آخر 10 مشاركات
زوجة لأسباب خاطئة (170) للكاتبة Chantelle Shaw .. كاملة مع الرابط (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )           »          22 - مغرور .... جانيت ديلى (الكاتـب : فرح - )           »          وقيدي إذا اكتوى (2) سلسلة في الغرام قصاصا * مميزة ومكتملة * (الكاتـب : blue me - )           »          في محراب العشق "مميزة","مكتملة" (الكاتـب : blue me - )           »          كما العنقاء " مميزة ومكتملة " (الكاتـب : blue me - )           »          سلام لعينيك *مميزة * "مكتملة" (الكاتـب : blue me - )           »          عندما تنحني الجبال " متميزة " مكتملة ... (الكاتـب : blue me - )           »          في قلب الشاعر (5) *مميزة و مكتملة* .. سلسلة للعشق فصول !! (الكاتـب : blue me - )           »          أزهار قلبكِ وردية (5)*مميزة و مكتملة* .. سلسلة قلوب تحكي (الكاتـب : كاردينيا الغوازي - )           »          القدر المحتوم _ باتريسيا ليك _ روايات غادة (الكاتـب : الأسيرة بأفكارها - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > الروايات الطويلة المكتملة المنفردة ( وحي الأعضاء )

إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 25-03-22, 08:03 PM   #31

عائشة بوشارب

? العضوٌ??? » 485881
?  التسِجيلٌ » Mar 2021
? مشَارَ?اتْي » 38
?  نُقآطِيْ » عائشة بوشارب is on a distinguished road
افتراضي


الفصل الواحد والثلاثون

"يا له من شهم ورومانسي!!" هذا أول ما قالته تانيلا لقدس بعدما روت لها أحداث اليوم الماضي.
بالفعل هو كذلك، وعلى الرغم من كل ما فعله فقد رافق جدتي للمطار، أردت مرافقتها أيضًا لكنها أصرت على أن تودعني بالمنزل.
لا تقلقي عليها، فهي الآن بين أيدٍ أمينة.
ابتسمت قدس براحة ثم قالت: فعلا أنت محقة!
ارتسمت نظرات الحزن على تانيلا وقالت: هل ما زلتِ مصرة على قرارك؟
هزت رأسها بالموافقة قائلة:
أجل، فلم يعد هناك داع لجني المال.
أعلم أننا سنلتقي، لكن مع ذلك سأشتاق لوجودك الذي كان يؤنسني.
ردت قدس وهي تعانقها:
يا الله كم أكره لحظات الوداع! لا تودعيني أرجوكِ لأننا سنلتقي دائمًا، وسآتي لأزورك هنا أيضًا ويمكننا محادثة بعضنا بعضًا على الهاتف في أي وقت تشائين.
*****
خرجت قدس من باب المطعم وهي تحمل حاجياتها بين يديها، حتى التقت بسامي قادمًا نحوها بحماس واضح: أميرتي عدت قبل قليل من المطار، أردت أن أطمئنك إلى أن جدتنا قد طارت وستتصل عند وصولها.
ابتسمت قدس بفرحة حتى أضاف قائلا باستغراب: ما هذا الذي بين يديك؟ إلى أين؟
أجابته وهي تنظر إلى حاجياتها وإليه: بما أنّ جدتي قد ذهبت لتتعالج فلم يعُد هناك داعٍ كي أعمل بالتنظيف.
إذًا هل تستقيلين؟
لقد استقلت بالفعل!
شرد سامي للحظات حتى خطرت له فكرة وقال: إذن ما رأيك لو تعملين لدي!!
لا تمزح سامي.
لا أمزح بل لم أكن بهذه الجدية في حياتي من قبل!! يمكنك العمل موظفة استقبال خاصة بي، وبهذا يمكننا رؤية بعضنا بعضًا يوميًا.
لم يعطها الفرصة للتفكير حتى جثا على ركبتيه ثم تناول يدها وقبلها بكل حب، فشعرت بالخجل الشديد ثم قالت: ماذا تفعل يا مجنون الجميع ينظر إلينا!
لا يهمني أحد غيرك، إن لم توافقي على طلبي فسأقوم بحملك وأصرخ عاليًا بأنك أميرتي التي أحبها!!
لم تستطع كتم ضحكتها التي دهمتها بعد رؤيتها تعابير وجهه فضحكت قائلة: أعلم أنك مجنون وتفعلها!
إذن وافقي رجاء!
حسنًا أنا موافقة سيد سامي.
حقًا هل أنت جدية؟!!
هزت رأسها بالموافقة، فحملها بين ذراعيه وراحت تحثه على أن ينزلها لكنه لم يأبه لكلامها وراح يصرخ قائلا: أنت رائعة!!
*****
صعدت تانيلا إلى الطابق الذي يتوسطه مكتب جميل، وبيدها المنشفة والدلو للتنظيف وراحت تمشي بخطوات حريصة كي لا تثير انتباه الموظفين، ثم راحت تنظف الرواق المجاور للمكتب حتى لا تراها الموظفة، بعدما مرت ربع ساعة همت الموظفة بالمغادرة بعد أن أتاها اتصال هاتفي، ففرحت تانيلا اشد فرحة وراحت تراقب المكان بحرص متقدمة بخطوات بطيئة نحو المكتب وصدرها يعلو ويهبط حتى وصلت إلى الباب ووضعت يدها على مقبضه، ثم استجمعت شجاعتها وانحنت قليلا لترى من فجوة المفتاح إن كان جميل بالداخل، سينتهي كل شيء!
أين أنت أيها الوغد!!
شهقت تانيلا مصدومة بعدما سمعت صوت صراخ يقترب منها، فهرعت تجري للاختباء في المكتب المجاور، وفي غضون ثوان ظهر صاحب الصوت أمامها، لقد كان "حمزة" المتحرش النذل الذي قامت بسجنه!! كان يحمل بيده سلاحًا ويصرخ بكل قوته مهددًا ومتوعدًا: جميل اخرج أيها الحقير وقابلني!!
لم تمر دقائق حتى امتلأ الرواق بالموظفين لكن لم يجرؤ أحد على الاقتراب منه، وبعد برهة قصيرة فُتح الباب، وخرج جميل مرتعبًا من مكتبه وجسده يرتعد وزاد ارتجافه بعدما رأى المسدس مصوبًا نحو رأسه، فابتلع ريقه دون أن ينبس ببنت شفة: لقد أخذت مني سمعتي! وخسرت حياتي بسببك أيها الحقير!!
بات "حمزة" يبكي وازداد صوته ارتفاعًا، وعند ذلك انضم ثلاثة من الحراس وكان واحد منهم مسلحًا، أما الاثنان فبديا بعضلاتهما الضخمة وكأنهما ليسا بحاجة إلى أي سلاح.
"حان الوقت فقد أصبح الموت من نصيبك أيها الحثالة".
قال هذه الكلمات وضغط على الزناد وانطلق الرصاص في الأجواء، ومما سمعته يمكنني القول إنها كانت ثلاث رصاصات، انتهت خطتي التي اجتهدت في تنفيذها وسرق حمزة الحقير انتقامي مني وقتله!
هذا كل ما خطر ببالي وقتها، لكن الحظ قد حالف جميل فأحد الحراس تمكن من حمايته وتلقى الرصاصة مكانه وأطلق هو الآخر رصاصتين على حمزة المسكين الذي استحق أربع رصاصات!
كان الحارس سريعًا لدرجة نجح فيها بإنقاذ جميل، لكن المؤسف أن الرصاصة اخترقت صدره ولم تمهله سوى دقيقة ليسقط على الأرض مستسلمًا، مما أثار ذهول زميله الذي صرخ بأعلى صوته: خالد! نادوا الإسعاف أسرعوا!
كانت الفوضى سريعة جعلت الدهشة تخيم على الحاضرين بالأخص جميل، انحنى "علاء" نحو صديقه المصاب وراح يبحث عن مكان الرصاصة كي يوقف النزيف، لكن أصابته الدهشة عندما لم يجد أي دماء! حينها فتح خالد عينيه ببطء ليلمح تانيلا واقفة خلف الموظفين تنظر إليه بدهشة مرتجفة، فابتسم لصديقه وبجهد كبير كشف عن قميصه لتظهر الدرع الواقية من الرصاص ثم قال مطمئنا صديقه: أنا بخير لا تقلق.
نهض خالد بصعوبة من على الأرض فقد آلمته الرصاصة بشدة فالدرع الواقية تمنع اختراق الرصاص لكنها لا تحمي الجسد من قوة الصدمة، استند إلى كتف صديقه نحو جميل مطمئنًا عليه، فقام باحتضانه وشكره شكرًا كثيرًا.
توجه خالد لمركز الشرطة وقدم أقواله التي أضيفت إلى قضية حمزة، أكمل عمله، واستأذن رئيسه للمغادرة، فوافق دون تردد بعدما نظر إليه بفخر.
*****

يتبع..


