آخر 10 مشاركات
روايه روحي لك وحدك للكاتبه (ريم الحجر) روايه رائعه لا تفوتكم (الكاتـب : nahe24 - )           »          رهان على قلبه(131) للكاتبة:Dani Collins (الجزء الأول من سلسلة الوريث الخاطئ)*كاملة* (الكاتـب : Gege86 - )           »          روزان (الكاتـب : نورهان عبدالحميد - )           »          ذكرى ضاعت منه(132)للكاتبة:Dani Collins (الجزء الثاني من سلسلة الوريث الخاطئ)*كاملة* (الكاتـب : Gege86 - )           »          فِتْنَة موريتي(103) للكاتبة:Katherine Garbera(الجزء2من سلسلة ميراث آل موريتي) كاملة (الكاتـب : Gege86 - )           »          خذني ..؟ -ج1 من سلسلة عشقٌ من نوعٍ آخر -قلوب قصيرة - للرائعة ملاك علي(كاملة& الروابط) (الكاتـب : ملاك علي - )           »          استسلمي لي(164)للكاتبة:Angela Bissell (ج1من سلسلة فينسينتي)كاملة+رابط (الكاتـب : Gege86 - )           »          وكأنها رملة..! (59) -قلوب نوفيلا- للآخاذة: eman nassar [مميزة] *كاملة &الروابط* (الكاتـب : eman nassar - )           »          الزوج المنسي (10) للكاتبة: Helen Bianchin *كاملة+روابط* (الكاتـب : raan - )           »          [تحميل] تائهون إلى أن يشاء الله ، للكاتبة/ رررمد " مميزة " ( Pdf ـ docx) (الكاتـب : فيتامين سي - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > الروايات الطويلة المكتملة المنفردة ( وحي الأعضاء )

Like Tree1417Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 03-08-22, 03:30 AM   #331

ام حاتم الطائي

? العضوٌ??? » 464229
?  التسِجيلٌ » Apr 2020
? مشَارَ?اتْي » 345
?  نُقآطِيْ » ام حاتم الطائي is on a distinguished road
افتراضي


موفقه
والي الامام

ريما نون likes this.

ام حاتم الطائي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 03-08-22, 05:49 AM   #332

ريما نون

? العضوٌ??? » 484937
?  التسِجيلٌ » Feb 2021
? مشَارَ?اتْي » 802
?  نُقآطِيْ » ريما نون is on a distinguished road
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ام حاتم الطائي مشاهدة المشاركة
موفقه
والي الامام
شكرا ياقمر بتشجعكم اكيدا❤❤❤


ريما نون غير متواجد حالياً  
التوقيع
ريما معتوق رواياتي
غسق الماضي
س وس
سيل جارف
رد مع اقتباس
قديم 03-08-22, 07:02 PM   #333

ريما نون

? العضوٌ??? » 484937
?  التسِجيلٌ » Feb 2021
? مشَارَ?اتْي » 802
?  نُقآطِيْ » ريما نون is on a distinguished road
افتراضي

