آخر 10 مشاركات
العشيقة البريئة(82)للكاتبة كارول موتيمور(الجزء الثالث من سلسلة لعنة جامبرلي) كاملـــه (الكاتـب : *ايمي* - )           »          1032- رجل صعب - كاي غريغوري -عبير دار نحاس (الكاتـب : Just Faith - )           »          كوابيس قلـب وإرهاب حـب *مميزة و ومكتملة* (الكاتـب : دنيازادة - )           »          13 - ليلة عابرة ع.دار الكتاب العربي (كتابة /كاملة)** (الكاتـب : Just Faith - )           »          018 - الكبرياء والحب - دار الكتاب العربي (الكاتـب : Topaz. - )           »          [تحميل] عذبني حبگ،للكاتبة/ إيمووو كمال "مصرية" ( Pdf ـ docx) (الكاتـب : فيتامين سي - )           »          [تحميل] مكيدة زواج ، للكاتبة / سلمى محمد "مصرية " ( Pdf ـ docx) (الكاتـب : فيتامين سي - )           »          [ تحميل ] ما بعد مر الرحيل الا الانكسار ( جميع الصيغ ) (الكاتـب : اسطورة ! - )           »          صباح الخير يااميرتي- للكاتبة رابيكا فلاندرز -عددممتاز عبير جديدة (كتابة /كاملة**) (الكاتـب : Hebat Allah - )           »          [تحميل ] زوجة مؤقتة ... بقلم / آلاء الشريفى ( جميع الصيغ ) (الكاتـب : فيتامين سي - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء

مشاهدة نتائج الإستطلاع: أفضل شخصيه ظهرت حتى الأن
أوس 30 37.04%
دانيه 24 29.63%
ارين 12 14.81%
طلال 10 12.35%
جُنيد 31 38.27%
شيخه 2 2.47%
فيض 1 1.23%
وجد 5 6.17%
ميلاد 0 0%
المُثنى 6 7.41%
إستطلاع متعدد الإختيارات. المصوتون: 81. أنت لم تصوت في هذا الإستطلاع

Like Tree2089Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 01-09-24, 11:57 PM   #781

مناااااوي

? العضوٌ??? » 496135
?  التسِجيلٌ » Dec 2021
? مشَارَ?اتْي » 53
?  نُقآطِيْ » مناااااوي is on a distinguished road
افتراضي مشاركه


اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة تدّبيج مشاهدة المشاركة
المحتوى المخفي لايقتبس
سبحان الله وبحمدلله سبحان الله العظيم
الحمدلله
لااله الا الله
الله أكير
لاحول ولاقوة الا بالله


مناااااوي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 02-09-24, 12:00 PM   #782

هياااام

? العضوٌ??? » 504609
?  التسِجيلٌ » Jul 2022
? مشَارَ?اتْي » 24
?  نُقآطِيْ » هياااام is on a distinguished road
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة تدّبيج مشاهدة المشاركة
أهلاً يا أحبه

لا تنسون موعدنا غدًا والحاضر يعلم الغايب
بنفس هذا التوقيت أو أقرب

كونوا على موعد
واخيييراننتظرك بحماس


هياااام متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 02-09-24, 07:36 PM   #783

تدّبيج
 
الصورة الرمزية تدّبيج

? العضوٌ??? » 491992
?  التسِجيلٌ » Aug 2021
? مشَارَ?اتْي » 258
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
?  نُقآطِيْ » تدّبيج is on a distinguished road
افتراضي

أقل من نصف ساعة وينزل الفصل بإذن الله مراجعة أخيرة فقط ()

تدّبيج غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 02-09-24, 08:03 PM   #784

تدّبيج
 
الصورة الرمزية تدّبيج

? العضوٌ??? » 491992
?  التسِجيلٌ » Aug 2021
? مشَارَ?اتْي » 258
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
?  نُقآطِيْ » تدّبيج is on a distinguished road
افتراضي


الجزء الرابع والعشرون
(24)



لا تلهيكم الرواية عن الصلاة والعبادات
لا حول ولا قوة إلا بالله -






[ تمنيتُ أن يزول ذلك الحال في البدايات
وأن أبقى أنا على ما عليه، لأنني لا أستحقُ شيء
سوى العزل والانعزال عن العالم! ]
~ وجد










'
'








قبل ذهابهم إلى المنتجع وقبل أن يعود هو الآخر إلى الرياض استغلت هذه الفترة القصيرة لتخبره بعد أن دعته بشكل سري لتناول الغداء برفقته في مطعم الفندق

بعد عدة أحاديث متفرقة أبرزها كان أحداث الفجر والزواج، ترتشف من قهوتها بهدوء وريبة تحيط من حولها تنظر إليه يتناول من الحلوى المخبوزة سحبت نفسها بعمق وضعت كوبها واحتضنته بين كفيها لتهتف:
عمي سعود

رفع رأسه ينظر إلى عينيها الواسعة من خلف النقاب تحمل تراكم من الحديث. نداءها له وحرصها على عدم معرفة أحد آخر أنها قابلته يجعله يشك في مبتغاها:
لبيه

وضعت كوبها وألقت نظرة على أناملها تتأملها لتهرب من نظرة عينية وتحولاتها أثناء حديثها:
أبيك تفهمني بالكلام اللي بقوله ، بس طلبتك يصير بيننا حتى لو صدمك يظل بيننا
ثوان معدودة جدا ثم أردفت بزفير أنفاسها:
فيه واحد متقدم لي وأنا موافقة عليه

يحرك فتات الطعام بالملعقة صامتا من أجلها لكنه رفع رأسه من صحنه بنظرة ليست متفاجأه بقدر ما كانت مصعوقة توافق على رجل بعد طوال تلك السنوات وأيضا في لحظة حرجة مثل الاشتباه في عدم موت كنان!

رفع كفه اليسرى يمسح بها على ملامحه لعله في حلم لم يستيقظ منه لعله أخطأ بسمعه لكنه حقيقة تؤلمه بحدة بعد أن ألقت عليه أمرها:
أبغي لما ترجع الرياض تروح له بعد إذنك ويتفقون على كل شيء

أرتشف من كأس الماء أمامه يحاول ترتيب تصادم الأفكار والاحتمالات الواردة، يضع الكأس بهدوء ثم يتكئ بمرفقيه على الطاولة يحدق بها محاولا فهم ما تريد:
بالعادة أي خاطب يجيك ترسل لي أمك وأعرف مليون بالمية أنك ما تبين وأعتذر من الخطاب بدون ما تطلب أمك، وش اللي تغير وأنا عمك ومين هو ولده اللي جاي لك؟

بماذا تخبره! وما هي ردة فعله الممكنة حيال ذلك، أنزلت كفيها تحتضنها وقد لحقت عيناها حركتها، نبرة من الارتعاش اتضحت على صوتها وحدقتيها مصوبه على ملامحه:
لأن أمي أساسا ماتعرف بالخطيب اللي جايني ، ما أعرف كيف أصيغها لك... لكن سيار ولدي طلع حي ما مات أهل كنان كذبوا علي بوفاته وسرقوه مني، واللي بتزوجه يصير صاحب كنان بنفسه قالي أنه يبي يتزوجني وكِنان الله يرحمه موصيه علي قبل وفاته بكم ساعة

تأملت تلك الملامح الحنونة طويلا ولكن ما بدر منه سوى الصمت والجمود، بينما من جهته رغم فاجعة ما كان متوقعا منه قد ظهر أمامها بهدوء ورزينة، فبعد أن اتضح بصيص من القضية حول حياة كنان دهشوا من سجله العائلي ووجود ابنهما سيار على أفراد الأسرة
أسبل أهدابه بهدوء ونبرة اتزان واضحة وشديدة اللهجة:
عندك دليل؟ أن سيار حي ؟ واللي موصيه عنده إثبات على الوصية، دايما اللي يقودك عاطفتك يا أرين ما تسوين شيء بتفكير!

تبتسم وكفيها تدعك ببعضها ومعدل التوتر لديها يرتفع بعد كل كلمة تنطقها:
عمي أنا آسفة على بجاحتي بس أنا هنا أمرك ما انتظر منك رأي يا عمي، وأنا مُصره عليه أبغى أتزوجه وغير كذا زواجي منه ما أبغى أحد يعرف عنه غيرك وغير خالي طلال ما أبغى أحد من أهلي يعرف بالموضوع إلى ما أستقر وأخذ حق سيار بيدي من اللي كذبوا علي بموته، أبيك تشوفه وتكلمه وتتفق معه ما يصير أنا أتفق معه بمثل هذه الأمور لأنه خلاص حللنا قبل نجي الشرقية وقدر بواسطته يطلعهم اليوم ولا ما كان كلمتك

تظهر ضحكة استهتار خافتة من بين شفتيه ،يرمقها بنظرة قاسية:
لا يا قلب عمك تأمريني لا صرت أصغر إخوانك ، سواء بوصية ولا بدونها الرجال لازم اقابله وأشوفه ماني بايع بنت أخوي على أي رجال بمجرد ما قال لها كلمتين وصدقتها

وقفت تحمل هاتفها وتقترب إليه لتضع كفها على كتفه وتنحني تقبل قمة رأسه وتستقيم:
أنا آسفة بس حللنا وخلصنا قدرت اتجاوز المرحلة بسبب معارفه وأنا متأكده من قراري ، برسل لك رقمه واتواصل معه ويا ليت نكتب عقدنا بأقرب وقت بعد ما نرجع من المنتجع، توصل بالسلامة ومع السلامة.

"أرين!"
يقولها بصوت شبه مرتفع لإيقافها ولكن لا حياة لمن تنادِ ذهبت وتركته في صراع مما أخبلاته به، أي تصرف صبياني يتلبسها الآن لا يستوعب ما خرجت به من شخصية جديدة لتوها عليه!



