آخر 10 مشاركات
انتقام النمر الأسود (13) للكاتبة: Jacqueline Baird *كاملة+روابط* (الكاتـب : * فوفو * - )           »          90 - أيام معها - آن ميثر - ع.ق (الكاتـب : pink moon - )           »          و أمسى الحب خالدا *مكتملة* (الكاتـب : ملك علي - )           »          أحــــ ولن أنطقها ــــــبِك "متميزة" و "مكتملة" (الكاتـب : *my faith* - )           »          رفقاً بقلبي (1)*مميزة ومكتملة* .. سلسلة قلوب تحكي (الكاتـب : كاردينيا الغوازي - )           »          فرصة أخيرة -ج 2حكايا القلوب-بقلم:سُلافه الشرقاوي[زائرة]كاملة &الروابط* (الكاتـب : سلافه الشرقاوي - )           »          نبض فيض القلوب (الكاتـب : شروق منصور - )           »          لا اجيد العتاب (الكاتـب : الاسود المغرمه - )           »          من أجل أمي (28) للكاتبة: Jacqueline Baird *كاملة+روابط* (الكاتـب : * فوفو * - )           »          إفتقادّ *مميزة* (الكاتـب : المســــافررر - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء

Like Tree12256Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 26-08-22, 07:47 PM   #611

Nour fekry94

? العضوٌ??? » 461550
?  التسِجيلٌ » Jan 2020
? مشَارَ?اتْي » 339
?  نُقآطِيْ » Nour fekry94 is on a distinguished road
افتراضي


🤧🤧🤧😒😒😒😒😒😒😒😒😒😒😒🤢🤢🤢🤢🤢🤢🤢🤢

Nour fekry94 غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 29-08-22, 10:03 AM   #612

مالك المشد

? العضوٌ??? » 505290
?  التسِجيلٌ » Jul 2022
? مشَارَ?اتْي » 15
?  نُقآطِيْ » مالك المشد is on a distinguished road
افتراضي

متشوقه جدا لقراءة الروابه ومتابعتها

مالك المشد غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 29-08-22, 12:16 PM   #613

مروة سالم

كاتبة في قسم قصص من وحي الاعضاء

 
الصورة الرمزية مروة سالم

? العضوٌ??? » 482666
?  التسِجيلٌ » Dec 2020
? مشَارَ?اتْي » 1,756
?  مُ?إني » مصر
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » مروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   ice-lemon
?? ??? ~
Why so serious?
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة مالك المشد مشاهدة المشاركة
متشوقه جدا لقراءة الروابه ومتابعتها
حبيبتي منورة وباذن الله يعجبك المحتوى..


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 65 ( الأعضاء 9 والزوار 56) ايه المفاجئة الجميلة دي.. منورين يا حلوين


مروة سالم غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 29-08-22, 12:27 PM   #614

مروة سالم

كاتبة في قسم قصص من وحي الاعضاء

 
الصورة الرمزية مروة سالم

? العضوٌ??? » 482666
?  التسِجيلٌ » Dec 2020
? مشَارَ?اتْي » 1,756
?  مُ?إني » مصر
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » مروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   ice-lemon
?? ??? ~
Why so serious?
افتراضي

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 72 ( الأعضاء 11 والزوار 61)
‏مروة سالم, ‏وردة فضية, ‏قلوب نابضة بالإيمان, ‏lucyman, ‏marwaadel, ‏مروه القاضى, ‏maram1234, ‏زهور., ‏kiara003, ‏رغد وزيري, ‏صفاء احمد333


متهيالي دي اكتر مرة اشوف فيها قراء مسجلين داخل الموضوع بدون ما يكون متزامنا مع موعد النشر...

شكرا للجميع


مروة سالم غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 29-08-22, 07:38 PM   #615

مروة سالم

كاتبة في قسم قصص من وحي الاعضاء

 
الصورة الرمزية مروة سالم

? العضوٌ??? » 482666
?  التسِجيلٌ » Dec 2020
? مشَارَ?اتْي » 1,756
?  مُ?إني » مصر
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » مروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   ice-lemon
?? ??? ~
Why so serious?
Rewitysmile21 وانطوت صفحة الهوى - القصاصة الثانية والعشرون: القسم الأول

القصاصة الثانية والعشرون
(قلوب بائسة اضطربت بوصلتها)


ما الأسوأ من ألا يسعك مكان تسميه وطنا ولا يحتويك عناق شخص بدرجة شريك؟
ما الأصعب من هموم لا تتناسب مع عمرك؟ من حسرة لا تخجل من تمزيق بسمات ثغرك؟
هل جربت معانقة شجرة؟؟ هل منحتك الطمأنينة وأهدتك الرفقة؟ أم غلفت وجدانك بالجمود المقيت والسكون الخانق؟
حين شخصت أمامهم.. هل شعر أحدهم بنزف روحك؟ هل أشفقوا لانكسار قلبك؟ هل قاسمك أحد الأنين بعد انصهار حلمك وتبخر أمنياتك؟
ماذا عن هرب الألوان من دفاتر مستقبلك لتمسي محتجزا بحجرة رمادية كئيبة؟
حدثني عن ماهية الفقد.. عن ذلك الشعور بخراب سريرتك وخواء كيانك حين تخسر شيئا لم تمتلكه بالأساس ولم يكن لك من البداية؟؟
أخبرني كيف تبصر العين حين تضطرب بوصلة القلب وسط عتمة البؤس؟؟




