آخر 10 مشاركات
زهرة .. في غابة الأرواح (3) * مميزة ومكتملة * .. سلسلة للعشق فصول !! (الكاتـب : blue me - )           »          اللوحة الغامضة (48) للكاتبة: كارول مورتيمور .. كاملة .. (الكاتـب : cutebabi - )           »          6 - خذني - روبين دونالد - ق.ع.ق (الكاتـب : حنا - )           »          السيد والخادمة (104)- غربية- للكاتبة المبدعة: رووز [حصرياً]*مميزة*كاملة & الروابط (الكاتـب : رووز - )           »          أكتبُ تاريخي .. أنا انثى ! (2) *مميزة ومكتملة * .. سلسلة قلوب تحكي (الكاتـب : كاردينيا الغوازي - )           »          استسلمي لي(164)للكاتبة:Angela Bissell (ج1من سلسلة فينسينتي)كاملة+رابط (الكاتـب : Gege86 - )           »          61 - أنتِ لي - هيلين بيانشن - ع .ق (تصوير جديد) (الكاتـب : Just Faith - )           »          في محراب العشق "مميزة","مكتملة" (الكاتـب : blue me - )           »          603 - يائسة من الحب - ق.ع.د.ن ( عدد جديد ) ***‏ (الكاتـب : ^RAYAHEEN^ - )           »          Harlequin Presents - March - 2014 (الكاتـب : Gege86 - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > الروايات القصيرة المكتملة (وحي الاعضاء)

Like Tree7Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 02-02-21, 04:02 PM   #1

هدى الفقي

? العضوٌ??? » 484039
?  التسِجيلٌ » Jan 2021
? مشَارَ?اتْي » 105
?  نُقآطِيْ » هدى الفقي is on a distinguished road
افتراضي ماذا لو .. *مكتملة *


ماذا لو؟ كلمتان أخسروها الكتير، لم تستطيع الاستمتاع بشيء في حياتها بسبب هاتان الكلمتان، لم تُكون رأيها عن شيء بسبب وحشها الكامن بداخلها، فلو أكلت اللحمة لخسرت طعم الدجاج، و لو كسبت شيء لخسرت أشياء بالمقابل.







روابط الفصول

الفصول 1, 2, 3, 4, 5 .. بالأسفل
الفصل الأخير






التعديل الأخير تم بواسطة ebti ; 26-02-21 الساعة 01:04 PM
هدى الفقي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 02-02-21, 04:30 PM   #2

هدى الفقي

? العضوٌ??? » 484039
?  التسِجيلٌ » Jan 2021
? مشَارَ?اتْي » 105
?  نُقآطِيْ » هدى الفقي is on a distinguished road
افتراضي الفصل الأول❤️

الفصل الأول❤️

ركضت بسرعة شديدة، تريد أن تُوقف الزمن، تهرب منهما و من نفسها، تريد ان تتحرر من وحش افكارها، ليتها تستطيع نسيان كل شيء و تعود كما كانت بلا شيء، ليتها لم تعود إلى وطنها مرة أخرى
و لم تعرف بهما.

نور ساطع حجب عنها الرؤية لدقائق، توقف بها الزمن كما تمنت، لم تستطع تحريك قدماها قيد أنملة، ساد الظلام الحالك فلم تسمع شيء،x لم تشعر بشيء، و كأن أخيرًا أمنيتها في الفناء قد تحققت.

قبل ذلك ببضعة أشهر...

هبطت طائرتها أخيرًا على أراضي وطنها الحبيب، و لأول مرة تشعر بهذا الدفء و الحنين لمكان، فطوال عمرها كانت تحيا حياة المغتربين، الأن فقط شعرت بالإنتماء، ظلت تبحث عن حارس جدها، فهو ينتظرها منذ نصف ساعة تقريبًا كما أخبرها جدها عندما كانت تحدثه منذ دقائق، وجدت شاب في منتصف العشرينات،x مفتول العضلات، حنطي البشرة، اسود الشعر، يرتدي بذلة رسمية جعلت من مظهره فاتنًا للغاية، يحمل لافتة مدونّ عليها اسمها الثلاثي.

ذهبت اليه بتردد تقدم نفسها إليه، ابتسم لها الحارس بوقار فور معرفته بها،x ليقول بتهذيب جَمّ و هو يفتح لها باب السيارة:

_ مصر نورت يا رشا هانم.

لا تعلم لمّا نظرت لعينيه و هو يفتح لها باب السيارة، فضول غريب غمرها لتعرف لون عينيه أسفل نظارته الشمسية، تبدو هيئته غريبة لكنه أعجبها، وقفت لثانيتين تنتظر أن يخلع نظارته_لكنه لم يفعل_ ثم ركبت السيارة، لحقها ليجلس على مقعد السائق بعد ان وضع أمتعتها في حقيبة السيارة، بدأت رحلتها للذهاب إلى منزل جدها، أخرجت مرآتها الصغيرة تهندم من مظهرها، فهي و لأول مرة منذ سنوات عديدة تزور منزل عائلة والدها، و يجب أن يروها في أحسن صورة هكذا علمتها والدتها، رتبت شعرها القصير المموج بشكل جذاب، أعادت رسم محدد عينيها البنية لتبدو كالريم في حُسنها، لم يستغرق الأمر منها سوى بضع دقائق حتى أنتهت، لم تجد شيئًا أخر لتفعله فجلست تتأمل جمال المناظر الطبيعية من حولها، كان جدها يسكن في مزرعة صغيرة بإحدى القرى الريفية على الرغم من حالته المادية الجيدة، لكنه لم يستطيع تحمل حياة المدينة الصاخبة، مفضلًا عالمه الصغير كما يطلق عليه.

رأت ملامح المزرعة التي يقطن بها جدها، ما هي إلا بضع دقائق حتى رأت جدها نفسه، نزلت من السيارة بسرعة لترتمي في أحضانه، فيضمها اليه بشدة، لا تعلم لما أجهشت بالبكاء! منذ العديد من السنوات لم يحضنها أحد بهذه القوة، فوالديها لم يهتما من قبل بشيء سوى جمع الأموال، و مظهرهما أمام الناس، لكنهما لم ينتبهوا انهما تركا خلفهما طفلة صغيرة تشتاق لحبهما و حنانهما، أخرجها جدها من أحضانه يحاول مسح دموعها.

_ وحشتيني اوي يا حبيبة جدك، بطلي عياط بقا، انتي بقيتي معايا، و كل حاجة هتكون بخير.

استشعرت صدق كلماته، على الرغم من بعدهما إلا أن روحهما كانتا شديدتا التآلف، و هو من أقترح عليها أن تأتي إلى مصر ضامنًا لها سلامتها من كل أذى يلحق بها، و هي تعلم أنه _كالعادة_ صادق!

كان استقبال عائلتها لها أكثر من رائع، فجدتها أحتضانتها بقوة و هي تتمتم بعض آيات من الذكر الحكيم كي تحميها من شر العيون، و فعلت معها زوجة عمها المثل بل زادت عليها و هي تمتدح _بمبالغة_ جمالها، مرددة:

_ الله أكبر عليكي، ايه الحلاوة دي كلها يا بنتي، دا أنتي ليكي من أسمك نصيب كبير أوي، رشا و أنتي حلوة زي الرشا.

ابتسمت لها بمجاملة، تستكشف بعينيها المنزل و قانطيه، لم ترى حتى الأن عمها أو ولده فكلاهما كانا في عملهما، ربتت جدتها على كتفهاx مُشيرة إليها للذهاب لغرفتها لكي تأخذ قسط من الراحة، و هذا ما كانت تحتاجه رشا في هذه اللحظة، وصفت لها جدتها مكان الغرفة، فذهبت إليها و هي ترى المنزل كما لم تراه من قبل، تحاوطه هالة من الحب و الدفء، و التي تستطيع إستشعارها منذ دخولك إليه للمرة الأولى، كان البيت ذو تصميم بسيط لغاية، مكون من طابقين، كانت تعيش هي و والديها بهذا المنزل من قبل، لذا لم تجد صعوبة في تذكر بعض الأماكن، صعدت السلالم المؤدية للطابق الثاني و هي تتذكر بعض المواقف التي كانت تجمعها بالعائلة عندما كانت صغيرة، وصلت أخيرًا لغرفتها اغتسلت سريعًا تزيل من عليها تعب السفر، ثم وقفت أمام المرأة تتأمل ملامحها، تتلمس وجهها، لم ترى الجمال الأخاذ الذي تحدثت عنه جدتها و زوجة عمها، فقط رأت أمامها فتاة شاحبة ببشرة داكنة، رفيعة للغاية و كأنها مُصابة بالسُل، لم يميزها شيء سوى عينيها الواسعة بلونهما البني الداكن، نفضت عنها أفكارها، وارتدت منامتها القطنية لتقفز على الفراش بحركة هوجاء و تغمض عينيها ذاهبة في نوم عميق.

.........................

أحضرت وليمة كبيرة للغاية أحتفالًا بعودة غاليتها من السفر،
جهزت معظم الأكلات التي ظنت أن حفيدتها ستحبها، نظرت لطاولتها بفخر لما صنعته يداها، أفزعها يد تدغدغ خصرها، شهقت بفزع شديد، بينما تعالت ضحكات زوجها ، و ولدها، و حفيدها المشاكس، نظرت للأخير بعتاب، و هي تضربه في كتفه بصرامة لا تليق بملامحها الحنونة.

_ ينفع اللي انت بتعمله يا شهاب دا ، كل مرة توقع قلبي في رجليا كدا، دي حركات عيال صغيرة مش حركات شاب عنده 25 سنة.

أرجع خصلاته السوداء إلى الخلف، أخذها في أحضانه، ثم رفع يدها إلى فمه يقبلها بحنو، بينما يحافظ على ابتسامته الهادئة كعادته البشوشة، ليجيبها بغرور مصطنع لم يفشل في إضحاكها:

_ انا مهما كبرت صغير يا تيتا، و بعدين لو على حركات العيال، فمفيش أعيل مني.

كادت أن تجيبه بكلمات لاذعة مشاكسة له كعادتهما دائمًا، فعلاقتها بحفيدها العزيز "شهاب" مختلفة، و نادرة، فهما صديقان أكثر من كونهما جدة و حفيدها، فهو طفلها الغالي، الذي حضرت نشأته و تربيته، لذا فالحياة بينهما سهلة و بسيطة، قاطعها خطوات صغيرة،مترددة، تقترب من طاولة الطعام، رفع كل من في القاعة عينيه ليرى الأتي، وجدوها ابنتهم العزيزة العائدة و أخيرًا قد استيقظت، تفحصها شهاب من رأسها حتى أخمص قدميها، ها قد عادت عشق طفولته من جديد، يتعجب بداخله من التشابه الغريب بينهما و الذي كما يبدو أزداد بمرورو الزمن ، فمن يراهما يستنتج ببساطة وجود صلة قرابة بينهما، فالشبه بينهما أكبر من كونهما أولاد عمومة بل كأنهما توأمان، مال بجسده قليلًا على جدته حتى وصل إلى أذنها يهمس لها:

_ لما شوفت الشبه اللي ما بيني انا و رشا، حسيت ان دي إشارة، و حسيت إني هخطبها قريب.

اجابته بنفس طريقته الهامسة هي أيضًا:

_ متفضحناش قدام الأجانب، و بعدين مالك مدلوق كدا ليه، دا أنت أول مرة تشوفها.

ضحك بقوة على حديث جدته، يعلم أنها في قرارة نفسها تتمنى أن يحدث هذا و يجتمع شمل العائلة مرة أخرى بالمصاهرة.

دعت الجدة الله بداخلها أن يكون حفيديها لبعض، فبذلك سيعود ولدها الغائب لأحضانها مرة أخرى، و لن يفترقا أبدًا.

وصلت رشا إلى مكان وقوف جدتها، فهب عمها يحتضانها بقوة، فهي ذكرى من أخيه العزيز، ملس على شعرها بحنان أبوي.

_ الغالية بنت الغالي... أخيرًا شوفناكي وحشتينا يا بنتي و الله، الغربة قستك أنتي و أبوكي علينا أوي.

ثم أكمل بسخرية:

_ و لا الست والدتك كانت منعاكي عننا انتي كمان؟!

نهره والده بعينيه عقب كلماته _التي لا فائدة منها _ فالعائلة كلها يجب أن تعلم أن رشا هربت من تحكمات والدتها و جاءت إلى مصر هاربة منها محتمية في جدها حتى لا يثيرون ضيقها مرة أخرى سيحرص على تنبيه ولده حتى لا يضايقها بعد ذلك، لكن رشا لم ترد على حديث عمها قط، تداركت الجدة حدة الأجواء، فهتفت منادية زوجة إبنها البكري _والدة شهاب_x تستعجلها لإحضار باقي الطعام:

_ يا زينب... يلا يا بنتي هاتي باقي الأكل عادل و شهاب جم.

ما أن أكملت جملتها حتى وجدت كنتها آتية و هي تحمل العديد من الصحون، جلسوا يتناولون الطعام في جو من السكينة و المرح، قامت فاتن _الجدة_ بكل ما بوسعها حتى تنال رضا رشا، فكانت تطعمها من كل شيء أمامها، تقص عليها العديد من الحكايات عن طفولة أبيها، و تشاكسها حتى تجعلها تتأقلم مع الأجواء سريعًا، و لا يبدو إنها ستنجح في ذلك، فرشا لا تتحدث إلا في أضيق الحدود، أمسكت فاتن بزجاجتين من العصير تسأل رشا عما تحب أن تشرب:

_ نور عيون ستك، تشربي فراولة و لا مانجا؟

نظرت رشا حولها و كأنها تبحث عن شخصٍ ما، حتى وقعت عيناها على جدها تستغيث به، أغمض لها جدها عيناها في إشارة منه ليزيل عنها التوتر و تتخذ قرارها، أخذت القليل من الوقت تفكر: تخشى أن تختار أحدهما فلا يعجبها، أكتسبت شجاعة واهنة لتقول
لجدتها بكل ثبات:

_ مش عارفة!

نطقتها بأحباط، فلقد حاولت لكنها لم تستطيع، أثارت إجابتها حفيظة كل العائلة، فهي لا تدري ما تحب!

مسح جدها على وجه بشدة، فهو لم ينتظر هذا منها، لكنه رد نيابةً عنها ليزيل عنها الإحراج.

_ أديها مانجا يا فاتن، رشا بتحب المانجا، هي بس مكسوفة شوية، مع الوقت هتفك معاكم.

