آخر 10 مشاركات
غمد السحاب *مكتملة* (الكاتـب : Aurora - )           »          1011 - ها قد اتت المتاعب - ديبى ماكومبر - د.نـــ (عدد جديد) (الكاتـب : Dalyia - )           »          [تحميل] نار الغيرة تحرق رجل واطيها،للكاتبة/ black widow (جميع الصيغ) (الكاتـب : فيتامين سي - )           »          110 قل..متى ستحبني - اليكس ستيفال ع.ج (كتابة /كاملة )** (الكاتـب : Just Faith - )           »          حَــربْ معَ الــرّاء ! (1) *مميزة و مكتملة*.. سلسلة حـــ"ر"ــــب (الكاتـب : moshtaqa - )           »          لك بكل الحب (5) "رواية شرقية" بقلم: athenadelta *مميزة* ((كاملة)) (الكاتـب : athenadelta - )           »          مرحبا ايها الحب -عدد ممتاز- بوليت أوبري - روايات عبيرجديدة [حصرياً فقط على روايتي] (الكاتـب : Just Faith - )           »          `][جرحتني كلمتهاا][` (الكاتـب : بحر الندى - )           »          نار الغيرة تحرق رجل واطيها ....للكاتبة....black widow (الكاتـب : اسيرة الماضى - )           »          وصية الزوج (الكاتـب : Topaz. - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > الروايات الطويلة المكتملة المنفردة ( وحي الأعضاء )

إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 25-03-22, 07:53 PM   #21

عائشة بوشارب

? العضوٌ??? » 485881
?  التسِجيلٌ » Mar 2021
? مشَارَ?اتْي » 38
?  نُقآطِيْ » عائشة بوشارب is on a distinguished road
افتراضي


الفصل الواحد والعشرون

لماذا لستِ بالمدرسة؟
لأني تركتها، لكنني لا أزال أدرس عن بعد، أي بالمراسلة.
هل يمكنني أن أكون فضولية وأسألك عن السبب؟ إن لم تمانعي بالطبع!
ابتسمت قدس بلطف ثم قالت:
أنا أقطن مع جدتي وهي كبيرة في السن والمسكينة مريضة، هي كل عائلتي، تحتاج إلى عملية جراحية باهظة الثمن خارج البلد، لهذا اضطررت للعمل هنا.
تعاطفت تانيلا مع قدس بعدما عرفت قصتها وأحست بالعجز والضيق لعدم تمكنها من مساعدتها، مر نصف اليوم وكان تفكيرها كله منصبًا على البحث عن طريقة تمكنها من دخول مكتب جميل، كانت قدس تمسح الأرضية بجهد كبير ولاحظت تانيلا إرهاقها فذهبت إليها وأخذت المكنسة من يدها ثم قالت لها: دعيني أكمل عنك الباقي واذهبي لترتاحي.
لا يمكن، أخاف أن يعود المدير، وإن رآني جالسة يصب جام غضبه علي.
لا تقلقي، سأغطي عليك، أساسًا لم يتبق الكثير على استراحة الغداء، هيا.
تمكنت تانيلا من إقناعها ثم أخذت الممسحة وتوجهت إلى المصعد بسرعة، ثم ذهبت للرواق الذي يوجد به مكتب "جميل"، لتسجل في ذاكرتها مختلف التفاصيل وعدد الكاميرات، لكن المشكلة لم تكمن في كاميرات المراقبة فحسب وإنما في سكرتيرة المكتب الحمقاء.
مرحبًا، أتيت لتنظيف المكاتب.
أجابتها السكرتيرة بعد أن أخفضت نظارتها وهي ترمقها بنظرات الشك:
عذرًا، لا يمكنك الدخول دون إذن السيد جميل، كما أنه في اجتماع مهم حاليًا.
ابتسمت تانيلا وهي تلعنها في سرها: حسنًا، لا مشكلة سأعود لاحقًا.
*****
جلست قدس لترتاح وهي تشعر بالطمأنينة لوجودها بمفردها، فالجميع ذهب لاستراحة الغداء، فإذا بها تُفاجأ بما لم تكن تتوقعه على الإطلاق، ركض نحوها كلب صغير فراؤه ذهبي كأشعة الشمس الصباحية، راح يلعقها وهو يعوي فانحنت نحوه رغم تفاجئها وراحت تلهو معه بمرح كبير وتداعبه قائلة:
يا عمري، من تكون أيها الصغير وأين مالكك؟ أخبرني أين والدك؟
والده هنا!
فوجئت من الصوت الذي رد عليها، واستوت واقفة لتجد سامي يقف خلف الكلب وعلى وجهه ابتسامة حمقاء، فتساءلت دَهِشة: ما الذي تفعله هنا؟ أكنت تلاحقني؟!
أخذ سامي يضحك من سؤالها وبراءتها في الوقت نفسه، ثم قال:
كم أنت ذكية!! كيف عرفت يا ترى؟
رفعت يدها مشيرة بإصبعها إلى الباب؛ ثم قالت بعصبية:
رجاء انصرف قبل أن يراك المدير ويطردني!
ظل سامي يضحك غير مبال بما قالته، مما زادها غضبًا: أأنت مجنون؟؟ ألم تسمع ما قلته؟!
استمر سامي بالضحك كما لم يضحك من قبل، فتنهدت قدس متسائلة إن كانت أخطأت بشيء لتبتلى بهذه المصيبة، توجهت إلى المطبخ وأحضرت دلوًا ملأته بالماء البارد وراحت تضحك سرًا، وعند امتلائه حملته بكل ما أوتيت من قوة وألقته على سامي الذي تجمد مكانه وأصبح كالديك المبلل.
ما الذي فعلته يا مجنونة!!
نلت ما استحققته!
أضحكها شكله الجديد، لكن سرعان ما زالت ضحكتها بعد أن رأت المدير قادمًا نحو المطعم، عندئذ أدركت أنها أصبحت في وضع خطير
هيا! أسرع إنه قادم رجاء، اخرج من هنا وخذ كلبك معك!!
تسمر سامي في مكانه وراح يتتبع تحركاتها بعينيه ويضحك عليها وعلى نفسه، ثم تقدمت قدس نحوه وراحت تدفعه للأمام بكامل قوتها نحو الطاولة ثم قالت له في رجاء:
انظر سأسامحك على تتبعك لي وعلى الفوضى التي سببتها لكن رجاء اجلس هنا والزم الصمت، لأن هذا العمل كل ما لدي ولا أريد خسارته.
عانق سامي كلبه دون أن يتوقف للحظة عن الضحك على نفسه وراح يقول له:
لقد أصبحت أعامل كالمجانين يا "سموكي".
ضربت الطاولة بقدمها وقالت هامسة:
هششش لقد دخل!
أهلًا بك سيدي..
قاطعها بنبرته الحادة:
ما الذي تفعلينه عندك! أليس لديك عمل تقومين به؟!
لقد أتممت عملي قبل قليل.
رد عليها باستهزاء:
إذن اخلقي عملًا جديدًا!
شعرت قدس بالإهانة لكنها كظمت غيظها وهي تقول بأدب:
حاضر سيدي، على الفور.
لم تكمل كلامها حتى رأته استقام في وقفته، بينما كان ينظر خلفها ثم قال:
أهلًا أهلًا سيد سامي، بماذا ندين لك بهذه الزيارة السارة!
التفتت قدس إلى الوراء لتجد سامي يقف خلفها، فراحت تعض شفتها من الفزع، وهنا راح سامي يوبخ المدير قائلًا: من الواضح أنها جديدة في العمل، لماذا توبخها بهذه القسوة؟!
تقدمت قدس بسرعة كبيرة نحوه ثم وضعت يدها على فمه، وراحت تعتذر إلى المدير، وتقول:
هل جننت إنه مديري!! اعتذر منه فورًا!
أتاها الرد من المدير الذي أسرع نحوها وأنزل يدها من على سامي قائلًا: ما الذي تفعلينه؟ هل جننتِ! ابتعدي عنه فورًا، إنه السيد سامي ابن رئيس الشركة!!
دخلت قدس في دوامة من الخوف والحيرة جعلت قلبها يخفق بقوة، بينما سامي يحدق فيها دون أن ينبس بكلمة.

يتبع..


عائشة بوشارب غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 25-03-22, 07:54 PM   #22

عائشة بوشارب

? العضوٌ??? » 485881
?  التسِجيلٌ » Mar 2021
? مشَارَ?اتْي » 38
?  نُقآطِيْ » عائشة بوشارب is on a distinguished road
افتراضي

