آخر 10 مشاركات
ليلة مع زوجها المنسي (166) للكاتبة : Annie West .. كاملة (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )           »          دانبو ...بقايا مشاعر (الكاتـب : ahlem ahlem - )           »          دين العذراء (158) للكاتبة : Abby Green .. كاملة مع الروابط (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )           »          و آن أوان قطافك * مميزة **مكتملة* (الكاتـب : ahlem ahlem - )           »          العشيقة البريئة(82)للكاتبة كارول موتيمور(الجزء الثالث من سلسلة لعنة جامبرلي) كاملـــه (الكاتـب : *ايمي* - )           »          بروحي أشمُّ عطرك(81)(مميزة) _حصرياً_قلوب نوفيلا_للرائعة(bambolina) كاملة+الروابط (الكاتـب : bambolina - )           »          أهلاً بكِ في جحيمي للكاتبة الفاتنة: عبير قائد (بيـــرو) *كاملة & بالروابط* (الكاتـب : Omima Hisham - )           »          قيدك الماسي (7) -رواية غربية- للكاتبة المبدعة: Shekinia [مميزة]*كاملة &الروابط* (الكاتـب : shekinia - )           »          321- سهام من حرير - ميراندا لي (الكاتـب : ^RAYAHEEN^ - )           »          تائــهــة في عتمتـك (الكاتـب : نسريـن - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء

Like Tree12256Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 21-03-22, 11:28 PM   #151

مروة سالم

كاتبة في قسم قصص من وحي الاعضاء

 
الصورة الرمزية مروة سالم

? العضوٌ??? » 482666
?  التسِجيلٌ » Dec 2020
? مشَارَ?اتْي » 1,756
?  مُ?إني » مصر
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » مروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   ice-lemon
?? ??? ~
Why so serious?
Rewitysmile21 وانطوت صفحة الهوى - القصاصة السادسة: القسم الأول


القصاصة السادسة
(كتأثير الدومينو)


ثمة نظرية علمية تقول إن أي تغيير صغير ينتج عنه تفاعلا متسلسلا، ويؤدي ذلك التفاعل إلى تغيير مماثل في المحيط والذي بدوره سيُحدِث تغييراً مماثلاً يتحرك في تسلسل خطي متتابع.. تماما مثل سقوط قطعة من الدومينو لتتسبب في سقوط ما حولها..
في النهاية، قد لا تسقط كل قطع الدومينو نتيجة هذا التأثير، ولكنها ستهتز قليلا، فتختل وتستند على قطعة مجاورة لها.. لكنها في كل الأحوال لن تقاوم هذا التغيير أو تظل ثابتة في موقعها..
والبشر - كقطع الدومينو - يقفون متراصين برسوخ وثبات في معترك الحياة إلى أن يحدث تغيير في المحيط، فيسقط بعضهم، والبعض الآخر يتخلخل اتزانه ويميل محاولا الاستناد على من يجاوره في محاولة لعدم السقوط تحت تأثير الصعاب..




يوم طويل مرهق آخر في العمل، استنفد فيه كل طاقته، فيخطط للعودة لبيته وبذهنه ترتسم خيالات ملونة عن بضع ساعات من الراحة التي ينشدها جسدها وعقله بعيدا عن آية منغصات..
كان هذا أقصى أماني آدم الذي ما أن دلف إلى البيت، حتى أخضعته والدته لاستجواب جديد عن كل تفاصيل يومه، فاستسلم لأسئلتها يمنحها الإجابات كيفما اتفق، ثم تناول معها عشاء هادئا.. أو قل رتيبا.. مملا.. لا حياة فيه..
ومع نهاية الروتين المعتاد لأيامه، لم يعد آدم ينشد الراحة المأمولة، بل توجه إلى غرفة المعيشة ليبدأ سهرته المعتادة في.. اجترار الذكريات..
كان يومه جيدا إلى أن جعلته إحدى الممرضات يشاهد مقطعا صوتيا على هاتفها.. فتبددت حالة الانتشاء الفخورة التي تلّبسته بعد أن أجرى ثلاث جراحات ناجحة متتالية، إلى حالة أخرى من الضبابية الكئيبة..
لقد استمع إلى صوت ذلك الذي كان حماه في يومٍ من الأيام.. والد حبيبته.. من يُفترض به أن يكون درعها وقلعتها الحامية ضد كل اعتداء.. يتحول لنصل غادر يطعن كبرياءها وكرامتها علنا دون رادع..
كان يريد أن يترك كل ما لديه ويذهب إليها ليخبئها بين أحضانه ويخبرها أن كل شيء سيكون على ما يرام، ولكن كيف ذلك وبينهما جدارٌ صلدٌ ينأى كلا منهما عن السعي لتفتيته..
هزيمة أحدهما هي انتصار لكليهما.. ولكن أنى لمن يتسلح بالتكبر أن يستطيع تحطيم درع غطرسة خصمه؟؟..



في الغرفة المجاورة، كانت الشرارات تشعل نارا أخرى بقلب الدكتورة رقية والدة آدم، والتي تلقت لتوها مكالمة هاتفية من صديقتها الدكتورة هالة التي سألتها مباشرة: "هل خبر عودة الدكتور آدم لتلك الممرضة صحيح؟"
جحظت عينا الدكتورة رقية دهشة، لكنها سألتها تطلب تفسيرا عاجلا: "ما هذا الكلام؟ لقد انتهينا وانتهت قصتنا معها.. من أين خرج هذا الكلام مجددا؟"..
ردت الدكتورة هالة: "ابنتي رحاب شاهدت الخبر على مواقع التواصل..هناك صورة تجمعهما.. صورة غريبة يظهران فيها بملابس مبللة.. وتلك الممرضة ترتدي سترة ابنك الدكتور آدم.. كما أن هناك مقطع صوتي منتشر يقال إنه لوالدها، يسبها ويهينها ويتهمها بالجحود"..
لم تصدق الدكتورة رقية ما التقطته أذناها، فطالبت صديقتها أن تسارع بإعادة إرسال تلك المنشورات إليها كي تطالعها بنفسها..



أما آدم الذي بدأ جلسته باجترار الذكريات، تحوّل من حالٍ لحالٍ بعد أن مرت بمرآة عقله بضع ومضات لسع بريقها أجفانه فاحتجزت البلل بداخلها كيلا يضيع ما تبقى من كبريائه.. حتى أمسى لمن يراه، يبدو كمن سقط في حفرة من جحيم الأفكار تكبّل إرادته، فيشعر بالاحتراق ولا يطلب النجاة.. إلى أن فوجئ برسالة منها عبر تطبيق (واتساب)..
من ذكراه..
الرسالة كانت صغيرة ومقتضبة.. عبارة عن نسخة مصورة من منشور متداول لصورة تجمعهما ويذيّلها تعليق يُوحي بعودتهما معا بعد الطلاق..
وقبل أن يتمكن من استيعاب ما يقرؤه ويخرج برد فعله مناسب، وصله رسالتها التالية التي كانت أيضا نسخة من رسالة مهينة لوالدها تشرح كيف أراد بنشره لها أن يسيء لسمعتها ويضمن عدم عودتها لآدم نهائيا..
زفر آدم بضيق وهتف بحنق مشتعل: "لا أصدق ما يفعله هذا الرجل.. كيف يسيء لكرامة وسمعة ابنته هكذا؟ أمن أجل حفنة أموال يجاهر بشرف ابنته وكبريائها هكذا؟.. ليتني استطعت حمايتها منه... ليتها فقط سمحت لي ولم تتشبث بدرع كبريائها.. تبا لكِ يا ذكرى"..
يعلم جيدا كيف تشعر حين ينزف كبرياءها بعد كل مرة تنجح فيها بترميمه؟ ولكن كيف يفكر في سبيل للتسرية عنها وهي التي تركته معلقا في جحيمه الخاص رافضة حتى أن تطمئن مخاوفه بكلمة واحدة قاطعة؟
وبينما يفكر آدم في طريقة يواسيها بها ويخفف عنها دون أن يبدو متلهفا أو راغبا في استعادتها، فوجئ برسالة ثالثة مقتضبة منها تقول نصا: (أنا آسفة)..
رعشة احتلت أصابع آدم، فاهتزت يداه الحاملة للهاتف، وأخذ يفكر بأسف: (علامَ تعتذرين يا حبيبة العمر؟ على المغادرة؟ على عهود الصمت؟ أم على تصرفات والدك التي لا ذنب لكِ فيها؟)
وقبل أن يفلح في الرد، كانت والدته قد اقتحمت جلسته، فاضطر أن يرد عليها باقتضاب كيلا تظن أنه قرأ رسائلها وتجاهل الرد، فسارع بتدوين كلمتين فقط: (لا عليكِ).. ثم استسلم لجلسة استجواب جديدة من والدته..



وعن تلك اللي وصلتها رسالته وسط جلستها مع صديقاتها بداخل المقهى، فقد تحجرت الدموع في مقلتيها اللتين طالعتا رسالته الباردة:
(لا عليكِ)..
منزوية تماما عن حديث صديقاتها، تستعر في جحيمها الخاص، أخذت ذكرى توبخ نفسها فتهمس بداخلها: (ماذا توقعتِ؟ هل كان سيركض إليكِ لتجفيف دموعك؟
هل تظنين أن آدم عزازي سيترك كل مسئولياته ليقف خلفكِ سندا لكِ؟ ألم يكن واحدا من الأسلحة التي حاربتكِ بها الحياة لتنزع قوتكِ وتخضعكِ قسرا؟)
ولم تدري ذكرى أن دموعها قد انسكبت أنهارا كئيبة على وجنتيها تشي بهزيمة جديدة تركت آثار سياطها القاسية على ملامحها الجميلة، إلا عندما سارعت زهو التي تجلس جوارها مباشرة باحتضانها والربت على ظهرها بحنان، بينما تهمس في أذنها بكلمات مشجعة مطمئنة.. تطيّب خاطرها وتملس برفق على كرامتها المكدومة..
بعزم تجدد بداخلها ليعيد لها بعض القدرة على تحمل كبوة جديدة، أبعدت ذكرى نفسها عن ذراعيّ زهو الحانيين، ثم سارعت بكفكفة دموعها وتجفيف وجنتيها، وهمست بنبرة مسموعة غلفتها بالقوة الكافية لكي تصدقها صديقاتها: "أنا بخير.. أنا بخير"، ثم أمسكت هاتفها واكتفت فقط بالرد بوجه تعبيري تمنحه ابتسامة سخيفة ويجاورها تعليق، كتبت فيه:
( ستمر كغيرها.. جبر الله بخاطرك يا دكتور آدم )

يتـــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــبع



مروة سالم غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 21-03-22, 11:33 PM   #152

مروة سالم

كاتبة في قسم قصص من وحي الاعضاء

 
الصورة الرمزية مروة سالم

? العضوٌ??? » 482666
?  التسِجيلٌ » Dec 2020
? مشَارَ?اتْي » 1,756
?  مُ?إني » مصر
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » مروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   ice-lemon
?? ??? ~
Why so serious?
Rewity Smile 1 وانطوت صفحة الهوى - القصاصة السادسة: القسم الثاني