شهران كاملان.. ستون نهارا وستون ليلة تعاقبوا منذ أن وضع حلقة ذهبية أنيقة وخاتم ماسي ثمين في بنصرها الأيمن، محققا لوالديه أيما سعادة، ولنفسه متعة تجربة شيء جديد..
حين وضع الحلقة بإصبعها، زارته تلك الدغدغات الحماسية المثيرة التي كانت تنتابه طفلا، عندما تصطحبه والدته لزيارة متجر الدمى لانتقاء دمية جديدة..
كان دوما عاشقا للدمى، يحب بهاءها وألوانها وجمالها الساحر.. لقد نشأ وحيدا بين والدين أتيا به إلى هذا العالم بعد أن تخطيا منتصف العمر.. لذا كان يجد صحبته مع الدمى.. ولمّا كبر قليلا، استكان لدوره المرسوم له بدقة، فخلع عنه رداء المرح واستبدله بعباءة طالب العلم.. يتعامل مع الجميع بجدية، ويدفن بداخله نزعته الطفولية العابثة.. إلى أن قابلها لأول مرة..
ذكرى.. تلك اللطيفة التي حرّكت بعفويتها شيئا بداخله بذات اللحظة التي أنقذته فيها ببسالة وجسارة من تلك الحرباء الصغيرة التي تسللت من النافذة لتصيبه بالذعر.. ولكنه عزف عن المبادرة والانجراف نحوها حين اكتشف أن الطريق إليها قد أتلفته الأخاديد والتصدعات، فهو يؤثر السلام على أي شيء آخر، لذا لم يجد دافعا قويا لخوض غمار مغامرة غير مأمونة المسلك أو محسوبة العواقب.. وفي محاولة يائسة للنسيان والمضي قدما بحياته كي تستعيد سلامها، فإنه سارع باغتنام البديل الذي قدمته له أمه متمثلا في شريكة مستقبلية لحياته تمتلك كل المقومات التي تجعلها الزوجة التي يحلم بها أي رجل..
رحاب.. زميلته الطبيبة الشابة التي تحمل منذ شهرين لقب (خطيبته) وفي سبيلها لتحمل لقب زوجته بعد أشهر قليلة.. وهو لا يزال يشعر بالغرابة لدرجة أنه عزف عن ارتداء حلقته الفضية ببنصر يده اليمنى متعللا بأنها ستسبب له بمشكلة في كل مرة يحتاج فيها لتعقيم يده قبل فحص أو جراحة..
ورغم أنه أصر على أن يكون الاحتفال بالخطوبة عائليا تماما، إلا أن رحاب فاجأته بالأمس عندما أخبرته أنها تريد أن تقيم حفلا صاخبا بالتزامن مع عقد قرانهما لإعلان خطوبتهما، لأنها حتى الآن لم تفصح عن الأمر سوى لصديقاتها المقربات..
لم تصارحه رحاب أنها تكتمت تفاصيل خطوبتهما لأنها خشت من إقدامه على فسخها، خاصة وأنه حتى الآن لم يحاول التودد إليها كما يفعل الخاطبون..
أما هو، فلا يزال يشعر بشيء غير مرئي يقف حائلا بينهما، فيجعله عاجزا عن التقرب منها.. خاصة وأنه قد قرأ ترددها في عينيها أكثر من مرة، وكأنها قد وافقت على الارتباط به لأسباب غير كافية.. صحيح إنه لا يمتلك خبرات اجتماعية كافية، إلا أنه يعوّض ذلك باستخدامه لذكائه الذي يعوّ ل عليه دائما..
وافق على طلبها، ربما كتنازل أخير يقدمه لها في محاولة هشة لتدليلها كعروس.. سيعقد قرانه عليها نهاية الأسبوع الجاري، لكنه مع كل ساعة إضافية تمر، يشعر بومضة بريق داخله تخبو وتخلّف وراءها ظلالا قاتمة تسكن روحه التائهة.. وكأن شيئا يسحب بهجة الألوان منه، فلا يترك له سوى كآبة الرمادي.. عتمة كاحلة تظلل عالمه الآن باستنزافه لكل مولدات النور بقلبه، خاصة بعد أن فرض على نفسه أن يبتعد تدريجيا عن أخرى يعلم أنه يدمن بريقها الذي يشع على روحه ضياء يعيد إليها التوازن دائما ويمنح صباحاته الحيوية والانتعاش..
تلك الأخرى التي رغم حزنها وإنهاكها الملازميْن لها دائما، إلا أنها معه تشرق بفيض مصابيح روحها فيغمره نورها ويربت على روحه..
مجرد دعابة أو مزحة طريفة أو حتى مقلب سخيف.. لحظة واحدة مسروقة من الزمن تغير نمط يومها الرتيب – فيتغير خاصته بالتبعية..
تظل أسعد لحظات يومه - بعد جراحة دقيقة ناجحة بالطبع – أن ينجح بتصرف عابث في أن تتبدل حالتها لتعود مجددا لطفلة مشاغبة مشعة الذكاء، بات هو واثقا أنها حُرمت غصبا من أن تكونها قبل سنوات..
لا تزال المعضلة الأكبر بالنسبة له، هي حسم قراره..
ذكرى أم رحاب....!!!
روحه تهفو إلى تلك التي أنعشت ذبولها بصوت ضحكتها، بابتسامتها الغناء، وأضاءت عتمتها بنظرة عينيها التي ترقص فيها الحياة رغم كل انكساراتها..
أما عقله، فيخبره أن اختيار والديه هو الأصوب..
أمه – الدكتورة رقية عزازي – لن تسامحه قط إذا قرر فجأة أن يفسخ خطوبته ويذهب لطلب يد تلك الممرضة..
لماذا تخرج الكلمة من بين شفتيّ والدته وكأنها سبة؟ وكأن طعاما ملوثا لامس لسانها؟ وكأن حلقها يحترق بأحرف الكلمة أو توخزه أشواكها؟
لقد آثر الانعزال عنها قبل خطوبته حتى يقيّم مشاعره تجاهها، حتى يمنح نفسه الفرصة لأن يتجاوز تلك المشاعر الوليدة..
ليس وكأنه يعاقبها على شيء، فهو الخاسر بقراره.. لقد حُرم من صديقته الوحيدة..
قاطع تفكيره رنين هاتفه إيذانا بوصول رسالة عبر تطبيق "واتساب"، فرفع الهاتف إليه ليجد رحاب قد أرسلت له صورة لفستان أبيض من الحرير الناعم.. فستان عقد القران..
وقبل أن يرد عليها حتى، جاءه إشعار آخر أن "Kiri Fashion" قد شاركت منشورا جديدا مع متابعيها، فضغط على الشاشة لتظهر نافذة تطبيق "انستجرام"، ومنه إلى النافذة الوحيدة التي بات يراها من خلالها مؤخرا..
وكأن روحها تشعر به وتقدم له واقعا موازيا يشبع من خلاله حاجته لضيائها لينير روحه القاحلة..
ها هي ذكرى – في مصادفة غريبة – تطل بصورة فوتوغرافية مبهرة التفاصيل، تألقت فيها بفستان أبيض من الحرير بأكمام نصفية وتطريزات رقيقة عند الصدر ونهاية الأساور.. لكن الابتسامة الوليدة التي ظهرت على شفتيه، ماتت في مهدها عندها قرأ تعليقها المرفق مع المنشور:
تخبرني أمي دائما أنني أميرة حلت عليها لعنة ما، وأنه عندما تزول تلك اللعنة سأحصل على سعادتي.. اليوم شاهدت هذا الفستان في متجر بسيط بمنطقة وسط البلد خلف مبنى الغرفة التجارية، لكن لونه وتصميمه رائعين.. بالطبع، لن أتزوج قريبا لكنني أحببتُ تجربته.. أردتُ مشاركة الصورة معكن لأخبركن بموقع المتجر الذي يعرض تصميمات رائعة بخامات جميلة وأسعار تنافسية.. فربما اختارته عروسٌ من بينكن ليكون فستان عقد قرانها.. انظرن كم هم مذهل التفاصيل وثمنه في المتناول تماما.. سأترك العنوان بالتعليقات.. ويمكنكن مراسلتي على الخاص لأصف الطريق إلى المتجر، وأنهت تعليقها بوسم #Cinderella’s_Dream (حلم سندريلا)..
كلماتها التي لم تكن موجهة إليه بشكل خاص، ضربت صميم تماسكه..
لماذا لا يكون هو أميرها الذي ينتشلها من حياتها التي لا تستحقها نهائيا ليحملها على حصانه الأبيض نحو روضة غنّاء تحتضنهما سويا في عالم فسيح تسكنه السكينة ويملؤه السلام؟؟