الفصل الثاني والعشرون

راح المدير يحثها على الاعتذار إلى السيد سامي، تنهدت بعمق وبلعت ريقها ثم قالت: أنا آسفة سيد..
فقاطعها سامي قائلًا: بسيطة، لا داعي للاعتذار، أتمنى أن يكون هذا درسًا لك حتى لا تتواقحين مع الغرباء مرة أخرى.
استشاطت غضبًا وراحت تلعنه في سرها؛ إلا أنه انصرف مباشرة وأخذ معه كلبه اللطيف.
ذهب وتركها غارقة في خجلها حتى أتت تانيلا وسألتها عن سبب توترها قائلة: ما الخطب؟ لماذا ترتجفين هكذا؟
زفرت قدس ثم قالت وهي تهز كتفيها: لا شيء، ماذا عنك لماذا تبدين غاضبة هل حدث شيء؟
لا؛ لا شيء أيضا.
توجهت تانيلا لتستريح قليلا من الشقاء الذي عانته خلال التنظيف فإذ برسالة من مجهول تصل إلى هاتفها، ففوجئت من عدم وجود رقم المرسل، وفوجئت أكثر من محتواها "بانتظارك عند مدخل الشركة ملاحظة: في سيارة سوداء".
تعجبت! وراحت التخيلات تبعث لعقلها صور كارثية، وتمنت لو كان حاسوبها بين يديها الآن، لكانت استخرجت اسم المرسل وجميع معلوماته الشخصية الظاهرة منها والخفية، لكن للأسف لا الوقت يسمح لها باكتشافه ولا المكان، وضعت كل ما كان بين يديها من عمل وتوجهت إلى مدخل الشركة بينما كانت تراقب الوجوه، وقفت برهة أمام الباب الخارجي وراحت تتلفت يمينًا ويسارًا حتى رأت سيارة سوداء فارهة زجاجها معتم فلم تستطع رؤية شيء، انتظرت ثواني معدودة وتجرأت أخيرًا على التقدم نحوها، لكنها لم تفعل شيئًا سوى الوقوف أمامها فإذ بزجاج نافذة ينزل شيئًا فشيئًا وهنا ارتعبت تانيلا، وازدادت دقات قلبها حتى رأت صاحب الرسالة بشحمه ودمه!
سامي!!
كان سامي يكاد لا يتنفس من شدة ضحكه، أما تانيلا فقد شعرت وكأن بركانًا من الجحيم يخرج من أذنيها، فراحت تشتمه بكل ما تعرفه من شتائم وعندما رأت أن هذا لم يوقف ضحكه، صعدت إلى السيارة وأخذت تضحك معه.
أنا.. أنا آسف حقًا، لكن لو رأيت تعابير وجهك عندما فتحت الزجاج لقلت إن الأمر يستحق فعلًا!
عيب، عيب عليك، والله لو ترى الخوف الذي عيشتني فيه يا سامي!
أنت محقة، لكن أخبرتك أنه استحق لأني أحضرت لك شيئًا سيجعلك تسامحيني على ما فعلته.
آه، ألهذا السبب تجرأت! يعني جهزت الاعتذار قبل المصيبة!
ضحك ثم رد عليها وهو يهز برأسه:
نعم هذا صحيح، ضعي حزام الأمان لننطلق!
معذرة؟ ننطلق إلى أين يا سامي؟ هل تنوي دفني بعد أن قتلتني بسكتة قلبية!
سترين بنفسك.
انطلق سامي بتانيلا إلى الوجهة التي أصر ألا يخبرها عنها كي لا تزول المفاجأة، لكنها كانت متأكدة من أنه حتى لو أخبرها عن اسمها فلن تعرفها.
سارت السيارة إلى أن وصلا إلى منطقة تغص بالخضرة وقطعان الأغنام، حينها تذكرت أنها مرت بهذه الطريق من قبل مع والدها لكنها لم تكن تعرف أن بها منعطفات تؤدي إلى هذه الأماكن الجميلة، استمرت السيارة بالمضي قدمًا قبل أن تنعطف مجددًا لتقف عند بداية جسر كبير، انبهرت تانيلا من حجمه وجماله فقد كانت مناظره الخلابة توحي بالاطمئنان والإلهام، كان سامي أول من نزل من السيارة توجه إلى صندوقها الخلفي واستخرج منه كيسًا به بعض الحاجيات ومنظارًا طويلًا، نزلت هي الأخرى لتجد أمامها الكثير من الهدوء والسكينة تحيط بالمكان أما هواءه فقد أعدته دواء للنفوس.
إنه أنسب مكان للتخلص من الضغوط، هل أعجبك مكاني السري؟
ردت تانيلا وهي تصرخ بسعادة كبيرة: نعم! إنه رائع!! لكن ما هذا المكان؟!
أخذ سامي يضحك وهو يقول:
كنت متأكدًا من أنه سيعجبك بشدة، هذا الجسر يطل على سد بني "هارون" خذي المنظار لتري المكان جيدًا.
أخذت تانيلا المنظار من يديه بسرعة كبيرة واقتربت من حافة الجسر وراحت ترقب الجبال المكسوة بالخضرة الغناء وهي تعانق السحاب، وتمنت لحظتها لو كانت هدهدًا لتطير وتتمكن من الاستمتاع بسحر المناظر وروعتها، ودون أن تختفي الابتسامة من على وجهها قالت: هذا المكان يستحيل أن يكون في هذه الدنيا، إنها الجنة.
هز سامي رأسه بالموافقة مبتسمًا؛ ثم أشار بيده وقال:
انظري إلى تلك الفرس! كم هي سعيدة مع ولدها غير مكترثة بمشاغل الحياة وصعوباتها! وجل ما تفعله هو المرح واللهو مع ولدها.
ضيقت عينيها باجتهاد بالغ لتراهما يلهوان معا ثم قالت مبتسمة:
يا لروعتهما تشعر بالحرية تتدفق منهما، لكن كيف عرفت أنه ولدها وليس ابنتها؟
هز كتفه بغرور وقال:
بسيطة، لا تحتاج إلى تفكير، لأنه وسيم مثلي!
أخذت تضحك من إجابته بينما فتحت يديها كجناحي عصفور يوشك على الطيران، ثم أغمضت عينيها وراحت تستشعر نسمات الهواء وهو يداعب شعرها فجعلت خصلاته تحلق عاليًا.
التفكير بالأمر سهل لكن تنفيذه صعب!
فتحت عينيها ببطء ثم أزاحت شعرها عن وجهها وسألته باستغراب: التفكير بماذا تقصد؟
أشار بعينيه نحو حافة الجسر وبابتسامة مكسورة قال: بالقفز من هناك.
أبعدت شعرها الذي كاد يأخذه نسيم الهواء معه، ثم ابتسمت وسألته قائلة:
وكيف علمت أنني فكرت بذلك، هل أنت ساحر؟
لو كان التفكير بالانتحار سحرًا لأصبح الجميع سحرة!
استدارت نحوه بكامل ثقتها ثم قالت:
لا تقلق، لن ألقي بجسدي من هنا فلو كانت الكآبة إنسانًا وجاءت إلى هذا المكان لأصبحت سعيدة.
غريب عالمنا، وغريبة صفات البشر، واختلافهم، لطالما آمنت أن الجميع متساوون، أو هذا ما جعلتني أمي أؤمن به، لكن بعدما كبرت أصبحت أرى "الناس" على حقيقتهم.
تفضلي غداءك قبل أن يبرد، أتمنى ألا تكوني نباتية لأني أحضرت لك شاورما، لم أعرف ماذا أجلب غيرها.
واو! أنت مليء بالمفاجآت سيد سامي، أحب الشاورما، والمكان سرق قلبي.
قضمت الرغيف متلذذة بمذاقه الطيب الذي كان إضافة جميلة للمكان وأضافت: صحيح، تذكرت كيف تمكنت من إرسال تلك الرسالة رغم أن رقمك مسجل على هاتفي؟
ضحك سامي وهو يتلذذ بالشاورما ثم قال: هذا تطبيق جديد سمعت أنه جيد للمقالب، فقلت لماذا لا أجربه؟
قاطعته قائلة: ثم سيد سامي، قلت لم لا أجربه على تانيلا المسكينة وأصيبها بسكتة قلبية؟ أليس كذلك!
ضحك بشدة لدرجة أوشك فيها على التشدق ثم قال: حاشا، هل تعلمين؟
ماذا؟
كلما ضاقت بي الدنيا أتيت إلى هذا المكان، أحيانًا أجلس داخل السيارة وأفكر في هدوء، وأحيانا كثيرة أصرخ لأنفس عن غضبي، ها قد أصبحت الآن أول من يعرف ملجأي.
وضعت تانيلا الرغيف جانبًا وابتسمت، ثم أردفت قائلة: كانت والدتي رحمها الله تقول لي إن ضاقت بك الدنيا لا تربطي نفسك بأي أحد، لأن كل الناس زائلون.
كلامها جميل، رحمها الله.
آمين.
انتهى سامي من الطعام ثم التفت نحوها متسائلًا: ما هو حلمك؟
ما مناسبة سؤالك يا ترى؟ هل ستتحول إلى مصباح علاء الدين وتحقق أحلامي مثلا؟
تنهد بحرارة وقال: يا ليت، لو استطعت لحققت أحلامي وأحلامك!
أوه! لماذا تتكلم وكأن أحلامك مستحيلة؟
لأنها كذلك.
بالنسبة لي الموضوع بسيط جدًا، لأني لا أمتلك أحلامًا.
صاح سامي: هل أنت جادة؟
أومأت برأسها بالموافقة غير مبالية بردة فعله: لكن، لكن كيف؟ أنت غير معقولة لم أر شخص دون أحلام، نحن نحلم لنحيا!

يتبع..


عائشة بوشارب غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 25-03-22, 07:55 PM   #23

عائشة بوشارب

? العضوٌ??? » 485881
?  التسِجيلٌ » Mar 2021
? مشَارَ?اتْي » 38
?  نُقآطِيْ » عائشة بوشارب is on a distinguished road
افتراضي

