آخر 10 مشاركات
رغبات حائرة (168) للكاتبة Heidi Rice .. كاملة مع الروابط (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )           »          487 - شعاع خلف الغيوم - كارول مورتيمر ( عدد جديد ) (الكاتـب : Breathless - )           »          ورد -قلوب زائرة - للكاتبة المبدعة *عبير قائد*بيرو* مميزة &مكتملة* (الكاتـب : Just Faith - )           »          جنون المطر (الجزء الثاني)،للكاتبة الرااااائعة/ برد المشاعر،ليبية فصحى"مميزة " (الكاتـب : فيتامين سي - )           »          ليلة مع زوجها المنسي (166) للكاتبة : Annie West .. كاملة (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )           »          متاهات بين أروقة العشق(1) *مميزة و مكتملة* .. سلسلة قلوب شائكه (الكاتـب : hadeer mansour - )           »          بنت الشامية....منقول.....((.لنبض القصيم)) اكثر من رائعة (الكاتـب : taman - )           »          عروس أكوستا (133) للكاتبة:Maisey Yates (الجزء الأول من سلسلة ورثة قبل العهود) *كاملة* (الكاتـب : Gege86 - )           »          أخطأت وأحببتك (60) للكاتبة: لين غراهام ..كاملهــ.. ‏ (الكاتـب : Dalyia - )           »          فرسان على جمر الغضى *مميزة و مكتملة* (الكاتـب : وديمه العطا - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء

Like Tree12256Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 19-06-22, 01:14 AM   #401

مروة سالم

كاتبة في قسم قصص من وحي الاعضاء

 
الصورة الرمزية مروة سالم

? العضوٌ??? » 482666
?  التسِجيلٌ » Dec 2020
? مشَارَ?اتْي » 1,756
?  مُ?إني » مصر
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » مروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   ice-lemon
?? ??? ~
Why so serious?
افتراضي


اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة وردة فضية مشاهدة المشاركة
فصل اكتر من رائع اجمل فصل حتى الان
مشهد سفيان وشادن واخيرا القائد اعترف
مشاهد ادم وذكرى رائعة وبكتني
مشهد سفيان مع اخته حلو اوي اوي
وطبعا مشهد بحر في النهاية اعتقد كده مفيش فرصة ليه غير انه يقتنع بالعلاج
شكرا حبيتي على الريفيو.. هنشوف كده بحر هيقرر يتعالج ولا يفضل معاند


مروة سالم غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 19-06-22, 03:50 PM   #402

مروة سالم

كاتبة في قسم قصص من وحي الاعضاء

 
الصورة الرمزية مروة سالم

? العضوٌ??? » 482666
?  التسِجيلٌ » Dec 2020
? مشَارَ?اتْي » 1,756
?  مُ?إني » مصر
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » مروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   ice-lemon
?? ??? ~
Why so serious?
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة قلوب نابضة بالإيمان مشاهدة المشاركة
اسأل أمك

قوية ذكرى... أنتظر اكتشاف السر وحبكتهما
الفصل القادم سيكون حاسم لكل الثنائيات .. ارجو ان يعجبك


مروة سالم غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 20-06-22, 07:46 PM   #403

مروة سالم

كاتبة في قسم قصص من وحي الاعضاء

 
الصورة الرمزية مروة سالم

? العضوٌ??? » 482666
?  التسِجيلٌ » Dec 2020
? مشَارَ?اتْي » 1,756
?  مُ?إني » مصر
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » مروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   ice-lemon
?? ??? ~
Why so serious?
Rewitysmile21 وانطوت صفحة الهوى - القصاصة الرابعة عشرة: القسم الأول

القصاصة الرابعة عشرة

(بيت من أوراق اللعب)


تتخبط بين الرغبة والمقدرة.. تتأرجح بين الأمل والبراعة..
تحلم بالاستقرار فتؤسس بيتا مبهرا يخطف العيون..
لكنك تتجاهل حقيقة واحدة..أن هذا البيت قد تم إنشاؤه أعلى كومة من الرمال المتحركة..
سقفه وجدرانه وأبوابه من أوراق اللعب..
هش.. قابل للزوال.. مُعرض للسحق..
بيت بلا أساسات متينة ولا أعمدة قوية وبلا سقف يظلله..
تأتي هبة رياح فتهدمه.. لتفقد الحلم بلحظة واحدة..
وإذا ترنحت ورقة واحدة، فإنه يصبح مهددا بالسقوط بأية لحظة..




(من مات؟ لقد رأيت منشورك على انستجرام منذ قليل)
بتماسك امتدحت نفسها عليه، قرأت شذى الرسالة الخاصة التي وصلتها من طليقها مازن عبر خاصية الرسائل بتطبيق انستجرام..
كانت قد سمحت لنفسها بخفقة قلب واحدة خارج النسق، ثم استعادت هدوءها بإصرار شديد..
(والدة صديقتي توفاها الله)
قررت الرد عليه باقتضاب.. لأنها إذا تجاهلته، سيظن أنها تمارس عليه الألاعيب ابتغاء عودة، هي في الواقع لا ترتجيها..
فور أن وصلها إشعار بقراءته للرسالة، ارتفع رنين هاتفها بمكالمة هاتفية منه، لكنها رفضتها وحررت رسالة أخرى سريعة..
( أفهم أنك تتصل بي لكي تعزيني.. لنفترض فقط أنك قد عزيتي بالفعل وانتهى الأمر.. شكرا لك.. رجاء لا تحاول الاتصال بي مجددا يا مازن )
حين قابلها الصمت بعد إرسالها لتلك الرسالة، تنهدت ببطء.. لا تفسر ما تشعر به الآن فعليا..
ارتياح أم خيبة أمل؟
"ماذا حدث؟ لماذا أنتِ شاردة هكذا".. سألتها شقيقتها مرح التي لاحظت تبدل حالها..
ردت شذى بنبرة محايدة: "لا شيء.. أخبريني كيف تم لقاؤك مع الدكتور آدم؟"
كانت مرح منشغلة بتسخين الغداء في فرن الميكروويف، ووضعه بأطباق التقديم باعتيادية، ولما انتهت قدمت طبقا وشوكة لشقيقتها الجالسة أمام الطاولة الصغيرة بالركن المواجه للنافذة، ثم تحركت للجلوس إلى جوارها حاملة طبقها..
بدأت شذى بتناول المكرونة الغارقة في الجبن الذائب، بينما شرعت أختها تسرد عليها تفاصيل لقائها بالدكتور آدم..
قالت مرح: "لقد جمعني بالدكتور أيمن عزازي ابن ابن عم والده.. أو (ابن عمه) كما قدّمه لي.. يا إلهي.. لا أصدق أن عائلته بالكامل من الأطباء في كل التخصصات.. يمكنهم تأسيس مستشفى عام بمفردهم.. على أي حال.. يمتلك الدكتور أيمن مركزا طبيا كبيرا لعلاج الأسنان في حي مدينة نصر، وآخر في حي السادس من أكتوبر، ويريد افتتاح مركزا ثالثا في حي التجمع.. لكنه قدّم لي اقتراحا غريبا أيضا"..
سألتها شذى باهتمام: "ما هو اقتراحه؟"
تناولت مرح بعض المكرونة ومضغتها ببطء.. ولما ابتلعتها، تابعت: "يريد أن يفتتح مركزا رابعا في مدينة شرم الشيخ لاستهداف الأجانب المقيمين هناك، على أن يخصص ثلاثة أطباء لمباشرته بالتناوب.. بحيث يقيم كل طبيب هناك لمدة أربعة أشهر متتالية، ثم يسلم العمل لطبيب آخر، ويعود هو للقاهرة للعمل بأحد المراكز الأخرى.. ويريدني أن أكون أحد هؤلاء الأطباء.. لكنني أخبرته أن الفكرة لا تناسبني"..
صمتت شذى قليلا تفكر، ثم قالت: "أظن أنها فكرة جيدة.. العمل بمدينة سياحية له مميزاته.. يقلل الضغط العصبي ويجعل أعباء العمل غير محسوسة.. كان عليك الموافقة على الفكرة"..
ردت مرح بامتعاض: "إذا كنت أريد أن أتركك.. لكنت تركتك في دبي حين تزوجتِ من مازن، وعدتُ للاستقرار بالقاهرة.. لكنني لا أستطيع أن أبتعد عنك يا حمقاء.. حتى حينما كنتُ أدرس طب الأسنان في انجلترا.. ضغطت على والدينا رحمهما الله لكي يرسلاكِ لدارسة إدارة الأعمال هناك أيضا.. وبالنهاية قبلا هما عرض العمل من مركز بحثي هناك لنقيم جميعا بنفس المدينة لسنوات"
ربتت شذى على كف أختها، وهمست بنبرة حانية: "البعض يظن أننا توأم بالفعل"..
ضحكت مرح، وقالت ممازحة: "رغم أنكِ صاخبة ومندفعة.. وأنا.. لطيفة للغاية"..
أخرجت شذى لسانها تغيظها بطفولية، ثم أكملت: "هذا لأنهم لا يعرفونك جيدا.. من يعرفك حق المعرفة سيدرك كم أنتِ مشاغبة يا عاشقة المرح"..
لاحظت مرح أن شقيقتها تداري غيمة من الحزن تظلل أجفانها بمزحاتها، لكنها أبت أن تسألها عم هنالك..
تعلم أن الرد سيكون كالمعتاد.. صمت..!
مرت عدة أشهر بالفعل منذ طلاق شذى عن مازن، لكنها حتى الآن لم تعلم اللغز وراء هذا الطلاق، فقد التزمت شذى الصمت المطبق حتى حين حاولت خالتاهما فايزة والدة أمواج وفاطمة والدة بحر أن تجراها للحديث والإفصاح.. ظلت أختها تصر على صمتها بحزم وصرامة، فباءت جميع المبادرات من أجل مصالحتها على طليقها بالفشل، وهو نفسه لم يبدِ رغبة حقيقية في العودة، برغم مقابلته لمرح قبل مغادرتهما لدبي، واعترافه أمامها بندمه على ما آلت إليه الأمور بينهما..
الأغرب أن شذى لا تبدو أبدا مشتاقة للعودة إليه أو متحسرة على فقدانه.. إلا في تلك اللحظات النادرة التي تشرد فيها بذهنها، وكأنها تتحرك بكيانها كله إلى مكان آخر بينما يظل جسدها مجمدا بموقعه..
لا تستطيع مرح حتى أن تجزم من منهما المخطئ في تلك المأساة الغامضة.. لكن أيا كان الخطأ ومهما كان المتسبب به.. تبقى النتيجة واحدة.. فراق..
فراق فرض وجوده كإعصار مدمر اقتلع السكن والأمان من مدينتهما وخلّف وراءه الأذى والقهر وما تبقى من أطلال يقتات عليها الخاسران كلما باغتتهما لحظة حنين..
والحال أن الشقيقتين تتشاركان صمتا شعور الفقد، لكن كلا منهما تبقي ما يعتمل بها بداخلها، فتقف أمام الأخرى كجزيرة منعزلة لا سبيل للتواصل معها، فبحارها متقلبة لن تحتضن جسور للتفاهم..


يتبــــــــــــــــــــــ ــــــع


مروة سالم غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 20-06-22, 07:48 PM   #404

مروة سالم

كاتبة في قسم قصص من وحي الاعضاء

 
الصورة الرمزية مروة سالم

? العضوٌ??? » 482666
?  التسِجيلٌ » Dec 2020
? مشَارَ?اتْي » 1,756
?  مُ?إني » مصر
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » مروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   ice-lemon
?? ??? ~
Why so serious?
1111 وانطوت صفحة الهوى - القصاصة الرابعة عشرة: القسم الثاني

(هل تناولتِ شيئا؟)
(متى ستعودين لعملك؟)
(أريد أن أراكِ)
(متى ستذهبين إلى المقابر؟)
(أريد رؤيتكِ)
(لِمَ لا تردي؟)
(ردي عليّ)

كانت تلك آخر مجموعة من الرسائل التي تلقتها ذكرى عبر تطبيق (واتساب) على هاتفها، كانت تتلقى يوميا بضع رسائل في أوقات متفرقة..
تعلم أنه يريد أن يشعرها أنها ليست وحيدة.. أن هناك من يهتم لأمرها.. أنه – هو - من يهتم لأمرها..
وتعلم أنه يريد أن يقاسمها حزنها.. ليس إدعاء ولا استغلالا للأزمة، بل لأنه بالفعل حزين على وفاة والدتها ولا يجامل لكي يرضيها..
كانت والدتها تراه دائما رجلا مميزا برغم جانبه الطفولي العابث..
كانت آمال رحمها الله ترى الأفضل في الجميع، فكانت حين تطالع عيناه، لا ترى سوى رقي النبلاء في تصرفاته وعشقه الجارف لابنتها وشيئا من سذاجة الأطفال التي تجعله يبدو غرا في كثير من الأحيان، فيقاوم هو بالتصرف بعناد وتكبر، هذا الانطباع الذي يكوّنه البعض عنه بسبب طبيعته المسالمة، فهو رجل لا يحب المشكلات، ولا ينشغل كثيرا بالتقيد بمنظومة السلوك التي يفرضها المجتمع على الرجل، فلا يحب أن يكون متسلطا أو ديكتاتورا.. إلا حين يشعر بالفقد..
كان آدم هو حب عمرها الوحيد.. وهو الأنسب لشخصيتها من جوانب كثيرة، وذلك قبل أن يلدغها..
مرتين..
(ماذا أفعل؟ بِمَ أفكر الآن؟ تبا لك يا آدم)
أخذت ذكرى تؤنب نفسها بسبب انصرافها إلى التفكير فيه رغم الحزن الذي سكن قلبها بهيمنة متوحشة..
(يسألني كيف حالي..! ماذا أقول له؟ كيف هو حالي؟ أنا لا أعرف كيف هو حالي.. الأيام تتشابه.. والساعات تمر ببطء.. والألم يحرق الكبد.. أشعر أنني عارية في شتاء أبدي، فلا أجد غطاء ليدفئني ويسترني.. الجميع يشاهدني بشفقة ولا أحد يحس بي.. لا أحد مكاني.. أقف على سطح بحير ة مجمدة وعلى بعد خطوة واحدة من السقوط بأحد شقوقها والغرق في صقيع أبدي مصدره قلبي.. ماتت أمي فغابت الشمس عن حياتي وحل الظلام بروحي.. لا أحد يفهم.. لن يفهم أحد)
هزت ذكرى رأسها، وكأنها تطرد تلك الأفكار من عقلها، تكره هذا الشعور الذي يعتمل بخلجاتها..
تكره احتياجها إليه..
تكره أن قلبها يخبرها أنه الوحيد الذي يمكنه مواساتها في فاجعتها..
وتكره أن قلبها محق..
تريد أن تهرب منه إلى أقصى بقعة على الأرض كيلا يراها في أشد لحظات ضعفها، لكنها تعلم أيضا أن مجرد تواجده بالقرب منها، يجعلها أقوى..
حتى حماقاته وعناده الطفولي يبعثان القوة في كيانها، فتنقشع غيمة الركود والجمود عن عقلها وتستعيد شخصيتها العملية التي تحسن التصرف في اللحظات حالكة الظلمة.. لذا أمسكت هاتفها، وحررت له رسالة مقتضبة: (أريد أن أرى أمي)، وجاءها الرد بعد ثوانٍ: (جهزي نفسكِ.. سأمر عليك)..