'
'





| صباح اليوم التالي |


بعد أن أتم مهمته التي فعلها مجبرا يعود إلى منزله فتح باب الفلة الصغيرة وتأمل طويلا أركانه الفارغة يتنهد وأنامله ترتفع لتحرر عنقه من ياقة ثوبه السكري وقدميه تسير إلى الأعلى وصوت فكاهة الممرضة والعاملات الذي اعتاد عليه هو ما يملأ هذا المنزل، أمامه وقتا طويلا حتى يقوم بتأثيث هذا المنزل لكن شغفه تجاه الحياة لا وجود له

وقف أمام حجرتها زفر بقايا الهم المتبقي، أخرج مفتاحه يفتح قفل الغرفة ويدلف بخطوات قريبه يتأمل هذه الحجرة للمرة الألف فارغة لا وجود لشيء أبدا سوى أرضية من الباركيه ومفرش عريض على الأرض وامرأة هزيلة تتمدد فوقه بالإضافة إلى دورة المياه المرفقة فقط جلس بقربها لينحني مقبلا رأسها بقبله رقيقة التفت بسرعة تنظر إليه وأجبر نفسه على الابتسام لكنها تذكرت حالها وعادت لنفس لوضعها بهدوء

أقترب يقبل كتفها بقبلة طويلة ونبرة يتضح منها الحنان:
ليش الحلوة زعلانه علينا؟ ما تدرين وش كثر الشوق لك يا أمي

لا إجابة تصدر منها وعلى نفس وضعها مسبلة لأهدابها، يتربع في جلسته ثم أنزل شماعة من على قمة رأسه ليخبرها ببصيص أمل لها:
أوعدك بس تتحسن حالتك ما أقفل الباب عليك بس أنت بعد توعديني تستمرين على علاجك ما بقى كثر ما راح لا تخلينا نرجع لأول خطوة للمرة الألف!... طلبتك تساعدني

وقت مضى في سكون تام ليقرر الخروج بعد قبلة أخرى زرعها على رسغها ليقف يخبرها:
الباب مفتوح واليوم كله أنا موجود بالبيت متى ما طاح حطب رأسك تعالي لي

اتجه إلى حجرته ليخلع ملابسه ويستحم استحماماً سريعاً لأجل أن لا تفعل شيء آخر ، لم يهنأ قلبهُ على فعلهِ منذُ قليل كعادته بأيامه السابقة يسايرها حتى يرضيها ، خرج وهو يرتدي ملابسهُ على جسدٍ مبلل وشعرهُ لا يزال يقطر من البلل
اتجه إلى حجرتها بخطواتٍ واسعة يُنفي وساوس الشيطان من على شماله دلف ليجدها تستنشق رائحته المستقرة شماغه الذي لم يأخذه يبتسم وقلبهُ يؤلمه ، يؤلمه لأي حال قد أوصلت نفسها به، عاد إليها ووضع رأسه في حضنها .. نظرت اليه يَسبل أهدابه ويعقد كتفيه ابتسمت رغماً عنها ابتسمت لأبنها ووحيدها تلمست شعرهُ الرطب ليصلهُ صوتها المُجهد :
ليش كذا ما جففت شعرك يا أمي التكييف بارد بالغرفة

تناول كفها التي تمسح على خصلات شعره القصير يقبلها ويحتضنها ليهمس بنبرة موجعة لها :
كم صار لي ما سمعت صوتك ؟ أسبوع ! شهر ؟ ما أعرف كم بس لا تحرميني منه ما باقي لي غيره بهذي الدنيا .

مضى الوقت ولم يسمع منها جواب فتح عينيه لينظر إليها تتأملهُ بمُقلتين تنطق بما يطوف بجوفها وندم السنوات التي أهمتهُ بها يتضح ، يتنهد وينهض ليتربع أمامها يحتضن رأسها ويقبل جبينها :
ما أحب أشوف عليك هالنظرات ! لا تطالعيني فيها تكفين .. طلبتك أهم ما علي راحتك.

غرقت تلك النظرات ببحر الندم وبحر مضيعة سنوات التعاطي :
غصب علي يا أبسل لو مو على فعلك بالسنين اللي راحت كان أنا ميته من ذاك اليوم

يبتسم بألم هذا الألم الذي يعصرُ قلبه منذُ أن ارتكب ذنبهُ ذلك :
يا أمي أنا اللي ميت سويت ذنب عظيم عظيم بالحيل يحاسبني ربي عليه عشانك ، الله يغفر لي ذاك الفعل.

هبطت ذراتٌ من الماء المالح تُمسك مجراها المُؤلم على وجنتها:
سامحني على الأيام الثقيلة اللي حطيتك فيها من صغرك سامحني على إهمالي لك ، ماني عارفة كيف اكمل حياتي معاك

لم يحتمل صوت تلك البحة التي اكتظت بقلبه واتضح الضيق على صوته :
ساعديني يا أمي ساعديني عشان أساعدك تكفين عشان كلنا نرتاح من البلا اللي ما يتسمى بلاك فيه ! يمكن هذي الطريقة الوحيدة اللي أقدر أني أبرّك فيها
رغم الإحباط الكبير الذي يملأ قلبها ووجع يفتكُ عظامها أومأت له بتودد وابتسامة لخوفها على وحيدها وفلذة كبدها



'
'



يرتشف من قارورة المياه البلاستيكية تقوده قدميه إلى البحر ليرى بداية الشروق الذي ظهر منهُ جزء قد أنار الحياة من حوله ، نظر لجذع لتلك الجالسة على عتبات السلالم الأسمنتية تهتز كتفيها وصوتها المكتوم يتضح منه البكاء رغم أنها تلتحف ببطانية خفيفة لكنهُ علم من هي من هيئة جسدها.

تنهد وسار للجلوس بجانبها ، نظر إلى أنفها المُحمر من أثر البكاء ورموشها الطويلة مبتله بفعل الدموع أراد أن يمازحها قليلاً ضغط بسبابته على عينها القريبة منها ويحدثها ممازحًاجط:
اكبر مشهد عالمي بالتاريخ وجد تبكي ! معجزة عظيمة ولله

بصوتٍ مختنق عسِر تُجيبه :
ميلاد جد مالي خلقك خليني بحالي

يرمقها ميلاد بنظرة متفحصة مما هي عليه الآن ، نظر إلى الجدية من لهجتها وخصلات شعرها المُبعثرة من أسفل الغطاء:
وش فيك ليش تبكين طيب ! مين مزعلك

تمسح أنفها بالمحارم الورقية ومُقلتيها الحزينة تنظر إلى البحر:
بس تهاوشت مع أمي قبل الفجر بموضوع بينتهي اليوم.

تظهر ضحكة خافته بين حديثه :
طيب يمكن خيرة لك ، أمك أعلم منك مصلحتك.

التفت بجسدها تنظر إليه تُكمل ما يخنِق صدرها :
تتذكر منحة الماجستير اللي ودي فيها ! سجلت فيها ولا قلت لها إلا لما طلع قبولي وصار لي فتره احاول أقنعها بس مو راضيه والتخصص هذا مو موجود عندنا عشان كذا سوو منح له بفرنسا، واليوم تقول لي يا أنا يالدراسه اختاري واحد .. هذا أسلوب عشان تمنعني !

طال صمتهُ يحاول فهم وتركيبة حديثها ليخبرها بأول فكرة جدية جاءت في عقله :
صيدي أول خطيب يجيك تزوجيه وروحي معه

توقف بكائها و التفت بكامل جسدها مصعوقه مما تفوه به لسانه تحاول إستيعاب ما أخبرها به ، دفعته بعنف :
مو وقتك ميلاد أتكلم معك بكل جديه ترا مو وقت مزحك جد !!

ارتمت ضحكاتهُ في ذلك المكان الواسع ليربت على كتفها بحنو :
عادي يابنت الحلال مافيها شي لو صبرتي سنة سنتين ماراح يضرك شي ، شوفيني أنا للحين أمي تهاوشني عشان الكورة بكل مره أروح لنادي ولا أرجع على الاقل عندك بكالوريوس ماهو أنا أبو الثانويه ! صح يجيني تأنيب ضمير إذا هاوشتني عشان مصلحتي بس تعودت لا تخلين أمك نفس امي، والثنتين خوات مايفرقون بشي

أخذت نفساً طويلاً تبعد آثار ما بعد البكاء وعادت تنظر إلى البحر:
المواساة عندك مثل وجهك الشين بعدين وش تبي قوم ماصدقت على الله احصل وقت اتفرد مع نفسي

أشار على نفسهِ بدهشه يصاحبها ايضاً صوته :
كل هالوسامة والحلاوة وتقولين شين صدق أن اللي عندك هو ضعف نظر!

لم تجيبه وظلت تُرمق أمواج البحر البعيدة، حتى فاجأها بقوله :
على طاري السفر بسافر فرنسا بعد اربع ايام تجين معي ؟

التفت برأسها تنظر إليه ليكمل حديثه :
المفروض أوس يروح بس عايش أحلامه الوردية وغصبني عليها عشان يشوفون خبراء العطور هناك وراح عينات من مصنعها ولا الود مارحت بس حلو بروح مع مجموعة مو لحالي بتصير مثل رحلة جديدة لي بعيد عن اللي احبه

عادت لنقطة ارتكزت بها عينيها في عُمق البحر وضحكت بسخرية :
على أساس أمي بتوافق عاد، درب السلامة لك وتراك محسود مني على هالسفرة والاكيد انها خطة من أمك عشان تبعد عن الكورة

التف ينظر إليها ولأحمرار ملامحها المحتقنة واتضح لهُ أن مزاجها فعلاً مُغلق وذلك الأنغلاق لا يفتحهُ سوى كلمة واحدة تخرج من ثغره بعد عدة شهور طويلة تُعرف بينهما:
عطيتك المفتاح

عقدت حاجبيها بضيق من هذه الكلمة التي لا يمكن لها أن تُعيدها، خبأت ملامحها بين كفيها:
تكفى ميلاد لا

ألتف بذراعه على عنقها حتى ألصق مؤخرة رأسها على صدره:
ماراح أقفل باب الصندوق إلا إذا فرغتي اللي في قلبك وعبيتي الصندوق تكلمي ماراح أفكك

حاولت الإفلات من قبضتهِ بكل ما تملك ولكنها لم تكن قادرة اغمضت عينيها وزفرت أنفاسها بهدوء :
طيب بعبي الصندوق بس بعد يدك اختنقت

أفلتها لتعتدل وهي تزفر أنفساً عالقة ترفض أن تخرج من جسدها :
مخنوقة مخنوقة ميلاد قلبي يعورني من الخنقة ، يارب يجي يوم أمي تفقدني لوقت وتحس بغلاتي عشان تنفذ لي الطلبات اللي خاطري فيها، أبغى اختفي منها يوم كامل وأشوف غلاتي عندها.

يكمل من أرتشاف أخر قطرة من قنينة الماء حتى أبعدها عن ثغره ونبرة هادئة تخرج :
لهذي الدرجة خانقتك خالتي ! ولله الظاهر لي عكس اللي تقولين.

مللت من التفكير مع نفسها وايضاً لن يفهم أحد ما يجول في قلبها من مشاعر وتراكمات فضلت الصمت عن التكرار رفعت رأسها إلى السماء بعد زفيرها لأنفاسها :
خلاص قفل الصندوق مابخاطري شي أكثر .
تُكمل بعد أن التفت تنظر إليه :
قول لي من زمان ما حكيت عن حش الكورة والنادي فضفض لي أنت


بدأ يسرد لها ما يجب عليها معرفته لكن منذُ منتصف البداية هناك طرفٌ ثالث قد كان يتنصت من خلف الجدار القريب دون أن يقوده فضوله لرؤية فأذنيه كانت كافيه





'
,





| الــرياض |

تنظر إلى روعتها وحديثها المكسر الذي لم تفهم منهُ حتى حرف واحد اطلاقًا

رفعت كفيها بغضب قد أحتد عالياً عليها من حديثها العربي المكسر:
اهرجي يا بنت وش هاللي تقولينه وشبه عيونتس فالخه هالقد تكلمي بشويش يا حرمه عشان افهمتس

: ماما عوده شفيك
نظرت إلى مدى من خلفها بملامح الأستغراب لتُشير إلى وديعة :
لها ساعه تهرج هرجن ما قدرت أفهمه أهرجي عليه بلغة الكفار وشوفي وش تبي ما فهمت منه إلا جُنيد

حدثتها بما رأتهُ قبل مدة وجيزة ووضع السلاسل على معصمه اتضحت الدهشه على ملامحها ولكن حاولت كبت تلك الدهشه أمام جدتها بأكبر قدر ممكن، حدثتها بهدوء بعدم قول أي شيء لأي شخص وأنها هي من ستتصرف

عادت تنظر إلى أماني لتخلق كذبة سريعة مكشوفة على:
كل هالدراما تقول لك فيه قطوه ميتة عند معمل عمي.