ابتسمت له رشا بإمتنان لإخرجها من هذا المأزق، أرمى لها شهاب نظرة غريبة، فهذة الفتاة تثير بداخله العديد من الأسئلة، فهي كثيرة التردد، هادئة بشكل عجيب، عبوسة دائمًا، لكنه أتخذ قراره بالبحث خلفها حتي يجد سرها و ما تخفيه بداخلها.

مد يده هو لها بالعصير، ليقول لها و هو يغمز:

_ طبعا ما هي ملكة جمال العيلة لازم تسأليها تشرب ايه لكن تيجي على شهاب الغلبان و تديه بواقي العصير.

أمسكت رشا الكوب منه بأيادي مرتجفة، لتهمس له بكلمات شُكر مقتضبة، لم يعجبه هذا الهدوء الصادر منها، ليبدأ في مشاكساتها كعادته:

_ بس يا رشا قوليلي الصدق انتي عملتي اي عمليات تجميل هناك في أوكرانيا؟، الصراحة انتي احلويتي جدًا عما كنتي هنا قبل ما تسافروا، دا انتي حتى بقيتي شبهي.

احتقن وجه رشا بالدماء، لتنتفض بعصبية مفرطة، أهو ينتقد شكلها الأن، أمسكت دموعها من الهبوط، لكنها بررت له.

_ و الله ما حصل، مامي أصلًا كانت بترفض اني أروح لبيوتي سنتر، هتوديني لدكتور تجميل!!.

تعالت ضحكات العائلة كلها عليها، فهي ساذجة للغاية، لم تفهم مزحة شهاب الثقيلة، ربتت زوجة عمها على كتفها تخفف عنها توترها .

_ متزعليش يا حبيبتي، دا بيهزر معاكي، لكن تقولي ايه الناس خيبتها السبت و الأحد و انا اللي خيبتي ما وردتش على حد، مخلفه برميل دبش.

أنقلبت الآية لتضحك العائلة على وجه شهاب الذي بدا عليه ألوان الطيف كلها، حاول شهاب تغيير ضفة الحديث، فأخذ يحكي مع رشا عن ذكرياتهما في الماضي هما و "هاشم" ابن الحارس، و لكن للأسف بائت جميع محاولاته في فتح حوار معها بالفشل، لتستأذن في أخر المطاف صاعدة إلى غرفتها، متعللة بتعبها من السفر.

......................

لنبتعد قليلًا عن مصر، بل عن الساحرة السمراء بأكملها، ذاهبين إلى العجوز البيضاء _ لأكبر ثان دولة في شرق أوروبا_ لأوكرانيا حيث السماء الملبدة بالغيوم، على الرغم من لطافة الجو، كانت تشاهد من النافذة منزلها الفاخر حركة الناس في الشارع باستمتاع، ضمت وشاحها الخفيف إليها لتحمي رقبتها من نسمة باردة مرت عليها، أحتضنت حسائها الدافئ بين كفيها تستمد منه الحرارة، فهذا هو المناخ الأوروبي، بارد حتى بالربيع، شعرت بحركة في المنزل خلفها فالتفتت لترى زوجها ينزل الدرج بهدوء كاللصوص، رفعت عينيها بملل من ذلك الرجل، و من حركاته الصبيانية أخرها إرسال إبنتها لمصر بدون علمها، لتصرخ فيه بنبرة أعتادها :

_ ايه يا خالد باشا نازل تتسحب زي الحراميه كدا ليه؟!

تلجلج خالد في الحديث، مسح حبات عرقه المتجمعة على جبهته، حاول تأجيل هذه المواجهة كثيرًا لكن لا مفر منها، أقترب من زوجته بخطوات مرتبكة، ليحاول رسم ابتسامة و هو يكاد أن يقبل جبهتها.

_ صباح الخير يا ...

لم يكمل جملته؛ فلقد ابتعدت عنه في لحظة لتصرخه بكلمات رتبتها جيدًا، فهي جلست مع ذاتها تحضر للمحاكمة التي ستقيمها لزوجها جراء فعلته، وضعت مشروبها جانبًا، فلتبدأ المواجهة .

_ صباح ايه و هباب ايه؟!.. بتخطف بنتي مني و تقولي صباح الخير، فاكر إنك لما توديها عند أبوك مش هعرف مكانها؟! من الواضح اني مليش لازمة في البيت دا، الماس هتقول عليا ايه الست المغفلة اللي متعرفش مكان بنتها .

حاول خالد تبرير موقفه لكنها لم تعطيه فرصة لتباغته بهجومها العنيف عليه.

_ مش زبيدة يسري اللي تصحى من النوم تلاقي بنتها مش في بيتها، إذا كنت نسيت أنا مين، فأنا هفكرك ، و هعلمك ازاي تاخد قرار في حاجة مهمة زي دي من غير ما ترجعلي.

عند هذه اللحظة و لم يتحمل خالد غضبها أكثر من هذا، لذا مسح على وجه بقوة يحاول تهدأت نفسه، فهو يستحمل تسلطها بسبب حبه العميق لها و الذي يجعله ضعيف امامها، على الرغم من كلماتها اللاذعة لكنه لم يستطيع جرحها بكلمة واحدة حتى، لذا ذهب ليجلب لها كوب من الماء حتى تهدأ، أشربها القليل من الماء حتى شعر بهدوئها، جلس أمامها على قدميه، ليحتضن يديها بين كفيه، يحدثها بعقلانية شديدة:

_ الحمدلله إنك هديتي يا حبيبتي، صدقيني يا زبيدة يا نور عيني اللي أنا عملته هو دا الصح، رشا كبرت في السن و لازم تتعالج..

قاطعته بعصبية مفرطة :

_ انا بنتي مش مريضة علشان تتعالج.

نظرة لها بعتاب و لوم، قائلًا:

_ لأ تعبانة يا زبيدة و أنا و انتي عارفين كدا كويس، بس للأسف عنادك دا اللي مخليها حتى مش قادرة تأخد أول خطوات العلاج علشان كدا أنا قررت أسفرها، رشا بقا عندها 23 سنة و لازم تحاول تعتمد على نفسها.

أرجعت رأسها للخلف، تتعمق في تفكيرها قليلًا، فكلامه صحيح بالطبع، فهي سبب من أسباب مرض أبنتها،لكن غرورها لم يسمحلها بتصور ان يحدث شيء مخالف لإرادتها، خاصةً أن لحماها يد في هذا الشأن، فهي تبغض تدخل هذا الرجل في حياتها بحجة أنه والد زوجها، نظرت لخالد مرة أخرى، لتميل عليه بتدلل، فهي ماكرة تجيد معرفة وقت الدلال، و وقت الحدة، حدثته بصوت ناعم:

_ بس برضو مكنش المفروض انها تسافر بالطريقة دي، و انت عارف كويس إني مش هكون مرتاحة و هي بعيدة عني ، على الأقل كنت تقولي إنها مسافرة و نتناقش سوا كعادتنا.

ابتسم لها بحب، مربتًا على رأسها، مجيبًا إياها:

_ في دي معاكي حق يا حبيبتي كان المفروض أقولك، لكن بابا قالي مقولكيش علشان كنتي هترفضي و خصوصًا إنها هتعيش معاه، هو خاف إنك ترفضي.

والد زوجها مرة أخرى، لما هو مُصّر على التدخل في حياة أسرتها لهذه الدرجة، لقد تركت له البلاد بأكملها خوفًا منه، فبعد إصابتها بنزيف شديد عقبه إزالتها للرحم، و هي أصبحت حساسة للغاية تتجنب الجميع، خصوصًا والد زوجها؛ لعلمها بخطته لتزويج زوجها لينجب له ذكر يحمل اسم العائلة كشهاب، لكنها لم تمنحهم سوى فتاة لذى كثُرت بينهما المشاكل حتى وصلت لتمنعها التام من الحديث معه، أفاقت من ذكرياتها على صوت زوجها الخارج إلى عمله، لتأخذ كوبها تستكمل ما كانت تفعله من قبل بلامبالاة.

........................

أخذه والده إلى غرفة المكتب بعد الغداء، يحدثه في بعض أمور العمل، فلم يذهب والده اليوم للعمل حتى يستطع أن يستقبل رشا، و على ذِكر 'رشا'، وبخه والده على ما قاله لها اليوم على الطعام.

_ يعني انت أتجننت يا عادل! بتتريق على بنت أخوك و مراته؟!

رد عادل محاولًا تبرير موقفه:

_ و الله أبدًا يا بابا، و ربنا يعلم أن رشا في غلاوة شهاب عندي، أنا بس مستغرب ايه اللي فكرها بينا دلوقتي؟ و ازاي مامتها وافقت لها إنها تجيلنا تاني؟!

أجابه والده بغموض يحفه:

_ مش لازم تعرف أي حاجة دلوقتي يا عادل، هتعرف كل حاجة في وقتها، بس أهم حاجة متقولش لرشا أي شيء ممكن يضايقها، و أفتكر دايمًا إنها حفيدتي و ليها في البيت دا زيك و شوية كمان.

أومأ له عادل بالموافقة، و لكن أجتمعت بداخله كل ظنون الدنيا، لكنه لا يقدر على قول أو فعل أي شيء، لذا أستكمل مع والده الحديث عن العمل، تاركًا كل شيء لوقته.

.....................

أصبح الفراش أسفله كالجمر، لم يستطيع النوم بسبب عشقه الذي تجدد اليوم، لقد حاول ان يذكرها بعد إنتهاء العشاء بطفولتهما معًا قبل ان تمرض والدتها و يذهبا إلى أوكرانيا بسبب عمل عمه، حاول أن يُحدثها بأي شيء لكنها لم تستجيب له، فتح شرفته قليلًا ينظر إلى حديقة منزلهم الصغيرة نسبيًا بشرود، حتى رأى صديقه العزيز الذي يستطيع ان يبوح له بمكنونات صدره دون أن يخجل أو أن يُوصف الجنون، أرتدى معطفه الخفيف، و هبط السلم بسرعة و كأنه يُسابق الزمن، يريد الحاق به قبل أن يذهب، وجده كما هو واقفًا شامخًا لم يرمش له جفن، أتى من خلفه و في حركة مباغتة صرخ في أذنيه بصوت عالي:

_ هاااااشم.

أنتفض هاشم بقوة، و تراجع للخلف و هو يضع يده على قلبه، وقف قليلًا يحاول استعاب ما يحدث من حوله، فاق من صدمته المؤقتة ليرى شهاب أمامه يكاد يموت ضحكًا، ليقول له و هو يحاول ألتقاط أنفاسه بصعوبة:

_ لازم جدي يشوف هاشم باشا، الحارس بتاعه اللي بيفتخر بيه في كل مكان، و هو هيموت من الخضة كدا.

قبض هاشم على يده بقوة يذكر نفسه أن شهاب ليس فقط أعز أصدقائه، لكنه حفيد السيد كمال رب عمله،x لذا يجب عليه السيطرة على أعصابه، نظر له بغيظ.

_ و انا اللي قولت عليك عقلت، بس اللي فيه داء عمره ما هيبطله، بقا دا منظر راجل عنده 25سنة، ماشي تعمل مقالب بايخة في الناس.

لعب شهاب في شعره، يرجعه للخلف، ليقول بتذمر:

_ هو انتوا مالكم النهاردة حافظين نفس الكلمتين و بتكرروهم، عمومًا أنا كنت جاي أفضفض معاك بكلمتين، لكنك اتضايقت بقا فخلاص.

دار بجسده يهم بالرجوع إلى غرفته، لكنه توقف عندما أستمع لصوت هاشم يعتذر له عن حديثه، ابتسم شهاب بطفولية لا تليق بمظهره، عاد أدراجه مرة أخرى، ليقف بجوار هاشم بادئًا حديثه عنها بحماس كبير:

_ شوفتها يا هاشم، رجعت تاني، كنت متأكد انها هترجع، لما شوفتها النهاردة ما صدقتش نفسي، البنت دي كل ما بتكبر بتبقى شبهي أكتر و بتحلو أكتر.

تمتم هاشم بداخله معلقًا على أخر كلماته قائلًا في نفسه" ما هي المشكلة أنها شبهك".

لكنه ابتسم في وجه شهاب قائلًا له بود يحاول تشجيعه فهو يعلم جيدًا انه يحب ابنة عمه منذ الطفولة:

_ اه يا شهاب انا اللي جايبها من المطار أصلًا، اول ما شوفتها قولت أنها النص التاني بتاعك، انتوا الأتنين هتكونوا كابل روعة.

زادت حماسة شهاب أكثر، ليحكي له أنه قرر سيسافر بعد بضعة أشهر لعمه، ليطلب منه الزواج من رشا، تحدث شهاب عن كل شيء، عن الزفاف، منزلهما، حياتهما، حتى شكل أولادهما، كان هاشم يستمع إليه بحب سرعًا ما تحول لملل فظيع، فشهاب لم يترك تفصيلة إلا و قصها على هاشم، تعجب هاشم بداخله من بلاهة صديقه، متسألًا في نفسه، هل الحب يفعل كل ذلك؟!، و الأهم هل سيصبح هكذا في يوم من الأيام؟ يحكي عن فتاة و يتغزل بها بينما هي لا تدري بوجوده على الكوكب من الأساس؟! ترك أفكاره جانبًا ليشارك صديقه الحديث و الأحلام، و ليته لم يفعل.

... يُتبع

مستنية كومنتاتكم ♥️

Randa Nasry likes this.

هدى الفقي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 02-02-21, 06:59 PM   #3

هدى الفقي

? العضوٌ??? » 484039
?  التسِجيلٌ » Jan 2021
? مشَارَ?اتْي » 105
?  نُقآطِيْ » هدى الفقي is on a distinguished road
افتراضي الفصل الثاني❤️

الجزء الثاني❤️

أنتهى أخيرًا من عمله في مزرعة أبيه، قرر السير حتى المنزل فالرببع على وشك الابتداء و الطقس رائع اليوم؛ لذا ليستمتع به، حركه عقله إلى بعض الأحداث القديمة، عندما تعرف شقيقه على زبيدة و أحبها و تزوجها، و مدى تحكم زبيدة في شقيقه، فهي شخصية متسلطة للغاية، و أخيرًا تلك الفتاة المسكينة التي لا تستطيع اتخاذ أبسط القرارات بمفردها، صدقًا هو لا يعلم لماذا عادت لهم الأن بالتحديد، لكنه متأكد تمامًا أن هذه الفتاة غير طبيعية، لقد مر على إقامتها لديهم أكثر من شهر لكنه لم يراها سوى مرات قليلة جدًا، حتى إنها لم تتحدث مع أحد في المنزل سوى أبيه فقط، أتخذ قراره بالحديث معها أولًا، ثم يأخذ برأي شهاب قبل أن يتحدث مع والده.