يتبــــــــــــــــــــــ ــــــــع


مروة سالم غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 20-06-22, 07:54 PM   #405

مروة سالم

كاتبة في قسم قصص من وحي الاعضاء

 
الصورة الرمزية مروة سالم

? العضوٌ??? » 482666
?  التسِجيلٌ » Dec 2020
? مشَارَ?اتْي » 1,756
?  مُ?إني » مصر
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » مروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   ice-lemon
?? ??? ~
Why so serious?
Rewity Smile 1 وانطوت صفحة الهوى - القصاصة الرابعة عشرة: القسم الثالث

كان يجلس بغرفة الجلوس عابسا، ممسكا بهاتفه بقبضة قاسية، وكأنه حينما يعتصره سيجبره على الخروج بالإجابات التي يريدها لأسئلته التي كان يرسلها تباعا في شكل سلسلة من الرسائل عبر تطبيق المحادثات، دون أن يتلقى ردا واحدا..
أحرق سبع لفافات من السجائر، ومعها احترقت أعصابه تماما.. أما صدره، فقد احترق منذ عامين واستحال لرماد بعثرته الرياح بلحظة حداد على حبٍ لم ينجح كلاهما في حمايته من المطر حتى غرق..
كيف يكون الطبيعي ألا يتواجد معها الآن في تلك اللحظات؟
كيف يكون المتوقع أن يبتعد كلا منهما عن الآخر عشرات الكيلو مترات؟
كيف تنتظر منه أن يبقى بعيدا في منفاه بينما هي تتمزق في وطنٍ مهجور؟
ألا يجدر به أن يكون هو مأواها الآن؟ ألا يجدر بها أن تستكين إلى براح صدره وتتوسد قلبه وتحتمي بين ذراعيه من تقلبات القدر وقسوة اختباراته؟
لن يعتاد أبدا هذا الفراق، ولن يتحمل أن يطول عقابه بالتيه لأعوام أخرى بعد..
لقد خدعوه حين أخبروه أنه سيتعود على الفراق.. ضللوه حين أكدوا له أن الحياة ستستمر، وأنه هو نفسه.. سينسى..
لِمَ عليه أن يترك لها حرية الاختيار؟ لماذا لا يختطفها عنوة ويذهب بها إلى المأذون ويعقد عليها لينتهي هذا العناد؟
تقول إنه رجل بالغ بعقلية طفل معاند.. فماذا عنها هي إذًا؟
امرأة جبارة بإرادة فولاذية، ولكنها وحيدة..
امرأة قوية تقف لوالدها كالطود العظيم، لكنها هشة كورقة خريف..
عاشقة ظالمة.. غير منصفة على الإطلاق..
مكلومة وحزينة، ولكن مجحفة لأبعد مدى..
كيف لا ترى أنه قد قضى محكوميته – ويعلم الله كيف أمضاها - ويجب أن تكافئه بالعودة.. بل يجب أن تكافئ نفسها باستعادته بعد أن نفته خارج جنتها لعامين..
حين وصلته رسالتها المقتضبة (أريد أن أرى أمي)، انفرج ثغره عن ابتسامة رضا، والتمعت عيناه بقبس من أمل، فحرر رده فورا: (جهزي نفسكِ.. سأمر عليك).. ثم نهض لتبديل ملابسه سريعا..
خرج آدم من غرفته في بيت والدته، كانت الأخيرة تجلس في صالة الاستقبال تحتسي قهوتها، فسألته بنبرة هادئة لا تشي بشيء: "إلى أين؟ ألستَ اليوم في عطلة من عملك في المركز؟"
رد آدم: "المركز كله عطلة اليوم يا أمي.. ولكن فريق المناوبة يتابعون العمل مع الحالات الخاضعة للإشراف والمراقبة بعد الجراحات التي توليتها بالأمس مع فريقي.. لا تقلقي.. أتابع بنفسي أعمال الصيانة مع المهندسين"..
ارتشفت أمه بعض القهوة، ثم ردت بنفس الهدوء: "لستُ قلقة.. أنا واثقة أنك تدير المركز كما يجب.. وكل التقارير التي تأتيني عنك إيجابية"..
ضغط آدم قبضتيه محاولا السيطرة على الدماء الحارة التي نفرت بأوردته جراء كلماتها التي لا تدري تأثيرها عليه..
ما زالت تخضعه للرقابة بعد أن تخطى منتصف الثلاثينات من عمره وبدأ يزحف نحو الأربعين..
وهي التي شارفت على منتصف السبعين، لا تزال تشرف على كل ما يخص حياته.. حتى عمله..
تنهد بضيق، ثم قال: "إذا لم تبتغي شيئا آخر.. عليّ الذهاب.. سأقابل ذكرى.. إنها تريد زيارة المقابر"..
هتفت أمه بنبرة منفعلة: "ذكرى مجددا.. كان عليّ أن أفهم خطتها الخبيثة منذ البداية حين أصرت على دفن والدتها بمقابرنا.. تتخذها ذريعة لكي تقابلك بين الحين والآخر"..
بنبرة خفيضة احتراما لعمر والدته، قال آدم: "اليوم مر أربعون يوما على وفاة آمال يا أمي.. وهي تريد الذهاب لقبر والدتها التي لم تزره قط منذ يوم الدفن.. تريد أن تقرأ القرآن على روحها وترسل لها دعواتها.. ما الخطأ في هذا؟ لا أفهم"..
فاجأته الدكتورة رقية بتغيير مسار الحديث حين قالت: "متى سنذهب لخطبة رحاب؟"
رد آدم بتحفز: "لن نذهب يا أمي.. لا أريدها.. انسي هذا الأمر.. أنا حاليا مشغول بدراسة عروض تلقيتها من مستشفيات شهيرة في كندا وانجلترا"..
هتفت أمه تسأله بانزعاج: "كندا وانجلترا؟ هل تريد السفر وتركي هنا بمفردي؟"
طوّق آدم ذراعه الأيسر بكفه الأيمن، وكأنه يشد عضده داعما لنفسه بنفسه، ثم قال بنزق: "إذا ظللتِ تضغطين عليّ بمسألة الزواج من رحاب أو من غيرها، سيكون هذا قراري الأخير.. أنا أختنق يا أمي.. وأنتِ لا تشعرين بي"..
ربتت الدكتورة رقية على المقعد المجاور لمقعدها، وهمست بحنو: "تعال اجلس بجواري يا بُني"..
تحرك آدم مقاوما تصلب عضلاته، ليجلس بجوار والدته التي احتضنت وجهه بكفيها، قبل أن تطبع على خده قبلة أمومية صادقة، لكنها أكملت بطريقتها الباترة: "تزوج لتصبح أبا يا آدم.. هل تريد أن تظل عازفا عن الزواج حتى تنجب في سنٍ كبير مثلي، وتنشأ هوة بينك وبين صغيرك؟ لقد شارفتُ على الوصول للخامسة والسبعين.. هل تريدني أن أموت قبل أن أرى أحفادي؟"..
أمسك آدم كف والدته وقبّله باحترام، ثم قال بنبرة حزينة: "بارك الله في عمرك يا أمي.. لكنني لا أريد الزواج.. لقد جربت الأمر مرتين ولم يعجبني"..
قالت أمه بنبرة ليّنة: "عد لرحاب.. لقد رجعت لمصر وستستقر هنا نهائيا.. هذا ما كنتُ أحاول أن أخبرك به"..
رد آدم بنزق: "لا يا أمي.. جربت مرة معها وفشلت.. وعلى كل حال يبدو أن ابنك لا يستطيع الانجاب"..
ابتلعت أمه غصة مريرة، وأخفضت عيناها، لا تريده أن يقرأ انفعالاتها..
لكن آدم الذي كان غارقا في حزنه، قال بنبرة حانقة: "ولا أظنني قادرا على الثقة في أية امرأة بعد ما فعلته بي ذكرى.. لن أنسى تلك الليلة"..
زمت أمه شفتيها بعصبية، رافضة السماح لحرفٍ واحدٍ بمغادرة شفتيها..
تعلم أن كلمة واحدة تغادر حلقها ستجر خلفها عشرات الكلمات اللاتي يتصارعن بجوفها منذ نحو عامين.. يريدون التحرر من مخبئهم الجبري والخروج للعلن لكشف الحقائق..
نهض آدم من جلسته بإرهاق فوري.. تنفس ببطء يحاول أن يجرد رئتيه من هواء ساخن، بينما يشعر بثقل كتفيه وكأنه غير قادر على السيطرة على شعورٍ مفاجئ بالهزيمة، كان قد ظن أنه قد تحرر منه بالفعل بعد كل ما كان..
لكن شبح تلك الليلة على ما يبدو، لا يزال يبسط طاقته على المحيط بشرارات موجعة تصيب كل من يتلقاها بآلام متجددة لا تبرأ..
قاد آدم سيارته بمزاج مختنق إلى التجمع السكني الذي تسكنه ذكرى، وبعد أن تعرّف أفراد الأمن على هويته، كونه من المسجلين بقوائم الزوار، استمر في قيادتها إلى البناية التي تقطنها ذكرى، ثم حرّر لها رسالة مقتضبة: (أنتظركِ أسفل البناية).. وجلس ينتظرها وهو يمرن نفسه على التعامل معها ببرود..
ماذا يريد منها؟
لقد أحيت والدته كل جروحه المختبئة أسفل قشرة رقيقة ببضع كلمات، معيدة إلى ذهنه تفاصيل كريهة كان قد تجاهلها تعاطفا مع ذكراه..
لا.. لم تعد ذكراه.. بل هي مجرد وهم..
طيف ملون براق ظل يتشبث به لسنوات طويلة، ومازال يعجز عن طردها عن مخيلته..
تأسره ابتسامتها، ويخطفه اعتزازها بنفسها، ويخلب لبه طموحها..
أميرته.. بل مليكته المستبدة التي لن تتنازل لترمم قلبه المكلوم..
تبا له.. هو بالفعل طفل كما يصفه الجميع..
إذا كان لا يستطيع أن يتصرف كالرجال ويطردها من قلبه، فهو بالفعل طفل يعشق دميته الملونة حتى بعد أن جرحته..
عند تلك الخاطرة، رفع آدم كفه إلى ذلك الجرح الذي يستقر بخده الأيسر عاكسا بوضوح تشوه روحه..
وقبل أن يغرق أكثر ببركة ذكرياته الموحلة، كانت تفاحته المحرمة التي أذاقته فاكهة الجِنان ليتجرعها كشراب من حميم قد غادرت البوابة، لتستعر النيران بجحيم قلبه مع كل خطوة لها..
كانت ترتدي الأسود.. فستانا فضفاضا بأكمام طويلة ومحددا عند الخصر بحزام من نفس القماش.. زمت خصلات شعرها البنية المائلة إلى الحمرة خلفها في ذيل حصان علوي وصلت أطرافه حتى كتفها.. لم تكن تضع نقطة زينة واحدة، لكن وجهها الذي فقد تورده، خطف أنفاسه.. ككل مرة كان يراها فيها مهما كانت حالتها النفسية أو الصحية..
نظراتها كما هي.. قوية متفرسة.. وكأنها زعيمة قد أصابت أرضها كارثة طبيعية، فتسعى بكل ما أوتيت من قوة أن تنقذ شعبها..
كم مرة أسقطتها الحياة بالضربة القاضية، فنهضت هي مجددا؟؟
الهزيمة كلمة لم تمر بقاموسها ولا تعرف معناها..
تتحرك ببهاء رغم هشاشتها كأنثى طاووس انتزعوا الريش الملون من ذيلها، ففضح تاجها مكانتها الملكية التي لا ينكرها إلا جاحد..
كم تهت يا آدم في سنين غرامها؟ وكم عذبتك بحرمانك من جنتها بعد أن تمرغت في نعيمها؟..
خرج من شروده عندما اقتربت من سيارته، وخلفها موكبها الخاص من مجموعة صديقاتها اللاتي اتشحن أيضا بالسواد، لتكتمل صورة الأميرة المكلومة..
ترجل من سيارته، وحث الخطى حتى وقف أمامها، ثم سألها بإلحاح ساعيا لطمأنة نبضات قلبه المضطربة: "هل أنتِ بخير؟"
أومأت برأسها، ثم وضعت نظارتها على وجهها، وتحركت صوب السيارة، فسبقها كي يفتح لها الباب، وبعد أن احتلت مقعدها وأغلق بابها، تحرك ليجلس أمام عجلة القيادة، لكنه قبل أن يشغّل المحرك، وجد نفسه يحرك كفه حتى غطّت يدها اليسرى، فرفعت هي عينيها إلى حيث تتعانق أصابعهما، لكنها لم تجد في نفسها في تلك اللحظات القوة الكافية لتنهره..
أما هو، فقد توّلي مهمة توبيخ نفسه نيابة عنها متسائلا بداخله..
(ماذا تفعل يا أحمق؟ ألم تقسم لأمك قبل قليل أنك لا تثق بها، ولن تثق بأية أنثى أخرى بسببها؟ هل سامحتها بالفعل وتنتظر فقط صك المغفرة من سموها؟)..
رفع كفه بتوتر، وبدأ تشغيل المحرك واضعا ناظريه على الطريق لتتبعه الفتيات بسيارتين..
وهي.. وضعت كفها على الجانب الأيسر من صدرها، وأخذت تربت على قلبها ببطء، وبداخلها تهمس لنفسها..
(لا تضعف يا قلب.. لقد جمعت شظاياك المحطمة.. وأخذت دهرا كي ألصقها معا لتعود وتنبض من جديد.. فقدتُ قطعتين في رحلة الترميم كانتا قد سقطتا مني بعد أن سحقهما ذلك القاسي تحت قدميه.. لقد تعودتُ على فقدهما، وصرتَ تنبض بصورة شبه طبيعية.. لكن ليس بعد أن انتُزعت من جوهرك قطعة أساسية لا يمكن استبدالها أو المُضي قدما بدونها.. لا أعرف أين ستحط بي الريح.. وبكل صراحة لا أهتم.. لقد ماتت أمي.. ما الأسوأ الذي قد يحدث؟)..
كان آدم مدركا تماما لما تعانيه ذكرى، لكن عناده تأجج بعد حديثه مع أمه وتلاعب تفاصيل الماضي بعقله رغم حرصه على دفنها أملا في المضي قدما من حيث توقفا.. فاستمر في القيادة بتماسك يُحسد عليه..
وحين وصلوا إلى مدافن عائلة عزازي، كانت ذكرى على موعدٍ مع انهيار جديد، حيث تأجج الألم مجددا سائلا مستعرا بداخلها وكأنه لم يهدأ لحظة واحدة..
طفقت أجفانها تذرف الدموع بسخاء، وكأن والدتها قد دُفنت لتوها، ولم يمر أربعون نهارا على وداعها الأخير..
كانت جالسة بين شادن وأمواج.. تطالع شاشة هاتفها، وتقرأ أدعية المتوفي من أحد التطبيقات الإلكترونية بشرود وانعزال عن المحيط، بينما ينطلق صوت المقرئ بتلاوة بعض الآيات من الذكر الحكيم..
ومن الجهة الأخرى، تجلس مرح وشذى وزهو يستمعن إلى القرآن الكريم ويدعين بالرحمة والمغفرة لمن فقدن من الأهل والأصدقاء..
مرت بضع ساعات إلى أن أوشك الليل على إسدال ستائره على المحيط، فحثها آدم على المغادرة، وطاوعته هي بلا مجادلة..
كانت تريد الانضمام لشادن وزهو في سيارتهما، لكنه أصر عليها لكي تنضم إليه، قائلا: "نحتاح للحديث يا ذكرى"..
بعد قليل، انفصل بمساره عن السيارتين اللتين تتبعانه، وتحرك صوب أحد المقاهي القريبة من التجمع السكني..
جلست ذكرى أمام آدم على طاولة بعيدة ببقعة هادئة من المقهى.. ظلت تناظره بعيون خاوية غادرتها البهجة واستحكم محلها الجوى..
تنهد آدم، ثم أمسك بمنديل ورقي مسح به باطن يديه ووضعه في المرمدة، ثم رفع أنظاره إليها، وقال بنبرة خرجت حسيرة رغما عنه: "طوال الطريق وأنا أقنع نفسي أنه لا سبيل لنا للعودة.. لأكثر من عام ونصف وأنا أمرن نفسي على التسليم بذلك الأمر.. لكنني كلما نظرت لعينيك ولمحت تلك الهشاشة المستترة، لا أملك سوى أن أطلب منك أن تعودي"..
ارتسمت على ذكرى أمارات الامتعاض وهمّت بالحديث، لكنه قاطعها قائلا: "لا تعارضي يا ذكرى.. لستُ مطمئنا عليك بمفردك.. ولا صفة لي حاليا تمنحني حق العناية بك دون أن أتزوجك من جديد"..
فغرت ذكرى فمها دهشة، وظلت تناظره بصمت، لكنها في النهاية قالت بنبرة خائبة: "لا أتزوج شفقة"..
أخرج آدم لفافة تبغ من حاوية اللفافات بجيبه، ثم أشعلها بعصبية وسحب بعض الأنفاس، قبل أن يتابع: "لقد خرج الكلام مني بطريقة خاطئة.. لأحاول مجددا"، ثم تنحنح وقال بصوته الدافئ المنغم طبيعيا وكأنه طير مغرد: "عودي لي يا ذكرى"..
سألته بحنق: "أتأمرني مجددا؟"
سحب آدم نفسا طويلا من سيجارته، ثم أطفأها بالمرمدة، وقال: "من الذي فرض علينا الفراق؟ لماذا علينا أن نخلص لذلك القرار من الأساس؟.. لم نقسم على الوفاء له.. بل خيانته فرض.. الفراق لا يستحق الانتصار على الحياة.. وأنت من تسمحين له بالسيطرة"..
ردت ذكرى تحاجيه بألم: "ربما الفراق هو سبيلنا للسلام"..
مط آدم شفتيه باحباط، لكنه رد بنبرة متحفزة: "ماذا عن المجروحين؟ من يواسي من كسرتهم الحياة؟ من يبرد نار قلوبهم؟ من يرمم ندوب أرواحهم؟..
رفعت ذكرى حاجبيها باستهجان، ثم تابعت بنبرة باردة: "أنت لا تستطيع أن تواسيني بعد أن كسرتني يا دكتور آدم"..
اشتعل آدم غضبا وفقد كل تماسك كان يحرص على التحلي به..
بالنهاية، هو أجبر نفسه على تناسي كل ما حدث في الماضي وبدء صفحة جديدة معها، لكنها على ما يبدو لا تقدّر تسامحه مع المهزلة التي أحدثتها يوم طلاقهما، فهتف بنزق: " بل أنتِ من كسرتني.. كنتِ دائما تمازحينني بأنني طفل كبير يا ذكرى.. وبالنهاية أنتِ من صغرتِني وجرحتِ رجولتي"..
جحظت عينا ذكرى، فتوحشت ملامحه وناظرها باتهام صريح، ثم هتف بسؤال كان قد ألقاه على مسامعها قبل عامين تقريبا: "أين قضيتِ الليلة الأخيرة من زواجنا يا ذكرى؟ لم تبيتي لدى آمال.. أين كنتِ؟؟"
أمسكت ذكرى حقيبة يدها، ووضعتها على كتفها، ثم نهضت باندفاع، وهتفت بحرقة: "اسأل أمك"..


