آخر 10 مشاركات
الوصــــــيِّــــــة * مميزة ومكتملة * (الكاتـب : البارونة - )           »          ليلة مع زوجها المنسي (166) للكاتبة : Annie West .. كاملة (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )           »          طلب مساعدة لاشراف وحي الاعضاء (نرجو وضع تنبيه بنزول الفصول الجديدة للروايات) (الكاتـب : قصص من وحي الاعضاء - )           »          دانبو ...بقايا مشاعر (الكاتـب : ahlem ahlem - )           »          وأذاب الندى صقيع أوتاري *مميزة ومكتملة* (الكاتـب : سعاد (أمواج أرجوانية) - )           »          سمراء الغجرى..تكتبها مايا مختار "متميزة" , " مكتملة " (الكاتـب : مايا مختار - )           »          دين العذراء (158) للكاتبة : Abby Green .. كاملة مع الروابط (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )           »          و آن أوان قطافك * مميزة **مكتملة* (الكاتـب : ahlem ahlem - )           »          العشيقة البريئة(82)للكاتبة كارول موتيمور(الجزء الثالث من سلسلة لعنة جامبرلي) كاملـــه (الكاتـب : *ايمي* - )           »          بروحي أشمُّ عطرك(81)(مميزة) _حصرياً_قلوب نوفيلا_للرائعة(bambolina) كاملة+الروابط (الكاتـب : bambolina - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > الروايات الطويلة المكتملة المنفردة ( وحي الأعضاء )

Like Tree4523Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 29-01-23, 10:20 PM   #361

Maha bint saad

? العضوٌ??? » 437412
?  التسِجيلٌ » Dec 2018
? مشَارَ?اتْي » 4,265
?  نُقآطِيْ » Maha bint saad has a reputation beyond reputeMaha bint saad has a reputation beyond reputeMaha bint saad has a reputation beyond reputeMaha bint saad has a reputation beyond reputeMaha bint saad has a reputation beyond reputeMaha bint saad has a reputation beyond reputeMaha bint saad has a reputation beyond reputeMaha bint saad has a reputation beyond reputeMaha bint saad has a reputation beyond reputeMaha bint saad has a reputation beyond reputeMaha bint saad has a reputation beyond repute
افتراضي


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 31 ( الأعضاء 16 والزوار 15)
‏Maha bint saad+, ‏Monya05, ‏وعدي الابدي, ‏غيمة الامل, ‏قموووووره, ‏مِسك+, ‏آيةع, ‏شهد شايع, ‏ازهار عوض, ‏الماس لايخدش, ‏مـدار, ‏السدين+, ‏شجنّ العُذوب+, ‏Hajer3, ‏سفيان بن, ‏المحبة ففي الله

منورين الحبايب …

متحمسين مره للبارت …


Maha bint saad غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 29-01-23, 10:33 PM   #362

آيةع

? العضوٌ??? » 493823
?  التسِجيلٌ » Oct 2021
? مشَارَ?اتْي » 72
?  نُقآطِيْ » آيةع is on a distinguished road
افتراضي

والله متحمسين مره صار لي ساعه رايحه جايه احدث الصفحه انتظر البارت

آيةع غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 29-01-23, 11:04 PM   #363

ام جواد
 
الصورة الرمزية ام جواد

? العضوٌ??? » 443659
?  التسِجيلٌ » Apr 2019
? مشَارَ?اتْي » 774
?  نُقآطِيْ » ام جواد has a reputation beyond reputeام جواد has a reputation beyond reputeام جواد has a reputation beyond reputeام جواد has a reputation beyond reputeام جواد has a reputation beyond reputeام جواد has a reputation beyond reputeام جواد has a reputation beyond reputeام جواد has a reputation beyond reputeام جواد has a reputation beyond reputeام جواد has a reputation beyond reputeام جواد has a reputation beyond repute
افتراضي

وينك حبيبتي
منتضرينك على نار 🔥🔥🔥🔥
ماني قادرة اصبر كل دقيقة وثانية قاعدة احدث الصفحه


ام جواد متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 30-01-23, 12:27 AM   #364

الكاديّ
 
الصورة الرمزية الكاديّ

? العضوٌ??? » 490082
?  التسِجيلٌ » Jul 2021
? مشَارَ?اتْي » 300
?  نُقآطِيْ » الكاديّ is on a distinguished road
افتراضي

*

السلام عليكم والرحمة
هلا والله يا أهل من سجّل حضوره في أرض طوبى 🤩❤

جايكم الفصل يا جماعة، استلموووه ✨


الكاديّ غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 30-01-23, 12:33 AM   #365

الكاديّ
 
الصورة الرمزية الكاديّ

? العضوٌ??? » 490082
?  التسِجيلٌ » Jul 2021
? مشَارَ?اتْي » 300
?  نُقآطِيْ » الكاديّ is on a distinguished road
افتراضي

بسم الله الرحمن الرحيم

*



(21)




*
*
*
*
*
*








يقال أن الهروب نصف الشجاعة!
لكن لنسيم؟ فهو الشجاعة بأكملها


رغم أن دخولها إلى منزل والديها بعد عودتها بأسبوع أثار حفيظة والدتها, إلا أنها اعتصمت الصمت كما اعتادت, عاتبتها والدتها, بل وهزأتها, لما تترك زوجها في حين أنه يحتاج إلى الرعاية بعد خروجه من المستشفى

تحبس نفسها في الغرفة, لا قدرة لها على مواجهة ثورة والدتها فإن كان أمر الزيارة طبيعي كما تدعي لما آثرت الاختباء والاعتكاف بغرفتها دون مواجهتها؟

شيءٌ ما في قرارة نفسها يعلم أن خروجها هو الخروج الأخير من حياة غسان, وحقيبة السفر خير دليل على ذلك, غسان يئس منها, باتت مشاعره واضحة لها وللعيان, مشاعر رفض صريحة أعلنها أخيرًا بعد صوم ثلاث سنوات, كانت ترى ذلك في عينيه, أي تناقض مشاعره, تارة يبتغيها وتارة يتمنع عنها, وما أكثر ما تمنّعها وحرّمها على نفسه

لا تستطيع نسيان حديث والدته المبطن وإتهامها بالتقصير والإهمال, فكيف يُحيل غسان إلى المستشفى دون أن تتنازل -حضرة الأميرة- لإبلاغهم بذلك, لكن كعادتها ابتلعت حديثها مرًّا دون أن تحاول التبرير, لأن التبرير أمرٌ لا تسطع عليها صبرا أمامهم

جسدها يحتضن سريرها الوثير, ويديها تلتفان حول مخدة ريش كبيرة تكاد تغوص فيها لتنسى العالم بأكمله, إلا أن رنين الهاتف أبى أن يستجيب لرغبتها فانتشلها قِسرًا من دوامة الأفكار التي عاثت بنسيمها

طال الرنين لتقوم بكسلٍ فظيع وهدوء لا يُعرف عقباه فتتجه إلى مكان الهاتف, تحدق بالرقم لترتبك فلم يكْ مسجلًا لديها, ولم يكْ ارتباكها ذا معنى

ترد بنبرة هادئة مرتكبة:
-نعم؟

تندهش بالنبرة المهلوفة التي سالت عليها من خلف حِجاب, نبرة -يا للأسى- لأول مرة تسمعها من ذاك الرجل, نبرة تؤلم من شدة حقيقتها:
-نسيم, أنا غسان

يالله! ما هذه النبرة التي تبدلت عن نبرة الصباح, كيف له أن يتلون بمئة لون في الساعة بينما هي نقية وضاحة لا تعرف التلون ولا أساليبه. تلجمها الدهشة, أم الغرابة لا تدري فيستطرد غسان بعجلة كأنه على موعدٍ مع سفر أزلي:
-ماعندي الوقت الكافي, لكن أبي أقول لك شيء واحد كنت كاتمة في نفسي طول هالسنين!

يزداد إرتباكها وتتحفز, غسان يتحدث بلهفة حُملت بجبال من قوة لا يستطيع أي جيش كان أن يدكها دكا, تقف على أقدامها بعد أن كانت جالسة والقلق يتراقص بين جنباتها, تقول بتلكؤ:
-وش, وش تبي تقول؟

يتلوه صمت عميق مشبعٌ بالمرارة, صمت لو كانت تعلم نسيم أن ما سيخلفه من حطام لما فتحت الخط ولا استمعت لهزيج التلهف من بين نبراته ولا منّت نفسها بمرادٍ ورجاء أن يكون قد تدارك ما بنفسه
لكنها النفس الأمارة بالمُنى, ما هي بفاعلة بها؟

لو قضت عمرًا بمعيته, لما ظنت أن خاتمتها ستكون بهذه القسوة والإهانة والذل, كم كان قويًا حينما أفضى ما بداخله, وكم كانت جبانة حينما لم تنسحب منذ أول عقباته النفسيّة

-"أنتِ طالق, أنتِ طالق, أنتِ طالق"

ثلاث كلمات .. لا بل سـت، جاءت عن ستةٍ وستين نصل رِماح ألقاها على روحها دون أن يغمض له عين أو يرف له جفن، كلماتٌ زلزلت ثباتها المتزعزع في أرضٍ مقفرة لم تجد منها حفنة ماءٍ فائض لتروي بها قوتها المزعومة

كانت تأمل، يالله كانت تأمل أن يعتدل مقام غسان وتجد روحه طريق النقاء والصلاح ويعود إليها بمشاعر جمة أكبر من أن تتصورها، ما بالها زرعت الآمال وتحيّنت لقطافها حتى ينزعها بهذه الوحشية القاسيّة بثلاث كلمات

استمعت لإنقطاع الخط، فعادت لتنقطع عن العالم، تشعر أن الأرض تتمايل بها وأن أمواج النهاية تصفعها بحدة بربرية لتعيدها كرهًا إلى شاطئ الواقع

كان خريفًا عاصفًا شعرت به يقتلع جذورها، ونسيمها يتحول إلى زوبعة تلتهم ما حولها ودونها بلا رحمة، غامت الرؤية من حولها لتسقط على أرض غرفتها كآخر ورقةٍ خريفية سقطت من عشائر أشجار الخريف الخلابة








*
*
*
*
*
*
*









لحظة خاطفة بين صوت الرصاصة وإنحسار رؤوس الكل بما فيهم غسان, لم يستوعبوا ما حصل في ثوانٍ معدودة لم تتجاوز الاثنتين إلا على صرخة رابح المرتعبة وهو يقطع الخطوات الفاصلة بينه وبين عمران حتى يرتمي فوقه ليحميه بعد سقوطه

حينها انتشر الفريق بسرعةٍ مدروسة, يسحب مساعد غسان ليقوده إلى خلف الجدار, ويختبيء حكيم بجانب المدرعة, وفزاع .. فزاع الذي كان متموضعًا في مكان ما أصبح بعد الرصاصة داخل البيت

يحدق رابح بجزعٍ إلى قائده بعينيه المغمضتين وجسدٍ امتلأ بالدماء فورًا نتيجة الرصاصة التي اخترقت المنطقة ما بين كتفه وقلبه, كان مغشيًا عليه, أحـيٌّ هو أم ميّت؟ لا يدري, ولم يستطع الأول أن يتأكد من ذلك, لأنه يرفض ما آل إليه عقله وما قالته الإصابة المميتة

ضحكات غسان الذي يتكيء على الجدار كانت تنتشر وهو يرى عمران مسجىً بدمائه وجهته اليسرى تدثرت بالأحمر القاني, ينتشي نصرًا لما خطط له ببراعة -حسبما يظن-. خطته رغم جنونها بسيطة, أن يُوهم عمران باستسلامه التام بعد سلسلة اعترافات تعمدها تمامًا, فهو ليس بغبي, منذ اللحظة الأولى الذي اُختطف فيها على يد أولئك الأغبياء كان يعلم أن نهايته قادمة لا محال

فأن يموت منتصرٌ شامتًا بعدوه, خير من أن يموت منهزمٌ منذلًّا من عدوه
يكرر بضحكاته النتنة:
-لا تحاوووولون فيه, الرجال موّدع

يغضب مساعد ويقلق في الوقت ذاته, قلقًا على قائده أكثر من كل شيء وهذا المعتوه يزيد قلقه إشتعالًا, لم يتمالك نفسه فضربه بعُقب سلاحه على رقبته حتى أُغشي عليه قائلًا بجدية بالغة:
-اسكت ياكلب, اسكت والله مايفكك من يديني أحد

كان رابح أكثرهم خوفًا, لم يخجل من مشاعره فأطلقها على هيئة زمجراتٍ مرتعبة باسم فزاع:
-فزاااااااع, وينك؟

فزاع الذي كان يصعد للتو إلى الطابق الثاني, يتحدث في اللاسلكي وهو مأخوذ الأنفاس من التشوش الذي يراه:
-شباب وش الوضع؟

حكيم من خلف المدرعة يتحدث عبر اللاسلكي بجدية وعقل مندهش من الذي حدث في غمضة عين:
-القائد عمران مصاب, الطلقة جت ما بين الساعة 12 والساعة 3, فزاع استعجل

يأخذ فزاع نفسًا عميقًا, ما آلت إليه الأمور بهذه السرعة لم يربكه بالطبع فهو معتادٌ على أشرس الظروف والطوارئ, لكن أن يُصاب قائد فريقهم وقائد هذه المهمة لهو أمرٌ جمّ, يجري في الطابق العلوي, يفتح أبواب الغرف ويغلقها, يريد موقعًا إستثنائيًا حتى يجد هذا الذي تجرأ على إفساد مهمتهم رغم نجاحها والإطاحة بقائده

كان المقصود منذ البداية, عجبوا لهم كيف لم يتخذوا حِذرهم, إنها من الثغرات القليلة التي يواجهونها بلا إدراك, وهذه الأخطاء حتمًا ستثير أعصاب اللواء أبو تركي

يستمع لصوت رابح المترجي في اللاسلكي, ينده لعمران الساقط أرضًا دون حراك:
-سيدي, سيدي تسمعني, بتعدي أنت أقوانا بتعدنا بس شد حيلك, ماهي رصاصة إللي تطيحك وأنت اللي واجهت الواااجد, بتعدي خلك معي

يريد رابح أن يحرك جسد عمران قليلًا إلى ظل الجدار, لكنه يعلم إن ظهر طرف شعرة منه سيرديه القناص قتيلًا, حينما شعر بعجزه, وجزءٌ من الدماء بدأت تتدفق إلى يده التي تضغط على جرح عمران, صرخ بأعلى صوته غاضبًا:
-فزاااااااع, اخلص علييييينا

فزاع الذي كان يلج للتو إلى إحدى الغرف في مقدمة المنزل ليحظى برؤية جيدة, فتح نافذتها قليلًا ليضع فوهة السلاح على طرفها الحديدي الأسود, وضع عينه على منظاره, يبحث مثلما قال حكيم في الإتجاهات بين الساعة الثانية عشر والساعة الثالثة, مسافة كبيرة, لكنها ليست بمعجزة على عيني فزاع الصقريتيان

يهمس بين وبين نفسه وهو يدور بين الجهات علّه يلمح لمعان سلاحه:
-يالله يالله يالله يالله, طلع لي طرف وجهك ياحقير يالله

حكيم الذي اتكأ بظهره على المدرعة وبدأ بشحن سلاحه بدقة سريعة يهتف من بين أنفاسه:
-فزاع وش الوضع عندك؟

ينفث فزاع أنفاسه، يعض على طرف شفتيه من الداخل، يُبعد نظره عن منظار السلاح ليتحدث عبر اللاسلكي بجدية:
-أبي منه حركة الحقير متخبي زين وأغلب البيوت اللي قدامي سكنية, مساعد .. حكيم, أبيكم تتحركون في نفس الوقت, لما أعد للثلاثة
(تحفزا مساعد وحكيم، يستطرد فزاع ليبدأ العد قائلًا)
-واحد, اثنيـن, ثــلاثة

بعد الثلاثة انطلق مساعد وحكيم في الوقت ذاته، وهي حركة ذكيّة وبسيطة لتشتيت الخصم فلا يدري أيهم يردي قتيلاً وأيّهم لا، وهذه الحركة ليكسب فزاع الفرصة فيرى فوهة سلاحه من أي مكان يخرج!