الفصل الثالث والعشرون

ممممممممم، لم أفكر في الموضوع بهذه الطريقة، ولم يخطر ببالي أن أحلم.
صمتت برهة ثم أضافت:
ماذا عنك! ما هي أحلامك المستحيلة يا سيد الأحلام؟
ضحك بوجه مشرق وقال: حلمي يا تانيلا أن أغدو عازف بيانو شهيرًا يستمع الناس إلى ألحاني.
حقًا! لم أنتظر هذا منك أبدا! هل هذا يعني أنك تجيد العزف على البيانو؟!
راح يفكر قليلا ثم أجاب: لو كنت مدرِسة بيانو لأعطيتني عشرة على عشرة.
ضحكت بسخرية وقالت: لم يعد هناك مدرسون يحسبون العلامة من عشرة، أنا أيضا أجيد العزف ولكن على آلة أخرى.
حقًا! هل على الناي؟؟
كلا، بل على الحاسوب!
هز رأسه بابتسامة دون أن يفهم قصدها.
ما الذي جعل أحلامك مستحيلة؟ ولماذا لا تعيش حلمك الآن؟ لا أقصد أن أكون وقحة، لكن لا أراك تملك أي عقبات أمام تحقيقه لأنك...
صمتت قليلًا ثم أضافت بوجه عابس:
لأنك ابن السيد جميل!
أنتِ ذكية.
عفوًا؟!
ذكية لأنك سألتني سؤالًا وأجبت عنه بنفسك، الشيء الذي يمنعني من تحقيقه هو أنني ابن "السيد جميل".
رأف قلب تانيلا له وهي تقول في سرها "حتى ابنك الذي تحبه يا جميل، حتى هو تريد أن تحركه كالدمية وتحطم حياته كما فعلت معي"
لم تشأ إزعاجه بطرح المزيد من الأسئلة حتى لا تعكر صفوه.
مر الوقت بسرعة وحل القمر المنير محل الشمس المشرقة، فعادا أدراجهما.
*****
فتحت قدس باب المنزل بهدوء وخطت خطواتها بحذر نحو الداخل وفور أن دخلت سمعت أنين جدتها المريضة، فألقت الكيس الذي بيدها وجرت إلى غرفتها وراحت تقبلها على جبينها متفحصة درجة حرارتها، وما إن وجدتها مرتفعة حتى أحضرت منشفة مبللة ووضعتها على جبينها بكل رفق وأخذت تعصرها بين الفينة والأخرى، حتى فتحت الجدة عينيها بصعوبة بالغة وراحت تقاوم نوبة السعال التي تقاطع أنفاسها قائلة:
عدت إلى البيت يا بنيتي، لا تقلقي علي أنا بخير.
رفعت قدس حاجبيها بكل أسى وهي تنظر إليها دون أن يكون بيدها حيلة، تملّكها الشعور بالحزن والشفقة اتجاه جدتها التي تعاني أمام عينيها ولا تستطيع فعل شيء يساعد على إخراجها من حالتها المرضية، ثم فتحت فمها وقالت: رجاء لا ترهقي نفسك بالحديث.
نهضت قدس من على سرير جدتها وأحضرت كيس الدواء الذي جلبته معها وجعلتها تشرب منه حتى ساعدها على الاسترخاء، وطرد الألم من جسدها.
ارتاحي قليلا حبيبتي سأيقظك بعد نصف ساعة لتتناولي بقية الدواء، تصبحين بخير حال بإذن الله.
أمسكت الجدة يد قدس بصعوبة وقالت متسائلة بصوت منخفض:
من أين لك المال الذي اشتريت به الدواء يا ابنتي؟
هل نسيت يا جدتي؟ أخبرتك أنني أعمل في مكان راق جدا، وأعطوني راتبي اليوم.
سكتت قليلًا لأنها لم ترد أن تخبرها بحقيقة أنها تعمل عاملة نظافة.
أضافت مبتسمة: لا تقلقي قلبك الحنون يا حنونة، نامي الآن جيدًا.
الله يرضى عليك يا قدس، حاولي المرة القادمة ألا تأتي إلى البيت في وقت متأخر، فأنت تعلمين أني أخاف عليك، وكذلك تعلمين جيدًا حديث الجيران الذي لا ينتهي.
أجابتها قدس مازحة: حاضر يا سيدة "ياسمين"، طلباتك أوامر.

*****
كانت تانيلا تدردش مع كازانوفا، جعلها تضحك كما لم تضحك من قبل، خصوصًا بعدما ألقى عليها بعض النكات عنه وعن أصدقائه الذين وصفهم بالحمقى.
أنت حقًا مختلفة.
ممممممممم، ماذا تقصد بمختلفة؟
مممم، أقصد أنك مختلفة وفقط، بطريقة جيدة بالطبع.
تورد وجهها خجلًا ثم كتبت:
إذن، هذا يعني أنك محظوظ لأني أحادثك، فالآلاف غيرك يتمنون مجرد نظرة مني.. احم.
ضحك قائلًا: تواضعي قليلًا جلالة الملكة.
لو لم أكن متواضعة لما تحدثت معك بالأساس.
ضحكت بعفوية وأضافت:
أمزح، أمزح.
يا مهبولة! ما رأيك أن نلعب لعبة الحقيقة مرة أخرى؟
لا أعلم لماذا تعشق هذه اللعبة إلى هذه الدرجة!!
فقط للاستمتاع لا أكثر.
هناك العديد من الألعاب الممتعة كـ "بوبجي" أو " كول أوف ديوتي" وغيرها، أو يمكننا تغيير قوانين اللعبة!
هل جننتِ؟ لا يمكنك تغيير القوانين!
كتبت بغرور: القوانين خلقت لتخترق!
أنتِ حقًا مختلفة وأحب اختلافك!
ارتسمت على وجنتيها ابتسامة خفيفة؛ ثم طبعت على لوحة المفاتيح:
ما رأيك بلعبة تحدي الجرأة؟ من يختاره يمكنه أن يسأل سؤالين مجانًا بشرط أن يجيب الشخص الآخر بالحقيقة، لا شيء سوى الحقيقة، موافق؟
حسنًا يا ذكية، السيدات أولًا!
ماذا اخترت؟ تحدٍ أم سؤال واحد عادي، وتجيب عنه بالحقيقة؟
أفضل أن تسأليني سؤالًا واحدًا فقط!
ضحكت بشدة وصاحت قائلة في سرها "علمت ذلك!" ثم كتبت: يا جبان، دعني أفكر.
ثم أكملت: ما هو أكثر شيء مروع حدث لك في حياتك ولم تستطع نسيانه إلى حد الآن؟
أترين؟ علمت أنك ستسألين أسئلة ذكية، لهذا السبب اخترت سؤالًا واحدًا.
ضحكت برقة ثم انتظرت منه الانتهاء من الكتابة حتى تعرف جوابه.
"في ليلة ممطرة بينما كنت أقود السيارة متجهًا نحو البيت رأيت حادثًا بين سيارة صغيرة وشاحنة ضخمة كانت تحمل قوارير الغاز، لم يثر دهشتي تقلص السيارة واختفاء ملامحها ولم أفزع بسبب الأشلاء الملقاة على قارعة الطريق، ما أثار روعي تلك الطفلة ذات الشعر الذهبي، لم تر من متاع الدنيا شيئا، كان عمرها بين السنتين والسنوات الثلاث.
صمت برهة لتعود النقاط الثلاث تتقافز: كان الخوف والصدمة يخيمان على وجهها، وشفتاها المرتعشتان لا تتوقفان عن الحركة، تمشي وسط الجثث، باحثة عن أمها وهي تنادي عليها بصوت خافت، ويا ليتني لم أسمعه، فقد علق في أذني كالحلق، تستمر بالنظر هنا وهناك علها تجد شال أمها المزخرف فتتعرف إليها بين الضباب، المسكينة لم يفدها البكاء فقد صعدت روح أمها إلى السماء، شعرت وكأني كنت مقيدا بالسيارة، لم أستطع إزالة حزام الأمان بسهولة بسبب ارتعاش جسدي كله من هول ما رأيته، هرعت راكضًا نحوها حتى أنقذها من بشاعة المنظر لكن ويلاه! قد فات الأوان قبل وصولي عندها.
وضعت تانيلا يدها على قلبها وكأن الحزن الذي في قلب كازانوفا انتقل إلى قلبها، تنفست بصعوبة واحتارت ما تقول! لكنها كتبت ببطء شديد وكأنها خائفة من معرفة ما سيقوله:
ماذا حدث بعدها يا كازا!
كانت سيارة أخرى في تلك اللحظة تحاول التوقف بعد ما فوجئ سائقها بالحادث، سمعت صوت المكابح ثم صوت ارتطام السيارة بجسدها الصغير، حدث كل شيء بسرعة ككابوس مخيف.
أصيبت تانيلا بصدمة مما حكاه وكأنها كانت تجلس معه في السيارة:
هذا مروع! أعتذر لفتح أوجاعك.
لا داعي للاعتذار، فأوجاعي لم تُنس أصلًا.
لا تلم نفسك لأنه لم يكن خطأك بل هو قضاء وقدر، وربما هذا أفضل لأنه لو عاشت فربما لن تكون سعيدة بفراق أمها.
لا أدرى يا سندريلا، فوجهة نظري لا تتفق مع وجهة نظركِ، انسي الأمر فقد حدث ما حدث وأعتقد أنه حان دوري في اللعبة، أخبريني من هو الشخص الذي تطلعينه على أسرارك؟
كتبت فورًا دون تفكير: لا يوجد.
أجيبي عن سؤالي.
لقد أجبتك! حقًا لا يوجد.
إذن من اليوم مُرحب بك، تستطيعين إخباري بجميع أسرارك.
أمالت رأسها على كتفها ثم زمت شفتيها وراحت تكتب بسرعة، وكأن حروف لوحة التحكم على وشك الهرب منها: أتعلم يا كازا! أريد الاختفاء، أرغب بالهرب من هذه الأرض وكل ما تحويه، خصوصًا من البشر.

يتبع


عائشة بوشارب غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 25-03-22, 07:56 PM   #24

عائشة بوشارب

? العضوٌ??? » 485881
?  التسِجيلٌ » Mar 2021
? مشَارَ?اتْي » 38
?  نُقآطِيْ » عائشة بوشارب is on a distinguished road
افتراضي