يتبــــــــــــــــــــع


مروة سالم غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 20-06-22, 07:56 PM   #406

مروة سالم

كاتبة في قسم قصص من وحي الاعضاء

 
الصورة الرمزية مروة سالم

? العضوٌ??? » 482666
?  التسِجيلٌ » Dec 2020
? مشَارَ?اتْي » 1,756
?  مُ?إني » مصر
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » مروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   ice-lemon
?? ??? ~
Why so serious?
:sss4: وانطوت صفحة الهوى - القصاصة الرابعة عشرة: القسم الرابع

نهضت من نومها بحماس، فاليوم يشهد بداية جديدة لها وتأمل أن تعيد من خلاله الاستقرار لحياتها التي تخلو من أي اتزان حاليا..
منذ عادت من دبي، وهي تتخبط مترددة، تخشى الخطوة المقبلة..
ليست مثل شقيقتها شذى التي تعشق الإقدام ولا تهاب المخاطر، بل لا تأبه إذا انتهت مغامرتها بالفشل.. أما مرح، فهي على النقيض تماما.. تحسب حساب كل خطوة عشرات المرات.. لا تحب المجهول ولا الانتظار ولا الفشل..
لكنها، وقد حسمت أمرها بالفعل، قررت أن تمضي قدما في ذلك الطريق، عسى أن تكون نهايته النجاح..
حين انتهت من حمامها وأدت صلاتها، اختارت ارتداء الزي الذي حضّرته منذ مساء الأمس.. قميصا منقوشا بمربعات سيمترية تتداخل ألوانها بين الأصفر والعسلي والفيروزي، مع تنورة واسعة كلاسيكية الطراز باللون الكموني، بالإضافة إلى حزام للخصر بنفس اللون، وحجاب بلون بني زاهي، وحقيبة جلدية وحذاء برقبة عالية باللون البني الداكن..
وضعت مرح بعض لمسات الزينة الخفيفة بدرجات الخوخي الفاتح التي أعطت لبشرتها حيوية وتوهجها، وحددت عينيها بالكحل العربي وكثّفت رموشها بطبقة من الماسكرا، ثم التقطت لنفسها صورة أمام المرآة تظهر إطلالتها بالكامل، ثم نشرتها عبر حسابها على "انستجرام"، مرفقة بتعليق كتبت فيه بالإنجليزية..
“Dad’s Shirt, Mom’s Skirt, Shaza’s Shoes & Burse.. and My Hijab.. Perfect Outfit.. Today is the day.. Stay Tuned”
"قميص أبي.. وتنورة أمي.. وحذاء وحقيبة شذى.. والحجاب لي.. إطلالة مكتملة.. اليوم هو اليوم المنشود.. ابقوا مستعدين"
وفور أن ظهر المنشور على حسابها، وصلتها أول علامة إعجاب، ولم يكن المعجب سوى بوران أوزديمير الذي على ما يبدو لا يغادر حسابها بحثا عن أي تحديث من جانبها.. تنهدت وأغلقت شاشتها قبل أن تنهال عليها مئات الإعجابات..
بعد نحو ساعة، وصلت مرح إلى مركز علاج الأسنان الشهير في حي مدينة نصر، فوجدت الدكتور أيمن عزازي بانتظارها بصحبة محاميه الخاص، بينما وصل بعدها المحامي الخاص بها.. أنهت توقيع عقد الشراكة الذي ينص على امتلاكها وشقيقتها ما يعادل سبعين بالمائة من قيمة المركز، بما يمنحها حق الإدارة المستقل عن الفروع الأخرى مع احتفاظه بعلامته التجارية..
وبعد احتفال قصير وتبادل الشركاء للتهاني، تحركت مرح صوب مكتبها ووضعت معطفها الأبيض استعدادا لبدء العمل، والتقطت صورة أخرى ونشرتها تعلن لمتابعيها أنها أخيرا قد عاودت العمل، ليأتيها اتصالا جماعيا من صديقاتها وشقيقتها لتهنئتها والإلحاح في ضرورة الخروج للاحتفال، فوافقت مرح فورا، خاصة وأن ذكرى ستستفيد كثيرا من التنزه بعيدا عن حياتها التي أصبحت لا تتضمن حاليا سوى العمل.. حتى دروس اليوجا قد هجرتها..
بعد قليل، جاءتها رسالة قصيرة من صديقها تامر جميل، يخبرها أنه يدعوها وصديقاتها للاحتفال بداخل المطعم الذي يتولى الإشراف على مطبخه، مؤكدا أنه سيحجز لهن القاعة الصغرى المطلة على نهر النيل..
في المساء، وصلت مرح إلى المطعم، لتجد شذى وصديقاتها مجتمعات على طاولتين تم ضمهمها معا لتشكيل طاولة أكبر كي تتسع لهن، ثم وصل تامر جميل مرتديا معطف وقبعة الشيف، ويحمل بين كفيه تورتة مزينة بكلمات التهاني، فوضعها على الطاولة، ليبدأ هتاف الفتيات في مرح، بينما أخذ تامر يجول بناظريه عليهن إلى أن استقرت عيناه على تلك التي يزيد النظر إليها سرعة ضربات قلبه لدرجة جنونية، فتصيبه بدغدغة لذيذة بكل أوردته..
قبض تامر أصابع يديه يسيطر على تلك المشاعر المفاجئة، ثم تحرك صوب مرح فصافحها بودٍ مقدما لها التهنئة من جديد، قبل أن يعتذر عن مجالستها نظرا لانشغاله بالعمل..
حين انطلق متحركا صوب مطبخه لكي يكمل إعداد الأصناف التي طلبها رواد المطعم، استوقفته أمواج قائلة: "ألستَ أنت الشيف الذي أهديتنا تورتة في المرة السابقة حين جئنا للاحتفال بحصول ذكرى على الدكتوراه"، وأشارت لصديقتها المتشحة بالسواد، في محاولة منها لإنعاش ذاكرته..
استدار تامر نحوهن، وتنحنح بحرج، وقد اكتسى وجهه الأحمر أساسا بحمرة إضافية، لكنه قال بنبرة محايدة: "لا أتذكر تحديدا.. ولكن إن كان هذا الاحتفال قد تم في هذا المطعم قبل ما لا يزيد عن ستة أشهر.. فأظنني هو.. لقد بدأت العمل هنا في شهر يوليو الماضي"..
أومأت أمواج وقالت بإدراك: "أجل.. أجل.. كان أنت.. شكرا لك.. كانت التورتة رائعة.. ما رأيك أن تلتقط معنا صورة؟ ربما تكون دعاية جيدة للمكان.. تعلم أن ذكرى لديها متابعة ضخمة.. ومرح وأنا.. نجاريها قليلا"..
استجاب تامر لطلبها، ووقف بينهن حاملا التورتة، ليلتقط أحد العاملين بعض اللقطات، ثم تمتم ببعض كلمات الشكر، ثم غادر مسرعا صوب مطبخه لأنه لو أطال الوقوف، لربما فضحته عيناه واستقرت على من أسرت اهتمامه دون أي مجهود من جانبها..