كان له ذلك، أخرج القناص سلاحه وأطلق ثلاث طلقاتٍ عشوائية عل أحدها يصيبهم، إلا أن مجازفته تلك كانت نتيجته, حياته

يسحب فزاع سلاحه وهو يتنفس الصعداء، يقول في اللاسلكي بنبرة جادة؛
-سقط الهدف, المكان : المنزل المقابل لمنزل المشتبه به

فور أن أنهى فزاع حديثه عاد رابح ليصرخ بأعلى صوته بنبرةٍ غاضبة قلقة:
-مساااااعد تعال, حكيم تكفى اتصل بالإسعاف

يقترب حكيم ويدخل إلى المنزل بعد أن كان خارجه؛ ليقول بأنفاسٍ متصاعدة وهو يحدق بالرائد المستلقي على الأرض دون حركة:
-اتصلت, جاين في الطريق

يزفر رابح نفسًا عميقًا، ويصل فزاع للتو إلى الطابق الأرضي ومنها إلى الفناء حيث جماعته، يضع سلاحه على الأرض ويتكيء بركبته أمامهم، قائلًا بإضطراب:
-مساعد وش وضعه؟

مساعد وهو يخرج من عدة الاسعافات الأولية والتي لا تفارقه محلول ما ويضعه في إبرة ثم يغرسها في كتف عمران، يقول بتوتر:
-سيء يا فزاع سيء, الإصابة في مكان خطر لا تحاول تحركه وفقد دم كثير

يمسح رابح حدود وجهه والاشتعال يبدأ من جوفه صعودًا إلى ملامحه، يزفر ثم يلتفت بقوة إلى غسان المغشي عليه بعد ضربة مساعد له، يقف وبغضبٍ صارخ:
-ياكلببببب

يمنعه حكيم بكلتا يديه وبقوة عارمة، يقول بجدية وهو يستمع إلى صوت الإسعاف وهرولة عجلاتها حتى توقف أمام المنزل:
-رابح أهجد, الحيوان ماهو يمك, عدا إنه صار في قبضتنا وبيلقى جزاه خله الحين بالأحلام، ابعدوا يا شباب خلوا المسعفين يشوفون شغلهم

يبتعد فزاع بعد كلام حكيم ليقف بجانب الأخير، يقول بجدية وهو يضع هاتفه بداخل جيب قميصه العسكري:
-الاستخبارات في الطريق، هالمنزل يعتبر دليل مانبي نفقده، أكد عليهم يا حكيم قبل لا يطلعون

يوميء حكيم رأسه إيجابًا وهو يحدق بالمسعفين الذين حملوا عمران على النقالة ومنها إلى سيارة الإسعاف، كان رابح يود الركوب بدلًا من مساعد لكن الأخير نهره وأمره بأخذ المدرعة وملاقاتهم في المستشفى القريب
فاستجاب الأخير له على ممض، وفعل ما طُلب منه دون تردد









*
*
*
*
*
*
*
*








ليـلًا في ديـار شرق
منـزل هادي

يرتفع صوت ريحان التي خرجت للتو من المطبخ وبيديها أكلة ما تفوح رائحتها الزكية، تقول بصوتٍ مرتفع:
-بنت يافردوس هاتِ الشاهي أنا بيديني صينية الفطائر

تتأفف فردوس من داخل المطبخ تغسل يديها بعد الحفلة التي أقامتها ريحان به، كل شيء في جهة، الطحين والبيض والحليب "والكشنة"، فوضى عارمة لا تتقبلها فردوس أبدًا:
-طيب لا تصارخين عيال مرجان وأمي وأبوي بيصحون على صوتك

تسايرها ريحان، وهي تدلي برأسها من خلف نافذة المطبخ الخارجية:
-اخلصي بس, ونادي أختك هاللي صار لها ساعتين تقرأ قصة لبنت شهاب الدلوعة

بعد وهلة من الزمن، اكتملت جلسة الأخوات الثلاث في سطح المنزل بعد أن هيأت ريحان المكان من جديد فأصبحت جلسة حميمية برفقة فطائر الدجاج والشاي الأحمر والمكسرات، تقول مرجان بتعب:
-يوه يا بنات ما بغت تنام, ما رضت إلا بعد ما أغريتها بالروحة لعماتها

تميل ريحان طرف شفتها وهي تقضم من الفطائر وترتشف من الشاي، تقول ممتعضة:
-أنا مدري هالعمات وش مسوين في بنتك الغزالة, ما تحبنا حنا يا خالاتها هالكثر

تحرك مرجان كتفها بلا دراية وهي تحمل كأس الشاي في يدها برفقة بعض المكسرات، لتقول بصراحة:
-تحبهم من حبها لأبوها

ريحان بضحكة خافتة وهي تحدق فيها بشر:
-يعني ما تحبك أنتِ عشان كذا ما تداني النومة ببيتنا؟

فردوس التي احتضنت الوسادة بحضنها وهو تلقم حبات المكسرات خلف بعضها البعض، تقول بغيظ رقيق:
-ياحبك لتهويل الأمور, ابلعي هالشاهي الثقيل اللي مسويته, كأنه شاهي مدخنين

طال الصمت لوهلة؛ إلا من صوت رشفات الشاي وطقطقة المكسرات على حواف أسنانهن، قطعت هذا الصمت مرجان حينما قالت بنبرة مليئة بالخبث الباسم وهي تنظر إلى ريحان الساهمة:
-ايييه؟

تعقد ريحان حاجبيها المرتبان لتنظر إلى أختها بشكٍ من نبرتها:
-خير وش اللي ايييه؟

تلقي مرجان نظرة نحو فردوس فتبتسم الأخيرة ابتسامة صغيرة، تستكمل مرجان قائلة:
-وش مزعلك هالكثر ومخلي براطمك توصل نهر النيل؟

تغضن جبينها من -النكتة التافهة- التي ألقتها للتو، تقول بفم مائل غائظ:
-ما أثقل دمها يهالأخت, ليت شهاب يعطيك طراقين على بعضهم ينفض منك النفط

تشرق مرجان برشفة الشاي التي كانت تبتلعها للتو، ترمي حبة من المكسرات في وجهها لتصيب جبهتها قائلًا بحنق:
-وجعاه يا ريحان, احترميني تراني أختك الكبيرة والفرق بيني وبينك كبير

تمسح ريحان على جبينها الذي أصابه حبة "كاجو" وتستطرد بسخرية:
-الله, سبع سنوات تسمينها كبير؟ ياحليلك يا أم الغزالة

تقول مرجان بتجاهل لحديثها الذي سيطول بلا شك:
-لا تضيعين السالفة, وش بك؟ لك كم يوم مو على بعضك

تنهيدة عميقة صدرت من جوف ريحان المهموم، كيف لها أن تتحول في زمنٍ محدود من السعادة بإرتباطه إلى التشوش في علاقتها به، تقول بهمسٍ خجلت من أن يُسمع:
-عدوان!

تبتسم مرجان على مشاعر أختها المتكومة في طرف تلك التنهيدة، لتقول:
-يابعد قلبي يالتنهيدة, وش فيه السي سيد عدوان؟

تميل فمها وهي تحدق في عمق كأس الشاي الأحمر، وتحرك ملعقته بداخله لإذابة السكر، بنبرة هامسة:
-مدري, له أسبوع مختفي, لا شفته مار لبيته ولا هو بمخبزه

فردوس بتساؤل فضولي هادي:
-وأنتِ شدراك إنه مو في مخبزه؟

تزفر بغيظ، تحدق بها بنصف أعين لتقول:
-مصادري الخاصة, شتبين أنتِ؟

تستطرد فردوس متجاهلة نبرتها الغائظة من كل ذلك الحديث:
-يمكن عنده شغل برا الديرة, أنا سمعت إن مخبزه صارت تجيه طلبات خاصة ويحتاج عشان يحضر لها يطلع لأفران أكبر, يمكن هي رحلة عمل

ريحان بنبرة شكٍ وهي تحدق في أختها -الجنيّة- بصدق:
-وأنتِ شدراك إنها صارت تجيه طلبات خاصة؟

تبتسم فردوس بتهكم مرح، لتقول وهي تنظر إلى مرجان الباسمة:
-مصادري اللي ما توصلين لها

تتنهد ريحان مجددًا، لا تكاد تخرج نفسًا إلا ويزداد اشتعالها، يرق فؤاد مرجان على أختها وقلقها البادي من حياة تجهلها حتى الآن، لتقول بمسايرة:
-والله يا ريحان يمكن كلام فردوس هو الواقع, أنا سمعت إنه محد يسوي خبز صحي مية بالمية زيه, ما شاء الله عليه

كادت ريحان أن ترد على حديث أختها لولا أن وقفت فردوس بعجلة وهي تحدق نحو نقطةٍ ما، قائلة بقلقٍ شديد:
-يمه بنات هذا وشو؟

تجاريها مرجان فتقف، تشهق مرتعبةً حينما رأت الحريق الذي نشب في إحدى المنازل البعيدة نسبيًا عن منزلهم، تلطم صدرها بخفة قائلة بجزع:
-بسم الله الرحمن الرحيم, يا ساتر استرها, وش صاير وش هالحريق؟, فردوس انزلي صحّي أبوي

تنزل فردوس دون تفكير بعد حديث أختها فإن كان هذا المنزل مسكونًا فلا بد أن أهله قد تحولوا رمادًا منثورا، الحريق كان هائلًا بحق

تنظر مرجان إلى أختها المتجمدة في مكانها، فتقول بقلق:
-ريحان, تحركي أنتِ الثانية خلينا ننزل وش فيك؟

تبتلع تلك ريقها بصعوبة بالغة، وبنبرة ترفض ما يحدث:
-هذا مو بيت ساعي؟

تتسع عينا مرجان بدهشة ورعب، ربّاه:
-يارب لا ما يكون هو, استرها عليه الولد مو ناقص مصايب وراء بعض, اللهم لا اعتراض

*

بالأسفـل

تصل فردوس إلى غرفة والديها، فبدأت تطرق الباب بخفة في بادي الأمر لكن وتيرة طرقاتها تزايدت مع تصاعد قلقها ورعبها:
-يبه, يبـه تكفى اصحى

يخرج هادي بعد أن فتح الباب على مصراعيه بعينين ناعستين ونبرةٍ ثقيلة من شدة تعمقه في النوم، ليقول بإنزعاجٍ غاضب:
-بنت وش بلاك؟ أنتو ما تنامون الليل ولا تخلون خلق الله ينامون

تتنفس فردوس كالخارجة من سباقٍ طويل في يومٍ مشبع برطوبة خانقة:
-يبه الحقنا في بيت يحترق ببداية الديرة, الحريق هذا كبره

يستيقظ هادي فجأة، تتسع عينيه من حديث ابنته في هذا الوقت من الليل، يهب للنجدة وهو لا يعلم بعد من المقصود، لكن ما الفرق ؟ كلهم سواسية في هذه الدار:
-يارب رحمتك بعبادك, غنية هاتِ عصاي واقبضي أنتِ وبناتك داركم لاحد يطلع

تقلق فردوس على والدها، فهو بالكاد يمشي على عصا ويسند نفسه بها:
-يبه وين تروح لحالك ما يصير

يرتدي ثوب نومه بعد أن كان مكتفيًا ببنطاله وفانيلته البيضاء، يقول بجدية وهو يستند عصاه:
-خليني ألحق على الأوادم إن كان البيت به أوادم

مرجان وريحان اللتان هبطتا من سلم السطح للتو والقلق بادي على ملامح وجههن، تردف الأخيرة بإضطراب:
-يبه البيت بيت ساعي

تزداد الدهشة في قلب هادي، ويتبين ذلك على ملامحه، يقول بهاجسٍ أسود:
-لاحول ولا قوة إلا بالله, لا إله إلا الله, وينه جوالي هاتوه خلوني أتصل بأبو ترنيم يلحق على خويه

يراقبن الفتيات ووالدتهن خروج والدهن من المنزل بخطواتٍ سريعة ويغلق الباب خلفه، تصفع غنية طرف خدها بوجعٍ على المكلوم الذي لا تهدأ المصائب من الرقص حوله:
-يارب سترك, احفظ هالولد من كل شر وسوء, يكفي ما صابه








*
*
*
*
*
*
*







كان يراقب احتراق المنزل بقدمين متصلبين على الأرض دون استطاعة منه على المضي قدمًا لينقذ ما تبقى منه ومن ذكريات عائلته ورائحتهم التي اختلطت الآن برائحة النار

توشك النار على الاقتراب منه، وهو جامد بلا حركة وبلا ردة فعل تُذكر، إلى أن شعر بيدين تجرانه بعنف قاسي للخلف وذاك من خلفه يردد بعصبية:
-أنت مجنون واقف قدام النار

ينتفض بقسوة، كمن كان بين حياتين لا يدري أيهما ينتمي إليها، يقول بحشرجة صوته:
-أبعد, من أنت؟
( يحدق من خلف شماغه بذاك المتلثم فيستطرد بلا إدراك )
-عدوان, وش جابك؟

عدوان بجدية يتجاهل حديثه السابق وهو مستمرٌ بجره إلى الخارج لكي لا تلتهمه النار:
-من جدك مسّهم فيها, اطلع إن ما كنت تبي النار تاكلك

يبعد يده التي تسحبه قسرًا للخارج، ينتفض مع كلمة "النار" الذي ذكرها, يصرخ فيه بإنفعال جم وملامح وجهه تتحول للأحمر القاني:
-وش اللي أطلع أنت الثااااني, البيت اللي تعب عليه أبوي يروح مراح أهله وتبيني أطالعه

يدفعه عدوان بشراسة من كتفه، وساعي يعود للخلف بخطوات واسعة من شدة دفعه، يقول بغضبٍ أسود:
-وش اللي بيدك هاه؟ وش اللي بيدك تنقذه من هالرماد؟ أطلع لا تخليها أخرتك

أصواتٌ من خلف الباب بدأت تتعالى، أحدهم يكبّر والأخر يحوقل والثالث ينده بصوته العالي مناديًا أهل البيت, يدخل تيمور بأنفاسٍ لاهثة، يردف بقلقه على رفيق دربه:
-ساعي

يأتي من خلف تيمور هادي بخطواته المضطربة خوفًا على هذا اليتيم الذي تلاعبه المصائب شرقًا وغربا:
-ساعي ياوليدي اطلع النار قدها ماكله الأول والتالي, اطلع الله بيعوضك وسلامة رأسك أهم

يتراجع ساعي بإرادة وعينين تلمعان بسوادهما ليقول بزمجرة محترقة:
-ابعدوا عني, بيت أبوي ما أتركه للنار

حينما رأى تيمور إصرار ساعي ومدى تمسكه بالقشة التي تكاد تقسم ظهره رغم ذلك صرخ بعالي صوته قائلًًا:
-شباااااب سوقوا الماي, الهمة ياشبااااب

عند نداءه ذاك هب جميع الحاضرين بمن فيهم شيّابًا وشبابا للمساعدة في إخماد الحريق فبدأوا يسوقون الماء من الأماكن القريبة، من منازل أو منافذ للماء وضعت في سبيل الصدقة

استغرق منهم الأمر طويلًا فقد كان المنزل يشتعل من بدايته حتى نهايته، متعجبين كيف انتقل الحريق بهذه السرعة القصوى والقاسيّة، لكنهم في نهاية الأمر استطاعوا اخماده بفضل الله ثم بفضل تيمور الذي أخذ المهمة على عاتقيه

ما إن جف الحريق وطفى، حتى بدأ الجمع بالتراجع رويدًا رويدا، إلا ساعي الذي كان يجلس على أصابع قدميه أمام باب المنزل المترمد، وكفيه تمشطان جانب وجهه الذي ارتسم عليه الهم وكساه الغم

يجلس عدوان بجانبه بذات الجلسة ويقف تيمور فوقهم ومن خلفه هادي الذي ينتظر إلى المنزل بتحسّر، يستطرد عدوان بهمس خوفًا من خدش سكون هذه اللحظة:
-ساعي

يحدق ساعي بالمنزل، عينيه تلمعان وقلبه يخفق وجعًا على ما آل إليه هذه الصرح العظيم -بنظره-، يهتف بهمسٍ منحسر الرأس:
-كل شيء راح

يتنهد تيمور بمؤاساة، يضع يده على كتفه ويربّت عليه:
-العوض برأسك

يبتسم بسخرية، يسبل أهدابه فيرى الظلام الموعود به:
-مابه شيء يعوضني عن إللي راح يا أبو ترنيم, مكتبة أبوي إللي لها سنين وبنين راحت, ما حافظت عليها, ما حافظت على بيت أبوي وتعبه وشقاه عليه!

