شبكة روايتي الثقافية

شبكة روايتي الثقافية (https://www.rewity.com/forum/index.php)
-   مـنـتـدى قـلــوب أحـــلام (https://www.rewity.com/forum/f19/)
-   -   زهر جبينها المكلل- قلوب أحلام غربية (118) [حصريا] للكاتبة Hya Ssin *مميزة ومكتملة* (https://www.rewity.com/forum/t486820.html)

Hya ssin 07-06-22 06:11 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة mini-2012 (المشاركة 15971332)
سأغوص في بنية الرواية
بداية العنوان ملف "زهر جبينها المكلل"و گأنها تخاطب القارئ بشخصية الغائب و طبعا "هي "البطلة التي تتحدث عنها الكاتبة فهو ملفت أكثر من مضمونها الذي سأتحدث عنه تالياً ،نعم يشعرك بالفضول فقد استعملت الكاتبة عضوا جسديا ألا وهو "الجبين" الذي ربطته بمصدر العرق ،التعب،الكد و ايضا السمعة فهو جزء من صفحة المكتوب و القدر الملازم الإنسان و هو الكناية التي بدت لي الكاتبة انها تشير له.. واتضح انه اوركيد كانت. تعمل في مزرعة عائلتها

نوعا ما كان الاسم للبطلة متعلق بالاحداث.. اما العنوان فكليا مرتبط فيها..
اسعدني مروررك

Hya ssin 07-06-22 06:11 PM

الفصل الثالث

في صباح اليوم التالي استيقظت أوركيد على السواد يحيط عينيها، والشلل يستحكم بأطرافها.. كانت جالسة على كرسي والحبال تربط ذراعيها وقدميها.. بقيت لوقت تجهل مدتها تشرد بالفراغ تجهل سبب اختطافها!
هل هو بهدف مساومة عائلتها لطلب فدية مالية مقابل العودة إلى أحضانهم؟ لأن مالا يعرفونه هؤلاء المختطفون الحمقى هو أنهم لن يحصلوا من عائلتها على أي سنتٍ!
فجأة شعرت بباب المكان الذي تتواجد فيه يُفتح، ثم رجل ينزع العصبة من على عينيها سامحا للنور أن ينفذ لحدقتيها.. رفرفت بجفنيها لتجد أمامه يقف رجل تتجلى على خطوط وجهه المتصلب كل شيء عدا الود واللين.. غادر الرجل من أمامها فتجولت ببصرها في المكان حولها لتجد نفسها بقبو لا تزيد مساحته على عشرين متر مربّعة، من الإسمنت المسلح ولم يكن يحتوي على أية نافذة، وكان كل أساسه سرير مثل الذي يستخدمونه في معسكرات الكشافة، ومغسلة ومرحاض..
استقر نظرها على باب القبو يُفتح مرة أخرى من قبل نفس الرجل الذي فتح عينيها وأخر بدا أنه رئيسه لا زميله.. وقف القائد أمامها فبدأ نظرها يمشط ملامح وجهه وما يحوي من قسمات محددة من فم رجولي صارم وفك قوي إلى حاجبين أسودين فوق عينين زرقاوين ضيقتين ناهيك عن شعره الفاتح الكثيف الطويل.. فيوحي بهذه الصفات الظاهرة بأنه رجل خشن صلب..
أخفضت بصرها إلى كتفاه العريضان ثم إلى جسده قوي البنية الذي يزيد طوله عن الأقدام الستة يكفي مِمَّا أشعرها بالخوف وأن أيامها المتبقية محدودة..
تصاعد شحوب وجهها وحادت بنظرها بعيدا عن عينيه المسلطتين عليها وتساءلت بصوت مرتعش متحاملة على ألم تشنج أطرافها
((ماذا تريد مني؟ كيف تتجرأ على خطفي!))
زمجر بها الرجل الأخر والذي يدعى دومينك لتصمت مما جعل أخر الألوان تنسحب من وجهها وتنكمش على نفسها بذعر، قبل ان يتطلع دومنيك لسيده متسائلا
((ما هي خطوتنا التالية مع عائلتها يا سيد إيستون؟))
جحظت عينيها بصدمة تملكتها.. عائلتها! إذن فعلا قاموا بخطفها ليظفروا بشيء من عائلتها، أو ربما للانتقام منها بجريرتهم إذا أن عائلتها تزخر بسجل حافل بإيذاء والاعتداء على الأشخاص من حولها..
وجدت ملامحها تنهار باكية لتهتف بهم بتوسل
((أنا في كل الأحوال هاربة من عائلتي، ولا دخل لي بهم أبدًا، أرجوكَ أفرج عني.. أرجوكَ))
رفع دومينك يديه نحوها يقاوم أصابعه التي تريد خنقها وعيناه تصوبان شرارات كهربية مهدده تجاهها لتصمت، ففعلت بذعر متفشي فيها! بأي حق وبأي ذنب يخطفونها هؤلاء الأوغاد الذي يبدو كل واحد منهم وكأنه يستنشق الطغيان والجبروت!
كان كاميرون إيستون لا زال يحدق بها بتركيز وملامحه غير المقروءة لا تنحسر عن وجهه، حتى شكت أوركيد بأنه يعرفها، وكانت تود سؤاله لكنه تقدم منها فجأة.. كتمت شهقة ذعر، بينما دموعها مستمرة بالجريان أنهارا عندما بدأ يحل الرباط حول إحدى ذراعيها ثم رفعها يمعن النظر في ندبة قديمة لها!
بقيت محبوسة الأنفاس حتى حرر ذراعها ثم استدار على عقبيه مغادرا المكان دون أن يتفوه بحرف واحد يبدد هالته الغامضة..
غادر الرجل الأخر وصفق الباب خلفها.. لقد تركاها مكانها حيث تمر الساعات ببطء شديد، ورعب أكبر يجتاح نفسها.. نعم حرراها من قيدها وتركا لها الطعام ولكنهما لم يخبرانها عن سبب خطفها أو ماذا يعتزمون على فعله بها..
فركت يديها ببعضهما بتوتر، حررت شعرها من ضفيرتها ثم عادت تجمع شعرها وتربطه كله بالمشبك، تريد أن تقتحم ذلك الباب المغلق لترى ما الذي يحصل خلفه؟
ولم يمضِ الكثير قبل أن يفتح الباب فعلا ويطل عليها رجل أخر لم تره سابقا ويقف أمامها بصمت، بملامح مبهمة تميل للسمرة.. فغرت شفتيها ما إن رأته يخرج سكينا ماضية من مغلفها بهدوء ثم يقترب منها.. شحب وجهها شحوبا يُحاكي الموت وانتفضت كل خلية فيها رعبا من هذا الغريب الذي يرنو منها، ولم يسعفها صوتها فأطلقت شهقة بلا صوت قبل أن تغمض جفنيها وترفع يديها لتحتمي بهما بمحاولة واهية من سكينه.. ثم مرت ثانية.. ثانية أخرى.. وأخرى.. حتى مرت دقيقة كاملة.. ولم يحدث شيء.. لم يجز عنقها ولم يطعنها بصدرها! لم يذبحها ايضا.. على الاقل بعد!
ببطء فتحت عينيها وبتردد رفعت نظرها للرجل الذي لا يزال واقفا بثبات واهن أمامها، ارتخت ملامحها ما إن رأت السكينة تنسل من أصابع يده لتتهاوى أرضا..
كادت أن تتنفس الصعداء لكن عاد الذعر يفترسها مجددا عندما رأته ينتشل شيئا من جيبه!
ولدهشتها أخرج فقط مشطا.. مشطا صغيرا، لطيفا بشكل لا يناسب خشونة مظهره!
جفلت عندما مال الرجل نحوها واحتمت مجددا بيديها خوفا منه لكن شعرت بما يشبه التيار الكهربائي يسري في جسدها ما إن مرر المشط على شعرها عدة مرات ثم أدار جسده مغادرا ببساطة تاركا إياه مسروقة الأنفاس ومنهارة لا تعي شيئا من حولها..
==========================
سلم الرجل الذي كان يدعى إيان باركر المشط بما فيه من شعيرات لدومينك أمرا إياه أن يضع الشعيرات في ظرف ويسلمه له.. ثم كتم توتره الرهيب وأظهر واجهة صلبة أبيّه أمام كاميرون إيستون الذي يقابله بملامح متعجرفة ملاحظا احتقان وجهه وثورته الكامنة، فقال الأخر بلذة الشماتة الشيطانية لمساعده
((وأنت خذ جزءً من عينات الشعر يا دومينك لنجري الفحص أيضًا، ونستغل عثورنا عليها أولًا في استرداد ثمن ماشيتنا والخراب الذي تم الحاقه بنا من قبل شقيقها))
طحن إيان أسنانه يكتم بشق الأنفس غضبه وغيظه تجاه ابتسامة كاميرون التي تزدادا التواء وعجرفة، إنه لا يزال مصرا على اتهامه هو بإرسال من إحراق أجزاء من مزارع هذه المنطقة وإلحاق الدمار بها وسرقة الماشية رغم تبرئته التامة بعد انتهاء التحقيق!
ارتجفت يده خفية بدقات قلب عنيفة عندما تابع كاميرون بسيطرة متهكمة
((سأحتاج شيئا يعود لك لنجري الفحص يا سيد باركر ونقف على ثبوت النسب من عدمه بتلك الفتاة))
أعطاهم إيان عينة من شعره هو الأخر ونظرة أخيرة محذرة من أن يتم إيذاء الفتاة قبل أن تصدر النتيجة.. ثم خرج من المكان بملامح واجمة خاسرة والغيظ الشرس ينشب مخالبه فيه.. لم يتوقع أن كاميرون.. عدوه اللدود سيكون بهذا القدر من التجبر.. لقد أخبره صباح اليوم أنه وجد شقيقته الضائعة منذ ما يزيد عن عقدين ونصف رافضا أن يعلن كيف اهتدى إلى هذه الحقيقة سوى بوجود تلك الندبة عليها كما تم الإعلان أثناء فقدانها آنذاك.. وهو لم يطل كثيرا قبل أن يأتيه لعقر داره أعزلا كما طلب منه ويدخل ليأخذ عينة منها تعينه على إجراء فحص الحمض النووي ليتأكد من صحة ادعاء كاميرون!
لتظهر النتيجة وبعدها سيكون لكل حادث حديث، لكنه متأكد من أن كاميرون لن يسلمه شقيقته إلا لو أعطاه ثمن كل المواشي التي فقدها خلال السنوات الماضية وثمن ترميم الدمار والحرائق التي حلت بمنشآت مزرعته على الأقل، دون أن يهتم بالتأكد من أنه الجاني، وحتى ذلك فلا يعرف حقا كيف سيتدبر له ثمن ذلك لو اتضح أن الفتاة في الداخل هي أخته حقا..
==========================

