آخر 10 مشاركات
انتقام عديم الرحمة(80)للكاتبة:كارول مورتيمور (الجزء الأول من سلسلة لعنة جامبرلي)كاملة (الكاتـب : *ايمي* - )           »          لاجئ في سمائها... (الكاتـب : ألحان الربيع - )           »          الــــسَــــلام (الكاتـب : دانتِلا - )           »          4 - لعنة الماضي - بيني جوردان (دار الكتاب العربي) (الكاتـب : Gege86 - )           »          زهرة .. في غابة الأرواح (3) * مميزة ومكتملة * .. سلسلة للعشق فصول !! (الكاتـب : blue me - )           »          اللوحة الغامضة (48) للكاتبة: كارول مورتيمور .. كاملة .. (الكاتـب : cutebabi - )           »          6 - خذني - روبين دونالد - ق.ع.ق (الكاتـب : حنا - )           »          السيد والخادمة (104)- غربية- للكاتبة المبدعة: رووز [حصرياً]*مميزة*كاملة & الروابط (الكاتـب : رووز - )           »          أكتبُ تاريخي .. أنا انثى ! (2) *مميزة ومكتملة * .. سلسلة قلوب تحكي (الكاتـب : كاردينيا الغوازي - )           »          استسلمي لي(164)للكاتبة:Angela Bissell (ج1من سلسلة فينسينتي)كاملة+رابط (الكاتـب : Gege86 - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء

Like Tree12256Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 25-07-22, 10:07 AM   #501

مروة سالم

كاتبة في قسم قصص من وحي الاعضاء

 
الصورة الرمزية مروة سالم

? العضوٌ??? » 482666
?  التسِجيلٌ » Dec 2020
? مشَارَ?اتْي » 1,756
?  مُ?إني » مصر
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » مروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   ice-lemon
?? ??? ~
Why so serious?
افتراضي


اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ektimal yasine مشاهدة المشاركة
انطوت صفحة الماضي
مسا الخير قرأتوالفصل وبعدين هلأ اجا النت ما تواخذيني عالتاخير
فصل رووعة لسى عم ياخدنا بمتاهات الماضي بحلوها ومرها عم.يكشف الخبايا وعم يفرجينا وجه اخر لابطالنا قبل ما يوصلوا لمرحلة النضج التام ياللي كان وراه مسببات عدة
نبيل خطف قلبنا كا نزغاىب حاضر وهلأ حاضر بقوة بهضامتو ومقالبو وروحو الحلوة لطيفة وكلماتها وافعالها مع شادن ياللي باضرب عا وتر ثقتها بنفسها وانوثتها
الكل بدوامة الماضي لتكشفي المزيد والمزيد بسحر فلمك.
ابدعت وبانتظار صفخات اكتر تفتح من دفتر الماضي

يا كوكي ولا يهمك.. متاخرتيش ولا حاجة.. خدي راحتك.
.استعدي لفصل اليوم بقى هنبتدي نودع المراهقة ونبدا الشباب 😭😭😭


مروة سالم غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 25-07-22, 06:52 PM   #502

مروة سالم

كاتبة في قسم قصص من وحي الاعضاء

 
الصورة الرمزية مروة سالم

? العضوٌ??? » 482666
?  التسِجيلٌ » Dec 2020
? مشَارَ?اتْي » 1,756
?  مُ?إني » مصر
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » مروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   ice-lemon
?? ??? ~
Why so serious?
Rewitysmile21 وانطوت صفحة الهوى - القصاصة السابعة عشرة: القسم الأول

القصاصة السابعة عشر
(جروح شفافة بلا ندوب)


التنمر فعل جبان يترك في النفس جروحا شفافة بلا خدوش مرئية.. تؤلم وتنزف دون أن تخلّف وراءها ندوبا ظاهرة.. تكسر من العمق، وتمزق القلب، بينما تبقى الواجهة سليمة.. وإذا سالت دموع الضحية، يظنها البعض بريق التماسك والجَلَد..
والخذلان ألمه أكبر من التنمر لأنه يهشم بداخلك الرغبة في المقاومة.. وعندما يأتي من أقرب الأقربين، يُحدِث تصدعا لا يلتئم في الروح.. يشبه السقوط المستمر دون ارتطام.. يشبه تشوها مرعبا يخفيه صاحبه خلف طبقة جذابة من المكياج الاحترافي..
وحين تتراكم عليك الخيبات، تشعر أنك تعيش الحياة مضطرا، فيصبح كل شيء مملا باهتا، لتتأرجح بين اللا مبالاة وانعدام الشعور.. حتى رغبتك في العتاب تتلاشى.. فتجد نفسك عالقا للأبد بين فتات شغف وشظايا ذكريات..




حين طالعت شادن انعكاس صورتها في المرآة، بينما تبدو خصلات شعرها كشلالات من النفط تتدفق من مناطيد هوائية ملونة، لتعكس صورة متناقضة تماما بين البهجة والكآبة، ارتدّت لقلبها فأصابته بمشاعر متناقضة..
كانت تعرف أن أخاها يحب ممازحتها، وأنه لا يقصد إهانتها أو التنمر عليها..
هو فقط يعشق المشاغبات والمقالب، محاولا إضفاء بهجة على البيت الذي يصبح كئيبا وجامدا في غيابه الذي يمتد لعدة أشهر في العام..
كان يعرف أن مشاكساته هي السبيل الوحيد لإخراج شادن من استكانتها في ظل سيطرة والدتهما على كل تفاصيل حياتها، كما كان يريد دوما أن يملأ الأيام القليلة التي يقضيها بصحبتها كل بضعة أشهر بالحيوية والمرح، خاصة بعد سفر نادر بصفة دائمة.. وكأن تلك المقالب والمواقف الصبيانية بينهما تعوّض الفراغ الذي يملأ قلب شادن بسبب جفاء معاملة أمهما الجامدة بطبيعتها..
وشادن لم تقم أبدا من قبل بأي تصرف صريح ليلفت نظره أن تصرفاته تلك أو مناداته لها باسم ذكوري تؤلمها أو تضايقها، لأنها بكل بساطة اعتبرت الاسم نوعا من التدليل الخاص به.. طريقته الغريبة والمميزة في أن يُشعِرها أنه يهتم..
لكن تعليق أمها السام، حطّم قلبها خلف أ ضلعها لدرجة أنها شعرت بتناثر الشظايا أسفل قدميها..
هي لم توبخ نبيل بل هي قتلت شعورها الوليد بأنوثتها ببضع كلمات (يا غبي.. وأخيرا بعد أصبحت تشبه الإناث).. لتعيدها مجددا للمربع صفر..
(تشبه الإناث).. (لا شكل ولا جسم).. (عديمة الأنوثة).. (غبية)..
بعضٌ من أوصاف دأبت لطيفة على أن تطلقها كسهام نارية حارقة على مسامعها، لتترك خدوشا داخل روحها الرقيقة في طور التكوين.. خدوش لن يزول أثرها أبدا..
تناظر شادن صورتها في المرآة بوجع ووجل.. تتبعثر وتتشتت وتساءل نفسها بتوجس: (من أكون؟ هل أنا أنثى؟ هل أنا امرأة؟ هل أنا ابنة جيدة؟ فتاة ناجحة ذكية جميلة؟ هل تحبني أمي بلا شروط كما يفترض أن تمليها فطرتها؟ هل كل الأمهات مثل أمي؟)..
ضيقت حاجبيها بغضب، بينما تهدلت شفتيها بأسى.. شعوران متناقضان لاحا على صفحة وجهها.. الأول كونها تعرف جيدا أن لطيفة ليست مثل كل الأمهات.. فهي رأت تعامل منال مع زهو.. وفايزة مع أمواج.. حتى أنها تشاهد طريقة تعامل سميحة مع إيلاف، وكأنها هي من أنجبته وتعبت في حمله..
أما الشعور الثاني بالأسف والحسرة، لأنها تعلم أن أمها تحبها.. بالتأكيد تحبها.. وربما كان تدخلها في كل تفاصيل حياتها دلالة واضحة على هذا الحب.. الخانق..
حين وصلت شادن لتلك القناعة، تنهدت ببطء، وكأن أنفاسها الثقيلة لا تعرف طريقة أخرى للخروج بحرية من بين رئتيها..
أما نادر الذي كان يقف خلفها يتابع صورتها المعكوسة بالمرأة، فقد لاحظ تتابع تلك الانفعالات على وجهها انعكاسا لتصارع التساؤلات برأسها على الرغم من عدم انتباهها له، فهمس يسألها بنبرة مشفقة: "هل أنتِ بخير؟"..
رعشة خفيفة سرت بجسدها حين انتبهت لسؤاله واكتشفت أنه يقف خلفها يقرأ أفكارهاها بوضوح كسلسلة من العناوين بالبنط العريض تتصدر الصفحة الأولى لجريدة الصباح..
هل هي بخير.. صدقا لا تعرف الإجابة.. كانت تظن أنها بخير حين غادرت صالون التجميل..
كانت تظن أنها بأحسن حالٍ حين لمحت - بشكل نادر وربما للمرة الأولى - نظرة الفخر المفاجئة بعينيّ والدتها..
لكنها الآن، لا تعلم..
هل كانت نظرة الرضا والفخر في عينيّ أمها تستحق أن تشعر هي أنها ليست نفسها كلما نظرت بالمرآة؟؟
كيف تخبر أمها أنها تحب شكلها السابق بخصلاتها المجعدة النافرة في كل الاتجاهات؟.. أنها تحب ملابسها الفضفاضة العملية المريحة.. تود أن ترى نظرة قبول في أعين الجميع عندما يرونها.. كما هي.. بدون تجميل؟؟..
لم تدري شادن أنها قد قالت كلماتها الأخيرة بصوت مرتفع إلا عندما انتبهت على صوت نادر يقول: "من حقك طبعا أن تكوني كما تريدين وتشعرين بالراحة داخلك.. لذا سعدت كثيرا عندما صممتِ على كلية رياض الأطفال.. لكن يا Shades أحيانا يفرض المجتمع علينا بعض القواعد غير المنصفة.. ذكورا وإناثا"..
رفعت شادن حاجبيها دهشة، وقبل أن تعلّق، أمسك نادر بكفها وسحبها بعيدا عن تلك المرآة، وأجلسها على السرير ثم جلس خلفها، وبدأ يفكك البالونات المطاطية والشرائط من أطراف خصلاتها بحنو، وهو يقول: "مثلا.. الموظفون يضطرون لارتداء بدلات رسمية طوال الأسبوع، حتى لو كان الطقس حارا.. يخنقون أعناقهم برابطات ضيقة.. ويحلقون اللحى والشوارب يوميا حتى وإن كان الأمر يتسبب لهم بالتهاب الجلد"..
تنهدت شادن وكادت أن ترد، لكنه ربت على كتفها يهدئ من توترها، ثم تابع: " أتفق معك أن هناك الكثير من التمييز ضد المرأة في مجتمعنا.. وهناك أدوار محددة وتوقعات كثيرة يفرضها عليها الأهل بحيث تكون أي أحلام لها خارج دائرة تلك التوقعات مرفوضة تماما.. بالطبع تحطمت الكثير من القيود ولكن يبقى الكثير الذي يجعل البيئة المحيطة بالبنات ضاغطة وخانقة.. أتعلمين ما توصلت إليه من دراستي لعلم المناعة؟"..
التفتت شادن إليه مندهشة لتغييره لدفة الحديث، فقرأ هو الفضول بعينيها الواسعتين تؤطره أهدابها الناعمة، فأكمل: "أن الجسم حين يواجه شيئا غريبا وغير مألوف، فإنه يبدأ بالمقاومة، ثم يحاول أن يتكيف معه ما لم تفلح المقاومة.. فالمناعة تطور نفسها بشكل دوري للتعامل مع المعطيات الجديدة والغريبة.. وهذا ما يجب أن تفعليه أيضا"..
برزت عينا شادن وفغرت شفتيها بعدم فهم، فابتسم هو وتابع بينما يكمل تخليص باقي خصلات شعرها من البالونات الملونة: "بعض التنازلات تماشيا مع توقعات من حولك، سترفع عنك الكثير من الضغوط.. إذا كان المجتمع يريدك أن تظهرى كأنثى أنيقة.. فافعلي ذلك وحافظي في نفس الوقت على شخصيتك الداخلية العاشقة للحرية.. في يوم ما، ستأتيك اللحظة المناسبة التي تكونين فيها نفسك، ولن يتمكن أحد من إجبارك على الالتزام بتلك القواعد الغبية"..
في تلك الأثناء، قطع حديثهما طرق على الباب، فهتف نادر مداعبا: "بالتأكيد هذا نبيل الثقيل.. يريد أن يعتذر لك"
انفتح الباب، ودلف نبيل باندفاع تزامنا مع ضحكات شادن الصاخبة، فهتف بحنق مشيرا بسبابته لشقيقهما الأكبر: "هل ناداني لتوه (نبيل الثقيل)؟"
عاودت شادن الضحك وهي تومئ برأسها، فتحرك صوبهما نبيل وقال بغيظ: "سأمررها لك اليوم يا نادر لأنني كنت ثقيلا حقا"، ثم التفت لأخته الصغرى وقبّل جبينها، وقال بنبرة عطوفة: "شادي.. أردت أن أعتذر لك.. كان مجرد مزاح صدقيني"..
صفعه نادر على جبهته، وقال موبخا: "غبي وثقيل"..
ابتسمت شادن بتسامح وقالت: "لا بأس.. سيكون اليوم رائعا"..
حين اقترب منها نبيل لمعانقتها، دفعه نادر بعيدا وهتف: " ابتعد.. أنا لم أحصل على عناقي حتى الآن"، فانتبهت شادن أنها لم ترحب بأخيها الأكبر الذي تشتاق إليه كثيرا، فارتمت في أحضانه ليسارع هو بتقبيل وجنتيها ورأسها ويربت على ظهرها بحنو ولطف يميزان شخصيته، قبل أن يتصارع نبيل معه كي يبتعد ويمنحه الفرصة لمعانقتها أيضا..