عائشة بوشارب غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 25-03-22, 08:03 PM   #32

عائشة بوشارب

? العضوٌ??? » 485881
?  التسِجيلٌ » Mar 2021
? مشَارَ?اتْي » 38
?  نُقآطِيْ » عائشة بوشارب is on a distinguished road
افتراضي

الفصل الثاني والثلاثون

فتحت تانيلا الدش وراحت تستقبل قطرات الماء بتنهيدة مريحة، كانت صورتها العارية تتحرك على المرآة بساقيها الرشيقتين التي تنتهي باستدارة مغرية تهتز مع كل حركة، تفجرت المياه الساخنة وهي تنفخ بخارها الكثيف بقوة فغطى الماء جسدها الناعم، وقد تهدل شعرها على وجهها، ونزل على صدرها وانزلق على ظهرها بنعومة، كان الحمام بجدرانه المضلعة قد امتلأ بالبخار تماما حتى اختفت معه المرآة الطويلة، ساعدتها المياه الدافئة في انتشال همومها ومحو الأحداث التي جرت معها اليوم.
ارتدت ملابسها بعد الانتهاء من الاستحمام ثم جففت شعرها وسرحته بنعومة، ثم ذهبت لتشاهد مسلسلها المفضل لكنها لم تستمتع به كالمعتاد، بسبب اقتحام أفكار الانتقام رأسها.
*****
ألقى خالد جسده المتعب على فراشه وأغمض عينيه، لكنه لم يستطع النوم وسط النهار، تناول هاتفه من فوق الطاولة ثم راح يتصل بتلك الغريبة التي أعادت النبض إلى قلبه.
فاجأها رنين الهاتف بسبب الاتصال الذي أتاها من كازانوفا فردت عليه مسرعة دون تردد وكانت أولى كلماته: اشتقت إليكِ.
تنهدت تانيلا بكل أريحية بعد سماعها صوته، ثم أغلقت عينيها وراحت تتنفس بهدوء، ابتسمت في صمت، فهي تريد المزيد من كلامه المعسول حتى قال لها: ما خطب قلبي! هل هو حزين يا ترى؟
ضحكت تانيلا وهزت رأسها مجيبة:
لا، لست حزينة، أنا منهكة فقط.
ممممممممم، متشابهان حتى في أوقات تعبنا!
ممممم، أجل!
أسند رأسه بذراعه وهو مبتسمًا، ثم قال لها بهمسة: ما رأيك في أن تقومي بتدليك جسدي يا توأمي؟
ردت عليه بسخرية: وكيف سأفعل هذا يا سيد كازا؟ عبر البلوتوث مثلا؟!
ضحك ثم قال: أنت دائمًا ما تبعثين الراحة داخل روحي.
فقالت بنبرة ودودة: لا أعلم كيفَ حدث هذا يا كازا لكنك أصبحت مصدر قوتي.
أغمض عينيه، ثم اعتلت بسمة عريضة وجهه، ورد بصوته الحنون قائلًا: اسمعيني.
تنهدت ثم ردت: تفضل؟
ماذا يسمى وضعنا؟
ردت باستغراب على سؤاله:
ماذا تقصد؟
ماذا تسمى علاقتنا؟ هل نحن أصدقاء أم ماذا؟
ابتسمت بخجل ثم قالت: ربما أكثر من أصدقاء بقليل.
هل هذا يعني أنك أصحبت تثقين بي؟
هزت رأسها بالموافقة وقالت: نعم.
ثم أضافت: اسمع!
أنا أسمعك بقلبي قبل أذني، تفضلي.
أردتُ أن أطلعك على سر لم أخبر به أحد من قبل، كي تتأكد من ثقتي بك.
إن كنتِ ستشعرين بالندم بعدما تخبريني به فلا تتعبي نفسك.
لماذا تقول هذا؟ هل ستفعل شيئًا يجعلني أشعر بالندم على ثقتي بك؟
رد عليها بجدية: ما الذي تقولينه أجننت!! أنتِ لا تعلمين بعد كم مكانتك كبيرة في قلبي!
حسنًا، إذن افتح أذنيك وأصغ إلى ما سأقوله جيدًا.
تنهدت ثم أكملت قائلة: سأنتقم انتقامًا مدويًا ستكون آثاره كبيرة على الكثير من الناس.
رد عليها بنبرة حادة: تمزحين أليس كذلك!!
أحس خالد بجدية الموضوع ثم نهض من مكانه وأغلق باب غرفته بإحكام وعاد إلى مكانه وقال بهمس: حسنا، أخبريني هل أطلعتِ أحدًا غيري على هذا السر؟؟
لا لم أفعل.
تنهد براحة كبيرة وراح يقول:
إياك أن تخبري أحدا عنه.
صمت قليلًا ثم تأفف وأضاف: أنت حقا مجنونة!
ردت عليه بلا مبالاة: أجل أعلم وهذا كله لا يهمني.
قاطعها وهو يصرخ قائلا:
أنا يهمني!! افهمي هذا جيدا، لن أتحمل أن يمسك الضرر.
تأفف وزفر قويًا مضيفًا:
لا أفهم لماذا تكرهين نفسك إلى هذا الحد؟ لما تستهينين بها هكذا! أنت ظالمة لنفسك ولن اسمح لك بمعاملتها بهذا الإهمال مرة أخرى! هل تسمعينني!!
ابتسمت مستمتعة بخوفه عليها فقال معتذرًا بعدما لم يتلق أي رد منها:
لم تصمتين؟ أعتذر إن ضايقك صراخي، لكني أصبحت أخاف عليك افهمي هذا أرجوك!
ردت تانيلا بهدوء بارد: لم أتضايق منك ولقد سعدت حقًا بخوفك علي.
تقدمت تانيلا نحو الطاولة المجاورة لسَريرها وفتحت أحد أدراجها، أخرَجت منه قرصًا مضغوطًا وتوجهت نحو حاسوبها، لنقل "تروجان" من حاسوبها إلى القرص، بعدما انتهت من عملية التحويل قامت بتخبئته في حقيبة يدها بحرصٍ مع ابتسامة ماكرة مرتسمة على وجهها.
*****

يتبع..


عائشة بوشارب غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 25-03-22, 08:05 PM   #33

عائشة بوشارب

? العضوٌ??? » 485881
?  التسِجيلٌ » Mar 2021
? مشَارَ?اتْي » 38
?  نُقآطِيْ » عائشة بوشارب is on a distinguished road
افتراضي

الفصل الثالث والثلاثون

ذهبَ سَامي ليطلع قدس على كيفية سير العمل كموظفة استقبال خاصة به، وأخذ يرشدها ببضع خطوات.
عندما يرن الهاتف ويكون المُتصل شخصًا مهمًا، أو شخصًا قد أكون بانتظاره حولي المكالمة إلى مكتبي عبر الضغط على الزر الأخضر، وإذا اتصل أحدٌ غير مهم فأخبريه أن لدي اجتماعًا ودوني اسمه، وإذا جلب أحد الموظفين ملفات مهمة انسخيها وأعطيها رقمًا واسمًا وصنفيه في الملف المناسب، ثم دوني هذه البيانات على ملف "الكلمات" في الحاسوب ليسهل عليك استخراج البيانات عبر الاسم أو التاريخ.
استمرت بهز رأسها بالموافقة ثم قالت له: حسنًا سيد سامي لقد فهمت أوامرك.
نظر إلى عينيها نظرة حب مما جعلها تشعر بالخجل ثم تنهد قائلًا:
أعانني الله، لا أدري كَيف سأتمكن من التركيز في العمل وأنتِ بجانبي، فدون إرادة مني أجد عيناي تهربان لتختبئا في ملامحك البريئة.
ابتسمت قدس بخجل ثم قالت معاتبة: سامي!!
قلب سامي.
ضحكت ثم قالت بتدلل: كفى!
مر الوقت وحلّ الظلام وغادرا الشركة معًا متجهين إلى منزلها، فعناده لم يفلح في إقناعه بتركها تعود وحيدة إلى المنزل في هذا الوقت المتأخر من الليل.
وضع سامي يده فوق شعرها وراح يتحسسه قائلًا: انتظريني هنا فقد نفد البنزين سأقوم بملئه وأعود بسرعة، لا تقلقي لن أتأخر.
اكتفت بهز رأسها بالموافقة بابتسامة ودودة، لم تمر عشر دقائق حتى عاد سامي وبيده الكثير من الأكياس التي كانت تحتوي بداخلها الكثير من الشوكولاتة، والكعك، ورقائق الشيبس، بالإضافة إلى المشروبات الغازية، قدمها لـقدس فسألته بعدما رأت ما بداخلها من أشياء قائلة: ما كل هذا يا سامي؟
بما أنني أصبحت رئيسك في العمل أردتُ مكافأتك على إنصاتك الجيد لكل أوامري.
ولماذا تكافئني في يومي الأول؟ فأنا لم أفعل شيئا أكافأ عليه بعد!
فكر بهمهمة بالإجابة وقال: لأني كنت كثير الأوامر وكنتِ كثيرة الاستماع.
ضحكت بشدة وهي تهز رأسها فأضاف قائلًا باستغراب:
ما الذي تضحكين عليه؟ أتحسبينني بهلوانًا؟
تعالت ضحكاتها وراحت تقول: لا سيدي، حاشا!

