آخر 10 مشاركات
رواية ناسينها ... خلينا نساعدكم [ أستفساراتكم وطلباتكم ] (الكاتـب : × غرور × - )           »          نبضات حرف واحاسيس قلم ( .. سجال أدبي ) *مميزة* (الكاتـب : المســــافررر - )           »          على ضِفَّة لوحة انتظار ! وَ في لحظاتٌ تُحَيّكَ بهما الأَشْواقُ.(مكتملة) (الكاتـب : عمر الغياب - )           »          61 - الشبيــه - نان اسكويث- (مكتوبة/كاملة) (الكاتـب : SHELL - )           »          68 - ذهبي الشعر - فلورا كيد - ع.ق (الكاتـب : pink moon - )           »          128- فرس الريح - مارغريت بارغيتر - ع.ق(كتابة /كاملة)** (الكاتـب : أمل بيضون - )           »          0- عاشت له - فيوليت وينسبر -ع.ق- تم إضافة صورة واضحة (الكاتـب : Just Faith - )           »          030 - خيمة بين النجوم - دار الكتاب العربي (الكاتـب : Topaz. - )           »          [تحميل] الحظوظ العاثرة،للكاتبة/ الرااااائعه ضمني بين الاهداب " مميزة "(جميع الصيغ) (الكاتـب : فيتامين سي - )           »          شيء من الندم ..* متميزه و مكتملة * (الكاتـب : هند صابر - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > الروايات القصيرة المكتملة (وحي الاعضاء)

Like Tree131Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 17-08-22, 03:50 PM   #11

ميساء بيتي

مشرفة وكاتبة بعالمي خيالي

 
الصورة الرمزية ميساء بيتي

? العضوٌ??? » 496747
?  التسِجيلٌ » Dec 2021
? مشَارَ?اتْي » 2,029
?  مُ?إني » تائهة في ارتطامات متتالية
?  نُقآطِيْ » ميساء بيتي تم تعطيل التقييم
?? ??? ~
اذكروني بدعوة ان انقطع وصلي
افتراضي


مساء النور والرياحين 🍃

مبروووك طرحك لروايتك الاولى ريحانة
البداية رائعه جدا وكمية الثقافه الاسلاميه التي تحتويها اشعرتني براحه والحماس لقراءة المزيد من ابداعك😍

بالتوفيق ان شاء الله ننتظر البقيه 🤍




ميساء بيتي غير متواجد حالياً  
التوقيع


غيــــــــاب بلا مــدة
استودعتكم الله
وصيتــــي
تذكروني بدعوة ... ان انقطع وصلي





إبتعد أيها الحزن
فلدي رب مجيب
وصديق رغم البعد قريب

M☆D
سبحانك اللهم وبحمدك ، أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك
رد مع اقتباس
قديم 22-08-22, 09:50 AM   #12

ريحانة اليمن

? العضوٌ??? » 491868
?  التسِجيلٌ » Aug 2021
? مشَارَ?اتْي » 53
?  نُقآطِيْ » ريحانة اليمن has a reputation beyond reputeريحانة اليمن has a reputation beyond reputeريحانة اليمن has a reputation beyond reputeريحانة اليمن has a reputation beyond reputeريحانة اليمن has a reputation beyond reputeريحانة اليمن has a reputation beyond reputeريحانة اليمن has a reputation beyond reputeريحانة اليمن has a reputation beyond reputeريحانة اليمن has a reputation beyond reputeريحانة اليمن has a reputation beyond reputeريحانة اليمن has a reputation beyond repute
افتراضي

Center]]الجزء الثالث

استيقظت فزعا من نومي لا افهم ما يجري لتباغتني عائشة
-انا اتالم بشدة . يبدو ان الوقت حان
اتصلت لامي فزعا لتأتي من فورها وما ان رأت عائشة وتحدثت معها قليلا حتى عاونتها على ارتداء ثيابها وانطلقنا الى المشفى
اتصلت بأمها لاخبرها بما يجري وقد اخبرتني انها ستحاول المجيء بأقرب فرصة..قامت الطبيبة بفحص عائشة لتقوم بعدها بادخالها غرفة الولادة
دخلت معها انا وامي، امي تقرأ لها القرآن فوق راسها وانا امسك بيدها وامسح على وجهها وادعو الله لها
استمرت حبيبتي تعاني من الالام المخاض طويلا طويلا ..كان قلبي يتقطع لمنظرها وليس بيدي شيء افعله لها لم ترضى عائشة باخذ اي نوع من المسكنات خوفا من ان تضر طفلها او نفسها باي شكل وتحملت الالام المخاض بصبر وهدوء كانت الممرضة تأتي كل حين للاطمئنان ولمساعدة عائشة كذلك... ثم فجأة توقف الوقت!
امتلأت الغرفة بصراخ الرضيع .. قامت الممرضة بتقميطه واعطتني اياه لاحمله .. لا يمكنني وصف شعوري.. كانني انا وهو لوحدنا منفصلين عن العالم .. كل شيء ساكن من حولي .. لا ادرك اي شيء سوى ملمسه وملامحه الصغيرة قبلت وجنته وبدأت اكبر في اذنه لافاجئ بصوتي يرتجف … لقد كنت ابكي! ما ان انتهيت حتى التفت الى عائشة لاجدها تبكي هي الاخرى اقتربت منها قبلت راسها وحمدت الله لها بالسلامة …
قررنا تسميته حمزة.. وهكذا بت اكنى بابي حمزة

……

مع مجيء حمزة الى حياتنا تضاعفت السعادة اضعافا .. كنت اشتاق لصغيري بشكل لا يصدق فتراني احسب الدقائق حتى اعود الى البيت لاحمله واداعبه وكان هو بطبعه لطيفا حلو المعشر خفيف البكاء. احضرت له الكثيييير من الالعاب ما هو لعمره وما هو اكبر.. حتى اني احضرت له دراجة! بيتنا بات محل العاب اكثر من كونه بيتا
-لن يفسده احد سواك بكل هذا الدلال
-حبيب بابا . يستحق هذا واكثر ولو استطعت لاحضرت له نجوم السماء
… كنت مهووسا بهذا الصغير..حتى اني كنت اقوم بتغيير حفاضته احيانا واساعد عائشة في تحميمه… عائشتي الحبيبة باتت اجمل من ذي قبل وعاد وجهها للاشراق مجددا ..
وما ان انهت فترة نفاسها حتى عادت الي عروسا مجددا .. ان سألتموني متى احبتتها اكثر .. فاقول لكم اني في كل يوم احبها اكثر من الذي قبله
وان كنت اظن ان مشاعري تجاهها كانت حبا في كتب الكتاب فان ما اشعر به الان يفوق الحب باضعاف..

