27-01-23, 02:26 AM
| #1401 | ||||||||||
| كاتبة في قسم قصص من وحي الاعضاء 
|  اقتباس:
| ||||||||||
|  |
|
27-01-23, 05:13 PM
| #1402 | |||||||||
| كاتبة في قسم قصص من وحي الاعضاء
|  مهم تحديث بخصوص رواية وانطوت صفحة الهوى 👇👇👇👇👇 في الحقيقة لا يزال سوء الحظ ملازما لي.. فبعد معاناتي مع سوء خدمة الانترنت لاسبوعين ولا تزال الشركة عاجزة عن الوصول لسبب الانقطاع المتكرر للخدمة، فأن لوحة مفاتيح اللابتوب قد تلفت أيضا ولم تعد عدة أحرف تعمل.. 😭😭😭 سأشتري لوحة مفاتيح خارجية مؤقتا، لكن على هذا المعدل.. لن يكون باقي الفصل جاهزا بالكامل يوم الاثنين المقبل، ولكن سأبذل قصارى جهدي لكي انشر مشهدا كاملا طويلا من احداث الفصل.. 😳😳😳 ولكم حق الاختيار.. هل تفضلون المشهد لبحر أم لبوران؟؟ 🤔🤔 في انتظار اختياراتكم من خلال التعليقات.. وشكرا لتفهمكم قرائي الأحباء 🌹🌹🌹 | |||||||||
|
| |
|
30-01-23, 06:32 PM
| #1408 | |||||||||
| كاتبة في قسم قصص من وحي الاعضاء
| حبيباتي الغاليات.. شكرا جزيلا لتفهمكن من خلال إحصاء الآراء هنا، وعبر تعليقات القارئات على منشوري بجروب وحي الأعضاء على فيسبوك، فإن المشهد سيكون لبحر.. سأنشره فورا | |||||||||
|
| |
|
30-01-23, 06:34 PM
| #1409 | |||||||||
| كاتبة في قسم قصص من وحي الاعضاء
|  مشهد ممتد من قصاصة 41 مشهد ممتد من قصاصة 41.. وبإذن الله ننشر تتمتها كاملة بموعدنا الاثنين المقبل.. وشكرا جزيلا لتفهمكم قرائي الأعزاء  اليوم الخميس، موعد جلسته الأسبوعية مع الدكتورة مارية، لكن هذه الجلسة مختلفة كليا، فسفيان يتواجد حاليا بأسوان، ولن ينتظره بعد نهاية الجلسة كما المرات الفائتة.. ولأن هذه الجلسة هي الأهم في مشوار علاجه، فقد اشترط بحر أن تتم من خلال مكالمة مرئية عبر تطبيق Zoom حتى يحضرها سفيان أيضا.. أما هو، فقد اختار أن يتواجد بالسويس.. مدينته الحبيبة التي تمنحه أمانا ودفئا لم يجدهما بأية بقعة أخرى وطأتها قدماه حول العالم.. والآن يجلس بحر رفقة والده داخل شقة شقيقه فرات قيد التأسيس، جدرانها لا تزال عارية من أي طلاء ومحيطها فارغ إلا من طاولة خشبية عتيقة ومقعدين يماثلانها في القدم، ويضيء غرفتها الرئيسية مصباحا واحدا ذات ضوء أصفر مشع.. وكأن بحر يجبر نفسه على التواجد في محيط يشبه ذلك الذي سقط به أسيرا لشهرين متتالين، حتى يستعيد نفس مشاعره الغارقة في القهر والإحباط والوجل، حين يفتح جرة أسراره المظلمة.. لقد طلب من والده وسفيان أن يكونا حاضرين، لأنه أرادهما أن يستمعا لما سيرويه اليوم على مسامع الطبيبة، إذ أنه لم يكن واثقا من قدرته على إعادة البوح مجددا بعد نهاية الجلسة.. يشعر أن بوحه سيخرج اليوم مرة واحدة وإلى الأبد.. ويعوّل على والده أن يلتقط حطامه ويسنده لحظة انهياره وأن يظل قائده