عقدت حاجبيها من حديثها الغير مستساغ :
هو وش به القطوه ميته تسذا!! خلين أطلع أشوف وش جايبه بالحوش

التفت بذراعيها حول كتفيها وسارت معها لتُخرجها خارج المطبخ باتجاه صالة المعيشة :
مدري يمكنها كانت تعبانه الحين بتصل على السواق يدخل يشيلها ماله داعي تشوفينها تحوم كبدك منها.

بالرغم من أنها لم تصدق ما تفوهت بهِ إلا أنها التزمت صمتها وتركتها تفعل ما تريد .. حاولت مدى أن تخرج بكذبة بيضاء وأنها ستصنع الحليب لأبنتها

خرجت بخطوات واسعه الى المعمل وقلبها ينقبض بكل خطوة تقترب من المكان كان الباب مفتوح وما نظرت إليه سوى دمار تام
كل شيء كانت أناملهُ المتعبه تفعلها ويذهب وقتهُ الطويل منحنياً بظهره قد أصبح محطمٌ على الأرض كل شيء وكأنه مفتعل بقصد ، سمعت صوت خطوات أتيه من الغرفه المجاورة حتى خرجت ميسم بوجهٍ عكر

نظرت إلى شقيقتها و زفرت بقايا الألم العالق بها واشاحت ناظريها عنها :
كنت أبغى أكلمه عن حاجه بس دخلت وشفت الدنيا مقلوبه، توقعت هذا اليوم يجي لكن ما توقعت يكون قريب هالقد

تنظر إليها بحاجبي معقودة مما أخبرتها به ولم تفهم ما نطقته :
وليش قريب ليش عمي جُنيد ايش مسوي! وليش الدنيا معفوسه كذا وهو وينه!

رمت قطعة الفخار التي كانت تُمسكها لتُكتمل التُحفه الأرضية ولا تزال مُقلتيها تتأمل الأرض :
الشرطة أخذته وكلمت عمي منصور يشوف وش فيه.

اتسعت عيناها من نطقها البارد لهذا الحديث وكأنها تخبرها بأنهُ ذهب إلى المنزل المجاور :
تقولينها كذا ببرود!! ميسم وش تخربطين فيه وليش تمسكه الشرطه ايش صاير

مسحت على وجهها مرارًا تحاول حُسن النية لهُ ولكنها تأبى لترفع صوتها عالياً من فرط الخُذلان ودمع القهر يسيل من مدمعها:
عمي جُنيد رجع يتعاطى المـخدرات يا أخت مدى أنا ماني عارفه كيف مو ملاحظين عليه ولا على تصرفاته عشان كذا الشرطة جت ومسكته يستاهل لأنه ما حافظ على الأمانه اللي هم احنا بنات أخوه ما حافظ على وصية أبوي ولا وفى بوعده لأبوي لما قال له أنه ماراح يرجع لها لكنه كذاب، كذاب وما يهمه إلا نفسه

تجمدت نظرتها بل تجمدت الدنيا أمامها، ليس الوقت المناسب ليعود لأفعاله القديمة ليس هذا الوقت، أحست بأن كل شيء من حولها أصبح رمادياً شاحب لا طعم ولا لون لهُ، كيف لهُ أن يتجرأ ويعود لِما يفعل قبل أن يثبت حق والدها الذي كان يقول لها مراراً وتكراراً أنه سيأخذ حق الفاعل بيده ولكنهُ الآن أصبح ذلك العم خائن خائن في نظرتي عينيها اليتيمة
وما أيقضها من سكرتها كان صوت سقوط عنيف قد جاء من الخارج





'
'








أستيقظت من منتصف نومها بسبب شعورها بالعطش الشديد نظرت إلى الساعة التي تُشير إلى العاشرة والنصف صباحًا لا تزال تشعر بالنعاس ولكن لتكتفي بهذا القدر من النوم أمامهم الكثير من المغامرات لتستعد لها باكراً

خرجت من غرفة النوم وما أستقبلها سوى الهدوء التام بالرغم من أشعة الشمس التي تُنير كل مكان من النوافذ الواسعة ذهبت إلى المطبخ التقطت قنينة ماء من الثلاجة ارتشفت جزء منها وهي تسير إلى صالة المعيشة الواسعة والمطلة على البحر، عقدت حاجبيها من منظر تلك المُنحنية على آلة القهوة يبدو أنها في حيرة مع طريقة فتحها
ابتسمت من منظرها وأقتربت خطوة إليها لخدمتها وهمست كي لا تُفزعها:
خالتي شيخه محتاجه مساعده ؟

التفت تنظر وكأن الفرج قد جاء إليها وتبادلها الابتسام وبتنهيده:
اي يا فُرات إذا ما عليك أمر بحاول أسوي لي قهوة لكن ماهي راضية متعودة على اللي في بيتي غريبه علي هذي جابك الله تساعدني

تركت قنينة الماء و اتجهت إليها لتخبرها بلباقة وهي تضحك بخفة وتقترب إلى الأله تعبث بها:
لا تتعبين نفسك انا اسويها لك رغم أني ما أعرف لها بس بحاول لعيونك تامرين ولله ونتعلم عليها عشانك

أبتسمت بحنو من عذوبة أسلوبها الرقيق معها ، تأملتها طويلاً من أسفلها لساقيها الطويلة وظهرها الطويل ومنكبيها الناعمان ممشوقة القوام بالرغم من انحنائها إلا أنها كغزالة فاتنة وخلابة ، ارتقت عينيها إلى ملامحها الحاده الممتزجة بالنعومة ورثتها بجينات قوية من جدتها من طرف والدتها ذات الجمال الذي كانت يُضرب به الأمثلة في أيام شبابها

تراودها أفكار إن كانت الفتاة مناسبة لشقيقها فهي تمتلئ بصفاتٍ حميده وفوق ذلك أنها تعرفها حقّ المعرفه لن تخشى عليه معها ولن تخشى عليه معها

بنبرة هادئة سألتها بسؤالٍ يظهرُ بأنه اعتيادي لكن من خلفِ قلبها أرادت أن تستفسر بشكل أكبر:
بشري ما خلصتي من الجامعه وقلتي لي تخصصك طب بشري!

رفعت رأسها عن آلة القهوة تنظر إليها لتبتسم:
لا الله يعين باقي لي سنة وترم وفوقها سنة التدريب وتخصصي علاج طبيعي سنواته اقل من البشري بس المضمون يمكن نفسه

تومئ شيخه بتفهم وتخبرها بدعاء مقصود:
الله ييسر لك امرك وتتخرجين ويرزقك ولد الحلال اللي يصونك ويحافظ عليك.

خجلت من دعوتها ضنًا منها أنها كبقية النساء لتُؤمن لدعوتها وهي تحمل الكوب إليها :
سمّي خلصت قهوتك عن أذنك بشوف أمي

تناولت الكوب منها تتأمل خطواتها حتى أختفت من أمامها أخرجت تنهيدة عميقة لتنظر إلى هاتفها الذي صدح برنته ابتسمت وفتحت الباب الزجاجي وتجلس على أقرب كرسي تنظر إلى أمواج البحر وصوت زجيرها يُريح أذنيها:
هلا يا يمه وينك من نهار أمس ما أرسلت ولا سمعت لك صوت؟

يبتسم لصوتها الحنون الذي ملأ قلبه يخبرها مع زفرة أنفاسه:
كان ودي أكلمك أول الفجر بس انشغلت مع دانية بالمستشفى أرتفعت حرارتها وما نزلت بسهولة ماصار لنا راجعين من الطوارئ إلا ساعتين

وضعت الكوب على الطاولة القريبة، تعقد حاجبيها وتتسع عينيها يما ينطق به، هتفت بخوف واضح:
وشي ؟ ليش وش فيها

رفع منكبه ينظر إليها تغرق بنومها المُتعب بين أغطية السرير الوثيرة بفعل المسكنات يخبرها بنبرة هادئة :
مافيها إلا كل خير انفلونزا خفيفه بدت فيها اعراضها من مسكنا الخط للبحرين بس كل شي جاها مره وحده

تنهدت بضيق عليها مما نطق لسانه عادت بحرص شديد تخبره:
ياروحي عليها المسكينة أنتبه عليها وخليك حولها وساندها لا تغيب عنها لحظة، أعرفها تعبها يجي مره وحده ومناعتها ضعيفة

يبتسم من حرص والدته يخبرها وراحته تستقر على صدره:
لا تخافين حاطها بقلبي ومسكر عليها

ما ذلك الشعور الذي راودها بغزله الصريح لها، ولكن رغم القلق الشديد الذي يحاصرها تجاهه قد ارتاح قلبها قليلاً بهدوء ارتسمت الإبتسامة على ثغرها:
الله يخليكم لبعض ولا أشوف فيكم مكروة

صمتٌ طال منه وشعور مُغترب يجتاحهُ دون رغبة حتى سمعها تحدثهُ بتساؤل:
أوس فيك شي ؟

يقف متجهة إلى السرير بخطوات هادئة ونبرة أكثر هدوء :
لا بس ادعي لي الله يقويني وأسعدها ولا يجي يوم اصدمها بأفعالي

تبتسم بحُب واطمئنان وتُجيبه بما طلب:
أنت وأخوانك دعواتي دايمًا لكم أنسى نفسي ولا أنساكم، الله يخليكم لبعض ولا يحرمكم من بعض

آمن بعد دعائها وبادلها بعض الأحاديث ومن ثم ودعها بعد حرصها الشديد بأن يطمنها عليهما بين الفينة والأخرى، اقترب منها يتحسس حرارة جسدها بجهاز الحرارة نظر إلى ارتفاعها ووصولها إلى 40 درجة

استيقظت من حركاته القريبه إليها ورغم الصداع الذي ينهش رأسها وشعورها بالبرد جلست تنظر إلى ظهره وصوت انسكاب الماء يملأ الغرفة، التفت ينظر اليها ليبتسم لها ويخبرها بحنو:
صحيتك؟

عادت خصلات شعرها خلف أذنها وصوتها الممتلئ بالتعب:
لا البرد مصحيني سكر التكييف

مد إليها أوس الماء وناولها المسكن بيدها الأخرى ليخبرها:
صارلي نص ساعه مطفي التكييف بس هذي حرارتك اللي رجعت ترتفع، كولي المسكن وبتنزل ان شاءالله

بعد أن تناولتهُ لم تحدثهُ وعادت لتستلقي فالتعب يُقضم عظامها، وهو لا يزال بجانبها لم يتحرك يتحسس كفيها وجبينها وكل مدة قصيرة ينظر إلى حرارتها حتى استقرت طبيعيه وغرقت مرة أخرى بنوم هادئ لحفها جيداً وأستودعها الرحمن وخرج من جناحه

وفي نفس الدور تحديداً على بعد عدة مترات طرق بابٌ أخر ولم يمر أقلَ من نصف الثانية حتى فُتح لهُ ومن خلفه تملأ الأبتسامة شفتيه قائلاً وهو يفرد ذراعيه:
حي الله اللي صار زوج لبنتي




'
'


قبلَ عِدة ساعات

طوال طريقه يفكر في قول ابنة أخاه كيف لها أن أن تصنع قرار مصيري مثل هذا بنفسها لايزال يستغرب من جرأتها في قولها آن ذاك أنها تريد الزواج من رجل لا يعرف عنه شيء وفوق ذلك قد أرسلت له خطاب عن شروطها وماذا تريد بعد الزواج وهو كذلك وبأنها تريد هذا الزواج أن يكون الزواج سرًا، يشتعل دمهُ غضبٌ من فعلها حقا، لم يتصور يوما أن تكون عدائية مثل موضوعٍ كهذا