Hya ssin 07-06-22 06:12 PM

طالعت أوركيد من نافذة القبو ما يتبين لها من المكان، بدا بأن منزل المزرعة المؤلف من طابقين مبني من جذوع الشجر والحجارة كما هو منتصب إلى جانب مباني المزرعة وكأنه برج مراقبة مرتفع عن الجميع في مشهد يبعث للدفء للرائي، بالطبع إن لم يكن يعيش في نفس ظروفها..
أغمضت جفنيها وأخذت نفسا مرتجفا.. كان قلبها يخفق بشدة.. والإحساس المفعم بالسقم والأسى يتفاقم.. إذ مضت أيام وكل شيء على حاله وهي مسجونة في هذا القبو..
جفلت على فتح بابه بعنف واندفاع كاميرون داخله بعصبية بالغة.. وقف أمامها لاهثا بغضب أعمى حتى أنه أخافها.. لقد أخبره إيان بأن نتيجة فحص الحمض النووي صدرت وكانت أن هذه الأوركيد ليست شقيقته الضائعة.. إذن تلك العجوز الجشعة ما هي إلا كاذبة كبيرة.. لقد أخبرته بأنها وقبل سنوات عديدة تزيد عن العقدين ونصف خطفت شقيقة إيان الرضيعة في نفس يوم ولادتها مقابل طلب فدية قبل أن تخشى كشف أمرها وتلقيها في حاوية للنفايات وتراقبها من بعيد، لتكتشف لاحقا بأمر خطفها مجددا من قبل امرأة مريضة تدعى أنجيلا والتي قامت نسبها لعائلة أخيها.. وقتها أخبرته المرأة العجوز بأنها ستعلمه هوية شقيقة إيان الضائعة مقابل أن يعطيها نصف المبلغ الذي تحتاجه، والنصف الأخر يكمله لها بعد أن يتأكد من صحة كلامها، إلا أنها هربت بنصف المبلغ واختفى أثرها قبل حتى أن تصدر نتيجة التقرير..
لحق دومينك كاميرون يعطيه ظرف النتيجة التي طلب من أن يجروه بمختبر أخر حتى يتأكد من صحة كلام إيان بأن أوركيد ليست أخته، ولا يتلاعب به..
فتح كاميرون الظرف وسرعان ما أضحت ملامحه أكثر قسوة بينما يتبين صدق كلام إيان، عينتها لا تطابق مع عينته وبالتالي هو لا يتلاعب بهم وأوركيد ليست شقيقته الضائعة..
دفع كاميرون مقعد قريب منه بقدمه بغضب مستعر، لقد أضاع فرصة ابتزاز إيان وإرغامه على دفع ثمن إيذائه له بعد أن اتضح أن كلام تلك المرأة كاذبا والفتاة التي خطفها لا تقرب لإيان بشيء..
بدأ صدره يرتفع وينخفض بعنف بينما يتقدم بخطوات بطيئة مستفزة للأعصاب من أوركيد التي كادت أن تموت جزعا منه.. ليباغته دومينك متسائلا
((سيدي ماذا سنفعل بالفتاة الآن؟ ماذا لو أطلقنا سراحها وذهبت لتشتكي علينا وقد عرفت هويتك؟))
تطلع كاميرون لدومينك ينفجر به غضبا
((لم أكن لأكشف لها شيئا لولا ثقتي الخرقاء بتلك العجوز))
كان ظنها قبل أن يتكلم كاميرون للمرة الأولى أمامها أن صوته سيكون منخفضا عميقا وأجشا كأنه لم يتكلم بشكل هادئ لكن جاء صوته مرتفعا في حالة من الغضب يرعد بشكل مغاير لظنونها..
أسدل كاميرون جفنيه للحظات يحاول تهدئة أنفاسه واستعادة رباطة جأشه قبل أن يقول أخذا بالاعتبار الصورة الواضعة التي يملكها عن علاقة أوركيد الغير طيبة بعائلتها
((دومينك، أبقيها هنا في المزرعة، وراقب عائلتها عن كثب، إن لم تسأل عنها ستبقى هنا حتى أخر يوم في عمرها، أما لو قدمت عائلتها أي شكوى عن اختفائها للشرطة فسنقتفي أثر خطة أخرى..))
كاد أن يستدير كاميرون مغادرا عندما اندفعت أوركيد نحوه متوسلة وعذاب يطفح على ملامحها
((أطلق سراحي واعدك بأني لن أشي لاحد عن خطفك لي، أنا لا اعرف شيئا عنك، بل حتى نسيت اسمك))
صرخ كاميرون بها بقسوة
((اصمتي، ستبقين هنا..))
توقفت مكانها تصرخ بوجه محتقن متحدية إياه
((لن اسمح لك بإبقائي هنا، بل سأخرج حالا))
تحفز كاميرون وضيق عينيه بوعيد قبل أن يأمر رَجُله
((انظر يا دومينك لثورتها، لا يمكن أن نجعلها تختلط بالماكثين في هذه المزرعة، لا تخرجها من هذا القبو أبدًا))
خرج كاميرون ومن بعده دومينك صافقا الباب خلفهم بإحكام غير ابهين لصراخها واستنجادها المنهار..
==========================
بعد مرور أيام أخبر فيها دومينك سيده بأن أوركيد لا تتوقف عن الصراخ مطالبة بالخروج من القبو وإطلاق سراحها، بل وتضرب عن الطعام رافضة إدخال شيء في جوفها، وجد نفسه مضطرا أن يمر عليها.. فتح باب القبو وتوغل للداخل لترفع أوركيد عينيها له فتراه يطالع وجهها الباهت والمرهق والفاقد لكل أشكال الحياة، فسارعت تخاطبه متوسلة بصعوبة من حبال صوتيه أرهقها البكاء
((سيد إيستون، أرجوكَ أطلق سراحي فأنا لن أخبر أحد عن خطفك لي..))
اضطربت ملامح كاميرون شاتما نفسه ألف مرة ومرة! ما هذه الورطة التي أوقع نفسه بها!
تطلع لدومينك يأمره على مضض وقد أخذته الشفقة عليها
((دعها تساعد مدبرة المنزل، على الأقل حتى أعرف كيف أتخلص منها مع ضمان أنها لن تسبب أي مشكلة لنا))
وغادر المكان على الفور ليجد دومينك نفسه يزمجر فيها بقوة
((من الآن وصاعدا ستصبحين خادمة وتساعدين مدبرة المنزل، وعليك السمع والطاعة، ستعملين عند السيدة إيستون، إنها امرأة صعبة المراس وانتقائية فإياك ثم إياك أن تثيري غضبها))
ثم لوح بإبهامه منبها إياها
((تذكري، أن سلوكك هو الذي سيحدد مسألة إطلاق سراحك من عدمه))
ورغم عدم استساغتها لعملها هنا كعاملة منزلية إلا أنها كانت أفضل الخيارات مؤقتا، حتى تشحن قوتها وطاقتها وتهرب ناجية بروحها..
خرجت أوركيد من القبو لتقف في منتصف المزرعة حيث لم يكن ثمة أي سقف فوقها أو جدران من حولها.. رباه.. لقد شعرت في الأسبوعين اللذان أمضتهما في القبو وكأنها سنوات حتى أنها نسيت بإحساس الريح على وجهها والحصى والغبار تحت قدميها والسماء اللامتناهية فوق رأسها..
حثها دومينك أن تلحقه فدخلت أوركيد بمظهر يرثى لها إلى منزل المزرعة من باب الشرفة المسقوفة مع دومينك الذي قدمها لمدبرة المنزل طالبا منها أن تعطيها غرفة بالملحق وملابس لتستخدمها فهي العاملة الجديدة هنا التي وظفت خصيصا للسيدة ماتيلدا ايستون..
بعدما انتهت أوركيد من الاستحمام وملئ معدتها بطعام يبقيها على قيد الحياة، طلبت من مدبرة أن تقتادها إلى حيث يقبع هاتف في هذا المنزل، إلا أن مدبرة الهاتف رمتها بنظرة صارمة كأنها طلبت منها موادا ممنوعة أمرة إياها ألا تكرر مثل هكذا طلب.. لكن سرعان ما تلاشى استهجان أوركيد من ردة فعل مدبرة المنزل العدوانية لطلبها عندما عرفت بأنه يُمنع استخدام الهواتف في مزرعة كاميرون إيستون من قبل أي أحد، بل أن هناك هاتف واحد يجهل أي أحد مكانه!
اعتراها الإحباط، فلا يبدو بأن أمر هربها من هذا الجحيم سيكون يسيرا! جفلت على صوت مدبرة المنزل تأمرها بفظاظة مجددا
((اذهبي ووضبي غرفة السيدة ايستون..))
أطاعتها أوركيد، ومضت نحو غرفة ماتيلدا.. التي لم تحتاج لأكثر من عدة لقاءات معها لتعرف أنها أكثر امرأة متعجرفة ومغرورة قابلتها بحياتها.. إنها لا تطاق وصعبة المراس، مدللة، وأنانية لا تحب إلا نفسها، تتعمد التحقير من كل من حولها وإهانتهم مهما بذلوا جهدا في تنفيذ طلباتها إلى حد المثالية، بمن فيهم زوجها كاميرون، بل هو بالذات لا تتردد بتمريغ كرامته في تراب الإهانة والذل حتى أمام العاملين عنده، حتى أنها استغربت ماذا فيها هذه المتعجرفة ليحبها وتهون عليه كرامته لأجلها! هزت رأسها تبدد هذه الأفكار الفارغة عن رأسها وتركز على هدفها الوحيد في الهروب من هذا المكان الذي احتجزت فيه دون جريرة منها!
وبينما هي توضب الغرفة دخلت لدورة المياه الملحقة بها.. تطلعت لجمال هذا الحوض الكبير فيها، حتى أنها سهت قليلا عن صوت ماتيلدا تدخل المكان وتهتف بها بعصبية أن تبارحه، ففعلت متجنبة غضبها..
==========================
اتكأت أوركيد على إحدى النوافذ الواسعة المطلة على ساحة المنزل وأسوارها العالية لتفكر بذهن متيقظ بحالها.. العاملين في المزرعة يملؤون المكان ويجعلون امر الهرب أصعب مِمَّا كانت تظن حتى لو لم يعرفوا بأنها مختطفة، وعائلتها لا تعرف بمكانها ولو عرفت فلا تظن بأن هناك شيئا سيتغير.. ماذا عليها أن تفعل؟ تجمدت الدموع في مقلتيها وراحت تنظر خلال التلال البعيدة التي لا يفصل بينها أي معلم أو حدود.. لم يكن هناك أثر لسكن بشري ولا حتى لجواد أو رأس ماشية واحد.. بينما تنغمس في النظر للفضاء الواسع والهواء النقي عمت السكينة أرجاءها مما جعلها تنسى التعب الذي يلازمها.. مؤقتا.. فلا زال ذلك الكاميرون المغرور بثقة مفرطة يخترق تفكيرها.. لابد ان سبب بطشه يعود لكونه إنسان إقطاعي يمتلك مزرعة.. لقد كانت عائلتها ايضا تمتلك مزرعة حتى لو لم تكن بحجم هذه المزرعة!
==========================
انتهى الفصل.

كرم حسان 08-06-22 10:11 AM

تسلم الايادي مشكووورين 😍😍😘😘😘

كرم حسان 08-06-22 10:14 AM

هياسين أنتي مبدعة تسلميلي مشكوووورة

Mini-2012 09-06-22 05:21 AM

مشكورة. 😻😻😻😻😻😻😻😻

Hya ssin 14-06-22 08:25 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة كرم حسان (المشاركة 15972731)
تسلم الايادي مشكووورين 😍😍😘😘😘

😍♥️ شكرا للمرور..

Hya ssin 14-06-22 08:26 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة mini-2012 (المشاركة 15973615)
مشكورة. 😻😻😻😻😻😻😻😻

حبيبتي ❤️❤️❤️❤️....

Hya ssin 14-06-22 08:27 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة كرم حسان (المشاركة 15972734)
هياسين أنتي مبدعة تسلميلي مشكوووورة

شكرا للطف كلامك♥️♥️♥️

Hya ssin 14-06-22 08:27 PM

هينزل الفصل حالا..