عدوان بنبرة هادئة:
-ياخوي كل شيء قضاء وقدر ما تدري وش من خيرة مخبيها لك ربي

يقول بنبرة لا يُعرف مغزاها، بهدوء مقيت:
-قبل لا تشتعل النار كنت داخل البيت

يزفر تيمور، يتخيّل لو أنه كان نائمًا بالداخل ولم يدرِ عن حريق فمات -لاسمح الله- مختنقًا بغازاته:
-الله حماك

يعقد حاجبيه بقسوة، يستطرد بهمسٍ قاسٍ:
-الله سبب الأسباب للحريق

يستشف تيمور ما يود ساعي الوصول إليه فيقول بجدية عارمة:
-ساعي لا تحاول تتصرف من راسك, من بكرة بستدعي الشرطة عشان تحقق في الأمر إن كان بيريحك, لكن حط في بالك إن باقي الأسباب الميكانيكة واردة .. من حياة أهلك وأنت تشكي من الخرابات

هادي من خلفهم يتنهد بقلة حيلة وهو يربت على ظهر ساعي، الذي أصبح يعده كابن:
-قم ياولدي, والله يا بيوتنا مفتوحة لك

يعتدل عدوان في وقته، وأثناء وقوفه كان يساعد ساعي في الوقوف خوفًا عليه من الانهيار غير المسبوق:
-بيتي بيته ياعم, هو الداخل وأنا الطالع من وراه

يؤيده هادي فيما يقول ويشيد به:
-هذا العشم وأنا أبوك ما به شك

يلتفت تيمور نحو الشباب المتكدسين بجانب باب فناء المنزل، لا يدري أيشبعون فضولهم بالمنظر أم يترقبون أمر تيمور، يقول الأخير بجدية باسمة:
-يعطيكم العافية شباب ماقصرتوا

بعد قوله ذاك، بدأ الجمع ينفض متفهمين لما قاله تيمور ويتركون بعض المساحة لساعي، تمتد يد عدوان الأخرى نحو ساعي حتى أصبح يحتضن ظهره، بهدوء جاد:
-امش ساعي

يمشي الأخير كمن ينقاد إلى الذبح، كطفلٍ يوجهانه والديه إلى الطريق الصحيح، يحدق به هادي بنظراتٍ حزينة على حاله، ما أأسى منظره الشامخ المنكسر على قلب هذا الشيخ، دعى له في هذا الوقت من الليل من عمق صدره، دعى حتى صدحت لسانه بآمين وآمين:
-لا حول ولا قوة إلا بالله, الله يعوض عليك الله يعوض عليك

يصلان ساعي وتيمور برفقة عدوان إلى منزله الذي غاب عنه لمدة اسبوع، وحتى الآن لم يسأله الاثنين أين كان طوال هذا الوقت، فبئر المصيبة التي سقط بها أولى من أن تُعطى أهمية الآن

يدخلان إلى الصالة، يجلس ساعي بثقل جسده على الكنبة الجلدية الفاخرة، يدلف عدوان إلى غرفته فيستخرج من أدراج دولابه ثوب نوم، يعود أدراجه إلى الصالة حيث يجلس ساعي بجمود وتيمور بالقرب منه:
-خذ البس, على ما تغتسل باسوي لك لقمتين تاكلها

يرفع ساعي نظرته فيحدق بلا شعور في ثوب النوم، ينزع ثوبه الذي يرتديه مرةً واحدة ويرتدي الأخر دون أن يستحم حتى، فلا طاقة لديه لذلك، يقول بجمود:
-مابي أكل, بنام ولا تصحيني أبدًا

يزفر عدوان بضيق وهو ينظر إلى تيمور الذي حدجه بنظرة مفادها "سايره"، فقال بجدية وهو يعود إلى غرفته وتيمور يستعد للعودة إلى منزل والديه كذلك:
-نام وبصحيّك لصلاة الفجر

خرج تيمور يحمل في صدره حفنة من تنهيدات متحسرة وعاد عدوان إلى غرفته هو الأخر بعد أن نزع ثوبه متأملًا الكدمات المنتشرة على طول جسده ووجهه, ولم ينتبه الاثنين إلى كف ساعي الذي كان يحتضن مفتاحًا ما, يقبض عليه بشدة حتى بدأت تتضح علاماته على باطنه
الكنز الوحيد الناجي من كتلة النار







*
*
*
*
*
*
*









اليــوم التـالي - منـزل نايـف
الغرفة الرئيسيـة لهم


-"قولي لا إله إلا الله يا أم هيثم, لله في أمره خيرٌ يؤجله"
يقولها نايف بنبرة قوية بدت مرهقة لزوجته المكلومة التي أصابها الوصب من أجل فلذات أكبادها

فتستطرد تلك الشامخة وهي تمسح دمعها بطرف شالها:
-ألف من ذكره يا أبو هيثم, ولا أقول إلا ما يرضي ربنا, بس وش هالمصايب اللي تحاذفت علينا بين ليلة وضحاها, بنتك طايحتن بالمستشفى يوم جاها خبر طلاقها, والثانية زوجها طايح بالعناية ما يندرى أرضه من سماه, والثالثة بين هذه وذيك وعرسها بعد كم يوم, وش عرسه هالحين يا أبو هيثم علمني وش عرسه

يحوقل نايف سرًا، إن كانت هذه المصائب قد تحاذفت عليهم، فما بيده هو، يقول:
-يا مرة وش بيدنا, حكم الله سيّره علينا ولا راد لحكم الله, قولي اللهم أجرنا في مصيبتنا واخلفنا خيرًا منها

أم هيثم بعظم الوجع الذي يستوطن صدرها تقول بقهرٍ مرير:
-يابرودك يا نايف, أقولك بنتك تطلقت, طلقها قليل المروءة وهي ببيت أهلها, ما عاد بان مع سواد وجهه, وش بلاك هذه حالتك؟ وراك ما تمشي له وتعلمه من هي بنت نايف المعززة المكرمة, آه يابنيتي, أثاريها البارحة جايتني من هم, دارية إن زوجها وراه بلاوي, سود الله وجهه

نايف بحدة وعيناه تشتدان حتى يكاد بياضهما يخالط بسوادهما، وبنبرة غل أبٍ موجوع على عصبة رأسه:
-تحسبيني غافل عن بنيتي, أدري وش سوا فيها الخسيس مير كنت أظنها أقوى منه, مادريت إني خلفت نسمة وأورثتها نصيب اسمها

تلطم صدرها بخفة وهي تأن وجعًا عما يحصل بداخلهم:
-آه ياوجدي عليها, وزوج بنتك الثانية؟ ذابحني همها يابو هيثم, ما أمداها البنت تفرح بزواجها, هذا اللي استفدناه من واحد يرمي نفسه قدام الموت

نايف بجدية بالغة يقر الوقائع على أذني زوجته:
-أبو محمد ماعليه شر إن شاء الله, بيتجاوزها مثل ما تجاوز الكايدات, ونرجع نفرح في عيالنا

تأخذ نفسًا عميقًا ثم تزفره، تسأله وقد تذكرت أن اليوم من المفترض أن يكون عقد قران ابنها:
-وش أنت مسوي مع عيالك؟ الواحد ماله نفس يحتفل فيهم بذا الوقت

يردف بذات الجدية، يخطط لهذه الأمور في ظرفٍ سريع ولا يملك الوقت لتغيير القرارات:
-تليد بيتأخر زواجها على خير إن شاء الله على الأقل لين يطلع أخوها بالسلامة يكفي إن كنت أشوف بعيونه عتب على خطبتها إلى جات بسرعة بسرعة, وزياد اليوم بنملّك له مثل ما خططنا لو أن الرجال قال معذورين وقده بيحلف علينا بس قلت له إنها بيننا حنا, وقال اللي تشوفونه

تعبس ملامح وجهها بشكلٍ جلي، تقول بسكون هامسة:
-ماني حاضرة لهم اعذرني يابو هيثم, قوم ودني لبنيتي هالحين اقرأ عليها كود دمعة تنزل منها وتريح قليبي الموجوع عليها

نايف وهو يقف بعد أن كان جالسًا بالقرب منها، يقول بمودة مطمئنة:
-يالغالية ارتاحي, نسيم معها هناء والبنية كم ساعة وبيعطونها خروج, الحين بمشي نملك لزياد محنا متأخرين إن شاء الله, اقعدي وارتاحي لا تاكلين بنفسك, خذي سجادتك واستقبلي القبلة وأدعي لهم, دعواتك مستجابة بإذن ربي

تتنهد هي الأخرى، تقف على رأيه لتتجه إلى سجادتها حيث رب العباد سيستقبل كسرها ويجبره برحمته وعطفه:
-شورك وهداية الله يابو هيثم, الله ياجرنا في مصيبتنا ويخلف على عيالي خير الأمور وأحسنها, لا ملجأ ولا منجا منك إلا إليك ياكريم يا رحيم

يبتسم وهو يؤيد ما تقوله ليستطرد بهمس:
-هذا الكلام الزين بارك الله فيك, الله يطمنا عليهم


*
*

بالأعلى - غرفة زياد

كان ينهي أخر لمسات تزينه وهو يهم بإقفال ساعة اليد الفضية التي يرتديها لأول مرة, كم أدخرها لمناسباتٍ يفخر بها ما ظن أنه سيرتديها لعقد قرانه, وأي عقد هو يا الله؟

قبل سنوات لم يك يمانع من الزواج وتكوين أسرة بجو دافيء وحميمي رغم إنشغاله أنذاك, لكنه اليوم أبعد ما يكون عن المضي قدمًا في هذه الرغبة, فقد الحماسة إليها, فقد استعدادته برفقة سعادة أخوته وأهازيجهن, فقد البسمة التي يراها على ثغره العابس كالأمير المحبوس في قمة القلعة قسرا

اليوم يومٌ جديد بالنسبة إليه, مرتبك نعم, ولما لا يرتبك وهو يخوض دروبًا يجهل نهايتها, بل يجهل إحدى أساسياتها, الزوجة المزعومة

من تكوني يا أخت أحمد؟
من أنتِ؟ من أي أرضٍ جئتِ؟ ومن أي سماء حللتِ؟
أجئتي من جذع نخلة عريقةٍ أم فسيلة فاسدة
أوا جئتي من غيمة ماطرةٍ أم ريحِ عقيم؟
ما شكلك؟ أَمِن حور العِين بالجمال أخذتي؟
أم كوجه الشياطين تلبستي؟
قولي لي بربّك أيُّ مقامٍ أُقيم لكِ في حياتي؟

يتنهد وهو يحدق في ملامح وجهه, يالله! منذ زمنٍ طويل لم يتأمل في ملامحه حتى كاد أن ينسى خطوط وجهه, يرتدي الثوب الأبيض الناصع, والغترة التي تجاري ثوبها في اللون, عينيه الحادتين تنبئان بقلقٍ خجول يختبئ خلف مقلتيه, شموخ أنفه يحكي قصة إنكساره, وما أعيبها من قصة, فمه المشدود يحبس حديثًا غزيرًا يملأ القلب بالوصب, إن فاض سيسقي الأراضي القِفار

بشكلٍ لا إرادي, كعادة اعتادها كثيرًا خلال دراسته للطب, خرجت من شفاهه جملة هامسة بتثاقل شديد:
-بسم الله توكلت على الله ولا حول ولا قوة إلا بالله

ويشهد الله, أنه ما قال هذا الدعاء إلا ويسّر الله أمره, بنى النيّة في قلبه طوبًا طوبا, وتوكل على ربه آملًا أن يفتح له أفاقًا من أيامٍ تملأها البهجة والسرور, فرن حينها هاتفه وإذا به رقم والده, أجابه مسرعًا أنه قادم, لن يجعله ينتظر و-يستثقل مشاعره-, يكفيه ثقل المشاعر من سقوط نسيم, وعمران, وحزن الجميع

حمل هاتفه ومفاتيح سيارته فقد أصر على هيثم أنه سيقود بسيارته هو, يتلقاه والده على طرف السلالم, رآه كيف يجاهد لرسم الابتسامة من أجله, آه ما أقواك يا أبي! ليتني بقوتك هذه

يباغته نايف بذات الابتسامة قائلًا:
-هاه يا أبوك جاهز؟

يرفع زياد طرف غترته ويرميها خلف كتفه, يقول وهو يحرك حبيبات المسباح بين أصابع كفه الخشنة:
-يبه ماهو أحسن لو أجلنا الخطبة لين تطيب أختي ويطلع أبو محمد بالسلامة

يعترض نايف -رغم اعتراض شعوره الداخلي-, ليقول بجدية وتقرير واقع:
-ياولدي الظروف لا هي مقدمة من أمرنا شيء ولا مأخرة, أختك راح ترجع بعافيتها وأبو محمد مهب متشرهٍ علينا لو درى, امشِ أخوك قده ينتظر برا

يزفر زياد نفسًا قاتمًا, لربما تأخير العقد خيرٌ له, وربما كذلك تعجيله هكذا لخير يجهله هو, جارى والده في الأمر وبدأ يمشي خلفه مرورًا إلى سيارته المركونة بالفناء, يظهر هيثم من العدم كعادته السحريّة, فيحدق به في نظرة تفصيلية لم تفت على زياد رغم أنه لم يعلم ماهيتها, ولو علِم لاستقى بعضًا من ثقة أخيه


يأخذون طريقهم إلى منزل أحمد الذي رحب بهم بكرمِ بالغ السخاء, سأل جديًا عن عمران وحالته ليجيبه نايف بـ"حالته عند الله", فيرد عليه آسفًا بـ"الله يعوده لكم بالسلامة", تبعهم إلى داخل المجلس الراقي, لم يكْ هناك سوى خال والد أحمد البعيد جدًا عنهم, وأصحابه, الذين هم بطبيعة الأمر أصحاب هيثم

سلموا بهدوء عليهم, وكان زياد أكثرهم هدوءًا وتوجسًا, لعل هذا الجمع أثار قلقه وأنذره بالخطر المحدق, تبادلوا الأحاديث لدقائق قليلة حتى رن جرس المنزل مجددًا فإذا به المليّك

-"السلام عليكم ورحمة الله وبركاته يا أهل الخير"

يصدح بها المليّك فور دخوله إلى المجلس, فيقف الجمع ويبدأون بالسلام عليه تباعًا, حتى جلس بوقاره الشديد في منتصف الكنبة الراقية وجلس من حوله الباقين, بعد السلام والأخذ بالأحوال وشرب القهوة تحمحم المليّك واستطرد بجدية العملية:
-نبدأ نملك يا جماعة الخير؟

يبتسم أحمد إبتسامة صغيرة وهو يحدق بهدوء في هيثم وأبيه, ثم إلى عريس أخته الموعود:
-نملك يا شيخ إن كان العريس جاهز

لا يعلم لما توتر حينما سُلطت عليه الأنظار, وأحسّ أن شعوره وردات فعله مراقبة ومرتقبة, نظرة واحدة من هيثم كانت كفيلة أن يتحدث ردًا على أحمد, فيقول بلا شعور:
-جاهز

بدأت الإجراءات, أُخذت هويات الشهود ووليّ أمر العروس وهويتها كذلك, أكمل الشيخ عمله حتى بدأ بإستنطاق أحمد والعريس, لم يصدق زياد أن الأمر أوشك على التمام إلا بعد أن ناوله الشيخ القلم ليوقع, إرتجافة يده حول القلم خير دليل على تخبطه الداخلي, يكره العقود, لا ينكر ذلك, كما لا ينكر كرهه للتوقيع, فأخر توقيع كان برضاه أخذ منه حياة كاملة متمثلة فيه وظيفة يعشقها
وهذا التوقيع -كذلك برضاه- لا يعلم إن كان سيكلفه حياة أخرى, أم بضع حياة!

تثاقل الأمر وأخذ يتنفس بشكلٍ بطيء, حتى مال عليه هيثم ليهمس في إذنه بحدة:
-اخلص الرجال بدوا يشكون فيك!