وعلى الجانب الآخر، كانت المواجهة في وضع الاشتعال بين آدم الذي احتقنت مشاعره وتملكه الانفعال لرغبته في الانفراد بنفسه كي يطمئن تلك الجريحة، ووالدته التي انفجرت أمام عينيها كل علامات الخطر الحمراء، تنذرها أنها لو لم تسحب اللجام مبكرا، سيلفت من بين يديها حصانها المروض نحو البرية حيث يتحرق شوقا ..
وضع آدم هاتفه جانبا، وشد قامته تحفزا لعدوان والدته المتوقع، والتي باغتته بأولى لكماتها اللفظية: "هل ستعود لتلك الطفيلية الحقيرة من جديد؟"..
نهض آدم منفعلا وبادلها الهجوم، ولكن بنبرة بدت واهنة أمام جبروتها: "ذكرى ليست طفيلية حقيرة يا أمي"..
أكملت أمه وكأنها لم تسمعه: "لماذا لم تستعد عقلك حتى الآن؟ تركتك لعامين كاملين حتى تنساها تماما وتعود لحياتك السابقة.. طلبت منك أن نذهب ونتقدم لطلب يد رحاب وأنت ترفض وتحرجني أمام والدتها الدكتورة هالة.. أي سحر لعنتك به تلك الحقيرة لكي تلف عقلك حول إصبعها هكذا بلا قدرة على الابتعاد؟"
زفر آدم بضيق وهتف: "يا أمي.. ذكرى ليست حقيرة.. متى ستقتنعي أنها امرأة رائعة؟.. إنها أقوى امرأة عرفتها.. فتاة عصامية طموحة تحتمي بالكبرياء وعزة النفس، فلم تتنازل أبدا من أجل تحقيق أحلامها.. ذكرى هي أميرة حلت عليها لعنة خبيثة حوّلتها لأسيرة تضطر..."..
قاطعته أمه هادرة بعنف: "بل حقيرة ومغرورة.. كانت تتحداني وتتحداك منذ زواجكما.. يا إلهي.. هل نسيت سريعا ما فعلته تلك المتنمرة ليلة طلاقكما؟ كيف تنسى بعد أن تسببت فعلتها في تلك الوصمة التي شوهت وجهك ودمغته كعلامة على قذارتها ترفض أنت حتى إزالتها بجراحة تجميلية؟"
أطرق آدم رأسه ضيقا، فتابعت أمه لكماتها القاسية أملا أن تفيقه من تخيلاته الملونة: "لم تكن تليق بك من البداية.. وما زالت تسعى لتجرك خلفها كجرو صغير.. اسمع يا آدم.. فكرة أن تعود لتلك الحقيرة مستحيلة.. فلا ترخِ أحبال تفاؤلك بلا فائدة"، ثم غادرت الغرفة باترة أي رد فعل محتمل منه..
والأخير سقط في بركة من قار اليأس، حين طالع شاشة هاتفه ليشاهد رسالتها الباردة تقطع عليه آية فرصة أخرى لتبادل الحديث معها ومواساتها، فارتمى بين أحضان الصمت والتحف التغابي واستسلم لسلطان النوم..



وفي المقهى، كانت ذكرى قد هدأت تماما بعد تناولها لقطعة من حلقات الكعك الأمريكي المغمور بصوص الشوكولاتة، لتودع مع آخر قضمة منه بقايا حزن وخذلان، قبل أن تبتسم لصديقاتها بجزل فتظهر غمازتاها اللتان تزيدانها حيوية وجمالا، لتتنهد زهو بارتياح..
أما أمواج صاحبة الطاقة المشتعلة دائما، فقد حثت صديقتها هاتفة: "لا أريد التدخل في حياتك العائلية يا ذكرى، لكنني أرى أن مثل تلك الشائعات لا يجب مواجهتها بالصمت.. يجب أن تنشري تكذيبا لكلمات والدك.. فأنتِ بطبيعة الحال شخصية عامة.. نوعا ما.. لذا يجب أن توضحي الحقائق كاملة لمتابعيك"..
ردت ذكرى بثقة: "في الوقت المناسب"..



في السويس، دخلت فاطمة إلى غرفة ابنها بحر حاملة كوبا من الشاي بالنعناع، فوجدته يهم بحزم بعض ملابسه في حقيبة سفر صغيرة، فقالت بنبرتها الحنونة: "لن أسألك عن سبب تورم وجهك هكذا كالمجرمين.. أعرف أنك لن تفصح.. ولكنني أخبرك فقط.. المرة القادمة التي تعود فيها إلى المنزل مكدوما هكذا.. سأجعل والدك يكمل المهمة بكفه ليعيد إلى ذاكرتك بعضا من التهذيب الإجباري الذي كان يسيطر به على شقاوتك المفرطة في طفولتك.. ولكن كيف له أن يضرب رجلا يماثله طولا وعرضا؟"
أطرق بحر رأسه رافضا التعليق، بينما تابع ملء حقيبته برتابة، فسألته: "لماذا تحزم ملابسك؟ هل ستسافر؟ ألم تكن بالفعل في القاهرة صباح اليوم؟"
زفر بحر وهمس من بين أسنانه بضيق: "تبا لك يا فرات.. أخبرتك ألا تعلن عن الأمر"..
هتفت أمه بغيظ: "بماذا تهمس لنفسك؟ ارفع صوتك دعني أسمعك"، لكن بحر لم يرد عليها بل توجه نحو كوب الشاي وأخذ يرشف منه متجنبا النظر إلى أمه..
تحركت والدته صوب الحقيبة، وأكملت حزمها سريعا بعد أن أضافت إليها بعض الجوارب ومنشفتين، ثم قالت بنبرة عازمة: "إذا كنت ستتوجه إلى القاهرة.. خذني معك.. أريد أن أزور خالتك فايزة.. لقد اشتقت إليها كثيرا.. وبذات الوقت أقضي بعض الوقت مع حفيديّ.. لا أشبع منهما أبدا"..
تجمد بحر لثانيتين عندما جاءت والدته على ذكر خالته وابنيه، لكنه تابع ارتشاف الشاي برتابة، وقال: "لا بأس.. لأوصلك لبيتها وأتحرك أنا إلى مشواري"..
لم تفلح محاولات والدته في الإمساك بلجام فضولها، فأطلقت سؤالها: "وما هي طبيعة مشوارك؟"
رد بحر بملل: "سألتقي سفيان.. يريدني لأمر هام"..
هتفت أمه بأسف: "سفيان؟ يا الله.. كم قصرنا مع هذا الولد"، فقاطعت نحيبها الأمومي ضحكات ابنها الساخرة الذي قال: "لو سمعك سفيان تقولين عنه ولدا لربما انتقم منك بركلي مطبقا بعض حركات التايكوندو خاصته حتى يكسر عظامي"
ضحكت أمه بتسل، ثم قالت: "ولكن صدقا يا بحر.. لقد ابتعدت عن صديق عمرك وهو كان بحاجة إليك"..
وضع بحر كوب الشاي على المنضدة المجاورة له، ثم تظاهر بشروعه في خلع ملابسه حتى يصرف أمه، وهو يقول: "سأذهب للاستحمام.. سنغادر في الثامنة صباحا"..
نهضت الأم تتحرك مغادرة، لكنها ردت في طريقها: "بل السابعة.. حتى يكون الطريق غير مزدحم"..
استرخى بحر على سريره زافرا ببطء.. ولمّا تعانقت أهدابه، تراءت لعينيه صورة أمواج في ذلك اليوم الذي كانت تعانق فيه الحياة بحب ورشاقة وإغواء، قبل أن يسكب القطران مذابا بأذنيها بكلمتين من سبعة أحرف: "أنتِ طالق"، ليسمم كيانها ويسحب الحياة من بين شهقاتها المصدومة لتفقد حيوية الأحمر للأبد بعد أن كسا الرمادي قلبها العاشق وأفسد تناغم نبضاتها..
نحنحة خشنة أخرجت بحر من ذكراه، ليفتح عينيه فيجد والده واقفا عند باب الغرفة يستند إليه، قبل أن يتحرك للداخل، فاعتدل ابنه جالسا مطرقا برأسه في محاولة لإخفاء الكدمة الداكنة أسفل عينه اليسرى..
جلس عدنان الديب إلى جوار ابنه، ثم سأله: "كيف حالك؟"
كلمتان فقط هزتا بحر من الداخل.. فوالده وإن كان لا يتحدث معه كثيرا منذ عودته من الجحيم، لكنه يشعر به بالتأكيد.. كان دوما يشعر بابنه ويؤازره في كل لحظة من حياته..
ولا يززال يريد أن يساعد ابنه الأكبر.. فرحة عمره الكبرى وفخره في الحياة.. ابنه البطل الذي لا يزال عالقا في بقعة معتمة داخل رأسه فلا يرى أهميته لدى المحيطين به ولا يشعر بفخرهم به.. لكن أنى له أن ينتشل ابنه الغارق في حفرة سوداء، ما لم يكن الأخير راغبا في الخروج من الظلام ومعانقة الحياة من جديد!!
ويعلم عدنان الديب جيدا أن ابنه لن يفتح بئر أسراره له، فهو رجل عسكري فخور.. لن يعترف بما مر به من لحظات خوف أو ضعف أو يأس أو امتهان.. خاصة أمام رجل مدني.. حتى وإن كان والده..
ولأن عدنان هو أكثر من يفهم ابنه، فإنه يعلم جيدا أن بحر يشعر بالثقل كلما سأله أحد عن أحواله.. كلما حثه أحد على الحديث عما جرى قبل عامين.. كلما حاول أحد إقناعه بالتوقف عن حماقاته والعودة للملمة شتات أسرته من جديد واستعادة حبيبة عمره التي لم ينبض قلبه لغيرها أبدا..
كان هناك وقت يحارب بحر فيه في معركة حقيقية.. يقف شامخا ويركض بشجاعة ويقاتل ببسالة.. ثم تعثر ووقع في كبوته.. والآن صارت حربه صامتة أقرب للسرية.. لا يدري أحدٌ شيئا عنها..
وهو يريد أن تبقى الأمور هكذا.. لأنه متأكد أن أحدا لن يمكنه مساعدته.. كما أن هناك صوتا يهدر بداخله: (الأمور تحت السيطرة.. لا تخلع عباءة الستر وتكشف سوءاتك)..
لذا رفع بحر رأسه ورسم على شفتيه ابتسامة هادئة، وبعيدا عن كلام العيون، رد على سؤال والده بقوله: "أنا بخير.. كل شيء على ما يرام"..
تنهد والده وقال: "لا بأس.. أدعو أن يرزقك الله السكينة يا بُني ويلهمك للصواب.. فقط حاول ألا تعذب من حولك بإيذائك لنفسك.. هناك جروح لا تختفي مهما عالجتها.. ستترك ندوبها للأبد.. المهم فقط ألا تتركها عرضة للملوثات كيلا تتفاقم ولا يفلح معها علاج.. سأنتظر اليوم الذي تأتي فيه إليّ لكي ترمي حمول كتفيك عليّ.. أعدك أنني سأتحمل معك وسأسندك.. إذا سمحت لي"، ثم نهض والده مغادرا الغرفة بهدوء..
وبحر الذي شعر من جديد كوحش بري اقتيد مصفدا إلى قفص ضيق بحديقة الحيوان، أمسى عاجزا عن التنفس بحرية، فسارع لتبديل ملابسه وتحرك نحو المكان الذي يشعر فيه أنه على طبيعته..
مضى بحر بدراجته النارية مخترقا شوارع المدينة حتى تطرف إلى منطقة جبلية مواجهة للخليج، فأوقف المحرك، وترّجل عنها راكضا نحو ذلك الكهف المنحوت طبيعيا في قلب الكتلة الصخرية ليعود سيرته الأولى كرجل بدائي يعانق فطرته ويتخلى عن كل سمات التحضر المكتسبة التي يضطر لافتعالها في وجود أناس حوله..
بحر عدنان الديب.. نصفه يميل بالفطرة إلى الماء، حيث يتماهى مع ذلك الجزء بداخله والذي يعشق التقلّب والتهور ويعانق الجنون والتمرد.. والنصف الآخر منه حيوان بري مفترس لا يطيق فكرة الاحتجاز أو الالتزام بالقواعد المدنية للبشر.. لذا، فقد خلع ملابسه وتوسد الأرض والتحف الظلام، وأخذ يمج من سجائره التي يلفها بنفسه رافضا السجائر الجاهزة رديئة الجودة، ليطرد من ذهنه بقايا ذكريات مرة..
وهناك.. بين الظلام الحالك ورماد سيجارته القاتم وأنفاسه المبعثرة.. سقطت دموعه..
فحين يفيض البحر بآلامه وحنينه ويستسلم للبكاء، لا يعترف أحد بدموعه.. لذا يسكبها سرا قبل أن يبتسم كذبا في وجوه الجميع ويخبرهم أن شطآنه كانت تتوق للعب..