*****
مر الوقت دون أن يشعرا حتى أصبحا قريبين من المنزل، فطلبت أن يتوقف كي لا يراها الجيران تنزل من سيارته في هذا الوقت من الليل، فطلب مرافقتها سيرًا إلى البيت حتى يطمئن عليها، أخذا يسيران تحت ضوء القمر الذي زينته النجوم ببريقها وأخذا يستمتعان بالهواء العليل، راحت قدس تقوم بتسمية المناطق التي في حيها وتعرب له عن حبها للمكان وهو خال من الناس، حتى دخلا حيًا عتيقًا مظلما مما جعل قلبها يخفق خوفًا لكن كبرياءها منعها من الاعتراف بخوفها، أحس سامي بخوفها بعدما فضحتها معالم وجهها الطفولي، ابتسم بكل حب ثم شبك أصابعه بأصابعها فجعل قلبها يهتز حبًا بقوة لم يشهدها من قبل وكان منظرهما لمن يراهما يقول إنهما روح واحدة.
شكرا على التوصيلة الممتعة.
صمتت قليلا وابتسمت مضيفة:
أعتذر، لو كانت جدتي هنا لدعوتك على العشاء.
ضحك بعدما قبل يدها مجيبًا:
لست مستعجلا، سأنتظر عودتها لآتي لكن..
صمت قليلًا وأضاف بابتسامة ماكرة: لكن وقتها لن آتي للعشاء، بل لشرب القهوة.
ثم غمزها بعينه بعدما أكمل حديثه وانصرف تاركًا إياها في حيرة لتكمل ما بين سطور كلماته.
*****

يتبع..


عائشة بوشارب غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 25-03-22, 08:06 PM   #34

عائشة بوشارب

? العضوٌ??? » 485881
?  التسِجيلٌ » Mar 2021
? مشَارَ?اتْي » 38
?  نُقآطِيْ » عائشة بوشارب is on a distinguished road
افتراضي

الفصل الرابع والثلاثون

حل الصباح وراحت تانيلا تعمل بكد بينما تنظر إلى الساعة بين الحين والآخر حتى مرت ثلاث ساعات، بدت كأنها ثلاث سنوات، ذهب جميع الموظفين إلى استراحة الغداء وتوجهت مسرعة إلى غرفة تغيير الملابس، فتحت حقيبتها واستخرجت قرصًا مدمجًا منها ثم خبأته داخل حمالة صدرها بحرص شديد، وغادرت المكان متجهة إلى مكتب جميل.
كانت فرحتها لا توصف عندما لم تجد الموظفة، فقد كان المكان فارغًا كما حلمت بالضبط! فتحت باب المكتب بهدوء ودخلت إليه لتجد طاولة خشبية صغيرة بجانبها كرسيين للاسترخاء من النوع الفخم، وخلفهما تمامًا مكتب طويل وعريض وبراق، فوقه حاسوب محمول وبعض الملفات، وبالقرب من حامل الأقلام إطار صورة تجمعه مع امرأة شقراء، ومن خاتمها الألماسي تيقنت أنها زوجته، أي والدة شقيقها، لكن ما أعادها إلى هدفها خزنة إلكترونية حديدية التي أثارت انتباهها.
تنهدت تانيلا وراحت تراقب بذهول زوايا المكان وشكرت ربها لعدم وجود كاميرات مراقبة لأن ذلك كان ليعطلها، ثم توجهت نحو الكرسي وجلست على طرفه وشغلت الحاسوب بينما راحت عيناها تراقبان الباب! وبعد أن أنهى الحاسوب تحميل نظام التشغيل طالعتها شاشته تحمل صورة سامي وهو جالس قرب والدته، جعل ذلك وجهها يعبس فجأة ثم لمستها برفق وقالت بهمس حزين:
أتمنى أن تسامحني يا شقيقي.
تنهدت ومدت يدها نحو الزر لينفتح محرك الأقراص الضوئي، فقربت القرص ناحيته لتضعه بالداخل لكن رعشة يدها المرتجفة منعتها فأغمضت عينيها برهة وتنهدت مرة ثانية ثم أدخلته بنجاح، نسخت التروجان ونقلته من القرص للحاسوب، وشطرت قميصها لترى كم من وقت مضى على تحميله، أحست كأن الزمن يتباطأ حتى مرت دقيقتان وكأنهما سنتان، راحت تمسح العرق المتصبب من جبينها بتوتر حتى اكتملت العملية بنجاح واستخرجت القرص من الحاسوب، ووقفت مستعدة للمغادرة بارتياح. ارتياح قطعه صوت أنثوي حاد جعلها تنتفض في ذعر فرفعت رأسها لتجد قدس تحدق بها مذهولة!
تانيلا!! ما الذي تفعلينه عندك؟!
تجمدت تانيلا وقد اتسعت عيناها في دهشة صاعقة، والصدمة عقدت لسانها وشلت كيانها فلم تحرك ساكنًا، فكررت قدس سؤالها لكن هذه المرة بحدة أكثر وصوت أعلى:
تانيلا طرحت عليك سؤالًا من فضلك أجيبيني!
غاصت تانيلا في ذعرها ولم تجبها عن سؤالها أو بالأحرى لم يكن عقلها يملك الوقت لاختلاق أعذار، أطفأت شاشة الحاسوب وخبأت القرص بحقيبتها ثم همت بالمغادرة، أما قدس فقد كانت واقفة تتابع تحركات تانيلا بنظراتها المتشككة حتى فوجئتا بالباب يُفتح من الخارج، سارعت قدس نحو الباب وأوصدته بيدها ثم همست لتانيلا قائلة بصوت خافت: هيا بسرعة اختبئي!!
ضاقت عينا تانيلا من الفزع وراحت تبحث بعينيها عن مكان للاختباء فيه، بينما جسدها كله يرتجف وقلبها يخفق بقوة حتى إلى أن اختبأت تحت المكتب، أبعدت قدس يدها عن الباب فانفتح لتدخل الموظفة وعلامات الدهشة تطغى عليها: قدس؟ ما الذي تفعلينه هنا؟
ابتلعت قدس ريقها وأجابتها واثقة بينما كانت تنظر إلى الملفات: طلب مني سامي، السيد سامي إحضار الملفات للسيد جميل.
لكن السيد جميل لن يعود قبل المساء!
ارتبكت قدس ولم تعرف بم تجيب! فراحت تسعل ريثما تفكر في مخرج من هذا المأزق، وأخيرا ردت:
أعلم هذا، لكن أمرني السيد سامي بترتيب بعض الملفات! هذا امر منه!
تنفست بأريحية بعدما شعرت بأنها صدقت كذبتها، وراحت تراقبها من بعيد حتى غادرت الرواق، عادت قدس إلى الوراء وعقدت ذراعيها فوق صدرها ثم قالت: اخرجي، يمكنك الذهاب الآن!
خرجت تانيلا من تحت المكتب وهمت بالمغادرة، فأمسكتها قدس من يدها مستوقفة إياها قائلة: أريد منك شرحًا مفصلًا لما يحدث معك.
تجاهلت تانيلا سؤالها مما زاد من غضب قدس، فنطقت قائلة: إذن هل تريدين مني إخبار سامي بما رأيته؟
لم تتمكن تانيلا من أن تنبس بكلمة لوهلة، وأحست بوجهها يلتهب، وكبحت انزعاجها ثم قالت بلا مبالاة:
أصلًا سيعرف عاجلًا أم آجلا.
ضغطت قدس على يدها ثم قالت:
اسمعيني يا تانيلا، لست أهددك بل أحاول مساعدتك لأنك صديقتي!
أجابتها قائلة بابتسامة: لقد ساعدتني بالفعل.
خرجت تانيلا من المكتب مسرعة حتى صعدت إلى المصعد، فاهتز هاتفها عندما وصلتها رسالة نصية من قدس تقول فيها:
"انتظريني عند مدخل الشركة، أريد معرفة كل شيء الآن."
انتظرت تانيلا حتى تبعتها قدس وجلستا على مقعد مواجه للشركة، غاصت في هواجسها وراحت تتساءل: هل تستطيع إخبارها الحقيقة؟ كيف ستتصرف إن وشت بها لسامي وجميل؟ حتى قطعت قدس حبل أفكارها، وهي تلح عليها مرة أخرى على معرفة الحقيقة، وبعد أن ضيقت عليها الخناق عليها بإلحاحها ارتأت أنه من الأفضل أن تخبرها بالحقيقة فقالت:
اجلسي هادئة واحتملي الصدمة بشجاعة، لأن الحقيقة التي سأبوح لك بها قاسية!
راحت تروي لها الحقائق وهي تبكي من يوم إلقائها كقطعة بالية أمام مركز المرضى النفسيين، إلى أن وصلت إلى حيث تجلسان، لم تتحمل قدس تلك المعلومات الصادمة التي تلقتها دفعة واحدة منها خصوصًا حقيقة أن سامي شقيقها، لم تتحمل وتدفقت دموعها فجأة فقالت لها تانيلا بعدما أنهت كلامها: يا قدس، الحقيقة لم تكن حلوة يومًا، ولو كانت حلوة لما أخفيت عن الناس وليس هناك مفر من قبولها.
اقتربت منها وعانقتها مرتجفة بارتباك، ثم قالت وهي تمسح دموعها بنبرة حزينة كالذبيحة:
لماذا لم تصارحي سامي بالحقيقة؟
ردت عليها مظهرة شيئًا من التماسك: هل تقصدين حقيقة والده القاتل؟ وهل هناك عاقل يتقبل حقيقة كهذه؟
صمتت قليلا وأضافت: سامي الفرد الوحيد المتبقي من عائلتي ولن أتحمل خسارته هو الآخر.
ردت قدس وهي تهز رأسها بالنفي:
لن تخسريه يا تانيلا.
ضغطت قدس على يد تانيلا وقد اغرورقت عيناها بالدموع لفرط تأثرها:
أنت لا تعلمين كم قلبه طيب! سيتفهمك صدقيني!
أنت محقة، قلبه طيب ولن أكون السبب في أذيته.
دخلت تانيلا البيت وقلبها ينبض حماسًا وكأنها ترى حلمها يتحقق، كيف لا وهي منذ أن وعت الدنيا تريد أن تصل إلى جميل! وها هي اليوم تقدمت أكثر إلى حلمها. أسرعت إلى حاسوبها وبريق الانتقام يطغى على عينيها الذابلتين المرهقتين، دخلت مسرعة إلى نظام "الكالي" في نيتها التجسس على جهاز جميل بعد أن غرست تروجان فيه، لكنها تذكرت فجأة كلام الموظفة التي قالت لقدس إنه لن يعود قبل المساء، فأخذت نفسًا عميقًا وقالت في سرها: كيف نسيت هذا!
ثم ابتسمت وأضافت: لا بأس لن يضرني انتظار بضع ساعات فقد انتظرت وقتًا طويلًا.