عند حديثه المزمجر ذاك وقع زياد أخيرًا توقيعًا مرتجفًا تتألم له القلوب والحناجر, إثباتٌ على أنه جرُّ إلى الذبح جرًّا, يالله فلتبارك له الخطوة الأخيرة, وهي رؤيتها

يستأذن الشيخ من أحمد لياخذ بموافقة العروس, فيأذن له أحمد ويقفان جنبًا لجنب متجهين إلى الصالة المتصلة بالمجلس, هناك حيث تجلس البتول في بهائها الراقي متسربلة بصمتها وقلقها الجم, يطرق الباب بخفة ويدخل من خلفه أحمد مبتسمًا على أناقة أخته الرقيقة

ما كان توترها يقل حدة عن توتر زياد, فهي كحال غيرها من الفتيات حينما يأتيهن عريس الغفلة من الباب في زواج تقليدي, لم يك الزواج في قائمة أولوياتها حتى السنوات الأخيرة, إلا أنها مؤخرًا بدأت تشعر بثقلها على أحمد رغم تمسّك أبنائه الشديد فيها

حينما فاتحها الأول بموضوع الزواج رفضت في باديء الأمر, لكن استطاع أحمد إقناعها بالعريس القادم, كما استطاع إقناعها أن عمرها سيمضي دون عشٍ مستقر, أو عصافير محلقة, ولعله استطاع أن يضرب وترها الحساس

كطبيبة أطفال, فإن رؤيتها اليومية لهم تستفز مشاعر الأمومة بداخلها, حتى وإن كانت تمارسها قسرًا على أبناء أخيها أحمد, لكن أن يكون لها طفل من ثمر رحمها لهو أشد روعةً من شعور الأمومة الغريب عليهم

كانت تجلس في رقي, بـ"جمبسوت" أسود أنيق, يتزين وجهها بزينة خفيفة, كما سرحت شعرها في لولبات موجية رائعة, حينما أطل أحمد من خلف الباب قفزت العبرة إلى بلعومها, فابتسم ذاك واقترب منها قائلًا:
-يالله حي هالزينة, أمنا وأختنا وبنتنا الوحيدة

تترقرق الدموع -رغمًا عنها- بعينيها, تقترب من أخيها فتحتضنه بشكلٍ أسرٍ ووثيق, يربت أحمد على ظهرها بعد أن قبّل رأسها بإحترام بالغ, ستظل أخته الصغيرة والفتاة التي أعانته بتربية أبنائه تربية صحيحة سليمة لا تشوبها شائبة, يفخر أنه أخٌ لمثلها

يسألها الشيخ من خلف حجاب:
-يا ابنتي البتول بن حمد هل توافقين على زياد بن نايف بن بشير آل ذمام زوجًا لكِ على سنة الله ورسوله دون أي ضغط؟

ترتبك التبول, تشعر بجفاف حلقها وتصحّر روحها وخواء جسدها الذي أصبح هلاميًا بشكلٍ غريب فتستند على صدر أخيها والأخير يشجعها على الإجابة, تقول هامسة:
-نعم يا شيخ أقبل!

يسألها الشيخ مجددًا بذات النبرة المهنية:
-هل لديكِ شروط يا ابنتي؟

تحدق بأخيها, يشجعها الأخير على نطق ما يود فؤادها به, فهذا من أبسط حقوقها, تستجمع قوتها لتقول بنبرة هادئة واثقة:
-ياشيخ, أخوي وعياله مالهم غيري بعد الله, شرطي الوحيد ما يمنعني من الجية لهالبيت لأنه الباقي من ريحة أمي وأبوي

يهم الشيخ بالرجوع إلى المجلس وهو يناولها لتوقع على عقد زواجها بزياد رسميًا:
-بارك الله فيكِ يا ابنتي, لكِ ذلك, وقعي هنا !

توقع بعجلة على خير عادة تأنيها فيخرج الشيخ بعد دعاءٍ لطيف صدر منه, يلتفت إليها أحمد مجددًا ويحتضن كتفيها ثم يقبل رأسها:
-مبروك يا أخوك, الله يجعلها زواجة الدارين يارب

تفاجأ بالهجوم الكاسح الذي حصل بعد مباركته الأخوية الباذخة, فإذا بهم أبنائه يحتلون الصالة بوجوهٍ متجهمة, يبتسم أحمد فور رؤيتهم فينحني لأذنها قائلًا:
-تكفيييين سايرهم, من أمس منطقرين علي وعجزت أراضيهم, شوفي وين وصلنا يا أخوك يوم إنه الأب قام يراضي عياله المجانين
(وجّه حديثه نحو أبنائه بجدية بالغة ليستطرد)
-سلموا على عمتكم واطلعوا مابي أشوف وجه واحد منكم في هالصالة زين؟

يعود أحمد إلى المجلس تاركًا أبنائه برفقتها علهم يخففون بعضًا من قلقها الذي بدا جليًّا في عينيها, يجلس بجانب زياد بعد أن أتمم الشيخ عقد القرآن, يلتفت إليه فيقول بجدية هامسة:
-يا زياد عطيتك النهار ذا عيوني الثنتين ونور بيتنا وأختي الوحيدة, أمنتك إياها يا زياد, أمنتك إياه مرتين وعشر, لا ترجع بيتي مضيومة ما يشفيني وقتها دمك

كأن هذا ما كان ينقصه, تهديدًا مخيفًا من شخصٍ رغم هيئته السمحة بدا مخيف كذلك, يصل بعض حديثهم إلى أذني هيثم فيلتقطه ليقول بذات جديته:
-أزهلها يا أبو حمد, أختك صار وراها أخوان, وإن جات تشكي أدبتك له بيديني

لا شك أن هذان العملاقان قد اتفقا عليه ليكيلا إليه التهديد والوعيد من أجل تلك الأميرة, ليراها أولًا يكفيه توترًا وقلقًا من هذا اليوم الذي لا ينتهي, يبتسم أحمد فيستطرد:
-قم الحين معي, أختي تنتظر في الصالة

يقف ويمشي وراءه كالغائب عن هذه الدنيا, بل طفلٍ صغير قالوا لي امشي خلف أبيك ولا تترك يده, خرجا من المجلس ثم وقفا مباشرة أمام باب أخر أشار له أحمد أنها صالة صغيرة, يخبره أن يدخل وسيعود إليه بعد خمسة دقائق لا غير

لم تك هذه النظرة بمسماها نظرة شرعية, فعلى حد علمه أنها تُقام قبل العقد, لكنه إستثناء, حيث عقد على عروسه ودخل عليها وإلا ما كان سيتركه أحمد ليدخل بنفسه..
طرق الباب بخفة لا تكاد تُسمع, ودلف إلى الصالة حيث تنتظره الزوجة المزعومة أخيرًا

-"السلام عليكم"
يقولها زياد في هدوء يكاد لا يُسمع من خفته، إلا أن ردة فعله بعد السلام جاءت مندفعة حينما أغلق باب المجلس بقوة ورأى ما رآه أمامه









*
*
*
*
*
*
*
*








فـي المستـشفى - قسـم النسـاء

تقترب هناء من نسيم الشاحبة بملامح وجهها، الصامتة بروحها الملتاعة، تناولها علبة عصير برتقال فتصد تلك عنها معلنةً الرفض:
-ياروحي بس اشربي هالعصير, تقوي خلي جسمك يقوم على حيله

تحيد بوجهها فيلتصق خدها الأملس بحافة الوسادة، تقول مغضنة الجبين بنبرة مستضيقة:
-مابي ياعمة لا تجبريني

تتنهد هناء بغضبٍ طفيف وقلة حيلة، إن لم تمت هذه الفتاة من سقوطها القوي على أرضية غرفتها وتشق رأسها فستقتل نفسها من الجوع:
-لا حول ولا قوة إلا بالله, من أمس ما دخل ببطنك إلا هالمغذيات, لا تخليني أجبرك صدق وتشوفين وجهي الثاني, أنا ساكتة لين تجي أمك تستلم دورها

بعقدة حاجبيها، وبرودٍ نفسي وجسدي تهمس نسيم:
-مالي نفس

تضع هناء علبة العصير على الطاولة المرفقة بسرير المستشفى، تجلس على طرفه الأبيض ثم تقول بنبرة حادة:
-اسمعي يابنت, أدري إن الوجع توه طري وليّن, وأدري إن يبي لك أيام لين تتعافين منه, لكن ياويلك, ياويلك يا نسيم يكسرك طلاق ولا فراق, محسوبتك تطلقت مرتين ولا هي بنادمة لأن الحياة تجارب ولولا هالتجارب ما كان شفتيني بهالشكل, ترا المشاكل ماهي خالصة من حياتنا بس مدى تقبلنا لهالمشكلة يحكم مزاج باقي أيامنا, والله العظيم لو علِم الإنسان عن كمّ الخير المخبأ تحت كل سوء لحمد ربه وسجد له سجود شكر
( تنظر إليها وإلى عينيها التي بدأت تحمّر من كبتها لبكائها، تستطرد بنبرة مخففة من الحدة)

-اشكري ربك انفصلتي بدون أطفال يربطونك فيه, اشكري ربك إنه بيّن لك معدنه الحقيقي, اعتبري إللي صار لك كفارة لذنوبك يا نسيم وابدأي صفحة جديدة, أنا أدري إن الكلام سهل لكنك قادرة, لأنك بنت نايف, وبنات نايف ما ينكسرون

تزفر هناء حينما طال صمت نسيم، تقول بتفهم وإحتواء لمشاعرها التي تمر بها:
-لاتردين علي أنا متفهمة وضعك, بس قلبّي هالكلام في عقلك ما هو في قلبك, وتذكري دائمًا إن أمر المؤمن كله خير, وهذا أمر اخُتص فيه المؤمن, إن أصابته سراء شكر فكان خيرا له, وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرًا له, الشكر والصبر في السراء والضراء يا بنت أخوي, إلا ما يجيك العوض من رب العالمين











*
*
*
*
*
*








خـارج مـركز الشـرطة

كان وهاب يقف برفقة زملائه حينما خرج شهاب من مركز الشرطة وبجانبها شخص حاد الملامح، عبوس الوجه, متحفز الهيئة

فور رؤيته ابتعد وهاب عن زملائه ليقترب منه بخطواتٍ مفرطةٍ في الثقة ويقول بابتسامة ذات معنى:
-الحمدلله على السلامة يا أبو سامي, أخر الجيات إن شاء الله

التفت شهاب نحو الشخص الذي بجانبه بنظرة استدركها الأخير فجر أقدامه مبتعدًا إلى السيارة, ما إن اختفى من أمامهم حتى حدجه بنظرة هازئة قائلًا:
-الله يسلمك, ودامك مو موجود إن شاء الله ماني بجايكم

اتسعت ابتسامة وهاب, ابتسامة بها من المكر الكثير, فقال بنظرة جادة اختلطت بالتهكم:
-المرة الجاية اسمع الكلام واللي ينقال لك قل له سم وأبشر, لا تناطح رجال الأمن ومسوي فيها
(يقترب منه بخفة, يهمس له وهما يتراشقان النظرات الحادة)
-بس بانت لنا الحقيقة, وهذا أهم! أجل متزوج يا أبو سامي

تحتد نظرة شهاب ومشاعره السوداء تكاد تخرج من خلف الركام مخلفّة وراءها زوبعة ستلتهم هذا الأحمق بلا شك, يسحق أسنانه ببعضها البعض, فيهمس من بينهما محترقًا:
-وأنت وش دخلك؟

وهاب بثقة عميقة استمدها من الحقائق الأخيرة التي ظهرت على السطح وهو يرمي الأوراق في وجه شهاب دون أن يتوانى عن فعل ذلك:
-بنت عمي, اللي يمسها يمسني

استنكار شديد الملامح ظهر على شهاب, لا بد أن هذا الأحمق بدأ يهذي من شدة سخريته التي يقابله بها في كل مرة, شعر بالتهكم حيال قوله فقال مستنقصًا:
-هه, ياحليلك والله لهالدرجة عشت الدور وإن هادي عمك

وهاب بذات الثقة وعينيه تلمعان إزاء الحقيقة الجادة التي أصبح "يفاخر" بها:
-ياحليلك أنت, وإذا منت مصدق أسأل "عمك" هادي .. يا أبو سامي!

تتصلب أقدام شهاب للحظة, يحدق بملامح وجه وهاب التي تنضح بالثقة العالية, يتحدث كمن يملك الحقائق بين يديه ويلوح بأوراقها أمامه دون خوفٍ أو وجل, هذا الأحمق يقول الحقيقة, وجهه ينبيء بذلك فما مصلحته ليكذب عليه في هكذا أمر؟ عليه أن يتأكد, إن كان الأمر صحيح فمن اليوم عليه أن يتخذ كامل حذره, ولا يملك أمر اليقين إلا هادي

حدجه بنظرةٍ أخيرة مفادها "سنلتقي مجددًا" ليسحب ويعود أدراجه إلى السيارة التي تنتظره, ما إن صعد واستقر على كرسيها حتى قال الشخص الأخر بجدية بالغة:
-أنت وش فيك ماسكها ملاسن مع الشرطي؟ منت قادر تقبض لسانك تبيه يشك فيك

يزفر شهاب بغضب, ينسى للحظة حديث وهاب فيلتفت إليه غاضبًا:
-عاجبك يعني يوم كامل وأنا تحت رحمته أنتظر خويّك يطلعني منه بكفالة

ركز الشخص الأخر على طريقه فيستطرد بذات النبرة الجادة:
-أنت تدري أكره ما عليه سجون الدولة ومراكزها, لو إنك مو زوج أخته كان خلاك تتعفن فيه عشان تتعلم شلون تتكلم مع الشرطي مرة ثانية

يزفر مجددًا, هذا الحريق في صدره يشتد أكثر فأكثر, أي المخارج يقصد إن كانت الأمور بدأت تضغط عليه من كل جانب, وهاب, وصاحبه المديون إليه, وزوجته وذاك الاخر الذي سرق من راحة عمره الكثير والكثير:
-ياخي نرفزني, مسوي فيها قااافط, أنا داري عنه من أول ما دخل بيتي بسبة الشايب وهو وراه شيء

يتجاهل ذاك كل حديثه فما هو إلا مأمورٌ لإخراجه من المستشفى بكفالة بأمرٍ من صاحبه:
-وين بتروح؟

ينزع شهاب شماغه, يدلك منتصف رأسه والصداع يحيط وجهه, يقول بإرهاق:
-بيتي

ذاك بسخرية يمقتها الأخير:
-الأول ولا الثاني؟

يلتفت إليه شهاب ولا طاقة له لتحمل هذا الكم الهائل من السخافة والتفاهة, فما يجول في عقله وما يحمله من هموم يكفيه, لا يريد أن يكون تحت رحمة أتباع صاحبه بعد أن ظل -وما زال- تحت رحمته هو:
-بلا لقافة دم أنت بعد, بيتي الثاني

يحل الصمت بعد حديثه, يتجه ذاك الشخص إلى الوجهة المقصودة وبعد دقائق طويلة في زحمة المدينة الخانقة وصل إلى مبنى راقي في أحد الأحياء السكنية الباذخة, ينزل شهاب ويصفع بالباب خلفه دون أن يشكره حتى فيصعد سلم البناية وهو يكاد يقفز حتى يصل

يقف أمام شقته الأخرى, يتنهد ما إن تذكر أن مفتاح الشقة معها, طرق الباب طرقتين بغية إزعاجها, ما لبثت أن فتحت تلك الباب واندست خلفه فدخل شهاب مباشرة

حدق بها وهي بتلك الهيئة, ترفع حاجبها للأعلى بإبتسامة مائلة لتقول:
-الحمدلله على السلامة, الحبس للقدعان

أغلق شهاب الباب من خلفه ليدلف إلى داخل الصالة وهو يرمي شماغه على الكنبة فيلتفت إليها قائًلا بجدية:
-البركة في أخوك اللي أنتظر كفالته عشان يطلعني, لو إنه عدوي

اتجهت إلى الكرسي الوثير الذي كانت تجلس عليه تشاهد التلفاز وبيدها صحن فواكة عليه شوكة بأطرافٍ ذهبية, تقول بلامبالاة:
-أخوي ماهو ملزوم فيك بكل مرة, خارج نفسك بنفسك, قلت لك لا تشد أعصابك مع رجال الأمن وسايسهم بس واضح طحت على واحد أخلاقه في طرف خشمه