واثقا به برغم كل شيء حدث له ومنه بتلك البقعة من الجحيم، رافضا بكل صرامة أن يجعل أمواج طرفا في تحمل تلك الأعباء التي ينوء بها صدره.. مهما كانت حبيبته قوية، فإنها لن تتحمل أن تكتشف كم القهر الذي تعرّض له حبيبها على يد أولئك الشياطين بجحيمهم المقرف، حيث يمارسون السادية وجرائم الحرب كهوايات جانبية.. جلس بحر إلى الطاولة وإلى جواره والده، مخرجا حاسوبه اللوحي وتأكد من ضبط إعدادات الولوج للانترنت عبر خدمة لا سلكية، ودلف إلى حسابه عبر تطبيق Zoom ليتصدر ووالده إحدى الشاشات، بينما يظهر سفيان على شاشة أخرى، والدكتورة مارية على الشاشة الثالثة.. قال سفيان إن شادن تتابع التوأم اللذين يمارسان السباحة بحمام السباحة المخصص للأطفال على سطح الفندق، وإنه يمنح صديقه اهتمامه الكامل مستشعرا أن ما سيفصح عنه بحر من اعترافات سيكون حاسما في علاجه من أكثر من زاوية.. أغلق سفيان بعدها الميكروفون الخاص به، بناء على توصية الطبيبة التي قررت أن تدير الجلسة وكأنها تجالس بحر وحدها، بينما يرافقهما سفيان والعم عدنان كشاهدين صامتين.. بدأ بحر حديثه بأظلم أسراره، حيث هتف بحرقة: "لقد حولوني من مقاتل لقاتل".. ناظره سفيان متفرسا، رافضا أن يترك أي انفعال محدد على وجهه كيلا يثير حفيظة صديقه، فيتوقف عن البوح، بينما استشعر والده الخطر، فربت بكفه على يد ابنه الذي يسنده على ركبته أسفل الطاولة الخشبية.. سألته الدكتورة مارية أن يفسر، فناظر والده قائلا بشيء من العشوائية: "أتذكر حين دلفت لغرفتي بمنزلنا يا أبي قبل أشهر، وأخبرتني أنني يوما ما سأستيقظ ولن أجد آثرا لذلك الحادث سوى تلك البحة بصوتي؟؟ لقد صدقتك يا أبي.. وبذلتُ مجهودا كبيرا كي أستعيد نفسي بعد أن لمست نبتة أمل انغرست بداخلي وبدأت تنمو ببطء كلما قاومتُ ذلك الموت الذي كنت أجلس بركود أنتظره.. غير أنني لم أشعر فعليا بشيء من الانتصار والتحرر إلا حين قرأتُ خبر إعدام ذلك الوغد زعيم المتمردين الذي كان مسئولا عما أصابنا جميعا".. عقد سفيان حاجبيه باهتمام، لكنه لم ينبس بكلمة كما وعد الطبيبة، وإن كانت انفعالاته قد مرت على صفحة وجهه بوضوح ليقرأها صديقه الذي تابع: "وقتها شعرتُ أن هذا هو الوقت المناسب للإفصاح عما أكتمه بصدري وأخجل من الاعتراف به أمام أحد.. لكنني أثق يا أبي أنك لن تسيء الظن.. كما أن قائدي سيتفهم ما فعلته.. أو على الأقل هذا ما آمله".. أخذ بحر يسرد على مسامع شاهديه وطبيبته، بعضا مما تعرض له من تعذيب وتنكيل.. بعضها كانت تعرفه الدكتورة مارية بالفعل مثل تعذيبه بالإيهام بالغرق، والاحتجاز بأماكن ضيقة كالتوابيت، وأخرى مظلمة عطنة الرائحة، حتى انتقل للسر الرئيسي الذي كان ينتظر الجميع إفصاحه عنه.. أخبرهم بحر كيف كان الإرهابيون يقيدونه إلى كرسي، ويبدؤون بتعذيب المعتقلين