يتبع..


عائشة بوشارب غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 25-03-22, 08:07 PM   #35

عائشة بوشارب

? العضوٌ??? » 485881
?  التسِجيلٌ » Mar 2021
? مشَارَ?اتْي » 38
?  نُقآطِيْ » عائشة بوشارب is on a distinguished road
افتراضي

الفصل الخامس والثلاثون

غيرت ملابسها ثم تسللت إلى المطبخ لتسكت معدتها، أحضرت الطعام إلى سريرها كي ترتَاح وتزيل إرهاق يومها الشاق، ليأتي صوت اتصال من "كازا" فنهضت مسرعة لترد عليه وتشاركه فرحتها في تحقيق مُبتغاها، الفرحة التي طالما أرادت الوصول إليها.
مرحبًا يا أوسم كازا بالعالم!!
خير، لمَ أنت سعيدة هكذا؟
ضحكت بسعادة وقالت: تحقق حلمي يا كازا، وأخيرًا تحقق!
اهدئي وأخبريني ببطء ما قصدك؟
تحمست كثيرًا فانفلت لسانها وراحت تقول: بقيت أمامي خطوة قصيرة لتحطيم الشخص الذي عشت بسببه في الجحيم، لقد اخترقت شركته الخاصة التي من أجلها فعل جميع تلك الأشياء المريعة التي لا تُغتفر!
رد عليها والغضب العارم يشد عضلات وجهه:
هل أنت جادة؟ هل جننت؟ كيف تجرئين على فعل شيء كهذا!!
ما الذي تقوله يا كازا؟ هذا كان حلمي منذ وقت طويل! وإن كان تحقيق العدالة يعتبر جنونًا، فأنا مجنونة!
رجاء قولي إن هذه مزحة ثقيلة، لا تفقديني صوابي يا سيكادا، هذا خطر كبير فهذه ليست لعبة!!
ردت تانيلا بعدما شعرت بخوفه عليها: لا تخف لن يكشف أمري..
قاطعها قائلا: تحفرين قبرك بيديك وتطلبين مني ألا أخاف عليك! لماذا أنت أنانية هكذا!
صمتت قليلا بعدما استوعبت خوفه وقلقه، فأضاف: رجاء ضعي نفسك مكاني، افهمي، لا أريد خسارتك! لو ألقي القبض عليك فلن يرحموك، وإن حدث ذلك فكيف ستعيشين في زنزانة صغيرة بقية حياتك! هذا إن كنت محظوظة!
تنهدت ثم قالت: لكن هذا حلمي وعلي استرجاع حق والدي وأمي رحمة الله عليهما.
أعلم هذا، صدقيني لا يوجد أسوأ من الشعور بالظلم دون مقدرتك على الدفاع عن نفسك أو عمن تحبينهم، لكن تأكدي أن والديك لو كانا على قيد الحياة لما سمحا لك بإلقاء نفسك في الهاوية.
ردت بحزن أعمق: لكنه حلمي.
لكني لا أريد خسارتك!
لا داعي للخوف عليّ.
قاطعها قائلًا: اسمعي!
لكنها تجاهلته وأكملت قائلة:
لأني قوية ويمكنني الاعتماد على نفسي.
اسمعيني رجاء!!
أخبرتك ألا تقلق عليّ، فكل شيء سيكون على ما يرام.
عندما رأى أنها لا تدرك كم قلقه، قال: أحبك.
لم تسمع كلمته لفرط انفعالها فواصلت كلامها: لماذا لا تثق بأنه يمكن الاعتماد علي؟! كما أنك قلت سابقًا إنني أنانية...
توقفت عن الكلام فجأة بعد أن استوعبت ما سمعت ...
احمر وجهها، وارتجفت يديها حتى كاد الهاتف يسقط من يدها وراحت تردد في سرها "قال انه يحبني؟؟ يحبني أنا؟؟ لكن لماذا؟ هل هو مجنون!"
سندريلا إلى أين هربت؟ هل ما زلت على الخط؟
أفاقها من شرودها، فأجابته بصوت تحول من الذعر والقلق إلى صوت عذب خجل: هنا، نعم أنا هنا!
لماذا تصمتين، ألم تسمعي ما قلته؟
هاج قلبها وماج، وهربت الكلمات منها فأضاف قائلًا: هل أنت متيمة بي كما أنا متيم بك؟
تضرج وجهها خجلًا ولم تجب على سؤاله، ورأت أن أفضل شيء مناسب هو الهرب من هذا الموقف المحرج، فأقفلت الخط ورمت الهاتف فوق الطاولة كأن قنبلة موقوتة على وشك الانفجار، أخذت تدور داخل الغرفة ذهابًا وإيابًا بينما قلبها يخفق بشدة، تضاعفت دقاته عندما تذكرت كلماته التي سحرتها فراحت تلمس وجنتيها اللتين كادتا تنفجران من حمرة الخجل، ووجدت نفسها تطرح سؤاله على نفسها، فتوقفت ساكنة دون حركة، ثم اتسعت عيناها والتقطت الهاتف واتصلت به منتظرة رده، سمعها تقول بعدما رد دون مقدمات: لست أدري إن كان حبًا، لكن كلما تحدثت معك شعرت بالغثيان و...
ثم توقفت عن الكلام برهة وخافت أن يكون فهم قصدها بشكل خاطئ، فأضافت بتوتر شديد:
أقصد أن قلبي يرقص فرحًا كلما سمعت صوتك، وعندما تصلني رسالة منك أجد نفسي أقرأها بلهفة كبيرة حتى إني أبتسم كالبلهاء كلما راسلتني، كما أصبحتُ غير قادرة على النوم، وعندما أنوي التحدث معك وتكون غائبًا يؤلمني قلبي دون سبب، لا أعرف إن كان هذا هو شعور الحب، فأنا لم أحب أحدًا من قبل.
تسللت كلماتها أسفل جلده لتسري في عروقه، وتستبدل أحزانه بفرحة غامرة فبثت فيه رغبة جامحة لضمها، ولأول مرة لم يعرف بم يجيب، فقد كانت نبضات قلبه أقوى من صوت عقله، فأكملت قائلة بنبرة أنهكها العشق:
أخبرني رجاء، هل هذا هو الحب؟؟
تنهد خالد بأريحية وقال بحنان: نعم؛ هذا هو الحب! هو الذي جعل قلبك يخفق مثلما فعل مع قلبي حتى إنه خيل إليّ أني مرضت وقتها حتى علمت أنكِ السبب، عندما خفق قلبي من جديد في الزمان الذي ظننت فيه أنه توقف ومات، لقد أعادت ملائكيتك الحياة لقلبي وكأنك بعثت فيه ترياقًا جعله يخفق من جديد، عرفت معكِ أن المستحيل لا وجود له، وتركت روحي تحلق عاليا لتعانق روحك، أدمنت رسائلك التي انتشلتني من قاع المآسي، أود أن أشكر الحياة القاسية التي عن طريقها عرفتك يا ملاكي، لم أؤمن يومًا بعلاقة بعيدة المدى، وعاهدت نفسي أني لن أحب ثانية، ولكني نكثت وعدي، وببراءتك كسرت جميع القواعد التي وضعتها، أحبك وأموت فيك عشقًا، لم أرك بعد فماذا لو رأيتك! سأجن بحبك.
كانت تانيلا تبتسم بسعادة والدموع تترقرق من عينيها، فلم تظن يومًا أن يأتي رجل ليعوضها فقدان كل من خسرته، لكن هذا الغريب قد فعل!
من حسن الحظ أنك في حياتي يا كازا، كنت أعشق الوحدة أما الآن فأعشقك أنت.
قال بنبرة رجاء: إن كان الذي في قلبك حبًا، فهذا يعني أنك ستفهمين شعوري بالخوف على سلامتك.
صمت قليلا ثم أضاف:
ملاكي، أنتِ من أنقذتني من الوحدة التي كنت فيها، رجاء تخلي عن خطتك تلك.
بقيت تانيلا تستمع إليه دون أن تنبس بكلمة وراح يقول متوسلًا:
لا أريد خسارتك فأنا لم أفز بك بعد، دعك من الانتقام فهو ليس حلًا، بل لن تنالي منه شيئًا سوى تأنيب الضمير وعذابه.
تنهدت تانيلا بعدما أغمضت عينيها وهي تشعر بالدموع الساخنة تتسلل من بين جفنيها المطبقين وقالت: حسنًا، لك ما شئت.
أحس خالد بقلبه يخفق فرحًا بين ضلوعه بعدما سمع كلماتها، فصاح بسعادة:
حقًا! هل تعديني؟!
هزت رأسها مستسلمة وهي تقول:
أعدك، لقد أمضيتُ وقتًا طويلًا للوصول إلى هدفي، وعندما أدركت أنك أنت هدفي تراجعت.
*****

