آخر 10 مشاركات
وريف الجوري (الكاتـب : Adella rose - )           »          90 -حبيب الأمس - جين سامرز -عبير دار الكتاب العربي (الكاتـب : Just Faith - )           »          صمت الجياد (ج2 سلسلة عشق الجياد) للكاتبة الرائعة: مروة جمال *كاملة & روابط* (الكاتـب : Gege86 - )           »          ستظل .. عذرائي الأخيرة / للكاتبة ياسمين عادل ، مصرية (الكاتـب : لامارا - )           »          زوجة لأسباب خاطئة (170) للكاتبة Chantelle Shaw .. كاملة مع الرابط (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )           »          في غُمرة الوَجد و الجوى «ج١ سلسلة صولة في أتون الجوى»بقلم فاتن نبيه (الكاتـب : فاتن نبيه - )           »          قدرها ان يحبها شيطان (1) .. سلسلة زهرة الدم. (الكاتـب : Eveline - )           »          381 - الانتقام الاخير - كيت والكر (الكاتـب : أميرة الورد - )           »          402 - خذ الماضي وأرحل - مارغريت مايو (الكاتـب : عنووود - )           »          وَ بِكَ أَتَهَجَأْ .. أَبْجَدِيَتيِ * مميزة * (الكاتـب : حلمْ يُعآنقْ السمَآء - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء

Like Tree12256Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 16-05-22, 04:16 PM   #261

مروة سالم

كاتبة في قسم قصص من وحي الاعضاء

 
الصورة الرمزية مروة سالم

? العضوٌ??? » 482666
?  التسِجيلٌ » Dec 2020
? مشَارَ?اتْي » 1,756
?  مُ?إني » مصر
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » مروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   ice-lemon
?? ??? ~
Why so serious?
افتراضي


اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة وردة فضية مشاهدة المشاركة
مستنه انتقام امواج وعايزه اشوف كمان ادم هيعمل ايه مع ذكرى
استعدي بقى للانتقام.. اول جولة فيه في فصل اليوم باذن الله


مروة سالم غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 16-05-22, 04:18 PM   #262

مروة سالم

كاتبة في قسم قصص من وحي الاعضاء

 
الصورة الرمزية مروة سالم

? العضوٌ??? » 482666
?  التسِجيلٌ » Dec 2020
? مشَارَ?اتْي » 1,756
?  مُ?إني » مصر
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » مروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   ice-lemon
?? ??? ~
Why so serious?
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة قلوب نابضة بالإيمان مشاهدة المشاركة
فضولي ألف امتى الفصل بس
الفصل اليوم باذن الله بس احتمال يتاهر نصف ساعة فقط لظروف خاصة


مروة سالم غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 16-05-22, 05:53 PM   #263

فاطمة محمد عبدالقادر

? العضوٌ??? » 478303
?  التسِجيلٌ » Sep 2020
? مشَارَ?اتْي » 752
?  نُقآطِيْ » فاطمة محمد عبدالقادر is on a distinguished road
افتراضي

بسم الله الرحمن الرحيم❤️
مبدئيًا الافتتاحية عظمة كالعادة، قوة التعبير مع تناسق الألفاظ ورشة إحساس كده❤️
(سكر، بهار، كل ما هو لذيذ😂❤️)

هذا الفصل يأتيكم برعاية "بحر الديب" أو "الكلاون بحر الديب"🤡
يلا نبدأ بجدية بقى..
فزع بحر على أمواج، وحنينه وقت ما كان بيفتح البيت وبيدخله، ورد فعله لما لقاها تعبانة وكل ما اللي عمله فجأة واللي بيتنافى مع وضعه الحالي كشخص فاقد للطاقة وللحياة وللشعور .. حتى نظرته وكلامه مع أولاده
موجع!
موجع جدا وبحس بقهرة قلبي عليه وعلى أمواج وعلى أولادهم .. قهر الرجال مش سهل .. والله ما سهل .. وواضح جدا ان اللي بحر شافه مش هين لدرجة انه رغم كل الوقت ده، وكل المواقف دي، وكل الحزن اللي في قلبه ده برضه مازال غير قادر على التعافي..
لكنه شخص مستسلم .. ورغم تعاطفي معاه إلا ان الاستسلام للحزن ودفع كل ما قد يساعد على التعافي يعد نوعًا من الخنوع والفشل (يعني تخيل مطفي وكمان فاشل!) نفسي يحاول قرب بدل ما بيبذل كل مجهوده (الذي يكاد لا يُذكر) في البعد ..طب اتعلم من الباشا حاتي عا بتاعنا!! بيحاول يتجاوز ويتخطى أهو حتى لما فكر يتطمن على أمواج راح يكلم شادن .. اتلحلح كده يابني مش معقول!
مشهده مع بنته عياط يا عم🥺
ما تفوق بقى ياسطا يخربيت اكتئابك🥹
ومش عارفة أعدي انك موجود وعايش ومافيش شيء يشغلك ومع ذلك بتقول لأمواج لو ماتحسنتش تسيب الأولاد مع زهو أو شادن .. طب وانت؟؟ ورعايتك الواجبة ليهم؟🤷🏻‍♀️

كلامك جارح يا بحر .. وعواقب حماقتك مش هتعجبك، كل اللي بتفتكره صح والصالح لحبيبتك وولادك هو أسوأ خطأ وأبعد ما يكون عن الصلاح .. وواضح انك عاجبك حالك المنيل ده فبراحتك بقى🙂
أقولهالك بالفصحى؟

كما تريد يا بحر
لا تعترف🤷🏻‍♀️
لا تعترف بشوقٍ ينبش أضلعك
ولا بحنينٍ تسيل له أدمعك
لا تُسلِّم لما يكويك ويلذعك
لكن إياك وتبرير ما يمنعك
أو الخيال بين مرارات تجرعك
أن ما فات رهن إصبعك
ولا تعترف ..

وخليك بقى كده لحد ما تلاقيها بتخاوي كنان وكيان بعد ما صبغت👍🏻
مشهد بحر وأمواج وكيان وحتى الحضور القصير لزهو وكيان كان قمة في الجمال والتأثر وبيستدر العواطف بشكل رهيب .. شابوه يا مروة❤️👏

أنا على تكة وهنزل أشحت على ذكرى🤏
مش معقول كده كل سحلة أروع من اللي قبلها!
يا رب سحلة منهم تاخد كريم ورقية في يوم واحد وتعدي تاخد نيرمين ولطيفة في سكتها🤲
"آدم المتكتف" أكتر تعبير معبر عن حالة آدم دائمًا وأبدًا طالما أمه على وش الأرض .. متكتف بمشاعره وحبه لذكرى وبتقديره واحترامه لأمه (اللي تنشك) ف واقف ثابت زي الموميا كده مش عارف يتحرك يا حبة عيني .. مش عارفة يصعب عليا بسبب غيرته وتكتيفته ولا أقول يستاهل وأشمت فيه؟ .. هأجل الإجابة عن السؤال ده لحد ما أعرف تفاصيل اللي عملته، وهل كنت بتحاول فعلا ولا ابن أمك زي ما كلنا حاسين .. أصل البت مش هتتقلب عليك انت كمان لله وللوطن يعني🤷🏻‍♀️

شادن وسفيان الفواكه الناضجة في الرواية😂❤️
ناضجة نفسيًا وفكريًا وبيطوروا نفسهم بشكل مستمر يُحترم.
كل مرة بمدح في مجهودات سفيان لكن المرة دي لفت نظري مدى تشابه شخصياتهم وان الاتنين بعد ما وقعوا قاموا وطوروا من نفسهم وماستسلموش لأي شيء، بالعكس بيحاولوا دايما يكونوا أحسن وكمان يفيدوا غيرهم ويكونوا منتجين .. من كتر تقارب شخصياتهم حتى مقر مشروعاتهم جنب بعض😂❤️
لكن مدحي في قوة شادن واهتمامها بغيرها وبنفسها نفسيًا وجسديًا كمان مش هيمنعني أتكلم عن سوفي كالعادة .. رغم اني خدت ديستريكشن من الفيسبوك بسببه بس فداه عادي🤷🏻‍♀️❤️
ما زال بيبهرني .. راجل عاقل مش بيقاوح في الغلط وبيحاول دايما يصلحه ويشوف ايه الصح ليه وللي يهموه ويعمله .. شخص مسؤول وقائد بحق❤️

نرمين بصورمها ده لو عرفت انهم كانوا بيشربوا حشيش هتذيع الخبر في اليوم السابع ومش هترتاح إلا لما تطردهم من العمارة😂😂😂
بس نرمين ماعرفتش، ليه؟ عشان لازم ام صورم تموت بغيظها (شغل لي يابني في الخلفية اغنية غيري مني وولعي)
مشهد الحشيش رغم انه يبان في ظاهره لو قلنا "دول البنات اتجمعوا وشربوا حشيش" انه مشهد ضحك وهزار وكوميديا وخلاص .. إلا انه بالعكس تماما كان مشهد قوي ومؤلم وأظهر دواخل كل واحدة فيهم .. ماعدا ذكرى عشان دي حتى الفضفضة مالهاش فيها نصيب🙂
الرسايل اللي كتبوها بتنم عن تجارب مريرة مروا بيها كلهم بلا استثناء .. لكن واضح ان قهر ذكرى الأكبر، وحتى بعد مرور الوقت لم يخمد، مازالت تشعر بالقهر والمرارة ..
بعتذر عن حيرتي يا آدم شكلك كنت ابن امك فعلا🚶🏻‍♀️
وزهو كل ما بتيجي سيرتها بحس ان عيني هتدمع قبل حتى ما تفكر او تتكلم أو تكتب🤦🏻‍♀️
يا رب كلهم يتخطوا الأحزان دي قريب🥺❤️

مستنية انتقام أمواج ومستبشرة خير في الاسترونج اندبدنت وومان بتاعتنا دي❤️
ان شاء الله زي ما ردها على نرمين أثلج قلبي كمان تصرفاتها القادمة هتسلطني😂❤️❤️❤️
تسلم ايدك وعينك على العظمة اللي بيوضحلنا جمالها كل مدى دي يا مروة بجد
. الفصل رهيب ومليء بالاقتباسات البليغة❤️
منتظرة الفصل القادم بشوق❤️


فاطمة محمد عبدالقادر غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 16-05-22, 08:20 PM   #264

مروة سالم

كاتبة في قسم قصص من وحي الاعضاء

 
الصورة الرمزية مروة سالم

? العضوٌ??? » 482666
?  التسِجيلٌ » Dec 2020
? مشَارَ?اتْي » 1,756
?  مُ?إني » مصر
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » مروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   ice-lemon
?? ??? ~
Why so serious?
Rewitysmile21 وانطوت صفحة الهوى - القصاصة التاسعة: القسم الأول

القصاصة التاسعة
(الوجه الآخر للحب)



هل حدثك أحد من قبل عن الوجه الآخر للحب؟
ذلك الذي لا يتضمن حلوى وزهورا و دمى قطنية..
ذلك الذي تتحول فيه مشاعرك من دفء وحنان وتملك إلى جمود وقسوة وزهد..
ذلك الذي تتبدل فيه رغبتك في حماية من تحب إلى شعور عارم بضرورة الإيذاء والانتقام..
حين يطردك حبيبك من جنته، فتجد نفسك مشردا تقضي لياليك الشتوية القارصة في العراء بعيدا عن دفء أحضانه المخملية..
عندما يبلغ اليأس بك مبالغه، ستذوق مرارة التخلي، فتحاول التنازل والتغاضي والتسامح، فلا تلاقي سوى الخذلان..
ستلتمس الأعذار وتسوق المبررات وتتعلل بالتوقيت الخاطئ ومرارة الألم..وتعد نفسك أن كل شيء سيتحسن..
تظل تردد (كل شيء سيكون بخير) وأنت مقتنع تماما أن الجرح لن يندمل ما لم تقم بتطهيره..
كما أن المريض لن يُشفى تلقائيا.. ما لم يعترف بمرضه ويطلب العلاج..
لكن متى كان الدواء بطعم العسل؟




يا حضرة العمدة ابنك حميدة حدفني بستفندية
وقعت على صدري ضحكوا عليا زملاتو الأفندية
يرضيك يا عمدة؟ عشان ابن عمدة.. يعمل كده كده فيا؟