الآخرين، ويطلبون منه أن يختار بنفسه طرق التعذيب حتى يقللوا من إيلامهم المتعمد لضحاياهم، وبالنهاية، حاولوا إجباره على اختيار من يقتلون من ضحاياهم المحليين.. فلمّا رفض الانصياع، جعل قائدهم قطه البري المتوحش ينهش رقبته ليورثه ندبة وبحة بصوته لا تزولان، قبل أن يشعر بثقل أنفاسه حين لم يعد أمامه سوى البوح بآخر أسراره.. تنهد بحر وقال بينما تسيل دموعه دون توقف: "بالنهاية وضعوا المسدس بيدي، ثم قام أحدهم بضغط إصبعي إلى الزناد ليجبرني على إطلاق الرصاص على الضحية.. والمؤلم أن الجندي القتيل كان مبتسما لحظة قتله، لأنه شعر أنه سيتخلص أخيرا من آلامه وسينتهي عذابه على يديّ.. لقد جعلوني قاتلا.. جردوني من أسمى معاني مهنتي وأنبلها.. وأصبحتُ شريكهم في التنكيل والتعذيب.. والقتل".. أنهى بحر كلماته وقد سقط جاثيا على ركبتيه يبكي بحرقة، ليتبعه والده الذي التقطه بين ذراعيه يشاركه البكاء في لحظات اختفيا فيها عن عدسة الكاميرا تماما.. لحظات أمضاها سفيان مشتعلا بالغضب الحارق.. يريد لو يحقق الانتقام لصديقه الذي خسر الكثير من إيمانه بنفسه وبكبريائه، وقد تشوشت أفكاره ليصل لدرجة من درجات الشعور بالانتقاص من شرفه العسكري وعقيدته القتالية.. أما الدكتورة مارية، فكانت نظراتها مغلفة بالتعاطف والإشفاق، لكنها ظلت تزم كفيها أسفل مكتبها وتناظر بعينيها المصباح المشتعل بالسقف حتى تشتت دموعها وتمنعها من الانسياب، محتفظة بمهنيتها حتى اللحظة الأخيرة.. من المؤكد أن جلستها القادمة مع مستشارها الخاص ستكون ثقيلة ومقبضة.. عملها يؤلم روحها ويستنزف سلامها الخاص، لكن عزاءها أنها بالتخلي عن بعض بريقها، فإنها تمنح من تسكنهم العتمة جذوة من الضوء تعينهم على تحمّل مشاق الطريق نحو التحرر من أوجاعهم الداخلية.. بعد قليل، سمع بحر الطبيبة تقول إنها تفضّل إنهاء الجلسة عند هذا الحد، فبحر ليس مستعدا لتبادل النقاش معها حول ما ألقاه من اعترافات، كما خرج سفيان نفسه من المحادثة صمتا، ففهم بحر أن ما توقعه قد حدث بالفعل، وأن سفيان لم يعد يحترمه كمقاتل.. أما والده، فقد قال مشفقا: "هيا لبيتنا يا بحر".. "لا.. لا أريد العودة للبيت يا أبي.. خذني للكهف.. سأرشدك للطريق لو نسيته.. معي عدة التخييم بالسيارة، ويمكنك العودة للمنزل بعد أن توصلني، ثم ترسل لي فرات صباحا".. قاد والده السيارة بصمت، يناظره من آن لآخر فيجده يرجف محاولا إخفاء رجفته، فيربت على ركبته بحنوٍ ودعم، حتى وصلا للكهف.. سارع بحر يمدد سريره بعد أن أشعل بعض النيران للإضاءة وإبعاد أي حيوانٍ ضالٍ، فوجد والده يخرج غطاء ثقيلا، ليفرده إلى جوار سرير بحر قائلا: "وأنا سأنام هنا إلى جوارك".. هتف بحر مستنكرا: "لا يا أبي.. عد للمنزل.. لن تتحمل صحتك النوم على تلك الأرض الصخرية الصلبة، كما لن تتحمل النوم في