آخر 10 مشاركات
214 - العسل المر - لي ويلكنسون -حصـــــــــــرياً (الكاتـب : عنووود - )           »          ومضة شك في غمرة يقين (الكاتـب : الريم ناصر - )           »          488 - لن ترحل الشمس - سارة كريفن (عدد جديد) (الكاتـب : Breathless - )           »          1199 - مرارة الغيرة - روايات عبير دار النحاس ( كتابة /كاملة)** (الكاتـب : samahss - )           »          440 - أبحث عن قلبي - هيلين بروكس ( عدد جديد ) (الكاتـب : ^RAYAHEEN^ - )           »          221 - مدللة - جيسيكا هارت (الكاتـب : Fairey Angel - )           »          مش غريبة بس بدي ترحيب (الكاتـب : ghoody - )           »          شهريار .. على باب الفاتنات *مميزة و مكتملة* (الكاتـب : سحابه نقيه 1 - )           »          صمت الجياد (ج2 سلسلة عشق الجياد) للكاتبة الرائعة: مروة جمال *كاملة & روابط* (الكاتـب : Gege86 - )           »          عروسه المقامرة (63) للكاتبة Rebecca Winters .. كاملة مع الروابط (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء

Like Tree673Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 10-03-23, 09:09 PM   #211

Aya-Tarek

كاتبة بقسم قصص من وحي الأعضاء


? العضوٌ??? » 420321
?  التسِجيلٌ » Mar 2018
? مشَارَ?اتْي » 516
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » Aya-Tarek has a reputation beyond reputeAya-Tarek has a reputation beyond reputeAya-Tarek has a reputation beyond reputeAya-Tarek has a reputation beyond reputeAya-Tarek has a reputation beyond reputeAya-Tarek has a reputation beyond reputeAya-Tarek has a reputation beyond reputeAya-Tarek has a reputation beyond reputeAya-Tarek has a reputation beyond reputeAya-Tarek has a reputation beyond reputeAya-Tarek has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   cola
¬» قناتك rotana
افتراضي


اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة لي لي احمد مشاهدة المشاركة
من أجمل الروايات 👏❤️
تسلمي يا رب
اتمنى اللي جاي يعجبك


Aya-Tarek غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 08-05-23, 08:23 PM   #212

Aya-Tarek

كاتبة بقسم قصص من وحي الأعضاء


? العضوٌ??? » 420321
?  التسِجيلٌ » Mar 2018
? مشَارَ?اتْي » 516
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » Aya-Tarek has a reputation beyond reputeAya-Tarek has a reputation beyond reputeAya-Tarek has a reputation beyond reputeAya-Tarek has a reputation beyond reputeAya-Tarek has a reputation beyond reputeAya-Tarek has a reputation beyond reputeAya-Tarek has a reputation beyond reputeAya-Tarek has a reputation beyond reputeAya-Tarek has a reputation beyond reputeAya-Tarek has a reputation beyond reputeAya-Tarek has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   cola
¬» قناتك rotana
افتراضي


الفصل السادس عشر
وصل إياد إلى مقر سكنه التابع لمقر عمله..
دخل الغرفة التي تجمعه مع أحد أصدقاءه، فسأله الأخير متعجبًا:«إياد؟
لم تنتهي اجازتك بعد، لِمَ عدت؟»
استلقى إياد على سريره بكامل ملابسه، وأجابه بفتور:«لم أتحمل البقاء هناك أكثر»
شعر الآخر بالدهشة، أطلق ضحكة خافتة وقال بحسرة:«لو مكانك لن اترك طفلي لحظة»
ثم خرج من الغرفة ليتحدث مع طفلته تاركًا إياد فيها بمفرده..
بحكم عملهما سويًا لأكثر من سنتين صار يفهم صديقه جيدًا..
كتوم، لا يتحدث عن نفسه أبدًا، مهما حاول سحبه في الكلام أو دفعه ليصرح عن مكنوناته يفشل!
لذا يكتفي بإلقاء نصيحته ثم يتركه!
مع خروجه من الغرفة ترددت جملة لمار في أذني إياد:
« الحرمان يمنحك عمرًا فوق عمرك لتفهم وتستوعب ما يدور حولك»
شعر بقلبه يؤلمه على مالك، خاصة وهو يتذكر ضيق الأخير بسبب سفره!
فتح الهاتف دون تفكير أو انتباه للوقت، واتصل بشقيقته.
عندما ردت عليه، قال لها دون ترحيب:«أعطِني مالك»
سألته بلهفة ورغبة في الاطمئنان عليه:«وصلت يا حبيبي؟
أنت بخير؟»
أجابها بنفاذ صبر:«طالما أتحدث معكِ إذًا أنا بخير، ونعم وصلت..
مرري الهاتف لمالك من فضلكِ»
قالت بتعجب:«مالك نائم، الساعة تقارب منتصف الليل!»
تأفف إياد بضيق، أخبرها أنه سيتصل به صباحًا ثم أغلق الخط دون إضافة المزيد..
لا قدرة له على جدالها أو النقاش في شيء!
يريد الراحة فحسب..
والراحة بالنسبة إليه حلم مستحيل المنال!
الماضي لا يتركه، ولا أحد يدفع الثمن سوى طفله!
لو يستطيع التجاوز فقط، من أجل ابنه على الأقل!
وجد نفسه يفتح المحادثة الخاصة به هو ولمار، يقرأ رسائلهما القليلة بشأن ترتيب مواعيد لقاءاتهما، ثم ترك الهاتف..
نظر إليه للحظات، ثم التقطه مجددًا، ليكتب لها بعد تفكير:
«اعتذر عن تصرفي ورحيلي المفاجىء»
وأضاف عليها عدة كلمات أخرى ومسحها، ثم أضاف المزيد ومسحه أيضًا، ليكتفي باعتذاره وضغط على إرسال.
ظل يحدق في الهاتف ينتظر أن تقرأ رسالته، وعندما فقد الأمل تركه وأغمض عينيه متنهدًا..
لو تزول الذكريات..
يختفي الماضي كأنه ما كان!
ويتلون الحاضر بأزهي الألوان..
فيشرق المستقبل بأجمل الحكايات..
يا ليت!

**********

وقف علي جانبًا ينفث من سيجارته بانتشاء..
نظر إلى ساعته، ثم صعد إلى القطار الواقف أمامه قبل أن ينطلق به..
جلس على مقعده براحة، يضع قدمًا فوق الأخرى..
تُرى ماذا يحدث الآن؟
تعالت ضحكاته بانتصار، بالتأكيد تيم يكاد يفقد عقله..
ربما يبحث عنه بجنون، لذلك هو يسافر إلى أقصى الجنوب، كي لا يستطيع الوصول إليه!
ليبقى مع تقوى؛ الحبيبة التي اختارها، والتي بكل تأكيد لن يتحمل البقاء معها لساعات أكثر!
كيف يفعل بعد ما شهد لحظات امتلاك رجل آخر لها؟!
حتى لو كان اغتصابًا، أي رجل لن يتحمل هذا المشهد!
سيظل أثره موجودًا طول الحياة، لن يتخلص منه إلا بتخلصه منها!
والتخلصّ لن يكون بعيدًا!
إذًا تقوى قريبًا ستكون حرة..
ستكون له!
لا هرب هذه المرة..
لن يرتكب نفس الأخطاء..
سيحصل عليها، سيمتلكها!
أخرج صورة والدته من حافظة نقوده، يحدق فيها بابتسامة حنين..
يعدها بإتمام انتقامه في أقرب وقت.
«أها تذكرتك، لقد رأيتك منذ سنوات على متن الطائرة»
نظر علي إلى مرافقته بتعجب، وهي تتابع ثرثرتها الغير مفهومة بالنسبة له!
«كنت ساشعر بالإحباط إن لم أتذكرك، فأنا املك ذاكرة حديدية، لا انسى الأشخاص أو الأحداث بسهولة»
«مَن أنتِ؟»
قاطعها علي يسألها بحدة..
فتعلقت نظراتها بالصورة التي لايزال ممسكًا بها.
«والدتك حقًا جميلة»
حاولت التقاط الصورة منه، فسحبها بعيدًا عنها، ونظرة مرعبة تسكن عينيه..
نظرة لم تؤثر فيها، بل قالت ببساطة:«كنت سأتأملها فقط»
كرر سؤاله مجددًا عن هويتها، فأجابته بتلقائية:«أوه صحيح لم نتعرف من قبل، في الرحلة السابقة كنت صامتًا بطريقة مملة!
أنا نادين، ما اسمك؟»
عقد علي حاجبيه يحاول استيعاب ثرثرتها والتعرّف على هويّتها، لكن ذاكرته لم تسعفه!
«هاي، ما اسمك؟»
سألته مجددًا، مصّرة على التعرّف عليه!
«علي»
أجابها باقتضاب، ثم حوّل وجهه اتجاه النافذة متجاهلًا وجودها!
«لم تتذكرني؟»
«لم أرَكِ من قبل أساسًا»
هتف بفظاظة كانت لتؤثر في أي فتاة أخرى غيرها!
«عُد بذاكرتك للوراء»
صادفت كلماتها مع استناد رأسه لظهر المقعد، فتابعت بمرح:«نعم أكثر»
تأفف عاقدًا حاجبيه بضيق.
«ابسط وجهك يا علي، أنت ذاهب في رحلة وليس للجحيم»
«كفى ثرثرة»
هتف بضجر، وأغمض عينيه محاولًا تجميع أفكاره والتركيز..
هل أخطأ عندما أرسل المشهد إلى عمار؟
زمّ شفتيه بنفي، في كل الأحوال إرسال المشهد له لن يؤثر..
لقد أراد إشعال المزيد من النيران فقط!
وإن كان للمشهد تأثير عليه هو وإيمان سيكون أفضل بكل تأكيد!
لقد تحدته هبه عندما أبعدت تقوى عنه، وحان الوقت لمواجهة تحديها والانتصار!
«يوم سافرت إلى إحدى دول الخليج، كنت معك على نفس الطائرة»
قاطعت نادين أفكاره، تعطيه المزيد من اللمحات ليتذكرها!
فهتف بنزق:«لقد سافرت منذ أربع سنوات، تعتقدين أنني سأتذكركِ بعد كل هذه المدة؟!»
أجابته ببساطة:«حتى لو لا تتذكرني عليك بمجاملتي كي لا تجرح مشاعري، خاصة أنني أتذكرك جيدًا»
«يا رب»
تمتم ماسحًا وجهه بنفاذ صبر، يبحث بعينيه عن أي مقعد فارغ ليجلس عليه بدلًا من مقعده، ولحظه البائس لم يجد!
«صحيح، ماذا تعمل؟»
طرق جبينه بضيق، ألا سبيل للهرب منها؟
ومضت فكرة ما في عقله، فسارع في تنفيذها!
اتجه إلى مقعد بعيد كل البُعد عنها، ليتخلصّ منها تمامًا ولا يصله صوتها!
تحدث مع الجالس عليه بعدة كلمات أغلبها اعتذارًا، ثم تنهد بارتياح عندما نجح في تبديل مقعده!
جلس على المقعد الجديد، يبتسم بلا مبالاة عند مواجهته لنظراتها الممتعضة، ثم يغلق عينيه ليذهب في نوم عميق..
وآخر أفكاره رد فعل والده عندما يعرف باختفاءه!

**********
لفترة طويلة ظل عمار ينظر إلى الهاتف مصعوقًا..
ينظر إلى إيمان الغافية على السرير تارة، ويعيد نظره إلى الهاتف تارة أخرى!
بتردد التقاط السماعات ليوصلها به، ثم يضعها في أذنيه..
وبتردد أكبر فتح المشهد!
أغلق عينيه للحظة، وأصابعه تلقائيًا تقوم بتقديم الوقت عدة دقائق..
لينتفض والمزيد من الصرخات تخترق أذنيه، مزلزلة روحه..
فتح عين واحدة، ليرى مَن يخيّم على جسد تقوى، فيظهر وجهها فقط أمامه..
وجه مكدوم، مغرق بالدموع..
وصرخات عالية تذيب أقسى القلوب..
ومَن معها لا يمتلك أي قلب!
أغلق الهاتف لا يريد رؤية المزيد، بل لا يريد رؤية أي شيء!
وعليه.. وبدون لحظة تفكير، حذف المشهد من على هاتفه، بعد الاحتفاظ برقم مُرسِله!
مَن المُرسِل؟
ما غرضه؟
أخذه التفكير لوقت طويل دون الوصول إلى أي إجابة شافية..
فأرسل الرقم إلى أحد أصدقاءه علّه يستطيع الوصول إلى معلومات عن صاحب الخط!
وشعوره بالشفقة على تقوى يتعاظم مع كل دقيقة تمر..
رُباه، لقد لاقت ما لا يتحمله بشر، كيف واجهت وتواجه؟
أهذا هو السر الذي حرص تيم على إخفاءه عنه؟
تيم هل..؟
يا رحيم، لابد أن تيم وصله نفس المقطع!
التقط هاتفه بسرعة ليتصل به، وبيده الأخرى سحب مفاتيح سيارته متخذًا قراره بالذهاب إليه!

**********

قبل بعض الوقت
دخلت تقوى إلى المطبخ بأنفاس متسارعة، تلتفت حولها بضياع..
تيم كان قريبًا منها، كاد يقبّلها!
استقرت أصابعها المرتجفة على شفتيها، وهي تفكر..
كان على وشك تقبيلها!
بساقين هلاميتين جلست على أقرب مقعد، يد على شفتيها والأخرى على قلبها تهدىء من نبضاته..
ماذا يحدث معها؟
ألا يُفترَض بها أن تشعر بالقرف، أن ترفض قربه؟
أغمضت عينيها وأسوأ ذكرياتها تهاجمها بقوة..
همسات وقحة ترددت في أذنيها، فوضعت كفيها عليهما تحاول إسكات صوت علي!
ثانية واحدة، ووجدت الصوت يتبدل، يتحول إلى نبرة رقيقة تلامس القلب وتداوي الروح..
الهمسات الجريئة تحولت إلى أخرى دافئة، تعدها بالحب!

يا حبيبي كفاية أحبك.. وارتوي من عطف قلبك
وأنسى بكرة وأنسى بعده.. وافتكر بس إني جنبك

ارتخت أعصابها وصوت تيم يتردد في أذنيها مرة بعد مرة، يمنحها الأمان الذي تنشده!
وكتأثير السحر..
وجدت نفسها راغبة في المزيد، دون الشعور بأي قرف!
نهضت ترتشف بعض المياه، لينتفض جسدها تلقائيًا عند سماعها صوت إغلاق الباب بقوة، لا تنم إلا عن غضب مَن أغلقه!
تركت زجاجة المياه وركضت إلى الخارج، فلا تجد أي أثر لتيم!
أسرعت إلى النافذة، لتلحق بغبار سيارته بعد أن انطلق بها بأقصى سرعته!
التفتت حولها بذعر، التقطت هاتفها لتتصل به، فلم تحصل على رد!
تملكّها الرعب عليه، فخرجت بدون تفكير نحو شقة والده..
طرقت على الباب عدة طرقات متتالية، لتقول بخوف فور ظهور وحيد أمامها:
«تيم خرج فجأة، ولا يرد على هاتفه»
أشار لها وحيد بالهدوء عندما لمح انهيارها:«ربما احتاجه أحد أصدقاءه، لا داعي للقلق»
مع آخر كلماته ظهرت نشوى من خلفه، تسأل بخوف:«ماذا به تيم؟»
التفت وحيد إليها، يكرر عليها نفس الكلمات التي كررها على تقوى..
وأي منهما لم تقتنع!
نشوى قلبها غير مطمئن..
وتقوى تجد كلماته هراء!
مهما كان ما جعله يغادر بهذه الطريقة، كان سيجيب على مكالمتها ويطمئنها عليه..
عروضه عنها لا يعني إلا شيئًا واحدًا!
عادت إلى شقتها بصمت، لا تستجيب لحديث وحيد..
أغلقت الباب عليها، ثم جلست إلى لوحته..
منذ ساعة فقط كانت تجلس في حضنه، تستمتع بهمساته و.. لمساته!
أيكون غضب من عدم استسلامها له؟
لا، تيم ليس هكذا!
يكفي مراعاته لها طوال الأيام السابقة دون شكوى أو تذمر..
ربما الوضع هذه المرة أكثر تطورًا، لكنها لا تظن أبدًا أن يتصرف بتلك الطريقة!
هناك سبب آخر، أكيد..
أمسكت بهاتفها تحاول الاتصال به من جديد، وأيضًا لا رد!
فتركت الهاتف بإحباط، وظلت تحدق في اللوحة التي كان يرسمها!

**********

«كيف أصل إليه يا درة؟
أجيبي دون سؤال»
صرخ تيم في الهاتف لتبعد درة هاتفها عن أذنها بتوتر..
«أخبرني فقط ماذا حدث؟»
كرر تيم كلماته والقهر يتملكّه، لتخبره درة بصدق:«صدقني لا اعرف، من بعد وفاة أبي لم يبحث أحد عنه»
أغلق تيم الهاتف بعد فشله في الحصول على أي معلومة مفيدة منها..
جاءه اتصال جديد من تقوى، فظل ينظر إلى الهاتف دون حركة..
وعند انتهاء الاتصال فتح المقعد مجددًا..
لتنطلق صرخات تقوى تشق سكون السيارة، تشعل النيران في فؤاده..
أغلق عينيه ودموعه تتسلل من عينيه..
غير قادر على إيقاف المشهد، ولا على تحمّله!
فجاءته الرحمة من الله عندما قُطِع المشهد تلقائيًا بسبب اتصال عمار..
أول مرة لم يرد عليه، وفي الثانية أجابه..
بصوت مكتوم، يكبح الكثير من الانفعالات..
«أين أنت؟»
لو كان في حالته الطبيعية لكان تفاجأ من سؤاله، انتبه إلى نبرته الغريبة!
لكن في حالته تلك؛ أخبره عن مكانه دون نقاش!
لم يمر الكثير حتى صفّ عمار السيارة بجانبه، ترجّل منها وصعد إلى خاصته..
ظل ينظر للأمام دون المبادرة بأي رد فعل..
فأيقن عمار أن ذلك المشهد أُرسِل إليه!
ولأول مرة يشعر بنفسه عاجزًا، لا يعرف كيف يتصرف!
يخبره أم لا؟!
«أريد مساعدتك»
همس تيم بعد لحظات طويلة، ونظرات عمار مثبته على يده الممسكة بالمقود، عروقه البارزة التي تدل على شدة ما يكتم من غضب!
«اطلب ما تريد»
قال بحمائية، متعهد لنفسه بكتمان ما رآه عن الجميع، والوقوف بجوار تيم ومساعدته في أخذ حق تقوى..
«تتذكّر ذلك الشاب الذي كان يترصد تقوى؟»
سأل تيم بمراوغة، محتفظ بسبب بحثه عن علي لنفسه..
«نعم»
«أريد مساعدتك في الوصول إليه»
ارتسمت ابتسامة غريبة على شفتي عمار، وقال بتخمين:«اعتقد أنني اعرف من أين نبدأ»
مع انتهاء كلماته وصلت رسالة من درة إلى هاتف تيم..
نصها:«أحضرت لك العنوان، لكن أرجوك لا تتهور»
قرأ تيم العنوان، وعمار يمد برأسه ليرى نص الرسالة.
«اهبط»
«ساذهب معك»
نظر تيم إلى عمار بغضب، وكرركلمته بينما يفتح لعمار الباب ويدفعه.
تمسّك عمار بالمقعد مصّرًا على عدم التحرك.
«ساذهب معك، لن اتركك بمفردك»
نظرة التصميم التي لمعت بها عيناه جعلت تيم يستسلم له..
ينطلق بالسيارة اتجاه العنوان دون إهدار المزيد من الوقت!

**********

بعد دقائق
«قادم، قادم»
هتف مصطفى بضجر، منزعج من صوت الطرقات المتوالي..
«تظنني اجلس خلف الباب؟»
سأل بحنق فور أن فتح الباب، ليدفعه تيم بقوة، غير مبالي بسن مصطفى ولا حالته.
«أين هو؟»
بجنون فتح الغرفتين الوحيدتين، يبحث عن علي..
ومن النظرة الأولى أدرك عمار عدم وجوده!
فسأل مصطفى بينما تيم لا يصدق، مستمر في البحث آمالًا بالوصول إليه:«أين ابنك؟»
«لا اعرف، منذ خرج لم يعُد»
نقل نظراته بينهما، وتابع بريبة:«مَن أنتما؟
ماذا؟»
لم يتابع سؤاله وتيم يهجم عليه، يمسكه من تلابيبه، يصرخ عليه:«أخبره أنني لن اتركه، سأجده وانتقم منه على كل ما فعله، سيتمنى الموت ولن يطوله»
حاول مصطفى تحرير نفسه، إلا أن ضعفه لم يساعده!
فأخذ يهتز بين ذراعي تيم دون قدرة على المواجهة!
«يكفي تيم اتركه»
هتف عمار بينما يسحبه بعيدًا عن مصطفى..
ليتركه تيم لاهثًا، يلقي عليه نظرة قبل أن يغادر الشقة!
«مجنون، يظن أنني ساتركه!
إن فكر في الاقتراب من ولدي سأقتله»
مسح عمار على صدر مصطفى يهدأه، يقول بابتسامة مسالمة:«لا عليك يا رجل، لقد تعرض صديقي لصدمة أثّرت على أعصابه..
أرسِل إلى علي تحياتي وأخبره أن لديه لقاءً عاجلًا مع ملك الموت، عيب أن يتأخر عليه!»
نظر مصطفى إليه كأنما ينظر إلى مجنون، فتابع عمار بنفس البساطة:«لا تخَف لا تخَف، ملك الموت جهاز للقائك أيضًا..
معقول يتركك بمفردك؟»
ثم دفع مصطفى بشدة ليسقط أرضًا..
وضع قدمه على بطن مصطفى، يضغط عليها بغلّ، ويضيف:«اخبر ابنك أن بنات إسلام خلفهنّ رجال لا يتهاونوا في الدفاع عنهنّ، مهما كلفهم ذلك..
وهو سيرى بنفسه!»
وبدل من أن يشعر مصطفى بالغضب من ذكر إسلام، أحسّ بالرعب!
انكمش في مكانه بينما عمار يغادر الشقة بعد أن رمقه بتهديد..
يتساءل عمّا فعله ولده ليصل الرجلان إلى هذه الدرجة من الجنون!

**********

قبيل الفجر
تحركت تقوى من مكانها بعد ساعات قضتها أمام لوحته في انتظاره..
لم تتحرك من مكانها إلا عندما جاءها وحيد يُطمئنها على تيم، فأسرعت إلى هاتفها عند رحيله لتتصل به، لكنه أيضًا لم يرد عليها!
تركت الهاتف حينها بيأس، وعادت إلى مكانها أمام لوحته..
لم تبكي، لم تفكر!
جامدة الجسد والمشاعر!
كأن عقلها يُهيأها للقادم!
تعالى آذان الفجر يشق سكون المكان، يربّت على قلبها الموجوع..
نظرت حولها تحسّ بالفقد..
أين هو ليشجعها؟
يصلي بها..!
تحركت اتجاه النافذة، تنظر إلى السماء بشرود..
ومع انتهاء الآذان وجدت نفسها تهمس بلا وعي:«يا رب»
ودون انتظاره، دون الحاجة لكلماته، اتجهت إلى الحمام لتتوضأ!
ثم ارتدت عباءة الصلاة، ووضعت السجادة على الأرض لتبدأ الصلاة.
(الله أكبر»
ارتجف ذراعاها..
ومع (بسم الله الرحمن الرحيم)
تحررت دموعها وتعالت شهقاتها!
كأنها كانت تنتظر هذه اللحظة..
لحظة أن تكون بين يد ربها، فتناجيه، تبثه خوفها، تشكوه همها..
(سبحان ربي الأعلى)
كررتها ثلاثة ثم انسالت الأدعية من بين شفتيها..
وأكثر دعاء كررته ألا يحرمها الله من الفرحة التي رزقها بها..
أن يديم عليها شعوري الأمان والراحة.. برفقته!
أن يهدبها له ويقدّرها على إسعاده، لا يحرمها منه!
ثم دعت له..
الكثير والكثير من الأدعية خصّتها به..
فهو السبب في تجرأها على الإقدام إلى هذا اللقاء الروحاني!
نهضت بعد سجود طويل، تشعر نفسها أكثر راحة..
شرعت في قراءة الفاتحة للمرة الثانية، وكلها يقين أن الله سيستجيب دعائها.