كان سفيان مارا بجوار غرفة الألعاب، وهو يستمع لتلك الأغنية الشعبية القديمة تصدح من سماعات الموسيقى، فمدّ رأسه يطل داخل الغرفة ليرى مالك يتحرك بخيلاء ممسكا عصا خشبية صغيرة بينما يلف أعلى رأسه بوشاح على الطريقة الريفية المصرية، فيما تتمايل ملك وهي تقلد حركات امرأة ناضجة تشكو أمرا جلل..
كان المقطع يعاد مجددا بنفس الكلمات، فشهق سفيان بفزع عندما أخذت ملك تشير بكفيها المنمنمين إلى صدرها – حيث يُفترض أن تكون سقطة عليها ثمرة اليوسفي التي قذفها نحوها شابٌ متحرش..
حين تمالك نفسه من صدمته، تحرك سفيان بخطوات هادرة صوب مشغل الموسيقى الموصل لا سلكيا بالسماعات، وأغلق الأغنية فورا، ثم هتف في إيلاف موبخا: "ما هذه المسخرة؟ ما الذي تفعله مع الطفلين تحديدا؟"
هرش إيلاف مؤخرة شعره بحرج، ثم قال: "أدربهم على استعراض حفل يوم الطفولة العالمي"
نهره سفيان بحنق: "ولم تجد سوى تلك الأغنية؟ هل تعطيهم نبذة مختصرة عن فنون التحرش في هذا السن؟ أتعلّم ابنتي أن تتمايل بغنج لا يناسب سنها؟ وما الدور الذي سيؤديه مالك هنا تحديدا؟ المتحرش أم والده؟ ما هذا الابتذال؟"
فتح إيلاف فمه، ثم أغلقه حين لم يجد ردا مناسبا، فتابع سفيان متسائلا بغيظ: "من طلب منك هذا؟ هل أنت صاحب هذا الاختيار؟ كيف عرفت هذه الغنوة أساسا؟ لا أصدق أنك تطلب من طفلين في الثالثة من عمريهما أداء مشهد مبتذل عن التحرش"
مط إيلاف شفتيه امتعاضا، ثم تنحنح وقال مدافعا بنبرة حرص على صبغها بالثقة: "الأغنية ليست سرا يا سفيان.. كانت تُعرض في التلفاز قبل سنوات في مختلف الأوقات، وتصويرها بطريقة الرسوم التحريكية كان جذابا للغاية.. لا تنكر أنك أيضا كنت تشاهدها"..
هتف سفيان: "كان هذا قبل أن أفهم معنى كلماتها.. كان يتم عرضها في أوقات مشاهدة الأطفال لها، فلم نفهم سوى أنهما طفلان يشاكس أحدهما الآخر.. ولكن بعد أن كبرت قليلا فهمت المغزى الأصلي لكلماتها، وما يدهشني حقا أنها وصلت لبيتي ليتراقص عليها طفلاي"..
رد إيلاف محاولا التبرير: "في الحقيقة.. قالت Shades"..
حين سمع سفيان اسم التدليل الخاص بشادن على لسان شقيقه، اشتعل غضبا فهدر دون أن يمنحه فرصة للتوضيح: "شايدز هي السبب إذًا؟؟ كان عليّ أن أتوقع الأمر منذ البداية"
فتح إيلاف فمه قاصدا التوضيح من جديد، لكن عينيه التمعتا بالمكر بعد أن فكر قليلا مقررا التزام الصمت، فضم شفتيه بإصرار تاركا المجال لسفيان باتخاذ قراره متوقعا رد فعله التالي بشكل شبه يقيني..
ولم يخيب ظنه، حين قال شقيقه الأكبر: "اسمع.. اترك لي شادن.. أنا سأتحدث إليها.. سأرسل لك رابط أغنية أخرى، وأريدك أن تدربهما عليها.. حتى أنني سأحضر بعض تدريباتكما هنا بالمنزل"..
أومأ إيلاف رأسه وقال بنبرة مرحبة: "أنت والدهما.. لك ما تريد يا أخي"..
ناظره سفيان مندهشا لاستسلامه لما قرره بتلك السهولة، لكنه لم يعر الأمر اهتماما، حين استطرد قائلا: "اسمع أريد الحديث معك بأمرٍ هام.. اترك الطفلين حاليا يمرحان وتعال لنتحدث بهدوء"..
نادى سفيان الجدة سميحة كي تتابع الطفلين، بينما أخذ إيلاف وتوجها لغرفة المعيشة..
حين جلس سفيان على الأريكة الوثيرة، قام بالتمليس بذراعة السليمة على الأخرى التعويضية برفق وكأنها تؤلمه، فسأله إيلاف بقلق: "هل يؤلمك ذراعك؟ أهو مكان اتصال الجلد بالمعدن؟ هل تشعر بالحكة؟"
رد سفيان: "لن تصدق.. لكنني لا أشعر بالألم بذراعي نفسه.. بل بالجزء المبتور.. وكأنه مازال موجودا ومتصلا بجسمي ويؤلمني.. الأمر يزداد كلما تحركنا نحو برد الشتاء.. ولكن الدكتور آدم أخبرني أن الأمر نفسي.. وليس له تأثير فعلي على وضعي الصحي.. هي مجرد ظلال آلام من وقت الحادث.. أو شيء من هذا القبيل.. لا تقلق.. سيختفي قريبا.. وإذا ظل الوضع هكذا.. سأطلب المساعدة من الدكتورة مارية"..
حاول إيلاف تغيير دفة الحديث، فربما إذا شتت تركيزه عن آلامه، يختفي الوجع، فبادر يسأل شقيقه: "إذًا ما الأمر الذي تريد محادثتي بشأنه؟"
رد سفيان بذهن مشغول بسبب آلم ذراعه الوهمي: "أحتاج إلى شخص خبير بالتسويق الإلكتروني.. أريد الدعاية لشركتي من خلال منصات التواصل على عدة مراحل.. وأريد من يقوم بذلك بشكل احترافي وناجح"..
بنبرة حماسية، انطلق إيلاف قائلا: "حمزة الرافعي بالطبع.. ولا أحد غيره.. هو يعمل بشركة تصميم جرافيك كبرى، ولكنه يدير أيضا مع عدد من زملائه شركة أخرى غير مشهرة علنا بعد.. أي يعملون بدون مقر رسمي بعد.. والشركة أساسا تخص التسويق الرقمي بكل أشكاله.. لذا فإنه سيكون على دراية تامة بما تريد"..
قال سفيان: "لا أريد أحدا مجهولا"..
رد إيلاف موضحا: "ليس مجهولا.. فهمت من Shades أنه تخرج من قسم الدعاية والإعلان بكلية الإعلام، ويعمل بشركة كبرى بسبب كفاءته وبراعته، لكنه لن يقوم بتسجيل شركته الخاصة رسميا إلا عندما تحقق معدل عملاء مُرضٍ بالنسبة له، ووقتها سيستقيل من الشركة الأساسية ويتفرغ لشركته ويقوم بإشهارها.. لقد تحدثت إليه من قبل ولديه طموح كبير.. بالمناسبة هو يعمل مع الـvlogger الشهيرة ذكرى جمال، وكذلك يقوم بالدعاية لروضة Shades.. هل شاهدت الفيديو التعليمي في الحفل؟ كان ذلك من إنتاجه وتنفيذه"..
هتف سفيان بدهشة: "فعلا؟ كان الفيديو رائعا.. جذابا وغنيا بالمعلومات في نفس الوقت"..
رد إيلاف: "نعم.. لأريك بعض المواد المصورة التي أنتجها من أجل الدعاية لفصول التدريس بطريقة مونتيسوري التي ستفتتحها شادن بحلول بداية العام الجديد.. وكذلك الدعاية للأنشطة الإبداعية بالحضانة.. كالموسيقى والرسم والصناعات اليدوية للأطفال، والخاصة بالفصول الصيفية التي تقيمها شادن عند استقبال طلاب المدارس خلال عطلتهم الصيفية لتعلم بعض المهارات والأنشطة الترفيهية وتنمية مواهبهم.. بصراحة عمله مبهر"..
امتعض وجه سفيان لسبب غير مفهوم، لكنه أخذ يتفحص المقاطع الموجودة بهاتف إيلاف، قبل أن يقول الأخير: "وهذا حساب ذكرى جمال على انستجرام.. تفحص بنفسك مقاطعه المصورة معها.. خاصة تلك المتعلقة بنصائح التغذية.. المحتوى دعائي بالأساس لصالح شركة الزين.. لكنك لن تلاحظ أن الإعلانات مقحمة ومسيطرة على الفيديو.. لديه لمسة إبداعية خاصة به.. ويبدو أنه قد درس التسويق الرقمي جيدا لأن المحتوى الذي يقدمه إقناعيا من الطراز الأول"..
أخذ سفيان يتفحص المقاطع، ثم قال بإدراك: "أنا أعرف هذه المرأة.. لقد رأيتها من قبل في الروضة.. هل هي معلمة؟"
رد إيلاف: "لا.. إنها بالأساس تحمل درجة الدكتوراة في التمريض، ولكنها أصبحت شخصية مشهورة منذ سنوات ولديها متابعون كثر على انستجرام بسبب اهتمامها بالموضة والرشاقة.. وهي صديقة Shades وبقية شِلتها أيضا"..
هز سفيان رأسه إدراكا، ثم قال: "حدد لي موعدا مع حمزة الرافعي.. أنا ذاهب للشركة الآن.. لدي اجتماع مهم بعد حوالي ساعتين"..
ترك سفيان المنزل متوجها نحو شركته قيد التأسيس لكي يجتمع من جديد مع بحر من أجل عقد اختبارات ومقابلات للمتقدمين للعمل..



يتبع


مروة سالم غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 16-05-22, 08:22 PM   #265

مروة سالم

كاتبة في قسم قصص من وحي الاعضاء

 
الصورة الرمزية مروة سالم

? العضوٌ??? » 482666
?  التسِجيلٌ » Dec 2020
? مشَارَ?اتْي » 1,756
?  مُ?إني » مصر
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » مروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   ice-lemon
?? ??? ~
Why so serious?
1111 وانطوت صفحة الهوى - القصاصة التاسعة: القسم الثاني