ما الخطر الذي يمكن أن يشكّله اجتماعهما على العالم، بحيث تصاب والدته بحالة تشنج كلما ألمح عن إعجابه بها أمامها؟؟
لقد مل من استكانته واستسلامه لرغبات عائلته.. وعليه أن ينتفض فورا!!
هذه المرة سيخوض مغامرته بنفسه.. لن يحيا طويلا هكذا مذبذب الوجدان تائه الفكر حيران الهوى..
تحرك صوب غرفة المائدة، حيث كانت العاملة المنزلية ترتب الأطباق على المائدة استعدادا لوجبة العشاء، تزامنا مع وصول والديه للجلوس على مقعديهما المتواجهين على رأسي المائدة..
وقف آدم في منتصف المائدة متحفزا، كطفل قرر أن يعلن العصيان على والديه لحرمانه من دميته المفضلة، ليهتف بنزق: "أريد أن أفسخ الخطوبة.. لا أريد رحاب"..
رفع والده أنظاره إليه مندهشا، بينما دارت أمه صدمتها خلف غلالة من الصرامة، حين هتفت به موبخة: "ما هذا الهراء الذي تتفوه به في المساء؟ الأسبوع القادم سنعقد قرانك.. ألن تنضج أبدا؟"..
ناظرها آدم بعتب، وقال مستنكرا بنفس التحفز: "لا أرى ما هو غير ناضج في كلامي يا ماما"..
قالت رقية بعد أن رفعت قبضتها لتطرق بها بقوة على المائدة، كمن تلقي محاضرة هامة على مسامع طلابها: "حين نتراجع عن اتفاقنا مع عائلة رحاب قبل أسبوع واحد من عقد القران بعد أن أرسلت الدعوات لكل أقاربها، فهذا يعد عدم نضج يا دكتور.. اسمع.. أنا لم أضغط عليك باختيار عروسك.. وسمحت لك بالزواج من خارج العائلة وكان شرطي الوحيد أن تتزوج طبيبة"..
رد آدم منفعلا: "لا أريد طبيبة يا أمي.. أنا أريد ذكرى"..
عاود والده النظر إليه بدهشة، وتخلى عن صمته لأول مرة، حين سأله: "ومن ذكرى هذه؟"
جلس آدم على مقعده المعتاد أمام الطاولة كمن يتهاوى تعبا، وقبل أن يتفوه بكلمة، كانت والدته قد أشارت للعاملة بمغادرة الغرفة، ثم أشارت له بالحديث، فقال بنزق: "ذكرى هي ممرضة بالمستشفى العام.. لقد أنهت مؤخرا دراستها بكلية التمريض بتقدير جيد جدا، وستبدأ في التسجيل من أجل الحصول على درجة الماجيستير ثم الدكتوراة.. لديها طموح مبهر.. وبصراحة أنا معجب بها كثيرا"..
نظرة محتدة صوبتها رقية صوب طاهر الذي انتابه الحرج على نحو مفاجئ، فأرخى جفنيه مخفيا نظرته المتعاطفة، قبل أن يتحرك جانب شفتيها بابتسامة نصفية جليدية، وهي تهتف: "الابن سرُ أبيه فعلا"..
ناظرها آدم بعدم فهم، لكنه لم يهتم بسؤالها أن تفسر، مقررا التركيز على السبب الرئيسي لثورته الآنية، فقال: "أريد أن أطلب يد ذكرى للزواج"..
نهضت أمه من جلستها، وسارت صوبه تطالعه بنظرات مقيّمة، وكأن ما تراه أمامها لا ينال رضاها..
وكأنه ليس كافيا.. بل مخيبا للآمال..
شعر بالتقزم أمامها، لكنه حاول التمسك بأطراف انتفاضته والتظاهر بعدم التآثر بنظرتها المستهينة..
عقدت الدكتورة رقية ذراعيها أمامها، ثم سألته بنبرة متسلية: "وذكرى تلك.. حين تتزوج منها.. أين ستجعلها تقيم؟ وكيف ستنفق عليها براتب الطبيب المبتدئ الذي لا يزال يرسخ خطواته ليحظى بمكانة لامعة في مجاله، بل إنه لم يتمكن بعد من افتتاح عيادة خاصة؟.. ليس وكأنك قد ادخرت بالفعل المال الكافي لافتتاح مشروعك الربحي الخاص لكي تؤسس أسرة بمفردك بدون الاستناد على اسم عائلتك وثروة والديك"..
فغر آدم فمه والانزعاج يظلل عينيه.. فهذه هي المرة الأولى التي تأتي والدته على ذكر ثروة العائلة.. فهو وإن كان يحب أن يدلل نفسه، إلا أن ليس مسرفا، ولم يحدث أن استغل مكانة والديه من قبل، بل كان يدرس صيفا وشتاء مثل الروبوت من أجل أن يحقق لهما خططهما التي وضعاها له بدقة..
ناظر آدم والده مبتهلا متجاهلا نظرة الأخير الجامدة، ازدرد لعابه محاولا ألا يستسلم لهيبة والده فتزعزع عزمه، ثم غمغم برجاء: "أبي؟" يحثه على التدخل في المحادثة، لكن الأخير ظل صامتا.. كعادته دائما..
إن كان آدم قد ورث خصلة واحدة من خصال والده الدكتور طاهر عزازي، فهي نبذه للتشاحن وحبه للهدوء والسلام..
منذ طفولته، كانت كل مواجهات آدم تحدث بينه وبين والدته الصارمة، أما والده فكان يتجاهلهما تارة لأنه لا يمتلك الوقت، أو يلعب دور حمامة السلام بينهما تارة أخرى، فيحاول نزع فتيل الأزمة بابتسامة أو بهدية أو بربتة على الكتف.. لكنه لم يكن أبدا من هواة المبادرة بالتدخل أو فرض كلمته.. وذلك على الرغم من هيبته وحنكته.. غير أنه على ما يبدو كان يؤثر استخدامهما خارج محيط المنزل.. في قاعات المحاضرات أو مستشفاه الخاص ربما..
فوالده في سعيه نحو التفوق الأكاديمي والمهني، ترك شئون إدارة العائلة لزوجته التي تقبّلت دورها كمديرة فعلية لتلك العائلة، وتحركت به قليلا صوب خانة.. الحاكمة الديكتاتورة.. خاصة في مواجهات حاسمة مثل تلك الجارية الآن..
ولمّا وجد آدم الصمت هو الرد الوحيد من والده الذي هز كتفيه معلنا رفضه مساندة ابنه في مساعيه للزواج من فتاة لم تختارها أمه له، ولا تفي - كما يبدو – بالمعايير الأساسية للزوجة المفترضة في الابن الوحيد لعائلة عزازي ،فإنه قد استدار لمواجهة أمه، قائلا بحنق: "ماذا تقصدين يا ماما؟"..
جلست أمه إلى المقعد المجاور له، وقالت بنفس نبرتها الباترة: "أقول إنه ليس هناك توافق بينكما وأن تلك الزيجة لن تفلح أبدا، ولذا فإن دوري كوالدتك الأكثر خبرة بالحياة ودراية بمصلحتك، يحتم عليّ أن أمنعك من الزج بنفسك في مشروع فاشل سيستهلك من وقتك وطاقتك ويعطلك كثيرا عن مساعيك نحو الوصول للمجد"..
"المجد؟"..
نطق آدم الكلمة كمن تذوق شيئا مريرا جف له حلقه وجوفه، ثم تابع بغيظ: "وماذا عن السعادة؟"..
"وهم"..
قالتها أمه بنفس النبرة الباترة، ولمّا رفع حاجبيه مصدوما، تابعت بنبرة ألطف: "السعادة الحقيقية في التحقق الذاتي.. التفوق.. الارتقاء.. المجد.. هذا هو ما يجب أن تصب كل تركيزك عليه.. فأنت من سيحمل اسم العائلة في المستقبل، ولا يصح أن تستهين باسم عائلتك بالزواج من مجرد ممرضة"..
هتف آدم بنزق: "أمي"..
ردت والدته بنبرة باردة جافة: "أليست تلك هي نفس الفتاة التي حدّثتني عنها قبل أشهر، وذكرت أن هناك شائعات ربطت بينها وبين الدكتور حسن تحسين؟ ماذا إن كانت هي صاحبة تلك الشائعات لكي تجبره على الزواج منها؟ ماذا إن كانت قد وعدت أحدهم بالزواج ثم تخلت عنه فاضطر لنشر تلك الشائعة لتشويه سمعتها انتقاما منها؟"..
تنهد آدم مخرجا بعضا من انفعاله الذي انتفخت له أوداجه واحتقن به وجهه، فنزع نظارته الطبية ورماها على الطاولة أمامه بشيء من العنف، ثم قال مدافعا بنبرة عازمة: "لكنها بريئة يا أمي.. بريئة تماما"..