وصل إلى المنزل، و كعادته دخل إلى المطبخ ليطمئن على والدته و زوجته، لكنه لم يجد سوى زوجته واقفة في المطبخ تطهو الخضار، تحمحم حتى لا يفزعها، فابتسمت له ابتسامتها المُهلكة له و هي تستقبله.

_ انت جيت أمتى يا حاج؟ و الله ما أخدت بالي خالص من الوقت.

اقترب منها و هو يأخذ أحدى الخضروات النظيفة، قطعها إلى نصفين بيديه، أخذ نصف و أعطاها الأخر و هو يغمز لها قائلًا:

_ هو الواحد كل يوم هيشوف القمر دا واقف في المطبخ بيطبخله و مش بس كدا كمان هياكل من تحت أيده.

ابتسمت له بخجل لا يناسب عمرها الذي تعدى الأربعين عامًا بقليل،
لكنها تصنعت الأندماج في عملها لتغطي على حرجها، فاق من شروده في جمالها الباهر و تذكر ما أتى ليسألها عليه:

_ صحيح يا زينب، ايه أخبار رشا بنت أخويا لسة حابسة نفسها في أوضتها.

تغيرت ملامحها مئة و ثمانون درجة على سيرة 'رشا' فهي تشفق على هذه الفتاة بشدة، فرشا تذكرها بعرائس الماريونيت، فهي لا تتحرك سوى بإذن من جدها، و لا تبتلع شيء حتى يأذن لها جدها، في البداية توقعتها خجولة لكونها في غير منزلها، لكن مع مرور الأيام تأكدت بأن بهذه الفتاة خطب ما، رفعت كتفيها قليلًا لتجيب زوجها بأسى:

_ مبتطلعش خالص من الأوضة يا عادل، البنت دي فيها حاجة غريبة، أبقى شقر عليها و كلمها يمكن تفتحلك قلبها مين عارف.

قبل جبهة زوجته الحنونة، فهي كما يطلق عليها دائمًا رزقه في هذه الدنيا فلولا وجودها لأصبح شخصًا أخرى، حمدالله في سره على نعمه، و خرج ذاهبًا إلى غرفة إبنة شقيقه، لكنه غير إتجاهه في أخر لحظة ذاهبًا إلى ولده، فولده قريب من سنها يستطيع الحديث معها و فهمها بأريحية أكبر، كما إنه يثق بأراء ولده، طرق الباب طرقتين فأذن له ولده بالدخول، أعتدل شهاب في جلسته عندما رأى والده يطل عليه من باب الغرفة، دلف والده إلى الغرفة يسأله عن أحواله و بعض الأعمال، ثم أنقلبت دفّة الحديث لموضوع غاية في الأهمية ألا و هو حالة رشا الغريبة، تحدث معه والده بجدية لم يراها منه من قبل قائلًا:

_ بص يا شهاب، انا عارفك حكيم على الرغم من بعض تصرفاتك الطايشة، لكن الموضوع دا غاية في الخطورة، حالة بنت عمك مش عجباني نهائي، و أنا لو هقدر أساعدها أكيد مش هتأخر، لكن أنت أقرب لها في السن و هتقدر تتكلم معاك من غير احراج.

رقص قلبه طربًا، ففرصة حياته قد أتت له على طبق من ذهب، يستطيع الأن الحديث معها و أخذ خطوة كان يتمنى أخذها من فترة، يستطيع الحديث معها و التمهيد لها عن مدى حبه لها، و ليتها يستجيب.

في صباح اليوم التالي...

لم ينتظر كثيرًا حتى يشرع في تنفيذ مخططه، أرتدى ملابس شبابية تليق به، وضع القليل من عطره المفضل، هندم شعره و ذقنه قليلًا، و ذهب إلي غرفتها و قلبه يهفو اليها، وصل أمام غرفتها يحاول تجميع شتات نفسه و يرتب أفكاره المشتتة، و أخيرًا أخذ قراره و طرق باب غرفتها.. مرة .. أثنين.. ثلاثة .. عشرة .. لا رد، أخذ ينادي باسمها لعلها تستيقظ، لكنه توقف عندما سمع صوتها المتردد يأذن له بالدخول، ظل على وقفته يبتسم ببلاهة فلقد أجابت ندائها، أجابها من خلف الباب بابتسامة و كأنها أمامه.

_ انا شهاب يا رشا.
أذنت له بالدخول بلامبالاة، أستغرب من موافقتها على دخوله لغرفة نومها، لكنه أرجع ذلك إلى نشأتها الأوروبية، رد عليها بمرحه المعتاد:

_ و كمان بتدخلي رجالة أوضتك يا بنت الجبالي، رقصتي و لا لسة يا سعدية.

ما هي سوى دقائق معدودة حتى فتحت له باب الغرفة بمظهرها الطفولي للغاية مرتدية ملابسها المنزلية و التي جعلتها في مظهر فاتنًا_ بالنسبة له على الأقل_ أخرجه من تفحصه لها سؤالها الأبله.

_ وااو هو بابا أسمه الحقيقي الجبالي، و بعدين مين قالك ان اسمي سعدية أنا اسمي رشا عادي.

همس في نفسه " ليه كدا بس .. الجملة دي قادرة أنها تقفلني منك عشر سنين قدام"، تحمحم ليتمالك أعصابه متجاهلًا حديثها السخيف، قائلًا لها بحنان:

_ كنت عايز أكلمك في موضوع مهم، فلو ممكن تلبسي و أنا هستناكي تحت.

لم ينتظر ردها، بل سبقها إلى الأسفل، حركت عينيها بتردد لا تعلم ماذا تفعل، لكنها أخذت قرارها أخيرًا ستنزل للأسفل و ترى ماذا يريد، أرتدت ملابسها و نزلت، وجدته يشاكس جدتهما كالعادة، ما أن أنتبه لها شهاب و جدتهما، حتى ابتسما بإتساع، بدأت جدتها الحديث:

_ أخيرًا نزلتي يا نور عين جدتك، الواحد مش بيشوفك تقريبًا يا بنتي.

أقتربت عليها أكثر، ثم همست لها في أذنيها:

_ قولي يا بنتي لو فيه حد مزعلك و مش مخليكي عايزة تنزلي، قوليلي و متتكسفيش دا بيت جدك مش غريبة أنتي يعني.

أومأت لها بتفهم، لكنها لم تستطيع الشرح عما تشعر به، أنقذها من الموقف صوت شهاب محدثًا جدتهما:

_ جرى أيه يا فاتن، أنا منزل البنت علشان أنا عايز أتكلم معاها، تروحي انتي تاخديها على جنب و هاتك يا لوك لوك في ودانها.

ضربته جدته على كتفه بغيظ، لتجز على أسنانها بغضب، معنفة أياه:

_ يا واد أنت أحترم نفسك، و بعدين أنا كنت بقولها أن حفيدة صاحبتي فاتحة محل حلو أوي بيبيع لبس أكثر من رائع، فكنا هنروح سوى نشوف كام حاجة كدا.

أخذ شهاب بيد رشا، ليقول غامزًا إلى جدته:

_باليل بقا يا فتونة أبقوا روحوا مشواركم، لكن دلوقتي أنا عايز رشا في حاجة مهمة.

سارا معًا تحفهم دعوات جدتهما من كل جانب، تتمنى فاتن بداخلها أمنية و تدعو لتحقيقها قريبًا، كانت تسير رشا بجانب شهاب باستسلام كعادتها، لم تسأل عن شيء، لكنهما خرجا من الباب الخارجي للمنزل، وجدت أمامها نفس الشاب الذي أخذها من المطار، وضع شهاب يده على شفتيه، يحذرها من الحديث، تسحب بهدوء يلكز الشاب في خصره، أنتفض الشاب من وقفته، ثم دار بينهما حديث حاد مضحك، كأنهما طفلان في الرابعة يتشاجران على لعبة ما، تعالت أصوات ضحكتهما عندما أقتربا منها، ليعرفهما شهاب ببعضهما، قائلًا لها:

_ دا هاشم يا رشا، دنجوان المنطقة نموذج للشاب الصايع بتاع البنات.

زجره هاشم بعينيه، ليمد يده لها، قائلًا برقي:

_ طبعًا و لا كأنك سمعتي حاجة، سيبيني أنا أعرفك على نفسي، أنا هاشم إبن عم حسن، كنا بنلعب سوى و أحنا صغيرين، معرفش انتي فاكراني و لا لأ، تشرفت بمعرفتك.

نظرت لشهاب بتردد و الذي بدون وعي منه شاور لها أن تصافحه، مدت يدها ببطيء لتصافحه، شعرت بقشعريرة غريبة تسري بجسدها، لم يختلف شعوره عنها كثير، لم يجدها كما وصفها شهاب له، لكنها ذات جاذبية خاصة، تشدك إليها بتوترها و خجلها، جلسوا على الأعشاب يتمتعون بالهواء العليل، كانت جلسة لطيفة بين أحاديث شهاب المرحة، و كلمات هاشم المعسولة، و ضحكات رشا المستمتعة و بعض تعليقاتها العفوية التي أسرت قلب شهاب و كانت على وشك خطف قلب هاشم أيضًا!

..................
تشعر بوخز شديد في قلبها، و كأن أحدهما يمسك فؤادها بقبضة من حديد، فراق صغيرتها و هربها بعيدًا عنها يؤلمها بقوة، فهي لم تنجب سواها، هي كل مالها في هذه الدنيا، أحتضنت شال فتاتها بحب شديد تشتم رائحتها، في باديء الأمر لم تشعر بغياب رشا لإنشغالها بالعديد من الأمور، لكن عندما عادت للمنزل اليوم و لم تجد رشا في إنتظارها شعرت بمرارة فراقها، و مدى بشاعة أفعالها و التي لم تنتج سوى عن حب شديد لإبنتها، فهي كأي أم تريد الأفضل لطفلتها، لكنها لم تشعر إنها تهد شخصية إبنتها فتجعلها هشة، ضعيفة، لا تستطيع مواجهة الحياة بمفردها، وجدت يد تمسح دموعها الحارقة من وجنتيها، ابتسمت له فبالتأكيد هذا هو "خالد"، على الرغم من كم الصعاب التي واجهتهما لكنه لم يترك يديها قط، وضعت رأسها على صدره ثم أجهشت في بكاء مرير، مرر يده على ظهره مواسيًا إياها، لتنطق بصوت مختنق من البكاء:

_ رشا وحشتني أوي يا خالد، أنا عايزة أخدها في حضني تاني، أنا خايفة إنها متسامحنيش، أنا طلعت وحشة أوي.

ضمه أكثر إلى صدره، يصعب عليه رؤيتها في هذه الحالة، حاول مواساتها ببعض الكلمات.

_ أهدى يا حبيبتي، متشيليش نفسك الذنب، أنا برضو عليا جزء من اللي رشا فيه، كان مفروض أوجهك لما أشوفك بتعملي حاجة ممكن تضر بنتنا، أنا أسف ليكم أنتوا الأتنين.

خرجت من بين أحضانها، تمسح دموعها بأصابع مرتعشة، لتقول له بتصميم:

_ أنا هسافر لها مصر يا خالد، و هجيبها هنا تتعالج، دا مرض نفسي يعني مش خطير أوي، و بعدين فيها ايه يعني إنها مترددة شوية، عادي أنا معاها و هاخد بأيديها و ...

قاطعها خالد بحكمة و تروي.

_ بلاش الكلام دا يا زبيدة أرجوكي، رشا عدت العشرين سنة و لسة متعرفش هي بتحب تشرب عصير ايه، او تاكل ايه، كلها كام سنة و تكون أم، هتعرف تتصرف ازاي مع طفلها، إذا كان هي على طول مترددة!

حكت جانب عنقها بإحراج، فكلام زوجها كله صحيح، لم تدري ما الرد لذا أرتمت بين أحضانه مرة أخرى في صمت تام، فكل قرار أتخذته نيابةً عن فتاتها لم تأخذه سوى بدافع الحب لها، دعت الله في نفسها أن يحفظ طفلتها و زوجها من كل سوء.

...............

رأت نظرات الفرحة على وجه جدها عندما عادت إلى المنزل مرة أخرى و هي تستمع إلى بعض مزحات شهاب، فشهاب لطيف للغاية، جميل بشكل كبير، يأسر قلبها، لا تشعر بمرور الوقت و هي معه، تخلى عن تردده معه، يغمر الأمان قلبها في صحبته، جلسوا للطعام جميعًا، قضت وقت لذيذ للغاية، لم تقضيه من قبل مع والديها، و عندما أعلنت الشمس عن المغيب، ساحبها وشاحها الوضّاء على أستحياء، أصرت جدتها على أخذها إلى متجر حفيدة صديقتها، وافق جدها أمام أصرارها العجيب، لكنها لم تكن متفائلة، فهي لا تستطيع شراء أي ملابس بمفردها، دائمًا كانت والدتها تنتقي لها الأفضل، وضعت يدها على قلبها تخشى من الساعات القادمة.

امسكت جدتها الثوبين بين يديها، لتقول لها و هي تحاورها:

_ها يا رشا اختارتي انهي؟! البني و لا الأزرق؟

وضعت رشا يدها أسفل ذقنها تحكها بقوة قائلة:

_ مش عارفة يا تيتا البني جميل و الأزرق أجمل انتي ايه رأيك.

هتفت جدتها بحماس قوي و هي تتحدث:

_ البني هيكون تحفة عليكي، و كمان البني بيليق أكتر على بشرتك من الأزرق.

اغمضت عينيها بقوة، تحاول ان تفكر للمرة الألف أيهما سيكون اجمل عليها، ماذا لو جلبت أحدهما و كان الأخر أفضل منه؟! قالت بعد تفكير دام لبضع دقائق:

_ خايفة أجيب البني الأزرق يطلع أحلى، و بعدين ممكن البني يكون وحش عليا فعلا.

صمتت جدتها لثوانِ تنظر لها بدهشة، فهذة الفتاة مترددة بشكل كبير جدًا، و أخيرًا تحدثت جدتها مقنعة اياه:

_ خلاص نجيب البني من الفستان دا، و نجيب الأزرق من ستايل تاني.

أعجبت رشا بهذا الأقتراح فوافقت على الفور حتى لا تقع في هذة الحيرة الغير مبررة مرة أخرى.

وقفوا أمام كومة من الفساتين الرائعة، كانت رشا تنظر لهم بشيء من الخوف، حدثتها جدتها بنفلذ صبر فصار لهما أكثر من ساعة و لم تختار :

_ ها يا رشا بقالنا ساعة واقفين أختارتي ايه يا بنتي؟!