الفصل الرابع والعشرون


لماذا تقولين هذا؟ ما الذي يدعوك لتمني مثل هذه الأمنية؟
خائفة من قرار قد أمضي على فعله وأندم بعدها، أشعر وكأن قلبي مسجونًا داخل قبضة يد عملاق!
بعد ثوان من الصمت حاول كازانوفا كتابة شيء مناسب ليرد به، أخيرًا قال: بصراحة لم أعرف ماذا أكتب لك! فقد سرقت مني كل الحروف.
ساد الصمت للحظات، حتى بدا كضيف ثقيل ينازعهما غرفة الدردشة، تنهدت وفكرت قليلًا لتطرح سؤالها: ما هو الشيء الذي يجعلك ترتعب؟
لمَ تختارين الأسئلة الصعبة! ماذا فعلت لك؟ يا شريرة.
ضحكت من حديثه ثم أضاف قائلا:
سأخبرك لكن عديني ألا تضحكي أولا!
لا يمكنني أن أعدك، فالضحك بات هوايتي المفضلة. "أضافت مع رسالتها القصيرة ذاك الوجه الأصفر الذي يحتوي على غمزة ولسان أحمر اللون"
رد عليها قائلا: بصراحة، أخاف من الدماء.
اعتدلت في جلستها منتظرة بحماس انتهائه من الكتابة حتى تعرف السبب وراء ارتعاده من الدماء.
كما تعلمين بعد انتحار حبيبتي، بتُ أرى كوابيس متوالية، لهذا السبب لم أستطع إنقاذ تلك الفتاة الصغيرة التي كانت وسط الدماء، أعتقد أني مصاب بهاجس الدماء جراء ذلك.
شعرت تانيلا وكأن رابطًا قويًا بات يجمعهما، أحست بشعور غريب لم تستطع فهمه، فكتبت بارتباك وثقة في الوقت ذاته: لا تدع مخاوفك تتغلب عليك، ثق بأنك تستطيع التحكم فيها، فإن سيطرت عليها فلن تسيطر عليك! وأنا لدي هاجس من المرتفعات، لكن لا أفكر بها كثيرًا كي لا تتغلب علي.
ما رأيك أن نتحد كي نواجه مخاوفنا! أي تتقوين بي وأتقوى بوجودك، حاولي مواجهة مخاوفك معي.
رفعت حاجبيها وقد ارتسمت عليهما علامة استفهام: وكيف ذلك؟
فلنلتقي يومًا ما أنا وأنت! نصعد فوق مكان عال! نمسك بأيدي بعضنا وتقومين أنت بمساعدتي، أقصد بجرح يدي كي أستطيع رؤية الدماء التي تتدفق لتشهد اللحظة التي نتخلص فيها من خوفنا، سأتحسسها بيدي الأخرى حتى أبرهن لنفسي أنه يمكنني محو جميع الذكريات السيئة فقط عندما نريد نحن ذلك.
ابتسمت وسافر عقلها إلى الفكرة وارتسمت الصور في عقلها، فكتبت له: ماذا يحدث بعدها؟!
بعدها سنجري إلى حافة الهاوية ولن نسمح للجاذبية بالتقاطنا، في الوقت نفسه سنكون بأمان "الشكر لمخترع المظلات" ستكفينا مظلة واحدة لننجو، إلا إن كان وزنك ثقيلا فهنا يتحول حديثنا إلى حديث آخر.
ضحكت بصوت خافت، ورأت نفسها تطير معه بالمظلة في مكان جميل يخلو من البشر، على الرغم من عدم ذكره مكانًا محددًا، كم بدا المشهد حقيقيًا! فجأة غمرها إحساس مفاجئ أعادها إلى الواقع المر الذي تتصارع معه وقالت في سرها "هذه الحياة ليست لأمثالنا" ثم كتبت له:
أنت مفعم بالمرح يا كازا وذكي أيضا "قليلا" لكني لن أخاطر بالمجيء معك، من يدري قد تقوم بدفعي من هناك وأموت، أعلم بأنك مجنون وتفعلها.
ثقي دائما ما دمت حيًا لن تتأذي أبدا، يا حشرتي المجنونة!
استغربت تانيلا من جوابه، وقد غمرها شعور ممزوج بالفرح والإحباط في الوقت ذاته، فهي لم تأذن للحب أن يطرق بابها من قبل، لم تتوقع أن يقال لها شيء بهذا الدفء.
أتمنى هذا! حان دورك ولا تنسَ القوانين الجديدة للعبة.
صحيح، لقد نسيتها بالكامل، تحد أم سؤال واحد؟
فكرت بهمهمة ثم تجرأت: تحد!
ما هو الخطأ الفادح الذي فعلتِه في حياتك؟
فكرت عميقًا بسؤاله الذي فاجأها، ووجدت أنها فكرت به من قبل وبقيت الإجابة ذاتها: أحيانًا أشعر بأنني لم أعبر بما يكفي لوالديّ عن حبي لهما، وهذا يعد أكبر خطأ فعلته.
رحمهما الله، لا تفكري هكذا، يجب ألا تلومي نفسك على شيء لم تكوني تعلمين أنه سيحدث، فأنت إنسانة فقط ولستِ "امرأة خارقة".
ربما معك حق.
هل أنت جاهزة للسؤال التالي؟؟
جاهزة منذ يوم ولادتي.
بالتأكيد ارتكبتِ أشياء مخالفة للقوانين، أخبريني عن أخطر شيء فعلتِه مخالف للقانون.
تنهدت وفكرت فيما إذا كانت ستخاطر وتخبره عما فعلته، فقالت في نفسها: إنه نفسه متورط في اختراق الناس وفعل أشياء ممنوعة أكثر منها، فتشجعت وكتبت عن بعض اختراقاتها.
استمرا باللعب طوال ساعات دون الانتباه للوقت كعادتهما، حتى فاجأها بسؤال أربك قلبها: هل بحثتِ من قبل عن الحب؟
نعم، بحثت عن الحب في الكتب فقد قال لي والدي ذات مرة "من بحث عن الحب في الناس فقد أهلك قلبه" أن تحب حائطًا أو شجرة خير لك من حب إنسان لا توجد فيه إنسانية، لذا لا يوجد ما يؤنس وحدتي أفضل من الكتب.
أقنعني جوابك الذي لم أتوقعه! دورك.
ترددت في طرح سؤالها لكنها وجدتها فرصة مناسبة ما دام فتح معها موضوع "الحب" فسألته بشجاعة قائلة: إذا وجدت مَن تستحق فرصة للدخول إلى حياتك هل ستسمح لها بذلك؟
لا أعتقد أن القدر سيلاقيني بمن تجعل قلبي يخفق.
شعرت تانيلا بوخزة في قلبها، وبضيق خفيف في صدرها، ثم تنهدت بهدوء حتى أكمل قائلًا: لكن من يدري! ربما إذا كانت طيبة وخلوقة وتحب الكتب! ربما.
ضحكت من رسالته وشعرت بارتياح كبير لم تعرف سببه وربما لأنه قصدها بكلامه!
سندريلا! ما الذي يجدر بي فعله كي أفوز بثقتك؟
فوجئت من سؤاله الذي بدا غريبًا، وسرت به في ذات الوقت فسألته:
أعتقد أن هذا شيء يستحيل حدوثه، لكن لماذا سألت؟
لأني أريد صداقتك!
اختلطت مشاعرها ولم تعرف ماذا تجيب! فهي لا تعرف معنى أن يكون لديك صديق، لأنها لم تحظ بصديق من قبل، هل هكذا تبدأ قصة الصداقة؟ وكيف تكون؟
كثيرًا ما قرأتُ عن الصداقة، لكن لم أجربها يومًا، وعلى حسب ما قرأت وجدتها جميلة ومخيفة في الوقت ذاته.
الصداقة جميلة لماذا تقولين إنها مخيفة؟
لأن جرح الصداقة أعمق من جرح الحب، فمشاعر الحب تزول ويمحوها الوقت، لكن الألم الذي يأتيك من صديقك تبقى ندبته كذكرى لمعاقبتك على منحك ثقتك لمن لا يستحق، هذا ما قرأته.
حسنًا، قد يكونون محقين لكن لا تثقي في كلام الكتاب لأن معظمهم يكتبون أشياء لا يشعرون بها، قد تجدين الظالم يتحدث عن المظلوم، والغني يتحدث عن أوجاع الفقير.
فكرتْ قليلًا ووجدت أن ما يقوله صحيح، فلا يعقل أن تحدث جميع المآسي من أنواع مختلفة للكاتب، وإن حدثت فمن غير المعقول أن يكون مظلومًا فيها كلها.
المهم، اترك ثقتي بك للوقت، ألم يقولوا إن الوقت يجعل المستحيل ممكنًا، فلنجرب إذن!
طلباتك أوامر مولاتي، سأنتظرك إلى ما لا نهاية.
أخذا يضحكان معًا وهما يتأملان صفحة الدردشة بإعجاب، وأضاف:
سأحاول أن أكون عند حسن ظنك.
سنرى، لكنني فضولية بخصوص شيء.
تفضلي.
لماذا تريد أن تكون صديقي؟ ألم يكفك الأصدقاء الذين سردت لي قصصًا عنهم!
ليس كذلك، لدي إحساس بداخلي يخبرني باستمرار أننا سنكون صديقين لا مثيلا لنا، وربما أكثر من ذلك! كما أننا نمتلك الكثير من الأشياء المشتركة.
أنت محق، لكن صداقتنا تعني البوح لبعضنا البعض بكل الأسرار المخفية.
جربيني بنفسك، يمكنك سؤالي عن أي شيء تريدين معرفته، اسمي أو شخصيتي أو حتى مكاني.
فكرت بابتسامة ووجدت أن طرح سؤال بسيط في الوقت الذي ينتظر منها سؤالا خطيرًا سيمتعها: أخبرني بصراحة، ما اسم فيلمك المفضل؟

يتبع..


عائشة بوشارب غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 25-03-22, 07:57 PM   #25

عائشة بوشارب

? العضوٌ??? » 485881
?  التسِجيلٌ » Mar 2021
? مشَارَ?اتْي » 38
?  نُقآطِيْ » عائشة بوشارب is on a distinguished road
افتراضي