**********

زفر تيم أنفاسه ومسح دموعه، ثم هز عمار الغافي بجواره ليستيقظ..
مرة وثانية ولم يتحرك من مكانه، وصوت شخيره يصمّ الأذنين.
«أنت يا ابني استيقظ، الفجر أذّن»
استغفر بصوت مسموع عندما لم تنجح محاولاته..
وتمتم بامتعاض:«كيف يوقظوه هذا؟»
دفعه بقوة فانتفض عمار في مكانه..
كاد أن يتنهد بارتياح، لولا عودة عمار إلى النوم كأنه لم يحدث شيئًا»
«لا، هذا كثير والله»
دفعه مرة بعد مرة، وصوته يتعالى بـ اسمه، حتى استجاب له عمار بعد معاناة!
«أخيرًا»
مسح عمار على وجهه، وسأل بكسل:«كم الساعة؟»
«الفجر أذّن وأنت لا تشعر بالدنيا!
تعبت وأنا أوقظ فيك، كيف تتصرف إيمان معك ليعينها الله!»
لم يركز عمار في الكثبر من كلماته، عقله لازال يتأرجح بين الوعي واللاوعي!
«كيف حالك؟»
كيف حاله؟!
دائمًا يأتي هذا السؤال في الوقت الخاطىء!
كيف حاله؟!
حاله كبركان ينتظر الفرصة للإنفجار!
كيف حاله؟!
يشعر أنه نذل حقير بعدم رده على مكالمات تقوى، مكتفي برسالة أرسلها إلى والده ليطمئن من خلالها الجميع!
كيف حاله؟!
ضائع، حائر، عاجز!
يريد تقوى وغير قادر على مواجهتها!
يرغب في ضمها والتخفيف عنها بعد ما شهد بعينيه الذل والمهانة التي تعرضت لها، وفي نفس الوقت يرغب في الهرب إلى أبعد مكان عنها كي لا يراها!
كيف حاله؟!
لا يعرف، ولا يفهم نفسه!
«لا تقلق، سنجده ونفعل فيه كل ما تحب»
قال عمار بعدما استعاد تركيزه..
فأومأ تيم بتأكيد..
هذا الشيء الوحيد الذي يفهمه، أنه سيصل إلى علي وينتقم، مهما كلفه ذلك!
«هيا لنلحق بالصلاة»

**********

بعد صلاة الفجر
خرج عمار وتيم من المسجد، ليسأل الأول:«ماذا سنفعل الآن؟»
أخذ تيم نفسًا عميقًا يحاول السيطرة على أعصابه، ثم أجاب عمار:«عُد إلى منزلك، يكفي قضيت الليل كله معي»
«واتركك بمفردك!»
يعلم أنه لن يذهب إلى بيته بعد ما رآه، فأي رجل في مكانه سيحتاج إلى بعض الوقت كي يختفي تأثير ما شاهده من عليه!
ويخاف أن يتركه ويتهور!
«سأُخطَف مثلًا؟
لا تقلق، لن أموت مقهورًا لأننا لم نجده، سألف بالسيارة حتى الشروق وبعدها أعود إلى البيت»
ظهر عدم الاقتناع على وجه عمار، فدفعه تيم بمزاح، وهو يقول:«أرجوك أعطِني القليل من المساحة، ألا تلاحظ أنني كلما أحببت نيل بعض الخلوة مع نفسي ألقاك أمام وجهي؟»
ضحك عمار على كلماته، وبادله المزاح:«لتقدّر جمايلي عليك يا حبيبي»
صعد الاثنان إلى سيارة تيم، وهو يقول:«سأقلك إلى مكان ما تركت سيارتك»
فرد عليه عمار باستسلام:«حسنًا انتبه إلى حالك، وإن احتجت إلى أي شيء اتصل بي وستجدني لديك في لحظتها»
شكره تيم، ممتن لوجوده ومساندته دون سؤال أو رغبة في توضيح!

**********

بعد ساعة
دخل عمار منزله، ليجد والدته غافية على الأريكة.
اتجه إليها ملاحظًا نومتها الغير مريحة، أنبّه ضميره وأخذ يسب نفسه.
«أمي، حبيبتي»
استيقظت على أول همساته، تسأله بلهفة:«عُدت يا عمار؟»
ساعدها على الاعتدال، يسألها بضيق:«لِمَ تنامين هنا؟»
أصدرت تأوهًا بسبب آلام ظهرها، ثم أجابته موضحة:«كنت انتظرك وغفيت، لِمَ تأخرت؟»
قبّل عمار كلا كفيها داعيًا ألا يحرمه الله منها، ثم قال:«أخبرتكِ أن صديقي وقع في مشكلة، اضطررت على البقاء معه»
عقدت حاجبيها غير مقتنعة بكذبته!
ونهرته:«هذا حديث تضحك به على طفل صغير وليس عليّ أنا أمك»
تعالت ضحكته على كلماتها..
ولو عاد الزمان ليلة واحدة فقط، كان سيكذب عليها، يقنعها بسعادته كي لا تقلق عليه..
لكن الآن؛ بعد أن عرف!
قال بصدق:«صدقيني أنا سعيد مع إيمان، حتى لو واجهتنا بعض المشاكل، هذا طبيعي لأننا لازلنا في البداية، لم نفهم بعضنا بعد»
مصمصت والدته شفتيها بعدم رضى، فنغزها عمار في جنبها، يقول مداعبًا:«تغارين عليّ يا نبوية؟»
فوبخته:«ولد احترم نفسك»
رفع حاحبيه مستنكرًا كلمة ولد التي تطلقها عليه هي ووالده حتى بعد زواجه.
ونبوية تزمّ شفتيها بطريقة محببة، تقول بغرور:«أكيد لا أغار منها، أنت ابني حبيبي لن يأخذك أحد منّي»
«عيني عليكِ»
صرخ بمزاح ثم قبّل وجنتها قبلة طويلة جعلتها تتذمر من شعيرات ذقنه الخشنة..
فقال بتفكبر وقح:«تصدقين؟
لم أركز إن كانت بشرة إيمان حسّاسة مثلكِ تحمّر عندما ألمسها أم لا»
ثم نهض بعزم، لتسأله والدته بريبة:«إلى أين؟»
فأجابها ببساطة:«ساكتشف»
وتابع متمتًا لنفسه:«كيف غفلت عن شيء كهذا!»
دخل غرفته، ونبوية تتابعه بعينيها، تستعوض ربها فيه!

**********

وقف عمار بجانب السرير يراقب إيمان النائمة بعمق كأنها لا تحمل من الدنيا همًا!
انعقد حاجباه للحظة، قبل أن تنفرج ملامحه بعبث..
لن يفكر الآن، سيعطي نفسه فرصة للاسترخاء بعد كل الأحداث الأخيرة..
وما أجمل الاسترخاء حين يكتشف!
مال عليها..
لم يقبّلها، إنا أخذ يداعب وجنته بذقنه الخشنة..
تململت إيمان في نومها متذمرة من لمساته، لكنه لم يبتعد، مصر على الاكتشاف!
حاولت إبعاد وجهه بيدها بينما تطلق تأففًا مسموعًا..
فلم يقاوم عمار نفسه، ومال طابعًا قبلة على شفتيها المتأففتين!
استوعبت أخيرًا ما حولها، ففتحت عينيها شاهقة، لتقع على عمار المبتسم باستمتاع..
تحركت بجسدها بعيدًا عنه، وصوتها يتعالى:«أنت ماذا تفعل؟»
سحبها عمار من ساقيها لتعود إليه، ومال يتابع مهمته بضمير!
«لا تقلقي لن آخذكِ عنوة أكيد، أريد فقط التأكد من شيء»
فتحت عينيها على وسعها وذقنه تتحرك على طول وجنتها..
تعالى صوت أنفاسها بترقبّ ظنًا منها أنه سيقبّلها، تحاول تحليل مشاعرها التي تتأرجح بين القبول والنفور!
ثواني قليلة وبدأت تنزعج من لمسته، فهتفت متذمرة:«أيمكنك أن تبتعد؟
بشرتي تؤلمني من شعيرات ذقنك»
تركها عمار مبتسمًا بسعادة..
حرك وجهها يتأمل بشرتها الحمراء إثر لمساته، فازدادت ابتسامته اتساعًا!
شعرت بالبلاهة مع كلمته:«رائع»
«ما هو الرائع بالظبط؟»
سألته بريبة..
فزمّ شفتيه بإحباط، يشعر بالغضب من تأجيل المحتوم إلى أجل غير مسمى!
«للأسف لا استطيع التوضيح الآن يا معقدة يا عدوة الرجال يا....»
استمر سبّه لها بينما يتجه إلى الحمام، وإيمان تفكر أنه قد فقد عقله بعد حوارهما الأخير!

**********

فتحت لمار عينيها بكسل، تمطعت في مكانها، ثم مدت يدها تلتقط هاتفها.
انتبهت إلى رسالة من إياد، فجلست بسرعة، ترمش بعينيها عدة مرات لتزيل النعاس عن عينيها لتستطيع الرؤية بوضوح والتركيز!
«اعتذر عن تصرفي ورحيلي المفاجىء»
فقط؟!
جزت على أسنانها بغضب تعجبت من الشعور به!
ألا يكفيها الاعتذار؟
ماذا تنتظر منه أكثر؟!
ألقت الهاتف واتجهت إلى الحمام لتغتسل، مقررة عدم الرد على رسالته..
فهو ليس من بقيّة عائلتها لتوّليه كل هذا الاهتمام!

**********

ألقى إياد نظرة على هاتفه بعد أن ارتدى ملابسه مستعدًا للذهاب إلى عمله..
شعر بالإحباط عندما شاهد رؤية لمار لرسالته وعدم ردها عليه.
«بالتأكيد غاضبة، كان عليّ التبرير»
همس لنفسه، ليباغته عقله بالسؤال..
لِمَ يهتم بغضبها والتبرير لها؟
لِمَ يريد الحديث معها؟
ضرب السؤال أعمق منطقة في روحه الموجوعة..
إحساسه بالخطر يهاجمه من جديد..
وعقله يخبره أن هذه المرة ستكون النهاية؛ لا مفر!
ألقى الهاتف بعيدًا كأنه سيفترسه، يأخذ على نفسه وعد عدم التواصل معها بأي طريقة، مهما كانت الظروف..
إن كان مالك يريد رؤيتها فشقيقته موجودة، تأخذه إليها..
أما هو فاعتذر وانتهى الأمر، سيحرص على عدم التواجد في محيطها من اليوم!
تذكّر ابنه، فالتقط هاتفه ليتصل بشقيقته، لتصله نبرتها الباردة دليل على غضبها منه!
«نعم إياد»
«أعطي الهاتف إلى مالك»
قال غير مبالي بنبرتها..
ليصله صوتها:«مالك دخل مدرسته للتو»
كلماته استفزتها، فصرخ عليها:«أنتِ تتعمدين ذلك، صحيح؟»
استقبلت كلماته ببرود زاده غيظًا!
«لا اعتقد إهمالك لابنك وعدم اهتمامك لمواعيد نومه ومدرسته مشكلتي أنا!»
ودون أن يرد عليها أغلق الهاتف في وجهها، لا يريد أن ينساق إلى استفزازها فتتزعزع ثوابته!
وهذه المرة ضبط منبه هاتفه على موعد خروج ابنه من مدرسته، كي لا يأخذه التفكير في إحداهنّ عن مصالحته كما في المرتين السابقتين!

**********

«ألا يتملكّك الفضول لمعرفة هويّتي حتى؟»
قرأ ياسين الرسالة والشك لديه يزداد..
ظل ينظر إلى شاشة هاتفه بتفكير..
ما بين التصديق والإنكار..
ربما يكون إحساسه خاطئًا، وبنسبة ضئيلة قد يكون صحيحًا!
بم ستضره المحاولة؟
ليرى ما تريده صاحبة الرسالة ويكتشف السر!
اتخذ قراره، ورد عليها بكلمة واحدة ليستفزها، فتتهور!
«لا»
وانتظر ردها متيقنًا أنه لن يتأخر كثيرًا!

**********

ألقت نظرة على الهاتف لترى إن كان هناك رد منه أم لا..
تملكّها الحماس وهي ترى إشعار رسالة جديدة منه..
لقد رد..
وقع في الفخ!
فتحت الرسالة، ثم تعالت ضحكتها بنشوى وهي ترى كلمته الوحيدة..
لا..!
لا؟
أول الغرق لا..
ومعظم المعترضسن يبدأون حديثهم بـ لا!
لقد أثبت أنه مثل أي ذكر!
رسالة ثانية أو ثالثة، ويقدم لها فروض الطاعة، خاصة مع ما ستقدمه له!
أرسلت له، تلاعبه بنفس طريقته:«شكرًا لك، واعتذر على الإزعاج»
وتركت الهاتف تدور حول نفسها تغني باستمتاع..
واثقة من رده القادم!

**********

في الجامعة
«رنيم»
توقفت التوأمتان على نداء آسر والتفتتا إليه..
وقف آسر أمامهما، يوجه حديثه لرنيم متجاهلًا ترنيم تمامًا!
«لِمَ لا تردي على هاتفكِ؟»
أخرجت رنيم الهاتف من حقيبتها، لترى كمّ هائل من المكالمات!
«أوه آسفة، لم انتبه له»
تبادل بعض الكلمات مع رنيم، وترنيم تنظر له بغيظ!
فتبادر باستفزازه:«مرحبًا لك أيضًا»
أبعد آسر العدسات الداكنة عن عينيه، رمقها من أعلى إلى أسفل باستهزاء.
«هوس، لا وقت لدي لكِ»
طرقت ترنيم الأرض بكعبها، وقالت:«على أساس أنني أموت على الحديث معك!»
ضحك آسر قاصدًا إثارة حنقها، فقالت رنيم قبل أن يمسكا في بعضهما!
«لا تبدآ»
ثم نظرت إلى آسر، توبخه بنبرة مضحكة:«كان عليك تحيّتها، لذا يتوجب عليك الاعتذار»
«أنا اعتذر لها!»
هتف آسر باستنكار، فهاجمته ترنيم بوقاحة:«هذه أخلاق الرجال التي لا..»
«ترنيم»
قاطعت رنيم توأمتها تمنعها عن المتابعة وهي ترى وجه آسر المحتقن!
فرمقته ترنيم بنظرة ساخرة، ثم قالت لأختها:«سأسبقكِ إلى القاعة»
تحركت، فقال آسر:«انتظري هنا»
التفتت إليه متأففة، فهمست رنيم برجاء:«اتركها، أنت مَن بدأت»
تجاهل آسر كلماتها، وهذه المرة حدق في ترنيم بتمعن، كأنه يبحث عن شيء ما!
«أنتِ بخير؟
لازلتِ متعبة؟»
تحوّله فاجأ التوأمتين..
ابتسمت رنيم براحة..
وترنيم ترمقه متعجبّة!
«كأنك تهتم!»
أعاد آسر عدساته الداكنة إلى عينيه ليخفي نظراته عنها، وقال بمشاكسة:«طالما لسانك طوله مترين إذًا أصبحتِ بخير»
«أنا؟»
أشارت إلى نفسها بصدمة، فدلكّت رنيم جبينها مدركة أنهما سيتشاكسا مجددًا!
«ذهبتِ إلى الطبيب؟»
من جديد فاجأها بتحوّله، فأبعدت خصلات شعرها خلف أذنيها سعيدة باهتمامه النادر!
لو سألها أحدهم كم مرة نالت مثل هذا الاهتمام من قبل ستقف عاجزة عن الإجابة!
كالغيث يغيب شهورًا، وعندما يأتي يروي الروح العطشة!
شردت فيه، متمتعة بتلك اللحظات التي تشعر فيها أنها ذات أهمية بالنسبة إليه كـ رنيم!
إلا أن تلك اللحظات لم تستمر كثيرًا، ورنيم تجيب نيابة عنها، حاجبة عنها المزيد!
«لا حاجة لها في الذهاب إليه، كما أخبرتك كانت تتعلل كي لا تخرج معنا»
توترت وهي تشعر بتبدّل ملامحه!
ولولا العدسات التي تخفي عينيه عنها لأقسمت أنه يرمقها بحزن!
يا الله، كم ستنتظر لتنال كل هذا مرة أخرى»
راقبته وهي يولّي كامل انتباهه إلى رنيم، يخبرها عن المعسكر الذي سيدخله من اليوم، ويدعوها لحضور التدريب.
انتبهت إلى نظرة رنيم الماكرة نحوها، وهي تجيب آسر بحماس:«بالطبع سآتي»
هُيأ لها أن آسر ينتظر إجابة منها، مع أنه لم يوجّه لها الدعوة!
«أنا لن أحضر أكيد»
قالت باستفزاز، فهتف آسر بمكابرة:«ومَن يريد حضورك؟!
لا أريد أن يصيبني النحس من البداية»
سحبتها رنيم قبل أن تصبّ لعناتها عليه!
وقالت مودعة:«لا تنسى الاتصال بأبي، لا طاقة لي على الجدال خاصة والرفض سيكون الجواب الأول بسبب قرب الاختبارات»
ابتعدت مع توأمتها، لتسمعها تهمس متذمرة:«فظ، وقح، عديم الذوق»
فقالت لها بيأس:«والله أنتما الاثنين أسوأ من بعضكما، لم أرَ مثليكما في حياتي، كالقط والفأر»
بنظرة من عينيها لامتها ترنيم على كلماتها، كادت أن تدافع عن نفسها، فغيّرت رنيم الموضوع:«انسي آسر ولنركز في المهم..
ستستغلي خروجي وتذهبي لرؤية معاذ، أم ستبقي في البيت؟»
تنفسّت ترنيم ونبضاتها تتسارع بوجل..
عليها اتخاذ أهم قرار في حياتها..
ليس رؤية معاذ، إنما ما يترتب عليها!
ومعاذ يستحق ما هي مُقدمة عليه!
يكفي مراعاته لها، منحها سعادة لم تذُقها طوال حياتها، لم تشعر بها إلا عندما أصبحت زوجته!
القرار ليس صعبًا!
ستكون جريئة وتتخذه!
«ساذهب إليه»
ربتّت رنيم على كتفها تمنع عنها أي شعور بالخوف قد يداهمها.
«سندبرها كالمرة الماضية، لا تقلقي»