Hya ssin 14-06-22 08:29 PM

الفصل الرابع

داخل إحدى الحظائر جلس كاميرون متكاسلا بعد أن أرخى إحدى ذراعيه على مؤخرة الكرسي المجاور يراقب أوركيد تنظف إحدى الجياد بمهارة وخبرة.. قبل أسابيع كان يُلزمها بصرامة البقاء داخل المنزل ويمنعها من الاختلاط بغير زوجته ومدبرة المنزل ومساعده دومينك، إلا أنه في إحدى الليالي المطرية احتاج لإحضار جهاز تحكم حراري لإصلاح المرجل في إحدى الحظائر متدنية الحرارة، ولأنه لم يكن يتواجد أي من عمال المزرعة داخلها، عرضت عليه أوركيد مساعدته فاضطر مرغما الإذعان لإلحاحها بمرافقته، وساعدته بالتفتيش بين قطع الغيار التي يحتفظ بها على ما يحتاجه وإصلاح الجهاز.. قبل أن تدنو من إحدى العجول وتداعبها، ومن هنا بدأت تفاجئه بمهارتها في التعامل مع الحيوانات وما تمتلكه من خبرة وفيرة في التعامل مع واجبات المزرعة ومهامها.. بل وقالتها صراحة له أنها مستعدة أن تنظف الإسطبلات عدة مرات في اليوم على البقاء داخل المنزل مع مدبرة منزله الفظة وزوجته المتسلطة.. ومن وقتها سمح لها بالخروج من المنزل ومساعدة العمال في المزرعة مع تهديد صريح بإنزال اقصى درجات العقاب عليها لو فكرت ولو مجرد تفكي بإخبارهم حقيقة خطفها.. عودة للواقع أحست أوركيد بعينيه تلاحقان كل حركة منها فأدخلت الجواد بعد أن أنهت تنظفيه ثم أسندت ظهرها إلى السياج وهي تمسك الأكاليل التي صنعتها.. فاخذ كاميرون رشفة متكاسلة من قهوته ثم تشدق ((أرى أنه قد أعجبك العمل في مزرعتي ولم تعودي تريدين الرحيل من هنا)) دنت منه مقتربة وقالت ببرود ((نعم العمل هنا أقل سوءا من العمل لدى زوجتك المتعجرفة، ولكن ستبقى حريتي هي مطلبي الرئيسي.. بالمناسبة أعتقد أنه من الأفضل أن أنقل أغراضي إلى تلك الغرفة في نهاية سقيفة نوم العمال لأني لم اعد أحب المكوث معظم أيامي في القبو)) وقبل أن تستدير صدح صوته رافضا ((لن اسمح لك بالمبيت هناك مع عمال المزرعة، انهم يمكثون هناك معظم الأيام)) تحولت شفتاها إلى خط مشدود مصمم ثم جادلته ((وأنا لن اسمح لنفسي بالبقاء في ذاك القبو، إذا لم نتفق يمكنك ببساطة اتركني ارحل، وسألتزم بكلمتي بعدم تصعيد أي شكوى ضدك)) دون أي اضطراب قابل التحدي في عينيها ((قلت لن تنتقلي إلى سقيفة العمال)) ثم وقف بعفوية لكنها أحست أنها حركة لتعزيز سيطرته فاضطربت مغمغه ((توقف عما تفعله، لم تعد نظراتك المظلمة أو طباعك الخشنة تخيفيني)) ودفعت كرسي بجانبها إلى الوراء قبل أن تأخذ قبعتها وتغادر فانطلقت يده تمسك بمعصمها.. تطلعت لوجهه وتصادمت نظرتاهما قبل أن يعلن ((سأطلب من دومينك أن ينقلك لغرفة لا يشغرها أحد داخل المنزل)) مررت أصابع مرتجفة في شعرها ثم ردت دون أن ينحسر البرود عنها ((ًهذا خيار أقل سوء)) راقب كاميرون أساريرها المشدودة.. ولسبب مبهم تلاعب حنان لم يكن يدري بوجوده وتحرك في داخله بشكل خطير ضد الرغبة التي يثيرها تحديها فيه.. لذلك سارع يرفع إبهامه محذرا إياها بوجه متحجر ((وحتى ذلك تابعي عملك هنا، فبكل الأحوال أنا كنت بحاجة إلى يد عاملة جيدة، اعملي بجد بدون أن تصادقي أحد من عمال المزرعة ودون أن تثيري المتاعب معهم حتى أضمن أنك لا تخبرين أحد بشأن خطفك، وأعدك بأني قد أفكر بإطلاق سراحك مع أجرة بدل الأيام التي عملتي فيها هنا)) نفضت يده عنها بقوة، دست قبعتها جيدا فوق عينها، أخذت معطفها الواقي من المطر وتمتمت بصوت منخفض ((حسن جدًّا)) خطت إلى الخارج لتصدم أنفاسها أول هبة ريح فأقفلت السحاب إلى ذقنها ثم تابعت مندفعة نحو المنزل تاركة إياه.. عليها الانتظار لايام معدودة قبل ان يتحسن الطقس وتفكر بالهروب من هنا إذ أنها لا تثق بأن ذاك المتحذلق سيفي بوعده لها!! بقي واقفا مكانه يحدق في إثرها ليرتجف النور فوقه عدة مرات ثم يغوص قبل أن يعود مجددا.. حانت منه نظرة الى تلك الأكاليل المصنوعة من زهور الشتاء ورفع حاجبيه.. إنها مهووسة بصنعها كثيرا.. ========================== بعد أسابيع.. أيقظ السكون أوركيد قبل الساعة الرابعة فجرا.. أطلقت عدة أنفاس كانت تجيش في صدرها.. لقد حان الوقت للهرب من هذا السجن، لقد عملت في هذا المكان لمدة لا بأس فيها أصبح الجميع بمن فيهم كاميرون يثق فيها وبأنها قطعيا لن تفكر بالهرب.. وبالتالي قلّت الأعين المسلطة عليها.. ناهيك عن أنه في العطل يغادر عمال المزرعة السقيفة وتبقى المزرعة خالية من معظمهم، وحتى كاميرون يغادر المقاطعة كلها قبل الفجر في هذه الأيام.. لم تتوقف الرياح في هذا الوقت عن الهبوب وسمعت من نشرات الأخبار في الراديو أن الطقس لن يتحسن خلال الأيام القليلة القادمة كما خمنت وهذا يفسد جزء من خطتها، لكنها عازمة على الهروب بكل الاحوال والظروف فالانتظار لن ينفعها بشيء.. ذلك إن هي بقيت هنا أكثر قد تألف وتحب سجنها.. يا إلهي كم هي متلهفة لتحرير نفسها من هذا المكان.. عليها فقط أن تتخذ حذرها.. ارتدت ثيابها وحضرت أغراضها ثم رتبت السرير بحذر وراحت تزيل أي أثر لوجودها.. خطت بهدوء نحو الردهة المظلمة وهي تحمل حقائبها وتخرج من المنزل الهادئ بخفة.. بالتأكيد أقلقها الوقت المبكر من هذا اليوم وعدم حيازتها على مال لكنها لم تأبه لشيء إلا الخروج من هذا المكان.. شقت طريقها نحو الشرفة الخلفية والخوف مسيطر عليها من أن يتم إمساكها أثناء تسللها للخارج رغم أنها متأكدة من مغادرة كاميرون البيت قبل ساعة على الأقل.. بدأت الأمطار بالهطول وهبوب الريح يتلاعب بأغصان الأشجار التي تحف الطريق المؤدي إلى البوابة الصغيرة فحافظت على حيطتها.. وصلت عند باب المزرعة الضخم مستبشرة بالحرية القريبة، لكن سرعان ما أصابها الإحباط، ذلك أنها وجدت أن الباب مؤصد بمفاتيح وسلاسل حديدية، رفعت حجرا وبدأت تضرب الحديد عدة مرات حتى يئست من إمكانية فتحه.. أخذت نفسيا عميقا وحاولت تسلقه.. لكن أوقفها الصوت الرجولي الخشن الصادح عاليا ((من هناك؟ توقفي حالا)) تجمد الدم بعروقها وتسمرت مكانها، وعندما كرر عليها تهديده حاولت تحريك أطرافها المتشنجة وهبطت أرضا، وببطء رفعت وجهها الباهت له بخوف مِمَّا جعله يضيق عينيه متفحصا ملامحها قبل أن يهتف بصوتٍ ملأ الساحة بعجيجه الساخط ((هل أنتِ المستخدمة الجديدة في المزرعة؟ لماذا تحاولين الهرب خفية بهذه الطريقة؟ أجيبي! هل سرقتي شيئا؟)) اضطربت ملامحها فبقي الرجل يحقق معها ويحاصرها قبل أن يصل كاميرون مهرولا متحفزا بصحبة دومينك.. اعترتها الصدمة من ظهوره! ألم يغادر بعد المنزل؟ تصاعد ارتعاشها خوفا من القادم لا بردا من الأمطار الغزيرة المتساقطة عليها.. صوب كاميرون أنظاره أمام أوركيد المبتلة بمياه الأمطار وبدا متصلب الملامح، شفتاه في خط مشتد.. تساءل بامتعاض ((ما الذي حدث هنا؟)) ظل ينظر إلى ملامحها المرتعبة بعينيه طبيعية الاحتدام كأنه يتفحص أعماق ما تفكر به بينما نظر الرجل إلى كاميرون قائلًا بعملية ((لقد قبضت عليها تهرب من المكان بطريقة مثيرة للريبة، وتخفي شيئا في حقيبتها التي تضعها على ظهرها..)) اتسعت مقلتا أوركيد لذكره موضوع حقيبتها التي لا تضع فيها شيئا مهما إلا بعض بواقي الأطعمة التي أخذتها من المطبخ برغم معدتها المتصلبة وملابس لمجابهة المجهول والنجاة لأيام بعد الهرب.. استرقت النظر إلى كاميرون بملامحه الغاضبة كالعواصف الليلية في برودها بينما يأمر رجله ((انزع الحقيبة عنها)) ونزع الرجل فعلا الحقيبة منها بسهولة وناولها لكاميرون الذي قام بفتحها بخشونة وتفتيشها وعندما لم يجد شيئا يُذكر رماها لدومينك بفظاظة ثم هتف من بين أسنانه ((لقد سرقت شيئا مهما وغاليا جدًّا من منزلي، يمكنك المغادرة من هنا ونحن سنتولى أمرها)) غادر الرجل الذي يعمل في المزرعة وبقي دومينك الذي حاول القبض عليها إلا أنها قاومته بضراوة فرماها كاميرون بنظرة مرعبة وهسيس منتشي وهو يميل إلى أذنها ((لم ينفع معك الحسنى، الآن ستعيشين للأبد في القبو)) صرخت وحمى رعدية هائلة تصيبها ((أخبرتك بأني لن أشي عنك بشيء، لا داعي لإبقائي هنا أكثر)) التفت كاميرون لها نصف استدارة وضيق عينيه لعنادها المتعب فاقترح دومينك بصوتٍ بث الرعب فيها ((سيدي علينا أن نهي حياتها وإلا ستسبب لنا مشاكل)) ارتجف جسدها لتهديده فغمغمت وقد وامتزج صوتها بنبرات شاحبة، وكأنما تخرج من أعماق الشعور بالظلم ((لا أرجوكَ، لا، ذنب لي بأي شيء يحدث)) تخصر كاميرون بإحدى يديه مدعيا التفكير ثم قال ((إذا سأسامحك، لكن إياك أن تفكري بالهرب مجددا)) أذعنت له وهزت رأسها.. فاقتادها دومينك إلى غرفتها لا القبو مطيعا أوامر كاميرون.. أغلق الباب عليها تاركا إياها تجهش ببكاء حار، لما تعيشه دون ذنب أو خطأ فعلته سوى أن هناك أناس متجبرين يتسلون بالتحكم بها وتدمير حياتها.. تابعت تبكي حياتها التي أضحت أكثر بؤسا حتى تحول سيل الدموع الى شهقات مكتومة مخنوقة.. ارتدعت أطرافها وهي تتجه نحو عقد الزهر الذي صنعته بوقت سابق، لامسته ببطء ودموعها وصوت نشيجها يأبى التوقف ووضوح رؤيتها يتلاشى بسبب دموعها.. لقد كانت عمتها أنجيلا تصنعه لها بالورود التي تملأ مزرعة منزلهم كل يوم وتزين شعرها وجبينها به قائلة بأن هذه الزهور تزيدها جمالا وتألقا، لكن رحلت عمتها التي خطفها الموت منها ولم يبقَ أي ذكرى لها يعزي أيامها إلا هذه الأكاليل التي تصنعها! أطلقت نفسا عميقا ثم أغلقت جفنيها تأخد قسطا من الراحة.. هل عليها تقبل مصيرها هنا للأبد؟ ========================== بعد تلك الليلة منعها كاميرون من الخروج من بيت المزرعة وحصر مهامها في مساعدة مدبرة المنزل فقط.. دلفت أوركيد كروتين معتاد إلى غرفة نوم ماتيلدا لتوضيبها ولم تكن قدمها قد تعبت الباب حتى صدح صراخ ماتيلدا مع زوجها المعتاد ((أنا أريد الطلاق! عليك أن تتفق معي بتسوية عادلة ولا تماطل أكثر! أشعر أنى سجينة هنا في هذا المكان الخالي والمهجور من أي إنس)) تمتمت أوركيد بصوتٍ خافت ((يبدو أني لست السجينة الوحيدة هنا!)) لكن الصوت برغم خفوته كان مسموعا كفاية لكاميرون الذي استقبله فناظرها بملامح قاتمة لا تفصح شرارات قداحة الغضب في داخله قبل أن يغادر غاضبا معكر المزاج كما العادة للاهتمام بشؤون مزرعته.. نظرت أوركيد لماتيلدا مشفقة على البؤس الذي تعيشه وحاولت أن تقترح عليها بما تظنه قد يخفف من بؤسها ((سيدة إيستون هل اعد لك حماما حارا في حوضك الكبير المبهر؟ صدقيني سيغير مزاجك..)) قاطعتها ماتيلدا بعصبية ((اصمتي فقط ولا تدخلي..)) ========================== انتهى الفصل.

Mini-2012 17-06-22 12:45 PM

سبحان الله العظيم

karishma 18-06-22 06:32 PM

Merciiiiiiiiiiiiii

نيني احلام 19-06-22 09:06 AM

شكرا علي الروايات الممتعة

ام شوشي 19-06-22 09:26 PM

السلام عليكم ورحمة الله
ا:shakehands:

Hya ssin 21-06-22 03:23 PM

الفصل الخامس

مرت الأيام وعاد كاميرون يسمح لها بالعمل في المزرعة بدلا من البقاء في البيت.. وعدا ذلك لم يحدث أي تغير ملموس في أحوالها أو أحوال هذا الطقس الذي تقارب حرارته من الصفر، حيث الثلج مستمر بالهطول فوق أكداس الثلج المتراكمة..
ولجت أوركيد المنزل ثم فتحت سحاب السترة الواقية من الريح لتنزعها وتظل بسترة الجينز.. استخدمت ممسحة الأقدام لتزيل ما علق في حذائها الثقيل من ثلج، توجهت إلى المطبخ لتناول فطورها وحيدة.. التهمت آخر لقمة من البيض واللحم الذي أعدته، ثم أخذت نفسا عميقا تلقن نفسها القوة أثناء ما هي مقدمة عليه..
دلفتْ غرفة كاميرون في المنزل بدون إذن وتقدمت بينما تُخفي السجادة نقرات حذائها قبل أن يجفل الأخر بعينيه الفضوليتين عليها تمد يدها بظرف وتهدر بتحفظ
((سيد كاميرون هل يمكن أن تعطي هذه الرسائل لعائلتي؟ علاقتي ليست جيدة معهم ولكن ربما الآن هم مفزوعين من اختفائي، وهذه الرسائل تخبرهم أني بخير وسبب انقطاعي عنهم هي رغبتي في العيش وحيدة عنهم لفترة))
لم تنحسر ملامحه التي تمنحه تلك الكاريزما المسيطرة وهو يجيبها ذوقيًا
((لا تقلقي، إنهم لا يشغلون فكرهم عليك ولو بمقدار ذرة، ذلك أنهم لم يبلغوا أحدا عن فقدانك، سيعرفون بأنك بخير دون هذه الرسائل))
وعلى الفور كان يأخذ منها الظرف ويمزقه لألف قطعة وقطعة ويلقيهم في سلة المهملات تحت أنظارها الذاهلة المصدومة.. فاستنكرت بقهر يتدفق بعينيها
((لماذا مزقتها! أنتَ إنسان مريع))
واندفعت نحو إحدى الوسائد الكلاسيكية الموضوعة على أريكية لتلقيها عليه بقوة مِمَّا جعله يحتمي من هجمتها بذراعيه قبل أن ينتصب واقفا يهتف عاليا
((يكفيني في هذا المنزل ماتيلدا مجنونة واحدة، ولا ينقصني أنتِ))
ألقت الوسادة أرضا وقبل أن ترحل وهي تجرجر أذيال الخيبة انفلت صوته من بين شفتيه
((عندي سؤال لك))
رغم أن الانفعال في داخلها لا زال مشتعلا إلا أنها عقبت بمرارة
((وما الحاجة لطلب الإذن طالما أني سأكون مجبرة على الإجابة!))
ردد عليها بنفاذ صبر
((أجيبي وحسب))
زفرت نفسا ملتهبا وتبسمت متحاملة على نفسها وقالت
((أدلِ بدلوك))
تنحنح متوترا قليلا ينقر على ذراع الكرسي ثم تابع بخجل يحاول مواراته
((النساء من سنك ماذا يحببن أكثر؟ المجوهرات أم الزهور؟))
رفرفت بعينيها يأسرها الذهول وهي تراه ينتشل من علبة مجاورة إكليل زهور خلاب بالإضافة إلى عقد مجوهرات يخطف الأنفاس ببريقه اللامع.. عبست ملامحها وغمغمت مجيبة دون تفكير وهي تشير بيدها إلى الإكليل الزهور
((زهور هذا الأكليل في غاية الجمال))
وضع عينيه في عينيها مرددا بخفوت
((أنتِ تحبين الزهور كثيرا، صحيح؟))
شاب صوتها الشجن وهي تقول
((نعم، عمتي كانت تقول "إذا كان لديك سنتان فاشتري بأحدهما رغيفًا، وبالثاني زهرة" فالأزهار والورود تشكل عالمًا دائمًا في حد ذاته، وعندما نقف أمامها يتكشف لنا كلّ ما يضج به هذا العالم ويدهشنا))
تساءل بذهول تملكه
((ألهذا الحد؟))
رسمت له ابتسامة خلابة وهي تجيب
((نعم وهذا لأن الورد لغة يتداولها جميع البشر في العالم لا تحتاج لمترجم لتعبر عن السلام والنقاء والحب أيضاً.. من يقدم لك الورد هو شخص يقول لك سأجعل الحياة جميلة من أجلك))
اعتراه الحماس ليقول عازما
((حسنًا سأعطي ماتيلدا إكليل الزهر هذا))
شجعته وهي ترفع له إبهامها
((هذا جيد، وتذكر أن أريج الزهرة يلتصق باليد التي تقدمها أيضا))
طبع ابتسامة خجول على محياه ثم ترك عقد المجوهرات جانبا وأخذ يتحسس إكليل الزهور بيديه، لقد صنع بنفسه واحدا مشابه للأكاليل التي تصنعها أوركيد.. أما الأخرى فرغم كل بغضها وكرهها له، إلا أنها شعرت بأنه بريء ومسكين مع زوجته، فرغم إبقائه عليها رغما عنها مع علمه بكرهها له إلا أنه لا يتوانى بين الوقت والأخر عن محاولات التحبب والتقرب لها! يا ترى هل يحبها حقا ام أنه فقط لا يريد للطلاق ان يحدث ويقتسما ممتلكاتهما!
==========================
بعد أن أنهت أوركيد تنظيف الحجرة من أوراق زهور الإكليل التي مزقتها ماتيلدا عندما أهداها له كاميرون.. حانت منها خطوة تجاه الحمام المرافق تناظر فيه الحوض المبهر الكبير، وتساءلت لم لا تجربه لعلها تسترخي قليلا؟
وكان هذا ما فعلته، فدلفت للحمام وأغلقت الباب خلفها ثم اقتربت من ذاك الحوض الواسع والعميق والأشبه بالجاكوزي.. ماتيلدا الحمقاء لا تستخدمه أبدا مهما تحثها على فعل ذلك! إن تلك المتعجرفة لا تعرف كيف تستغل امتلاك حوض مثله لتخفف من العصبية الملازمة لها بشكل دائم!
بدأت تعبئ الحوض بالماء الحار وتضع فيه شيء من المنتجات الباهظة التي تملأ الرفوف وبعضا من الزهور الندية، ثم غمرت جسدها فيها لتبدأ جلسة الاسترخاء الطويلة التي امتدت لساعات حتى أنها لم تشعر بمرور الوقت إلا بعد أن طرقت ماتيلدا باب الحمام وصدح صوتها المستاء عاليا
((لماذا تغلقين الباب عليّك أيتها الحمقاء؟))
جفلت أوركيد وتخبطت قبل أن تقول متلعثمة
((أنا أنظف في الداخل))
استنكرت ماتيلدا بعصبية
((ولماذا تغلقين الباب؟))
ردت عليها أوركيد
((لأني أتجرد من معظم ملابسي أثناء التنظيف))
ضربت ماتيلدا الأرض بقدمها بغضب مشتعل وانصرفت من غرفتها مغمغمه
((خدم حمقى))
أما أوركيد فعادت تريح نفسها على الحوض لا تشعر بأي ندم ينتابها بل تخطط لتحظى بمثل هذا النوع من الاستجمام يوميا..
==========================
في الإسطبل قادت أوركيد أخر جواد وربطته إلى الممر بين الحظائر لتنظيف حوافره بشكل جيد ومتقن.. أكملت ما بدأت به بطريقة رتيبة ثابتة ثم وضعت قشًا نظيفًا في حظيرته التي نظفتها قبل أن تعيده وتعطيه العلف..
قامت بعدة رحلات قصيرة إلى الخارج لرمي محتويات عربة اليد قبل أن تسرع عائدة إلى الداخل عندما وجدت كاميرون في الداخل يتأكد من إتقانها عملها.. وإحقاقا للحق فقد كانت تقوم بعملها بمهارة وعلى أتم وجه ففي النهاية هي تنحدر من عائلة مزارعة أصيلة من مونتانا.. وضعت أوركيد القش الذي تحمله جانبا وتطلعت ببرود نحوه فبادر بدرامية وكأنه يتعمد استفزاز هدوئها الذي تتسم به مؤخرا
((أخبريني يا أوركيد، ألا زلت تريدين إرسال رسائل لعائلتك الحبيبة! سمعت يكادون يموتون كمدا عليك))
تجهمت ملامحها لمزاحه الثقيل ودمدمت بازدراء
((أيها البغيض!))
وتابعت قولها بجفاء وثبات وهي تناظره
((إذن هل تفكر بتحريري من هنا؟))
رفع إحدى حاجبيه وقال متلاعبا
((ألن ننتهي من هذه السيرة أبدًا!))
تقبضت يديها بغضب فهو من تعمد بالإتيان بمثل هذه السيرة! هل يستمتع باحتجازها هنا! قالت ساخطة
((ولكنك قلت بأن بقائي هنا مؤقت!))
شابت كلماته الحزم وهو يصحح لها
((ثم أخبرتك أنه للأبد..))
تغرغرت الدموع في عينيها ووجدت يدها تندس داخل القش ثم تقذفه عليه قبل أن تندفع مغادرة وتدخل مباشرة لحمام حجرة ماتيلدا حيث يقبع ذلك الحوض الكبير المهجور بنية أخذ حمامٍ دافئ فيه، إذ أنه الشيء الوحيد القادر على استرخاء أعصابها المتلفة في هذا السجن..
ولم تخرج إلا بعد مرور ساعات طوال كان فيها قد أسدل الليل ستاره.. جففت نفسها وشعرها، خرجت تلتقط بعض الزهور الخلابة تعتزم على صنع إكليل زهور أخر.. هي حقا مهووسة بهذه الزهور.. في الماضي كانت كلما شعرت بالتشاؤم، تتأمل وردة وزهرة، فتأملهم يدفع بإحساس جميل لينتابها.. وكأن لسان حال هذه الورود يعدها بجعل الحياة جميلة لها.. الورود هي الطبيعة الصامتة النابضة بكلّ أنواع الحياة..
جفلت على صوت ماتيلدا تقترب منه فاتسعت مقلتاها
((سيدة إيستون ماذا تفعلين هنا!))
جلست ماتيلدا بجانبها وقالت بوجه خالي ملامح
((أنتِ ماذا تفعلين هنا؟ لماذا لم تحاولي مجددا الهروب؟))
بهت وجه أوركيد ولفها الذهول لتهز الأخرى كتفها وترد
((لا تستغربي، لقد عرفت بمحاولتك السابقة للهرب، وعن اتهام كاميرون لك بالسرقة حتى يقيدك بجريمة لم تقترفيها وتبقي مسجونة هنا..))
ثم أردفت باشمئزاز يعتريها
((لقد اتضح أنه يحب سجن كل من يعرفه لا أنا فقط، ذاك المنحط))
قطبت أوركيد حاجبيها متسائلة
((سجنك أيضًا؟ ولكن.. اشعر بأن السيد إيستون يحبك فلماذا تتعمدين دائما إهانته؟))
انفلتت أعصاب ماتيلدا لتبوح بصراحة ممزوجة بالازدراء
((ولكني لم أعد أحبه، وهو لا يريد الطلاق خوفا من تقسيم الأملاك..))
كنت لا تزال الصدمة تسيطر على أوركيد بينما تعرض عليها بصوتٍ خطير
((ما رأيك أن أساعدك في الهروب؟))
ازدردت أوركيد ريقها وقبل أن تجيب قاطعهما صوت كاميرون وهو يقترب منهما متسائلا بوجوم
((ما الذي تفعلهن هنا الآن؟))
كان متوجسا من وجودهما سويا، عندما هتفت ماتيلدا بعصبية
((هل كنت تتنصت علينا!))
صوب أنظاره المحتدة إلى أوركيد بينما يمد يده ويقبض على كف ماتيلدا هادرا
((هيا بنا، لقد تأخر الوقت!))
انصرف كاميرون بصحبة ماتيلدا التي ناظرت أوركيد من فوق كتفها وهي تشير لها بعينيها أن تنتبه للرسالة التي تركتها لها جانبا..
==========================
قرأت أوركيد الرسالة وجاءت في وقت أخر لماتيلدا التي واصلت تخبرها عن رغبتها الملحة بالطلاق من كاميرون، إلا أنه يسجنها هي الأخرى بهذه المزرعة ويماطل في الوصول إلى اتفاق طلاق حتى لا يخسر شبرا من مزرعته هذه أثناء التسوية.. وكل هذا بإيعاز من والديها الذين يرغبون منها الاستمرار قليلا في هذا الزواج من أجل مصالح تجارية بينهما تخص المزارع والماشية..
وهي الآن فقط وجدت ما قد يجعل والديها يدعمانها بسألة الطلاق وفك أي ارتباط بكاميرون..
لم تكن أوركيد متأكدة من منطقية وصدق كلام ماتيلدا إلا أن الأخرى أعطتها رسالة لتضعها في العلية لأحد الرجال الذين يعملون في المزرعة لصالحها وفي تلك الرسالة كتبت بجلاء أنها تعرف بأنهم وراء حوادث سرقة الماشية الأخيرة من المزرعة، وتريد مساعدتهم في الرحيل من هنا مقابل إمدادهم بمعلومات إضافية تساعد مآربهم.. أكدت عليها ماتيلدا ان توصل الرسالة للعلية فكاميرون يخفي الهاتف الوحيد المتواجد هنا..
حاولت أوركيد أمامها الاعتراض خوفا من أن يكشفها كاميرون وينالها عقاب من بطشه، إلا أن ماتيلدا هددتها بالوشاية له كذبا بأنها كان تحاول الهرب، فرضخت لها بقلة حيلة..
ليلا تأكدت أوركيد من أن الظلام الدامس خيّم المكان ثم ارتقت درجات السلم بحذر وخفة.. مدت يدها تريد فتح مقبض باب العلية إلا أنها جفلت مصعوقة بالمصابيح فوق رأسها تُضاء على طول الممر.. وزوجين من العيون المستشره العائدة لكاميرون ودومينك مستقرة عليها.. اقترب كاميرون منها مغمغما بخيبة أمل تفيض من ملامح وجهه
((هذه أنتِ! هل أنتِ يا أوركيد من كنتي تحاولين مساعدة زوجتي في الهرب!))
تغضن جبين دومينك بالشر هادرًا
((سيدي أخبرتك بأنها ستثير مشاكل وعلينا التخلص منها))
انفعل كاميرون صارخا بأمر وهو يشير لرجله ((اسحبها للقبو حالا يا دومينك، لا أريد رؤيتها أبدًا))
وغادر المكان غير آبها لصرخات أوركيد التي لم تستوعب الموقف وكيف تم كشفها قبل حتى أن تبدأ! كيف عرف سبب صعودها للعلية فورا دون قراءة الرسالة؟
أما كاميرون فما أن قرأ محتوى الرسائل حتى تيقظ أخيرا بل وتأكد من أن عائلة ماتيلدا متورطة بكل الحوادث التي كانت تحدث مزرعته والمزارع المجاورة له..
اندفع إلى غرفة زوجته وصرخ باسمها وهو يغلي غضبا.. وقفت ماتيلدا دون تردد أو رهبة خوف منه هاتفة
((نعم لقد كنت أحاول الهرب، ولو لم تُكشف أوركيد لربما نجحت خطتي في الهرب!))
رفع يده يحاول صفعها إلا أنه دفعها بقسوة للخلف فتقهقرت للخلف حتى كادت أن تسقط أرضًا.. ارتعد جسدها مجفلة من وجهه المخيف وأنخرس صوتها لحظة.. لحظة واحدة ثم صرخت فيه
((أنا أكرهك.. أكرهك وأريد أن تعجل في تقسيم الأملاك بشكل دقيق قبل الطلاق))
==========================
انتهى الفصل.

Fatima Zahrae Azouz 25-06-22 09:03 PM

قرأت الفصول الخمسة الأولى
أعتبرها فصول تمهيدية وبداية موفقة قدرنا نتعرف فيها على البطلة أوركيد وكيف عاشت طفولتها ومراهقتها ما بين السعادة فكنف المرأة اللي صارت بمثابة عمتها وحياة سندريلا بعد وفاة آنجيلا ليزداد التجبر بعد وفاة سيمون حتى يوصل لدرجة إرغامها على بيع حصتها الشرعية فالمزرعة بما أنها تحمل اسم العائلة قانونيًّا.
كمان عرفت أنها مانها جزء من العيلة، حتى ولو كانت معرفتها لهالحقيقة مشوشة بما أنها كانت على شفا فقدان الوعي، إلا أنها هتظل فعقلها الباطني وأكيد هتتذكرها لما تعرف الحقيقة.
أوركيد بعدين بلشت رحلة جديدة، برحيلها عن البيت للعمل فمزرعة، رحلة ما كانت سهلة مع الأسف، وتعرضت بعد فترة قصيرة للاختطاف والاحتجاز القصري فمزرعة كاميرون اللي اشتغلت فيها وحتى محاولاتها للهرب كانت فاشلة.
الظاهر أنه كاميرون معجب بيها، كنت بفكر وأنا أقرأ أنه احتمال يخليها عشيقة بما أنه متزوج، بس طلعت زوجته حابة تنفصل عنه وهي كمان تعتبر حالها محتجزة فالمكان.
لكن بيظل كل شيء ممكن، إذا ما حب يطلق ماتيلدا اللي بتطمح لطلاق بالتراضي، وكمان طلعت عيلتها مرتبطة بالمشاكل اللي صارت فمزرعته واللي اتهم بيها إيان.
متحمسة لشو هيصير بالقادم، عندي ملاحظة وحيدة أنه الفصول ماشية بسرعة، فأتمنى يكون تروي فالأحداث وفالكتابة فيما بعد خصوصا انه في شخصيات لسه هتظهر وشخصيات هترجع تبرز حكايتها أكثر زي ما متوقعة.
تسلم إيدك غاليتي

كرم حسان 28-06-22 03:42 PM

رائعة تسلم يدك 😘😘😘😘😘😚😚😚😚❤❤❤❤❤❤❤❤❤❤❤❤

Mini-2012 01-07-22 02:01 AM

سبحان الله العظيم

Hya ssin 06-07-22 10:17 PM

هنزل الفصل حالا..

Hya ssin 06-07-22 10:21 PM

الفصل السادس

.

