متأكد من أنها ظالمة، حسنًا سوف يدفع الثمن بأسرع من ما يظن. أخرجت هاتفها وطلبت رقم كانت تضعه في قائمة الحظر، رأت أيهم يقترب منها من بعيد فتعمدت أن ترفع صوتها: - ويلي حضر نفسك لقد وافقت على عرضك تعال إلى هنا سنقيم الزفاف بعد عشرة أيام. أغلقت الهاتف على صوت ذلك البغيض وليم، دون أن تظهر امتعاضها منه عدلت من شعرها وتعمدت أن تطيل فيما تفعله لتشاهد ردة فعل أيهم. لم يصدق أذنيه، ليصرخ بها دون أن يهتم بأي اعتبارات أخرى: - هل جننتِ؟ كيف يمكن أن تتزوجي به، هو ليس من دينك حتى؟ لم تكلف نفسها عناء النظر له وهي تبحث في حقيبتها عن مفتاح سيارتها الموجود في يدها دون أن تخرجه: - وما المشكلة زواج مدني، ثم ما شأنك أنت بالموضوع أذهب لشقيقتك واسيها ربما تقدر على التخفيف عليها لتقلل السواد الذي بداخلها. - ميلا. -آه، نسيت شقيقتك خط أحمر، اشبع بها. أخرجت يدها التي تمسك بالمفتاح وذهبت من أمامه دون أن تودعه. قد تكون تلك سابقة، لم تفوت ميلا فرصة لتقترب منه إلا واقتنصتها. هل فعلًا قررت أن تتزوج غيره الآن لذلك تتصرف معه بتلك الطريقة. جلس على حافة الرصيف وهو يشعر بأن قبضة جلدية تعتصر قلبه. أخرج هاتفه واتصل بالشخص الوحيد الذي يمكن أن ينقذه في هذا الموقف، بمجرد أن فتح الخط من الجهة الأخرى وبنبرة مملوءة باليأس: - تعال بسرعة أرجوك أحتاج مساعدك في استعادتها أو مساندتك في التخفيف عنِ ألم خسرانها لا أعرف أيهما أصبح الأقرب لي! ***** لم تكمل تالين كلامها حتى شعرت بقبضة يديه تضغط على ذراعها بشدة وصوته يخرج غاضبًا رغم محاولته لخفضه بالضغط على أسنانه: - ماذا قلتِ للتو؟ ذلك اللزج ماذا فعل بغسق وأمام من؟ يبدو بأن كرهِي له جعلنِي أتخيل أمور غريبة. كانت ترتعش وقد آلمتها ذراعها فحاولت أن تخلصها من قبضته: - ساجي لم أخطط لإخبارك، خصوصًا وأن غسق لم تقل لي شيئًا، لقد عرفت بالصدفة البحتة وأعتقد بأنها لا ترغب في أن تعلم عن الأمر، أرجوك لا تخبرها بأنك عرفت عن طريقِي، علاقتنا لم تتحسن سوى مؤخرًا ولا نية لي في خسارتها، كما أن الموضع قد انتهى بسجن ذلك الوضيع لماذا تعيد فتحه الآن؟ لم يبدو عليه بأنه سمع حرفًا مما قالته فقد ترك ذراعها وخرج من المنزل مسرعًا، هُيئ لها بأنه طلب منها إيصال الطفلين لغسق، أو ربما مخيلتها أوعزت ذلك لها لأنه الأمر المنطقي حيث يعني ذلك بأنه لن يذهب لغسق، نعم لا بد بأنه لن يفعل، ربما فقط سيتجول حتى تهدأ النار التي بداخله ثم يعود ساجي الهادئ من جديد، كما قال منذ متى وهو يتصرف بتهور؟ تدعو الله بأن يمر الأمر على خير فقد طالت هذه العائلة مصائب تكفي قارة بأكملها. لا يعرف كيف وصل لشقة إياد بتلك السرعة، أخذ يدق على الباب بقوة كادت أن تقلعه من مكانه لدرجة أن الجيران خرجوا ليروا من ذلك الهمجي الذي يفعل ذلك وربما يقوم أحدهم بالاتصال بالشرطة. فتح إياد الباب في تحفز ليجد ساجي بوجه غير مقروء، في البداية ظن أن السبب هو قضية والدته، ليجره من يده للداخل ويعتذر للجيران عن الإزعاج الذي حصل. لم يكد يدخل للشقة حتى قال بنبرة غاضبة مجروحة لم يعهدها منه إياد: - هل تعرف بما فعله آدم؟ إذا عرف السبب بطل العجب. هذا ما فكر به إياد وهو يجلسه على الكرسي: - اجلس ساجي من فضلك، الأمر ليس كما تتصور. جلس على مضض: - جلسنا، أخبرني ما هو الأمر إذن وكيف لم أسمع بالقصة منك وأنا الذي أعتبرك أخًا لي. - توقف عن اتهامي ساجي، أنا نفسي لم أعلم بالأمر إلا منذ مدة قصيرة، وغسق طلبت تحديدًا بأن لا أخبرك بذلك، كيف تريد مني أن أفعل العكس؟ - أخبرني بكل شيء من بداية زواجها وكيف قام ذلك الحقير ب.. لم يقدر على نطقها مجرد حروف تلك الكلمة تشعره بأن أسهمًا حادة تخترقه لتدمي قلبه العليل. أجلى حلقه وحاول أن تكون نبرته متزنة هادئة قدر الإمكان: - بعد أن تم سجن سراج، جاء آدم يصرخ بأنه وضع الكثير من المال في مجموعتنا وهو يخاف من ضياعه بسبب سجن سراج، وطالبنا بضمانات وإلا سيبلغ الشرطة بكل ما فعلناه. - وما دخل ذلك بزواجه من غسق لا أفهم؟ حاول أن يبسط الأمر قدر الإمكان: - ما فهمته أنه سبق وطلب الزواج من غسق لكنها رفضت رغم أنه أعطاها خيارًا بأن يظل زواجهما على الورق حتى ترتاح له وتحبه كما يحبها هو، لكنها لم ترضى، ذلك اليوم كرر عليها العرض مع تذكريها بأنه يعرف باشتراكها معنا في عملية حماية أصول الشركة، وأن ذلك قد يعرضها للمسائلة القانونية. - الحقير ال... ابتزها لتتزوجه؟ كيف وافقت على ذلك بل أنت من شهدت على عقد زواجها! لا أصدق بأنك فضلت مصلحتك الشخصية وضحيت بغسق في سبيل ذلك. ثار إياد من كلمات ساجي المجحفة: - أي مصلحة شخصية، إنها مصلحتنا كلنا المجموعة بأكملها، هل تعرف ماذا كان سيحدث لو أبلغ آدم عن غسق؟ - لا شيء. تراجع إياد فقد صفع من رد ساجي. تابع بنبرة صارمة: - لم يكن ليحدث شيء مجرد زوبعة في فنجان، ربما طال حبس سراج، أو تأخرنا في إعادة اسمنا وسمعتنا للسوق، غير ذلك ما كان ليفعل تهديد آدم شيء، كل ما فعلته غسق قانوني من تحويل الأموال لبيع شركة الالكترونيات وحتى شرائها للأسهم، لم أكن لأعرض غسق لأي شيءٍ غير قانوني وأجازف باحتمال تورطها ولو واحد بالمليون؛ لكنك لم تفكر بالأمر بل سارعت ورميتها في خط النار غير مهتم لما قد يترتب على ذلك. مرر يديه على شعره بحركة عصبية: - لا أعرف لم أتوقع أن يفعل ذلك، أعني كان يبدو متيم بها لم أتوقع أن... - لم تتوقع! لا تمزح معي أنت لم تهتم من الأساس، لو كانت فرح مكانها هل كنت ستقبل بذلك الزواج حتى وإن كان متيم بها؟ صرخ به بشدة مستنكرًا: - توقف عن اتهامِي، أنت من وضعتها في خط النار أولًا فلا تلمني على اتباع خطواتك، ثم إنك تعرف بأن علاقتي بغسق لم تكن يومًا بذلك العمق ولا القرب هي فقط صديقة فرح وزوجتك أكثر من ذلك لا تجمعني بها علاقة، الأشهر التي قضيتها هنا هي التي قوت علاقتنا، رغم ذلك لايزال بيننا حد؛ على الاقل أنا صادق مع نفسي ولست مثلك. مرت برهة من الزمن قبل أن يسأل ساجي: - أين هو الآن؟ - ماذا تريد منه؟ لقد أخذ جزاءه؟ - أين هو في أي سجن؟ تعرف بأني قادر على الحصول على مكانه بسهولة، لكني أعطيك فرصة حتى تثبت ولائك لي. - لست متأكد أعطني خمس دقائق فقط. - أرسل لي اسم السجن. قالها وخرج من الشقة تاركًا إياد يفكر فيما حدث، هو فعلًا محق لم يفكر في غسق ولا مصلحتها، بل إنه لم يكلف نفسه عناء الاتصال بساجي ليخبره بعرض آدم، الحقيقة بأنه خشي أن يوقف ساجي الزواج فيخسروا كل شيء، دون أن يفكر بأنه يرمي بغسق في مرمى النار من أجل مصلحته. خرج من شقة إياد هائمًا من دون وجهة محددة، لا يصدق الذي حدث لغسق وكان هو السبب فيه؛ كيف لم يحسب لذلك حساب وهي من أخبرته بلسانها بأن آدم تقدم لخطبتها! ألم يفعلها سابقًا! هو من أعماه الكبر وجعله يستهين بآدم كخصم له؛ بل إنه ضرب بكل شيء عرض الحائط وتركها مع رضيع في الحضان في محاولة بائسة لإنقاذ شقيقه لم تنجح إلا في جعله خائن أكثر في عينيها، ترك ابنه ليقف مع زوجته في عزاء والدها، وهو لم يكن يعرف بوفاة خالد إلا بعد وصوله للوطن. مهما كانت المبررات هو السبب الرئيسي لما حدث لغسق، كما كان السبب في مصيبة عمته! هذا هو ساجي كما كان يقول جده ووالدته، يتسبب في أذية كل من يحب بأكثر الطرق إيلامًا ثم يدعي أنه الضحية. تعلم أن يكتم مشاعره بداخله ولا يظهرها أبدًا، حتى أنه يستغرب نفسه مع غسق عند يقومان بتلك الرحلات المسروقة من الزمن، ومع طفليه اللذان يخرجان منه مشاعر مختلفة لم يكن يعرف بوجودها من قبل. إلى متى يظل في تجاوز ما يؤذيه وهو صامت حتى اعتقد الجميع بأنه لم يتعثر يومًا؟ إلى متى يا تُرى يستمر ذلك الوضع؟ من التالي في القائمة؟ ولديه، أو ربما شقيقته، لا يعرف ربما عليه أن يبتعد عن الجميع كي يجنبهم أذيته. سمع صوت القطار من بعيد فقرر بلحظه يأس أو ربما قلة إيمان أن ينهي حياته ويجنب الجميع المزيد من الألم. ****** استغربت غسق بأن حكيم هو من أحضر الطفلين، صحيح لم تسأله عن السبب حتى لا تحرجه لكنها شعرت بأن هناك شيئًا غير طبيعي. قررت تجاهل حدسها وإمضاء باقي النهار مع الصغيرين، فقد اشتاقت لهما بشدة، بعد عدة ساعات معهما ما بين إطعام وتغيير ولعب لا ينتهي خصوصًا وأنهما قد بدءا الزحف بل أصبحا يتنافسان من منهما أسرع من الآخر فيه، جاء وقت النوم الذي يعتبر معركة بالنسبة لها فعندما ينام تيم يوقظه تيام والعكس صحيح. بصعوبة استطاعت أن تنجح في الانتهاء من تلك المهمة الصعبة؛ اليوم كان صعب لعدم وجود المربية فقد أخذت إجازة لعدة أيام وهي تستحقها مع تعبها مع غسق والأطفال لعدة أشهر. شيء واحد لاحظته أن تنفس تيام غير منتظم، في البداية لم تعر الأمر اهتمام كبير، لكن قلب الأم جعلها تنهض كل عشر دقائق لتتأكد من تنفسه، رغم وجود الكاميرا لترى بها الصغير، لكن قلبها أنبأها بأن وضعه ليس جيدًا. قرابة الفجر ذهبت للمرة المائة ربما لتفقده لتجد شفتي تيام زرقاوان ولم تجد نبضه عندما حاولت أن تحس به! ******* حوادث الموت تحت عجلات القطار، رغم كل التأمينات التي تتبعها خطوط السكة الحديد، إلا أنها للأسف تحدث، بعضها غير مقصود والأغلب