**********

فتحت هند-طبيبة تقوى النفسية- باب عيادتها، ليدخل تيم خلفها، عيناه أرضًا، وجهه شاحب، يحمل همًا يزيد من عمره الكثير!
«لم أصدق عندما هاتفتني تطلب لقائي، مع أنه يوم اجازتي لكنني لم أتردد في فتح العيادة من أجلك»
جلست على المقعد خلف مكتبها، لا تصدق حتى الآن أنه جاء يطلب الحديث، التعبير عن بعض مشاعره!
منذ جلستها الماضية معه، والتي سبقت زواجه من تقوى بساعات قليلة، وهي تعلم أنه بحاجة إلى ذلك..
أنه يحتاج إلى جلساتها كما تحتاجها تقوى، ليستطيع أن يعبر معها إلى بر الأمان!
مكالمتهما التي كانت تشمل الحديث عن تقوى، كيفية التعامل معها لتتجاوز محنتها، كانت تنقصها جزء هام!
جزء يتعلق به، مشاعره تجاه اغتصابها التي لم يصفح عنها حتى مع نفسه!
كيف يقيم معها علاقة وهو لم يصارح نفسه بكونها كانت لرجل آخر غيره!
كيف سيتعامل معها وهو يتجاهل حقيقة أنه ليس الأول في حياتها!
كيف سيجعلها تتجاوز وهو لم يتجاوز بعد؟!
لازال سجينًا تلك اللحظة التي اكتشف فيها الحقيقة!
لذا عندما هاتفها، طلب لقاء عاجل معها، لم تفكر مرتين قبل أن تترك منزلها وتفتح عيادتها خصيصًا من أجله!
وهو من المُفترَض أن يشعر بالحرج إثر كلماتها..
لكن الحرج لم يجد مكانًا وسط مشاعره المتخبطّة!
جلس على المقعد المواجه لها، يريح رأسه على ظهره مغمضًا عينيه..
ماذا يفعل هنا؟
لا يعلم..!
كل ما يعرفه أنه أخذ يدور بسيارته بدون هدف بعد أن أوصل عمار..
فتح ذلك المشهد مرارًا، لتشتعل نيرانه كل مرة، تحرقه!
وبعد إحدى المرات، وجد نفسه يطلب طبيبتها بدون وعي..
وهذه المرة ليس من أجل تقوى، بل من أجله هو!
«قُلتِ لي المرة السابقة أنكِ في انتظاري إن احتجت إلى الحديث»
قالت له ببشاشة:«وأنا عند وعدي، والدليل أننا هنا الآن»
بينما تحدق في ملامحه، أخرجت دفترها لتسجل ملاحظاتها.
«تبدو مهمومًا»
ضحكته الخافتة أثارت تعجبها، وكلمته التي لا تحمل أي حياة صدمتها!
«ميت، اشعر أنني ميت»
رمقته بذهول، وهو على نفس حاله لا يتحرك..
ومع صمته الطويل كادت تظن أنه فقد الحياة بالفعل!
حتى همس بنبرة جامدة:«لقد رأيت مشهدًا بشعًا»
وطال الصمت مرة أخرى، فاحترمت سكونه، وانتظرت بصبر..
ارتجف جفنا تيم والمشهد يُعاد في مخيلته باعثًا المزيد من المشاعر السلبية إليه!
انتفض جسده، وخرجت الكلمات بصعوبة من بين شفتيه:«ساقتله، لن ارتاح إلا عندما انتقم منه»
«مَن؟»
سألته بحذر، مدوّنة إحدى الملاحظات في دفترها..
لتأتيها الإجابة التي تتوقعها!
«علي»
سألته تستفزه، ليُخرج ما في داخله:«لماذا؟»
وكان لها ما أرادت!
اعتدل في جلسته، يتعالى صوته باتهام:«لماذا؟
كأنكِ لا تعلمي الإجابة!
لا تعرفي ما فعله!»
«ما حدث كان قبل ما يزيد عن أربع سنوات، وأنت تعرف به منذ ما يقارب الشهرين..
فلماذا الآن تحديدًا تريد الانتقام؟
ما الذي تغيّر؟»
هاجمته بأسئلتها، حاصرته فاتخذ الاعتراف سبيلًا!
«لأنني.. رأيت»
لم تفهم معنى كلماته، وهو لم يمنحها توضيحًا، لا يجد ما يقوله!
«ماذا رأيت؟»
ابتلع ريقه واحتفظ بصمته، فانتظرت حتى يصفح.
وعندما طال الصمت، همست اسمه بنبرة خافتة لتخرجه من صراعاته.
«رأيت مشهد.. اعتداءه عليها»
خرجت كلماته ببطء، كأن روحه تخرج معها!
خرجت قاسية على مسامعها، تؤلم قلبها.
«ماذا؟
كيف؟»
تحركت بتلقائية تجلس على المقعد المجاور له، تحثه على الحديث.
«احكِ لي»
أخرج تيم هاتفه وفتح المشهد، أعطاه لها بينما يقول:«وصلني أمس»
عند رؤيتها لأول ثانية أغلقت المشهد على الفور دون رؤية المزيد..
متمتمة من بين أسنانها:«حقير»
ثم سألت تيم بشفقة:«رأيته بأكمله؟»
فهتف بقهر:«أكثر من مرة»
زفرت أنفاسها تكبح انفعالاتها، ومن دون أن تأخذ اذنه فتحت الهاتف لتحذف المشهد من عليه.
«لم يكُن عليك رؤيته»
لم يعلق على حديثها، فسألته:«كيف تشعر؟»
ضرب كلا جانبيه بغضب.
«بحثت عنه ولم أجده، الحقير هرب لأنه يعرف أنني لن اتركه»
كررت سؤالها بصبر:«تيم، كيف تشعر؟»
«أخبرتكِ؛ ميت»
أجابها بنبرة جامدة.
«متى أُرسِل إليك هذا المشهد؟»
«مساء أمس»
«وماذا فعلت مع تقوى؟»
صمت، ولم يواجهها بنظراته، فكررت السؤال مجددًا، آملة أن يخيب ظنها!
«تركت البيت، ولم أرد على مكالماتها من حينها»
ثم شرد متألمًا عليها..
يتخيّل وضعها الآن بعد اختفاءه المفاجىء..
بالتأكيد تتوجع، واللعنة عليه لأنه السبب في ذلك!
لكنه غير قادر على رؤيتها..
سينهار إن فعل!
«لماذا يا تيم؟
ستحاسبها على ذنب لا يد لها فيه؟
لقد رأيت بنفسك ما تعرضت له!»
تعالى صوت تنفسّة دليلًا على شدة ما يعتمل في داخله.
«أنا لا أحاسبها، أنا مُشفِق عليها..
أريد الانتقام لها»
«اسمح لي أن أسألك سؤالًا»
نظر إليها بحدقتين مرهقتين، فتابعت ببطء، تترقّب رد فعله.
«لِمَ الإصرار على الانتقام من علي الآن؟
أنت تعرف ما فعله منذ زواجك من تقوى، بقليل من البحث كان يمكنك الوصول إليه والانتقام كما تريد»
سؤالها كاتهام يستحقه!
أجفل لا يجد إجابة عليه!
لِمَ لم يفعل من قبل؟
لِمَ لم يصّر على الانتقام إلا مساء أمس؟
همس مبررًا لنفسه قبل أن يبرر لها:«لم أتوقف لحظة عن تفكيري في الانتقام منذ معرفتي لما أصابها»
رفعت حاجبيها ونظراتها تخترقه.
«متأكد؟»
اعتدل في جلسته، يتعالى صوته مدافعًا عن نفسه:«ماذا تقصدين؟»
لم تتأثر بهجومه، أمالت رأسها تباغته بسؤالها:«هل ندمت على زواجك من تقوى بعد رؤية المشهد؟»
ظهرت الدهشة بوضوح على وجهه، وأجابها بلا تفكير.
«أكيد لا»
«ولا مثلًا تريد الابتعاد لفترة لتحدد طبيعة مشاعرك نحوها، إن كنت ستستطيع المتابعة معها أم لا؟»
«لن اتركها»
أشارت له ليجلس، فلم يفعل..
غضبه يزداد بسبب ظنها فيه!
يترك تقوى، حب حياته، بعد أن ناله أخيرًا؟!
«اجلس لنتحدث»
ظل ثابتًا مكانه للحظات، كأنه يراجع نفسه بشأن بقاءه ومتابعة الحوار أو الرحيل!
«أنا لا أشك في مشاعرك نحوها، ولا أخبرك أن تتركها»
رمقها بعدم اقتناع، فحديثها السابق يناقض ما تقوله الآن!
«أنا فقط أقول ما تحتاج إلى معرفته ومواجهته..
أنت لم تواجه حقيقة اغتصاب تقوى إلا أمس تيم..
مشاعرك طوال الشهرين الماضيين كانت ما بين فرحتك بظهورها وامتلاكك لها وشفقتك عليها..
لكن مواجهة الحقيقة، أنت لم تفعل»
جلس تيم يشعر بالتشوّش من كلماتها التي تضعه أمام مرآة الحقيقة..
صحيح هو لم يفكر إلا في امتلاك تقوى، خاف من ضياعها واختفاءها من حياته كما فعلت منذ أكثر من أربع سنوات، خاصة وأنه لم يتجاوز مشاعره نحوها خلال كل تلك الفترة..
دلكّ جبينه مفكرًا، لقد ثار وتألم عند معرفته باغتصابها، ومع ذلك لم يتردد عن رغبته في الزواج منها..
فكيف لم يواجه؟!
كيف تقارن عدم بحثه عن علي بحبه لـ تقوى؟
«أنا أحبها»
ابتسمت له، تمنحه الدعم بكلماتها:«اعرف»
والمعرفة وهو يرى المزيد من الكلمات على طرف شفتيها لا تفيد!
«لكنك بحاجة إلى بعض الوقت لتحدد مشاعرك»
قطب حاجبيه غير موافق على اقتراحها.
«تطلبين منّي الابتعاد عنها؟»
أومأت بإيجاب، وقالت موضحة:«لفترة قصيرة، من أجلكما معًا..
أنت لتتجاوز المشهد الذي رأيته وتعرف كيف ستتعامل معها..
وهي لتواجه وتختار»
انكمش وجهه بوجع، واعترف بخفوت:«لن استطيع»
«ستفعل، من أجلكما معًا»

**********

وصلت منال إلى مدرسة مالك في موعد مغادرته..
ظلت واقفة عند الباب تنتظر خروجه بنفاذ صبر..
وعندما لم يخرج اتجهت إلى حارس البوابة، تطلب منه أن يستدعيه.
مرت دقائق دون أن يظهر أي منهما حتى فقدت صبرها..
دخلت المدرسة، لتلاحظ حالة من الهرج داخلها..
توقفت إحدى المعلمات أمامها، تقول بتوتر:«سيدة منال، مرحبًا بكِ»
«هل حدثت مشكلة مع مالك؟»
سألتها بدون نفس، ليزداد توتر المعلمة أمام منال.
«هل حضر مالك اليوم؟»
رفعت منال حاجبيها بعدم فهم، وسألتها ببطء:«عفوًا، ماذا قُلتِ؟»
كررت المعلمة بارتباك:«مالك تغيّب اليوم، لذا تعجبنا من قدومكِ!»
«كيف تغيّب، أتمزحين معي؟
لقد أوصلته بنفسي صباحًا»
تجمع الكثير حولها يحاولنّ تهدأتها، يقسمنّ لها أن الصغير لم يحضر!
ابتعدت عنهنّ غير قادرة على التفكير، اتصلت بزوجها ليأتي لها.
«لا اعرف، لقد تركته عند الباب صباحًا، وهنا يأكدنّ تغيّبه»
استمعت إلى كلمات زوجها، ثم جزت على أسنانها، تقول بتحذير:«ل، إياد لا يجب أن يعرف، تعال إليّ وسنبحث عنه حتى نجده..
وحينها أنا سأتصرف معه!»

**********

تعالت صيحات رنيم بين الجمهور القليل الذي يحضر تدريب المنتخب لكرة اليد بـ اسم آسر..
قفزت بشقاوة تحيّيه عندما نظر إليها، فمنحها غمزة بعينيه جعل المحيطين بها يرمقونها بتعجب وحسد..
ارتفعت نظرات ريان الحانقة إليها، يشاهد شقاوتها، مرحها وابتسامتها، صياحها المتكرر بـ اسم آسر بحسد!
بدأ التدريب الجماعي، فتحرك ريان تدفعه غيرته، يلتحم مع آسر ببعض العنف..
مرة تلو مرة، وآسر يسأله متعجبًا عمّا به، وأعضاء الفريق ينظرون إليه بحيرة..
سقط آسر أرضًا يصرخ متألمًا بعد تدخل عنيف من ريان..
فتوقف الأخير بصدمة، كأنه للتو يستوعب فعلته!
وصيحات رنيم المُرتعبة بـ اسم آسر تزيد من وضعه سوءًا..
تحرك اتجاه غرفة الملابس، وهناك أخذ يضرب رأسه في الجدار، يسبّ نفسه ورنيم واليوم الذي عشقها فيه!
أي لعنة أصابته بها؟
تبًا لها، لقد كاد يؤذي أقرب أصدقاءه بسببها!
عاد الجميع إلى الغرفة، فتحرك إلى آسر دون تفكير، يعتذر منه.
«لا تقلق عليّ أنا بخير»
ثم أحاط بعنقه في مزاح رجولي، وقال بتهديد:«لكنني لن اتركك اليوم إلا بعد ما اعرف ما بك..
منذ فترة لا تبدو بخير»
كاد ريان يجيبه، يتهرب منه، فقاطعه صوت رنيم المذعور:
«آسر أنت بخير»
خرج إليها ليطمئنها، وريان يتابعهما بنظرة جامدة..
يحاول السيطرة على مشاعره والتغلّب على غيرته..
لن يخسر صديق عمره بسببها!
تحرك بجانبهما، يمنحها ابتسامة ساخرة دون أن يراه آسر.
«إلى أين أنت ذاهب؟
لن تفلت منّي اليوم»
أسرع آسر خلفه، وظلت رنيم مكانها تراقبهما، تعضّ على شفتيها تمنع دموعها من أن تتسرّب من عينيها!
ليته يسامحها، ليته يتخطى مشاعره نحوها ويعيش حياته!

**********

«أخبريني أن لدينا الكثير من الوقت، اشتقت إليكِ»
همس معاذ بينما يضم ترنيم إليه..
فتململت بين ذراعيه، تحاول تفادي لمساته..
حركاتها أثارت غضبه، أشعرته بالفشل..
هتف بحدة:«ماذا بكِ؟»
وهي غافلة تمامًا عن نواياه!
قالت بتوتر:«أريد الحديث معك»
التفتت تواجهه، تطرق رأسها بوجه متورد، تعترف بخجل:«معاذ أنا أريدك»
أكان يعتقد فشله؟!
لقد نجح بامتياز!
أوقعها في فخه، هي التي تطلب وصاله!
«أريد أن نتمم زواجنا، لا تراجع اليوم»
تعالت ضحكاته المستمتعة، يكاد يرقص فرحًا..
وهي تظن أنها أرضته بكلماتها، كافأت حبه لها!
«كنت انتظر هذا التصريح، هذه الرغبة التي تلمع بها حدقتيكِ»
أحاط خصرها، يميل عليها هامسًا بوقاحة:«لا مزيد من القبلات الليلة، حان الوقت لتصبحي زوجتي رسميًا»
سلمته نفسها عن رضا..
تظن أنها هكذا تسعده، تقدم له مقابل حبه لها!
لا تعرف أنها خطت أول خطوات الانحدار بكامل إرادتها..
أغضبت ربها..
خانت ثقة أهلها..
قضت على آمالهم فيها..
وضيّعت نفسها!
انتهى

5maha, dalia22 and ملك جاسم like this.


التعديل الأخير تم بواسطة ebti ; 11-05-23 الساعة 02:12 PM
Aya-Tarek غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 08-05-23, 08:23 PM   #213

Aya-Tarek

كاتبة بقسم قصص من وحي الأعضاء


? العضوٌ??? » 420321
?  التسِجيلٌ » Mar 2018
? مشَارَ?اتْي » 516
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » Aya-Tarek has a reputation beyond reputeAya-Tarek has a reputation beyond reputeAya-Tarek has a reputation beyond reputeAya-Tarek has a reputation beyond reputeAya-Tarek has a reputation beyond reputeAya-Tarek has a reputation beyond reputeAya-Tarek has a reputation beyond reputeAya-Tarek has a reputation beyond reputeAya-Tarek has a reputation beyond reputeAya-Tarek has a reputation beyond reputeAya-Tarek has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   cola
¬» قناتك rotana
افتراضي


الفصل السابع عشر
لمس جسدها بحنو يحاول احتواء ذعرها واقتحامها.
«اهدأي، لا تخافي»
تشنج جسد ترنيم وتساقطت دموعها..
فحاول معاذ مرة أخرى، يرجو أن تذوب إثر لمساته، فيزول خوفها!
«ها نحن ذا، اقتربنا»
كلماته لم تأتي بالتأثير المطلوب كما تمنى..
ابتعدت ترنيم بجسدها عنه هاربة من لمساته، تردد بذعر:«لا، لا أريد»
مسح على خصلاتها يخفّف عنها شدة الأمر، همس بثقة:«لن تتوجعي، أعدكِ»
فابتعدت أكثر عنه، خائفة من أن ينالها على حين غرة!
«لا أريد»
ثم قفزت من على السرير اتجاه الحمام، ومعاذ يتابعها بعينيه بحنق!
ضرب جانبي السرير بيأس عند إغلاقها الباب في وجهه!
تبًا.. تبًا..
ماذا يفعل كي ينالها؟
كم مرة عليه المحاولة معها؟
لولا رغبته في التمتع بها أكثر من مرة، لكان نالها غصبًا من أول لقاء لهما وتخلص منها!
لكنه لم يعتَد الانتهاء من فتياته بسرعة، دائمًا ما يحرص على الاستمتاع بأكبر قدر ممكن معهنّ!
وللأسف، نادرًا ما يجد المتعة دون أن يمتع شريكته!
لذا هو صابر عليها، ولا يعلم إلى متى سيظل صابرًا!
بعد دقائق خرجت ترنيم من الحمام، وجهها أرضًا، دموعها حبيسة عينيها..
وقفت أمامه بخزي، تعض على شفتيها كأنها ارتكبت إثمًا!
«آسفة»
اعتذرت بهمس، وأولي دمعاتها تسقط على وجنتيها..
كم هو مؤلم شعور أنك عاجز عن منح السعادة لمَن تحب..
غير قادر على إعطاءه حقوقه التي يستحقها!
«لنحاول مرة أخرى»
همست بعد قليل من التفكير..
لقد أصّرت صباحًا على منحه كامل جسدها..
ولن تتراجع الآن!
لن تسمح لخوفها بالسيطرة عليها..
ورغم كل ما يعتمل بداخله من غضب، إلا أن محاولاتها لإرضاءه أسعدته!
سحبها لتجلس على قدميه، وقال برقة:«لا تتأسفي، طبيعي أن تمري بكل هذا أول مرة»
وضع خصلات شعرها خلف أذنها، وتابع ينصحها:«لكن الأمر ليس مؤلم بالدرجة التي تتخيلينها ليتملكّكِ كل هذا الرعب»
«لنحاول مجددًا»
ابتسامة ثعلبية زيّنت شفتيه، وهو يقول بانتشاء:«ليس اليوم، اعتقد أن عليكِ الرحيل كي لا تتأخري على رنيم»
مراعاته لها جعلت نبضاتها تتسارع عشقًا وولهًا..
وضميرها يؤنبها لأنها لا تهتم به كما يهتم بها!
«لست غاضبًا منّي؟»
سألته بدلال راغبة في المزيد من اهتمامه..
وما راوده جعله لا يبخل عليها فيه!
«أبدًا، كما أن هناك فكرة خطرت لي، ستجعلكِ متقبلة للمساتي أكثر»
«ما هي؟»
سألته بفضول والكثير من الحماس.
ليجيبها بمراوغة:«غدًا تعرفين، ليتكِ تأتين مساء وتقضين الليلة معي، لنستمتع معًا أطول وقت ممكن»
تغضّنت ملامحها بضيق..
ليس من صعوبة طلبه فحسب، لكن أيضًا خوفًا من أن تخذله من جديد!
«اعرف أن قضاءك الليلة خارج منزلكِ أمرًا مستحيلًا، لكنني اطمع في محاولة»
رفعت كتفيها بجهل، وقالت بتردد:«لا اعرف»
تأفف يفكر كيف يقنعها..
فغدًا سيمتلكها بسهولة، منتهى السهولة!
لن يشبع منها إلا بعد ساعات وساعات!
«الأمر لا يتعلق بقضاء الليلة معك فقط، ماذا لو لم ننجح، ستكون..»
قاطعها بتأكيد:«سيحدث ترنيم، وبإرادتكِ»
طبع قبلة على شفتيها، ثم سألها بخبث:«ألا تثقين فيّ؟»
«بلى»
أجابته بلا تردد..
ليقول بوعد:«سواء قضيتِ الليلة معي أم لا، غدًا سيتم الأمر»

**********

«لم تجده؟»
سألت منال زوجها بذعر، فهز الأخير رأسه بنفي.
«بحثنا عنه في كل مكان، لا أثر له»
تعالى رنين هاتفها، فرمقت اسم المتصل بتوتر:«إياد؟»
أومأت بالإيجاب بحركة عصبية.
«ردي عليه، يجب أن يعرف»
تعالى صوتها بذعر:«مستحيل، لا يجب أن يعرف»
«ماذا إن كان مخطوفًا؛ لو مُحاط بالأذى؟
إياد والده ويجب أن يعرف»
هزت رأسها بنفي عدة مرات، تصرخ وتعترض على رأيه..
ثم تتمتم بعدة كلمات تشمل اسم مالك!
«والله عندما أجده سأربيه، لن أمررها له»
حوقل الرجل متعجبًا من عنفها الغيرمبرر اتجاه مالك!
حتى لو لا تتقبله، لا تريده، هي تتعامل مع الموقف بطريقة خاطئة تمامًا!
«تتحدثين كأنه رحل بمزاجه!»
زمّت منال شفتيها مفكرة في صحة كلمات زوجها على الرغم من سخريته!
إحساس بداخلها أن مالك اختفى لغرض ما بداخله!
«أخبريني لربما أغفلتِ تفصيلة ما..
هل لاحظتِ وجود سيارة خلفكم وأنتم على الطريق مثلًا..
أي حركة غريبة حول المدرسة»
أشارت بـ لا، وقالت موضحة:«لقد تركته عند باب المدرسة، كان كل شيء يبدو طبيعيًا»
هز رأسه بعدم رضى من استهتارها، وقال مؤنبًا:«كان عليكِ التأكد من دخوله المدرسة، لربما تعرض لشيء لا نعرفه»
بررت بانفعال:«كنت متأخرة فانطلقت بسرعة»
(عذر أقبح من ذنب)
تمتم بينه وبين نفسه، ورنين هاتفها يتعالى واسم إياد يظهر على شاشته.
فصرخت على زوجها قبل أن يبادر بالحديث:«لن أرد عليه»
تنهد زوجها بقلة حيلة، وخرج يتابع البحث عن مالك.

**********

ألقى إياد الهاتف بغضب بعد فشله في الوصول لابنه بسبب شقيقته..
لا يعرف لِمَ تفعل ذلك؟!
لِمَ تتعامل معه بهذه الطريقة؟!
يُفترَض أن تشعر بقلقه على ولده، رغبته في مصالحته..
أم أنها لا تهتم!
بالتأكيد لا تهتم، بل ستكون سعيدة كلما ساءت علاقته مع مالك..
فبذلك تنجح فيما تصبو إليه!
لكن لا، لن يسمح لها..
لن تبعده عن ابنه كما ترغب..
التقط هاتفه ليتصل بزوج شقيقته، إن كان هو بعيدًا عنها، لا يستطيع السيطرة، فزوجها سيفعل!
تعالى رنين هاتفه في يده قبل أن يتصل به..
ليتفاجأ بـ اسم لمار ينير شاشته!
ارتجف قلبه، فتناسى كل وعوده لنفسه بشأنها، وفتح الخط بلهفة!
لتصل إلى أذنه كلمة واحدة:«مالك معي»
انعقد حاجبيه بعدم فهم، وسألها بريبة:«كيف معكِ؟»