الفصل الثامن والأربعون
شكك في البداية عندما وصلت له معلومة عن مكان أبناء شقيقته الراحلة، خصوصًا وأن مسألة موتهم شبه مؤكدة.
لكن حديث المحقق الذي كان يتولى أمر التحقيق في قضية وسام منذ أن عرف بما يفعله عن طريق الحارس (عندما قبض عليه في قضية مقتل سعد وملاك)
بأن التحقيقات التي لديه لا تؤكد موت الأطفال!
جميع التحريات التي أجراها لا يوجد بها دليل واحد على قتلهم؛ الصور والفيديوهات تؤكد بأن رجال وسام أحضروا أجوله يعتقد أن بها جثث الأطفال؛ لكن لم يحضر أحد منهم عملية قتلهم.
ما أكد شكوكه أن وسام قبل عملية قتل سما وسميحة، قام بأخذ أولاده وأخيه إلى رحلة برية لعدة أيام عاد منها لوحده، وقد ظهر شقيقه بعدها في دولة مشهورة بالمدارس الداخلية والبنوك التي يقوم الكثير من رجال الأعمال والسلطة بتخبئة أموالهم بها.
بمساعدة من ساجي تحصل على الكثير من المعلومات المفيدة كما أنه استطاع أن يحدد له اسم المدرسة الداخلية التي يوجد بها أولاد شقيقته الراحلة.
الأمر كان شاقًا عليه نفسيًا أكثر منه جسديًا، عدة أشهر وهو يبحث ويدقق ويتأكد من مكانهم، بل يتأكد بأنهم لايزالون على قيد الحياة.
وصلت الطائرة لمحطتها لينزل منها مع يحيى، أرادت سمر أن ترافقه في الرحلة لكنه رفض، لم يضمن ردة فعلها عند رؤية الأطفال، صحيح هي تحبهم وقد سعدت كثيرًا بخبر وجودهم على قيد الحياة، لكنها لازالت تعاني من فقدان سعد ويخاف أن تلومهم على فعلة أمهم!
وضع الحقائب في الفندق واتجه مباشرةً إلى المدرسة الداخلية؛ الحصول على أمر أخذهم منها لم يكن سهلًا أبدًا، خصوصًا أن وسام لم يعطي تصريح لأحد بذلك فهو المسؤول الوحيد عنهم، كما أنه لم يقم بوضعهم بأسمائهم الحقيقة، بل مستعارة.
القضية وأمر إلقاء القبض على وسام هي من ساعدته في أخذ الوصاية القانونية كما أن شقيق وسام أعطاهم الأسماء الجديدة وكافة البيانات؛ حتى لا يتورط في قضية خطف وإخفاء أدلة بل ما هو أسوأ من ذلك مثل التورط في باقي أعمال وسام.
وصل بعد أكثر من ساعة لمكان المدرسة الداخلية فهي تقع خارج المدينة، تبدو كصرح عملاق مُسيجة بالكامل، بعد قليل كان في غرفة المديرة مع يحيى ومندوب من السفارة بالأوراق اللازمة لأخذ الأطفال؛ لم يهتم بالحديث الدائر بين المديرة ومحامي المدرسة من جهة وبين مندوب السفارة من جهة أخرى، بل كان متوتر من اللقاء فهو منذ موت ملاك لم يراهم، تُرى ماذا ستكون ردة فعلهم عندما يجدوه أمامهم.
وضع يحيى يده على ركبته التي لم تتوقف عن الاهتزاز دليلًا على تصاعد حدة توتره ليرفع عينية له.
- بصوته الهادئ يطمئنه:
- كل شيء سيكون بخير، لا تقلق.
مرت فترة بدت له دهرًا حتى سمع دقات على الباب ودخلت إحدى المدرسات من خلفها الأطفال، عبدالله كان أول من جرى نحو يحيى يحتضنه وهو يبكي، وبعده أحمد احتضن خاله سامي، أما علي لم يبدي أي ردة فعل، فقط انتقل بنظراته بين يحيى الذي احتضن عبدالله بدوره وأخذ يهدأ من روعة، وخاله سامي الذي كان يبكي مع أحمد وهو يقبل وجهه ورأسه.
بعد انتهاء الإجراءات أخذ سامي الأطفال معه للفندق ليبتوا ليلتهم هناك ثم يعودوا للوطن صباحًا، لم يغب عليه أن علي جامد معه ومع يحيى، بل مع شقيقيه أيضًا، وهذا ما أخبر به سمر التي لم تتوقف عن الاتصال بهم هي وهبة، ليكونا في الصورة.
وصلوا في اليوم الثاني للوطن، لم تتوقف سمر عن السير بين البوابة والمنزل منذ ساعات الصباح الأولى، حتى تركت علامة مكان خط سيرها، رغم رغبتها في استقبال الاطفال في المطار لكن سامي منعها من ذلك كذلك فعل يحيى؛ الكل يخاف ردة فعلها، لماذا لا يفهمون؟ هبة أيضًا فقدت طفلة لماذا يعتقدون بأنها ستكون ظالمة معهم؟
من التي جربت انتزاع جزء من قلبها ونصف روحها، من التي جربت مرار الاستيقاظ في الليل والذهاب لغرفة سعد لتتأكد من تنفسه فتجد غرفة خالية حتى من رائحته الزكية، من جربت أن تشتري له وجبته المفضلة لترميها بعدها بعد أن تتذكر بأنه لن يأكلها وتخشي من حزن طفلها الآخر!
محمود، الذي كادت أن تفقده هو الآخر في رحلة حزنها على بكرها!
نسيته وهي غارقة في حزنها بل ربما جزء منها لامه على ما حدث، وابتعدت عنه دون أن تدري؛ حتى جاءها يومًا من المدرسة وقد تلطخت ملابسه بالتراب وظهرت كدمة على وجنته، وكان يحمل معه إنذار بالطرد من المدرسة.
لم يجبها عندما سألته عن ما حدث رغم كل محاولاتها معه، لتفاجأ باليوم التالي بأن محمود أصبح عنيفًا مع زملائه في المدرسة وقام بضرب أكثر من زميل له فقط لأنه قام بأخذ قلم منه أو حتى اللعبة التي معه!
عندما عادت للمنزل وقامت بتوبيخه صرخ بوجهها لأول مره في حياتها، محمود الذي لايزال في الحضانة يخبرها بأنها لا تحبه وتتمنى لو أنه مات بدلًا عن سعد، والأكثر إيلامًا هو أنه واجهها بحقيقتها ولومها له.
- لو كنت قويًا لكنت حميت سعد، ولم يذهب عند جدي مع ملاك، لذلك لن أجعل أحد يؤذيني وأكون قوي.
ربما لم تكن كلماته منظمة لكن المعنى وصل وبقوة!
أنتِ تلوميني على موت سعد وأنا سأكون قوي كي لا أخذلك مرة أخرى.
أي ألم تحمله الصغير بسنوات عُمره التي لا تتعدى اليد الواحدة، كيف سمحت بأن يحدث له ذلك كيف؟ وتدعي بعدها بأنها أم جيدة وتحب أبنائها.
قررت يومها أن تسامح نفسها على ما حدث لسعد كي تقدر على تخطي المسألة، صحيح بأنها لم تسامح سما أو أمها رغم محاولتها وادعائها ذلك، لكن قلبها لم يقدر أن يصفى من ناحيتهما، ليس تناقض ولا نفاق لكن ما فعلاه لا يغتفر، هي فقط تتمنى أن لا تراهما مرة أخرى، أما أمام الله وقتها لن تكذب بل ستطالب بالقصاص، وما أصعب قصاص الله وقتها!
سمعت صوت محمود يصرخ فرِحًا هو وهنا ويجريان نحو سيارة سامي التي دخلت للتو دون أن تلاحظها، يحيى أول من نزل من السيارة ليفتح الباب الخلفي وينزل الأطفال، نزل عبدالله وجرى يحتضن محمود وهنا وخلفه أحمد فعل المثل، أما هي بقت مكانها تنظر للمنظر أمامها، البراءة في أبهى صورها.
رفعت نظرها لتبحث عن علي الذي كان يقف بعيدًا خلف السيارة كأنه يختبئ بها عنهم، رغم جمود ملامِحُه إلا أنها استشفت الخوف والحزن وبعض من الذنب في نظرة عينيه، شعرت بقلبها ينقبض ها هو طفل آخر يدفع ثمن ذنب لم يرتكبه!
صحيح علي كان أكبرهم وربما فهم ما حدث من قتل والدته لسعد وما تلاهُ من أحداث؛ لكن ما هو ذنبه هو أول من ركض محاولًا انقاذه، هو من شهد ضد سما وبكى حرقة على سعد وملاك، والآن يحمل نفسه ما لا طاقة لبشر على تحمله.
تركت هبة تحتضن عبدالله وأحمد وذهبت باتجاه علي الذي تراجع لا إراديًا كأنه يخاف ردة فعلها.
خدشت الدموع حدقتها لهذا الفعل، لكنها نجحت في حبسها ورسمت ابتسامة واسعة محبة على وجهها وهي تحضنه عِنوة:
- لقد كبرت لكني لازلت أقدر على حملك.
حملته وهي لا زالت تحتضنه ليطلق ضحكة محرجة تلتها أنهار من الدموع وهو يقول كلمات غير مفهومة وهو يهز رأسه ويضرب على صدره بقبضة يده، لتمسك رأسه كي يكف عن الحديث وهي تقول له من بين دموعها:
- لا بأس أعرف بأنه لا ذنب لك، أعرف أنك حاولت إنقاذه وأعرف بأنك أجبرت على السكوت في التحقيق، أنا لست خالتك أنا أمك الآن.
ارتمى هذه المرة من نفسه في حضنها ليكمل البكاء وهي تربت عليه بحنان.
بعد نهار طويل بين اللعب ومحاولة إطعامهم ليناموا أخيرًا، أحمد وعلي في غرفة سعد بعد أن جهزتها لتكون لهما، أما عبدالله أصر أن ينام بقربها بعد أن قصت عليه حكاية قبل النوم؛ عبدالله كان يتدلل عليها كما كان يفعل سابقًا، وهو ومحمود كانا مثل التوأم
فالفارق بينهما عدة أشهر فقط، كان يتشاركان اللعب وحب ودلال سمر لهما، صحيح أن سما كانت تنهره دائمًا عندما تجده جالس في حضن سمر، بل تسمعها كلامًا مؤذي، لكنه كان يقتنص أي فرصة لغياب والدته ليتمتع بدلال سمر الذي تغدقه عليه دون حساب، وها هو الآن يريد المزيد منه وهي لن تبخل عليه خصوصًا أن محمود سعيد جدًا بوجوده معه.
صباح اليوم التالي على الإفطار تجمعت العائلة في منزل سامي، بسبب ضجة الأطفال ولعبه بالطعام أخذ الإفطار وقتًا أكثر من المعتاد، فطلب سامي من سمر أن تتبعه لغرفة المكتب.
- سمر لقد وافقت أن يقيم الاطفال معك البارحة لكنهم سينتقلون للعيش في منزلي.
قاطعته سمر التي بدت هادئة:
- لقد وصلوا لمنزلهم ولن يتحركوا منه، يكفي ما عَانوه في الفترة السابقة.
- سمر أنا خالهم والأولى بتحمل مسؤوليتهم والصرف عليهم، ماذا سيقول الناس إذا تركتهم يعيشون في منزل رجل غريب.
- يحيى رجل غريب!
شعر بفداحة ما نطق به:
- لا أقصد هذا المعنى بالطبع، أعني ما سيقوله الناس عنا.
- وما شأننا بالناس! من حزن معي على فراق سعد أو حتى ملاك؟ ثم ماذا ستفعل عندما يكبر الأطفال ويصبحوا في مرحلة المراهقة والشباب وأنت لديك فتاة وزوجتك حامل الآن؟
هل ستقوم بنقلهم لمنزل ثالث أو رابع حتى لا يتكلم الناس؟ أفضل وضع لهم هو بقائهم معي، ليست لدي ابنه كما أني لن أنجب المزيد من الأطفال، تعرف بأن سعد ومحمود كانا معجزة، وحتى بعد أن اختار الله أن يأخذ سعد رزقني بثلاثة بعده ليخفف عني وحشة بعده.
أغمضت عينيها لتنزل دموعها التي ظنت أنها جفت من كثر البكاء، وتابعت بصوت محشرج:
- أما بشأن المصاريف لن يصرف عليهم أحد، علي حساس للغاية هو بالكاد يأكل لقد قمت بإجباره تقريبًا ليكمل طبقه؛ لذلك سنقوم بوضع حصة أمي في الشركة التي ورثناها منها باسمهم بنسب متساوية ونفتح لهم حساب توفير للمكاسب، عندما يكبرون يجدون ما يعتمدون عليه بعيدًا عنا، سامي لن نكرر ما حدث لنا في طفولتنا، يجب أن نعزز ثقتهم ونبعد عنهم الشعور بالذنب، لا أن نقوم بنقلهم من مكان لآخر كأنهم خرفان ينتظرون النحر.
رغم أن كلامها لم يرق له، لكنها محقة المهم مصلحة الاطفال الآن، والاهم حمايتهم من وسام فهو لا يعرف ماذا ستكون خطوة القادمة بعد أن يعرف بأن الاطفال باتوا في وصايته الآن.
******
تجمد في مكانه عندما سمع جملتها، لم يصدق أذنيه واعتقد بأن عقله هيئ له ذلك؛ لكن ابتسامتها جعلت قلبه ينبض بقوة وعينيه تلمعان بِبحر من العشق يفوق عمقًا البحر الذي خلفها، ابتسامة ساحرة ارتسمت على شفتيه مال ناحيتها يود اقتناص الفرصة لينهل من شهد شفتيها، لكنها دفعته ليتراجع للخلف وكتفت ذراعيها تنظر لها بحاجب مرفوع.
زفر وفتح زرًا أعلى قميصه مع فكه لربطة عنقه، ليقول بصوت عميق:
- حسنًا سأنتظر حتى عقد القران ، وليكون الله في عوني.
بهدوء تام وهي تسبل عينيها:
- أي عقد قران؟
اتسعت عينه واندفع يقول وهو يقترب منها بسرعة لدرجة تراجعت معها:
- ألم توافقِي للتو على عودتكِ لي؟
هزت رأسها بِبطء في علامة نفي:
- وافقت على اعطائك الإذن بطلب يدي للزواج.
عقد حاجبيه وقدم رأسه للأمام قليلًا عله يسمع بشكل أوضح، ليقول بنوع من الغباء:
- وافقتِ على الموافقة على طلبي للزواج بك! ماذا يعني ذلك لم أفهم؟
عضت خدها من الداخل حتى لا تضحك وهي تضع قناع البراءة على وجهها:
- ماذا بك ساجي؟ أحيانًا أعتقد بأن لديك خلل في الاستيعاب! ألم تقل أنك لن تقوم بمضايقتي بطلبك للزواج مرة أخرى حتى أوافق أنا! أنا الآن أعطيك موافقتي، حاول أن تقنعني بالزواج بك من الجديد، وإذا اقتنعت يمكنك طلب يدي رسميًا من سامي؛ المهم الآن المكالمة التي تلقيتها منذ قليل عرفت منها معلومات مهمة قادرة على إخراج زوجة خالي من سج..
قاطعها وهو يقول بصوت مصدوم:
- ماذا تعنين بأن أخطبك من سامي؟ ما شأنه هو بكِ، أنتِ حتى لا تعرفينه جيدًا، تريدين مني أن أذهب وأطلب منهُ يد زوجتي؟
مطت شفتيها و قالت بنبرة هادئة بدت له مستفزة للغاية:
- هذا كل همك من ما قلته؟ يجب أن أوافق عليك في الأول وبعدها تأتي خطوة الخطبة، ثم أنا لست زوجتك بل طليقتك ولأني تزوجت بعد طلاقي منك، تعتبر هذه أول زيجه لنا، إذا وافقت طبعًا.
كانت تضغط على كل حرف تنطق به عن قصد، وهي تراقب ردة فعله، تريد أن تعرف إلى متى يقدر على التحمل، وهل حبه الذي بدا لها مؤخرًا واضح وضوح شمس عامودية في الصحراء خالية لا يمكن لشيء حجبه، هو حقيقي أم هي تخيلته؟ وهو مجرد رغبة في امتلاكها من جديد أو ربما من أجل الطفلين! ومن قال بأنه نسي زواجها من غيره، بل هي تنتظر منه طفل! ربما هذا سبب مماطلتها له؟
- إذا كنتِ تقصدين أن أنتظر إلى أن ت..
قاطعته بسرعة حتى لا يكمل:
- قصدي واضح ساجي، إن لم تفهم فهذه مشكلتك، عن إذنك لدي حديث مهم مع سابين.
لم تعطيه الفرصة ليستوعب ما قالته، خرجت من الشرفة بخطوات سريعة وظل هو ينظر لأثرها دون أن يتحرك قيد أنملة.
لقد أصبح بطيء الاستيعاب فيما يخصها، بل بات أقرب للغبي منه لساجي رجل الأعمال سريع البديهة الذي لم تقف أمامه صفقة أو مسألة صعبة إلا وقام بحلها، لماذا يقف مثل الطالب البليد أمامها؟
دخل للقاعة يبحث عنها فوجد إياد وسراج يجلسان على نفس الطاولة لوحدهما، ليتقدم ناحيتهما ليخبرهما بما دار بينه وبين غسق من حديث في الشرفة.
كان سراج وإياد منحنيان بجذعيهما إليه يصغيان في اهتمام بالغ كأنه يخبرهما عن صفقة القرن!
حرك سراج إصبعه السبابة على جبهته وهو يقول بصوت خفيض:
- ربما تحاول كسب وقت حتى موعد ولادتها؟
ردد إياد في دهشه وبصوت عالي:
- ولادتها؟!
- ألا تعرف بأن غسق حامل؟
- ربما هي ليست حامل وأنت فقط تتخيل ذلك ساجي.
تنهد ساجي:
- صدقني الأمر لم يعد يعنيني كثيرًا لقد تقبلت فكرة حملها من آدم، بالنهاية أنا من سلمتها له على طبق من فضة.
عقد إياد يديه وهو يقول في صرامة:
- لست مقتنع بفكرة حملها كما أخبرتك سابقًا، أعتقد بأنها تريد أن تحفظ كرامتها بجعلك تطلب يدها من ابن عمتها فقط.
رد سراج عليه:
- لا أوافق، هي طلبت منه أن يقنعها بالموافقة على الزواج أولًا؛ إذًا هي تريد طريقة رومانسية لطلب الزواج وليس طرق ساجي التي لا يعرف غيرها، تزوجيني وإلا، تزوجيني كي أفعل ما تريدين، أليس لديك غير الاجبار ولوي الذراع؟
بلهفة من وجد حل لمعضلة لا يمكن حلها:
- هل تعتقد ذلك؟ سهلة سوف أبحث في مواقع الانترنت عن طرق رومانسية لعرض الزواج.
صرخ به سراج هذه المرة:
- هل أنت أحمق؟! بربك ألم تتعلم من المرة السابقة؟
- هلا توقفت عن تذكيريِ، ماذا تريد مني أن أفعل؟
رفع إياد كتفيه وقلب كفيه مع انحِناءة بسيطة للرأس وهو يقول:
- استفتي قلبك، هو من سيدلك على الطريقة الصحيحة.
لم يبدُ أنه اقتنع بكلام إياد، فقال بنفاذ صبر:
- وماذا عن طلب يدها من سامي! لست مقتنع بذلك، متى أصبح وكيلها كي أطلب يدها منه؟ ولا تقلي لي قصة رد كرامتها تلك، كيف يكون تدخيل شخص غريب رد كرامه لها؟
التهم من قطعه الكيك التي وضعها النادل أمامه وهو يقول:
- بل هي كذلك، لا تنسى بأنه في المرة الأولى لم يكن لها رأي من الأساس؛ أبي من تولى كل شيء، والآن هي تريد أن يتم كل شيء بالطريقة الصحيحة، سواء وافقت أو لا سامي هو الوحيد الذي تعرفة من عائلة والدها إذًا هو من يجب أن تطلب يدها منه، إذا استطعت اقناعها بالزواج أولًا.
خلل شعره وهو يفكر بأن العمل على حل مشكلة الشركة والافلاس أسهل من فهم ما تريده غسق!