على مائدة الإفطار في اليوم التالي، كان سفيان منشغلا بمتابعة تناول توأمه للطعام، بينما يتناول بضع لقيمات مشاركا أفراد عائلته حديثا بسيطا، اطمئن من خلاله على تحصيل دانة في عامها الثانوي الأخير..
لم يغب عن ذهن سفيان، الفضول الذي يطل من عيون سميحة وإيلاف لمعرفة كيف جرت جلسته مع الدكتورة مارية.. وهل ينوي المتابعة لديها أم سيبحث عن طبيب آخر! لكنه آثر عدم الحديث في هذا الأمر حتى انتهى التوأم من تناول طعامهما واصطحبتهما دانة لغسيل أيديهم..
حين ابتعدت دانة بالطفلين لمسافة كافية، هتفت سميحة بتوتر مشوب بالأمل: "إذًا؟"
ابتسم سفيان ابتسامة هادئة، وقال: "الطبيبة لا بأس بها.. وارتحت في الحديث معها.. أظن أنني سأستغل هذه الفرصة"..
رفعت سميحة يديها وضربتهما في الهواء فرحا بقرار سفيان، ثم علّقت: "سأذهب لأجهز قائمة باحتياجات الغداء وسأصنع اليوم الحلوى المفضلة لك يا سفيان.. لذا لا تحاول أن تتملص من الغداء.. سأعد (البسيمة) من أجلك.. حتى يتعرف التوأم على الحلوى المفضلة لوالدهم"..
سال لعاب سفيان على ذكر نوعه المفضل من الحلوى وتذكّر أوقاتا أخرى أكثر سلاسة، حين كانت سميحة تعدها خصيصا من أجله، لكنه قال بندم: "لا تصنعيها اليوم يا سميحة.. سألتقي بحر وقد أقضي معه اليوم كاملا"..
هتفت سميحة بحبور: "ادعه للغداء إذًا.. سيسرني استقباله.. هل نسيت لقاءات الجمعة؟"..
التقط ذهن سفيان ذكرى عابرة لتجمعات يوم الجمعة عقب الصلاة في غداء عائلي دافئ.. كان الأمر قد بدأ بعد زواج سفيان، رغم اعتزامه التقليل من زياراته لمنزل والده، لكن أباه كان يصر على دعوته مع نبيل، ثم نبيل وبحر لكي يتناولوا جميعا الغداء، فيتمكن سفيان وأصدقاؤه من قضاء اليوم مع الصغير إيلاف..
وإن كانت سميحة لا تستطيع الانتصار على سفيان في آية مناقشة أو تفرض رأيها عليه في أي قرار يخص حياته.. فإن الشيء الوحيد الذي تمسكت به - بعد وفاة والده وزوجته - ولم يستطع سفيان رفضه أبدا هو تجمعات يوم الجمعة، وذلك كي تجبر سفيان على التخلي عن روتين حياته الصارم وانشغاله بتدريباته ورعاية طفليه.. بمفرده..
واليوم تحديدا، لم يجد سفيان القدرة في نفسه على معارضتها.. بل إن هناك صوتا بداخله كان يهتف (لربما احتاج بحر لذلك التجمع كي يستعيد بعضا من بساطة حياته السابقة)، لذا أومأ موافقا، لتتسع ابتسامة سميحة التي تحركت بحماس نحو المطبخ لتجهيز احتياجاتها من أجل الغداء..
وقبل أن يغادر سفيان لتبديل ملابسه، استوقفه إيلاف سائلا: "سفيان.. هل أنت بخير؟ أقصد.. هل أنت مرتاح هنا؟"
تنهد سفيان، ثم قال: "ليست لديّ شكوى.. على الأقل الطعام طازج وليس نصف مجهز من مجموعات الطبخ على منصات التواصل أو من المطاعم"..
ابتسم إيلاف وقال: "أمي رائعة في الطهي"..
غصة استوطنت حلق سفيان ككل مرة ينادي فيها إيلاف سميحة بـ "أمي"، لكنه تجاهلها سائلا شقيقه: "ما خطتك لليوم؟"
رد إيلاف بعفوية: "سألتقي Shades.. لديّ اجتماع معها"..
كان السؤال ينغر جوف سفيان، لكن شيئا من الكبرياء منعه من السؤال عن سبب هذا اللقاء..
هو لم يتحدث إلى شادن منذ عودتهما من السفر، بل إنه لم يكلف نفسه أن يعبر عن امتنانه وشكره لإنقاذها له بقبولها للسفر معه..
لذا ربت سفيان على كتف أخيه، ليتحرك كلا منهما صوب غرفته..

يتبــــــــــــــــــــــ ـــــــع


مروة سالم غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 21-03-22, 11:39 PM   #153

مروة سالم

كاتبة في قسم قصص من وحي الاعضاء

 
الصورة الرمزية مروة سالم

? العضوٌ??? » 482666
?  التسِجيلٌ » Dec 2020
? مشَارَ?اتْي » 1,756
?  مُ?إني » مصر
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » مروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   ice-lemon
?? ??? ~
Why so serious?
Rewitysmile17 وانطوت صفحة الهوى - القصاصة السادسة: القسم الثالث

في الروضة، كانت شادن منشغلة في اجتماع قصير مع حمزة الرافعي الذي طلبت منه بعض التصميمات التي يمكن طباعتها لتزين المكان بها بمناسبة الحفل التنكري المقرر تنظيمه نهاية الشهر بديلا عن احتفال الهالوين..
وحين دلف إيلاف إلى مكتبها، همّت بتعريفه إلى حمزة، ليتبادل الاثنان حديثا وديا قصيرا ريثما تصل ذكرى التي كانت أيضا بحاجة للاجتماع بحمزة، فطلب منها موافاته داخل الروضة كونها صديقة لشادن ولن تمانع استغلالهما للمكان للحديث والمناقشة بحرية بعيدا عن المتلصصين، خاصة وأن ذكرى حاليا تحتل حيزا غير قليل من اهتمام رواد منصات التواصل الذين لا يجد بعضهم غضاضة في اقتحام خصوصيتها والتقاط صور لها ونشرها علنا متضمنة تعليقات وتلميحات غير مقبولة تسببت لها في خسائر فادحة في عملها..
وبعد أن وصلت ذكرى لاجتماعها مع حمزة.. تحركت شادن وإيلاف صوب غرفة الموسيقى التي أنهت تأثيثها وتزويدها بالعديد من الآلات الموسيقية البسيطة التي يمكن للصغار العزف عليها دون حاجة لتدريبات مكثفة..
قال إيلاف بعد أن دار بالغرفة متفحصا محتوياتها: "حسنا.. لن تحتاجي لبذل المزيد من الجهد لإقناعي.. أنا موافق بالفعل على العمل معكِ بشكل جزئي.. إلى أن أقرر الخطوة التالية بخصوص دراساتي العليا"..
قالت شادن بمرح: "حسنا.. عليك من الآن أن تختار بعض الأغنيات بمناسبة يوم الطفولة العالمي.. وأنا سأتواصل مع أولياء أمور التلاميذ الأجانب لكي يختاروا أغنيات من ثقافاتهم المحلية ويدربوا أولادهم عليها بالتنسيق معك بالطبع.. سيكون هذا أول حفل غنائي للحضانة.. وأريده أن يكون مذهلا"..
لاحت على وجه إيلاف علامات التحفز والحماس، فتركته شادن في الغرفة يعد جدول العمل الخاص به في الحضانة من أجل تغطية فصولها في حصص موسيقى أسبوعية تبادلية فضلا عن أوقات التدريب للحفل..
أما ذكرى، فقد كانت تجلس أمام حمزة تخبره ببساطة أنها تخلت عن تنفيذ فقرة الثقافة الغذائية التي كانت تنوي تنفيذها كمحتوى أصلي من خلال مقاطع فيديو عبر انستجرام بالتعاون معه بخصوص التصميم والمونتاج..
لكن حمزة قاطعها قائلا باستنكار: "هل ظننتِ أن بسام الزين تخلى عن قيامك بالدعاية لمنتجاته؟"..
هتفت ذكرى بأسف: "ولمَ لا يفعل؟ لقد فعلها الكثير من المعلنين وخسرت الكثير بعد التسريبات الأخيرة"..
ابتسم حمزة بتعاطف وقال: "لقد كان بسام نفسه في يومٍ من الأيام ضحية للأقاويل والشائعات والأخبار الكاذبة الملفقة عبر السوشيال ميديا.. لذا فهو يعرف جيدا أن تلك الفقاعات تنفجر فجأة محدثة دويا هائلا لكنها تستحيل غبار لا يُرى بالعين بعد قليل.. لذا فنحن نثق أن تلك المقاطع لن تؤثر سلبا على عملك.. وهناك بالفعل الكثير من المتعاطفين معك من متابعيك.. ألا تقرئين التعليقات؟"..
كانت ذكرى قد استعادت بعضا من المواقف التي مرت بها خلال الساعات الماضية.. بل منذ الأمس..
حين أرسل آدم رسالته اللعينة (لا عليك) عازفا حتى عن مجاملتها ببعض كلمات التعاطف أو المؤازرة.. فكانت بداية اللعنة..
فقد تلتها مكالمات هاتفية عدة ورسائل قصيرة تخبرها باقتضاب أن تعاون بعض الجهات الإعلانية معها قد انتهى..
لحسن الحظ، فإن دعايتها لشركة المستحضرات الطبية لم يتم إلغاؤه.. فهو موجه أساسا للأوساط الطبية وليس لجمهور مواقع التواصل، ولكن أصحاب مستحضرات التجميل والأزياء قد قرروا إنهاء التعاون معها رغم أن إعلاناتهم كانت أساسا بالقطعة وغير مجزية..
الغريب أن عدد متابعي ذكرى جمال قد زاد بحوالي مائتي ألف مستخدم فور انتشار المقطع الخاص بوالدها وبعده تسريب صورتها مع آدم، وكأن البعض لا تهمه سوى أخبار الفضائح ومصائب الناس حتى يلتفت إليهم ويبدأ في الاهتمام بهم بحثا عن المزيد من الفضائح التي تشبع حبه للفضول والنميمة..
حين لاحظ حمزة شرودها، همس بتعاطف: "أخبرتك أنني مستمع جيد.. والعرض مازال ساريا.. إذا احتجتِ للكلام.. صدقيني ليست شخصيتي انتقادية بالمرة.. كما أن دمائي صعيدية.. أي معجونة بالنخوة.. لذا سيكون سرك بمأمن تماما.. وإذا حاولتُ مضايقتك، يمكنك أن تشتكيني لصديقتك حنان.. صدقيني أختي القصيرة مكعب اللطافة تتحول أحيانا لشخصية شريرة وعنيفة"..
ضحكت ذكرى بعفوية، ثم منحته نظرة خبيثة مقيّمة لمدى صدقه، لتسأله بعدها: "أتقول إن قرار بسام لم يتغير.. وإنك أيضا يروق لك العمل معي برغم تصرفات أبي الجارحة؟ وحتى إذا سردت عليك تاريخ حياتي اللعينة.. ستكون كاتما لأسراري؟"
رفع حمزة يده اليمنى مقسما – كأنه في حضرة قاضٍ بالمحكمة: "أقسم ألا أخذلك"..
وبالرغم من أن حركته كان هدفها إضحاك ذكرى وإزالة التوتر عنها، إلا أن الصدق في صوته لامس قلبها، فهذا الشاب الذي يصغرها سنا بالكثير من السنوات، تحتجز عينيه نظرة بها من الحكمة ما يكفي.. وكأن روحه أكبر من عمره.. لذا ظنت أنه قد يفهمها إذا حكت..
لذا همست بتعب: "لمَ لا.. أحتاج للكلام وإلا سأنفجر.. ولا أستطيع سكب همومي على رؤوس الفتيات.. فكلٌ منهن تمر حاليا بما لا تطيق"، ثم بدأت بالفعل تسرد عليه تفاصيل مؤلمة عن أكثر مراحل حياتها فشلا وخزيا..
وحمزة - كما وعدها - ظل يستمع ويتعاطف ويدعم.. محققا لذكرى حلما لطالما تمنته رغم أنه من دروب المستحيل..
ذكرى كانت تتمنى أخا لها يصبح سندا لها أمام تقلبات الحياة، خاصة مع وجود أب كوالدها.. ولذا كانت تغبط حنان كلما جاءت على سيرته بعفويتها، وبطريقة ما، يبدو أنها ستتشاركه معها لبعض الوقت..