في الصباح..
وقفت أوركيد بوجهها الباهت أمام كاميرون الذي أخبرها ببرود
((لقد أخرجتك اليوم فقط لأن ماتيلدا أصرت على ذلك))
صوبت أوركيد وجهها المتجهم لزوجة كاميرون هادرة من بين أسنانها ((شكرا لك يا سيدة إيستون))
حركت ماتيلدا شفاهها وقالت لها بدون صوت
((لقد أخرجتك فقط لنستكمل خطتنا))
وكانت أوركيد موافقة لها، ستساعدها على أخذ ما تريده ثم الهرب معها دون أن تشعر بذرة تردد..
طلب كاميرون منها الانضمام على مائدة الطعام لتناول الفطور معها ففعلت والحرص يأخذ منها كل مأخذ في إبقاء تعابير وجهها محايدة.. غرست شوكتها بقطعة لحم ناضجة ثم دستها في فمها بصمت مطبق على المكان قبل أن تكسره ماتيلدا قائلة
((!تخيل أن تعرف الشرطة بشأن خطفك لأوركيد فجأة يا كاميرون!))
توترت ملامح كاميرون من قولها المباغت الذي جاء فجأة بدون أي مقدمات.. فغمغم بصوتٍ محتقن
((ما الذي جلب هذا الموضوع الآن))
كانت نظراته تطفح بالتحذير لكن ولسبب ما وجدت أوركيد هذا الموقف الواقع به مضحكا، فسحبت المنديل من حجرها واستخدمته لإخفاء صوت يشبه القهقهة أكثر من شبهه بالسعال متحاشية النظر إليه.. حتى ردت ماتيلدا بتهديد مبطن بالبراءة
((أنا فقط خائفة من الزج بك في السجن حين اكتشاف الحقيقة))
فغر كاميرون شفتيه وتفاقم غضبه من كلماتها الموحية بالتهديد..
دفعت ماتيلدا طبق طعامها بعيدا وأرجعت كرسيها عن الطاولة تبارح المكان.. وفورا تطلع كاميرون ناحية أوركيد مهاجمًا إياها وهو يلوح بإبهامه
((لا أريد سماع كلمة منك))
حاولت أوركيد الحفاظ على وجه رزين ثابت لكن فشلت بل تشنجت مرتجفة كل خليه من وجهها.. بقي كاميرون يمعن النظر بوجهها فتصاعد الاحمرار الزاحف لوجهها ليدمدم أخيرا
((أطلقي ضحكاتك قبل أن تنفجري من الكتم))
وسرعان ما فلتت منها ضحكات صاخبة جلجلت المكان.. ومع أنه كان يفترض به أن يتصاعد غضبه ويوبخها.. إلا أن ملامحه لانت بعد لحظات والتمعت السلوان في عينيه كأنه قرر ان يستسلم للمرح ويخرج نفسه من الضغوط التي تطغى على أيامه منذ خطفه لأوركيد.. فرسم بسمة صغيرة على شفتيه سرعان ما استحالت لضحكات خافتة امتزجت مع ضحكاتها طويلًا أن قبل تلاشى تدريجيا ويجد نفسه يقول بصوتٍ أجش
((أعتمد عليك في عدم السماح لماتيلدا الخروج من منزل المزرعة إطلاقا))
انقلب وجه أوركيد فجأة وتساءلت محتجة
((لماذا لا تعطيها الطلاق الذي تريده؟ خذ بعض الشفقة عليها!))
لم تكن تعرف شيئا عن فقدانه لمزرعته هذه في حال تم الطلاق بينهما فرد عليها بصوت مغتاظ
((لا تأخذنك الشفقة إلا على نفسك أنتِ!))
انصرف كاميرون فقلبت أوركيد بعينيها حول المكان ثم خطت نحو الردهة في الخارج ثم نحو غرفة ماتيلدا ودلفت مباشرة نحو حمام مُنبهة بأنها ستنظفها.. عبأت الحوض بالماء والزهر.. وها قد حان وقت استرخائها..
==========================
مضت الأيام على الجميع برتيبة مملة.. وفشلت كل محاولات أوركيد في الهروب من هذه المزرعة المكان.. ولا تدري ما يحصل مع ماتيلدا إلا أن الاخرى أيضا خيمّت الكآبة عليها حتى أضحت شبح امرأة تحتضر.. وأضربت عن الأكل والشرب والحياة، لولا تلك اللقيمات المقتضبة التي تطعمها لها بنفسها قسرا..
أطل كاميرون بوجهه الذابل على مرآ زوجته ثم قال بحزن
((طميها جيدا يا أوركيد، كأنها تعيش مجاعة ما!))
وضعت أوركيد طبق الطعام جانبا ثم صرخت فيه متباعدة بعنف مكتوم
((لماذا أطعمها؟ انت تريد قتلها ولهذا ترفض الوصول معها إلى مساومة عادلة للطلاق حتى تقتلها!))
اضطربت ملامحه وقال بعذاب عارم
((لا، لا أحاول أن اقتلها! لو أردت قتلها لكلفت ذلك لأناس لهم هذا الاختصاص!))
أطلقت صوتا ساخرا ثم قالت معاودة حمل طبق الطبق
((هل يمكن أن تغادر فوجهك يزيد من إعراض ماتيلدا عن الطعام ويسد نفسها عن الحياة أكثر))
كلمات أوركيد الموجهة له ومفادها عن كره زوجته له جعلته يشعر بإحساس مبهم لا يخمده إلا أن ينتقم من أوركيد ويجعلها تعاني كما يأسى هو مع زوجته الكارهة له والطامعه فقط بمزرعته هي وعائلتها..
صمتت أوركيد لحظة تستشف ملامحه فأدركت أن كلماتها نجحت بالتربص به ولعبت بأوتاره الحساسة فعاودت اختراقه بالكلمات السامة بتهكم
((أنا سعيدة بأن زوجتك لا تطيقك أبدًا وتتصيد الفرص لتتخلص منك! لا ألومها فلو كنت مكانها لفضلت الموت على البقاء معك تحت سقف واحد!))
توهجت عيناه بضراوة ليقول بوعيد وحقد
((أؤكد لك بأنك لن تخرجي من عتبة هذه المزرعة لأخر يوم في الحياة!))
ثم وجد تلك الابتسامة الشيطانية ترتسم على وجهه ليردف لها بنبرة ذات مغزى
((سمعت إشاعات من الحي الذي تعيشين فيه كانت قد أطلقتها أختك بأن سبب هروبك من المكان هو حبك المثير للشفقة لخطيبها! هل حقا أنتِ واقعة في حب خطيب شقيقتك!))
توجست لمعرفته بأمر خطيب شقيقتها إلا أنها قالت بثبات مزيف
((قريبا سأنعم بالحرية من هذا المكان وأفضح أمر خطفك لي، والسبب الوحيد لاختفائي!))
شددت أوركيد على أخر كلماتها فأمرها بنصف عين خبيثة
(( تجهزي للخروج معي، أريد الذهاب برفقتك لمكان ما.. الآن حتى لا نفوت الموعد))
صعدت أوركيد الشاحنة الخاصة به وسار بهم في الطريق فاتكأت على الزجاج تنظر من خلالها بلا اهتمام حقيقي.. استغرق الطريق وقتا طويلًا قبل أن يوقف كاميرون الشاحنة فجأة هادرًا من دون مقدمات
((هل تحبين أن تدخلي الكنيسة لإلقاء نظرة على زفاف شقيقتك!))
سرت قشعريرة في جسد أوركيد لجملته ولم تستوعبها بنظرها المتشتت من حولها إلا عندما وقعت عينيها على الكنيسة التي أوقف الشاحنة عندها! هل حقا يقبع في داخلها مراسم زواج ديمي من خطيبها! خطيبها ذاك الذي انخرطت في أحلام اليقظة معه هو ومن تمنت أن يكون رجلها الذي تجعله كل حياتها! حتى أنها تخيلته بائسا سيحث عائلتها أن تبحث عنها وعن سبب اختفائها.. ابتلعت حروفها وانحسرت الدماء عن وجهها.. هل قام ككاميرون بقطع كل هذه المسافة إلى مقاطعة مونتانا ليجعلها تشهد على هذا الزواج الذي يدمي قلبها!
لم تكن أوركيد من صدمتها تشعر بالدموع المتجمعة في عينيها حتى كونت غلالات منها منعتها من الروية أمامها وتشوش المشهد تماما، وبدأت تغيم حدقتيها بانفعالات كثيرة ولكنها تحكمت بزمامهم في قوة وهي ترفع رأسها لكاميرون وتقول بصوتٍ مخنوق
((أيها المنحط!))
انحسرت ابتسامة كاميرون فجأة وحل محلها شعور مبهم لا يجد له تفسيرا.. جَعلها ترى حفل زفاف رجل أحبته حتى لو بالسر كانت حركة ذكورية بحتة منه أراد بها الإحساس برد الاعتبار من تلك الكلمات التي رمته بها بقسوة!
لقد أراد إيلامها بعد أن عرف بحبها الصامت لخطيب شقيقتها قبل حتى ارتباطه من شقيقتها.. لكن ما حدث أن كل هذه الدموع في ماقيها قهرا وعجزا أصابته بمقتل!
جفل على نفسه عندما شعر به تحاول بقوة فتح باب السيارة المؤصد بإحكام فشغل المحرك على الفور مهددا إياها
((لا تحاولي الخروج أبدًا فلن تقدري، سنعود للمزرعة))
وعندما وصلا بعد ساعات وترجلت أخيرا من الشاحنة نادها فالتفتت له تطالعه بنظرات قوية ومر طيف من الحزن في عينيه قبل أن يقول فجأة دون ان يتنازل عن حصار عينيها
((لست من جعلته يحب شقيقتك ويتزوجها فلماذا ترمينني بنظرات اللوم!))
رأى عيناها لامعتان بالمزيد من الدموع لكن المختلف فيها عن الأخرى أنها أبية ترفض الانزلاق على وجنتيها.. لم تقل شيئًا ولم يعلق هو بشيء بعد ذلك، فقط نظراتهما لم تنقطع ما بين العتاب.. اللوم.. خيبة الأمل المتبادلة والضياع..
تشتت عقلها يعيد عليها تلك اللحظات القاسية التي عاشتها مع عائلتها، فتداخل في لحظاتها الصعبة التي تعيشها الآن ويختلط الحزن بظلام مباغت حال بينها وبين كل هذا بعد خطف رجال كاميرون.. تنحنت وكانت لا تزال تقاوم بشراسة عدم البكاء لتردف بازدراء
((لقد جعلت من حياتي أكثر بؤسا!))
ابتسامة باهتة مرت على شفتيه وهو يرى هذا الكم الهائل من الحقد والكره الموجه منها تجاهه.. لكن الصمت التام هو ما قابلها للحظات ثم ما لبث ليقول بخفوت
((يبدو أنك تكرهينني كثيرا..))
تسارع صخب الدماء التي تتدفق نحو شريانها المضطرب.. رمشت بعينيها مرة واثنان إلى أن صرخت كرامتها بها وزأرت فيها لتنفجر كلماتها بثورة متمردة عليه
((نعم أكرهك أكثر مِمَّا تتصور يا سيد إيستون، وسأجعلك تندم على احتجازي وتتمنى لو لم تقدم على هذا الأمر))
نظرت إليه بتضارب لاهثة بعد ما أنهته من كلام، وقد بدت عيناها خاليتان من التعبير رغم أنه ما زالت أثار الدموع تتعلق بأهدابها لتقول بتزمت
((بعد أذنك))
اتجهت إلى غرفتها وتحضرت للنوم وهي ترفع الأغطية.. لكن قبل أن تندس بينها لم تنسَ أن تضع بالقرب منها إنذار الساعة الذي عدلته لتستيقظ في فجر الغد، عليها أن تستعيد ثقة كاميرون إيستون وتقنعه باعتيادها على العمل هنا وألفتها للمكان وبغتة تحاول الهرب مجددا..
==========================
بعد مرور أيام وجيزة دخل كاميرون فجأة لمخدع زوجته بقوة ليجد ماتيلدا على حالها المألوف، كئيبة كالشبح تشرد بنظرها نحو نقطة وهمية.. حلّ أول زرين من قميصه الذي شعر به يخنقه ثم بدا تائها وهو يقول
((أنا لا أحاول أن أعاملك هنا كسجينة لمجرد رفضي التعاون معك في اتفاقية الطلاق، يمكنك أن تهبطي للطابق السفلي أو تخرجي للحديقة إذا أردتِ))
فتحت شفتيها تقول بصوتٍ لا حياة فيه
((فقط اغرب عن وجهي))
غادر كاميرون إلى المطبخ حيث تتواجد أوركيد تصنع القهوة لها بشرود هي الأخرى.. لكن وكأنها تسبح في الفراغ، تصارع أفكارها وخيالاتها لتعرف نهاية ما تعيشه فلا تجد، وكأن الحياة وضعت على عاتقها أن تضعها دوما في عذاب سرمدي لا آخر له..
انتزعها من جب أفكارها صوت خطواته المتقدمة منها.. جابت عيناه عليها لتقول له بتحفز كمن كانت تتأهب قدومه
((ماتيلدا تصرخ عليك كالعادة؟))
أخد نفسا عميقا بحث نفسه على التجلد ثم رد
((كثفي من مراقبتك لماتيلدا، لقد باح لي أحد رجال بأنها قامت برشوته لمعرفة بعض الأمور عن جرد الماشية عندي))
قطبت حاجبيها فجأة وتساءلت
((لقد سمعت عن أحد المزارعين عن افتعال تخريب في مزرعة لا تبعد بالكثير عنا، هذا مريع))
قال بفتور تملك صوته
((لقد سبق وحدثت تلك الحوادث لمزرعتي بل زادت الى حد إشعال حرائق وسرقة مواشي، لذا لا ادخر أي حزن أو شفقة لباقي ملاك المزارع))
اعترى الاستنكار وجهها وتساءلت
((ألم يتم حتى الآن كشف من يقوم بإضرام النار وسرقة المواشي؟))
هز كتفيه بلامبالاة ثم تقدم إلى غلاية القهوة الموضوعة فوق رف المغسلة.. جاء بكوبين كبيرين وملاهما قهوة حتى الحافة تقريبا، ثم مد لها يده بأحدهما لكن قبل أن تقول شيء جفلا الاثنين على صوت ماتيلدا تصرخ وهي تهبط من درجات السلم
((كاميرون هل أنتَ من أخبرت كل من في المزرعة ألآ يتحدثوا معي؟ أنتَ حقا تعتبرني سجينة مثل تلك الخرقاء أوركيد؟))
برقت عينا كاميرون بغضب وتزلزل قلبه وهو يرى نفسه كالعادة أمام أوركيد ضعيف شخصية تعنفه زوجته دون هالته المهيبة التي يتحلى فيها مع الجميع في الخارج، فجلجل صوته فيها بانفعال
((نعم لقد علمت عن محاولاتك بمعرفة جرد مزرعتي، لا حق لك أبدًا بالاستفسار عنها أو سؤال أحد عمالي عن أي شيء متعلق بها!))
لم يرف جفن من عيني ماتيلدا وهي تتقدم من كاميرون تتحداه بسفور
((سنتطلق قريبا وستغدو هذه المزرعة لي، لذا من حقي معرفة كل شيء متعلق بها))
رفع سبابته وهو ينذرها بالنظرات الجادة في الوعيد الذي ينطقه
((غادري من أمامي أو سأحبسك في القبو بحق، رؤيتك تثير غيظي))
رفعت حاجبيها تخبره برعونة
((إذن مت بغيظك))
انفلت اللجام عن تحمله وصبره فقبض على رسغها يجرها نحو الخارج إلى حيث يتواجد القبو، ألقاها إلى داخله غير آبها لاعتراضها الذي يشي بجزعها
((أنا أخاف الظلام))
احمر وجهه من شدة الانفعال إلا أنه تابع باحتدام
((وستخافين من تقليل احترامي من الآن وصاعدا))
ثم استدار مغادرًا بعد أن احكم إغلاق القبو وماتيلدا تنهار للأرض تكتم صرخة منها.. إن ما يجبرها البقاء هنا وتحمل هذا الرجل ليس عائلتها وتغطية عليهم وإخفاء أي أدلة تبقى من اثرهم بل وأيضا لتتوصل معه لمساومة طلاق عادلة بينهما.. لقد تزوجته وتحملته لسنوات فقط من أجل هذه اللحظة..
عندما عاد للمنزل كانت تقف أوركيد أمامه وتطلب منه برجاء رقيق ((لا تبقيها هناك))
نظر لها بعينين مرهقتين ثم قال بصوتٍ مجهد
((أوركيد اطلبي إعداد الطعام لها ثم اجبريها أن تأكل منه، كان وجهها شاحبا جدًّا، إنها تعاني من سوء تغذية))
عقدت حاجبيها تسأله مستنكرة
((لماذا لا تنفذ لها ما تريد؟))
تشنجت ملامحه وأغمض عينيه للحظة ثم قال دون مواربة أو تحفظ
((لأني ببساطة لن اسمح لأحد أن ينتزع مني هذه المزرعة، قد أتمكن لو أعطتيالمزيد من الوقت إعطاءها شيئا يغنيها عن الرغبة في مزرعتي!))
تحرق حلقها بصعوبة وبعد دقائق طغى الصمت بينما أكملت تساؤلها بصوتٍ كان يضج بحزن خالص
((وأنا؟ لماذا لا تطلق سراحي؟ سأتراجع عن تهديدي بالإفشاء عن ذنب خطفك لي))