‏توقف أمام منزله وسمع نداء صلاة المغرب زفر أنفاسه بتعب وإرهاق
على همومه التي لا تنتهي من عمل حساس وابن مريض وأبناء أخ كل منهم لديه صراع، أُرهق العقل من التفكير المفرط حول، أتجه إلى المسجد القريب وجدد وضوءه

‏صلى تحية المسجد وبعد انتهائه أتكئ على الجدار يتأمل قبة المسجد المزخرفة بهندسة إسلامية، كانَ داخلهُ يقين ودعاء بأن يُيسر الله أمور حياته
وأن يُيسر أمور منّ هُم حوله، لا يزال لا يعرف ماذا يمكن له أن يفعل يشعر أن تراكمات الحياة تأخذ من صحته وتزيد من عمرهِ أضعاف مُضاعفة يفكر بينه وبين نفسه إن كان قد عاشَ يومًا هادئ لا صراع ولا تفكير ولا حتى اجتهاد بينهُ وبين نفسه حتى سمع إقامة الصلاة وقف يكبر بعد أن كبر الإمام صلى فرضه بكل سكينة وخشوع ، دعا في سجوده وبعد التشهد الأخير وفي كل وقت مواضع الاستجابه للدعاء

‏بعد خروجه يجر خطواته جرًا مطاطئ رأسه ينظر إلى خطواته وداخله سكينة، يسير بخطوات بطيئة ولم يتوقع هذه الصوت الذي مرت سنوات طويلة جدًا لم يسمعه ولم يتغير أبدًا بعد مرور 26 عام رفع رأسه متفاجئ من ذاك الرجل الذي يرتدي ‏بنطال وكنزة يقف أمام بيته وابتسامة واثقة ترتسم على شفتيه اقترب إليه ومدة كفهُ لصافحه قائلاً:
‏سنين طويلة وأنا عارف أن هذا اليوم جاي لكن ما توقعت انه يكون اللحظة هذي!

‏لا يزال سعود يضع كفيه في جيب ثوبه ينظر إليه نظرة مشمئزة ولا يعرف ماذا يفعل هذا أمامه الآن وفي هذا الوقت بالتحديد، لازال يرمقهُ بنظراتٍ لا تُفسر
أنزل الأخر كفهُ ليُكمل بنبرة ساخرة :
أعذرنا على الغيبة الطويلة الدنيا تأخذ وتنسّي

يخرج مفتاح المنزل وعُقدة غاضبة تكونت بين حاجبيه وصوتٌ جاف يمتلئ بالحده:
وش جابك دام الدنيا خلتك تنسى ! وتنسى أغلى عطايا الله يتيمه

يُشير على المنزل يبتسم وبثقة عمياء يقول:
قلت أجي اسلم عليك واشوف أحوالك ومنها عندي أمانه هنا لازم أخذها

يميل سعود ثغرهُ مبتسماً بسخرية من حديثه :
أنا أحوالي زينه و الأمانة ما صارت تحت يدي صارت تحت يد زوجها

سار من جانبه لدخول الى منزله فلا طاقة ولا قوة بهِ لنقاش أكثر لكنهُ حاصرهُ عندما أمسك عضده لمنعهُ من الدخول وقد لمس في صوتهِ الندم :
خلنا نتكلم بطيب خاطر يا سعود أسمع اللي عندي وبسمع اللي عندك.

سحب يدهُ بهدوء دلف ولم يُغلق الباب لعلها علامة الموافقة خطى خطواته الى داخل المنزل وعينيه تتأمل المكان من حوله يتبعه في سيره حتى توقف به بالقرب من جلسة الحديقة سمعه يشير الى الكرسي:
حياك واعذرني لان البيت فاضي ولا ضيفتك يا عديلي

التمس من كلمته الأخيرة السُخرية جلس يتأمل تلك الأشجار برائحة الفُل كانت رُوحُ لطيفة منها دون علمه تأمل أزهار الفُل المليئة بوردتها الصغيرة المنُتشرة، حتى سمع سعود يخبره:
‏يا ليت تقول اللي عندك بسرعه لأني مشغول مو فاضي لأمثالك

‏أرمقهُ مطلق بنظرة سوداء ثم ابتسم بعدها وادلى بحديثه:
‏لا تخاف ‏أنا ما أبي منك شيء كل اللي أبيه بنتي أحتاج أتواصل معها

أسبل سعود أهدابه وشدد من قبضة كفيه على بعضهما يريد أن يقتله وأن يدفن جثته أسفل المكان الذي يجلس به، إصر على ضروسه يحاول كبت الضغينة التي يشنها عليه:
‏قلت لك بنتك مع زوجها إذا كنت تبيها وينك ما جيت من أول ما كانت صغيرة وبعد معرفة الحياة وصراعاتها تجي وتقول أبي بنتي وبكل برود!

بعد صمتٍ طال بهدوء يجيبه بنبرة مُرعبه حقًا:
كانت عيوني عليها إلى ما شفتك شايلها على يدينك لا تظن أني تركتها كذا ما بعتها لكن كنت مجبور ذاك اليوم إلى يومك هذا يأنبني ضميري على اللي سويته سمعت كلام الناس وتخليت عنها

رفع رأسهُ ينظر إليه ليخبرهُ بنبرة هادئة:
اللي قلته لبنتك إنك ميت وسجلك بالأحوال بعد ميت عشان كذا طلعت بأسم يعقوب، أنهيت حياتك وأنت حي وحملتني ذنب يوم أني أروح وأبلغ خواتك المساكين بموتك وأنت عايش ! وش أكبر من هذا ذنب يا مطلق! لكن أنا ما همني كل أفعالك بس رميك لبنتك بالطريقه اللي ما يرضى فيها أي إنسان بالدنيا وكأنها ذنب عليك! ولله يا أنا يا أنت بفعلك هذا

صمت قليلاً يحاول الأتزان بحديثة من الهم الذي يلاحقهُ طوال السنوات الماضية وهُنا جاءت اللحظة الحاسمة، لحظة الانفجار الحاسمة قد جاءت ، رفع سبابتهُ مردفًا بحدة وصوتٌ يرتفع تدريجياً:
إلى يومك هذا زوجتي تتواصل معهم عشان بس يشوفون بنت أخوهم لكن طعنه بقلوبهم أخوهم يختفي فجأة وبعد عشر سنين يوصلني خبر انك ميت وقدرت تزور موتك واروح ابحث عن شهادة وفاة لك واحصلها بكل برود! ماكنت أبي أطلعها حتى بو مزورة لكن شكوك بنتك زادت وصارت تنفر مني وتحسبني أكذب عليها، ولا أعرف كيف تلعب بالأوراق بكل سهوله كذا ! وطول هالسنين أنل ما صدقت لحد ما اثبت كذبة موتك وأنك عايش بخير ومغير اسمك وتزوجت وعندك ولد وبنت وبنتك تتصدق بنيتك أنت وأمها كل شهر

يستمع لهُ بكل برود لا يهتم لكل هذا كل ما يهمهُ الآن ما جاء لأجله، يتنهد وتخرجُ الحروف من بين كلماتهِ بسكينة:
كان ودي أعيش حياة جديدة بس ما قدرت كانت نيتي أبعد بعيد ولا أرجع بس قلبي حن عليها يا سعود أعذرني الدم يحّن خاطري أشوفها خاطري ألمسها أشوف وش صار عليها

يقف سعود ويرفع كفهُ مشيراً للخارج لقد وصل إلى حدٍ غير معقول من هذا الموضوع :
بنتك عايشة حياتها مع زوجها ولا لك حق تخرب حياتها فجأة يوم صارت زينه، احذرك يا مطلق دانية خط أحمر، خلص الكلام إلى هنا.

وقف بعد حديثه ولم يقل شيء للدفاع عن حديثه:
جيتي عشان اشكرك على الامانه اللي حافظت عليها طول السنين اللي راحت وإذا عليها لازم تعرف أني حي، غسلوا مخي وانبسطوا أني على نياتي لكم يا سعود كل شي له وقت أنا مستقر بإيطاليا وزوجتي عربية لكنها من مواليدها وحالتي المادية زينه تركت كل شر هذا اللي جاي أقوله لك، فمان الله

وجه نظره نحوه وهو يسير باتجاه الخارج حتى اختفى من حقل رؤيته ، جلس وانحنى، يمسح على ملامح وجهه بكل شدتهِ وكأنه يسعى لإخفاءها
حوقل بصوت مرتفع، ظل جالسًا بهذا الشكل لفترة طويلة يحاول استيعاب أن كل شيء سيُهدم قريباً ، أن كل الأمور ستكون على ما يرام
تنبه على صوت هاتفه اخرجه من جيب ثوبه ودون أن يرى من هو المتصل وضعه على أذنه ليجيئ له صوت سطام :
هلا عقيد سعود ، وصلت الرياض ؟

استنشق رائحة نتنة و مصيبة من نبرة من صوته عاد بظهره ليتكئ على الكرسي الخشبي تنهد لينتظر ما المصيبة التي جاءت الآن:
ليش يا سطام وش صاير

أسبل سطام أهدابه ليهمس لهُ في هذا المكان المفتوح :
جُنيد ممسوك بالتحقيق بقسم المخدرات صار له أكثر من سبع ساعات الحين مرتين حققو معه ولا نطق بأي حرف حاولت أعرف التهمة وحاولت أدخل عليه لكن منعوني ، يا عقيد أشياء غريبه تصير اليوم ماني قادر استوعبها حاس أن كل شي ضدي وكأنهم يخبون عنا شي !

اليوم فقط أمن بمقولة المصائب تأتي دفعه واحدة ولا تأخذ وقتها بالهطول على الشخص تنهد بأسى ليقف يجر خطواتهِ إلى الفله :
عطني يا سطام للفجر او أخر الليل باخذ لي غفوه لو ساعتين اريح فيها وجاي دام أنه ما تكلم ماراح يتكلم بسهولة جُنيد و أعرفه لكن حاول تشوف وش سالفته من كذا شخص.




'
'

| في وقتٍ آخر قد مضى |


تقبضُ بكفها على كفها الساكنة تنظر إلى الإبرة التي تخترق جلدها الرقيق قبلتها برقةٍ أكثر حمدت الله أنها لم تكن عظيمة حمدلله أنها مرت بسلام حمدلله أنها تداركت هذا الموقف بسرعة
التفت على فتح الستار لتنظر إلى عمتها الجازي التي جاءت من ذلك الخبر بفاجعة تهتف بخشية وريبة بالقرب من رأسها وهي تقبلها:
يمه بسم الله عليك يا جعلها فيني ولا فيك

تنهدت مدى ووقفت لتجلس الأخرى ولم تحملها قدميها لتخبرها وهي تربت على كتفيها :
عمتي هدي بالك مافيها شي الحمدلله بس ارتفع ضغطها والحين كل شي سليم قالي الدكتور بس تحتاج راحه وتبعد عن أي شي ممكن يأثر عليها والدكتور معطيها مهدئ

رفعت رأسها نظرت إليها تقف بجانبها وصوتها يتهدج :
كيف تبيني أهدي بالي وأنا زوجي فاجعني بأمي أنها بالمستشفى ياعيني عليها وش اللي طيحها

نظرت إلى تلك التي تقف وتتكئ على الجدار بهدوء وأجابتها بسخريه :
مدري قولي ميسم هذا صار من كله ورا راسها

عقدت ميسم ساعديها و هتفت بحزم ودفاع:
وأنتِ ليش تسأليني دام أنك عارفه أنها جايه وراك تعرفين غلاة عمي عندها غير عن اي احد

رفعت حاجبيها من قلب الحديث عليها ببرود، تُصر على ضروسها وتكاد عينيها تخرج من بين أهدابها:
احترمي نفسك ! ما كان له داعي تصيحين وتصرخين، فيه شي أسمه أسلوب وهداوه مستحيل عمي يرجع لخرابيطه أكيد فيه سالفه ثانية

ضحكت ساخرة مما نطقت به شقيقتها لتستقيم من اتكائها على الجدار:
بلاكم ما شفتوا اللي شفته

الجازي بحدة ترفع صوتها من هذا الشجار و سبابتها تتناوب بالاشاره عليهن:
أنتِ وهي إذا ما عندكن شي أطلعوا تهاوشوا برا ولا ارجعوا البيت وأنا أجلس عندها، ما باقي إلا هي تتهاوشون فوق راسها وهي تعبانه!