….
لربما تتسائلون امام هذه المثالية في الوصف عن مشاكلنا انا وعائشة .. لا يخلو بيت من مشاكل بالطبع ولكننا كنا نتجاوزها كلها لتكون هذه المشاكل سببا في اذكاء الحب بيننا ! فكما اوصيتها من بداية الزواج فان مشاكلنا لم تتعدى عتبة غرفة النوم وما ان تغضب مني حتى تصارحني بما اغضبها فارضيها وما ان اغضب حتى ترضيني .. وللحق فان مشاكلنا قليلة لا تذكر والحمد لله ولعل اكبر مشكلة صادفتنا .. كانت اضطرارها للخروج لعيادة احدى نساء الحي .. وكان الطقس شتاء والبرد قارصا . والسيل يهدد القرية لانخفاضها جغرافيا ولوقوعها بين جبلين ! خابرتني لتطلب الاذن بالذهاب فرفضت قطعا..حاولت استرجائي بشتى الطرق:
-انه عمل انساني يا عبيد .. اخشى ان يصيبها شيء ان لم اذهب
-الجو لا يسمح يا عائشة وقد تعرضين نفسك لموت محقق .. اتصلي بها واخبريها بما يجب عليها فعله دون الذهاب لها
-لا يفيد علي معاينتها بنفسي
-لا يا عائشة اياك والذهاب ثم انت لست طبيبة وقد لا تتمكنين من مساعدتها في كل حال
-احاول على الاقل.. لا يمكنني تركها تموت .. ثم بيتها ليس بعيدا جدا
-ولا يمكنني تركك تموتين عائشة.. اياك والذهاب.. هذا قول فصل .. والان اذهبي واهتمي بحمزة ودعيك من مساعي الانتحار خاصتك
اغلقت الخط وتابعت عملي، يومها عدت الى البيت متاخرا جدا بسبب سوء الطقس وانقطاع الطرقات كما ان السيل داهم القرية واغلق الشوارع الرئيسية فيها .. وصلت البيت اخيرا بشق الانفس مشتاقا لحبيبتي وحمزة .. واتوق لدفئ بيتنا وطعام دافئ يزيل عني عناء الطريق لافاجئ بالبيت فارغا من اهله .. هرعت لبيت اهلي اطرقه ..فتحت لي امي وكانت نظرات التوتر بادية عليها
-اهلا حبيبي لقد عدت اخيرا
-اماه اين عائشة وحمزة اهما لديك
-نعم حمزة في الداخل تفضل
-وماذا عن عائشة؟
نظرت لي امي بتوتر واضطرب حالها
-امي اجيبي اين عائشة؟
-لقد خرجت منذ العصر لعيادة احدى المريضات ولم تعد الى الان لقد خرج والدك منذ قليل للبحث عنها واظن
انهما في طريق العودة .. ادخل لاضع لك الطعام
لكم ان تشعروا بالنيران التي اشتعلت داخلي ..
-اين بيت تلك المريضة؟
-ادخل الان بني انت متعب وعليك بالراحة
-امي ارجوك صفي لي البيت
وما ان اخذت العنوان حتى هرعت الى المكان غير مكترث بنداءات امي لي…
كان الوصول للبيت المذكور ضربا من المستحيل بسبب السيل الذي قطع الطرق.. لكنني حاولت جهدي معرضا نفسي للخطر حتى تمكنت اخيرا من بلوغ البيت طرقته ليفتح لي رجل البيت
-السلام عليك يا جار
-اهلا اهلا ابا حمزة تفضل ادخل
-اعذرني فانا على عجلة من امري ..مرة اخرى باذن الله.. اتيت اسال عن اهل بيتي ان كانت هنا فقد اتت لعيادة اهلك اليوم
-اه نعم انها مع زوجتي فوق، كانت تود الرحيل لكن سوء الاحوال منعها من ذلك
-دعها تخرج لي اذن
لينادي على ابنته الصغيرة طالبا منها ان تنادي زوجتي
كان الغضب يغلي داخلي غليا خاصة مع وجود رجل البيت داخل بيته
جاءت عائشة وقد كانت تفرك يديها من التوتر
سلمت على الجار ليشكرني على صنيع زوجتي، ثم غادرت واياها دون ان انطق بكلمة واحدة
تمكنا واخيرا من العودة لبيتنا بشق الانفس ، لافاجئ بعدم عودة ابي الى الآن! الامر الذي دفعني للمغادرة مجددا كالمجنون للبحث عنه لكن دون جدوى ! طلبت مساعدة رجال الحي .. لتبدأ محاولة العثور عليه .. استمرت محاولاتنا الى الشروق لم نقطعها سوى لصلاة الفجر ثم واخيرا تمكنا من العثور على والدي بخير وعافية في اطراف القرية محتميا في جذوع احد الاشجار وقد احاطه السيل من كل جانب
تمكنا من اخراجه لاعود به الى البيت ..بعدها استلقيت في فراشي وغططت في نوم عميق لم استفق منه الا قرابة الظهر
حاولت عائشة ارضائي الا اني لم التفت اليها حتى.. كنت غاضبا حد الانفجار وقد اعتزلتها كليا فلم يخاطب لساني لسانها ابدا
حاولت معي بشتى الطرق .. بكت كثيرا .. اعتذرت ..اقسمت على عدم تكرار ما فعلت.. ولكني كنت اقسى من الصوان ..هجرتها ولم اعد اكلمها
كانت اطول فترة زعل تمر من بداية الزواج استمرت اسبوعا كاملا . حتى ان عائشة طلبت من امي محادثتي لعلي اهدأ دون فائدة
-اماه ارجوك لا تتدخلي فيما بيننا
-بني انها مدركة لخطأها فسامحها ارجوك.. لقد ذبلت كثيرا واخشى ان يصيبها شيء
دعيها فهي تستحق
بكت عائشة كثيرة وتدهورت صحتها لكني لم الن فقد كادت بفعلتها ان تقتلني او تقتل نفسها او تقتل ابي كما انها اضطرت للبقاء في منزل رجل غريب الامر الذي كاد يقودني للجنون فانا شديد الغيرة عليها
المهم اخيرا رق حالي لها خاصة بعدما اتت بثياب مساجين لا اعلم من اين احضرتها او من اين اتتها الفكرة .. كانت قد ربطت يديها بالحبال كذلك لتقول
اهلا سيدي الشرطي.. علمت انك غاضب فجئتك مستسلمة لتسجنني لديك واني ارجو حكما مخففا لعلمي طيبة قلبك
رق قلبي اخيرا لها خاصة مع رؤية هزالها الواضح لابتسم لها اخيرا واضمها الى صدري
قررت العفو عنك على الا تعيدي ما فعلت مجددا
بكت عائشة على صدري طويلا هذه الليلة عاتبتني بطول الجفاء واقسمت الا تكرر ما فعلت طوال حياتها.
……

مضت الايام وصغيرنا يكبر امام اعيننا وانا افرط بتدليله كما تقول امه .. انه الان في الثالثة من عمره .. سبحان الله ما اسرع الايام ! كان حمزة طفلا مهذبا ، لماحا ومحببا الى القلب…عيناه نسخة والدته اما ملامحه فتشبهني.. كانت حياتنا سعيدة جدا ومثالية
وزاد جمالها حمل عائشة للمرة الثانية
كان يمكن لحياتنا ان تظل سعيدة كما الان ولكن دوام الحال من المحال.. ولا حول ولا قوة الا بالله..

..
صحونا على محاولة اغتيال الرئيس ومحاولة انقلاب فاشلة .. ساد الهرج والمرج .. انعدم النظام وتدخل الجيش.. تم البدء بحملة اعتقالات واسعة كنت انا من بينها! انا الذي لا ناقة لي ولا جمل .. ولكن في هذه الظروف تكثر الوشايات فلا تعرف الصادق من الكاذب وقد كنت انا ضحية هذه الوشايات … في البداية وضعوني في السجن المركزي للمحافظة كان والدي يزورني يوميا للاطمئنان علي وقد حاول إخراجي بشتى الطرق لكن دون جدوى.. كانت ايام السجن طويلة قاسية وقد ذقت فيها أصنافا من العذاب لاعترف بشيء لم ارتكبه فلم افعل .. صبرت على الاذى كثيرا واظهرت جلدا وقوة
كانت امي وزوجتي وحمزة ياتون لزيارتي مرة من كل اسبوع وقد كنت احاول ان اظهر لهم بمظهر القوي الذي لا يلين او ينكسر..وان كنت قد بدأت اضعف .. كانوا يسمحون لي ان اختلي بهم شيئا يسيرا من الزمن ، اشبع عيناي برؤيتهم واطمئن عليهم .. كانت عائشة تصبرني وتبتسم في وجهي دائما باثتة قوة خفية داخلي على عكس امي التي ما ان تراني حتى تنهمر دموعها فاخذها في حضني مطبطبا عليها ، اواسيها واحثها على الصبر لعل الله يحدث بعد ذلك امرا…

مضت ثلاثة اشهر وانا في السجن وقد علمت انا ووالدي ان وشايتي صعبة وتهمتي كبيرة وقد تيقنت من عدم خروجي او على الاقل ليس قبل وقت بعيد جدا
ما زالت عائشة وامي تواظبان على زيارتي اسبوعيا .. اليوم هو يوم الزيارة كنت مشتاقا لهن كثيرا
وعلى غير العادة كانت عائشة حزينة وقد غابت ابتسامتها المعتادة كانت بطنها قد انتفخت قليلا فقد قاربت شهرها الرابع
اخبرتني بصوت يرتجف ان الطبيبة تظن انها طفلة لكنها غير متاكدة وستتاكد في المرة القادمة تحسست بطن زوجتي بحب وقبلته استودعتها الله هي وجنينها وحمزة ..عانقتها بقوة ففي داخلي شعورمريع بالفقد لا افهمه! وقد بكت عائشة ..بكت لأول مرة امامي مذ سجنت.. لاعتصرها داخلي عصرا .. بكى حمزة كذلك لبكاء امه .. لاقوم باحتضانه هو وامه ..احتضنتهما عميقا جدا لا أقوى على تركهما ابدا .. كانني في داخلي اشعر انها المرة الاخيرة.. كانت عائشة تتشبث بي اكثر فاكثر وانا ادفنها داخلي اكثر فاكثر .. اردت البكاء بشدة.. شعرت بحنين كبير لم افهم سببه تمنيت لو يدوم هذا الحضن الى الابد لكنني عوضا عن كل هذا ابعدتهم عني اخيرا مكفكفا دموع عائشة
-كوني بخير حبيبتي واهتمي لطفلينا.. باذن الله قليلا بعد وسترينني امامك
-هما في عيناي.. اهتم انت بنفسك وكن بخير لاجلنا وسانتظرك اعدك انني سانتظرك حتى لو لاخر العمر
كانها كانت تعلم انني لن اعود وانها اخر مرة ستراني !
نظرت حينها لأمي كانت تنتحب بصمت, لأذهب إليها مقبلا يديها بعمق لتقوم باحتضاني فأحضنها انا الآخر, أتشبث بها كطفل صغير يحاولون ابعاد أمه عنه, أقبل رأسها وانا اشعر بالدموع تكاد تطفر من عيني, سألتها الرضى:
- قلبي راضٍ عنك يا حبيبي, يا نور عيني وبإذن الله نفرح قريبا بخروجك وإنارتك لبيتك يا روحي
-اوصيك بعائشة وحمزة يا امي لا يضيمهما شيء في غيابي
-اتوصيني على ابنتي وحفيدي؟ والله اني لاحبها كاكثر مما احبك, اهتم لنفسك فقط يا قلب امك لعلك تعود الينا قريبا
وفي داخلي كنت اشعر اني لن أعود!
وبالفعل بعد يومين تم نقلي لسجن اخر غير هذا
لم اعرف مكانه لكنه يبدو منعزلا لوعورة الطريق التي سلكناها وطولها . كانت كانها طريق بين الجبال!
وهناك بدأت سلسلة عذاب لا تنتهي استمرت 7 سنوات كاملة جردتني انا ومن معي من انسانيتنا بل ومن انفسنا!
….