في مقر الشركة، كان بحر يجلس وحيدا يستمع لأغنية Bad Liar لفرقة Imagine Dragons وهو ينفث ببطء دخان سيجارته التي لفها يدويا كعادته الأثيرة، حيث كان شاردا في التحديق في شاشة هاتفه باستغراق لدرجة أنه لم يلحظ دخول سفيان ولا حتى اقترابه منه لدرجة وقوفه خلفه مختلسا النظر إلى شاشته..
تنحنح سفيان بغلظة، فأوجل صديقه الذي قفز من مقعده مرتبكا حتى كاد أن يفلت الهاتف، فمازحه الأول بغلظة: "لو كنتَ في موقع خدمتك الآن، لكنتُ جازيتك"..
أطرق بحر مغمغا باعتذار.. كان يشعر بالذنب رغم أنه كان يدخن لفافة تبغ عادية وليست واحدة من تلك اللفافات المفخخة التي يلجأ إليها حين يكون في أشد حالاته اضطرابه، فيدخنها أملا في أن تسحبه من ذلك الجحيم الذي يسقط فيه من وقت لآخر كلما مرت على ذهنه بعض الذكريات السيئة والتي تحتل عقله في شكل صور مرئية شديدة الوضوح تحاكي ما تعرّض له من تعذيب في أفريقيا..
لاحظ سفيان نظرة الأسف تكسو عينيه، فربت على كتفه وقال يبثه بعضا من القوة: "أثق بك يا بحر.. وأعلم أننا عندما نفتتح الشركة، ستركز في عملك بكل حواسك.. لو كان لديّ ذرة شك واحدة أنك ستخلص لعملك وتؤديه على أكمل صورة، ما كنتُ استعنت بك بالأساس.."
أضاءت قسمات بحر التي كان يظللها الغمام قبل قليل، فتابع سفيان متسائلا: "لكن ما سر شرودك العميق في هاتفك؟ هل هناك خطب؟"
جلس بحر متهالكا بتعب على مقعده، وسحق سيجارته في المرمدة، ثم وضع الهاتف إلى جانبها، وقال بفتور: "أعتقد أن أمواج تخطط لأمر ما"..
رفع سفيان حاجبه متسائلا، فشرح بحر: "أعتقد أنني دفعتها بطريقة ما لكي تعاقبني.. لقد تفوهتُ ببعض الحماقات، ثم ترفعت عن الاعتذار، وهي لم تشعل الدنيا غضبي من حولي.. بل صمتت تماما.. وهذا أكثر ما يخيفني.. ثم أنها"..
سأله سفيان مندهشا من توتره المتزايد: "ثم أنها ماذا؟"
تنهد بحر محاولا التخلص من بعض الانفعال: "صبغت شعرها بذلك اللون الأزرق.. تخيل؟ وبدأت تنشر صورها على انستجرام مثيرة جنوني.. والآن وضعت مقطع فيديو بخاصية المقاطع الدوارة"، ثم أمسك هاتفه وفتح تطبيق انستجرام مشغلا مقطع محدد ثم أدار الهاتف ليشاهده سفيان الذي دخل في نوبة ضحك..
كان المقطع عبارة عن تجميع لعدة صور عائلية تجمع أمواج بطفليها، حيث قامت بتحريرها بإضافة شكل الشبح المضحك من سلسلة أفلام Scream، ليبدو جزء من تلك العائلة بملامحه المثيرة للسخرية والضحك..
حين انتهى سفيان من مشاهدته، هتف ومازالت ضحكاته لم تغادر حلقه بعد: "هل تقصدك أنت بهذا الشبح؟"
رد بحر ممتعضا: "مؤكد.. تقصد أنني الحاضر الغائب بالعائلة.. وأنني مجرد مهرج... إنها تهينني بطريقة مستترة"..
أوقف سفيان ضحكاته ثم قال بعد تفكير: "ألا ترى أن معها حق في أن ترد لك ما فعلته بها؟"
تنحنح بحر، ثم قال: "لأنني لا أشعر أنها ستكتفي بهذا الحد؟ لقد كتبت مجموعة من الحالات أيضا جميعها تدور حول فكرة الوداع"..
لا يزال سفيان غير معتاد على صوت بحر ببحته الغريبة.. فقد كان بحر حين يتكلم، يبدو لمسامعه وكأنه ظل يصرخ لأيام فأضحى صوته متحشرجا بطريقة تعبر تماما عما يختلج بداخله من صراخ مكتوم..
لكن معضلة سفيان هنا، أنه كلما تكلم بحر، يشعر هو أن من يقف أمامه ليس هو بحر الذي يعرفه.. وكأن من اختطفه المتمردون كان شخصا ومن عاد شخصا آخر يشبهه فقط في الهيئة.. بل لا يشبهه حتى..
هذا الرجل يبدو كنبتة صبار نمت في وسط الصحراء.. ليست بها ذرة واحدة من الرفق واللين.. كلها قاسية القوام تحيطها الأشواك كجدار حماية ضد من يفكر في الاقتراب، ورغم ذلك طرد سفيان تلك الفكرة من رأسه متعهدا لنفسه أنه سيقنع بحر حتما بالعلاج النفسي ليعود للاهتمام بعائلته من جديد، لكنه قرر التمهل بخطواته كيلا يدفع بحر للهرب والاختفاء مجددا، فساءله بنبرة عفوية: "ما الذي يخيفك تحديدا؟"
رد بحر فورا دون أدنى ذرة شك: "الانتقام.. جنونها لا يؤتمن.."، ثم همس بكلمات لم تصل لمسامع سفيان: (أعرفها.. غادرة)، ثم تابع محادثا سفيان بنبرة أشبه للثرثرة مخفيا قلقه الحقيقي الذي لم يخفى عن صديقه: "غضبها يشبه نوة الكرم تماما.. والتي تضرب خليج السويس بعنف شتاء كل عام، مثيرة رياح وأمطار شديدة تتسبب في إغلاق الميناء"..
هرش سفيان مقدمة شعره بتفكير، ثم قال: "يبدو مما حكيته أنك قد أهنتها بشدة.. فلمَ تحرمها من أن ترد كبرياءها أمامك.. اعذرني يا بحر.. أنت لم تفعل بها القليل.. لقد تحمّلتك كما لم تتحمل امرأة رجلا من قبل.. ولكنك حتى الآن لازلت تتخلى عنها وعن أسرتك وتترك لها المسؤولية بالكامل"..
أطرق بحر رأسه بأسف، ولم يجد ما يرد به، فابتسم سفيان وقال متفكها: "تبدو قاسية فعلا.. معك حق.. أتذكر حين؟"، ثم دخل في نوبة ضحك صاخبة أثارت توتر بحر..
تابع سفيان بعد أن التقط أنفاسه مقررا أن يرحم صديقه من حيرته: "لقد تذكرت كارثة طلاقكما.. وما فعلته هي بك بعدها"، ثم عاد للضحك الهيستيري قبل أن يتابع: "لقد كانت الشئ الوحيد المسلي بعد ذلك الحادث اللعين"..
ناظره بحر برعب، ثم ازدرد ريقه برعب كمن ابتلع حشرة، فربت سفيان على كتفه وقال: "ليس بيدك شيء.. لتنتظر ما ستفعله هي ثم قم بحل الأمر معها.. والآن هيا للعمل.. أمامنا أكثر من عشرين مقابلة اليوم.. أريدك في قمة تركيزك.. هيا يا (خِمتو).. هيا يا وحش"..


يتبع


مروة سالم غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 16-05-22, 08:25 PM   #266

مروة سالم

كاتبة في قسم قصص من وحي الاعضاء

 
الصورة الرمزية مروة سالم

? العضوٌ??? » 482666
?  التسِجيلٌ » Dec 2020
? مشَارَ?اتْي » 1,756
?  مُ?إني » مصر
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » مروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   ice-lemon
?? ??? ~
Why so serious?
Rewity Smile 1 وانطوت صفحة الهوى - القصاصة التاسعة: القسم الثالث

خرجت مرح من البناية الثالثة التي تراها هذا الأسبوع أملا في العثور على المكان المناسب لإنشاء عيادتها الطبية الجديدة لتعود لمزاولة مهنتها، لكنها للحق ليست متعجلة.. تريد أولا أن تستعيد طبيعتها وتتأقلم على نمط الحياة في مصر، لذا غادرت المبنى وتوجهت صوب سيارتها وقادتها حتى وصلت للمطعم الذي يتولى صديقها الشيف تامر جميل مسئولية مطبخه، فجلست على إحدى الطاولات المطلة على شرفة النيل، تنتظر انضمام أختها شذى إليها، والتي توجهت اليوم لفرع البنك لتولي مهام عملها الجديد تنفيذا لأمر نقلها..
كانت مرح شاردة في لقائها الأخير مع بوران بقلب عيادتها في دبي، ووبخت نفسها على تهربها من لقائه مجددا قبل عودتها للقاهرة.. ألم تكن قصتهما تستحق لقاء وداعيا لائقا؟
كانت اليوم قد استسلمت لنبضات قلبها الخائنة، وتسللت إلى حسابه على "انستجرام" لكي تتصفح أحدث منشوراته، علّها تذيب القليل من شوقها إليه..
تعلم أن قصتهما التي بدأت بشكل خيالي لا يُصدق.. تظل كالحلم المستحيل الذي لا يمكن تحقيقه على أرض الواقع.. بسبب ذلك العائق الذي سيقف بينهما كجبل أسود شديد النتوءات.. كلما حاول أحدهما تسلقه، أدمى أطرافه بوحشية وقسوة..
وفي لحظة شوق محتقنة، عاودت مرح فتح تطبيق "انستقرام" لتعاود مشاهدة المقطع الذي نشره بوران أوزديمير صباحا عبر صفحته، حيث كان قد نشر جزء مقتطعا من أغنية حسين الجسمي الجديدة باللغة التركية Herşey Seni Hatırlatıyor (كل شيء يذكّرني بك)..
لقد تعمد الظهور في هذا المقطع في بعض البقع التي كان قد اصطحبها إليها في وقت آخر، مثل مطعم (باي تاي) التايلاندي على شاطئ جميرا، واسطبل الذهبي للخيول، حيث اصطحبها في نزهة على ظهر الخيل عندما اعترفت له أنها كانت تتمنى لو كان لديها الوقت لكي تتعلم الفروسية وتربي فرسا، حتى أنه قد ظهر أيضا في بعض اللقطات من داخل (حديقة دبي المعجزة) والتي كانت البقعة المفضلة لها لتتنزه بها عندما تريد الاسترخاء من عناء العمل..
كان بوران يظهر في اللقطات المقربة في هذا المقطع بوجه شبه حزين، وكأنه أيضا يخبرها بشكل سري أنه يشتاق إليها.. وقد تأكدت مشاعرها بالفعل، عندما بحثت عن نسخة مترجمة من الأغنية عبر موقع (يوتيوب) لتجد أن كلماتها بمثابة رسالة خاصة جدا منه إليها، خاصة المقطع الذي كان يقول:

مشينا معا على تلك الطرق
لقد تبللنا معاً في المطر الغزير
في كل الأغاني التي أستمع إليها الآن
كل شيء يذكرني بك
تلك العيون كالشمس في السماء
كم هو متعب هذا الشوق
نار حبك تشتعل ولا ينتهي عشقك


تنهدت مرح عندما شاهدت مقطع الفيديو للمرة الثانية، لكنها نهرت نفسها بسبب حالة الشجن التي سيطرت عليها، وكادت أن تدخلها في نوبة علنية من البكاء، فتركت هاتفها بعنف ليقع بمنتصف الطاولة، وأخذت تتنهد كي تهدأ نبضات قلبها المضطربة التي تطالبها بالمزيد من أجل تبديد الشوق نحو الحبيب..
ويبدو أن تفكيرها به قد أحدث نوعا من التخاطر بينهما، حيث أومضت شاشة هاتفها تزامنا مع جرس التنبيه الذي دوى كاشفا عن وصول رسالة جديدة..

فتحت مرح الرسالة لتجدها من بوران الذي كتب لها
I never knew you had such a relentless heart
(لم أعلم أبدا أن لديك قلبا قاسيا هكذا)

وقبل أن ترد عليه، تبعها برسالة أخرى
Didn’t we agree to meet up before you leave the city?
(ألم نتفق على أن نلتقي سويا قبل أن تغادري المدينة؟)

ردت عليه مرح برسالة سريعة
I never agreed to anything you said, Buran.. Please forget about me.. We are done for good
(لم أوافق على أي شيء مما قلته يا بوران.. لتنساني رجاء.. لقد انتهينا)..