***********
لم تنتظر ميلا كثيرًا بمجرد خروجها من الحمام طلبت من النادل أن يحضر لها عصير هي والعريس؛ عندما فعل طلبت من أيهم أن يأتي ليتبادلا العصير، وطبعا كانت فرح ملتصقة به، بخفه قامت بإسقاط الحبوب في كأس أيهم دون أن يلاحظ أحد، ولأن فرح باتت مكشوفة لها فقد حدث ما توقعته بالضبط؛ قامت فرح بالوقف بالمنتصف وأخذت كأس العصير من أيهم عندما كان يحاول أن يقربه من شفتي ميلا لتشرب منه، لم تخفى على سراج ابتسامة ميلا وهي ترى فرح تتجرع العصير مرة واحدة.
اتسعت عينيه على أقصى اتساعهما لينهض من كرسيه بقوة جعلت الكرسي يقع للخلف، لم يهتم بل جرى باتجاه فرح ليمنعها من أن تنهي كأسها، لكنه وصل متأخرًا.
نظر لميلا بغضب وقد احمرت عينيه، لتقابلهما عيني ميلا المتحدية وقد رسمت ابتسامة متلاعبة على شفتيها وقالت بنبرة فهم مغزاها جيدًا:
- شكرًا سراج، لقد نفذت اتفاقنا بالملي، والآن عذرًا فلدي الكثير لأفعله مع عريسي، اعتني أنت بزوجتك.
تأبطت ذراع عريسها وقادته حيث المصور ليلتقط صور لهما من جديد.
أما فرح فقد أمسكت ذراع سراج تلفه لها وقد اشتعلت النار بداخلها من كلمات ميلا:
- ماذا تعني الديك الشركسي بما قالته؟ ما هو الاتفاق الذي بينكما؟!
ابتلع ريقة بصوت مسموع وقام بمحاولة ضمها إليه دون فائدة، ليمسح عرق بارد ظهر على جبهته:
- لا بد أنها تقصد موافقتي على أن أكون وكيلها و..
قاطعته وهو تضيق من عينيها:
- لم أحاسبك بعد عن فعلتك تلك دون أن تخبرنِي عنها، بل إنك استغليت سفري لتساعدها في إتمام الزفاف بسرعة!
- فرختي تعرفين بأن أيهم وميلا قررا الزواج، سواء ساعدتها أو لا لن يشكل ذلك عائقًا أمامها، أنا فقط حرصت على أن لا تنقطع حبال الود بيننا، فهو شقيقك الأكبر في النهاية وهي أصبحت من العائلة، ألا يكفي السعادة البادية على وجهه منذ أن دخل للقاعة!
ألقت نظرة على شقيقها وهو مسرور بالتقاط صور مع عروسه وقد ظهرت عليه السعادة بالفعل!
تلك الابتسامة التي زادته وسامة، وميض عينيه، إشراقة وجهه، حتى طريقته في إلقاء التحية على الحضور تظهر مدى الفرح الذي يسكن قلبه، بدا كأنه صغر في العُمر سنوات مع تسريحة شعره الكلاسيكية وتلك الزهرة التي وضعها في ثقب سترته لتتماشي مع باقة الورد التي تحملها عروسة.
لا إراديًا ارتسمت ابتسامة صافية على شفتيها، ها هو شقيقها الذي كانت تظن بأنه سيمضي باقي عُمره لوحده يحظى أخيرًا بحب حياته!
همس في أذنها:
- فرح تبدين متعبه لماذا لا تصعدي لغرفتنا لترتاحي قليلًا؟
نظرت له متشككة:
- من قال أني متعبه؟ أنا في أحسن حال؛ ثم إن الحفل لم ينتهي بعد، بعد قليل سوف تأتي كعكة الزفاف ويجب أن أكون بجانب أخي كي..
أمسكها من ذراعها يحثها على المشي وهو يقول في محاولة لكسب الوقت قبل أن يبدأ مفعول المنوم:
- أيهم لا يريد سوى ميلا الآن بقربة، اساليني أنا عن شعوره في هذه اللحظة، كما أنكِ لم ترتاحِي منذ الصباح وهذا الفستان ضيق هيا بنا كي تخلعيه، سوف أساعدك، لكن أولًا يجب أن نذهب للغرفة وإلا قمت بذلك هنا، لم يعد لي القدرة على التحمل صدقيني!
ضحكت بدلال ليسرع في مشيته قبل أن يرتكب فعل فاضح أمام الكل وهو يسب ميلا في سره.
*************
في غرفة سابين وإياد.
كانت سابين شبه مستلقية على الأريكة وهي تصغي لغسق بتركيز شديد.
بعد أن أنهت غسق كلامها لتقول بعد عدة لحظات:
- هل تعتقدين بأنها قد تخبرنِي بكل شيء بسهولة؟! أعني روبين لن تعترف بما فعلته أو بمن وراء محاولة تشويه سمعة شركات القاسم وتوريط سراج في تلك القضية.
تنهدت وهي تغمض عينيها في محاولة أن لا تنفعل عليها، فقد باتت متأكدة من أن نسبة ذكاء سابين محدودة خصوصًا مع الحمل؛ بصوت هادئ محاولة تبسيط المعلومة كأنها تتحدث مع طفل لا امرأة بالغة:
- سابين حاولي أن تركزِي معي، الأدلة التي حصلنا علية تثبت بأن روبين من قامت بتلك المكالمات وليس مُنى، كما أننا استطعنا أن نربطها بأكثر من عميل ومكالمته من قبل انتقالها لمنزل المزرعة، وكذلك حساب البنك الذي فُتح مؤخرًا باسم مُنى؛ قضية مُنى منتهية تقريبًا بعض الاجراءات القانونية وتخرج قبل بدء المحاكمة حتى، أما قضية سراج هي المعقدة، خصوصًا وأن المواشي نفقت فعلًا، كما أن قضيته معروفة عكس قضيه مُنى.
سكتت قليلًا لتقول بنبرة ذات مغزى:
- أعتقد بأنكِ تدينين له بذلك.
شحب وجهه سابين وانقبضت أصابعها على الوسادة الصغيرة التي تضعها على فخذيها حتى ابيضت مفاصلها لتخفض عينيها في خزي وهي تقول:
- معكِ حق أنا مدينة لسراج، سأذهب للحديث معها عند عودتنا للعاصمة غدًا صباحًا.
كان صوتها يحمل ألم لم تتحمله غسق، فقامت من مكانها لتجلس على حافة الأريكة بالقرب منها وقد شعرت بأنها كانت قاسية جدًا معها، لا تعرف لماذا تتعمد ايذائها بالكلمات كلما سنحت لها الفرصة، كأنها تعاقبها على فعلة صديقتها!
هزت رأسها لتبعد عنها تلك الأفكار، وقد رقت نبرتها وهي تقول لها:
- لا أقصد ما فهمته سابين، ما قصدته أنكِ أصبحتِ من العائلة ويجب أن تساعدينا، كما نفعل جمعينا هنا.
ترقرقت الدموع في عينيها لتقول بصوت مهزوز:
- لا بد أنكِ تتساءلين لماذا تزوجت إياد من بين كل رجال العالم؟!
ظهر الفضول على وجهه غسق دون ان ينطق لسانها، لتتابع سابين
- عندما تزوجت مروان رغم عدم حبي له، كنت سعيدة للغاية! سعيدة بأني وجدت رجل لا يعلم عن ماضيِ ونجحت في إخفاء الأمر عليه بكل بساطة ويسر.
أرادت غسق سؤالها عن ماضيها وماذا أخفت عنه لكنها لاحظت بأن سابين تتكلم دون أن تنظر لها حتى، كأنها تزيح عباء بداخلها، أو تتكلم مع صديقة مقربة وليس هي!
- قررت أن أكون زوجة جيدة صدقيني، حاولت التأقلم على حياة مروان وتحكم أبي، حتى خيانة مروان التي كنت أعرفها لم تؤثر بي في البداية، المهم أنه يعود لي في النهاية!
هكذا أقنعت نفسي، حتى رأيت سراج وساجي، وعائلتهما، وعرفت بأن هناك نوع من الرجال قادر على احترام المرأة، عندما رأيت ساجي مع روبين في المستشفى عندما مرض والدها، رغم نفوره منها لكنه احترمها أمام الأطباء على الأقل، شعرت بأني أستحق أفضل من مروان.
لم تدري بأن كلماتها فتحت جرحًا لم يغلق بعد.
تابعت دون أن تنتبه لتلك التي تنزف في صمت:
- عندما شعرت بحب إياد لم أصدق، بعد ابتعدت عنه قدر الإمكان، تمسكه بي أشعرنِي بأني استحق الحب والاحترام، أن يحارب من أجلي شيء لم أتوقعه يومًا في حياتي.
في بداية كل حب أو زواج تقع المرأة في حب كل الأشياء الجديدة، مستمتعة كل يوم بأن هذا كل هذا يخصك وحدك، أنا كنت خائفة مع إياد أن يأتي أحدهم ويقتحم سعادتي ليخبرني بأن ما حدث خطأ وأنه لم يكن من المقدر لي العيش في هذه السعادة، لأني ببساطة أحمل من السيئات ما لا يمكن غفرانه!
صدقيني لازلت أرتعب من أن يتعرف عليَّ أحد أمام إياد، أو حتى أن تعرف ابنتي عن ماضيَّ مع زوج عمتها.
عند هذه النقطة تحول بكائها الصامت إلى نحيب جعل غسق تشاطرها فيه وهي تحتضنها.
لتقول بين دموعها:
- لا تقلقيِ من هذا الموضوع، فرح ليست بهذا السوء، هي طيبة القلب رغم لسانها صدقيني أنا أعرفها جيدًا.
هدأت سابين بعد قليل وقد طلبت لها غسق طعام العشاء واتصلت بإياد ليبقى بقربها، فهي متعبة حسب كلامها.
رغم أن إياد لم يقتنع بتفسير غسق لكنه قرر أن لا يتكلم خصوصًا بعد أن لاحظ انتفاخ عيني سابين جراء البكاء.
**********
بعد انتهاء الحفل أخذت ميلا أيهم وذهبت للمطار دون حتى أن تبدل ملابسها!
خلع أيهم سترته ليغطي بها كتفي ميلا وهو يسأل:
- إلى أين نحن ذاهبان، رحلتنا بعد الغد، يجب أن نذهب لجناح العرس كي نبدأ شهر عسلنا.
بحزم وهي تسلم جوازي سفرهما للضابط المسؤول:
- لن يكون هناك شهر ونحن في نفس المكان مع شقيقتك، بعد أن نصل لوجهتنا سوف نفعل ما تريد.
عقد حاجبيه وقال بصوت خفيض غاضب نوعًا ما:
- ميلا أخبرتك بأن..
التفت له وهي تفرد أصابعها لتعدد له:
- أعرف سليطة اللسان خط أحمر، تقوم بالاستحواذ على زفافي ولا أتكلم، تشاركني صور الزفاف ولا أمانع، بل إنها تأخذ كأسك كي لا نقوم بتبادل العصير مثل جميع العرسان ولا أعبر عن غضبي حتى بنظرة، وأنت كالعادة لا تحرك شعرة من أجل أخذ موقف منها!
والآن هات هاتفك واتبعني حتى نصل لوجهتنا، التي هي ليست تلك الدولة التي حجزتها لنا شقيقتك المصون بل مكان آخر، لن تعرفه إلا عند وصولنا، أو اذهب لها واقضي شهر العسل وحدك!
عرف من نبرتها وحدة نظرتها بأنها جادة، هي محقة فقد تجاوزت فرح كل الحدود في حفل الزفاف رغم أنه حذرها قبل بدء الحفل دون فائدة!
أخرج هاتفه وأعطاه لها، أقفلته ثم تابعت المشي في ممر الصعود للطائرة وقد ارتسمت على شفتيها ابتسامة منتصرة، ها قد فازت بأول معاركها، ولتستعد للباقي بعد عودتها!
*********
بعد عدة أيام عاد الجميع للعاصمة.
في السجن حيث تقبع مُنى أخبرتها أحد الحارسات بأن لها زيارة مهمة، ذهبت معها لمكتب الضابط مكبلة بالأصفاد.
دخلت للمكتب لتجد المحامي الخاص بها ينتظرها وتجلس على المقابل لمكتب الضابط غسق!
تراجعت عندما رأتها تود أن تعود أدراجها لكنها اصطدمت بالحارسة خلفها.
قال الضابط برتابة:
- سيده مُنى هناك أخبار جيدة بشان قضيتك، سوف يطلعك عليها المحامي الخاص بك.
خرج وتركهم كي يتحدثوا على راحتهم.
بعد خروج الضابط والحارسة قال المحامي فورًا:
- مبروك سيدة مُنى لقد وجدنا دليل براءتك اخيرًا، ما هي إلا عدة ايام وتكوني خارج السجن.
بنظرات حارقة رشقت بها غسق، التي لم يظهر شيء على وجهها:
- وماذا تفعل ابنة فجر هنا؟ هل تعتقدين بأنكِ سترينِي كسيرة وأنا مسجونة بتهمة كهذه؟
حتى وإن لم أخرج منها الكل يعرف بأني شريفة عكس والدتك التي لطخت شرف عائلتها للأبد!
تنحنح المحامي في حرج:
- سيدة مُنى، السيدة غسق هي من وجدت دليل براءتك، وبفضلها قدرنا على أن نضمن خروجك من هنا قبل بدء المحاكمة حتى لا تنتشر الأخبار على الصحف والمجلات، يجدر بكِ شكرها لا أن تقولي هذا الكلام.
ارتسمت الصدمة على وجه مُنى الذي حاكى الموتى في شحوبه دون أن تنطق بحرف.
أما غسق التي لم تتأثر بما سمعته، أو هكذا ظهر للمحامي، وضعت ساق فوق الأخرى وهي تقول بهدوء:
- من خلال الأوراق والتحويلات البنكية، أثبتنا أن روبين من قامت بذلك وليس أنتِ وهي أيضًا من ورطكِ، لسبب لا أعرفه بصراحه ولا يهمني معرفته، المهم أننا قدرنا على احتواء المسألة قبل أن تتأزم أكثر.
استقامت من كرسيها وأخذت حقيبتها ليتبعها المحامي وقبل خروجها من الباب التفت لها لتضيف:
- فعلت ذلك من أجل ولداي فقط، أما أنتِ، لا أريد رؤيتك بعد اليوم.