في السجن ينعدم الوقت يصبح بلا معنى فاليوم كالامس والامس كقبله .. عجلة الايام رتيبة لا تدور .. ولا امل لك بالمستقبل .. كيف وقد أخذونا لسجن منعزل دون اية محاكمة او تهم واضحة على خلفية سياسية؟ لعل الموت اقرب لنا من الحرية
لن اطيل عليكم ما تكبدته طوال السبع سنوات لكيلا اتعب قلوبكم وادمي اعينكم ولاني لا اريد اجترار الذكريات كذلك .. رفقاء كثيرون منا قضوا تحت التعذيب .. زبانية السجن يتلذذون بهذا بل وبعضهم يتنافس مع الاخرين في كمية الارواح التي ازهقها. كاننا مجرد حشرات تدوسها اقدامهم!
في زنزانتي كنا خمسة .. واحد ويدعى ابراهيم كان حديث السن في الخامسة عشرة.. كنت اشفق عليه جدا فاي ذنب يكون قد ارتكبه ليلقى هذا المصير وهو الذي لم يرى من الدنيا شيئا بعد…
ما زال صوته يهدر في راسي للان وهو تحت وطأة التعذيب.. كنت اصرخ عليهم حينها اطالبهم بتركه واخذي بدلا منه .. لياتي احد الحراس ضاحكا .
-لا تقلق لك نصيب ايضا وان شئت ضاعفنا لك العذاب
…..

ورغم كل شيء فقد كنت احاول بث الروح المعنوية لدى رفقاء زنزانتي … اذكرهم بالآخرة.. احدثهم عن الجنة. .. اذكر لهم قصص الصحابة والتابعين وصبرهم على الابتلاءات …فذاك بلال يعذب في رمضاء مكة… وال ياسر يعذبون حتى الموت …لذا فلنصبر ولنصبر فاما الموت فالجنة وأما الحرية… اما هذا السجن فمرحلة انتقالية فانية وعذابنا فيها لن يدوم! .. كما كنت حريصا جدا على الصلوات ولكوننا ممنوعون من الخروج اطلاقا من الزنزانة تحت اي ظرف سوى لغرفة التعذيب فلم اكن اعرف مواقيت الصلاة الا من الضوء الذي يصلنا من النافذة الصغيرة في اعلى الجدار.. كنت استعين بالظل لمحاولة تحديد الوقت .. فاصطف ويصطف رفقائي واكبر يهم للصلاة.. ومع الوقت بدأ رفاق الزنازين الاخرى بالانضمام الينا للصلاة …حتى أنه ذات مرة اصطف تقريبا معظم السجناء في الزنازين لأصلي بهم صلاة الفجر .. كبرت الله اكبر.. ليصل مدى صوتي من هذه الزنزانة الضيقة الى اعالي السماء الواسعة .. لم يعجب زبانية السجن وضعنا يومها .. وإن كانوا سمحوا لنا قبلا بالصلاة رغم قيامهم بالضحك والاستهزاء كلما وقفنا نصلي ... لكن اليوم ومع كل هذا الجمع .. .. فقد شعروا ان في الامر خطورة ولعلهم خافوا من قيامنا بتمرد جماعي ان استمرينا بهكذا صلاة .. . لذا دخلوا علينا يضربون ويركلون .. وقد طالتني العديد والعديد من الركلات لاقع على وجهي فأقوم وانهض مستمرا في صلاتي .. فيبالغون في ضربي ولكني كنت اكثر منهم عنادا.. لاستمر بالصلاة والقراءة حتى لم اعد أقوى على القيام!
ومن بعد هذا اليوم منع اي تجمع للصلاة وان كان لاثنين ولم يسمح الا بصلاة الفرد لوحده على شرط ان تكون سرية دون جهر! ولكني طبعا لا اتوب ولا استسلم.. فان كنت لم اعد اؤم احدا خوفا من بطشهم عليه فاني لم اتنازل عن الجهر في الصلوات الجهرية .. بل كنت اصليها باعلى صوتي متعمدا اغاظتهم . فياتون ويضربون ويضربون حتى لا اقوى على الوقوف … لاعيد الكرة في الصلاة التي بعدها والتي بعدها فلا انا امل ولا هم …
….

ذات مرة جاءوا لأخذ ابراهيم لغرفة التعذيب وقد كانوا أخذوه لها البارحة كذلك وقد عاد منها يومها مليئا بالكدمات لا يقوى على الوقوف …حاولت منعهم وطلبت منهم اخذي بدلا عنه فلم يقبلوا .. مع سماع صوته يعذب فقدت اعصابي فتوجهت للحارس مطالبا اخذي مكان ابراهيم لينظر لي باستهزاء
-الم تتعب من هذا الطلب شيخنا . ثم لا تقلق لك نصيب مرتب ايضا
لأقوم بالبصق في وجهه لعلي امسح ابتسامته الكريهة
قام بمسحها وهو ينظر الي
-اقرأ الفاتحة على روحك
ودعني رفقاء السجن يومها كالشهيد وقد كنت مدركا اني لن اعود
لن اصف لكم بشاعة ما حدث لي بعدها من تعذيب
ولكنني لم اصرخ .. وقد كنت دائما لا اصرخ .. نصحنا حازم وهو احد رفقاء الزنانة الخمسة بالصراخ
لا تحبسوا صراخكم فهذا يساعد على تحمل الالم

لكني لم اكن اريد ان اجعلهم يتلذذون بتعذيبي فلم اكن اصرخ .. وقد كنت ارى مضاعفتهم لعذابي لحثي على الصراخ فاكون اكثر عنادا منهم واكتفي بقول ..احد احد .. تماما كما بلال حينما عذب بالصخرة في رمضاء مكة ..
يومها كان التعذيب فوق طاقتي .. لم يترك ذلك الحقير الذي تفلت في وجهه وقد تسلم تعذيبي برحابة صدر ..بقعة من جسدي الا واذاقها مر العذاب ورغم هذا لم اصرخ
شعرت بكل ذرة من جسدي تنفصل عني ثم تعود .. ورغم هذا لم اصرخ .. كنت احاول تذكر ايات من القرآن تحثني على الصبر واصبر نفسي بالجنة .. ثم اخيرا فقدت الاحساس بجسدي وبت اغيب عن الوعي رويدا رويدا لاغرق في دهاليز الظلام!
…….

استيقظت بعد اسبوع كامل .. لافجأ انني ما زلت على قيد الحياة .. حاول رفقائي تطبيبي قدر استطاعتهم ومعالجة جروحي ومنعها من الالتهاب بطرقهم البدائية .. كنت بحاجة طبعا لعلاج مكثف لذا كان موضوع نجاتي ضربا من المستحيل . وبالفعل داهمتني حمى قوية بعد استيقاظي لأكون في عالم الصحو وغير الصحو .. استمرت الحمى شهرا كاملا .. وصلت بها الموت مرات ومرات ولكن ما زال في العمر بقية .. بعد شهر بدأت الحمى تخف تدريجيا وبدأت جراحي تلتئم .. كان هذا ضربا من المعجزات … وبعدها باسبوع تمكنت أخيرا من النهوض والجلوس لافاجئ بغياب إبراهيم وحازم لاعلم من رفقائنا انهم قضوا تحت وطأة التعذيب
بكيت يومها ولاول مرة كطفل صغير… بكيت أصدقاء ورفاق عشت معهم اسوء ايامي فكانوا خير معين .. بكيت ابراهيم وحداثة سنه ..بكيت حسرة والديه عليه .. ثم بمعاونة رفقائي صليت عليهم صلاة الغائب ودعوت الله لهم بالرحمة والمغفرة ..