شعرت رقية أن عناد ابنها هذه المرة كبير.. لربما هذه الفتاة قد أثرت به فعلا، وعليها أن تتخذ التدابير اللازمة لإبعادها عنه..
لن تسمح لمحض فتاة من بيئة متواضعة أن تطمع بابنها الوحيد وتزعزع مكانته التي يستحقها وعمل بجد من أجل نيلها..
قالت رقية بنبرة مهادنة أخفت من خلالها ضيقها ونفاد صبرها: "اسمع يا آدم.. ما تمر به نحوها مجرد فورة مشاعر مؤقتة.. فأنت شاب وحيد عديم الخبرة، وهي على ما يبدو فتاة ذكية نجحت ببعض حيلها في إشعارك برجولتك خاصة في الفترة الحرجة التي كنت منشغلا فيها بالعمل على رسالة الماجيستير خاصتك.. صدقني إذا أقدمتَ على تصرفٍ متهورٍ الآن بسبب وهم حبٍ، فإنك ستندم لاحقا.. وأنا واجبي حمايتك.. ولا أتهاون في واجباتي وأنت تعرف هذا.. أنا لم أخضع للعلاج لأكثر من ثماني عشرة سنة، لتتحقق معجزتي وتتجسد أمامي أخيرا، وبعدها أتركك لفتاة وضيعة لا تليق بك"..
رد آدم منفعلا بحمائية: "لا تقولي هذا يا أمي.. هي ليست وضيعة"..
ابتسمت أمه ببرود، وقالت: "انظر.. أنت لا تحتمل كلمة عليها منذ الآن.. وإذا اقترنت بها بالفعل، سيكون هذا الكلام هو ما تتلقاه مسامعكما في كل حدث تتواجدان فيه سويا.. صدقني يا بني.. هي لا تليق بك.. وفكرتك الجامحة تلك.. مضرة لها أيضا.. فهي ستضعها تحت ضغط عصبي ونفسي هي في غنى عنه.. لا تظن أن الطريقة التي يعاملك بها الكثيرون في الأوساط الطبية لأنك ابن عائلة عزازي، ستكون هي نفسها في حالة زواجك منها.. أنت لم تسمع شيئا عن الطبقية داخل المجتمعات الطبية والأكاديمية.. صحيح؟"..
كلمات أمه أصابته بالحيرة، فارتجت مقلتاه بتفكر، فلاحظت أمه على الفور أنها نجحت في العبور إلى عقله وزرع بذرة التشكك والتردد..
هو لا يريد أن يكون سببا في إيذاء ذكرى أو إيلامها.. يكفيها ما تمر به.. لن يسمح لنفسه أن يكون عاملا إضافيا في جعل حياتها أصعب مما هي عليه بالفعل..
ربما.. ربما كان كلام والدته صحيحا، ومشاعره نحوها ليست أكثر من مجرد ارتياح نابع من صداقتهما التي نشأت بشكل غريب في سلاسته وتلقائيته، فنمت وترعرعت على مدار سنوات..
ربما فعلا ما يُكنه لها من مشاعر لا يكفي لأن يقترن بها..
وماذا عن مشاعرها هي؟
هي.. هي لم تقم يوما بأي تصرف يوحي له بأنها تنظر إليه نظرة عاطفية خاصة.. صحيح أنها كانت تدلـله بالطعام، لكن تصرفها لم يكن حصريا.. كانت أيضا تدلل الدكتور حسن لعشقه للأطباق الشعبية التي تجيد والدتها طهيها بمذاق شهي، بينما زوجته ليست بارعة تماما في الطهي..
كل ما لمسه منها أنها تنظر إليه كشريك للوحدة والافتقار للدفء العائلي.. فماذا عن تلك المشاعر العنيفة التي تنتاب العشاق وتجعل كل شيء في حياتهم يتوقف عليها؟؟
حين لمحت أمه بفطنتها التردد والحيرة يموجان بعينيه، ربتت على كتفه بحنان، وقالت بنبرة مشفقة: "ستنساها.. صدقني.. ستنساها".. فاعتدل بجلسته وسحب نظارته يرتديها من جديد، ثم تحركت أمه لمقعدها، ليبدأ الجميع بتناول العشاء في صمت.. كالمعتاد..
أي غربة أقسى من ذلك؟؟
طاولة عشاء جمعت ساكني نفس المنزل، لكن كلا منهم كان شاردا بذهنه في عالم مختلف تماما..
آدم كان يفكر في أن ما فعله هو الصواب.. لا يمكن أن يُعقد حياة ذكرى بسبب فورة مشاعر غير مؤكدة.. وهو - كرجل علم - لا يجب أن يجعل العواطف جزء من معادلة قرارات مصيرية ستؤثر على حياة شخصين ومستقبل عائلة..
بينما كانت تفكر رقية في خطة عاجلة لكي تبعد ذكرى تلك بشكل تام ونهائي عن محيط ولدها حتى لا يتأثر بوجودها أكثر من الآن..
أما طاهر، فقد شرد بذهنه لما حدث قبل سنوات عدة، حين أقدم على أكثر أفعاله حماقة، وسمح لممرضة شابة بإغوائه، حتى أنه كاد بالفعل أن يعقد قرانه عليها، لولا أن وصل الأمر لرقية التي وأدته تماما في مهده وأنهت مشروعه للظفر بزوجة ثانية في مهده، لكنها عاشت سنواتها التالية تتأكد من عقابه على تهوره تلك، فكست علاقتهما ستائر جليدية أخمدت كل شغف كان يُكنه كلُ واحدٍ منهما للآخر.. وصارت حياتهما تتمحور فقط حول العمل، وتنشئة آدم..
والمهمة الأخيرة، انفردت بها تماما الدكتورة رقية، كيلا يكون للأب تأثير مدمر على ولده..
حين غادر آدم غرفة المائدة، كانت كلمات أمه تتردد في ذهنه..
(ستنساها.. صدقني.. ستنساها)..
فهمس لنفسه: (أشك.. ولكنني سأصدق ماما.. لأنها لم تكذب عليّ يوما.. دوما تخبرني الصدق.. وما تقول أنه سيحدث، يتم بالفعل)..
أما طاهر، فقد تأكد من مغادرة ابنه للغرفة، حين رمى بمحرمته، وواجه زوجته قائلا: "رفضك لزواجه من تلك الفتاة ليس بسبب العائلة فقط، ولكن بسبب ما حدث بالماضي"..
ابتسامة ثلجية، وهتاف نزق مبعثهما جرح قديم عاود النزف أسفل قلب رقية حين قالت: "الوضيعة التي رافقتها قبل سنوات جعلتني أفهم كيف يخسر الرجال وقارهم ويركضون خلف نزواتهم بأعين مغمضة"
مسحة من ضيق مرت بصفحة وجهه، قبل أن يقول بنفس نبرته الرزينة: "لا تعاقبي ابنك بأخطائي أنا.. ولا تعاقبي ذكرى بخطأ فتاة أخرى.. ليس معنى أن إحداهن تتمتع بالخبث والجرأة الكافيين لاجتذاب رجل، فإن كل الفتيات يتصرفن بنفس الدهاء والوقاحة"..
ناظرته رقية بتمردٍ يعرفه جيدا، لكنه خلخل اتزانها كله حين قال محذرا: "أنت حسبتِ كل شيء، ولكنكِ أخرجت الحب من معادلتك يا رقية.. لا تظني أنها متزنة.. حساباتك خاطئة.. ربما أنا لم أحب تلك الممرضة، وانجذابي لها كان حسيا بحتا، فلم أتأثر كثيرا بخسارتها.. لكن الوضع هنا مختلف.. لم أرَ ابننا بهذه الحالة من قبل.. الولد يحبها فعلا، حتى وإن لم يدرك ذلك بنفسه.. لكن مجرد تفكيره في إلغاء عقد القران وفسخ الخطوبة يعني أن مشاعره ليست مؤقتة"..
ردت رقية بعناد: "ولهذا سنسرع في زواجه من رحاب، والأخيرة ستنسيه تماما ذكرى تلك.. ستكون بالنسبة له مثل اسمها تماما.. مجرد ذكرى.. طيف عابر لم يترك خلفه أثرا.. ألم تنسى أنت تلك الوضيعة التي كانت تحلم أن تكون ضرتي؟"..
نهض طاهر وشعور بالضيق يغيَم عليه، قبل أن يسألها مستنكرا قاصدا إشعال نيرانها بنبرته المستفزة ونظراته الأكثر استفزازا: "تُرى هل نسيتها فعلا؟"، ثم غادر غرفة المائدة التي ارتفعت الحرارة بداخلها لدرجات جهنمية بعد أن اشتعلت حرائق الغيرة والخزي داخل قلب رقية..
والأخيرة، لم تجد وسيلة لإطفاء حرائقها سوى بمكالمة هاتفية أجرتها على عجل مع شخص أخبرته بحسم: "نفذ ما اتفقنا عليه قبل أشهر.. لقد حان الوقت"..