**********

قبل لحظات
خرجت لمار من المشفى الذي تعمل فيه تشعر بالإنهاك، لا ترغب سوى في الوصول إلى سريرها والنوم حتى الغد..
نظرت في ساعة يدها لتجدها تقترب من السادسة..
لقد تأخرت كثيرًا، كثيرًا جدًا في الواقع..
وستخضع لتوبيخ شديد من أمها بسبب ذلك..
لكن لا يهم، الوقت الذي قضته مع الأطفال للتخفيف عنهم يستحق التوبيخ!
كما أن أمها الطيبة ستلين باعتذار وكلمتين حلوتين!
«دكتورة لمار»
نظرت بصدمة نحو الصوت الخافت الذي يناديها..
غير مستوعبة لوجوده نطقت بـ اسمه:
«مالك!»
ركض الصغير نحوها، يضمها من ساقيها، ثم دون سابق إنذار أجهش في البكاء!
جلست أرضًا تضمه إلى صدرها، تحاول تهدأته بحيرة، لا تفهم سبب وجوده!
سألته بدهشة:«مَن أحضرك إلى هنا؟»
تمتم بعدة كلمات لم تفهمها بسبب اختلاطها مع بكاءه.
فربتّت على ظهره، ثم أبعدته عنها قليلًا تزيل الدموع من على وجنتيه..
لتسمع كلمة وحيدة مفهومة منه:«كنت مرعوبًا»
لا يمكن أن تكون ما تفكر فيه صحيحًا!
«مَن أحضرك إلى هنا؟»
سألته مجددًا بهلع، وبتلقائية أخذت تتمعن النظر فيه تتأكد أنه بخير!
«لم يحضرني أحدًا، جئت بمفردي»
ظلت تنظر إليه بعدم تصديق..
كيف فعلها؟
وهو يوضح لها:«عمتي تركتني عند باب المدرسة وغادرت، فلم أدخلها وأتيت إليكِ»
مدرسة!
رُباه، هل ما تتوقعه صحيحًا!
«منذ متى وأنت هنا؟»
عاد مالك يبكي وهو يتذكر تلك الساعات التي قضاها عند باب المشفى، بعد أن دخل إليها ففشل في الوصول إلى لمار!
فخرج ووقف بجانب البوابة، ورابط أمامها مصرًا على عدم الرحيل إلا عند ظهورها..
ليس عنادًا منه، لكن خوفًا!
يستطيع العودة إلى بيت عمته..
لكنه يعلم أنه سيواجه غضبها، وربما تستغل ما فعله لتقلب عليه والده أكثر!
وربما يحرماه من رؤية لمار للأبد عقابًا له!
وهذا ما لن يتحمله!
هو يريدها، يكفي أنه محروم من كل ما يتمنى..
أيُحرَم منها أيضًا؟!
«تعال معي»
دخلت به إلى المشفى وأجلسته على أحد مقاعد الانتظار..
ركعت أمامه، تمسح على خصلات شعره ليهدأ، ثم سألته:«احكِ لي ما يزعجك»
أخبرها مالك بحزن:«أبي قطع اجازته وعاد إلى العمل، في العادة عندما يفعل ذلك كان يتصل بي عند وصوله؛ يصالحني ويعدني بجلب الكثير من الألعاب في زيارته القادمة، لكنه هذه المرة لم يفعل!
انتظرت اتصاله طوال الليل ولم يتصل!»
تألم قلب لمار عليه، الوجع الذي يتكلم به قاتل..
إنه يعاني، يعاني بشدة..
لكن ما لم تتخيله أن يكون إياد جزءً من معاناته!
«وأيضًا؟»
حثته على المتابعة..
ليهمس مالك بمزيد من الدموع:«كنت أريد..»
صمت بعجز، لا يعرف كيف يختار كلماته، يصف مشاعره..
بداخله الكثير والكثير..
كل معاناته تُختصَر في.. الحرمان!
وكل احتياجاته تُختصَر في الحب!
لا هو من المعاناة ناجي، ولا من الحب مرتوي!
«تريد ماذا؟»
بحدقتين واسعتين رمقها مالك..
نظراته تبعثها رسائل أربكت لمار..
وكلماته تضغط على مشاعر طفلة بداخلها تجاوزتها بصعوبة!
«أريد أبي و.. أمًا»
كان قصده واضحًا، فأرادت البكاء!
يومًا ما؛ أرادت هي أيضًا أمًا..
حضن تسكن إليه، قلب يستمع إلى شكواها..
فكان الله بها رحيمًا وحقق أمنيتها..
«أريدكِ أنت»
همس وعيناه مازالت عليها، نظراته تنطق بالرغبة، الاحتياج، التمني!
كل هذه المشاعر جعلتها تهمس بلا وعي:«أنا أمك»
ثم مسحت دموعه، ضمته إلى صدرها بقوة، فتعلق الصغير بها غير راغب في فراقها أبدًا!
دقائق مرت قبل أن تبعده عن حضنها، تمسح دمعة تسللت من عينيها..
ففعل قبلها، يهمس لها بحنو مسّ قلبها:«لا تبكي»
ضحكت وأصابعه الصغيرة تمسح على وجنتيها..
قبّلت يده، ثم همست ضاحكة:«لا ابكي، فقط تأثرت قليلًا»
ثم حملته تخرج به من المشفى، فقال لها:«أنزليني أنا ثقيل»
تعالت ضحكاتها لافتة بعض الأنظار إليها، ثم نفت بحب:«لست ثقيلًا أبدًا»
ثم تابعت بتفكير:«أولًا سنتصل بوالدك ليطمئن عليك، بالتأكيد غيابك أقلقه..
وبعدها سآخذك بنفسي لمنزل عمتك»
شعرت بتوتر جسده الصغير بين ذراعيها، رمقته باستفهام لترى ملامحه حزينة، تنطق بالحرمان!
«سأرتب مع والدك لزيارتك يوميًا، وسأهاتفك طوال الوقت»
قبّلت رأسه، تعده بمشاعر لم تجربها يومًا:«لن أتخلى عنك أبدًا»
لم تنفرج ملامح مالك، فواجهته بنظراتها وكلماتها، تقتل التردد الذي يلمع في عينيه.
«سنجري اتفاقًا، ستخبرني عن كل ما في داخلك دون خوف، وستجدني معك لا أتأخر عنك»
تراجع القليل من تردده، فتابعت بحنان قاضية على الباقي منه:«هل يخفي الولد شيئًا عن أمه؟»
حينها سارع بالقول، يجرب شعورًا افتقده طوال سنواته التي تُعَد على أصابع يديه!
«لا أريد الذهاب إلى بيت عمتي»
لم تعطي نفسها فرصة للتفكير، أخبرته ببساطة:«لا داعي لذهابك إذًا»
وأمام نظراته التي تحمل عدم التصديق، أخرجت هاتفها لتتصل بـ إياد.
حينما فُتِح الخط، قالت بتلقائية مدركة قلقه.
«مالك معي»
لتصلها كلمات إياد الحائرة:«كيف معكِ؟»
ابتعدت عن الصغير قليلًا، ووضحت:«وجدته عند بوابة المشفى»
بعد لحظات، قال إياد ببطء:«ماذا قُلتِ؟»
وقبل أن توضح له، أغلق الخط في وجهها!
نظرت إلى الهاتف بصدمة، لقد أغلق الخط في وجهها!
أهو غضبًا من وجود الصغير معها؟
تبًا له..
لا تريد منه شكرًا، لا تريد شيئًا من الأساس..
لكن حتى.. ألا يريد الاطمئنان على طفله؟!
جزت على أسنانها، انتقلت بنظراتها إلى الصغير بضيق..
ماذا تفعل معه الآن؟
لا حل لديها سوى إعادته إلى بيت عمته..
وليعينه الله عليها وعلى والده!
خطت نحوه ببطء، وقفت أمامه، ليسألها بلهفة:«لن اذهب إلى بيت عمتي، صحيح؟»
زمّت شفتيها ورغبة عارمة بالبكاء تسيطر عليها..
يصعب عليها قتل لهفته، أن تكون سببًا في حزنه..
لو فقط والده مسؤول كفاية ليدرك المعاناة التي يعانيها ولده!
عادت تسبّ إياد من جديد، ولو أمامها الآن تقسم على أن تبرحه ضربًا حتى يعود عقله إليه..
لن يفرق معها أنه رجل وهي امرأة..
فالمرأة تكون بألف رجل عندما تريد!
تنشب مخالبها في لحم مَن يتعدى على طفلها كقطة شرسة!
ومالك..
يا إلهي إنها تشعر أن مالك طفلها!
لا تتحمل أن يؤذيه مخلوقًا!
«لم تستطيعي إقناع أبي!»
همس مالك بتقرير، لتمسح على شعره بأسى، لا تجد طريقة للاعتذار!
صدح رنين هاتفها، لتجد اتصالًا آخر من إياد..
ففتحته على مضض، مهيأة نفسها لانفعاله، مستعدة لمواجهته!
فبادرت بالهجوم:«سأعيده حالًا إلى منزل عمته، لا داعي لتكرار الاتصال..
ومن الأفضل أن تحذف رقمي من عندك»
لم يبالي إياد بهجومها..
لم ينتبه لأي من كلماتها..
كان يحترق في نار الجحيم..
نيران لن تُخمَد ولن تنطفىء!
للحظة فقد إيمانه، فتساءل عن سبب ما يتعرض له!
لِمَ هو تحديدًا؟!
عذاب، حياته عبارة عن عذاب تلو عذاب..
صدمة وراء صدمة..
ولا علم لديه لمتى سيظل يواجه!
إلى متى سيتحمل؟
«ليبقى مالك معكِ، ورجاء لا تتواصلي مع منال حتى أصل، أنا في الطريق إليكما»
الصدمة هذه المرة مختلفة..
والخيانة عندما تأتي من أقرب الناس إليك كخنجر يُغرَز في قلبك بلا رحمة!
لا دواء ينفع معها!
وشقيقته خانته وخذلته وقضت على الرصيد القليل المتبقي لها عنده!
إلى متى كانت ستخفي عنه اختفاء ولده؟
لا يصدق!

على الجانب الآخر
تفاجأت لمار بكلمات إياد..
هبطت نظراتها الفرِحة إلى الصغير المُتعلِق بها..
لقد وافق!
وموافقته تعني منحها ثقته!
وثقته تعني أنه...!
يا الله، إلى أين تتجه أفكارها؟
أخذت نفسًا عميقًا منحية مشاعرها جانبًا، وقالت تطمئنه:«لا تقلق عليه، هو بخير، سيظل معي حتى تصل»
كلماتها نزلت بردًا وسلامًا على كل من إياد ومالك..
الأول يشعر بقليل من الاطمئنان، القليل فقط، فلن يهدأ ويرتاح باله حتى يضم ابنه إلى أحضانه، ويواجه شقيقته ويحاسبها!
والصغير لأنه غير مضطر للعودة إلى عمته، في منزلها الخانق الذي يشعر فيه أنه ضيف ثقيل، غير مرغوب فيه، بمعاملتها له التي تحمل اللامبالاة!
اللا اهتمام!
وما أقسى على طفل مثله من حرمانه من الحب!
كما أنه سيقضي وقته مع لمار، حتى يعود والده..
أيوجد أجمل من ذلك!
«شكرًا لكِ»
أغلقت لمار الهاتف وعلى شفتيها ابتسامة غريبة!
التقطت كف مالك، تقول له بحماس:«سآخذك إلى أحب مكان إلى قلبي»
وبينما هي تتجه بالصغير إلى بيتها، كان إياد يقطع الطريق طائرًا، راغب في الوصول في أسرع وقت!

**********

(الله أكبر.. الله أكبر..
الله أكبر.. الله أكبر)
على آذان المغرب استيقظت تقوى من نومها الغير مريح، على المقعد المقابل للوحة تيم!
عظامها كلها تؤلمها، لكنها لا تضاهي ألم روحها وهي تكتشف عدم عودته!
لقد طال غيابه وأصبح مريبًا!
بيأس نظرت إلى هاتفها، وكما توقعت.. لا اتصال منه!
وفجأة راودها خاطر مرعب..
ماذا لو كان أصابه مكروهًا؟!
خرجت شهقة من بين شفتيها والخاطر في عينيها يتحول إلى حقيقة قاسية.. لا تتحملها..
لو حدث له شيء ستموت!
أمسكت بهاتفها تتصل به بيد مرتعشة..
لتتسارع الدموع على وجنتيها والرد يأتيها أن الهاتف مغلق!
لو مفتوح..
لو لا يرد عليها..
لاطمأنت قليلًا..
لكن مغلق!
أسرعت إلى شقة حماها، ربما يمتلك أي خبر عنه يمحو قلقها..
استقبلتها نشوى برسمية مريبة.
«نعم»
فتوترت تقوى في وقفتها، منتبهة إلى برود استقبال نشوى على الرغم من ذعرها وخوفها على تيم!
هذا البرود أثار مشاعرها، جعلها تتساءل عن السبب!
لكنها نحتّه جانبًا مؤقتا، المهم الآن أن تطمئن عليه!
سألتها بهمس ووحيد يظهر من خلفها، على وجهه تعبير غريب لم يُريحها!
«كنت أريد السؤال عن تيم، لو تعرفان..؟»
قاطعتها نشوى بحدة مقصودة:«تيم سافر»
لم تستوعب تقوى كلمتها، فأضافت نشوى باتهام:«جاء أخذ أغراضه متعللًا بأسباب وهمية لسفر مفاجىء..
أسباب لا تقنع طفل صغير»
«نشوى»
نطق وحيد اسمها بلوم، فزمّت شفتيها غير نادمة على كلماتها..
لقد قبلت هذا الزواج من أجل ابنها، اعتقدت أنه سيحيا في سعادة بعد زواجه..
ولم ينَل أي سعادة منذ كُتِبت تقوى على اسمه!
حتى حقه الشرعي لم يأخذه منها!
أي سبب يجعله ينتظر كل هذا الوقت راضيًا؟
ما الذي تمتلكه البائسة الواقفة أمامها للسيطرة عليه بهذه الطريقة؟
تلك البائسة التي ظنت أنها ألقت سحرها حوله فامتلكته، ويبدو أن مساعيها ذهبت أدراج الرياح..
فابنها ترك المنزل غاضبًا، والباقي معروف!
«صديق له سقط في مشكلة كبيرة على ما يبدو فاضطر للسفر، يومان أو أقل ويعود بمشيئة الله»
استمعت إلى كلماته الحانية لـ تقوى بعدم رضى..
ألم يكُن رافضًا هذا الزواج مثلها وأكثر؟
لِمَ إذًا يبدو مراعيًا لهذا الحد معها؟
من المُفترَض أن يثور عليها وهي السبب في رحيل تيم!
«هل، هل جاء إلى هنا؟»
سألت تقوى بتردد، حتى اللحظة لا تستوعب كل كلماتهما، ترفض الحقيقة التي تلوح في الأفق أمامها..
حقيقة ثابتة لا ريب فيها..
قاسية.. موجعة.. مريرة.. تشطر القلب!
حاول وحيد صبغ أكبر قدر من الإقناع في كلماته شفقة بها:«حضر ورآكِ نائمة ففضّل عدم إزعاجكِ»
أسباب لا تقنع طفل صغير!
حماتها على حق!
هي الغبية التي عاشت الحلم بكل جوارحها حتى ظنته واقع مُحال أن يزول!
نقلت نظراتها بينهما تتمنى لو تستطيع الطلب، لو تندمج معه مرة أخيرة!
لكن صوتها لم يُسعفها ويخرج، حُبست الكلمات في حنجرتها كما كان قبل!
لمعت الدموع في عينيها، ولم تسقط على وجنتيها!
ارتجفت شفتاها بعجز!
بداخلها الكثير من الانفعالات غير قادرة على التعبير عنها!
انسحبت ببطء عائدة إلى شقتها، ونظراتها بعيدة عن وحيد ونشوى، مُعلَقة بعيدًا.. اتجاه غرفة تيم!
التقت نظراتها بهما بعد ثواني، لتشير لهما بلا معنى قبل أن تُغلِق باب شقتها!
دارت نظراتها حولها..
ذلك المكان الصغير الذي ضمها معه لأيام معدودة..
ذلك الركن الذي صلى فيه بها، أعادها إلى علاقتها بربها..
وكان يؤرقها ابتعادها عنه!
اتجهت إلى المطبخ، هنا وقف أمامها..
غنّى لها وعيناه في عينيها..
وهنا وقف بجوارها، مزح معها وساعدها في تقطيع الخضراوات..
خرجت وهي تشعر أن روحها تُسحَب منها..
وقفت أمام لوحته..
نظرت إلى المقعد الذي استقرا عليه سويًا ليلة أمس..
أروع ليالي حياتها!
ازداد ارتجاف شفتيها بندم..
لقد كادت تحصل على قبلته، ورفضتها!
ليتها لم تفعل!
لكانت ضمت ذكرى أخرى له تعيش عليها القليل المتبقي من حياتها!
قلبها يخبرها أن قبلته مختلفة، لن تؤذيها كقبلات (علي)!
وقد ضيّعت على نفسها فرصة تجربتها!
مسحت على وجنتيها تمسح الدموع التي تلسع عينيها..
ولم تجد أي منهنّ!
جفاف وجفاء وخواء..
مع أنها كانت تعلم!
كانت مدركة تمام الإدراك أن الحلم لن يطول، أنها لن تظل مع تيم أبد الدهر ويشيبا سويًا..
النهايات السعيدة لا مكان لها سوى الروايات..
وهي لا تحيا رواية رومانسية بنكهة وردية البطل فيها فارس يأخذ حبيبته على الحصان الأبيض!
هي في عالم ينبض بالسواد، يمنحك الألم ثم الألم ثم الألم..
السعادة قطرة في بحر من الهموم..
لا تكاد تشعر بها حتى تلتهمك الأحزان كوحش مفترس، لا يدخر جهدًا لنيلك!
أظلمها تيم؟
أبدًا!
مهما كان السبب الذي دفعه لتركها فلديه حق..
العيب فيها هي..
لطالما كان فيها هي طوال السنوات الأخيرة!
لقد ترك المنزل لأنه لا يتحمل وجودها؛ وخجل من أن يخبرها بذلك!
واللعنة عليها إن لم تحرره من عبئها!
اتجهت إلى الغرفة..
أخذت تضع أغراضها في الحقيبة بجمود؛ بلا أي مشاعر..
حتى إذا ما انتهت أخذتها وغادرت..
دون أن تلقي أي نظرة خلفها..
ضعيفة هي عند اتخاذها هذا القرار..
وأي نظرة للخلف ستجعلها تتراجع!
عند باب الشقة وقفت..
قبضت على مقبضه وإحساس الخسارة يتملّك منها..
لا تستطيع!
في محاولة أخيرة منها فتحت هاتفها لتتصل به..
تتمنى لو تجد منه أي إشارة تمنعها عن قرارها!
والرد الرتيب أن الهاتف مغلق قضى على آخر آمالها!
ضعيفة هي..!
فلم تقاوم الالتفات، الاتجاه إلى مكان لوحاته..
لتأخذ الأخيرة..
تلك التي كان يرسمها ولم تكتمل..
تمامًا كقصتهما!
ولم تنظر لأي شيء آخر..
غادرت شقته، تحمل معها لوحته وذكرياتها معه..
وأغلقت الباب على حلم آن لها أن تستيقظ منه!

**********

الطريق إلى منزل لارا طويل، كطول حياتها من بعد اغتصاب علي لها!
كم تتمنى لو تتخذ الطريق إليه..
إلى المنزل الذي جمعها بوالدها، شعرت بين جدرانه بالأمان..
لكن رجوعها إليه في هذا الوقت مستحيل..
ضعيفة هي!
وجبانة أيضًا!
ستنهار لو تعرض لها علي!
فمن الأفضل أن تكون في منزل أختها، حيث لا يستطيع علي الوصول إليها!
ساعدها سائق السيارة الأجرة على حمل الحقيبة، يرمق صمتها وشحوب ملامحها بشفقة..
شكرته بخفوت، أعطته أجرته، ثم طرقت على باب المنزل..
لتفتح لها لارا..
ترمق وجودها بمفردها؛ بحوار حقيبة ملابسها باستنكار!
تخشى السؤال والإجابة واضحة على ملامح أختها!
فتحت ذراعيها لها..
فهزت تقوى رأسها برفض، وخطت إلى الداخل غير قابلة بتلقي المواساة من أحد..
لقد اعتادت على التعايش مع آلامها، الشفقة لا تنفعها!
«أخبريني بما حدث، هل تشاجرتِ مع تيم؟»
سألتها هبه بلوعة..
لا تتقبّل عودتها بعد ما صدقت أن اطمأنت عليها..
تبحث عن وجود إسلام بضياع..
أتراه يظن أنها فرطّت في أمانته وضيّعت وردته؟!
«ردي عليّ»
حثتها على الحديث، فرفعت تقوى كتفيها بإشارة مبهمة..
يطلبون منها التعبير!
ليتها قادرة على فعله!
لكن الكلمات سجينة داخلها، تأبى التحرر!
لقد عادت إلى تلك المرحلة التي تلت وفاة والدها، مرحلة الرفض!
شعرت لارا بها، فقالت إلى أمها برفق:«اعتقد أنها تحتاج إلى الراحة، لنتحدث فيما بعد»
رمقتها تقوى شاكرة، وتحركت معها إلى إحدى الغرف لترتاح-على حد قول أختها-
فهي ترى الراحة بعيدة كل البُعد عنها!
بعد اختفاء تقوى، التقطت هبه الهاتف تحاول الاتصال بـ تيم، لابد لها أن تفهم!
ودرة تجلس جانبًا، تفكر وتربط مكالمة تيم ليلة أمس بحثًا عن علي وعودة شقيقتها الآن بحقيبة ملابسها!
ذلك الحقير لن يهدأ له بال إلا عندما يدمرها!
«هاتفه مغلق»
انتبهت إلى جملة والدتها البائسة، ولارا تجلس جوارها، تحاول التخفيف عنها بقلة حيلة.
«لا تقلقي أمي، مهما كان ما حدث بينهما لا اعتقد أن تيم سيتركها بهذه الطريقة، لقد أشدتِ بنفسكِ بأخلاقه واحترامه»
وربما أخطأت في شعورها!
من جديد بحثت بعينيها عن إسلام..
ليته هنا فيستفسر ويفهم ويحلّ!
لو يعلم أي فراغ تركه برحيله!
«ساجعل أمير يتحدث معه ويفهم منه»
أومأت هبه بشرود، تشعر أنها عاجزة عن التصرف واتخاذ القرار، بينما نهضت درة متجهة إلى غرفتها.

**********

أوقف تيم سيارته على جانب الطريق..
يشعر بالضياع!
لقد امتثل إلى حديث الطبيبة، استمع إلى نصيحتها وابتعد عن تقوى..
لكنه لا يعرف إلى أين يذهب!
وشعور بالذنب يراوده بسبب ابتعاده بهذه الطريقة، دون أن يُعلِمها!
لكنه لم يقدر!
عندما دخل عليها الشقة، رآها ساكنة أمام لوحته، انتابته مشاعر عدة..
غضب، ضيق، شفقة، حب، رغبة في التعويض!
وجد نفسه يدور داخل دوامة لا أول لها ولا آخر..
فسارع بالهرب!
كما قالت طبيبتها؛ طبيبتهما!
هما بحاجة إلى وقت ليفهم كل منهما مشاعره، يحدد ما يريده..
مع أنه خائف من تلك الفترة التي ستعيشها بمفردها.. بعيدًا عنه..
لكنه السبيل الوحيد لنجاتهما!
فتح هاتفه مقررًا الاتصال بها..
الآن فقط يستطيع الحديث معها..
طالما لن ينظر في عينيها، لن يشاهد حزنها وخوفها!
فور أن فتحه انهالت عليه إشعارات بالمكالمات والرسائل، ليوقن من صواب فعلته عند إغلاقه لهاتفه!
وجد اتصالًا منها، فعلم باستيقاظها من النوم، ليسارع بالاتصال بها قبل أن تأكلها الظنون!
وفي نفس اللحظة وصلته رسالة من والده.
«تقوى تركت المنزل»
تركته!
ماذا ظنت به؟
تبًا له!
أدار المحرك وأسرع نحو منزل أختها، حيث يتوقع وجودها..
لا يتوقف عن لوم نفسه..
لقد سبّب لها الأذى باختفاءه!
واللعنة عليه!

**********

جزت على أسنانها بغضب عندما رأت عدم رده على رسالتها الأخيرة..
تجاهله على الرغم من رؤيته لها!
لقد ظنت أنه مثل أمثاله..
تلقي الطُعم له فيتلقفه بسذاجة..
لتبدأ اللعبة!
اخطأت..
وعليها بذل المزيد من الجهد للوصول إليه!
وهي بطبيعتها ترفض الاستسلام..
فما بالك بانتقام لا ترتاح إلا عندما ترتشفه كاملًا!
فتحت هاتفها على صفحته..
أرسلت له:«حاولت أنساك ولم استطِع»
وانتظرت رده، لن تتوقف إلا عندما يقع في شباكها!

**********

انتبه ياسين إلى إضاءة هاتفه إشارة إلى وصول رسالة له..
فتحها بلا اهتمام، لتتجمد الابتسامة على شفتيه عند رؤية اسمها ونص رسالتها!
لقد تجاهل السابقة كأنه لم يرَها آملًا أن تتوقف عن إزعاجه..
لكن واضح أنها لا تيأس!
والسؤال الذي يراوده إن كان ظهورها المفاجئ في حياته يتعلق بفضائح الطلبة..
خاصة أن الأيام الأخيرة يعمّ السكون بطريقة مريبة!
أيكون هو الهدف القادم؟!
ازداد هذا الشعور بداخله، فلم يقاوم نفسه ورد عليها!
ليعرف ماذا تريد..
إن كانت فتاة طائشة سيوقفها عند حدها..
وإن كان حدسه صائبًا يقسم ألا يتوانى عن فضحها!
«أين شردت يا حبيبي؟»
سألته بحنو عندما لاحظت انقلاب ملامحه..
وشقيقته الصغرى تمد برأسها محاولة قراءة ما أُرسِل!
«مَن أرسل لك وعكر مزاجك؟»
سحبها من شعرها بخشونة، موبخًا:«مليون مرة أخبرتكِ ألا تحشري أنفكِ فيما لا يخصكِ»
ثم نهض متجهًا إلى غرفته، بعد أن طمأن والدته كي لا تقلق عليه.
«وما المطلوب؟»
أرسل لها، ليجدها قرأت رسالته في نفس اللحظة!
(لنرى ما تريدينه)
تمتم لنفسه منتظرًا ردها..
ولم يتأخر كما توقع!
«أعطِني طريقة لنسيانك»
ابتسم بسخرية حينما قرأ كلماتها..
هذه الفتاة إما عاشقة حد الهوس..
وإما مختلة حد الجنون!
«ابحثي عنها بنفسكِ»
لم يرَ ابتسامتها على الجانب الآخر، وهي تظن أنها خطت أولى خطواتها نحوه!
«لا استطيع التوقف عن التفكير فيك»
أرسلت له وهي تكاد تقفز فرحًا!
متوقعة رده القادم!
«ماذا تريدين؟»
أرسل لها بنفاذ صبر، لعبتها تثير استياءه، يرغب في وضع حد لها في الحال!
«طالما ترفض حبي أخبرني عن طريقة أنساك بها»
«ليس لدي»
سارع بالكتابة لها، ليأتيه الرد صادمًا إنما متوقعًا!
ويبدو أن اللعبة ستطول قليلًا!
«إذًا اعطِني فرصة، لربما تبادلني مشاعري»
رمق رسالتها لفترة، حدسه يدفعه للامتثال..
وبعد تفكير فعل!
وتوعداته لها تزداد إن كانت هي المسئولة عن كل الفضائح السابقة!
«ما اسمكِ؟»
«اسميتني عاشقتك منذ وعيت على حبك..
لكن إن كنت تريد اللقب الذي يدعونني به..
فهو.. قمر»
رفع حاجبيه متعجبًا وغير مقتنع..
التوت شفتاه بابتسامة ساخرة، وأرسل لها:«اسمكِ الحقيقي أم..؟»
ترك باقي السؤال معلقًا مع علمه فهمها المقصد!
وعلى عكس ما توقع طال انتظاره ولم يصله ردًا!