يكون انتحارًا، وهذا الحادث لم يختلف عن الباقي، شخص يئس من الحياة قرر أن ينهي حياته بأكثر الطرق فعالية وربما إيلامًا، المهم بأنه نجح في مسعاه هذا رغم محاولة رواد محطة القطار من منعه دون جدوى. سمع أحدهم صوت رنين هاتف يتصاعد كأنه يطالب صاحبه بالرد عليه بسرعه، انحنى الرجل ليلتقطه عله يعرف صاحبه منه، فهو يشك بأنه تابع للمتوفى. استغرب اللغة المكتوب بها الاسم، فهي ليست لغة البلد بالتأكيد، ما جعله يشك بأنه ينتمي للمتوفي، فهو شاهده قبل أن يقفز وكانت ملامحه حتمًا أجنبية. فتح الخط ليخرج صوت غسق وهي تبكي بحرق: - ساجي تعال بسرعة تيام... قاطعها فهو لم يفهم حرفًا من الذي قالته: - سيدتي هل تفهمين لغتي؟ قالت بلغته وقد شعرت بأن هناك خبر آخر سيء في الطريق لها: - من أنت؟ وأين هو صاحب هذا الهاتف؟ - أنا وجدت الهاتف في محطة القطار أما عن صاحب الهاتف بكل أسف أبلغك بأنه انتحر منذ قليل. انتهى الفصل | ||||
|  |
|
10-07-22, 11:26 PM
| #275 | ||||
| يااهلين ومرحبتين اتوقع الي انتحر ماهو ساجي اي مسلم صحيح الاسلام لايمكن ان ينتحر حتى لومر عليه لحظات يوسس له الشيطان بالانتحار لايمكن ان يسمح لها بالاستمرار ولو حصل وحدث حالات انتحار لمسلمين مستحيل تحدث من مسلم منتظم وملتزم بصلاته لان الصلاه تنهى عن الفحشاء والمنكر والالتزام بجميع فروضها خصوصا الفجر يحتاج لجهاد ومجاهده وجهاد النفس لايكون الامن شخص عاقل واعي ومقتنع بدينه قد يحدث من المصابين بالاكتئاب وقبل ان يصلو لهالمرحله بيكونون تخلو عن الكثير من فروض الصلاه اما ساجي رجل قوي عاقل نعم عليه ضغوط نفسيه قويه نعم محبط نعم وسوس له الشيطان بالانتحار لكن لن ينتحر مهما كلفه الامر لن ينتحر يبقى جواله ليه طايح ممكن يكون جاه اتصال وبعد ماخلص شاف الشخص الي انتحر فسقط الجوال من يده لهول المنظر ولفضاعة تفكيره ان يقدم هو بنفسه على نفس المشهد الي قاعد يشوفه في اللحظه ذي مجرد مايدرك انه كاد يقدم على كبيره تنهي اخرته وتخلده في النار هذا لوحده مفجع ويحتاج لوقت حتى يستعيد توازنه ويصفي ذهنه وقبل كل ذالك يتوب من ذنب التفكير في الانتحار | ||||
|
| |
|
11-07-22, 04:21 AM
| #277 | |||||
| اقتباس:
مع اضافه شي بسيط بعض الامراض النفسيه للاسف تؤدي للانتحار رغم تدين الشخص نجي لشخصيه ساجي هو فعلا رجل قوي وكونه ينتحر مش منطقي يمكن لو آدم ممكن ؛ كمان هو اصبح اب وعايز يعوض ولاده شفتي خليتني احرق الاحداث 🙄 عموما الفصل الجاي كله حيان احتمال ينزل الثلاثاء مش الاربعاء ❤ شكرا لمتبعتك💐 | |||||
|
| |
|
11-07-22, 04:22 AM
| #278 | |||||
| اقتباس:
لو تحبوا انزل بارت يوم الثلاثاء بدل الاربعاء عشان عندي ظروف او انزله الاحد عادي ؟؟؟ | |||||
|
| |
 |
| الكلمات الدلالية (Tags) |
| #رواية#ماضي#غسق#حب#رومانسية# يتم#خيانه#زواج, #غسق#زواج#رومانسية#خيانة#حب# خداع#إجتماعي#موت#زواج_ثاني#� �م#اقارب |
| أدوات الموضوع | |
| انواع عرض الموضوع | |
|
|
1417Likes
العرض العادي