…..

كانت حصتنا من الطعام رغيفا يابسا لكل واحد وكوبا واحدا من الماء يوميا ..كنت ابل الرغيف بالماء ليسهل علي هضمه .. وللحق دون بله بالماء يكون اكله شبه مستحيل ليبوسته وتحجره ! قد يكون الرغيف متعفنا احيانا فأقتطع الجزء المتعفن واتناول ما تبقى .. واحيانا يكون كله متعفنا فاتركه وتطيب نفسي منه …
رفيقي حامد كان قد حصل على رغيف متعفن لمدة ثلاث ايام متواصلة.. اظنهم تعمدوا هذا .. لمعاقبته على الصراخ في وجه احد الحراس … لاقوم انا بمشاركته حصتي.. رفض في البداية
بالكاد يكفيك يا شيخ
-طعام الواحد يكفي الاثنين يا حامد .. كل بسم الله
قاسمته طعامي لافاجئ بحصولي انا على رغيف متعفن !
-اترى يا شيخ قلت لك لا تطعمني فهؤلاء وحوش لا بشر
-لا عليك يا صديقي.. فنحن هنا نتقاسم المصير نفسه . فلا يضيق صدرك
حينها حاول امجد رفيقنا الثالث مشاركة خبزه معنا الا اننا رفضنا رفضا تاما ولكن بعد خمسة أيام قبلنا المشاركة تحت وطأة الجوع الشديد وخوفا من الهلاك . لياخذ حصته من الخبز المتعفن هو الاخر ..وقد كان العفن شديدا بحيث لا يمكننا التفكير في تناوله حتى
-ها قد أصبحنا ثلاثة منحوسين الى الان.. قال حامد ساخرا
-يبدو ان علينا تناول الخبز المتعفن .. اجابه امجد
-لو سمحت انا اريد العفن الأخضر فهو الذ ورائحته اشلب .. علق حامد بسخرية

وبالفعل مع تقدم الأيام لم نعد نجد بدا من تناول الخبز المتعفن لنبقى على قيد الحياة وقد كنا نغمض اعيننا ونغلق أنفنا وناكل اليسير الذي يمكننا من المواصلة أحياء .. وقد كنا نتندر كثيرا باكلنا هذا الخبز
-الحمد لله .. لقد ادوا مهمتهم على خير وجه.. فنحن الآن متعفنون من الداخل والخارج.. عقب حامد مازحا
…..

وهكذا مع اختصار الكثير والكثير والكثير من المعاناة انقضت السبع سنوات.. ودعنا فيها رفقاء كثيرين قضوا نحبهم لنصلي عليهم صلاة الغائب ونودعهم الى الابد ننتظر دورنا.. كان حامد قد قضى أيضا في سنتنا الخامسة .. مخلفا خفة دمه وتندره الدائم.. ولم يتبقى سواي وامجد وقد كان امجد كثيرا ما يتندر في من سيموت اولا
-اظنني ساموت قبلك يا شيخ فأنت كالقط بسبعة أرواح
-الاعمار بيد الله يا امجد وما السجن الا سبب ومتى حانت ساعتنا سنموت ولو كنا نياما في اسرتنا.
……

ثم وفي سنتنا السابعة وقد كنا آيسنا الخروج .. اذ بنا نفاجئ ذات يوم بدخول الحراس علينا ليشبعونا ضربا ثم قاموا بتقييدنا وربط عيوننا واقتادونا كما يتم اقتياد الخواريف أثناء الذبح.. ظننت أنهم سيبيدوننا جماعيا هذه المرة ولكن عوضا عن هذا اخذونا داخل شاحنة.. لتقود بنا إلى حيث لا ندري.. ثم بعد مدة طويلة توقفت الشاحنة والقوا بنا على الطريق وغادروا تاركين ايانا لوحدنا!

……
[/center]


ريحانة اليمن غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 22-08-22, 09:54 AM   #13

ريحانة اليمن

? العضوٌ??? » 491868
?  التسِجيلٌ » Aug 2021
? مشَارَ?اتْي » 53
?  نُقآطِيْ » ريحانة اليمن has a reputation beyond reputeريحانة اليمن has a reputation beyond reputeريحانة اليمن has a reputation beyond reputeريحانة اليمن has a reputation beyond reputeريحانة اليمن has a reputation beyond reputeريحانة اليمن has a reputation beyond reputeريحانة اليمن has a reputation beyond reputeريحانة اليمن has a reputation beyond reputeريحانة اليمن has a reputation beyond reputeريحانة اليمن has a reputation beyond reputeريحانة اليمن has a reputation beyond repute
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة زهرورة مشاهدة المشاركة
مبروووك روايتك الاولى ريحانة اليمن اتمنى لك التوفيق ..الرواية ماشاءالله حلوة وراقية الله يبارك فيك .متابعينك بإذن الله مش ف حكاية عبيد الله وعائشة.

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة تيلينجانا مشاهدة المشاركة
رواية جميلة متابعينك بإذن الله .
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ميساء بيتي مشاهدة المشاركة
مساء النور والرياحين 🍃

مبروووك طرحك لروايتك الاولى ريحانة
البداية رائعه جدا وكمية الثقافه الاسلاميه التي تحتويها اشعرتني براحه والحماس لقراءة المزيد من ابداعك😍

بالتوفيق ان شاء الله ننتظر البقيه 🤍
سعيدة انا بكلماتكم الرائعة والمشجعة
جد كثير انبسطت
وباذن الله تعجبكم الرواية()


ريحانة اليمن غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 22-08-22, 10:47 PM   #14

ميساء بيتي

مشرفة وكاتبة بعالمي خيالي

 
الصورة الرمزية ميساء بيتي

? العضوٌ??? » 496747
?  التسِجيلٌ » Dec 2021
? مشَارَ?اتْي » 2,029
?  مُ?إني » تائهة في ارتطامات متتالية
?  نُقآطِيْ » ميساء بيتي تم تعطيل التقييم
?? ??? ~
اذكروني بدعوة ان انقطع وصلي
افتراضي

يالله بكيت هذا الفصل
بكيت قسوة الناس
وحسرة المساجين
اي قلوب متحجرة هذه
💔

حبيبتي ريحانه فصل رائع محمل بالاحاسيس والمشاعر والوصف الذي يخترق القلب وينهشها

بانتظارك 🥀


ميساء بيتي غير متواجد حالياً  
التوقيع


غيــــــــاب بلا مــدة
استودعتكم الله
وصيتــــي
تذكروني بدعوة ... ان انقطع وصلي





إبتعد أيها الحزن
فلدي رب مجيب
وصديق رغم البعد قريب

M☆D
سبحانك اللهم وبحمدك ، أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك
رد مع اقتباس
قديم 23-08-22, 07:05 AM   #15

ريحانة اليمن

? العضوٌ??? » 491868
?  التسِجيلٌ » Aug 2021
? مشَارَ?اتْي » 53
?  نُقآطِيْ » ريحانة اليمن has a reputation beyond reputeريحانة اليمن has a reputation beyond reputeريحانة اليمن has a reputation beyond reputeريحانة اليمن has a reputation beyond reputeريحانة اليمن has a reputation beyond reputeريحانة اليمن has a reputation beyond reputeريحانة اليمن has a reputation beyond reputeريحانة اليمن has a reputation beyond reputeريحانة اليمن has a reputation beyond reputeريحانة اليمن has a reputation beyond reputeريحانة اليمن has a reputation beyond repute
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ميساء بيتي مشاهدة المشاركة
يالله بكيت هذا الفصل
بكيت قسوة الناس
وحسرة المساجين
اي قلوب متحجرة هذه
💔

حبيبتي ريحانه فصل رائع محمل بالاحاسيس والمشاعر والوصف الذي يخترق القلب وينهشها

بانتظارك 🥀
اهلا بالجميلة ميساء
سعيدة انا بعودتك مجددا❤️
صادقة السجناءالسياسين خصيصا وضعهم ميؤوس منه في السجون
تفاصيل التعذيب في السجن مقتبسة من احداث حقيقية فانا كنت كثيرة القراءة لهذا النوع من الادب ومع ان اخر ما قراته كان تقريبا من ثمانية سنوات لكن ما زلت اذكر تفاصيل العديد من الامور لبشاعتها وفي الرواية وانا اكتب حاولت اقلل من كم الامور الفظيعة اللي شافوها واختار مقتطفات اقل وحشية لحتى ما اؤذيكم وانتم تقرؤوا
سعيدة اني غدرت اوصلك المشاعر والوصف❤️ ابقي في القرب الرواية مش معقدة ولا طويلة بحسها كسحابة صيف عابرة سهلة وبسرعة بتنتهي بتناسب بداياتي مع عالم الكتابة