Hya ssin 06-07-22 10:23 PM

ظل ينظر لها بعينين خاويتين للحظات طوال حتى قال أخيرا بصوتٍ أجوف فاتر
((لن افعل، فالان أنا بحاجة لك من اجل ماتيلدا، سأخرجها بعد قليل منه وحتى ذلك أريد منك أن تجهزي لها الطعام))
أخفضت وجهها وهي تشعر بدموع كثير تغز عينيه فأسدلت جفنيها.. وعاد يناولها كوب القهوة لكن تبعا لتوتر أوركيد من المحادثة بينهما اهتزت يدها وقبل أن يترك الكوب تماما كانت قد سكبت عن غير قصد بعض القهوة على يده..
==========================
مرت أياما شديدة الشبه ببعضها حتى جاء الوقت الذي وجدته أوركيد مناسبا للهرب لأن كاميرون في رحلة عمل لخارج المقاطعة من الأمس ولن يأتي قبل يومين كاملين.. خرجت من سقيفة الشرفة ولم تستطع أن تتذكر أبدا قدوم مثل هذا البرد الذي يصيبها فالريح تهب عليها دافعة بالمطر المثلج الذي يجعلها ترتجف مع كل هبة.. مرت قرب مخزن الغلال قرب المنزل ملاحظة أن الأرض اليوم لسوء حظها قد أصبحت منزلقة بشكل خطير ولن تستطيع الهرب بالشاحنة كما كانت تخطط.. ستضطر بقلة حيلة إلى قطع المسافة سيرا على الأقدام.. رأت بوضوح أن الطريق أصبحت بساطا صلبا من الجليد وان كل شيء حتى الشريط الشائك والعشب النامي في الخنادق الصغيرة على جانبي الطريق يرتدي ثوبا ابيض سميكا ولم يكن هناك إلا ممرا واحدا صالح للسير عليه على كتف الطريق المعبدة بالحصى.. لقنت نفسها القوة لتسارع الخطى مضيا في طريقها قبل حلول الظلام.. وهكذا ظلت تصير لوقت طويل بقدر ما تستطيع من ثبات لكن فاجأتها هبة ريح.. قاومت للحظات حذر شديد لتستعيد ثبات خطواتها لكنها وقعت بقوة فوق الحصى المثلجة تئن وهي تشعر بالحصى المدببة تخز ركبتيها.. وقفت بحذر على قدميها والقهر يحتلها.. لقد تبللت ملابسها..
في وسلط هذا المشهد المثقل بالاحباط تصاعد الأمل في نفسها حين لاحت لها أنوار شاحنة صغيرة تتحرك ببطء نحوها خاصة وأنها لا تتوقع أن تلتقي بأحد في الخارج تبعا للطقس السيء وما يحفه من مخاطر.. سارت بضع خطوات باتجاه المركبة المتقدمة منها.. مدت يدها وأشارت للسائق ثم انتظرت إلى أن انحرفت الشاحنة لتقف إلى جانب الطريق تحيطها بأنوارها الأمامية..
انفتح باب الركاب فسارت نحوه قبل أن تفلت من شفتيها شهقة مرتاعة وقد لاحظت شخصية الرجل الجالس داخلها.. إنه.. دومينك.. بعينيه الماكرتين وملامح وجهه المثيرة للغثيان..
==========================
انتهى الفصل

Hya ssin 06-07-22 10:24 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة fatima zahrae azouz (المشاركة 15991638)
قرأت الفصول الخمسة الأولى
أعتبرها فصول تمهيدية وبداية موفقة قدرنا نتعرف فيها على البطلة أوركيد وكيف عاشت طفولتها ومراهقتها ما بين السعادة فكنف المرأة اللي صارت بمثابة عمتها وحياة سندريلا بعد وفاة آنجيلا ليزداد التجبر بعد وفاة سيمون حتى يوصل لدرجة إرغامها على بيع حصتها الشرعية فالمزرعة بما أنها تحمل اسم العائلة قانونيًّا.
كمان عرفت أنها مانها جزء من العيلة، حتى ولو كانت معرفتها لهالحقيقة مشوشة بما أنها كانت على شفا فقدان الوعي، إلا أنها هتظل فعقلها الباطني وأكيد هتتذكرها لما تعرف الحقيقة.
أوركيد بعدين بلشت رحلة جديدة، برحيلها عن البيت للعمل فمزرعة، رحلة ما كانت سهلة مع الأسف، وتعرضت بعد فترة قصيرة للاختطاف والاحتجاز القصري فمزرعة كاميرون اللي اشتغلت فيها وحتى محاولاتها للهرب كانت فاشلة.
الظاهر أنه كاميرون معجب بيها، كنت بفكر وأنا أقرأ أنه احتمال يخليها عشيقة بما أنه متزوج، بس طلعت زوجته حابة تنفصل عنه وهي كمان تعتبر حالها محتجزة فالمكان.
لكن بيظل كل شيء ممكن، إذا ما حب يطلق ماتيلدا اللي بتطمح لطلاق بالتراضي، وكمان طلعت عيلتها مرتبطة بالمشاكل اللي صارت فمزرعته واللي اتهم بيها إيان.
متحمسة لشو هيصير بالقادم، عندي ملاحظة وحيدة أنه الفصول ماشية بسرعة، فأتمنى يكون تروي فالأحداث وفالكتابة فيما بعد خصوصا انه في شخصيات لسه هتظهر وشخصيات هترجع تبرز حكايتها أكثر زي ما متوقعة.
تسلم إيدك غاليتي

الله يسلمك😍❤️
اسعدني مرورك فوق ما تتصوري..
الفصول في البداية فعلا وتيرتها سريعة حتى ما تسبب ملل لكن القادم هياخد حقه الفعلي.. اتمنى تظل الرواية عند حسن ظنك ❤️

Hya ssin 06-07-22 10:25 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة كرم حسان (المشاركة 15994544)
رائعة تسلم يدك 😘😘😘😘😘😚😚😚😚❤❤❤❤❤❤❤❤❤❤❤❤

الله يسلمك. ❤️❤️❤️

Mini-2012 06-07-22 11:11 PM

سبحان الله العظيم

Hya ssin 12-07-22 05:28 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة mini-2012 (المشاركة 16001402)
سبحان الله العظيم

سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم

Hya ssin 12-07-22 05:35 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة كرم حسان (المشاركة 15994544)
رائعة تسلم يدك 😘😘😘😘😘😚😚😚😚❤❤❤❤❤❤❤❤❤❤❤❤

الله يسلمك شكرا للمرور

Hya ssin 12-07-22 07:58 PM

الفصل السابع

كانت الصدمة قد ألجمتها لدقائق عن الرد.. فعكف دومينك فمه بازدراء وقال
((اصعدي أو تابعي السير ليكون أمامك خيارين.. تموتين بردا أو يلاحقك السيد إيستون ويقتلك))
تصلب جسد أوركيد للهجته الخطيرة خاصة وان كلماته توحي بتهديد بين طياتها.. كانت ترغب بصفق باب الشاحنة والمغادرة لكن الندم لهربها في مثل هذا الجو كان قد بدأ بالفعل يتسلل لها والبرد القارس ينخر عظامها.. إنها بالفعل في حال أخطر من أن ترفض، وعلى ما يبدو أن كاميرون خرج مطمئنا من مسألة بقائها.. ذلك أنه ظنها تتمتع بحس سليم بما يكفي لعدم مخاطرتها في الخروج بمثل هذا الطقس.. عادت أوركيد للواقع ودون أن تنبس ببنت شفة صعدت الشاحنة وأغلقت الباب وراءها ليباغتها الهواء الجاف الحار في الداخل ويجعلها تغيير الحرارة الفجائي ترتعش، فراحت أسنانها تصطك..
شغل دومينك محرك الشاحنة فسارعت بربط حزام الأمان وأصابعها المرتعشة تطاوعها بصعوبة، إذ أن ثيابها المليئة بالثلج تسرب بللها ليطال بشرتها.. قالت بعد برهة بوهن
((إياك أن تذكر ما حدث للسيد إيستون))
لم ينظر دومينك إليها وهو يقود الشاحنة ببطء.. ارتاحت لتجاهله إياها ومدت يديها نحو مصدر الهواء الساخن في الشاحنة وحركت أصابعها تنعمها بالدفء بعيدا عن الهواء البارد الذي كان يفتك فيها في الخارج..
إغلاق دومينك المحرك ووصوله للمزرعة انتشلها من شرودها وأعاد انتابها له فنظرت إليه لتشعر انه على وشك قول شيء يشع مكرا وخبثا بينما يفتح شفتيه
((يمكنك أن أساعدك بالهروب، لكن هناك مقابل..))
كانت كلماته المذهلة تصريحا صريحا بما يريده منها، ورغم إجفالها إلا إنها قاومت لتستعيد رباطة جأشها وتقول بحزم
((أنا لا أبحث عن مغامرة عاطفية مع رجل مثلك))
انخفضت رموشه قليلا دون أن تخفي لمعان عينيه الخبيث وقال
((وأنا لا أريد المقابل الذي تبادر لذهنك بل امر أخر لن تمانعيه حتى أساعدك للخروج، لكن النوايا الطيبة تبدو في غير محلها أحيانا خاصة عندما يكون الذي أمامك بطبعه يسيء الظن))
وظل التوتر بينهما مشدودا كالوتر ثم أفلت من فمه ضحكة قميئة على قلبها أحرقت أعصابها لتهتف شرزا
((قل ما هو مقابلك؟))
لم يرد عليها بل جمع حقيبتها وترجل من الشاحنة.. تبعته بعد أن ترددت لحظة، كانت قد قطعت أكثر من نصف المسافة بقليل في الردهة المعتمة حين أطبق عليها أحساس بالذهول عندما شاهدت ماتيلدا تجلس مبتسمة وتشير لها إلى كرسي مقابل لها للانضمام.. ففعلت أوركيد لتقدم لها القهوة وكأنها كانت في انتظار أن يعيدها دومينك!
أمسكت أوركيد الكوب بكلتا يديها بحذر.. احتست رشفة تلذذت بطعمها القوي وانسابت الحرارة إلى داخلها لتدفئ جوفها.. وبقيت تقبض على الكوب بثبات وهي تناظر ماتيلدا حتى تدلي بدلوها..
صمتت ماتيلدا في البداية فتعاظم التوتر في صدر أوركيد وراح يمتد في كل اتجاه ليرسل نوعا آخر من القشعريرة خاصة وهي تراها تبادل نظرات دومينك بضحكة رقيعة! هذان الاثنين غير مريحان إطلاقا!
تجلى حماس مفرط غير مألوف فيها ثم قالت بمكر ودهاء
((لدي دومينك وعائلتي خطة تساعدك على الهرب مع بعض مكاسب أخرى من المزرعة))
اضطرب شيء من ملامح أوركيد فرفعت ماتيلدا حاجبيها وهي تداعب حافة كوبها بأصابعها قائلة
((لا تقلقي بشان دومينك، إنه بصفي أنا!))
كانت أوركيد تنظر إليها غير مصدقة ثم دمدمت فجأة وهي تناظره
((مستحيل، دومينك هو جرو السيد إيستون المخلص))
امتقعت ملامح دومينك من إهانتها فالتوت شفتا ماتيلدا بابتسامة وقالت محيدة عن امر دومينك
((قد يكتشف كاميرون أن والدي متورط بسرقة مواشيه ومواشي مزارع أخرى والمتسبب الأول في إضرام الحرائق فيهم.. لقد بدأ يقتنع بهذه الفرضية بعد ان كان يؤمن لمدة طويلة أن والدي هو من يعيله على تكبد خسائر السرقة والتخريب التي تتعرض له مزرعته!))
عقب دومينك وهو يضيق عينيه
((هناك بعض الأدلة التي قد تدين والد ماتيلدا.. علينا الحصول عليها قبل هربنا جميعا.. وقتها قد تتقدم ماتيلدا بطلب طلاق في المحكمة مرتاحة البال))
تساءلت أوركيد بحذر
((وما هو دوري أنا؟))
أجابتها ماتيلدا على الفور بغطرسة
((أن تشغلي كاميرون خارج المزرعة في اليوم الذي نقرر فيه الهرب، وبعد عودتكم سيتدبر دومينك بنفسه أمر خروجك منها تماما))
صدرت عن أوركيد بعد دقيقة تأمل وتفكير بالخطة ضحكة ذاهلة لا تحمل أي مرح، ثم قالت نبرة جليدية قاسية
((حسنٌ جدًّا، بمجرد أن استنشق هواء الحرية سأذهب للشرطة وابلغ عن كاميرون وخطفه لي طوال تلك الأشهر))
راقبتها ماتيلدا بملامح هادئة ثم همست بتشفي
((سأشهد لصالحك، سيتعفن في السجن))
أمسكت أوركيد بكفيها يدا ماتيلدا قائلة بإيمان
((ادعميني بتفاصيل لتنفيذ الخطة لأعرف كيف اشغل السيد إيستون عنكم في اليوم الموعود، وأثق تماما بأنك لن تغدري بي بعد هروبك))
رسمت ماتيلدا لها ابتسامة ودودة وأومأت برأسها تأكيدا على كلامها قبل أن تبدأ بتوجيهها بتنفيذ الخطة!
==========================
داخل إحدى الحظائر.. تنهد كاميرون عدة مرات ودعك ما بين حاجبيه بحركة تساعد في استرخاء عضلاته المرهقة قبل أن يفاجئ بأوركيد تدلف للداخل بغتة وتغلق الباب خلفها قائلة بصوتٍ لا يخفي ارتباكها الذي تحاول إخفائه بلا فائدة
((سيد إيستون لقد سمعتك قبل قليل تخبر دومينيك أن يذهب إلى البلدة لابتياع علف الجياد الخاص الذي لم تستطع جلبه في تلك الخروجة بسبب الطقس، فكنت أفكر بالذهاب بدلا عنه لأني أريد أن انتقي بنفسي ما قد نحتاجه، صدقني أنا لي خبرة في هذا الشأن أكثر من دومينك لأني من أعمل مع الجياد))
عبس وجهه تماما فأكملت بلهفة أكبر
((ستذهب معي أنتَ بنفسك لتتأكد من أني لا أخطط للهرب!))
كان المنطق يخبره بألا يتهور ويسمح لها بالخروج.. أساسا هو في غاية انشغاله وهذا ما دفعه لأمر دومينك ان يخرج عنه.. لكنه تجاهل هواجسه المقلقة وقال يستجيب لشعور لذيذ يلح عليها بمرافقتها
((حسنًا سنذهب سويا))
احكم كاميرون الخناق على أوركيد طوال الطريق وأثناء إحضارهم المستلزمات.. عادا الاثنين يستقلان شاحنة النقل الصغيرة من أجل العودة فبدأت أوركيد تتلاعب بأصابعها بتوتر.. لقد عادا أسرع مِمَّا توقعت.. وليس أمامها إلا خيار واحد..
وبحركة متهورة غير مدروسة انقضت على عجلة القيادة لتنحرف مسار الشاحنة إلى طريق أخر منزلق وسط زمجرة كاميرون الثائرة
((ماذا تفعلين أيتها المجنونة، توقفي، سنلقا حتفنا حن الاثنين))
لم ينجح في دفعها عن عجلة القيادة وقد كان كل تركيزه منصب حول التحكم في الشاحنة التي بدأت فعلا بالانزلاق.. انطلقت عدة تأوهات متألمة من أوركيد من دفعات كاميرون العنيفة لكنها استعادة رباطة جأشها وحاولت أن تمسك العجلة بإحدى يديها والإصرار يهاجمها على تأخيره في العودة مهما كلف الأمر.. لكنها فجأة أبعدت يدها لتمسك ذراع الباب حينما ازدادت سرعة الشاحنة بسبب انزلاق إطاراتها الخلفية.. ارتعبت من أن تكون قد أقدمت على ما قد ينهي حياتها معه بهذا الشكل البائس!
لم يستطع كاميرون استخدام المكابح في هذا الطريق المنزلق حتى لا تحيد الشاحنة عن الطريق وتخرج عن السيطرة فكان خياره الوحيد هو مماشاة الانزلاق قدر الإمكان.. لكن جاءه صراخ أوركيد المضطرب مشبعا بالشعر
((ماذا تفعل أيها المجنون! أوقف الشاحنة أو سنلقي حتفنا حقا بسبيك.. أوقف الشاحنة))
وقامت بحركة عفوية غير محسوبة بدفعه حتى تمسك المقود مِمَّا جعله يفقد سيطرته على الشاحنة وتندفع لتقع على الطريق من جهة أوركيد التي اندفعت بعنف واصطدم كتفها بالباب مع توقف شاحنة النقل الصغيرة فجأة..
جحظت عينا كاميرون واندفع ملهوفا قلقا على أوركيد التي لم تفقد وعيها لكنها كانت مصدومة ضائعة بطيئة التجاوب معه.. لم يسعفها الحظ مثله هو الذي نجا من مكروه محتم لأنه كان يرتدي حزام الأمان.. سألها بقلق عارم
((هل أنتِ بخير يا أوركيد؟))
حاولت أن تعتدل جالسة باستقامة لكنه تأوهت أمام قوة الألم التي هاجمت كتفها إثر الحركة.. هون عليه بحنو وهو يرفعها
((على رسلك، تحركي ببطء))
دفعها الصوت القلق المهتم في صوته لان تنظر إليه مباشرة، فأخر ما توقعته في مثل هذا الموقف أن يهتم بسلامتها بدلا من خنقها بيديه لأنها كادت أن تودي بحياته في خطر..
أعاد تشغيل الشاحنة ووجهها إلى الأسفل بمهارة دون أن ينقلب أو يتسبب بانزلاقها.. ثم قادها حتى ارتفع إلى مستوى الطريق وتساوى بجانب الطريق المرصوف بالحصى ثم انحرف إلى الطريق بعد عدة محاولات بطيئة ووعرة.. ثم بدأ يسير بالشاحنة في الطريق..
أطلقت عدة تأوهات متألمة من شفتيها فاسترق النظر لها ليراها تغمض جفنيها يجفلها الألم وتشدد على إغلاقهما وهي تلامس تورم وانتفاخ كتفها بيدها الأخرى، تتحامل على وجعها وتتمتم
((أشعر بدوار وغيثان))
قال بصوت أجش أعطى كلماته الساخرة لذعه قارصة
((لقد أنقذتك من موت محتم وهكذا أصبحت حياتك ملك لي وحقي في أن أتحكم بها، وقد قررت أن لا تخرجي من سجنك في مزرعتي))
بقدر ما كان راغبا في لومها على هذا وبقدر ما كان غضبه يندلع في أعماقه على فعلته المتهورة! إلا أن قلبه سيتفتت كلما مر خاطر هذا الحادث الى ذهنه وتخيل ولو لجزء من ثانية إنها فعلت ما فعلته بغية إنهاء حياتها!
عندما وصل الى الطريق الداخلية للمزرعة فتح كاميرون باب الشاحنة ولم تنأى أوركيد بعينيها عنه لكن لم يكن هناك الكثير الذي يستطيع أن يستخلصه من قسمات وجهها المغلقة ليعرف هواجسها.. فقط هالة من البرود والتباعد والقسوة في الطريقة التي تتماسك فيها.. انها ليست نادمة على ما فعلته بل التحدي بادي في مستوى رأسها المرفوع وممتزجا بشكل غريب مع لمعان قلق صغير في عينيها لم تستطع مواراته..
تجاهلته وترجلت من الشاحنة ففعل نفس الشيء ليجد دومينك بانتظاره بوجه مريع لا يفسر وهو يخبره عن هروب ماتيلدا وفشلهم في ردعها.. وهنا تعلقت الكلمات في الهواء.. وارتفع الاحمرار إلى وجه كاميرون العاصف.. وسلط عينيه التي تنم قسوة على أوركيد
((لقد كنتي تعرفين بشأن خطة ماتيلدا بالهروب؟ لذلك أصررت على أن نخرج سويا اليوم))
ارتفع أحد أطراف فمها سخرية ثم رفعت ذقنها قليلا وأرغمت عينيها على التحديق بعينيه متحدية بسفور
((نعم لقد كنت أساعدها على الهروب))
أضحت ملامح كاميرون تشع قسوة أكبر كفولاذ براق إلا أنه فمه التوى هادرا
((أنا أكثر من قادر على جعلك تدفعين الثمن غاليا))
ثم ألقى أوامره بحدة على دومينيك
((لا أريدها أن تخرج أبدًا من القبو))
نفذ دومينك أوامر كاميرون وأحتجز أوركيد في القبو دون أن تعقيب أو إجابة على أسئلتها المتدفقة عليه.. بقيت هناك لعدة أيام بلا طعام وشراب يهاجمها البارد القارس حتى ظنت بأنهم يخططون لقتلها ببطء.. ففقدت حواسها الشعور بأي شيء من حولها وبدأ صداع مريع يفتك برأسها، وكل ما هي ناقمة عليه هو دومينك!
ألم تعدها ماتيلدا بأنه سيخرجها في اليوم التالي؟ لماذا تأخر؟ هل غدروا بها ونجوا بحياتهم تاركين إياها تتحمل مسؤولية كل شيء!
==========================
انتهى.