يتبــــــــــــــــــــــ ـع


مروة سالم غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 20-06-22, 07:58 PM   #407

مروة سالم

كاتبة في قسم قصص من وحي الاعضاء

 
الصورة الرمزية مروة سالم

? العضوٌ??? » 482666
?  التسِجيلٌ » Dec 2020
? مشَارَ?اتْي » 1,756
?  مُ?إني » مصر
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » مروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   ice-lemon
?? ??? ~
Why so serious?
Rewitysmile17 وانطوت صفحة الهوى - القصاصة الرابعة عشرة: القسم الخامس

في غرفته بشقة والدته، كان آدم يجوب المساحة الضيقة قاطعا بضع خطوات جيئة وذهابا عدة مرات، وهو يمسك بهاتفه يطالع الصور التي تنشرها مرح مع ذكرى وباقي صديقاتهم من داخل ذلك المطعم..
لم تظهر علامات السعادة تماما على وجه ذكرى، لكنه كان يشعر بالغيرة والغضب لأنها قد وجدت السلوى في صديقاتها بدلا منه، خاصة في وجود ذلك الدب أحمر الرأس..
كلما أدار عينيه عنها، وجد حولها رجلا مختلفا، وكأنها تجذبهم بقوة مغناطيسية غريبة..
وبّخ آدم نفسه على تفكيره السطحي، لكنه لم يستطع التخلص من غيرته بسبب استنادها على صاحباتها بدلا منه.. هو لا يكره أنها قد وجدت السند في محنتها، لكنه يشعر أن هناك من يحتل المكانة التي تخصه، وهذا تحديدا ما يشعره بالضيق، خاصة مع ظهور ذلك الشاب الذي يرتدي زي الشيف معهم.. والذي رغم اتساع معطفه وقبعته الضخمة، إلا أن وسامته كانت واضحة تماما للعين، بشعره الأحمر الذي يظهر أيضا من لحيته وحاجبيه، وعينيه الملونتين، وقامته الطويلة وبنيته العضلية..
الشاب يبدو أنه يحمل جنسية أوروبية أو على الأقل من أصول أوروبية، لأن طريقة وقوفه إلى جوارهن وتصرفه بعفوية في تلك الصور المتتابعة، تظهر أنه يعرف الفتيات عن قرب وعلاقته بهن ليست سطحية..
تُرى.. إلى أي مدى تصل علاقته بذكرى؟
خرج آدم من غرفته حانقا متوجها نحو المطبخ كي يهم بإعداد ركوة من القهوة ليشغل نفسه عن التفكير بها لبضع دقائق، لكنه قرر بعد قليل أن يطفئ النار تحتها قبل أن تنضج تماما، وذلك حينما التمعت بذهنه ومضة كان قد نسيها تماما.. لقد تذكّر لتوه ما قاله له سفيان قبل أسابيع، حين أخبره عن اختلافه مع ذكرى ليلة طلاقهما بسبب إخفائها بعض الأمور عنه..
وقتها أخبره سفيان، أنه إذا كانت ذكرى ترفض الإفصاح لكي تمنحه السكينة التي يطلبها فؤاده، فربما هناك شخص ثالث بإمكانه مساعدته ليصل للحقيقة، وبالأمس أخبرته ذكرى صراحة أن يسأله أمه..
تحرك عازما صوب والدته التي كانت تجلس بغرفة المعيشة تتابع أحد البرامج الحوارية عبر قناة النيل الثقافية..
وقف آدم أمامها، وقال بنزق: "أريد أن أسألك شيئا يا أمي"..
أغلقت أمه التلفاز بجهاز التحكم، ثم أشارت له ليسأل، فقال: "ماما.. ماذا عن تلك الليلة التي تسبق طلاقي؟ هل تعلمين أين أمضت ذكرى ليلتها؟"..
راقب آدم ملامح أمه التي ظلت جامدة برغم الارتباك الذي استقر بمقلتيها، ليتابع بفضول: " لقد سألتها وطلبت مني أن أسألك؟ هل تخبئين عني شيئا؟"
ارتعشت شفتا الدكتورة رقية، لكنها حين تحدثت كانت نبرتها قوية غير مترددة، حيث قالت: "لقد باتت تلك الليلة بالمستشفى"..
تحرك آدم باندفاع خطوتين، ثم رفع كفيه يفرك خصلات شعره الأمامية، وبعدها خلع نظارته الطبية ورماها بإهمال على سطح المنضدة ثم ضغط جانبي أنفه بإبهامه وسبابته ليطرد بعضا من الصداع الذي بدأ يضرب رأسه، قبل أن يهتف: "لم تكن لديها مناوبة في تلك الليلة يا أمي.. لقد سألت إدارة المستشفى وقتها.. لم تكن هناك أبدا.. هل تحاولين حمايتها من شيء؟"..
قالت أمه ببعض التردد: "لا أقصد المستشفى التي تعمل بها.. بل مستشفى خاص للتوليد.. كانت تخضع لعملية إجهاض"..
هتف آدم بجنون: "إجهاض؟ إجهاض؟ أكانت حامل؟"..
فتح آدم فمه وأغلقه، ثم فتحه مجددا ليصرخ بجنون متخليا عن نبرته المنمقة المعهودة: "هل خططت سرا للتخلص من طفلي، ونفذت خطتها دون حتى أن تجعلني أعلم أنها كانت حامل؟ ألهذه الدرجة تكرهني؟"..


يتبــــــــــــــــــــــ ــع


مروة سالم غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 20-06-22, 08:00 PM   #408

مروة سالم

كاتبة في قسم قصص من وحي الاعضاء

 
الصورة الرمزية مروة سالم

? العضوٌ??? » 482666
?  التسِجيلٌ » Dec 2020
? مشَارَ?اتْي » 1,756
?  مُ?إني » مصر
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » مروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   ice-lemon
?? ??? ~
Why so serious?
New1 وانطوت صفحة الهوى - القصاصة الرابعة عشرة: القسم السادس