أغلقت بعدها مرح خاصية التنبيه، غير مستعدة بعد للحديث معه بعد ما كان منه، خاصة بعد أن لمحت اقتراب شقيقتها شذى منها تتهادى بخطواتها الرشيقة والواثقة، تليق بمن حملت سابقا لقب (ملكة جمال مصر)، لافتة أنظار المحيطين بها بهيئتها التي تشع جاذبية وسحرا..
كانت شذى دوما عبارة عن تمثال للأنوثة نُحت بدقة، ثم دبّت فيه الحياة، لتخلب الألباب أينما حلت.. ولهذا كان الرجال يحيطون بها دوما يطلبون ودها..
جاءتها مئات عروض الزواج، من رجال من جنسيات مختلفة بحكم إقامتها بدول مختلفة في سنوات مراهقتها وشبابها، وحتى من قبل أن تصبح رسميا (ملكة جمال)، كانت تخطف أنظار زملائها وجيرانها، لكن قلبها في النهاية لم ينبض بخفة وجنون إلا لذلك المدعو مازن الجندي، قبل أن يأخذ قلبها هذا ويمزقه لقصاصات من ورق لوّثته بقع الأحبار بكلمات قاتلة..
لا تدري مرح حتى الآن سبب طلاق شقيقتها، ولكنها تكاد تجزم أن مازن هو من تسبب في الأمر، لكنه لا يفصح عن شيء..
الأمر الوحيد المؤكد بالنسبة لمرح، أن شذى – وبرغم شخصيتها الملونة وحبها للحياة وتحررها قليلا – إلا أنها ليست قادرة على أن تجرح أحدا..
والأخيرة – برغم كل المرار الذي يغمرها – لا تزال تغطي وجعها بنجاح بهالتها المبتهجة، فتبتسم بتمرّس في وجوه الجميع، فلا يدرون شيئا عن خساراتها..
جلست شذى إلى جوار شقيقتها بأناقة ساحرة وغير متكلفة يكللها شعورها الطبيعي بالفتنة والأنوثة والاعتداد.. ورغم أنها قد أمضت أول يوم عملٍ لها منذ عودتها من دبي، إلا أنها لا تبدو أبدا أقل جاذبية وحيوية مما كانت عليه صباحا قبل مغادرتها المنزل.. وكأنها تمتلك تلك الهبة التي تجعلها تبدو في أفضل حالاتها – طوال الوقت..
سألت مرح باهتمام: "كيف كان يومك؟ هل كل شيء تم بسلاسة؟"
ردت شذى: "بالطبع.. تسلمت عملي بنفس درجتي الوظيفي.. رئيسة قسم التسويق الxxxxي للوحدات التي يدير البنك مشروعات إنشائها"..
علقت مرح بصدق: "حمدا لله.. يبدو أن إصرار والدينا على إنفاق مدخراته على تعليمنا في محله.. كانت دراستنا في لندن هي أفضل استثمار لمستقبلنا.. صحيح أنها اقتطعت القسم الأكبر مما ادخراه من عملهما لسنوات طويلة في الخليج.. لكن قرارهما كان صائبا.. أنظري.. لقد تلقيت منذ عدت من دبي عرضين للانضمام لمركزين شهيرين للأسنان.. ولكنني مازلت أفكر في تأسيس مركز مع عدد آخر من الزملاء..
ابتسمت شذى وقال بحماس: "هذا رائع.. أمامك خيارات عدة.. وما عليك سوى حسم قرارك"..
ردت مرح بتفكر: "الأمر فقط أنه ليس لديّ معارف هنا.. لذا قد أرجئ فكرة المركز المتكامل لعامين أو أكثر.. وسأبدأ بعيادة مستقلة أولا.. بالطبع ستنفعني الدعاية التي أمنّها لي حسابي على انستجرام والذي كنت أوثق من خلاله كل الحالات الشهيرة التي توليتها خلال سنوات عملي في دبي"..
قاطع حديثهما وصول تامر جميل الذي جاء متخليا عن زيه المهني، لكنه كان يحمل على يديه طبقين من الغداء من إعداده، وضع واحدا أمام شذى والآخر أمام مرح، ثم جلس إلى جوارها وقال: "مرحبا بكما.. لقد خلعت زي الشيف، وأخذت راحة قصيرة بعد أن انتهى زحام طلبات الغداء بالمطعم، وجئت لأثرثر معكما قليلا.. وصنعت لكل واحدة طبقا خاصا من صنع يديّ.. هل تشتاقان لطعامي؟"..
بدأت شذى تتناول الطعام بشهية واضحة، بعد أن غمغمت بكلمات شكر تؤكد من خلالها إعجابها الدائم بأطباقه.. أما مرح فقد أخذت تعبث بطعامها بعدم شهية، ما جعل تامر يدرك حالتها المزاجية المتعكرة، فآثر عدم سؤالها أمام شذى، كيلا تحاصرها الأخيرة بالأسئلة، وقال مغيّرا دفة الحديث، قاصدا الحديث بنبرة ممازحة: "بالمناسبة.. يبدو أنكما تأقلمتا سريعا مع الحياة في مصر.. لقد أصبح لكما جماعة من الصديقات.. كم يبلغ عددهن؟ خمس؟ ست؟ يا إلهي.. بدا الأمر مرهقا لي.. تبدين كتجمع صاخب للنسوة في مظاهرة صغيرة.. أو فرقة غنائية ضخمة اسمها (النساء غاضبات)"..
انطلقت الاثنتان في الضحك، ثم قالت شذى بعفوية: "أربعة بالإضافة لكلتينا.. لكن هناك منهن من تقرب إلينا.. الأمر.. معقد.. يحتاج للشرح"..
رد تامر بصدق: "لكنهن يبدين عفويات مثلكما.. لقد رأيت صوركن الطريفة عبر انستجرام بعد حفل الروضة"..
تدخلت مرح وقالت: "لقد أنقذت Shades بموافقتك على الحضور ذلك اليوم، وكان عرضك مذهلا أمام الأطفال.. كما أن بعض النساء طالعنك باهتمام.. لن تجد صعوبة في العثور على فتاة أحلامك هنا يا بُنيّ.. ملامحك تعطيك نقاطا إضافية للجاذبية"..
ضحك تامر، بينما مسد شعره بأصابعه، ثم عاود السؤال متفكرا: "إذًا Shades هي نفسها شادن صاحبة الروضة.. صحيح؟ هل تقربكما؟"
ردت شذى بعد أن ابتلعت طعامها ومسحت فمها بأناقة: "أنا سأشرح لك"، ثم مسحت يديها جيدا وأمسكت هاتفها، وعبثت به حتى أظهرت صورة تجمع الفتيات الستة، وقالت: "هذه ذات الشعر الأزرق.. اسمها أمواج"..
ابتسم تامر وقال بإنجليزية ثقيلة بلكنة اسكتلندية: "Like Waves؟"، ولمّا هزت مرح رأسها مؤيدة، ضحك وقال بالعربية: "اسم على مسمى.. هكذا كان يقول لي أبي"، ثم غمزهما بسخافة وتابع: "لأنني وسيم"..
تدخلت شذى لتقول: "نعم.. جميعنا نعلم أنك وسيم وطويل وتجيد الطهي.. هل تريد شيئا بعد؟"..
رفع تامر حاجبيه بطفولية، ثم عاود النظر للصورة باهتمام، فتابعت شذى تقول: "هي ابنة خالتنا فايزة، وكانت متزوجة من بحر ابن خالتنا الأخرى فاطمة ثم"..
هذه المرة ضحك تامر بملء فيه، وقال معلقا بتلقائية: "بحر وأمواج.. Sea and Waves.. Unbelievable.. Sounds like a fairytale"..
(شيء لا يُصدق.. تبدو وكأنها حكاية أسطورية)
عبست شذى وقالت بغيظ: "دعني أكمل.. تلك التي تقف إلى جوارها هي Shades.. أو شادن ابنة عم أمواج.. هي لا تقربنا بصفة مباشرة، ولكننا نعدها ابنة خالتنا تماما مثل أمواج"، ثم تابعت من بين أسنانها همسا لم يفسره تامر (غير أننا في غاية السعادة أن لطيفة ليست خالتنا بالواقع.. قدّر ولطف)..
حرّكت بعدها اصبعها على الصورة لتقرّب وجه آخر، قبل أن تكمل: "أما تلك التي تقف إلى جوارها فهي زهو صديقتهما منذ الطفولة، وهي أرملة شقيق شادن الذي تُوفي قبل عامين في عملية إرهابية تعرضت لها قوات حفظ السلام في أفريقيا"..
قال تامر بنبرة غيّم عليها الأسف: "يا الله.. إنها تبدو صغيرة للغاية.. لقد سمعت عن تلك الحادثة.. أحدثت صدى دوليا كبيرا ونالت تعاطفنا جميعا.. تقبله الله شهيدا في الجنة"..
ردت مرح: "لقد كان ذلك الحادث وبالا على المرحوم نبيل ومجموعته.. لأن صديقه المقرب أيضا كان قائده بالعملية، وبُترت ذراعه إثرها، كما أن طليق أمواج أيضا كان من ضمن الضباط، و......."
لسبب ما، كانت شذى تشعر بالمرارة عند الحديث عن بحر تحديدا، ربما لأن الضغط النفسي الذي تمر به أمواج مؤخرا كان جليا للجميع، لذا فقد ازدردت ريقها، وتابعت بعد أن أشارت لصاحبتهم الأخيرة: "المهم.. تلك الأخيرة هي ذكرى جمال مدونة الجمال والصحة الشهيرة"..
هتف تامر: "أعرفها جيدا وأتابعها على انستجرام.. مقاطعها لطيفة ومفيدة.. كما أنها تتمتع بجاذبية خاصة أمام الكاميرا"..
هتفت شذى بحماس: "يمكنك أن تظهر مع ذكرى في مقاطع مصورة مشتركة.. أن تقوم مثلا بطهي أكلات صحية على الهواء.. أو أن تقوم بإعادة طهي أطباق مصرية شهيرة ببدائل صحية تجعله أكثر فائدة وأقل في السعرات"..
رد تامر متحيرا: "لا أعلم.. لا أفكر بالأمر حاليا.. لا زلت أتعود على نظام حياتي الجديد في مصر.. وعملي بالمطعم يحتل الجزء الأكبر من وقتي"..
ظل تامر لثوانٍ إضافية يناظر الصورة، ثم استدرك مشدوها: "لكن تلك المجموعة تبدو فريدة للغاية.. واحدة محبة للموضة والجمال.. وأخرى متخصصة في تدريس الأطفال.. وثالثة تبدو كصاحبة شخصية كهربية تصعق كل من يقترب منها.. والأخيرة تبدو رقيقة ولطيفة للغاية.. وأنتما.. حدث ولا حرج.. واحدة محبة للعلم والإطلاع، وأخرى أيقونة جمال متحركة وعقلية اقتصادية جبارة.. لا أصدق كيف تندمجن معا؟ بل كيف حافظتن على صداقتكن طوال تلك الأعوام"
قالت مرح: "الانترنت طبعا ساعدتنا كثيرا.. كنا نستخدم (الماسنجر) وبعدها (السكايب) والآن لدينا عشرات التطبيقات للمحادثات المرئية والصوتية.. وأخيرا نجحنا في الاستقرار معا بنفس المكان.. ونحن الفتيات حين نجتمع – سواء عبر الانترنت أو بشكل مباشر - لا ينقطع الحديث بيننا.. وكلٌ واحدة منا تجيد شيئا.. أي أننا نكمل بعضنا البعض، ولا نشعر بالملل أبدا"..
تدخلت شذى قائلة بمرح: "المهم.. كلهن متفرغات حاليا.. هل أعجبتك واحدة؟؟ لنطلب يدها لأجلك فنزوجك ونضمن أن تستقر هنا بدلا من سفرك الدائم"..
أطال تامر التفكير ، ثم أسبل جفونه دون أن يرد، فهتفت شذى بإدراك وهي تشير نحوه بسبابتها: "إذًا فهناك من لفتت نظرك بالفعل.. من هي؟ يبدو أننا سنجهز لعرسك قريبا"..
ناظرته مرح بدهشة وعيناها تصرخان بالسؤال، فقال هو بابتسامة خبيثة: "حتى الآن لا أدرى.. كلهن مميزات"، لكن لمعة وليدة بعينيه، كشفت أنه قد حدد بالفعل من أثارت اهتمامه..


يتبع


مروة سالم غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 16-05-22, 08:28 PM   #267

مروة سالم

كاتبة في قسم قصص من وحي الاعضاء

 
الصورة الرمزية مروة سالم

? العضوٌ??? » 482666
?  التسِجيلٌ » Dec 2020
? مشَارَ?اتْي » 1,756
?  مُ?إني » مصر
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » مروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   ice-lemon
?? ??? ~
Why so serious?
Rewitysmile14 وانطوت صفحة الهوى - القصاصة التاسعة: القسم الرابع