التقى سفيان صديقه بحر الذي لم يلتقيه طوال العامين المنصرميين سوى مرات تُعد على أصابع اليد الواحدة..
فالأخير، كان الأكثر تأثرا بما حدث قبل عامين خاصة بعد أن أمضى قرابة شهرين أسيرا في يد المتمردين حتى تم التفاوض معهم وتحريره.. لكنه حين عاد، ظل متكتما على كل ما جرى له منذ لحظة أسره..
ومهما حاول سفيان، لم يفلح أبدا في إجبار صديقه على الإفصاح..
في الحقيقة، كان المرحوم نبيل هو الأقدر على إجبار كليهما على الفضفضة كلما شعر أن هناك ما يؤرقهما.. أما سفيان وبحر، فكانا كتومين بطبعهما، لذا كان قرار سفيان باللجوء للعلاج النفسي من أصعب الخطوات على نفسه.. ولكنه فعلها من أجل توأمه.. حتى وإن اضطر لأن يعرّي مخاوفه أمام طبيبة.. أنثى..
أما بحر.. فقد ارتكن إلى العناد والصمت المطبق، فهو من فصيلة الذئاب التي تكتم الألم ولا تشكو..
ومما يسرده فرات شقيق بحر على مسامع سفيان في كل مكالمة هاتفية تجمعهما، فإن حالة بحر تتجه للأسوأ.. رغم مرور كل هذا الوقت، ورغم تفهّم كل المحيطين به لما يمر به – على صمته – وتجنبهم تماما للضغط عليه..
ولمّا فكر سفيان في هدفه القادم، أصر على أن يكون بحر جزء أساسيا منه، وازداد إصراره فور أن قابل صديقه وهاله منظره بنحافته عن هيئته المعتادة، فضلا عن طول خصلات شعره وتشعثها لتعطيه مظهرا أقرب للمشرد منه للمتمرد..
غير أن أكثر ما أزعج سفيان بملامح صديقه، كان تلك الكدمة التي تحتل أسفل عينه اليسرى، ليكتشف القائد دون أن يضطر لسؤاله، أن صديقه على الأرجح يخوض شجارات أو قتالات سرية قد تشكلان خطورة على حياته في وقتٍ ما..
لن يسمح سفيان لبحر بتدمير ما تبقى من حياته.. يكفي أنه قد استسلم بالفعل وأضاع سنتين منها بلا مبالاته وانعزاله حتى عن أقرب الناس إليه.. وكأنه يصر على حرمان نفسه ممن بإمكانهم احتوائه ودعمه بتصرفاته المستفزة المرهِقة للجميع..
ورغم كل ما فهمه ولاحظه بمجرد النظر إلى صديقه، إلا أن سفيان لم يسأل بحر عن حاله.. لأن الأمور لا تسير بينهما هكذا.. لن يسأله: (كيف حالك؟) فيرد الآخر : (أنا بخير) بجمود غير هادف..
لذا، فقد اصطحبه القائد فورا في رحلة قصيرة لمعاينة أحد المباني المعروضة للبيع والإيجار كمتاجر داخل التجمع السكني الذي يعيش فيه مع عائلته..
حين تجولا في الطابق الأرضي من المبنى الذي تميز باتساع مساحته، سأل بحر باهتمام وفضول: "مساحة واسعة.. كيف تنوي استغلالها؟".
رد سفيان: "سأفتتح شركة"..
طالعه بحر متفرسا، لكن سفيان كعادته لا يسمح لملامحه أن تكشف شيئا مما يدور بخلده، فردد بحر مغيظا بنبرة مازحة: "سفيان ابن الأثرياء سيصبح رجل أعمال.. ولماذا أنا هنا؟ هل تحتاجني في أعمال التشطيب؟"
منحه سفيان ابتسامة سخيفة، ثم قال: "هل أبدو لك كرجل أعمال؟"
بنفاد صبر، عاود بحر سؤاله من جديد: "إذًا كيف ستستخدم المكان؟ ولماذا أنا هنا؟"، ثم صمت قليلا يفكر قبل أن يهتف متسائلا بفضول: "هل ستنشئ معرض سيارات؟"
قال سفيان: "يا بُني.. هل أفهم أنا في مثل تلك المشروعات؟.. لكان من الأفضل أن أدير تجارة أبي رحمه الله بعد رحيله.. بدلا من تحويل إرثه لممتلكات xxxxية ورأس مال سائل نحتفظ به كودائع بالبنوك.. ولكنني أريد إنشاء مشروع خاص بي.. لكي أشغل وقتي"..
سأله بحر مستنكرا: "وهل يسمح لك التوأم بأي وقت فراغ؟"
رد سفيان: "ما يكفي من وقت الفراغ لكي تدور رأسي حول نفسها في ذكريات أنا في غنى عنها.. لا أحتاج لهذا النوع من الكدر.. ليس الآن.. أريد أن أشغل نفسي كيلا تأخذني أفكاري إلى بقع سوداء.. أتعلم؟ لقد قابلت زهو وساري"..
فغر بحر فمه دهشة، ثم همس متسائلا بنبرة حزينة: "حقا؟ وهل هما.. بخير؟"
رد سفيان بتوتر: "لا أعلم.. لقد فررت من أمامهما كفأر مذعور.. هل تصدق؟"
أطرق بحر رأسه مخفيا شعوره بالضياع عن صديقه الوحيد.. كيف يعينه وهو نفسه غارق في بحيرة من القار!!
لمس سفيان شعور صديقه بالضياع، قال سفيان متفائلة: "لا يزال أمامي وقت حتى أتمكن من الوقوف أمامها ومواجهتها.. هي وشادن.. بل ومواجهة القبطان عبد الجليل الحلواني وتعزيته كما يجب برحيل نبيل.. سيأتي هذا اليوم بالتأكيد.. لذا بدأت جلسات نفسية مع طبيبة جديدة.. ولديّ شعور أنها ستساعدني على الوصول لهذا الهدف"..
كان بحر يستمع جيدا لكل كلمة يلقيها سفيان على مسامعه.. ولم تفته نبرة الأمل التي لوّنت صوته.. وللحظات.. دعا بحر ربه صمتا أن يمنح سفيان تلك السكينة..
أما هو.. فقد شعر أنه أبعد ما يكون عن تحقيق حلمٍ مثل الذي يبتغيه سفيان، فحياته مستقرة كما هي، ولا يريد زلزلة هدوءها بمغامرات حماسية وأحلام ملونة، لذا فحين هتف سفيان بكلماته التالية: "سأفتتح شركة أمن ونديرها معا"، ارتسمت الدهشة على ملامحه التي أصبحت جامدة مؤخرا لا يقدر شيء على استنفار أي رد فعل فيها..
سأله بحر مستنكرا: "ماذا؟"
أعاد سفيان كلماته بنبرة حديدية لن تقبل الجدال: "سأفتتح شركة أمن ونديرها معا"..
عارضه بحر بنبرة باردة: "لا.. شكرا لك.. أنا بخير كما أنا.. وحياتي مستقرة في السويس"، ثم استدار باستنفار ينوي مغادرة المبنى..
"اسمع يا (خِمتَوّ) ".. هدر سفيان من خلفه هاتفا بلقبه العسكري ليحظى بانتباهه الكامل ويجبره على القليل من الطاعة بحكم العادة، كونه كان قائده يوما ما.. والعادات القديمة لا تموت بسهولة، خصوصا العادات العسكرية..
التفت بحر نحو سفيان واستقام في وقفته ضاما قدميه وركبتيه وفاردا كتفيه، وبنبرة محايدة تداري استنفارها الغاضب، هتف: "أوامرك يا (حاتي – عا)"..
رد سفيان بصرامة: "لقد شارفتَ على بلوغ الثالثة والثلاثين من عمرك.. ومازلت قابعا في بقعة جامدة.. ألا تفكر في المستقبل أبدا.. أنظر إليّ.. لقد وصلت للتاسعة والثلاثين من عمري وفقدت ذراعا بالفعل.. ورغم ذلك حققت ميداليتين في منافسة عالمية.. وأسعى لمشروع سأبذل من أجله كل ما في وسعي كي ينجح.. ألا تريد أن تكون لطفليك قدوة حسنة؟"
أطرق بحر رأسه وأجاب: "لهذا ابتعدت عنهما.. كي يبحثا عن قدوة أفضل لهما.. أنا لا أصلح لشيء"..
هدر سفيان يوبخه بلا تحفظ: "بالفعل لا تصلح لشيء إلا إيذاء نفسك بمباريات الملاكمة في الأزقة المظلمة وحمل الصناديق الثقيلة طوال النهار ثم النوم كجثة هامدة في المساء.. هذا إن زارك النوم أصلا.. أليس صحيحا؟"
هتف بحر بسخط من بين أسنانه يلوم أخاه صاحب اللسان المنفلت: "تبا لك يا فرات"..
اقترب منه سفيان وقال بنبرة معتذرة بها بعض الرفق: "اسمع يا بحر.. أنت أخي الصغير ويعلم الله مكانتك في قلبي.. أعتذر بشدة أنني لم أقف بجوارك كما يجب خلال العامين الماضيين"..
بحسم، قاطعه بحر قائلا: "كان بك ما يكفيك وزيادة.. لم تقصّر معي يا قائد"..
رد سفيان: "بل قصرت.. كقائدك.. وكصديقك.. ولكنني لم أكن قادرا على فعل شيء لأجلك وقتها.. لكنني الآن أحاول التعافي.. ولن أتركك.. سأظل أدفعك حتى تعود لطريقك من جديد.. يكفي خسارتنا لنبيل.. لا يمكن أن نخسر أنفسنا أيضا وفي رقبتنا أطفال علينا رعايتهم.. بل وأمامنا مسئولية جسيمة تجاه ساري نجل نبيل"
بان التوتر على ملامح بحر، فقال سفيان يهادنه: "لا أطالبك بشيء حاليا"، فرفع بحر حاجبه متسائلا، ليتنهد سفيان بضيق، ويردد بنبرة حانقة: "اللعنة.. أنا حتى لا أجبرك على الخضوع للعلاج النفسي لأنني أؤمن أنه لن يؤتي بنتيجة ما لم تكن أنت راغبا في الأمر، فتتجاوب مع طبيبك لكي تكون النتائج مواتية.. لكنني الآن سأجبرك على العمل.. ربما إذا وضعت أنت أيضا هدفا أمامك تبدأ بالسعي.. لتصل في النهاية"..
رد بحر مترددا بنبرة فاقدة للأمل: "أنا.. لن.. أستطيع"..
ضغط سفيان على كتفه محفزا، وقال بنبرة واثقة: "بلى.. تستطيع.. اسمعني يا بحر.. أنا لا أجاملك أو أمنحك إكرامية مثلا أو أتفضل عليك.. بل أحتاجك معي.. أنظر إليّ.. كيف سأحظى بثقة العملاء بذراع مبتور؟ كيف سأتابع اختبارات وتدريبات الحراس هكذا؟ أنت ستتولى هذا الجانب من العمل.. وستنهك نفسك فيه بدنيا كما تفضل مؤخرا.. وأنا سأتولى الجانب الإداري والاتفاقات والعقود والدعاية وما إلى ذلك.. أي أنك ستكون شريكي بشكلٍ ما.. أظن أن هذا أفضل من عملك الجزئي الذي لا يُدّر سوى الفتات.."..
حين ناظره بحر حرجا، تابع سفيان بتصميم: "إذا نجح مشروعنا.. سيمكنك أن تدخر القليل من أجل مستقبل طفليك.. أعلم أنك رغم حالة اللا مبالاة التي تصدّرها أمام الجميع.. فإنك بداخلك تريد الاطمئنان على مستقبل طفليك وتأمينهما جيدا بدليل تحويلك مكافأة نهاية الخدمة كودائع إدخارية لهما"..
أطرق بحر رأسه دون رد، فأنهى سفيان كلماته بقوله: "المشروع لن يبدأ في الغد.. لذا سيكون أمامك بضعة أسابيع كي تؤهل نفسك لما هو قادم.. ولكنني عندما أهاتفك في المرة القادمة وأطلب منك زيارتي.. عليك أن تحزم كل ما يخصك استعدادا لمغادرة السويس والاستقرار هنا.. مفهوم؟ والآن.. هيا معي للمنزل.. سميحة تدعوك لغداء فاخر من صنع يديها"..
بنظرة متوترة وكلمات متسارعة قذفتها شفتاه، حاول بحر التملص من تلك الدعوة، لكن سفيان أصر عليه مؤكدا أنه يحتاج للجلوس معه لبعض الوقت الإضافي ليعرض عليه جانبا من أفكاره بخصوص الخطوات المقبلة لتنفيذ المشروع، خاصة وأنهم سيحتاجون للاستعانة بشركة متخصصة لعمل دراسة جدوى وحساب التكاليف المتوقعة وهامش الربح.. وهيكل العمل إداريا وتنفيذيا، وكلها خطوات ستحتاج أسابيع لإتمامها..
في النهاية، نجح سفيان بشق الشرنقة الضيقة التي يحيط نفسه بها علّه يقنعه بمغادرتها والعودة للاندماج في الحياة من جديد كي تنبت له أجنحة بدلا من تلك التي فقدها في لحظة غادرة..
لكن عرض سفيان يبقى في النهاية تحريكا للمياه الراكدة بأعماق ذلك البحر، والذي يحتاج لأكثر من مجرد دفعة بسيطة ليستعيد عنفوانه وصخبه فيعود لمعانقة الحياة..