الفصل الخامس والعشرون


ليس لدي فيلم مفضل، لا يمكنني إعطاء تقييم عال لفيلم لأني أعرف أنه سيكون هناك أفضل منه مستقبلا.
نالت إجابته إعجابها فقد طرحت السؤال على نفسها من قبل، وأجابت بإجابته وراحت تطرح عليه المزيد من الأسئلة فقد أعجبها أنه نسي قوانين اللعبة، وبدأت هي تقودها.
ماذا عن المسلسلات ماهي الأنواع التي تفضلها؟
سهل! التي يوجد فيها غموض وألغاز يصعب حلها والتي...
فوجئت أكثر من جوابه فقد كان الجواب الذي أجابت به نفسها فقاطعته قائلة: حسنًا يكفي! أخبرني كيف تحب نهاياتها؟!
ثم قالت في سرها يستحيل أن تكون إجابته كالتي في بالي الآن! وإن حدث وكانت كذلك فسأتوجه غدا إلى طبيب نفسي، نعم هذا أفضل حل، قد يكون هذا المجهول من نسج خيالي.
أحب النهايات الحزينة لأنها تظل راسخة بعقل المشاهد.
الحمد لله، لأني لا أحبها إطلاقًا!! أعشق النهايات السعيدة التي تنتهي دومًا بانتصار الخطط الناجحة.
نظرت تانيلا إلى الساعة التي تشير إلى الرابعة صباحًا، وقالت دَهشة:
يا الله!! لم أشعر بأن الوقت مر بهذه السرعة أخذ حديثنا عن الأفلام والحياة وقتًا طويلًا.
أنتِ محقة لم أشعر به أيضًا، وعليّ الاستيقاظ باكرًا.
استأذنت منه وذهبت للنوم.
*****
بينما كان سامي منغمسًا في عمله انتبه إلى طرق السكرتيرة بابه وهي تستأذن لقدس في الدخول، وعلى الفور أشار إليها بالموافقة وهب واقفًا في انتظارها، دخلت متوترة فانتبهت إلى علامات الجدية على وجهه، وقبل أن تنطق بكلمة قال بنبرة تحمل الجدية والبرود في آن واحد: ما الذي أتى بك إلى هنا في هذا الوقت الباكر؟
شعرت بالتوتر من نبرته وبدأت تقضم أظفارها خوفا ثم قالت:
لقد أتيت لأعتذر إليك عما بدر مني.
فقاطعها قائلا بنبرة حادة أكثر:
أجبيني على سؤالي القادم من دون أن تكذبي!
ارتجف قلبها خوفًا وهزت رأسها بالموافقة فقال: هل دائمًا تصرخين على الأشخاص الذين يدوسون الأرضية بعد أن تنظفيها؟!
ازداد شعورها بالخجل وتوردت وجنتاها، ثم قالت وعيناها ذابلتان تنظران نحو الأرض: أنا حقًا آسفة.
رفعت رأسها وهي تنظر إليه ثم أكملت: تلك كانت آخر مرة أتصرف بها بغير عقلانية يا سيد سامي، وأعدك إن لم تقم بطردي من هنا فسأكون عند حسن ظنك.
أنزلت رأسها للأسفل مرة أخرى، وإذ بسامي يضحك من توترها، فقد بدت كالأطفال بنظره.
لدي شرطًا واحدًا، إن نفذتهِ فلن أقوم بطردك.
رفعت قدس رأسها وحاجبيها في الوقت نفسه، ومال رأسها استغرابًا منه، ثم سألته بنبرة حذرة: ما هو شرطك سيد سامي؟
إذا ذهبت معي هذا المساء في نزهة لكي...
جحظت عيناها وعقدت ذراعيها أمام صدرها، ثم قاطعته قائلة: هل أبدو لك من الفتيات اللواتي يبعن أنفسهن من أجل العمل؟؟
زادت من حدة صوتها وأكملت بغضب أكثر: اسمعني جيدًا أيها الطفل المدلل! إن كنت تعتقد أنني سهلة المنال فأنت مخطئ، أنا لست..
وضع يده على فمها ثم احتضنها بين ذراعيه ملصقًا إياها بالجدار.
تبادلا النظرات، ثم أشاحت بنظرها عنه وهي تحاول الإفلات منه لكنها لم تستطع، وقال بنبرة جدية:
اهدئي!! لم أكن اقصد ذلك الشيء بكلامي! لماذا دمك حار هكذا؟!
ظلت قدس تتكلم بكلام غير مفهوم بسبب يده التي غطت فمها مما جعل الوضع يضحك سامي، فقال وهو يحاول إمساك نفسه من الضحك:
سأقوم برفع يدي لكن إن حاولت الصراخ أقسم أني سأضع الشريط اللاصق على فمك.
هزت قدس رأسها بالموافقة فرفع يده ببطء وهو ينظر إلى عينيها بعاطفة، ثم ردت بصوت خافت وهي تشعر بالخجل من موقفهما: إذن ما الذي قصدته سيد سامي؟
تنهد سامي بحنان وهو ينظر إلى وجه قدس الملائكي، ثم قال: لدي اجتماع مهم هذا المساء خارج الشركة، ولا أحب حضور الاجتماعات وحدي، لهذا أرغب بمرافقتك.
حسنًا لم أعلم أن هذا قصدك، لكن لم لا تأخذ معك موظفتك فهذا هو عملها أليس كذلك؟ كما أنني لست موهوبة في هذا المجال ولا أعرف عنه شيئًا.
أجابها سامي وهو يقرص أنفها بطريقته المتبجحة: لو كنت صبورة ولم تقاطعي كلامي لفهمت قصدي، لا رغبة لي بمرافقة موظفتي لأنها مملة، وليست مضحكة مثلك!
شعرت قدس بالحرج وهي تحاول أن تهرب من عينيه قدر المستطاع، ثم قالت بثقة: دعني أفكر بالأمر!
أجابها بابتسامة ماكرة:
لا داعي للتفكير بالأمر إن أردت الاستمرار بالعمل في الشركة، فتعالي على الساعة الثالثة مساء إلى العنوان الذي ستدونه لك موظفتي بالخارج.
ثم ابتعد عنها وتوجه للجلوس على كرسيه بكل هدوء ليكمل عمله، نظرت إليه ثم تنهدت وقالت بصوت منخفض: صبرك يا الله.

يتبع..


عائشة بوشارب غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 25-03-22, 07:59 PM   #26

عائشة بوشارب

? العضوٌ??? » 485881
?  التسِجيلٌ » Mar 2021
? مشَارَ?اتْي » 38
?  نُقآطِيْ » عائشة بوشارب is on a distinguished road
افتراضي

الفصل السادس والعشرون

مضت ثلاثة أسابيع بأكملها، واقتربت تانيلا من كازانوفا أكثر بعدما أصبحت تحادثه يوميا فقد بات عادتها اليومية، أما بالنسبة لقدس فقد ذاب جبل الجليد الذي كان بينها وبين سامي منذ حادثة المكتب، وأصبحا يمضيان أغلب وقتهما معًا بعد ما ازدادت مواعيدهما.
يمكنك الذهاب إلى المنزل كي ترتاحي، أما أنت يا قدس فيجب عليك تنظيف متجر السيد مصطفى قبل ذهابك.
قال المدير مخاطبًا تانيلا وقدس، فشعرت تانيلا بالشفقة على قدس، وقررت البقاء معها لتؤنس وحدتها.
هل يمكنني البقاء قليلًا بعد؟ فأنا أرغب بمساعدتها في تنظيف المتجر.
أومأ برأسه موافقًا ثم غادر.
توجهتا إلى المتجر وهما تحملان أدوات التنظيف، وباشرتا تنظيف المتجر بهمة ونشاط، رأت تانيلا أنه لا يوجد أفضل لقتل الوقت غير الدردشة، فراحت تحكي لها عن حبها لوالدها ومغامراتها القليلة معه رحمه الله، لكن حينما ذكرت هذا الموضوع أحست أنها جرحت مشاعر قدس لسبب ما دون قصدها، فقررت تغيير الموضوع بقولها: اسمك جميل للغاية من قام باختياره هل والدتك أم والدك؟
ابتسمت وردت عليها قائلة: اسمي يحمل حكاية لا تشبه أي حكاية.
اقتربت تانيلا منها ثم ربتت على كتفها، وطلبت منها الاستراحة كي تبوح لها بما يثقل كاهلها، فجلستا وأكملت قدس مسترسلة:
توفي والدي قبل مولدي وتبعته أمي، بعد ذلك لم تسنح لهما الفرصة حتى لتسميتي، ولحسن الحظ أن جدتي الحبيبة لم تتركني يومًا.
سألتها تانيلا مستفهمة بحيرة:
لا أريد إحزانك أكثر لكن، ماذا حدث لوالديك؟
تنهدت متحسرة وقالت:
دعيكِ مني فحكايتي طويلة، والحياة لم تكن عادلة معي يا صديقتي!
يا للأسى.. هكذا قالت تانيلا وقد تأثرت، ثم حاولت أن تواسيها فقالت مضيفة: هكذا هي الحياة لم تعطنا الحق في اختيار طريقة العيش، لكن اللوم لا يقع عليها بل علينا، أصبحنا في زمن تبحث الحياة المظلومة فيه عن العدالة بين البشر الظالمين.
دموعها التي تساقطت دون إرادتها دفعت تانيلا لمعانقتها، لكن العناق لم يدم طويلًا، فقد استجمعت قدس قوتها وحاربت الدموع بابتسامة لطيفة لتعود إلى العمل.
انتبهت قدس بينما كانت تنظف إلى أن تانيلا شردت في فستان أحمر اللون أشبه بفستان سندريلا الساحر، فقد استوحاه مصممه على الأغلب من فساتين أميرات ديزني الساحرة، ربتت على كتفها فشهقت تانيلا مرتعدة، ابتسمت قدس ثم قالت:
أعجبكِ بشدة، أليس كذلك؟
ها؟!
أقصد الفستان.
ابتسمت تانيلا وهزت رأسها بالموافقة قائلة: وهل هناك فتاة طبيعية لن يعجبها مثل هذا الإبداع؟ إنه ساحر للغاية!
ارتجف صوت قدس من الحماس وهي تقول: إذًا، ما رأيك أن تجربيه!!
فوجئت تانيلا، وأجابتها قائلة بصوت صارم: أجننتِ! مستحيل هذا خطر، ماذا إن رآنا أحد ما؟!
لا تكوني درامية، إنها الواحدة بعد منتصف الليل لا يوجد أحد غيرنا! هيا رجاء لن يُكتشف أمرنا أعدك.
ترددت تانيلا ثم قالت: لكني أخاف!
ولكنه يستحق المجازفة!!
يستحق أليس كذلك؟!!
أومأت قدس بالموافقة ثم حملته وذهبتا بسرعة لغرفة تغيير الملابس، وانتظرتها بالخارج بينما تجربه.
سأكون بانتظارك عزيزتي لكن أسرعي.
مضت دقائق عدة ولم تخرج تانيلا بعد، فشعرت قدس بضجر قاس وقالت: لماذا تأخرت كل هذا الوقت من يراك يظن أنكِ عروس يوم زفافها!
فردت عليها من الداخل قائلة:
اصبري قليلا، إنه كبير للغاية وارتداؤه صعب، أمهليني لحظات أخرى.
هل أدخل لأساعدك؟ اقسم أني لن استرق النظر وحتى لو فعلت فلدينا الأشياء نفسها.
لم تمض ثوان حتى خرجت تانيلا بمنظر يخلب الألباب، فتحت قدس فمها بدهشة فقد بدت وكأنها أميرة هاربة من قصة خيالية، بشعرها الطويل المجعد كشرائح السباجيتي التي أضافت إليه بشرتها البيضاء جمالًا، كانت أقل ما يُقال عنها إنها فتنة فوق الأرض.
من أين لك بهذا يا فتاة!!
ماذا تقصدين؟
كم تبدين جميلة يا تانيلا! تبدين رائعة! بل فائقة الروعة!!
لا تبالغي!
أي مبالغة تعالي معي بسرعة.
أمسكت يدها وجرتها معها إلى غرفة المجوهرات حيث توجد مرآة كبيرة وقالت: انظري لنفسك لتعلمي أني لا أبالغ.
رأت تانيلا تلك الليلة في المرآة فتاة لم ترها في حياتها من قبل، وسرها التعرف عليها ووجدت أن المال حقًا يشتري السعادة، لكنها سعادة سطحية وزائفة.
حقا، أنا أبدو جميلة!
لمحت قدس تاجًا مرصعًا بالألماس الفاخر، فتوجهت إليه ثم حملته بحرص شديد ووضعته على رأس تانيلا وقالت بسعادة: أجل هذا ما كان ينقص، واكتملت صورة الأميرة!
أنا سعيدة للغاية يا قدس، لم أرتد في حياتي فستانا كهذا.
ضحكت قدس بإعجاب وقالت مازحة: فليقنعني أحد أننا في القرن الحادي والعشرين، لا ينقصك الآن سوى الفارس وحصانه الأبيض!
نسيت الفتاتان نفسيهما وهما تضحكان وتتبادلان الحديث، حتى قطع صوتهما خطوات تقترب من المتجر، فدب الرعب فيهما، وعلمتا أن هناك شيئًا خطيرًا قادمًا من الظلام، وفجأة أطل الحارس بمصباحه اليدوي فرآهما في تلك الحالة الرهيبة.
قالت تانيلا في سرها: إن أمر انتقامها قد انتهى في هذه اللحظة، لكنه ظل صامتًا لا يعي ما يدور حوله وشرد في جمال تانيلا الذي أنساه وجوده، لولا صوت سامي الذي أفاق الجميع لبقوا متجمدين حتى الصباح.
ماذا يجري يا "خالد"، من هناك؟
أجاب الحارس قائلا: لم يحدث شيئًا يا سامي، اعتقدت أني سمعت ضجة لكني كنت مخطئًا.
أطل سامي من ورائه حتى رآهما وارتسمت على جبينه الكثير من علامات الاستفهام، المسكين لم يفهم شيئًا مما يحدث، لا تانيلا التي تبدو كالأميرة، ولا قدس المرتعبة ولا حتى خالد الذي يوجه مصباحه نحوهما، غادر الحارس وتوجه سامي إليهما فرأت قدس أنه من الأفضل لو تكلمت هي الأولى قبل أن يقول شيئًا لا يسرهما فقالت:
ولا كلمة رجاء ولا حتى كلمة صغيرة!
فراح يضحك من ارتباكها وتصرفها الطفولي وقال: لا تقلقي أميرتي الصغيرة، لن أبوح لأحد بما رأيته، بالمناسبة تبدين جميلة يا تانيلا.
شعرت تانيلا بحرج من النظر إلى عينيه، لكنه انصرف بعدما اطمئن إليهما وتركهما والإحراج يكاد يقتلهما.
توجهت تانيلا إلى المنزل بعدما انتهت من العمل وتمددت على سريرها، بينما راحت تحادث كازانوفا عبر الهاتف كعادتها.
ما بها نبرة صوتك؟
ما بها؟!
لا أدري! تبدو مختلفة! أخبريني ماذا حدث؟
تنهدت تانيلا بملل ثم قالت:
لا تسأل رجاء، فقد حدث لي شيئًا محرجًا اليوم لن أنساه طيلة حياتي.
ضحك قائلا: لا تقلقي، سيمر.
ماذا عنك؟ لماذا تبدو مبتهجًا ومتفائلًا على غير عادتك؟
مم، قابلت فتاة لم أرَ مثيلا لجمالها يومًا.
قاطعته بحدة قائلة: هل سأنتظر كثيرا لانتهاء وصلة الغزل تلك؟
أنا أسرد لكِ فقط.
صمتتْ بضيق ولم تجب، حتى قال هامسا: بالنسبة لي أنت أجمل فتيات العالم!
ضحكت بسخرية ثم قالت: لا تكذب فأنت لم ترني بعد!
هذا صحيح لم أرَ جسدكِ، لكني رأيت روحك لأنها لامست قلبي.
خجلت من كلامه، وابتسمت في سرها ثم قالت بحدة: لا تجن!
وأيضًا لو كان جمال الروح مهمًا لأقيمت مسابقة لجمال الروح وليس لجمال المظهر.
وجهة نظرك معقولة، إذن ما رأيك لو أخبرتك أنني اخترقت هاتفك ورأيت صورك!
ضحكت بصوت مرتفع وراحت تسخر منه: لن يحدث حتى في أحلامك! أولًا مكالمتنا ليست عن طريق شريحة الهاتف، وثانيًا هاتفي يخلو من الصور، وحتى لو كانت كذلك لما تمكنت من اختراقي، أرأيت كم يستحيل الوصول إلي!
أنت حقًا لا تعرفين الفرق بين الجدية والمزاح!
صحيح لا أعرفها معك! فدائما أنت جدي وصارم.
ابتسم بمكر خبيث ثم قال: أنت محقة.
تنهد وأضاف: لست أدري ماذا أصابني اليوم بعد رؤيتي تلك الفاتنة.
زفرت وقالت متأففة: إن استمريت بمزاحك الثقيل فسأخلد للنوم وأتركك بمفردك!!
تعالت ضحكاته وراح يقول: كم تصبحين ظريفة عندما تغارين!
ردت وهي تلعب بخصلات شعرها المجعد: ومن قال لك إنني غرت! أنا لا أغار بل هن من يغرن مني يا عزيزي.
ثم أضافت مترددة: أصلا أنا متأكدة من أنني أفضل منها!
أجل من دون شك.
*****