العراء.. سيتكسر جسمك وقد يصيبك البرد ".. ابتسم والده وقال مداعبا: " وإن أصابتني أمراض الدنيا كلها، لن أتركك هذه الليلة"، ثم توقف ليربت على كتف ولده بحنو، ليتابع بنبرة أهدأ: "لا تخف.. لا زلتُ شابا يا ولد".. منحه بحر ابتسامة هشة، ثم قال: "إذًا لتنام أنت داخل سرير التخييم لتدفأ".. رد والده: "الجو أساسا رطبا بعض الشيء داخل الكهف كوننا بأواخر الربيع.. ما رأيك أن نفتح سحاب السرير ونحوله لفراش ثنائي وننام سويا على حشوته المريحة، ونتدثر بالغطاء معا.. تماما كما كنا نفعل بطفولتك حين ننام ثلاثتنا معنا برفقة والدتك.. أم تُراكَ قد كبرتَ على والدك يا ولد".. ابتسم بحر لوالده بدفء، واستجاب لطلبه، فتمددا جنبا إلى جنب على الفراش، قبل أن يشعر بوالده يربت بيده على كتفه قائلا: "أريد أن أخبرك شيئا يا بُني.. أنت فقط اسمعني ولا تعلق.. هل تعلم أن الله يغفر إذا اضطر العبد المؤمن لإعلان كفره مكرها بينما قلبه عامرٌ بالإيمان خوفا من التنكيل والإيذاء والتعذيب؟" حين لم يعلق بحر برغم إنصاته لوالده، تابع الأخير: "أي أنك إذا اضطررت لإطلاق النار تحت تأثير التعذيب والتنكيل أو حتى بسبب عدم قدرتك على المقاومة والتفكير بحكمة نتيجة إجبارك على البقاء متيقظا عدة أيام متتالية أو إيهامك بإغراقك بالماء.. كلها أساليب نفسية للتعذيب قد تجرد الإنسان من سلامته العقلية.. وأنت يا بُني بطل.. لقد قاومتَ طويلا".. "بطل؟" سأله بحر باشمئنزاز من نفسه، ليقبّل والده كتفه بحب، ويتابع: "بطلٌ ملء السمع والبصر.. ومقاتل حمول.. أنت لم تضغط الزناد نهائيا برغبتك.. بل هناك من مد إصبعه وأجبرك على ذلك.. أي أن إصبعك بتلك اللحظة كان خارج نطاق تحكمك فعليا، إذ كنتَ مقيدا عاجزا عن إبعاد يدك.. بل إنك حاولت وقاومت، فكان عقابك جرح رقبتك الذي كان من الممكن أن يودي بحياتك لولا رأفة الله بك وبنا".. ظل بحر على صمته، وإن كانت كلمات والده قد وجدت سبيلا لتتسلل عبره إلى داخل عقله هربا من تلك الغيوم الداكنة التي تحول دون طرده لتلك الأفكار القاتلة لروحه.. تابع عدنان الديب يقول بصوته الرخيم: "لا يمكنك أن تحاسب نفسك على تصرف تجردت فيه من الحرية للرفض أو حتى المقاومة.. أنت فعلتَ ما فعلتَ لتنجو، وليس هناك عيب في ذلك.. لقد تحملت من التعذيب ما تحملت حتى وصلت لنقطة اللا عودة.. غيرك كان من الممكن أن ينهار بعد أسبوع واحدٍ.. لكنك يا بُني قاومت بأقصى قوتك وتحملت شيئا شديد البشاعة.. لذلك أنا فخورٌ بكَ أيما فخر".. "أنت فخور بي.. أنا؟" سأل بحر والده بتوتر، بنبرة فتتت قلبه، إذ تحدث بتشكك ابن ضال، وبوجل طفل تائه، ليرد والده بنبرة شديدة الصدق: "كنتُ دوما فخورا بك، لكن فخري قد تضاعف بعد ما رويته اليوم.. لقد انتصرتَ يا بحر على من نكلوا بك.. أنت بطل حتى بدون بدلتك الرسمية