******"***

حدقت في رسالته الأخيرة بابتسامة متلاعبة..
أغلقت صفحته وضحكاتها تتعالى تملأ سكون المكان حولها..
تتخيّل مظهره الآن وهو ينتظر ردها، الفضول يقتله لمعرفتها أكثر..
وهو المطلوب، أن يظل فضوليًا فيصبح رهن إشارتها، يستجيب لرغباتها..
وبعدها..
فرقعت أصابعها تعضّ على شفتها بحماس..
بعدها ستدوي فضيحته في الجامعة، لن يستطيع رفع عينيه في عين أحد، تمامًا كما كان مَن قبله!
سترى يا.. دكتور ياسين.
يتبع


Aya-Tarek غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 08-05-23, 08:24 PM   #214

Aya-Tarek

كاتبة بقسم قصص من وحي الأعضاء


? العضوٌ??? » 420321
?  التسِجيلٌ » Mar 2018
? مشَارَ?اتْي » 516
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » Aya-Tarek has a reputation beyond reputeAya-Tarek has a reputation beyond reputeAya-Tarek has a reputation beyond reputeAya-Tarek has a reputation beyond reputeAya-Tarek has a reputation beyond reputeAya-Tarek has a reputation beyond reputeAya-Tarek has a reputation beyond reputeAya-Tarek has a reputation beyond reputeAya-Tarek has a reputation beyond reputeAya-Tarek has a reputation beyond reputeAya-Tarek has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   cola
¬» قناتك rotana
افتراضي



نظرت إيمان إلى عمار بطرف عينيها..
ملامحه مرتخية، يركز في القيادة متجاهلًا إياها تمامًا!
بعد الصباح الجنوني الذي شاكسها فيه بعاطفته؛ توقعت أن يستمر بقيّة اليوم على وقاحته متغاضيًا عن حديثها مساء أمس، لكنه لم يفعل!
توقعت أن يناقشها في قرارهما بالانفصال، يحاول التأثير عليها لتتراجع، وذلك لم يحدث!
يتجاهلها؟
أبدًا، هو يتعامل معها بطبيعية مغيظة، كأخ وأخته، صديق وصديقته!
وهذه الطريقة تستفزها!
تريد وضع حد لعلاقتهما..
تريد إيجاد سبيل للنجاة!
أصدرت زفيرًا ساخطًا نبّه عمار إليها..
ليس غافلًا عمّا يدور بداخلها..
لازال لديها الكثير لتقوله.. يعلم..
مخاوفها.. رغباتها.. حذرها..
يتفهّم كل دواخلها، ويعرف كيف يتعامل معها!
لا مكان لليأس هنا، وقلبها ليس هدفه الوحيد..
بل هي كلها..
قلبها وعقلها، رغباتها وأفكارها، أمانيها ومخاوفها..
سيبذل قصارى جهده لتكون له بروحها وجسدها وكل ما فيها!
زفير آخر أطلقته من بين شفتيها، فبرقت حدقتاه بمشاكسة طفولية..
فتح الكاسيت لينطلق صوت حسن الأسمر قاطعًا صمتهما:

كتاب حياتي يا عيني..
ماشوفت زيه كتاب..

«لا يا ربي»
هتفت بضيق وهمّت بإغلاق الكاسيت، فأمسك يدها قبل أن تفعل، يقول موبخًا:«تؤ تؤ، على الأقل استأذني قبل إغلاقه»
رمقته بنظرات مشتعلة أرضته.
«لا تمزح عمار، هذه الأغنية تستفزني»
«ما عاش مَن يستفزكِ يا جميل»
ها هو يعود إلى وقاحته المُعتادة..
أيعني ذلك أنه لا يبالي برغبتها في الانفصال؟
انقطعت أفكارها بكلماته:«لكن عذرًا، هذه أغنيتي المفضلة، لا يعلو عليها أحد حتى...»
وصمت والابتسامة تملأ وجهه..
فرفعت حاجبيها باستنكار، تسأله باندفاع:«ماذا تقصد؟
الأغنية أهم لديك منّي؟»
الصمت الذي واجه سؤالها به جعل فضولها يزداد..
وإجابته التي خرجت أخيرًا من بين شفتيه صدمتها!
«الأغنية دائمة في حياتي، إنما أنتِ فلا»
كلماته جاءت بطيئة.. مُوجَهة، تعرف هدفها جيدًا!
«ماذا تقصد؟»
سألته ببلاهة، المعنى الذي يقصده يصلها بوضوح، ولا تصدقه!
كيف تصدقه وهو ما انفك عن التصريح بحبها، الإعلان عن رغبته فيها؟
أغيّرته كلماتها في ليلة؟!
هل الأمر بهذه السهولة؟!
«ألم تطلبي الانفصال أمس؟»
فعلتها، طلبته، ولازالت تريده!
فما بالها كلماته لا تروقها؟!
«نعم»
همست بخفوت، شاردة في تحليل مشاعرها..
ذلك التخبّط الغريب الذي يصيبها دائمًا بوجوده.. اقترابه..
عاشت عمرها كله تعرف نفسها، تحدد أهدافها..
لكن معه!
معه تحسّ أنها غريبة عن نفسها!
طفلة لا تفهم مشاعرها ولا تعرف ما تريده!
تريد الانفصال اليوم قبل الغد..
لكنها.. الآن تحديدًا، بعد تصريحه بموافقته؛ لا تستغيث فكرة عدم وجوده في حياتها!
ماذا يحدث معها؟
«سأنفذ لكِ رغبتكِ في الوقت الذي تريدين»
بلعت ريقها ونظراته مركزة عليه، تنتظر منه تكذيبًا؟
لا تعلم!
ولا تريد أن تفكر في شيء، في كل الأحوال هي لن تتقبل علاقة كاملة معه، فلا داعي لمزيد من الرعب لها، أو الأذى له!
«سننتظر لبضعة أشهر حتى يستقر وضع تقوى وتطمئن والدتي عليها، لا تخَف الوضع لن يطول»
لم يركز في كلماتها بقدر تركيزه في حركة أصابع يديها، نبرتها المرتجفة التي تفضح انفعالاتها الداخلية!
همس بداخله بتسلية:«لم تري شيئًا بعد يا قطتي، سأجعلكِ تنامين وتستيقظين تهتفين باسمي، ستركضي خلفي تطلبين قربي وأنا...»
تنهد وأفكاره فيها تشتعل، تصل للذرة.
«أنا سأكون أكثر من مرحب لتلبية رغباتكِ»
أومأ برأسه عدة مرات استحسانًا لأفكاره، وفهمت هي إشارته موافقة على كلماتها!
«اتفقنا إذًا؟»
«لدي شرط واحد فقط»
رفعت حاجبيها في انتظار ما سيقوله..
تتوقع أن يكون كل ما قاله محضّ مزاح سمج من جهته، أن يُعرب عن رفضه وتمسّكه بها للأبد!
تحفزت للصراخ، التوبيخ والاعتراض، متجاهلة مشاعرها الأخرى!
«خلال هذه الفترة سنتعامل كصديقين، لا شجار بلا سبب، لا تنمر بلا معنى»
«لا وقاحة»
قاطعته باندفاع، مراقبة رد فعله بفضول..
فسارع عمار بالتأكيد:«لن افعل أي شيء يزعجكِ، وانتظر منكِ المثل»
«اتفقنا»
مد لها عمار كفه فيما يشبه تحية السلام، فردت له تحيته، ثم نقلت نظراتها بينه وبين الكاسيت، وهي تقول بنبرة ذات معنى:«لا شيء يزعجني»
فطن إلى مرادها، فزمّ شفتيه بطريقة طفولبة جلبت الابتسامة إلى شفتيها.
«ألا يمكنكِ التغاضي عن هذه، إنها أغنيتي المفضلة»
«استمع إليها عندما تكون بمفردك»
قالت بمكر بينما تغلق الكاسيت، فهتف بنفس الطريقة الطفولية:«قاسية القلب، وأنا كنت أنوي دعوتكِ على العشاء بمناسبة اتفاقنا»
«وستدعوني»
قالت بتسلطّ بينما تخبره بـ اسم مطعمها المُفضَل ليتجه بها إليه..
تظن أنها خطت أول خطوة نحو هدفها..
أنها ستنال حريتها وستعيش بمفردها، دون رجل، دون الاضطرار للدخول في علاقة مقززة تُستغَل فيها أبشع استغلال!
ويظن أنه وضع قدمه على أول الطريق..
لا، لن يطلب مساعدة هبه، لن يتدخل بينهما أحد!
سيخطو إليها ببطء وبخطوات مدروسة حتى تتعلم كيف تسلمه نفسها من أجلها، بكل المشاعر التي تحملها نحوه، حينها ستفهم أن جميع قناعاتها واهية، لا أساس لها من الصحة!
معذورة هي بعد كل ما رأته من تفاصيل!
ومقيد هو بحبها الذي يدفعه لتحملها!

**********

تعالت ضحكات الصغير بسعادة لتتعلق نظرات نشوى به بعدم رضى..
شعور بعدم الارتياح تملكّ منها منذ دخول لمار به وإعلانها أن مالك أحد مرضاها..
مراوغة ومتلاعبة في كلماتها، متهربة من التعريف عن والديه!
إن كان له أم أساسًا، فالصغير منذ وصوله لا يتحدث إلا عن والده.. فقط!
«ستأكلي الصغير بعينيكِ؟»
قال وحيد مشاكسًا، فزمّت شفتيها، تسأله باستنكار:«ألا تشعر أن الوضع غريبًا؟
مَن هذا الطفل؟
وما سبب مجيئه معها؟»
أجاب وحيد بصبر:«سنعرف بعد رحيله»
رمقته بنظرة غير راضية، وتحركت متمتمة:«ستصيبني بالجلطة أنت وأولادك»
وصلت تمتماتها إلى وحيد، فتبعها يقول متذمرًا:«الآن أولادي، الله يرحم أيام كان لا تقترب من أطفالي وإلا أكلتك بأسناني»
«لازلت سافعل»
هتفت بشراسة ليست بغريبة عليها..
فضمها من الجانب ضاحكًا:«لا تقلقي عليها، لن تضيع ونحن معها، سنظل بجوارها»
مع انتهاء كلماته تعالت الطرقات على الباب، فخرج وحيد ليفتحه.
«مساء الخير، أريد دكتورة لمار»
تأمله وحيد من أعلى إلى أسفل بنظرة متفحصة..
وصوت لمار يأتي من خلفه:«إياد»
ومع انطلاق الصغير إلى والده، نظر وحيد إلى نشوى بقلق!

**********

تلك النبرة التي خرجت من بين شفتي ابنته لا يخطأها كـ أب، ولا تمر عليها كأم احتضنت لمار منذ صغرها، تدرك كل خلاجاتها!
الطريقة التي نطقت بها اسم إياد توحي أنه لديها أكثر بكثير من مجرد زميل!
قلقها كان في محله، وكما قال وحيد، سيكونوا بجوارها لـ.. يحموها!
جلست نشوى بجوار وحيد تتفحصّ إياد كزوجها..
وإن كانت نظرتها تمتثل لمشاعرها نحو لمار، عكس وحيد التي كانت نظرته لإياد نظرة رجل يفهم مَن أمامه!
هذا الرجل مقهور..
تعرض لحدث كبير يجعل نظراته تحمل انكسارًا وحزنًا، ربما هذا ما حفز ابنته للاقتراب منه!
«اعتذر عن تواجدي دون سابق موعد وعن إزعاج مالك لكم طوال اليوم»
علقت لمار على كلماته بلهفة:«لم يزعجنا أبدًا بالعكس قضينا وقتًا ممتعًا معًا»
انتقلت نظراتها إلى مالك، تسأله بحنو:«أليس كذلك؟»
أومأ الصغير بسعادة، رفع رأسه إلى والده، يقول له بحماس:«لقد أخبرتني أنني من الممكن أن آتي إلى هنا في أي وقت أريده»
ذلك الشعور بالانتماء الذي حرم صغيره منه بنفسه مؤلم..
هذه النبرة التي لم يستمع إليه يتحدث بها منذ وقت طويل قاتلة!
كيف له أن يتجاوز؟
كيف يقضي على شعوره بالذنب؟
وكيف.. كيف يحقق لطفله ما يتمنى؟
بين شقي الرحي عاجز هو..
كلا الخياران عذاب له!
طبع قبلة على جبين صغيره، يقول مهادنًا:«سنتفق على ذلك فيما بعد»
«أنت بخير؟»
سألته لمار بقلق لم تستطِع السيطرة عليه..
فتعلقت ثلاثة أزواج من العيون بها..
وحيد ونشوى يرمقانها بذهول، لا يصدقا جرأتها..
وإياد..
إياد ينظر لها باستجداء!
تعالى رنين هاتفه فرمقه ممتعضًا..
نهض حاملًا طفله، وقال:«للمرة الثانية اعتذر عن إزعاجكم»
خصّ وحيد ونشوى بكلماته:«للآسف حدث طارئ لدي اضطر الدكتورة لاصطحاب مالك، أعدكما أنه لن يتكرر»
كانت كلماته صارمة.. قاضية على أي مشاعر بداخله هو وابنه لها.. ولما تقدمه لهما!
وهي فهمت!
أحسّت!
شعرت!
فانطفأ بريق عينيها، وودعته بحزن..
ثم أسرعت إلى غرفتها هاربة من تساؤلات والديها..
فالتفت وحيد إلى نشوى، قائلًا:«لديكِ حق، علاقتهما تستدعي القلق!»

**********

«تيم»
استقبله أمير، أشار له بالدخول بينما يوضح:«حاولنا الاتصال بك لكن هاتفك كان مغلقًا!»
«أين تقوى؟»
سأله بلهفة، يجاهد لعدم البحث عنها بعينيه!
فتجاهل أمير سؤاله، وهتف بحمائية:«أخبرني أولًا عما حدث بينكما فهي ترفض الحديث؟»
تجاهل تيم كلماته بدوره، وكرر سؤاله بينما صوته يتعالى ليصلها.
«أتعرف معنى أن تأتي بمفردها حاملة حقيبة ملابسها؟»
سأله أمير بحنق، لكن تيم لم يستمع له، نظراته معلقة بها..
هي التي ظهرت من خلف أحد الأبواب بنظرات حزينة.. ضائعة..
تحرك نحوها بلهفة..
كل خطوة يخطوها تقترب مثلها، وسؤالها ينطلق من بين شفتيها، يحمل عدم التصديق:«أنت هنا؟»
أشارت هبه إلى أمير ودفعت لارا لتعودا إلى الغرفة، ليختفي الجميع، ولا يبقى سواهما..
كلاهما روحه مُعلَقة بالآخر..
وكلاهما يخشى الفراق!
وكانت لديها الجرأة لتسأل، على الرغم مما ستسببه الإجابة من ألم!
«ستتركني؟»
همستها خرجت من قلبها إلى قلبه، تحمل نفس الإحساس، نفس الخوف!
العين بالعين..
النظرة بالنظرة..
رجاؤها يقابل غموضه..
وكلاهما دموعه تلتمع في حدقتيه.
وكانت الكلمة التي تحمل لها كل الآمان هي التي تهدم كل الحواجز!
«لا تجفلي»
سيضمها..
تهيأت للاقتراب منه، راغبة وغير نافرة..
ربما تكون المرة الأخيرة التي تتمتع فيها بأحضانه!
«وأنا لن أجفل»
لم تفهم جملته..
ومع إحاطة ذراعيه لها لم تفكر فيها..
تنهدت براحة، فقابلها بأخرى عميقة..
ها هو الحاجز الذي وضعه علي يتهدم بـ حضن!
كيف طُلِب منه أن يبتعد؟
وكيف وافق؟
كيف ظن أن نجاتهما في فراقهما؟!
هي وهو ليسا قصة حب..
هي وهو قصة اكتمال!
قلب لا ينبض إلا برفقة حبيبه..
جسد لا يحيا إلا برفقة صديقه..
روحه هو في جسدها هي..
فكيف يفترقان؟!
ازدادت قوة ضغطه على جسدها، فبادلته العناق بآخر أقوى، تتمنى لو تبقى هكذا للأبد!
هذه المرة لم يخرج سؤالًا بل خرج رجاءً:
«لا تتركني»
ظل للحظات صامتًا فأُثير رعبها، ازداد تمسّكها به خوفًا من إجابته!
حتى تحررا من كل القيود بكلماته:
«أبدًا، أنا وأنتِ معًا إلى الأبد»
حتى تحررا من كل القيود..
وهو يبعدها عنه قليلًا، فيمتلك شفتيها بشفتيه..
قبلة انتصرت على كل الصراعات..
صمدت أمام الكثير من التعديات..
كسرت جميع الحواجز..
قبلة أخرج فيها كل انفعالاته..
فتارة تحمل انتقامًا يعدها به..
وتارة تحمل شغفًا لن ينضب!
قبلة..
كانت لها الحياة!
صححت لها المسميات!
فرّقت بين الاغتصاب والرضى..
المنح والإجبار..
قبلة تقضي على كل التشوّهات، تعالج كل التقرحّات..
أكانت خائفة من قربه؟!
ليتها لم تخَف يومًا!
ليتها منحته نفسها من أول ليلة لتحسّ بكل هذه المشاعر!
ابتعد عنها عند انقطاع أنفاسهما..
نظر لها لاهثًا..
استيقظ من فورة مشاعره منتبهًا إلى ما فعله!
يا الله، لقد قبّلها، توغل في منطقتها المحظوؤة، لكنه لم يُقتَل!
أيمكن أن؟!
بأنفاس لاهثة، صوت مبحوح، همست بكل ما تحمله له من مشاعر..
بكل ما تحمله له من امتنان!
«أحبك تيم»
العين بالعين..
النظرة بالنظرة..
كلاهما ينظر للآخر بعدم تصديق..
هل قالتها؟
هل سمعها؟
«أحبك جدًا»
كأنها تثبت لها وله أنها اعترفت..
أنها تحررت من كل القيود!
«أحبـ»
والهمسة الثالثة ضاعت بين شفتيه في قبلة أخرى..
ضاع وضاعت في مشاعر حُلوة..
كانت من الممكن أن تطول، لولا شعوره بفتح باب إحدى الغرف، فاضطر للابتعاد!
نقلت درة نظراتها بينهما ملاحظة وضعهما الغريب، فابتسمت بمكر.
«كيف حالك يا زوج شقيقتي؟»
مطت كلماتها سامحة لابتسامتها بالظهور..
فأطرق تيم رأسه، يجيبها دون النظر إليها..
عادت درة إلى الغرفة، تقول بنبرة ذات مغزى:«سأطمئن أمي ولارا، قلقتان عليكما»
«أخبريها أنني ارغب في الحديث معها»
بعد دقائق كان يجلس وتقوى جواره، كفه يحيط بكفها..
وأمامه هبه وأمير ولارا ودرة.
أخذ نفسًا ثم قال باعتذار:«اعرف أن لديكما الكثير للسؤال عنه، لن استطيع تقديم أي تفاصيل، لكنني اعترف بخطأي..
لقد جرحت تقوى دون قصد، لذا أنا آسف لها..
وأعدها وأعدكم أن ما حدث اليوم لن يتكرر»
نظر إليها، يقول إحدى كلمات وعده لها:«أبدًا»
حدقت هبه في ابنتها، فوجدت نظراتها مُعلَقة بـ تيم بطريقة غريبة، كأنها تكتشف فيه شيئًا جديدًا!
انتقلت نظراتها إلى كفيهما المتشابكين؛ ليس مجرد تلامس أيدي، بل تعانق أرواح لن تفترق!
«الرأي رأي تقوى، لو أحبت العودة..»
قاطعتها تقوى بلهفة:«سأعود معه»
أطرقت برأسها عند ملاحظتها لهمسات لارا ودرة وضحكاتهما، بينما هبه تتابع حديثها مع تيم وتوصيه بها!

**********

أغلق تيم باب الشقة وهي تنظر حولها باشتياق..
لم تمر ساعات على مغادرتها لكنها تشعر بكثير من الفقد لها.. وله.. وللحظاتهما معًا..
التفتت إليه، تهمس له برجاء مسّ قلبه:«لا أريد معرفة سبب رحيلك المفاجىء، لكن عدني ألا تفعلها مجددًا، لا تتركني تيم..
أنا لا استطيع العيش بدونك»
عانقت نظراته نظراتها، يهمس لها برجاء مماثل:«وأنتِ أيضًا عديني، مهما حدث بيننا، مهما كان ما نتعرض له، لا تتركيني..
لا تغادري هذه الشقة..
تذكري عهدنا.. أنا وأنتِ معًا»
«إلى الأبد»
أكملت له العهد بابتسامة ممزوجة بدمعة..
فاقترب منها خطوة، يهمس ونظراته مُعلَقة بشفتيها:«تقوى أنا»
قفزت للخلف والخوف يعود ليغزوها..
أتخاف منه؟!
بل تخاف من تلك الأحاسيس التي تجربها لأول مرة على يديه!
لهفة ممزوجة بالتشوّش وإحساس بـ.. النقص!
تحرك نحوها خطوة، نبضاته تتسارع وعقله يعيد عليه مشهد اغتصابها..
«لا تجفلي»
خطوة ثانية، وهو يضيف:«ولن أجفل»
وللمرة الثانية لا يعطِها فرصة لتحليل كلمته!
في ثانية كانت بين أحضانه، تضيع معه في عالم آخر!
لم تعرف كيف استلقت على الأريكة، كيف تحررت من ملابسها، ومتى أصبح عاريًا!
لم تستوعب إلا وهو يتمادى..
لمسات بدأت بشغف..
ثم تحولت إلى أخرى عشوائية، يتخللها كثير من الحذر!
هي خائفة ألا ترضيه، أن تؤثر تجربتها الأولى عليها في عينيه!
وهو مرعوب أن يؤذيها، ألا يستطيع محو آثار علي عن جسدها وروحها!
وأمام خوفها ورعبه ابتعد..
مكتفي بما حققاه معًا حتى الآن..
ومدرك أنه لازال بحاجة إلى مزيد من الوقت ليصل بها إلى بر الآمان!
«ما رأيكِ أن أغني لكِ؟»
ولم تتردد في الموافقة!
صوته.. أمانها ومُناها!
«غنِ لي.. أنا لك على طول»


أنا لك على طول خليك ليا
خد عين مني وطل عليا
وخد الاتنين واسأل فيا
من أول يوم راح مني النوم
ابعتلي سلام قول أي كلام
من قلبك أو من ورى قلبك
ابعتلي سلام قول أي كلام
من قلبك أو من ورى قلبك
مش يبقى حرام أسهر وتنام
وتفوتني أقاسي نار حبك
أقاسي نار حبك

سقطت دمعة من عينيها، فأزالها بشفتيه..
ثم تابع الغناء عازفًا على أوتار فؤادها..

أنا لك على طول خليك ليا
خد عين مني وطل عليا
وخد الاتنين واسأل فيا
من أول يوم راح مني النوم
النيل والليل والشوق والميل
بعتولي وجيت أسال عنك
اشتقت إليك وحشتني عنيك
مش عارف أهرب فين منك

ابتسمت بارتعاش، ومع آخر كلماته غنّت معه بصوت خافت، فاجأه بروعته!