قطمت أظافرها بتردد، لتحرك رأسها بالنفي، لتجيبها بتردد:
_ مش عارفة.


وضعت جدتها الفستانين جانبًا، لتسحب رشا من ذراعها بحدة غير متوقعها منها، فهي كانت دائمًا طيبة، بشوشة، أوقفت رشا بأحدى الردهات الفارغة، لتسألها بحدة:

_ فيكي أيه يا بنت خالد؟! مش عارفة تختاري لنفسك فستان، لو كانت أمك مدلعاكي، فالكلام دا مش عندي أنا، فيكي ايه؟! أحنا مش هنتحرك من هنا قبل ما أعرف فيكي ايه؟!

ترقرقت الدموع في عيني رشا، لتتحدث بصوت حزين مختنق:

_ ممكن نتكلم لما نروح البيت طيب؟!

نهرتها جدتها بعينيها، لتصرخ فيها بحدة:

_ مفيش مرواح غير لما أعرف مالك.. انتي مش مظبوطة كدا ليه، كل خطوة و لا حركة ليكي لازم تستأذني فيها و تفكري فيها بدل المرة ألف، أنا عايزة أفهم ايه سبب كل التردد اللي انتي فيه دا؟!

أغمضت عينيها بقوة، تحاول جمع شتات نفسها، لقد حان وقت كشف الحقيقة كاملة، شعرت ببرودة تجتاح أطرافها، و كأنها عارية في ليلة شتوية، تحتاج لوالدتها أو جدها الأن بشدة، ليتها تستطيع أخذ قرارها في هذة اللحظة.


....يُتبع


هدى الفقي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 02-02-21, 08:47 PM   #4

قصص من وحي الاعضاء

اشراف القسم

 
الصورة الرمزية قصص من وحي الاعضاء

? العضوٌ??? » 168130
?  التسِجيلٌ » Apr 2011
? مشَارَ?اتْي » 2,558
?  نُقآطِيْ » قصص من وحي الاعضاء has a reputation beyond reputeقصص من وحي الاعضاء has a reputation beyond reputeقصص من وحي الاعضاء has a reputation beyond reputeقصص من وحي الاعضاء has a reputation beyond reputeقصص من وحي الاعضاء has a reputation beyond reputeقصص من وحي الاعضاء has a reputation beyond reputeقصص من وحي الاعضاء has a reputation beyond reputeقصص من وحي الاعضاء has a reputation beyond reputeقصص من وحي الاعضاء has a reputation beyond reputeقصص من وحي الاعضاء has a reputation beyond reputeقصص من وحي الاعضاء has a reputation beyond repute
افتراضي ماذا لو ..

اهلاً وسهلاً بك بيننا في منتدى قصص من وحي الأعضاء ان شاء الله تجدين مايرضيك موفقة بإذن الله تعالى ...


للضرورة ارجو منكِ التفضل هنا لمعرفة قوانين المنتدى والتقيد بها
https://www.rewity.com/forum/t285382.html

كما ارجو منك التنبيه عندما تقومين بتنزيل الفصول على هذا الرابط
https://www.rewity.com/forum/t313401.html

رابط لطرح اي استفسار او ملاحظات لديك
https://www.rewity.com/forum/t6466.html



هل الرواية حصرية لشبكة روايتي الثقافية ام هي غير حصرية؟



واي موضوع له علاقة بروايتك يمكنك ارسال رسالة خاصة لاحدى المشرفات ...

(rontii ، um soso ، كاردينيا73, rola2065 ، رغيدا ، **منى لطيفي (نصر الدين )** ، ebti )



اشراف وحي الاعضاء


هدى الفقي likes this.

قصص من وحي الاعضاء غير متواجد حالياً  
التوقيع
جروب القسم على الفيسبوك

https://www.facebook.com/groups/491842117836072/

رد مع اقتباس
قديم 03-02-21, 07:27 PM   #5

هدى الفقي

? العضوٌ??? » 484039
?  التسِجيلٌ » Jan 2021
? مشَارَ?اتْي » 105
?  نُقآطِيْ » هدى الفقي is on a distinguished road
افتراضي الفصل الثالث❤️

وضعت جدتها الفستانين جانبًا، لتسحب رشا من ذراعها بحدة غير متوقعها منها، فهي كانت دائمًا طيبة، بشوشة، أوقفت رشا بأحدى الردهات الفارغة، لتسألها بحدة:

_ فيكي أيه يا بنت خالد؟! مش عارفة تختاري لنفسك فستان، لو كانت أمك مدلعاكي، فالكلام دا مش عندي أنا، فيكي ايه؟! أحنا مش هنتحرك من هنا قبل ما أعرف فيكي ايه؟!

ترقرقت الدموع في عيني رشا، لتتحدث بصوت حزين مختنق:

_ ممكن نتكلم لما نروح البيت طيب؟!

نهرتها جدتها بعينيها، لتصرخ فيها بحدة:

_ مفيش مرواح غير لما أعرف مالك.. انتي مش مظبوطة كدا ليه، كل خطوة و لا حركة ليكي لازم تستأذني فيها و تفكري فيها بدل المرة ألف، أنا عايزة أفهم ايه سبب كل التردد اللي انتي فيه دا؟!

أغمضت عينيها بقوة، تحاول جمع شتات نفسها، لقد حان وقت كشف الحقيقة كاملة، شعرت ببرودة تجتاح أطرافها، و كأنها عارية في ليلة شتوية، تحتاج لوالدتها أو جدها الأن بشدة، ليتها تستطيع أخذ قرارها في هذة اللحظة.

أجهشت رشا في بكاء عنيف، هي مترددة كثيرًا الأن، لا تدري أتقول لها ما بها فتغضب والدتها، أم تصمت و تغضب جدتها، لم تجد مهرب سوا كلمتها السحرية "جدها"، مسحت دموعها بيديها تحاول إقناع جدتها بالعدول عن تصميمها.

_ تيتا أرجوكي، أنا مش عارفة أعمل ايه دلوقتي، أرجوكي خلينا نروح و جدو هيقول لحضرتك على كل حاجة.

تراجعت فاتن عن تصميمها، نظرة الرجاء و الذل في أعين حفيدتها ألمتها كثيرًا، لكنها لا تدري ماذا تفعل، أتنتظر حتى يعودوا للمنزل؟! لكنها تعلم أن زوجها لن يقول لها شيء، أم تضغط على حفيدتها أكثر من ذلك فتنهار! أخذت قراره بالإنتظار حتى العودة للمنزل فهذا هو أسلم حل، نظرت لحفيدتها المنهارة بشيء من الحدة.

_ أمشي قدامي يا بنت خالد، و لما نروح لينا كلام تاني.

مسحت رشا دموعها بسرعة، ارتفع صوت تنفسها، كأنها طير فُك أسره للتو، لقد كانت مُحاصرة بأسئلة جدتها، لكنها تدري أن جدها سيفعل ما يراه صحيح، لم يشتروا شيء بل عادوا إلى المنزل في صمت تام.


.......................................

طوال الطريق لم تفكر بشيء سوى بوالدتها، الشعور السيء الذي شعرته اليوم جعلها غاضبة من والدتها فهي السبب في ما هي فيه الأن، أسندت رأسها إلى باب السيارة و عادت بذاكرتها إلى وقت ليس بقريب، عندما كانت صغيرة مدللة من والدتها، كانت والدتها تخشى عليها من النسيم أن يخدش روحها.

تذكرت لها عدة مواقف أولها عندما كانت في الرابعة عشر من عمرها، كانت مراهقة وحيدة، لم يكن لها أصدقاء أو أقارب في هذة البلاد الغريبة عنها، كانت تريد أن تذهب لشراء بعض الأشياء لها، أخذت مع والدتها بعض الوقت لتذهب معها لأحدى المراكز التجارية الشهيرة، كانت تنظر إلى الملابس بإنبهار فكل شيء جميل للغاية، وقفت أمام أى القمصان تطالعه بإعجاب، ذهبت لوالدتها لتريها اياه.

_ مامي أيه رأيك في القميص دا حلو مش كدا؟!

طالعتها والدتها بنظرات تقيمية من أعلى لأسفل، لتقول لها بتهكم:

_ وحش جدًا يا رشا، كام مرة قولتلك سيبي لي أنا موضوع لبسك دا.

نظرت رشا للأرض بخجل، لتنطق بصوت خفيض بالكاد سمعته زبيدة:

_ سوري يا مامي بس القميص دا عجبني جدًا و نفسي أشتريه ممكن؟!

طالعتها زبيدة بغضب عارم، قائلة:

_ رشا! أنا مامتك و طلما قولت على حاجة لأ يبقى لأ، أنا أكبر منك و أعرفك عنك، و بعدين الناس هتقول إيه لو شافتك بالشميز الوحش دا؟!.

وضعت رشا القميص بموضعه بحزن شديد، وضعت زبيدة يدها على كتفي إبنتها تحتضنها بحب، هامسة في أذنها ببعض الكلمات واعدة أياها بقميص ألطف مما جلبت، أخذتها بعد ساعات عديدة في التسوق إلى إحدى المطاعم لتناول الطعام، أخذت رشا قائمة الطعام ترى ما ستجلبه من هذا المطعم الرائع، وضعت قائمة الطعام على الطاولة لتتحدث بحماس:

_ مامي، أنا قررت هطلب ايه.

نظرت زبيدة لها بنظرة حنونة قائلة:

_ بلاش يا حبيبتي تطلبي أنتي، أنا هطلبلنا حاجة تعجبنا أحنا الأتنين، أخاف تطلبي حاجة و متعجبكيش في الأخر.

لم تجد رد كالعادة، فقط هزت رأسها بالمواففة، كانت هذة حياتها لم تتخذ قرار فيها قط، كل ما تراه والدتها صواب تفعله بدون نقاش، لم تتذكر إنها أختارت يومًا شيئًا بنفسها، حتى مجال دراستها لم تختاره هي، لم تعطيها والدتها فرصة لأخذ أي قرار في حياتها، فوالدتها أكبر منها عمرًا و تدري أكثر منها بكثير، أما هي فلم تخوض اي تجارب من قبل، و لن تخوض!

فاقت على صوت غلق باب السيارة بحدة علمت منها كم الغضب الذي بداخل جدتها، نزلت هي الأخرى من السيارة بهدوء، و ترقب.

دخلت فاتن مباشرة إلى المنزل، بينما وقفت رشا في الحديقة قليلًا لتجمع شتات نفسها، أفزعها صوت هاشم الأتي من خلفه قائلًا بهدوء:

_ يا سعدي يا هنايا، شوفت رشا هانم مرتين في يوم واحد.

كعادتها تلجلجت في حديثها، لتفرك أصابعها، مجيية إياه بتوتر:

_ شكرًا.

أطلق ضحكة عالية، صدحت صداها في الأرجاء، عضت على شفتيها بحنق من نفسها، خشت أن تكون اخطأت بشيئًا ما، حاول هاشم التخفيف من حدة توترها، فصار يلقي عليها بعض المواقف الطريقة عليها، و للعجب إنها استجابت لأحاديثه الطريفة!

وقف في شرفة غرفته يطالع ما يحدث بالأسفل بغضب، يبدو أن صديقه سينقلب لغريمه، لكنه شهاب السريع دائمًا، في الصباح سيطلبها للزواج من جدها فهو ابن عمها و أولى الناس بها، أغلق باب الشرفة ، ليدخل إلى فراشه يحاول الهناء بنومًا عميق.

.....................

نظر لها بنظرة أخرستها، ندم الأن على الإفشاء بسر حفيدته، ليقول لها بشيء من الحدة:
_ انتي عايز حفيدتي انا تروح لدكتور مجانين، حفيدتي أعقل العاقلين، أنا هتصرف معاها و أعالجها.

عضت على شفتيها بتفكير فهي تعلم بتفكير زوجها، لكن الأمر الأن يتوقف على صحة حفيدتها الغالية، مسدت على كتفه بحنو تحاول إمتصاص غضبه بذكاء.

_ بس انا مقصدتش كدا يا حاج، كل الحكاية ان فعلا البنت مبتقدرش تاخد ابسط قرارتها لوحدها، و أنت كمان يا حاج يعني مش دكتور، كل المعلومات اللي عندك دي أنت واخدها من خالد أصلاً، أنا خايفة الموضوع يتطور معاها.
التفت لها زوجها بدهشة فهو لم يفكر بهذه الطريقة، بدا على وجه علامات التفكير و التي سرعان ما أختفت، ليكمل بعنجهية:


_ أنا عارف الحل يا فاتن، اللي كانت تعبها هو وجودها مع إبنك البارد و مراته المتسلطة دي، انا نزلتها تيجي تعيش معانا علشان تبعد عنهم، هي هتخف تدريجي مش مشكلتك دي، أنا عارف أنا بعمل إيه كويس.

رفعت كتفيها بإستسلام لا تدري ماذا تفعل لكنها بالتأكيد ستأخذ موقف حاسم، حتى لو غضب زوجها.

..........................

وضع يده أسفل رأسه، ينظر إلى سقف غرفته بشرود، على وجهه ابتسامة بلهاء، اليوم هو الأسعد في حياتها، فاليوم فقط وجد نصفه الأخر، على الرغم من غموضها الذي يثير في نفسه العديد من التساؤلات، لكنها لم تكن كالفتيات الاتي رأهن من قبل ، فلم تكن جميلة كفينوس، أو حنونة كأغنية لفيروز، او ذكية كإياس، او ماكرة كدليلة، او لبقة كمي، لكنها قادرة على سرقت قلبه بنظرة من عينيها المترددة دائما، او عندما تنطق أسمه بحنان ينسيه العالم، كانت كما يريد ، مختلفة و فاتنة.

عبست ملامحه عندما تذكر شهاب، فهو صديقه منذ الطفولة، عاشا معًا العديد من المواقف الصعبة، لكنهما لم يفترقا لأي سببٍ كان، أيكن خائن؟! و لكن هل تُعد مشاعره خيانة، فهو إنجذب لها، وجد بها ما لم يجده بأخرى، لقد شعر منها هي الأخرى ببعض الإعجاب، سيكون أنانيًا لمرة واحدة في حياته و يأخذ ما يريد، حتى لو على حساب أعز أصدقائه.

..............................