يتبع..


عائشة بوشارب غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 25-03-22, 08:07 PM   #36

عائشة بوشارب

? العضوٌ??? » 485881
?  التسِجيلٌ » Mar 2021
? مشَارَ?اتْي » 38
?  نُقآطِيْ » عائشة بوشارب is on a distinguished road
افتراضي

الفصل السادس والثلاثون

ظلتْ قدس تفكر في كلام تانيلا الذي راح يتكرر في ذهنها، واختلط عليها صوت ضميرها الذي راح يحثها على إخبار سامي بهذا السر الذي يصعب إخفائه، لأنها لم تشأ أن ينفطر قلبه! وفجأة أنقذها رنين الهاتف من شرودها، فردت دون أن تعرف من المتصل.
مرحبًا أميرتي، كيف حالك؟
ابتلعت ريقها بصعوبة ثم قالت: أهلًا.
هكذا فقط؟
عقدت حاجبيها لعدم فهمها قصده وردت على سؤاله متسائلة: ماذا تعني؟
فرد مازحًا: أهلًا دون كيف حالك يا حبيبي الوسيم؟
تنهدت بعمق وابتسمت بأريحية وهي تقول: بل تقصد كيف حالك يا حبيبي الأحمق!
ما دمت حبيبك فلا يهم إن كنت وسيمًا أم أحمق.
صمتت قليلًا بعدما وخزها ضميرها تأنيبًا، وأغمضت عينيها بقوة ثم قالت: سامي، أريد التحدث معك في موضوع مهم.
رد عليها وقد بدا على صوته الحيرة: خير حبيبتي، ماذا حدث؟ هل أنت مريضة؟
تنهدت ثم ردت عليه: لا تقلق، أنا بخير، ما رأيك لو نلتقي لاحقًا في الحديقة التي اعتدنا الذهاب إليها.
حاضر حبيبتي، سأراسلك عندما أنتهي من بعض الأعمال العالقة.
أقفلت الهاتف وراحت تفكر كيف تواجهه! وتحمّل قلبه مرارة الحقيقة المرهقة، وماذا عن صديقتها التي وثقت بها وأودعتها أكبر أسرارها هل تطعنها وتخونها؟
*****
أخذت تانيلا تطالع كتاب "الأمير" لميكيافيلي"، بعد أن بات كتابها المفضل يوم قررت أن تشرع في الانتقام، التهمت أحرفه التي بثت السعادة داخلها، لكنها سرعان ما قررت أخذ استراحة صغيرة من القراءة بعدما وصلها إشعار من حاسوبها فعرفت أن جهاز جميل اتصل بالشبكة.
نظرت إلى الساعة لتجدها تجاوزت السادسّة، خفق قلبها بشدة، بات حلمها في متناول يدها ويمكنها تحقيقه الآن في هذه اللحظة، لكنها ترددت لأنها قطعت وعدًا لكازانوفا، إلى أن حزمت أمرها وكتبت على غرفة الدردشة الخاصة بها وبكازا بسرعة كبيرة: عندما ترى رسالتي أجبني فورًا، لدي شيء مهم لك!!
راحت تقضم أظفارها منتظرة قدومه والرد على رسالتها، لم تمر خمس دقائق حتى أجابها قائلاً: أتيت حبيبتي، أخبريني ماذا هناك هل حدث شيء مهم؟
ابتسمت بعدما رأت رسالته وراحت تكتب قائلة: لقد استلمت مِلفات عن أشخاص قد تَم الإعلان عَن أنهم خائنون، لذا تم نشر جميع الجرائم التي فعلوها في ملفات مع الأسماء المزيفة التي كانوا يستخدمونها وهوياتهم الحقيقية.
قاطعها قائلًا: أين عثرت عليهم؟؟
في مكان سري من الديب ويب، اعتدت أن أعثر على ملفات مشابهة لكن لم أكن أعيرها أي اهتمام، إلا هذه المرة بعد أن تذكرت قصة زينة، أي عدوك الذي لم تجده حتى الآن، سأرسلها لك الآن علك تجده بينهم.
لا أعرف كيف أشكرك على كل هذا المجهود الذي قمت به! حقا أشكرك لن أنسى معروفك هذا طيلة حياتي.
أخذ خالد الملفات في قرص صغيرة وغادر المنزل مسرعًا إلى مركز الشرطة لتسليم الأدلة إلى رئيسه، أما تانيلا فبمجرد أن أغلقت الدردشة حتى بدأ ضميرها بتأنيبها، وراحت تردد بين نفسها بأنه لن يغفر لها الفعلة التي على وشك أن تقوم بها فالعاشق لا يشك في معشوقته، ثم قالت في نفسها: إن خير حل هو إزالة الشك فمن حقها معرفة المزيد عن الشخص الذي سرق قلبها. لاحظت أن جهاز كازانوفا الذي اخترقته قد شرع في التثبيت داخل حاسوبها فراحت تنتظره بقلب مرتجف، راحت تتفحص محتويات الملفات التي بداخله فوجدت أنه يحوي الكثير من الملفات المشفرة التي يصعب تفكيكها حتى إن معظم التشفيرات لم تر مثيلًا لها من قبل، ذهلت لوجود العديد من الملفات مخفية من على سطح شاشة المكتب، فأخذت تقرب عينيها من حاسوبها كي تركز أكثر لكن حرارة جسدها المرتعش منعتها من التركيز فاستوت واقفة وتنهدت بعمق مغمضة عينيها حتى شعرت بالهواء يدخل رئتيها، جلست ثانية وباشرت تتصفح الجهاز وتفك شيفرات الملف الأول الذي صادفها، ذهلت مما رأت وأحست بالأرض تدور من حولها، كان الملف ممتلئًا بالعديد من شهادات التقدير الموجهة من شرطة مكافحة الجرائم الإلكترونية لـ "خالد"، لطالما تمنت معرفة اسمه لكن ليس بهذه الطريقة! فوجئت بالعديد من سجلات مجرمي الإنترنت الخطرين مرفقة بالجرائم التي ارتكبوها مرفقة بصور تقشعر لها الأبدان تكشف بعضًا من جرائمهم، ذعرت مما رأت واستمرت باحثة عن المزيد قبل أن يكتشف أمرها، التهمت السجلات بعينيها لتفاجأ بما لا يحمد عقباه، سرت رعدة باردة أسفل عمودها الفقري وانتقلت عيناها بسرعة إلى ملف أثارت علامة الاستفهام على أيقونته انتباهها، تصبب جبينها عرقًا بينما وضعت يدها على صدرها عندما شعرت بقلبها يخفق من الرهبة، ابتلعت ريقها بصعوبة وأخذت تفك شيفرة الملف، كان فكها دربا من دروب الخيال، وبعد دقائق قليلة، بات الملف تحت سيطرتها.
لم تستطع الضغط على الفأرة لفتحه فقد منعها ارتجاف يديها، شعرت بأن حلقها جف كسمكة ألقيت على شاطئ رملي، فتحت قنينة المياه وسكبت لنفسها كأسا كبيرة من الماء، عندئذ في اللحظة التي كانت تعدل فيها جلستها تذكرت اعترافه بحبه لها، فانهمرت دموعها دون توقف، استجمعت شجاعتها أخيرًا وفتحت الملف لتجد لقطات الشاشة لجميع الرسائل التي دارت بينهما، انفجرت عيناها بالدموع بعدما سمعت تسجيلات مكالماتهما الصوتية، لم تستطع كبح دموعها فاستوت واقفة وراحت تصرخ بأعلى صوتها دون أن تقول كلمة مفهومة، فقط تصرخ باكية لعل صراخها يطفئ النار التي اشتعلت في قلبها، سقطت على الأرض باكية منهارة وتمتمت وهي تجثو على ركبتيها خائرة القوى.