يتبـــــــــــــــــــع


مروة سالم غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 25-07-22, 06:54 PM   #503

مروة سالم

كاتبة في قسم قصص من وحي الاعضاء

 
الصورة الرمزية مروة سالم

? العضوٌ??? » 482666
?  التسِجيلٌ » Dec 2020
? مشَارَ?اتْي » 1,756
?  مُ?إني » مصر
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » مروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   ice-lemon
?? ??? ~
Why so serious?
1111 وانطوت صفحة الهوى - القصاصة السابعة عشرة: القسم الثاني

في المستشفى العام، كان الدكتور آدم على موعد مع مناوبة طويلة تستمر لأربع وعشرين ساعة، بدأها بالفعل منذ الصباح، وها هو قد وصل للرابعة عصرا دون أن يضع لقمة واحدة في فمه، إذ اختلس بالكاد دقيقتين ليحتسي كوبا من القهوة مع تدخين لفافة من التبغ قبل أن يستأنف مروره على الحالات التي تفحصها صباحا..
والآن بعد المرور الثاني على المرضى، قرر أن يستريح لعدة دقائق داخل غرفة المكتب الصغيرة التي يتشاركها الأطباء المناوبون خلال وردياتهم المتتابعة..
دلف إلى داخل الغرفة الضيقة التي يحتلها مكتبُ معدني صغير رمادي اللون سطحه تقشّر الدهان عن بعض أجزائه ليترك لونا بنيا صدئا كئيبا، يحيط به عدد كبير من الخزانات المعدنية العتيقة بنفس اللون الكئيب، فشعر بالاختناق يجثم على صدره مشتتا احساسه بالجوع، فتحرك صوب النافذة الصغيرة والوحيدة بالغرفة، والتي تطل على الأرجح على مرآب خلفي، ففتحها ليسحب بعضا من الهواء المشبع بعوادم السيارات.. لا يحق له أن يشكو من تلوث الهواء، وقد عقدت رئتاه شراكة مع ماركات التبغ المختلفة..
بعد أن خف احساس الثقل عن صدره، سارع بالجلوس إلى المكتب ليدّون ملاحظاته في دفاتر متابعة الحالات قبل أن تتم مقاطعته بوصول حالة طارئة جديدة، فهرع لفحصها ومعالجتها برغم إنهاكه الواضح، قبل أن يعود لمكتبه لإكمال عمله المكتبي بتسجيل ملاحظاته على الحالات..
انغمس في عمله لحوالي ساعة أخرى إلى أن قطع تركيزه صوت صرير يشبه الطقطقة، فرفع عينيه صوب مصدر الصوت، لتبرق عيناه بهلعٍ..
كتم آدم أنفاسه حين استقرت عيناه على سحلية وزغة تستلقي بتحفز أعلى الجدار المجاور للنافذة المفتوحة، فصرخ مرتعبا: (بُرص.. بُرص في مكتبي)، ثم ركض مرتعدا صوب أبعد زاوية في الغرفة عن موقع تلك الوزغة التي ظلت تطقطق بصريرها المرعب وكأنها تنادي صديقاتها من الزواحف لكي تنضم إليها بعد أن عثرت على بقعة دافئة بداخل تلك الغرفة البائسة الكئيبة..
في تلك الأثناء، كان باب الغرفة قد انفتح لتدلف منه فتاة ذات طلة ملائكية ببلوزتها البيضاء وسروالها الوردي.. كانت تمسك بيديها بعض المجلدات، وتتحدث باعتيادية بابتسامة خفيفة تزين وجهها المتورد: "دكتور آدم؟ لقد أرسل دكتور سمير من قسم الباطنة هذه الملفات يطلب منك ضمها إلى....... عفوا؟.. لماذا تقف هكذا؟"..
ناظرته الممرضة بدهشة بعد أن قطعت استرسالها، والفضول يلوح بعينيها اللتين تشعان بالذكاء، فوقفت تطالعه بصمت، تحتضن ملفاتها وتنتظر منه ردا على سؤالها..
كان حلق آدم قد جف ذعرا، بينما أحباله الصوتية كمثل كل أعصابه ترتعد من الخوف، فاكتفى بالإشارة بسبابته المرتعشة صوب النافذة، فوقعت عينا الممرضة على السحلية المرابضة بهيمنة على الجدار، فالتفتت إليه تمد يدها بالدفاتر، ليمسكها هو بعد أن ضيّق حاجبيه بعدم فهم، لكنه لم يُصغ تساؤلاته في شكل أسئلة، وإنما اكتفى بمتابعتها تتحرك بخفة صوب خزانة صغيرة، أخرجت منها اسطوانة من مبيد الحشرات، واقتربت من المكان الذي يربض به (أبو بريص)، ثم ضغطت على الرذاذ لتكسوه بكمية وفيرة منه، حتى أصابه الدوار فسقط على الأرض مترنحا، لتسارع هي بارتداء اثنين من القفازات البلاستيكية، ثم ارتدت أعلاها زوجا من الأكياس البلاستيكية الشفافة، لتقوم بإمساك الوزغة من ذيلها، ثم تضعه بداخل كيسا جديدا وتحكم إغلاقه، قبل أن تضعه في الكيس الذي استقر على يدها الأخرى بعد أن نزعته، لتحكم إغلاقه على الكيس الأول، وتسارع برمي اللفافة في سلة المهملات، ثم تتبعها بالقفازين، قبل أن تسارع بنثر رذاذ الكحول على يديها ثم تجففهما بقطعة من المناديل الورقية، وتضعها في سلة المهملات أيضا..
التفتت للدكتور آدم الذي ظل واقفا متجمدا في الركن الأقصى طوال الوقت، لا شيء يبدو حيا بهيئته الشاحبة سوى عينيه اللتين كانتا تتبعانها بدهشة وعدم تصديق..
تحركت الممرضة نحوه، وسحبت من بين يديه الدفاتر التي كان قد ضمها إلى صدره وكأنه يحتمي بها، ثم قالت بنبرة واثقة والابتسامة تزين ثغرها: "الدكتور سمير أرسل إلى حضرتك تلك الملفات لكي تقوم بضمها لتقارير قسم الطوارئ"..
هز آدم رأسه ببطء، فناظرته الممرضة قليلا بتفحص، ثم همست باهتمام بنبرة شديدة الرقة: "هل أنت بخير؟"
هز آدم رأسه نفيا بطريقة بدت لها طريفة، فاتسعت ابتسامة الممرضة، وقالت: "لا بأس.. لأغلق لحضرتك النافذة.. أرجوك لا تفتحها مرة أخرى.. هذه النافذة لم تعد تطل على مرآب كما السابق، بل تم نقل المرآب إلى الجهة الأخرى، وأصبحت المساحة فارغة ومهجورة فاستطونها الحشرات والفئران"..
اتسعت عينا آدم ذعرا وتراجع خطوة أخرى للخلف ليصطدم بالحائط، فضحكت الممرضة متسلية، فضيّق هو حاجبيه غضبا، لترفع يدها معتذرة، قبل أن تقول بصوت مبهج لم يتخلص بعد من أثار الضحك: "أنا آسفة.. ولكن حضرتك ما شاء الله.. طول وعرض.. لم أظنك أبدا ستخاف من مجرد برص"..
هتف هو حانقا بعد أن وجد صوته أخيرا: "مجرد برص؟ يا إلهي.. أشعر بالتقزز وكأنه قد سار على ذراعي للتو.. لا على الجدار"..
بنبرة أمومية عفوية، قالت الممرضة: "لا بأس.. لقد تخلصنا منه.. تفضل واسترح على مكتبك يا دكتور.. سأرسل لك شيئا لتشربه من الكافيتيريا"..
ناظرها آدم مندهشا بينما كانت تخطو صوب الباب، لكنها توقفت واستدارت نحوه ثم أمعنت النظر لوجهه قبل أن تقول: "أنت لم تأكل شيئا حتى الآن.. صحيح؟"..
لم تنتظر الممرضة منه ردا، حيث سارعت وتابعت: "سأرسل لك بعض الشطائر أيضا"، ثم فتحت الباب وتحركت للخارج، وهي تهمس لنفسها: (يا إلهي كيف يكون رجلا بحجم الباب ويصيبه الذعر من مجرد برص.. كان يشبه الطفل المذعور وهو منكمش عند الزاوية يكاد أن يفقد الوعي)..
بداخل الغرفة، تهاوى آدم على مقعده كمن ضربته صاعقة كهربية، لكن شفتيه افترتا عن ابتسامة شديدة الاتساع، وهو يهمس لنفسه: (يا إلهي.. إنها رائعة الجمال.. تشبه جميلات لوحات العصر الفيكتوري.. بل تشبه رقة الملائكة وفتنة الساحرات.. تشبه.. تشبه...)
حبس آدم أنفاسه حين ومض بريق بعقله يخبره أنه قد رآها من قبل، ولكنه أبى أن يذّكره بتلك المناسبة التي قابلها فيها للمرة الأولى.. ما أثار حنقه من جديد، فمط شفتيه مستاءً، ثم عاود التدوين داخل ملفات الحالات التي يتابعها بابتسامة وليدة أبت أن تغادر فمه برغم تشتته، ورفعه لناظريه من وقت لآخر صوب النافذة المغلقة خوفا من تسلل حشرة أو وزغة أخرى..
بعد قليل، دخل عامل من الكافيتيريا حاملا صينية معدنية صغيرة، استقر عليها كوبا من القهوة باللبن، وزوج من شطائر الجبن، حيث قال: "الآنسة ذكرى طلبت لحضرتك هذا الطعام"..
(ذكرى).. همس آدم اسمها بلسانه، لتومض بداخله جذوة من بريق، جعلته يدرك أن الساحرة قد تكون قد أغوته بالفعل بابتسامتها السحرية التي ستجعله يتبعها إلى الأبد..

يتبـــــــــع


مروة سالم غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 25-07-22, 06:58 PM   #504

مروة سالم

كاتبة في قسم قصص من وحي الاعضاء

 
الصورة الرمزية مروة سالم

? العضوٌ??? » 482666
?  التسِجيلٌ » Dec 2020
? مشَارَ?اتْي » 1,756
?  مُ?إني » مصر
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » مروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   ice-lemon
?? ??? ~
Why so serious?
Rewity Smile 1 وانطوت صفحة الهوى - القصاصة السابعة عشرة: القسم الثالث