يتبــــــــــــــــــــــ ــــــــــــع


مروة سالم غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 21-03-22, 11:42 PM   #154

مروة سالم

كاتبة في قسم قصص من وحي الاعضاء

 
الصورة الرمزية مروة سالم

? العضوٌ??? » 482666
?  التسِجيلٌ » Dec 2020
? مشَارَ?اتْي » 1,756
?  مُ?إني » مصر
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » مروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   ice-lemon
?? ??? ~
Why so serious?
Rewitysmile14 وانطوت صفحة الهوى - القصاصة السادسة: القسم الرابع

وفي الجانب الآخر من التجمع السكني، حيث يقبع منزل السيدة فايزة ، كان الجمع غفيرا وصخب الضحكات وألوان الذكريات يلفان الأجواء.. حيث انضمت إليها ابنتها أمواج وحفيديها كيان وكنان، كما زارتها أختها فاطمة القادمة من السويس خصيصا لمجالستها وإشباع شوقها لأختها الوحيدة بعد وفاة أختهما الكبرى فريال والدة مرح وشذى في بلاد الغربة..
كانت أمواج قد أصرت أيضا على حضور صديقتها وأرملة ابن عمها زهو مع طفلها ساري، وقد ازدادت الأجواء صخبا بعد انضمام شادن ووالدتها لطيفة..
فيما دعت فايزة سلفتها لطيفة اليوم من أجل أن تساعدها في إقناع أمواج بقبول العريس الجديد الذي تقدّم إليها، لذا فقد شرعت في تنفيذ مخططها فور أن انتهت النسوة من تبادل التحيات وكلمات المجاملة..
قالت فايزة موجهة كلماتها لشادن: "ألن تقنعي ابنة عمك يا شادن بمقابلة العريس الجديد؟.. فربما حدث النصيب"..
تغضن وجه فاطمة، لكنها لم تملك ردع ابنة أختها عن متابعة مستقبلها، خاصة وأن ابنها يبدو وكأنه قد اعتزل الحياة بالفعل.. وهي لا تريد أن تكون أنانية، فتحرم أمواج من العثور على من يكون سندها في سنواتها المقبلة خاصة وأن بحر قد تنازل على ما يبدو عن رعاية طفليه إلا من دعمهما ماديا بمعاشه الشهري فقط..
لو كانت أمواج ابنتها، لما كانت قد ارتضت لها ما يفعله بحر بها.. ويشهد الله أنها تعتبرها ابنتها.. لذلك، لم تجد في نفسها القوة لكي تحاول منعها من مقابلة العريس المحتمل..
ورغم كل تلك الذرائع والمبررات التي كانت تحصن نفسها بها حتى لا تنفعل غاضبة، إلا أنها كانت تأمل في رد فعل يثلج صدرها من أمواج التي لم تخيب رجاءها، حين ردت: "أخبرتك أنني لا أفكر في الزواج حاليا يا أمي"..
في تلك اللحظات، لاحظت لطيفة انفعال فايزة، فتدخلت تقول مقاطعة أمواج عن المزيد من كلماتها المندفعة: "لماذا يا أمواج؟.. السنوات تمر سريعا.. وما ترفضينه الآن ستندمين لاحقا على تخليكِ عنه.."..
بعزم، قالت أمواج: "أنا موقنة أنني لن أندم"، وبداخلها صوت يهمس حانقا: (من أين أتتكِ تلك الثقة يا بلهاء؟)..
ابتسامة ساخرة ارتسمت على ملامح لطيفة التي علقت قائلة بتلقائيتها الفظة: "تتحدثين مثل ابنة عمك الحمقاء"..
هتفت شادن باستياء: "أمي"..
ناظرت لطيفة ابنتها بغيظ ونقلت هجومها إليها قائلة: "وأنتِ لستِ أفضل حالا منها.. ألم ترفضي العودة لطليقك رغم محاولاته المتكررة لإعادتك كما رفضت العديد من الشباب الذين تقدموا لطلب يدك"..
ضحكة ساخرة تغلفها المرارة صدرت عن شادن التي قالت: "أي شباب يا أمي؟ مبدئيا من يتقدمون لي ليسوا صيدا ثمينا كما تظنين وتحاولين إقناعي.. فهناك من يريدني فقط لرعاية أطفاله لعلمه أنني لا أنجب.. والبعض يريد أن يتزوجني كواجهة اجتماعية بلا مشاعر حقيقية.. وهناك من طلبني كزوجة ثانية.. تخيلي؟ بعد أن تركت زوجي نتيجة زواجه الثاني سرا.. إذا كنتُ قد رفضت التنازل معه.. لماذا سأتنازل الآن؟ أنا أريد من يتزوجني لأجلي.. وليس لأن ظروفي مواتية.. كما أنني حاليا أركز على نجاح الروضة"..
مغتاظة من كلمات ابنتها وتصميمها على عدم الزواج، هدرت لطيفة غير مراعية لوجودهما في جمع عائلي: "لم أسمع من قبل عن شابة في الثلاثين ترفض الزواج فقط لأنها قد علّقت تفكيرها برجلٍ واحدٍ"..
فغرت أمواج وزهو فميهما دهشة، بينما أطرقت فاطمة رأسها بأسف غير قادرة على التدخل في سياق الحديث، كونها لا ترتبط مع لطيفة بصلة نسب أو حتى صداقة، ولا تفهم من قصدت بكلماتها.. أمواج أم شادن..
أما شادن، فقد نهضت مندفعة من مقعدها وتحركت صوب الشرفة لتتبعها صديقتيها فورا، قبل أن تقول فايزة بنبرة عاتبة: "لم يكن يصح أن تحرجيها هكذا يا لطيفة.. تعلمين كم أن هذا الموضوع حساس بالنسبة لها"..
زفرت لطيفة بغيظ، وقالت: "هذه البنت تريد أن تقودني للجنون.. لقد ضاعت حياتها كلها بسبب سفيان هذا"..
هتفت فاطمة بدهشة: "سفيان.. صديق بحر ونبيل رحمه الله؟"
أومأت فايزة مؤكدة، فتنهدت لطيفة وقالت: "يبدو أن قدره أن يدّمر عائلتي"..
قاطعتها فايزة مؤنبة: "أستغفر الله العظيم.. ماذا تقولين يا لطيفة؟ لقد كتب الله لنبيل الشهادة وسفيان نفسه خرج من الحادث مصابا.. حتى بحر تعرض لتجربة مريرة.. أنتِ لا تلومين سفيان على ما حدث.. صحيح؟"
استغفرت لطيفة وحوقلت، ثم قالت بنزق: "لا ألومه بالطبع.. لكنه هو بالأساس من جعل نبيل يُفضِل الالتحاق بالكلية الحربية بدلا من الكلية البحرية ليصبح قبطانا كوالده.. كما أن شادن أيضا تعلقت به لسنوات وهو لا يدري شيئا عن مشاعرها تلك.. فتسبب في إفساد حياتها هي الأخرى، وهي تضعه دائما أمام عينيها كرجل أحلامها"..
عارضتها فاطمة وقالت: "لا تؤاخذيني سيدة لطيفة.. لكنك تتحاملين على الرجل.. كيف يتسبب في إفساد حياة شادن وهو لم يعلم عن تعلقها به أي شيء؟ لقد تزوج وأنجب وعاش مستقرا مع زوجته.. وهي تزوجت وأخذت نصيبها من ذلك الزواج"..
قالت لطيفة معاندة: "كانت لتتحمل وتكمل مع وليد"..
شهقت فايزة مصدومة، ثم ردت معارضة: "مع ضرة؟ ولمَ عليها أن تتحمل البقاء مع رجل تزوج عليها دون أن يمتلك القدرة على مصارحتها ومنحها حرية اتخاذ القرار بما يلائمها؟"
ردت لطيفة بنزق: "لأن بها عيبا"..
كانت شادن واقفة بالشرفة مع صديقتاها تموج بالغضب، وكلمات أمها تصلها كاملة فيزداد وجهها احتقانا حتى تحول لونه من الأحمر لدرجة أقرب لمن بلغ بها الإعياء مبالغه وأصبحت على وشك أن تتقيأ كل ما بمعدتها اللحظة..
في النهاية، شعرت شادن بضيق شديد لم يفلح هواء الشرفة في تشتيته، فقررت أن تعود للداخل لكي ترد على أمها وتجادلها، لكن أمواج وزهو انتبها لما توشك على فعله، فقبضتا على ذراعيها لتتجمد مكانها فلا تتهور ويزداد الوضع سوء مع والدتها..
أخذت زهو تربت بيدها الحرة على ظهر شادن وتملّس عليه بحنان علّها تطرد عنها التوتر، وأخذت تهمس لها: "لا بأس يا شادن.. كلماتها ليست جديدة.. ومازال جرحها بفراق نبيل يؤلمها فلا تعرف أين تُخرج أوجاعها أو على من!! هي لا تقصد إهانتك.. صدقيني"، ثم غمزت أمواج لكي تجاريها في ذات السياق..
حرّكت أمواج شفتيها بامتعاض متمنعة، لكنها قررت في النهاية أن تتبع خطى زهو، فقالت: "في الحقيقة يا شادن.. هي تريد فقط أن تطمئن عليكِ.. تريد أن تراكِ سعيدة.. تعلمين أن مجتمعنا الرائع لا ينظر للمرأة باحترام إلا إذا كانت متزوجة.. مهما حققت من نجاحات على المستوى المهني، فإنها لن تحظى بنظرة تقدير ما لم تنل لقب (زوجة فلان).. كما أن سمعة المطلقات تكون دائما موضع شبهات.. ووالدتك تريد أن تعصمك تلك الأوضاع السخيفة كلية"..
ضحكت شادن بسخرية، وقالت: "أنت من تقولين هذا يا Mu-Ji؟ إذا كنتِ مقتنعة فعلا بهذا الكلام.. لماذا لم تقبلي العريس الجديد الذي تقدم إليكِ؟"
بنبرة حمائية يملؤها اليقين، ردت أمواج: "لا رجل لي غير بحر.. رجل بالنسبة لي يعني بحر .. ولن ترى عيناي سواه رجلا.. بحر ليس حبي الأول يا Shades.. بحر حبي الوحيد"..
وباندفاعها المعهود ونزقها الذي يتطاير كشذرات كهربية مثيرة للتوتر في الأجواء، غادرت أمواج الشرفة متوجهة نحو جمع النسوة الأكبر سنا، وهتفت في أمها: "أعرف جيدا الهدف من تلك الجلسة يا أمي.. كما أعلم أن تفكيري غير منطقي.. لكن لا يصح أن تطلبي مني أن أفكر في الارتباط بشخص ما وهناك غيره يحتل قلبه.. لن أبدأ حياتي مع شخص جديد بخيانته ذهنيا يا أمي.. فإن كنتِ مصرة على زواجي.. امنحيني الوقت حتى أخرجه من قلبي.. ولا تقلقي.. لقد شارفت على فعل ذلك حقا.. هو لا يألو جهدا كي يجعلني أكرهه تماما"..
عندما وصلت تلك الكلمات لمسامع فاطمة، شعرت بالانقباض في قلبها، واهتزت مقلتاها بالقلق، وكسا الشحوب وجهها المتورد عادة، والذي اختفى منه كل آثر للبهجة، لتبدو وكأنها تسمع للمرة خبر طلاق ابنها لأمواج..