يتبع..


عائشة بوشارب غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 25-03-22, 08:00 PM   #27

عائشة بوشارب

? العضوٌ??? » 485881
?  التسِجيلٌ » Mar 2021
? مشَارَ?اتْي » 38
?  نُقآطِيْ » عائشة بوشارب is on a distinguished road
افتراضي

الفصل السابع والعشرون

هبت قدس واقفة وقد بدا الانزعاج في عينيها، وغمغمت: ماذا يضحكك؟
آسف لا أقصد أن الموضوع مضحك لكن، لم أتوقع أن تغاري علي من تانيلا!
زفرت بأسى وتأنيب الضمير يلتهمها، فتانيلا تكون صديقتها الوحيدة وشعورها بالغيرة يكاد يقتلها، على الرغم من الثقة الكبيرة التي بينهما.
لا أعتقد أن هناك وصفًا لشعوري هذا، رؤيتي لكما معا وأسئلتها المتكررة عنك، كل هذه الأشياء تشعرني بعدم الاطمئنان ولست مستعدة لفقدان الأمان الذي وجدته معك.
تنهد سامي بأريحية وراح يقول في أسلوب واضح النبرات: اطردي هذه الأفكار من رأسك فلا وجود لغيرك في قلبي! كما أن تانيلا صديقة مقربة لا أكثر ولا أقل، لذا كوني واثقة بأني لن أتركك يومًا حتى لو توسلتِ لذلك.
ابتسمت قدس فرحة بعدما أزاح حديثه شعورها بالاختناق، وراحت ترجو ضميرها أن يتوقف عن تأنيبها بعد إساءتها الظن بصديقتها.
*****
استيقظت تانيلا على الحادية عشر على غير المعتاد فاليوم هو يوم إجازتها، نهضت لتغتسل وسارعت إلى تجفيف شعرها، وضعت الأواني المتسخة في آلة غسل الصحون ثم ضبطت إعدادات مكنسة الروبوت وتركتها تنظف البيت، وتوجهت لتعد قهوتها بكل هدوء وهي تدندن، ثم توقفت للحظة وصارت تفكر إن كانت قد فعلت الصواب في شأن إخفاء حقيقة انتقامها عن شقيقها، وقالت في سرها: إن إخباره عن خططها قد يسبب نتائج كارثية! استفاقت من شرودها بعدما سمعت صافرة آلة القهوة، استعجلت بشربها، وغيرت ملابسها وهمت بالخروج من المنزل.
أما سامي فقد كان جالسًا مع قدس في حديقة التجارب العلمية في قلب "الجزائر" العاصمة التي سميت بحديقة "الحامة"، والتي تعد متحفًا فعليًا للطبيعة بضمها أشجارًا نادرة، وبساتينَ خلابة.
ما رأيك بالمنظر هل أعجبك؟
إنه لا يصدق كالحلم تمامًا، بل أجمل منه!
ابتسمت وأضافت: أتعلم! أكثر ما أعجبني أشجار الكافور، فحجمها الكبير كاف لإخفاء قبيلة بأكملها تحت أغصانها الخشنة.
فرح لفرحتها بالمكان وتنهد قائلا:
هل تعلمين أنه يمكن تصنيع الذهب من أشجار الكافور؟
واو! حقا!!
هز رأسه بالموافقة مبتسمًا ثم انتبه لابتسامة ماكرة، ارتسمت على وجهها بينما كانت تنظر إلى عينيه فسألها قائلا: ما الذي جال في ذهنك وخلق على وجهك ابتسامة خطيرة كتلك؟
ضحكت بفتور وردت عليه بحماس كبير: لدي فكرة مذهلة ستجعلنا أغنياء!!
وأضافت: أعتذر نسيت أنك غني بالفعل!
ضحك ضحكة مجلجلة وقال: أخبريني بالمصيبة يا مصيبتي الحلوة.
ما رأيك لو نعود ليلًا مع جرافة ونقتلع جميع أشجار الكافور التي هنا ثم نصنع بها الكثير من الذهب!!
حسنًا يا مجنونة، فلنقل إننا نفذنا خطتك.
قفزت من مكانها بحماس كبير فأكمل مقاطعًا حماسها: وهذا لا يعني أنني وافقت على فكرتك المجنونة! إن حدث ونفذناها فمن الذي سيحولها إلى ذهب! هذا يحتاج إلى خبرة ووقت طويل، وإلى أناس متخصصين في هذا المجال.
يا لك من قاتل للأحلام والمتعة! حسنًا انسَ الفكرة.
اقترب منها ثم أمسك يدها وطبع قبلة على وجنتها ثم قال: أنتِ التي سرقتِ قلبي، وجعلته ينبض كما لم يفعل من قبل.
تنهد ثم واصل: هل تعلمين شيئا! سأبوح لك بسري الصغير، ظننت أنني أحببت ولم اعرف معنى الحب قبلك.
نظرت إليه باستغراب وخجل في الوقت ذاته، ففتنته ملامحها البريئة التي زادتها حمرة خديها جمالًا، فقالت بهمس: ما الذي تقوله يا سامي.
نظر إليها وعيناه تشعان حبًا:
لم أقل شيئًا سوى الحقيقة.
أدارت رأسها نحو الشجرة باستحياء وقالت متحاشية نظراته: رجاء لا تخجلني أكثر، هذا ليس وقته.
وضع يديه على وجهها وأداره نحوه قائلا: إذن متى وقته! أخبريني وأطفئي النار التي بداخلي، فقلبي لم يعد يحتمل!