منذ وصل مع عائلته في الصباح بعد رحلة قصيرة بالسيارة بين المدينتين، وهو يشعر بحماس غير عادي، وشيء آخر غير مفهوم يجعل نبضاته تتسارع من وقتٍ لآخر..
بالكاد، تمكّن من التصرف برزانة واتزان أمام خالته فايزة وزوجها عبد المنصف دون أن يثير حفيظتهما باندفاعه البري الذي يحرص على ترويضه عندما يتواجد أناس في محيطه.. غير أنه لم يهدأ فعليا إلا حين نجح في إرسال صورة الهدية التي أحضرها لها خصيصا من السويس..
كان بحر مواظبا على تقديم الهدايا لأمواج منذ أن سافرت مع أسرتها للخليج قبل بضعة أعوام، حيث كان يحرص على إرسال طرد شهري لها بالبريد يحتوي على بطاقة بريدية تتضمن صورة مميزة لإحدى معالم البلد، فضلا عن هدية صغيرة..
في بعض الأحيان، كانت أمواج تطلب بنفسها ما تريده، لكنها في أحيان أخرى كانت تترك له مهمة الاختيار ومفاجأتها بالهدية..
لا يذكر متى توطدت علاقته بأمواج هكذا.. فرغم أن شادن أخته بالرضاعة إلا أنه ليس قريبا منها كما هو الحال مع أمواج التي يشعر معها أن هناك رباطا خفيا يصل أحدهما بالآخر مهما بعدت المساحات..
لم يرها لعدة أشهر إلا من خلال بعض الصور عبر تطبيق واتساب الذي يسمح بتبادل الصور أسرع من برامج المحادثة القديمة، وبحر قد فاز مؤخرا بهاتف ذكي من والديه كمكافأة له على نجاحه المبهر في الثانوية العامة، لدرجة أن والده كاد أن يجبره على الالتحاق بكلية الهندسة مثله بعد أن نجح في تحقيق مجموعٍ تراكمي كبير في القسم العلمي، لكن ابنه اعترف له بصراحة أنه ينوي الخضوع لاختبارات الكلية الحربية أولا.. وإذا فشل في اجتيازها، سيقدم ملفه فورا بكلية الهندسة بجامعة قناة السويس ليصبح مهندسا للتعدين مثله..
والآن، يجلس بحر في غرفة المعيشة بمنزل خالته بذلك التجمع السكني الجديد، حيث اختار مقعدا جانبيا موقعه استراتيجي، إذ يشرف مباشرة على سلالم الطابق العلوي الذي اختفت فيه أمواج منذ أن وصلت من الصالون التجميل، ووقتها كان يجلس في الحديقة الخلفية مع والده والدكتور عبد المنصف ولم يفلح في أن يحظى بنظرة واحدة إليها..
لكنه الآن يصر على أن يكون أول من يطالعها حين تحتل سلالم الدرج معلنة جاهزيتها للتوجه لحفل عيد ميلاد شادن، فجلس مخفيا توتره يطالع مختلسا السلالم من وقتٍ للآخر متحينا لحظة ظهورها..
بعد قليل، تهادت أمواج تنزل الدرج، فاستغل بحر تواجد والده وعمه بالحديقة ينتظران خروج الجميع، فسار بخفة حتى وصل لنهاية الدرج يتابع نزولها فيرضي فضول عينيه لطلتها..
كانت أمواج ترتدي بلوزة حريرية بيضاء بلمعة بسيطة بأكمام قصيرة منتفخة تشبه شكل الجرس، مع سروال من الجينز الواسع عند الساقين يتسم بتدرج ألوانه بين درجات الأزرق ليبدو كموجة صيفية متلكئة على صفحة البحر، بينما تركت شعرها المموج منسدلا حول وجهها الرقيق الذي يأخذ شكل القلب..
ظل بحر يتابع نزولها حتى وقفت أمامه، وفي تلك اللحظات أحس أن قلبه قد نسي أن ينبض، أو أنه ربما قد هرب تاركا عقله يحاول مواجهة ذلك الإعصار المفاجي الذي يعتمل بصدره فيدغدغ أضلعه شعور غريب لم بجربه من قبل.. وعقله هذا قد أصابه عطل مفاجئ، جعله يقف أمامها مشدوها..
حين شعر بنظراتها تطلب منه الاهتمام، رفع بحر عينيه لتصطدما بمقلتيّ أمواج، فتوقف الزمن من حولهما تماما..
ببطء، استعاد قلبه نبضتين هاربتين بإلحاح من مخه الذي سيطر أخيرا على العطل المفاجئ، لكنه في سبيله لتحقيق ذلك كاد أن يصيب صاحبه بفقدان الوعي أمام ابنة الخالة التي لا تحتاج لهذا المشهد أبدا كي يزيد اعتدادها بنفسها..
لكن بحر في تلك اللحظات قد نسي كل شيء.. نسي جنونها وجموحها واعتدادها بنفسها، ونسي كونها مدللة أبويها.. إذ شعر نفسه يسقط أسيرا لذلك الضوء متعدد الألوان الذي سحبه نحو عينيها كما تنجذب الفراشات حد الاحتراق..
كانت عينا أمواج تجذبان الأنظار إليهما دوما، وهو لم يكن يطيل النظر إليهما أبدا من قبل – وكأنه كان يشعر أن مقلتيها حيث تقع بداية اللعنة - فلم يتبين لونهما الحقيقي بهذا الوضوح إلا اللحظة..
والحقيقة أن عينيّ أمواج كما اسمها.. متقلبتان.. ما جعل لونهما يتأرجح تحت ضوء الثريا بين الأزرق والأخضر والفضي.. تماما كجنية البحر في الأساطير القديمة..
جدال حاد ومفاجئ احتدم بين عقله وقلبه، فالأول يقول إنها جنية من عالم الخيال، متخليا عن كل منطق احتكم إليه من قبل..أما ذلك الخافق بين أضلعه فقد همس بنبضتين هاربتين: (جنية البحر)..
لم يرى في حياته شخصا يليق به اسمه كما أمواج.. كأسطورة خيالية تتحول لتعويذة سحرية مجسدة تأسره في كل مرة تشخص فيها صاحبتها أمامه بحضورها الخاص الذي ينافس عينيها في السحر الآسر الأخاذ..
لكن بحر تمالك نفسه وهمس كالمسحور بصوت متهدج مبعثر الأنفاس: "سبحان الله البديع.. جنية حقيقية هاربة من الأساطير"، غير أن كلماته وصلت واضحة لمسامع أمواج التي كانت تقف أمامه مباشرة، لتكسو الحمرة وجنتيها في لحظة خفر نادرة، فتطرق بعينيها أرضا تحرمه مؤقتا من محاولة يائسة لكشف أسرار سحر حجريّ القمر المحتجزين بين أهدابها السوداء كسيوف مسننة تحرسهما، ما أخرجه من تأثير اللحظة، فقال بمشاغبة: "هل هذه حمرة الخجل؟ يا إلهي لا أصدق".. إذ كان يعلم أن نبرته المشاكسة ستواري خلفها كل الاضطرابات التي سكنت قلبه لأول مرة في حياته..
وبالمثل، تطاير كل الخفر والحياء من ملامحها بعد تعليقه المشاكس الذي ذكّرها بكل مشاجراتهما الطريفة عبر برامج وتطبيقات المحادثة، لتلكزه بأصابعها في عضده بمشاغبة صبيانية، وهي تهتف: "أحمق"، ثم تحركت صوب باب المنزل تتبع والدتها وخالتها وفرات الذين سبقوهما للخارج..
تمهل بحر قليلا يحاول السيطرة على رجفة أصابت قلبه، خاصة بعد أن طالع سلسلته (عروس البحر) التي تستقر أسفل نحرها، فنما بداخله شعور ناشئ يهمس له: (إنها تنتمي إليك)، لكنه استفاق من ذلك الشعور المدغدغ عندما لاحظ أن بلوزتها تضوي بلمعة براقة – جذابة للغاية - تحت الأضواء، كما أن رقبتها بلا ياقة، واسعة ومفتوحة بشكل دائري يكشف بضعة سنتيمترات من صدرها وظهرها، فتحرك مندفعا وهتف من خلفها متسائلا باستنكار: "ما هذا؟ هل ستخرجين هكذا؟ هل نحن في لندن؟"..
تسمرت أمواج مكانها، ثم استدارت إليه رافعة حاجبها، قبل أن تقول بتحدٍ: "أنا سأضع هذا الوشاح حول رقبتي ليكمل إطلالتي.. غير أنه ليس من شأنك أن تسألني عما أرتدي يا بحر.. أنتَ لستَ والدي.. كما أنني لم أسألك عما ترتدي"..
تحسس بحر صدره نزولا حتى خصره وهو يتساءل بتردد: "ما بها إطلالتي؟"..
مررت أمواج عينيها ببطء على إطلالته.. كان يرتدي قميصا باللون الأسود يعلوه سترة جلدية قصيرة تصل حتى الخصر مع سروال من الجينز باللون الرمادي الداكن وحذاء جلدي أسود، ثم رفعت عينيها مجددا لتلتقي مقلتيه وتقول له بتململ ينافي احمرار وجنتيها: "ليس بها شيء"، ثم لفّت وشاحها الأزرق حول عنقها، وسبقته للخارج بنفس خطواتها الواثقة، مدارية تماما تأثير طلته على قلبها..
حين تحركت العائلتان سيرا على الأقدام صوب منزل عبد الجليل الحلواني القريب، كانت أفكار بحر تدور داخل رأسه بسرعة ألف ميل في الدقيقة الواحدة..
لقد شعر الفتى الذي لم يغادر محطة المراهقة بعد أنه في مأزق، وكأن لعنة عمرها ألف عام قد لحقت به للتو لتبدأ فعاليتها بعد أن تخطى الثامنة عشرة من عمره بشهرين أو يزيد قليلا..
بجانب عينيه، ناظر بحر أمواج التي كانت تسير إلى جواره وبينهما فرات الذي يتشبث بكفها الصغير، ثم عاود النظر أمامه، وهو يسترجع ذكرى قديمة لوالدته التي كانت تروي عليه قصة ذات ليلة عاصفة لينام، فحكت له عن جنية البحر التي أرادت عائلتها تزويجها بابن خالتها، لكن ذلك الصغير مات فور ولادته، فأنجبت الخالة طفلا آخر منحته اسما شبيها لها لكي يصبح أسيرها أبد الدهر..
هرش بحر رأسه بتوتر، وقد شعر فجأة أن نبوءة أمه – أو دعواتها - قد تحققت.. لكنه لم يعرف أستكون نتيجة دعاءها الهناء أم البلاء!!..

يتبــــــــــــــــــــــ ع


مروة سالم غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 25-07-22, 07:00 PM   #505

مروة سالم

كاتبة في قسم قصص من وحي الاعضاء

 
الصورة الرمزية مروة سالم

? العضوٌ??? » 482666
?  التسِجيلٌ » Dec 2020
? مشَارَ?اتْي » 1,756
?  مُ?إني » مصر
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » مروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   ice-lemon
?? ??? ~
Why so serious?
Rewitysmile14 وانطوت صفحة الهوى - القصاصة السابعة عشرة: القسم الرابع