يتبع..


عائشة بوشارب غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 25-03-22, 08:09 PM   #37

عائشة بوشارب

? العضوٌ??? » 485881
?  التسِجيلٌ » Mar 2021
? مشَارَ?اتْي » 38
?  نُقآطِيْ » عائشة بوشارب is on a distinguished road
افتراضي

الفصل الأخير

سقطت على الأرض باكية منهارة وتمتمت وهي تجثو على ركبتيها خائرة القوى.
كيف صدقته ووثقت به؟
أخذت تضرب جبينها بيدها مضيفة:
"كيف! كيف!! يا لي من بلهاء!!"
شهقت وراحت تصرخ وصوتها يقطر ألمًا. بعدما وهبتك حياتي! أمنتك على أسراري! أحببتك وأنا التي لم تحب، وثقت بك كالخرقاء، وأنا التي لا تثق بأحد.
بعد صراع أدركت أن صمت الوحدة أفضل مئة مرة من صوت منافق، وأما من صاحب المنافقين في حياته لن تصعب عليه الوحدة.
مسحت دموعها بطرف ثوبها، حاولت أن تهدئ من نفسها ثم وقفت وخطت خطوات ثقيلة لتجلس ثانية أمام الحاسوب ومدت يدها نحوه ثم دخلت جهاز جميل وراحت تستخرج منه السجلات السرية للشركة التي كانت مخزنة في مكان "آمن" أو هذا ما كان يعتقده جميل.
كانت سجلات سرية لدرجة تجعل الشركة تغوص في قاع الإفلاس، جميع المعلومات التي تم حجبها عن العامة وغير المصرح بها، جلبت المواقع التي جمعتها وبدأت تستعد لتسريب السجلات عليها، وبكل برودة أعصاب وبتلذذ حلو ضغطت على زر الإرسال، فتقافزت الأسرار المحبوسة لتنال حريتها، بعدها عادت إلى جهاز جميل وأخذت كلمات المرور الخاصة بحساباته البنكية ونقلتها مباشرة إلى حسابها الوهمي لكيلا يتم اكتشاف هويتها مع أن هذا لم يعد يهمها كثيرًا لأن كازا قام بالواجب وأكثر.
شطرت قميصها عن ذراعيها وراحت ترسل الأموال التي نقلتها إلى الحسابات الخاصة بالجمعيات الخيرية التي جمعتها في مختلف أنحاء العالم، ولم تنس أن ترسل مبلغًا طيبًا للمسنة التي طردها، عندئذ أغمضت عينيها وقالت بفرح:
لعلي أكون قد حققت انتقامك يا والدي، لم أترك في الشركة التي سرقت منك فلسًا واحدًا، الحمد لله أنني أتممت مهمتي بسرعة لأن الحقير أطفأ حاسوبه من دون أن يعرف بالكارثة التي وقع فيها.
ثم واصلت: يبدو أن حظي من الحب كحظ أمي البيولوجية.
تنهدت للحظة وشردت في المرآة دون أن تقول شيئًا، أوصلتها تأملاتها الطويلة إلى قرار مخيف.
خرجت تانيلا مسرعة من المنزل بعدما أنهت مهمتها وأخذت معها القرص الخاص بها.
*****
أتى مساء ذلك اليوم وتوجه سامي إلى الحديقة منتظرًا حبيبته الحسناء، لم تمض دقائق حتى وصلت في الموعد، سلم عليها دون أن ينتبه إلى عبوسها، فراح يقول في سعادة وشوق: أخبريني يا قدس، كيف تزدادين جمالًا في كل مرة أراك فيها؟!
ابتسمت بلطف وقالت مازحة: إنه سر.
صمتت ثم راحت تفكر في القنبلة التي ستفجرها في وجه المسكين، أمسكت بيده وحثته على الجلوس، فسألها باستغراب: خير ما به القمر؟ هل هو حزين؟ وما هو الموضوع المهم الذي استدعيتني من أجله؟
احتارت كيف تبدأ حديثها الذي بدا ثقيلا على قلبها، فتأملته مليا وقالت:
سيبدو طلبي مجنونا قليلًا، لكن رجاء هل يمكنك أن تحكي لي قليلا عن عائلتك؟
صمتت قليلا وابتلعت ريقها مضيفة:
أقصد والدك!
أجابها والقلق يدب في قلبه:
لماذا تريدين أن أحكي لك عن والدي؟ هل فعل لك شيئًا؟؟
نهض من مقعده والغضب العارم يخيم على عضلات وجهه مضيفا:
قولي الحقيقة!!
أمسكت بيده وربتت عليه بحنان ثم قالت:
اهدأ رجاء فهو لم يفعل شيئًا لي، بل لشخص آخر!
ما الذي تقصدينه يا قدس، أوضحي، أنا لا أفهم شيئًا سأصاب بالجنون!
سادت لحظة صمت، التقطت خلالها نفسًا عميقًا وسألته بنبرة متألمة دامعة:
أجبني فقط، هل كان متزوجا بامرأة غير والدتك؟
ذهل من سؤالها ودارت في رأسه عشرات الأفكار.
*****
كان الجو كئيبًا والصمت ثقيلًا، جلست تانيلا وسط قبري والديها، أو بمعنى أصح ارتمت بكآبة بينهما، كان المكان ساكنًا يخيم عليه حزن عميق، أما الطيور فقد كانت قابعة فوق أغصان الأشجار ساكنة صامتة هي الأخرى.
حان الوقت لأنجز خطوتي الأخيرة، فلم أعد قادرة على حمل هذا العبء أكثر، هذه ليست حياةً يا أمي، لا أستطيع الاستمرار مع كل هذا الظلام الذي بداخلي، أتسمعني يا أبي؟ أخشى أن تتلاشى ملامحك من ذكرياتي مثل سعادتي، سئمت من نفاق العالم، لم أعد أجد فرقًا بين الحياة وجهنم التي كنت تصفها لي في صغري، كانت أكبر مخاوفي أن افعل أشياء خاطئة تلقيني في نار جهنم لكن، صدقني لم تعد نارها تخيفني أكثر من نار البشر.
التوت شفتاها بابتسامة مؤلمة ثم أردفت قائلة: في النهاية جعلوني أشبههم أيضًا، كل ما تلقيته من عائلتي البيولوجية هو الألم وخيبة الأمل، لذا لمَ أتوقع من الغرباء شيئًا جميلًا؟
كأن الموتى يصغون إليها مشدوهين، وأوراق الأشجار تهتز بتنهيدة متألمة وهي تغادر بصمت.
*****
بدأ الظلام يرخي سدوله، وكانت قدس سجينة خواطر خلقت في خيالها صور مخيفة، كانت في موقف لا تحسد عليه.
أبدًا! من أين جئت بهذا الهراء؟!
صمت قليلًا وراح يسترجع ذكرى منسية فقال مستذكرًا: آه صحيح تذكرت، باحت والدتي لي مرة عن امرأة كانت مهووسة بأبي، أعتقد أنها خادمته، لكنها ماتت بسبب مرضها الخطير منذ زمن بعيد، لا أحد خارج العائلة يعلم بهذه القصة لكن، كيف علمتِ بها؟؟
كانت قدس تستمع لحديثه بتركيز بينما تفرك يديها وتقضم شفتيها، ثم قالت بشجاعة:
أعلم أن ما سأقوله جنون في حد ذاته لكنه حقيقي، صدقني!
حدق سامي فيها باستغراب بينما راحت تقول:
يؤسفني إعلامك أن الحكاية التي سمعت طرفها كاذبة، فتلك المسكينة كانت على علاقة بوالدك، وعدها بالزواج كما أنها قد أنجبت منه مولودًا.
في تلك اللحظة المشحونة، انفجر سامي كالبركان، وقاطعها قائلًا:
هل هذا نوع ثقيل من المزاح أم أنك جننت؟ ما الذي تقولينه، مَن تتحدثين عنه يكون والدي!!
اسمعني رجاء قبل أن تنفعل هكذا!
تنهدت منهكة ثم أضافت بنبرة رجاء:
سامي، عدني أرجوك.
أجابها بعينيه وحاجبيه بأنه لم يفهم قصدها، فقالت مضيفة:
عدني ألا تسمح لقلبك أن ينكسر بعد سماعك ما سأقوله!
أخذ قلبه يقفز هلعًا، فقد أكدت ملامح وجهها أن الموضوع في غاية الجدية:
والدك كان السبب في وفاة تلك المسكينة يا سامي، لقد ماتت منتحرة خوفًا منه لأنه لم يخذلها فحسب، وإنما عاملها بقسوة لا توصف وجعلها تعيش في رعب لا يطاق، بمعنى آخر هو من قادها إلى الانتحار.
بذل جهدًا كبيرًا في كظم غيظه:
تعلمين مكانك في قلبي، لكني لن اسمح لك إطلاقًا بالتحدث عن والدي بهذه الطريقة، يا خيبة ظني بك! لم أتوقعك هكذا!
نهض مغادرًا من دون أن يضيف شيئًا فأمسكت بيده موقفة إياه:
تانيلا أختك يا سامي!
التفت إليها ساكنًا كصنم حتى خيل إليها أنه لم يعد يتنفس، ضاق صدره وبات يتمتم بهمس: "أخت.. تانيلا".
أحاطته قدس بذراعيها لتجلسه على الكرسي مجددًا وهي لا تزال تضمه بقوة، وتهمس في أذنه: اهدأ حبيبي، اهدأ، لا ذنب لك، اهدأ، خذ نفسًا عميقًا.
بعد دقائق، بدأ غبار القنبلة التي فجرتها في وجه المسكين ينقشع، ومما ساعد على انقشاعه تلك الضمة التي زادتها قوة الصدمة.
روت الحكاية وهي تمسك يديه بقوة كأنها تخشى أن يختفي من أمامها. تروي وتنظر إلى عينيه، وكلما رأت أنه لم يعد قادرًا على الاحتمال ضمته إلى صدرها، إلى أن تمكنت من إنزال آخر الحمولة الثقيلة.
بعد صمت طويل، قال بنبرة مكسورة: كيف علمتِ؟
من تانيلا.
تانيلا!! أين هي؟ يجدر بي الذهاب إليها الآن.
أمسكت بيده وقربت وجهها من وجهه بجرأة، وقالت ببراءة وخوف وهي تكاد تبكي: سامي! تانيلا تريد الانتقام من والدك، أخشى أن تكون قد شرعت في انتقامها.
أصيب سامي بالذهول فأفلت قبضة يدها وهو يركض بسرعة ناحية سيارتِه، فصرخت بذعر: سامي، إلى أين؟ سامي ماذا تفعل!
فالتفت إليها بنبرة حازمة:
ذاهب للبحث عن تانيلا!