شعر بالضيق من حديثها حيث أنهم اتفقوا عليه ليكيلوا له اللوم والعتاب, غضن جبينه ليقول ب
-بلا كلام فاضي جهزي لي الغداء وراي خط سفر, بدخل أتحمم وأطلع

اعقب قوله بفعله فاتجه إلى الغرفة الرئيسية, استحم مطولًا فقد قضى ليلته بأكملها في الحبس حتى حن عليه الصاحب الصدوق وأخرجه بكفالة, خرج ملتفًا بالمنشفة السوداء حول خصره, لتتوقف أقدامه ما إن رأى تلك اللعوب

ترفل في ثوب نومٍ حريري صاخب اللون, تقف أمام التسريحة تضع بعضًا من أحمر الشفاه بلمعة زهرية يكاد يذوب على رقة شفتيها, تسرح شعرها وتبخ عليه بضع رشات من عطرٍ صيفي منعش تغلغل إلى صدر ذاك الصلب الجامد

يا لمكرها, تتقصد ذلك. أن تتزين أمامه بزينة باذخة البساطة, تتراقص حوله كفراشة لا تستطيع لمسها مهما حاولت, تعلم أنها -بالنسبة إليه- بعيدة المنال, فتلعب لعبة الكر والفر على المكشوف دون خوف

تنهد بتعبٍ من هذه الشقية, في نهاية المطاف هي زوجته وحلاله, لا بأس أن يبتغيها جسده دون قلبه فالقلب معلق بالمرجانة التي غاصت به حتى أعمق المحيطات. ما هو بصانع؟ لم يخلق الله في جوفه قلبين لكن أحلّ له سائر الأعضاء
اقترب منها مفتونًا بحركاتها الماكرة التي تتقصدها تمامًا, وقف خلفها مباشرة لينظر إليها من المرآة قائلًا بهمس قاتل:
-بدور, وبعدين؟

التفتت إليه ولم تندهش من القرب الهائل بينها وبين جسده. لطالما أجادت استمالة شهاب إليها, تعلم كيف تلعب اللعبة بمكرٍ ونباهة, تشده إليها ثم تنفره بقسوة, رفعت راحة كفها أمام صدره العاري, قالت بنبرة متغنجة ممتلئة بالجدية:
-لا تقرب شهاب، بس تخلص سلسلة الديون اللي بينك وبين أخوي وتشوفني كإنسانة لها كيّان ذاك الوقت بنقرر وش وضع علاقتنا، أما الحين اركض لعيالك وزوجتك

عض على شفتيه, هذا الدَين سيظل يلاحقه ما حيا, إن لم تكْ بدور فغيرها بالطبع, قال بجدية تخبرها بحقيقة الوضع:
-أذكر إنك زوجتي بعد

مرت من جانبه فلسعه أريج شعرها الخلاب, تردف قبل أن تخرج من الغرفة بغرورٍ واثق:
-على ورق بس!

اشتد حنق شهاب وكأن ما كان ينقصه أن تمنن عليه امرأة بالقرب منه, عليه أن يتعلم من أخطائه وأن لا يقترب ما دام الاقتراب محرمًا -بعُرفها- حتى الآن, ما إن ينتهي الدين الذي طال حتى سيرسم خطأ واضحًا لعلاقته بها، أن يكمل الطريق أو أن يقطع دابره منذ البداية

خرج وأغلق باب الشقة وراءه بقوة تعمدها حتى يكيل إليه شتائم الإزعاج وإقلاق راحة بالها، فعقدت حاجبيها بإمتعاض لتقول وهي تجلس على الكرسي مجددًا:
-ياصبر هالجدران عليك









*
*
*
*
*
*







كانت تختنق!
تحول لونها إلى اللون الأزرق المائل إلى اللون البنفسجي، فهلع لما يراه واشتدت ملامح الدهشة عليه!

اقترب منها في قلق ورعب، كانت منحنية بظهرها حتى لامس نحرها بداية ركبتيها، هو طبيب، يعلم طرق الإسعافات الأولية لكن رؤيتها بهذا الشكل أثار جهله التامة بالطريقة الصحيحة للتصرف

بتلقائية وعفوية وضع يده على ظهرها وأخذ يضربها بتروي خوفًا من زيادة اختناقها، يقول بنبرة هلوعة وهو متسع العينين:
-تنفسي، تنفسي الله يخليك

بكاءها السبب!
بعد مباركات أبناء أخيها وخروجهم نزولًا عند أمر أبيهم جلست على الكنبة وأخذت تسترجع ذكريات الأيام الفائتة، تمنت لو أن أبيها وأمها برفقتها اليوم، لو أنها حظت بمباركة أبيها وهلهلة أمها ودعوات شقيقها وضحكات أبناءه

تخيلت مراسم الفرح في منزلهم عوضًا عن شعور الوحدة الذي تزايد وهي تستعد لهذه اللحظة برفقة نفسها فقط

اشتاقت لهم، لحنينهم ورائحة أكفهم، اشتاقت أن تستيقظ صباحًا لتناكشهم وترسم الضحكات على ثغرهم، اشتاقت إلى صوت دعائهم وبركتهم ودبيب أصواتهم في روحها

تخيلت خروجها من هذا المنزل الذي عاشت به تسعة وعشرون عامًا بلحظاتها الفرحة والتعسِة، منزل أبيها الذي عاد لأخيها مؤخرًا، أن تفارق أبناء أخيها الذين هم بمقام أبنائها، الخيال كان قاسيًا عليها، فلم تستطع روحها النقية تحمله

صعدت العبرة إلى حلقها و استصعبت إخراجها، اختنقت بالذكريات، فلم تملك إلا بكاءً ونشيجًا صامتًا يدمي القلب من عقدته

رفعت عيناها بهلع على الذي اقتحم خلوتها فجأة ولم تنتبه إليه، انتبهت للدهشة في عينيه فأخذت نفسًا دون أن تزفز وازداد اختناقها

ارتعب زياد أكثر، وبشكلٍ تلقائي وتلك الشخصية النهمة التي تستدعيه لإنقاذ حياة عادت من رمادها، أمسكها من عضدها يوقفها أمامه وأخذ يفتح أول أزرار لبستها

هلعت أكثر، اتسعت عيناها وامتلأت بالدموع التي لم تجف، فهطلت معبرة عن وجلها مما يفعل، يقول زيادة بجدية مرتبكة:
-تعوذي من الشيطان وتنفسي، بتختنقين

لكنها لا تستطيع، الهواء يدخل دون أن يجد له مخرجا، و رئتيها على وشك الامتلاء
لم يتوانى زياد عن إنقاذ هذه الفتاة المسماة زوجته الذي حذره أخيها قبل قليل وأمنّه عليها

وقف خلفها، وضع إحدى القدمين أمام الأخرى قليلًا ليتوازن، لف ذراعيه حول خصرها وأمالها إلى الأمام فمال معها، عمل قبضة بيده ثم وضعها فوق منطقة السرّة، ضغط على المنطقة بضغطاتٍ متتالية رقيقة

تمر بنوبة هلع، هذا ما علمه زياد مباشرة وقد واجهه كثيرًا في فترة عمله، لذلك كان عليه أن يتدخل سريعًا، يهمس من بين الضغطات بحدة متوترة:
-شوي شوي بتول، خذي نفس وازفريه، يلا معاي .. واحد ناخذ شهيق، اثنين ناخذ زفير، سمّي بالله

حشرجة صدرت من جوفها، أخبرته أنها لا تستطيع، لكنه أصر قائلاً ورأسه يقترب من حافة كتفها:
-تقدرين، خلك مركزة معي، واحد، اثنين .. واحد، اثنين .. واحد، اثنين

ظل على ذلك الوضع لدقائق معدودة، حتى سمع أخيرًا سعالها الجاف وتنفسها النهم بشهيق وزفير سليم هذه المرة، تنفس الصعداء وهو يضع يده اليمنى على نحرها والأخرى تحيط بخصرها، أغمض عينيه وحمد الله في سره أن النوبة مرت بسلام ولم تصبها بأي أذىً داخلي

استمع لهمسها من بين سعالها وهي تقول بكلمة واحدة:
-ابعد

فابتعد مجفلًا بعد أن استوعب هيئته وكيف كان يقف، رآها وهي تستند على حافة الكرسي وتضع يدها على نحرها وتتنفس بهدوء
كيف حصل هذا بحق الله؟
لم تصبها يومًا هذه النوبة، إنها الذكريات. قتلت ما تبقى من صبرٍ قليل لحياة جاهدت أن تقف بها صامدة كيتيمة.
بل كيف اقتحم هذا الغريب عزلتها واستباح القرب منها وحبر العقد لم يجف بعد

-"أنتِ بخير؟"

نبرته حملت قلقًا غريبًا، شعرت بالخجل العميق ما إن استعادت رباطة جأشها، كانت توليه ظهرها فاستصعبت أن تنظر إليه وللتو تعود الدماء إلى وجهها، همست بعينين مغمضة ونبرة خجلة:
-بخير .. معليش!

يتفهم زياد اعتذارها المبطن, يقول بهدوء وهو الأخر يحاول تجاوز ما حدث قبل قليل وأن -امرأةً- كانت تختنق في حضنه:
-ارتاحي

أخبرته هناء بشكلٍ عرضي أن اللحظة الأولى من اللقاء الأول سترسخ في ذهنه وذهن عروسه, فأمرته بحسن التصرف أنذاك, إلا أن ما حصل قبل قليل تجاوز الطبيعية التي تحتم على لقاءٍ أول

تحسس العلبة التي بداخل ثوبه, كانت الدبلة, لما لا ينهي اللقاء بحدثٍ تستذكره قبل أن تنتهي الخمسة دقائق التي حددها أحمد؟ لا يدري, لكن رغبةٌ ما في داخله قادته لذلك

اقترب محافظًا على مسافة معقولة بينه وبينها, حينها التفتت إليه وهي تسبل أهدابها خجلًا وحياء, ليست بصغيرة لتتصرف بطريقة هوجاء لا تمت للعقل بصلة, لا بد لها أن ترى شريك مستقبلها وتعرفه عن قرب

أخرج العلبة بتردد, حدق بها وبجمالها الهادي وهندامها المتأنق برقيٍ باذخ, رقيقة, حتى زهرية شفتيها تشيء بكم الرقة المتكومة على أطرافها, وليونة جذها التي ما زال يتحسس تؤكد على ذلك

استخرج الخاتم, حدق بوجهها وهو يقول بنبرة -بدت متلعثمة- إزاء خجلها البادي والموقف الحاصل:
-معليش, أسف على اللي حصل قبل شوي, ممكن يدك؟

ما بال هذا الخجل الفائض عن الحد؟ حرارة ما تخرج من جوفها تجعلها ترغب بالتقيؤ وإنتفاضة غريبة تسري في جسدها, مدت إليه كفها فاحتضنها زياد بين يده الواسعة ليدخل الدبلة في بنصرها بتروي

لم تك الوحيدة التي ارتجفت من هذا التلامس الأولي, بل زياد كذلك, شعورٌ ما في داخله قال له أن هذه المرأة ستحدث تغييرًا جليًّا على حياتك -أنت- لا تحتاج إليه, لكنه آمن بالله وتوكل عليه, علّه شعور ينازع شعوره الأخر:
-إن شاء الله أسعدك

دعوة خرجت عفوية بشكلٍ تام, احتقنت على إثرها البتول واختنقت بخجلها, لا قدرة لها على تحديد احاسيسها نحوه, فما زالت تحت سطوة الإختناق وحرارة الإلتصاق به في أول لقاء بينهما

اتجه نحو الباب مسرعًا كي لا يراه أحمد بهذا الشكل ويقبض عليه بالجرم المشهود, لكن قبل خروجه التفت إليها برغبةٍ عميقة سرت بأطرافه, فقال لها في هدوء متردد:
-باخذ رقمك من أحمد, بعد إذنك يعني

لم ينتظر ردها, فخرج وأغلق الباب وراءه, لتنهار البتول على الكرسي وهي تغطي وجهها المحتنق بكفيها لتقول بنبرة مختنقة:
-يافضيحتي يافضيحتييي, رحتي فيها يالبتول, ياويلك إن درى أحمد باللي صار, آه ياربي ليه اليوم وبهاللحظة, ليه هو مب أحمد

قامت من مكانها لتكمل اللطم والعويل في غرفتها, لا يجب أن يعود أحمد ويراها بهذا الشكل فيدخلان في دائرة الشكوك والظنون, حتى وإن أصبحا رسميًّا -زوجان-








*
*
*
*
*
*









"-السلام عليكم"
يقولها إياس وهو يدخل من باب الصالة متعكزًا على عكازه فبعد الإصابة التي تعرض لها أصبحت المشي بشكل طبيعي أصعب من السابق, وما هو إلا أمرٌ مؤقت حتى يتنحى ألم اللدغة

وقفت شيخة وهي تحدق به في إبتسامة واسعة ما إن دخل عليها, لتقول بمحبة:
-وعليكم السلام والرحمة، هلا والله يـ…

انبتر كلامها في مهده ولم تستطع أن تنبس ببنت شفة بعد أن رأت وجهه الشاحب والعكاز الذي بين يديه, فقال إياس بعجلة وهو يتجه إليها مسرعًا:
-تكفين يمه لا تتروعين ولا ما بي شيء، إصابة بسيطة ما تستاهل دموعك

تحشرجت وغصت بدمعها, وسدت العبرة مجرى حلقها, يالله ما أقسى هذا المنظر على أمٍ تلتاع لوجعٍ أبنائها, كان قد دنى منها وقبّل رأسها واحتضنها حتى تطمئن لسلامته, فقالت شيخة بنبرة مختنقة:
-آه يا إياس، هذا اللي يقول أسبوع وراجع، راجع لي بنص رجل

تراجع إياس وهو يضحك بخفة حتى لا يقلق والدته أكثر:
-الله يسامحك يالشيخة، هذا جزاء شوقي لك؟

ابتلعت ريق الوجع عليه, تعلم كم يجاهد هذا الرجل لكي يرمم جراحها ويبرئها, لذا قالت وهي تقرص عضده برقة:
-اجلس بس ياكثر حكيك

جلس إياس بجانب والدته, أخذ من أخر الأخبار التي حصلت خلال هذا الأسبوع, أخبرته شيخة بكل شيء وأي شيء بغيّة تناسي إصابته وتجاهلت أن تذكر له المصيبة التي حلت عليهم, بظهور أخٍ مزعوم لأبيهم

حدق بها إياس بعد أن اطمأن على كل شيء, قال متسائلًا:
-يمه أنتِ بخير؟ بردانة أو شيء وش لك ملتفة بهالشال ؟

شدت على الشال الذي ترتديه, كيف نسيت أن إياس دقيق الملاحظة وأن هذا الشال سيثير القلق و-الشك- في آن واحد, فليس الجو بباردٍ لتضع الشال لكنه خشيًّة من أمرٍ أخر:
-مافيني شيء يا أمك تطمن

في ذات اللحظة دخل زاهد من باب الصالة وخلفه وهاب، بدى الاثنين كأنهما في خناق واضح فوهاب رغم ألمه من والده لم يستطع إلا أن يقبل رأسه فور ما رآه، بينما زاهد ما زال مغتاظًا ومئة فكرةٍ وفكرة تدور في عقله دون أن يجد لها حلًا، وهذا ما جعله يخرج على هيئة خصام وغضب على أبنائه

ولج إلى الصالة فوقف إياس ليقبل رأسه في هدوء، أتبعه وهاب وهو يقبل رأس والدته كذلك فتقول بنبرة لائمة:
-وأنت بعد ما هجيت أمس ما عاد شفناك

حذرها وهاب بنظرات عينيه، ما زالت في صدمة الأمس لم تتجاوزها لا هي ولا ابنتها المعتكفة في غرفتها، تقلب حديث وهاب الصادق بالأمس وسط سكون زاهد المرير، الذي خرج هو الآخر ولم يعد حتى ليلًا إلى غرفتهما
وتحمد الله أنه لم يعد، لاكتشف ما تخبئه عنه منذ زمن