فور وصول عائلتها إلى منزل (آل عبد الجليل الحلواني)، انضمت أمواج إلى فريق الفتيات داخل غرفة شادن لكي يساعدنها في زينة وجهها..
كانت مرح تساعد شادن على تنسيق إطلالتها، حيث اختارت الأخيرة تنورة متكسرة (بليسيه) من قماش الحرير البراق باللون الرمادي تصل حتى الركبتين، ونسقتها مع كنزة شبابية قصيرة بأكمام واسعة باللون الفضي اللامع، إذ أنها وافقت على مضض على استبدال سراويلها الفضفاضة المفضلة بتنورة أنثوية رقيقة هذه المرة.. وحين طالعت صورتها في المرآة، كانت النتيجة مبهرة للغاية، خاصة حين سارعت أمواج وشذى بوضع لمسات رقيقة من زينة الوجه، لتتحول شادن لشابة جذابة في هيئة مختلفة تماما عما عودّت عليه عائلتها، وحتى عن شكلها المألوف لنفسها..
أعجبتها النتيجة لدرجة أنها تجاهلت شعورها الأوّلي بعدم الراحة كونها ستصبح محط أنظار الجميع.. ستستمتع بكونها أنثى ملفتة الليلة، وستجعله يناظرها بإعجاب.. حتما سيفعل..
حين خطت إلى الخارج بدلال مبعثه حذائها الصيفي المكشوف ذات الكعب المرتفع، كان نبيل هو أول من طالعها، فأطلق صافرة إعجاب، لكنه بالطبع لم يملك أن يلقي عليها تعليقا ممازحا، حيث قال: "ها قد جاءت Mrs. Box"، مقلدا عادل إمام في لقطة من أحد أشهر أفلامه حين وصف البطلة ساخرا بعد أن تخيرت إطلالة فارهة ولكن غير أنيقة برغم ثمنها المرتفع، قبل أن يتابع بطريقته الغليظة في المزاح: "مهما فعلتَ يا ولد يا شادي.. ستظلين في نظري ولد.. لن تكوني جميلة لمجرد أنكِ قد فردتِ شعرك وارتديت تنورة قصيرة لامعة"..
لكمته شادن في كتفه بغيظ، ومن خلفه نهرته أمه، لكنه سارع يقبّل رأسها ويخبرها أنه يحب مشاكستها وأنها تبدو شديدة الجمال، ثم منحها هديته ليكون أول من يقدم لها هدية..
فتحت شادن هديته بعد أن منحها قبلة خفيفة على وجنتها، لتجدها حقيبة جلدية أنيقة مع حذاء بنفس اللون، فناظرته بامتعاض، وهتفت حانقة: "أخبرتني أنك ستجلب لي هاتفا ذكيا"..
قال نبيل بحنق: "أحضر لكِ هاتفا ذكيا لتتبادلي فيه المحادثات مع الشباب عبر التطبيقات الجديدة؟؟ طبعا لا.. يجب أن تشكريني لأنني أحضرتِ لكِ هدية نسائية.. هذا اعتراف خطير مني"..
عاندته شادن تقول: "لكن أمواج ومرح وشذى لديهن هواتف ذكية بالفعل.. حتى بحر يمتلك واحدا.. حتى إيلاف الذي أنهى دراسته الابتدائية يمتلك واحدا"..
توقفت شادن قليلا عن الحديث تراقب رد فعله، ولمّا استفزها بتعبيره المغيظ بابتسامته المستفزة، تابعت تقول بضيق: "و زهو أيضا حصلت على واحدٍ من والدها بعد نجاحها بالثانوية العامة"..
بغيظ لم يستطع السيطرة عليه، رد نبيل مندهشا: "نعم؟؟"، ثم استدرك نفسه، وأكمل كلامه مستنكرا حتى لا يبدو أن قد قصد زهو بعينها: "كل هؤلاء لديهم أجهزة زكية؟"، وقبل أن ترد شادن، تابع يسأل على مضض: "أين زهو بالمناسبة؟"
ردت شادن بعد أن زفرت بغيظ: "ستأتي بعد قليل مع والديها".. فتحرك نبيل مبتعدا يترك لها المجال لتلقي باقي الهدايا، تزامنا مع وصول سفيان وعائلته..
بعد أن وصل الضيوف تباعا، تصنعت شادن الانشغال بفتح الهدايا وتلقي كلمات التهاني من أقاربها وأصدقائها بينما تركت عينيها تتجولان بتلكؤ حول نبيل وسفيان، وسمحت لأذنيها أن تتبعهما فقط، تسترقان السمع، وقلبها يدق بوجلٍ تخشى أن يجعله نبيل يشاهد مقطع الفيديو الذي سجله لها وهو ينفذ مقلبه بها..
كان هاتف سفيان قد علا بورود رسالة نصية، فالتفتت شادن نحوه، لتجده يقرؤها بينما يهتف أخوها بنبرة مستفزة: "ألن تتوقف عن مشاغبات مع الفاتنات؟.. لهذا يريد العم عاصم أن يزوجك"..
ضحك سفيان، وكتب ردا سريعا، ثم وضع الهاتف في جيب سترته الجلدية، وقال لصاحبه: "ماذا أفعل؟ الفتيات يدركن سذاجة الشرك الذي أنصبه لهن، ومع ذلك يقعن فيه بكل سهولة في كل مرة لانبهارهن بكوني نقيبا بالجيش.. ما ذنبي؟ كما أنني أحب التسلية قليلا.. الاهتمام يُشعرِني بالسعادة"
كادت شادن تهم بالابتعاد وقد ضاقت بما قاله سفيان، لكنها توقفت متلكئة عندما سمعته يقول: "أظن أنني سأنفذ طلب والدي في النهاية واستقر بعد نتيجة طلب الانضمام لقوات حفظ السلام.. انتظر سأقدم لشادن هديتها"..
تصنعت شادن الانشغال بفتح هدية جديدة، حين اقترب منها سفيان ومنحها حقيبة ورقية براقة الألوان بداخلها صندوق مغطى بالجلد الصناعي، وفتحته لتجد بداخله ساعة أنيقة عصرية التصميم، أتبعها سفيان بقوله: "عيد ميلاد سعيد يا بنت.. هذه الهدية مني ومن إيلاف ودندون الصغيرة.. أي أن عاصم وسميحة سيقدمان لكِ هدية أخرى"، ثم غمزها بتواطؤ..
ابتسمت شادن بخجل وأطرقت رأسها بحياء، فجاء نبيل يهتف بمرح: "لن تصدق المقلب الذي نفذته بشادن صباح اليوم"..
لم ينتبه نبيل لشحوب وجه شادن، أو محاولاتها لإيقافه عن الاستطراد تارة بغمزه بعينها وأخرى بهز رأسها لكي تنهاه عن الحديث عن ذلك الموقف، لكن الأخير أخرج هاتفه وعرض لصاحبه مقطع الفيديو فتغيرت ملامحها تماما وأصابتها لسعة من لهيب انتفض لها جسدها، فتحركت مسرعة صوب غرفة الحمام رافضة أن تظل واقفة فترى رد فعل سفيان على المقطع المذل..
لم تعلم شادن أن نظرات والدتها ونادر اللذان لاحظا الموقف منذ بدايته كانت تتبعها.. كما لم تشاهد كيف بدا سفيان مغتاظا من حب نبيل للمشاكسة لدرجة تدبيره هذا المقلب في أخته يوم عيد ميلادها، ورغم طرافة الفكرة ونجاحه في تطبيقها التي كان يعد لها منذ أسابيع، إلا أنه حين لاحظ انسحاب شادن محرجة، لم يملك إلا أن يوبخه قائلا: "يا غبي.. قلت لك لا تضايقها في هذا اليوم تحديدا.. انظر لقد بذلت مجهودا كبيرا كي تكون محور الاهتمام لكنك تقلل من ثقتها بنفسها بهذا الشكل.. وها هي قد غادرت تشعر بالإحراج بسببك"..
هرش نبيل رأسه ممتعضا، ثم قال مدافعا عن نفسه: "يا أخي.. لا أتمالك نفسي عندما أجد فرصة لمضايقتها.. هي أختي الصغرى.. وهذا أمر طبيعي ومعتاد بيننا.. كما أنها تنجح دائما في الثأر مني.. لقد أخبرتني بنفسها أنها قد سامحتني هذا الصباح بعد أن أنهيت المقلب.. لكنني لمحت بعدها في عينيها بعض الشر والتوعد.. أنت فقط قد أصابك اللين بعد أن كبرت أختك دانة ودخلت المدرسة وأصبحت ترتمي في أحضانك ولا تتركك كلما عدت بإجازة قصيرة"..
التف سفيان نحو أخته الجالسة بجوار والدتها، ومنحها ابتسامة خاصة، فنزلت الصغيرة ذات الأربعة أعوام عن مقعدها وركضت نحوه، فاستقبلها بين ذراعيه، ورفع حاجبيه مغيظا صديقه الذي لاحظ تحرك والدته في الاتجاه الذي غادرت إليه شادن قبل قليل، فتبعها ليفهم ما الأمر..
قال سفيان بعد أن منح دانة عدة قبلات على رأسها، ودغدغها قليلا ثم أرسلها لأمها: "عليك أن تتوقف عن حماقاتك معها"..
عقد نبيل ذراعيه بطفولية، وقال: "وأضايق من إذًا؟؟ أنت قائدي ولو نفذت مقالبي بك ستنتقم مني خلال التدريبات.. كما أظن أنها تغيظني بخصوص زهو.. هل تظن أنها لاحظت شيئا؟؟ "..
هز سفيان كتفيه بعدم معرفة، ثم لكن عضده بغيظ، وتركه لكي يذهب لوالده الذي أشار إليه لينضم إليه، ليتركه وحده يفكر فيما فعله التو مسببا لأخته الحزن للمرة الثانية بيوم ذكرى ميلادها..
أما شادن، فكانت تقف في الحمام بالطابق الأرضي تطالع صورتها في المرآة وتنظر لها باستغراب..
من هذه التي تنظر إليها من الجانب الآخر؟ هي واحدة أخرى لا تشبهها..
فتاة تتظاهر بالأنوثة وتفتعل الشعور بالجمال والدلال.. مجرد دمية زائفة لأصل باهت غير ملفت..
شعرت باختناق يجثم على رئتيها ويصيبها بالاختناق، ففتحت الصنبور وأخذت تملأ كفيها بالماء لتضرب بها وجهها الذي احتقن بالدماء غير عابئة بتبلل صدر كنزتها الخريفية..
فعلت كل ما فعلته كي تحظى بنظرة إعجاب عابرة في عينيه، لكنه بالكاد طالعها لثانيتين، ورمى الهدية بوجهها قبل أن ينزوي جانبا برفقة أخيها ويتضاحكان عليها..
تبا لهما..
ظلت شادن تصفع وجهها بكتل الماء حتى هدأت قليلا، فأمسكت بضعة مناديل ورقة لكي تجفف بشرتها، لتجد أن مكياجها قد ذاب تماما مفسدا هيئتها، كما أن خصلات شعرها الأمامية قد وصلها الماء فتجعدت مجددا وفقدت انسيابها الزائف.. فازداد شعورها بالضيق..
في تلك اللحظات، دخلت والدتها للحمام لكي تطمئن عليها، فوجدت هيئتها الجذابة قد تلفت تماما، فأسرعت تمسح بقايا المكياج عن وجهها، ثم أمرتها بالتسلل لغرفتها بالأعلى دون أن يلاحظ أحد من الحضور في غرفة الاستقبال الرئيسية، ثم أسرعت تطلب من شذى أن تصعد إليها لكي تعدل لها زينة وجهها من جديد..
حين صعدت شذى لغرفة شادن، وجدتها في حالة من التماسك الهش، وقد بدت وكأنها تقاوم البكاء.. ورغم أنه فعليا ليست هناك صلة قرابة حقيقية بينهما، إلا أنها كانت تشعر دائما نحوها بنفس مشاعرها تجاه أمواج..فسارعت باحتضانها، ثم سألتها عما حدث، فقالت شادن بتوتر ولا تزال تمنع نفسها بالكاد من البكاء برغم ارتجاف جسدها: "أشعر أنني لن أفلح أبدا في أن أكون أنثى مثلكن جميعا"..
ابتسمت شذى بتعاطف، ثم أخذت تفكّر بينما تربت بيدها على ظهر شادن..
كيف تقنعها أن الجمال ليس له مقاييس محددة؟
كيف تجعلها تصدّق أن الأنوثة في حد ذاتها هي التصرف بثقة مع شعور داخلي بالرضا عما منحه الله لها من سمات شكلية، حتى وإن كانت تفتقر إلى المنحنيات الجذابة الممتلئة بسخاء، والتي تلفت الأنظار؟..
كيف تشرح لها أن الأنوثة في الواقع ليست مقومات شكلية بارزة وسخية بقدر كونها توجه وقناعة داخلية.. هي مجرد حالة تسيطر على الفتاة أو المرأة، فتجعلها بشكل تلقائي تتهادى بدلال وتناظر من حولها بثقة وعنفوان؟..
شعرت شذى ببعض التردد، فهي على الأرجح ليست خير من يحدّثها في هذا الأمر تحديدا.. فهي جاءت إلى مصر خصيصا لكي تشارك في مسابقة (ملكة جمال مصر)..
هل هذا يعني أنها أيضا ممن يهتمين بالشكل وليس بالكيان الداخلي؟
تنهدت شذى، وقالت بتفكّر: "اسمعي يا Shades.. الأنوثة والجمال هما عبارة عن شعور داخلي.. إذا صدقتيه سينمو شيئا فشيئا، وستجدين نفسك تلقائيا تبرزين ذلك بشكل طبيعي في تصرفاتك، ووقتها سيراكِ الجميع جميلة بدون أن تحتاجي إلى بذل مجهود زائد.. أو مراقبة تحركاتك وتصرفاتك"..
أومأت شادن برأسها، ثم أخبرت شذى أن تنتظرها قليلا، وغادرت إلى الحمام الملحق بغرفتها، ثم بللت شعرها بالكامل بالماء، وجففته جيدا بالمنشفة، ثم أعادت تجفيفه بمجفف الشعر لتتطاير خصلاتها المجعدة في كل الاتجاهات، وبعدها أخرجت بضعة دبابيس شعر لؤلؤية وثبتت بها كعكة علوية مفككة وتركت بعض الخصلات تنسدل حرة على جانبي وجهها، ثم عادت لشذى وقالت بثقة: "أنا جاهزة"..
ابتسمت لها شذى مشجعة خاصة وأن تسريحتها العصرية الجديدة كانت تتناسب أكثر مع إطلالتها، فرفعت إبهامها تحييها على قرارها، ثم بدأت تعدل لها مكياجها، قبل أن تنزل كلتاهما إلى الطابق السفلي لاستئناف الحفل..
في تلك الأثناء، كان بحر يجلس على أريكة واسعة بين والده وأخيه الصغير فرات، وإلى جوارهما من الجانب الآخر جلس العم عبد المنصف، بينما جلس العم عبد الجليل على مقعد منفصل مجاور، فقال الأخير: "ماذا نويت يا بحر بخصوص الدراسة الجامعية؟ هل ستلتحق بالهندسة؟"
ناظر بحر والده فوجد ملامحه ثابتة لا تشي بشئ، فحوّلت أنظاره صوب زوج خالته، وقال: "في الحقيقة يا عمي.. أنوي الالتحاق بالكلية الحربية فور فتح باب التقديم، وحاليا أخضع للتدريبات البدنية اللازمة حتى أجتاز الاختبارات بنجاح باذن الله"..
ردد العم عبد الجليل: "على بركة الله.. موفق يا ولدي وحماك الله.. ما رأيك أن تتحدث مع نبيل حول الأمر؟.. ربما يقدم لك بعض النصائح هو وصديقه سفيان.. لقد تخرجا بالفعل منذ بضعة سنوات"..
حين أومأ بحر موافقا، نادى الأب على ابنه الذي كان يقف مطرق الرأس أمام والدته التي كانت توبخه على الأرجح بسبب أمرٍ ما.. وحين سمع نبيل والده يناديه، ابتسم بظفر لأن الأخير قد أنقذه من وصلة التوبيخ التي بدأتها أمه بسبب مشاكساته مع شادن، فركض نحو والده يقول بنبرة ضاحكة: "أوامرك يا سيادة القبطان"..
بادله والده الضحك، وقال معاتبا: "ألن تتوقف عن مشاكساتك؟ أعرف أن لطيفة كانت تنهرك بسبب حماقة جديدة.. متى ستنضج بالله عليك؟"
تصنّع نبيل المسكنة، وقال: "أمي دائما توبخني حتى لو وجدتني واقفا على المنصة أتلقى جائزة نوبل للسلام"..
عاود الأب الضحك وشاركه الجمع المحيط، ثم قال: "أخفض صوت الموسيقى قليلا، ثم تعال لتتحدث مع بحر عن العسكرية.. وأحضر صديقك سفيان أيضا.. الولد يريد أن يلتحق بالكلية الحربية"..
ناظر نبيل بحر مقيّما بعدم اقتناع، ثم أعاد عينيه صوب والده وأومأ برأسه ليتحرك صوب صديقه الذي كان يجلس مع أخته الصغيرة يهدهدها مدللا بمشاكسة، بعد أن سمح لإيلاف بالتحرك للعب مع فرات في ركن جانبي..
حين أخبره نبيل عما طلبه والده، نهض سفيان وحمل أخته على صدره يطوقها بذراعه بعد أن رفضت الذهاب لوالدتها وتشبثت به..
في طريقهما إلى الجانب الآخر من غرفة الاستقبال الواسعة التي تحتل نصف الطابق الأرضي، لاحظ سفيان نزول شادن وابنة خالتها من أعلى، وانتبه إلى تغيير صاحبة الحفل لتسريحة شعرها، فطالعها بفضول يحاول استكشاف السبب، لكن شعور دانة بالتململ، جعله يتخلص من وقفته الغريبة ويعاود السير مسرعا خلف نبيل الذي طلب من بحر الانضمام إليهما في الحديقة الخلفية للتحدث قليلا قبل أن تقوم شادن بإطفاء الشمع..
في تلك الأثناء، كانت زهو قد وصلت مع والديها،حيث سارعت باحتضان صديقتها وتهنئتها ثم قدّمت لها هديتها التي صنعتها يدويا بمساعدة والدتها..
وهي عبارة عن لوحة مرسومة لشادن من بن القهوة والمؤطرة بإطار خشبي زينته زهو بنفسها ببعض التماثيل المجسمة لغزلان بأحجام مختلفة كانت قد جمعتها من عدة متاجر لكي تلصقها بالإطار بشكل فني جذاب، بينما تولت والدتها رسم وجهها بمسحوق القهوة المبلل..
كانت شادن سعيدة للغاية بالهدية المميزة لزهو والتي تعبر عن ذوقها الرفيع واهتمامها بالتفاصيل، لكن والدتها كان لها رأي آخر، خاصة بعد أن اكتشفت ما فعلته ابنتها بشعرها..
فالأم لطيفة أصابها الضيق المفاجئ منذ أن دلفت زهو إلى داخل المنزل بإطلالتها الرائعة بفستان باللون الكحلي بلمعة خفيفة، له تنورة واسعة تنتهي عند الركبتين مع سترة قصيرة تغطي المرفقين..
كانت الفتاة تشبه السيدة الصغيرة بمنحنياتها البارزة وأنوثتها التي نضجت بعد أن تفجرت مبكرا قبل سنوات، فلم تملك لطيفة أن تقارن بمرارة بينها وبين ابنتها التي تكبرها بعام ولا زالت هزيلة الأنوثة رغم عبورها لقطار البلوغ، فهي في نظرها لا تزال تبدو جوار زهو كطفلة صغيرة..
تظاهرت لطيفة بأنها تحمل اللوحة لكي تحفظها في غرفة أخرى حتى لا تتلف، بينما همست بأذن ابنتها وهي تأخذ الهدية من بين يديها: "لماذا غيرتِ تسريحة شعرك وأعدتِ له تلك التجعيدات المقرفة؟ حسابي معك لاحقا"..
ارتجفت شادن بسبب كلمات أمها اللاسعة، لكنها رفعت ذقنها بإباء وتظاهرت بعدم اكتراث، وهي تسحب زهو من يدها لتنضما للفتيات لتبادل الحديث والمشاكسات معا في ركن آخر من غرفة الاستقبال..
أما في الحديقة الخلفية، فكان نبيل يطالع بحر متحفظا.. لا يعلم لِمَ تضايقه صلة بحر هذا بالفتيات، فهو لم يكتفِ بكونه ابن خالة كل من أمواج ومرح وشذى، لكنه أيضا آخى شادن، بعد أن أرضعتها والدته عدة مرات في طفولتهما..
بداخله، كان نبيل يحمد الله أن لا علاقة مقربة تجمع هذا المراهق الذي يتظاهر بالنضج بزهو أيضا، وإلا لكان قد كسر رأسه، لكنه فقط يتسامح مع علاقته بالفتيات، كونه يعيش في مدينة أخرى وأغلب أحاديثه معهن تتم عن طريق تطبيقات وبرامج المحادثات..
حين طلب منه بحر أن يحدثه عن طبيعة اختبار الكلية الحربية، وما يجب عليه أن يستعد له كي يجتازه بنجاح، هتف نبيل باستنكار: "لماذا تريد الالتحاق بالكلية الحربية؟ إن كان أحدٌ قد أخبرك أن الأمر نزهة أو وجاهة اجتماعية أو نفوذ، فامسح كل هذا من رأسك، والتحق بكلية أخرى"..
بادله بحر النظر باستياء، وقال باعتداد: "ولِمَ تظن أنني أحتاج إلى نفوذ أو وجاهة اجتماعية؟ ألا أملأ عينيك مثلا؟ أنا بحر ابن المهندس عدنان الديب والأستاذة فاطمة رشاد.. وإن كنت لا تعرفني جيدا.. تعال للسويس لتسأل عني"..
ابتسم سفيان بإعجاب، ليمنح بحر مزيدا من الثقة.. أما نبيل فناظره مقيّما ثم قال بنبرة هازئة: " الجيش ليس للأطفال يا صغير.. الجيش للرجال.. لا تنفش ريشك كالطاووس دون أن تدرك المخاطرة التي أنت مُقدم عليها"..
قاطعه بحر يقول بتحفز وصلابة: "لستُ طاووسا بل ذئبا.. ذئبٌ وُلد بالبحر وتربى بالكهف.. أمتلك مخالب وأنياب ضارية.. ولا أتخاذل أبدا.. ضع هذا في رأسك.. يا شقيق أختي"..
انفجر سفيان في الضحك متسليا، وهو يشاهد بحر ببنيته المراهقة التي بالكاد نضجت لأخرى فتيّة تكسوها طبقة عضلية وليدة، يتحدى نبيل صاحب الست وعشرين عاما، والذي اكتسى جسده بطبقات فوق طبقات من العضلات لتمنحه هيئة رجولية لا يستهان بها، ثم قال بنبرة ممتدحة: "يعجبني هذا الولد.. أظنه سيبلي حسنا في العسكرية"..
رفع نبيل حاجبه وهتف مستنكرا بدهشة: "شقيق أختك؟ لا تجعلني أدفعك بكفي فألصقك بالحائط كملصق دعائي على الطريق الدائري.. لا أفهم لِمَ تحفزتَ هكذا؟ لم تفهم ما قصدته.. ما قصدته أنه يجب أن تعلم جيدا ماذا يعني التحاقك بالجيش.. يعني أن حياتك كلها ستكون على الحافة.. ستعيش حرفيا بين الحديد والنار.. إما تعيش منتصرا أو تموت شهيدا.. لا يوجد خيار ثالث.. وفي كلتيّ الحالتين، يتحتم أن تكون بطلا لا يُشق له غبار"..
التزم بحر الصمت يفكر جيدا في كلمات نبيل، ثم أومأ برأسه وعيناه تبرقان بيقين، وكأنه يمنحه وعدا خفيا بأن تكون تلك المبادئ هي السراج الذي يستنير به في طريقه، ليبدأ بعدها نبيل وسفيان في تلقينه العديد من النصائح حول أجواء اختبارات الكلية وشروط الانضمام إليها وظروف الدراسة بها..
أمضوا ساعة ونيف في تبادل المعلومات، وحرص بحر على الاستفسار عن كثير من الأشياء الغامضة كان قد قرأ عنها خلال بحثه على شبكة الانترنت، إلى أن نادى عليهما عبد الجليل للانضمام إلى ضيوف الاحتفال لكي تطفئ شادن شموعها..
بعد أن أطفأت شادن شموعها، وبدأ الحضور يتناولون الحلوى، انزوت هي أمام الشرفة تشعر بضيق مفاجئ، فاقترب منها سفيان محاولا تغيير حالتها المزاجية، فقال بنبرة مبتهجة: "يا بنت.. ما هذا العبوس بحفل عيد ميلادك؟.. هكذا سيصدق الحضور أننا قد وجدناكِ أمام باب مسجدٍ وأنكِ لستِ ابنتنا فعلا"..
ابتسامة غادرة تسللت إلى شفتيها، فمنحها سفيان نظرة متعاطفة، ثم قال محاولا تخفيف آثار الضغوط التي تتعرض لها من والدتها وأحيانا شقيقها: "مقطع الفيديو كان لطيفا بالمناسبة.. أظنه سيكون ذكرى رائعة في المستقبل.. ستشاهدينه مع نبيل بعد سنوات من الآن وتتضاحكان سويا على مشاكساتكما الطفولية"..
ابتسمت شادن بخجل، لا تعرف كيف ترد، فأنقذها نبيل الذي انضم إليهما ممسكا بكأس من العصير قد ارتشف نصفه، ثم قال بأسفٍ صادق: "صرتُ أعتذر منكِ كثيرا يا شادي في الفترة الأخيرة.. فعلا يجب أن أتدرب على معاملتك كفتاة بعد الآن"..
قالت شادن بغيظ: "ابدأ أولا بمناداتي باسمي أو على الأقل نادني Shades"..
ضحك نبيل وقال: "ما هذا الاسم؟ اسمك مليء بالأحرف حتى في حالة التدليل"، ليشاركه سفيان الضحك ويعلق مؤكدا بقوله: "في الحقيقة نبيل معه حق.. حتى أنا أناديك (بنت) لأنني أجد صعوبة في نطقه.. يجعلني أشعر بالإنهاك وكأنني بذلت مجهودا كبيرا"..
ناظرت شادن كليهما بضيق مفتعل تمط شفتيها بطريقة مضحكة، فقال نبيل مستسلما: "إذًا اطلبي شيئا لأعوضك به"..
أخذت شادن تفكر قليلا، ثم قالت في النهاية: "علمّني السباحة"..
قال نبيل: "ليس معي وقت.. الإجازة ستنتهي خلال يومين"..
ردت هي مسرعة: "لا بأس.. عندما تعود في العطلة القادمة.. فقط عدني"..
رد نبيل مستسلما: "أعدكِ"..