دخلت تانيلا الشركة مطأطئة رأسها كي لا تلمحهَا كاميرات المراقبة، ثم صعدت إلى مكتب جميل وهي تتخفَى بحذر حتى رأت موظفة الاستقبال الخاصة به، فخطرت ببالها فكرة، نزلت إلى الطابق السفلي ثم مدت يدها وأزالت دبوسًا أمسك شعرها فانفلت مفترشًا كتفيها، رسمت ابتسامة مشرقة على وجهها بصعوبة وتوجهت إلى موظف الاستقبال:
مرحبا هل يمكنك أن تسدي لي خدمة صغيرة؟
كان الموظف شابًا صغيرًا بالسن أربكته ابتسامتها العذبة:
بالطبع آنستي تفضلي، كيف يمكنني مساعدتك؟
قالت وهي تحاول ضبط إيقاع ابتسامتها:
أتيت لزيارة قريبتي، تعمل سكرتيرة رئيس الشركة هنا، هل يمكنك استدعاؤها من أجلي؟
يمكنك الذهاب إليها مباشرة، هل ترغبين في أن أرشدك إلى الطريق؟
لعنته في سرها، ثم ردت بطريقة تسترعي الإعجاب: أعرف الطريق جيدًا، لكن أردت مفاجأتها بعيد ميلادها اليوم.
في هذه الحالة، سيكون ذلك من دواعي سروري.
راقبته وهو يتوجه إلى المصعد، ركضت مسرعة وهي تصعد الدرج واختبأت خلف جدار قريب فرأته يدخل المكتب، بعد هنيهة، رأتهما يغادران المكتب نحو المصعد. وحينما أقفل باب المصعد ركضت سريعًا إلى مكتب جميل مشغلة الحاسوب وموصلة القرص به، ومن خلاله تمكنت من اختراق الخزنة المشفرة، توجهت نحوها وانحنت ببطء لتجد داخلها ما لم تتوقع وجوده!
كانت بداخلها ملفات سوداء وفور أن قرأت عناوينها فهمت على الفور ماهيتها، لقد كانت جميعها تهديدات خبأها جميل ضد شركائه حتى لا يفكروا يومًا بسحب استثمارهم من الشركة، صحيح أن عقله ذو أفكار شيطانية لكنه يبقى محدودًا لأنه لم يخطر بباله أن السلاح الذي يحتمي به سيقتله في يوم من الأيام.
علت ملامحها ضحكة شيطانية، وهي تهم بالمغادرة بعدما حققت ما وُلدت من أجله، ثم توقفت فجأة لتعود إلى الحاسوب بعد أن خطرت ببالها فكرة جنونية جديدة، لم تمر خمس دقائق حتى أنجزت الفكرة وحولتها إلى حقيقة، لم تنتبه إلى الوقت، فحين همت بالمغادرة مجددًا وقفت خلف الباب لترى إن كان هناك أحد، فأصابتها الحيرة عندما اكتشفت أنها باتت محاصرة، بعد أن رأت الموظفة تجلس في مكتبها، جاءتها فكرة جديدة، عادت إلى أقصى الغرفة وأمسكت هاتفها وبعد ثوان:
ألو، قدس، اسمعيني، أريدك أن تتصلي على الفور بموظفة جميل.
قاطعتها قدس متسائلة بنبرة جنونية:
أين أنت يا تانيلا؟ هل عدت إلى مكتبه ثانية؟!
زفرت تانيلا وقالت بجدية:
اسمعيني! أنا في مأزق خطير وأطلب منك المساعدة، أريدك أن تتصلي بموظفة جميل وتخبريها أن تذهب إلى الساحة الخلفية للشركة فالأمر طارئ، حالا!!
تنهدت قدس وقالت بنبرة يملأها الحزن:
حسنًا، وأتمنى أن تسامحيني على ما فعلته.
استغربت تانيلا فسألتها عن قصدها؟ أجابتها قدس والدموع تنهمر من عينيها:
سامي يعرف كل شيء يا تانيلا.. أخبرته كل شيء! إنه يبحث عنك الآن، أنا آسفة لم أقصد أن..
أقفلت تانيلا الخط بوجهها، توجهت نحو الباب ببطء وهي تحاول أن تفيق من الصفعة، لم تمر دقيقة حتى رن هاتف الموظفة فغادرت المكتب مسرعة ومعها الملفات.
*****
أثار اختراق حواسيب الشركة غضب الموظفين، ليتحول الغضب إلى همهمات تتبعها وشوشات وأحاديث جانبية حول اللائحة التي رافقت عملية الاختراق، أما العبارة التي جاءت في ذيلها بالأحمر القاني "أصابني العمى حين أحببتك"، فقد أثارت العديد من الهمسات.
دخل سامي إلى الشركة وفوجئ من الموظفين الذين يغادرون الشركة غير عابئين به، وهم الذين كانت نظرة واحدة منه تكفي لإسعادهم، لم يطق صبرًا فأوقف موظفًا سائلًا إياه عما يجري فأخبره أن الشركة قد اُخترقت وأن أسرارًا قد كشفت، وأنها باتت مفلسة لا محالة.
تمكنت تانيلا من الخروج من الشركة في الوقت المحدد قبل أن يراها سامي الذي دخل مكتب والده ليجد باب خزنته مفتوحًا، فأدرك أن شقيقته كانت هنا وأن ما يجري هو انتقامها.
لم تذهب تانيلا إلى المنزل بل ذهبت إلى مركز الشرطة، فجأة لمحت مراهقًا لم يتجاوز الثانية عشرة من عمره يلعب بالكرة فنادت عليه، لحسن حظها أنه كان مطيعًا، تقدم نحوها فقالت بنبرة لطيفة:
ما رأيك لو أعطيتك مهمة صغيرة تنال مقابلها مبلغًا تشتري به كرة أجمل من هذه الكرة؟
هز رأسه موافقًا فأشارت بيدها نحو مركز الشرطة: إذن اسمعني جيدًا ما رأيك أن تدخل إلى هناك، وتأخذ هذه الملفات وتعطيها إلى أي شرطي تراه.
أجابها وهو يبتعد بخطوات بطيئة:
أعتذر لا يمكنني فعل ذلك، أخاف أن أسجن!
وضعت يدها بلطف فوق رأسه وسألته بابتسامة مشرقة:
أخبرني صديقي الصغير، ما اسمك؟
اسمي "مصطفى".
نظرت إليه بحنان أكبر ثم تنهدت وهي تقول:
حسنا يا مصطفى، أنا شرطية لا أرتدي الزي الرسمي لأني في مهمة سرية، أنا أعدك أنه لن يصيبك أي مكروه، ما رأيك بهذا الاتفاق، قل للشرطي إن زميلتك الشرطية أعطتني هذه الملفات وأن عليك أن تسلمها لمدير المركز فورًا، وفي المقابل سأعطيك نصف المبلغ الآن، وربما تصبح شرطيًا صغيرًا عندما يكافئك المدير؟
هز رأسه فرحًا فأعطته النقود والملفات فانطلق من فوره وهو يتخيل نفسه يرتدي ملابس الشرطي والأطفال المشاغبين يهربون من حوله.
راحت تراقب من بعيد حتى رأته يخرج من المركز برفقة شرطي يحمل بين يديه الملفات السوداء والطفل يقف حائرًا وهو يتصفح الوجوه بحثًا عنها.
مرت ساعة دون أن تلاحظ أي حركة غير عادية أمام المركز، وفجأة دوت صافرات سيارات الشرطة وهي تخرج تباعًا من المرأب، أسعدها المشهد لأنها علمت وقتها أنها سددت الضربة القاضية.
*****
بينما كان خالد في مركز الشرطة ينهي لَمساتْ التحقيق الذي كان يتابِعه منذ مدّة وفي لحظة تفكير عميق تذكر الملفات التي أرسلتهما إليه سيكادا، فانفجر ضاحكًا من غبائه وعدم اكتشافه طيلة الوقت أنها كانت قد اخترقت حاسوبه بحيلة ماكرة!! ارتبك ارتباكًا جعله ينطلق مسرعا لبيته.
ها هو يفتح حاسوبه ليجد الصدمة الموجعة فقد باتت حبيبته تعلم بأسراره الآن، اتصل بها مرارًا وتكرارًا لكن دون جدوى، قرر أن يلجأ إلى خبرته، وبعد جهد تمكن من تحديد عنوانها عبر الموقع الخاص بها، فانطلق إلى وجهته بسرعة على أمل أن تتفهم معشوقته خططه.
حل الليل ووصل خالد إلى بيت صغير وراح الخوف يغازله منذ لحظة وصوله، ركن سيارته بالقرب منه وأسرع نحوه طارقًا بابه فوجده مفتوحًا مما جعل ضربات قلبه تتسارع، فأبطأ خطواته ومد يده فوق سلاحه استعدادًا لأي مجهول، فتح الباب ببطء شديد ودخل بهدوء، راح يتحرك بخطوات حريصة مدققًا في كل التفاصيل، لكن مفاجأة غير سارة كانت تنتظره هناك، كان الجو كئيبًا بشكل لا يحتمل، فجأة لمح ضوءً خافتًا جذبه نحو غرفة جانبية، وما إن دخل حتى لمح ذاك الكم الهائل من الدماء منتشرًا على الأرضية، فشعر بالدوار من هول المنظر ولم يستطع استيعاب ما رأته عيناه، ظل شاخصًا ببصره نحو الأرضية، تقدم ببطء ومع ذلك كاد ينزلق بالدماء، يا للهول! كانت تانيلا متكئة إلى حاسوبها محاطة ببقعة دم كبيرة! أطلق شهقة عالية كادت تيقظ الموتى من قبورهم.
سيكادا!!!
جثا على قدميه، لينهض مجددًا، حملها بين ذراعيه واحتضنها باكيًا، وضعها على السرير ليلاحظ أن الدماء تتدفق من عروق يدها، لحظتها تذكر انتحار حبيبته زينة والفتاة البريئة التي منعته صدمته من إنقاذها، فقرر مواجهة رهابه قبل أن يفقد آخر من أحبه قلبه، ودون تفكير خلع حزامه وربط به يدها، شعر بأن الحزام غير كاف أو هكذا رأى، خلع رباط حذائه وأعاد ربط يدها بكل ما أوتي من قوة، فخرج منها تأوه خافت.
أحس بالحياة تدب فيه من جديد. فتحت عينيها بمجهود وراحت ترمقه بنظرة حانية، شرد في جمال عينيها العسليتين، وبصوت يكاد يسمع قالت:
لقد كنت أنت منذ البداية.
عاد إلى رشده فحملها بين ذراعيه وراح يركض غير عابئ بالظلمة والدماء، وضعها بمقدمة السيارة وقادها بأقصى سرعة، وقلبه يخفق بشدة والصدمة تغالبه، وهو يقاوم حتى يتمكن من إنقاذ حياتها:
رجاء لا تتركيني.
راح يصرخ عندما لاحظ أنها فقدت وعيها، وما إن وصل المشفى حتى أدرك وهو يحملها بين ذراعيه أنه لا يحمل سوى أحلامه المحطمة.
*****