يتبع..


عائشة بوشارب غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 25-03-22, 08:01 PM   #28

عائشة بوشارب

? العضوٌ??? » 485881
?  التسِجيلٌ » Mar 2021
? مشَارَ?اتْي » 38
?  نُقآطِيْ » عائشة بوشارب is on a distinguished road
افتراضي

الفصل الثامن والعشرون
لم ترد عليه، وساد الصمت في الأجواء لدقائق غاصت فيها قدس في دوامة من الشرود وهي تنظر إلى المارة الذين بدوا في غاية السعادة، حتى قال لها بنبرة حنونة: ما بك حلوتي؟ أخبريني ما الذي يشغل بالك؟
استفاقت من شرودها ثم أجابته بنبرة يائسة: رجاء لا تشغل بالك، أنا بخير حال.
لا تخفي عني شيئًا يا قدس! أعرف ملامحك جيدًا عندما تكونين حزينة.
لا تهتم.
رد عليها بنبرة رجاء: لا تخفي عني ما يؤلمك، ألم نتفق أن نكون سندًا لبعضنا بعضًا ونتجاوز أحزاننا معًا؟!
هذا صحيح، لكن...
قاطعها بنبرة قاسية: لا يوجد لكن! أنت الآن تخفين عني شيئًا يثقل كاهلك، وهذا يجعلني حزينًا حد الموت.
نظرت إلى عينيه ثم ردت بنبرة يملأها الأسى: لا تزال جدتي مريضة وحالتها تزداد تدهورًا شيئًا فشيئًا.
صمتت قليلًا وهي تتنهد بحزن ثم أكملت: خائفة من خسارتها، هي كل ما تبقى من عائلتي، سأموت إن حدث لها مكروه يا سامي.
لا تقولي هذا، استجمعي قوتك وتفاءلي خيرا، ماذا أفعل كي أساعدك، طلبت منك أخذ الشيك الذي حررته لكما سابقا حتى تتعالج به، لكنك عنيدة.
ردت متأففة: إن كانت لي مكانة صغيرة في قلبك، أقفل هذا الموضوع رجاء، فأنت تعلم أنني لا أقبل أخذ النقود من أحد!
من أحد؟؟!
شعر سامي بالغضب، ثم قام من مقعده قائلًا بنبرة خشنة متنحنحة:
تأخر الوقت، انهضي لنذهب.
قامت من مقعدها وهي تتبعه، بينما كان يمشي أمامها بخطوتين أو ثلاث حتى غادرا الحديقة، فتح باب السيارة دون أن ينبس ببنت شفة فصعدت وراقبته بعينيها من مرآة السيارة حتى صعد هو الآخر، ووضع يديه على مقود السيارة فوضعت يدها فوقهما وقالت بنبرة متأسفة:
لا تفعل هذا! لم يكن قصدي إبعاد السعادة عنك.
ساد الصمت بينهما حتى رمقته بابتسامة أطفأت نار غضبه ليفاجئها بقبلة حارة على وجنتها كادت تلامس شفتيها! هالتها جرأته وتجاهله التام لمبدأ الحذر! فقالت له وهي تعض شفتيها من الخجل: أعلم أنك غاضب مني، لكن هذا لا يعطيك الحق في فعل ما يحلو لك!!
ضحك متناسيًا غضبه دون أن يرد عليها، وتركها تغوص عميقًا في خجلها الذي جعلها محمرة الخدين والجسد.
*****
نزلت تانيلا من سيارة الأجرة، ثم وقفت أمام الباب الكبير لمركز "سيدي مجاهد"، ذلك المركز الذي ترعرعت فيه عندما كانت صغيرة، منتظرة من أحدهم أن يفتح الباب لها بعدما قرعت الجرس، فإذ برجل كبير السن يفتح الباب بكامل قوته من شدة حجمه الكبير مما جعله يشهق تعبًا وتقدمت خطوتين للداخل فرحب بها قائلًا: أهلا بك، كيف يمكنني مساعدتك؟
أجابته تانيلا بلطف قائلة:
أهلا سيدي هل السيدة "سهيلة العربي بوعمران" هنا؟
أنزل رأسه إلى الأسفل من دون أن يجيبها فاستغربت من تصرفه، فقالت له مرة أخرى: هل أخذت إجازة؟
صمتت قليلًا وهي تنظر إليه بحيرة من دون أن يجيبها، ثم أكملت متنهدة: إن لم تكن موجودة اليوم فهل بإمكانك إخباري بالأيام التي تعمل بها؟
رفع رأسه وهو ينظر مباشرة إلى عينيها نظرة أسى، ثم قال بنبرة هامسة: أعتذر يا بنيتي، لقد توفيت سهيلة منذ شهر.
قالت بتلعثم: كيف! كيف حدث هذا؟!
أصابها مرض خطير لكنها لم تعلم بوجوده إلا في أيامها الأخيرة.
انهارت تانيلا وهي تتمسك بالحائط كي لا تقع أرضًا، فأمسك بها وحزن على نظرة الأسى واليأس التي بدت عليها فقال مواسيًا: إن كان هذا يواسيك فاعلمي أنها لم تتألم أبدًا، بل ماتت سعيدة كما كانت دائمًا، إنا لله وإنا اليه راجعون.
استمرت تانيلا بالبكاء بحرقة، وكأن جميع من تتمنى موته يبقى حيا وكأن والدها البيولوجي يقول لها أنا خالد كي يستمر شري بالنمو، وكل من تتمنين لهم الخلود يرحلون باكرًا!
"يا رباه هذا اختبار قاس، تيتمت مرتين واحترق قلبي مليون مرة!"
ناولها كأسًا من الماء البارد وهو يقول محاولًا تهدئتها: لا تفعلي هذا بنفسك يا ابنتي، استغفري الله فهذه سنة الحياة.
سألته بنبرة مرتجفة مكسورة: أين دفنت؟
دفنت في مقبرة قريبة من هنا اسمها "سيدي شريف" أمام شجرة اللوز ذات الأغصان الكبيرة.
خرجت تانيلا مسرعة نحو سيارة الأجرة التي كانت بانتظارها، فقادها السائق للمقبرة، عند وصولها لم ترهق نفسها بالبحث كثيرًا، لأن شجرة اللوز كانت بالقرب من مدخلها مما جعل إيجاد قبر "سهيلة" بسهولة.
جلست المسكينة بالقرب منها وراحت تبكي متحسسة تراب قبرها، فقد تحطم قلبها مجددًا وتبعثر إلى أشلاء، ولم تقو على منع دموعها من النزول.
درستُ واجتهدت كي أجعلك تفتخرين بي حاولت القدوم اليك، فكرت فيك يوميًا، كل ليلة قبل أن اخلد إلى النوم وفي كل مرة قلت فيها كلمة أمي كنت تخطرين ببالي، على الرغم من السنوات التي مرت إلا أنني ما زلت أتذكر عناقك الدافئ، وقصصك التي تؤنس وحدتي. سلمتني بنفسك إلى عائلة اعتنت بي، وربتني كفرد منها، لكنها تركتني بعدما تعلقت بها اشد التعلق، وها أنتِ ذا فعلت الشيء ذاته، بعدما كنت الجزء الوحيد المتبقي من طفولتي.
*****

يتبع..


عائشة بوشارب غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 25-03-22, 08:01 PM   #29

عائشة بوشارب

? العضوٌ??? » 485881
?  التسِجيلٌ » Mar 2021
? مشَارَ?اتْي » 38
?  نُقآطِيْ » عائشة بوشارب is on a distinguished road
افتراضي