أمام بوابة المنزل، وقف سفيان يستقبل توأمه العائدين من الروضة بشوقٍ لم يتمكن بعد من كبحه..
حتى الآن لم يتعود بعد على غيابهما لأغلب ساعات النهار يوميا، ولكنه ما أن احتضن ملك التي ركضت بين ذراعيه بعد أن ساعدها عمها إيلاف على الترجل من المقعد الخلفي لسيارته، حتى لاحظ شيئا مختلفا بها، فأخذ يتفحصها باهتمام حتى انتبه لتسريحة شعرها المختلفة...
جديلتان جانبيتان تم جمع كلا منهما في شكل كعكة علوية، لتصبح التصفيفة في النهاية أشبه بأذنيّ القطة، فهمس متلفظا بسؤاله الذي كان يخمن إجابه قبل أن ترد ابنته: "من صفف لكِ شعركِ هكذا؟"
ملست ملك على شعرها بفرحة، ثم هتفت بأحرف غير واضحة: "سيز"
زفر سفيان غيظه، ثم قال: "بالطبع لابد أن تكون Shades هي من بدّلت هيئتك بهذا الشكل"، ثم همس لنفسه بحنق (كي تصبحي نسخة مصغرة منها)..
ناظره إيلاف بفضول، ثم سأله متشككا: "بالتأكيد لم تغضب لأنها جدلت شعر لوكا.. صحيح؟ هي من طلبت ذلك من Shades وألحت عليها"..
أنزل سفيان ابنته عن ذراعيه، ثم رد بحسم: "كان هناك زيارة مؤجلة للروضة.. أظن أن وقتها قد حان"، فشيعه إيلاف بعدم فهم، بينما تحرك أخوه الأكبر لكي يساعد مالك على النزول من السيارة، قبل أن يقود طفليه للداخل مثل دب بري يسير خلف صغيريه لحمايتهما من غدر الصيادين..
وفي صباح اليوم التالي، حرص سفيان على توصيل التوأم، كون إيلاف ليس لديه دوام، ولأنه هو نفسه يريد الحديث إلى صاحبة المكان..
وبعد أن أدخلهما الصف، تحرك نحو مكتب الإدارة ليجد سلمى غارقة في تدوين بعض الملاحظات في دفترها الخاص، وهي تطالع جهازها اللوحي الذكي من وقتٍ لآخر، فهتف بلباقة بعد أن منحها ابتسامة مشرقة تليق بإطلالتها الملائكية اليوم بثوب أبيض فضفاض مع حجاب باللون السماوي بلمعة خفيفة: "صباح الخير آنسة سلمى.. أريد مقابلة السيدة شادن الحلواني لأمر عاجل"..
حيّته سلمى ثم دعته للجلوس كي تستأذن مديرتها التي منحتها الإذن بإدخاله.. وحين دلف سفيان إلى الداخل، ألقى عليها نظرة عابرة، لكن نظرته خانته بالتلكؤ قليلا على قوامها الذي اختبأ خلف بدلة من (الدنيم) من قطعة واحدة (Jumpsuit)، فسدّد أول قذيفة نحوها دون حتى أن يلقي عليها تحية الصباح، متسائلا باستنكار: "هل هذا الزيّ مناسب للروضة؟"
ارتفع حاجبا شادن دهشة، لكن ملامح وجهها اكتست بالصلابة بعد أن نجحت في تبديد خيبة أمل غلّفت محيطها كسحابة مطيرة داكنة لعدة ثوان، ثم قالت باستخفاف: "هل سآخذ رأيك في إطلالتي يا سيادة العقيد؟"
تنحنح سفيان محرجا، ثم قال: "أقصد أنه يبدو ضيقا نوعا ما، ولن يكون مريحا مع حركتك المستمرة في المكان.. كما أخبرتك من قبل أن تناديني سفيان.. بلا ألقاب رسمية"..
ابتسمت شادن بسخافة، وقالت: "لا تقلق.. هذا الچمبسوت مريح جدا كما أنه لا يتجعد مهما كان المجهود الذي أقوم به.. واليوم سأتحرك كثيرا.. لدينا تدريبات من أجل الحفل القادم"..
نفث سفيان زفيره بضيق، ثم سألها ببرود: "ألن تضيّفيني؟"
ردت هي بابتسامة مجاملة، وقالت: "تفضل بالطبع، غير أنني لن أطيل الجلوس معك هنا.. لديّ عملٌ كثير متأخر.. كما أن هناك بعض التفاصيل التي يجب أن أهتم بها بخصوص الشركة الأخرى"، أنهت كلماتها وهنأت نفسها داخليا على نجاحها في التظاهر بعدم المبالاة في حضوره، كما أنها لم تكذب بخصوص انشغالها بالعمل، فلديها بالفعل الكثير من الأمور التي عليها العناية بها..
لم يكد سفيان يجلس، حتى تابع بامتعاض: "لا أفهم حتى الآن لماذا تديري شركتين في وقتٍ واحدٍ.. هل تحتاجين للمال لهذه الدرجة؟ ألا يدعمك عمي عبد الجليل؟"..
عقدت شادن ذراعيها ثم ردت بنفاد صبر: "ما بالك اليوم تسألني أسئلة خاصة؟ لا أعمل من أجل المال، ولا أحتاج للمال أساسا.. لا من أبي ولا غيره.. الروضة هي استثماري الأساسي.. والحمد لله تبلي حسنا.. أما الشركة الأخرى.. فيمكنك أن تصفها أنها (عمل تطوعي).. أنا وسلمى نتطوع للتنسيق لإيجاد فرص عمل لفتيات ونساء بلا عائل.. حتى يحصلن على فرصة عمل شريفة وآمنة.. وهذا المشروع تحديدا نجاحه يعتبر معنويا أكثر منه ماديا.. إنه بمثابة صدقة جارية تمنع عنا الشرور في جوانب أخرى من حياتنا"..
ناظرها سفيان بإعجاب، ورغم فضوله الشديد، لكنه امتنع عن إمطارها بأسئلة أخرى للاستيضاح، خاصة بعد أن بادرت هي بسؤاله: "لماذا أنت هنا يا سيادة العقيد؟"، ثم رفعت سماعة الهاتف وطلبت له فنجانا من القهوة..
رد هو بعد أن أغلقت الهاتف: "اتفقنا ألا تناديني برتبتي العسكرية.. جئت أولا لأحدثك عن الأغنية التي اخترتِها للتوأم.. كيف بالله عليكِ سنفسر لهما معناها إذا سألنا أحدهما؟ كيف نشرح ظاهرة التحرش لطفلين لم يصلا بعد لعامهما الرابع من العمر؟"
شعرت شادن بالحرج، لكنها ردت بجسارة: "معك حق.. لكن الأغنية لم تكن من اختياري.. إيلاف هو من أخبرني باسمها وظننت أنكما اتفقتما عليها فلم أشأ التدخل حتى لا تتهمني بأنني أحاول إملاء طريقة التعامل مع الطفلين على والدهما"..
في تلك الأثناء، دخلت العاملة بفنجان القهوة برائحته الزكية، فأخذه سفيان ليرتشف رشفتين متتاليتين، ثم رد: "لم أفهم الأمر على هذا النحو"..
قالت هي بتحفز: "ربما لأنك لم تمنح (إيلي) الفرصة للتوضيح"..
تغضنت ملامح سفيان عند ذكر شادن لاسم التدليل لأخيه الأصغر، لذا تابع بفظاظة: "جئت أساسا لأنبهك ألا تقومي بتغيير تصفيفة شعر ملك"، ثم ناظرها لبضع ثوانٍ متفحصها إطلالتها الجذابة بجديلة خلفية تطوق رأسها على شكل إكليل زينته بزهور بيضاء تشبه القرنفل..
تنحنح سفيان متداركا نفسه وتابع بعناد: " لا أحب الجدائل"..
ارتسمت علامات الحزن على شادن التي ارتفعت يدها اليمنى لتلامس أناملها طوق جديلتها دون وعي منها، ليتسلل الإحباط إلى ملامحها، محدثا رجفة خفيفة بجسدها، قبل أن تطرق أرضا لثوانٍ، لتعود وتناظره بنظرة جافة لا تحمل أي معنى..
انفعالات قرأها سفيان جيدا بالتتابع، مسجلا دهشته من جديد من ارتجافها في صحبته كل مرة يتفوه بها بكلمات سلبية تخص هيئتها، فقال محاولا إنهاء ملاحظته باعتدال دون المزيد من الأحرف المسننة: "اسمعي أنا معتاد على تصفيف شعرها منسدلا ببساطة على كتفيها مع طوق أمامي إذا رغبت هي في التزين قليلا.. تلك الجدائل لا تليق بها"..
همست شادن بحزن: "هل هي بشعة لهذه الدرجة؟"
رد سفيان بإصرار: "لا يهم بشعة أم جميلة.. نفذي ما أقوله.. لا تصنعي لها جدائل بعد الآن"..
كلامه لم يعجبها، وصوته لم يعجبها.. فنفضت الشعور المسيطر بالحزن، ورمقته بعناد، ثم سألته بتحدٍ: "حتى وإن طلبت هي؟"
رد باستفزاز: "أخبرتك أن تنفذي ما أقوله.. لا أدفع لكِ كي تحطمي قواعد عائلتي ونظامها الذي يسير عليه الجميع"..
فردت شادن كتفيها باستنفار، واعتدلت في جلستها لتملأ مقعدها كما يليق بها كمديرة للمكان، ثم قالت بنبرة حازمة: "اسمع يا سفيان.. مالك وملك ليسا جنديين لديك في الكتيبة تلقي عليهما أوامرك وتتوقع أن يهرعا لتنفيذها.. ما هذه الديكتاتورية؟ متى ستنمو شخصيتيهما ما دمت تخنقهما هكذا وتعاملهما كآليين عليهما فقط الالتزام بسلسلة من القواعد التي تفرضها عليهما؟"
نهض سفيان من جلسته، ومال بنصفه العلوي على المكتب الفاصل بينهما فاردا كفيه على سطحه بتسلط، ثم قال بحنق: "لا أريدها أن تعتاد على تسريحات الجدائل.. أتفهمين؟"
بادلته شادن النظرات الشرسة، وردت تسأله بنفس الصوت العاصف: "لا أفهم.. لا أفهم.. لماذا تكره الجدائل بهذا الشكل؟"
"لأنها إذا طلبت مني صنعها لأجلها.. لن أستطيع بذراعٍ واحدٍ"..
حين انتهى سفيان من رده، ساد الصمت بينهما لدقيقة، بينما ظل كلٌ منهما يطالع الآخر من نفس المسافة شديدة القرب بعد أن اقتحم الأول مساحتها الشخصية بتخطيه حيز المكتب الفاصل بينهما..
حركت شادن أجفانها بتوتر مدارية شعورها العارم بالشفقة، والذي لو لاح على محياها، لازداد غضب سفيان واحتقانه، فسألت بسلاسة بنبرة أسكنتها عنوة الكثير من الهدوء والمهنية الأقرب للبرود: "ولماذا تقوم أنت بتجديل شعرها؟.. اطلب من سميحة أو دانة"..
جلس سفيان على مقعده من جديد، وقال بنبرة جامدة: "لا أريد أن أثقل على أحد"..
ردت هي بحسم: "إذًا حين تطلب منك تجديل شعرها، قل لها ببساطة إنك لا تجيد الأمر، وأن عليها أن تنتظر حتى الصباح لأجدله لها هنا في الروضة.. لا بأس إن شاركت الآخرين بعضا من أعبائك مع المحيطين بك.. خاصة إذا عرضوا هم.. لن يقول أحد أنك مقصر إذا لم تستطع تجديل شعر طفلتك"..
لم يعر سفيان كلماتها ردا، لكنه قال بنبرة باردة: "إبريق الشاي"..
فتحت شادن فمها، وسألته بعدم فهم: "عفوا؟"
رد هو ببرود: "اسم الأغنية التي جعلت إيلاف يدرب مالك وملك عليها.. إبريق الشاي"..
شهقت شادن بحماس، ثم ابتسمت قائلة: "أليست تلك الأغنية التي تم إطلاقها في فترة الثمانينات ؟؟ يا الله.. كيف تذكرتها؟"
منحها سفيان ابتسامة عفوية لم تظن أنها ستراها بعد مرور سنوات طويلة، وقال: "إنها أغنية الطفولة المفضلة لدي"..
ردت شادن بتسلٍ: "لا بأس.. ليتدربا عليها ونجهز لهما أزياء ملائمة"..
نهض سفيان متحركا للخارج، ثم غمغم بتحية وداعية، أتبعها بوداع سلمى التي هتفت بابتهاج كعادتها: "نورتنا مستر سفيان"..
حين وصل لسيارته، لم يملك منع أفكاره التي قفزت إلى اللحظة التي قابل فيها (سيدة الجدائل) للمرة الأولى بعد انقطاع طويل.. تلك المقابلة في المطار التي شتتت تفكيره ودفعته للتصرف معها بأعلى درجات الفظاظة، لدرجة الإصرار على مناداتها باسم صبي أمام الجميع..
جلس سفيان إلى مقعد القيادة، وهو يستعيد هيئتها في ذلك اليوم، وحديثها بثقة وكبرياء لم يكونا بحوزتها قبل عمرٍ مضى..
أنّى له تجاهل التغيرات اللي طرأت عليها على مستوى الشكل والشخصية؟ كيف تبدلت من طفلة هشة لامرأة واثقة جريئة تجادله وتناقشه وتثير حنقه، خلافا لتلك الفتاة التي عرفها قديما والتي كانت دوما وجلة مترددة في حضرته..
لم يملك في النهاية سوى أن يسأل نفسه: (ماذا فعلت بها السنون لتصبح ما هي عليه الآن؟)
همّ يضع مفتاح التشغيل ليحرّك السيارة، لكنه توقف من جديد وزفر يتساءل سفيان مفكرا: (من أين نمت لها مخالب؟.. هل هذا فِعل طليقها؟ هل أذاها لهذه الدرجة؟)، ثم تنهد مبددا الاختناق الذي لاح بصدره، وهو يحدّث نفسه أنه أيا كان ما فعله وليد بحقها، فلا يملك إلا أن يشكره لأنه أخرج من داخلها أنثى كاملة.. كيرقة مزقت شرنقتها لتستحيل لفراشة تخطف الألباب..
ضغط سفيان على عجلة القيادة وقال بغيظ: "لكن هذا يدفع بداخلي رغبة تلح عليّ بأن أبحث عنه وأهشم وجهه بقبضتي"..