يتبــــــــــــــع


مروة سالم غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 29-08-22, 07:41 PM   #616

مروة سالم

كاتبة في قسم قصص من وحي الاعضاء

 
الصورة الرمزية مروة سالم

? العضوٌ??? » 482666
?  التسِجيلٌ » Dec 2020
? مشَارَ?اتْي » 1,756
?  مُ?إني » مصر
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » مروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   ice-lemon
?? ??? ~
Why so serious?
1111 وانطوت صفحة الهوى - القصاصة الثانية والعشرون: القسم الثاني

أنهت لتوها محادثة مرئية عبر برنامج "Skype" مع زوجها الذي قرر أن يقضي فترة راحته بصحبتها، حتى وإن كانت قارات ومحيطات تفصل بينهما، فما يربط بين قلبيهما أقوى وأعمق ويذيب كل المسافات..
كان نبيل كعادته لطيفا ومشاكسا، يمازحها تارة ويستفزها تارة أخرى.. تستمتع كثيرا باكتشاف جوانب مختلفة من شخصيته لم تكن لتنتبه إليها مطلقا عندما كان قابعا في خانة "شقيق صديقتها المقربة"، والتي ظل ماكثا بها لسنوات، قبل أن يجبرها على التحرر والخروج لخانة الزوج والسكن..
لا تصدق زهو كم كان حظها كبيرا بأن اختارها نبيل لتكون شريكة حياته، بل وكان يخبئ لها كل تلك المشاعر.. فرغم أن فترة زواجهما لم تتخطى بضعة أشهر قضت هي فعليا معه أسابيع قليلة فقط خلالها ، لكنها تشعر أنها كانت كافية لكي تكتشفه وتتعمق مشاعرها تجاهه..
نبيل.. له نصيب كبير من اسمه.. يتمتع بدماثة الخلق والشهامة والحنان، ويغلفهم جميعا بلمسته الفكاهية الخاصة جدا تجعله قادرا على إزالة أي توتر بتعليق طريف.. فأصبحت تدمن الحديث معه وتتحين كل مرة يتصل بها في مكالمة مرئية أو صوتية عبر تطبيق المحادثات، عندما يكون في فترة راحة من عمله..
وهي، منذ قبلت بالزواج منه، دربت عقلها على تجنب التفكير في مخاطر عمله تماما ، بل وتخبر نفسها دائما أنه كضابط لقوات حفظ السلام الدولية، فإنه يتوجه عادة إلى مناطق منكوبة قد دمرتها الحروب، وليست في حالة صراع محتقن بالضرورة، وبالتالي فإن حياته ليست في خطر مباشر كمن يخدم في قوات حفظ الحدود مثلا..
ولأن نبيل يحافظ على سرية مهام عمله ولا يخطرها بطبيعة متطلباته أو حتى بأماكن تواجده ، فإنها تجهل تماما حجم المخاطر التي يلاقيها في البؤر الساخنة التي تحتاج لتدخل فوري من القوات التابعة للأمم المتحدة، عندما تندلع حروب أهلية على نحو مفاجئ..
أجل، ستتمسك بالإنكار طالما أنه سيجعلها تحتفظ بطمأنينتها، فلا تحاصره بالأسئلة عما يمكن أن يلاقيه بعيدا عنها وتزعزع طاقته بنوبات الذعر كلما شاهدت نشرات الأخبار..
لكن، تبقى الغصة الوحيدة المرتبطة بمسألة زواجها من نبيل الحلواني، هي.. لطيفة..
فوالدة نبيل منذ أن سافر زوجها، تحرص دوما على التدخل في شئونها الخاصة وكأنها الهيئة المحلية للرقابة والمنوط بها الإشراف على تصرفاتها وقراراتها ومحاولة التحكم بها..
وكأنها بتفكيرها في حماتها قد استدعتها من أبعد نقطة بعقلها الباطن لتتجسد في شكل حي عبر مكالمة هاتفية ألحت بنغمة صاخبة كانت زهو قد خصصتها لها..
استقبلت زهو المكالمة بعد أن تنهدت تهدئ نفسها مسبقا لما تثق يقينا أنها ستلاقيه من حماتها، وهمّت بالتحية، ليأتيها صوت لطيفة من الجهة الأخرى تقول بنبرة ودودة غير صادقة تماما: "حبيبتي.. اشتقتُ إليكِ.. أين أنتِ؟"
ردت زهو بنبرة مهادنة: "في بيت عائلتي"..
قالت حماتها بنبرة لا تخلو من توبيخ: "ألم يكن من الأفضل أن تتزوجي بيننا في بيتي حتى تبيتي مع صديقتك شادن عندما يسافر نبيل بدلا من التنقل لبيت أهلك في كل مرة؟"
كم مرة وبختها لطيفة بسبب هذا الأمر بكلماتها اللائمة.. شادن صديقة بمرتبة أخت، لكنها لا تشعر بأريحية فيما يتعلق بالإقامة ببيت آل الحلواني في غياب زوجها..
ردت زهو بهدوء مبتلعة تنهيدتها: "بيتك قريب للغاية من بيت عائلتي يا طنط لطيفة.. أي أنها نفس المسافة تقريبا.. كما أنني لا أريد أن أفرض نفسي عليكم"..
قالت حماتها مستدركة بلؤم: "لا بأس.. على راحتك.. ولكن.. ألا يفترض بكِ أن تعودي إلى شقتك وتبدئي في تهويتها وتنظيفها استعدادا لاستقبال زوجك الذي سيعود أوائل الأسبوع"..
تنهدت زهو، وتحركت مقلتيها بملل، قبل أن ترد محافظة بالكاد على نفس النبرة الودودة: "يا طنط لطيفة.. اليوم الاثنين، وسيعود نبيل بإذن الله فجر الأحد القادم.. إذا ذهبت للبيت اليوم وقمت بتجهيزه، ثم أغلقته وعدت لبيت أهلي، فإنني سأضطر للعودة إليه مرة أخرى يوم السبت المقبل لتكرار الأمر مرة أخرى.. لذا قررت إرجاء الأمر لأقوم به مرة واحدة قبيل عودة نبيل سالما بإذن الله"..
زفرت حماتها بضيق، وكأنها غير راضية عن إجابة زهو، لكنها ردت تقول: "لا أفهم دلع البنات هذا بصراحة.. لماذا لا تقيمي في شقتك ككل الزوجات انتظارا لعودة زوجك؟"..
قالت زهو باندفاع بعد أن يئست من التحكم بهدوئها: "يا طنط لطيفة.. كان هذا هو اتفاق أبي مع نبيل وعمو جِلجِل.. لأن نبيل يغيب ما بين شهرين لثلاثة في كل رحلة له، كما أن البناية التي تزوجنا بها خالية تماما.. لا أحب أن أسكن بمفردي لأشهر ببناية مهجورة لا يقطنها أحد سواي"..
عاودت لطيفة الحديث بمراوغة تقول: "إذًا تعالي لأستضيفك هنا كما طلبتُ منكِ مرارا"..
وقبل أن ترد زهو، سمعت صوت والد زوجها يرد بصوت صارم: "اتركيها على راحتها يا لطيفة.. لماذا تريدين أن تحرمي والديها منها طالما أن بإمكانها الإقامة معهما لفترة أطول بعد؟.. أثق أنكِ سترحبين بالوضع إذا كانت شادن مكانها"..
ابتسمت زهو بعفوية لدفاع حماها الصادق عنها، لكنها عاودت العبوس من جديد حين ردت لطيفة بضيق بصوت أخفض إذ أنها أبعدت الهاتف عن وجهها على الأرجح: "وهل ستجد شادن شابا لطيفا كاملا مثل ابني الغالي نبيل؟"، قبل أن تتابع بنبرة أوضح موجهة الكلام لزهو هذه المرة: "المهم.. لقد أعددتُ بضعة أصناف من المخللات التي يحبها نبيل وجهزتها في برطمانات زجاجية.. تعالي لتأخذيها وتخزينها في شقتكِ"..
استغفرت زهو همسا، ثم قالت: "ألا يمكن تأجيل عملية نقلي للمخللات للشقة ليوم السبت المقبل؟"
ردت لطيفة باستفزاز: "ليس لديّ مكان هنا لتخزينها"..
تنهدت زهو، وقالت: "لا بأس.. سأبدل ملابسي وأمر عليكم لآخذ المخللات لبيتي"..
بعد مرور نحو ساعة، عرجت زهو على بيت عائلة زوجها، ولمّا همّت بحمل المخللات والمغادرة، قالت تخاطب صديقتها: "تعالي معي يا شايدز لنجلس بالشقة ونثرثر قليلا، ثم نعود إلى النادي ونتصل بـ Mu-Ji لتلتقي بنا هناك.. نتسلى قليلا"..
قبل أن ترد شادن، قالت لطيفة: "بل أنا من سترافقك.. أريد أن ألقي نظرة على الشقة، لربما ينقصها شيء قبل عودة نبيل.. وأنتِ يا شادن.. انتظرينا هنا، ستصاحبني زهو بسيارة نبيل، وعندما نعود، اذهبا لبيت أمواج واصطحباها معكما إلى النادي"..
وبعد رحلة قصيرة بالسيارة، حمدت زهو الله أنها قد مرت بصمت، تحركت صوب شقتها تحمل المخللات، وفي أعقابها تتحرك حماتها بنوع من التحفز، لم تره زهو بعينيها ولكن استشعرت ذبذاته في الجو..
فور أن دلفت زهو للداخل ورحبت بحماتها، تحركت صوب المطبخ لكي ترتب برطمانات المخللات بأحد الأركان، قبل أن يباغتها صوت حماتها التي على ما يبدو تبعتها، تهتف باعتراض: "ما هذا؟ هل سترصين المخللات بالخارج هكذا؟ ضعيها في الثلاجة حتى لا تفسد رائحة المطبخ"..
قالت زهو: "إنها لم تنضج بعد.. لا بأس من تركها لأيام قليلة"..
ردت لطيفة بنفاد صبر: "اسمعي كلامي.. ضعيها بالثلاجة.. هكذا سيطول عمر المخللات دون أن يصبح لونها داكنا أو تنبعث منها روائح كريهة"..
تنهدت زهو بغيظ، لكنها تحركت تنفذ ما قالته حماتها التي شرعت تسألها بفضول: "ما أخبار الحمل؟"
كانت زهو تضع آخر برطمان في المبرد، ولولا أنها معتادة على فضول حماتها الذي يصل لحد الفظاظة أحيانا، لكانت قد أسقطت البرطمان بسبب انزعاجها..
التفتت زهو بعد أن أغلقت باب المبرد بشيء من العنف، قبل أن تقول: "طنط لطيفة.. لم يمر على زواجنا أكثر من ثلاثة أشهر.. ولم نقضي خلالها معا سوى ما يوازي أسبوعين تقريبا.. فكيف تسألينني هذا السؤال؟ هذه الأمور بيد الله"..
ردت لطيفة بنبرة مغتاظة: "لا تحدثيني هكذا وكأنني جاهلة.. أعلم جيدا أن نبيل قد سافر منذ أكثر من شهرين، ولكن أسبوعين معا كافيين تماما لحدوث الحمل.. هل تأخذين موانع؟ هل يطاوعك نبيل على هذا الهراء أم تخفين الأمر عنه؟"..
نطقت لطيفة كلماتها الأخيرة بنبرة اتهام، فزفرت زهو بانفعال، ثم قال بصوت غاضب أفلحت بالكاد في الحفاظ على مستوياته دون حد الصراخ: "لا أفعل شيئا بدون الاتفاق مع نبيل.. لكنني لا أتناول أي موانع.. الحمل مسألة قدرية يا طنط لطيفة.. ليس لنا يد فيها"..
ردت لطيفة بإلحاح: "إذًا اذهبا للطبيب عندما يأتي نبيل الأسبوع المقبل"..
عقدت زهو ذراعيها أمامها بدفاعية، ثم قال بإصرار: "لسنا بحاجة لذلك.. ما زلنا صغيرين وأمامنا وقت طويل"..
من جديد، ردت لطيفة بنبرة حاولت أن تجعلها متمهلة ومراعية برغم اشتعال عينيها بالغضب من تحدي زهو لها: "أنتِ صغيرة لكن نبيل يشرف على بلوغ الثلاثين من عمره.. وأريده أن يفرح بأطفاله قبل أن يكبر بالعمر"..
ردت زهو تغلق الموضوع: "عندما يعود نبيل، سأحدثه في الأمر ونقرر سويا"..
أصدرت لطيفة صوتا ممعتضا من بين شفتيها، لكنها لم تعلق على الأمر، بل تركت زهو واقفة بمكانها، وتحركت صوب غرفة الجلوس، تفتح نوافذها وأضواءها، وبعدها أخذت تجول في بقية المنزل بحجة تهويته، قبل أن تهتف بغيظ: "هل قمتِ بتغيير أماكن ديكورات الغرف؟ ألم نرتبها سويا؟"
قالت زهو بضيق: "نبيل هو من فعل.. أراد أن يفسح المجال بدلا من تكويم قطع الديكورات في شكل تكتلات تجعل المساحات المحيطة ضيقة.. وبصراحة أعجبني ترتيبه.. لقد جعل المنزل يبدو أوسع، كما أن تنظيفه صار أسهل"..
رفعت لطيفة حاجبها بلؤم، ثم تحركت صوب غرفة النوم، فسألتها زهو بحرج: "عفوا.. لماذا تتوجهين لغرفة النوم؟"
استدارت لطيفة نحوها وتخصرت بيدها، قبل أن تكون بحمائية: "هل ستمنعينني من أن أدلف لغرفة نوم ابني؟"
هزت زهو كتفيها بلا معنى، وعيناها تشعان باعتراض عاصف، فتجاهلتها لطيفة التي وضعت يدها بمقبض الباب، ثم فتحت الغرفة ودلفت إليها، قبل أن تشهق وعلامات القرف تتسلل إلى وجهها، وهي تهتف باستنكار: "لماذا بدلتِ موضع الفراش؟"..
زفرت زهو وقالت بنبرة باردة: "نبيل من فعل.. عذرا يا حماتي.. لا أظن أن امتيازاتك الأمومية تخوّل لكِ مناقشة موضع السرير في غرفة نومي"..
نهرتها لطيفة بغضب تقول: "هل ستعلمينني ما الصواب وما الخطأ؟"
قالت زهو بنبرة شبه ساخرة: "بالطبع لا.. فأنتِ تعرفين تماما ما يليق وما لا يليق؟ هل يمكننا الذهاب الآن؟".. أنهت سؤالها بنفس النبرة محاولة التمسك بالجرأة التي واتتها فجأة بسبب تصرف حماتها غير المقبول..
تنهدت لطيفة تقول: "لا بأس.. لكن لا تنسي أن تأتي يوم السبت لترتيب المنزل.. يبدو مبعثرا وفوضويا للغاية ومكتوما بلا تهوية.. هذه لا تبدو أبدا كشقة عروس"..
حوقلت زهو بصوت وصل إلى مسامع لطيفة، لكنها لم تضف أي تعليق على كلمات حماتها، وذكّرت نفسها أنها حين قبلت الزواج من نبيل، كانت تعلم أن حماتها لديها شخصية فريدة.. وأنها ستتحمل من أجل نبيل..

يتبــــــــــــــــــــــ ـع


مروة سالم غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 29-08-22, 07:44 PM   #617

مروة سالم

كاتبة في قسم قصص من وحي الاعضاء

 
الصورة الرمزية مروة سالم

? العضوٌ??? » 482666
?  التسِجيلٌ » Dec 2020
? مشَارَ?اتْي » 1,756
?  مُ?إني » مصر
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » مروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   ice-lemon
?? ??? ~
Why so serious?
Rewitysmile14 وانطوت صفحة الهوى - القصاصة الثانية والعشرون: القسم الثالث