عائشة بوشارب غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 29-03-22, 12:13 AM   #38

قصص من وحي الاعضاء

اشراف القسم

 
الصورة الرمزية قصص من وحي الاعضاء

? العضوٌ??? » 168130
?  التسِجيلٌ » Apr 2011
? مشَارَ?اتْي » 2,558
?  نُقآطِيْ » قصص من وحي الاعضاء has a reputation beyond reputeقصص من وحي الاعضاء has a reputation beyond reputeقصص من وحي الاعضاء has a reputation beyond reputeقصص من وحي الاعضاء has a reputation beyond reputeقصص من وحي الاعضاء has a reputation beyond reputeقصص من وحي الاعضاء has a reputation beyond reputeقصص من وحي الاعضاء has a reputation beyond reputeقصص من وحي الاعضاء has a reputation beyond reputeقصص من وحي الاعضاء has a reputation beyond reputeقصص من وحي الاعضاء has a reputation beyond reputeقصص من وحي الاعضاء has a reputation beyond repute
افتراضي




اهلاً وسهلاً بك بيننا في منتدى قصص من وحي الأعضاء ان شاء الله تجدين مايرضيك موفقة بإذن الله تعالى ...


للضرورة ارجو منكِ التفضل هنا لمعرفة قوانين المنتدى والتقيد بها
https://www.rewity.com/forum/t285382.html

كما ارجو منك التنبيه عندما تقومين بتنزيل الفصول على هذا الرابط
https://www.rewity.com/forum/t313401.html

رابط لطرح اي استفسار او ملاحظات لديك
https://www.rewity.com/forum/t6466.html


حجم الغلاف رجاءً يكون بمقاس 610 × 790



هل الرواية حصرية لشبكة روايتي الثقافية ام هي غير حصرية؟ الرجاء الإجابة بحصرية او غير حصرية دون اضافات....









واي موضوع له علاقة بروايتك يمكنك ارسال رسالة خاصة لاحدى المشرفات ...

(rontii ، um soso ، كاردينيا الغوازي, rola2065 ، رغيدا ، **منى لطيفي (نصر الدين )** ، ebti )



اشراف وحي الاعضاء




قصص من وحي الاعضاء غير متواجد حالياً  
التوقيع
جروب القسم على الفيسبوك

https://www.facebook.com/groups/491842117836072/

رد مع اقتباس
قديم 30-03-22, 11:35 PM   #39

funy19

? العضوٌ??? » 36652
?  التسِجيلٌ » Aug 2008
? مشَارَ?اتْي » 3,009
?  نُقآطِيْ » funy19 is on a distinguished road
افتراضي

Thaaaaaaaaaaaaaaaaaaaaanks

funy19 غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
مكتملة, رواية, صمت سيكادا, كاملة

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 06:25 PM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.