يتبع


مروة سالم غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 16-05-22, 08:30 PM   #268

مروة سالم

كاتبة في قسم قصص من وحي الاعضاء

 
الصورة الرمزية مروة سالم

? العضوٌ??? » 482666
?  التسِجيلٌ » Dec 2020
? مشَارَ?اتْي » 1,756
?  مُ?إني » مصر
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » مروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   ice-lemon
?? ??? ~
Why so serious?
Rewitysmile17 وانطوت صفحة الهوى - القصاصة التاسعة: القسم الخامس

قبل موعدها بساعتين تقريبا، كانت أمواج تقف في غرفة نومها أمام مرآتها تصفف شعرها الممموج بخصلاته متدرجة الألوان بين الأزرق والأسود، ثم بدأت بوضع زينة وجهها، بينما تجلس على فراشها زهو برفقة الصغير كنان الذي كانت تهدهده بين ذراعيها بحنوها الأمومي، فيما كان ساري وكيان يلعبان بالمكعبات بأرضية الشرفة المجاورة ذات الأسوار المرتفعة..
سألتها زهو بتشكك: "هل أنتِ متأكدة أنكِ تريدين اصطحاب ساري معكما في تلك النزهة؟"
طالعتها أمواج من المرآة، ثم قالت بلا مبالاة: "تعلمين أنها ليست نزهة، بل مجرد تجمع لمشاهدة فيلم للأطفال"..
ابتسمت زهو بتسلٍ، ثم قالت ساخرة: "أهذا ما يسمونها هذه الأيام؟"
قالت أمواج باندفاع: "أخبرتكِ من قبل أن الرجل قال أنه سيصطحب ابنة شقيقته ويريدني أن أصطحب كيان لنرافقهما معا.. لأنه يريد إلهائها عن ظرف عائلي حساس"..
ردت زهو بخبث: "تبدو لي مثل حجة رائجة يستخدمها الكثيرون لضمان الحصول على الموافقة على الموعد الأول"..
رفعت أمواج حاجبا، وردت بتأنيب: "زهو"..
هزت زهو رأسها بلا مبالاة، ثم قالت: "لا بأس.. فقط استعدي لتتحملي جانبك من مسئولية مجالسة الأطفال في القريب العاجل، لأنني سأحصل على دورة لإعداد القهوة وأخرى لتزيين الحلوى.. حتى أكون مستعدة حين أقرر أن أفتتح مقهى صغير في المستقبل.. ويجب أن أتجهز خطوة بخطوة"..
وضعت أمواج قلم الكونسيلر على طاولة الزينة، وتحركت صوب صديقتها المقربة، لتقبّل وجنتها وتحتضنها بحماس لتعبر عن دعمها لها، ثم تحركت من جديد صوب الطاولة، لتتناول قلم أحمر الشفاه بدرجته النبيذية الداكنة وتلثم شفتيها فوهته لتمنحها توردا وبروزوا وتزيد إطلالتها جموحا وحيوية، ثم التفتت نحو زهو ومنحتها قبلة عبر الهواء، فسألت الأخيرة: "ما اسم هذه الدرجة يا Mu-Ji؟ جذابة جدا.. وتليق بلون بشرتكِ وبشرتي"..
هتفت أمواج بتلاعب: "Vampire’s Kisses.. قبلات مصاص دماء، قبل أن تزم شفتيها مجددا وتطلق قبلة أخرى مغوية للهواء"..
ضحكت زهو، ثم قالت: "لا تبدين وكأنكِ تلقيت قبلة من مصاص دماء.. بل كمن تملكتّك تعويذة سحرية من إيزيس أو أفروديت أو أثينا"..
منحتها أمواج نصف ابتسامة، ثم قالت بمرارة: "هذا لأن من قبلّني كان ذئبا بريا موطنه الماء وفراشه باطن الكهف، فكان يلزمني تعويذة سحرية لأتخلص من آثارها"، ثم أمسكت هاتفها والتقطت صورة "Selfie" لنفسها وسارعت بنشرها عبر حسابها على انستجرام، وأرفقتها بتعليق: (Kiss of a Vampire)..
في تلك الأثناء، حملت زهو كنان الذي كان قد انتابه النعاس إلى شقتها بعد أن تمتمت تودع صديقتها وتوصيها على الطفلين، فيما بدلت أمواج رداءها البيتي الفضفاض إلى سروال قصير فضفاض بنقشة جلد النمر، مع قميص قطني بدرجة ناعمة من درجات الأصفر، بالإضافة لسترة جلدية خريفية خفيفة تصل حتى أعلى الخصر، ثم ارتدت حقيبة عصرية سوداء بحمالة طويلة تتقاطع مع الجسم، بعدها تفصحت إطلالتها لمرة أخيرة في المرآة، ثم نادت الطفلين، وتحركت معهما لخارج المنزل..
حين وصلت أمواج مع كيان وساري إلى قاعة العرض السينمائي في أعلى طابق بالمركز التجاري الشهير، كان المدرب طارق سامي ينتظرها أمام شباك التذاكر، حيث طلب منها اختيار المقاعد بعد أن اتفق الطفلان مع ابنة أخته على الفيلم الذي يريدون مشاهدته من بين أفلام الرسوم المتحركة المعروضة، ثم تحركوا جميعا لشراء المقرمشات والفشار..
وبعد أن جلسوا في مقاعدهم، همس طارق بامتنان عارم: "في الحقيقة لا أستطيع أن أشكرك بما يكفي لموافقتك على الخروج معي أنا وحلا.. لقد خضع شقيقها الأكبر منذ حوالي ساعة ونصف لجراحة دقيقة، وكان والداه إلى جانبه، بالإضافة لوالدتي.. وفكرت أنه سيكون من الأفضل أن أبعدها عن أجواء التوتر داخل المشفى، وأن أقضي اليوم معها حتى ينهكها التعب، فتعود للبيت لتنام فورا، وغدا أصطحبها لزيارته بعد أن يكون قد حصل على قدر من الراحة عقب الإفاقة"..
قالت أمواج بتعاطف: "شفاه الله وعافاه ولا أراكم فيه مكروها.. صدقا لم أفعل الكثير.. كانت هذه فرصة رائعة لابنتي وابن عمها كي يخرجا أيضا، لا داعي للشكر.. هيا لنشاهد الفيلم.. يوشك أن يبدأ"..
بعد انتهاء عرض الفيلم، أصر الأطفال على التنزه بالمركز التجاري حتى وصلوا لمنطقة الألعاب، فأصروا على اللعب قليلا، فسمح لهم طارق وأمواج بذلك، وجلسا ينتظران في منطقة الانتظار، حيث بدا على طارق القلق، واستغل الوقت للاتصال بشقيقته كي يطمئن على صحة الصغير ويتأكد من استفاقته من التخدير..
حين عاد طارق ليجلس بجوارها، همس بامتنان: "أشكرك مجددا يا أمواج.. في الحقيقة لقد عرضتُ عليك مشاهدة الفيلم، لأنني أعلم أن ابنتك في سن ملائم لسن حلا، وبالتالي ستستمع أكثر عما إذا صحبتها مع بعض رفاقي الشباب، خصوصا أنه لا يوجد من بين المتزوجين منهم من له طفل في نفس العمر تقريبا"..
ابتسمت أمواج بعطف، وقالت: "صدقا.. لم أفعل شيئا.. كان الطفلان بحاجة للخروج والمرح أيضا.. وأرى أنهما قد اندمجا كثيرا مع حلا"..
حين انتهى الأطفال من لعبهم، قالت كيان بمرح حقيقي: "أحب أن ألتقي بكِ مرة أخرى حلا.. لنكن أصدقاء.. هل تذهبين إلى النادي؟"..
قالت حلا بعفوية: "أجل.. كل يوم جمعة"..
سألت كيان أمها: "هل نذهب إلى النادي يوم الجمعة يا أمي؟"
ردت أمواج: "لا بأس"..
هتفت ابنتها بمرح، ثم قالت: "لنأخذ صورة معا كلنا"، فأوقف طارق الأطفال الثلاثة على طاولة، ثم وقف هو إلى طرفهما الأيمن، بينما أخذت أمواج طرفهما الأيسر، وأمسكت الهاتف لكي تلتقط صورة جماعية لهم..
بعد أن انتهى الموعد، وغادرت أمواج إلى بيتها، وجهزت طفليها للنوم، بعد أن أعادت ساري لأمه وأخذت كنان.. تحركت نحو غرفتها تزيل بقايا زينة وجهها وتبدل ملابسها لأخرى مريحة، وهي تسأل نفسها:
لماذا لا تشعر أبدا تجاه أي رجل سواه بما تشعر به معه؟
لو كان طارق معجبا بها فعلا.. أكانت لتمنحه الضوء الأخضر؟
هل ستظل طوال عمرها أسيرة ذلك الغليظ الأحمق معدوم المشاعر؟
رمت أمواج كرة القطن التي أزالت بها ظلال عينيها وزينة وجهها، ثم أمسكت هاتفها بعنف، وهي تغمغم بحنق: "ليس عليه أن يعرف ذلك.. سأثبت له أنني قد تحررت منه حتى لو زيفا"، فباشرت تنشر مجموعة من المنشورات عبر حسابها على "انستجرام"، كما قامت بتحرير الصورة الجماعية عبر أحد برامج التصميم، لتبدو وكأنها تجمعها بطارق فقط، حيث ظهرت وكأنها تقف بجواره مباشرة، وبمفردهما، بدون الأولاد الذين كانوا يفصلون بينهما، ثم وضعت الصورة بخاصية (القصص) ولكنها حررت خاصية المشاهدين لتجعلها متاحة فقط لـ (بحر الديب) فلا يراها غيره..


يتبع


مروة سالم غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 16-05-22, 08:34 PM   #269

مروة سالم

كاتبة في قسم قصص من وحي الاعضاء

 
الصورة الرمزية مروة سالم

? العضوٌ??? » 482666
?  التسِجيلٌ » Dec 2020
? مشَارَ?اتْي » 1,756
?  مُ?إني » مصر
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » مروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   ice-lemon
?? ??? ~
Why so serious?
:sss4: وانطوت صفحة الهوى - القصاصة التاسعة: القسم السادس

كانت أجواء المباراة محتدمة، والفريق المنافس يسيطر على الكرة ومجريات اللعب بكل قوة، ليترك فريقه منهكا بشدة، فوجد نفسه يقف مبهوتا وسط الملعب، يلهث بإعياء ولا يدري ماذا يفعل..
ورغم أنه أمهر لاعبي فريقه وأكثرهم حيوية ولياقة، إلا أنه قرر في لحظة قنوط أن يترك الملعب مغادرا المباراة في منتصفها، مكتفيا بالانسحاب والخروج ليشاهدها من الخطوط الجانبية واقفا بتبلد أمام مقاعد البدلاء.. وكأنه تيقن بالفعل أنه مهما فعل، ستلحق به الهزيمة.. ولم يعد الأمر يستحق حتى مجرد المحاولة والسعي
يخبرونه أن فريقه في ورطة فيغض الطرف..
يصرخون أنهم في سبيلهم إلى الخسارة.. فيصم أذنيه..
تهتف الجماهير مجددا باسمه.. تستحثه وتطالبه بعدم الاستسلام.. بل العودة للركض.. للسعي.. للفوز..
فيتحول التبلد بداخله إلى شيء من التردد.. ثم يتبدل التردد إلى عزم مفاجئ يدب بأوصاله..
استنفر اللاعب وفارت الدماء في شرايينه تحثه على العمل.. الاجتهاد..
فلمّا انتبه وعاد يطلب التغيير مجددا للانضمام لزملائه ولملمة شتاتهم وقيادتهم داخل الملعب من أجل تحقيق النصر.. كان الحكم قد أطلق صافرته معلنا نهاية المباراة بخسارة فادحة لفريقه.. فتهاوى على ركبتيه دافنا وجهه بين كفيه يداري شعورا مريرا بالخيبة والفشل...