الفصل التاسع والعشرون

بينما كانت قدس تنظف الأرضية اهتز هاتفها فجففت يديها بمئزرها ثم أخرجته لتكتشف أن جدتها هي المتصلة، عندها دب الذعر في قلبها:
الو، ماذا هناك يا جدتي؟ هل حدث شيء؟! هل أنت بخير؟
ردت جدتها مقهقهة: لا يا بنيتي، لا تقلقي، أردت إعلامك أن ضيفًا مميزًا عندنا.
استغربت قدس بحيرة مما قالته وردت عليها: ماذا تقولين؟ لم افهم شيئًا!
صمتت الجدة ولم تجب فازدادت حيرتها وراحت تقول: ألو جدتي، هل تسمعينني.
لم أرَ مثيلا للطف جدتك يا أميرتي.
ذُهلت قدس من سماعها صوت سامي فأوقعت المنشفة أرضا ثم قالت دَهشة: سامي؟! ما الذي تفعله عندك؟؟
اشتقتُ لجدتي وأتيت زائرًا لها ما شأنك أنتِ؟
لا أمزح معك يا سامي، أنا أتحدث بجدية!
ردت جدتها قائلة:
لماذا لم تجعليني أتشرف بمعرفته من قبل يا بنيتي؟! إنه شخص ممتع للغاية.
زفرت قدس بقوة ثم قالت بنبرة جادة: هل تمزحين يا جدتي أعطه الهاتف رجاء، أريد أن أقول له شيئًا.
لم تكمل كلامها حتى أقفل الخط بوجهها، فأغضبها ذلك وتركت كل ما بيدها وهرولت إلى البيت.
*****
دخلت تانيلا إلى غرفة والدها مكسورة القلب، ألقت جسدها المرهق على سريرها واستمرت بالنظر إلى السقف فترة طويلة، ثم قالت بينها وبين نفسها بصوت يرتجف، أصبحت وحيدة من جديد في عالم عميق وموحش، خوف كبير يسيطر على قلبي، أيعقل أن يكون طريق الألم طويلًا هكذا؟ حينما أقول إنه لم يتبقَ شيء لأتألم عليه، أجد نفسي في حفرة كبيرة من الأشياء التي تزيد من قتلي مرارًا.
تراكمت عليها الأحزان ولم يتبقَ لها شيئًا سوى التفكير في خطوتها القادمة لتنفيذ خطتها الانتقامية، فقد دهمها الكثير من الوقت، أخذتها رائحة عطر والدها إلى الذكريات فاغرورقت عيناها بالدموع، وانهارت متعبة من كل شيء. أمسكت بالهاتف واتصلت بملجئها وهي في حالة منهارة بأتم معنى الكلمة.
أنا بحاجة ماسة إليك.
رد عليها بصوت مرتعد: ما الخطب يا سيكادا! ماذا حل بك؟!
أشعر بأني سأموت، لماذا كل الذين أحببتهم رحلوا؟ أشعر وكأني لعنة تصيب كل من يعرفها بالموت!
اهدئي رجاء واحكي لي ماذا حصل؟؟
هل تعلم ربما حبيبتك السابقة..
أكملت وهي ترتجف من البكاء:
أقصد زينة لم تنتحر لأنها أنانية ولم تفكر بك بل على العكس، لقد انتحرت لأنها فكرت بك كثيرًا. فكرتْ في كيفية إكمال حياتها وأنت تنظر إليها نظرة العاهرة التي رأى الجميع جسدها عاريًا، لذلك انتحرت لقد أرهقها التفكير.
صمتت قليلا ثم أضافت:
وأنا الآن أفكر كثيرًا يا كازا، صدقني كثيرًا! أعلم أنني وزينة لا نتشابه في شيء، ولكني أعلم أنها قد وجدت حلًا يريحها وأنا أريد أن أرتاح بشدة، صدقني....
قاطعها كازانوفا وهو يصرخ بأعلى صوته المرتجف: إياك!! هل تسمعين إياكِ فعلها!
انفجر باكيًا وأخذ يشهق كطفل صغير وهو يقول: زينة تلك! لا يوجد مبرر لفعلتها لقد حولت حياتي إلى جحيم بعدما تركتني أصارع شياطيني وحدي، أتعلمين كم صارعت الوساوس التي أخبرتني مرارًا وتكرارًا بأن أقتل نفسي! لقد كان ذلك قاسيًا يا سندريلا، قاسيًا جدًا! لن أسمح لك بأن تجعليني أعيش الأمور ذاتها مرة أخرى هل تسمعين؟ لن أسمح بذلك!
ردت عليه بصوت مخنوق يكاد يكون غير مفهوم: لكن الألم لا يُحتمل يا كازا، يكاد يقتلني!
اسمعيني جيدًا، زينة لم تلجأ إلي لو فعلت لما حدث أي من ذاك الذي حدث! ولكنك فعلتِ ولن أتركك مهما حدث، أعدك!
ردت بنبرة مكسورة: من حُسن الحظ أنني عرفتك.
هيا انهضي لتغتسلي واشربي قليلا من الماء كي تهدئي، ولا تقفلي الخط، ابقي معي!
فعلت تانيلا ما أمرها به ثم عادت مكانها أفضل مما كانت عليه.
شكرًا لوجودك يا كازا.
احكي لي الآن ما بك؟
حكت له تانيلا عن كل ما في قلبها وليس عن سهيلة فحسب، وظل مستمعًا لأدق التفاصيل التي حكتها.
لا تواسيني فأنا أكره المواساة.
لا أفعل! أعلم كم أنت قوية أيتها الحمقاء.
لست حمقاء.
من يفكر في الرحيل وترك شخص مثلي هو أحمق!
ضحكت ضحكة خفيفة ثم قال لها:
أتعلمين شيئًا! أريد احتضانك وانتشالك من أحزانك لأنك لا تستحقينها.
تنهدت بعطف ثم قالت: وهل يوجد من يستحق أن يحزن.
نعم بالتأكيد! يوجد الكثير ممن يستحقون أن يحزنوا.
صمتَ قليلا ثم أضاف: رجاء عديني ألا تتركيني.
لا أستطيع، فالوعود الزائفة تلتهم الأرواح الصادقة، لا أريد أن أعطيك وعدا زائفًا لأن روحك صادقة يا كازا.

يتبع..


عائشة بوشارب غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 25-03-22, 08:02 PM   #30

عائشة بوشارب

? العضوٌ??? » 485881
?  التسِجيلٌ » Mar 2021
? مشَارَ?اتْي » 38
?  نُقآطِيْ » عائشة بوشارب is on a distinguished road
افتراضي

الفصل الثلاثون

دخلت قدس إلى المنزل فوجدت جدتها جالسة على كرسيها المتحرك وهي تشاهد التلفاز في غرفة المعيشة، فتوجَهت إليها وقبلتها وهي تقول: أوه كم اشتقت لرائحتك الطيبة يا جدتي الحبيبة.
ابتسمت الجدة وقالت مشيرة بعصاها نحو الأريكة: قبل أن تقومي بتغيير ملابسك، اجلسي قليلًا فهناك ما أرغب في قوله لك.
ارتبكت قدس لأنها تعرف بالأساس الشيء الذي تريد التحدث بشأنه، ثم جلست فوق الأريكة قائلة: ها خير يا سيدة "ياسمين" أسمعك.
المدعو سامي أخبرني انه رئيسك في العمل هل هذا صحيح؟
ارتعبت قدس من أن يكون سامي قد أخبرها عن طبيعة عملها، ثم قالت لها وهي تبلع ريقها: أجل هذا صحيح لماذا تسألين؟ ماذا قال لك؟؟
إنه حقا ابن عائلة محترمة، وشخص أصيل ومتزن...
قاطعتها قدس بغيظ: التقيتِ به نصف يوم وتقولين كل هذه الأشياء الجميلة عنه، وأنا التي عشت معك عمري كله لم تقولي عني كلمات كهذه، لقد غرت!
فقالت لها الجدة وهي تضحك وتهز رأسها: كفاكِ مزاحًا، فانت تعلمين كم قيمتك عندي، لكني لم أتعرف في حياتي كلها على شخص عرفني لنصف يوم وقام بمساعدتي بقدر ما ساعدني به سامي.
قالت قدس باستغراب: ما الذي تقصدينه يا جدتي؟ صحيح لماذا أتى سامي إلى هنا من الأساس؟؟
ردت عليها الجدة وهي تهز أكتافها قاصدة بذلك جهلها لسؤالها:
والله لا اعلم لكنه قرر إرسالي إلى أفضل مستشفى من مستشفيات العالم، حيث قال إنه يوجد به أفضل الأطباء في العالم، وهو خارج البلد.
قفزت قدس واقفة ثم ردت عليها بنبرة غاضبة: لا تقولي إنه أعطاك النقود واستلمتها منه!!
هزت الجدة رأسها بالنفي قائلة:
عرض علي مبلغًا كبيرًا من المال، لكنك تعرفين طبعي لم أوافق عليه بالتأكيد، لهذا قرر إرسالي إلى المشفى وقام بدفع تكاليف العلاج بنفسه بمكالمة هاتفية فقط، وأيضا قد أخذ جواز سفري بالفعل كي يقوم بإجراءات السفر المستعجلة و..
صمتت الجدة قليلا وهي تنظر إلى قدس بحسرة، ثم أكملت: وسأسافر غدا إن كنا من الأحياء.
اتسعت عيناها وردت عليها بالنفي قائلة: لا! مستحيل يا جدتي!! لن أرسلك خارج البلاد وحدك وأيضًا..
قاطعتها الجدة: اهدئي، لا تقلقي، لن أسافر وحدي لأنه عيّن مرافقة خاصة للاعتناء بي طيلة فترة العلاج.
اقتربت من جدتها ثم أمسكت بيدها وهي تقول بنبرة حزينة: إذًا ستذهبين وتتركيني وحدي؟
ابتسمت الجدة ثم قالت لها وهي تضع يدها على خد قدس: لن أترككِ وحدكِ يا حبيبتي.
ابتسمت بمكر ثم أضافت: السيد سامي معك!
فردت قدس بنبرة معاتبة:
جدتي!
هيا، كفاك ثرثرة انهضي لإعداد العشاء فجدتك جائعة!
ابتسمت قدس ثم انحنت لها وقالت:
سمعًا وطاعة جلالة الملكة.
أحضرت قدس العشاء وجهزت حقيبة السفر ثم توجهت إلى غرفتها وتأكدت من إغلاق الباب جيدًا كي لا تسمعها، وهي تتحدث عبر الهاتف، ثم اتصلت بسامي.
الو مرحبًا.
أهلا أهلا، كيف حالك أميرتي؟
تلبكت قدس ثم ردت قائلة: وبخير حال الحمد لله، أردت أن أشكرك على مساعدتك لجدتي، ولأنك لم تخبرها بخصوص عملي في التنظيف لأني وبصراحة لم أخبرها بذلك بعد.
من فضلك لا تشكريني، لأني لم أساعد جدتك بل ساعدت جدتي.
ضحكت من كلامه ثم أضاف:
بالنسبة لعملك لا يوجد ما يدعو للخجل بشأنه فحتى سندريلا كانت تنظف منزل زوجة أبيها، وعلى الرغم من أن هذا الشبه ليس مطابقًا تماما إلا أنه.. حسنا هربت مني الكلمات ولا أعرف ما أقول!
راحا يضحكان ثم قالت له: أنت حقًا جدير بالثقة.
رمت نفسها على سريرها وهي تلعب بخصلات شعرها الحريري بينما تحادثه.
بالمناسبة أود أن أشكرك أيضًا على نزهة اليوم، فقد جعلتني سعيدة جدًا.
تنهد قائلًا: سعادتي كانت أكبر، فنظراتك الحنونة أدخلت الدفء إلى قلبي خصوصًا يدك الحانية عندما أمسكت بيدي، تمنيت لو دامت تلك اللحظة إلى ما لا نهاية.
خجلت قدس من حديثه ثم ضحكت معه حتى قال: قد أدفع نصف عمري، بل عمري كله مقابل ضحكتك الجميلة التي أجدها من أروع المعزوفات الفنية.
ضحكت مرة أخرى قائلة: لا تبالغ!
*****

يتبع..


عائشة بوشارب غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
مكتملة, رواية, صمت سيكادا, كاملة

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 05:02 PM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.