يتبـــــــــــــــــــــع


مروة سالم غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 25-07-22, 07:02 PM   #506

مروة سالم

كاتبة في قسم قصص من وحي الاعضاء

 
الصورة الرمزية مروة سالم

? العضوٌ??? » 482666
?  التسِجيلٌ » Dec 2020
? مشَارَ?اتْي » 1,756
?  مُ?إني » مصر
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » مروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   ice-lemon
?? ??? ~
Why so serious?
Rewitysmile17 وانطوت صفحة الهوى - القصاصة السابعة عشرة: القسم الخامس

خرجت من المستشفى مسرعة بعد انتهاء مناوبتها.. فاليوم، جاءتها الموافقة على طلب تخفيض الرسوم الدراسية السنوية لكلية التمريض التي التحقت بها مؤخرا نظرا لكونها من المتفوقين في دراستها بثانوية التمريض..
شعرت ذكرى، أن الأمر يستلزم احتفالا خاصا، فاستقلت سيارة الأجرة الجماعية التي تمر بالحي الذي تسكن به، وعند متجر الحلوى القريب من منزلها، ترجلت من السيارة وتحركت بخطوات رشيقة نحوه، ثم دلفت إلى الداخل، وأشارت بإصبعها بحبور متحمس نحو تورتة صغيرة مغطاة بكريمة الفانيليا وشرائح التفاح الطازجة، ثم ابتاعتها وسارت لبيتها بخطوات شبه راكضة..
ما أن استقبلتها أمها أمام باب البيت، حتى وضعت ذكرى صندوق الحلوى بين راحتيها، ودلفت تخلع حذاءها المريح وحقيبتها الجلدية الضخمة، وهي تهتف بسعادة: "أمي.. لقد جاءتني الموافقة على خفض مصروفات الالتحاق بكلية التمريض بعد أن قدّمت التماسا شرحت فيه وضعي الاجتماعي، كما تم وضع تفوقي الدراسي في الاعتبار.. الآن سأستكمل طريقي نحو الدكتوراة.. سأصبح دكتورة كما حلمت دوما.. وبما أنه قد تم تعييني بشكل رسمي في المستشفى فقد صار لنا دخل ثابت والحمد لله.. تستطيعين الآن الراحة في بيتك معززة مكرمة بدلا من عناء العمل الذي استهلك صحتك"..
قبل أن ترد والدتها، جاء صوت من خلفها يتردد بقوة وبفرحة تنضح بالافتعال: "مبارك يا ابنتي.. أنا فخور بكِ بشدة.. اشتقت إليك للغاية"..
كان صوته يبعث في داخلها انقباضا كلما سمعته، ورغم أنه لم يقم بزيارتهما لبضع سنوات إلا لمامًا، إلا أنه اختار اليوم تحديدا لمعاودة الظهور في حياتها..
رفعت ذكرى أنظارها خلف والدتها، لتجد أباها يجلس خلفها على الأريكة المتهالكة، فهتفت متوجسة: "أبي.. ماذا تفعل هنا؟"
منحها الأب ابتسامة سخيفة، ثم قال موبخا: "لم تردي حتى عليّ تهنئتي لك"..
كادت أن ترد عليه، ولكنها تجمدت بإدراك عندما استعادت ذكرى زيارتها الأخيرة لبيت جدها المسن، والذي أرادت أن تبهجه بعد أن تدهورت صحته، فأخبرته عن تعيينها في المستشفى، وتقديمها لطلب الالتحاق بالجامعة، فعلمت أن الجد بالتأكيد أخبر الأب من باب تفاخره بحفيدته، والأخير فكّر أن فرصة جديدة قد جاءته ليجمع حصاد ما لم يكِد في زراعته..
تنهدت ذكرى وأعادت السؤال على والدها: "ماذا تفعل هنا يا أبي؟"
نهض الأب من مقعده وتحرك نحوها، ثم أحاط خديها بكفيه بعاطفة يدعّيها فلا تمس شيئا بقلبها، ثم قال: "جئت لأزف إليك أجمل خبر.. أريدك أن تنضمي لحضانتي منذ الآن.. أريد أن أشبع شوقي منك يا ابنتي الغالية"..
تحركت ذكرى خطوتين للخلف تبتعد عنه وعيناها تطالعه باستنكار، ثم سألت: "حضانتك أنت؟؟.. تشبع شوقك.. لي أنا؟" والاستياء يحدد أحرفها فيختفي بعضها داخل حلقها من القهر، فتخرج الكلمات ممزقة تقطعها أنفاسها المحترقة..
أطلقت ذكرى ضحكة عصبية تداري بها توترها، ثم تابعت: "أنا امرأة بالغة الآن يا أبي.. لا يمكنك أن تجبرني على الانضمام لحضانتك"..
بابتسامة باردة، قال الأب: "ولكن حضانتك يا طفلتي لا تنتهي بمجرد بلوغك السن القانوني، وإنما حتى تتزوجي.. وما لم تتزوجي سيكون عليكِ الانتقال لحضانتي أنا"..
ضحكة متوترة غادرت شفتيّ ذكرى التي قالت بنبرة واثقة أخفت ارتعاشها بجوفها: "إذًا عليك أن ترفع قضية أولا أمام المحكمة يا أبي.. وسيكون عليك بالطبع أن تدفع أتعابا للمحامي.. هل يمكنك السداد يا أبي؟ أم أنه ليس هناك من تنفق عليك حاليا؟"
بصفعة حادة على وجهها شقت شفتها السفلى إثر ملامسة خاتمه الفضي الضخم لها، جاءت إجابة الأب التي تبعها بقوله: "قليلة الأدب.. يبدو أنني سأضمك إلى حضانتي خصيصا لكي أعيد تربيتكِ"..
شعرت ذكرى باختناق شديد وكأن طبقة من قطران قد سدت منافذ التنفس لديها، فسحبت نفسا طويلا شعرت أنه يمزق رئتيها، ثم زفرته ببطء محاولة السيطرة على نبضات قلبها التي كانت في تلك اللحظات تطابق نبضات أرنبٍ مذعور، ثم قالت: "لا بأس.. أخبرني بما تريد.. هل تريد مصروفا شهريا مقابل أن تتركني مع أمي لحالنا"..
تهللت أساريره لعرضها، فتلقت إجابتها بوضوح دون رد صريح منه، فقالت بنبرة جافة: "ولكن عليك أن تحذر يا أبي.. فراتبي الآن بالكاد سيكفي مصاريف البيت والدراسة وعلاج أمي.. ورغم ذلك سأحاول أن أتدبر لك مبلغا بسيطا كل شهر.. ولكن شرطي الوحيد أن تتسلمه عن طريق جدي"..
صفعة على خدها الآخر، كانت الرد من والدها الذي تحرك مغادرا دون كلمة أخرى..
تهاوت ذكرى جالسة على الأريكة وانهارت تبكي حالها وحال أمها بسيل من الدموع لم تعرف كيف كانت تحبسه طوال مواجهتها مع والدها!..
سارعت أمها تجلس إلى جوارها وتضمها لأحضانها، لتهمس بأذنها تهويدتها التي ظلت تلقيها على مسامعها لسنوات: "أنتِ أميرتي.. والأميرات لا يبكين"..
نهضت ذكرى متحفزة، وتحركت صوب غرفتها تجهز ما سترتديه غدا صباحا عند توجهها لعملها بالمستشفى، ولكن لأنها قررت أن تتوجه إلى وجهة جديدة كأول شيء تفعله في الصباح، قررت أن تتهيأ منذ الآن..
لم تنم سوى ساعات قليلة، حيث نهضت من فراشها عند الفجر، وأدت صلاتها ثم صلت ركعتين بنية قضاء الحاجة، قبل أن تبدل ملابسها مع بزوغ أضواء الشروق الأولى في السماء..
كانت أمها قد نهضت في موعدها المعتاد للحاق للعمل في المصنع، فعاتبتها ذكرى قائلة: "أمي.. أخبرتك أن تتوقفي عن الذهاب للعمل، وأن تسوي معاشك إذا كان ذلك ممكنا"..
ردت الأم بابتسامة متعبة: "أي معاش يا ابنتي؟؟ لم أصل بعد لسن المعاش.. يجب أن أعمل لعشر سنوات أخرى قبل أن أتمكن من الحصول على معاش ثابت رغم أنه سيكون قليلا للغاية"..
سألت ذكرى باندهاش وتوتر: "عشر سنوات؟.. إذًا اتركي العمل نهائيا.. الأمر لا يستحق يا أمي.. سأحاول البحث عن عمل إضافي في عيادة أو مستوصف أو مستشفى خاص"..
قالت آمال: "أنتِ تنهكين نفسك بالفعل يا ابنتي.. والآن أمامك دراستك الجامعية.. ستلهكين صحتك ولن تستطيعي التوفيق "..
منحت ذكرى أمها ابتسامة هادئة وقالت: "لا تقلقي.. سأتدبر الأمر.. سيكون الأمر أشبه بتدريبٍ عملي يرفع كفاءتي.. سأخرج الآن"..
تحركت ذكرى تجمع حقيبتها الجلدية وصندوق طعامها الصغير ، وحقيبة رياضية أخرى تضع فيها زيها الرسمي وحذائها الأرضي المريح الخاص بالعمل، وتوجهت نحو الباب، قبل أن تحدّثها أمها بتوجس، قائلة: "الوقت باكر جدا يا ابنتي.. الساعة لم تصل للسادسة بعد"..
قالت ذكرى بهدوء: "أمامي يومٌ طويل في المشفى.. كما سأمر أولا على جدي"..
طالعتها أمها بتفكّر، والسؤال يشع من بينها أهدابها، فهمست ذكرى: "لقد اشتقت إليه.. سأمر عليه سريعا ثم أتحرك للعمل"..
قالت الأم بنبرة معاتبة: "أعرف أنك تكذبين، وستذهبين لتشتكي والدك إليه.. لكنني لن أمنعك"..
أطرقت ذكرى رأسها بخجل.. لا تحب أن تكذب على والدتها، ولكنها تحاول بشتى الطرق أن تبعد عنها الحزن وتوتر الأعصاب كيلا يتفاقم مرضها، لذا استدارت وغادرت في هدوء..
حين دلفت لبيت جدها، كان الأخير منهكما في إعداد الفطور لنفسه، فأصر عليها أن تشاركه تناول بعض اللقيمات، وبدأ يسرد عليها تفاصيل استعداده للسفر للخارج، حيث دعاه ابنه الأصغر للسفر والإقامة لديه بإحدى الدول الخليجية، على أن يسافرا معا إلى السعودية لأداء فريضة الحج بعد بضعة أشهر حين تتحسن حالته الصحية..
لاحظ الجد شرودها وعدم تجاوبها بما يحكيه بإظهار حماسها المعتاد، فسألها بقلق: "ما بكِ يا حبيبتي.. هل فعل والدك شيئا مجددا؟"
تجمعت الدموع في مقلتيها وارتعشت شفتاها بتردد يفطر القلب، وكأن سؤال جدها كان كلمة السر لكي تفقد كل تماسك لها، فقد تعبت كثيرا مما تلاقيه في الحياة من خذلان ومصاعب على صغر عمرها..
ربت الجد على كتفها، وحثها على البوح، فانطلقت تروي على مسامعه أوجاعها وكأنها أنغام ناي حزين اتحدت مع كمان كئيب لتعزف لحنا جنائزيا مواساة لروحها المنهكة..
في نهاية حديثها، أظهرت ذكرى بعضا من شراسة تتخلل شرايينها، فهتفت مهددة: "جدي.. أنا مستعدة لكي أدفع له مبلغا شهريا مقتطعا من راتبي نظير ألا يبعدني عن أمي، لكنه إذا أصر على نقل الحضانة إليه، سأهرب إلى مكان بعيد ولن تعرفوا عني شيئا حتى نهاية عمري.. والله سأفعلها"..
تعالى هتاف الجد بنبرة تجمع بين الاستياء واللوعة: "لا حول ولا قوة إلا بالله.. ما هذا الكلام؟"، ثم ربت على ظهرها، وقال بحنو: "لا تحزني يا ابنتي أنا سأتصرف.. ولا تتحدثي بهذه الطريقة مرة أخرى.. لا أحب أبدا أن تفكري هكذا"..
أطرقت ذكرى بحرج لكنها لم تتفوه بكلمة واحدة تتراجع فيها عن تهديدها..
على أبيها أن يعلم أنه إن ظن أنه سيستفيد من ورائها بإبعادها عن أمها، فإنه واهم ولن يفلح نهائيا بتحقيق ما يخطط إليه، لذا نهضت وودّعت جدها في طريقها لعملها..
بحلول الظهيرة، كان الجد شعبان قد استدعى ابنه جمال ووبخه بشدة بسبب ما فعله في بيت طليقه، وأمره ألا يذهب لزيارتها مجددا بعد الآن، وتكتم على مسألة استعداده للسفر محاولا إحكام السيطرة على ابنه المنفلت..
حاول جمال تبرير تصرفاته بأنه يريد احتواء ابنته لأنها في سن خطرة ومن الممكن أن يضحك عليها أحدهم، فتسيء التصرف، فنهره الأب قائلا: "هل تظنها مثل أولئك النسوة اللاتي يقمن باستئجارك وينفقن عليك مقابل متعة مؤقتة بعقد زواج؟ اسمع يا جمال.. تحلى ببعض النخوة وابعد عن آمال وابنتها.. لا أعلم لمن نشأت بليدا عديم الدم هكذا؟؟ ولكن أفوض أمري لله.. انشغل بنفسك ولا تثقل حياتهما أكثر مما هي بالفعل.. ولا تأمن عقاب الله.. أنت تظلمهما"..
تحرك جمال إلى الخارج، والغضب يتأجج بصدره.. لقد كبّل والده يديه، فلم يعد بإمكانه تنفيذ مخططه بضم ابنته لحضانته والسيطرة على دخلها الشهري.. لابد من خطة بديلة..
قطع انشغاله بأفكاره، ارتفاع رنين هاتفه، فاستقبل المكالمة فور أن قرأ اسم صديق له على الشاشة، فبادره الأخير يقول: "مُر عليّ هذا المساء في الكلوب.. جلسة آخر متعة في انتظارك"..
تعالت ضحكات جمال بعد أن تغير مزاجه كليا على ذكر صاحبه لذلك الوكر الذي يجتمع فيه مع رفاق السوء لتدخين الماريجوانا وغيرها من الأعشاب المخدرة، ويتفقون على صفقاتهم المشبوهة التي يتربحون من ورائها..
سأله جمال بحبور مستبقا الربح الوشيك: "أخبرني يا عماد.. هل وجدت شيئا؟؟"
رد الرجل بنبرة منغمة: "بالطبع يا صديقي.. عروس رائعة.. استعمال خفيف"..
همهم جمال متسائلا، فتابع صديقه: "امرأة غرّر بها حبيبها ثم هجرها قبل الزواج.. وتريد رجلا تتستر به لخمسة أشهر على الأكثر.. وستتكفل بالنفقات طوال فترة الزواج"..
ضحك جمال بسعادة، وقال: "لا بأس.. لا بأس.. أحب ستر الحريم وأخذ الثواب.. ولكن علينا أن نتفق على مكافأة نهاية الخدمة.. أريد نفقة متعة محترمة"..
شاركه صاحبه الضحك، وهتف يعده بما يريد: "عيوني"..
أنهى جمال المكالمة وهو يخبر نفسه أنه سيبتعد عن طريق آمال وابنتها مؤقتا.. طالما أن البديل قد توفر بالفعل، ثم مضى في طريقه يستعد للمساء..