أنا لك على طول خليك ليا
خد عين مني وطل عليا
وخد الاتنين واسأل فيا
من أول يوم راح مني النوم

«وتطلبين منّي الغناء دومًا!
صوتي نشاز جوار صوتكِ»
صدرت ضحكة خافتة من بين شفتيها على كلماته..
وهمست بصوت عذب:«أنا لك على طول خليك ليا»
ليخرج العهد من بين شفتيهما معًا، في نفس اللحظة:«أنا وأنت معًا إلى الأبد»

**********

آخر الليل
فتحت درة هاتفها تتفحصّ تطبيق الفيس بوك بملل..
منشور خلف منشور مررته دون اهتمام، حتى توقفت عند واحد!
قفزت جالسة تكبّر الصورة الخاصة بالمنشور..
الصورة لقريبة إحدى صديقاتها، طالبة في كلية الترجمة تعرّفت عليها صدفة وتبادلا الأرقام والحسابات الشخصية..
كانت تتصدر المشهد بملامحها المليحة وضحكتها الواسعة..
وفي الخلفية يقف.. علي!
والصورة أُخِذت عن قصد..
نادين تعرف علي..
وهذه فرصة لن تُعوَض!
انتهى


Aya-Tarek غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 08-05-23, 09:03 PM   #215

Aya-Tarek

كاتبة بقسم قصص من وحي الأعضاء


? العضوٌ??? » 420321
?  التسِجيلٌ » Mar 2018
? مشَارَ?اتْي » 516
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » Aya-Tarek has a reputation beyond reputeAya-Tarek has a reputation beyond reputeAya-Tarek has a reputation beyond reputeAya-Tarek has a reputation beyond reputeAya-Tarek has a reputation beyond reputeAya-Tarek has a reputation beyond reputeAya-Tarek has a reputation beyond reputeAya-Tarek has a reputation beyond reputeAya-Tarek has a reputation beyond reputeAya-Tarek has a reputation beyond reputeAya-Tarek has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   cola
¬» قناتك rotana
افتراضي


الفصل الثامن عشر
أوقف إياد السيارة أسفل منزل شقيقته..
ليقول الصغير بحزن:«سأبقى في منزل عمتي؟»
رمقه إياد بعتاب، وقال له بضيق:«لا يُفترَض بك قول شيء، فأنا غاضب منك جدًا»
أطرق مالك رأسه بدون تعليق، ليسأله إياد بلوم:«كيف تفعل ذلك؟
هربت من المدرسة وذهبت إلى المشفى بمفردك..
ألم تخَف؟»
هز الصغير كتفيه بلا مبالاة، وهمس مقرًا:«لا، لأنك لا تريدني»
ها هي الجملة القاتلة التي يضرب بها الصغير ضميره..
تزيل كل غضب بداخله نحوه!
كيف يلومه وهو المذنب؟
ماذا فعل له ليوبخه ويعاتبه؟
لقد اتخذ الأبوة كمهنة يمتهنها، لقب يسبق اسمه، متغاضي عن أنها أكبر من ذلك!
إنها تواجد، دعم غير مشروط، أمان غير مفقود، ظهر يُستنَد عليه..
لقد قدّم لابنه أبًا على ورق!
ويا ويله!
سحبه إلى حضنه يضمه دون حديث، ليتعلق الصغير بأحضانه، ويبدأ في البكاء.
«أنا أحبك، أحبك جدًا، لن اتركك أبدًا..
كم مرة كررت لك ألا تستمع لحديث عمتك؟»
همس مالك من بين شهقاته:«لأنه صحيح، لو تريدني لمّا سافرت وتركتني هنا»
أبعده إياد عنه، مسح دموعه بحنو وقد اتخذ قراره..
ليموت هو ألف مرة ولا يبكي صغيره دمعة واحدة..
ليحترق في جحيمه وتأكل الذكريات روحه ولا يتألم طفله.
«ماذا لو أخبرتك أنني لن اتركك مجددًا؛ سأظل هنا معك؟
ستصدق أنني أريدك ولا تستمع إلى كلمات عمتك؟»
رمقه مالك بعدم تصديق، سأله بلهفة:«ألا تمزح معي؟
ستظل هنا حقًا، لن تسافر؟»
أومأ إياد مؤكدًا، وقال بقصد ليغيّر من حالة مالك النفسية:«نعم، من أجلك افعل أي شيء»
احتضنه الصغير، وضع الكثير من القبلات على وجنتيه بسعادة، وسط ضحكات إياد المريرة!

**********

«إياد»
شحب وجهه بينما ينظر إلى زوجته..
وإياد يدخل الشقة محتضنًا مالك.
«إياد..
مالك!»
وإن كانت همستها الأولى مصدومة، فالثانية كانت مرعوبة!
وهي ترى إياد يحمل مالك..
ولو النظرات تقتل لكانت نظراته قتلتها في مكانه!
«مفاجأة غير سعيدة»
هتف إياد ساخرًا..
فحاول زوج شقيقته تدارك الموقف:«كنا على وشك الاتصال بك»
ثم نظر إلى الصغير، وهمّ بالحديث معه:«مالك..»
ليقاطعه إياد بحدة:«إياك والحديث معه»
صوته العالي، نبرته الغاضبة، جعلا مالك يرمقه بفضول..
فأنزله من أحضانه، وهمس بعدة كلمات في أذنيه، ليضحك الصغير بسعادة، ويركض نحو الغرفة مهللًا.
«متى كنتما تنويان إخباري باختفاءه؟»
نظرت منال إلى زوجها بشحوب، فبرر الأخير بتوتر:«كنا سنتصل بك أكيد»
أصدر إياد صوتًا ممتعضًا جعل الرجل يصمت بقلة حيلة..
نظراته العاتبة تتجه إلى زوجته، لقد حذرها من ضرورة إخبار شقيقها باختفاء ولده، لكن رأسها الصلب منعها من الاستماع إليه..
وها هي النتيجة!
ليته لم يستمع إليها، ليته تصرف من نفسه حفاظًا على ماء وجهه أمام إياد!
«لم نشأ أن نقلقك»
هتفت منال بثبات زائف، جعل زوجها يغمض عينيه بأسى..
إنها كما يُقال في الأمثال الشهيرة (جت تكحلها عميتها!)
«شاكر لاهتملمك والله..
فعلًا لا داعي للقلق فعلًا..
ماذا كان سيحدث مثلًا إن كان اختُطِف أو مات؟!
مجرد طفل غير مرغوب فيه وتخلصّنا منه!»
تحرك إصبعها أمام عينيه مرتعشًا تشير له بتحذير:«لا تتحدث معي بهذه الطريقة إياد، تعرف أن نيتي ليست بهذا السوء..
ولولا ثقتي من أن الصغير بخير لما كنت ترددت في إخبارك»
«من أين لكِ بهذه الثقة؟»
صرخ في وحهها وهو غير قادر على لجم غضبه أكثر..
لتقول مدافعة عن نفسها:«لأنني اعرف ابنك جيدًا، ربما أكثر مما تعرف أنت!
ولدك لم يُخطَف، ولدك ذهب لمكان ما بكامل إرادته»
«حتى لو..
حتى لو فعل..
إنه طفل..
كيف يتملكّك كل هذا البرود اتجاهه؟
أكنتِ واثقة إلى هذا الحد أنه قادر على الذهاب والعودة بمفرده؟
ماذا إن فعلت مع أحد أولادكِ المثل؟
ماذا لو تركناه ليذهب إلى أينما يشاء لأننا واثقين من عودته؟
ستكوني بهذا البرود؟»
«اهدأ يا إياد»
حاول الرجل السيطرة على غضبه، فدفعه إياد بعنف، يصرخ عليه:«لا تقترب منّي»
فُتِح باب الغرفة، ليقف الأطفال يراقبون انفعال خالهم على والدتهم!
ومالك بينهم سعيدًا!
فمنذ فترة لم يشعر باهتمام والده به!
«بالطبع لا..
لكن مالك ليس مهمًا..
إنه غلطة..!
ليختفي.. ليمُت..
المهم أن نتخلصّ منه!
انكمشت منال على نفسها عند قربه منه تتوقع صفعته لها!
لكنه لم يفعل..
بل التقط الكوب من على الطاولة ليدفعه في الحائط ليسقط متهشمًا، ثم يعمّ السكون!
إياد يتنفسّ بقوة..
يريد الموت..
لا رغبة له الآن سوى الاختفاء من هذه الدنيا!
ليته يفعلها..
ليته ينتحر ويرتاح..
لكن دينه يمنعه، ووجود ابنه الذي لا يمتلك غيره يكبّله!
أما منال..
فكانت تشعر بالسوء مما آل إليه الوضع..
والآن تحديدًا، بعد زوال الصدمة تفكر كم أخطأت!
كان عليها الاستماع إلى زوجها والحديث مع إياد فور اختفاء مالك..
ها هي بسوء تصرفها خسرت شقيقها!
«أنا آسفة»
همست بصدق لم يؤثر في إياد..
حاولت الاقتراب منه فانتفض جسده بنفور..
«يكفي إلى هذا الحد»
هتف، ثم تعالى صوته ينادي مالك، ليركض الصغير نحوه، يجر خلفه حقيبة صغيرة بها كامل أغراضه..
أخذ حقيبته، وقال لشقيقته وزوجها:«شكرًا على استضافتكما له الفترة السابقة، اعرف أنه سبب الكثير من الإزعاج لكما، وهذا لن يتكرر»
«إلى أين ستذهب به؟»
سألته منال بلهفة، فتجاهل الرد عليها!
تستحق كل ما يفعله وسيفعله فيها..
إن لم تكُن لطفله أمًا حُرِم منها بسببه، فلا يريدها في حياته!
«لا أريد رؤية وجهكِ حتى انسى ما فعلتِ، هذا إن نسيتِ!»
هتف ثم أخذ صغيره وغادر، لتنهار منال باكية بندم.

**********

بعد ساعة
في غرفته، على سريره، استلقى مالك وابتسامته لا تفارق وجهه..
وإياد يسأله للمرة الثالثة:«أحضر لك شيئًا تأكله قبل أن تنام»
هز رأسه بنفي، وقال مؤكدًا:«أكلت كثيرًا في بيت الخالة لمار، لا مكان في معدتي للمزيد»
الخالة لمار!
زمّ شفتيه يمنع تعبيرًا مستاءً من مغادرتها..
ابنه بات قريبًا من لمار بصوة مرعبة!
قريبًا حد الخطر!
ويا ويلهما معًا مما سيلاقياه على يديها!
«سنذهب لها غدًا؟»
سأله مالك بلهفة، لتزداد (ولولته) داخليًا، وابتسامة بلاستيكية تزين شفتيه بينما يجيبه:« لو كان لدي وقت سآخذك رؤيتها»
لم تعجب إجابته الصغير، فأخذ يجادله:«اذهب أنا إليها، وأنت انهي أعمالك»
«سنرى»
وقبل أن يعترض مالك ويجادل أكثر، قال إياد منهيًا النقاش:«هيا إلى النوم»
تأفف وانقلب جانبًا يعطي والده ظهره..
فقال إياد بلوم زائف ليسحب الصغير في النقاش بعيدًا عن لمار:«مَن غاضب من الآخر الآن؟»
هتف مالك بفطنة:«لقد تناقشنا في موضوع ذهابي للخالة لمار بمفردي واعترفت بخطأي»
الخالة لمار مجددًا!
كتم تأففًا كاد يغادر شفتيه..
ورغم عنه زيّنت الابتسامة شفتيه..
فاستلقى جوار مالك، وبينما يدغدغه قال:«بت وقحًا يا ولد»
تعالت ضحكات مالك وهو يحاول الهرب من لمسات أبيه، يتوسله ليتركه:«لا أبي يكفي»
استمر إياد في مداعبته له حتى شعر مالك بانقطاع أنفاسه..
فتركه إياد أخيرًا، وهو يقول:«لتتعلم كيف تتحدث مع والدك فيما بعد»
ابتعد الصغير إلى آخر السرير لاهثًا، ثم قال بعناد:«غدًا نذهب للخالة لمار»
ليأخذ الله..!
صمت غير قادر على الدعاء عليها!
وذلك الخاطر زاد من رعبه وشعوره بالخطر!
سيبعد ابنه عنها، بأي طريقه سيبعده، لا مجال للوقوع في هذا الفخ مجددًا!

**********

بونبوناية ملبساية
يا سنيوريتا يا بسكويتة
قوامها سمباتيك خدودها طعمة كيك
من اين لكي هذا ليه تقلانة ولماذا
ولا اكمنك فريش وش القفص وطازة
وحياة ابوكي رقي نفسي تحليلي بوقي
يمكن ربك يسهل بقى وتقلب جوازة

على صوت محمود الليثي خرجت إيمان من الحمام، لترى عمار مستلقي على السرير مسترخيًا، وصوت الموسيقى يكاد يصمّ الآذان..
«اخفض الصوت قليلًا، والداك نائمان»
أشار عمار بيده بعدم اهتمام، وقال:«لا تقلقي، هما معتادان على جنوني»
لوت شفتيها بعدم رضى، بينما عمار يغني مع الليثي مرقصًا كتفيه وهو لازال في مكانه..

وسط استك مش بلاستك
عودها ولعة وناري والعة
قوامها فلتة مفيهش غلطة
آه لو تديني قطة مش مستحمل يا قطة
انتي جمالك معدي وحلاوتك زايدة حتة
انا شوفتك قلبي هيس بعد اما كان كويس
وانا بقى هديكي صوتي لو كان للحب ريس

«ذوقك في اختيار الأغاني، لا اعرف كيف أخبرك!»
أومأ عمار متفهمًا، وقال بجدية مصيبًا قلبها:«اعلم، لذلك أرى قرار انفصالنا صائبًا، أنا وأنتِ غير مناسبين لبعضنا»
كلماته استفزت مشاعرها، فسألته بحدة أرضته:«حقًا، اكتشفت ذلك الآن؟»
أومأ بتأكيد، وكبح ابتسامته وهو يلاحظ تورد وجهها واشتعال عيناها.
قبضت إيمان على كفيها تكبح الكثير من الانفعالات الغير مفهومة!
وأمام نظراته المستمتعة بدأت تمشّط شعرها بعصبية، تتمتم لنفسها بغضب:«يرانا غير مناسبين لبعضنا بسبب أغانيه الكئيبة والهابطة»
وكلمات الأغنية تزيد من استفزازها..

اه مشمشاية حتة لوزاية
عليها رمش عين يجيب رجل التخين
بت قادرة عملة نادرة
ايه دا الجمال دا ايه دا مبقتش يا بت بهدى
عليكي هزة تعمل اكبر نسبة مشاهدة
وسطك محتاج خرايط وانا قلبي بجد شايط
دي كلمة لاء منك تتباع ياختي ف شرايط
بونبوناية ملبساية
يا سنيوريتا يا بسكويتة
بت قادرة عملة نادرة

«الله عليك يا ليثي الله»
تعالى صوت عمار مستمتعًا، فألقت إيمان الفرشاة من يدها، ووقفت أمامه عند السرير متخصّرة.
«بعد أن أتزوج إن شاء الله، ساجعل زوجتي ترقص على هذه الأغنية»
رمشت بعينيها غير مستوعبة كلماته الأخيرة، لتسأله بعد دقيقة:«ماذا، ماذا تقصد؟»
أمال رأسه، وابتسامة شقية تزين شفتيه:«ساجعل زوجتي ترقص على هذه الأغنية، ما الذي لا تفهميه؟»
بلا وعي أشارت إلى نفسها، تسأله بصدمة:«أنا؟»
أومأ برأسه نافيًا مصدرًا صوتًا من بين شفتيه.
«أكيد لا، أنتِ صديقتي، أنا أتحدث عن زوجتي المستقبلية»

بونبوناية ملبساية
يا سنيوريتا يا بسكويتة
قوامها سمباتيك خدودها طعمة كيك

«أيمكنك إغلاق الأغنية؟
أريد أن أنام»
ضرب كفيه ببعضهما بانتصار بينما يراها تتحرك نحو الأريكة، تضرب الأرض بقدميها دليلًا على غضبها.
«إلى أين؟»
«سأنام»
هتفت دون النظر إليه، ليقفز من على السرير قائلًا:«تعالى هنا، سأنام أنا على الأريكة»
لم تناقشه..
اتخذت مكانها على السرير، بينما عمار يستلقي على الأريكة، يهمس بصوت قصد أن يصل إليها:«وسألف ساقيّ حول ساقيها بدلًا من دلدلتهما من على الأريكة هكذا..
أو ربما..»
قاطعه صوت إيمان غير متحملة المزيد من كلماته:«أريد أن أنام»
«ماذا فعلت أنا؟»
سألها ببراءة مصطنعة، فجاءه الرد بانقلاب جسدها على السرير ببعض العنف..
فابتسم مكتفيًا بما لاقته هذه الليلة، وغفى يحلم بواحدة تكون فيها بين أحضانه..
أما هي؛ فعضّت على أصابعها تكتم شعور بالبكاء يهاجمهما..
تسأل نفسها سؤال واحد لا يتغير..
ماذا يحدث معها؟

**********

صباح اليوم التالي
استيقظت بمزاج سوداوي، وتلك الرغبة الملحة بالبكاء لاتزال تهاجمها، خاصة وهي تراه قد غادر الغرفة قبل استيقاظها، وهو الذي لم يفعلها منذ زواجهما!
ضربت كلماته أمس عقلها، فانعقد حاجباها بأسى..
أين الحب الذي كان يتغنى به؟
كيف وافق بهذه السهولة على انفصالهما؟
صوت بداخلها سخر منها:«أوافق بسهولة؛ أم أنتِ من ظللتِ تلحي وتلحي حتى فعل؟»
هاجمه صوت آخر بسخط:«لو يحبها كم يزعم كان سيتحمل كل ما يصدر منها»
وضعت يدها على رأسها تشعر بالصداع..
الصراع يشتد بداخلها وهي كالطفلة لا تفهم!
شيء وحيد تعرفه..
أن تصريحاته ليلة أمس أصابت قلبها..
حزن.. غضب و.. غيرة!
وعند وصولها لهذه النقطة هزت رأسها بعنف تطرد هذه الأفكار عنها..
معتقدة أنها تملك نفس السيطرة على مشاعرها!
ثم خرجت من الغرفة إليهم، على وجهها ابتسامة مصطنعة تخفي دواخلها!
«يا حلاوتكِ وحلاوة فطوركِ يا نبوية»
هتف عمر بمرح بينما يلتقط شريحة من الباذنجان المقلي ويضعها في فمه، تابعها بقرص طعمية.
فقال والده متذمرًا:«قضيت على الطعام ولم نجلس على المائدة بعد»
راقبته إيمان وهو يرقصّ حاجبيه لوالده، يستفزه بكلماته:«البيض المسلوق والجبن من أجل زوجكِ يا نبوية»
زمّ الأخير شفتيه وعمار يزيد من استفزازه بالتقاط واحد آخر من الطعمية..
أشار والده إلى إيمان عندما انتبه إليها، فاقتريت منه تحيّيه:«صباح الخير»
دنت منه مستجيبة لإشارته، فهمس في أذنها مخططًا:«نريد طريقة للانتقام بها من هذا الوغد، أريد رؤيته يبكي كالأطفال»
لم تستطِع كبت أمنيتها وهي تراه على هذه الدرجة من الاستمتاع.
«يا ليت»
«نحن متفقين إذًا»
همس لها بتواطؤ..
وعمار يقترب منهما، يرمقهما بنصف عين، وسؤاله الفضولي يغادر شفتيه:«فيما تتهامسان؟»
انتصبت إيمان في وقفتها، ووالد عمار يقول بابتسامة ماكرة:«أسرار بيني وبينها؛ لا دخل لك»
زمّ شفتيه معترضًا، وصوت نبوية يصلهما:«يكفي مشاغبة كالأطفال وهيا الفطور جاهز»
انفجر عمار ضاحكًا، أسرع إلى المائدة وهو يقول:«والله منذ ولادتي وأنا أقول أنه رجل مشاغب، لا يستحق حنانكِ يا نبيتتي»
وأمام تذمّر والده مال يقبّل كفها، فريتّت على رأسه، تقول وعيناها مثبتة على إيمان:«مزاجك رائق اليوم»
لوت إيمان شفتيها وتلك الملاحظة تثير المزيد من غضبها وعدم رضاها!
«جدًا جدًا يا نبيتتي، بركة دعائكِ لي»
«ألا يستفزكِ لفظ الدلال هذا؟»
سألها زوجها بشفاه مقلوبة، فقالت نبوية بحنو:«كل شيء منه حلو»
لم تتحمل إيمان أكثر، فاستأذنت واتجهت إلى غرفتها، لتتابعها نظرات والدة عمار بحيرة، فيلتقط عمار قلقها، يميل عليها يهمس لها بخبث:«حديثكِ عن سعادتي يسبب لها الإحراج يا نبيتتي»
وتعمد اختيار لفظ دلالها للتأكيد على السعادة التي يحياها!
لتنفرج ملامح نبوية، مناقضة تورد وجنتيها بخجل.
«أنت وقج يا ولد»
«هذا الشبل من ذاك الأسد»
هتف مشيرًا إلى والده الذي يرمقهما بفضول يحاول الاستماع لهمساتهما..
ثم اتجه إلى غرفته، ودعوات والدته تلاحقه!