Hya ssin 21-07-22 04:30 PM

ان شاء الله الفصل القادم يوم الثلاثاء..

Hya ssin 26-07-22 11:04 PM

الفصل جاهز الان للتنزيل..

Hya ssin 26-07-22 11:05 PM

الفصل الثامن

فتح كاميرون باب منزل المزرعة ليصفع وجهه الثلج والريح الباردة.. شقّ طريقة نحو القبو الذي تقبع داخله أوركيد لليوم الذي لا يعرف عدده.. كان يدير وجهه عن الريح بما يكفي ليفتح عينيه أثناء شقه الطريق فبالأيام الماضية وصلت العاصفة إلى درجة التجلد..
فٌتح القبو ليهتدي لسمع أوركيد وقع إقدام رجلين لا واحد يقتربان منها.. قبل أن يتصاعد صوت أحدهم والذي كان عائدا لكاميرون ويستهجن هاتفا بقلق
((دومينك، انظر إلى شحوب وجهها، رباه! هل هي مريضة؟ إنها متجمدة!))
كان يتلمس كل جزء منها ملهوفا مذعورا عليها.. أحست أوركيد التي لم يدخل أي طعام أو شراب جسدها بالمزيد من الضعف والهوان يتسلل تحت جلدها، ناهيك عن البرد المرير الذي ينخر عظامها بعد أن قطع دون رحمة الطريق إلى داخل السترة الخفيفة التي ترتديها لتنصاع لاستسلام محتم..
اندفع كاميرون يمسك دومينك من تلابيب قميصه بعنف صارخا به بجنون
((تحدث يا دومينك هل كانت ترفض الطعام الذي يقدم لها؟ لماذا لم تتصرف؟))
بالكاد تمكن دومينك من انقاد نفسه من قبضتي كاميرون والتحرر هادرًا باختناق
((أي طعام! نحن لم نقدم لها شيئا! إنها خائنة تسببت في هروب زوجتك وبعض الأدلة التي تدين عائلتها، وأنتَ أمرتنا أن نحتجزها في القبو))
الوهن والضعف الذي كان يحتل جسد أوركيد منعها من التفكير بشكل سوي.. وأقنعت نفسها أن ما يقوله دومينك ما هو إلا جزء من خطتهم للهرب، وحتما هناك شيء أخر منعه عن مساعدتها بالهرب من قبل! بينما لكمه كاميرون بقوة على وجنته صارخا فيه بعينين مشتعلتين قاتمتين
((أيها المغفل أنتَ الوحيد الذي أحملك ذنب هروب زوجتي وكل ما حملته من أدله تدين والدها معها!))
أغمضت أوركيد عينيها بقوة عندما بصق دومينك دما غزيرا من فمه متحاملا على نفسه قبل أن يقول ببطء شرير يزيف البراءة
((سيدي، أنتَ لم تعد متزوج منها، أنسيت أنها باشرت بإجراءات الطلاق!))
تفاقم اضطراب ملامح وجه كاميرون الذي ازداد نحولا مؤخرا.. ذلك أنه في الأيام الماضية توصل كجزء من شروط اتفاق الطلاق على تقسيم ممتلكاته هو وماتيلدا بالتساوي والعدل قدر المستطاع بعدد سنوات زواجهم.. لكن ولأن تقسيم كل الممتلكات بشكل دقيق كان مستحيلا.. اتفقوا أن تأخذ ماتيلدا منزلا أخر فاره يملكه بمقاطعة أخرى ويحتفظ هو بهذه المزرعة مع البيت القابع فيها.. ولأن قيمة هذه المزرعة بكل ما فيها تزيد كثير عن قيمة ما ستأخذه ماتيلدا وقع هو بمعضلة.. لأنه بهذا الشكل عليه أن يعطيها مبلغا ضخما مقابل حصتها في المزرعة وقريبا.. وهو فعلا لا يملك سيولة كافية بل أن هناك نفقات وفواتير بمبالغ غير زهيدة تراكمت عليه ولم يسددها بعد تخص المزرعة وأجرة المحامي.. لكن كل هذا يهون مقابل احتفاظه بالمزرعة هذه رغما عن الجميع!
انتشل كاميرون نفسه من براثن هذه الأفكار البائسة وعاد للواقع ليلكم دومينك قبل أن يأمره بصوت سوداوي مظلم
((وأنا سأبذل جهدي لأثبات انهم من تسببوا بالمتاعب لي وسرقوا المواشي من ارضي وأرض غيري، ولن يهدئ لي بال قبل أن أراهم مكبلين بالأصفاد وماضين في طريقهم لسجن المقاطعة))
أغمض جفنيه يلتقط أنفاسه المتسارعة للحظات ثم أردف
((سأخرجها من هنا، فاجلب طبيبا لمداواتها، إذا ما حدث لها شيء سأحملك أنتَ الذنب ولن يعجبك ما ستلقاه مني!))
حمل كاميرون أوركيد ثم وضعها بغرفتها حيث تشغل الغرفة المنفصلة في سقيفة نوم العمال والتي ما أن دخلتها حتى أثارت حرارتها المزيد من قشعريرة البرد فيها واصطكت أسنانها حتى ألمها فكها.. مال ليضعها على السرير ويلفها بالبطانية على حجره ويدس أطرافه حول ساقيها ثم مسح على كتفها.. وصل الطبيب وعاينها ثم أوصل ذراعها بالمغذي ورحل.. وقف بجانب السرير الذي ترقد عليه منذ ما يقارب النصف ساعة ثم ارتمى على الكرسي بإنهاك، وشعور قاتل يغمره مدركًا حالة الضياع والتخبط التي يعانيها..
لم يشعر بأنه خلد للنوم إلا عندما بدأ نور الصباح في التسلل بخجل من النافذة الزجاجية العريضة والتي أخذت مساحة واسعة خلف الفراش الذي وضعت عليه..
رفرف بعينيه متذكرا الحال الذي وجدها عليها وما مر به مؤخرا قبل أن يخرج من دوامة أفكاره العاصفة على إثر حركة جفنيها، فاقترب منها بلهفة هاتفًا باسمها بخفوت..
وجهها كان مقابله فتعلقت عينيه على الجرح الخفيف أسفل فمها جراء تشقق جلدها والجفاف الذي عانت منه.. أغمض عيناه بقوة ووجهه يعود للتصلب وعاد ينظر في ساعة معصمه
بينما هي ترفرف برموشها لكن جفنيها كانتا ثقيلتان، بعد جهد استطاعت فتحهما ليطالعها وجهه القلق لوهلة لم تتعرف عليه وهي تهمس بضعف
((دومينك.. شكرا لإنقاذي..))
ضربة قاضيه في كبرياء رجولته المبعثرة جعلته يرتد إلى الخلف كأنها سددت له ضربة حقيقية.. نظر بغضب يكتسحه اكتساحا للخلف من فوق كتفه لدومينك الذي كان قد حضر توا وأخفض نظره.. ثم داس على الباقي المتبقي من كبريائه واقترب منها هاتفًا بصوت مكتوم متجاهلًا همسها المستمر باسم رجل غيره
((كيف حالك يا أوركيد!))
جفلت للصوت الذي اخترقها.. إنه كاميرون، هذا صوته ورائحته، ودفئه المنعكس عليها كان قريب جدًا فشعرت بأخر شيء يمكن أن تشعره بقربه.. شعرت بأمان.. اعتدلت ببطء لتجلس على الفراش تواجهه فانشدت عضلات جسده.. تنشقت ببكاء مختنق يكشف عذابها وتنازعها.. ثم توسلت من صميم دواخلها المهتاجة دون أن ترفع عينيها إلى عينيه
((أريد أن أموت.. ألا سبيل له؟))
طفح الألم العارم في عينيه على حالها وداعب أصبعه بخفه خدها البارد.. ثم دس يديه برقة تحتها ورفعها إلى أن أصبحت مستندة إلى جانبه الأيمن.. في البداية أصدرت صوت احتجاج صغير وحاولت الابتعاد عنه لكن إيقاف تجاوبها مع جانبه الدافئ الصلب سمح لبرد توهمته ان يجتاح أوصالها فاستسلمت له بينما يرفعها وللحظة واحدة التقت عيونهما وبدت ضائعة له.. استطاعت الإحساس دفئه وأنفاسه العطرة على خدها عن قرب لكن بدلا من الحذر من الموقف أحست أنها آمنة بطريقة لم تعرفها منذ سنوات وقت رحيل عمتها أنجل، وفي الوقت عينه شعرت بشيء يهددها لا تستطيع وصفة بالكلام.. أما هو فكانت دموعها تثيره لعناقها.. وضعفها كان يثيره لصنع أكاليل زهر ووضعها على جبينها تلك التي تحب صنعها لنفسها..
هز رأسه يلقي هذه الفكرة السخيفة التي اعترته ثم ازدرد ريقه شاعرا بحلقه يؤلمه بقوة قبل أن يقول بصوتٍ متحشرج
((إذا احتجت أي شيء فأعلمي به دومينك.. ووفري ملابسك اللعينة هذه للربيع، سألجب لك أخرى تصلح لهذه الأجواء))
لقد كان مجنونا في عدم إحضار ما يكفي من الملابس الثقيلة لها أثناء فترة وجودها هنا معتمدا إنها ترتدي السترة الواقية طوال وقت خروجها من المنزل..
انصرف فتحاملت أوركيد على نفسها وجلست شبه مستلقية.. أبعدت بعنف الأنبوب المغذي من يدها، لتسقط قطرات دماء على الشرشف الأبيض، لم تهتم للوخز الذي أحست به وروحها ترفرف بتخبط بل سارعت تقول بصوتٍ مقهور لدومينك الذي ظل واقفا مكانه
((لقد غدرتي بي أنتَ وماتيلدا، قلتما بأنكما ستساعدانني في الخروج من هنا وتصعيد شكوى ضد كاميرون، لكن عوضا عن ذلك كنت تخطط لقتلي على البطيء، ربما خشية أن افتن عن خيانتك لكاميرون وعملك لصالح عائلة ماتيلدا في سرقة وتخريب مزرعته ومزارع أخرى!))
رغم احتقان عينيه من كلامها إلا أنه أدعى البراءة وهو يؤكد لها
((أيتها الحمقاء كل هذا جزء من الخطة حتى نخلصك من سجنك هنا!))
لم يبدُ أن أوركيد صدقته فرفع كفين خاليين يسترسل بمكر مستفحل
((أنا حتى لم اهرب مع ماتيلدا إلى عائلتها، لا زلت معك هنا))
شدت على أسنانها بغيظ ليهمس لها بحذر ثعلب
((هناك بعض الأمور التي علينا القيام بها هنا حتى نضمن أن والد ماتيلدا لن تقع بأي مأزق، دعينا نبقى هنا قليلا قبل أن أساعدك بالهرب))
تصاعدت وتيرة أنفاسها المتذبذبة لكنها أغمضت عينيها تحاول الاسترخاء مجبرة نفسها على الانصياع والثقة به، هي مضطرة أن تثق به! لأنها وببساطة لا خيار أخر لها..