التقطت ميسم هاتفها من على الطاولة القريبة من السرير واتجهت للخارج وبنبرة حادة:
أنا راجعة البيت وبعدين بجي مع أمي المغرب تبغون شي؟
تنقل محاجرها بين الأثنتان ولم لا تحظى بأي جواب منهن امالت ثغرها ساخرة:
أحسن لا عمركم تبغون شي

اتسعت عينا الجازي بدهشة من ذلك الأسلوب الساذج :
أنت متأكدة أنك بنت مساعد يا أم لسان ؟ وش هالاسلوب الطايح بعدين لا بغينا شي أتصلت على ترسله مع السواق ما نعرف أمي ينومونها ولا بتطلع توكلي بس وانتبهي على نفسك

خرجت متجهة الى مواقف السيارات حيث يتواجد السائق مسبقًا لتصعد وهي تزفر تراكم الأنفاس المتوترة لتسأله:
تعرف مكان شغل عم جٌنيد ؟

أجابها السائق بمعرفته ابتسمت بارتياح لتُردف:
خلاص روح له

لم يستغرق الطريق أقل من نصف ساعة ولم يستطع التوقف أمام البوابة بسبب إغلاق البوابة، التفت تنظر من خلف النافذة دب الرعب في قلبها ولا تعلم ما كل تلك الجرأة التي جائتها الآن ولكنها تشجعت فيما تفعل وتسلحت بثقتها وبما قررت عليه

نزلت وهي تستودع الله نفسها وعمها حتى دلفت إلى بهو المركز وحدقتيها تنتقل في المكان تتفحصه أين ستذهب الآن وأين هو مكانه في هذا البرج العملاق بحثت عينها عن شيء تستشعر به دليلا لها لتستطيع من خلاله معرفة أقسامه سمعت شخص من خلفها التفت فزعه
يسألها بحيرة من سبب تواجدها هنا :
أختي أقدر أساعدك بشي؟

هزت راسها بالاجابه وهمس يكاد يتضح:
قسم تحقيق المخدرات وين ؟

نظرت إلى ملامح التفاجئ تأخذ ملامحه:
ليش وش اللي عندك هناك

لا تريد أن تجر خيبتها بما تريد تفعله استجمعت قوتها وهي تقف بثقة امامه:
لو سمحت ممكن تقولي وين القسم ابغى اروح له

يبتسم أبسل من تلك الجريئة أمامه وثقتها التامة بما تريد فعله مد راحة كفه إليها:
ما أقدر أدخلك هناك لأنه مكان حساس ممكن هويتك أتأكد منك وإذا تأكدت وقتها أقرر

تورطت بما أخبرها لا تملك هويتها فكل ما تحمله هاتفها فقط تلعثمت ماذا عساها أن تفعل:
مـ.. ما معي هويتي

رفع حاجبيه ولا تزال كفه ممدودة ليسترل:
أي شي يثبت لي هويتك عشان أتأكد

لم يأتي في ذهنها سوى موقع الجامعه ليثبت له هويتها رفعت هاتفها سيستغرق بعض الوقت رفعت هاتفها لدخول ولا تعرف لما أناملها ترتجف وتُخطئ في إدخال البيانات في كل مرة

سمعت شخص من خلفها يضرب التحية لمن أمامها :
أمرني ياطويل العمر وش بغيت ؟

بنزل كفهُ ويدخلها في ثوبه :
حققت معه، تكلم

يتنهد الضابط وهو يقترب اليه هامسا إليه وأذني ميسم تسمع ما يقوله الآخر:
ايه نفس الشي ساكت ولا حتى حرف واحد من أول الصباح إلى الآن ماله أي كلام

يُردف ابسل :
والتحليل ؟

يكمل الضابط حديثه :
ما طلع إلى الآن الى بكرا حاولنا بالمختبر يستعجلون قالوا أنه فيه خلل بأحد الأجهزة وراح يحاولون فيه قبل الفجر على الأقل

المحادثة بينهما زادتها توتر أكبر علمت أنَ عمها جُنيد هو المقصود حاولت الثبات في ردة فعلها وزفرت أنفاس الراحة اخيرًا عند دخولها وإبراز اسمها رفعت الهاتف اليه:
هذا اسمي

التقط الهاتف وقرأ أسمها مره ومرتين وثلاث رفع حدقتيه ينظر إليها ويحاول استيعاب الأسم ودون سابق إنذار اجتاحه ذنب عظيم في جوفه وضع الهاتف في جيب ثوبه ليسير عكس طريقة وبلهجة أمر ك:
الحقيني

اتسعت محاجرها وهتفت بصوت مرتفع مما فعل :
جوالي !!

توقف والتفت ينظر إليها بمقلتين تحمل الحدة في نظرتها:
لا تخافين بعطيك إذا طلعتي ممنوع تدخلين القسم وهو معك مو جايه تشوفين عمك ؟ خلاص الحقيني

عضت على لسانها تحاول الصمود والتغلب على توترها الذي يزداد بين ثانيه وأخرى، صعد الى المصعد لكنها توقفت فكرة أن تصعد مع رجل لوحدهما في المصعد توترها، شتمت نفسها الف مرة داخلها على فعلها سمعته وهو يرفع سبابته أمامه:
شوفي المصعد اللي وراك اضغطي على الدور السادس أنتظرك هناك

أغلق باب المصعد ضحكت ساخرة من فهمه ما يدور في عقلها لتصعد حيث قال وهو ينتظرها
نظرت لمرأه تقف خلفه ليخبرها بلهجة أمر:
فتشيها قبل تدخل غرفة التحقيق

دلفت إلى غرفة قريبة استمعت لأمرها ولم يمر وقت طويل حتى خرجت للدخول الى مكان الذي يتواجد به جُنيد، نظرت لهُ من خلف الزجاج، فُطر قلبها من شكله المرهق وملامح مسودة قد ظهرت بسرعة، غرقت مقلتيها وقلبها بدأ ينبضُ نبضًا مرهق

سمعت صوتهُ القريب من خلفها :
على فكرة ممنوع الدخول لكن لأنك بنت مساعد ومساعد له مكانه بقلبي، عشر دقايق مو أكثر منها وتطلعين

وقفت في مكانها بعد أن أغلق الباب خلفها تنظر لهُ ينظر بشكلٍ مستقيم طوال تلك الساعات خالي الشعور ، شفاف لا وضوح له سمع صوت الباب وظن أنه كالمعتاد لكنهُ صدم مما نظر له تسير بخطوات مربكه قصيرة حتى أستقرت بالجلوس أمامه

غصتُ
في أعماق الهمومِ
حتى أثقلني
العناء
دون أن
تدرك
أنني وحيدة
في معارك لا
أرى لها طريق نهاية
أواجهها
بلا
سندٍ يحميني
وبلا
روحٍ تهديني
وحينما ظننتُ
أن الحلم سيمنحني
العون
انهار وتبدد في
لمح البصر



أطال النظر إليها يريدها أن تتحدث ولكن لا يرى سوى دموع بدأت بالتدفق في مقلتيها أسبل أهدابهُ وزفر كتلة من أنفاسه وصوتٌ متخم:
ماما عوده كيفها؟ درت عني؟

سحبت شهيق عميق وأومأت بالإيجاب بصوتٍ متحشرج:
ما أكذب عليك بس عشان ما أفجعك هي بخير الحين وضغطها استقر بس تحتاج ترتاح أكثر وتبعد عن الاشياء اللي تسبب لها توتر

تغضن جبينه وتقدم بظهره يتسأل بخوف محتم عليها:
ليش شفيها ؟ عرفت باللي فيني!

أنزلت حدقتها إلى كفيه النحيلة المكبلة على حلقة مثبتة في الطاولة :
اغمى عليها لما عرفت وكله مني أنا، أنا السبب كنت رفعت صوتي ما بسامح نفسي طول عمري على صدمتها بالخبر

عاد بظهرهِ وعاد لنفس الهدوء الذي أجتاحهُ من قبل دخولها عليه:
وأنتِ كيف عرفتي ومن وين؟

رفعت عينيها تنظر لهُ ومسحت تلك الدموع التي تمردت وصوتها يختلج :
شفتهم من الشباك وعرفـ..

صمتت كادت أن تقول "عرفت بسبب المخدرات" لكنها كانت أذكى من ذلك خشية أن يسمع أحد من خلف الزجاج، وتعلم بنسبة مئة في المئة أن ذاك ينظر ويستمع إليهما:
وعرفت أنهم مسكوك بس ليش

ابتسم حتى اتضحت صفة أسنانهِ ويعلم أنها تعلم ليكمل تمثيله:
مدري لأن التهمة ماهي لي

التقطت كفهُ وأصبحت تكتب بسبابتها على باطن كفه بحروف كي يجمع الكلمات وتتوقف لثوان بعد الأنتهاء من كل جملة وبكفها الأخرى كانت تمسك بها ايضًا كفهُ الأخرى تودد والابتعاد عن أنظار الكاميرا وأصبحت تتحدث بعشوائية بينما هو علم فعلتها وفطنتها في تشفير الأمور

بدأت بحرف "خ" ثم من بعدها "ذ" وجاء بعد الحرفين " ي" و"ت"
رفعت رأسها تنظر اليه بعد أن توقفت فاومأ برأسهُ وفهم ان الكلمة كانت "خذيت" :
وبعدها قلتوا لمنصور؟

تُكمل الرسم هذه هذه بالكلمة دون الحروف :
بكلمة "رميتهم بعيد عن البيت قبل يومين" أعادت رسم الكلمات حتى أخبرها بكلمة واحدة :
الحمدلله عدت سليمة

ابتعدت ووقفت لتُكمل بصوت واثق:
أنا متأكدة أنك بريئ وأنك على قد وعدك اللي وعدته أبوي صح !