**********

أغلق باب الغرفة مراقبًا ملامح إيمان المصدومة بينما تتحدث في هاتفها.
«كل هذا حدث ولم يخبرني أحد؟!»
توترت ملامحه يشعر أن الأمر متعلق بتيم وتقوى..
فجلس ملتصقًا بها.. يحاول الاستماع إلى المكالمة..
رمقته إيمان بنصف عين، وتحركت قليلًا لتبتعد عنه، بينما تولي اهتمامها إلى درة.
«سآتي معكما أكيد، نتقابل هناك بعد المغرب إن شاء الله»
ابتسم عمار بشماتة، وصوت درة يصله بوضوح:«أمي تخبركِ أن تستأذني من عمار أولًا»
انقلبت ملامحها.. ترمقه بشزر، بينما تجيب درة:«لا تخافي هو لن يمانع»
«أنا أمانع»
همس بمشاكسة لتجز إيمان على شفتيها، تنهي الاتصال مع شقيقتها؛ لتلتفت إليه، تسأله بحدة:«ماذا تريد؟»
كم تبدو جميلة وهي غاضبة ومتحفزة هكذا!
وكم سيستمتع بكل لحظة قادمة يرسخ فيها قدماه في حياتها، وحبه في قلبها، ولمساته على جسدها!
ارتسمت التسلية على ملامحه، بينما يجيب سؤالها بآخر:«تبدين منزعجة؟»
نهضت من جواره، تقول بنفس النبرة:«لست منزعجة»
كتم ضحكته بينما يقف خلفها، يلمس كتفيها هامسًا بحنو:«اهدأي»
انتفضت من لمسته، وابتعدت تقول بنبرة مرتفعة:«لست منفعلة لأهدأ»
رفع يديه باستسلام، وهي تتابع بتحذير:«ولا تحاول لمسي مجددًا، لا تنسى اتفاقنا»
أومأ بطاعة لم تصدقها، وقال بجدية منتقلًا للمرحلة الثانية معها:«صحيح بخصوص اتفاقنا، يجب وضع بعض البنود»
«ماذا تقصد؟»
انعقد حاجباها بانتباه، فأشار إليها لتجلس، وهو يقول بعدم رضى:«أي اتفاق تكون فيه المصلحة متبادلة، إلا اتفاقنا؛ لا رابح فيه غيركِ»
ها هو ذا..
ها هو ذا..
تحفزت منتظرة منه إلقاء المزيد..
متوقعة ما سيقول..
أنوثتها المكتومة من أمس تُزهِر بنشوى.
«والمطلوب؟»
لمح انفراج شفتيها، بريق عينيها، فحيّا نفسه على انتصاره!
حتى لو كانت لا تتقبّل لمساته لكنه يثيرها!
إعراضه عن مغازلتها من أمس وحديثه عن أخرى أثرا فيها!
«وضع بعض البنود لأستفيد أنا الآخر»
قال ببطء، غير متعجل على تفجير قنبلته في وجهها.
«مثل؟»
سألته بفضول.
لتأتي تأثير كلماته عليها كما توقع، كما مطلوب!
«لن اطلب منكِ ما يفوق قدراتكِ، يكفي أن تمنحيني ببعض الاهتمام، وقبل أن تظلميني وتتهميني بالوقاحة لا اقصد ذلك الاهتمام، بل الآخر الإنساني..
من جهة استفيد، ومن جهة لا تثيري قلق والداي على وضعنا»
البريق اختفى، وعيناها اتسعت بشدة حتى كادت نظراتها تبتلعه!
لتبدأ الجولة!
عمار واحد..
إيمان صفر..
وكم سيستمتع بتسجيل أهدافه في شباك فؤادها!
«أظن هذا طلب صغير أمام حريتكِ»
أومأت تهمس بلا معنى:«أكيد بالطبع»
فتمنى لو يضمها إلى أحضانه، يخفّف عنها ويعدها، لكنها تجبره على سلك الطريق الصعب!
«اتفقنا إذًا، سأستعد لصلاة الجمعة»
تحرك من أمامها وهي في مكانها مذهولة..
لسان حالها يهتف:«ماذا يحدث معها؟»

**********

«لم تستمع إلى نصيحتي!»
استمع إلى كلمات الطبيبة المتذمرة، فدافع عن نفسه:«لا أقدر على البُعد عنها، ولا هي تستطيع»
تأوهت الطبيبة بقلة حيلة محاولة تحليل تأثير فعلته عليه وعليها..
وسألته بهدوء:«تحب أن تحكي؟»
استند تيم برأسه إلى ظهر الأريكة، يهمس بخجل:«قبّلتها»
وصله صوتها المستنكر، انفعالها:«لا تمزح معي!»
لم تعطِه فرصة للتبرير، وتابعت بعدم رضى:«فيما كنت تفكر؟
عدت إليها على الرغم من تحذيري لك وتأثيرك الذي ربما يكون سلبيًا عليها، وقبّلتها وأنت تعرف خطورة ذلك على وضعها، ونفورها من أي تلامس»
حلّ الصمت بعد كلماتها للحظات، فهتفت بغيظ:«لِمَ لا تتحدث؟»
هتف بضيق:«أنتِ لا تعطيني فرصة»
«تفضل، تحدث»
قالت بنفاذ صبر، ليقول بحنق:«لعلمكِ أنا الآن مريض لديكِ، أي يجب معاملتي بصبر وتحمّل أي فعل يصدر منّي تمامًا كأي مريض آخر»
واعترافه بعلته أرضاها، فهمست تسأله:«كيف تقبلت لمستك؟»
«بادلتني»
همس وعقله يأخذه إلى تلك اللحظة..
فيحلّ الصمت مجددًا؛ هي مصدومة، وهو يستمتع بحلاوة الذكرى!
«بادلتك قبلتك؟»
سألته بعدم تصديق، كأنها لا تتوقع تطورًا كذلك في حالة تقوى!
«نعم، واعترفت لي بالحب أيضًا»
ضحك عندما لم يصله ردًا.
«أيتها الطبيبة، أنتِ معي؟»
«نعم نعم معك، في الحقيقة أنا مصدومة قليلًا، صحيح تقوى أخذت وقت كثير لتتعافى من الحادثة التي تعرضت لها، لكنها لم تكُن تتخذ أي رد فعل..
ومع وفاة والدها توقعت أن تتأخر استجابتها أكثر، لم أتوقع أن يكون تأثيرك عليها كبير إلى هذا الحد»
«ليته كذلك»
«عفوًا؟»
وضح تيم بارتباك:«وأنا معها شعرت أن..»
انتبه إلى حركة خلفه، فهمس:«تقوى استيقظت، سأتحدث معكِ فيما بعد»
أغلق معها في نفس الوقت الذي وصلت فيه تقوى إليه، تقول بلهفة:«أنت هنا»
لاحظ الذعر المرتسم على ملامحها، فأشار إليها لتقترب، بينما يمنحها الثقة بكلماته:«دومًا هنا»
فتح لها ذراعيه، لتدخل في أحضانه، وكلاهما يهمس في نفس اللحظة:«أنا وأنت.. أنتِ معًا إلى الأبد»
قبّل جبينها، ثم سألها بحنو:«نمتِ جيدًا»
أومأت وابتسامة واسعة تحتل شفتيها، تصرح بهمس:«جدًا..جدًا، أبي زارني»
أغمضت عينيها وأخذت تسرد عليه تفاصيل حلمها، وهو يتطلّع فيها مبتسمًا..
ثم أنهت كلماتها بهمس حزين:«لا تدرك كم اشتقت إليه، كم أتمنى لو يعود لدقيقة واحدة، دقيقة فقط اسكن خلالها في أحضانه»
مسح دمعة تسللت من عينيها، وقال برفق:«يمكننا زيارته، اعتقد أنها ستفرق معكِ»
أومأت بحماس، والمزيد من الدموع تنسال من عينيه.
«نعم، يا ليت»
استمر في مسح دموعها، وقال مؤكدًا:«نذهب لزيارته غدًا إن شاء الله»
ارتجف قلبها بتأثر، فأراحت رأسها على صدره مُغمضة عينيها..
ظل يمسح على شعرها مُستمتعًا بمذاق قربها الذي كان له يومًا مستحيلًا!
لكنه ها هو يتعلم أن لا شيءمستحيل..
ما تظنه معجزة سهل حدوثه لو أحسنت الظن!
أخذ نفسًا طويلًا يملأ صدره برائحتها، وهي تلف ذراعيها حول خصره..
تندمج معه باختيارها!
لا تصدق حتى الآن أنها فعلتها!
أنها تقبّلت لمسته، رحبّت بقبلته، انصهرت معه، ولولا خوفها لكانت الآن زوجته رسميًا!
ظلل الأسى ملامحها وجسدها يرتجف بين ذراعيه، فأبعدها عنه قليلًا، يسألها بقلق:«أنتِ بخير؟»
أطرقت برأسها تحجب عنه عينيها، وهمست كاذبة:«تذكّرت الأيام الأخيرة لي مع أبي، لا اعتقد أنه كان راضيًا فيها عنّي»
لم تكُن تكذب تمامًا، فحقًا هذا الموضوع يؤرقها كثيرًا!
ربما والدها ليس غاضبًا عليها، لكنه غاضب منها..
هل يخفف عنها هذا قليلًا؟
أبدًا..!
هي بالفعل تتمنى لو يعود للحظة، لا لتسكن في أحضانه فحسب، بل لتهمس له بكلمة أبي!
تلك الكلمة التي حرمّتها عليه في آخر أيامه أحيانًا كثيرًا!
ظنت أنها لا تستحقها وهي التي ضيّعت شرفه، أخفضت رأسه بين الناس، جعلت الكل يتحدث عنهم!
تود لو تهمس بها كثيرًا كثيرًا..
تعلم أن ذلك سيفرحه، سيرضيه..
أكانت قاسية عندما حرمته منها؟
الغريب أنها لا تعرف!
لكنها تشعر أنها بحاجة للهمس بها!
أحلامها به المتكررة تشجعها على ذلك!
«لِمَ تظنين ذلك؟»
مع كلماته.. رفع ذقنها لتتواجه نظراتهما، شفتاها ترتجفان، ترفع أكتافها بضياع، ونبرتها تكتسي بالحسرة:«لأنني خذلته..
مع أنني لا اعرف أيهما كان أشد خذلانًا له، ضياعي لشرفي أم إعراضي عنه»
«أما الأول فلا ذنب لكِ فيه، صحيح أنني لا اعرف والدكِ رحمه الله، لكن حديثكم عنه يجعلني متيقن أنه كان له نفس وجهة النظر»
أومأت مؤكدة على كلماته، وذكرياتها تأخذها لدفاع والدها المستميت عنها، وقوفه جوارها ودعمه لها على الرغم من كل تجاوزات واستفزازات علي!
«حبيبي كان يؤكد لي دومًا أنني وردته الغالية، وأن مكانتي كما هي لا ولن تتغير»
انغمست في المزيد من الذكريات، وهو يهمس لها:«أرأيتِ؟»
ينحي عنه سخطه ورغبته في الانتقام-حاليًا- ويتابع التخفيف عنها:«أما الثانية فلا اعلم حالتكِ وقتها لأحكم، لكنه قالها لكِ، أنتِ وردته الغالية»
برقت عيناها بنظرة خاصة وضحت أنه نجح في مسعاه.
«يليق بكِ تشبيهكِ بالوردة»
صدرت منها ضحكة خافتة، وأخذت تثرثر بانطلاق كما لم تفعل منذ سنوات!
«أبي كان يخبرنا دائمًا أننا ورداته..
أنا وإيمان ودرة..
كنت أوقاتًا اسمع أمي تتمنى لو يرزقها الله بصبي، فيعترض أبي ويخبرها أنها لو حملت فلا يرغب إلا في وردة جميلة مثلنا»
ترحمّ تيم على روحه، وتقوى مستمرة في ثرثرتها:«كان يحبنا كثيرًا، يدللنا ولا يرفض لنا طلبًا، وهذا كان يثير حنق أمي»
صدرت ضحكة أخرى منها، ثم أخبرته:«تخيّل كانت تغار منّا»
رفع تيم حاجبيه بقليل من عدم التصديق.. لرؤيته نفس الأفعال بين أمه ولينا-أخته-
فتابعت تقوى بحماس:«عندما كانت تشتد غيرتها كان يحتضنها ويهمس في أذنها بعدة كلمات تجعلها تبتسم برضى، وفي نهاية اليوم كان يحضر لها باقة من الورد»
«ليتني تعرفّت عليه»
همس تيم بحسرة، وتقوى تهمس بشوق:«اشتقت إليه، لحديثه ودلاله وابتسامته وكل تصرفاته..
لا يصبرني على فراقه سوى زيارته لي في منامي»
مسح تيم على طول ذراعها، وهو يهمس:«يومًا ما سنجتمع معه حيث اللافراق»
تنهدت تقوى، ثم سألته ترغب تأكيدًا:«سنزوره غدًا؟»
«أكيد»
قالها ثم نهض ليستعد لصلاة الجمعة.
«صحيح أبي دعانا لتناول الغذاء معهم»
انقلبت ملامحها متذكّرة معاملة والدته لها أمس، غير راغبة في المواجهة معها.
لاحظ تغيّرها، فسألها بحذر:«هل حدث شيء لا اعرفه؟»
نفت برأسها بتردد، فعاد يجلس جوارها، عيناه في عينيها، وهو يقول لها:«لا تخفي عليّ»
جاهدت لرسم ابتسامة طبيعية على وجهها.. ليصدقها..
ونجحت.. أو اعتقدت ذلك!
«أخواتي قادمون لذلك توترت»
تظاهر بتصديقها عازمًا على معرفة الحقيقة بنفسه..
وقال بمرح:«الشقة فيوجه الشقة، إن لم نستقبلهنّ هنا استقبلهنّ هناك»
وعزمت هي الأخرى!
فوافقت!
ومع ذهابه إلى صلاة الجمعة كانت هي تجري مكالمة هامة!
اتصال من الممكن أن يغيّر حياتهما!

**********

«ماذا تعنين بعدم قدرتكِ على المجيء؟»
سألها بصدمة، نبرته لا تخلو من الغضب!
أغلقت الباب عليها، واتجهت إلى أبعد زاوية في الغرفة، كأنها مجرم يخشى أن يُكشَف!
«سيأتوا ضيوف على الغذاء، لن استطيع مغادرة المنزل»
«ليست مشكلتي»
هتف بفظاظة والإحباط يراوده..
لقد كان متحمسًا لإنهاء الأمر، للحصول عليه ونيلها!
شعوره بقرب امتلاكه يجعله غير قادر على التأجيل!
«معاذ اسمعـ..»
حاولت ترضيته.. استعطافه، فقاطعها لا يعطيها فرصة للتبرير، مصر على إتمام علاقتهما اليوم!
«ماذا عن الليل؟
أخبرتكِ برغبتي في قضاء الليلة سويًا»
عضّت على شفتيها تشعر بالارتباك، كيف تتملصّ منه؟
«تعرف أن ذلك مستحيلًا»
أبعدت الهاتف عن أذنها وصراخه الحانق يصلها..
متوترة ولا تعرف ماذا تفعل معه، كيف ترضيه ومطالبه فوق قدراتها؟
«أرجوك لا..»
«سننهي الزواج»
«ماذا؟»
سألته بنبرة خافتة تفضح ذهولها..
غير واعية للأسلوب الذي ينتهجه معها..
لطرقه الملتوية التي يتخذها ليحصل عليها!
«مازلتِ كما أنتِ، لن يؤثر طلاقنا عليكِ»
كيف لن يؤثر؟
كيف تفترق عنه؟
هو حب حياتها، الرجل الذي تتمنى إنهاء عمرها برفقته..
«أنت لا تحبني!»
صدر منه صوتًا مستنكرًا، قبل أن يقول لها:«أنا لا أحبكِ أنا!
لو سنتحدث ستعلمي جيدًا مَن منّا لا يحب الآخر..
لكنني لن افعل، ليس شفقة بكِ، لكن لأنني سأمت، ما عاد لدي المزيد من الصبر عليكِ..
الحب مشاركة.. مبادلة.. أخذ وعطاء..
وأنتِ منذ بداية علاقتنا تأخذي فقط، لم تفكري مرة في منحي أي شيء، بسيطًا كان أم كبيرًا، حتى جسدكِ تحجبينه عنّي»
تباينت مشاعرها ما بين الصدمة والخزي والوجع!
أنانية هي في حبها، فتستغله كما تشاء!
تستنزف مشاعره دون أن ترويها!
لا أعطته الحب بالكلمات ولا بالأفعال!
أحقًا هو لا يحبها، أم العيب فيها هي؟!
«أنا أحبك، والله أحبك كثيرًا، ربما عاجزة عن إظهار مشاعري، لكن الله يعلم ما في قلبي»
جاءها الصمت فكررت اسمه مرارًا لتكتشف انقطاع الاتصال!
هاتفته مجددً؛ استمر الرنين حتى انقطع ولم تحصل على إجابة..
مرة ثانية ومرة ثالثة وأيضًا لا رد، فانهارت!
لا لن تستسلم، ستثبت له حبها، ستفعل ما يرضيه..
بأصابع مرتجفة أرسلت له ألا يغضب منها، أنها ستأتيه مساء، وحتى لو لم تستطِع قضاء الليلة فستقضي وقتًا كافيًا ليمارسا فيه الحب!
بكل جرأة أرسلتها مدركة أن كلماتها ستخمد غضبه وتجعله يُبعِد فكرة الفراق عن عقله!
وليثبت لها أنها على حق، رد عليها فورًا بعدم غضبه.. لو أوفت بوعدها وجاءت!
أن لا تغضب هي منه، فعصبيته عليها بسبب شدة حبه لها، أنه ما عاد بقادر على كبت مشاعره نحوه!
يريدها أن تتذوق الحب على يديه!
صرح لها بالكثير مما سيفعله معها، ووعدها بالكثير، فتورد وجهها خجلًا..
ركضت إلى الحمام لتغسل وجهها بالماء البارد، تمحو دموعها وحرارته في نفس الوقت!
ثم خرجت لتجد رنيم أمامها، فاستجدتها بلهفة:«رنيم احتاج مساعدتكِ حالًا»
«خير»
قالت رنيم بدون نفس لتلاحظ تعكرمزاجها، فتسألها بقلق:«ماذا بكِ؟»
أشارت رنيم بكفها بلا معنى وألقت نفسها على السرير، تخفي وجهها في الوسادة.
«لا تشغلي بالكِ بي، ماذا تريدين؟»
جلست ترنيم جوارها، تحاول إبعاد الوسادة عنها، بينما تقول باستنكار:«كيف لا اشغل بالي بكِ، قومي وأخبريني بما فيكِ!»
استطاعت بصعوبة إزاحة الوسادة عن وجهها، لتجد الدموع تغرق وجه توأمتها!
«ماذا حدث؟»
سألتها بصدمة، لتهز رنيم رأسها بلا معنى، تجيبها كاذبة:«إنها تلك الأيام الكئيبة، لا تقلقي»
صدقتها بسهولة، ففي كل شهر تدخل رنيم في حالة من الاكتئاب لا تغادرها بسهولة.
«جاءتكِ مبكرًا هذا الشهر»
«لم تأتي بعد، أعراضها»
استمرت رنيم في كذبها، وترنيم على سذاجتها، لا تدرك ما يدور داخل توأمتها!
«خسارة، كنت احتاج إلى عبقريتكِ اليوم»
رمقتها رنيم بتساؤل، لتوضح:«أود الخروج مع معاذ»
«أجليها للغد»
هتفت رنيم بلا مبالاة جعلت ترنيم تزمّ شفتيها بأسى..
وأخذت تحاول معها:«يمكنني الخروج من الباب الخلفي بمفردي، لا أريد منكِ سوى التغطية..»
«لست في مزاج يسمح لأي مراواغات»
هتفت رنيم بكآبة قاطعة على ترنيم محاولاتها..
فتأففت الأخيرة واتجهت إلى سريرها..
استدارت رنيم على جانبها تعطيها ظهرها، وهي تفكر في أي طريقة للخروج، فعدم ذهابها الليلة سيؤثر على علاقتها بمعاذ!
قررت منح توأمتها بعض الوقت لربما يتحسن مزاجها، وبعد رحيل الضيوف تتحدث معها ثانية.

يتبع


Aya-Tarek غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 08-05-23, 09:04 PM   #216

Aya-Tarek

كاتبة بقسم قصص من وحي الأعضاء


? العضوٌ??? » 420321
?  التسِجيلٌ » Mar 2018
? مشَارَ?اتْي » 516
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » Aya-Tarek has a reputation beyond reputeAya-Tarek has a reputation beyond reputeAya-Tarek has a reputation beyond reputeAya-Tarek has a reputation beyond reputeAya-Tarek has a reputation beyond reputeAya-Tarek has a reputation beyond reputeAya-Tarek has a reputation beyond reputeAya-Tarek has a reputation beyond reputeAya-Tarek has a reputation beyond reputeAya-Tarek has a reputation beyond reputeAya-Tarek has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   cola
¬» قناتك rotana
افتراضي


قبيل العصر
جلس آسر يراقب التوأم عن كثب..
كل منهما شاردة كأنها تحمل هموم الدنيا فوق أكتافها!
ربما لا يتعجب من حال ترنيم، فهذا المعتاد منها في حضوره..
لكن رنيم!
تحرك ليجلس بجانبها، يلكزها بكتفه، يهمس لها بمشاكسة:«المرحوم كان غاليًا؟»
تنفسّت رنيم بصوت مسموع، وقالت له:«ابتعد عنّي اليوم، لست في مزاج جيد»
رفع حاجبيه متعجبًا، وأخذ يصر عليها لمعرفة ما بها، حتى نهضت وتركته، فذهب خلفها..
كانت ترنيم تراقب قلقه على شقيقتها، جهده للمعرفة، فتتمنى لو يفلح وينجح في تعديل مزاجها..
التقطت هاتفها تبحث عن أي رسالة جديدة من معاذ..
وعندما لم تجد بدأت في إعادة قراءة محادثاتهما الأخيرة، تهرب من شعور بالغيرة يجتاحها!
ليس غيرة من رنيم أكيد..
وأكيد أكيد ليست غيرة على آسر!
لكن غيرة من علاقتهما!
أغمضت عينيها بقوة ترفض الانغماس في هذه الأفكار..
تكرر على نفسها أنها لديها معاذ.. حبيبها!
لكن عيناها خانتها، فارتفعت تنظر إلى آسر بينما يحتضن رنيم من الجانب بذراع، وبذراعه الآخر يشدها من شعرها بمشاكسة!
عقلها تآمر عليها فأخذ يعيد عليها مشاهد عدة لمواقف مماثلة كان فيها آسر خير حبيب لرنيم..
عكسها هي!
علاقة آسر بـ رنيم في النور..
بينما علاقتها هي ومعاذ في الظلام!
رنيم تهتف أمام والديها بعلو صوتها أنها على موعد مع آسر..
بينما هي تختلق الأكاذيب لتقابل معاذ!
رنيم برفقة آسر لا تخشى أحدًا..
وهي مع معاذ تخاف أن يراها أحد!
«فيم تشردين؟»
قاطع آسر شرودها لتغلق الهاتف على الفور وشعور الغيرة يزداد بداخلها..
بحثت عن رنيم بعينيها بينما آسر يجلس جوارها، يسألها بارتياب:«لستِ على طبيعتكِ!
صحيح صمتكِ معتاد، لكنكِ اليوم لا تمنحيني نظرة زاجرة أو كلمة ممتعضة كعادتكِ!»
لوت شفتيها لا تجد ردًا تقوله، ليفاجئها بسؤاله:«أنتِ بخير؟»
سؤاله لمس شيئًا بداخلها، تمامًا كالمرات النادرة التي كان يهتم بها فيها من قبل!
«اشعر ببعض الملل فقط، وأمي لا تجعلنا نلتقط أنفاسنا حتى بسبب اقتراب الامتحانات»
«لو تكفين عن عجرفتكِ وتخرجي معنا يومًا»
هتف يغيظها..
أشارت إلى نفسها مذهولة، تكرر كلمته:«أنا متعجرفة؟!»
أومأ عدة مرات وابتسامته من الأذن إلى الأذن مستمتعًا بتورد وجهها..
فهتفت ترد اعتبارها:«لا والله ليس تعجرفًا، لكن بعض الأشخاص يصعب تحمّل صحبتهم لدقائق من كثرة سماجتهم»
«أنا سمج؟!»
قلدّ نفس نبرتها المذهولة، مع دخول رنيم عليهما.
«كنت اعرف أنكما لن تجلسا لخمس دقائق هادئين»
«هو من بدأ..
هي من بدأت»
هتف الاثنان في نفس الوقت وكل منهما يدافع عن نفسه..
فأشارت لهما رنيم بلا مبالاة.
«الطعام أصبح جاهزًا، هيا بنا»
تحركا معها، وكلاهما ينظر إلى الآخر بحنق..
صفقت رنيم بقلة حيلة، وسبقتهما إلى المائدة.