بمجرد خروجها وقعت مُنى التي لم تتحمل أن تنتصر عليها غسق وتذل بتلك الطريقة الوقحة؛ شعرت بأن غمامة سوداء تسحب لعقلها وتحجب عنه الضوء حتى اختفى عنها تمامًا، بعد قليل دخل الضابط ليجدها مسطحة على الأرض فاقدة للوعي، بوجه متفحم.
*********
دخلت غسق مقر شركة القاسم، أول ما لفت انتباهها هو تغير قسم الاستقبال والسكرتارية، ظنت أنه بسبب الوضع الأخير الذي حدث، اتجهت لغرفة المدير ودخلت بعد أن عرفت بنفسها كما طلبت من السكرتيرة تحضير اجتماع هام لجميع رؤساء الأقسام حالًا.
وصل ساجي وإياد وسراج في موعد الاجتماع الذي أخبرتهم به السكرتيرة وقد حضر بعض المستثمرين أيضًا، بعد أن طلبت منهم غسق ذلك.
دخلت غسق متأخرة عدة دقائق عن موعد الاجتماع، لتتعلق بها النظرات، البعض يتساءل عن هويتها والآخر عن الذي تخطط له، أما هو فقد كان مسحور بطلتها البهية،
فقط استطال شعرها ليداعب كتفيها على استحياء، وزادت غمازتها عمقًا وهي تبتسم بثقة وتوزع نظراتها على الجميع، آه من نظرات عينيها التي لم يجد يومًا مزيجًا رائعًا مثلها، لا زال لا يستطيع التحديد هل هما بلون العسل المذاب في خضرة غامقة أم زمرد محاط بالعسل! في كلتا الحالتين هو يعشق الذوبان بهما.
كانت ترتدي بدلة رسميه كعادتها في العمل، سترة غامق تحدد قوامها الذي ازداد أنوثه بعد انجابها، عكس ما هو متوقع! تحته قميص أبيض مخرم وبنطال بنفس لون السترة.
جلست على قمه الطاولة وفتحت الجهاز اللوحي الذي أمامها لتنعكس شاشته على الحائط الخلفي، بهدوء وصرامه غير حادة بدأت الاجتماع:
- أهلًا أنا غسق الديب، إذًا كنتم لا تعرفوني، لاحظت وجوه جديدة بينكم.
سمعت بعض الهمهمات المرحبة بها.
تابعت في نفس النبرة:
- حاليًا أملك الحصة الأكبر من الأسهم في الشركة؛ لذلك يمكنكم اعتباري مديرتكم حتى يتغير الوضع.
قاطعها أحد المستثمرين القدامى الذي يعرفها جيدًا:
- ألستِ غسق القاسم؟! أعني أنتِ زوجة ساجي القاسم كما أذكر.
بابتسامة سمجة أجابته:
- لا لست زوجته؛ الحقيقة قانونيًا أنا زوجة آدم الديب.
لم تحتاج إلى النظر لساجي الذي اشتغلت النيران في داخله لتشعر بلهيبها الذي ظهر بوضوح في عينه، مازالت مصممة على ذكر زواجها من آدم بل والتفاخر به أمام الجميع، حتى الذين لا يعرفون قصتهم باتُوا الآن يعرفون!
قال المستثمر في إصرار:
- بلى أنتِ كنتِ زوجة ساجي القاسم أنا متأكد من ذلك؛ صحيح أني كبرت في السن لكني لم أصاب بالخرف بعد!
ابتسمت له وقالت:
- أنت محق سيدي، لقد كنت زوجة ساجي، ثم طلقني بعد أن تزوج أخرى وأنا تزوجت أيضًا، هذا ما حدث باختصار.
علت شهقات الموظفات، ليقول ساجي بحزم وقد اكتسى وجهه بالجمود المخيف من جديد:
- هل انتهت فقرة النميمة؟! جيد لنعود للعمل الآن.
سار الاجتماع بسلاسة ظاهرة على السطح لكن في الأعماق كان هناك حمم بركانيه تغلي لتنفجر في أي لحظة! المشكلة إذا انفجرت قد يكون أثرها مدمرًا هذه المرة.
خرجت غسق دون أن تلقي تحية على الثلاثي لينهض ساجي في إثرها فأمسك سراج يده بقوة ليجلسه على الكرسي من جديد.
- اهدأ سوف تضيع كل شيء من يديك إذا ذهبت خلفها الآن؛ خذ نفسًا عميقًا وفكر فيما ستقوله أولًا.
لم يجبه لكن النيران بقيت مشتعلة في عينيه بشكل ظاهر وقد ظهر العرق النابض أعلى جبهته يعلن عن غضبه ونفورة من الذي حدث!
تكلم إياد هذه المرة بنبرة عميقه:
- يجب أن تتقبل فكرة أن غسق تغيرت، كما أنها من الواضح أنها لم تغفر لك بعد زواجك من روبين، لذلك تعمدت ذكر زواجها من آدم هنا! تذكر آخر مرة كانت بها هنا ما حدث؟ ومن روبين بالذات، ما فعلته أقل من المتوقع في الواقع، تخيل فرح مكانها.
تحولت النظرات لسراج الذي رفع يديه في استسلام:
- لا تحاول التخيل حتى، لازلت حتى الآن أدفع ثمن ليلة زفاف ميلا وأيهم لأن ميلا وضعت لها منوم!
قال ساجي مبتسمًا بمرارة:
- كيف تتحمل كل ذلك بالله عليك؟
قال ببساطة غريبة:
- إذا لم أتحمل هفواتها الصغيرة لن أتمتع بفضائلها الكبيرة.
استقام ساجي من مكانه يستعد للذهاب:
- حسنًا أيها العاشق الولهان أريد أن ألحق بها ربما أقدر على اقناعها هذه المرة.
أما إياد فقد انتظر خروج ساجي ليخبر سراج بقراره للعودة للخارج والاستقرار هناك، تجربته هنا لم تكن ناجحة أبدًا، المهم أنه اثبت لسابين تمسكه بها.
**********
منذ دخولها لمكتب المدير الذي أصبح مكتبها وهي تنتظر قدومه بعاصفة، تعرف بأنها ضغطت عليه أكثر من اللازم، خصوصًا أمام الجميع، لم يكفيها رفض جميع عروضه الرومانسية للزواج، هي لا تحب الابتذال، شموع على شكل قلب بوسطها خاتم زواج، رسالة مكتوبة على بالونات بطلب الزواج يطلقها أمام البيت الذي تسكنه حاليًا!
وكان الأسوأ بالنسبة لها هو تلك الفرقة الموسيقية التي استأجرها لتعزف لحن لأغنيتها المفضلة وهو أمامها يجثو على عقبيه بيده خاتم زواج أسفل شرفتها.
يومها قامت برمي دلو من الماء عليه، وصرخت به، ابتكر شيء خاص بك، وكف عن التقليد.
توقعت أن يغضب ويبتعد للأبد لكنه لم يفعل، بالعكس وطد علاقته بسامي، كأنها يخبرها بأنه ماضٍ في الاتفاق ولن يتنازل عنها.
ابتسمت رغمًا عنها، فكلما زاد إصراره، تأكدت من حبه، لدرجة جعلتها تؤجل عودتها، حتى الجلسات مع الطبيبة أصبحت تتابعها بالاتصال المرئي.
طُرق الباب فاعتدلت في جلستها وسمحت للطارق بالدخول، كان ساجي كما توقعت، دخل وجلس أمامها دون أن ينطق بحرف، فقط ينظر لها بملامحه مبهمة.
قالت وهي تدعي الانشغال بالأوراق التي أمامها:
- هل هناك شيء مهم تود مناقشته؟
- هل أنتِ حامل؟!
رفعت رأسها بحدة له، لم تتوقع السؤال، صحيح أنها لم تعد تمثل الحمل وترتدي ملابس واسعه، لكن اسلوب القطع والبتر هذا كانت نسيته من ساجي منذ أن تغير وهو يحاول كسب ودها!
قالت بحدة:
- وماذا إذا كنت كذلك؟
- إذن يجب أن أتوقف عن طلبك للزواج حتى تنتهي عدتك، أعتقد بأنه غير لائق أن أفعل! مع أني بت أشك بأنكِ كذلك، نظرًا لبطنك المسطح.
رفعت حاجبها لتقول بسخرية:
- هل أعتبر هذا غزلًا!
- لا هذا واقع والآن أريد إجابة على سؤالِي.
نظرت له بضيق وهي تقول:
- لا، لست حامل.
شعر براحه تعتريه دون أن يظهر ذلك، ليأخذ نفس عميق ويقول بصوت أجش:
- تعرفين أنكِ من أنرتِ روحي بعد أن أطفأها الجميع في طفولتي! لم أكن أعتقد بأني سوف أؤمن بالحب أو أسلم قلبي لأحد بعد كل ما حدث!
لكنكِ أشعرتني بمعني كلمه العوض، حتى عندما كنت أتمنى أن ابتعد وابتعدت بالفعل عن الجميع أنتِ من كنت أريدها معي.
غسق أنتِ رفيقة روحي وقلبي معقود بقلبك، فهل لي مكان لو صغير بقلبك؟
أول مرة تشعر بأن الكلمات تضيئ روحها وتنعش قلبها، لم تكن كلمات غزله التي اعتادت عليها مؤخرًا، ولا حتى الأشعار التي يرسلها لها كل ليلة قبل النوم، ويكتب اسم الشخص الذي كتبها حتى لا تحرجه مرة أخرى!
بل هي نبضات عاشق من القلب للقلب، تلألأت الدموع في مقلتيها دون أن تنزل منها لتجده يخرج علبة مخملية من جيبه فتحها أمامها.
كان فارغ لا يوجد به شيء فعقدت حاجبيها وهي تنظر له باستغراب.
قال في قلة حيلة:
- يصعب معرفة ذوقك، أنتِ لا تحبين الذهب ولا الفضة، لا تنبهرين بالماس أو الأحجار الكريمة وليس لك نوع مفضل في انتقاء مجوهراتك! في الواقع أنتِ لم تختاري أي منها أنا من كنت أحضرها لكِ، لذلك قررت بأن تختاري أنتِ خاتم الزواج على ذوقك، لأن ذوقي سيء.
رفعت حاجبها ليبادر بسرعة:
- إلا في اختيارك طبعًا.
ضحكت برقة جعلت خديها تلمعان بحمرة محببه لقلبه، فقال وهو يقترب منها من خلف الطاولة:
- إذًا متى سأقابل سامي؟
شعرت بأنها مراهقة تتم خطبتها للمرة الأولى، اشتعل خديها بحمرة الخجل، ولم تقدر على النظر له مباشرةً، أخذت ترسم أشكالًا غريبة على الورقة التي أمامها وهي تقول:
- لديك هاتفه يمكن التحديد معه أي وقت.
- لا أريد خطبة بل زواج فلن أقدر على التحمل أكثر.
قامت من مكانها وأخذت حقيبتها لتخرج من المكتب بل من الشركة كلها، لا تعرف إذا كانت شعر ت بالخجل أم بالخوف.
***************
في قسم العناية المركزة وقف سليم غلف الزجاج ينظر للنائمة في السرير منذ عدة أسابيع، بعد زيارة غسق لها أصيبت بجلطة دماغية ودخلت في غيبوبة، الأطباء قالوا أن خروجها منها شبه مستحيل وإذا فعلت فلن تعود طبيعية نظرًا لمكان الجلطة وحجمها.
لا يعرف لماذا يشعر بكل هذا الحزن عليها، تبقى أم أولاده وقد عاشت معه سنين طويلة بكل ما فيها من حلو ومر.
كان يحمل معه زين ابن تالين، التي حضرت بعد ما أصاب والدتها، حكيم كان يعرف بأمر القبض عليها منذ البداية لكنه لم يخبرها كي لا تحزن، أتي معها بعد ما حدث ليقدم الدعم للعائلة، كما أنه وجدها فرصة لتقديم زين لهم.
صحيح بأن سليم استنكر الفكرة بل لا يزال يفعل؛ ليس كرهًا في الصغير لكنه يعرف بأن ما قامت به محرم، لكنه لم يجد ما يفعله أمام إصرار ابنته، فقط أصر على معرفة الجميع بأنه متبنى، لعل ذلك يكون أقل ذنبًا لهما.
لن ينكر تعلقه بالصغير، فهو لا ذنب له في النهاية.
قبله على خده وأخذ يلاعبه وهو يشير إلى مُنى:
- هذه جدتك، ربما من الأفضل بأنها لم تعرف بوجودك، وإلا كانت حولت حياتك لجحيم.
أخذه ليعود للمنزل حيث يقبع مع فريدة فقط، المنزل الذي كان مملوء بالأبناء أصبح منزل أشباح، حتى والدهم أصبحوا ينتظرون موته بين أي دقيقه وأخرى!
*********
عقد قران غسق وساجي في منزل سامي كما طلبت هي، بعقد جديد وشروط هذه المرة كأنها عروس بكر تتزوج أول مرة، بعد الابقاء على موعد حفل الزفاف معلق حتى تعود هي للخارج وتنهي عملها هناك.
أخذها ساجي ليتناولا طعام العشاء بالخارج، قبل أن تذهب معه أمسكتها فرح من يدها تريد التحدث معها.
نظرت لها بعتاب:
- لا أصدق بأنكِ قضيتي يوم مهم كهذا مع ابنة عمتك وجعلتها تهتم بكل أمورك بدلًا عني؟ هل هنت عليكِ لهذه الدرجة ولم أعد صديقتك.
- أولًا هي من طلبت ذلك منذ أن تقدم ساجي لي، ثانيًا الصداقة تكون من الطرفين، لا يمكنك الأخذ فقط، أنا لم أجدك في أكثر وقت احتجتكِ به، والآن تلومينني؟
فرح إذا أردتِ أن تكوني صديقتي عليكِ أن تحاولي، أنا لا أقفل الباب أمامكِ، لكنِي لن أرضى بأن أتقبل السيء منك فقط.
احتضنتها قبل أن تذهب، لتعرف بأن هناك مكان لها في قلبها، وعليها أن تحاول استرجاعه.
ركبت السيارة مع ساجي الذي لم يزح نظره عنها، وأمسك بكفها يحتضنه بيده بقوة كأنها ستضيع منه.
بعد مدة وصلا للمرسى، فنزل أولًا ثم فتح لها الباب ينزلها ويقودها ناحية المركب المهم لهما.
شغل المركب و قاد إلى أن وصل لمكان هادئ حيث إنارة القمر الذي كان بدرًا تنعكس على سطح الماء، لا يوجد الكثير من المتطفلين، بل هما فقط في هذا المكان الساحر.
كانت هناك طاولة طعام مجهزة لهما وبعض الموسيقى الكلاسيكية تنطلق من المذياع الداخلي للمركب.
مد يده لها يحثها لترقص معه، أعطته يدها ووضعت يدها هي حول رقبته لتتركه يقودها في الرقصة.
كان ترتدي فستان حريري ذهبي يعكس لون عينيها، برقبة مربعة وأكمام ضيقة تصل إلى مرفقيها، ينحدر على جسدها بنعومة حتى يصل لأسفل قدميها، قد ارتدت كعب متوسط الطول.
كأنها من آلهة الرومان بجمالها ولونها الخمري، أما شعرها تركته ينسدل على كتفيها وقد زينته بطوق ذهبي أيضًا.
ضمها له أكثر وهو يهمس بأذنها:
- لماذا لم تجعلينا نقيم حفل زفاف، لا أستطيع الانتظار أكثر.
ضحكت في دلال وهي ترمش بعينيها اللتان زينتهما بالكحل الغامق لتبدوا كزمردتين يحيط بهما طوق من العسل:
- اصبر أريد أن انهي عملي، كما أرغب في حضور سارة وزهراء لحفل الزفاف.
لم يجعلها تكمل بل مال يلتقط شفتيها بخاصته في قبله طال انتظارها دهرًا بالنسبة لها، لم تمر ثواني حتى بادلته شغفه وتركته يتولى أمر القيادة، فمن أفضل منه في عزف مقطوعة عشق بينهما يعرف متى تعلو النغمة ومتى تنخفض.
سحبها للداخل دون أي مقاومة منها ومد يده يفتح سحاب الفستان ليسقط عند قدميها، وضع يده في شعرها يتخلله وهو يضمها له أكثر وقد خلعت عنه سترته وفكت ربطة عنقه دون أن تبتعد عنه، كانا شبه ذائبان في بعضهما عندما أدارها وأخذ يقبل خلف رقبتها برقة، يعرف بأنها تحب تلك الطريقة، لكن ما حدث بعدها لم يتوقعه بالمرة!
صرخت غسق بأعلى صوتها وقد تصلب جسدها:
- ابتعد عني.
وتعالت صرختها!
إنتهى الفصل