اندست أوركيد عميقا في البطانية ثم أغمضت جفنيها بارتياح.. مهما أنكرت فعودتها للنوم في بيت المزرعة أعاد لها الإحساس بالعودة إلى البيت.. بيتها.. وإلى تلك الأوقات التي كانت تعيش فيها مع عمتها أنجيلا معها.. استحكمت بحلقها غصة جراء توقها لعمتها التي خطفها الموت منها.. انتشلها دومينك من أفكارها فجأة مغمغا
((حسنًا لا بد أنك نصف متجمدة، من الأفضل لك الدخول إلى مغطس ساخن قبل ان يجلب كاميرون ملابسك وتستغري بالنوم))
==========================
كانت حالة كاميرون النفسية تزداد سوء وكأن أعماله ارتدت إليه.. ظن أن إيان دانكن هو من يرتكب سلسلة السرقات والتخريب في المزارع كما دأبت عائلة ماتيلدا بإقناعه فاستغل إخبار امرأة له عن شقيقته الضائعة حتى يجبره على تكبد كل الخسائر التي عانتها مزرعته بسببه.. كل هذا قبل أن يصفعه الواقع ويكتشف أن أوركيد ليست شقيقته الضائعة، بخلاف تعرضه للغدر من قبل عائلة زوجته! وها هو الآن وحيد يصارع كل هذا بإثبات انهم من كانوا وراء سرقة المواشي وإحداث إضرار لمزرعته!
أما على الجهة الأخرى من المنزل فكانت أوركيد تفكر أن عليها الانتظار أكثر حتى يخبرها دومينك بالخطوة التالية ريثما يمحو أي أدلة متبقية تدين عائلة ماتيلدا..
ولجت لحوض ماتيلدا وقررت أن تلطف على قلبها بالاستمتاع بوقتها في هذا الحوض الذي لم يكن يستخدمه أي أحد أثناء أو بعد رحيل ماتيلدا غيرها عندما كانت تدعي إنها تنظفه..
ملأت الحوض بمياه حارة ثم أفرغت جميع العلب والمستحضرات والزيوت في الماء خاصة تلك التي تساعد في صنع رغوة بألوان وأحجام مختلفة.. غمرت جسدها داخله وبدأت تتلاعب بالماء كالبطة، تلهو وتقطف أوراق الزهور من إكليلها وتتركها لتتهاوى على ماء الحوض.. وفي المرة الوحيدة التي غفلت فيها عن إقفال باب الحمام كانت هي نفس المرة التي فتح كاميرون فيها فجأة الباب عليها معتقدا أن لا أحد في الداخل ليفاجئ بها شبه تغمر نفسها فيه حتى منتصف وجهها..
أسّره الذهول تماما وتسمر مكانه بينما شعرت أوركيد بهواء بارد يلامس وجهها ويختلط ببخار ماء الحمام ففتحت عينيها تدريجيا.. وفجأة تلاقت أعينهم لجزء أقل من ربع الثانية وسرعان ما صرخت بملء صوتها.. زاد تلبكه فهرع خارج الحمام متعثرا، صافقا الباب عليها وقلبه بين أضلع يكاد ينفجر من تسارع وشدة خفقاته..
مضى نحو السرير يجلس عليه ومضت دقائق ووتيرة أنفاسه العنيفة لا تتباطأ..
جففت أوركيد نفسها وشعرها وارتدت ملابسها واندفعت للخارج تصرخ فيه باهتياج
((أيها المنحط كيف تدخل عليّ بهذا الشكل!))
كان لا زال وجهه محتقنا باحمرار كثمرة طماطم ناضجة عندما هتف فيها ساخرا بدفاعية دون أن يسمح بتواصل بصري بينهما
((اعتذر لأني لم اطرق الباب قبل دخول حمام زوجتي السابقة))
استقام واقفا متمتما بتهكم كمن يحدث نفسه
((ليس وكأني سعيدة بما رأيته، بل اشعر بالغثيان..))
ثم غادر منصرفا على الفور قبل أن يفقد سيطرته على نفسه ويغريه شيطانه للمسة صغيرة على بشرتها الرقيقة، أو حتى أن يعرض عليها عمل المنشفة المحظوظة ويجفف لها خصلاتها الناعمة المبللة..
بعد مدة وجيزة ذهبت إلى نهاية الردهة المفتوحة إلى غرفة الجلوس ووقفت أمام المدفئة ودون أن تعي وجوده كانت تمرر أصابعها في شعرها المبلل تنفش خصلاتها الطبيعية الطويلة التي تحيط بوجها ذو الملامح الكلاسيكية بينما تميل قريبة من حرارة النار..
تيقظ كاميرون أنها حقا لا تعلم بوجوده هنا جالسا خلفها.. وفي ذات الوقت شعر بنفسه ينعزل عن أي شيء إلا شعرها الطويل الفاتن الذي يتراقص بلطف أمام نور النار فيعطيها نظرة برية مثيرة تناسبها تماما..
حرك رأسه يبدد هذه الخواطر التي تداعب مخيلته أكثر مما يجب.. رفع نظره مجددا إلى وجهها والتوتر باد على محياه.. تنحنح يعلمها بوجوده ثم تكلم وهو يحرص على أن تكون نبرة صوته قوية
((لا بد أن هناك منشفة أنثوية نظيفة في مكان ما في غرفة ماتيلدا، سأبحث ل عنها))
أثارت لهجته الخشنة استيائها فتمتمت بوجوم
((لا أظن بأنك أبقيت شيئا من حاجياتها))
إذ علمت عن حرقه لكل ما أبقته ماتيلدا ولم تستطع حزمها أثناء رحيل كردة فعل مثيرة للشفقة بعدما تأكد من كل ما فعله والدها!
ابتعدت عن النار تمرر المشط في شعرها عدة مرات لتخفف من تطايره، ثم انتشلت من جيبها رباط مطاطي ليحتضن خصلات شعرها مبقية بضع خصلات مجعدة من شعرها قد أفلتت فوق صدغيها مما جعلها تبدو فتاة في منتهى العنفوان والشباب.. وكأنه أول مرة ينتبه مليا لحقيقة إنها أنثى في هذه المزرعة المليئة بالرجال شديدي البأس والخشونة..
عيناه زرقاوان التقت في عينيها البنيتين الدافئتين مع وجود تيار غريب كان يسري بينهما فهزّ رأسه مجددا ينتزع هذه الأفكار الخطيرة من جب أفكاره فلا مصلحة له في ملاحظة أنوثتها إلا اقتياده نحو متاعب أخرى.. لقد خطفها وسجنها هنا وعليه أن يفكر في كيفية إخراج نفسه من هذا المأزق.. ثم إن الأمر فقط أن رحيل ماتيلدا جعله يتخبط ويشعر بتشابك حقيقي للمشاعر مع أي أمراه تقع في طريقه!
هزّ رأسه يقنع نفسه بهذه الافتراضية..
جلست أوركيد على الأريكة ونظرت خلال النافذة المطلة على الحديقة.. هناك الكثير من الزهور ذات الأشكال المغرية التي تزدهر في فصل الشتاء وفي أحلك الظروف المناخية الشديدة البرودة داخل حديقة كاميرون.. مِمَّا يجعلها هنا مستمتعة بهذا الفصل وقطف الزهور بألوانها المبهجة التي تنبت فيه دون أي توق لفصل الربيع أو حاجة لحمياتها من الرياح الشتوية القاسية على عكس زهور الأوركيد التي أسمتها عمتها باسمها تبعا لولادتها في أواخر الصيف موعد ظهور السنابل وبراعم هذه الزهرة..
في خضم أفكارها لم تشعر أبدًا بكاميرون يقف خلفها ويقول مسلطا نظره على ما تتأمله من خلال النافذة
((أتطلعين للزهور؟ يبدو أن عليّ اقتلاعها من هذه الحديقة الصغيرة فالزهور لا فائدة ترجى منهم))
هبت به بلهجة تحذير صارمة
((إياك أن تقتلعهم، لا تختبر صبري في مثل هذه الأمور ولا تمزح))
ثم لانت ملامحها لشبح ابتسامة مدركة أنه فقط يحاول استفزازها.. فعادت تتأمل زهور الشتاء الصامتة النابضة بكلّ ألوان الحياة، ألوان مضيئة تعكس التفاؤل العميق والفرح بالحياة.. وتقول
((كانت عمتي تقول "أيها المسافر اشتري الورد لعلك تقابل في الطريق من يستحقه"))
كان يفكر أنها بدأت حقا تتصرف في هذا المنزل وكأنه ملك لها! قطب حاجبيه متسائلا
((ما الذي تقصدينه؟ هل يجب عليّ تقديم هذه الأكاليل لك أكثر؟))
تحولت ابتسامتها لضحكة رقيقة تصدر من شفتيها تأسر عينيه وقلبه كزهرة خلابة.. فحين تتعطل لغة الكلام، الزهور عالم ينطق بجميل الشعور، فكم وردة أذابت الفوارق ومسحت الدموع وخففت من معاناة الآلام وقسوة الظروف.. للزهور لغة تعبيرية خاصة عندما يغيب الكلام ويصعب التعبير وتجف الأقلام ويتلعثم اللسان، فتبقى وحدها نضرة زاهية لتحمّل معاني التعبير..
ردد فجأة بصوتٍ خافت
((إذا وافقت على البقاء هنا وتخليت عن فكرة الهرب فستصبح هذه الحديقة كلها ملكك وسأسمح لك بزارعة ما تريدين))
قاطعته بصوتٍ هائج باتر
((لا لن أتخلى أبدًا عن فكرة الهرب من هنا، فأنا لست سجينة!))
ثم في نهاية حديثها رمته بنظرة نارية فكانت ملامحه تقول انه أحس بشيء من المشاعر السلبية التي تسكنها وكأنه يريد منها أن تزيل ما يقبع في أعماقها من حزن وتسمح له ان يكون لها السلوان.. وكم بدت دعابة أن الرجل الذي يخطفها يهتم بها مثيرة للسخرية..
==========================
انتهى.

نوارة البيت 02-08-22 06:21 PM

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

نوارة البيت 02-08-22 06:22 PM

اللهم صل على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين

نوارة البيت 02-08-22 06:22 PM

بسم الله الرحمن الرحيم

نوارة البيت 02-08-22 06:23 PM

مشكوووووور والله يعطيك الف عافيه

Hya ssin 02-08-22 08:29 PM

يجب ان ترد لمشاهدة المحتوى المخفي

yasser20 05-08-22 09:05 PM

شكرًا اااااااااااااااااااااا

mooogah 06-08-22 04:21 AM

سبحانك اللهم وبحمدك ، أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك

Shiekha111 06-08-22 11:11 AM

رواية جميله جدا جدا جدا جدا جدا جدا جدا جدا جدا

Mini-2012 07-08-22 01:09 AM

سبحان الله العظيم


الساعة الآن 01:22 PM

Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.