كان يسير بخطوات مترددة مرتعشة في غابة مظلمة.. أشجارها العالية تحجب الشمس، فيستغل الظلام الفرصة ويبسط نفوذه على الأرجاء.. ومع هطول الأمطار الغزيرة، كانت حركته تزداد صعوبة على الأرض الموحلة..
بدأ يسمع صوت مواء قطة صغيرة، فحاول الركض كي يلحق بها، لكن صوت ارتطام ماء المطر الغزير بالتربة كان يعوق قدرته على الاستماع بوضوح لمصدر استجدائها..
أخذ يجوب الأرجاء، ويتحرك في كل مكان بعشوائية وتوتر.. ومواء القطة يزداد ارتفاعا.. كان صوتها يبدو مذعورا..
تابع الركض حتى وصل لربوة متوسطة الارتفاع، فتسلقها بصعوبة لأنها سطحها زلق، ويصعد لقمتها، فيناظر الأفق..
هنا، عاد نور الشمس للهيمنة، فاكتشف القطة عالقة بين أغصان شجرة مكسورة، وأمامها يقف ذئب ضخم يقبض على ظهرها بأنيابه ويغرس مخالبه في ساقها..
أمسك غصنا كبيرا، وحاول إبعاد الذئب، لكن الذئب لم يتحرك من موقعه.. بل أخذ ينظر إليه بعينيه البنيتين ويكشر أنيابه وكأنه يبتسم له بتحدٍ..
ظلت القطة تموء وهي تناظره بترجٍ.. عيناها كانتا بذلك اللون الأزرق الذي يتماوج بدرجات متعددة..
تلكما العينان.. لا يمكن أن ينساهما أبدا..
اختلط مواء القطة بأنينها حينما رفع الذئب مخالبه الأمامية ثم غرسها بظهرها وساقها بكل قوته، قبل أن تغمض عينيها باستسلام، فهتف بذعر: "لاااااااااا... أموااااااااااااج"..
استيقظ بحر من نومه مذعورا.. كانت أنفاسه متسارعة وكأن قلبه على وشك الانفجار.. رفع كفيه ليفرك وجهه، فوجده غارقا في العرق..
نهض من فراشه، وتوجه إلى الحمام، وفتح المرش ووقف تحته – حريصا على ألا يصدم الماء أنفه - يغسل كل آثار الكابوس رافضا التوقف للتفكير فيه أو تفسير دلالاته..
لا.. هو لن يؤذي أمواج أبدا..
(لكنني قد أذيتها بالفعل)..
هز بحر رأسه بعناد، يمنع نفسه قسرا عن التفكير..
يعلم جيدا أن كوابيسه ليست سوى انعكاس لما يحبسه بداخله ويرفض مواجهته..
كانت الأعشاب المخدرة تساعده بعض الشيء على تغييب ذهنه، لكنه الآن بعد أن استقر في القاهرة إلى جانب طفليه وأمواجه، وحصل على عملٍ حساس في موقع المسئولية، لم يعد بإمكانه التصرف باستهتار وطيش ويجب أن يحافظ على ذهنه صافيا بلا تشوش على مدار الساعة..
كما أن عليه أن يكون صادقا.. لم تكن الأعشاب المخدرة تساعده كثيرا.. فالكوابيس كانت تزوره في كل الأحوال..
على الأقل حاليا، قد تخلى عن جمود مشاعره وانطفاء أحاسيسه ولا مبالاته تجاه الأقربين..
إن كان عليه أن يدرب نفسه على تحمل اللعنات التي تصبها الكوابيس على استقراره النفسي.. سيفعل
لف بحر منشفة حول خصره، ثم تحرك صوب خزانة ملابسه، وارتدى بعض الملابس الرياضية المريحة..
فاليوم عطلته من العمل، وسيحاول أن يقضيه كما يجب..
لن يجعل ذلك الكابوس يؤثر في سير يومه..
ليس الأول ولن يكون الأخير.. لقد تعوّد على الاستيقاظ مرارا خلال نومه بعد أن تداهمه الكوابيس وتعذب أفكاره بسادية، فتتركه بلا راحة..
كان مجهدا ويشعر أن هناك طوقا خفيا يقبع على نحره ويقبض عنقه بقبضة فولاذية لا تلين..
متى يتحرر من هذا القيد؟
نزل بحر ليمارس رياضة الركض بأحد الشوارع الجانبية الهادئة علّه يستعيد اتزانه..
قطع المسافة المحيطة بحديقة ميدان مستديرة مرات عجز عن حصرها، لكنه لم يكن في حالة مزاجية تسمح له بالذهاب للتريض داخل الجيم والتواجد وسط البشر..
فقد كان في مزاج انعزالي بامتياز، ويتمنى لو كان بإمكانه أن يتواجد حاليا في كهفه الأثير في قلب الجبل بالسويس..
بعد حوالي ساعة ونصف من الركض، أصبحت رئتاه على شفا الاحتراق فتوقف عن الركض، وعاد مهرولا لبيته، ثم أعد لنفسه كوبا من شاي المريمية وشطيرة من الجبن، بعدها أخذ حماما سريعا وارتدى ملابس للخروج..
سينفذ ما قرره ولن يغير خطته بسبب كابوس سخيف..
تحرك صوب دراجته النارية، وقادها صوب أحد المراكز التجارية القريبة من موقع الشقة التي يقيم بها..
أخذ يجوب المتاجر بكل طابق، حيث كان قد قرر أن يشتري بعض الهدايا لأمواج والطفلين بمناسبة المكافأة التي قررها له سفيان بعد أن نجح في إبرام اتفاق مع مجموعة استثمارية معروفة لتولي شئون الحراسة الخاصة بمقراتها..
في البداية دلف لواحد من متاجر الألعاب لكي يشتري لكيان مجموعة من القصص وكتب التلوين بالإضافة لألعاب البازل وأحضر لكنان قبعة وقفازات ووشاح من التريكو المشغول يدويا، بالإضافة لمصباح مضيء متعدد الألوان يصدر موسيقى هادئة تساعد الطفل على الاسترخاء والنوم..
أخذ يجوب المتاجر المحيطة باحثا عما يلفت نظره، إلى أن عثر عليه..
متجر هدايا ضخم يحتل زاويتين من الطابق..
تحرك بحر بخطوات مترددة صوب المتجر المخصص لعشاق القطط.. إذ كانت نوافذه الزجاجية تعرض عشرات المنتجات المستوحاة من عالم القطط، بداية من الاكسسوارات وأدوات المائدة وحتى المنسوجات والملابس والدُمى القطنية..
صوت بداخله كان يحذره، لكنه أبى أن يستمع إليه..
كان عليه أن يتأكد أنه بالفعل يتحسن، فهو لم يتعرض لأية نوبة جديدة منذ ذلك اليوم داخل حوض الاستحمام، برغم استمرار كوابيسه في زيارته كل ليلة دون تكاسل..
وكان يعلم أنه يخاطر بما يمتلك من إتزان هش بدخوله للمتجر، لكنه اعتبر الأمر تحديا شخصيا له، وقد زهد في رغبته في التجاهل والاستسلام..
بحر ببساطة قرر ألا يحيا ميتا.. إذا كان عليه أن يتعذب قليلا حتى يعيش مجددا، فإنه سيفعل..لذا، فقد أصر في تلك اللحظات على الخروج لمقاومة شعوره بالهزيمة والسجن داخل عقله..
غير أن شجاعته اللحظية كانت مقامرة غير محسوبة العواقب.. وبدا ذلك جليا، حين دخل بقدميه إلى حقل ألغام قابل للانفجار في أية لحظة..
دلف بحر إلى الداخل حاملا أكياس الهدايا التي جلبها لطفليه، وأخذ يتحرك بين الأرفف المتراصة، متجاهلا صف الدُمى القطنية بعد أن لمح دمية مجسمة لقطٍ بري بلون ذهبي براق وذيل طويل مع أذنين مستدقتين..
عنّاق الأرض..
قشعريرة سرت بجسمه، تجاهلها وتحرك صوب الطاولة التي تتضمن مجموعة من المنسوجات، وانتقى مفرشا مجسما على شكل قطيطة من عالم الرسوم المتحركة، ثم اختار قرطين من الفضة على شكل قطة لها عينان زرقاوان وتتمطى بتكاسل..
تحرك صوب طاولة الدفع، وكاد أن يربت على كتفه مهنئا نفسه بتماسكه ومروره من هذا الاختبار، قبل أن يأتيه صوتا غليظا من بقعة سوداء من عمق الذاكرة يهتف به:
(You’re such a coward.. Are you afraid of my little caracel? (
(يا لك من جبان.. هل تخشى قط عنّاق الأرض الصغير خاصتي؟)
استدار بحر بعنف، ورفع عينيه بتحدٍ صوب دمية القط البري القطنية المصممة بالحجم الطبيعي ويحيطها فراء رملية اللون، لتجعلها أشبه بنسخة حقيقية لذلك الحيوان المفترس..
ظل بحر يناظر الدمية بعناد، وبداخله يردد..
(لستُ خائفا.. ممَ أخاف.. هذا مجرد قط صغير.. قط يشبه قطيطات أمواج)..
عاد الصوت الرجولي الحاد يهتف بعقله..
(You’re a craven man.. I can’t see how you call yourself a fighter!! (
(أنت رجل جبان.. لا أدري كيف تعتبر نفسك مقاتلا؟)..
بين لحظة وأخرى، صار بحر عاجزا على التفريق بين الواقع والوهم، حيث وجد نفسه فجأة بتلك الحجيرة المعتمة إلا من نافذة علوية صغيرة للغاية تسمح لضوء الشمس بالكاد من المرور للغرفة..
كان ذراعاه مقيدين خلفه، وكل ساق من ساقيه مقيدة إلى أحد جوانب المقعد الخشبي الذي كان يجلس عليه..
وأمامه (يارو أتيبا) زعيم جماعة المتمردين الذي كان يحرص على زيارته في محبسه مرة يوميا..
ويترك العشوائية تتسيد...
كان بحر يحاول الفكاك من قيوده، رغم كونها معدنية قاسية لا يمكن تحطيمها بسهولة، بينما يستمر (يارو) في استفزازه بكلماته..
لم تكن لقاءات بحر مع يارو هي الأصعب في خطة تعذيبه، فذلك الرجل الذي كان من قبل زعيما سياسيا معروفا في بلاده، لم يحب تلطيخ كفيه بشكل مباشر.. فكان يترك مهمة تعذيب بحر لآخرين، بينما كان يقود هو حربا نفسية ضد الأسير الذي نجح مع زملائه في إيقاف مخططه للانقلاب على السلطة الشرعية الحاكمة في بلاده..
أخذ بحر يلهث بتعب، منغمسا ومستغرقا بشدة في رحلته بالذاكرة، إلى الحد الذي شعر فيه أنه يستنشق رائحة تبغ عدوه المميزة، إيذانا بقدومه..
فتح (يارو أتيبا) باب الحجيرة، ليجد بحر أمامه نمرا صغيرا ذهبي اللون، فتراجع في مقعده منكمشا حين وجد النمر يقترب منه واثبا بعدائية واضحة، وكأنه سينهش لحمه حيا بمخالبه وأنيابه..
ضحك (يارو أتيبا) بسادية، وقال:
"You’re not afraid of my little caracel, are you? It’s just a cat.. A wild domesticated cat. You know, real men don’t pet small kittens.. They Tame wild beasts "
(أنت لست خائفا من قط عنّاق الأرض الصغير خاصتي.. صحيح؟ إنه مجرد قط.. قط بري مروّض.. تعلم أن الرجال الحقيقيين لا يربون قطيطات صغيرة كحيوانات أليفة.. بل يروضون وحوشا مفترسة)..
حين اختلط الواقع بالوهم في عقل بحر الذي كان عالقا داخل تلك الذاكرة، لم يشعر بنفسه سوى وهو يرمي أكياس الهدايا ويتحرك مندفعا صوب صف الدمى القطنية، ويمسك القط البري ويطرحه أرضا، ثم يخلع حزامه بعنف، ويبدأ في تكبيله، وبعدها استدار بعشوائية وأخذ يحطم محتويات المتجر دون وعي، حتى أمسك ببعض المنحوتات الكريستالية وأخذ يقذفها صوب أرفف وألواح العرض الزجاجية ليتلف المعروضات تماما..
ظل بحر يلهث باختناق وهو يكمل مهمة تحطيم محتويات المطعم ممسكا بتمثال مجسم من الفضة على شكل قط بورمي ممثلا للحضارة المصرية القديمة.. أخذ يهشم الأرفف مستحضرا في ذهنه صورة محددة.. إذ كان يرى بعين عقله أنه ينهال ضربا على آسره (يارو أتيبا)..
كان عقله مأسورا بالكامل فيما يراه بعين خياله، لدرجة أنه لم يشعر باقتراب رجليّ الأمن اللذين استدعاهما صاحب المتجر من أجل السيطرة على ذلك المجنون الذي أتلف المتجر..


يتبــــــــــــــــــــع


مروة سالم غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 20-06-22, 08:03 PM   #409

مروة سالم

كاتبة في قسم قصص من وحي الاعضاء

 
الصورة الرمزية مروة سالم

? العضوٌ??? » 482666
?  التسِجيلٌ » Dec 2020
? مشَارَ?اتْي » 1,756
?  مُ?إني » مصر
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » مروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   ice-lemon
?? ??? ~
Why so serious?
:jded: وانطوت صفحة الهوى - القصاصة الرابعة عشرة: القسم السابع