ريما نون غير متواجد حالياً  
التوقيع
ريما معتوق رواياتي
غسق الماضي
س وس
سيل جارف
رد مع اقتباس
قديم 04-08-22, 06:18 PM   #334

بنت الشمالية

? العضوٌ??? » 505084
?  التسِجيلٌ » Jul 2022
? مشَارَ?اتْي » 8
?  نُقآطِيْ » بنت الشمالية is on a distinguished road
افتراضي

مسالخير كيف حالك

اكثر ما آلمني في هذا الفصل هو لقاء سمر مع ابناء اختها مشهد عور قلبي كثير , متأكدة انها بتكون الام الحنونة وقلبها كبير لهم

ضحكتني ميلا شو سوت في فرح ههههههه تستاهل

فرح يالله ما حان الوقت تتغيري وتعيشي بسلام؟

غسق اعتقد هذي ردة فعل طبيعيه بعد الاغتصاب اللي صار معاها ويمكن تحتاج دعم ساجي ومساعدته

تقبلي مني كل ودي

استغفر الله العظيم

ريما نون likes this.

بنت الشمالية غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 05-08-22, 05:19 PM   #335

شانزز

? العضوٌ??? » 470342
?  التسِجيلٌ » Apr 2020
? مشَارَ?اتْي » 75
?  نُقآطِيْ » شانزز is on a distinguished road
افتراضي

رواية روعه وجميلة جدا جدا وشكرًا لكم
ريما نون likes this.

شانزز غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 06-08-22, 02:06 PM   #336

نجوى الملاك

? العضوٌ??? » 382352
?  التسِجيلٌ » Oct 2016
? مشَارَ?اتْي » 336
?  نُقآطِيْ » نجوى الملاك is on a distinguished road
افتراضي

السلام عليكم ورحمه الله وبركاتة شكرا علي اجمل جروب رواياتي الثقافية
الرواية رووووووعة

ريما نون likes this.

نجوى الملاك غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 07-08-22, 04:25 AM   #337

ريما نون

? العضوٌ??? » 484937
?  التسِجيلٌ » Feb 2021
? مشَارَ?اتْي » 802
?  نُقآطِيْ » ريما نون is on a distinguished road
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة بنت الشمالية مشاهدة المشاركة
مسالخير كيف حالك

اكثر ما آلمني في هذا الفصل هو لقاء سمر مع ابناء اختها مشهد عور قلبي كثير , متأكدة انها بتكون الام الحنونة وقلبها كبير لهم

ضحكتني ميلا شو سوت في فرح ههههههه تستاهل

فرح يالله ما حان الوقت تتغيري وتعيشي بسلام؟

غسق اعتقد هذي ردة فعل طبيعيه بعد الاغتصاب اللي صار معاها ويمكن تحتاج دعم ساجي ومساعدته

تقبلي مني كل ودي

استغفر الله العظيم
مساء الفل
مشهد سمر و اولاد اختها كنت بعيط و انا بكتبه
ميلا دي عسل خاله
بصي فرح ممكن تتعدل شويه انما تتغير صعب
فعلا كلامك صح دي اول مره ليها بعد الاغتصاب
مرورك اسعد قلبي يارب مانحرم منه❤❤


ريما نون غير متواجد حالياً  
التوقيع
ريما معتوق رواياتي
غسق الماضي
س وس
سيل جارف
رد مع اقتباس
قديم 07-08-22, 04:26 AM   #338

ريما نون

? العضوٌ??? » 484937
?  التسِجيلٌ » Feb 2021
? مشَارَ?اتْي » 802
?  نُقآطِيْ » ريما نون is on a distinguished road
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة شانزز مشاهدة المشاركة
رواية روعه وجميلة جدا جدا وشكرًا لكم
مرورك الاروع اكيد اتمنى اكون ديما عند حسن ظنك❤❤


ريما نون غير متواجد حالياً  
التوقيع
ريما معتوق رواياتي
غسق الماضي
س وس
سيل جارف
رد مع اقتباس
قديم 07-08-22, 04:27 AM   #339

ريما نون

? العضوٌ??? » 484937
?  التسِجيلٌ » Feb 2021
? مشَارَ?اتْي » 802
?  نُقآطِيْ » ريما نون is on a distinguished road
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة نجوى الملاك مشاهدة المشاركة
السلام عليكم ورحمه الله وبركاتة شكرا علي اجمل جروب رواياتي الثقافية
الرواية رووووووعة
وعليكم السلام و رحمة الله
العفوا ياقلبي شرفتي الرواية ❤❤❤


ريما نون غير متواجد حالياً  
التوقيع
ريما معتوق رواياتي
غسق الماضي
س وس
سيل جارف
رد مع اقتباس
قديم 07-08-22, 06:47 PM   #340

ريما نون

? العضوٌ??? » 484937
?  التسِجيلٌ » Feb 2021
? مشَارَ?اتْي » 802
?  نُقآطِيْ » ريما نون is on a distinguished road
افتراضي