إجهاد شديد وضيق نفس وحسرة..
تلك هي المشاعر التي تواترت على الدكتور بعد يوم طويل مرهق أمضاه ما بين العمل ومحاولة لملمة آثار ما أحدثه جمال شعبان من شروخ لسمعة ابنته الوحيدة..
كان أول ما فعله آدم في الصباح، هو عقد اجتماع طارئ مع ممثل شركة الأجهزة الطبية اليابانية في الشرق الأوسط، والذي طلب منه عدم إنهاء التعاقد مع الدكتورة ذكرى للدعاية لمنتجات الشركة..
ولمّا حاول أبدى الرجل ممانعة، حاول آدم مهادنته بأن ما يحدث عبر منصات التواصل الاجتماعي لا يلقى صدى بين الأوساط الطبية، وبالتالي لن تتأثر مبيعات الشركة أبدا بتلك التسريبات (المزورة) للدكتورة ذكرى..
لكن الرجل ظل رافضا، فلم يكن أمام آدم سوى ورقته الأخيرة التي ألقاها ببأس وسيطرة، فوصلت إلى مسامع الآخر كتهديد صريح، حيث قال: "إذا أوقفتم تعاقدكم مع الدكتورة ذكرى، فإنني وكل أفراد عائلتي من الأطباء سنمتنع عن استخدام أجهزة شركتكم وسنستعين بالبدائل الإيطالية والألمانية.. فكّر كم ستخسرون من نسبة التسويق الخاصة بكم في مصر إذا عزف كل أفراد عائلة عزازي عن التعاون معكم.. تستطيع الحساب بالطبع لتدرك كم طبيبا ينتمي للعائلة ويمتلك عيادة متكاملة أو مركزا طبيا أو يدير مستشفى خاص؟"
لم يدرك مسئول الشركة أن الدكتور آدم كان يدعو الله ألا يكتشف توتره وهو يلقي تهديده، لأنه بالتأكيد لن يجرؤ على أن يطلب من عائلة عزازي الامتناع عن التعاون مع الشركة بسبب طليقته.. وبالتأكيد إذا وصل الأمر لوالدته، لن ينتهي على خير أبدا..
لكن المدير التنفيذي للشركة، بدا مصدّقا لكل ما خرج من فم الدكتور آدم، لذا وعده بألا يلغي التعاقد مع ذكرى، فأنهى الأخير حديثه معه بأن حثه على إخفاء تفاصيل هذا الاتفاق عن ذكرى، ووعده الأخير بالتنفيذ..
بعدها، توجه لغرفة العمليات وأجرى ثلاث جراحات كانت مقررة بجدول أعماله، لكنه ألغى مروره على الحالات التي تحتاج للمتابعة وأوكل الأمر لنائبه، ثم أسرع لمكتبه ليجري مكالمة هاتفية مع صديقه سفيان يطلب منه المشورة،بدون ذكر تفاصيل تخص هوية طليقته..
وقتها، سأله سفيان باهتمام: "لا أفهم.. ما الذي تريد أن تفعله بالضبط يا آدم؟"
رد آدم بحيادية مروضا غضبه: "أريده أن يتوقف عن ابتزاز ابنته والإساءة لسمعتها"..
ضحك سفيان بلا مرح، ضحكة جافة تعبر عن استيائه: "إذًا أنت تريد ابتزاز الأب كيلا يبتز ابنته.. صحيح؟"
هرش آدم لحيته بتفكّر وعبوس، ثم قال: "دعنا من المسميات.. أريده فقط أن يبتعد عن طريقها ويتوقف عن طلب المال منها.. كيف أفعل ذلك؟"..
تنهد سفيان بحنق ثم ضغط بين حاجبيه بسبابته وإبهامه، وقال بنبرة موبخة.. لم يفهم آدم إن كانت موجهة إليه أم لسفيان نفسه: "لا أصدق أنني فعليا أجيبك على هذا السؤال.. لكن الحل الوحيد الفعّال هو أن تهدده بشيء يخشاه.. وربما وقتها فقط سيخشى الاقتراب منها"..
هتف آدم بحماس أقرب للطفولية: "البانجو.. إنه يدخن البانجو ومشتقاته"، ليتوقف بعدها لبرهة قبل أن يتابع بتردد: "ربما إذا هددته بالإبلاغ عنه سيتراجع عن إيذائها.. صحيح؟"
ابتسم سفيان وقال متعاطفا: "حاول.. وإذا لم يفلح الأمر.. يمكنني أن أطلب من أحد أصدقائي بالشرطة أن يبحث خلفه.. بالتأكيد هناك مخالفة ما قد ارتكبها ونستطيع تهديده بها"..
همس آدم من بين أسنانه بصوت خافت لم يصل لمسامع سفيان: (لو كان الأمر بيدي لكنت نفيته إلى قلب الصحراء جراء ما فعلته بابنته الوحيدة)..
خرج آدم من شروده، حين لمح جمال شعبان – حماه السابق – يدلف إلى بيت والده القديم..
يعرف من خبرة مسبقة أن هذا الرجل حين لا يكون متزوجا من امرأة جديدة تستضيفه ببيتها، فإنه يعود لبيت والده الراحل ليقيم به مؤقتا لتوفير النفقات إلى أن يجد صيدا جديدا..
ترّجل آدم عن دراجته البخارية التي كان يصفها متوارية خلف سيارة نقل، ثم ركض خلف جمال، وتبعه إلى مدخل البناية، ثم أغلقه خلفه بعنف، ما أفزع الرجل العجوز الذي لا يزال يبدو أصغر من عمره الحقيقي..
التفت الرجل مذعورا، ولمّا لمح آدم، تنهد بارتياح وقال بينما ارتسمت ابتسامة منتصرة على شفتيه: "أهلا صهري العزيز"..
رمقه آدم بحنق، وقال بنبرة متقززة: "سابقا"..
رفع جمال حاجبه، ثم قال بتفاخر وإدراك: "ليس لفترة طويلة.. قريبا ستعود"..
رفع آدم كفيه لتبعدا سترته عن خصره قبل أن تحيطاه بعزم، ليقول بضيق: "اسمع.. لستُ هنا لأطيل الحديث معك.. فقط أنذرك.. ابتعد عن ذكرى وإلا سأكون أنا من يقف لك"..
كان جمال لم يخرج بعد من دهشته من كلمات آدم، لكن الأخير تابع: "بالطبع أنت لا تستحق أن أقتطع من وقتي الثمين لكي أوّجه لك رسالتي مباشرة، ولكنك رجل خسيس، ولا أستبعد أن تسجل لي وتنشر المقطع كما فعلت مع ابنتك... لذلك قررت أن أزورك بنفسي"..
رمقه الأب بنظرة مستهينة.. يعلم أن آدم رجل مسالم، لن يُقدم على تصرف لا يليق به، كشجارات الشوارع والتلاسن بالألفاظ القذرة مثلا، لذا سأله بنبرة مستفزة: "ماذا ستفعل؟ ستضربني بحقنة مثلا؟"
ابتسم آدم بسخافة، ثم عقد ذراعيه على صدره، وقال: "لكنك كبرت على أن أخيفك بتلك الأشياء التي ترهب الأطفال.. يا.. عمي"..
سأله حموه بضجر: "لا تطيل لسانك.. ماذا تريد؟"..
رد آدم: "إذا لم تبتعد عن ذكرى، سأجعل الشرطة تتبعك كظلك.. تعرف أن لي علاقات كثيرة.. وصديقي المقدم سفيان مرتجي سيقلب كل الجحور حتى يتم الإمساك بك متلبسا بتلك الأعشاب المخدرة الأثيرة لديك.. لنرَ كيف ستتمكن من تدخينها داخل السجن"...
هدر جمال بانفعال: "هل تهددني؟"
رد آدم: "بل أنبهك، ولكي أثبت حسن نيتي.. هاك"، ثم أخرج من جيبه الخلفي مظروفا يحتوي عددا غير قليل من الأوراق النقدية، وتابع: "هذا على ما أظن أكبر من المبلغ الذي كنت تريد أن تحصّله من ابنتك.. ولمصلحتك أنت.. أرجو أن تكون تلك هي المرة الأخيرة التي أراك فيها.. لأنه في المرة القادمة سيكون بيننا قضبان حديدية بكل تأكيد"، ثم استدار مغادرا بعد أن سحب جمال المظروف والفرحة تتراقص من عينيه..

يتبــــــــــــــــــــــ ــــــــع


مروة سالم غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 21-03-22, 11:44 PM   #155

مروة سالم

كاتبة في قسم قصص من وحي الاعضاء

 
الصورة الرمزية مروة سالم

? العضوٌ??? » 482666
?  التسِجيلٌ » Dec 2020
? مشَارَ?اتْي » 1,756
?  مُ?إني » مصر
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » مروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   ice-lemon
?? ??? ~
Why so serious?
:jded: وانطوت صفحة الهوى - القصاصة السادسة: القسم الخامس

في المساء، كانت ذكرى قد أنهت لتوها دردشة مطولة مع حمزة الذي قدّم لها بعض النصائح حول ما يجب أن تقوله خلال مقطع الفيديو الذي ستسجله لمتابعيها لتوضيح ملابسات أزمتها مع والدها..
لكنها حين جلست في مواجهة عدسة الكاميرا، تجردت من كل ما تدربت على قوله، وتركت لنفسها العنان كي تتكلم بحرية.. بدون رتوش إضافية، فقالت: "أنتم بالطبع تنتظرون مني شرحا مطولا لكل (الفضائح) التي طالت اسمي هذا الأسبوع"..
أطلقت ذكرى ضحكة خفيفة، ثم تابعت: "كما هو واضح من اسمها.. الفضائح لا تكون بالضرورة حقائق.. فلا تصدقوا كل ما تشاهدونه.. هناك مقطع صوتي متداول لا أريد التعليق عليه.. والسبب هو أن صاحب هذا المقطع هو شخص انقطعت علاقتي ووالدتي تماما به منذ أكثر من ثماني عشرة سنة.. ولا يوجد ما يجمعني به فعليا كي أناقشه معكم أو أضيّع وقتكم في سرد تفاصيله"..
اعتدلت ذكرى في جلستها على الأريكة بعفوية ثم تابعت تواجه عدسة الكاميرا: "في هذه الأزمة لا أعوّل سوى على من يعرفونني منذ سنوات تدويني الأولى.. حين كنت تلك البنت البسيطة الفقيرة التي تنشر قصاصات ملونة عن أحلامها المستقبلية.. والتي شاركتكم أمنياتها.. ربما لأنها تماثل أمنيات أغلبكم.. دون أن يكون لها غرضا سوى الحلم.. أو الانفصال قليلا عن واقع مرهق في استراحة خيالية صغيرة"..
صممت ذكرى لعدة ثوانٍ تستجمع نفسها لما ستقوله تاليا، ثم تابعت: "أما بالنسبة للصورة المتداولة مع الدكتور آدم عزازي.. فهي تحتاج لبعض الإيضاح.. أريد أن أقول أولا أننا منذ انفصالنا، تجمعنا علاقة مهنية راقية كوننا نلتقي أحيانا في نفس دائرة العمل من وقتٍ لآخر.. وهذا تحديدا ما حدث في اللقطة المنشورة.. فقد التقينا في حدث طبي.. هو أراد أن يهنئني على حصولي على الدكتوراة.. ثم أُطلق إنذار الحريق وانطلقت مرشات الماء وتبللت ملابسنا، فمنحني سترته كنوع من الشهامة واللياقة، ثم أوصلني لسيارتي.. وانتهى الأمر عند تلك اللحظة.. لا أعرف من قام بالتقاط اللقطة و سرّبها وما الهدف من تسريبه.. خاصة وأنني أعيش حاليا قصة حب مع رجل محترم.. وتلك الشائعات من شأنها أن تلحق الضرر بحياتي الشخصية"..
ابتسمت ذكرى قليلا، ثم قالت بنبرة حيوية: "نأتي للأهم.. لاحظتُ مؤخرا منشورات تطلب من النساء الظهور بحلياتها الذهبية ومجوهراتها..."..
أمضت ذكرى باقي المقطع تشرح لمتابعيها كيف يسأل البعض من خلال التعليقات عن مناطقهن السكنية وعناوينهن بزعم الجيرة كنوع من التقصي من جانب عصابات منظمة هدفها سرقة المصوغات الذهبية..
كما لفتت انتباه متابعيها لوجود منشورات أخرى تطلب من رواد منصات التواصل الإفصاح عن أغرب أماكن احتفاظهم بمصوغاتهم ونقودهم المدخرة داخل المنزل، مؤكدة أن البعض كشف بالفعل عن أفكاره بالنسبة للأماكن التي يحتفظ فيها بأثمن أشيائه، ثم قالت محذرة في نهاية المقطع: "هناك من يتجاوب مع تلك المنشورات بحسن نية.. لكن هؤلاء اللصوص يمكنهم تعقبكم من خلال برامج قرصنة الكترونية تستطيع تحديد النطاق الجغرافي لمستخدمي منصات التواصل، وهذا يسهل عليهم عمليات السرقة المنظمة"..
حين انتهى المقطع، كانت ذكرى قد تلقت مئات التعليقات المتفاعلة مع قضية سرقة المصوغات الذهبية والمدخرات من المساكن، وتقريبا نسيّ قطاع كبير من متابعيها أزمتها الأساسية..
وفي غرفته بمنزل والدته، كان آدم يشاهد المقطع، فيتوقف عند الجزئية التي تذكر فيها أنها (مرتبطة عاطفية برجل محترم)، ليعيدها مرارا وتكرارا..
يعرف أنها تكذب.. يا الله.. لابد أنها تكذب.. لن تواجه الكاميرا وتتحدث بهذه السلاسة ما لم تكن تكذب، كما أنها ليست معتادة على ذكر تفاصيل حياتها الشخصية على الملأ هكذا..
بالتأكيد فعلت ذلك لأجل أن تبعد عنه الشائعة.. تريد أن تحميه رغم كل ما تتعرض له..
وكأنه لن يستطيع حماية نفسه.. "تبا لكِ يا ذكرى"، هتفها آدم بحنق وبداخله يلعن كل الظروف التي آلت لانفصاله عنها في تلك اللحظات..
بينما، كان من بين المشاهدين أعين تتابعها بانشداه وعدم تصديق.. كيف يمكن لتلك الطفلة ابنة الحارة الشعبية أن تصبح امرأة بكل هذا الجمال وكأنها..
وكأنها (من أولاد الناس)..