وفي مركز تجاري ضخم داخل التجمع السكني، تحرك حاملا صغيرته ملك على كتفيه لتستند بكفيها المنمنمين على رأسه، بينما يمسك يد مالك بيده اليسرى السليمة..
كان سفيان يتجول بصحبة توأمه، ويطالع ثلاثتهم باهتمام نوافذ العرض الزجاجية، حيث أصر الصغيران على مرافقة والدهما للمركز التجاري لكي يشتري لكلٍ منهما لعبة جديدة يختارها لنفسه بعد أن وقعت شركته عقدا كبيرا لصالح مجموعة كبيرة تحتاج لعدد ضخم من أفراد الأمن في مختلف مقراتها..
مناسبة تستحق الاحتفال بالطبع، ولذا حين اقترب مع طفلاه من متجر الألعاب، ترك مالك يده وتحرك منبهرا للداخل، بينما حثته ملك على الإسراع بتتبعه، كونه يحملها على كتفيه..
في الداخل، اختار مالك لعبة عسكرية، كانت عبارة عن صندوق ضخم يتضمن مروحية ومصفحة ودبابة وبعض المتاريس المصغرة، بالإضافة لأسلحة بأحجام صغيرة، حيث هتف بسعادة: "سنلعب معا لعبة القتال يا أبي وتعلمني أن أكون بطلا مثلك"..
ابتسم له سفيان بتردد، ثم أنزل ملك عن كتفيه لكي تختار هديتها بنفسها..
تحركت ملك بين أرفف العرض حتى توقفت أمام نموذج مصغر لآلة درامز يقبع بأحد الأركان، فاقتربت منه ولامسته بإعجاب، ثم أشارت إليه وقالت: "أريده"..
رد سفيان معترضا بنبرة حازمة: "لا.. لا أريد صخبا في المنزل.. يكفي عمك إيلي وصخبه.. لا نريد عازفين جدد في العائلة.. لماذا لا تحبي الرسم مثل دندونة؟ ألا ترين كم ترسم شخصيات رائعة؟"..
قالت ملك باعتراض: "لا.. أريد هذا.. سأكون مثل إيلي تماما"..
قبل أن يرد عليها سفيان ويحاول إثناءها عن اختيارها، فوجئ بمن يضع كفه على كتفه ويربت عليه بتحية رجولية عفوية، قبل أن يأتيه صوت صاحبه يقول: "مرحبا (حاتي- عا).. مر وقت طويل منذ تقابلنا آخر مرة"..
استدار سفيان وقد توقع صاحب الصوت، خاصة بعد أن ناداه بلقبه الذي اشتهر به في محيطه العسكري..
وبالفعل، حين التفت إليه وجده زميله المقدم سامر توفيق الذي كان قد قاتل إلى جانبه في إحدى البقاع الحدودية قبل سنوات، فقال مرحّبا به بحفاوة ليناديه بلقبه باللغة النوبية: "مرحبا (أديل ما)"..
ابتسم سامر وقال بعفوية: "لم أعد رجلا لطيفا.. الآن صرتُ قائدا حازما يخشاني الجميع.. وأنا على وشك الترقية لمقدم قريبا"..
ابتسم سفيان مجاملا وتمتم بكلمات التهنئة، فتحركت عينا زميله نحو ذراعه التعويضية، قبل أن يسأله بفضول: "وأنت يا صديقي.. ماذا تفعل الآن؟"
اقترب مالك من والده يقف أمامه يطالع ذلك الرجل، بينما أمسكت ملك يد والدها، فمنحهما سفيان ابتسامة عفوية، ثم رفع عينيه لزميله وقال: "لقد أسست شركة حراسات أمنية.. لكنها في بداية العمل ولم تثبت نفسها بعد في المجال"..
رد زميله بصدق: "أثق أنك ستحقق كل ما تخطط له.. أنت المقدم سفيان عاصم مرتجي.. وفخامة الاسم تكفي"..
همس سفيان لنفسه ساخرا دون أن ينبس بكلمة..
(لقد ولّت الفخامة بلا رجعة.. وحل محلها الفاجعة)..
لم ينتبه سامر لتغير مزاج سفيان، لكنه سارع بتحيته وغادر ليكمل جولته التسويقية، بينما سارع سفيان ليدفع ثمن اللعبتين، ويتحرك حاملا صندوق الدرامز، ويحمل ملك من جديد على كتفيه، بينما أمسك مالك هديته بيد يجرها خلفه بعناد، وعانقت راحته الأخرى يد والده الفارغة..
كان سفيان وولداه في سبيلهما للمغادرة بعد أن أتما المهمة بنجاح، لكنه فوجئ بصياح يتردد من جهة قريبة لأصوت استطاع تمييزها، وكأنه قد سمع أصحابها من قبل..
حين التفت سفيان، وجد شادن واقفة بأحد الأركان، تتلقى على الأرجح توبيخا من طليقها..
لم يمنح نفسه الفرصة للتوقف قليلا والتفكير بكيفية التصرف بحذر.. بل اقترب منهما ومعه الطفلان بخطوات عازمة شبه مندفعة، وذلك حين التقطت مسامعه هتاف وليد بفحيح مقزز: "لا أفهم لماذا تلعبين تلك اللعبة يا شادن! طلبت منك عشرات المرات العودة إلى عصمتي لتعيشي معي معززة مكرمة وأنتِ من تتمنعين.. أخبريني ماذا تشترطين؟ هل تريدين مهرا جديدا أم ماذا؟ بالله عليكِ مَن غيري سيقبلك بظروفكِ تلك؟"
الغرور عندما يختلط بالحماقة يصبح مزيجا كريها..
هكذا حادثت شادن نفسها وهي تنظر لوليد من أعلى لأسفل... تمنع نفسها بالكاد عن لكمه بمنتصف وجهه لمحو تلك الابتسامة السخيفة عن شفتيه..
عقدت ذراعيها أمامها، ثم سألته ساخرة والضيق يغيّم على ملامحها: "كيف أريد عودتك وأنا من حاربت من أجل الحصول على الطلاق منك؟ هل زوجتك تعرف بما تفعله؟"..
رد وليد بعدم اكتراث: "حين وافقت هي على الزواج مني كانت تعرف أنها ستكون زوجة ثانية وأنكِ ستبقين بعصمتي.. لا أفهم ما الذي قد يغضبها إذا عدتِ إليّ الآن؟"..
قبل أن ترد شادن، كانت ملك قد ركضت إليها واحتضنت ساقيها، وهي تنادي باسمها، بينما هرع مالك للوقوف إلى جوارها والإمساك بيدها، مستشعرا بعض التوتر في الأجواء..
التفت وليد للجانب، ليجد سفيان يقطع الخطوات القليلة الفاصلة بينه وبينهما بسرعة ليقف أمامهما بينما يثبّت نظراته على شادن التي أطرقت عينيها بحرج، كونه قد استمع على الأرجح لكلمات وليد المستفزة..
وقبل أن يأتي أيهما بأي رد فعل، كان وليد قد استعاد زمام الكلام ليعلق بنبرة هازئة وقد مط شفتيه بتعالٍ بعد أن رمق سفيان بنظرة مقيّمة يشوبها الغطرسة، محركا مقلتيه من أسفل لأعلى: "الآن أرى سبب امتعاضكِ ورفضكِ.. لقد وجدتِ من يقبل ظروفك.. أنت بالفعل تستحقين نصف رجل"..
فغرت شادن فمها صدمة، بينما اتسعت عيناها لا تصدق ما تفوه به وليد للتو، لكن الآن لم يكن منتبها للشرر المتطاير من عين سفيان، حين تابع بنفس النبرة السامة: "وأنت لا تختلفين عنه كثيرا.. أنت امرأة باردة لا تعرف الشغف.. لا أفهم سببا لحرصي على عودتك لعصمتي سوى رغبتي في سترك بدلا من أن تتعرضي للأقاويل كونك مطلقة"
لكمة قاسية من يد سفيان اليسرى استقرت بمنتصف وجه وليد، ليغمض عينيه لثوانٍ بعد أن ومض ضوء أبيض حوله..
هز وليد رأسه ببطء، ثم فتح عينيه، ليجد سفيان يحرك كفه المعدنية ويمسك بياقته بقبضته كمخالب وحش مفترس، قبل أن يهم بتسديد لكمة أخرى، أوقفها في منتصف الطريق، حين صرخت شادن: "لاااااا"..
التفت سفيان ليجد شادن، قد دارت بجسدها كي تبعد الطفلين عن مرأى ما يحدث، فأنزل كفه، وأطلق سبة بذيئة همسا كيلا تصل لمسامعهما..
قال سفيان بنبرة صارمة لا تسمح بالاعتراض: "خذي الطفلين إلى صالة الألعاب.. وسأنتهي من رمي القمامة بالسلة وأعود إليكم"..
وقفت شادن بتحدٍ، رافضة التحرك، لكنه أشار بعينيه للطفلين يحثها على المغادرة، مؤكدا بنظراته أنه سيضرب وليد الآن وفورا، سواء كان الطفلين هنا أم لا..
فأمسكت كل واحد منهم بكف، وتحركوا جميعا صوب صالة الألعاب في الطابق السفلي، تاركين خلفهم صندوقيّ اللعب..
حينما تأكد سفيان أنهم قد غادروا المحيط وتوجهوا صوب الممر الآخر لركوب المصعد، عاد إلى فريسته كوحش يتضور للافتراس..
لقد كان ينتظر تلك اللحظة لأسابيع.. كان يعلم أن وليد هذا من النوع الذي لا ينفع معه الكلام بتهذيب، ولن يتراجع إلا بعد أن يهشم أحدهم كبرياءه لشظايا..
وهو أكثر من مؤهل لأداء تلك المهمة.. سيهشم كبرياءه، وربما بعضا من أسنانه الأمامية أيضا..
كان لا يزال يمسك ياقته بقبضته المعدنية، فأخذ يربت على وجهه بتهديد بيده اليسرى، وهو يسأله بنبرة تغطيها الثلوج: "أخبرني مجددا ماذا كنت تخبرها؟"، مرسلا رعدة عنيفة لأوصال وليد الذي بدأ يستشعر الخطر نتيجة تلفظه بالحماقات في حق طليقته..
غير أن وليد على الأرجح لم يعرف بعد متى يتوقف، فرغم كونه الطرف الأضعف في تلك المواجهة من الناحية البدنية، إلا أنه عاود إطلاق الترهات من بين شفتيه، حيث قال: "كنت أقول إنها قد قبلت بنصف رجل لأنها ليست امرأة كاملة.. وهذا هو أقصى ما تستحقه.. هل كذبت؟"..
سأله سفيان باستخفاف: "إذًا لماذا تطاردها حتى بعد أن فرّت من بين يديك؟"
رد وليد بتعنت: "كنت أفعل خيرا"..
اقترب سفيان منه وهمس بأذنه: "يا لك من فاعل للخير أيها الخسيس عديم النخوة.. هل تعلم ماذا نسمي الرجل الذي يستقوى على امرأة؟ ليس وكأنك ستقترب منها مجددا من بعد تلك اللحظة"..
رفع سفيان كفه الآخر لكي يحكم قبضتيه حول رقبة وليد ويدفعه إلى الجدار ليرتطم به بعنف، ثم ضحك بصخب وقد برقت عينيه بطيف من جنون، وقال بتهديد: "أيها الأخرق.. تأتي لحامل ميدالية أوليمبية ذهبية في التايكوندو وتتهمه بنقص الرجولة وتظنه سيتوارى مرتعدا؟؟ والله لأمسح بك أرضية الطابق وأجعلك عبرة"..
في تلك الأثناء، هرعت إليهما سيدة تحمل طفلا، وهي تصرخ، تطلب من سفيان الابتعاد عن زوجها.. لم يكن سيتركه قبل أن يحطم وجهه لكن وجود الطفل الصغير منعه من إهانة والده أمامه رغم أنه يستحق ذلك وأكثر، فاكتفى فقط بالتربيت على وجهه ورقبته بعنف، وكأنه يحييه بطريقة ذكورية معروفة بين الأصدقاء، قبل أن يهمس بأذنه: "إن اقتربت من شادن مرة أخرى، سأجعلك ترقد في المستشفى لأشهر.. وسأهشم أسنانك تلك كيلا تتفوه بالحماقات مرة أخرى.. لا تختبرني"، ثم تحرك مبتعدا في الاتجاه الآخر وهو يهتف: "اجعلي زوجك الأحمق يبتعد عن شادن الحلواني"، تاركا كلماته تعبث بجنون في الأجواء متحينة الشجار الوشيك بين وليد وزوجته..
ابتسم سفيان بظفر وهو يرى زوجة وليد بوجه محتقن على وشك الانفجار.. الآن اطمأن أن ذلك التعس لن يفلت من زوجته كما أفلت منه..
تحرك بعدها صوب المصعد قاصدا الذهاب لصالة الألعاب، لكن ما أن دلف إلى داخل المصعد، شعر باختناق يهيمن على صدره كونه لم يفرغ كل غضبه من وليد، فأبى أن يواجه شادن بحالته تلك كيلا يتصرف بجلافته المعهودة ويسمعها كلمات تحزنها..
تماما كما يفعل الأحمق طليقها..
هي لا تستحق ذلك أبدا..
ضغط سفيان زر الصعود للطابق الأخير من المركز التجاري والذي يحوي مجموعة من المقاهي وأفرع لسلاسل مطاعم الوجبات السريعة، فتحرك صوب أحد المقاهي وطلب قهوة تركية، ثم أخذ يرتشفها ببطء وهو يفكر في وضعه مع شادن..
حتى الآن لم يتأقلم مع فكرة أنه قد وقع للحب لأول مرة في حياته وهو يشرف على بلوغ الأربعين من عمره..
يوبخ قلبه الذي تتدفق الدماء فيه بعنف كلما شاهدها بإطلالة جديدة تبرز أنوثتها بأناقة ورقي..
أنوثتها التي فاجأته كما فاجأه نضجها واستقلاليتها لتصبح أفضل نسخة من نفسها التي كانت قبل سنوات..
لكن، لا عمره ولا ظروفه يسمحان له بأن يخوض مغامرة عاطفية.. ما يحتاجه الآن هو أن يوفر حياة آمنة مستقرة لطفليه وباقي أفراد عائلته الذين يستندون جميعا عليه..
وهو.. سفيان مرتجي.. لم يتنصل قط من تحمل المسئولية.. وإذا أراد أن يدخل عالم شادن ويضمها لقافلته، فعليه بالتأكيد أن يمنحها أكثر من مجرد فتات وقته، خاصة بعد ما مرت به في حياتها حتى الآن..
ما يعرفه سفيان جيدا أن عالم الرجال، لا يتضمن سوى مفترسين وفرائس.. وهو لن يسمح لنفسه أبدا أن يكون الفريسة، وإلا سينهشونه ويمزقونه لأشلاء.. تماما كما حاول وليد أن يفعل بكلماته الحاقدة..
وسفيان مرتجي لا يستسلم أبدا بلا قتالٍ ضارٍ.. هو ليس فريسة.. بل هو سيد الغابة حتى على علته..
ماذا يعرف وليد - ذلك المستأنس - عما واجهه هو في ميدان القتال كي يحكم عليه بأنه غير جدير بشادن..
ماذا؟ نصف رجل؟
ضحك سفيان ضحكة قصيرة هازئة التوت لها زاوية فمه..
لو كانت هذه الكلمات طالت شخصا آخر، لربما نالت من تقديره لنفسه .. لكنه هو – سفيان مرتجي – يعلم ماهيته حتى النخاع..
هو كاف لأية امرأة.. ليس في الأمر جدال..
لكن هل هو جدير بشادن تحديدا؟؟
إذا كان سيخوض ذلك المعترك كي يعيد لضربات قلبه الاستقرار، فإن عليه أن يحرص على أن يكون كذلك بالفعل..
يجب أن يكون كل ما تريده وتستحقه غزالته..
نعم غزالته.. والهاء الإضافية للدلالة على الملكية ليست ضربا من ضروب المبالغة أو التوهم أو حتى الاستباق..
سفيان ليس ساذجا لكي يظن أن عليه التأكد من مشاعرها أولا.. عيناها تفضحان كل ما يكتمه ثغرها..
حتى وإن حرّمت على نفسها البوح.. فإن الريح تحمل مراسيل عشق سرية من قلبها لقلبه.. وهو سيكون أحمقا بالفعل إذا لم يستقبل هدايا حبيبته بما تستحقه من شغف..
ليس لديه خيار آخر.. فهذه أول مرة بحياته يُدخِل الحب في المعادلة لتتزلزل حساباته تماما، وليس من المعقول أن يسمح لعقله فقط باتخاذ القرار كما كان يفعل دوما..
ليس في هذا الشأن..
عاد سفيان للمصعد قاصدا الطابق السفلي، وتحرك مسرعا صوب صالة الألعاب، فوضع صندوقي الهدايا على الطاولة التي تجلس عليها شادن أمام الصالة تتابع الطفلين، فانتبهت لحضوره بعد أن كانت تصب كل تركيزها على متابعة الطفلين وهما يمرحان عند إحدى الأفعوانيات..
وقبل أن تنبس بكلمة، عاجلها سفيان بقوله: "اسمعي.. سأحرص على ألا يتعرض ذلك الوقح عديم النخوة لكِ مرة أخرى.. وطفله لن يعود لروضتك يوما واحدا بعد الآن.. هاتفي زوجته وأخبريها بقرارك.. الآن"..
فغرت شادن فمها بروعٍ، لكنها استعادت طبيعتها الجادة بعد ثوانٍ، وسألته بضيق: "هل تتخذ قراراتي نيابة عني؟"
فرد سفيان كفه على الطاولة بانفعال، وأجابها بنبرة باترة: "الآن يا شادن.. أو سأذهب لزيارة سيادة القبطان وأضعه في الصورة"..
رفعت شادن حاجبيها باندهاش ، ثم سألته بعدم تصديق: "أنت.. هل ستشي بي لوالدي؟"
عقد سفيان ذراعيه أمامه بنزق، وقال بتعنت: "إن اضطررتني لذلك.. وإن كنت لا أريدك أن تكسري كلمتي وتضطريني للجوء لهذا الأمر.. حين يكون أمامي مشكلة، أحب أن أحلها بنفسي دون أن أطلب الوساطة أو التدخل من أحد.. أتفهمينني؟"..
قال كلماته بهيمنة غريبة، وكأنه يسن أول قوانين العلاقة بينهما منذ الآن.. ما أشعرها بشعور غريب لم تفلح في تفسيره ولم يكن لديها الوقت للتعاطي معه..
فتحت شادن فمها كي ترد، لكنها أغلقته حين لم تجد ما تقوله، ثم أمسكت هاتفها وحررت رسالة نصية لزوجة وليد تطالبها فيها بسحب ملف ابنها ونقله لروضة أخرى..
قبل أن تضع الهاتف، جاءها إشعار ورود رسالة، فطالعت الشاشة بعينين متسعتين ثم رفعت حاجبيها، ووضعت كفها على فمها حين جاءها الرد، وتركت الهاتف ليسقط أمامها على الطاولة..
أمسك سفيان الهاتف ليجد ما كتبته زوجة وليد في ردها يملأ الشاشة:
(خيرا تفعلين.. لقد سئمت تحرشك بزوجي يا حاقدة.. سيطري أولا على ذلك المعاق الذي تسحبينه خلفك في كل مكان كي تثيري غيرة وليد.. لكن مهما فعلتِ لن ينظر لكِ حتى نظرة واحدة.. هل هناك عاقل تغريه أرضٌ قاحلة لا تثمر؟ بالطبع سأنقل ابني لمكان آخر بعيدا عن ألاعيبك الرخيصة)..
حين رفع سفيان أنظاره لشادن، وجد غلالة من دموع تفرضان وجودهما على مقلتيها، فقال بحذر: "أنا آسف لأنني تسببتُ لكِ في هذا الموقف.. ولكن.."..
حدجته شادن بنظرة كئيبة، لكنه تابع بصدق، فالمجال لا يتسع للمهادنة وتجميل الأمور: "كان الوضع مزريا بالفعل وفي سبيله للتحول بشكل أسوأ.. كيف تسمحين لهما بمخاطبتك هكذا؟"..
ردت شادن بنبرة ملتاعة يغلفها الجمود: "ليست أول إهانة أتلقاها"..
قال سفيان بحمائية: "أنتِ أكبر من ذلك بكثير.. ومسألة الإنجاب من عدمه رزق من الله يهبه لمن يشاء.. ليس لنا يد فيه وليس إنجازا حققناه بمهارات خارقة كي نحتفل به ونهين من حرمهم الله منه لحكمته"..
قالت شادن بحرقة: "أنا لستُ عقيمة تماما.. أواجه فقط صعوبات في الإنجاب.. وكان من الممكن أن يقدّر الله الحمل إذا كان وليد قد صبر قليلا"..
سألها سفيان بنزق: "هل تريدينه؟"..
حركت شادن رأسها نفيا، وردّت بعقلانية بعد أن مدت أطراف أصابعها تلاحق الدموع قبل أن تنحدر خارج إطار أجفانها: "لم يكن زواجنا عاطفيا.. ولم يكن مقدرا له النجاح مهما حاولت أن أتنازل وأتقبل ظروفي.. لكنني في النهاية شعرت بالاختناق ولم أعد قادرة على التحمل"..
رد سفيان بصوت نافذ: "جيد"، لكن كلماته عادت لمسامعها، فرفعت أنظارها إليه لتجد مسحة من حزن قد ظللت نظراته التي شردت، فتذكرت وصف زوجة وليد له بــ (المعاق) برسالتها التي قرأها لتوه..
(كيف أراه مغموما هكذا دون أن يتمرد قلبي علىّ ويطالبني أن أعترف.. أن أفصح.. الصبر يشقيني.. لكنني لا أستحق أقل من أن يعلنها هو أولا.. لن أسامح نفسي إذا سبقته بالاعتراف كفتاة غرّة ليأخذ كلماتي ويقذفها في وجهي كحفنة من الطمي المبلل)..
رفع سفيان أنظاره إليها، فبرقت عيناه بما قرأه في صفحة وجهها..
كيف أهداه الله روحا نقية شفافة مثلها.. تنطبع انفعالاتها على وجهها وكأنها كتاب مفتوح يقرأه بكل سلاسة..
تنحنح سفيان، وقال: "بخصوص ما قاله وليد.. لا تدعي كلامه يؤثر فيك.."
هل يواسيها؟ ألا يُفترض أن تقوم هي بتصحيح ما فعلته زوجة وليد لتخدش كبريائه؟
ظهرت علامات عدم الفهم على وجهها، فتابع سفيان: "أنتِ تستحقين الأفضل من كل شيء.. بل تستحقين من ظروفه أفضل مني.. ليس أرملا يعول طفلين ويعتني بعائلة كاملة، ولديه إعاقة حركية وبضعة مشكلات نفسية و...."
قاطع استطراده ارتفاع رنين هاتفه بمكالمة من بحر، فرفض استقبالها، لكن الهاتف عاود الرنين مجددا، فرفضها سفيان مرة أخرى..
ولما صدح الرنين للمرة الثالثة، أيقن سفيان أن كارثة قد حلت بصديقه..