ابتسم بامتعاض يتشعب في صدره :
وصلي سلامي لأمي وانتبهي لنفسك

أومأت له وودعته بقبلة على رأسه خرجت وهي تستودعه الله من كل سوء نظرت له يقف من خلف الزجاج ومن ملامح وجهه يتضح بأنه قد سمع كل شيء لم يعطها الهاتف فقد أعطاها لمن قامت بتفتيشها مسبقاً وتخبرها بأن تأتي معها الى الأسفل تسيرُ خلفها ، لكن صوتهُ من خلفها يخترق أذنها بطريقة حادة :
وش كنتِ تكتبين بكفه ؟

عضت على شفتها تحاول استدراك سرعة النباهة التي لديه ، التفت تنظر ‘ليه وتخبره ببرود تُجرجر بهِ صوتها وأن لا يعلم من خلف هذا الصوت :
يتوهم لك مو في كاميرات تقدر تتأكد، وشكرأ على خدمتك

خرجت مسرعه تلوم نفسها بهذا الضابط:
مدري من وين طلع لي هذا


في غرفة التحقيق دلف أبسل وهو يحمل جهاز الكمبيوتر وبعض الأوراق ليجلس أمامه ينظر إليه يزفر أنفاسه بهدوء:
سبع ساعات وما مليت ماعندك نيه تتكلم ؟ وبنت اخوك كل شي قلته له

يميل جُنيد ثغرة ليبتسم بارتياح تام:
طبعاُ فيه فرق بين الاثنين! تبغى أشرح لك ؟

ابتسم بتهكم وذراعيه تنبسط على الطاولة :
أشرح لي سبب حجرك هنا ماعلينا من بنت أخوك

يخبره بهدوء عميق وكفيه تنقبض على بعضها:
جب لي الدليل وأشرح لك مافي دليل مافي شرح

يخبره بجدية عالية وهو يرفع حاجبيه:
جُنيد لا تتوقع أني أبي لك الشر! أنت غير كل هذا صاحبي خوي عمر ساعدنا عشان نساعدك مو بس أنت حتى الخلية اللي باعت لك هالسم تعرف حاليًا نجهز حملة كبيرة عشان نمسك فيها مروجين المخدرات بكل المنطقة

جُنيد بنبرة خافته مثل خفوت أنوار هذه الغرفه المُعتمة:
تقولها بكل ثقة وكأني صدق أخذتها منهم! قلت لك الدليل وبعدها بقول لك
كل شيء

نظر إليه مطولاً يحاول إخراج الأجابة من ملامحه التي لم تُصدر أي شيء يثير الريبة ، لم يحب مجادلتهُ أكثر يقف ويحمل ما جاء به:
التحليل يثبت كل شي ننتظرة يطلع وبعدها يصير خير

نظر لهُ حتى خرج من الغرفة، انحنى يمسح على ملامحهِ الباهتة وعقلهُ بشكل كامل اتجه إلى والدته وما جرى لها بسببه استمر صامد ولا يزال يحاول الاتزان في الصمود ولا يعلم ما مصيره بعد الآن ولا أحد قد جاء من قسمه ليطمئن عليه.




,
,




يجلس أمامه بملامح متغضنة وغضب يزداد عليه تكاد محاجره أن تخترق عظامه، بينما الآخر يسحب من السيجارة ببرود تام بينما داخله مضطرب إلى حد النخاع، كيف لجرأته أن يطلب لقاءه وكأن ما بينهما أمر عادي

يضع قدم على الأخرى يحاول تهدئة نفسه المضطربة والحروف تخرج بين لسنانة بنبرة غضب:
أخلص علي وش تبغى؟

أنزل السجارة من على ثغره ليطفئها في مطفأة السجائر ينظر له تارة وتارة- أخرى في الرماد الذي ينثره:
شرايك ننزل بالبهو الفندق أجواءهم حلوة

يرمقه بكره وحقد وبغض:
خلصني
أعاد ظهره ببرود يقتل من يجلس أمامه:
أبي أشوفها مهد لها أني حي وأني ما مت، أنا ماني بخير إلا إذا شفتها قدامي.

يبتسم أوس وفكرة جاءت في عقله في لحظتها:
أنا ما عندي مشكلة إني أعلمها، لكن بالتدريج ما راح أرمي كل شيء عليها، لكن عشان يتم هذا عندي شرط

رفع حاجبيه دلالة على الإيجاب ليُردف:
أنت مع معين؟ أقصد الزفت وقيان ولا الثاني! أنا اللي قتلت عمي مساعد أو لا، وليش كنت موجود في ذاك اليوم؟

تلك الأسئلة التي توقع وراهن بين قلبه وعقله بأنه سيطرحها، يبتسم بسخرية لاذعة:
طول ذيك الأشهر تفكر أنك قتلته! ليش ما تتذكر؟ خبري وقت التحقيق قالوا أنك فاقد الذاكرة

عض على لسانه يحاول تجرع الشتائم التي تتدلى من طرفه حتى نطق:
جاوبني على قد سؤالي

يقف مطلق ويسكب له من القهوة السوداء التي قام بصنعها منذ وقت:
"ذا على سالفة القتل ارتاح، ما قتلته لكن اللي قتله ممكن يصدم أحد تعرفه وإذا على وضعي،أنا مستعد أقول لك كل شيء بالتفصيل دانية بنتي، أبي أخذها من سعود أول شيء

يتنهد أوس بضيق ويهتف بنبرة حادة:
دانية على ذمتي، ولا تقدر تاخذها من زوجها إذا كانت راضية معه، عمي سعود ماله ذنب بتزويرك كل من هب ودب زور وفاته!

مد له كوب القهوة وعاد للجلوس ليكمل حديثه:
بقولك كل شيء من قبل ذاك اليوم إلى يوم الحدث وحتى هذا اليوم، وأنت خلك عند وعدك بالمختصر، أنا انعزلت بنفسي وبنيت نفسي بنفسي، يعني وجودي معهم مصلحة لنفسي مو أكثر

لم يفهم أوس ما يقوله لكنه أكمل قوله:
كنت أمشي ورا وقيان وأنا على نياتي، لكن الحين تغيرت أعرف الشخص اللي قدامي إذا يبي لي الشر ولا الخير

يرمقه أوس ولقد فهم ما يجول في خاطره، ليبتسم بتحدٍ ومباغتة:
وأنا وش تشوفني؟

يرتشف من قهوته وكفه اليسرى تربت على كتفه الأيمن ليقول بابتسامة واسعة تحمل من خلفها آلاف المعاني:
زوج بنتي، ولأنك زوج بنتي يعني ذراعي اليمين

رفع سبابته يشير إلى تلك الندبة المشؤومة:
وهذي ليش سويتها فيني؟

عقد مطلق حاجبه:
أنا! أنا ما جيتك وما لمستك ذاك اليوم! أصلاً من دخلوك عنده وهو ميت

لا يريد أن يجادله أكثر ويناقشه ليكون أصغر عقلاً منه، ولا يريد أن يفضح نفسه بشيء يخرج دون استئذان من عقله ضغط على عينيه بسبابته وإبهامه، يحاول رسم ذلك اليوم ويتأكد من هو الذي ضربه، ولكن كل تأكيده بأنه مطلق





فتحت عيناها الثقيلة من صوت الهاتف الذي أفسد نومها في بداياته التقطته من جانبها لتجيب دون أن ترى من هو المتصل حتى جاءها صوت والدتها الغاضب :
أنتِ وينك؟ من أمس أرسل لك قلبي بيطيح من كثر الخوف وأنتِ ولا هامك

جلست تمسح ملامحها بعد أن عرفت أنها والدتها وصوتها المتخن من التعب والارهاق:
هلا يمه

اتسعت حدقتا الجوهرك من صوتها الذي تعرفه حق المعرفة:
وش فيه صوتك تعبانه!

تحدق بشكلها بالمرآة أمامها وملامحها المراهقه والمسودة من التعب:
ارتفعت حرارتي أمس وكنت بالطوارئ عشان كذا صوتي تعبان

ضاقت محاجرها وتعلم حقا أن ارتفاع حرارتها المفاجئ ناتج عن شيء يشغلها:
بنت وش اللي شاغل بالك ! أوس مضايق بشي؟ ولله لو أنه مضايقك لاخذ حقك من عند أنه ولا علي منه

تنهدت من معرفة والدتها السحرية نزلت من السوير تسير باتجاه النافذة:
ما شغل بالي شي بس حسيت بالتعب بنص الطريق ولا تخافين أوس حاشمني ما شفت منه ضيق حتى حولي مانام من أمس وكل شوي يتحسس حرارتي

بالرغم من عدم تصديقها لما تقول ولكن سارت معها بالحديث لتُكمل تحقيقها والسؤال عنها حتى أغلقت، وطوال تلك الدقائق تنظر إليه بالقرب من حمام السباحة تحاول صيد ذلك الذي يتحدث معهُ ولكن لم تستطع رؤية ملامحه.

وضعت الهاتف حملت روبها لتستحم لعلهُ يشعرها ببعض الحيوية
بعد مدة ليست طويلة خرجت واستقبلها بدخوله أبتسم من مظهرها وردت له الابتسامة جلست أمام التسريحة تجفف شعرها، وجلس الآخر خلفها على طرف السرير يخلع حذائه ويسألها بحنو:
أحسن الحين ؟ ما تحسين بشي

نظرت لأنعكاسه في المرآة و همهمت بنعم:
أحسن، بس الصداع ماسك فيني للحين قلت أخذ شاور ينشطني شوي

تذكرت ملامح ذلك الرجل الذي كان معهُ قبل مدة وجيزة، أوقفت ما تفعله التفت تنظر إليه:
أوس توني أشوف رجل معك تحت عند المسبح تسولف معه مين هذا؟

لم تفوت ملامح الرهبة التي ظهرت عليه وقف يحمل حذائه يضعه أسفل الخزانة ودون أن يلتف بالنظر إليها:
واحد من معارفي أعرفه من أيام نيويورك

تغضن جبينها وعادت تسرح شعرها وتنظر إلى انعكاسهِ بالمرآة:
شكله كأنه رجال كبير يعني خمسيني كذا كيف تعرفه من أيام نيويورك!



ابتسم بهدوء عند سماع سؤالها لم تجرب طعم الوحدة قط ولم تذق مرارة الغربة التي عاشها طوال سنواته العشر، ولأن الغربة ليست مجرد كلمة بل هي تجربة قاسية جدًا تنقش في القلب ندوباً لا تُرى،عاد ينظر إليها وبنبرة تجمدت فيها كل المشاعر:
عادي إذا الغربة ما تخليك تعرفين واحد قريب لك بالعمر، الغربة تعلمك الصغير والكبير واحد اهم شي تحصلين اللي حواليك يشبهونك بالأطباع والعادات

وضعت الفرشاة لتخبره بسخرية:
مو منطق واحد كبر أبوك يكون صاحب لك؟

كاد أن يتشاجر معها فما حدث معهُ ايضًا يفقدهُ صوابه، وتأكد أنها تحمل من صفات والدها الكثير، صدح صوت هاتفها القريبِ منه ولكنه تعوذ من شيطانه رفعهُ ونظر إلى أسمه :
عمي يتصل فيك

جاء لهُ ردها إليه مُنفرًا:
مو فاضيه بعدين أتصل عليه

هبط الارتباك على هيئتها تهز قدمها بسرعة وتمشط خصلات الرطبه بعنف واضح عاد للجلوس خلفها بعد أن استبدل ملابسه واستلقى على السرير لعلهُ يأخذه جسدهُ إلى النوم قليلاً:
كلمني وقلت له أنك تعبانه ونايمة وقلت لها لا صحت اتصلت عليك ، وحاولي تشيلين طريقة تفكيرك التعبانه ذي من راسك لأنها بتتعبك و ماراح تفيدك بشي

التزمت الصمت طويلاً لا تعلم ما ذلك الشعور الغريب الذي كان يراودها منذُ الأمس ، حتى نفسها لا تعلم لماذا ذلك الشعور الغريب عليه ، التفت بكامل جسدها تنظر إليه تنهدت والهم يُحاصر قلبها:
ما أقدر ولله العظيم طول الأيام اللي راحت وهذا وضعي ماني قادرة راسي عورني من التفكير الزايد حتى أنا ما أعرف ليش هذي مشاعري له!