في مساء نفس اليوم، تجمعت الصديقات الثلاثة على طاولة تشرف على حمام السباحة في النادي، بينما جلست لطيفة مع منال والدة زهو وسميحة خالة سفيان وإيلاف، والتي كانت تتابع صغيرتها دانة وهي تتجول برفقة صديقتها الجديدة لين ابنة الدكتورة مارية الخشاب التي غادرت إلى حديقة الألعاب المخصصة للأطفال رفقة صغيرتها ليان..
كانت أمواج تصب جُل اهتمامها على شاشة هاتفها، حيث كانت ترسل عدة رسائل متتابعة عبر تطبيق "واتساب" لرقم بحر الذي لا يزال يمتنع عن الرد عليها منذ أن وافق على شرط والدها، بينما لا تزال هي تحاول بعناد أن تستحثه أن يرد ولو بوجه تعبيري صامت، ولكنه كان يمتنع تماما..
ما كان يطمئنها أنها كانت تعلم أنه يقرأ الرسائل بالفعل عندما تظللها علامة زرقاء.. ورغم أنه لا يمسك هاتفه لساعات طويلة بسبب طبيعة عمله، لكنه لا يسمح بأن يمر أكثر من يومين قبل أن يقرأ جميع رسائلها الفائتة ليطمئنها عليه بتحول العلامة الرمادية الباهتة إلى أخرى زرقاء.. تشبه لون عينيها، وألوان اسمه الحبيب.. تخبرها بأنه يشعر.. ويهتم.. ويصبر..
أرسلت له أمواج صورة فستان رياضي تريد شراءه، وفكرت أنها لو طلبت رأيه، فإنها بذلك لا تخالف أوامر والدها الذي لم يطلب منها أن تقدم له نفس الوعد الذي فرضه على بحر.. كما أنها لا تحدثه في شيء خاص عاطفي.. وإنما تستشيره كصديقها المفضل منذ الطفولة.. لكنه يعاند ويرفض الرد عليها، رغم أنه قد شاهد الرسالة الآن..
زفرت أمواج ورمت الهاتف بعنف على الطاولة، فسألتها شادن باهتمام: "ما الأمر؟"
ردت أمواج: "لا يرد عليّ يا شادن.. منذ أن أمره والده بذلك، وهو ينفذ مطلبه بدقة أصابتني بالاختناق"..
ابتسمت شادن بتعاطف، وقالت بنبرة ضحِكة: "لأحدثه أنا.. بالتأكيد سيرد على أخته"، فسارعت تحرر له رسالة تسأله عن أحواله وتخبره عن شعور أمواج بالغيظ من تجاهله، فسارع يكتب رسالة، قرأتها شادن بصوت مرتفع فور أن وصلتها: ( "أخبريها أن الفستان جميل جدا.. ولكنني لا أريدها أن تشتريه.. سأشتريه لها حين أعود قريبا للعاصمة قبل أن يتم توزيعي بفرقتي الجديدة.. سأرسله إلى بيت خالتي.. أخبريها ألا تغضب.. إنما أنفذ كلمات والدها حتى أفوز بها في النهاية.. وعليها أن تتحمل مثلي"..
تورد وجه أمواج وأصابتها نوبة خجل غير معتادة، فألزمتها الصمت، لتتنهد شادن وتقول: "يا سيدي.. يا سيدي.. ما هذا الحب الذي يتسلل من شاشة هاتفي.. أكاد أرى القلوب الحمراء والفراشات الزرقات تتقافز على الشاشة.. أترين يا زهو؟"..
خرجت زهو من شرودها عندما سمعت اسمها، فسألت بعدم تركيز: "ماذا؟"
تبادلت شادن وأمواج النظر بتساؤل، قبل أن تسألها أمواج بقلق واضح: "ما الأمر يا زهو؟"
ردت زهو بارتباك: "لا شيء"..
تنهدت شادن وقالت: "بالتأكيد فعلت أمي شيئا أغضبها عندما انفردت بها في بيتها.. فمنذ عدتما وأنتِ عابسة"..
هزت زهو رأسها نفيا، بينما عيناها تفضحان كل ما يعتمل بداخلها من غضب وامتعاض، لتقول شادن: "أخبرتكِ من قبل يا زوووز ألا تتحرجي من الحديث أمامي عما تفعله أمي معك من تصرفات مغيظة.. فأنا ابنتها أشكو لكما دوما من تصرفاتها معي.. لا بأس.. لن أغضب أو أتخذ جانبها إن كانت هي المخطئة.. حتى نبيل أوصاني بكِ لأنه يعلم جيدا كيف أن والدتنا.. صعبة قليلا"..
ضحكت أمواج لتبدد التوتر ، وقالت ممازحة: "قليلا؟ والله ثلاثتكم في الجنة بإذن الله، لأنها قادرة على أن تكفر كل سيئاتكم"..
قالت شادن بنبرة جادة: "ليس لهذه الدرجة.. صحيح أن أمي تتمتع بشخصية غير مرنة على الإطلاق، وتتفوه أحيانا بكلمات قاسية وصريحة بشكل زائد.. لكنها اعتنت بنا جيدا في خضم غياب والدي المستمر بسبب طبيعة عمله الصعبة.. أنا فقط سعيدة لأن أبي تقاعد مؤخرا، فأصبح يمتص نوبات غضبها.. أظن الحياة ستكون سهلة من الآن فصاعدا في بيتنا"..
أخذت أمواج تعبث بإحدى خصلات شعرها بتوتر، ثم قالت بحرج: "لم أقصد شيئا صدقيني.. أنا آسفة"..
ردت شادن: "لا بأس.. لستُ غاضبة"، ثم التفتت نحو زهو واحتضنت كفها بيدها، وسألتها باهتمام: "أخبريني ماذا فعلت بكِ لطيفة؟"
مطت زهو شفتيها، وقالت بغيظ: "سألتني عن الحمل.. ووبختني لأنني ونبيل أعدنا ترتيب ديكورات البيت.. يعني بالمختصر لم يعجبها نتيجة التقييم العاجل الذي أجرته لي وقررت أنني لستُ زوجة صالحة لابنها قرة عينها"..
شهقت أمواج وشادن معا، وقالت الأولى: "الحمل؟ الآن؟"، ثم دخلت في نوبة من الضحك بعد أن التمعت عيناها بتعليق جريء بالكاد أغلقت شفتيها عليه قبل أن يتحرر محدثا كارثة، أما شادن، فقالت بتعاطف: "والله لا أعرف ماذا أقول.. لنا الجنة فعلا"، ثم انطلقت ثلاثتهن في نوبة من الضحك، قطعها اقتراب لطيفة برفقة سميحة التي قالت بنبرة ودودة: "ما رأيكن بمرافقتي لشراء بعض الحاجيات الخاصة بتجهيزات بيت سفيان.. الولد أصر على الزواج في بيت والدته بحي مدينة نصر، ورفض الانتقال لمدينتنا السكنية، مؤكدا أنه سيشعر بالراحة هناك أكثر، رغم أن عاصم أخبره أنه مستعد لشراء بيت جديد له بالقرب منا.. والآن عليّ أن أعيد ترتيب بيت المرحومة نبية بديكورات عصرية جديدة تفرح العروس"..
قوست شادن شفتيها بحزن، فسارعت أمواج تقول: "أظن أن مسألة تأثيث البيت تخص العروس يا سِمحة.. فهي من ستعيش بالبيت وبالتالي يجب أن تنتقي محتوياته بما يناسب ذوقها"..
ضحكت سميحة بينما سحبت مقعدا لتجلس قبالتهن، ثم قالت من بين ضحكاتها: "والعروس نفسها غير متفرغة تماما، فهي قد افتتحت مشروعا خدميا مؤخرا في قريتها بالفيوم، وتريد أن ترتب أمور إدارته وكل ما يخصه قبل أن تنتقل للاستقرار تماما هنا في العاصمة"..
قالت زهو بصدق: "تبارك الله.. أحببت فكرة اهتمامها بالعطاء"..
قالت سميحة بحماس: "وهذا ما أعجب سفيان بها أيضا.. فهو يقوم بمساعدة والده كل عام بتوزيع الزكاة والصدقات على مستحقيها بين أهل قريتنا بالفيوم، وقد ازداد إعجابه بعروسه حين علم بفكرة مشروعها.. وربما كان هذا هو السبب في تحمسه للزواج منها"..
نهضت شادن تتمتم بحاجتها للذهاب لدورة المياة، بينما تابعتها والدتها بنظرة حسيرة..
فالأخيرة وإن كانت صامتة، إلا أنها تدرك جيدا أن كل التغيرات التي مرت بها ابنتها مؤخرا سببها سفيان مرتجي..
فهي قد لاحظت منذ حفل عيد ميلادها الثامن عشر مدى تعلق نظراتها به، كما شعرت أيضا أنه لا يحمل لها أية مشاعر خاصة..
تنهدت لطيفة بغضب يموج بداخلها، وهي تناظر أمواج التي تنتظر مرور أقل من عامٍ واحدٍ كي يتم عقد قرانها إلى ابن خالتها بحر، وإلى زهو التي اقتنصت ابنها نبيل، بينما ابنتها لا تزال وحيدة لم ينتبه لها أحد..
وهذه الفكرة الأخيرة تركت مرارة لاذعة في حلقها..


يتبــــــــــــــــع


مروة سالم غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 29-08-22, 07:48 PM   #618

مروة سالم

كاتبة في قسم قصص من وحي الاعضاء

 
الصورة الرمزية مروة سالم

? العضوٌ??? » 482666
?  التسِجيلٌ » Dec 2020
? مشَارَ?اتْي » 1,756
?  مُ?إني » مصر
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » مروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   ice-lemon
?? ??? ~
Why so serious?
Rewitysmile14 وانطوت صفحة الهوى - القصاصة الثانية والعشرون: القسم الرابع