ريحانة اليمن غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 23-08-22, 01:59 PM   #16

ميساء بيتي

مشرفة وكاتبة بعالمي خيالي

 
الصورة الرمزية ميساء بيتي

? العضوٌ??? » 496747
?  التسِجيلٌ » Dec 2021
? مشَارَ?اتْي » 2,029
?  مُ?إني » تائهة في ارتطامات متتالية
?  نُقآطِيْ » ميساء بيتي تم تعطيل التقييم
?? ??? ~
اذكروني بدعوة ان انقطع وصلي
Icon26

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ريحانة اليمن مشاهدة المشاركة
اهلا بالجميلة ميساء
سعيدة انا بعودتك مجددا❤
صادقة السجناءالسياسين خصيصا وضعهم ميؤوس منه في السجون
تفاصيل التعذيب في السجن مقتبسة من احداث حقيقية فانا كنت كثيرة القراءة لهذا النوع من الادب ومع ان اخر ما قراته كان تقريبا من ثمانية سنوات لكن ما زلت اذكر تفاصيل العديد من الامور لبشاعتها وفي الرواية وانا اكتب حاولت اقلل من كم الامور الفظيعة اللي شافوها واختار مقتطفات اقل وحشية لحتى ما اؤذيكم وانتم تقرؤوا
سعيدة اني غدرت اوصلك المشاعر والوصف❤ ابقي في القرب الرواية مش معقدة ولا طويلة بحسها كسحابة صيف عابرة سهلة وبسرعة بتنتهي بتناسب بداياتي مع عالم الكتابة
مساءك عسل ك حلاوة كلماتك يا مبدعه ✨
قليل من الأقلام الجميله والنادرة التي تتطرق لهذه المسائل المؤلمة وتجسدها بأسطر واحداث
وحقا روايتك ملخص بسيط عن وضع السياسين والمسؤولين فالسجن والاحداث المؤلمه التي تجري في هذه الدنيا

بالتوفيق ياجميله
وبانتظار ابداع حرفك 🤍


ميساء بيتي غير متواجد حالياً  
التوقيع


غيــــــــاب بلا مــدة
استودعتكم الله
وصيتــــي
تذكروني بدعوة ... ان انقطع وصلي





إبتعد أيها الحزن
فلدي رب مجيب
وصديق رغم البعد قريب

M☆D
سبحانك اللهم وبحمدك ، أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك
رد مع اقتباس
قديم 23-08-22, 07:28 PM   #17

زهرورة
عضو ذهبي

? العضوٌ??? » 292265
?  التسِجيلٌ » Mar 2013
? مشَارَ?اتْي » 2,283
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » زهرورة has a reputation beyond reputeزهرورة has a reputation beyond reputeزهرورة has a reputation beyond reputeزهرورة has a reputation beyond reputeزهرورة has a reputation beyond reputeزهرورة has a reputation beyond reputeزهرورة has a reputation beyond reputeزهرورة has a reputation beyond reputeزهرورة has a reputation beyond reputeزهرورة has a reputation beyond reputeزهرورة has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   ice-lemon
¬» قناتك mbc
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

الفصل رهيبب ياريحانة مشاهد التعذيب للسجناء مرعب عبدالله وحامد وإبراهيم الطفل حسبي الله ونعم الوكيل يمسكوا الشباب من غير اي ادله بس عشان يفرضوا هيبتهم ..هذا حالنا للاسف ..منتظرين بشوق نشوف ايش حيصير لعبدالله وصاحبه بعد مارموهم ..اتمنى لك التوفيق

زهرورة غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 23-08-22, 07:31 PM   #18

تيلينجانا

? العضوٌ??? » 471660
?  التسِجيلٌ » May 2020
? مشَارَ?اتْي » 43
?  نُقآطِيْ » تيلينجانا is on a distinguished road
افتراضي

ياالله الفصل حزين انقهرت على المساجين قديش اتعذبوا .سلمت يداكي على قلمك الراقي وأسلوبك الجميل .

تيلينجانا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 24-08-22, 10:26 PM   #19

ريحانة اليمن

? العضوٌ??? » 491868
?  التسِجيلٌ » Aug 2021
? مشَارَ?اتْي » 53
?  نُقآطِيْ » ريحانة اليمن has a reputation beyond reputeريحانة اليمن has a reputation beyond reputeريحانة اليمن has a reputation beyond reputeريحانة اليمن has a reputation beyond reputeريحانة اليمن has a reputation beyond reputeريحانة اليمن has a reputation beyond reputeريحانة اليمن has a reputation beyond reputeريحانة اليمن has a reputation beyond reputeريحانة اليمن has a reputation beyond reputeريحانة اليمن has a reputation beyond reputeريحانة اليمن has a reputation beyond repute
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ميساء بيتي مشاهدة المشاركة
مساءك عسل ك حلاوة كلماتك يا مبدعه ✨
قليل من الأقلام الجميله والنادرة التي تتطرق لهذه المسائل المؤلمة وتجسدها بأسطر واحداث
وحقا روايتك ملخص بسيط عن وضع السياسين والمسؤولين فالسجن والاحداث المؤلمه التي تجري في هذه الدنيا

بالتوفيق ياجميله
وبانتظار ابداع حرفك 🤍
ما اسعدني بكلامك وتشجيعك ادامك الله يا ميساء الغالية وادام لطفك❤️❤️❤️

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة زهرورة مشاهدة المشاركة
الفصل رهيبب ياريحانة مشاهد التعذيب للسجناء مرعب عبدالله وحامد وإبراهيم الطفل حسبي الله ونعم الوكيل يمسكوا الشباب من غير اي ادله بس عشان يفرضوا هيبتهم ..هذا حالنا للاسف ..منتظرين بشوق نشوف ايش حيصير لعبدالله وصاحبه بعد مارموهم ..اتمنى لك التوفيق
اه والله، وما خفي في السجون كان اعظم، لكن الحمد لله هنالك اخرة وحساب
سعيدة انا بمتابعتك معي يا حبيبة❤️❤️😍 وان شاء الله تعجبك الفصول القادمة

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة تيلينجانا مشاهدة المشاركة
ياالله الفصل حزين انقهرت على المساجين قديش اتعذبوا .سلمت يداكي على قلمك الراقي وأسلوبك الجميل .
حبيبتي تيلينجانا❤️ سعيدة بردك ومتابعتك معي وباذن الله يعجبك القادم


ريحانة اليمن غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 24-08-22, 10:30 PM   #20

ريحانة اليمن

? العضوٌ??? » 491868
?  التسِجيلٌ » Aug 2021
? مشَارَ?اتْي » 53
?  نُقآطِيْ » ريحانة اليمن has a reputation beyond reputeريحانة اليمن has a reputation beyond reputeريحانة اليمن has a reputation beyond reputeريحانة اليمن has a reputation beyond reputeريحانة اليمن has a reputation beyond reputeريحانة اليمن has a reputation beyond reputeريحانة اليمن has a reputation beyond reputeريحانة اليمن has a reputation beyond reputeريحانة اليمن has a reputation beyond reputeريحانة اليمن has a reputation beyond reputeريحانة اليمن has a reputation beyond repute
افتراضي