الفصل التاسع والأربعون

قبل ليلة عقد القرآن بأسبوع.
وقف ساجي بتوتر ينظر لساعة يده كل ثانيه والأخرى في بهو المنزل الذي يقطن به والده وعمته، ينتظر تجمع الآخرين كي يذهبوا معًا لخطبة غسق.
رغم أنه أكد عليهم موعد التجمع الذي يسبق موعده مع سامي بساعتين! لمعرفته بعدم التزامهم بالمواعيد، إلا أنهم تأخروا حتى عن ذلك الموعد!
حاول الاتصال بسراج عدة مرات دون فائدة، منذ نصف ساعة أو أكثر أخبره بأن أمامه خمس دقائق ليصل!
شقته في الحي الذي يوجد به منزل القاسم الجديد.
لأنه يعرفه جيدًا، يكاد يكون واثق بأنه لم يخرج من شقته بعد، فهو يأخذ وقت في تحضير نفسه ضعف الذي تأخذه فرح!
زفر وهو يرمي المحمول على الكرسي وهو يسب، ونادى على والده بصوت عالي.
وضع سليم يده على كتف ابنه وهو يبتسم له بحنان:
- أنا هنا من مدة، أنت الذي لم تلاحظ وجودي بسبب توترك، اهدأ قليلًا يا بني العروس لن تطير!
ضحك إياد وهو يقول:
- من يراك الآن يعتقد بأنك تخطب للمرة الأولى في حياتك وليست هذه الزيجة الثالثة لك!
هدر به وقد قارب صبرهُ على النفاذ:
- إنها مرتِي الأولى فعلًا، كما أن غسق قد تطير لو تأخرنا عن الموعد، هيا بنا لن أنتظر سراج أكثر من ذلك، ليلحق بنا إذا أراد.
- هيا بنا إياد زوجتك جاهزة أليس كذلك؟
أجلى حلقه وهو يحك رأسه من الخلف، في حركة مشهورة عنه عندما يكون متوتر:
- في الواقع سابين متوعكة وقررت أن تبقى هنا بدلًا من الذهاب معنا.
فهم ساجي إنها تتجنب لقاء سراج وفرح؛ ولم يهتم في الواقع، هناك شيء أهم ينتظره، منذ موافقتها على الخطبة وهي تفرض عليه حصار!
لم تسمح له برؤيتها أو محادثتها بالهاتف حتى!
يكاد يجن فهو لم يعد يطيق مرارة البعد عنها، حاول أخذ موعد لطلب يدها رسميًا، لكن سامي ماطل في إعطاءه موعد هو الآخر!
كأنه متآمر معها على زيادة معاناته، حدد موعد بعد أن ضغط عليه ساجي بالمكالمات وحاصره في عمله عدة مرات، لكنه أخبره بصريح العبارة بأن طلبه مرفوض إذا تأخر عن الموعد حتى خمس دقائق!
علم بأن غسق وراء هذا الشرط، لمعرفتها بتأخير سراج وفرح عن المواعيد دائمًا.
نزلت فريده من فوق متأنقة في بدلة كلاسيكيه كالعادة؛ رغم أن ساجي لم يطلب منها الحضور لكنها تصورت بأن حضورها أمر عادي بل مهم بصفتها عمة العريس وخالة العروس.
مال ساجي يهمس في أذن والده دون أن تتغير ملامحه:
- لماذا طلبت منها الحضور؟ تعرف بأنها وغسق لا تتفقان، بل هي تجاهلتها معظم وقت تواجدها في منزل المزرعة، لا أعتقد بان ذهابها معنا مناسب بل إنه قد يكون سبب في رفض غسق لي!
ابتسم سليم وهو ينظر لساجي؛ إنها المرة الأولى التي يراه بها عاشق، عندما أخبره بقراره بالزواج من روبين لم يظهر عليه الحب أو العشق أو حتى الفرح لأخذه تلك الخطوة؛ بل كان هناك تحدي واضح يلمع في عينيه، حتى عندما رفض في البداية فكرة زواجه تلك، لم يدافع ساجي بحجة الحب، بل قال أنه حقه ولن يجعل أحد يفرض عليه شيئًا بعد الآن!
الأمر برمته كان تحدي صريح ومحاولة لإثبات بأنه قادر على اتخاذ القرار لا غير.
صحيح بأنه كان سعيدًا برؤية ابنه البكر عريس، لكنه لم يرى أي سعادة بادية عليه وقتها، فقد كان وجهه جامد بلا ملامح، كأنه في اجتماع عمل!
كما أنه لم يذهب لخطبة روبين معه؛ فقط مكالمة بالهاتف مع خالد أملى عليه الشروط وحدد موعد الزفاف، صفقة عمل بكل المقاييس، أما الآن فهو يرى العشق في نظرات ابنه رغم جمود ملامحه.
- لا بأس يا بُني دعها تأتي معنا، وجودها قد يعزز موقفك كما أن غسق لا تكرهها، هيا بنا حتى لا نتأخر.
رغم اعتراضه لكنه وافق على مضض، ليقود السيارة بنفسه، وصل لمنزل سامي في فترة قياسية وقبل الموعد المحدد بأكثر من نصف ساعة.
لم يهتم لاعتراض والده وعمته؛ ركن سيارته أمام المدخل ونزل أولًا يتبعه إياد وسليم ثم فريدة آخر من نزلت من السيارة.
قبل أن يضرب الجرس وجد سيارة سراج خلفه!
تكهن بأن إياد أخبر فرح بخروجهم ليسرعوا بالقدوم؛ دخل الجميع معًا محملين بالزهور
والهدايا بطريقة مبالغ بها.
استقبلهم سامي ويحيى مع والد يحيى وأحمد ابن سما.
جلس ساجي في الكرسي المقابل للباب كي يراها عندما تدخل، فقد أضناه الشوق لها حتى بدا كمراهق يتلصص ليرى محبوبته.
كان الصالة التي يجلسون بها كبيرة ذات أرضية رخامية باللون الأسود المطعم بالذهبي، وسقف عالي به ثريا من الكريستال الفخم، الأثاث عبارة عن صالون حديث باللون الأبيض ذو الحافة الذهبية راقية، رغم ضخامة المكان إلا أنه كان أنيقًا جدًا، المنزل بأكمله عبارة عن مزيج بين الفخامة والأناقة.
بعد جلوسهم بقليل أحضرت الخادمة قهوة مع قطع من الكيك مزين بطريقة جميلة جدًا؛ ذكره بطرق غسق في التزين، المنزل كله وطريقة تصميمة وترتيبه ذكره بكلام غسق عن منزل أحلامها، عندما أرادت تغيير ديكور منزله في العاصمة لا بد بأنها ميزه تجري في دماء عائلة الديب، وبالطبع تذكر رده عليها بل كسره لها بحجة حمايتها!
خطأ آخر ينظم لسلسلة الأخطاء التي يجب عليه إصلاحها، لكن السؤال هو هل تعطيه فرصه لذلك؟
لم ينتبه حتى للحديث الدائر بين والده وسامي إلا عندما نكزه إياد لينظر له في تساؤل، فأشار إياد بعينيه لسامي الذي كان ينظره له في انتظار إجابة لسؤال يبدو أنه طرحه دون أن يسمعه ساجي!
تنحنح في حرج وعدل من جلسته ليقول بصوته العميق:
- نعم سامي أنا معك، بالطبع تعرف سبب مجيئنا اليوم.
أشار لِوالده:
- هذا أبي سليم القاسم وهذا شقيقي سراج، أما الجالس بقربي فهو أكثر من شقيق بالنسبة لي إياد العلي، ومعي أيضًا عمتي وزوجة اخي، لا ينقص سوى جدي لكن حالته الصحية تمنعه من القدوم.
بتفهم رد عليه سامي:
- شفاه الله.
- لقد أتينا كي نطلب يد غسق، والدة صغيرايَّ مرة أخرى للزواج، فما هو قولك؟
ابتسم الحضور وقال سامي بسعادة واضحة:
- تعرف بأننا نتشرف بمصاهرتك، ومجيئك مع العائلة الكريمة هو شرف كبير لنا.
سكت بعد تلك الجملة الترحيبية ليقع قلب ساجي بين قدميه.
تدخل سليم وقال برزانة:
- لماذا أشعر بأن هذه مقدمة لأمر ليس جيد، هل نفهم منها بأن طلبنا مرفوض وأن غسق رفضت العودة لساجي؟
هذا بالضبط ما كان يفكر فيه ساجي؛ أنها رفضته بعد بعده عنها الفترة الماضية، لا بد بأنها لا زالت تحمله وزر الماضي وما حدث لها.
سارع يحيى ليقول بصوت عالي نافيًا ما قاله سليم:
- لا بالطبع لم يحدث ورفضنا طلبكم، لو كان حدث لما كبدناكم عناء القدوم لهنا! الأمر وما فيه أن العروس لديها شروط وهي مصممة على أن ينفذها ساجي قبل أن تعطي موافقتها.
بصوت عالٍ، واثق، عميق قال ساجي:
- وأنا موافق على جميع شروطها، فلنحدد موعد عقد القران الآن.
- ألن تعرف ماهي الشروط أولًا؟
التفت الجميع للصوت القادم من باب الصالة حيث تقف غسق بكامل أناقتها.
كانت ترتدي فستان أبيض يصل لأسفل قدميها عليه رسومات باللون الأزرق والأصفر، بكم طويل ضيق، وفتحت صدر نصف دائرة، رفعت شعرها للأعلى في تسريحة عادية جمليه جدًا فقد أظهرت بروز وجنتيها، خصوصًا مع هروب بعض الخصلات من تلك الربطة!
لم تضع مساحيق كثيرة على وجهها، فقط ذلك الكحل الغامق الذي يجعله يذوب بعينيها، مع أحمر شفاه غير لامع، ولم تتخلى عن الكعب العالي بالطبع.
قامت فرح من مقعدها لتذهب لها وتحتضنها، وهي تهمس في أذنها:
- دخول مدمر، استمري.
كادت أن تضحك خصوصًا وأن صوتها كان مسموع للجميع تقريبًا!
ألقت التحية على الجميع ثم جلست في الجهة التي يجلس بها سامي ويحيى!
لتكون العائلتين في جهتين متقابلتين.
استأذن سامي وأخذ معه يحيى وأحمد ليترك غسق تتحدث معهم على راحتها؛ أراد سليم فعل المثل لكنها منعته.
- إلى أين خالي؟ يجب أن تعرف شروطِي فأنت في حسبة والدي.
لم تخفى عليه نبرتها الهازئة خصوصًا عند نطقها لكلمة والدي!
بنبره هادئة:
- بالطبع والدك، فأنا عشت معك أكثر منه رحمة الله عليه، والآن نحن تحت أمرك، ماهي طلباتك؟
نقلت نظراتها بينهم دون أن تتكلم لعدة ثواني.
لتقول بهدوء شديد يناقض النار التي تشتعل في عيني ساجي وهي تراها بوضوح:
- لماذا لم تأتي تالين معكم؟
ردت فريدة بغضب مكتوم:
- لأن والدة زوجها أصرت عليهم بأن يذهبوا معها للساحل، هل كان يجب أن تأخذ الإذن منك قبل الذهاب مع عائلة زوجها!
اتسعت ابتسامتها لتقول بنزق:
- تذكرت لقد أخبرتني عن الأمر بالفعل، لا بد أني نسيت!
امتعض وجه فريدة لتنطلق ضحكة صغيرة من فرح لم تقدر على كتمها!
أخذت كوب ماء كي تشرب منه وتكتم باقي ضحكتها.
التفت حيث يجلس إياد وقال متسائلة:
- أين سابين؟ لماذا لم تأتي معك، أردت رؤيتها قبل سفركما.
لا إراديًا نظر لسراج وهو يجيب:
- كانت تود القدوم معنا لكنها شعرت بالتعب لذلك فضلت البقاء في المنزل، سوف أوصل لها سلامك.
هزرت رأسها في تفهم:
- لا بأس سوف أذهب لرؤيتها، فقد ساعدتنا كثيرًا، لولاها لما تحصلنا على المعلومات التي أخرجت سراج من تلك القضية، بل أعادت للشركة سمعتها؛ نحن مدينون لها في الواقع.
رفعت فرج حاجبها ولوت فمها وهي تقول بحدة:
- أي دين ذلك، ماذا فعلت هي؟ مجرد أن أرسلت شقيقها لروبين ببعض الأوراق كي يقنعها بالاعتراف عن المجرم الحقيقي! هي حتى لم تذهب لها بنفسها؛ لسنا مدينين لها بشيء، أما عن شقيقها يمكن لسراج أن يجد له عمل معه.
كلام استفز الجميع وأكثرهم إياد الذي صرخ بها:
- من الذي يجد له عمل؟ هل تعتقدين بأنه ينتظر حسنة منك ومن زوجك! هل نسيتِ بأنه يعمل في شركته الخاصة، وذهابه لروبين من أجل إنقاذ سمعة زوجك لا غير؟ هذا بدلًا من أن تشكريها لأنها أقنعته بذلك، ولعلمك الخاص أنا من منعتها من الذهاب لزيارة روبين في السجن، لكنها وجدت طريقة كي تساعد زوجك دون أن تكسر كلمتي في نفس الوقت.
أمسك سراج يد زوجته لتهدأ ولا تقلب المسألة لشجار كعادتها، ورد على كلام إياد بنبرة هادئة:
- معك حق إياد، زوجتك أنقذت سمعتي ونحن نشكرها هي وشقيقها على ما بذلاه من جهد في سبيل ذلك؛ هل يمكنك أن توصل ذلك لها؟ وأنا سأقوم بشكر شقيقها بنفسي.
كلماته جعلت إياد يهدأ كذلك فرح التي لن تنكر بأن سابين وشقيقها هما من أنقذا سراج من السجن خصوصًا بعد حصولهم على الأدلة التي تثبت تورط وسام وعدد من العاملين في المصنع لصالح شركة كبيرة من دولة أخرى أرادت الاستيلاء على السوق بإزاحة شركات القاسم منه عندما لم تقدر على شرائها!
فهم ساجي بأن غسق تحاول إثارة حنق الجميع، لكنه يخشي السبب في الواقع!
شبك أصابعه ليقول بصوت عميق وملامح جليدية:
- والآن أريد أن أسمع شروطك إذا أمكن.
وضعت ساقًا فوق الأخرى وهي تبتسم بثقة:
- شروط عادية من وجهة نظري، لكن سامي يعتقد بأني أبالغ وأنك لن تقبل بها.
- اتركي الحكم لي فأنا من سينفذ لا سامي.
تعمد نطق اسمه بطريقة مستنكره؛ من هو سامي الذي يقرر إذا كان سيكمل معها حياته أو لا؟!
رفعت حاجبيها وأنزلتهما ببطء ثم قالت بثقة:
- الشروط العادية، مهر ومنزل منفصل، زفاف في نفس المكان الذي أقام به أيهم زفافه.