في صباح يوم الجمعة، أحضرت شادن كمية كبيرة من الشطائر من أجل الاجتماع نصف الشهري مع فريق شركتها الجانبية (Shades of Pink) لتوظيف جليسات الأطفال، والتي تديرها عبر منصات التواصل بمساعدة سكرتيرتها سلمى..
شادن تجيد تنظيم عملها جيدا، حيث تعقد اجتماعين شهريا لفريق عمل شركة التوظيف، واجتماعين آخرين لفريق عمل الروضة، وذلك بأيام الجمعة، حتى تتابع الأداء وتستمع لشكاوى الموظفات وكذلك الإدلاء بنصائحها وملحوظاتها حتى يكون سير العمل أكثر انسيابية وبلا مشاكل، لأن ضحية أي خطأ محتمل سيكون الأطفال، وهذا ما ترفضه قطعيا..
جهزت شادن غرفة الطعام الرئيسية في الطابق الأول لوجبة الإفطار المعتادة قبل الاجتماع، حيث قامت بالتعاون مع موظفاتها بترتيب الشطائر على الطاولات الصغيرة التي يتناول عليها الأطفال عادة وجباتهم، ثم بدأن في بعض الثرثرة المرحة حتى انتهين من تناول الطعام وتنظيف الموائد من جديد..
بعدها دخلن جميعا غرفة الاجتماعات، حيث بدأت شادن تستعرض معدلات الزيادة في طلبات مجالسة الأطفال لانشغال أغلب أولياء الأمور بالعمل لفترات مطولة.. ثم بدأت تستعرض شكاوى العملاء من ضعف خدمة المجالسة، لكن استوقفتها سلمى قائلة: "في الحقيقة يا شادن.. أغلب هذه الشكاوى من مصدر واحد.. المقدم سفيان مرتجي"..
هتفت إحدى الجليسات بحنق عفوي: "بل اسمه السيد (سفيان سريع الغضب)"، لترد أخرى مؤيدة: "صدقتِ.. الرجل عصبي للغاية ودائم التدخل في كل صغيرة وكبيرة"..
ردت ثالثة: "وأسلوبه جاف للغاية.. وكأنه يأمر تابعيه في ثكنة عسكرية.. لم أتحمل العمل معه أكثر من يومٍ واحدٍ وفررت هاربة.. يصيبني بالتوتر أقسم بالله"..
رفعت شادن كفيها كي تقطع انسياب التعليقات السلبية بخصوص أحد العملاء، وقالت: "أفهم أنه صعب المراس قليلا.. ومحب للسيطرة بعض الشيء.. لكنه أب لتوأم ويريد أن تتم تنشئتهما وفقا للنظام الذي رسمه بدقة.. وهذا أمر مرهق.. لذلك لم أوجه لأي منكن اللوم حينما كان يطلب تغيير الجليسة"..
بنبرة مجهدة، أكملت سلمى عوضا عنها: "وحتى الآن مازال يطلب جليسة جديدة كل يومين على الأقل"..
قالت شادن بنبرة حاسمة: "لنمهله فرصة أخيرة.. وإذا لم ينجح في إبقاء إحدى جليسات الشركة للعمل بشكل طبيعي.. فعلينا أن نطلب منه اللجوء لشركة أخرى"..
هتفت سلمى باقتراحها الذي ذكرته لشادن من قبل: "أو يأتي بطفليه هنا للحضانة"..
ردت شادن منهية الحديث: "هذا قرار عليه أن يتخذه بمفرده دون أن نفرضه عليه.. هو شخص شديد التعلق بطفليه ويجب أن يكون راغبا في الانفصال عنهما لبضع ساعات يوميا"..
بعد الخوض في مناقشة تفاصيل أخرى تخص العمل، سارعت شادن بإنهاء الاجتماع لأن أمامها يوما حافلا، سيبدأ بتناولها الغداء في شقة زهو التي دعت الجميع لتناول الطعام لديها عقب صلاة الجمعة، ليتحركن بعدها للنادي لحضور تدريب ساري الأول في لعبة كرة اليد، بعد أن تم تشكيل فريق للناشئين تحت تسع سنوات، بمشاركة مجموعة من الأطفال من أعمار متقاربة..
كان ساري قد جرّب أكثر من لعبة جماعية من بينها كرة القدم، لكنه أبدى حماسا للعبة كرة اليد..
أما كيان اللي بدأت بالفعل تدريباتها في التايكوندو، فإنها طلبت أيضا من صديقات والدتها مؤازرتها في تدريبها المسائي عقب تدريب ساري..
وقد أصرت زهو على دعوة الفتيات للغداء لتخفيف حالة التوتر التي سيطرت عليهن طوال الأسبوع بسبب مشكلة ذكرى، ثم الجلسة العصيبة التي جمعتهن مع الأمهات، ويبدو أن خطتها بدأت تؤتي ثمارها..
فبعد أن انتهت الفتيات من تناول الطعام وتنظيف المائدة، قالت أمواج بلهجة حماسية: "لمَ لا نخضع لجلسة تأمل جماعية في غرفة الاستقبال كي نحصل على المزيد من الاسترخاء"..
ضحكت ذكرى وقالت: "إذا حصلتُ على المزيد من الاسترخاء، سأستسلم للنوم ولن أذهب معكن لأي مكان"..
عاودت أمواج الاقتراح بنفس الحيوية: "إذًا لنمارس بعض الرقص النقري لكي نهضم كل هذا الطعام الشهي الذي أعدته زهو.. يا الله.. مرت شهور دون أن نفعلها"..
ابتسمت شادن وقالت ممازحة: "حبيبتي.. لا نحمل أحذية الرقص الصاخبة معنا.. هل تظنيننا نتجول بتلك الأحذية أم نحتفظ بها داخل سياراتنا"..
هتفت ذكرى بحرج: "في الحقيقة، أحتفظ بها في صندوق السيارة الخلفي.. أخشى أن يراها أحد ويكتشف الأمر"..
علّقت زهو ضاحكة: "ليس وكأن الأمر مشينا.. هذه الرقصات ممتعة للغاية.. لكنني بعد تلك الوجبة الدسمة.. سأتقيأ حتما إذا رقصت الآن"..
قالت أمواج بإحباط: "إذا ماذا سنفعل الآن؟"..
ردت زهو: "يمكننا أن ندلل القطط قليلا.. أتعلمين؟ أفكر جديا في اقتناء حيوان أليف.. أظنه سيجعل ساري أكثر صخبا وحيوية"..
هتفت شادن بحماس: "فكرة رائعة.. في هذه الحالة.. أقترح أن تقتني كلبا.. لأن الكلاب تحب التجول خارج المنزل.. وبالتالي سيكون عليك اصطحابه مرة يوميا على الأقل في نزهة سير حول المباني المجاورة.. ويمكن وقتها لساري مرافقتك.. ما رأيك؟"
هتفت زهو: "لا أعلم.. لم أفكر في هذا المجهود الإضافي"..
قالت أمواج مشجعة: " ولكن إذا أصبح السير من أنشطتك اليومية.. يمكنك حينها الاقتطاع من الوقت الذي تحتاجين لقضائه في الجيم من أجل المحافظة على لياقتك وتجنب زيادة الوزن"..
همست زهو باقتناع: "أظن ذلك.. إذًا دعوني أفكر جيدا في الأمر قبل أن أخبر ساري كيلا يتحمس للفكرة فأصدمه أنا وألغيها"..
قاطع ثرثرة الفتيات رنين هاتف شادن بنغمة مميزة، فركضت نحو هاتفها بلهفة، واستقبلت المكالمة هاتفة بصوت مندفع: "حبيبي.. اشتقت إليك يا نادر"، غافلة عن نظرات زهو التي سادها الحنق والضيق..

يتبــــــــــــــــــــــ ـع


مروة سالم غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 21-03-22, 11:46 PM   #156

مروة سالم

كاتبة في قسم قصص من وحي الاعضاء

 
الصورة الرمزية مروة سالم

? العضوٌ??? » 482666
?  التسِجيلٌ » Dec 2020
? مشَارَ?اتْي » 1,756
?  مُ?إني » مصر
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » مروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   ice-lemon
?? ??? ~
Why so serious?
New1 وانطوت صفحة الهوى - القصاصة السادسة: القسم الأخير