استيقظ بحر من نومه بمزاج سيء، فذلك الحلم قد سحب من طاقته الراحة التي كان ينشدها بخلوده للنوم، بعد إنهاك الأيام الماضية في العمل قبل افتتاح شركة الأمن..
صحيح أنه أقل وطأة من تلك الكوابيس التي تقتات على سلامته النفسية وتستهلك أعصابه، فيستيقظ بعدها وكانه قد خاض ألف نزال، وخسرها جميعا.. إلا أن تفاصيل الحلم قد أصابته بكآبة غيمت على المحيط كظلال داكنة تحجب أشعة الشمس..
رفع بحر كفه وظل يربت به على قلبه الذي تسارعت نبضاته بفعل استيقاظه المفاجئ من نوم متقلقل، ثم تحرك في شقته الصغيرة التي وفرها له سفيان مؤقتا إلى أن يجد مكانا آخر لكي يستقر به بعد أن يرتب وضعه المادي..
جلس بحر أمام النافذة في مقعدٍ هزازٍ عتيق، وأخذ يطالع شمس الغروب مقبوض النفس، ثم أشعل سيجارة وبدأ ينفثها ببطء، بعدها أخذ يعبث بهاتفه، فوجد مجموعة من المنشورات المتتالية على حساب أمواج بتطبيق "انستجرام"..
بدأتها بصورة لها بإطلالة جريئة مبهرة ميزها أحمر الشفاه الذي غطى شفتيها بدرجة الأحمر القاني.. لم تستفزه صورتها بقدر ما استفزه تعليقها المرفق والذي كتبت فيه بالانجليزية (قُبلة من مصاص دماء)..
قام بحر بتكبير الصورة مطالعا تفاصيلها بغيظ وشوق، استنكرهما بشدة فهتف باستياء محاولا تقويضهما: "ما هذه الخلاعة؟ هل جُنت تلك؟ هل نحن في لندن؟"
زفر بغيظ، ثم أكمل التصفح بفضول ليشاهد بعد ذلك مقطع مصور نشرته على هيئة عرض تجميعي لمجموعة من الصور لها بإطلالات مختلفة.. جميعها مذهلة وكلٌ منها تنافس الأخرى على لقب (الأروع).. ولكن ما جعل قلبه ينقبض أن ذلك المقطع كان معروضا بخلفية موسيقية هي عبارة عن جزء مقتطع من أغنية (مايلي سايروس) Wrecking Ball..


I never meant to start a war
I just wanted you to let me in
And instead of using force
I guess I should've let you win
Don't you ever say I just walked away
I will always want you
I came in like a wrecking ball
I never hit so hard in love
All I wanted was to break your walls
All you ever did was wreck me

بطبيعة الحال، شعر بحر وكأن ذلك المقطع هو رسالة مستترة من أمواج، تخبره من خلالها أنها تعتزم التوقف عن ملاحقته ومطاردته بعد أن مُنيت بخيبات أمل متكررة في محاولاتها لمساعدته، ليصيبها اليأس بسبب عدم تنازله عن جموده وصلفه أمامها، ما جعلها تشعر أنها تحطمت في سعيها لاسترداده، ولم يعد لديها طاقة لدفعه فاستسلمت نهائيا..
أغمض بحر عينيه بألم، وازدرد ريقه الجاف.. فحين تستخدم أمواج اللغة الإنجليزية للتعبير عن أفكارها، ذلك يعني أنها قد اتخذت وضعية (ممنوع الاقتراب) فتظل تكتب ما يعتمل بصدرها دون أن تناقش أحدا أو تستمع لأحد، لأنها قد حسمت أمرها..
(ما الذي قررتيه هذه المرة يا أمواج؟)
زفر بحر دخان سيجارته بغيظ، وهو يشعر أنه لا يهدأ بل يزيد ثورة وضيقا، كلما تلاحقت الأفكار برأسه تضاعف ترقّبه المحفوف بالحذر..
مستمرا في تصفح حسابها، وجد بحر أن طليقته – وكم يكره تلك الكلمة - ظلت تحدّث حسابها تباعا بالعديد من المقاطع الغنائية الكئيبة، فغمغم متوترا وهو يحرك إصبعه بين منشوراتها المتتالية: "تُرى ما الذي أحزنها اليوم؟ هل أسألها؟"
كاد أن يصرف النظر عن تلك الفكرة، لكنه أقنع نفسه في النهاية بسؤالها، فهي بالنهاية ابنة خالته وأم طفليه، فكتب لها عبر (واتساب):
(هل أنتِ بخير؟)
جاءه الرد بعد دقائق قليلة.. وبالإنجليزية أيضا:
(Never Been Better.. No thanks to you)
(لم أكن يوما أفضل حالا.. ولا فضل لك بذلك)
لم يعجبه ردها البتة، فأخذ يعبث بخصلات شعره الطويلة يشعثها بنزق، ويضرب مرارا على جبهته براحة يده بغية السيطرة على اندفاع الدماء إليها، معلنة بوادر صداع حاد سيضرب أوردته بعد قليل..
بات يحس نفسه كذئب بري غير قابل للترويض وقع بين براثن صيادين غلاظ يظنون أن بالإمكان كبحه وإخضاعه..
الآن صار بحر موقنا أنه على وشك أن يتلقى منها ضربة مدوية ستهزمه كما لم يُهزم من قبل..
وهو لا يجيد الترقب.. والصبر ليس أفضل شمائله، لذا هاتفها متخليا عن عناده..
ولمّا استقبلت مكالمته، حدّثها ببرود: "رجاء جهزي كيان.. سأخذها في نزهة قصيرة.. لقد وعدتها بذلك"..
ردت أمواج ببرود: "لا أظن أنها قادرة على الخروج اليوم"..
تحرك قلب بحر قلقا.. شعوٌر لم يعتد عليه بعد، لذا استجاب له يتساءل بعفوية: "ما بها؟ هل صار شيءٌ لها؟"
ردت أمواج بنبرة باردة: "هي بخير حال.. لكنها خرجت بالفعل اليوم ولعبت كثيرا.. حتى أنها نامت فور أن عدنا واستيقظت لتوها"..
قال بحر متململا: "ضعيها على الهاتف قليلا.. أريد أن أحادثها"..
ردت كيان على والدها بصوت كسول جراء النوم، فسألها بغية الاطمئنان: "هل أنت بخير يا كوكي؟ هل تشعرين بشيء؟"
قالت ابنته: "أنا سعيدة يا أبي.. لقد قابلت صاحبة جديدة اليوم.. اسمها حلا.. قريبة أونكل طارق"..
"ومن أونكل طارق هذا؟".. بنبرة شبه باردة، سألها والدها مداريا غيظه وفضوله..
ردت ابنته من جديد: "صاحب ماما.. لقد أخذنا للسينما.. وشاهدنا فيلم (Boss Baby).. وكان معنا ساري أيضا.. وسنقابلها في النادي يوم الجمعة.. ماما وافقت"..
هتف بحر متصنعا المرح وبداخله يغلي بركانا على مهل: "ماما وافقت؟ ما شاء الله.. هل كانت معكم زهو؟"..
ردت الابنة وهي غير مدركة لما يعتمل بوالدها: "لا.. زهو ظلت هنا مع كنان.. كان اليوم رائع.. لقد اشترى لنا أونكل طارق مثلجات وأحضر لماما حلوى غزل البنات وأخذنا إلى حديقة الألعاب بالمول"..
رد بحر باندفاع حانق غير قادر على إخفاء غيظه: "جميل جدا.. عظيم"، ثم أنهى المكالمة مع طفلته بكلمات وداعية منمقة يعدها بمصاحبتها في نزهة قريبا.. وبعد أن أغلق الهاتف، دفعه بضيق ليسقط على الأريكة المواجهة..
رمى بحر بقايا سيجارته على أرضية الشقة، ودعسها بقدمه، مقررا مغادرة المكان الذي يشعره بالاختناق، فقام بتبديل ملابسه لأخرى رياضية قطنية، ونزل من منزله قاصدا التوجه إلى أحد الجسور المطلة على نهر النيل بغية الركض حتى يهدأ تماما..
الركض ليس كافيا.. إنه يحتاج لمعانقة البحر الآن، ولن يجد راحته في لقائه بنهر هادئ، ولكن هذا أفضل ما في الإمكان حاليا، ولا يملك الاعتراض..
سيركض حتى تحترق رئتاه وتتورم قدماه وتتيبس ركبتاه..
بعد حوالي ساعة ونصف من الركض المتواصل، أمست عضلاته تئن، فعاد بحر لشقته وحصل على حمامٍ بارد يطارد به ما تبقى من حمم غضبه المتفجر حتى استكان تماما..
تهاوى على الأريكة وقام بتشغيل إحدى المسرحيات القديمة على التليفزيون، وأخذ يتابعها بنصف تركيز، بينما أخذ يتناول شطيرة من خليط الجبن مع الجرجير وشرائح الطماطم والخيار، والذي أعده بعجل بعد أن أنهكه الجوع ليذكّره بأسوأ طريقة أنه لم يتناول شيئا طوال اليوم سوى بضعة أقداح من القهوة وبعض لفافات الدخان..
بعد أن أنهى بحر شطيرته، عاد لإدمانه الجديد.. مراقبة حساب طليقته..
نعم، لا صفة أخرى تجمعهما منذ الطلاق.. فهو قد أتلف رابط القرابة العائلية بتصرفاته الفظة تجاهها، فباتت تعتبره غير موجود بالأساس، خاصة بعد مواجهتهما الأخيرة وكلماته الوقحة بحقها، والتي يعلم هو قبل الجميع أنها على الرُغم من عدم صحتها، إلا أنها قد نالت من كبريائها..
كم مرة عليهما منذ ذلك اليوم؟
أسبوع.. اثنان؟؟
شهر.. أكثر؟؟
لا يدري.. لقد فقد التقويم قيمته منذ نطقت بكلماتها الباترة (أنت لا تستحقني).. وكم كانت صادقة..
لم يكن يستحقها منذ البداية.. لكنه عاند قواعد المنطق وظفر بها.. فاغتنمها وآسر روحها، ثم لفظها في لحظة خسوف انحسر فيها ضوء القمر فرحلت أمواجه وانحسرت شواطئه وانطفأت مناراته ليسود الظلام عالمه، ويمسي ملعونا بالفقد..
فقد الجسد لروحه.. أليست روح البحر في أمواجه؟
أخذ بحر يتصفح حساب أمواج، وهو يفكر بضيق: (ما الذي أفعله معكِ يا أمواج؟ كنتُ أظن أن علاجي في التخلي.. أن الفراق هو قُبلة الحياة لروحي الممزقة)
كانت أمواج قد نشرت صورة جديدة.. هذه المرة لمظلة ضخمة من لفائف حلوى غزل البنات القطنية بلونها الوردي اللامع، وأرفقتها بتعليق كتبت فيه: (كما تقذفك الحياة أحيانا بحبات الليمون الحامضة.. فإنها تعود لكي تدللك بغيمة وردية من حلوى القطن اللذيذة)..
هتف بحر بغيظ: "أنا ليمون حامض؟"..
يكره شعوره بالتأثر.. لا يريد أن يعود للاهتمام.. يريد أن يظل جامدا فاقدا للحس.. ذلك أن تلك الثقوب الصغيرة والتي جعلت المشاعر تتسلل عبرها لعمق روحه المحتضرة لتنفخ فيها إكسير الحياة من جديد، تهدد بانهيار السد الذي شيده لحماية ما تبقى من كيانه..
ووقتها لن يتمكن من الصمود.. سينهار حتما..