شهقت فريدة وشحب وجهه سراج؛ ليقول سليم بارتباك:
- لماذا لا نقيمه في الفندق الجديد الذي سيقام افتتاحه بعد شهرين؟ أنه أجمل ولم يقم به أحد زفاف من قبل.
- تعني أن ساجي لم يقم به زفاف من قبل!
أغمض ساجي عينيه وقد شعر بضربة في وسط بطنه تكاد تخرج أحشائه من قوتها،
حتى أن فرح شهقت غير متوقعة لذلك الكلام من غسق.
مرت عدة دقائق عم بها الصمت في الصالة إلا من صوت أنفاسهم، لم يجرؤ أحد على قطع ذلك الصمت، ربما خوفًا أو رهبة، أو خشية لما هو قادم، أخيرًا نطق ساجي بعد أن وجد صوته:
- لا أعتقد أن ذلك هو ما يثير حفيظة سامي، ما هو شرطك غسق؟
تعترف بأنها لم تتوقع منه هذا الهدوء، بالعكس راهنت نفسها بأنه سيذهب بمجرد أن تفجر قنبلة مكان الزفاف أمام الكل وتجعله يبدو بذلك المنظر السيء، لكنه كسب الرهان ولا يزال يقاوم؛ حسنًا سنرى ما هي ردة فعله على طلبها الأخير.
أجلت حلقها ورسمت تلك الابتسامة التي تثير أعصابه على شفتيها، لتتابع بتحدي أكبر:
- في الواقع اقترحت عليَّ صديقة أن أكتب شرط عدم زواجك عليَّ في عقد الزواج؛ لكني لم أحبذ ذلك، أولًا لست متأكدة من إن كان جائز شرعًا، ثم لماذا أتمسك بك إذا فكرت في خيانتي مرة أخرى؟
اتسعت جميع العيون ما عدا عيني ساجي الذي شعر بضربة أخرى وجهت له، أما غسق لم تتأثر أبدًا بل أخذت تراقب ردة فعله باستمتاع واضح.
مالت للأمام قليلًا وهي تنظر له بتحدي واضح:
- لذا قررت أن تكون العصمة في يدي.
وقع فنجال القهوة من يد فرح؛ أما فريدة قامت بالضرب على صدرها، إياد وسراج نظرا لساجي في نفس الوقت بذهول، أما سليم فقد أسند رأسه بكف يده، لأنه تأكد بأن الخطبة قد فشلت ولا أمل في رُجوعهما.
لثواني لم ينطق بحرف، فقط صدره يعلو ويهبط بانتظام وهو ينظر لها، كأن بين عينهما لغة خاص لا يفهمها أحد غيرهما.
دون أن يزيح نظره عنها، قال بصرامة:
- إياد أجل سفرك عدة أيام من فضلك، أريدك شاهدًا على عقد زواجي من غسق.
***********
ليلة عقد القران في المركب
تلتف الأفاعي حول فريستها بقوة، لتشل حركتها وتصيبها بالاختناق ثم تغرس أنيابها بها وتقضي عليها؛ هذا ما شعرت به غسق وهي بين ذراعي ساجي!
أنها تختنق بل إن ضلوعها على وشك أن تسحق، لن تبالغ لو قالت أنها شعرت بأن الجرح أسفل صدرها قد فُتح وعاد ينزف من جديد!
انطلق زر الانذار في عقلها ليخبرها أنها في وضع خطر، نفس الوضع الذي كانت به منذ عدة شهور مضت!
دون أن تفكر لثانية دفعته عنها صارخة وتكورت على نفسها في وضع الجنين.
كانت ترتعش بطريقة واضحة، وصوت صك أسنانها يملأ المكان، ذلك الصوت كان له مفعول السكين التي تمزق أحشائه دون أن ينزف.
رغم معرفة بالاعتداء الذي حدث لها، لكنه لم يكن يعرف أو يتوقع أن تكون هذه هي ردة فعلها، خصوصًا بعد استجابتها له!
غبي! كيف لم يفكر في الاستعانة بطيب ليشرح له الطريقة الصحيحة للتعامل مع وضعها؟!
الآن ليس وقت الندم وجلد الذات، عليه أن يتصرف بسرعة قبل أن تسوء حالتها.
جثى على عقبيه بالقرب منها ودون مقدمات طوقها بذراعيه، قاومته بقوة حتى كاد يقع على ظهره لكنه كان أقوى منها وهو يهمس في أذنها.
- هذا أنا ساجي، اهدئي حبيبتي، اعتذر على تسرعي، أعرف أني السبب، لن أبتعد عنكِ ولن أسمح لكِ بذلك، لن يؤذيك أحد بعد اليوم، أنا هنا.
كانت تقاوم وهو يردد عليها كلماته دون أن يفلتها، بل زاد في ضمها له لتشعر بصدره يعلو ويهبط على صدرها بانتظام كأنهما تشاركا النبض.
لم يتخلى جسدها عن تصلبه؛ لكن عقلها بدأ يعود للواقع رويدًا رويدًا، بقيت في تلك الوضعية لبرهة من الزمن؛ لم يتخلى جسدها عن تصلبه إلا بعد أن تسلل لها إحساس ظنت بأنها نسيته!
إحساسها بأنها مضمومة لقلبه بقوة، بالأمان، الحنان، والحب!
نعم الحب، ضمه لها بتلك الطريقة سابقًا كان يشعرها بحبه الذي لم ينطق به لسانه؛ وضمه لها الآن مع الاعتراف الصريح بحبه أعاد لها نفس الإحساس.
ربما لم تكن تتخيل أو تكذب على نفسها حفاظًا على ماء الوجه كما أخبرتها فرح.
بل إن حبه لها موجود منذ البداية!
دون أن يبعدها عنه مد يده يبحث عن فستانها، عندما وجده جذبه ليلبسها بحذر، كأنه يلبس طفلة رضيعة يخشى أن تتأذى منه.
بعد الانتهاء من ارتداء فستانها الذي أخذ وقت أكثر من اللازم ضمها له مرة أخرى، هذه المرة كانت مسترخية نوعًا ما لكنها لم تبادله العناق.
مرر يده على وجهها الذي بدأ يعود إلى لونه الطبيعي، ليقول وعينيه لا تحيد عن عينيها:
- أحبك، نيابة عن كل عناق فاتنا، وكل مسافة منعت يداي من ملامسة وجهك.
تسلل ذلك الشعور اللذيذ إليها، شعور لم تعتده بعد، فهو حديث عليها، عشق ساجي الذي ظهر مؤخرًا لها؛ لترتسم ابتسامة حنون على وجهها، تعلمه بأنها أصبحت أفضل.
أخرج تنهيدة عميقة ليوقف بها خوفه من ما حدث، وقال مبتسمًا:
- هل نكمل طعامنا أم تودين العودة للبيت؟
بصوت حاولت بث القوة فيه:
- لا شهيه لي، كما أني متعبة أود العودة للمنزل.
لم يجادلها، لكنه لم يتركها ايضًا؛ فقد حرص على أن تكون بقربه وهو يدير الدفة للعودة للمرسى مرة أخرى، ثم أعادها لمنزلها وأصر على البقاء معها خصوصًا وأن الطفلين قضيا ليلتهما عند تالين.
عند دخولهما للشقة اتجهت غسق ناحية غرفتها ليوقفها صوت ساجي:
- هل أحضر لك الحمام؟
التفت له وقد علا ملامحها الاستغراب!
- لا تستغربي هكذا، منذ ترككِ لي وأنا من يجهز الحمام لقد أصبحت بارع في خلط الزيتون وكرات الفقاقيع، أعتقد هذا هو اسمها! هل تريدين التأكد سوف يريحك بعض التدليك في الاسترخاء!
حاجبها الذي وصل لمنبت شعرها وطريقة وقوفها وهي تضع يدها في خصرها أخبرته بالجواب ليقطع هو كلامه فورًا.
نظف حلقه في حرج:
- كان مجرد اقتراح فاشل، انسي الموضوع.
هزت رأسها وهي تكتم ضحكة كادت أن تفضحها لتدخل لغرفتها وتقفل الباب خلفها!
أما ساجي فقد قرر صنع كوب من القهوة لنفسه وجلس ينتظرها في الصالة حتى تخرج من غرفتها، وهو يقلب في هاتفه عن الموضوع عله يجد طريقة صحيحة للتعامل مع وضع غسق.
دخلت غسق لغرفتها ومنها إلى الحمام لتفتح المياه وتدخل أسفلها بكامل ملابسها.
جعلت المياه الساخنة تنسكِب عليها لفترة ثم خلعت ملابسها وخرجت من الحمام لترتدي ملابس مريحة، ثم بحثت عن هاتفها فلم تجده، خرجت من غرفتها لتبحث في الصالة علها تركته هناك عند دخولها، لكنها فُوجئت بساجي يجلس على كرسي.
- لازلت هنا؟!
- لماذا لم تذهب بقاءك لا معنى له، كما أنه لا يجوز نحن لم نتزوج رسميًا بعد.
رفع عينيه من شاشة هاتفه يلاقي خاصتها وهو يقول بخبث:
- ليس رسميًا؟! متأكدة من ذلك؟
اشتعل وجهها بحمرة الخجل، لتبعد عينيها عنه وهو تقول:
- أعني لا يعرف به سوى عائلتنا؛ الوضع هنا مختلف عن الخارج لا أريد أن يظن بي أحد سوء.
- ومن أخبرك بأن خبر زواجنا سر؟ لقد أعلنت عنه في موقع الشركة ومعظم المواقع الالكترونية أعلنت عنه بدورها؛ كما صرفت للعمال نصف شهر هدية بمناسبه عقد القران؛ لا تقلقي على سمعتك فهي بأمان معي.
لا تعرف إذا كان عليها ضربه أم تقبليه! كل ما تعرفه هو أنها باتت تعيش معه كل يوم شعور جديد يعزز ثقتها به وبمكانته في حياتها.
دق الباب لينهض ساجي من مكانه ويفتحه، أخذ الأكياس من البواب ثم أغلقه ودخل للمطبخ، بعد قليل خرج وقد حضر بعض الشطائر والعصير لهما؛ أخذت منه الشطائر وراقبته وهو يجلس مقابلًا لها ويأكل في صمت، بعد ذلك لم تنتهي ليلتهما بعد، بل اكتشفت أنه طلب من البواب إحضار الورق!
لم يمر وقت طويل حتى جهز الطاولة ليلعبا عليها، كانت مستمتعة جدًا رغم أنه لم يكن هين معها في اللعب أو يتركها تفوز بسهولة كما توقعت منه.
آخر شيء تذكره بأنها خيرته إما أن يحضر معها فيلم رومانسي تعلم بأنه يمقته، أو يذهب لمنزله، اضطر للرضوخ ومشاهدة ذلك الفيلم معها، وهو يتأفف بصوت عالي حتى كادت تطرده أكثر من مرة؛ استيقظت صباحًا لتجد نفسها مغطاة فوق الأريكة التي نامت عليها دون أن تدري؛ في نفس المكان الذي كانت تجلس فيه ليلة البارحة، جالت بعينيها تبحث عنه فلم تجده لكن رائحة الطعام المنبعثة من المطبخ أخبرتها بأنه لم يذهب بعد.
أسرعت لغرفتها على أطراف أصابعها كي لا يسمعها لتعدل من شكلها قبل أن تعود مستلقيه في نفس المكان.
خرج من المطبخ وهو يدندن لحن لأغنية شهيرة، اقترب منها بصوت هامس:
- غسق، غسق، أفيقي لقد طلع النهار، لقد حضرت الإفطار هيا نأكل قبل أن نذهب ونحضر الطفلين من تالين.
فتحت عينها ببطء مدعية النعاس:
- ألازلت هنا؟ لماذا لم تذهب بعد أن غفوت؟ ولماذا لم تحملني للداخل بدل من النوم على الاريكة الذي يؤلم ظهري؟
رغم شعوره بالإحباط، تمسك بقناع البرود على وجهه:
- لم أحملك حتى لا تفيقي وتحدث لك نوبة أخرى! والآن هي قومي لنأكل وبعدها نتحدث.
اعتدلت في مكانها، عدلت شعرها بيدها، ثم قامت لتدخل غرفتها أمام ناظريه اللذان يودان التهامها.
لم يمر كثير لتجده يدق باب غرفتها وهي تتهيأ للصلاة.
أخذ سجادة الصلاة من يدها ليضعها بالعرض وهو يتقدمها للصلاة:
- هيا كي نصلي معًا.
لم يعطيها فرصه للرد، ردد الآذان وبدأ الصلاة لتتبعه بصفاء نفس لم تعشه منذُ سنة مضت.
على مائدة الطعام كانت غسق لا تزال متوترة من ليلة البارحة، خصوصًا أنها لم تنجح حتى الآن في الاتصال بطبيبتها بعد!
دون إرادة منها كانت أصابعها تطرق على الطاولة ليرفع ساجي عينيه لها فتوقفت عن النقر وازدردت ريقها:
- ساجي أريد العودة لمنزلي، أعتقد هناك طائرة غدًا أو بعد غد، سأعود بها مع الطفلين.
شعر باللقمة تقف في حلقة لدرجة جعلته يسعل ليقدر على التنفس.
قامت غسق من مكانها في فزع وهي تناوله كوب الماء ليشرب منه، أخذ نفسه بعد أن ارتشف وهو يمسك بيدها ثم أجلسها على ركبته ومرر يده على جانب وجهها:
- هل خفتِ عليَّ؟
تابع وهو يغرس رأسه في رقبتها يشتم عطرها دون أن يمس بشرة رقبتها:
- لم أشعر قبلًا بأن حياتي مهمة لكِ؛ مرت عليَّ لحظات كنت أرى فيها الكره في عينيكِ، بل أكاد أجزم بأنكِ كنتِ تتمنين موتِي.
شعرت بقبضة تعتصر قلبها حتى كادت تمزقه من قوتها، لن تنكر بأنها تمنت له الأذى، تمنت أن يعاني مثل ما عانت هي، وربما، ربما في لحظه غضب ويأس تمنت موته!
لكنها لم تعرف بأنها أوصلت له شعورها، هذا ما آلمها بحق.
أغمضت عينيها لدقيقة حتى لا تذرف دموعها، واستعانت بتقنية اليوغا لتعدل من تنفسها، لتقول بعد برهة:
- كف عن ذلك، تعرف بأنه غير صحيح؛ والآن سوف أحجز على اقرب موعد للسفر.
كانت عينيه تغوص في خاصتها لمحاولة كشف حقيقة ما تقوله دون جدوى، عادت لتلك الحالة من الجمود؛ حيث لا يستطِيع قراءة ما بداخلها مهما حاول.
- هل هو غير صحيح بالفعل؟
بدل من أن تجاوبه أخذت قطعة من الخبز والجبن السائل ثم وضعتها في فمه وهي تبتسم له.
استقبل منها اللقمة بعد الأخرى دون أن يحررها من على فخذيه، ولم تحاول هي التحرر