في غرفتها الصغيرة ذات الجدران المتهالكة التي تساقط دهانها الكئيب عنها، أخذت تعبث بهاتفها، تضيف المزيد من أحلامها لحسابها على "انستجرام".. نافذتها الوحيدة نحو مستقبل براق..
وتحت وسم ( #يوما_ما )، وضعت ذكرى بعضا من أمنياتها في شكل صور متتابعة..
تحلم بالرقص مساء بين قطرات المطر أسفل برج إيفل في العاصمة الفرنسية باريس.. تتمنى أن تسير في ميدان تقسيم بمدينة إسطنبول وهي تتناول البقلاوة التركية.. تتمنى الخضوع لجلسة تصوير مبهرة على متن أحد قوارب الجندول بمدينة فينيسيا الإيطالية..
تريد أن تقتني قطعة واحدة على الأقل من الحقائب الأصلية ولتكن بتوقيع دار (شانيل).. وأخيرا، تحلم أن تسير مع حبيبها يدا بيد على جسر المانسترلي بجزيرة الروضة بقلب نهر النيل لحظة شروق الشمس..
تركت ذكرى منشوراتها تتلقى علامات الإعجاب والتعليقات المشجعة من متابعيها الذين يزدادون يوما بعد يوم، خاصة بعد أن نشرت صورتها بالفستان الأبيض، فتلقت هدية شكر من صاحب المتجر الذي دعاها مع زوجته لاقتناء فستانين مجانا نظير الدعاية الرائعة التي قدمتها له بعفوية فازدادت مبيعاته ضعفين..
لم ترفض دعوته، خاصة بعد أن كتبت إليها زوجته عبر رسائل حسابها وشكرتها بنفسها وأخبرتها أنها تنتظرها لتنتقي معها الرداءين..
اختارت ذكرى بالفعل فستانا عصريا متعدد الألوان يسيطر عليه اللون الكحلي ويزينه أوراق شجر متباينة الأحجام والألوان، قررت أن تحضر به الحفل الذي ستقيمه مع والدتها عند حصولها على درجة الماجيستير..
أما الثاني، فكان فستانا باللون الأحمر الداكن يحدد القوام دون أن يلتصق به، فيبين أنوثتها بلا ابتذال..
قررت أن ترتديه في أقرب فرصة.. عندما تدعو الدكتور حسن والدكتور آدم على طعام والدتها مرة جديدة..
شردت ذكرى قليلا عندما تراءت أمامها صورة الدكتور آدم هاربة من بئر أفكارها العميق..
صار يقتحم أفكارها وخيالها بل وأحلامها كثيرا مؤخرا.. لكنها كانت تشتت تركيزها عنه في كل مرة يفرض نفسه عليها..
لا تستطيع بعد أن تتبين سبب اهتمامها المستحدث به.. هي بالفعل كانت مهتمة به كصديق منذ تعرفت عليه قبل سنوات قليلة كزميل بالعمل.. لكنها مؤخرا فوجئت بمشاعرها تتحرك في اتجاه آخر..
ورغم أنها حاولت وأد هذه المشاعر في مهدها، إلا أن ضربات قلبها الطائشة كانت تنبض بتمرد معاند كلما وقفت في حضرته..
والغريب أن انفعالاتها العاطفية نحوه تزامنت مع ميله هو للابتعاد عنها..
هناك شيء تغير به منذ نحو شهرين ونيف.. صار يعاملها بطريقة شبه جادة وازداد انشغاله عما سبق، حتى أنه توقف تماما عن مقالبه الطفولية ومزحاته العابثة معها..
تُرى ما الذي حدث؟
هل كان تركيزه في حصوله على درجة التخصص في عمله هو السبب في تباعده مؤخرا؟ أم أن هناك شيئا آخر؟..
شعرت فجأة بانقباض في قلبها، لكنها رفضت أن تسمح لأفكارها بالسفر إلى تلك البقعة التي يسكنها المنطق بعقلها، فلا يتفوه سوى بالحقيقة القاسية..
تخشى أن يزورها الوجع من جديد.. فلتتنعم قليلا بسَكرة الوهم وألوان الخيال وروعة الأحلام..
أمسكت بأداة التحكم، وشغّلت التلفاز على إحدى المحطات الموسيقية، لينبعث منها صوت أنغام، تشدو بشجن يوازي ما يعتمل في قلبها من مشاعر...
في واحدة بتحبك أوي من كام سنة
قدام عينيك وانت بتسأل هي فين؟
في واحدة بتحبك؟؟ و ليه مانتاش هنا
ولو أسألك عنها.. تقولي هي مين؟
ياريت تحس إن اللي بتحبك أنا
ياللي انت مش دريان بيا
شوف انت ترضي بإيه ليا
لو مت فيا تعيشني
لو سيبتني تموت فيا


يتبــــــــــــــع


مروة سالم غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 29-08-22, 07:49 PM   #619

مروة سالم

كاتبة في قسم قصص من وحي الاعضاء

 
الصورة الرمزية مروة سالم

? العضوٌ??? » 482666
?  التسِجيلٌ » Dec 2020
? مشَارَ?اتْي » 1,756
?  مُ?إني » مصر
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » مروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   ice-lemon
?? ??? ~
Why so serious?
:sss4: وانطوت صفحة الهوى - القصاصة الثانية والعشرون: القسم الخامس

صباح اليوم التالي، تحركت تسير في أروقة المستشفى شاعرة بشيء غريب يلف الهواء من حولها بظلال مزعجة..
وكأن الجدران تتهامس عليها بهسيس مرعب.. الأسقف تنظر لها من علوٍ باحتقار واستعلاء.. حتى المقاعد في الطرقات تتوارى عنها مشمئزة..
ما جريرتها؟ ماذا فعلت لتنال كل هذا الازدراء؟
حين وصلت لمكتب الاستعلامات الخاص بالطابق، والذي تتجمع فيه الممرضات من أجل توزيع العمل على الأقسام المختلفة بنفس الطابق، طالعتها عشرات الأعين بنظرات متباينة ما بين الصدمة والشماتة والاحتقار.. والتعاطف..
ماذا حدث؟ لِمَ يناظرها الجميع هكذا؟
قطعت إحداهن الخطوات القليلة الفاصلة بينها وبينهن، لتقف قبالتها وتمنحها نظرة مقيّمة من أعلى لأسفل قبل أن تهمس بأذنها بنبرة حاقدة: "كانت لديّ شكوك كثيرة.. الآن تأكدت.. لم أصدق أبدا نظراتك المعذبة وابتساماتك المبتورة.. أعترف.. تمثيلك جيد.. لكنه ما كان لينطلي عليّ"، ثم غمزتها بوقاحة، وغادرت..
بنبرة واثقة برغم اهتزاز قلبها ومقلتيها بالتوتر، سألت ذكرى بعض الواقفات بالقرب منها: "ماذا هنالك؟ لماذا تنظرن إليّ هكذا؟"
تفرّقت الفتيات دون أن ينبسن بكلمة، لكنهن تركن في إثرهن حفنة من النظرات المقيتة، قبل أن تتوقف إحداهن لتعود إليها وتقول بنبرة أميل إلى التعاطف، وإن كان الاتهام يحدها من كل الجوانب كأشواك حادة: "هل فعلا تحاولين إغواء الدكتور آدم عزازي من قسم العظام؟؟ الجميع يتحدثون عن الأمر"..
شهقت ذكرى وسألت باستنكار: "يتحدثون عماذا؟ هذا الكلام محض هراء"..
قالت زميلتها باتهام واضح وقد نفضت عن نظراتها التعاطف: "يقولون إنكِ دائمة التردد على قسم العظام رغم أنكِ ممرضة بقسم العناية المركزة لمرضى القلب والأوعية الدموية.. كما أنكِ تتواجدين في مكتبه باستمرار"..
رفعت ذكرى ذقنها بعناد، لكنه بدا لزميلتها إباء وترفعا، قبل أن ترد باستنكار: "هذا كذب وافتراء.. أتوجه أحيانا لقسم العظام للتنسيق مع الدكتور حسن تحسين حول عملي بعيادته.. ولا سبب آخر يدعوني للتوجه لهناك.. الدكتور حسن مشرف الدكتور آدم، ولهذا يتصادف أحيانا تواجدنا بنفس المكان"..
قالت ذكرى كلماتها الأخيرة ببعض الاهتزاز، لكن زميلتها لم تنتبه لنبرتها المرتعشة، فغادرت بعد أن تمتمت ببعض الكلمات المتعاطفة، وإن كانت نبرتها غير صادقة تماما..
تحركت ذكرى لإخراج دفتر متابعة الحالات الخاصة بقسمها، ثم فتحته لتدرس الملاحظات التي كتبتها زميلتها مشرفة المناوبة السابقة، ثم توجهت إلى عملها بنفس مختنقة..
عند انتصاف المناوبة، كان الإجهاد قد تمكن منها، فقررت أن تعرج على كافيتيريا المبنى لتتناول بعض المقرمشات وكوبا من القهوة تستدعي من خلالهما بعض الطاقة لإكمال عملها..
وهناك وجدته..
كان يقف بين ثلاثة من الأطباء يتحدث معهم بنبرة جادة.. على ما يبدو كانوا يتناقشون بخصوص إحدى الحالات، لكنه لمحها..
لقد تقابلت أعينهم.. خاصتها تسائله بصمت، وخاصته تتفحصها بقلق.. لكن بعد ثانيتين أو أقل، تبدد ذلك القلق وحل مكانه.. الجمود، قبل أن تغرب عينيه عن سمائها ويستأنف حديثه مع زملائه..
تهاوت على مقعد مواجه لجمعتهم، وأخذت تتناول المقرمشات برتابة وآلية دون أن تشعر بطعم ما تأكله حقا..
كانت تنتظر منه أن يقترب ليلقي عليها التحية كما تعودت.. أن يخبرها ألا تهتم بالشائعات، كما حدث بالمرة الأولى عندما كان الأمر يخص الدكتور حسن تحسين.. لكنه هذه المرة، التزم الصمت وتجاهلها..
شعور حارق مر بحلقها، حين وجدته يستدير ويغادر المقصف بعد أن التقط مشروبا للطاقة.. غادر دون أن يرمقها بنظرة واحدة.. وكأنها غير موجودة..
عادت ذكرى لاستكمال عملها بكآبة، ومع اقتراب المناوبة من نهايتها، تحركت صوب إحدى الغرف الجانبية المخصصة لحفظ الأدوية لجلب بعض الأدوات اللازمة للعناية بأحد مرضى الرعاية المركزة، بعد أن اكتشفت ملاحظة بضرورة استبدالها، فرأت أن تجهزها للطبيب المناوب قبل مروره..
ولمّا دلفت للغرفة تبحث عن (القسطرة الوريدية المركزية) لكي يتم تركيبها للمريض، تسلل في إثرها أحد العاملين بالمبنى دون أن تشعر بخفة خطواته المارقة..
انحنت لتبحث عن صندوق حفظ المحاقن والأنابيب الطبية، ومدّت يدها لكي تمسك بالأداة التي تحتاجها، فشعرت بربتة شنيعة أسفل ظهرها تتحسس تلك المنطقة بجرأة قبل أن تقبض على ردفها كقبضة من نار السعير..
استدارت بفزع لتجد رجلا يبدو في أواخر الثلاثينات أو بدايات الأربعينات بملابس تعود لقسم التمريض، لكنها المرة الأولى التي تراه بها في حياتها.. استقبلها بابتسامة مريضة تنضح اشتهاء، قبل أن يغمزها بوقاحة، معاودا ملامسة ردفها بمخالبه الحادة: "يمكننا أن نقضي وقتا لطيفا هنا ولن يشعر بنا أحد.. ستخرجين سعيدة صدقيني"..
شهقت ذكرى بفزع وتراجعت خطوة للخلف لتسقط على ظهرها، فاستغل هو الفرصة ليقفز عليها مكبلا فرصتها الوحيدة للركض خارج الغرفة..
اقترب منها بفحيح أنفاسه التي تنبعث منها رائحة عطنة لا تشبه رائحة التعقيم التي تلف غرفة الأدوية، ولامست شفتاه أذنها، قبل أن يهمس بنبرة مقيتة شبه مهددة: "أم تراكِ تفضلين الأطباء فقط؟"..
كانت ذكرى قد حركت كفها خلسة لتعبث بصندوق المحاقن، فتخرج إحدى المحاقن الوريدية ذات الأسنان القاسية، ثم فضت غطاءها البلاستيكي، وصوبت فوهتها الحادة إلى ظهره ودفعتها بقسوة، ليطلق هو صرخة حادة، ويسحب يديه ليلامس ظهره، محاولا استكشاف نوعية السلاح الذي استخدمته لإصابته بهذا الألم الحاد، وسحبه بعيدا عن جسده..
استغلت ذكرى تلك الفرصة، ودفعته بقسوة، وركضت للخارج، ثم أغلقت باب الغرفة بالمقبض من الخارج، وعادت لحجرة الممرضات تداري ارتجافها..
بعد مرور أكثر من ساعة، لا تزال تجلس منكمشة على نفسها، تقاوم دموعها التي تنساب بثقل على وجنتيها.. لا تكاد تصدق ما تعرضت له.. لقد وصلت لدرجة لا تحتمل من الإذلال..
لا تفهم ما الذنب الذي اقترفته؟؟!!
هي حتى لم تخبره أنها تحبه.. بل إنها ليست متأكدة أساسا أنها تحبه..
فكيف انتشرت تلك الشائعات الحقيرة بهذا الشكل - برغم تباعدهما الشهرين المنصرمين - لتجعل الضباع يطمعون بها فيحطمون كرامتها وكبرياءها.. ويحاولون النيل من عفتها وشرفها؟؟