يتبــــــــــــــــــــــ ـــع


مروة سالم غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 25-07-22, 07:05 PM   #507

مروة سالم

كاتبة في قسم قصص من وحي الاعضاء

 
الصورة الرمزية مروة سالم

? العضوٌ??? » 482666
?  التسِجيلٌ » Dec 2020
? مشَارَ?اتْي » 1,756
?  مُ?إني » مصر
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » مروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   ice-lemon
?? ??? ~
Why so serious?
New1 وانطوت صفحة الهوى - القصاصة السابعة عشرة: القسم السادس

في ذلك اليوم، كانت ذكرى قد أنهت نصف دوامها فقط بالمستشفى بعد أن حصلت على (إذن مغادرة) لكي تتوجه لكلية التمريض وتسدد رسوم الالتحاق بعد تخفيضها، وتحصل على جدول المحاضرات وقائمة المتطلبات التي ستحتاجها في الدراسة، ثم تحركت صوب شارع (القصر العيني) لكي تشتري احتياجاتها بأسعار معقولة من متاجر الأدوات الطبية التي يكتظ بها المحيط..
وفي نهاية رحلتها، عرجت على مكتب محاماة، حيث طلبت استشارة أحد المحامين المتخصصين في قضايا الأسرة، لكي تعرف منه فرص نجاح والدها في إجبارها على العودة لحضانته..
كانت ذكرى تجلس أمام المحامي، مخفية توترها بإمساكها بحقيبة يدها الجلدية بكلتيّ كفيها، لكن المحامى تعاطف معها، فقال بنبرة هادئة: "أولا الحضانة بالنسبة للابنة تظل للأبوين حتى الزواج وليست حتى سن البلوغ كالأبناء الذكور.. كما أن الأب من حقه أن يطالب بالحضانة برغم تقاعسه عن دفع نفقات رعاية شهرية للأم"..
كلّل الحزن ملامح ذكرى فتحول لون بشرتها الوردي إلى درجة ذابلة من البيج وكأن الدماء قد هربت من وجهها، فسارع المحامي يقول: " لكن الشيء الإيجابي هو أن المحكمة تطلب من الابنة الاختيار.. أي أن الأب لا يمكنه إجبار الفتاة على الانضمام لحضانته ما لم يثبت بالأدلة سوء سلوك الأم أو إدمانها مثلا أو معاناتها الصحية الشديدة التي تمنعها عن رعاية الابنة، وتلك الشروط لا تنطبق على حال والدتكِ كما فهمت"..
تنفست ذكرى الصعداء، ثم غادرت مكتب المحامي وهي سعيدة أن هناك بطاقة رابحة أخرى يمكنها أن تضغط بها على والدها عند التفاوض إذا أصر على ضمها لحضانته.. لكنها تعرف أن غايته في كل الأحوال هي المال، لذا ستعطيه راتبا شهريا تقتطعه من دخلها الذي تجمعه بشق الأنفس، ولكن عليها الآن أن تبحث عن عمل إضافي لكي تدخر ما يكفي كيلا تنتقص شيئا من نفقات البيت، خاصة أدوية والدتها ومصاريف الدراسة، فهي لن تنتازل عن حلمها بعد كل شيء..
ليس الآن..
في اليوم التالي، كانت ذكرى قد أعطت جدول دراستها لمشرفة التمريض كي ترتب جدول مناوباتها بحيث لا تتعارض مواعيد مناوباتها مع حاجتها للتواجد في الكلية في أوقات محددة خلال الأسبوع، ثم بدأت مناوبتها كالمعتاد..
وفي فترة راحتها، تحركت صوب الكافيتيريا حيث يتواجد عدد من الأطباء، وبدأت في تقديم نفسها لعددٍ منهم عارضة العمل بدوام جزئي لدى أحدهم في عيادته الخاصة لحاجتها للمال..
في تلك اللحظات، كان الدكتور آدم يتواجد بالكافيتيريا من أجل تسلم طلب القهوة من ماركته المفضلة بعد أن تركها عامل التوصيل لدى الكافيتيريا كالمعتاد..
تحرك آدم حاملا حقيبة تحمل شعار المقهى من الورق المقوى.. ولكن قبل أن يغادر الكافيتيريا، سمع تلك الممرضة (قاتلة البرص) تتحدث مع عدد من الأطباء بصوت خفيض، فأصابه الفضول..
تحرك حيث تقف الممرضة وسط جمع الأطباء الذين أعطوها انتباههم بالكامل، وقام بتحية بعضهم متصنعا التلقائية، حتى وصلت إلى مسامعه كلماتها التي تحث فيها الأطباء على وضعها في اعتبارهم إذا لاحت فرصة لها للعمل لديهم..
في تلك الأثناء، لاحظ آدم أن أحد الأطباء يطالعها بنظرات متفحصة يفهمها جيدا..
يظن الرجل أنه قد وقع على صيد ثمين، لذا هتف بها قبل أن تتلقى ردا منه أو من غيره: "أنتِ محظوظة بالفعل.. الدكتور حسن تحسين كان يبحث عن ممرضة لعيادته تساعده في تسيير الأمور.. لِمَ لا أُعرفكِ عليه.. يمكنكما الاتفاق على تفاصيل العمل.. هيا لأقدمك إليه"..
طالعته ذكرى بفم مفغور، ولكن تسللت إلى عينيها ومضات من الأمل بددت الأسى الذي كسا ملامحها عندما طالعها للوهلة الأولى حين انضم للجمع، فأشارت له بالتحرك أولا، ثم سارت خلفه..
حين خرجا من الكافيتيريا وابتعدا عن الجمع، ليسيرا في الطرقات الطويلة المؤدية إلى أقسام المستشفى، أخرج آدم من حقيبة القهوة قطعة من حلوى (الدونات) كان قد طلبها مع القهوة، ومنحها لها قائلا: "هذه مكافأة لكِ على قتلكِ لذلك البرص.. لقد أنقذتِ حياتي"..
ضحكت ذكرى وأصابها الحرج فتمتمت بكلمات ترفض بها الهدية، ليقول هو: "اسمعي.. هذا مقدم تعاقد.. ما أدراكِ ألا تكون هناك حشرات أو زواحف أخرى؟ كيف سأستعين بكِ لتنقذيني في كل مرة بدون أن تحصلي على راتب مناسب؟.. هيا تناوليها.. تبدين متعبة"..
أطرقت ذكرى وجهها بحرج، ثم مدت يدها تتناول قطعة الحلوى، بينما أخرج هو كوب القهوة وبدأ يحتسيها بتلذذ، وهو يقول: "يا إلهي.. لا أشعر أنني حي بدون أن أتناول الإسبريسو.. أشعر وكأنني واحد من كائنات الزومبي بدونه"..
ضحكة عفوية تسللت إلى مسامعه، فأدار وجهه ناحيتها يطالع البريق الذي كسا وجهها مع ضحكتها، وتكلله الغمازتان اللتان تؤطران وجنتيها كعلامتين للجمال، فتثبتت نظراته عليها لبضع ثوانٍ حتى انتبهت هي وأوقفت ضحكاتها بخجل، فتنحنح هو وقادها صوب مكتب صديقه ومشرفه الدكتور حسن تحسين..
حين دلفا للداخل، غمزه آدم بعينه اليمنى دون أن تنتبه تلك الواقفة إلى جواره من الجهة الأخرى، قبل أن يبدأ حديثه قائلا: "دكتور حسن.. لقد وجدت لحضرتك ممرضة مناسبة لعيادتك.. الآنسة ذكرى تعمل حاليا في قسم أمراض الباطنة"..
تدخلت ذكرى تقول: "لقد التحقت أيضا بكلية التمريض.. وبإذن الله سأركز على تمريض الرعاية المركزة لحالات أمراض القلب"
رد الدكتور حسن تحسين متسليا: "لكنني دكتور عظام"..
أطرقت ذكرى وجهها بأسف، فغمزه آدم مجددا وقال بنبرة إقناعية: "يا دكتور حسن.. بالتأكيد لديها خبرة في المساعدة بطب العظام.. كما يمكنك تدريبها ومنحها بعض الخبرات.. صدقني ستكون إضافة قوية لعيادة حضرتك"..
كانت ذكرى تشعر بالحرج الشديد، وللوهلة الأولى سألت نفسها.. (كيف أدرك دكتور آدم عزازي حاجتها للعمل؟، ولماذا يتدخل من أجل مساعدتها بهذا الإصرار؟)..
كادت أن تتفوه ببعض كلمات الشكر وتغادر مسرعة ململة ما تبقى من كبريائها، لكن الدكتور حسن الذي بدا في أوائل الأربعينات من عمره، قد منحها ابتسامة تشع لطفا، وقال: "لا بأس.. مري عليّ بعد ساعتين لنتفق على التفاصيل وجدول العمل، لأن لديّ الآن مرورا على الحالات.. وهذا رقم هاتفي المحمول"، ثم منحها بطاقة عمل تحتوي على أرقامه..
أومأت ذكرى بطاعة، ثم تحركت تتناول البطاقة من يده وغادرت بهدوء، بينما بقى آدم متلكئا حتى أغلقت الباب خلفها، فاستدار لمديره يقول: "آسف على إقحامك بالأمر.. لا أعرف كيف أشكرك.. ولكنها صدقا تحتاج لزيادة دخلها.. وأريدها أن تعمل تحت إمرتك لأنني أثق بحضرتك.. لولا أنني لم أحصل بعد على الدبلومة ولم أفتتح عيادة خاصة، ما كنت طلبت من حضرتك هذه الخدمة.. أرجوك"..
استرخى الدكتور حسن في جلسته مستندا إلى ظهر المقعد، ثم ناظر آدم متفرسا لدقيقة، جعلت الآخر يتوتر في وقفته محركا جسده ليستند على ساقه الأخرى، خاصة حين سأله الأول: "آدم عزازي الذي تمتلك عائلته ما لا يقل عن ربع عيادات البلد، يطلب مني أنا المساعدة لتعيين ممرضة؟"
رد آدم بتوتر لم ينجح في إخفائه: "إذا طلبت من أحد أقاربي مساعدتها.. سيطيل الاستفسار، ثم سينقل الأمر لوالدتي لتبدأ هي الأخرى تحقيقا مطولا.. أريد فقط حل مشكلة تلك البنت"..
سأله حسن بفضول: "لماذا كل هذا الاهتمام لحل مشكلتها؟"
ابتسم آدم بحرج، وقال بنبرة صادقة: "أرد لها دينا"، ثم تابع همسا بداخله (كما أشعر أنني أعرفها من قبل)..
عاود الدكتور حسن سؤاله بفضول أكبر: "أنت مدين لها.. كيف؟"
هرش آدم رأسه، ثم عدّل من وضع إطار نظارته على وجهه، وقال بعفوية: "لقد قتلت من أجلي"..
فغر الدكتور حسن فمه، وردد سؤاله بدهشة: "قتلت؟ قتلت من؟ هل هل مجرمة؟"
رد آدم بنفس العفوية: "بل مقاتلة.. قتلت برصا مرعبا كان يحتل الجدار بمكتبي"..
هاجمت موجة من الضحك ثغر الدكتور حسن، الذي نهض متحركا ليقوم بمروره على الحالات، فوضع يده على كتف آدم، وقال ممازحا: "ألا تزال تعاني من فوبيا الزواحف والحشرات؟ الآن أفهم سبب رغبتك في رد الدين لها.. أتذكر ما حدث خلال تطوعك في تلك البلدة النائية قبل أشهر؟"
اهتز جسد آدم بقشعريرة مرعبة، وهو يتذكر غرفته بأحد دور الاستضافة بتلك القرية النائية، والتي كان سقفها مستعمرة للسحالي، ما جعله يعزف عن النوم تماما طوال أسبوع تطوعه هناك حتى أنهكه التعب، واضطر في النهاية للنوم لبضع ساعات مقتطعة داخل سيارة أحد زملائه..