سارت على أطراف أصابعها، تخشى أن تفعل أي ضجة فيستيقظ زوجها، أغلقت باب الغرفة بهدوء، تخشى أن يستيقظ أحد فالوقت لايزال مبكرًا، طرقت على باب غرفة نوم ولدها بخفوت، ما هي سوى دقائق معدودة حتى فتح لها ولدها الباب بمظهره الغير مهندم، تعلم أنها ايقظته لكن الموضوع خطير، حدثته بخفوت:

_ معلش يا عادل يا حبيبي صحيتك بدري كدا لكن أنا عايزاك في حاجة مهمة، خش أغسل وشك و فوق كدا، و أنا هستناك تحت متتأخرش عليا.

ذهبت والدته قبل أن يسألها أي شيء، ذهب يفعل روتينه الصباحي بسرعة و قلق، فحديث والدته لا يُبشر بالخير، نزل للأسفل بسرعة لا تتناسب مع سنه، جلس بجوار والدته يلتقط أنفاسه بصعوبة ليقول بعد عدة دقائق:

_ خير يا أمي قلقتيني فيه ايه؟!

فركت يديها بحرج، تخجل مما هي مقبلة عليه، فهي لم تكذب على زوجها من قبل قط، لكن للضرورة أحكام.

_ بص يا عادل، اول حاجة أنا مش عايزة أبوك يعرف أي حاجة عن اللي إحنا هنتكلم فيها، تاني حاجة الموضوع يخص بنت أخوك أنا خايفة عليها أوي.

توترت ملامح عادل، ليضبط جلسته و هو يتساءل بلهفة و قلق:

_ مالها رشا بس يا أمي؟! أرجوكي ادخلي في الموضوع على طول أنا على أعصابي.

لم تساعدها الكلمات في شرح ماذا تريد، فقصت عليه حديثها مع زوجها و هي تدعو أن يفهمها.

_ أبوك قالي إن خالد جاب رشا هنا من ورا زبيدة، علشان زبيدة جابت للبت يا عيني حالة نفسية، و كمان مش عايزة تعالجها، فخالد أخوك لما لاحظ ان الموضوع بدأ يتطور مع رشا، بعتها لأبوك علشان يعالجها، بس أبوك مش راضي يوديها عند اي دكتور نفساني خايف من كلام الناس.

ركز عادل نظراته بإهتمام على والدته، ليقول بجدية:

_ كنت متوقع كدا رشا تصرفاته ماكنتش مفهومة نهائي، طب حضرتك عايزاني أكلم بابا في موضوع انها تروح لدكتور؟!

نطقت بهلع:

_ لا أوعاك تجيب سيرة لأبوك، أنا عارفاه هيعند بزيادة، أنا هقولك هنعمل ايه.

..........................

اجتمعوا جميعًا على مائدة الإفطار في جو يسوده الحب و الدفء، قطع صمتهم حديث "شهاب" لجده:

_ لو سمحت يا جدو أنا عايز حضرتك في حاجة مهمة بعد الفطار.

نظر له جدها بلامبالاة ليقول باستعجال:

_ تمام يا شهاب هستناك بعد الفطار على طول لو اتأخرت زي عادتك أنا هروح الشغل و لما نرجع نبقى نتكلم.

رمى شهاب المنشفة الخاصة بالطعام على الطاولة سريعًا، ليهب واقفًا.

_ تسيبني و تمشي ايه دا أنا اموت فيها، أنا خلصت خلاص و هستنى حضرتك في المكتب.

جرى على غرفة المكتب، حتى إنه تعثر في طريقه و أحتضن الأرض بكفيه في مشهد درامي رائع أضحك الجميع، لكنه لم يلتفت لهم .. بل أمسك أسفل ظهره بألم ليكمل سيره إلى غرفة المكتب.

ما هي سوى دقائق معدودة حتى أستمعوا إلى صوت طرقات على الباب، ذهبت زينب لتفتح الباب، فوجدته "هاشم"، ابتسمت بسعادة لتمسك يده تقوده لطاولة الطعام، قائلة:

_ حماتك بتحبك يا واد يا هاشم، تعالى أفطر معانا.


شكرها بأدب جديد عليه، مال برأسه قليلًا يتحدث مع الجد بصوت هامس:

_ لو سمحت يا حاج أنا عايز حضرتك في حاجة مهمة بعد الفطار.

مشطه الجد من رأسه حتى أسفل قدميه، ليرفع كتفيه بدهشة.

_ خش استناني جوا في أوضة المكتب، و أنا خمس دقايق و أجيلكم.

ذهب هاشم بسرعة فائقة إلى غرفة المكتب ليقول الجد في نفسه بتعجب" ايه العيال الهبلة دي!" ، قاطع أفكاره صوت ولده" عادل".

_ لو سمحت يا بابا كنت عايز استئذنك إني هاخد ماما النهاردة للدكتور علشان نتابع موضوع ركبها اللي وجعاها.

ضيق الجد عينيه بشك، نظر إلى زوجته بتوعد لكنها نفت برأسها ما يفكر به، فكر لدقائق ثم أومأ موافقًا.

_ روحوا تمام بس أرجع الاقي فاتن في البيت، أنا الحمدلله شبعت، هروح أشوف العيال الهبلة دي عايزين مني ايه.

قام من مجلسه معلنًا إنتهاء الإفطار، ذاهبًا إلى الجحيم بقدميه.

......................................

جلس هو و والدته أمام الطبيب الشاب بعد ما قصوا عليه تصرفات " رشا" الغريبة، تنهد الطبيب بشفقة على تلك الفتاة المسكينة، ليخلع نظارته بتعب ليصدمهم بكلامه.

_متلازمة ابولوماينا، أو متلازمة التردد، دا تشخيص حالة بنت أخو حضرتك.

سألته فاتن بابتسامة مرتعشة من الخوف:

_ معلش يا ابني أعذرني، أنا مش فاهمة حاجة خالص من اللي أنت بتقولها.

أرتدى الطبيب نظارته مرة أخرى، ليتحدث بنبرة أكتر عملية:

_ متلازمة ابولومانيا، دا مرض نفسي بيصيب الشباب نتيجة التربية المتسلطة اللي أتربوها، فمثلًا الأباء مبيدوش فرصة لأولادهم إنهم ياخدوا قرارات، فدا بيدي للطفل إنعدام ثقة في قراراته فيكون متردد، لدرجة أنه مبيقدرش يأخد أبسط القرارات لنفسه زي مثلًا هياكل ايه أو هيشرب ايه، و بالتالي المريض مبيكونش حاسس بمرضه أصلًا لأن دا الطبيعي بالنسبة له إن فيه حد دايمًا بياخد عنه قراراته، حفيدتك يا حاجة محظوظة إن عندها أهل زيكم مهتمين بعلاجها.

هزت فاتن رأسها له بصدمة، إنتابها شعور رهيب بالذنب، فهي ضعطت عليها كتيرًا تلك الليلة في متجر الملابس.

أستفسر منه عادل على بعض الأشياء، ثم ذهب واعدًا الطبيب بزيارة أخرى قريبة بصحبة رشا.

ركب عادل السيارة و بجواره والدته الشاردة بذهنها، حاول التخفيف عنها، ليقول بمرح:

_ بس ايه يا فتونة الحلاوة دي، بتعملي خطط و حوارات، و بتروحي لدكاترة نفسيين.

ثم أكمل بجدية:

_ حقيقي يا أمي، أنا فخور بتفتح عقلك دا، و إنك معملتيش زي أبويا و قولتي كلام الناس و كدا.

ملست فاتن على ذراعه بحنو، تمسح دمعة فرت من عينيها، لتقول بحنو:

_ أعز من الولد ولد الولد يا بني، و أنا يصعب عليا أشوف نظرة التوهان دي في عيون بنت خالد، مش كفاية كانت متغربة عني معظم عمرها، و لما ترجع يكون دا حالها.

أشفق عادل على حالها، فأحتضانها مواسيًا إياها، هامسًا لها بأن كل شيء سيكون بخير.

.........................................

جلس الجد على مكتبه بملل، فهو جالس منذ ما يزيد عن نصف ساعة أمام هذين الشابين بدون حديث، فقط نظرات غاضبة مسلطة من شهاب لهاشم، و نظرات معتذرة من هاشم لشهاب.

غضب الجد من سكونهما الزائد عن حده، ليلملم أوراقه بغضب.

_ أنا غلطان أصلًا إني قاعد مع عيال زيكم، بقالي نص ساعة قاعد و محدش فيكم كلمني و لا عبرني، بس دي غلطتي من الأول إني عملتلكم قيمة و جيت أشوفكم عايزين إيه.

أمسكه شهاب يحاول تهدأته، لكنه نفض يدي شهاب سريعًا صارخًا فيه:

_ متجيش جنبي، قولولي عايزني في ايه و خلصوني عايز أمشي.

مرت برهة سكون على الغرفة، ثم صدح صوتي شهاب و هاشم معًا في نفس الوقت.

_ أنا عايز أتجوز رشا.

_ أنا جاي أتقدم لرشا.

.......................

فينوس: إله الحب و الجمال عند الرومان.

إياس: هو إياس بن معاوية المزني كان قاضيًا في البصرة و هو يعد من التابعين و يضرب به المثل في الذكاء.

دليلة:ذُكرت في الأسطورة الشعبية"علي الزيبق" كفتاة محتالة ماكرة فصار يُقال "أمكر من دليلة!".

مي: مي زيادة هي أديبة و كاتبة عربية وادت في فلسطين و كانت تعرف باللباقة و التألق.

متلازمة أبولومانيا: تعبر المتلازمة عن إرادة الشخص الضعيفة و التردد المفرط في إتخاذ القرارات اليومية العادية مثل تناول الطعام.

يرجع بعض الأطباء المتلازمة نتيجة للأسلوب القمعي في التربية، مما يؤدي إلى شك المريض دومًا بقدرته على أتخاذ القرارات.

......يُتبع

مستنية آرائكم في الشخصيات و الأحداث❤️

Randa Nasry likes this.

هدى الفقي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 03-02-21, 09:50 PM   #6

هدى الفقي

? العضوٌ??? » 484039
?  التسِجيلٌ » Jan 2021
? مشَارَ?اتْي » 105
?  نُقآطِيْ » هدى الفقي is on a distinguished road
افتراضي

الفصل الثاني❤️

أنتهى أخيرًا من عمله في مزرعة أبيه، قرر السير حتى المنزلx فالرببع على وشك الابتداء و الطقس رائع اليوم؛ لذا ليستمتع به، حركه عقله إلى بعض الأحداث القديمة، عندما تعرف شقيقه على زبيدة و أحبها و تزوجها، و مدى تحكم زبيدة في شقيقه، فهي شخصية متسلطة للغاية، و أخيرًا تلك الفتاة المسكينة التي لا تستطيع اتخاذ أبسط القرارات بمفردها، صدقًا هو لا يعلم لماذا عادت لهم الأن بالتحديد، لكنه متأكد تمامًا أن هذه الفتاة غير طبيعية، لقد مر على إقامتها لديهم أكثر من شهر لكنه لم يراهاx سوى مرات قليلة جدًا، حتى إنها لم تتحدث مع أحد في المنزل سوى أبيه فقط، أتخذ قراره بالحديث معها أولًا، ثم يأخذ برأي شهاب قبل أن يتحدث مع والده.

وصل إلى المنزل، و كعادته دخل إلى المطبخ ليطمئن على والدته و زوجته، لكنه لم يجد سوى زوجته واقفة في المطبخ تطهو الخضار، تحمحم حتى لا يفزعها، فابتسمت له ابتسامتها المُهلكة له و هي تستقبله.

_ انت جيت أمتى يا حاج؟ و الله ما أخدت بالي خالص من الوقت.

اقترب منها و هو يأخذ أحدى الخضروات النظيفة، قطعها إلى نصفين بيديه، أخذ نصف و أعطاها الأخر و هو يغمز لها قائلًا:

_ هو الواحد كل يوم هيشوف القمر دا واقف في المطبخ بيطبخله و مش بس كدا كمان هياكل من تحت أيده.

ابتسمت له بخجل لا يناسب عمرها الذي تعدى الأربعين عامًا بقليل،
لكنها تصنعت الأندماج في عملها لتغطي على حرجها، فاق من شروده في جمالها الباهر و تذكر ما أتى ليسألها عليه:

_ صحيح يا زينب، ايه أخبار رشا بنت أخويا لسة حابسة نفسها في أوضتها.

تغيرت ملامحها مئة و ثمانون درجة على سيرة 'رشا' فهي تشفق على هذه الفتاة بشدة، فرشا تذكرها بعرائس الماريونيت، فهي لا تتحرك سوى بإذن من جدها، و لا تبتلع شيء حتى يأذن لها جدها، في البداية توقعتها خجولة لكونها في غير منزلها، لكن مع مرور الأيام تأكدت بأن بهذه الفتاة خطب ما، رفعت كتفيها قليلًا لتجيب زوجها بأسى:

_ مبتطلعش خالص من الأوضة يا عادل، البنت دي فيها حاجة غريبة، أبقى شقر عليها و كلمها يمكن تفتحلك قلبها مين عارف.

قبل جبهة زوجته الحنونة، فهي كما يطلق عليها دائمًا رزقه في هذه الدنيا فلولا وجودها لأصبح شخصًا أخرى، حمدالله في سره على نعمه، و خرج ذاهبًا إلى غرفة إبنة شقيقه، لكنه غير إتجاهه في أخر لحظة ذاهبًا إلى ولده، فولده قريب من سنها يستطيع الحديث معها و فهمها بأريحية أكبر، كما إنه يثق بأراء ولده، طرق الباب طرقتين فأذن له ولده بالدخول، أعتدل شهاب في جلسته عندما رأى والده يطل عليه من باب الغرفة، دلف والده إلى الغرفة يسأله عن أحواله و بعض الأعمال، ثم أنقلبت دفّة الحديث لموضوع غاية في الأهمية ألا و هو حالة رشا الغريبة، تحدث معه والده بجدية لم يراها منه من قبل قائلًا:

_ بص يا شهاب، انا عارفك حكيم على الرغم من بعض تصرفاتك الطايشة، لكن الموضوع دا غاية في الخطورة، حالة بنت عمك مش عجباني نهائي، و أنا لو هقدر أساعدها أكيد مش هتأخر، لكن أنت أقرب لها في السن و هتقدر تتكلم معاك من غير احراج.

رقص قلبه طربًا، ففرصة حياته قد أتت له على طبق من ذهب، يستطيع الأن الحديث معها و أخذ خطوة كان يتمنى أخذها من فترة، يستطيع الحديث معها و التمهيد لها عن مدى حبه لها، و ليتها يستجيب.

في صباح اليوم التالي...