يتبــــــــــــــــــع


مروة سالم غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 29-08-22, 07:52 PM   #620

مروة سالم

كاتبة في قسم قصص من وحي الاعضاء

 
الصورة الرمزية مروة سالم

? العضوٌ??? » 482666
?  التسِجيلٌ » Dec 2020
? مشَارَ?اتْي » 1,756
?  مُ?إني » مصر
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » مروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   ice-lemon
?? ??? ~
Why so serious?
Rewity Smile 1 وانطوت صفحة الهوى - القصاصة الثانية والعشرون: القسم السادس

في المساء، كانت حديقة منزل (آل عزازي) مزينة بمصابيح براقة وتنبعث منها موسيقى ناعمة، بينما تجمع أفرادٌ عدة من عائلة الدكتور آدم لحضور حفل عقد قرانه إلى الدكتورة رحاب الهواري، والتي دعت أيضا عشرات من أفراد عائلتها وصديقاتها بالمستشفى..
كانت الأجواء الاحتفالية تسيطر على المكان، والبهجة تضيء الوجوه..
الجميع يبتسم بسرور بالغ، إلا هو..
يشعر باختناق جعله يحرك رابطة عنقه قليلا كي يحرر أوردته فيتمكن من التنفس، وإلا سيفقد وعيه بسبب نقص الأكسجين..
على وجهه ترتسم ابتسامة ميكانيكية، تدرب عليها جيدا لسنوات حين كان يضطر لاعتمادها بكل المناسبات العائلية، فصارت تحتل وجهه بسهولة في الفترة الأخيرة..
يشعر أن بداخله شخصين.. أحدهما طفل وحيد يشعر بالكدر والتململ ويخشى الوحدة ولا يحب الضوضاء، والآخر شاب يشعر ببعض السلام لأنه يرضي والديه باضطلاعه بمهامه والتزامه بقراراتهم وخططهم لمستقبله، فيسير بالطريق الذي رسموه له بدقة دون أن يحيد..
هل يمكن أن يتصالح ذلك الطفل الوحيد مع الشاب المسئول؟ أم يتصدر أحدهما الواجهة بمفرده، فيفرض على الآخر الهلاك والتلاشي في غياهب النسيان؟
زفر آدم بتعب، ثم أشار لأحد الندل لكي يحضر له بعض الماء لكي يجلي حنجرته التي أصابها الجفاف على نحوٍ مفاجئ..
ابتسامة مريرة احتلت جانب وجهه عندما تذكر منشوراتها اليوم عبر انستجرام..
امتنع عن وضع علامة الإعجاب للمرة الأولى، فمنذ أن قابلها في مقصف المستشفى قبل ساعات وهو يشعر بشيء بداخله ينزوي ويذبل.. هذا الشيء لم يكن سوى انعكاس لما مر بمقلتيها.. وكأن رقصة للحرية كانت تسكن عينيها دائما، قد اختنقت وأزهقت روحها، فيلوح مكانها الخراب..
كانت تبدو هشة على نحوٍ غير معتاد، تناظره برجاء ليس من شيمها..
شيء ما أصابها، وهو لم يمتلك الوقت ولا الأدوات لمساءلتها..
وحتى إن سألها، لن يفلح في مساعدتها.. ليس بعد ما قالته والدته..
يعلم أن حياتها صعبة ولن يزيد الأمور صعوبة بإدخال والدته كطرف بينهما.. فهو جديا لا يعرف إلى أي مدى يمكنها أن تستغل نفوذها، لكنها بدت في حالة تتأرجح بين النفور والتأهب منذ ألمح برغبته في الزواج بها..
لو سأله أحدٌ عن سبب توجهه للعمل بالمستشفى بيوم احتفال عقد قرانه، سيقول إنه اضطر للمداومة من أجل جراحة تم تحديد موعدها من قبل وعجز عن الاعتذار عنها..
لكن السبب الحقيقي الذي لن يخبر أحدا به، أنه أراد أن يراها مرة أخيرة قبل أن يكبل كفيه بقيد الواجب..
حين عاد للمنزل لكي يستعد لحفل عقد القرار، تلقى مكالمة هاتفية من الدكتور حسن يخبره بانتشار شائعات جديدة تخص ذكرى.. وهذه المرة تربطها به هو..
لن ينكر أن ابتسامة خفيفة تسللت لوجهه لمجرد ربط اسمها به..
ماذا إن تحول الخيال لواقع فعلي؟
لكن الخيال ليس مبعثه حلم بهيج ملون.. وإنما شائعات حقيرة..
شعر بالذنب فور أن علم بالأمر.. لكنه أبى أن يهاتفها..
سيتأكد من وأد تلك الشائعة بدون أن يضطر لمواجهتها.. وهذا أقصى ما يمكنه أن يفعله
كيف سيواجهها ويتحدث إليها بأريحية واليوم سيعقد قرانه إلى رحاب؟..
في النهاية، أخبر نفسه أن تلك الأقاويل الحاقدة ستموت في مهدها كالشائعات التي طالتها سابقا بخصوص دكتور حسن.. فهما في النهاية لم يتجاوزا أبدا بحيث تنال تلك الشائعات من سمعتها..
استدار آدم يطرد أفكاره التي ترتحل في كل مرة نحو ذكرى.. واحتلالها لأفكاره بهيمنة تخصها وصل حتى طاولة عقد قرانه، لذا فقد هز رأسه يبعثر طيفها المواجه له بابتسامتها الدافئة، ليناظر عروسه رحاب نظرة متفحصة لأول مرة..
شابة جميلة طموحة.. وطبيبة..
تمتلك كل المقومات التي تعلو قائمة المعايير التي وضعتها والدته لعروس العائلة المستقبلية.. لكن لِمَ لا يشعر أن قلبه يهفو إليها؟
استدارت رحاب حين شعرت بنظراته تمس ملامحها، ومنحته ابتسامة لطيفة، قبل أن يبددها وقوف حماتها إلى جوارها، لتتذكر ما اكتشفته قبل الحفل..
علمت رحاب من والدتها أن آدم كان يريد فسخ الخطوبة..
(انتابته لحظة تردد).. هكذا بررت والدتها الموقف، لكنها سارعت تطمئنها بأن الدكتورة رقية قد تدخلت بنفسها لتزيل أية أفكار مزعزعة من رأسه..
أدارت رحاب رأسها بالاتجاه الآخر تخفي نظرة حاقدة تسللت لمقلتيها ولم تفلح في مداراتها..
لا تزال حتى الآن لا تصدق ما روته لها أمها عن كونه كان يريد فسخ الخطبة من أجل الارتباط بممرضة لعينة في المستشفى..
صدمة شديدة أصابتها عندما علمت عن الأمر، لكن والدتها وعدتها أن الدكتورة رقية لن تترك الأمر أبدا بدون أن تقطع كل أذياله..
عاودت النظر من جديد لخطيبها، ومنحته ابتسامة واسعة، ردها هو بواحدة متيبسة لم تصل أبدا لعينيه اللتين سكنهما التشتت والحيرة، فانشغلتا بمطاردة طيفٍ خيالي يتراقص كالدخان بالهواء..
بعد قليل، وقفت الدكتورة رقية جوار مقعديهما المزينين بالزهور، وقالت: "هيا لترقصا يا طائريّ الحب.. وبعدها قفا قليلا عند المنصة التي جهزتها لكما من أجل بعض الصور الرسمية"..
نهض كلاهما لتنفيذ تعليمات رقية، فتحرك آدم بفتور، أما رحاب فقد ازدادت خطواتها خفة بعد أن التمع ذهنها بفكرة جبارة أصرت على تطبيقها بأسرع وقت..


يتبـــــــــــــــــع على هذا الرابط
القصاصة لم تنتهِ بعد
https://www.rewity.com/forum/t486027-63.html



التعديل الأخير تم بواسطة ebti ; 29-08-22 الساعة 11:05 PM
مروة سالم غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 02:45 PM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.