**********

منزل وحيد
«أنا سعيد بعودتكِ، لقد صُدِمت عندما وجدتكِ تغادرين شقتكِ أمس»
قال لها وحيد بحنو، لتتجمد ملامح تقوي، ولسان حالها يهتف:«صُدِمت لكنك لم تمنعني، كأنك ما صدقت أن اتركه!»
وكأن وحيد يقرأ أفكارها، وضح قائلًا:«لم أتدخل من أجلكِ، ومن أجل تيم، صحيح أنا لا أحبذ ترككِ للمنزل عند كل مشكلة تواجهكما، لكن وضعكِ.. ووضعه، كان يحتاجا أن يدرك كل منكما معنى ابتعاده عن الآخر كي لا يكررها ثانية»
أطرقت برأسها مُحرَجة من سهولة قراءته لها، أو ربما هي التي غفلت فارتفع صوتها بما يجول داخلها!
تنتظر تأكيدًا منه على عدم اعتراضه على زواجها من تيم!
فكرت في كلماته فوجدت أن لديه كل الحق!
صحيح لا تعرف سبب تغيّر تيم المفاجىء، ولا تريد أن تعرف!
لكن ابتعادها جعلها تعلم إلى أي حد وجوده في حياتها مهمًا، إلى أي درجة تخشى فراقه!
هو سبيلها وأملها وأمانها!
ليلة أمس كانت فاصلة في حياتها!
بدّلتها وغيّرتها..
وأول قرار اتخذته هو أنها تريده بشدة، مستعدة لفعل أي شيء كي يبقى جوارها..
وبالتأكيد علاقتها بوالديه ضمن الأشياء الكثيرة التي ستفعلها!
«ركزِت في كلماتي جيدّا، قُلت أنني سمحت هذه المرة فقط، أي مشكلة قادمة بينكما ستجديني احشر أنفي فيها»
قال بعد أن منحها بعض الوقت لاستيعاب كلماته..
وعندما رفعت إليه عينيها، غمزها بمرح:«وسأكون في صفكِ بالتأكيد»
ضحكت مفكرة أنه يبدو أكثر رضا عن زوجته، أكثر تقبلًا لوجودها في حياة تيم، مهمتها معه لن تكون صعبة!
ومع اتجاه أفكارها إلى نشوى، تعالى صوت الأخيرة بنفاذ صبر:«بنت يا لينا، كم مرة ناديتكِ؟»
ترددت قليلًا، لكنها حسمت أمرها، نهضت تستأذن من وحيد:«ساذهب لأرى ما تحتاجه، لينا لن تترك هاتفها اليوم»
تحركت نحو المطبخ، ووحيد يتابعها مبتسمًا..
صحيح أنه كان غير راضي عن زواجها من تيم في البداية، لكن يوم بعد يوم باتت تقوى تثير مشاعره الأبوية بحزنها وضعفها، مع ملاحظته لحُسن أخلاقها وعدم صدور أي تصرف مشين منها..
ربما ظلمها عندما رفض زواج تيم منها، ربما هي فعلًا كما يحكي ولده عنها!
دخلت تقوى المطبخ لتجد حماتها منهمكة في تحضير الطعام..
وقفت عند الباب لا تجد الجرأة للتقدم أكثر..
شعرت نشوى بدخول أحد، فهتفت دون أن تلتفت:«لو لن أُتعِب سيادتكِ ابدأي في غرف الطعام»
أخذت تقوى نفسًا، ونفذت أمرها..
لتلتفت نشوى إليها، تقول بغيظ:«ساعة لتأتي»
قطعت كلماتها عند رؤيتها لتقوى.
«ماذا تفعلين هنا؟»
سألتها بفظاظة صدرت عنها تلقائيًا..
كانت تقوى لتتراجع عن نيتها، تنزوي في مكانها بحزن كعادتها مؤخرًا، لولا سماعها صوت تيم قريبًا منهما، فتذكرت همساته، غناءه لها، لمساته!
تذكرت الساعات الصعبة التي قضتها وهي تظن أنه سيطلقها، فألقت كل ضعفها خلف ظهرها، رسمت ابتسامة على شفتيها، تقول بمرح بدر منها على استحياء:«لو انتظرنا لينا لن نتناول غذاءنا اليوم»
مع انتهاء كلماتها دخل تيم إلى المطبخ، ينظر إليها وإلى والدته بارتياب.
«كنت ابحث عنكِ»
لوت نشوى شفتيها وأعطتهما ظهرها متظاهرة بوضع لمساتها الأخيرة على الطعام، لكنها كانت تختلس النظرات إليهما!
انفرجت ملامحها بقليل من الفرحة وهي ترى تيم يقترب من تقوى، يميل عليها هامسًا بكلمة لم تسمعها، قبل أن يقبّل وجنتها!
هل أصبحت الأمور بينهما بخير؟
تملكّها الحماس، فالتفتت إليهما بابتسامة واسعة جعلت تيم برتاب؛ يخمن ما ستقوله..
دفع تقوى إلى الخارج، وهو يقول لأمه بحرج:«لا تبدأي بالله عليكِ»
وهذه المرة استبشر قلبها خيرًا وهي ترى انفراج ملامحه، وتقوى تعارضه ترفض الخروج..
أطلقت زغرودة عالية جعلت تيم يغمض عينيه يأسًا، يهمس لتقوى بانتصار:«تستحقين كل ما ستلاقي!»
ولينا عند الباب تسأل بلهفة:«ماذا فاتني؟»
رمقت نشوى ابنها وزوجته بمكر، فأسرع تيم بدفع تقوى قبل أن يتم فضحه، وخاطر وحيد يدور في خلده (ماذا لو علمت أمه أن الأمر لم يتم بعد؟)

**********
أغلق باب الغرفة عليهما، لتتطلّع تقوى حولها بشوق..
صحيح لم تقضي هنا الكثير من الأيام، صحيح كانت أغلب الأوقات مغيّبة.. لا تدري بما حولها، لكن لغرفته هذه مكانة خاصة بداخلها، يكفي أنها ضمته طوال سنواته، بينما هي بعيدًا عنه!
«يعجبكِ هذا، سأُفضَح بسببكِ»
رمقته بعدم فهم، حتى الآن تجهل سبب ما حدث في الخارج!
«لِمَ زغردت؟»
براءتها سحرته؟
هل ستكون بين أحضانه هكذا؟
توالت على عقله بعض المشاهد لها مع علي، فنفضّها عنه بضراوة..
لن ينغمس في هذا الوحل، سيحارب بكل قوته!
«أحيانًا كثيرة يكون عدم المعرفة أفضل»
لا يعلم أوجهها لها أم لنفسه؟
لكنه في كل الأحوال قالها!
أحاطها بذراعيه محتاجًا للشعور بها، يهمس جملته الأثيرة:«لا تجفلي»
ثم أضاف عليه جملته الجديدة على مسامعها:«ولن اجفل»
سألته بحيرة:«لِمَ بت تقولها؟»
وضع عينه في عينيها، وهمس بصدق:«لأنه كُتِبَ علينا تشارك جميع المشاعر سويًا، حتى الوجع»
لم تفهم، لكن شعورها بوجعه أذاها.
«ليت الوجع كله يكون فيّ ولا يمسك شيئًا»
قالتها بكل صدق، غير مبالية بما قد يصيبها أكثر!
لو كانت ستتوجع من أجل أن يكون سعيدً، فألف مرحب بهكذا وجع!
لقد ذاقت الألم لسنوات، ألا تتذوقه لأخرى من أجله؟
هو الذي يفعل كل ما بوسعه من أجلها!
وصدقها مسّه، لمعت حدقتاه بقوة مشاعره لها، وهمس بنبرة شديدة التأثير:«بل ليت الله يأخذ روحي ولا يمسّكِ ضرر»
ثم مال برأسه، وحين أصبحت شفتاه مقابلًا لشفتيها..
همس الاثنان في نفس الوقت، كل منهما تائق للمسة حبيبه، لتجربة هذا الشعور الجديد الباعث للروح..
كل منهما يدرك حاجة توأمه إليه..
«لا تجفلي»
«لا تجفل»
شعرت بنعومة لمساته..
وشعر بخجلها في المبادلة..
أحسّت أن قبلته تداوي جروحها..
وأحسّ أن قبلتها تعيد إليه نفسه!
حتى إذا ما انفصلا، همس الاثنان في نفس الوقت:
«أحبك»
«أحبكِ»
لينغمسا في قبلة أخرى، أشد حلاوة لكليهما!

**********

بعد ربع ساعة
بوجه متورد جلست تقوى جوار تيم على مائدة الطعام..
من جهة نظرات نشوى المُربِكة لها..
ومن جهة أخرى كمية المشاعر التي تبادلتها مع تيم منذ لحظات!
لقد قبّلها أمس، لكن لمساته آخر الليل كان لها وقع آخر عليها، أما قبلته منذ دقائق كان له أكثر التأثيرات روعة!
أهو الحب الذي يجعلها كل مرة تجد لقبلته طعم مختلف، أم هي التي ترى كل ما يصدر منه حلوًا؟
صدرت تنهيدة من بين شفتيها جعلت تيم يلتفت إليها مبتسمًا، كأنه يدرك إلى أين تأخذها أفكارها!
تنهيدة انتبهت إليها نشوى، فوضعت أمام تيم المزيد من الطعام، وهي تقول بسعادة:«كُل يا حبيبي»
لم يستطِع وحيد السيطرة على نفسه وأطلق ضحكة عالية جعلت تيم يدفن وجهه في الصحن دون تعليق، ولينا تتذمّر:«لا أحب ألا افهم ما يدور حولي»
تجاهلها الجميع؛ عدا تقوى التي قالت ببراءة:«لستِ بمفردكِ، أنا أيضًا لا افهم»
ازدادت ضحكات وحيد، وتيم يكاد يدفن وجهه في الصحن هربًا وحرجًا!
رُباه، ليخبرهما أن الأمر لم يتم بعد فقط ليتخلص من فرحتهما المُبالغ فيها!
دخلت لمار عليهم، ليتوقف وحيد عن الضحك، فيرحب تيم بوجودها الذي سيلهيهما قليلًا عنه!
«أين كنتِ؟»
بادرت نشوى بالسؤال باندفاع أمومي.
وجاءت إجابة لمار عن الفور:«أخبرتكِ، كنت مع صديقاتي لنشتري ما ينقص العروس»
المعلومة بالفعل ليست جديدة، لكن خوفها الأمومي جعلها تنهال على لمار بمزيد من الأسئلة والاستفسارات، تتصيّد لها أي خطأ من الممكن أن يرشدها!
«يكفي يا نشوى»
وجّه حديثه إلى لمار:«اغسلي يديكِ وتعالي حبيبتي»
اختفت عن أنظارهم، ليلوم وحيد نشوى:«تعرفين أنها لا تكذب، فلا تستخدمي معها أسلوب المحققين هذا»
بررت نشوى بدفاع:«أنا قلقة عليها»
وتيم يسأل مرتابًا:«هل حدث ما لا أعرفه؟»
أجابه وحيد باختصار:«فيما بعد سأخبرك»
عادت لمار متخذة مكانها جوار تقوى، لينغمس الجميع في أحاديث مختلفة..
وما بين سعادة وقلق كانت مشاعر وحيد ونشوى تتباين!

**********

بعد المغرب
احتضنت تقوى أخواتها بسعادة بالغة، لتقول لارا بسخرية:«اشتقنا إليكِ كثيرًا يا أختاه، منذ زمن لم نرَكِ»
عضّت تقوى شفتيها ولكزت لارا مؤنبة، لتبرق حدقتا هبه براحة منتبهة إلى السعادة التي تغلف ابنتها!
سحبتها إلى حضنها، وسألتها برغبة في زيادة التأكيد:«أنتِ بخير حبيبتي، هل أغضبكِ تيم؟»
فأجاب تيم بالنيابة عنها:«تيم خلفكِ بالمناسبة»
تعالت ضحكات الجميع بينما يشير لهم تيم ليدخلوا.
«ماذا تشربون؟»
سحبتها إيمان لتجلس جوارها، وهي تقول:«لا نريد شيئًا، اجلسي معنا فقط»
نهضت تقوى معترضة، وقالت بإصرار:«سأحضر العصير»
وركضت إلى المطبخ قبل أن يمنعها أحد.
جلس تيم قريبًا من هبه، وهمس بحرج:«أرجو ألا تكوني غاضبة منّي»
أجابته هبه ببشاشة:«قلبي راضٕ عنك طالما أنت حريص على سعادتها»
«وأي حرص، اسأليني أنا يا أمي»
استمعت لارا إلى همسات درة فانفجرت ضاحكة..
التفتوا إليهما متعجبين، وبنظرة من تيم إلى درة أدرك سبب ضحك لارا، فنهض يقول بخجل:«سأرى إن كانت تقوى تحتاج إلى مساعدة»
ومع ابتعاده كانت ضحكات لارا ودرة تزداد، وإيمان تموت لتعرف سرها!
«سيضايقكِ إن شتمت شقيقتكِ؟»
قال لها تيم عندما دخل إلى المطبخ، فنظرت إلى ملامحه المرتبكة بتساؤل.
«ماذا فعلت لك؟»
مسح على آخر عنقه بحرج، وأخبرها:«تقريبًا أخبرت لارا برؤيتها لنا»
شتمتها تقوى ووجنتاها تتوردان خجلًا.
فضحك تيم مشيرًا برأسه:«هذا ما كنت أود قوله»
ثم حمل معها الأغراض إلى الخارج، لينضما للضيوف.

**********

«مساء الخير»
شاهدت رؤيته للرسالة، ومع ذلك لم يصلها ردًا!
فأرسلت له:«ألا ترغب في الرد عليّ؟»
استقبل ياسين رسالتها الثانية بلا مبالاة..
هذه الفتاة أبدًا ليست المسئولة عن فضائح الشباب!
لو كانت هي لكانت لمحت، أشارت أي إشارة!
هذه الفتاة تتسلى، وهو ليس مادة للتسلي!
«ياسين؟»
ومن دون تردد فعّل خاصية الحظر لها، ليتخلصّ منها!

****"*"***

دلكّت جبهتها بصدمة، لقد حظرها، لا يمكنها التواصل معه مجددًا!
لا.. لا يمكن أن تفشل!
إنه تحديها الأكبر..
لعبتها الأكثر متعة!
انتقامها الأكثر لذة!
لن تستسلم بسهولة!
«درة أين أنتِ؟»
أعادت الهاتف إلى جيب سروالها، وأسرعت بالعودة إلى عائلتها، مقررة التفكير فيما ستفعله مع ياسين في وقت آخر!

**********

جلست ترنيم على طرف السرير بقلة حيلة..
الوقت يمر ورنيم على حالها!
لقد ظنت أن مزاجها سيتعدل ولو قليلًا بوجود آسر، لكنها تفاجأت بها عند رحيل فريد وعائلته تتجه إلى الغرفة لتعطيها ظهرها وتنام!
أها لو تمتلك بعض الشجاعة لاتخاذ القرار!
لكنها جبانة!
لا تستطيع التحرك إلا بعد التأكد من دعم رنيم لها!
حتى مشاعر معاذ التائقة لها وإلحاحه لا يؤثرا فيها!
وعلى ذكره وصلتها رسالة جديدة منه على تطبيق الواتس، يسألها متى ستحضر، وهل تأخيرها يعني أنها ستقضي الليلة معه؟
فشعرت برغبة في البكاء!
«رنيم»
خرج صوتها خافتًا لدرجة لم تسمعه توأمتها، أو ربما سمعته وتجاهلته!
وقبل أن تكرر النداء كان رنين هاتف رنيم يتعالى..
التقطت رنيم هاتفها بفتور، فتحت الخط ليأتيها صوت أحد أصحابها مليئًا بالحماس.
«ماذا تفعلين يا قمر؟»
«نائمة»
أجابت برتابة، ليصدر من صاحبها صوتًا مستنكرًا، ويعترض:«الساعة لم تتجاوز التاسعة، أي نوم في هذا الوقت؟
تعالي لنخرج»
قاطعته بنفور:«لا أريد فعل أي شيء»
لم يتراجع، وأصّر عليها:«يا بنت، لدي سهرة لكِ لن تنسيها طوال حياتكِ، ستعدل مزاجكِ صدقيني»
ومن وراء ظهرها شعرت بتململ ترنيم، فأغمضت عينيها مفكرة، ثم وافقت.
أغلقت الخط مع وعد صاحبها بتواجده خلال نصف ساعة ليصطحبها..
التفتت إلى توأمتها، وقبل أن تتفوه ترنيم بحرف، قالت لها:«اذهبي واستعدي للقاء حبيب القلب»
انفرجت ملامح ترنيم، قفزت من مكانها بفرحة.
«حقًا؟»
ودون انتظار تأكيد ترنيم كانت تبدّل ملابسها بلهفة، أو ربمًا خوفًا من أن تغير شقيقتها رأيها!
أما رنيم؛ ففتحت هاتفها على صفحته على الفيس بوك، تحديدًا ذلك المنشور المتسبب في تعاستها!
لتجد الصورة كما هي..
صورته بصحبة فتاة لم ترَها من قبل!
مُرفَقة بثلاثة قلوب!
ابتسامته الواسعة تماثل ابتسامتها..
وتلك النظرة في عينيها لا تخطئها أنثى، لا تخطئها عاشقة!
مَن هذه؟
سؤال لم تنفك عن توجيهه لنفسها منذ رؤيتها للصورة، على الرغم من عدم جدوى الإجابة!
الأفضل فعلًا أن تخرج وتسهر لـ تنسى!
وعند هذه الفكرة نهضت لتستعد!

**********

«تأخرتِ عليّ»
هتف معاذ بلوم بينما يغلق الباب خلفها..
يستقبل نظرات ترنيم المعتذرة، مع كلماتها البائسة:«وللأسف ليس لدي الكثير من الوقت، عندما تهاتفني رنيم سارحل فورًا»
أحاط بخصرها، يدفن وجهه في عنقها، هامسًا:«تثيرين إحباطي من البداية»
ارتعشت وشفتاه تتنقّل من عنقها إلى بداية صدرها..
لمست خصلاته بشغف، متمنية أن تنجح ولا تخذله!
بعد لحظات ابتعد عنها..
تبرق عيناه بنظرة خطِرة..
نبرته تكتسي بصدى منفر لم تنتبه له!
«هذه المرة مختلفة»
اتجه ليحضر علبة دواء، أخرج منها أحد الأقراص، وأخذ يحركه أمام عينيها ببطء..
«انظري ماذا أحضرت لكِ؟»
همسها بنبرة ثعلب ماكر..
ذئب يوشك على التهام أشهى وجباته!
«ما هذا؟»
استقر القرص عند شفتيها، وهو يوضح لها بإثارة:«هذا.. سر سعادتنا الليلة..
القرص الذي سيفتح لنا أبواب النعيم وينقلنا إلى جنة الشهوة»
تسارعت نبضاتها وإثارته تنتقل إليها، صحيح لا تفهم، لكن تلك النبرة التي يتحدث بها تذيبها بسهولة!
«ستتناوليه من أجلنا، من أجل لحظات لا تُنسى»
ضغط بالقرص على شفتيها لتفتحهما، ابتلعته ليزداد بريق عينيه.
«خلال لحظات سيرتفع معدل شهوتكِ إلى أقصى درجة، ستطلبي قربي بقوة، تتأوهين وتتألمين من أجل لمساتي، وترفضين ابتعادي»
بدأ يمارس معها، ومع مرور الوقت صدقت كلماته!
فبدأت تشعر بازدياد رغبتها فيه، فتجرأت وبادلته كما لم تبادله من قبل، ليكون للقرص مفعول السحر عليها!

**********

«ملهى ليلي..!»
توسعت حدقتا رنيم بصدمة، متعجبة من المكان الذي أحضرها له..
قادها إلى الداخل، يقول بحماس ممتزج بالكثير من الخبث: «تعالي لن تندمي!»
تحركت معه رغمًا عن اعتراضات عقلها..
فضولها يقودها لخوض تجربة جديدة..
جالت عيناها في المكان حولها، تنظر وتراقب، تتعجب وتستنكر..!
انقلبت ملامحها وهي ترى رجلًا قريبًا من فتاة حد اللا مقبول، يلمسها كيفما يشاء..!
«لا أريد البقاء هنا!»
صرخت باعتراض..
أخذها مرافقها إلى -البار-
يقول بصوت مرتفع كي تسمعه: «ستستمتعي بالأجواء كثيرًا، صدقيني!»
وأمام إصراره وافقت على البقاء؛ بضع دقائق فقط..!
قدّم لها مشروبًا، فهزت رأسها بنفي.
«لا أريد.»
ولأنه يعرف بجنونها في تجربة أي شيء جديد، ألحّ عليها، زيّن المشروب في عينيها، حتى خضعت له..!
أخذت رشفة، فلم تتقبّل طعمه.
«مر!»
فقال بمكر: «اشربيه على مرة واحدة، وبعدها احكمي!»
فعلت ما قال على مضض، لتنفرج ملامحها قليلًا ببعض الاستحسان..
أعطاها واحدًا آخر، فكادت أن ترفض.
«اقضي ليلتكِ واستمتعي يا فتاة!»
شربت الثاني.. فالثالث.. فالرابع، حتى فقدت رُشدها..!
سحبها إلى حلقة الرقص ليرقصا بحماس..
صوتها يتعالى بكلمات غير مفهومة دليل على سُكرها..
وحينها نال ما أراد..
سحبها لتسقط في أحضانه، تحركت يده على جسدها بحرية، يحصل على ما يرغب دون مقاومة منها..!
ضمّته تستند برأسها على صدره، تشعر بالدوار، غير قادرة على الوقوف على قدميها..
سحبها خارج الملهى ومن ثم إلى سيارته..
لم يُضِعْ الكثير من الوقت، أعاد المقعد إلى الخلف لتستلقي عليه..
أشرف عليها من علو، وشرع في نيلها وإفراغ شهوته في جسدها..!
انتهى الفصل، قراءة سعيدة


Aya-Tarek غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 09-05-23, 01:10 PM   #217

ميساء عنتر

? العضوٌ??? » 438131
?  التسِجيلٌ » Jan 2019
? مشَارَ?اتْي » 98
?  نُقآطِيْ » ميساء عنتر is on a distinguished road
افتراضي

????????????????????????????????????????????لاا اااااا شو هالخاتمه حرااااام???????????????????????????? التنتين ضاعوفي نفس اليوم???????????????????????????????? حرام حزينه ع اهلهم???????????????????????????? اعملي شي ينقذهم????????????????????
Aya-Tarek and ان اليزن like this.

ميساء عنتر غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 09-05-23, 04:39 PM   #218

سناء يافي

? العضوٌ??? » 497803
?  التسِجيلٌ » Jan 2022
? مشَارَ?اتْي » 447
?  نُقآطِيْ » سناء يافي is on a distinguished road
افتراضي نيران خباها الهوى

فصل رائع تقوى وتيم كتير حلوين رنيم وترنيم
عايشين عا هواهن ما في رقيب للأسف
ايمان وعمار عا الطريق الصحيح
تسلم ايدك

Aya-Tarek likes this.

سناء يافي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 09-05-23, 07:57 PM   #219

Aya-Tarek

كاتبة بقسم قصص من وحي الأعضاء


? العضوٌ??? » 420321
?  التسِجيلٌ » Mar 2018
? مشَارَ?اتْي » 516
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » Aya-Tarek has a reputation beyond reputeAya-Tarek has a reputation beyond reputeAya-Tarek has a reputation beyond reputeAya-Tarek has a reputation beyond reputeAya-Tarek has a reputation beyond reputeAya-Tarek has a reputation beyond reputeAya-Tarek has a reputation beyond reputeAya-Tarek has a reputation beyond reputeAya-Tarek has a reputation beyond reputeAya-Tarek has a reputation beyond reputeAya-Tarek has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   cola
¬» قناتك rotana
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ميساء عنتر مشاهدة المشاركة
????????????????????????????????????????????لاا اااااا شو هالخاتمه حرااااام???????????????????????????? التنتين ضاعوفي نفس اليوم???????????????????????????????? حرام حزينه ع اهلهم???????????????????????????? اعملي شي ينقذهم????????????????????
توأم بقى لازم يضيعوا في يوم واحد
بس فعلا هتكون صدمة على مازن وتسنيم لما يعرفوا
وصدمة كمان لترنيم لما تعرف حقيقة معاذ


Aya-Tarek غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 09-05-23, 07:58 PM   #220

Aya-Tarek

كاتبة بقسم قصص من وحي الأعضاء


? العضوٌ??? » 420321
?  التسِجيلٌ » Mar 2018
? مشَارَ?اتْي » 516
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » Aya-Tarek has a reputation beyond reputeAya-Tarek has a reputation beyond reputeAya-Tarek has a reputation beyond reputeAya-Tarek has a reputation beyond reputeAya-Tarek has a reputation beyond reputeAya-Tarek has a reputation beyond reputeAya-Tarek has a reputation beyond reputeAya-Tarek has a reputation beyond reputeAya-Tarek has a reputation beyond reputeAya-Tarek has a reputation beyond reputeAya-Tarek has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   cola
¬» قناتك rotana
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة سناء يافي مشاهدة المشاركة
فصل رائع تقوى وتيم كتير حلوين رنيم وترنيم
عايشين عا هواهن ما في رقيب للأسف
ايمان وعمار عا الطريق الصحيح
تسلم ايدك
تسلمي يا قلبي منوراني
للاسف مازن وتسنسم بعاد جدا عن بناتهم وده اللي خلاهم يضيعوا


Aya-Tarek غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 08:47 PM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.