لم ينتظر كثيرًا حتى يشرع في تنفيذ مخططه، أرتدى ملابس شبابية تليق به، وضع القليل من عطره المفضل، هندم شعره و ذقنه قليلًا، و ذهب إلي غرفتها و قلبه يهفو اليها، وصل أمام غرفتها يحاول تجميع شتات نفسه و يرتب أفكاره المشتتة، و أخيرًا أخذ قراره و طرق باب غرفتها.. مرة .. أثنين.. ثلاثة .. عشرة .. لا رد، أخذ ينادي باسمها لعلها تستيقظ، لكنه توقف عندما سمع صوتها المتردد يأذن له بالدخول، ظل على وقفته يبتسم ببلاهة فلقد أجابت ندائها، أجابها من خلف الباب بابتسامة و كأنها أمامه.

_ انا شهاب يا رشا.
أذنت له بالدخول بلامبالاة، أستغرب من موافقتها على دخوله لغرفة نومها، لكنه أرجع ذلك إلى نشأتها الأوروبية، رد عليها بمرحه المعتاد:

_ و كمان بتدخلي رجالة أوضتك يا بنت الجبالي، رقصتي و لا لسة يا سعدية.

ما هي سوى دقائق معدودة حتى فتحت له باب الغرفة بمظهرها الطفولي للغاية مرتدية ملابسها المنزلية و التي جعلتها في مظهر فاتنًا_ بالنسبة له على الأقل_ أخرجه من تفحصه لها سؤالها الأبله.

_ وااو هو بابا أسمه الحقيقي الجبالي، و بعدين مين قالك ان اسمي سعدية أنا اسمي رشا عادي.

همس في نفسه " ليه كدا بس .. الجملة دي قادرة أنها تقفلني منك عشر سنين قدام"، تحمحم ليتمالك أعصابه متجاهلًا حديثها السخيف، قائلًا لها بحنان:

_x كنت عايز أكلمك في موضوع مهم، فلو ممكن تلبسي و أنا هستناكي تحت.

لم ينتظر ردها، بل سبقها إلى الأسفل، حركت عينيها بتردد لا تعلم ماذا تفعل، لكنها أخذت قرارها أخيرًا ستنزل للأسفل و ترى ماذا يريد، أرتدت ملابسها و نزلت، وجدته يشاكس جدتهما كالعادة، ما أن أنتبه لها شهاب و جدتهما، حتى ابتسما بإتساع، بدأت جدتها الحديث:

_ أخيرًا نزلتي يا نور عين جدتك، الواحد مش بيشوفك تقريبًا يا بنتي.

أقتربت عليها أكثر، ثم همست لها في أذنيها:

_ قولي يا بنتي لو فيه حد مزعلك و مش مخليكي عايزة تنزلي، قوليلي و متتكسفيش دا بيت جدك مش غريبة أنتي يعني.

أومأت لها بتفهم، لكنها لم تستطيع الشرح عما تشعر به، أنقذها من الموقف صوت شهاب محدثًا جدتهما:

_ جرى أيه يا فاتن، أنا منزل البنت علشان أنا عايز أتكلم معاها، تروحي انتي تاخديها على جنب و هاتك يا لوك لوك في ودانها.

ضربته جدته على كتفه بغيظ، لتجز على أسنانها بغضب، معنفة أياه:

_ يا واد أنت أحترم نفسك، و بعدين أنا كنت بقولها أن حفيدة صاحبتي فاتحة محل حلو أوي بيبيع لبس أكثر من رائع، فكنا هنروح سوى نشوف كام حاجة كدا.

أخذ شهاب بيد رشا، ليقول غامزًا إلى جدته:

_باليل بقا يا فتونة أبقوا روحوا مشواركم، لكن دلوقتي أنا عايز رشا في حاجة مهمة.

سارا معًا تحفهم دعوات جدتهما من كل جانب، تتمنى فاتن بداخلها أمنية و تدعو لتحقيقها قريبًا، كانت تسير رشا بجانب شهاب باستسلام كعادتها، لم تسأل عن شيء، لكنهما خرجا من الباب الخارجي للمنزل، وجدت أمامها نفس الشاب الذي أخذها من المطار، وضع شهاب يده على شفتيه، يحذرها من الحديث، تسحب بهدوء يلكز الشاب في خصره، أنتفض الشاب من وقفته، ثم دار بينهما حديث حاد مضحك، كأنهما طفلان في الرابعة يتشاجران على لعبة ما، تعالت أصوات ضحكتهما عندما أقتربا منها، ليعرفهما شهاب ببعضهما، قائلًا لها:

_ دا هاشم يا رشا، دنجوان المنطقة نموذج للشاب الصايع بتاع البنات.

زجره هاشم بعينيه، ليمد يده لها، قائلًا برقي:

_ طبعًا و لا كأنك سمعتي حاجة، سيبيني أنا أعرفك على نفسي، أنا هاشم إبن عم حسن، كنا بنلعب سوى و أحنا صغيرين، معرفش انتي فاكراني و لا لأ، تشرفت بمعرفتك.

نظرت لشهاب بتردد و الذي بدون وعي منه شاور لها أن تصافحه، مدت يدها ببطيء لتصافحه، شعرت بقشعريرة غريبة تسري بجسدها، لم يختلف شعوره عنها كثير، لم يجدها كما وصفها شهاب له، لكنها ذات جاذبية خاصة، تشدك إليها بتوترها و خجلها، لتهمس بخجل:

_تشرفت بمعرفة حضرتك.

تعالت ضحكات هاشم و شهاب على حديثها الرسمي للغاية، فهي تبدو كفتاة خائفة من تعنيف والدتها لها، تحدث هاشم بمرح:

_ ايه يا بنتي حضرتك اللي إنتي مسكهالي دي! دا الفرق ما بينا كام سنة.. يعني و لا حاجة.

أحمرت خديها من الخجل، فهي ليست جيدة في محادثة الغرباء، لاحظ شهاب إحراجها ليقول لها مغيرًا مجرى الحديث:

_ صحيح يا رشا غريبة إننا أولاد عم و منعرفش حاجات كتيرة عن بعض، يعني أنا مثلًا معرفش انتي بتدرسي و لا خلصتي و لا ايه؟

نظرت رشا للأسفل بخجل،x ظلت تلعب بأطراف قميصها الحريري تحاول إخفاء توترها، ردت عليه بهدوء:

_ أنا خلصت دراسة، كنت بدرس حاجة زي الهندسة الوراثية كدا.

أومأ لها شهاب بتفهم، بينما أخذ شهاب يتحدث دون توقف:

_ زميلة يعني، أنا خريج طب بيطري و متسألنيش أنتي زميلة ازاي، انتي زميلة و خلاص، جدك اللي أصر أخشها علشان أهتم بالحيوانات اللي في المزرعة كان بيوفر يعني.

رفع هاشم حاجبيه بإستفزاز، مذكرًا أياه بسخرية:

_ كان بيوفر برضو! يعني مش أنت اللي كنت فاشل و مجموعك دخلك طب بيطري بالعافية!

أدهشه رد هاشم، لكنه حافظ على هدوئه، ليجيبه بابتسامة صفراء:

_ حوش جايزة نوبل اللي انت أخدتها، ما أنت دخلت تربية رياضية يعني المجموع من بعضه.

ضيق هاشم عينيه، ليقول بمكر شديد:

_ أنا أصلًا كنت أدبي، و كنت جايب أكتر منك يا فاشل، ثم أنا تفوقت لدرجة إني جدك طلبني بالأسم علشان أجي أشتغل معاكم.

تذمر شهاب بشدة من نعت هاشم له بالفشل، تعالت ضحكات رشا عليهما، حدثها هاشم برقة شديدة:

_ أحنا أسفين يا رشا هانم على الخناقة السخيفة دي، أتفضلي أقعدي هنا، جنينتك و مطرحك.

جلسوا على الأعشاب يتمتعون بالهواء العليل، كانت جلسة لطيفة بين أحاديث شهاب المرحة، و كلمات هاشم المعسولة، و ضحكات رشا المستمتعة و بعض تعليقاتها العفوية التي أسرت قلب شهاب و كانت على وشك خطف قلب هاشم أيضًا!

..................
تشعر بوخز شديد في قلبها، و كأن أحدهما يمسك فؤادها بقبضة من حديد، فراق صغيرتها و هربها بعيدًا عنها يؤلمها بقوة، فهي لم تنجب سواها، هي كل مالها في هذه الدنيا، أحتضنت شال فتاتها بحب شديد تشتم رائحتها، في باديء الأمر لم تشعر بغياب رشا لإنشغالها بالعديد من الأمور، لكن عندما عادت للمنزل اليوم و لم تجد رشا في إنتظارها شعرت بمرارة فراقها، و مدى بشاعة أفعالها و التي لم تنتج سوى عن حب شديد لإبنتها، فهي كأي أم تريد الأفضل لطفلتها، لكنها لم تشعر إنها تهد شخصية إبنتها فتجعلها هشة، ضعيفة، لا تستطيع مواجهة الحياة بمفردها، وجدت يد تمسح دموعها الحارقة من وجنتيها، ابتسمت له فبالتأكيد هذا هو "خالد"، على الرغم من كم الصعاب التي واجهتهما لكنه لم يترك يديها قط، وضعت رأسها على صدره ثم أجهشت في بكاء مرير، مرر يده على ظهره مواسيًا إياها، لتنطق بصوت مختنق من البكاء:

_ رشا وحشتني أوي يا خالد، أنا عايزة أخدها في حضني تاني، أنا خايفة إنها متسامحنيش، أنا طلعت وحشة أوي.

ضمه أكثر إلى صدره، يصعب عليه رؤيتها في هذه الحالة، حاول مواساتها ببعض الكلمات.

_ أهدى يا حبيبتي، متشيليش نفسك الذنب، أنا برضو عليا جزء من اللي رشا فيه، كان مفروض أوجهك لما أشوفك بتعملي حاجة ممكن تضر بنتنا، أنا أسف ليكم أنتوا الأتنين.

خرجت من بين أحضانها، تمسح دموعها بأصابع مرتعشة، لتقول له بتصميم:

_ أنا هسافر لها مصر يا خالد، و هجيبها هنا تتعالج، دا مرض نفسي يعني مش خطير أوي، و بعدين فيها ايه يعني إنها مترددة شوية، عادي أنا معاها و هاخد بأيديها و ...

قاطعها خالد بحكمة و تروي.

_ بلاش الكلام دا يا زبيدة أرجوكي، رشا عدت العشرين سنة و لسة متعرفش هي بتحب تشرب عصير ايه، او تاكل ايه، كلها كام سنة و تكون أم، هتعرف تتصرف ازاي مع طفلها، إذا كان هي على طول مترددة!

حكت جانب عنقها بإحراج، فكلام زوجها كله صحيح، لم تدري ما الرد لذا أرتمت بين أحضانه مرة أخرى في صمت تام، فكل قرار أتخذته نيابةً عن فتاتها لم تأخذه سوى بدافع الحب لها، دعت الله في نفسها أن يحفظ طفلتها و زوجها من كل سوء.

...............

رأت نظرات الفرحة على وجه جدها عندما عادت إلى المنزل مرة أخرى و هي تستمع إلى بعض مزحات شهاب، فشهاب لطيف للغاية، جميل بشكل كبير، يأسر قلبها، لا تشعر بمرور الوقت و هي معه، تخلى عن تردده معه، يغمر الأمان قلبها في صحبته، جلسوا للطعام جميعًا، قضت وقت لذيذ للغاية، لم تقضيه من قبل مع والديها، و عندما أعلنت الشمس عن المغيب، ساحبها وشاحها الوضّاء على أستحياء، أصرت جدتها على أخذها إلى متجر حفيدة صديقتها، وافق جدها أمام أصرارها العجيب، لكنها لم تكن متفائلة، فهي لا تستطيع شراء أي ملابس بمفردها، دائمًا كانت والدتها تنتقي لها الأفضل، وضعت يدها على قلبها تخشى من الساعات القادمة.

امسكت جدتها الثوبين بين يديها، لتقول لها و هي تحاورها:

_ها يا رشا اختارتي انهي؟! البني و لا الأزرق؟

وضعت رشا يدها أسفل ذقنها تحكها بقوة قائلة:

_ مش عارفة يا تيتا البني جميل و الأزرق أجمل انتي ايه رأيك.

هتفت جدتها بحماس قوي و هي تتحدث:

_ البني هيكون تحفة عليكي، و كمان البني بيليق أكتر على بشرتك من الأزرق.

اغمضت عينيها بقوة، تحاول ان تفكر للمرة الألف أيهما سيكون اجمل عليها، ماذا لو جلبت أحدهما و كان الأخر أفضل منه؟! قالت بعد تفكير دام لبضع دقائق:

_ خايفة أجيب البني الأزرق يطلع أحلى، و بعدين ممكن البني يكون وحش عليا فعلا.

صمتت جدتها لثوانِ تنظر لها بدهشة، فهذة الفتاة مترددة بشكل كبير جدًا، و أخيرًا تحدثت جدتها مقنعة اياه:

_ خلاص نجيب البني من الفستان دا، و نجيب الأزرق من ستايل تاني.

أعجبت رشا بهذا الأقتراح فوافقت على الفور حتى لا تقع في هذة الحيرة الغير مبررة مرة أخرى.

وقفوا أمام كومة من الفساتين الرائعة، كانت رشا تنظر لهم بشيء من الخوف، حدثتها جدتها بنفلذ صبرx فصار لهما أكثر من ساعة و لم تختار :

_ ها يا رشا بقالنا ساعة واقفين أختارتي ايه يا بنتي؟!

قطمت أظافرها بتردد، لتحرك رأسها بالنفي، لتجيبها بتردد:
_ مش عارفة.

وضعت جدتها الفستانين جانبًا، لتسحب رشا من ذراعها بحدة غير متوقعها منها، فهي كانت دائمًا طيبة، بشوشة، أوقفت رشاx بأحدى الردهات الفارغة، لتسألها بحدة:

_ فيكي أيه يا بنت خالد؟! مش عارفة تختاري لنفسك فستان، لو كانت أمك مدلعاكي، فالكلام دا مش عندي أنا، فيكي ايه؟! أحنا مش هنتحرك من هنا قبل ما أعرف فيكي ايه؟!

ترقرقت الدموع في عيني رشا، لتتحدث بصوت حزين مختنق:

_ ممكن نتكلم لما نروح البيت طيب؟!

نهرتها جدتها بعينيها، لتصرخ فيها بحدة:

_ مفيش مرواح غير لما أعرف مالك.. انتي مش مظبوطة كدا ليه، كل خطوة و لا حركة ليكي لازم تستأذني فيها و تفكري فيها بدل المرة ألف، أنا عايزة أفهم ايه سبب كل التردد اللي انتي فيه دا؟!