يتبـــــــــــــــع


مروة سالم غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 25-07-22, 07:10 PM   #508

مروة سالم

كاتبة في قسم قصص من وحي الاعضاء

 
الصورة الرمزية مروة سالم

? العضوٌ??? » 482666
?  التسِجيلٌ » Dec 2020
? مشَارَ?اتْي » 1,756
?  مُ?إني » مصر
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » مروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   ice-lemon
?? ??? ~
Why so serious?
:jded: وانطوت صفحة الهوى - القصاصة السابعة عشرة: القسم السابع والأخير

بعد مرور بضعة أسابيع، انضمت شذى لمنافسات مسابقة (ملكة جمال مصر)، وبالفعل حققت الهدف الذي كانت تضعه نصب أعينها، بفوزها باللقب معلنة اضطلاعها بما يترتب عليه من التزامات ستفرض عليها السفر للقاهرة عدة مرات خلال العام المقبل، فضلا عن سفرها خلال بضعة أشهر إلى النرويج لمدة أسبوعين لتمثيل مصر في مسابقة (ملكة جمال الكون)..
كان الدكتور مصطفى والي وزوجته الدكتورة فريال الحلواني يشجعان ابنتيهما على السعي خلف أحلامهما والتحلي بقدر كبير من الحرية في التصرف والاختيار، طالما أنهما ستتحملان النتائج..
ولذا، فإن المراقب للشقيقتين اللتين يفصل بينهما أقل من عامٍ ونصف وتجمعهما الثقة الشديدة بالنفس، سيلاحظ مدى الاختلاف بينهما في الأفكار والتصرفات..
فالابنة الكبرى مرح تتمتع بشخصية هادئة ورقيقة، كما أنها تتحلى بقدر مبهر من الالتزام الديني، حتى أنها أصرت على ارتداء الحجاب رغم أنها تدرس حاليا في العاصمة البريطانية لندن ولم تبالي بما قد تلاقيه داخل مجتمع غربي منفتح من انتقادات قد تصل لحد التنمر..
كما أنها تتمتع بذكاء كبير جعل تحصيلها العلمي أعلى من كل أفراد العائلة من جيلها، لذا قد التحقت بدراسة طب الأسنان..
أما شذى، فهي محبة للحياة وعاشقة للمغامرات، تتمتع بشخصية قوية ومنفتحة وتميل دائما إلى تجربة الأشياء غير المألوفة.. ورغم ذلك، فهي تعتبر أنوثتها أكبر مميزاتها وأقوى أسلحتها، خاصة وأن تحصيلها العلمي محدود مقارنة بأختها الطبيبة الواعدة ووالديها اللذين يشرفان على برنامج بحثي ضخم متعلق بعلم الفيروسات، ونجحا مؤخرا مع فريقهما البحثي في تطوير xxxx طبي لعلاج مرض فيروسي خطير قد انتشر بوسط وغرب أفريقيا خلال السنوات القليلة الماضية..
على أن مصطفى والي وزوجته فريال رشاد سيعودان إلى دبي فور انتهاء البنتين من الدراسة في لندن، حيث قدّمت لهما جهة علمية حكومية عرضا لتأسيس والإشراف على مركز بحثي جديد يخدم منطقة الشرق الأوسط بالكامل..
الدكتور مصطفى وزوجته وابنتهما مرح قد عادوا جميعا بالفعل للعاصمة البريطانية، بينما ستبقى شذى لبضعة أسابيع هنا في مصر لتحضر بعض الفعاليات الخاصة بمنصبها، وقد اتفقت عائلتها مع أسرة خالتها فايزة على استضافتها في بيتها مع ابنتها الوحيدة أمواج خلال الفترات التي ستزور فيها مصر تباعا خلال العام الجاري بأكمله، حيث ستتلقى شذى خلال تلك الفترة محاضراتها إلكترونيا بنظام المقاطع المرئية بعد أن اتفقت مع إدارة الكلية على ذلك..
واليوم قد حضرت شذى برفقة أمواج وشادن وزهو صديقة الأخيرة، إلى النادي لتمضية يوم كامل أمام حمام السباحة بحضور نبيل وصديقه سفيان اللذين حصلا على عطلة قصيرة بعد أن تم قبول طلب التحاقهما بقوات حفظ السلام الدولية التابعة للأمم المتحدة، حيث من المقرر توزيعهما على وحدتهما الجديدة قبل السفر إلى أمريكا الجنوبية للمساعدة في استعادة الأمن بإحدى الدول التي عانت مؤخرا من الاضطرابات نتيجة الصراعات السياسية وانهيار العملة المحلية وارتفاع معدلات الجريمة..
كان سفيان قد أحضر معه أخاه الأصغر إيلاف الذي التحق بالصف الأول الإعدادي مع بداية العام الدراسي الجديد، لكي يشجعه خلال تحديه لنبيل في مباراة للتنس، خاصة وأن الأخير قد أقسم على الفوز عليه اليوم، خاصة وأن لديه فريقا من المشجعات الفاتنات..
أما شادن من جهة ثانية، فقد قررت أن تتجرأ قليلا وتتخلص من جمودها الذي يسيطر عليها في وجود سفيان، خاصة بعد أن لاحظت نظرات أخيها نبيل لصديقتها زهو منذ يوم عيد ميلادها الذي تألقت فيه الأخيرة بإطلالة مذهلة، كما لامست أيضا شرارات كهربية متطايرة بين بحر وأمواج.. والغريب أن كليهما لا يبدو منتبها لتلك الشرارات وكأنها لا تنبعث منهما لتؤطرهما بطوق لامع كضربات برق جبارة، لا يمكن لمن يمعن النظر أن يتجاهلها..
كانت شادن قد بدأت خطتها بكتابة خطاب عاطفي تبث فيه سفيان مشاعرها الوليدة، لكنها أعدت اعترافها جيدا، حيث كتبت كلماتها على أحد برامج الكتابة الإلكترونية ثم طبعت النص المكتوب على ورقة ملونة بتصميم رومانسي تظلله الزهور، بحيث لا ينتبه لخط يدها إذا كان لا يزال يتذكره، ثم وضعت الخطاب في مظروف وردي عليه رسوم رومانسية لطيفة لكيوبيد وبعض القلوب والزهور الملونة المجسمة بتصميمات ناعمة..
سمِها لحظة جنون أو تحدٍ أو عنادٍ طائش أو حتى شجاعة غير محسوبة العواقب، إلا أن شادن قررت اليوم الابتعاد تماما عن نمط سلوكها المعتاد، وقررت الإتيان بتصرف بعيدٍ تماما عن شخصيتها التي لا تحب التحرك في الخفاء، بل وتزهد حتى في السعي خلف ما تتمناه، حيث قررت تنفيذ مخططها الذي ينطوي على الكثير من المخاطرة، مطمئنة نفسها في كل خطوة أنها قد حسبتها جيدا ولن يستطيع أحد اكتشاف ضلوعها في الأمر، إذ وقع في يده الخطاب بطريق الصدفة..
استغلت شادن انشغال أنظار الجميع بملاحقة سير المباراة، وحتى اللاعبين المتنافسين كانا منغمسين تماما في اللعب، فلم ينتبه لأحد لتلك التي تسللت إلى البقعة التي تحتضن حقيبة سفيان الرياضية التي كانت تستقر على الأرض بجوار إيلاف المنشغل بمشاهدة أخيه وهو يكسب نقطة من نبيل، ثم رمت المظروف بداخلها وقلبها ينبض بسرعة ألف نبضة في الدقيقة، ثم ركضت بعيدا قبل أن يلاحظ أحد وجودها جوار الحقيبة.. ولمّا ابتعدت لمسافة كافية، أخذت تهدئ أنفاسها ونبضاتها وهي تحيط وجنتيها بكفيها بتوتر شديد..
وحدها شذى التي شاهدت تصرف شادن المراهق، فلم تستطع السيطرة على شعورها بالشفقة تجاهها، لكن الأخيرة لم تطلعها على ما كانت تنتوي فعله قبلا، وإلا لكانت قد نهتها عن ذلك كيلا تجلب لنفسها صدمة وحرجا لا آخر لهما، فهي تكاد تستشعر رد فعل سفيان حين يشاهد الخطاب..
شذى بما تمتلكه من شخصية منفتحة، وتربية أوروبية، فضلا عن تقدّمها على شادن ببضع سنوات من العمر، قد التقطت بسهولة مشاعر سفيان نحو شادن.. لا شيء مميز عن كونها مجرد الشقيقة الصغرى لصديقه الأقرب.. وهذا ما لم تفهمه شادن حتى الآن..
فالأخير لا يبدو وكأنه يلاحظ شادن من الأساس.. بل إنها لا تبالغ إذا توقعت أنه ربما فعلا لا يراها سوى كفتى.. تماما كما يفعل أخوها نبيل..
أو ربما في أكثر استنتاجاتها تفاؤلا، فإنه قد لاحظ نظراتها له، لكنه يجبر نفسه على الابتعاد عنها، تحديدا لأنها شقيقة نبيل كما أنها صغيرة جدا بالنسبة له، وهو - كما فهمت – يدخل في علاقات سطحية كلما أتيحت له الفرصة لكن لا نية لديه في الارتباط الجاد..
في النهاية تبقى المحصلة واحدة.. لا شيء يمكن أن يجمع شادن وسفيان.. فهو لا يفكر نهائيا فيها بالطريقة التي تريدها، ووضعت فيها كل أمنياتها كما يبدو من تصرفها المتهور..
رمقت شذى شادن بتعاطف وإشفاق، وهي تشعر أن صغرى بنات خالاتها على وشك أن يتحطم قلبها لشظايا، بفعل أحلامها المتهورة التي تولدت بداخلها فجأة مع معانقتها أخيرا لأنوثتها التي ظلت تجافيها لسنوات عانت خلالها من تأخر البلوغ فكانت هدفا لانتقادات والدتها، كما تراكمت المشاعر بداخلها من إحباط وقنوط وعدم ثقة بالنفس، إلى أن تحولت في النهاية إلى نوع من الغرام المفاجئ الذي يقترب من الهوس..
بسفيان..
انتهت المباراة بفوز نبيل، الذي وقف أمام الفتيات وقفة استعراضية مؤطرا خصره بكفيه كطاووس منتفش بتفاخر و زهو، يخص بنظراته تلك التي تمتلك اسما يطابق مشاعره اللحظة، والتي كانت تشارك الحاضرات التصفيق والهتاف له بعفوية، غافلة تماما عن مشاعره التي تتضخم يوما فيومٍ نحوها، ولا يكاد يطيق الانتظار حتى يطلب يدها رسميا من والدها حين تكبر قليلا، بل إنه يفكر جديا في أن يعترف له بمشاعره تجاهها كيلا يسبقه أحدٌ إليها خلال انشغاله هو بحماية المستضعفين من الأعداء المتربصين..
أما سفيان، فقد تصنّع الغضب من هزيمة نبيل له، خاصة وأنه كان يريد أن يلفت نظر بعض الفتيات، ربما نجح في استمالة إحداهن للخروج بصحبته بموعد غرامي رومانسي قبل أن يعتذر لها بكلمات محددة يلقيها على مسامعها لاحقا كما يفعل مع كل فتاة قبل أن يقطع علاقته بها كاسطوانة مكررة، لكنها لا تفشل أبدا في إحداث التأثير المطلوب والنتيجة المنتظرة..
أمسك سفيان يد إيلاف، ثم ناوله لأمواج التي كانت قد نهضت كي تشتري بعضا من حلوى القطن، وطلب منها اصطحابه معها وشراء البعض له أيضا، إلى أن يذهب هو لتبديل ملابسه بحمام الرجال..
حين دلف سفيان إلى داخل أحد الحمامات، سارع بإخراج منشفة وبعض الملابس الداخلية، لكنه انتبه لسقوط مظروف على الأرض كان مندسا بين طيات الملابس، فانحنى للإمساك به، وفتحه ليجد رسالة مطبوعة بعد أن تمت كتابتها إلكترونيا..
كان نص الرسالة مكتوبا باللغة الإنجليزية، وكأن صاحبتها تعرف أنه يجيدها بالفعل، حيث تقول:

(Dear Sufian, I know you don’t know my ‘Till now’, but I want you to know that I am in love with you.. and if you can really feel me, then you will know me..
Hint, I have been eyeing you forever and you’re the one for me.. I see you not just as the man of my dreams, but as the hero of my life..
I know you may not love me now, but may be if you open your heart for me, then may be.. may be, oneday it will home for me..)


(عزيزي سفيان..
أعلم أنك لا تعرفني - حتى الآن – ولكنني أريدك أن تعرف أنني أحبك..
وإذا كان بإمكانك أن تشعر بي، فإنك ستعرف حتما من أنا..
تلميح: كنت أراقبك طوال الوقت..
أنت الرجل الوحيد بالنسبة لي، لا أراك فقط كرجل أحلامي، وإنما كـ بطل حياتي أيضا..
أعرف أنك ربما لا تحبني حاليا، لكن إذا فتحتَ قلبك لي.. فربما.. ربما يصبح يوما ما كنفا لي)..


ظل سفيان يحدّق في الخطاب فاغرا فمه باندهاش، وعقله يأخذه لآلاف الوجوه. يحاول تخمين من تلك الغارقة في حبه لدرجة أن تتصرف بجرأة وترسل له خطابا بهذا الشكل..
بشعور بالانتشاء والغرور، أعاد سفيان قراءة الخطاب محاولا تخمين هوية صاحبته المدلهة في حبه، لكن عقله لم يفلح في إسعافه بوجه معين لصاحبة الخطاب المحتملة، فكثيرات كُن يطالعانه بنظرات مستغرقة في الهيام وكأن أحلامهن تتجسد أمام عيونهن..
من يا تُرى صاحبة ذلك الخطاب؟..
هتف سفيان بانفعال: (فكّر.. فكّر.. الحقيبة كانت بسيارتي.. ثم تركتها إلى جوار إيلاف حين بدأت المباراة بيني وبين نبيل.. من يمكن أن تنجح في الوصول لحقيبتي التي كان يجلس بجوارها إيلاف دون أن تثير قلقه؟ بالتأكيد ليست فتاة غريبة)
شهق سفيان وجحظت عيناه بعد أن تيقن من هوية صاحبة الخطاب..
شادن ولا أحد غيرها..
لقد لاحظ مؤخرا نظراتها التي صارت تلاحقه كلما تواجدت في محيطه، لكنه لم يمنح الأمر أهمية لأنه يعلم أنه سرعان ما سيعود للسفر.. كما أنه لاحظها تمر خلف نبيل وصولا إلى الطاولة خلال التقاطه للكرة أثناء المباراة.. بالتأكيد دست الخطاب بحقيبته وقتها..
أجل.. هي.. لم يتحرك أحد سواها خلال المباراة..
ما الذي تفكر به تلك الغبية؟ هل تريد تخريب صداقته بنبيل؟
سارع سفيان بالاستحمام وتبديل ملابسه، ثم تحرك قاطعا مضمار المشي مهرولا يحاول التخلص من غضبه كي يفكر بسلاسة في الطريقة المناسبة للتعامل مع الأمر..
إذا أخبر نبيل، سيتسبب له في حرجٍ بالغ، كما ستقع شادن في مشكلة كبيرة مع عائلتها، خاصة والدتها التي لا يستبعد أن تفرض على نبيل قطع علاقته به بزعم أنه هو من أوقع ابنتها في حبائله..
يا الله.. كيف يتصرف؟
أبطأ سفيان من خطواته الهادرة، ثم تحرك صوب الجلسة التي تجمع نبيل وإيلاف والبنات والذين كانوا يتبادلوان المزاح إلا هي..
بدت شادن متوترة للغاية بوجهها الشاحب، وظلت تعتصر أصابعها المعقودة على حجرها بقلق، وكأنها تنتظر معجزة.. أو كارثة..
تحرك صوبهم بخيلاء، فناظره الجميع يمرر عينيه بينهم، إلى أن استوقفها عليها لثوانٍ معدودة والشرر يتطاير من مقلتيه، قبل أن يقول لصديقه بنبرة متعجرفة مدروسة: "لقد ربحت أنت المباراة لكنني أنا من فزت في النهاية"..
طالعه الجميع باهتمام، لكن عيون شذى وشادن كانتا تتابعانه بتوتر، ففهم سفيان أن قريبتها ربما تعرف شيئا عن الأمر..
أما نبيل الذي لم ينتبه للفضول والذعر في عيون الفتاتين، فقد سأله ببلاهة: "كيف ذلك؟"
كست ملامح سفيان نظرات وقحة، حرص على أن تصل كاملة لشادن، ثم قال: "لقد جاءني خطابا عاطفيا ساخنا من معجبة جديدة"...
ضحك نبيل، وقال: "تقصد فتاة رخيصة جديدة.. هل بدأن في مطاردتك بتلك الطريقة بدلا من رسائل الدردشة على الهاتف؟ ما هذه الجرأة؟"
رد سفيان على صديقه يؤيده في استنتاجه: "بالطبع فتاة سهلة تعرض نفسها على شاب لا تعرف كيف سيتلقى الأمر.. لا توجد فتاة محترمة تفعل هذا الشيء.. بالتأكيد لم تحسب الأمر جيدا.. مثلا أنا يمكنني الآن أن أفضحها أمام عائلتها"، قال كلماته الأخيرة قبل أن يصوب نظراته القاسية نحوها مباشرة..
اختفت الألوان من وجه شادن الذي غيمت عليه غيمة داكنة جعلتها أشبه بمن تنسحب منها الحياة ببطء بكل لحظة بينما قفز قلبها لحلقها وبدت وكأنها ستتقيأه من فمها خلال ثوانٍ قليلة، فسدّد سفيان نظرة لوم جديدة نحوها، قبل أن يقول: "لكن لأنني شاب محترم مستقيم.. لن أحرجها.. وسأتجاهل الأمر تماما.. لكن الأفضل لها أن تتوقف عن هذا الغباء قبل أن تضر بسمعة عائلتها"..
ارتعشت شادن بشدة لدرجة أن شذى قد رفعت ذراعها تطوقها بدعم وحمائية، قبل أن يتنهد سفيان ويقول بنبرة أكثر هدوء، قاصدا تشتيت انتباه الجميع: "على العموم سأجعل إدارة النادي تنتبه جيدا لتلك الأمور وتخبر الحراس بالمراقبة جيدا.. على الأرجح هي تركت الرسالة في حقيبتي بعد أن توجهت للاستحمام وتبديل ملابسي"..
رد نبيل: "معك حق.. افعل ذلك.. أنا جائع.. هيا لنطلب الغداء"..
في تلك اللحظات، نهضت شذى مندفعة تقول: "لستُ جائعة.. أنا سأذهب للحمام.. تعالي معي يا Shades"، قبل أن تلاحظ أمواج توتر شادن، فتهتف محاولة سحب الأنظار عنها: "وأنا سأذهب معكما، ثم نمر على معرض الاكسسوارات في طريقنا للعودة إلى هنا.. أريد شراء حقيبة مزينة بالصدف"، ثم نهضت وسحبت شادن معها، والتي كانت قدماها على الأرجح متيبستين من الصدمة في تلك اللحظة..
أما سفيان، فقد استأذن من نبيل وزهو ، وأمسك بيد أخيه وتحرك عائدا لبيت والده لكي يتناول الطعام مع أسرته ويلاعب أخته الصغيرة دانة..
أما نبيل الذي لم ينتبه لحالة أخته وصديقاتها، فقد أخذ يحاول تشتيت زهو التي شعرت بالحرج، حين نهضت الفتيات تباعا وتركنها بمفردها معه، فظل يخبرها بعض النكات والمواقف الطريفة التي مر بها خلال سفره، ليجعلها تضحك بصخب وعفوية ناسية شعورها السابق بالخجل لمغادرة الجميع..
ظل سفيان طوال الطريق ينهر نفسه لشعوره بالاندفاع في معالجة الموقف، حيث ظل يخبر نفسه أنه قد فعل الصواب، لأن الأمر شائك جيدا ولا يمكن معالجته بطريقة مختلفة..
هو لن يخسر نبيل، ولن يقبل أبدا اتهامه بمحاولة إغوائها والإيقاع به.. لن يصدق أحد أنها هي من تعلقت به.. الجميع سيلومه إذا انكشف الأمر، وسيفقد صديق عمره..
تنهد سفيان وأجبر نفسه على تجاوز مشاعره المستاءة حيال تصرفه مع شادن.. في كل الأحوال كان سيكسر قلبها، وربما هذه الطريقة القاسية هي أكثر الطرق رأفة للمحافظة على سمعتها بعد هذا التصرف المتهور..
إن تساهل معها، فربما تكرر تصرفها مع شاب آخر، ولا يعرف كيف سيكون رد فعل الأخير أو عائلتها إذا وصل إليها الأمر..
أجل، بتصرفه هذا سيحافظ عليها، وعلى صداقته بنبيل..



بعد بضعة أيام، وقبل عودة نبيل إلى وحدته العسكرية الجديدة بعد تلقيه خطاب الموافقة على الانضمام لقوات حفظ السلام الدولية، كان الأخير قد رافق أخته الصغرى شادن إلى النادي مرة أخرى من أجل تعليمها السباحة كما وعدها..
فوجئت شادن بعد أن وصلت للنادي بوجود سفيان الذي بدا متضايقا حينما قابلت عيناه مقلتيها، لذا فقد تجاهلته، وذهبت لتبديل ملابسها لكي ترتدي زي السباحة الذي ابتاعه لها نبيل..
كانت الأمور تسير بشكل شبه طبيعي برغم سيطرة برودة كريهة على الأجواء، لكن شادن سارعت لحقيبتها، وركضت بها صوب الحمامات، وقبل أن تبدّل ملابسها المبللة، سارعت تهاتف شقيقها الأكبر نادر، وهمست من بين دموعها التي نزلت دون أن تتمكن من السيطرة عليها: "أنا في النادي.. تعالى لتأخذني أرجوك"..
هتف نادر قلقا: "لماذا تبكين؟؟ ما بكِ؟؟ هل حدث شيء؟ هل أنتِ بخير؟ ونبيل؟"
ردت شادن: "بخير.. بخير.. لم يحدث شيء.. فقط تعال.. أرجوك يا (أبيه)"، ثم أخذت تصرخ وتهتف بكلمات متشابكة غير مفهومة، فأنهى نادر المكالمة قائلا بجزع: "لا بأس.. اهدئي.. أنا قادم في الحال"..




نهاية القصاصة
قراءة ممتعة
أرجو ضبط النفس وانتظار القصاصة المقبلة قبل مناقشة تصرف سفيان


مروة سالم غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 25-07-22, 09:05 PM   #509

hanaa mansi

? العضوٌ??? » 459629
?  التسِجيلٌ » Dec 2019
? مشَارَ?اتْي » 119
?  نُقآطِيْ » hanaa mansi is on a distinguished road
افتراضي

روايه رائعه من اجمل ما يكون

hanaa mansi غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 25-07-22, 10:29 PM   #510

موضى و راكان

نجم روايتي

alkap ~
 
الصورة الرمزية موضى و راكان

? العضوٌ??? » 314098
?  التسِجيلٌ » Mar 2014
? مشَارَ?اتْي » 6,242
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » موضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   cola
¬» قناتك max
?? ??? ~
سبحان الله وبحمده .. سبحان الله العظيم
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

فصل رائع يا مروة تسلم ايديك ربنا يزيدك موهبة و ابداع يا جميلة
عجبتنى مشاهد ادم و ذكرى و شادن تنبأت بأن سفيان سيكون كنفا لها فلننتظر الاحداث القادمة
و ملك المقالب نبيل بونبوناية الفصل
واعتذر لعدم تكملة تعليقى عن الفصل الماضى لانقطاع النت بسبب اصلاحات فى الشبكة التى نتبعها
تسلمى يا مبدعة🌹


موضى و راكان غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 04:18 PM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.