الجزء الرابع

بداية لم نستوعب اطلاقا ما يجري!
حاولنا فك وثاقنا.. نجح البعض بفكه بصعوبة فقاموا بفك وثاق الاخرين..
ما زلت اذكر شعاع الشمس الذي باغتني.. اغمضت عيناي بقوة ووضعت يداي فوق راسي احتمي من ضوء الشمس ، ظللت مغمضا عيناي لفترة حتى بدأت رويدا رويدا اعتاد الوضع الجديد
فتحتهما بصعوبة .. كانت عيناي تؤلمانني بشدة كما راسي فانا اعتدت الظلام لسبع سنين لدرجة اني نسيت الضوء وكيف يبدو
احتجت وقتا طويلا حتى تمكنت من الرؤية بوضوح .. كان الامر كاني ولدت للتو..
شمس وضياء ونور ورمال تحيطني من كل الجوانب.. لم اصدق نفسي .. سجدت طويلا وشكرت الله كثيرا ..كثيرا جدا ..ثم امسكت حفنة من الرمال بيداي.. كانت يداي ترتجفان بقوة والرمال الساخنة من لهيب الشمس تتسرب من بينهما.. رفعت الرمال الى وجهي ونثرتها عليه .. استنشقت رائحتها .. رائحة الارض.. الحرية .. لا اكاد اصدق نفسي .. بكيت، بكيت كطفل صغير .. كانت مشاعري غريبة وغير مفهومة .. خليط من الغبن والظلم وعدم التصديق.. احقا حر.. اخيرا.. ايعقل؟ سبحانك يا رباه ما اعظمك.. ضاقت فلما استحكمت حلقاتها فرجت!
كان وضع السجناء الاخرين لا يختلف عن وضعي.. حتى ان بعضهم جلس يتمرمغ في الرمال.. كما تعالت اصوات الصراخ الجنونية من بعضهم .. لا اظن اننا كنا فرحين بقدر ما كنا مصدومين وغير مدركين لما يجري !
بعد وقت طويل استفقنا من الصدمة وبدأنا رويدا رويدا ندرك اننا في الصحراء.. صحراء قاحلة مقفرة لا نعرف طريقها ولا كيف الخروج منها
في الايام الاولى كان حماس الحرية يجعلنا نذب السير، على غير هدى في الواقع، لكن كنا نسير متحمسين ولا مبالين فكل شيء يهون امام ما كابدناه في سنوات السجن ، كانت الليالي باردة جدا بل قارصة البرودة اما في النهار وخاصة الظهيرة فقد كنا نشوى من الحرارة ..لم يكن معنا زاد ولا ماء كنا كمن يموت ويعذب بالبطيء
بعضنا بدأ بالقول انهم ما تركونا هنا الا لنموت.. ميتة بطيئة بشعة.. بدأت هذه الفكرة بالتسلل الينا يوما بعد يوم حتى سيطرت علينا كليا وبدأ الياس يتسرب الينا
كنا قد نجحنا في اقتناص بعض الماء من بعض النباتات التي وجدناها، اما بمحاولة عصر النبتة لاستخراج عصارتها او بالحفر اسفل منها لبضع الأمتار، لكنه كان شحيحا هو الاخر والماء الذي كنا نجده كان بالكاد يكفي لترطيب حلوقنا ليس الا.. بعد ثلاثة ايام بدأ بعض الرفقاء بالانهيار .. توفي البعض .. دفناهم وصلينا عليهم .. صلاة حاضرة هذه المرة! وليست صلاة الغائب كما كنا في ايام السجن…
استبد الياس بنا وفقدنا الامل وبات كل منا ينتظر يومه كما اكلنا الجوع ونهش عظامنا .. ثم ومع بلوغنا اليوم السابع وكان اكثر من نصفنا بقليل قد قضوا ..وجدنا الطريق! كانت طريقا ترابية يبدو انها هيأت لمرور السيارات ومن جانبي الطريق تناثرت بعض اشجار الصبار.. ولحسن حظنا كانت بعضها مثمرة.. كانما بعثنا من جديد.. هكذا شعرنا… تقاسمنا الثمار فيما بيننا ولم نبالي بالاشواك التي وخزتنا .. جلسنا على جانبي الطريق نترقب مرور اي احد .. كنا 15 شخصا نراقب باعين كانها الصقور .. كان لتناول الطعام الاثر الكبير في تحسن نفسيتنا.. اصبحنا نتندر ونتبادل الاحاديث وقد كنا في الايام الماضية ممتنعين كليا عن الكلام..
ثم في اليوم التالي جاء الفرج والحمد لله.. كان مزارعا يسوق شاحنة لنقل الخراف.. اقتطعنا طريقه .. 15 شخصا يسدون الطريق ويصرخون رافعين ايديهم.. لقد اكل رعبة مرتبة! ولكنه رغم هذا وافق على اخذنا معه الى العاصمة.. لا يمكنني اخباركم بسعادتنا وقد اصطففنا جنبا الى جنب برفقة خواريفه .. تزكم انوفنا رائحتها فنراها أطيب رائحة وقد يتغوط بعضها فلا يضيرنا الموضوع او يضايقنا البتة.. بل حتى ان خالد -أحد الرفاق- قام باحتضان احدها وتقبيلها قائلا
ما احلاك وما ألذك مشوية فوق الفحم .

…..

قام المزارع بانزالنا في العاصمة .. قمنا بتوديعه بشكل حار اكثر من اللازم امتنانا لانقاذه حياتنا.. بعضنا قام باحتضانه والاخر بتقبيل راسه بل وقام البعض بتقبيل يديه وخالد مثلا قام بالتسليم عليه بحرارة فائقة ثلاث مرات!
وبعدها قمنا بالتفرق نحن ايضا كل الى وجهته بعد ان ودعنا بعضنا .. وقد قمت انا وأمجد رفيقي الاخير في الزنزانة بتبادل العناوين لعلنا نزور بعضنا يوما ما …
….
سرت في العاصمة على غير هدى لا وجهة لدي.. كنت متفاجئا بحجم التغييرات.. كانت الارصفة غير الارصفة والشوارع غير الشوارع بل وحتى الناس بدو لي مختلفين .. كنت احاول ان افكر في طريقة لاصل الى قريتي وأنا الذي لا املك فلسا واحدا.. وللوصول للقرية على اخذ القطار ثم الحافلة … فكرت في قيامي بالاستجداء لكن كرامتي وعزة نفسي ابتا علي ذلك.. فكرت بالعمل لكن أي عمل يمكنني ان اجد ومن يقبل بتوظيفي عنده.. ربما اعمل في العتالة .. بدت لي فكرة ممكنة.. لكن بالنظر إلى جسمي وهزالته فانني انا نفسي احتاج الى من يحملني!
لم يطل التفكير بي طويلا.. فقد وجدت أبا عمار .. صاحب البقالة في قريتي يقوم بتحميل بضاعة له في شاحنته .. هرولت اليه مسرعا غير مصدق
-ابو عمار .. كيف حالك يا جار
نظر إلي باستغراب شديد
-عذرا يا سيد فأنا لم أعرفك
-انه انا عبيد الله .. ابو حمزة ابن الإمام محمود
تفرس في ملامحي بشدة كانه غير مصدق لما يرى مما اثار ريبتي انا الاخر لاقول:
-ما بك يا ابا عمار ألم تعرفني
-سبحان الله،سبحان الله ..يحيي العظام وهي رميم
ثم قام باحتضاني بقوة


واخيرا ها أنا في شاحنة أبي عمار.. أجلس في المقعد المجاور للسائق راسي مستلقية على المقعد المريح وفكري مسافر بعيدا... حيث احبتي ..شوقي للقياهم لا يوصف.. شوق عاصف.. اشتاق لامي.. لرائحة طعامها يوم الجمعة … لابي والصلاة خلفه.. عائشة حبيبة القلب وروح الروح.. وحمزة مؤكد كبر كثيرا واصبح رجلا يعتمد عليه ،و طفلتي التي لم ارها.. انني حتى لست متاكدا ان كانت بنتا الى الآن.. يا ترى ماذا فعلت بهم الدنيا.. أغدرت بهم كما غدرت بي؟
كيف يا ترى سيكون اللقاء؟ كيف وقد اخبرني ابو عمار أن خبر وفاتي وصلهم منذ سبع سنوات.. تقريبا بعد ثلاثة شهور من ذهابي الى سجني المعزول .. كيف سيكون شعورهم بلقاء ميتهم حيا يرزق؟ أخشى عليهم من الصدمة .. طمأنني ابو عمار انهم بخير وهذا كان اهم شيء عندي كما حدثني عن حمزة
يشبهك تماما.. تبارك الله احسن الخالقين .. ادب واخلاق وجمال..
كنت اترقب بشوق مضي الوقت للوصول إليهم .. لا تفصلني عنهم سوى ساعات معدودة لكنني لا أطيق صبرا.. فقد شعرت ان هذه الساعات تمر علي بطيئة أكثر من سنوات سجني
كانت ذكراهم تعطيني دافعا قويا على الصبر في السجن وتحمل الأذى.. كنت اذكرهم كل يوم… أراجع ذكرياتي معهم.. لكي لا انسى ولا اقنط .. كانوا خير دافع بل واقوى مسكن مكنني من تحمل الاذى والصبر على المصاب
اتذكر امي، رائحتها، حنانها وابتسامتها ووجهها الابيض.. اذكر دعواتها وتبخيرها لي كل يوم جمعة قبل الصلاة
ابي .. حزمه وحنانه في الوقت ذاته.. علمه الغزير الذي استقيت منه الكثير
عائشة.. تخيلتها مرارا .. تخيلتها عروسي مرات ومرات.. اتذكر ضحكتها ابتسامتها كلامها الذي ينزل على قلبي كالبلسم .. حتى قبلاتي لها اذكرها..واتوق الى احتضانها واعادتها اخيرا الى صدري .. الى حيث تنتمي.. والى الأضلاع التي تصرخ مشتاقة اليها كل ليلة.. فقدتها في سنوات سجني جدا .. فقدت لمساتها الحانية وشعرت بالجليد يسكنني ..
وحمزة طفلي الحبيب .. كنت اتخيل شكله كيف يبدو وكيف بدلته السنين أراه في مخيلتي الطفل ذا الثلاثة اعوام .. أراني احضنه واحضر له الحلوى وكل ما يتمنى
وطفلتي الحبيبة اتخيلها عائشة الصغيرة .. ارى نفسي في سجني اداعبها واناجيها فيمتلئ قلبي حبا لها