لم يفتح عينيه بعد صمت دام لثوان يبرر لها بعشوائية:
تقدرين يا دانية، تقدرين إذا شلتي وسواس الشيطان هذا من راسك صايره نفسيه وفيك تناقضات وما احد ياخذ منك كلمة من هالناحية ، عمي وش ذنبه!

أتسعت لوزيتيها من حديثه ، تُشير على نفسها بشك وسوء ظن ونبرة عاتبه تخرج عنيفة من ثغرها :
اوس أنت تعايرني؟ ماشفت نفسك قبل تتكلم !

رفع رأسه ينظر لها مميلاً ثغرهُ وكتفيه ترتفع بسُخرية بالغة منها :
لا حشى بس انا اخذ مني الموضوع أيام وأسابيع بس انتِ بيوم وليله أنقلب حالك بدون سبب ليش توك تحسين ؟ وينك طول السنين اللي راحت

أكلَ الصمتُ ثغرها، والكلمات تآمرت على الاختباء في أعماقها
بماذا تجيب؟ لا تريد أن تثبت ضعفها أمامه ولا أن يشعر بالخذلان وقفت متظاهرة بالقوة، التقطت الهاتف وجلست على طرف السرير، محاولةً أن تثبت له أنها ليست تلك "النفسية" التي وصفها بها.

كان لسانها مثقلاً بأحاديث تنتظر الإفصاح، لكن نبرة الحنان في صوته كبّلتها وجعلت الدموع تتسلل إلى عينيها وتأنيب الضميرقد اشتعل في أعماقها ولم تجد في نفسها القدرة على النطق

ثجاء صوته الحنون، المعاتب:
ما توقعت الزواج بياخذك ويبعدك عنا، ولا كان ما زوجتك

ابتسمت بهدوء ومسحت دموعها التي انسابَت رغم إرادتها:
ماعليه، بس تعبت شوي وما كنت حول جوالي

سمعت تنهيدة ثقيلة تخترق الصمت شعرت بثقلها يضغط على قلبها أسبلت عينيها تكافح لمنع نفسها من الانهيار، تمنع عطفها على ذاتها وحياتها من أن يتسلل إليها
ثم جاء صوتهُ محملاً بتحذير مبهم، لكن بجدية لا يمكن تجاهلها:
المهم اسمعيني زين، وأنا أبوك، أي رقم غريب يتصل أو يرسل لك، لا تردين عليه، خليه يرن لين يكسر الجوال.

لم تُجيب ماذا عساها أن تقول ! تجرعت من ريقها الكثير ولا تزال تشعر بالجفاف به سمعتهُ يخبرها بأستعجال:
قال لي أوس أنك تعبانه والحمدلله سمعت صوتك وتطمنت عليك، أستانسي بسفرتك ولا تشيلين هم أحد حتى نفسك فمان الله

أغلق المكالمة ليجنبها تأنيب الضمير الذي يثقل كاهله، غير مدرك أن ذنبها يفوق ذنبه أضعافًا مضاعفة
شعرت به خلفها، يحاول أن يلتف حولها بجسده، كأنه يسعى لزرعها في بر الأمان القابع بصدره، لعل دفء حضنه يبدد ذلك الإحساس البشع الذي يطاردها منذ زمن






| يومٌ جديد، جدة |

تعيش الآن أفضل لحظة في حياتها، حيث امتلأت شقتها بحبها الدافئ، قامت بتنظيف كل زاوية بحرص،وصنعت الغداء بيديها بشغف وحماس لا يوصف طلبت إجازة لمدة يومين من عملها، تترقب وصوله القريب بكل شوق
جاءتها رسالة قصيرة نصها ((أنا جاي لجدة يومين السبت، وصولي الساعة وحدة الظهر.. خلينا نجلس مع بعض، ولا أحد يعرف أني جيت))

تلك الكلمات القليلة جعلتها أسعد مخلوق على وجه الأرض في بهذا اليوم انتهت من تحضير كل شيء، كل التفاصيل جاهزة استحمت وسرحت شعرها ببعض المرطبات ليظهر بشكل طبيعي، وضعت مساحيق التجميل بخفة لتعزيز جمالها الطبيعي ارتدت فستاناً عاري الذراعين يُظهر منه بروز بطنها الصغير برقة كأنه يشاركها في انتظار هذه اللحظة السعيدة


خرجت من حجرة النوم على صوت المفاتيح ودخوله إلى الشقة وقلبها يخفق مع كل خطوة تقترب ،اتجه نحو الداخل، ونظر إليها بعينيه الهادئتين وقال:
السلام عليك

وقفت في مكانها وابتسامة واسعة تملأ وجهها، وردت السلام بلهفة لم تستطع إخفاءها.خطت خطوات متقاربة نحوه،وابتسامتها المليئة بالحب تضيء المكان رغم قلة المشاعر التي يحملها في قلبه لها لم ينكر أنه يشعر بشيء من الرحمة تجاه ضعفها وتسلط والدها عليها لم يقصر معها في شيء يحضر لها الهدايا باستمرار ورغم وظيفتها المرموقة وراتبها العالي، إلا أن مصروفها الشهري ينزل لها منه لم يقصر في حقوقها كزوجة، ولم يقصر عند طلبها لشيء يحضره ويأتي عند طلبها المجيء لكن مشاعره كانت ترفض أن تستقر على مشاعرها، وكأنهما قطبان متنافران

نظر إليها وهي ترتدي فستانًا صيفيًا عاري الذراعين بلون أصفر منعش، يعكس إشراقة روحها اقتربت منه، والتفت ذراعاها حول عنقهوقبّلت وجنته برقة، وهمست بحب خالص:
الحمدالله على سلامتك

بعد أن قبّل جبينها ولا تزال كفهُ الدافئة تستقرعلى ظهرها،أجابها بابتسامة خفيفة:
الله يسلمك ، ومبروك حملك

ابتسمت لما قاله وابتعدت خطوة لتنظر إليه بعينيها ونبرة الفرح من تخرج حلقها:
قصدك مبروك علينا الاثنين !

يومئ برأسه موافق على حديثها رفع كفه يمد لها كيس بحجم كبير ولا يزال ثغرهُ يشعر ببعض تأنيب الضمير:
هذي هدية حملك وأنا آسف لما اتصلتي تخبرني ماكُنت بمزاج صافي وكان سيار ولد كِنان موجود عندي

تذكرت ردة فعله البغيضة بنظرها، وأومأت برأسها بهدوء رغم أن نار الغضب كانت تشتعل في داخلها من تصرفه وضعت الصندوق على طاولة الطعام القريبة منها وعيناها لا تزالان مثبتتين على الصندوق تفتح عُقد الشرائط بأصابعها المتوترة، وكأنها تحاول فك تعقيدات مشاعرها مع كل عقدة تتحرر:
حصل خير

يقف قربها يتأمل أناملها التي تفتح الشرائط بعنف فتحت العلبة وظهرت شهقتها على تلك الحقيبة ليبتسم
التفت تنظر إليه بأبتسامة واسعة :
الله أمان ! كيف عرفت أن الشنطه في خاطري من جد صار لي فترة كل مرة أروح فرعهم ما احصلها وكتبت اسمي بالانتظار! وقالوا أقرب موعد بعد أكثر من سنة كاملة تخيل!

جلس على الاريكه ابتسم وهو يخلع حذائه الرياضي:
عطور ما تخبي علي شيء سألتها اذا في حاجه بخاطرك وأرسلت لي صورة الشنطه واسمها وجبتها من فرع دبي كان عندي سفرة عمل جلست فيها يومين وبرضو كانت برضو محجوزة لكن اللي حجزتها كنسلتها أو ما جت وكنسلو حجزها

وضعتها واقتربت تحتضن عضده بعد جلوسها وتقبل كتفه:
حبيبي ما قصرت خيرك سابق ومغرقني دايم الله يزيدك من فضله ويبارك لك فيه ما قلت لي نتقهوى أول ولا تتحمم؟
ربت على كفها ليقف يحمل فردتي الحذاء بيديه:
خليني اتحمم أول ورانا كلام طويل

لم تفهم قوله وما هو معناه أومت لهُ، دلف يستحم وهو يتألم من حماسها ذاك ولكن لا وقت لديه يومين ويعقد قرانه عليها ، خرج يلف المنشفه على خصره ونظر لها منحنية تضع بيجامة أخرجتها لتوها ابتسم من عطائها عليه وتناول المنشفة الصغيرة من يدها:
يعطيك العافيه ماله داعي تتعبين نفسك

رفعت كتفيها بلامبالاة :
تعبك راحه يكفي الايام اللي نجلس فيها الجلسه هذي تنعد بالاصابع الغداء جاهز انتظرك

ارتدى ملابسهُ وضع بعض المسك في أماكن النبض خرج ينظر إلى خفتها بنقل الأطباق وفرحتها الظاهرة نظر حولهُ وهو يجلس على صدرها وهي الأخرى عن يساره:
ما أشوف العاملة ؟ وينها تنامين لحالك!

وضعت صحنهُ بعد أن وضعت بهِ مالذَ وطاب:
لا تخاف وديتها عند خالتي قبل وصولك بساعتين قلت لها إني بروح لبيت أهلي وتعرف أبوي ما يحب العاملات ولا مثل ما قلت ما أنام بالشقه لحالي هي معاي دايمًا

أومأ لها بعد مدة صمت لا صوت بهِ سوى الملعقة والصحن وقد قبلت بها منه جاء قوله:
وحامك كيف؟ تعبك

تخبره وهي تعصر بعض الليمون فوق طعامها:
الحمدالله مو مره ماحسيت بحاجه غريبه ، بس مثل ما تشوف طايحه بالحوامض طيحه وانا اللي ما عمري أكلتها ولا أحبها

سمعتهُ يحمد الله فقط أمرٌ بسيط ولكن جعلها سعيدة لسنة كاملة إلى الأمام أنتهت من طعامها ووضعت ملعقتها تنظر إليه بتمعن:
امان عندك حاجة ؟

رفع رأسهُ ينظر إلى ملامحها ولم يفهم حديثها لتخبرهُ ببعض الحيرة:
أقصد أنك ما تبغى اهلك يعرفون انك جاي على جدة وهذي مو من عادتك !