وأوسمتك.. لكن حربك هذه المرة يا بطل ساحتها ذكرياتك السيئة، وأسلحتك فيها عقلك وعزمك.. حربك لم تنتهِ بعد يا بطل، وأنت ستكملها من أجل عائلتك لتنهض بعد تلك الكبوة القاسية.. كان تعثرا شديدا، لكنك لم تسقط.. انزلقت لكن ساقيك لم تنكسرا.. ستستعيد توازنك وتقف ثابتا من جديد، بقلب يضيء بالحب والإيمان، وهامة مرفوعة تعانق عنان السماء.. أنت بحرٌ لا يعرف الجفاف أو الغرق".. استدار بحر يمسك كف والده، فيلثمه بامتنان، ليهمس الأخير بنبرة مشحونة بمشاعره تجاه ابنه الأكبر: "سأزيد ما نخرجه من الصدقات، وسأجعل أخاك فرات يرشدنا أنا وأمك لبعض الأنشطة التطوعية هنا في المدينة لمساعدة المساكين والفقران حتى يفك الله كربك.. لن أدخر جهدا حتى تستعيد نفسك من جديد.. وإذا احتجتنا إلى جوارك، سننتقل جميعا للقاهرة لأجلك، أو لتعد إلى السويس إذا كنت راغبا".. ابتسم بحر وقال: "لا أحتاج سوى الشعور أنك سندي يا أبي.. أنت ستتلقفني إذا تعثرت".. "أنا دائما بظهرك يا بُني".. قالها عدنان متعهدا كأنه يقسم لابنه على دعمه اللا متناهي له، ليبتسم ابنه ابتسامة تشبه كثيرا خاصة والده، ليقول: "فقط ادعُ لي يا بشمهندس عدنان أن يلين عقل تلك القاسية أمواج وتقبل عودتنا".. بادله والده الابتسام ليقول بنبرة عليمة: "حتما ستقبل.. هل لبحر سوى أمواجه؟".. في الصباح، استيقظ بحر أولا، فنهض جالسا يناظر والده الذي تسللت على كتفه وصدره أشعة الشمس من بين شقوق الجدران الصخرية لمدخل الكهف، حتى تململ والده، وفتح عينيه، ليناظر ابنه بدهشة أولا، قبل أن تتوالى ذكريات ما جرى الليلة الماضية على رأسه، ليجلس معتدلا بتعب وقد تيبست عضلاته وأنّت عظامه، فيسحب ابنه لعناقٍ رحبٍ بين ذراعيه.. وبتلك اللحظات، لم تتجرأ همومه على أن تطل بوجهها القبيح، محاولة سرقة وعيه وأفكاره.. نهض بحر أولا ثم ساعد والده على النهوض، قبل أن يلملم فراشهما المسائي ويطفئ بقايا النار، ليغادرا مدخل الكهف متجهيْن صوب سيارة الابن.. لكنهما عندما وصلا إليها، فوجئا بسيارة أخرى مصفوفة إلى جوارها.. سيارة يعرفها بحر جيدا.. انفتح باب السائق، ليخرج منه سفيان بهيئته المهيبة، بينما تراجع بحر خطوة للوراء مطرقا رأسه، في تصرف لم ينتبه إليه سوى صديقه الذي يحفظه جيدا، بينما انشغل الأب بتحية سفيان ومصافحته قبل التحرك لملاقاة ابنه الأصغر فرات الذي كان يجلس إلى المقعد المجاور لخاصة سفيان.. اقترب سفيان من صديقه، فيما ظل بحر متجمدا بمكانه، يريد أن يتلاشى كليا قبل أن يرى نظرة احتقار بعينيّ قائده.. حين وقف سفيان أمامه مباشرة، ظل بحر مطرقا عينيه يخشى أن يحرك جفنيه، ليأتيه صوت قائده الصارم يقول بحزم: "انظر إليّ".. رفع بحر عينيه بتردد وخشية متوقعا أن يصطدم بنظرات مشمئزة، لكنه لاقى نظرات ملتمعة بثقة وفخر، قبل أن يسحبه سفيان لعناق