لا اكاد اصدق انني اخيرا سألقاهم اخيرا ستكتحل عيوني بالنظر اليهم بعد ان بدأوا بالتسرب من ذاكرتي رغم كوني كنت اذكر نفسي بملامحهم كل ليلة في سجني خوفا من فقدانهم
ساقبل يد امي.. كثيرا كثيرا استنشق رائحتها اقبل راسها وابكي على صدرها كما كنت صغيرا
ساحضن والدي واقبل يده وراسه بل وقدميه
حمزة وانا الذي اتخيله طفلا في الثالثة.. كيف يبدو ماذا سيفعل حينما يدرك ان بابا عاد
وطفلتي الاثيرة ما اسمها ما شكلها
اما عائشة حبيبتي الأولى والأخيرة .. من أكاد أموت شوقا لاحتضانها .. لن ادعها تنام من اليوم فصاعدا إلا بين ذراعاي لعلي اعوض حرمان الايام التي مضت
لن اخبرها بما ذقته في سنوات سجني.. لن اخبر احدا.. لا داعي لنكأ الجراح ولا لإدماء القلوب.. سأترك لعائشة مهمة تطبيبي لوحدها وهي ستعرف .. كانت دائما تعرف.. ستقدر على مداواتي وازالة عناء السجن بلمساتها ومسحها على راسي لن احتاج للكلام عيناي ستخبرانها وعيناها ستقرئان وتعرفان كما دائما ..

اه ليت الوقت يمر سريعا فما عاد لي قدرة أكثر على الفراق!


…..

وصلنا القرية اخيرا واقلني ابو عمار الى بيتي، شكرته جدا وودعته
وقفت عند البيت وقلبي يطرق طرقا .. لا اقوى على السير أكثر .
وفجأة خرج من بيت اهلي غلام ، كان يشبهني جدا كانه انا في صغري، علمت أنه حمزة ، طفرت بعض الدموع من عيني فحاولت كبحها، كبر كثيرا .. لم يعد ذلك الطفل في الثالثة ، اقتربت منه قائلا بصوت أجش
-حمزة
التفت الي ناظرا باستغراب
-نعم يا عم
-انه انا والدك يا حمزة
تفرس في ملامحي ليقول بعد وقت
-والدي ميت و الأموات لا يعودون
-لم امت كنت فقط في السجن
-لكنك لا تشبه الذي في الصورة
هههههه لا اشبه الذي في الصورة؟ إنني لا أشبه نفسي، فسنين السجن شكلتني شخصا اخرا غريبا حتى عني انا، لأرد على حمزة
-انا هو والدك يا حمزة، فقط لحيتي نمت كثيرا هي وشعري ونحُل جسمي لكنني هو ألا تذكرني؟
كان ينظر الي بريبة ليدخل البيت مناديا جدته
-جدتي هنالك رجل غريب على الباب يقول انه والدي
آلمتني كلمة رجل غريب! أحقا هكذا صرت وهكذا أصبحت
أتت جدته مسرعة وهي تمسك بملعقة خشبية وتشد أزارها حول وسطها، يبدو أنها كانت تعد الطعام ، نظرت الي, أمعنت النظر, بدأت ترتجف بشدة لتشهق بقوة كمن لا يقدر على التنفس, سارعت خطواتي اليها لآخذها داخلي محتضنا إياها قائلا
- لقد عدت يا امي, عبيد الله عاد من الموت يا اماه عاد بعد ان تشبع قلبه كمدا وحزنا, عاد ليكحل عيناه بمرآك, عاد..عاد يا امي قلتها وانا ابكي دافنا اياها داخلي بقوة.. اعود إلى الحضن الذي فقدته وضعت عنه لتتشبث بي حينها بقوة هي الأخرى وتصرخ من الصدمة واللوعة والحنين
- ولدييي, ولدي عااد , عااد من الموت, هذا والدك يا حمزة والدك الميت قد عاد, عدت يا قلب امك عدت لتضيء عيني بعد ان انطفأت, قالوا لي انك مت, شيعنا جنازتك وعوضا عن دفنك دفنت قلبي, سألتهم مرارا أين هو أريد أن اراه.. إن كان ميتا فلم لا تأتوني به أدفنه, ان دفنتموه فلم لا تدلوني على قبره ازوره, قالوا لي مات دون قبر, بلا عنوان ولا دليل حالوا اقناعي بهذا وقلبي لم يقتنع, قلبي يا حبيبي لم يقتنع, قلت لهم هو حي داخلي حتى أرى جثته وعوضا عنها رأيتك امامي حيا ترزق.. يا رباه ان كان حلما فلا تجعلني افيق منه
- ليس حلما يا اماه, عاد ابنك أخيرا عاد بعد ان كان للموت أقرب, مت في سجني يا اماه مت شوقا إليكم, مت, واليوم قد عدت للحياة
- واليوم قد عادت لي الحياة برؤياك يا نور عيني, اليوم عيدي يا حبيبي لتتركني حينها وتقوم بالزغردة بأعلى صوتها ثم وفي نهايتها عادت تنتحب

احتضنتها بقوة حينها ننتحب كلانا، بكيت كطفل صغير ضاعت عنه أمه، بكيت سنوات سجني الطويلة، بكيت شوقي لامي .. ولم يقطع هذا العناق الا صوت أبي من خلفي
-عبيد الله
التفت لأراه فاذا به شيخا كبيرا هزيلا يتكئ على عكازه .. كأن الحياة زادته عشرين عاما فوق عمره..كان يمشي بصعوبة ودموعه تسبقه
ركضت اليه محتضنا إياه بقوة باكيا، لا ادري أأبكي شوقا اليه ام شفقة على حاله وما آل إليه؟ تركته كالجبل بكامل عافيته، فاذ بي أعود لأراه كهلا أثقلته السنين؟ اهي سنين غربتي يا ابي شيبتك قبل الاوان؟ ااه لحسرتي على نفسي وعليك، ولا حول ولا قوة الا بالله.