يتبــــــــــــــــــــــ ـــــــع


مروة سالم غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 20-06-22, 08:07 PM   #410

مروة سالم

كاتبة في قسم قصص من وحي الاعضاء

 
الصورة الرمزية مروة سالم

? العضوٌ??? » 482666
?  التسِجيلٌ » Dec 2020
? مشَارَ?اتْي » 1,756
?  مُ?إني » مصر
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » مروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   ice-lemon
?? ??? ~
Why so serious?
B11 وانطوت صفحة الهوى - القصاصة الرابعة عشرة: القسم الثامن والأخير

كان بحر يجلس على مقعد جانبي مكبل الرسغين بالأصفاد داخل مكتب محقق المباحث في قسم الشرطة بعد مرور نحو ساعة ونصف على تصرفه الكارثي منتظرا وصول سفيان..
كيف لم يستطع السيطرة على نفسه بهذا الشكل؟؟
بعد أن أمسكه رجلا الأمن بالمتجر وأخرجاه من نوبة الذعر التي اجتاحت كيانه، تم استدعاء الشرطة وتحرير محضر بالواقعة وحصر التلفيات التي أحدثها، وبعدها تم تكبيله بالأصفاد واقتياده إلى قسم الشرطة..
لم يتم الاستماع لأقواله حتى الآن، لكن الضابط المناوب سمح له بإجراء مكالمة هاتفية لكي يستدعي محاميه..
ربما في ظرف آخر، كان ليتبجح بخلفيته العسكرية حتى ينال معاملة خاصة، لكنه الآن يشعر بالذنب والخجل من نفسه، فما كان منه سوى طلب العون..
ولأن بحر لم يعين محاميا ثابتا لإدارة شئونه القانونية، فلم يجد أمامه سوى سفيان، فسارع بمهاتفته أكثر من مرة، والآخر كان يرفض استلام المكالمة، لكنه ظل يهاتفه بإلحاح إلى أن فتح صديقه الخط، فأخبره بحر باختصار بالكارثة التي أوقع نفسه بها، طالبا منه إحضار محامٍ والحضور لقسم الشرطة..
مرت حوالي ساعتين كاملتين ومازال بحر منتظرا، والأغرب أن ضابط المباحث لم يقم باستدعائه للحصول على أقواله، بل ظل منشغلا بتحرير محاضر أخرى لشكاوى بعض المواطنين، وكأنه يعرف ضمنيا كم هو مهتز الأعصاب حاليا ويحتاج لبعض الوقت كي يستعيد هدوءه..
لكن بحر بدلا من أن يهدأ، فإنه قد بدأ يشعر بالتوتر من جلوسه مكبلا هكذا، حتى أنه قد خشى أن تصيبه نوبة ذعر جديدة إذا هاجمته ذكريات مشابهة من جديد، ووقتها سيكون تصرفه سببا في سجنه على الأرجح.. لكن دخول سفيان لمكتب الضابط المناوب أعاد إلى نفسه بعض الهدوء..
بالطبع، سيشعر بالهدوء في وجود قائده الذي حارب إلى جانبه في مناطق أكلها الخراب وأنهكتها المؤمرات والمطامع، وعاش إلى جانبه الكثير من الويلات والكوارث، خرجا من أغلبها بسلام، لكن في إحداها، خسر كلا منهما بعضا منه.. إلى جانب الخسارة الأكبر..
نبيل..
تحرك سفيان بثقة وهدوء صوب الضابط المناوب، وأخذ يتحدث معه همسا، قبل أن يتحرك صوب صديقه، فنهض بحر واقفا بتوتر، ثم سأله: "لماذا تأخرت؟ أين المحامي؟"..
رد سفيان بضيق: "لم أحضر محاميا.. هذا الأمر لن يتم حله بشكل قانوني"..
شعر بحر بالخذلان، فهمس بحزن: "لا بأس.. سأهاتف أبي أو فرات ليرسلا لي محاميا.. يبدو أنني قد عطلتك عن شيء ضروري.. كان يجب أن أفهم حين كنت ترفض استقبال مكالماتي المتعددة"..
هز سفيان رأسه، ثم زفر بغضب، وقال: "توقف عن تلك الدراما يا أحمق.. يبدو أنك صرت تشاهد المسلسلات العربية كثيرا مؤخرا.. لقد تأخرتُ لأنني كنتُ أتواصل مع صاحب المتجر الذي أتلفته بالكامل محاولا حل الموضوع بعيدا عن الشرطة.."
هتف بحر بأمل: "والنتيجة؟ هل حللت الأمر؟"
رد سفيان: "لقد فعلت الجزء الذي يخصني.. دفعت لهم ثمن التلفيات التي سأخصمها بالكامل من راتبك على أقساط.. كما دفعت مبلغا محترما من أجل حذف محتوى كاميرات المراقبة.. تعلم أن هذا المقطع إذا تم تداوله سيؤثر على مصداقية شركتنا ونحن في بداية الطريق"..
أطرق بحر رأسه بأسف.. لم يشعر بثقل تصرفه إلا الآن..
إنه لا يؤذي نفسه فقط.. بل المحيطين به أيضا..
تماما كما حذره سفيان من قبل..
شد صديقه على كتفيه قائلا: "لا بأس.. بعضنا يرتكب الحماقات من وقت لآخر كلما تكالبت عليه الضغوط.. وأنت لم تمر بالقليل يا بحر.. لكن هذا الأمر سينتهي هنا والآن"..
سأله بحر بعدم فهم: "ماذا تقصد؟"
رد سفيان: "لقد هاتفت أمواج وشرحت لها ما حدث.. وهي الآن في طريقها إلى هنا"..
تهاوى بحر جالسا من جديد على مقعده، وازدرد ريقه بصعوبة..
لا يريد مواجهتها الآن.. لا يريدها أن تراه هكذا، لتخبره أنها كانت على حق وأنه كان عليه أن يستمع لإلحاحها..
هتف بحر بنبرة مستسلمة: "أعرف أن اختياراتي هي ما قادتني إلى هنا .. وأنني سأدفع الثمن حتما"..
جلس سفيان على المقعد المجاور له، ثم همس مشجعّا: "نحن لا نصنع اختياراتنا بقدر ما نتحول لصنيعة تلك الاختيارات.. بصراحة يا بحر، بالطريقة التي اتخذت بها قراراتك مؤخرا، تبدو لي.. لن أقول جبانا.. ولكن متخاذل.. وأنا لست قائدا لمتخاذلين.. عليك الآن أن تغير من أسلوب تعاملك مع خساراتك.. فلم يعد المجال يسمح بخسائر جديدة.. لأن الخسارة القادمة ستكون فادحة ولا يمكن تعويضها.. ستخسر عائلتك يا بحر.. لن أجمّل الصورة أمامك.. الأمور كلها على المحك الآن"..
أطلق بحر سبة حانقة، ثم أسند رأسه بتعب على الجدار الخلفي وأغمض عينيه باستسلام..
في تلك الأثناء، كانت الضابط قد انتهى من تحرير محضر الصلح، ليدخل صاحب المتجر ويوقع على تنازله عن الشكوى، ثم قام بحر بالتوقيع بعد أن تم فك أصفاده، ولم يفته أن ضابط الشرطة كان يناظره بتعاطف وشفقة، مما زاده حنقا..
يشعر أن الجميع يحاصره بنظرات تقيميية.. لكن من يلوم وهو من أوقع نفسه في هذه الحفرة اللعينة؟؟!!
حين خرج بحر مع سفيان من بوابة قسم الشرطة، وجد سيارة أمواج في انتظاره وبداخلها كرة النار خاصته تبرق بعينيها الزرقاوين، بينما تحرك أنظار صديقه صوب سيارته التي كانت تمكث بداخلها شادن مع التوأم مالك وملك..
ناظر صاحبه باستفهام، فهز الآخر كتفيه ولم يعقب..
تنهد بحر وكشّر عينيه ماطا شفتيه للأسفل بعبوس وحنق، قبل أن يتحرك صوب سيارة أمواج ويفتح باب المقعد الجانبي ويستقر به باستسلام..
سألته أمواج بنبرة جامدة: "أين تريد أن نجري تلك المحادثة؟"
قال بحر بتعب: "أي مكان"..
قادت أمواج السيارة صوب أحد المقاهي التي تقع على سطح أحد الفنادق.. كانت تظن أنهما بحاجة للحديث بهدوء في بقعة خالية من الصخب وتقع في منطقة مفتوحة حتى لا يشعر أنه محاصر.. وهذا المقهى كان هو الخيار المثالي الآن..
استقلا المصعد جنبا إلى جنب، حتى وصلا للطابق الخامس والعشرين.. السطح.. وبعد أن جلسا إلى طاولة جانبية وطلبا فنجانين من القهوة، أخرج بحر حافظة التبغ خاصته، مشعلا لفافة، وبدأ ينفث دخانها مخفيا توتره..
ناظرته أمواج لعدة دقائق دون أن تحاول المبادرة بالحديث، إلى أن وصلت القهوة، فارتشفت القليل منها، ثم سألته بغتة: "هل تتذكر اتفاقنا يا بحر؟ علامَ اتفقنا؟"
رد بحر متوجسا مركزا نظراته على الأدخنة المتصاعدة من سيجارته: "أن تمنحيني نصف فرصة فقط.. أفقدها إذا ارتكبت حماقة.. لكنني لم أفعل شيئا خطأ.. لم أقم بما فعلته متعمدا يا أمواج.. كان حادثا غير مقصود"..
جعدت أمواج جبهتها بتوحش، ثم هتفت بضيق: "غير مقصود؟ هل تظنني لا أعلم ما تمر به؟ لقد عشت معك عدة أشهر حين عدت من ذلك الجحيم.. كنت أدرس كل تصرفاتك.. عايشت كل نوباتك وحاولت مساعدتك قدر استطاعتي.. لكنك صممت على الطلاق، وأنا ظننت أنك تحتاج لبعض البراح كي تتعامل مع مشكلتك.. وأنت.."..
رفعت أمواج كفها وضربت به على المائدة بانفعال، ثم تابعت: "أنت اكتفيت بتجميد كل مشاعرك ومخاوفك ومعاناتك.. تصرفت كأنك غير موجود.. وتركت تلك النوبات تأكلك من الداخل.. إما على شكل كوابيس أو خيالات تحتل وعيك.. تماما كما حدث ذلك اليوم حين زرتني في شقتي.. أليس صحيحا؟"
رفع بحر عينيه يناظرها بدهشة.. لا يصدق كيف فهمت ما يمر به بتلك الدقة..
قرأت أمواج السؤال في عينيه، فتابعت: "ذلك لأنني قد ذاكرت حالتك.. كنت أبحث عن الأعراض التي تعاني منها، وتعرفت إلى الكثير من المجموعات التي تتضمن قرينات مقاتلين من حول العالم، كان أزواجهم يعودون من القتال باضطرابات نفسية.. أنا حاولت يا بحر ولم أتقاعس يوما أو أتردد.. لكنك أنت من تخليت.. والآن لا شيء عندي أقدمه لك سوى أن أجعلك تجرب العلاج النفسي.. ولو قسرا.. سفيان لن يتركك تدير شركته وأنت بحالة نفسية هشة هكذا"..
رد بحر بنزق: "لا أكترث.. سأعود للسويس"..
ضحكت أمواج بسخرية، ثم سألته: "لتعمل ماذا؟ عاملا في الميناء براتب صغير؟ أم تعود لمباريات الملاكمة السرية حتى تتحطم رأسك أو ينكسر عنقك؟ هاه؟ أم تُراك ستكتفي فقط بتدخين الحشيش أو ربما تزيد في تجربة أصناف المخدرات الأخرى حتى نجدك يوما مكوما بأحد الأزقة فاقدا للحياة"..