أغمضت عينيها بقوة، تحاول جمع شتات نفسها، لقد حان وقت كشف الحقيقة كاملة، شعرت ببرودة تجتاح أطرافها، و كأنها عارية في ليلة شتوية، تحتاج لوالدتها أو جدها الأن بشدة، ليتها تستطيع أخذ قرارها في هذة اللحظة.

.....يُتبع
مستنية كومنتاتكم الحلوة❤️


هدى الفقي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 03-02-21, 09:57 PM   #7

ebti

مشرفة منتدى قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية ebti

? العضوٌ??? » 262524
?  التسِجيلٌ » Sep 2012
? مشَارَ?اتْي » 14,201
?  نُقآطِيْ » ebti has a reputation beyond reputeebti has a reputation beyond reputeebti has a reputation beyond reputeebti has a reputation beyond reputeebti has a reputation beyond reputeebti has a reputation beyond reputeebti has a reputation beyond reputeebti has a reputation beyond reputeebti has a reputation beyond reputeebti has a reputation beyond reputeebti has a reputation beyond repute
افتراضي

مساء الورد والجوري ... المشاركة الأخير التي قمت بتنزيلها منذ دقائق هل هي الفصل الرابع او هي مشاركة مكررة للفصل الثاني؟...

بانتظار ردك ....

هدى الفقي likes this.

ebti غير متواجد حالياً  
التوقيع
إن كرماء الأصل كالغصن المثمر كلما حمل ثماراً تواضع وانحنى"
هكذا عرفتك عزيزتي um soso و هكذا تبقين في قلبي شكراً جزيلاً لك على الصورة الرمزية...

رد مع اقتباس
قديم 04-02-21, 07:19 PM   #8

هدى الفقي

? العضوٌ??? » 484039
?  التسِجيلٌ » Jan 2021
? مشَارَ?اتْي » 105
?  نُقآطِيْ » هدى الفقي is on a distinguished road
افتراضي الفصل الرابع❤️

الفصل الرابع❤️

مرت برهة سكون على الغرفة، ثم صدح صوتي شهاب و هاشم معًا في نفس الوقت.

_ أنا عايز أتجوز رشا.

_ أنا جاي أتقدم لرشا.

ما أن نطق هاشم كلماته حتى باغته شهاب بضربه قوية على وجه، ليصرخ شهاب بحرقة على أعز أصدقائه الخائن.

_ كنت حاسس إنك معجب بيها، لكن عمري ما فكرت إنك تتقدم للبنت اللي إنت عارف كويس إني بحبها.

حاول هاشم الحفاظ على توازنه بعد الضربة العنيفة التي تلقاها من صديق عمره، وضع يده على وجنته يحاول السيطرة على ألمه.

_ فيها ايه إني حبيتها يعني!! إنت كنت بتقول كلام لكن ما أخدتش خطوة جدية، و بعدين مش دي رشا الجميلة، الهادية، الرقيقة، الغامضة، أشمعنى يعني أنت تاخد واحدة فيها كل الحاجات دي و أنا أطلع بالمولد بلا حمص.

وضع شهاب رأسه بين كفيه بقهر، لقد فعل خطأ شنيع، جعل صديقه يعشق حبيبته و هو لايدري، أيمكن لشخص أن يهيم بأحد فقط من مجرد الحديث عنه؟! و لما لأ لقد أظهر لهاشم كل مميزات رشا، و لم يترك مجالًا للعيوب، دلك عيناه يحاول استعادت بعض الهدوء.

_ عندك حق، الغلطة غلطتي من الأول إني أعتبرتك زي أخويا و كنت بحكيلك على كل حاجة بحس بيها.

نظر لها هاشم من أعلى الأسفل بإستهزاء، ليربت على كتفه بسخرية:

_ أيوا شاطر متعملش كدا تاني بقا.

هجم عليه شهاب مرة أخرى يلكمه عدة لكمات غاضبة من صديق مجروح، في باديء الأمر لم يرد عليه هاشم، لكن بعد ذلك دارت معركة طاحنة بين الأثنين، فصلها الجد بصراخه الحاد:

_ ولد يا هاشم، ولد يا شهاب، ايه اللي أنتوا بتعملوه دا!

ترك شهاب وجه هاشم، ليقف أمام جده بخجل، و فعل هاشم المثل، طالعهما الجد بخيبة.

_ يا خسارة تعليمي فيكم، بتضربوا بعض كأنكم أتنين بلطجية، و مطلوب مني في الأخر أني أجوز واحد فيكم حفيدتي، واحدة في رقة رشا تتجوز واحد منكم أنتوا الأتنين ليه حد قالكم أني مستغني عنها؟! للأسف طلبكم أنتم الأتنين مرفوض.

جاء الشجار لهذا الجد على صحن من فضة، فرشا لديها خوف من العلاقات الأجتماعية، فبالتاكيد لن تستطيع الأختيار بينهما، يخشي عليها أن تنتكس، فاق على صوت هاشم الخجل للغاية:

_ أحنا أسفين جدًا يا حاج عن اللى حصل دا، لكنه كان لازم يحصل، كل واحد فينا كان لازم يطلع اللي جواه، حضرتك تقدر تنادي الأنسة رشا دلوقتي و تحط الكورة في ملعبها أسألها هي عايزة مين فينا.

قالها ببساطة و كأنه يخبره عن حالة الطقس في الخارج، و ليس عن الملحمة التي حدثت منذ قليل، جاءه صوت شهاب المؤيد و الواثق:

_ ياريت يا جدي تناديها، أكيد هي هتختار واحد من نفس مستواها الأجتماعي و العلمي، مش واحد أحنا مش عارفين أصله من فصله.

كاد هاشم أن يسبه بأفظع الألفاظ لكن سبقه الجد و هو يقف ذاهبًا إلى أسفل السلم القائد للطابق الثاني، ينادي على رشا بصوت عالي، قوي، مرتعش، خائف مما سيحدث بعد قليل، لقد حسمت قراره، يجب على رشا الزواج، لن يقبل بها أحد أو بمرضها سوى شخص يحبها، لذا هذان الأثنين هما أفضل خيار لها، نزلت رشا بهدوء و تروي تجيب على نداء جدها، وقفت أمام مكتب جدها و على يدها اليسار شهاب و على يدها اليمنى هاشم، تحدث جدها بتروي يحاول تمهيد القادم لها:

_ بصي يا حبيبة جدك، دلوقتي الأتنين دول عايزين يتجوزوكي، و للأسف مش هينفع حد يختار مكانك، خدي وقتك و شوفي إنتي عايزة مين فيهم و قوليلي.

صاعقة من السماء حلت على رأسها، كارثة جديدة تُضاف للكمية الكوارث التي تحدث لها منذ أن أتت إلى مصر، سيطرت عليها حيرتها لا تدري أتختار ايهما؟ نظرت إلى شهاب وجدت في عينيه نظرة لامعة تخصها وحدها، و كأنه يجمع أمان العالم بين عينيه، لا تنكر إنها شعرت بإعجاب كبير تجاه شهاب و شخصيته، ثم ألقت نظرة إلى هاشم، وجدت في عينيه الشغف و الحكمة، نظراته عاشقة لها لا محاله، و على ما يبدو إنها تبادله نفس المشاعر.

..................................

انتهى الزفاف على خير دون أن يفعل "شهاب" أي حماقة، شعر و كأنه يملك الدنيا بأكملها بين يديه اليوم، أغلق باب المنزل بهدوء شديد، وضع يده أسفل ركبتيها ثم حملها بين يديه و هو يغرقها بكلماته المعسولة، أنزلها في غرفتهما برفق شديد و كأنها من ورق، قبل جبهتها بحب و هو يقول:

_ ياااه يا رشا، و أخيرًا أتجوزنا، انتي متعرفيش انا كنت مستني اللحظة دي من أمتى.

لم تجبه من كثرة خجلها، حاولت الحديث لكنها لم تستطيع فخجلها سيطر عليها بشدة، نظرت إلى زوجها بعينيها البنيتان الواسعتان نظرة أعمق من اي كلام، وصله خجلها و احساسها، فتوجه إلى الخزانة يلتقط منها أشيائه و هو يقول لها بحماس:

_ انا هروح أغير دلوقتي و أسيبلك الغرفة، و انتي كمان غيري هدومك علشان ناكل انا ما أكلتش حاجة من الصبح و جعان جدًا و أكيد إنتِ كمان زيي.

أومأت له بابتسامة بسيطة، ليرسل لها قبلة في الهواء و هو يخرج من الغرفة، ما هي إلا بضعة دقائق و كانت رشا جالسة أمامه على طاولة الطعام، كان يطعمها بيديه و هو يلقي عليها بعض المزحات ، التي نجحت بالفعل بإخراجها من حالتا الخجل و التوتر المسيطران عليها، أمسكت بطنها بدلالها الفطري و هي تقول:

_ خلاص يا هاشم حقيقي مش قادرة أكمل.

قرب ملعقتها المليئة بالطعام لفمها، و هو يضاحكها و كأنها طفلته:

_ خلاص انتي يا حبيبتي دي أخر معلقة أكيد.

لم تجد مفر سوى إنها تفتح فمها ليدخل لها الطعام بيده، لتبدأ حياة يسودها الحب و السعادة مع حبيبها هاشم، كلما نظرت إليه كانت تفتخر بالقرار الوحيد الذي أخذته بحياته، و الذي أضطرها إلى مقاطعة عمها و زوجته، لكنها سعيدة للغاية الأن.

مرت سنة سعيدة عليها، تحسنت علاقتها بوالدتها كثيرًا، على الرغم من أستمرار ترددها لكن هاشم و والدتها يساعدنها في كل شيء، أكتملت سعادتها عندما حملت في أحشائها طفلها، لتمر عليها أروع تسعة أشهر في حياتها من دلال والديها و زوجها لها، إلى ترتيبات غرفة المولود، و شراء حاجاته، كانت تحلق فوق السماء من السعادة، حتى أنجبت ألطف طفلة على وجه الكوكب، لتنقلب حياتها رأسًا على عقب.
‏_ ألو أيوا يا مامي، بقولك ألبس سدرة الفستان البينك و لا الموف؟!
جاءها صوت والدتها المختنق من الجانب الأخر على الهاتف.

_ مش معقولة يا رشا بتكلميني علشان تسأليني تلبسي البنت ايه، لبسيها أي حاجة يا رشا و خلاص.

_ ايوا يعني الأي حاجة دي اللي هي أيه؟!


عضت زبيدة شفتيها بغيظ من فتاتها، حاولت إستجماع هدوئها، لترد بإستعجال:

_ الموف يا رشا، و اياكي تتصلي بيا تاني علشان حاجة تافهة زي دي.

أغلقت زبيدة في وجهها الهاتف، نظرت رشا للهاتف بتعجب، ثم ذهبت إلى غرفتها بعدما أبدلت لفتاتها ملابسها كما قالت لها والدتها، وجدت هاشم أمام المرأة يحاول تعديل ربطة عنقه، ألتفت لها ليجدها بملابس المنزل، ليزفر بحنق.

_ ايه يا رشا ملبستيش لغاية دلوقتي ليه؟ كدا هنتأخر على الفرح.

فركت رشا يديها بتوتر فأكثر ما يغضب هاشم هو ترددها الدائم، وقفت أمام خزانة ملابسها تنظر إليها بإهتمام لكنها في نهاية المطاف لم تجد شيء كالعادة، سألت هاشم بخوف:

_ هاشم ألبس ايه؟ أرجوك متتعصبش أنا فعلًا مش عارفة ألبس أيه!

نظر إليها بهدوء مصطنع، يحاول تمالك نفسه حتى لا يقسم عليها أن تظل بالمنزل و لا تأتي معه، ابتسم في وجهها بسخافة.

_ ألبسي الفستان اللي لونه أزرق يا رشا، و كلمه كمان صدقيني و الله ما هاخدك معايا.

لم تنظر اليه فقط أخذت فستانها و ذهبت للمرحاض ترتديه، لم تكمل النصف ساعة حتى كانت جاهزة من كل شيء، فستانها الذي جعلها تبدو أميرة حتى إنه أخفى نحافتها المبالغ بها، مساحيق التجميل التي جعلت بشرتها الشاحبة أكثر اشراقًا و نضارة، تأبطت ذراع زوجها، لتحاوطهما هالة من السعادة و البهجة عند دخولهما إلى قاعة الزفاف، باركا للعروسين ثم جلسا مع بعض أصدقاء "هاشم" يتحدثوا ببعض الأمور الحياتية، عندما قاطعهم سؤال زوجة أحد أصدقاء هاشم لرشا:

_ مدام رشا تحبي تشربي ايه؟ أنا كدا كدا هروح أجيب حاجة أشربها.

ضغطت رشا على يد هاشم، لكنه كان يتحدث مع أحد أصدقائه فلم ينتبه لها، لقد وُضعت في مأزق لترد عليها باجابتها المعتادة:

_ مش عارفة.

_ مش عارفة ايه بالضبط؟! فيه هنا كل حاجة انتي قوليلي بس و أنا هجيبلك اللي انتي عايزاه.

انتبه هاشم أخيرًا لضغط رشا على يديه، لقد كانت على وشك البكاء، تجهم وجه من رشا و ترددها، ليجيب على السيدة بابتسامة لطيفة:

_ ملهاش لازمة حضرتك أحنا مروحين علشان سايبين سدرة مع ماما لوحدها.

........................

فك ربطة عنقه بعشوائية راميًا أياها على أحدى الأرائك بإهمال، دخلت رشا خلفه بخوف فهول لن يمرر لها ما حدث بالزفاف على خير، أدخلت فتاتها الغرفة لتنام ثم خرجت له، وجدته مشعث الشعر، زري الهيئة، واضعًا رأسه بين راحتيه، حاولت المرور بخفوت لغرفتها حتى لا ينتبه لها، لكنه رفع رأسه فوجدها أمامه، تحدث بعصبية مفرطة:

_ ممكن أفهم ايه اللي حصل في الفرح دا؟ مش عارفة تجاوبي الست عن نوع العصير اللي انتي بتحبيه!

نظرت للأرض بتوتر و لم تجيب عليه، أستفزته حركتها هذه كثيرًا، فلف معصمها خلف ظهرها بحدة، ليتحدث بصوت كالفحيح:

_ حركات المجانين دي مش عليا، لما أكلمك تردي عليا إنتي فاهمة؟!