يستطرد زاهد بنبرة جدية وهو يحدق بأبنائه يحيطون بوالدتهم، وهو هناك يقف وحيدًا يجابه أعتى المشاعر وأقساها على رجلٍ ظل مستندًا على ذاته منذ صِغره:
-عمران ولد خالي في المستشفى من أمس، عندكم علم؟

يومؤن رؤوسهم بالنفي، فيكمل زاهد بذات النبرة الجادة التي يتخللها الغضب:
-ايه من وين تدرون وأنتو ما همكم أبوكم ولا أهل أبوكم اللي ماله غيرهم؟

حاول إياس تهدئة والده الذي يرى الغضب المحلق حول ملامح وجهه المتغضنة، بنبرة هادئة جدًا:
-يبه اهدى الله يخليك لنا، أنت أدرى الناس بظروفنا أنا وأخوي ولو علينا ما قصرنا في حق أبو محمد

أخذ زاهد نفسًا عميقًا من لب جوفه، لا يعلم لما يصب جام غضبه عليهم، لا بل يعلم .. هو على علم أنه سيخرج من هذه المعركة خالي الوفاض، خاصة بعد أن ثُبت كل شيء قانونيًا والفضل يعود إلى ابنه الفج "وهاب"

مشى بخطواتٍ ثابتة رغم الاشتعالات بداخله إلى مكتبه، سيعود إلى الشركة بعد ذلك ليغرق نفسه في العمل حتى ينتشل ذاته من الوحل الذي كاد يغرق فيه

لن يستطيع هادي أن يسحب منه بساط نجاحاته مهما فعل، هو من أنشأ الشركة، من جاهد في سبيل بنائها ورفعتها، من سهر الليالي الباردة والساخنة من أجلها، لا يحق له أن يسترق تعب عينيه وسهدهما بين ليلة وضحاها! كأن القانون سيُنصفه

كان سيفتح باب المكتب، لولا أن تباطأت كفه على مقبضه حينما رأى نزول ابنته سبأ من الأعلى بملامح مخطوفة فجذبت بذلك انتباه عائلتها أجمع

كانت تتنفس بسرعة، ووجهها محمّر، شعرها يتطاير حولها إثر تنفسها المنتفض، نظرت إليها شيخة في دهشة من حالتها فتقول:
-وش بلاك يا بنت؟

حدقت بعائلتها واحدًا تلو الأخر، ثم سقطت نظراتها المرتعشة نحو والدها الذي يقف أمام مكتبه بإنتظارٍ لإجابتها:
-يمه دريتي؟ نسيم، نسيم بنت عمي نايف بالمستشفى، تطلقت من زوجها ويقولون زوجها مسكته الشرطة

تجمدت أطراف إياس بشكلٍ خارج عن إرادته وتصلبت نظراته نحو العكاز الذي كان يستند عليه بنظراتٍ واجمة وجامدة، حوقل وهاب في سكون وهو يقف ليسأل سبأ بجدية:
-من وين لك هالخبر؟

اقترب منها زاهد منتظرًا للمرة الثانية إجابتها في صمت، ما هذه المصائب التي جاءتهم جمعًا دون رحمة لقلوبهم، تستطرد سبأ لتقول بتوتر:
-البنات يقولونه

مسح زاهد جانب وجهه صعودًا ونزولًا بيده اليمنى، ويده اليسرى تحتضن خاصرته والهم يكسيه، يحوقل بهمس وهو متغضن الجبين:
-لا حول ولا قوة إلا بالله، أنا ماشي لخالي نايف كود ألقاه ببيته، وإن ما لقيته بمشي للمستشفى .. وهاب!
يناديه زاهد فيفهم وهاب ما يود قوله، رغم الخصام البادي عليهم إلا أن في المحن عليهم التكاتف ونسيان ما قد مضى، فلكل مصيبة مسمى

اجتذب إياس الأنظار إليه حينما وقف بشكلٍ متباطئ يتعكز على عكازه فيصعد إلى الأعلى دون ملامح تذكر أو حديث يقال، طريقته .. أثارت الشك في نفس والده فتبعه بنظراته صعودًا إلى الأعلى حتى اختفى

ومضاتٌ سريعة جدًا مرت على عقل زاهد جاءت من غياهب جبّ الماضي، لترتسم ابتسامة صغيرة جدًا بجانب ثغرة، وجد معناها بالطريقة التي يودّ








*
*
*
*
*
*
*








بعد يومـيـن -


تمشيان جنبًا بجنب خلف صفّة المنازل الشعبية وريحان تحتضن عضد السديم بذراعيها، للتو أنهيا جلسة "الفضفضة الاسبوعية" بينهما, اعتادا على القيام بها حينما يمتلئ قلب الأخرى، وكان لقلب ريحان النصيب من هذا الامتلاء

اندفعت السديم في حديثها ويديها تتحركان في الهواء إزاء إنفعالها:
-والله ياريحان اسمعي مني, لا تهولين الأمور من بداية حياتكم, خلك واضحة وصريحة وبنفس الوقت أرسمي حدود علاقتك فيه, ترا ما في أسوء على الرجل من أمرأة زنانة تعامل زوجها مثل ولدها

تنهيدة صغيرة قلقة خرجت من صدر ريحان, كما يقولون فإن الأمور دومًا مختلفة حينما تكون على " البر ", وهي لما بدأت هذه المرحلة الجديدة من حياتها بمعية عدوان شعرت بجدية وأهمية الوضع, خاصة مع ذكر الزواج الذي لم تحسب له حسابًا
ابتسمت إبتسامة صغيرة ضائقة, تقول:
-تصدقين عاد, نصايحك على غرابتها إلا إنها أهون من نصايح أختي مرجان, ياويلي منها ما تعرف شلون تخلي العلم ببطنها تجيب لك الأول والتالي

ضحكت السديم فشاركتها ريحان الضحك لتستطرد الأولى قائلة بإبتسامة واسعة:
-أختك مرجان تنصح من واقع تجربة بس أنا ياحظي أنصحك من بعيد لبعيد, وعلى قولة أختك الثانية ترا أنا وأنتِ وجهان لعملة واحدة

تعقب ريحان بضحكة مكتومة وهي تحتضن عضد السديم بشكلٍ أكبر:
-يعني في كل الأحوال جايبين العيد

في لحظة خاطفة ظهر أمامهن شبح متثلم, فشهقت الاثنتين رعبًا وتراجعتا إلى الخلف خطوة, تصاعدت دقات قلوبهن وسُلبت أنفاسهن لوهلة كيف يتحرك المرء بهذه السرعة المجنونة خاصة لرجلٍ أعرج .. كعدوان!

قبضت السديم على يسار صدرها, كانت على شفا حفرة من الإنهيار من شدة دهشتها, إلا أن ريحان تقبضت بها بشدة أكبر وابتلعت ريقًا صعبًا صاحبه نفسٌ مكتوم

عدوان, الذي ظهر أمامهن بشكلٍ مفاجيء بعد أن كان ينتظر خروج ريحان من منزل صديقتها, متلثمٌ بشماغه الأحمر ويغطي عينيه بالنظارة الشمسية لا يكاد يتضح منه شيئا, يهمس بصوتِ أجش:
-تعالي

ارتبكت ريحان فتراجعت خلف كتف السديم التي تنظر إليه ببلاهة من خلف غطاء وجهها, يوشك هذا العملاق أن يدعسهن من ضخامة جذعه, تستطرد ريحان بتلكؤ بعد أن نظرت إليه على عجل:
-وين؟

-"مفرق وادي, الحقيني .. وأنتِ, لا تعلمين أحد باللي شفتيه أو سمعتيه"

يقولها عدوان بجدية وهو يلتفت موجهًا حديثه الأخير إلى السديم, التي حدقت هي الأخرى بريحان فوجدتها متسعة العينين, تهمس لها بخفة:
-خير إن شاء الله وش مفرق وادي لا يكون يبي يذبحك ويرميك من هناك

كتمت السديم صرختها حينما تلقت "ٌقرصة" فتاكة من ريحان إثر إرتباكها من طلب عدوان لتزيدها إرتباكًا من حديثها, تقول من بين همساتها المترقرقة وهي تحدق بظهر عدوان الذي بدأ يشق طريقه نحو مفرق وادي:
-خلقه متوترة من شوفته فجأة ومتوترة من كلامه بعد توتريني زيادة يا أم الدراما, اسكتي لا عادها الله من نصايح صفيتيها لي قبل شوي, أروح ولا ما أروح؟

ابتعدت السديم عنها, تنظر إليها بغيظ وغل وهي تدعك مكان القرصة:
-بستين داهية أنتِ وإياه تشاوريني الحين ليه؟ روحي روحي له بس إن ما رجعتِ بيتكم اتهمته وشكيته للشرطة

لمحت ريحان توقف عدوان معطيًا إياهم ظهره, دليل على إنتظاره لها وإنتظار ردها على طلبه, ثم أعادت نظراتها إلى عيني السديم الباديتين من خلف الغطاء لتقول:
-خمس دقائق إن ما رجعت البيت بلغي عن فقداني

تقولها فتتحرك لتصدح ضحكات السديم على مشيتها المرتبكة وحديثها الأخير, تحدق بها حتى بدأ طيفها الأسود يختفي من وراء البيوت والنخل, فما بعد مفرق وادي الخلاء, تهمس بفمِ مائل وهي غير مرتاحة البتة بظهور عدوان المفاجيء وطلبه الغريب:
-خلوني لحالي, قاتل الله الوحدة, أرجع لأمي وطلباتها أبرك لي

*

في الجهة الأخرى تصل ريحان للتو إلى مفرق وادي لتتفاجأ بأن عدوان يجلس في ذات المكان الذي كن يجلسن فيه, على صخرة مستوية لا تعلم من أين أتت, ظلت تحدق به في صمتٍ واجم ترسم على ظهره خطوط حياةٍ تلونت بالوردية والزهرية. كانت تعلم أنه يعلم بوجودها لذا حينما طال سكوته شعرت بالتوتر والدقائق تفلت من يديها

سألته بنبرة متوترة:
-تبي شيء؟

استفاق من شروده بعد سؤالها ذاك, كان يستشعر وجودها فآثر الاستمتاع به والحظي بأمانه قبل أن يلتفت إليها ويرعبها بما ستراه

التفت ببطء, كان قد نزع الشماغ من على ملامح وجهه وما إن رأته ريحان حتى شهقت بحدة قاسية وهي تحدق به بذهول متسائلة بدهشة:
-وش هذا؟

زفر بداخله زفرة ساخنة, يا ريحانة, إن الكدمات التي في وجهه هي أهون من التي بجسده ماذا إن رأت ما بالداخل, قال بنبرة ساكنة:
-تعالي

اقتربت منه مأخوذه بملامح وجهه التي تحولت إلى خريطة مفزعة, جلست على ركبتيها أمامه بشكلٍ عفوي لم تتقصده, حدقت بأصابعه صعودًا إلى ذراعه, تلمستها فانتفض صدر عدوان الخالي مجبرًا:
-من وش هذا؟ من سوا فيك كذا؟
رق قلبه, تخيل ذلك! قلبه القاسي المتخم بالسواد والظلام رق لأول مرة لهلع هذه الريحانة, أمسك براحة كفها ليضعها على طرف خده وهو يغمض عينيه:
-ريحان اشش

ارتجفت لحركته المباغتة, وتأملت وسامته القاسيّة التي تكيّفت مع ديار شرق, قاسية بقسوة الجبال المحيطة بهم, يستطرد بسكون اللحظة:
-تسمعين صوت الطبيعة؟ الهواء وشجرة السدر وحصا الوادي, اسمعيها

طال الصمت بينهما بعد أمره الأخير, ليفتح عينيه بعد وهلةٍ ويحدق بها بنظرةٍ حادة فيقول:
-هذه التأملات هي اللي أنقذتنا من الجحيم يا ريحان

ابتلعت ريقها بصعوبة ونظرت إليه بعينين ممتلئتين بالدموع, همست وهي تقصد جراحه:
-ليه كذا؟

تنهد بهدوء, جوفه خالٍ وحياته موحشة والمستقبل مظلم بالنسبة إليه, إنها السبيل الوحيد لنجاته فكيف يحافظ عليها من الشر المستطير القادم بلا شكل؟:
-حادث

أمالت فمها في صورة واضحة لكبتها البكاء, قالت بهمس:
-من متى؟

عدوان وهو يمرر راحة كفها على خشونة خده, يهمس بصوتٍ أجش:
-تقريبًا أسبوع!

هالها ما سمعته, حادثٌ منذ أسبوع وهي التي رسمت السيناريوهات في عقله, تارة تقول أنه هاربٌ منها, وتارة تقول أنه هارب من القرية, همست بوجع:
-عشان كذا مختفي لك أسبوع؟ ليه قررت تختلي بألمك وما تشاركه معنا؟

تجاهل سؤاليها الموجعين, لا يملك الإجابة عليهما, لكن استطاب سمعه لنبرة القلق المتلهف في صوتها, فقال بهمس:
-فقدتيني؟
(استطرد حينما لم يجد منها ردًّا وقد احمّر وجهها)
-فقدتِ رجوعي نهاية اليوم على الغروب وأنتِ تراقبيني من سطح بيتكم؟ فقدتِ وجودي خلف زجاج الفرن أبيع الخبز للكبير والصغير؟ فقدتِ حضور أصايص الريحان على حوض شجر النخيل؟ تكلمي

هطلت دمعة, أتبعتها دمعة ثم دمعة حتى تصارعت قبائل الدموع بنهاية خدها وبللت غطاء وجهها, تلمست الكدمة بجانب عينيه بكفه المستقرة على خدها -إجبارًا:
-يعورك؟

جاء سؤالها موجعًا, وما أكثر ما توجعه هذه الصغيرة دون أن تدري, أغمض عينيه قائلًا وقد حلق تفكيره إلى أمرٍ أخر:
-آآه, كل الألم يهون يا ريحانة هادي, يهون

حدقت من حولها وهي تشعر بالتوجس والقلق والخجل معًا, سحبت يدها من على خده بعد أن تمادى وقبّلها بباطنها فارتعشت لذلك, ابتعدت خطوة لتقول بقلق:
-لازم أرجع, ما أبي أطول

فتح عدوان عينيه, أسودتا بشكلٍ أرعبها لوهلة, سرعان ما قال بنبرة حادة:
-لا, ماترجعين

هزت رأسها بالنفي, همست من بين حشرجاته وهي تراه يقترب منها مجددًا:
-عدوان!

أمسكها من عضديها, اقترب منها حتى أوشك على الإلتصاق, لا حاجز بينهم اليوم إلا ذاك الغطاء الذي يحجب عنه جمال وجهها وشموخ أنفها وليونة شفتيها, أخذ نفسًا عميقًا محملًا برائحة الريحان, بحقٍ لا بكذب, قال بجدية وهو يضغط على عضديها هامسًا:
-خطّي لي الوعد فوق الوعد, ارسمي لي المواثيق ودليني على قاضيها, عاهديني على لقيا المحبة وقاسميني من خبز الوله, أوعديني ما تكرهيني

ارتعشت بقوة, حدقت بعينيه من هذا القرب الشديد, تراقصت دقات قلبها لا تدري أطربًا أم نعيًا, عضت شفتيها بقوة لتقول بهمس مرتجف:
-ليه تقول كذا؟

نظر إليها لوهلة, يسألها سؤالًا لم يتوقع أن يسأله شخصٌ ما, لأن لم يك يعنيه أحد:
-ما راح تكرهيني؟

سؤاله القاتل أدماها من الوريد إلى الوريد, شعرت برغبة عارمة في البكاء, هذا الرجل ما هو إلا طفلٌ يتيم يشتاق لدفء بيتٍ لا غير, تقول مندفعة إندفاعًا لم تشعر به:
-ماتعديّت الأعراف والعادات وقطفت مني الغصن وراء الغصن حتى أسقيني من ماي كرهي وأذبل, ما راح أكرهك

أكد عليها بنظراته السوداء الهائمة, وقبلة واحدة زرعها بين عينيها ليقول بهمس:
-مفرق وادي يشهد علينا!