للانتهاء من الافطار الذي لم يذق ألذ منه يومًا، والانتهاء من إعادة كل شيء لمكانه.
- غسق لا أمانع سفرك بالطبع لكن يجب أن تعرفي بأن هنا منزلك، كما أن السفر لن يكون غدًا!
أرادت أن تعترض، لكنه أوقفها بحركة من يده وهو يقول بسرعة
- القانون في الخارج يمنع سفرك مع أكثر من طفل وهو في عمر أقل من سنتين؛ لذلك يجب أن يرافقك شخص آخر، وبما أن من الواضح أنكِ لا تريديني معكِ، الحل الأفضل هو حكيم وتالين فقط انتظري حتى أخبرهما وتذهبون معًا.
زمت شفتيها في عدم رضا:
- معك حق، لكن يجب أن أسافر في أقرب وقت، لا أعتقد بأن حكيم يمانع العودة المشكلة في تالين، هي من تريد البقاء حتى تتحسن حالة زوجة خالي رغم أن الأطباء أخبروها بأن ذلك مستحيل.
شعرت باهتزاز في حدقتي عينيه، لابد بأن موضوع والدته يؤلمه، تبقى أمه مهما فعلت، هي أكثر من يفهم ذلك.
وضعت يدها على كتفه:
- ادع لها هذا ما تحتاجه الآن.
التفت لها ووضع مقدمة رأسه على رأسها دون أن يتحرك لعدة ثواني، كم يرغب في ضمها لها وتقبيلها حتى تذوب بداخله، لكنه يعرف بأن هذه الخطوة لازالت بعيدة، بعيدة كبعد السماء عن الأرض.
***********
في الخارج
أغلقت سارة الخط بعد مكالمة طويلة، لتجد عمر يعمل على حاسوبه بجانبها وهو يضع سماعات الأذن، اقتربت منه وازالتها وهي تقبل رأسه.
- اعتذر حبيبي لقد طالت المكالمة وضاع موعد الفيلم الذي تود أن نحضره في السينما.
ابتسم لها:
- لا تهتمي؛ مودة صح؟
هزت رأسها في إيجاب ليتابع:
- ألا زالت تعاني؟ كنت أعتقد بأن حالها أصبح أفضل بعد أن ابتعدت عن زوجها وبدأت العلاج.
ردت بألم:
- تعنيف نفسي وجسدي لسنوات طويلة لا يمكن أن يعالج في شهور! الأمر يتطلب مستشفى كامل، كما أنها تريد تغيير طبع أولادها في يوم وليلة وهذا مستحيل طبعًا، جيد بأنهم لايزالون معها، لم يتصلوا بوالدهم.
باستنكار واضح قال عمر:
- لا أفهم كيف يقوم الأهل برمي ابنتهم هكذا، بدلًا من أن يقفوا معها الآن بل هم مصدر خوفها الأكبر بعد زوجها.
- معك حق هي تخشي منهم أكثر منه، لذلك لا تجرؤ على العودة للوطن، مع أني أعتقد بأن حالها هنا أفضل، لكنها تكره كل شيء هنا وهذا ما يزيد مأساتها تلك المسكينة.
- حاولي معها سارة وأنا ربما أقدر أن أتواصل مع أبنائها أو أجد لهم مكان جيد يفرغون به طاقتهم بدلًا من السجن الذي تحيطهم به.
- لا تقلق افعل ذلك، وادعو الله أن يريح بالها، فهي ضحية.
تابع ما يفعله على الحاسب، لتدخل للمطبخ وتجهز وجبة سريعة لهما؛ بعد قليل كانا في أمام التلفاز يتناولان ما حضرته ويشاهدان أحد البرامج المفضلة لعُمر.
عدلت ساره جلستها، وقالت بهدوء ممزوج بنبرة تردد:
- عُمر ألم تفكر يومًا في الحصول على أبناء؟
عقد حاجبيه:
- أبناء! من أين أتيتِ بهذا الكلام العجيب؟ والآن بالذات!
عدل من وضعيته ونظر لها:
- هل تحدثت معك أمي في هذا الموضوع مرة أخرى؟
- لا أبدًا هي لم تفعل منذ مدة، أنا من أفكر في الأمر، هذا حقك وإذا كنت تريد إنجاب أطفال أنا لن أمنعك، حتى لو قررت الزواج سوف نجد ح..
- واضح أن انقطاعك عن العلاج جعل عقلك يصاب بعلة في التفكير!
تنهد وهو يمسك يدها:
- سارة أنا لم أهتم بهذه المسألة في حياتي، بل أكاد أجزم بأني لم أتمني يومًا أن أنجب طفل، إنجاب طفل وتربيته أمر صعب جدًا، بل هي مسؤولية لا أعتقد بأني أهل لها، وهذا أحد الأسباب التي دفعتني للبحث عن عمل خارج البلاد.
نظرت له في حيرة غير مستوعبه ماذا يقصد.
ليجيب حيرتها:
- في البلاد المجتمع يفرض عليك طريقة حياتك، يجب أن تتخرج من كلية معينة أو أنت فاشل، يجب أن تعمل في مهنة معينة أو لا يجدي عملك شيء، يجب أن تتزوج في سن معينة أو أن بك عيب، يجب أن تنجب ذكور لا إناث أو تتزوج على زوجتك، يجب ويجب، مُجتمع مُعاق، مُعيق، يُعيق، يحسب النجاح بالمسطرة، ولا يعطيك فرصة في الإبداع أو حتى اختيار الحياة التي ترغب بها، صدقيني يا سارة لم أرد الانجاب منذ البداية وإن لم تأخذِي حبوب منع الحمل من نفسك، كنت طلبت منكِ أنا أن تفعليها.
ليست متأكدة إذا كان صادق، أو يكذب عليها حتى لا تشعر بتأنيب الضمير، لكنها متأكدة من شيءٍ واحد، عُمر يجعلها تقع في حبه كل يوم من جديد؛ كأن الأرض خلت من كل البشر إلا منه.
وضعت رأسها على صدره تستمتع بصوت دقات قلبه التي كادت تفقدها، وتركت أمرها وأمره بيد الذي لا يغفل ولا ينام، وحده قادر على تسير الامور وجعل المستحيل ممكن.
**********
بعد عدة أيام كانت غسق والطفلين في المطار مع حكيم وتالين وطفلها، ساجي لم يتركها منذ ليلة عقد القران، لكنه لم يقم بأي خطوة جريئة كأنه خائف من ردة فعلها، فقط بعض القبل، بل الكثير منها في الواقع والأحضان، لكنه لم يتجاوز معها، عندما ينجرفان في قبلتهما هو من يتوقف!
في المطار لم يختلف الوضع كثيرًا؛ قبل دخولهم لإنهاء الاجراءات طلب منها أن تأتي معه كي يريها أمر هام بالعمل في سيارته!
استأذنت من حكيم وتالين وتركت تيم وتيام معهما لتذهب معه، بعد عدة خطوات وجدته يدخلها لغرفة جانبية تبدو بأنها تخص المنظفين! ليقفل الباب بقدمه ثم يديرها لتكون مواجهه له وظهرها لباب الغرفة.
لم يعطيها فرصه لتشهق أو تستنكر حتى مال يلتقط شفتيها التي لا يرتوي من الشهد الذائب بهما مهما نهل منه.
لكنها دفعته عنها بسرعة وهي تلهث، لتقول بصوت حاولت جعله حازم:
- توقف ساجي، سوف تصيب شفتي بانتفاخ مثل كل مرة، وعندها سيعلم الجميع ما كنا نفعله منذ قليل.
أخذ يمرر سبابته على شفتيها اللتان بدأتا فعلًا بالانتفاخ وهو يقول بعبث:
- وماذا كنا نفعل؟ لقد نسيت هل ذكرتنِي؟.
مال ليقبلها من جديد، لكنها لفت وجهها فنزل يقبل رقبتها!
دفعته عنها مرة أخرى فقد أشعل نار الرغبة بداخلها بتلك الحركة:
- ساجي لا أمزح، توقف وإلا.
أطلق ضحكة عابثة وهو يضمها له بعد أن احمر وجهها بشدة:
- حسنًا لن افعل شيء حتى تعودي لا داعي للتهديد.
رفعت رأسها له وقالت في توجس:
- لماذا كنت تعتذر يوم اليخت؟ أعني أذكر بأنك قلت أنك السبب!
- السبب في ماذا؟
منذ ذلك اليوم وهي تسأل نفسها ذلك السؤال دون أن تجد إجابة مرضية! جزء منها يقول بأنه يعرف ما حدث ولذلك يعتذر، وجزء آخر لا يريد التصديق، حاولت سؤاله أكثر من مرة لكنها كانت تخشي من الإجابة دائمًا!
ضم رأسها لصدره وهو يقول في هدوء:
- لأني تجاوزت حدودي معك، أعرف بأنك تريدين زفاف لم تحضي به من قبل وأنا كدت أن أفسد عليكِ ذلك؛ كما أني وعدتك سابقًا لا إجبار بعد اليوم في أي شيء في حياتنا.
ترغب في تصديقه لكن شيء بداخلها لا يصدقه:
- هل أنت متأكد من أن هذا هو السبب فقط؟
أبعدها قليلًا لينظر في عينها:
- لا ليس الوحيد، في الواقع أريد أن أعيش معك فترة الخطبة بكل حذافيرها، فأنا لم أعشها من قبل.
رفعت حاجب الشر لتقول بين أسنانها:
- لم تعشها من قبل! ماذا عن خطبتك لروبين؟
انقلبت ملامح وجهه للغضب وهو بقول:
- لم تكن خطبة بالمعنى المعروف تعرفين ذلك؛ غسق أنتِ الأولى في قلبي ولم يدخله أحد آخر سوى أشيائك.
رغم أن كلماته لمست قلبها لكنها عاندت كعادتها:
- لا أصدقك منذ متى؟
- منذ أن أسقيتِ أضلعي بكِ فنبتت قلبًا متيمًا بكِ، الأمر تعدى كونه حب لقد أصبحتِ جزءً مني.
شعرت بنفسها تكاد تذوب بين يديه فعدلت من هندامها، وقالت بصرامة كاذبة:
- لو بقيت اسمع غزلك لن ألحق برحلتي.
فتح لها الباب وخرج مجبرًا حتى لا يرغمها على البقاء وإلغاء السفر.
- تعرفين لولا أنكِ ورطتني في العمل بتلك العقود وتخليكِ عن الادارة، لما تركتك تسافرين وحدك، فنحن لم نسافر معًا في رحلاتنا المسروقة من الزمن منذ مدة طويلة.
ضحكت في مرح وهي تخلل أصابعها بين أصابعه:
- لن تتغير أبدًا، ليكن في علمك لن نقدر على فعلها مثل السابق، لأن هناك طفلين يجب أن نأخذهما معنا.
توقف عن السير وهو يعقد حاجبيه وردد في صدمة:
- نأخذهما معنا! لا يمكن فما أريد فعله هناك لا يجوز لهم مشاهدته.
وضعت يدها على فمه:
- يا إلهي لم نتم زواجنا بعد وهو يخطط لذلك! انتظر بعد الزفاف وبعدها نتفاهم ونجد حل وسط.
- لا حلول وسط سوف أعين لهم مربية أو أي أحد؛ تلك الرحلات حقي ولن أتنازل عنها.
هزت رأسها وكانت قد وصلت لحكيم وتالين وهي تهمس:
- جُن الرجل.
كأنهم سيهاجرون للأبد وليست سفرة لشهر أو أقل، كان وداعه لهم حارًا، حتى أنها فكرت في إلغاء السفر، خصوصًا بعد أن انفجر الطفلين بالبكاء بعد أن دخلوا لمنطقة الإجراءات وبقي ساجي في الخارج يلوح لهم.
أما الرحلة فقد كانت أصعب بوجود ثلاث أطفال لم يكملوا العام، لكنها ارتاحت بعد أن وصلت لوجهتها، فقد اتصلت بالمربية قبل عدة أيام لتعلمها بقدومها.
****
بعد أن استعادت نشاطها في اليوم التالي ذهبت مباشرةً للاجتماع، وللصدفة كانت مشتاقة للجميع وهن كذلك.
قصت عليهن كل ما حدث بالتفصيل، حتى مشاعرها وخوفها من إتمام أمر الزواج وما يتبعها من علاقة جسدية.
خلعت الأستاذة نظرتها وهي تقول باستغراب:
- هل تعنين بأنكِ لم تقيمي أي علاقة حميمية طول الشهور التي مضت؟ أعني أعرف بأنه من الصعب علينا الدخول في علاقة جدية أو قصه حب، لكن حتى علاقة عابرة!
نظرت لها غسق وقد رفعت حاجب وأنزلت الآخر دون أن تجيب.
لتقول أم الأطفال:
- (جي) اصدقيني القول ولا علاقة، أعني أعرف الأمر صعب مع الأطفال، لكن ألم تنجذبي لأحد في البار أو في مكان لتفرغي رغبتك به.
انتابها شعور بالقرف فجأة:
- افرغ ماذا؟ هل أنا قطة في موسم التزاوج؟ ثم ماذا تعني علاقة عابرة؛ كيف أسلم جسدي لأي شخص هكذا.
كانت تريد أن تسمعهم المزيد من الكلام الذي يجعلهن يعرفن قيمه أنفسهن لكنها تذكرت فرق الثقافات لتزم فمها بقوة كي لا تقول أكثر.
هنا تدخلت الطبيبة:
- هدوء من فضلكن؛ أولًا لا تنسوا بأن غسق عربية ومسلمة، تربيتها تختلف، لن تقيم علاقه عابرة، ثانيًا لنبدأ بما حدث لك عندما قاربتِ من إقامه أول علاقة جسديه لكِ بعد الاعتداء، الأمر الجيد هو وجود الرغبة، الأمر السيء هو تذكر ما حدث وأنتِ مع شريككِ وهذا تفسيره أحد أمرين؛ إما أن تكون هذه آثار ما بعد الصدمة كما أعتقد ويمكن علاجها بعدة جلسات.
سكت لتشعر غسق بالقلق يعتريها، فقالت تحثها على الكلام:
- وما هو الاحتمال الآخر؟
- الاحتمال الآخر هو أن يكون بداخلك كره لساجي وتحميله ذنب ما حدث أكثر من آدم، لذلك يرفض جسدك إتمام المهمة؛ ولو كان الأمر كذلك فلن تقدري على الزواج منه وسوف أطلب منك بصفتِي طبيبتك النفسية أن تنفصلي عنه.

نهاية الفصل


ريما نون غير متواجد حالياً  
التوقيع
ريما معتوق رواياتي
غسق الماضي
س وس
سيل جارف
رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
#رواية#ماضي#غسق#حب#رومانسية# يتم#خيانه#زواج, #غسق#زواج#رومانسية#خيانة#حب# خداع#إجتماعي#موت#زواج_ثاني#� �م#اقارب

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 02:23 AM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.