هزت رأسها بقوة فأخر ما تريده الأن هو إغضابه، أكمل بحدة:

_ دي بقت عيشة تقرف، مش عارفة تاخدي قرار واحد بس في حياتك، دا كان يوم أسود يوم ما عرفتك.


دفعها بحدة باتجاه باب الغرفة، بينما يأخذ سترته خارجًا من المنزل لاعنًا اليوم الذي رأها فيه.



مرت الأيام بعد ذلك في هدوء و رتابة، فهو لم يتحدث معها أو يوجه لها أي حديث، كان هذا بالنسبة لرشا قمة الأمان، لا حديث، لا شجار، فقط الهدوء.

كانت تشاهد أحد البرامج التلفزيونية، عندما جلس بجوارها يحمحم، أغلق التلفاز ليتحدث بخجل:

_ رشا أنا عايز أكلمك في موضوع مهم.

ابتسمت له بحب تحثه على استكمال حديثه، فنادرًا ما يتحدث معها هاشم بهذه النبرة المحبة اللطيفة، أخذ أنفاس متتالية عميقة، ليكمل حديثه بعقلانية:

_ أنا لما وقفت قدام أقرب الناس ليا علشان أتجوزك دا كان علشان حقيقي كنت بحبك، و حتى لما والدك و جدك قالولي على مرضك أنا قولت عادي كفاية إني معاكي، لكن للأسف يا رشا أنا مش قادر أكمل كدا، أنتي بتاخدي رأيي في أبسط الحاجات، حاسس إني جايب طفلة أربيها، مش جايب شريكة لحياتي، أنا كنت محتاج شخص أخد رأيه في قرارات حياتي.

وقف قليلًا يلتقط أنفاسه، ينتظر ردة فعلها و لكنها لم تفعل شيء كما هي العادة، ابتسم بسخرية من نفسه، أينتظر منها فعل شيء؟! أكمل حديثه ليرمي بقنبلته أمامها:

_ رشا أنا عايز أتجوز، أنا محتاج واحدة أشارك معاها حياتي، أكيد أنا مش عايز أظلمك علشان كدا أنا بخيّرك بين تكملي معايا أو نتطلق و كل واحد يشوف طريقه.

تلاشت ابتسامتها شيئًا فشيء، تعلم إنها لا تُطاق، و إنها ليست مثالية لشخص كهاشم، لكنها تحبه، لا تدري كيف ستحيا بدونه، شعرت بدوران الغرفة بها،سؤال واحد يتردد في عقلها، ماذا لو كانت تزوجت شهاب؟ حفها الظلام من كل جانب ليغرقها في دوامات لا نهاية لها، لتستسلم له في النهاية لاتدري بشيء لقد أغشى عليها.

...... يـتبع


هدى الفقي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 05-02-21, 08:42 PM   #9

هدى الفقي

? العضوٌ??? » 484039
?  التسِجيلٌ » Jan 2021
? مشَارَ?اتْي » 105
?  نُقآطِيْ » هدى الفقي is on a distinguished road
افتراضي الفصل الخامس♥️

الفصل الخامس♥️

ماذا لو؟ كلمتان أخسروها الكتير، لم تستطيع الاستمتاع بشيء في حياتها بسبب هاتان الكلمتان، لم تُكون رأيها عن شيء بسبب وحشها الكامن بداخلها، فلو كسبت حب هاشم لخسرت قلب شهاب بالمقابل.



صوت الزغاريد يحفهما من كل جانب، والدته ترمي الورد عليهما، و أبيه يرقص كأنه شاب في العشرينات، جده و جدته أشرق وجههما بنور ساطع، كان كل شيء مثالي في هذه الليلة ماعدا عمه و زوجة عمه، كانا حزينان على فراق صغيرتهما، لكن دائمًا ما تكون الفرحة غلابة.

أنتهى الزفاف و صعدا إلى غرفتهما، لقد أصر 'شهاب' أن يجلس في نفس المنزل مع جده و أبيه، و بالطبع وافقت 'رشا' على المكوث معهما حتى تكون حياتها أسهل، وصلوا إلى غرفة العروسين، وصهما خالد على بعضهما، أحتضنت زبيدة إبنتها بدموع و فعلت المثل مع 'شهاب'، بعد التهنئات و السلامات نزلوا جميعًا تاركين العروسين معًا ليبدأوا حياة جديدة سعيدة.

نزلت الجدة من الأعلى بفرحة، لتقول لزينب:

_ حقيقي يا بت يا زينب انا حاسة أني هيجرالي حاجة من كتر الفرحة، أغلى أتنين على قلبي أتجوزوا، أنا دلوقتي بس أقدر أموت و أنا مرتاحة.

_ بعد الشر عنك يا حاجة دا أحنا من غيرك و لا نسوى، العمر كله ليكي يارب.

مسدت فاتن على كتفها بحب، ثم تذكرت شيئًا ما لتنقلب ملامحها للعتاب.

_ بس أنا زعلانة من أخواتك يا زينب، بقا مفيش و لا واحدة فيهم فكرة تيجي الفرح! هما مقطعينا و لا أيه؟!

ضربت زينب بيدها على صدرها، لترد بلهفة:

_ يا خبر يا حاجة، و هما يقدروا، دا ربنا يعلم أنهم بيعتبروكم أهلهم و الله، دا بس علشان الفرح في نص الأمتحانات، و مش هيقدروا يجوا و يسيبوا عيالهم لوحدهم.

قامت فاتن بتعب و هي تمسك بقدمها بتعب.

_ يلا ربنا يوفقهم، اما أخش أنام أحسن الواحد هلك من التعب.

أسندتها زينب إلى غرفتها، ذهبت زينب هي الأخرى لغرفتها بينما قلبها يغلي على تلك الزيجة التي لم ترضى عنها، لكنها مضطرة.

...............

مرت عليهما بضعة أشهر في سعادة و هناء، لم يترك لها شهاب فرصة للتردد في أي شيء، دائمًا يأخذ عنها قراراتها و كان هذا يعجبها كثيرًا، لكن ما كان يتعسها حقًا هو معاملة حماتها لها، على الرغم من طيبتها لكنها كانت شديدة التعلق بشهاب، تفعل بها المكائد بتلقائية لكن 'رشا' لم تضعها كثيرًا ببالها، لكن حديثها المتكرر عن تأخر حملها كان يؤلمها حقًا، حتى أن 'شهاب' قرر أخذها للطبيب، ليكتشفا عدم قدرتها على الإنجاب، كانت حزينة طوال الطريق إلى المنزل، لم تتحدث معه بشيء، ما أن وصلا للمنزل حتى أعلن 'شهاب' عن عدم قدرته هو على الإنجاب ليرفع عنها الحرج، كانت ممتنة كثيرًا لفعلة شهاب تلك، لقد جعل وضعها أفضل في المنزل.

_ شكرًا جدًا يا شهاب، بجد أنا مش عارفة من غيرك كنت هعيش أزاي.

قالتها ما أن وصلا إلى غرفتهما، حضنها شهاب بقوة مقبلًا رأسها بحب، ليقول بمرح:

_ رشا.... عيب متقوليش كدا أحنا أهل.

تعالت ضحكاتهما معًا، ثم تغيرت ملامح وجه رشا، لتجهش في بكاء مرير.

_ على الرغم إنك بتعمل علشاني كل حاجة حلوة، بس أنا مش قادرة أحققلك أمنيتك و أخلفلك طفل يشيل أسمك.

ملس 'شهاب' على شعرها بحنان، على الرغم من شعوره العميق بالحزن عليها، لكنه سعيد بوجودها معه و بجانبه، يكفيه الأستيقاظ على نظراتها و ضحكاتها، قال لها بنبرة عاشق:

_ ايه اللي إنتي بتقوليه دا يا رشا! يا حبيبتي كفاية عليا وجودك معايا، بجد أنا مش عايز حاجة من الدنيا غيرك.

شددت على أحتضانها لتدعو له أن يرزقه الله السعادة كما يسعدها دائمًا، وضعها على الفراش ثم دثرها جيدًا بالغطاء، ليقبل جبهتها بحب.

_ نامي دلوقتي يا حبيبتي علشان بكرا عايزك تصحي بدري لأن جاي لينا ضيفة و عايزك تستقبليها.

_ ضيفة؟! مين اللي هيجيلنا بكرا؟!

تنهد بحنق من تلك السيرة، لكنه قال لها:

_ نور بنت خالتي هي اللي جيالنا بكرا، أخدت أجازة و جاية تغير جو عندنا شوية.

أومأت له بالموافقة لتغمض عينيها ذاهبة في سبات عميق، بينما هو جلس يفكر في تلك الضيفة و زيارتها العجيبة، فهو كان يدرك بتخطيط والدته للزواج من نور لكنه كان دائمًا الرفض و السبب رشا.

شعر بحمل يجثو على صدره، ذهب إلى غرفة والدته يتحدث معها قليلًا، طرق على باب غرفتها عدة طرقات فأذنت له، وجد والدته ممدة على الفراش، وضع رأسه على قدمها شعرت بهمه و تعبه، فمسدت على شعره بحنو لتتكلم بعد فترة من الصمت:

_ رشا اللي ما بتخلفش صح يا شهاب؟!

هز رأسه بالموافقة بدون حديث، وضعت يدها على كتفه، تحدثه بعقلانية:

_ كنت حاسة إنك بتكذب بس مرضتش أتكلم معاك قدام رشا، عارفة أنه مش وقته لكن نور بنت خالتك جايه بكرا، أدي لنفسك فرصة و أديها هي كمان، أنت من حقك تكون أب و من حقي أفرح بعوضك.

لم يرد على والدته، فقط أنسحب بهدوء شديد، يحاول جمع أفكاره المشتتة، يخشى أن يضعف أمام رغبته في طفل من صلبه فيخسر رشا بالمقابل.

....................

أستيقظت رشا من نومها لتجد ملابسها على الفراش، ابتسمت لحب زوجها لها، فهو يعلم بترددها لذلك يختار لها ملابسها قبل أن يذهب لعمله، نزلت إلى أسفل فوجدت فتاة تماثلها في السن تقريبًا بملابس عصرية محتشمة، كان مظهرها رقيق و أنيق في نفس الوقت، جلست بجوارها بدون كلام، قاطعت هذا الصمت نور بمرح:

_ أكيد انتي رشا مرات شهاب، صح؟؟

أومأت لها رشا بالإيجاب، لتكمل نور حديثها:

_ بسم الله ماشاء الله، شهاب طول عمره ذوقه تحفة بجد، أنا حبيتك أوي و حبيت هدوئك دا كمان جدًا.

ابتسمت لها رشا بخجل، فنور لبقة في حديثها، تصيبك بكلماتها المعسولة، كانت نور خير رفيقة لرشا في الأسابيع المقبلة، على الرغم من ضيق شهاب بسبب نور، لكنها كانت نعم الصديقة لها، كانا يجلشان معًا طوال النهار و لا يفترقان إلا على النوم فقط.

تغير شهاب كثيرًا منذ فترة طويلة، أصبح كثير الهدوء و الشرود، مهما تحدثه لا يجيبها، يقلقها هدوئه المبالغ فيه هذا، غلبها النوم و هي تنتظره، أستيفظت على فتح باب الغرفة بهدوء، فتحت عينيها رأت شهاب ينظر لها بندم ثم أغلق باب الغرفة، وضعت عليها " الروب" الخاص بها، ثم ذهبت لترى أين ذهب شهاب، وقفت قليلًا تنظر إلى أثره، لقد ذهب إلى غرفة 'نور'، منعها الخوف من الذهاب خلفه، لكن فضولها كان أقوى، فتحت باب غرفة نور على مصراعيه، لتجد زوجها بين أحضان نور، أنهمرت دموعها دون توقف، لماذا خانها؟ لماذا نور تحديدًا؟ أبسبب عدم قدرتها على الإنجاب، أم بسبب ترددها الدائم؟!.

.................

فاقت على صوت جدها المنادي لها، رجعت مرة أخرى لأرض الواقع، أمامها هاشم و شهاب ينظرون إليها بتعجب، دارت نظراتها بينهما و بين جدها، شعور بالخوف الشديد غمرها، فالنهاية واحدة لن يستطيع أحد تحملها، قاطع نظراتها صوت جدها قائلًا:

_ ايه يا رشا؟! مالك واقفة كدا ليه؟! أطلعي فوق يلا فكري براحتك و أبقي قوليلي عايزة مين فيهم.

فكرت لثوانِ معدودة، ثم صارت تهرول خارجة من المنزل مرددة كلمة واحدة فقط.

_ مش عايزة أتجوز خلاص مش عايزة و لا واحد منهم.

نظروا بذهول إلى تصرفها الغير متوقع الجنوني، لكنهم لم ينظروا إلى مكنونها فبعد تفكيرها العميق أدركت ان العيب بها فقط، فهي مازالت أسيرة لخوفها و لم تستطع التحرر منه... بعد!

ركضت بسرعة شديدة، تريد أن تُوقف الزمن، تهرب منهما و من نفسها، تريد ان تتحرر من وحش افكارها، ليتها تستطيع نسيان كل شيء و تعود كما كانت بلا شيء، ليتها لم تعود إلى وطنها مرة أخرى
و لم تعرف بهما.
‏ ‏
‏ نور ساطع حجب عنها الرؤية لدقائق، توقف بها الزمن كما تمنت، لم تستطع تحريك قدماها قيد أنملة، ساد الظلام الحالك فلم تسمع شيء، لم تشعر بشيء، و كأن أخيرًا أمنيتها في الفناء قد تحققت.

‏ ‏........يُتبع

أنتظروا الفصل الأخير ♥️

عايزة أشوف كومنتاتكم الحلوة ♥️♥️


هدى الفقي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 06-02-21, 02:52 PM   #10

زهرورة
عضو ذهبي

? العضوٌ??? » 292265
?  التسِجيلٌ » Mar 2013
? مشَارَ?اتْي » 2,283
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » زهرورة has a reputation beyond reputeزهرورة has a reputation beyond reputeزهرورة has a reputation beyond reputeزهرورة has a reputation beyond reputeزهرورة has a reputation beyond reputeزهرورة has a reputation beyond reputeزهرورة has a reputation beyond reputeزهرورة has a reputation beyond reputeزهرورة has a reputation beyond reputeزهرورة has a reputation beyond reputeزهرورة has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   ice-lemon
¬» قناتك mbc
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

الرواية مشوقة مسكينة رشا التردد ده مصيبة فعلا هي مفروض متتجوزش، قبل ماتتعالج منتظرين الاحدات الجاية ودمتي بخير
هدى الفقي likes this.

زهرورة غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
رشا ماذا هاشم شهاب التردد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 04:08 PM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.