حدقت به وهي تتراجع, فقد كادت أن تلتصق بصدره من شدة القرب, بنبرة هامسة خجلة:
-والهواء وشجر السدر وحصا الوادي يشهد علينا

تراجع للخلف وهو يعتقها من قبضة يديه, بسمة صغيرة نمت على ثغره المتورم ليقول بهدوء ساكن:
-روحي, لنا لقاء قريب









*
*
*
*
*









-"يمه هذا غداك جبته لك, جنبه كوب الموية وحبوبك خذيت من كل نوع حبة وحطيتهم جنبه, تبين شيء ثاني؟"
تقولها فردوس وهي تضع الصينية بالقرب من الجدة الثريا, فتستطرد الأخيرة بنبرة حنونة بدى بداخلها ألمًا ما:
-سلمتِ يا أمك, جعلك للفردوس أنتِ ومن ربّاك مير أبيكم تجوني على العصر ما حولي أحد غيركم

ابتسمت فردوس, أغلقت عباءتها وارتدت غطاء وجهها وهي تحدق بها:
-تبشرين يمه, مرجان مشتاقة لك وناوية تجيك

الجدة الثريا وهي تبتسم كذلك:
-الله يحيي مرجان وكل من يعز على مرجان, روحي يا أمي ارتاحي تعبتك معي اليوم

قالت فردوس بحنو, وشفقة على هذه الوحيدة التي تركنها بناتها ولم يقف بجانبها إلا ابن ابنتها المحبب وهي تستعد للخروج من منزلها:
-ما هنا تعب يمه, إلا يابختي وأنا أسمعك تونسين علي بسوالف زمان, استأذنك هالحين يمه

لكن قبل خروجها صدح صوت الجدة الثريا بنبرة متألمة بها من الحزن الكثير:
-فردوس؟

التفتت إليها فردوس, دنت منها لتقول بإهتمام:
-سمي يالغالية؟

تساءلت الجدة الثريا بذات النبرة:
-ما به خبر عن وليدي؟ يوم إنه يغط له يومين ما يتركني بلا إتصال, هالحين ماله حس ولا خبر؟

رق فؤاد فردوس لحال هذه الشيّخة, يالله ألهذه الدرجة تشعر بالوحدة ولا ينير قنديل وحدتها إلا حفيدها؟, تقول بابتسامة تطمئنها بها:
-يمكن إنه مشغول يمه بس أبشري بأكلم أبوي عشان يتصل فيه وعلى العصر بجي شايله لك خبره

خرجت فردوس من المنزل بعد حديثها الأخير وهي تغلق الباب وراءها, تفاجأت بالواقف على طرف حوش النخلات الثلاث بالقرب من منزل الجدة الثريا وهو ساهمٌ أمامه دون أن يعير الرائح والغادي اهتمامًا

ما إن سمع ساعي صوت إغلاق الباب حتى التفت ببطء لا مبالي لينظر من الخارج, فتساءل بداخله من تكون هذه, إلا أنه عرفها حينما سمع صوتها تقول بتوتر:
-أبو محمد مو موجود بالبيت

اعتدل في وقفته بعد أن كان متكئًا على طرف الحوش, أخرج مفتاح ما من جيبه ومده دون أن ينظر إليها, قال بسكون:
-لا شفتيه عطيه هالمفتاح

تناولت المفتاح من بين يده واحتضنته كما تحتضن الأمانة وللتو كانت ستدخل إلى منزلهم لولا أن تفاجأت بوقوف شهاب خلفهم, يحدق بها في نظرة غريبة ثم يعيد نظراته نحو ساعي الذي نظر إليه هو الأخر

قال شهاب بما يتحتم عليه الواجب وهو لا يحب -حقيقة- رؤية ساعي:
-عظم الله أجرك في وفاة أبوك, الله يرحمه ويصبرك

نظر إليه ساعي في صمتٍ لثوانٍ قليلة, ثم قال بنبرة ساكنة أقرب للامبالاة:
-أجرنا وأجرك, جزاك الله خير

راقب الاثنين ابتعاد ساعي بكتف متدلي وظهر منحني, فتنهدت فردوس بداخلها بوجعٍ وألم, التفت إليها شهاب ليقول بعد وهلة من الصمت:
-مرجان موجودة؟

همست فردوس وهي تفتح باب منزلهم بخفة وتترك له الباب على مصراعيه:
-موجودة حياك الله








*
*
*
*
*
*







يعيشون لحظات الترقب منذ ما يزيد عن يومين, جميع من يعز على عمران واقفٌ الآن أمام غرفة العناية المركزة التي ينام فيها, فريقه ورئيسه, أبيه وأمه, زاهد وإياس, نايف وهيثم وزياد .. وزوجته

أخبرهم الطبيب بعد خروج عمران من العمليات قبل أكثر من يومين أنه سيحتاج إلى الوقت لتحديد ما إن كانت قد تكللت بالنجاح وتجاوز مرحلة الخطر أم لا, فمكان الرصاصة كان قريبًا جدًا من قلبه لولا رحمة الله ولطفه عليه, وها هم مصطفين أمام العناية بترقبٍ فظيع

فالطبيب والممرضين بالداخل, ينتظرون التقرير النهائي لما سيقوله, كان رابح أكثرهم توترًا, بعيدًا عن بكاء ندى أو سكون فاضل ومحاولة تهدئته لزوجته, بعيدًا عن إعتصام حنين بالصمت على الزاوية, بعيدًا عن دعوات زاهد وابنه القلبية له, إلا أن رابح كان قلقًا بشدة, وذاك ظاهر بشكل جلي على ملامح وجهه

-"رابح بتهدأ ولا أطردك برا هالمستشفى"
يقولها اللواء أبو تركي بجدية هامسة فيطرق رابح رأسه في صمتٍ وجل, يستطرد الأول بذات النبرة:
-كلنا قلقانين عليه ونبي نتطمن على حالته بس ما سوينا سواتك, اهدأ ولا أطلع شم هواء لين يطلع الدكتور من الغرفة

يقترب مساعد منهم بعد أن كان في طرف الزاوية هو وحكيم وفزاع, يهمس لرئيسه بجدية بالغة:
-بعد إذنك يا طويل العمر اسمح لي أخذه برا وأرجع

يرفع رابح رأسه بعينين محمرتين نتيجة عدم نومه طوال الأيام الماضية إلا لساعاتٍ قلال, لا أحد منهم يعلم مدى معزة عمران في قلب رابح, من سقط قبل يومين وحماه بظهره لم يكْ رئيسًا أو قائدًا أو حتى رجلًا رسميًا لا يعنيه إلا في إطار العمل, بل كان أخًا وصديقًا, قلب أخرٌ في جوفه, روحٌ اخرى تشاطره

لا يلام على خوفه, عاش وحيدًا مقفرًا لم يفض عليه أحد بمشاعر الإخوة قط, حتى علاقاته السابقة في قطاع عمله كانت محفوفة بالرسمية التامة, إلا أن عمران استطاع بشخصياته الرائعة أن يمتزج معهم وتتداخل أرواحهم فيتآلفون

يقول بضيق وهو يجلس على الكرسي مغضن الجبين:
-ماني بطالع مكان, أنا هادي ومافيني شيء بس متوتر أنتظر كلام الدكتور

يشير له اللواء أن يتركه على راحته, فيستجيب مساعد بعد أن حبس تنهيدة طويلة كادت أن تفضي ما بداخله من خوفٍ كذلك, يعلم مساعد كما يعلم رابح والجميع أنه الأعز في قلب عمران, فهو قدم له معروفًا في الماضي لم يك سينساه ما حيا, هو قلق, والفريق بأكمله كذلك
لكن قلق رابح بدأ يصبح معديًّا لهم, بشكلٍ ينبئهم أن ماهو قادم سيء

يخرج الطبيب أخيرًا من غرفة العناية المركزة فيتراجع الفريق ليسمحوا لفاضل وزوجته وزوجة عمران بالتقدم, يحدق الطبيب بهم جميعًا في هدوء وبنبرة مهنية جادة:
-العملية كانت صعبة ودقيقة وموقع الرصاصة زادها صعوبة, لكن بحمدالله وفضله استطاع إنه يتجاوز مرحلة الخطر بدون أي مضاعفات تُذكر, المرحلة الجاية راح تكون بنفس أهمية المرحلة السابقة, مدة استيقاظه قد تستغرق وقت لكن إن شاء الله ما تطول, قدامه العافية والله يبشركم فيه

زُفرت الأنفس أخيرًا بعد طول إحتباس مشتعل, تساقطت دموع ندى وارتجف بدنها إرتجافًا واضحًا للعيان فتلقفها فاضل وهو يعيدها إلى الكرسي الذي كانت عليه, يحمد الله في سره بينما تكبر وتسبح ندى ربها ببكائها

حنين التي كانت تقف على الطرف شعرت لوهلة بدوارٍ قاسٍ بعد أن أنهى الطبيب حديثه, الأيام الماضية كانت صعبةٌ عليها جدًا, بشكلٍ لم يتصوره قلبها أبدًا, ماذا لو فقدته للمرة الثانية وأصبح سرابًا لم تتنعم به بعد؟

التفكير في هذا الأمر كان لوحده مزعجًا لدقات قلبها, قضت أيامها الفائتة بين دعاءٍ وصلاة, لم تبكْ, خشيت البكاء وهي ما اعتادت عليه كثيرًا, خافت من أن تجلب الشؤم ببكائها, فتسلحت بالدعاء راجيةً من الله أن ينقذه من براثن الموت هذه المرة, لتنعم بقربه

يتلقفها والدها ما إن رأى ترنحها الغريب, يحتضنها من الجنب بقوة وهو يربت على كتفها بمؤازةٍ حنونة, يهتف بهمس في إذنها:
-أذكري الله يابنيتي, قولي الحمدالله على كل حال

تغمض حنين عينيها بقوة, تتواثب دقات قلبها فتشعر أنها ستقفز من حاجز صدرها بمهارةٍ قصوى, أي شعور هذا اللي سُكب على روحها ليملأها سكينة وطمأنينة بعد شدة ملتوية على عنقها, تهمس بصدق مرتجف:
-الحمدلله حق حمده, الحمدلله رب العالمين يبه

ترتفع صيحات الشكر من البقية, تتسع إبتسامة رابح بعد أن زفر نفسًا عميقًا مشتعلًا كاد أن يحرق ما بداخله, لو كان المكان يسمح لسجد شكرًا لله

يتساءل زاهد وسط الراحة التي تلبسته:
-طيب دكتور راح تنقلونه من العناية المركزة؟

يبتسم الطبيب ليقول بنبرة جادة:
-راح يقعد في العناية المركزة حتى استيقاظه, استأذنكم الحين يا جماعة الخير, وبسلامة مريضكم مرة ثانية

تنبه اللواء إلى إشارات مساعد فاقترب منه قائلًا بجدية:
-خير مساعد

يحبس مساعد نفسًا عميقًا, ثم دنى منه ليهمس في إذنه بكلماتٍ ما, لتشتد بعدها نظرات اللواء بقسوة وحدة, نظر إليه قائلًا:
-هذا الأمر لا تتكلم فيه بينك وبين نفسك حتى, وأبيك تبحث لي بحث مطول ثم نتكلم في الموضوع, أوكل لك كامل المهمة ما أبغى أي خطأ, سامع؟

اعتدل مساعد في وقفته وقال بنظرة جادة ونبرة أكثر جدية:
-على أمرك سيدي












*
*
*
*
*
*
*









ذات الوقـت - منـزل عمـران

بعد سلسة بكاءٍ طالت إلى الساعة ونصف الساعة خرجت تليد من غرفتها المخصصة بمنزل أخيها عمران الذي كان سابقًا منزل فاضل, بعينين متورمتين وشعرٍ أشعث وأنفٍ أحمر, البيت مرعب من شدة خلّوه, صدقًا من كان يقول أن لهذا المنزل أشباح بسبب الهجران, إنه له روحٌ واحدة, وهو روح عمران

اليوم هو يوم التقرير الأول لحالة أخيها المحبب, رفض فاضل مثلما رفض نايف في تلبية طلبها بالقدوم إلى المستشفى وآثروا الإثنين جلوسها في المنزل لرعاية محمد فوالدته ليست موجودة

خواء المنزل ذكرها بتلك الأيام التي لا تحبذ تذكرها, فقادتها الذكريات إلى غرفة محرمةٍ عليها, إلى غرفة أختها ريمان التي اعتكفت هي الأخرى في غرفتها منذ عودتها من ألمانيا دون أن تظهر لهم

كان خطوتها مجنونة, فهي لم تقابل ريمان منذ أكثر من سنتين, وشعورٌ بالخوف عاث في أرض روحها وأصابها بالرعب, لكن ليحصل ما يحصل, هي خائفة, ومرتبكة, ومشتاقة لأخيها قبل أختها

تطمنت على محمد بعد أن وجدته نائمًا, فصعدت إلى الطابق العلوي لتبحث عن ريمان وأين ستكون سوى بمحرابها, وقفت أمام الباب لتطرقه بطرقتين خجولتين جدًا, لم يصدر من خلف الباب صوتًا فتوترت

قررت أن تطرق للمرة الأخيرة, وإن لم تفتح الباب أو تنده لها من خلفه فستنسحب حتى عودة أمها ندى وأبيها فاضل, وكان ذلك .. طرقته بخفة أقل من سابقتيها, ولم تكد ترمش حتى تفاجأت بالباب الذي يفتح وتظهر من خلفه ريمان, بقميص طويل وبنطالٍ عريض, وعلى رقبتها شالٌ أحمر

-"نعم خير؟ يعني الواحد ما يرتاح في غرفته شوي يا أنتِ يا أختك هاجمين علي؟"
تقولها ريمان بنبرة فجة فيزداد إرتباك تك المسكينة التي ارتجفت خلسة, ما أروع هذه اللقاء الذي حدث بعد سنتين عجاف

تستطرد تليد بنبرة مبحوحة من شدة البكاء:
-ريمان, هذا إستقبال تستقبلين فيه أختك مع فراق؟

تحدق بها ريمان في جمود بنظرة تقيمية متعمدة من الأعلى إلى الأسفل, تبتسم بسخرية إبتسامة قاسية ثم تقول بحدة:
-كيف تبيني أستقبلك إن شاء الله؟ أنثر لك ورد وأخذك بالأحضان ؟

يالله من هذه اللبوة الشرسة التي خرجت من المنزل بشخصية وعادت إليه بشخصية أخرى؟ أخافتها بحق, فتليد رغم قوتها إلا أنها الآن أكثر من هشة إزاء إصابة أخيها:
-ما يمنع الأخيرة

ريمان وهي تحافظ على جمودها وابتسامتها الساخرة:
-هه, ريمان القديمة اللي كانت ترجع من سفر وتقضي سهر الليالي معاك في السوالف اختفت, بحح!