لم يرد بحر، وظل مطرقا رأسه، فصرخت هي بجنون غير مكترثة بتواجدهما في مكان عام رغم قلة رواده في تلك الساعة من النهار: "لن أسمح لك باستنزافي.. أنا عاشقة، لكنني لست ساذجة يا بحر.. إذا كان علي الاختيار بين زوج يدخن الأعشاب المخدرة ليدفن آلامه، وآخر يواجهها بالعلاج النفسي؟ من برأيك سأختار؟"
ظل بحر يناظر مفرش الطاولة رافضا أن يواجهها بعينيه، فهتفت هي برغم الدموع التي سالت على وجنتيها: " تبا لك يا بحر.. هل تريد أن تموت؟ لا أفهم منطقك"..
تنهدت أمواج، ومسحت دموعها بظاهر يدها، ثم تابعت بنبرة أكثر تماسكا رغم استمرار تدفق الدموع من بوابتي عينيها: " إن كان هذا ما تريده.. فلا بأس عندي.. وسيعتاد كيان وكنان على الأمر.. أساسا وجودك بالنسبة لنا صار مثل عدمه.. لكنك في الفترة الأخيرة منحتنا الأمل.. كيان صارت أهدأ.. تتصرف بلطف مع الأطفال ولا تلجأ إلى العنف كما سبق.. لكن إذا كنت تعتبر حياتك غير ذات قيمة.. فإن حياة أولادي خط أحمر"..
رفع بحر عينيه يواجه نظراتها بتوتر، وقد علم ما ستقوله لاحقا، حين زمجرت حاسمة بنبرات شرسة كقطة غاضبة: "اسمع.. لن أسمح لك بالجلوس مع الطفلين بمفردك مجددا ما لم تحصل على العلاج النفسي.. انسى تلك الجولات التي كنت تصطحب فيها كيان.. انسى أن تحمل كنان بين ذراعيك مجددا.. وأنا.. لتنساني كليا"..
فغر بحر فمه لكنه لم يستطع الإتيان بشيء ليرد عليها.. كل ما يحدث أكبر من طاقته على التحمل أو قدرته على التصرف بطريقة صحيحة..
أمواج تبدو في أكثر لحظاتها جنونا..
ما الإجابة المثالية التي قد يقولها الآن وتنقذ الموقف؟؟
والأخيرة لم تخيب توقعاته، حين انطلقت تضحك بهيستيريا، قبل أن تردد بتعب: "انظر إلى سفيان.. لقد شارف على إكمال ثلاث سنوات من العلاج النفسي وهاهو قد اقترب كثيرا على العودة طبيعيا كما عرفناه.. أم أن سفيان يحب طفليه أكثر منك يا تُرى؟"..
صمتت أمواج قليلا بعد أن تصادمت نظراتهما، خاصتها مشتعلتان بغضب، وخاصته جامدتان بخزي..
ورغم ذلك، فهي قد لمحت نظرة استهجان لاحت على مقلتيه، فازداد تمسكها بما تفعله الآن..
بحر صاحب العيون البنية الداكنة.. تبدو نظراته خاوية بلا حياة لمن لا يعرفه، إلا لها هي.. فمنذ عاد من ذلك الأسر، كانت تستقر بمقلتيه نظرة استغاثة واستجداء صامتة وغير معلنة.. لا تظهر إلا لها.. وفي لحظات نادرة..
كتلك اللحظة..
ومن يعرف عينيه مثلها؟؟
تنهدت من جديد، تتجاهل نظرته التي كادت أن تصيب عمق قلبها لولا أنها كانت قد مددت حصونها بإحكام من أجل المواجهة الحاسمة.. الأخيرة.. فرمقته بنظرة صارمة، وتابعت تقول باستدراك: "أنت لست الخاسر الوحيد.. الجميع خسر.. لكنك الأكثر فشلا في التعامل مع خسارتك.. ليس من العيب أن تطلب المساعدة حين تشعر أنك غير قادر على الاستمرار بمفردك.. لكن العيب هو دفن رأسك في الرمال ورفض المحاولة.. اسمع يا بحر.. أنا تعبت من المحاولة نيابة عنك"..
استفزته كلماتها الأخيرة، فأبدى أول رد فعل، حين قال بنزق: "توقفي عن التعامل معي على أنكِ أكبر وأنضج مني.. أو أنكِ تمتلكين ما تنقذين به حياتي يا Mu-Ji"..
ناداها باسم تدللها بنبرة ساخرة.. كان دوما يكره أن يناديها بأي اسم تحبب.. يحب اسمها كما هو.. لأنه قطعة منه.. الأمواج هي ما تجعل البحر جميلا حيا.. ولذا كان اسمها نفسه هو الحياة بالنسبة له.. يكتفي فقط بضم ياء الملكية إليه (أمواجي) فيشعر بالاكتمال، لذا حين نطق الآن بنبرة ساخرة اسم التدليل الذي تناديها به صديقاتها، فهمت أمواج أنه يقصد إقصائها..
بحر يريد العودة لعاداته القديمة والانعزال مجددا،..
حركت أمواج أصابعها الرقيقة على خصلاتها المتماوجة، ثم لامست أذنها بخفة وتلكؤ، وهي تمنحه نظرة ذات مغزى، قبل أن تقول بنبرة عاتبة مغناجة: " ولماذا ترفض أن أساعدك يا بحر؟ متى عاملتك باستصغار؟ دلني على امرأة تتحمل كل إساءات حبيبها لها وتحفظ أسراره ومعاناته كما فعلتُ معك.. لا أقول هذا لكي أشعرك بالمنة.. ولكن لأظهر لك كم أقدرك رغم سعيك المستمر لتدمير حبنا.. لكنك أنت الذي لا تريد التخلي عن كبريائك.. ترفض طلب المساعدة مني أو من غيري.. بل ترفض من الأساس الاعتراف بوجود مشكلة لديك"..
أطرق بحر رأسه بتعب، لم يكن مستعدا نهائيا لأن تشهر أمواج سلاح أنوثتها في وجهه في تلك اللحظات تحديدا..
استفزه كيف استطاعت هي أن تعيده من جديد كما تريده.. كتلة من المشاعر المتناحرة بدلا من مكعب ثلجي جامد.. لكنه قال بصوت متهدج ازداد تأثيره عليها خاصة مع نبرته الأبحة بفعل الإصابة التي تعرض لها خلال القتال: "ساعديني.. أرجوكِ.. أنا أضيع.. لم أعد أعرف نفسي.. لكنني.. لكنني لا أحب شعور العجز"..
تحركت أمواج لتجلس إلى المقعد المجاور له، ثم أطبقت كفيها على يديه، وهي تهمس بنبرة عاشقة اشتاق كثيرا لسماعها بعد أن حرّمها على نفسه قسرا: "ربما تشعر ببعض العجز.. لكنك لست ميتا يا بحر.. أنت حي.. ربما تلك النوبات بات تُلح لأن عقلك يريدك أن تعود كما كنت.. أنت فقط تحتاج للتخلص من كومة الذكريات السيئة التي تخنقك، وألا تمنحها القوة لتسيطر على حياتك ومستقبلك.. استسلامك لها هو العجز الذي يمنحها القدرة على تدمير حياتك.. صدقني يا حبيبي.. أنا أتفهم وجعك ولكنك لا تتعامل مع هذا الاختبار بصبر جميل"..
رفع بحر أنظاره إليها، فمنحته ابتسامة هادئة وتابعت: "يجب أن تكون ممتنا لأنك نجوت مما حدث.. لقد منحك الله فرصة أخرى"..
هنف بحر بنزق: "هل أبدو لك كناجٍ؟"
تركت أمواج يديه، ووضعت كفيها على عضديه تغرس بهما أصابعها، وهي تردد بانفعال: "هل أنت أعمى؟ ألا ترى حالة زهو؟ أم أنك تريدني أن أكون مكانها.. أنا واثقة أنك مستعد للموت من أجل طفليك برغم هجرك لهما.. وهذا أكبر دليل على أنك تتوق للحياة.. صدقني يا بحر "..
ارتسمت علامات الأسف على ملامحه، أما هي فلم تمنحه التعاطف الذي كان يصبو إليه ككل مرة تواجها فيها على مدى سنتين، بل تابعت بإصرار: "ولكن عليك أن تجرب أن تعيش من أجلهم.. أقسم لك أنني أعلم مدى صعوبة الأمر وسأحارب إلى جانبك لأن الأمر يستحق.. أنا حتى لا أريد منك أن تعود لي إن لم تكن تريد ذلك.. لن أطاردك بنظرات لائمة أو أجعلك تشعر بالذنب لطلاقك لي.. يكفي أن تعود لهما كأب.. ولي.. كابن خالتي فقط.. إن كان هذا ما تريده"..
رد بحر بنبرة متلهفة لم يستطع إخفاء الخوف بها، هو يعلم أن القادم سيكون مرهقا جدا له، لكن الأسوأ أن يمر به وهي بعيدة عنه..
فالبحر تقاس قوته بمقدار القوة التي تمتلكها أمواجه لتسيطر على شطآنه وتمنح الحياة لأعماقه، لذا هتف منفعلا: "لا.. لا تتركيني.. لا أستطيع القتال وأنتِ لستِ بجانبي"..
رمقته أمواج بصمت، لا تدري كيف ترد الآن.. كيف تحولت الأمور من توسلها له أن يقبل العلاج، لتوسله لها أن تقبل العودة؟؟
لماذا تتشابك الأمور وتتعقد فجأة كنوة الصليبة عندما تضرب بقوتها خليج السويس؟؟
أخرجها بحر من شرودها بتوسله: "لقد أضعتُ عامين من عمرنا وحرمت الصغيرين من والدهما الحي... يحق لك لعني.. أنا أستحق.. إهمالي لكم اتهام منصف وأعترف بإدانتي.. لا أبرئ نفسي"..
همست بنبرة مريرة: "بحر.. أنا....."
قاطعها مستعطفا بنبرته الأبحة، عارضا اقتراحه الأغبى في تلك اللحظات: "عودي إليّ يا أمواج ولا تعاقبيني بالنفي بعد أن استجمعت كل ذرة جسارة لدي لأطلب الوصال.. لا تمزقي ما تبقى من صفحات للهوى في دفتر عشقنا.. أعدك أن أملأها بالتفاني والوفاء والحب الخالص"..
قالت أمواج بنبرة آسفة: "ربما إذا انطوت صفحات الهوى، تضيع المسافات الشاسعة بيننا فتلتئم روحنا الممزقة، وتعود أمواج لبحرها"..
هتف هو بنزق يحركه الخوف من قرار صارم من جانبها يلزمه التنفيذ بلا معارضة: "فقط اقبلي الزواج بي من جديد"..
سألته أمواج بتوجس: "إذًا هل أفهم الآن أنك قد قبلت الحصول على استشارات نفسية؟ هل لو تزوجتني من جديد ستحمل كنان بين أحضانك وتلثمه بشفتيك؟؟ "
أجابها بحر معاندا بنزق: "سأكون بخير.. لا أحتاج العلاج النفسي.. أعدك أن أسيطر على الأمر"..
سددت أمواج سهمها الأخير في صدر تردده، حين سألته بنبرة محتدة وعيناها تلتمعان بالغيظ واتهام آخر: "ألا تتوق لأن تُشفى من مرضك المزمن يا بحر؟؟ وماذا عما فعلته ليلة طلاقنا؟؟.. لا أتذكر أنني حاسبتك على ما اقترفته بحقي!!"
اشتعلت عيناه بشرارات حارقة وكأن بركانا سيندلع من عمق البحر، قبل أن ينفجر هاتفا باستياء: "ألم تفعلي؟ تبا لكِ.. ألم تفعلي؟"




نهاية الدفتر الأول
(بعد الفراق)
انتظروا عودتنا مع الدفتر الثاني
( مهلا بالأذى لو كنت عاشقا )
يوم الاثنين بعد القادم..




مروة سالم غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 12:38 AM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.