ابتسم أبتسامة لا معنى لها ولم يرفع عينيه من صحنه :
كل شي في وقته حلو

تُكمل حديثها بنبرة شك واضحة :
اتذكر نفس موقفك هذا لما قررت تنقل لرياض وقتها قلت أبغى أجي جدة بس لا أحد يعرف! قولها من الأخر أنا عارفة أنها حاجة بتضايقني لكن قول

يزفر أنفاسهُ التي تضيق في صدره في كل ثانية أشدُ من قبلها:
باسلة

نبرتهُ بنطق أسمها أكدت لهُ ما يريد أكدت لها أن هُناك موضوع لا يُحتمل أبدأ، حتى أكد ذلك بقوله وهو يحتضن كفها بين كفية:
أنا أسف لكن بكون معاك صريح من البدايه وأنا كنت ناوي هذا الشي من زمان
وبعد صمت دام لوقتٍ شبه طويل:
أنا نويت أتزوج

ركز على ملامحها الساكنة والتي ظلت ساكنة ايضا بعد هذا الخبر لم ترمش، لم تتفوه بحرف ، لم تستوعب حديثة، ولم تشعر بأي شعور قد يرهقها، لأنها من الأساس توقعت جميع الأمور وتوقعت حتى أن ينفصل عنها إلا أنها تتوقع أن يفعل ما قالهُ لتوه !
ضغط على كفها المُحاصرة يردف هامسًا:
أنا أسف يا باسلة بس هذي البنت أول من دخل قلبي حتى قبل ما أشوفها وقبل ما أتزوجك وما صدقت أنها وافقت، أرين اول بنت دخلت قلبي بحياتي

همست بصوتٍ مبهم لا حياة بهِ :
كل هذي المقدمات عشان تقول لي هذا الكلام؟

يبتسم بسخرية من هذا الموقف وكفهُ ترتفع إلى كتفها:
اللي تبغينه بيصير أنتِ أمريني بالموجود بخاطرك وأنا بنفذ اللي ينطق فيه لسانك

سحبت كفها منه ووقفت بسرعة تحاول فعلاً أن تتدارك حديثه "أرين" ذلك الأسم الذي لم تنساهُ أبدًا ولم يذهب من عقلها، هو نفسه الأسم الذي يخطئ به بمراتٍ لا تُعد ولا تحصى ويناديها بهِ دائمًا
لا رغبة لها بالمُجادلة الآن كعادتها بتلك المواقف صامتة ولا يصدرُ منها أي شيء خطت خطواتها إلى غرفة النوم لتُغلق الباب ولكنه صد ذلك الإغلاق
يرتفع صوتهُ بغضبٍ من فعلها:
أنا قلت لك عشان تحطين كل حرتك فيني مو تكتمين مثل عادتك! سوي فرق واحد يخليني أكون محتار! يخليني ممكن أغير رأيي بزواج منها

اتسعت محاجرها من نفاقه عليها لتوه فقط يخبرها بأنه لم يصدق على موافقتها والآن يخبرها بأن تصنع فرق ليغير رأيه !
ضربت صدرهُ بعنف وهي تصرخ :
أي فرق تحكي عنه قول ! فرقي عنها فرق الفقير والغني ! الفرق أنك اخترتها بنفسك وانا أمك اختارتني لك، الفرق انك تحبها لكن انا ماطقيت عني خبر، الفرق أنك سعيت لها وأهملتني وأنا سعيت لك وما اهملتك ولا حصلت منك جواب! ، والفرق أنك بتعطيها حقوقها وتحرمني من حقوقي اللي سعيت بكل عمري عشان أرضيك وأهم واجبات التعدد هو العدل وأنت حتى قبل ماعطيت نفسك وقت تفكر في بالمسكينة اللي صابره عشان كرامتها! عشان ما ترجع تعيش بمذله وبخل أبوها

بكل كلمة ترميها تخترق جزء قد تعطل منهُ منذُ سنوات توقع الغضب منها توقع الصراخ لكن لم يتوقع ابدًا طريقة رميها لتلك الكلمات القاسية عليها ، زفر أنفاسهُ بهدوء أسبل أهدابهُ لينطق بهدوء:
باسلة أسمعيني

جلست على طرف السرير وأنفاسها تتسارع تضيق بشكل مزعج مع وضحها الحالي ليست على استعداد بالمجادلة أكثر الآن اكتفت حقاً مما يجري :
آمان خلاص ما أبغى أسمع شي منك ولا كلمة

أقترب منها يحاول تهدئة الأمر أكثر وقبل أن ينطق بحرف صرخت عليه :
خلاص أطلع ما ابغى اسمع حاجه أطـلع

تركها بمثل ما كانت تريد ولأنهُ يعلم نواياها سحب مفتاح الغرفة وأغلق الباب خلفهُ، ما يريد فعله هو أن يضعها في الأمر الواقع أن تتقبل فكرة زواجه وأن هُناك شخص آخر بحياته رُبما هذا ما يجعلها تترك التعلق بهِ أكثر وأن ترى حياتها دونه.








'
'






لا يعلم كم من الوقت مضى وهو هنا لكن جسده المثقل بالألم يخبره بأنها أكثر من أربع وعشرين ساعة، الإرهاق قد خرق عظامه والصرخة التي تعلو حنجرته تختنق من وطأة الصمت هو لم يعتد هذا السكون الثقيل لكنّه بقي شامخًا، ثابتًا، متمسكًا بقوة إيمانه ويقينه لم يتحرك سوى مرتين، ليؤدي صلواته وينفس عن جسده، لكنه لم يستسلم لليأس عيناه مثبّتتان على نقطة أمامه لا يرى غيرها، هو يعلم جيدًا أن ما حدث لم يكن سوى مؤامرة تهدف إلى إلصاق تهمة له، ورغم ذلك لم يهتز إيمانه ولم يتزعزع يقينه كل شيء كان واضحًا في عقله كصفحة بيضاء

سمع صوت الباب وهو يُفتح رفع عينيه ببطء، ليرى اللواء سليمان يدخل الغرفة بخطوات ثابتة، وفي الخلفية لمَحَ سعود واقفًا لكنّه لم يدخل، ألقى عليه اللواء تحية الإسلام، وردّ عليه بهدوء، بينما جلس اللواء أمامه، مشبكًا أنامله ببعضها

ظل الأثنان يتحاوران بلغة الأعين حتى قطع اللواء سليمان ذلك الحوار:
ماودك تتكلم يعني كيف تحملت أربع وعشرين ساعة

يجيبه بصوت يتضح منه الإرهاق وهو تتنهد:
خلوني أشوف الدليل وابشر بالكلام غيره ماعندي

يزفر اللواء أنفاسه يحاول كبت كامل غضبهِ خلف قلبه:
تكلم يا جُنيد الكاميرات مسكرة اأنا وسعود وسطام الموجودين هنا بس تكلم ماراح ياخذ أحد عليك شي

جُنيد رفع حاجبيه بنبرة يعلم ما خلفها من أمامه:
ماعندي شي اقدرافيدك فيه غير أني محبوس هنا بدون أي دليل قاطع! وما أدري على أي أساس طلوا مذكرة أعتقال وعاثوا في بيتي فساد بدون أي حق منهم ،وهذا أن دل على شي دل على أن فيه خيانات هنا مو خيانة وانا عرفت كيف ابرر للخيانه اللي راح يلصقوني فيها وحلل كلامي يا حضرة اللواء مثل ما تبي

لم يفهم اللواء ما يقصده ولكنه أيضًا لم يريد منه أن يتحدث أكثر خشية وجود أحد بالخارج وهذا ما حدث دخل إحدى الضباط يمد له ورقة ويحدثهُ بنبرة أمر مُقرفة وخبث واضح :
هذا التحليل طلع ورينا كيف ممكن تسكت بعد ما أثبت التحليل أنك فعلاً تتعاطى المخدرات وبالأخص الشبو وهذا راح يعرضك للفصل على فكرة يا أخو مساعد





أنتــــهى

بأنتظار تعليقكم على الفصل، دمتم بود ومحبة


تدّبيج غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 02-09-24, 08:20 PM   #785

عيون كحال

? العضوٌ??? » 493066
?  التسِجيلٌ » Sep 2021
? مشَارَ?اتْي » 37
?  نُقآطِيْ » عيون كحال is on a distinguished road
افتراضي

روايه جميله بانتظارك

عيون كحال غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 03-09-24, 12:14 PM   #786

نون عين

? العضوٌ??? » 520381
?  التسِجيلٌ » Aug 2024
? مشَارَ?اتْي » 6
?  نُقآطِيْ » نون عين is on a distinguished road
افتراضي

فصل صادم بعض الشيء
قرار أرين اللي ممكن يوديها بألف داهيه تتزوج من ورا علم أمها وأخوانها! مايقودها الا مشاعرها
ظهور أبو دانية اول شي جاي يهدد سعود وبعدها جاي يسوي خطه ومع مين مع اوس!
ايش سر أم ابسل؟ ليش يحبسها ويقفل عليها
قفلة جُنيد هل فعلا رح يثبت التحليل أنه مدمن ويطرد من شغله!

دخول شخصيتين بشكل أكبر باسلة وميسم
وش ممكن تنتظرنا أحداث لهم

قلمك جميل ياتدبيج الله يوفقك استمري


نون عين غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 04-09-24, 02:05 PM   #787

هياااام

? العضوٌ??? » 504609
?  التسِجيلٌ » Jul 2022
? مشَارَ?اتْي » 24
?  نُقآطِيْ » هياااام is on a distinguished road
افتراضي

رواية رائعة رائعة واحداث غير متوقعة اتوقع شي ويصير شي ثاني
مظلومة وتحتاج تفاعل اكبر استمري يا مبدعة


هياااام متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 05-09-24, 12:51 AM   #788

هياااام

? العضوٌ??? » 504609
?  التسِجيلٌ » Jul 2022
? مشَارَ?اتْي » 24
?  نُقآطِيْ » هياااام is on a distinguished road
افتراضي

سبحان الله وبحمدلله سبحان الله العظيم

هياااام متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 05-09-24, 09:01 AM   #789

عقد لؤلؤ

? العضوٌ??? » 485619
?  التسِجيلٌ » Mar 2021
? مشَارَ?اتْي » 524
?  نُقآطِيْ » عقد لؤلؤ has a reputation beyond reputeعقد لؤلؤ has a reputation beyond reputeعقد لؤلؤ has a reputation beyond reputeعقد لؤلؤ has a reputation beyond reputeعقد لؤلؤ has a reputation beyond reputeعقد لؤلؤ has a reputation beyond reputeعقد لؤلؤ has a reputation beyond reputeعقد لؤلؤ has a reputation beyond reputeعقد لؤلؤ has a reputation beyond reputeعقد لؤلؤ has a reputation beyond reputeعقد لؤلؤ has a reputation beyond repute
افتراضي

تسلم يمينك تدبيج على الفصل الجميل ❤️❤️..

هذا الفصل فر مخي ????‍???? احداث صادمة..

ما حبيت اسلوب ارين مع عمها سعود عيب هذا مثل أبوك وغير كذا احس هذا الزواج بيوديها في ستين داهية..

امان وأسلوبه مع زوجته في نقل خبر زواجة مسستفز يعني أنا متزوج متزوج رضيتي او ما رضيتي.. خايفه على ارين الخبلة منه يلعب عليها بقصة ولدها..

دانية ي عمري ما تدري تلقاها من اوس وكلامه المتناقض او أبوها الي جايب لها مصيبة او عمها سعود الي اشوفه المظلوم بينهم ، يعني ابوها رماها وهي صغيره وبعد ما كبرت وتزوجت صار يشكك في حب واهتمام عمها سعود و زوجها لها..

جنيد وسالفة المخدرات ???? احترت هو رجع يستخدمها او لا..

وجد ما ادري وش اقول يعني تبغين امك تفقدك لوقت عشان بس تحس بغلاتك وتنفذ طلباتك ????اشوفك تدلعتي كثير ويبيلك من يكسر رأسك..

ننتظر آلفصل إلجأي ي قلبي ????..

" أستغفر الله العظيم رب العرش العظيم"..


عقد لؤلؤ غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 06-09-24, 11:27 PM   #790

هياااام

? العضوٌ??? » 504609
?  التسِجيلٌ » Jul 2022
? مشَارَ?اتْي » 24
?  نُقآطِيْ » هياااام is on a distinguished road
افتراضي

لا اله الا الله وحده لا شريك له
له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير


هياااام متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 04:45 AM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.