رجولي خشن، يتمتم بـ "فخور بك يا خِمتوْ"، بينما يربت على ظهره وكتفه بضع مرات متتالية بدعم واعتزاز.. حين تفرقا، قال سفيان: "ألن تدعوني للفطور في مدينتك؟" جلس بحر إلى جوار سفيان بسيارة الأخير، فيما تحرك فرات لسيارة بحر - التي بالأساس تخص سفيان أيضا – لكي يعيد والده للمنزل، بينما وصف بحر لقائده الطريق لمطعم قريب يطل على الخليج.. فور أن جلسا وطلبا طعامهما، هتف سفيان بصديقه بحنق: "هل كان عليك أن تقوم بالاعتراف الكبير وأنا بشهر العسل أيها الوغد؟ أتوقع أن الأمر مقصود، وأنا لن أسامحك إطلاقها على إفسادكِ لعطلتي القصيرة ودفعي لقطعها والعودة سريعا للركض خلفك إلى السويس.. لقد قطعت البلاد من أقصاها لأقصاها لأجلك يا وغد".. ابتسم بحر وقال محرجا: "أقسم بالله لم يكن الأمر متعمدا نهائيا.. أنا فقط شعرت بحاجة للبوح حين شاهدت خبر إعدامه بالتقرير الإخباري".. ربت سفيان على كتفه، وقال: "كنتُ أمازحك فقط يا وغد، لأن ذلك الوجه الذي قابلتني به عند الكهف لم يعجبني نهائيا.. أنت تتلمذت كمقاتل على يد القائد سفيان مرتجي.. هل تظنُ أنني قائد لمتخاذلين؟" هز بحر رأسه نفيا، ليتابع سفيان بصوته الجاد الذي يخصصه عادة لساحات وميادين القتال: "أتذكر تعليماتي لك ولزملائك بالكتيبة حين كنتُ أضع الخطط لمعاركنا؟ إن المعارك يا خِمتوْ لا يمكن الفوز بها مرة واحدة، بل هي رحلة طويلة متعددة المراحل من أجل الوصول للنصر.. كل يوم هو مرحلة بتلك الرحلة بحد ذاته.. بعض الأيام تكون فيه المواجهات محتدمة والقتال بأعنف حالاته، وفي أيام أخرى يتحقق النصر حين لا تدع هزيمتك تدفعك للاستسلام وترك القتال.. وبعض الأيام، مثل اليوم.. يصبح انتصارك الأكبر هو ألا تفقد بصيرتك وتختل رؤيتك لما هو أهم".. ناظر بحر قائده بإجلال، ليتابع سفيان: "أنت خسرت معركة عنيفة بذلك المستودع، واهتز بداخلك شيء، جعلك تفقد رؤيتك لطريقك فتعجز عن الاضطلاع بهدفك الأساسي.. أن تهتم بنفسك وبأسرتك وعائلتك الكبرى.. لقد تشوشت الأمور عندك بعض الشيء، فظننت أن الهرب والاختباء سيجعل الجميع يتجاهلون خيبة الأمل التي تكلل جبينك لشعورك بالذنب تجاه ما صار لهؤلاء الجنود، لكنك لم تفكر لحظة، كم يقدرك الجميع لمقاومتك لما مررت به.. كم يشعر الجميع بالامتنان لأنك عدت.. فقط لأنك عدت يا بحر".. أومأ بحر صمتا، وقد شعر أن أي شيء سيقوله حاليا، سيجعله ينتحب كالأطفال، لذا فقد استغل وصول الطعام، وأخذ يأكل بشهية واسعة، ليناظره سفيان بابتسامة مستبشرة، قبل أن يقول موبخا: "لكنني سأخصم لك راتب يومين لأنك قطعت عليّ رحلة شهر العسل.. أعرف أنك فعلت هذا عمدا حتى تنتقم مني لأنني حصلت على إجازة، بينما أنت غارق بالعمل".. | |||||||||
|
| |
 |
| أدوات الموضوع | |
| انواع عرض الموضوع | |
|
|
12256Likes
العرض العادي