بعدها التفت إلى حمزة مجددا فاتحا له ذراعاي، كان مترددا جدا لكن امي شجعته بالذهاب ، اقترب مني بخطوات بطيئة مترددة لاقوم انا بانتشاله واحتضانه بقوة داخل صدري مستنشقا رائحته، رائحة الطفل ذي الثلاثة أعوام التي فقدتها وضاعت مني في سنوات السجن ، مااذا حدث لك بعدي يا حمزة؟ كيف كبرت دون أب تعتز وتحتمي به؟ هل ضربك الأولاد في الحي فما وجدت لك ظهرا يدافع عنك؟ لربما قاموا بايذائك ؟ وصفوك باليتم، يتمت وابوك حي يا حمزة، يتمت ويتموني معك انا كذلك!
كانت هذه الأفكار تعصف في رأسي لاحتضنه اقوى فاقوى ، لتقوم امي بالتربيت على كتفي بحنان وهي تبكي
-يكفي يا عبيد فقد اخفته
كان يبكي بقوة متشبثا بي هو الاخر، قمت بفكه بصعوبة ماسحا دموعي لاهتف لامي بشوق كبير
-وعائشة أين هي؟
عم صمت غريب لم أفهمه! لترد امي بعد حين
-لقد عادت الى بلدتها
نظرت لها باستغراب لتضيف
-ما يبقيها هنا وقد جاءنا نبأ موتك، لقد عادت الى اهلها فمكانها بينهم بالطبع
-ااه نعم نعم بالطبع فبقاؤها هنا لا يصح ، على أية حال لعلي اقوم غدا بزيارتها واعادتها معي
ولم انتبه حينها لنظرات امي المشفقة بل تابعت السؤال
-وطفلتنا معها صحيح؟ ما اسمتها؟
لتنظر امي لي باستغراب قائلة
-طفلة؟
-نعم امي، لقد اخبرتني انها حامل في طفلة ام انه كان صبيا؟
صمتت أمي قليلا وتغضنت ملامحها لتجيب بعد مدة
-عوضك في الجنة باذن الله يا حبيبي، فقد فقدت عائشة حملها بعد ان وصلنا خبر وفاتك
شعرت بالحزن يعتصرني، إذن فطفلتي التي تخيلتها لسبع سنوات كاملة كانت سرابا؟ البريئة التي عشت اتخيل شكلها لم يكن لها وجود؟ رحماااااك يا رب، ولكن لله في أمره شؤون ولا راد لقضائه باذن الله، ولن ادع اي شيء يعكر صفو عودتي وباذن الله يرزقنا الله أنا وعائشة بنين وبنات، إخوة لحمزة فأمامنا العمر كله.. قالت امي بعد ان طال صمتي وشرودي
-بني أأنت بخير؟
لأقوم برسم ابتسامة على شفتي وامسك بذراعها مقتادا إياها لداخل البيت
لا عليك يا امي فانا رجل مؤمن وهذا مصابي في الدنيا والحمد لله .. اللهم لا اعتراض ، باذن الله تكون شفيعة لي ولوالدتها، اممم رائحة ذكية جدا يا ترى ما الذي تقومين بإعداده؟
لتجيب امي بلهفة واضحة
-حمام محشي وفريكة, واذا كنت تشتهي اي شيء اخر أعده لك في الحال
-كل ما تعدينه لذيذ يا حبيبتي، لكني لا اظن ان معدتي ستكون قادرة على تقبل
هذا الطعام الان ، هلا أعددتي لي شيئا من المرق مع خبزك اللذيذ.
-من عيوني يا حبيبي ، ما إن تنهي استحمامك حتى يكون طعامك جاهزا
دخلت للحمام فتحت الماء فنزل الماء ساخنا، تحسسته بيدي، انتابتني مشاعر متداخلة، ماء ساخن نظيف ايعقل؟ وأنا الذي ألفت ماء السجن البارد العفن والذي كنا نستحم به مرة من كل شهر في غرفة قذرة تشاركنا فيها الحشرات والصراصير فلا ندري أكنا أكثر قذارة قبل الحمام ام بعده!
سبحان الله ، سنين السجن العجاف جعلتني أنظر إلى ابسط الاشياء على كونها نعمة عظيمة!
بعد حمامي الطويل، ارتديت الملابس التي احضرتها امي ، ملابس نظيفة مكوية! لا تشبه أسمال السجن البالية
خرجت من الحمام لاجد امي قد اعدت لي حساء العدس مع خبز طازج
جلست إلى طاولة الطعام وشرعت بالاكل مسميا بالله، كنت أغط الخبز بالحساء ليسهل علي ابتلاعه تماما كايام السجن، وشتان بين هذا وهذا، شتان بين خبز السجن اليابس الذي ابله بالماء فيقف في حلقي رغم ذلك وبين هذا الخبز الشهي الساخن الطري، والذي يصبح بطراوة الزبدة حينما ابله بالعدس .. تذكرت حينها رفيقا لنا مات في الصحراء كانت امنيته ان يأكل خبزا طريا، فكان الموت له اقرب! لم أشعر إلا بيد امي تربت على ظهري ودموعها تسبقها
-ما يبكيك يا قلب امك؟
لأنتبه لكوني اذرف الدموع انا الاخر ، قمت بمسحها لاجيب مبتسما
-لا عليك يا امي انني فقط غير مصدق اني رايتكم أخيرا
- احمد الله يا قلب امك فوالله لو جلسنا العمر كله شاكرين ما أوفينا كرمه معنا
-الحمد لله, الحمد لله حمدا ملؤه السموات والأرض
التفت حولي لاجد حمزة يرقبني من بعيد بريبة
-تعال يا حمزة اقترب
اقترب مني مترددا لاجلسه قربي
-لقد أصبحت رجلا يعتمد عليه، هل تقوم بمعاونة جدك
-نعم بالطبع
-هل تدرس بجد
-نعم ، جدي علمني الكثير من العلوم وانا احفظها جيدا
-ممتاز ممتاز، وماذا عن حفظ القرآن أين وصلت
-قاربت انهائه بقي لي جزئين
شعرت حينها بفخر كبير، يبدو ان أبي قام بتربية حمزة تماما كما رباني
-وماذا عن مدرستك
-انني الاول
-بطل يا حمزة، وأنا فخور بك
-وامك هل تعتني بها
هنا صمت قليلا ليقول بعد تردد
-لم اعد اراها
-ولم؟
-لا احب زوجها البغيض
-حمزة اذهب الى غرفتك الآن .. قالتها جدته بتوتر شديد
ليقوم حمزة بالذهاب من فوره
زوجها؟ كان وقع الكلمة كالنشاز على أذني فلم افهم ماذا تعني ،لذا عدت إلى طعامي اكمله، ثم فجأة بدأ عقلي بالادراك بشكل سريع
زوجها؟ زوج من؟ عائشة؟؟؟؟ هنا تركت ما بيدي ونظرت الى امي بصدمة حقيقية ونبضات قلبي تتعالى وتتعالى
-أماه ما هذا الذي يقوله حمزة؟ وماذا عنى بزوجها
-لا تلقي بالا لهذا يا حبيبي ..هو صغير لا يدرك ما يقول.. أكمل طعامك الآن
-اماه اناشدك بالله ان تصدقيني القول.. عائشة تزوجت بعدي؟
كان التردد جليا جدا على امي لأشعر بقلبي يهوي فأجيب بفزع
-ومتى حصل هذا؟ بل كيف يحصل
-بني هدأ نفسك ارجوك
-كيييييف؟ كييييف .. كيف تفعلها وتتزوج وتكون لاحد غيري، ما هذه الخيانة، أتبيعني لدى اول طارق
-لا تقل هذا يا بني، لقد كنا نظنك ميتا ثم لها ظروفها
-لكني هنا حي لم أمت، لم أمت يا امي.. فباي حق تتزوج؟ بأي حق تعطى لغيري وانا حي اتنفس
-عبييد!

كان هذا والدي
-ما عهدناك جزوعا هكذا! لم تفعل الفتاة شيئا محرما، ويحق لها الزواج وقد كنت في عداد الأموات لسبع سنين، ولا تقلق سنرى قول الشرع في المسألة ونحكم فيها وسنصل لحل يرضيك باذن الله
لم تفعل شيئا محرما؟ وقتلي هكذا بالبطئ ، أليس حراما؟ تمزيق قلبي ونهشه بأقسى الطرق؟ أليست خيانة ؟ شعرت بالمكان يضيق علي وبنبضات قلبي تفرقع في صدري و بدمائي تغلي وتغلي فلم اشعر الا وانا أخرج من البيت بعصبية واضحة أمام توسلات امي الباكية ومناداة ابي لي..
دخلت بيتي، بيتنا انا وعائشة، من كان يوما عشا دافئا أتوق للرجوع إليه، يبدو كما هو، كأن السنين لم تمر عليه، لكني وجدته باردا كالصقيع، لوهلة خيل لي أنني سأرى عائشة تطل علي بابتسامتها المحبة وانا احمل لها وردة ككل يوم، لكني صحوت على الواقع المرير بل وباتت حقائق جديدة تتساقط على رأسي كالمدافع:
متزوجة؟ أي أن لها زوجا اخر، يراها، يلاطفها، يداعبها ، يقبلها، ي… وأمام هذه الفكرة شعرت برأسي يكاد ينفجر وبالدماء الساخنة تغلي داخل عروقي، كنت أشعر برغبة عارمة في تدمير المكان ، كان كل شيء يضيق من حولي حتى جسدي كنت اتمنى لو امزقه واخرج منه، وقعت عيني على صورة زفافنا وكانت الصورة الوحيدة لنا ، قمت بضربها بقبضتي بقوة ليتحطم الزجاج الذي يحيطها،قمت بتكسير بعض الأواني لعلي أخفف من وطأة غضبي فزادني الأمر غضبا فوق غضبي، اردت الهرب بعيدا، لربما العودة الى السجن! فسنين سجني كانت ارحم من واقعي هذا! على الاقل في سجني كانت تزورني عائشة تمسح جروحي تضمدها ولربما قبلت بعضها فاشفى ! يا ليتني بقيت في السجن على عماي ولم أخرج لاذبح بابشع طريقة! كانت عائشة الضربة القاضية، الجرح الأعمق الذي لن يشفى ابدا، اريد الصرااااخ بأعلى صوتي، مقهوووووور مقهووووور واعوذ بالله من قهر الرجال! خرجت من البيت لا ألوي على شيء، امشي بغير هدى وعيوني محمرة من تجمع الدماء داخلها، كان منظري يوحي بهيئة رجل قادر على القتل، وقد كنت فعلا انوي قتل احدهم، لو كانت امامي لقتلتها هي والخائن الذي تزوجته ثم قتلت نفسي لنرتاح كلنا!
مشيت ومشيت على غير هدى، وجدتني اصعد الجبل، لم اشعر بنفسي الا وأنا أقف على الهاوية، كان المنحدر الصخري اسفل مني، وقفت على اقصى الهاوية لا تفصلني عن المنحدر الا إنشات بسيطة ، رغبت بالسقوط، بترك جسدي يتهاوى لعلي ارتاح! صرخت باعلى صوتي، صرخة مقهورة محملة باقسى انواع الألم، صرخة رجل مذبوح،ذبحوه في أغلى ما يملك، صرخت مرة اخرى فثالثة فرابعة ثم وجدتني اتهاوى…..


ريحانة اليمن غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 07:20 PM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.