يتبع


مروة سالم غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 16-05-22, 08:39 PM   #270

مروة سالم

كاتبة في قسم قصص من وحي الاعضاء

 
الصورة الرمزية مروة سالم

? العضوٌ??? » 482666
?  التسِجيلٌ » Dec 2020
? مشَارَ?اتْي » 1,756
?  مُ?إني » مصر
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » مروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   ice-lemon
?? ??? ~
Why so serious?
New1 وانطوت صفحة الهوى - القصاصة التاسعة: القسم السابع

في صباح اليوم التالي، حين وصل سفيان إلى مقر شركته، كان يغمره شعور وليد بالتفاؤل..
هو بالطبع شخص عقلاني وموضوعي ويفكر دائما باتزان وتفاؤل.. يحاول ألا يقف طويلا أمام كل خسارة ويستسلم لما تثيره بداخله من مشاعر سلبية، بل يستغلها كوقود من أجل رحلته القادمة..
باختصار.. يكره أن يركن للتوقف والخمول.. والجلوس بالانهزامية في انتظار تغير الأقدار.. يؤمن بأن الخيارات جميعها متاحة أمامه ليصنع مستقبله بيديه..
واليوم، سيخطو الخطوة الأولى نحو هدفه القادم، والذي رسمه هذه المرة ليكون طريقه إلى الاستقرار.. يسعى لأن يكون هذا هو مشوار العمر الذي يسير فيه بخطى حثيثة وعيون مفتوحة، حتى يجني ثمار نجاحه بعدها فيودع الشكوك والمخاوف التي تنتابه من وقت لآخر وتحاول أن تآسر أفكاره..
اليوم سيتسلم شركته الأمنية من مهندس الديكور، ثم يجتمع مع بحر للاتفاق على تعيين الدفعة الأولى من الحراس الشخصيين ورجال الأمن، والذين سيدفع بهم إلى سوق العمل، فور أن يتلقوا الطلبات من الشركات والأفراد الذين يحتاجون لخدمات شركته، وذلك في محيط التجمع السكني..
كما سيجتمع غدا مع المصمم حمزة الرافعي الذي وضع بالفعل خطة أولية للترويج للشركة، فهو يريد مناقشة تفاصيلها معه بحضور بحر قبل أن يشرع الأول بالتنفيذ..
وفي وقتٍ لاحقٍ اليوم، سيلتقي صديقه آدم عزازي، الذي أصر على الحضور لكي يهنئه في مقر شركته الجديدة ويطمئن على أحواله قبل افتتاحها رسميا..
كان بحر قد سبقه إلى الشركة، مقررا طرد كل أفكاره بعيدا عن العمل فور دلوفه إلى داخلها، فبدأ يفرز ملف السيّر الذاتية للأفراد الذين خضعوا بالفعل للمقابلات الشخصية، لاختيار أفضل المرشحين من بينهم للانضمام للشركة بعقود مؤقتة قبل تثبيتهم عقب ثلاثة أشهر إذا أثبتوا كفاءتهم..
كما وضع ملفا آخر يتضمن قائمة بالمرفوضين للتواصل معهم وإبلاغهم كي يبحثوا عن فرص أخرى.. وجهز ملفا ثالثا يتضمن الأشخاص الذين لم يخضعوا بعد للاختبارات..
كما جهز ملفا رابعا يتضمن خطته لتدريب الأفراد الذين سيتم تعيينهم قبل تسلمهم مهام عملهم الفعلية، وذلك حتى يُطلع عليه سفيان ويحصل على موافقته للتنفيذ..
حين وصل سفيان، بدأ على الفور اجتماعه مع بحر الديب - المدير الفعلي لشركته، ليتناقشا بكافة الشئون التنفيذية للشركة قبل الافتتاح الفعلي.. ثم تهيأ الاثنان لاستقبال مهندس الديكور..
ولم ينسى بحر أن يخبر سفيان أن عليهم البحث عن فتاتين للعمل بقسم السكرتارية بالشركة، لتيسير العمل والتواصل مع العملاء والموظفين أيضا، فطمأنه سفيان أنه سيطلب من حمزة وضع إعلان آخر لاستقبال طلبات العمل، فأخبره بحر أن لديه بعض المقترحات والملاحظات التي يريد مناقشة حمزة الرافعي حولها في اجتماعهم غدا للاستماع لخطته التسويقية..
كان سفيان سعيدا بانخراط بحر في التركيز على عمله الجديد، واضطلاعه بالمهام الموكلة إليه بجدية وعزم، متأملا أن يكون هذا العمل هو خطوة صحيحة نحو استعادة بحر لشعوره بالاعتزاز الذاتي، وبداية تخلصه من شعور الخزي والانكسار نتيجة تعرضه للأسر..
بعد قليل، وصل الدكتور آدم الذي استقبله سفيان بحفاوة بالغة، وقام بتقديمه إلى بحر الذي تعامل مع آدم بنوع من التحفظ، الأمر الذي التقطه سفيان بحذر، لكنه لم يظهر أي رد فعل..
بعدها جلس آدم وسفيان يتسامران في مكتب سفيان، فيما عاد بحر لعمله بتنظيم ملفات العمل، لكنه كان يتطلع بعينيه بين وقت وآخر صوب مكتب سفيان الذي يجالس صديقه بداخله، وأخذ يسأل نفسه:
(هل كاد أن يفقد صديق عمره بسبب قراره بالهرب إلى السويس والانزواء عن كل ما يخص ذلك الجحيم الذي تشوهت له روحه؟ أم تراه قد خسره بالفعل؟)
أبعد بحر تفكيره عن تلك الفكرة، واستمر في عمله، متسلحا بثقته في صديقه وقائده الذي لم يخذله قط، فسفيان حين كان يمتلك نبيل كصاحب عمره، لم يكن يتجاهل بحر، بل أفسح له مكانا تحت قيادته ليحظى بصداقة غالية لا تُقدر بالمال ولا يعوضها شيء..
أما سفيان، فقد أخذ يحكي لآدم على الجانب الآخر عن خطوات علاجه المتقدمة مع الدكتورة مارية الخشاب، ولمّا سأله آدم عن حال ذراعه والآلام الوهمية التي تصيبه أحيانا بمكانه، اعترف سفيان أنها مازالت تأتيه من وقتٍ لآخر، موضحا أنه قد أخبر الدكتورة مارية بالأمر في جلسته الأخيرة معها، فطلبت منه شراء ما يسمى "صندوق المرآة Mirror Box" من أي متجر إلكتروني..
هتف آدم باستدراك: "أجل.. هذه طريقة رائعة للسيطرة على آلام الأعصاب التي تنتابك في مكان يدك المبتورة.. هل تعلم طريقة استخدامه؟"
رد سفيان: "لقد رأيت بضعة مقاطع فيديو تشرح طريقة استخدامه لتمرين اليدين بطريقة تسبب نوعا من الخداع العقلي فتجعل المخ يتوقف عن إرسال الإشارات بأن هناك ضغطا على أوتار وأعصاب اليد المبتورة.. أفكر جديا في شرائه واستخدامه"..
قال آدم بتعاطف: "أرجو أن يحقق مفعولا إيجابيا معك.. أعلم أنك ترفض استخدام العقاقير المسكنة للآلام"..
ناظره سفيان لعدة ثوانٍ، فشعر أنه ليس على ما يرام ويحاول إخفاء الأمر ، لكنه ببساطة لا يستطيع، لأنه يمتلك صديقا قادرا على قراءة ما به بمجرد النظر لعينيه، فسأله الأول بشكل صريح: "تعلمني لا أحب الأساليب الملتوية في الحديث.. وأنت لا تبدو بخير.. هل تريد أن تخبرني ما الأمر؟"
زفر آدم وجعا يجثم على أنفاسه، ثم قال: "ومن غيرها؟ طليقتي العتيدة"..
رد سفيان بنبرة شبه ساخرة قاصدا استفزازه: "ألم تصفها في المرة السابقة أنها قطعة ملابس مستعملة لا ترقى لــــ"..
قاطعه آدم قبل أن يسترسل في الوصف الأحمق الذي أطلقه عليها في لحظة غرور، ثم قال بمرارة: "أعلم جيدا ما قلته.. كما أعلم أنني نرجسي أحمق أوصمها بما ليس بها كي أشعر بأنني لم أخسر"..
سأله سفيان باستنفار: "هذه أول مرة تتحدث هكذا أمامي.. هل حدث شيء بينكما؟"
تلاعب آدم بهاتفه رافضا النظر لسفيان خلال اعترافه، حين قال: "لقد قابلتها أكثر من مرة.. وهناك من يحوم حولها.. وهي.. لا تبدو بخير.. تبدو منهكة وعلى شفا الانهيار.. ووالدها يضيّق عليها الخناق.. والدها وغد.. لا أجد وصفا آخر له.."
رفع سفيان حاجبه، فزفر آدم، ثم قال باستطراد: "أنا أيضا وغد.. صحيح.. لكنني طليقها.. وهو والدها.. هو من يجب عليه حمايتها ودعمها"..
صمت سفيان مرة أخرى، فتابع آدم يتحدث من جديد بكلمات تعكس تشتت أفكاره غير المترابطة: "أجل.. أنا أيضا كنت زوجها وكان من واجبي حمايتها ودعمها.. لكنها أخطأت أيضا.. لا تلقي كل المسئولية عليّ"..
رفع سفيان كفيه باستسلام ورد بنبرة عقلانية: "لا أتهمك بشيء.. حسنا.. دعنا من الماضي الآن.. أين تقف حاليا بالنسبة لها؟"
ضحك آدم بمرارة، ثم قال: "أقف عند تلك المتاريس والحصون التي وضعتها هي بيننا.. أحاول لأسابيع التقرب منها مجددا.. وهي تتجاهلني.. أتصدق؟ تتجاهلني أنا.. آدم عزازي"
سأله سفيان بدهشة: "ولماذا الآن؟"
اتسعت حدقتا آدم بعدم فهم، فشرح سفيان: "أقصد لماذا تحاول التقرب منها الآن.. لماذا في الأسابيع الأخيرة فقط؟ هل تشعر بالخطر لأن هناك من يحوم حولها الآن؟"
رد آدم: "ليس تماما.. كنتُ قد خططت للتقرب منها مجددا على كل حال.. فهي قد حصلت مؤخرا على الدكتوراه.. وحققت حلم حياتها"..
لمّا صمت آدم دون أن يفسر المزيد، رغم سفيان حاجبه يسأله بلا كلمات، فتابع الأول: "ظننتُ أنها قد داوت جرحا بداخلها ظل يؤلمها لسنوات.. وصار بإمكانها تجاوز الماضي.. الآن بعد أن أصبحت حاملة للدكتوراه، لم يعد هناك ما يدفعها لرفض الارتباط بي"..
سأله سفيان: "ماذا تقصد؟"
رد آدم بانفعال: "أقصد أنها لم تعد دون المستوى بالنسبة لي.. صار الطريق ممهدا الآن لكي نعود معا"..
هتف سفيان بنبرة موبخة: "هل هكذا تفكر تجاهها؟ أنها لا تليق بك؟"
بنبرة مريرة، رد آدم: "لستُ أنا من يعتقد ذلك.. لكن الجميع من حولي.. أمي وأفراد عائلتي الضخمة وزملائي.. ليس هذا ما يؤرقني على كل حال.. لقد.."..
تنحنح آدم مكتفيا بالصمت، فرفع سفيان حاجبه يحثه على المتابعة، فأردف: "هناك شيء حدث بيننا قبل الطلاق، وهي ترفض الحديث.. لا تريد أن تريح عقلي.. وتتركني أشتعل بالأفكار التي يضيق لها صدري.. وهي تتسلح بالكبرياء، ولا تريد أن تتحدث.. عنيدة كالعنزة"..
قال سفيان بعد تفكر: "أنا متفهم لحرصك على المحافظة على أسراركما وعدم الخوض في تفاصيل حياتكما الخاصة.. ولكنني أظن أن هناك شخصا ثالثا في هذه الحكاية.. هذا الشخص بإمكانه أن يكشف لك الحقائق المدفونة حول ما حدث فعليا قبل الطلاق"..
هز آدم رأسه، ثم أضاف: "المشكلة أن ذكرى عنيدة جدا.. ولا تطلب المساعدة أبدا مهما وقعت في أزمات.. حتى بعد المشكلة التي وصلت لمتابعيها على انستجرام.. تلقت الأمر بصمت.. كعادتها تقف بمفردها وتقاوم ولا تُبيّن ضعفا"..
هتف سفيان باستدراك: "ذكرى.. هل تقصد ذكرى جمال.. مُدونِة الانترنت؟ يا محاسن الصدف"
نهض آدم مندفعا مضيقا حاجبيه، واقترب منه خطوتين ليقف أمامه مباشرة ثم سأله بنبرة لا تخلو من الغيرة: "كيف تعرفها؟"
رفع سفيان كفيه مدافعا، وأخذ يشرح بنفس نبرته الهادئة: "اسمعني أولا قبل أن تتهور في لحظة غيرة.. وتذكّر أن معي ميدالية ذهبية في التايكوندو.. حتى لو بذراع تعويضي، يمكنني أن أطرحك أرضا ككومة من القطن".. صمت بعدها قليلا قبل أن يزفر بصوت خفيض من بين أسنانه: "يبدو أنه قد كُتب عليّ ألا أصادق سوى الحمقى المتهورين"..
رفع آدم حاجبيه بامتعاض، فأدرك سفيان أن أعصاب صديقه قد احترقت بالفعل، والمجال لا يسمح بالمزيد من المزحات، لذا قال شارحا: "لم أقابلها أصلا من قبل، ولا أعرفها معرفة شخصية.. ولكن اسمها ذُكر أمامي أكثر من مرة، لأنها ضمن دائرة المتعاملين مع حمزة الرافعي مصمم الجرافيك الذي استعنت به للتسويق لشركتي"..
زفر آدم، ثم هدر بغيظ: "حمزة مجددا.. هذا الشاب صار يظهر كثيرا في حياتها مؤخرا.. وهذا أمر لا يعجبني.. لا يعجبني البتة"..


يتبع في الصفحة التالية...
لا تفوتوا القسم الأخير من القصاصة



على هذا الرابط

https://www.rewity.com/forum/t486027-28.html




التعديل الأخير تم بواسطة ebti ; 16-05-22 الساعة 11:38 PM
مروة سالم غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 08:04 PM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.