في دبي، كانت الدكتورة مرح تقوم بعملية تنظيف لآخر مريض في قائمة حالات اليوم، ولما انتهت من معالجته، ونصحته بخطة العناية بأسنانه خلال الفترة القادمة، سارعت كالعادة بجمع أدواتها لوضعها في جهاز التعقيم، ثم غسلت يديها وخلعت حجابها وبدأت تدلك رقبتها قليلا، لكن مساعدتها اقتحمت غرفة الكشف تخبرها أن المريض التالي اسمه مازن الحريري..
أبدت مرح دهشتها من إقدامه على زيارتها هنا، لكنها قالت لمساعدتها: " هذا طليق أختي وتلك بالتأكيد ليست حالة مرضية.. دعيه ينتظر لبضع دقائق حتى أضع حجابي من جديد، وحين أضغط جرس التنبيه، اتركيه يدخل.. اسمعي.. لا تحصّلي منه رسوما للكشف.. أعيدي له ما دفعه"
أومأت المساعدة بطاعة، وتحركت للخارج، فيما زفرت مرح بإجهاد وعاودت تدليك رقبتها المتيبسة قليلا متسائلة عن سبب تلك الزيارة المفاجئة..
بعد بضع دقائق من التدليك استرخت عضلات رقبتها قليلا، فلفّت حجابها من جديد، ثم نقرت بإصبعها جرس التنبيه، فانفتح الباب، ودلف إلى داخل الغرفة مازن الحريري بحضوره الكاسح بقامته الطويلة وبنيته العريضة ورأسه الحليقة تماما لتزيد مظهره بأسا رغم أن مهنته مكتبية ولا تستدعي هذا المظهر الذي يجعله أشبه بأبطال المصارعة الحرة أو رجال الحراسات الخاصة..
لا تفهم مرح أبدا ذوق أختها في الرجال.. بل في هذا الشخص تحديدا بعد أن تقدم إليها العشرات..
وحتى الآن، لم تفهم سبب طلاقهما المفاجئ رغم حالة الهيام التي كانت تسود علاقتهما منذ تمت خطوبتهما وحتى ما بعد الزواج بأشهر قبل إعلانهما نيتهما في الانفصال رسميا..
استجمعت مرح صرامتها المهنية التي تفرضها على سلوكها في المؤتمرات الطبية وأخذت تذكّر نفسها أنها دائما في صف أختها.. ظالمة أم مظلومة.. رغم أنها لم تكتشف فعليا طبيعة الخلاف الذي أدى إلى طلاقهما نظرا لتكتم أختها الشديد، لذا نهضت من مقعدها وبدأت تغمغم بكلمات الترحيب بنبرة رتيبة قبل أن تشير له لكي ينضم إليها عند مكتبها في الركن الأقرب للباب، فجلس عل المقعد المواجه لها، ثم قال بنبرة ودية: " مرحبا دكتورة مرح.. علمت أنكما ستسافران قريبا.. وأردت أن أتفق معك حول بعض الأمور.. تتوقعين بالتأكيد أنني كنت أتجنب لقاء شذى في البنك طوال الفترة الماضية.. ولحسن الحظ، كلا منا يدير قسم مختلف، لذا لم يكن من الوارد لقاؤنا.. لكن هناك بعض الأمور العالقة التي ينبغي أن ننتبه لها قبل سفركما".
سألته مرح بامتعاض: "مثل ماذا؟"..
رد هو بتوتر: "حين غادرت شذى المنزل.. تركت الكثير من الأغراض التي تخصها.. وحتى هناك بعض المصوغات الذهبية مبعثرة في الأدراج.. أريدها أن تأتي لجمعها.. لم أشأ العبث بأغراضها وجمعها وإرسالها لها كيلا تظن أنني لا أرحب بها في المنزل حتى أنني عرضت عليها قضاء فترة العدة بداخله لكنها أبت وأصرت على القدوم للإقامة معك بشقتك.. على آية حال.. لقد قمت بالفعل بتحويل ميلغ مؤخر الصداق إلى حسابها.. والبنك قام بنقلها إلى أحد فروع العاصمة رغم صعوبة الأمر حاليا.. أما بالنسبة للنفقة"..
قاطعته مرح متسائلة بفضول: "لقد حسبتَ كل شيء جيدا.. إذًا فأنت تخبرني بصورة غير مباشرة أنه لا مجال للصلح.. صحيح؟"
أطرق مازن رأسه وقال بنبرة حزينة: "للأسف"، ثم رفع عينيه ورمقها متوسلا قبل أن يسألها بتوجس: "هل أخبرتكِ عن سبب الانفصال؟"
ردت مرح بانفعال: "إطلاقا.. هي عازفة عن الخوض في هذا الأمر تحديدا منذ أن حدّثتني بخصوص قراركما بالانفصال بعد أقل من عام واحد على زواجكما، وكلما حاولت جرّها للحديث.. تنفعل بشدة وتقول إن الأمر بينك وبينها فقط ولا تحب أن تحدّث أحدا بخصوصه.. حتى أقاربنا حاولوا التدخل من أجل حل الخلاف، لكن شذى تأبى تدخل أحد في الأمر مؤكدة أن الأمور بينكما قد انتهت تماما"..
بدت علامات الارتياح على وجه مازن، فازداد فضول مرح التي سألته بتحفز: "لمَ لا تتحدث أنت؟"..
تنهد مازن، وقال: "بعض الأسرار يجب أن تظل خفيّة.. كلانا.. فقط.. لم نستطع"، ثم رفع كفيه يفرك بهما وجهه المجهد، فانتبهت مرح لأول مرة لملامحه المرهقة وذبوله الذي يعارض تماما هيئته القوية المعتادة وطاقته التي كانت تشع منه أينما حل، فسألته بتعاطف: "هل أنت بخير؟"
رد مسرعا: "سأكون بخير.. المهم أن تكون هي بخير.. أوصيك بها خيرا يا مرح.. أخبريها أنني سأعطيها كل ما تبقى من حقوقها.. ولتحضر للمنزل لجمع ما تبقى من أغراضها"..
قالت مرح بنبرة جافة: "لا توصيني على شقيقتي التي ليس لي غيرها في هذا العالم بعد رحيل والدينا.. سأساعدها على العثور على سعادتها من جديد"، توقفت لثانية ثم تابعت بنبرة بها بعض الغرور الذي يناقض شخصيتها اللطيفة: "الحياة لا تتوقف على أحد كما تعلم"..
تنحنح مازن محرجا، وهز رأسه بتأييد، ثم نهض ناويا المغادرة، قبل أن يلتف نحوها ويقول بنبرات خفيضة: "أخبريها أن تغفر لي".. وقبل أن تتمكن مرح من السيطرة على دهشتها وسؤاله عما يعنيه، كان هو قد غادر غرفتها بخطوات رشيقة مسرعة تخالف قامته العضلية الفارعة..
جلست مرح على مكتبها لدقائق، تفكر في كلمات مازن، ولما يئست من ربط الأمور ببعضها والتوصل إلى حل لغز الخلاف الذي دمر زيجة أختها بتلك الطريقة البشعة، نهضت لتجمع حاجياتها المتناثرة فوق سطح المكتب بهدف المغادرة، لكن مساعدتها اقتحمت مكتبها للمرة الثانية، كي تخبرها بوجود مريض أخير قد حضر للعيادة فجأة ويصر على الدخول للكشف مؤكدا أن حالته عاجلة، لدرجة أنه عرض دفع رسوم إضافية..
زفرت مرح، ووضعت يدها على بطنها تغمغم بضيق: "معدتي تكاد تصرخ جوعا.. ما هذا اليوم الذي لا ينتهي؟"، ثم تابعت بنبرة أعلى: "تفضلي.. أدخليه لننتهي من هذا اليوم"..
غادرت المساعدة، ودلف بعدها شاب آخر يبدو في أواخر الثلاثينات بملامح جذابة شديدة الوسامة.. يميزه شعره البني الغزير وعيناه المسحوبتان بلونهما الأزرق لتجعل نظراته مشاغبة بشكل تلقائي، وابتسامته الساحرة التي تؤطرتها غمازتان غائرتان حول شفتيه تتخفيان خلف لحيته الكثيفة..
ناظرته مرح لبضع ثوانٍ..
النظرة الأولى تتفحص ملامحه وتتبين هويته..
والنظرة الثانية تتأكد أنه هو..
والنظرة الثالثة كي تتأكد أنه هو.. هنا.. في محيطها
ثم همست بحمق: "هل هذا يوم الزيارات العالمي من العشاق السابقين؟"



نهاية القصاصة

شكرا للمتابعين


مروة سالم غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 22-03-22, 01:25 AM   #157

موضى و راكان

نجم روايتي

alkap ~
 
الصورة الرمزية موضى و راكان

? العضوٌ??? » 314098
?  التسِجيلٌ » Mar 2014
? مشَارَ?اتْي » 6,242
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » موضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   cola
¬» قناتك max
?? ??? ~
سبحان الله وبحمده .. سبحان الله العظيم
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 30 ( الأعضاء 8 والزوار 22)


‏موضى و راكان, ‏asmaaasma, ‏وردة فضية, ‏yasser20, ‏مروة سالم, ‏مريم عبدالرحمن, ‏فاطمة محمد عبدالقادر, ‏Ektimal yasine


أبدعتى يا مروة تسلم الأفكار و الأيادى


موضى و راكان غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 22-03-22, 02:39 PM   #158

مروة سالم

كاتبة في قسم قصص من وحي الاعضاء

 
الصورة الرمزية مروة سالم

? العضوٌ??? » 482666
?  التسِجيلٌ » Dec 2020
? مشَارَ?اتْي » 1,756
?  مُ?إني » مصر
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » مروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   ice-lemon
?? ??? ~
Why so serious?
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة موضى و راكان مشاهدة المشاركة
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 30 ( الأعضاء 8 والزوار 22)


‏موضى و راكان, ‏asmaaasma, ‏وردة فضية, ‏yasser20, ‏مروة سالم, ‏مريم عبدالرحمن, ‏فاطمة محمد عبدالقادر, ‏ektimal yasine


أبدعتى يا مروة تسلم الأفكار و الأيادى
شكرا جزيلا 😍😍😍😇😍


مروة سالم غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 22-03-22, 04:17 PM   #159

Ektimal yasine

? العضوٌ??? » 449669
?  التسِجيلٌ » Jul 2019
? مشَارَ?اتْي » 1,960
?  نُقآطِيْ » Ektimal yasine has a reputation beyond reputeEktimal yasine has a reputation beyond reputeEktimal yasine has a reputation beyond reputeEktimal yasine has a reputation beyond reputeEktimal yasine has a reputation beyond reputeEktimal yasine has a reputation beyond reputeEktimal yasine has a reputation beyond reputeEktimal yasine has a reputation beyond reputeEktimal yasine has a reputation beyond reputeEktimal yasine has a reputation beyond reputeEktimal yasine has a reputation beyond repute
افتراضي

فصل رووعة
المقدمة وتشبيه البشر بقطع الدومينو ياللي بيسقط بعضها وبيتخلل بعضها ليستند على المجاورة لحتى ما يسقط رهيب
ادم وتكبرو مع غطرسة ذكرى كيف راح يتلاقوا
والدة ادم رقية وشكلها اساس المشكلة بغطرستها وتكبرها واستهانتها بذكرى وبستغرب مدى اذعان ادم
عدنان وفاطمة وهم انتشال بحر كنزعتمة غرق فيها وعلق بالماضي
كلام والدو صح الجروح ما بتختفي لكن المهم عدم ترك.ندوبها للتلوث
بسام عانى التشهير وهوي اكتر حدا بيعرف ظلم المجتمع المترقب للفضايح حبيت موقفو مع ذكرى وحبيت جمزة وحنيتو الصعيدية مين اكتر منو قادر يستمع ويتفهم بصمت وبدون اي احكام مسبقة تربية حنان
واخيرا سغيان ومواجهة مع بحر بتعافي القاىد بداية تعافي بحر واجا الوقت سفيان هطى اول خطوة لنفسو ولبحر
لطيفة وتفكيرها العقيم ناةفي اصعب من انو الام تكون سكين ينحرك بالحقيقة بطريقة فجة وقاسية ولطيفة هيك ما راعت حساسية شادن للموضوع تفكيرها انها معيوبة ولازم تقبل وترضى بزواج وليد عليها للاسف خذلتةشادن
ادم ومحاولة ترهيب جمال هل خطوة بمحلها ام راح يزيد طمعو
حبيت رغم.كلشي ابقاءه عالاتفاقية بين ذكرى والمؤسسة
مين الضيغ اجديد من الحارة القديمة ياللي لفتت ذكرى اهتمامو
مازن وسر انفصالو عن شذى
الضيف التاني الوسيم مع مرح هلت البشاىر
فصل تحفة تسلم ايدك وعمم تزايد الاحداث تشايكا وعم يزداد التشويق
تسلم ايدك يارب


Ektimal yasine غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 22-03-22, 06:30 PM   #160

مروة سالم

كاتبة في قسم قصص من وحي الاعضاء

 
الصورة الرمزية مروة سالم

? العضوٌ??? » 482666
?  التسِجيلٌ » Dec 2020
? مشَارَ?اتْي » 1,756
?  مُ?إني » مصر
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » مروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   ice-lemon
?? ??? ~
Why so serious?
Rewitysmile14 إعلان مهم

إعلان مهم...

تم تغيير موعد نشر الفصول على المنتدى.. إلى السابعة مساء كل يوم اثنين، بدلا من الحادية عشرة، وذلك بدء من الأسبوع المقبل بعد الحصول على موافقة إدارة المنتدى...

شكرا للمشرفات..

كما أنه سيتم توقيف نشر الفصول طوال شهر رمضان المبارك.. وسيتم باذن الله استئنافها في عيد الفطر.. ولذلك
سيتم نشر القصاصة السابعة يوم الاثنين المقبل ِ
وبعدها نتوقف حتى العيد باذن الله..

شكرا لتفهمكم

وشكرا لكل المتفاعلين مع الرواية سواء بالتعليقات هنا بمراجعات جميلة تحمس الكاتبة، او من خلال انطباعات مكتوبة في شكل تعليقات على المنشورات عبر فيسبوك.. وان كنت آمل في تفاعل أكبر.. ولكن الحمد لله وقدر الله وما شاء الله فعل..



مروة سالم غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 01:43 AM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.