تليد تغمض عينيها تدعي القوة وتحاول تلبسها, تهمس بنبرة جادة:
-عشان أخونا اللي في سراير المستشفى, حسي فيه وعنه

ريمان بجمود تتصلب في وقفتها وكفها ينقبض بشدة على مقبض الباب, تصمت لثوانٍ قليلة ثم تقول بصلابة:
-ماني مضطرة أشيل الوجع عن أحد أو أحس فيه

تتسع عينا تليد بدهشة مما تسمع, هل تسمع هذه الفتاة ما يخرج من ثغرها؟ هذا أخيها, أخيها من لحمٍ ودم وليس من حليب أم فقط, كيف تقول هكذا بلا رحمة:
-والله لو إنه عدوك, هذا أخوك يا ريمان, أخونا إللي من يوم صغرنا شالنا فوق رأسه وحفظنا بعيونه الثنتين, يوم يطيح هالطيحة ما حتى تتعاطفين معها أو يأنبك ضميرك على سواياك فيه؟

ريمان بوجوم وشريط الماضي يتراقص عنفًا فوق رأسها تقول بجمود:
-ما في أحد تعاطف معي يوم طحت طيحتي ولا حتى زارني بالمستشفى, هذه كفارة ذنبي فيه, والحين اسحبي نفسك من هالمكان مابي أشوفك لا أنتِ ولا أختك اللي ذابحتها الشهامة

كان ردها الأخير أن أغلقت الباب بقسوة في وجهها حتى كاد تتشقق جدران المنزل وتستيقظ حوافه رعبًا وهلعًا من شدتها, ظلت تليد أمام الباب لوقتٍ لا بأس به حتى انسحبت وعلائم الدهشة ما زال منغرسة في وجهها

آثرت أن تتجه إلى محمد وتحتضن كم البراءة فيه بعيدًا عن الحقد المنثور من ثغر أختها ريمان, وما أبشعه من حقد إن كان من قرينك وأقرب منك إليك







*
*
*
*
*
*
*









بعد مرور أسبـوع ونص

تتوقف حنين في منتصف الصالة حينما كادت أن تصدم ذلك الصغير دون أن تراه, أسبلت أهدابها تنظر إليه من علو فتبتسم برقةٍ وحنو وهي تحمل صينية في يديها:
-تبي شيء حمودي؟

يحدق بها محمد من أعلاه, يرتدي لبيجامة نوم طفولية عليها أشكالٌ مختلفة من السيارات, وجهه الطفولي ينتشي بالإحمرار:
-عمة عادي أدخل على أبوي؟ عمة تليد تقول ممنوع, أنا أبيه

تعقد حنين حاجبيها لوهلة من حديث محمد عن تليد من منع الأخير لرؤية والده, رباه إن كان هذا الغير صادقًا لأدبت أختها أدبًا شديدة, تضع الصينية على الطاولة القريبة منها, تقبض كف محمد وهي تجلس لتجاريه في الطول فتقول بإبتسامة:
-لا حبيبي عادي تدخل عند أبوك مو ممنوع, بس ما نسوي إزعاج عشان بابا تعبان ويبي يرتاح طيب؟

يؤميء رأسه في أدبِ جم, فتبتسم حنين لتقف وتقوده برفقتها إلى غرفة عمران السفلية, نعم! استيقظ عمران قبل أسبوع بفضل الله وقوة جسده التي أعانته على ذلك, وأصر على الخروج منذ أول يوم استيقظ فيه, عارض حديث الطبيب بأنه يحتاج وقتًا لشفاء جرحه, وعارض كلام رئيسه وأبيه كذلك فخرج بعد التوقيع على مسؤوليته

تطرق باب الغرفة بهدوء فتفتحه وتلج إلى الداخل, كانت الغرفة تقبع بالظلام إلا من إنارتي الأبجورة على جانبي السرير العريض الذي يتمدد عليه عمران بملامحٍ مرهقة ويدٍ محمولة على كتفه, حينما فتح الباب اعتدل بصعوبة بالغة فما زالت الحركة تتعبه:
-وينك فيه تأخرتي؟

توقف عن حديثه لمّا رأى هذا المنظر الذي رق له قلبه المقفر, ابنه وحنين, صورة بدت في روعتها كاملة دون نقصان, حتى ذاك الإطار -أي هو- لم يشكل عليه نقص أبدا, ابتسامته اتسعت رويدا رويدا

ما إن رآه محمد على السرير حتى هرول إليه وحنين تتبعه بقلق من أن يؤلم والده, فيقفز الصغير على السرير عند أقدام عمران بفرحة جمة:
-بابااا

عمران بابتسامته الهادئة وهو يحدق بابنه الذي توقف عند أقدامه ومن خلفه حنين:
-ياعين أبوك, يا حي الله من زارني

تتنهد حنين ثم تبتسم بخفة لتقول وهي تمسك كتفي محمد لكي لا يقفز على صدر والده:
-يقول مشتاق لك!

عمران بضحكة خفيفة وهو يتكيء على الوسائد الوثيرة من خلفه:
-أصيل يا أبو فاضل, ليت بعض الناس يتعلمون من شوقك هذا

محمد وهو يحدق بوالده غضن جبينه بشكلٍ مفاجيء, فقال بعد أن استوعب عقله الصغير هيئته:
-يعور ؟
كان يقصده ذراعه المعلقة على صدره, فاستطرد عمران يجاريه بخبثٍ باسم وهو يغضن جبينه كذلك:
-مرة يعور

تتسع عينا حنين بدهشة لتحدق في عمران بذات الملامح المندهشة والأخير يكبت ضحكة مكتومة على وجه ابنه الذي تغيّر ما إن سمع إجابته, لم يستطع حبسها أكثر فقهقه بخفة ليقول:
-أمزح يا أبوي, يعور شوية مهب واجد

تدخل تليد إلى الغرفة بعد أن طرقت بابها, تنظر إلى محمد وهي تتخصر بلغة صريحة تعني العقاب والتهديد:
-أنت هنا وأنا أدور بكل مكان بغى قلبي يطيح من مكانه

تلتفت حنين إلى أختها, تشير إليها بحاجبٍ مرفوع لتقول وهي تحمل محمد من على السرير للأرض:
-ايه حاولي تهددينه مرة ثانية, الولد لا بغى يشوف أبوه ياويلك تمنعينه سامعة

اقتربت تليد, أمسكت محمد من تلابيبه تمازحه بذلك لتقول وهي تعيده إلى الأرض:
-يمه منه هالسكني متى أمداه يشكي له

عمران بهدوء ابتسامته يقول:
-سكني طالع على عمته, وش فيك فارضة عليه حظر تجول؟

تليد بإمتعاض, تميل فمها لتقول:
-بسم الله عليه ما يقعد في الأرض زين وما أبي يعورك وجرحك للحين طري

ابتسم عمران لمراعاتها القصوى, أخته هذه, مسمىً للرقة ومرادفها التام, لا يصدق أن غدًا ستزف إلى منزل زوجها أخيرًا:
-طيب يا عروسة دامك دخلتي الحين خذي الوقت ولاعبيه لين يدوخ وينام, بكرة خاله بجي ياخذه خلي أغراضه جاهزة

أحمّر وجهها بشدة فقبضت على يد محمد وجرته وراءها تفرغ غضبها به لتقول:
-يوه منك يا عمران ما حتى تخلينا نستانس مع الولد

راقب خروجها بابتسامة واسعة وما إن أغلقت الباب حتى التفت إلى حنين بنظراتٍ مرهقة حملت شوقًا لأخته:
-تراها استحت من عروسة مهب من ضيقها على محمد

جارته حنين في الابتسامة الرقيقة كعدوى لم تستطع السيطرة عليها:
-أختي تعلمني فيها

أشر لها بنظرات عينيه الغاوية, يأمرها أن تقترب منه فطوال اليوم لم تجلس بالقرب منه ولم يراها جيدًا, حينما رأى تمنعها قال بنبرة جادة مجهدة:
-تعالي, اقربي

عضت على شفتيها من الداخل, اقتربت بهدوء وخفة لتصعد على السرير بجانبه بعد أن أوسع لها مكانًا, تساءلت باهتمام:
-يعورك الجرح؟

أعاد الوسادة إلى الخلف ليعيد رأسه معها, مد ذراعه بإشارة واضحة لها فانحرجت واحتقنت الدماء بوجهها ليقول بمكر باسم:
-شوي, بس تعبان أبي أنام, من ليلة أمس وأنا أنتظر حضنك

حدقت به لتقول بهدوء تحارب به خجلها وابتسامتها, وهي تضع رأسها على ذراعه:
-ترا تركت أكلك بالصالة خليني أقوم أجيبه لك

احتضنها بذراعه فاقتربت منه حتى أصبح وجهها يلامس رقبته النافرة بعضلاته, يهمس في سكون اللحظة ورواقها:
-مو الحين, خلك شوي!

استكان للحظات بين نغزات الجرح الموجعة ونسمات رائحة حنين الخلابة, بين ذاك وذاك كان عقله يتأرجح من النور إلى الظلمات ومن الظلمات إلى النور, لم يسأل مساعد بعد ما حصل في التحقيق الأخير مع غسان, إلا أنه لاحظ التكتم على ملامح وجه الأخير حينما زاره مؤخرًا, هناك أمرٌ ما يُحاك من خلفه ولا يعلم ما هو

أثناء سكونهم, وسكون قلوبهم وأجسادهم, هتف عمران بهدوء:
-شخبار أختك؟

تنهدت حنين وهي تتذكر حال أختها, ما أخبارها؟ معتكفة في غرفتها لا يدخل إلى بطنها إلى القليل من الطعام, تنام كثيرًا ولا تتحدث إلى بما يتطلبه الوضع, ترقيها والدتها بين الفينة والأخرى دون استجابة لآياتِ الله, همست:
-راضية, وإن كان رضاها مزيّف لكنها شدة وبتزول

اشتد الهم في نفس عمران, لا يعلم لما يشعر بالمسؤولية إتجاهها, يقول هامسًا بجدية:
-الله يعوضها بالأحسن حتى يرضيها, إللي راح ما عليه حسوفة

راودهم الصمت بعد حديثه ذاك, لتقطعه حنين بنبرة "حنون" خرجت من ثغرها بشكلٍ خجول:
-خفت عليك

اندهش عمران لما يسمع, أبعد رأسه بعد أن كان قريبًا منها ولا يرى إلا منبت شعرها, قال يدعي الصدمة:
-نعم؟ لحظة .. أنا سمعت زين ولا شالوا أذني وقت العملية

خجلت من قوله, أخفت وجهها داخل عضلات رقبته فقد كانت نظرته تشيء بالإجرام, همست من بين أنفاسه اللاهثة, كأنها لم تقل سوى جملة من كلمتين فقط:
-عِمران

يضحك عمران بلا تصديق, يقول وهو يمسح على كتفه وظهرها بشكلٍ جعلها ترتعش أكثر من إرتعاشتها المحمومة:
-لبيه قال عِمران, ليه هو كم مرة نسمع منك هالكلام

عضت شفتها, قرصت طرف صدره وهو يتعمد إحراجها ويستغل الثغرات لذلك:
-نام بس

ابتسم, وتلك الجملة برقة حروفها وعظم معانيها ستخلد بداخل ذاكرته ما دامت هذه الحوريّة بأحضانه:
-بنام, وصحيني للصلاة طيب, ياويلك تتحركين

راقبت تنفسه الذي بدأ بالإنتظام وما إن شعرت أنه غط في نومٍ عميق حتى أظهرت رأسها من بين عنقه لتنظر إلى ملامح وجهه المجهدة, وبنبرة هامسة حملت خوفًا وقلقًا على حياته وروحه:
-آه, الحمدلله على سلامتك, قرة عيني فيك












*
*
*
*
*
*
*










بعـــد شهـــريـــن

فـي ديـار شـرق - منـزل هـادي

يجلس وهاب على يمين "عمـه" هادي, تبادلا السلام في الوهلة الأولى ثم غرقا الاثنين في صمتٍ موحش, صمتٌ مترقب من الجهتين, للزيارة عند وهاب ضرورة ملحة, وعند هادي حكاية أخيرة!

يستطرد هادي ظنًا منه أن يلطف الأجواء قبل أن يلقي عليه قنبلته:
-أشوف عجبتك قهوتنا هالمرة؟

يبتسم وهاب بمودة -لا إرادية- فيقول وهو يضع دلة القهوة بجانبه:
-والله يا عم شكلي بدمن قهوتكم, كل اسبوع وبعده أنا عندكم

هادي من خلف حزام يضرب هدفه المقصود بنبرة بريئة تمامًا:
-إن شاء الله كل أسبوع نلقاك, وتجيب لنا الغنايم معاك

يعتدل وهاب في جلسته بعد أن تطرق عمه مباشرة لهذا الموضوع الذي جاء من أجله, فيقول بجدية بالغة تغيرت معها ملامح وجهها:
-أسلم يا عم, الموضوع اللي جايك عشان وصلنا خير له, بإذن الله حقك من الورث بيرجع هي مسألة وقت إن شاء الله

يتنهد هادي -بدرامية مصطعنة-, ليقول وهو يتكيء على المركى بيده, حتى لا يفهمه وهاب بشكلٍ خاطيء:
-ياولدي, أنا أخر همي فلوس أبوك وجدتك حتى وإن كان لي حق فيها, طالع حولك أنا عشت طول عمري بمثل هالبيوت وما مديت يدي على أحد طالب معونة منه, لا بالله هو الرزاق ذو القوة المتين, أكلنا ومشربنا بأمره كله, لكن ياولدي أنا برقبتي ثلاث بنات, ماني خايف على حياتي من دون فلوس كثر ماني خايف عليهم .. هم عصبة رأسي

يهدأ ضجيج وهاب بداخله, ليستمع أولًا لحديث عمه ثم ليعقب عليه:
-الله يخليهم لك ياعم

يستطرد هادي دون أن ينظر إليه, فيقول في هدوء جاد هذه المرة:
-زوجت الكبيرة والصغيرة, والله يطمني عليهم إن شاء الله, ما عاد باقي لي إلا أوسطهم وأوسطهم ياولدي أخيرهم, لو الود ودي ما تطلع من بيتي أبد, عسى الله يرزقها بالرجل الصالح اللي يكرمها

-"آمين يارب"
يقولها وهاب بذات الهدوء, فيكمل هادي وهو يرفع نظراته إليه في هدوء وسكون:
-ما أبي منك تحارب أبوك وتسحب منه حقي غصب عن وجهه وتدخل عليه من مدخل العقوق, ماهو هذا المقصد مع معرفتك للحقيقة يا ولد أخوي, أنا أبي منك طلب واحد, إن لبيته لي ريحتني دنيا وأخره

يعتدل وهاب في جلسته بجدية اتضحت على ملامح وجهه, ليس بغبيًا ليعرف مقصد عمه هادي من هذا الحديث بأكمله لذا أصبح مستعدًا إليه مهما كلفه الأمر:
-رقبتي لك سدادة ياعم أمر, وحقك إن شاء الله بيرجع بالتراضي مهما كان

هادي بجدية بالغة, وهو يلقي أخيرًا قنبلته التي أراد زرعها منذ زمن في نفسٍ وهاب:
-أبيك زوجٍ لبنتي فردوس, هي بنت عمك وأنت أولى الناس بها من الغُرب

وهاب بذات الجدية التي لم تتغير بوجهه ليقول:
-وأنا موافق ياعمي, ماني لاقي أحسن من بنت عمي زوجةٍ لي









*
*
*
*
*
*
*
*
*










فـي مركـز العمليـات

يدخل اللواء أبو تركي للتو إلى مركز العمليات بعد أن استدعى فريق خنجر دون عمران بالطبع, وذلك بطلبٍ جاد من مساعد, يقف الفريق فيؤدي التحية العسكرية ليامرهم اللواء بالجلوس وبدء الاجتماع:
-خير يا مساعد, طلع أي شيء من التحقيق مع غسان؟

مساعد بجدية وهو يرتب الملف الذي أمامه:
-التحقيق ما زال مستمر يا طويل العمر, غسان بنظره إن عمران -بعيد الشر عنه- قد توفى, لذلك معتصم بالصمت, تساوموا قبل هذا في أرض الإشتباك لكن ما هو راضي يتكلم إلا لا جبنا له عمران

حكيم بابتسامة ساخرة على هذا الحال:
-ومن يوم بنجيب له عمران وهو متوفى؟

يشبك اللواء أبو تركي كفيه ببعضهما البعض, يقول بجدية ملامحه التامة:
-يعني تبون توهمونه إن عمران فعلًا متوفي, عشان تبعدون الخطر عنه وعن إحتمالية وصول جماعة الشبح أو أحد أطرافها له مرة ثانية

مساعد بجديته العملية:
-صحيح طال عمرك هذا اللي نبيه, فالتحقيق ما زال جاري إلى الآن حتى نقدر نستخرج من غسان معلومة يتيمة تقودنا للشبح, عدا عن ذلك نحن محتاجين للوقت عشان نجر لقبضتنا أبا القاسم لا تنسى إن عنصر مهم في جماعته, لكن تقدر تقول إني لقيت ثغرة بسيطة

يأمره أبو تركي بالتحدث بنظراتٍ عينيه فيقف مساعد وهو يستخرج من الملف صورًا وبيانات شتى, يبدأ حديثه قائلًا:
-الأحداث الأخيرة لو رجعنا لها راح نلقى فيها ثغرات سببت في بعض الأحيان بفشل المهمات, الرائد عمران كان يتساءل بين مهمة والثانية عن سبب الفشل رغم إننا نكون خططنا لها بدقة مدروسة والشباب هنا فاهمين وش أقصد يا طويل العمر
( استخرج صورة من الملف وناولها حكيم مرورًا بفزاع ثم برابح ثم باللواء )
-هذه الصورة بليلة ملكة أبو محمد يوم هجم علينا القناص بشكلٍ مفاجيء, بحثنا عنه وقتها في الكاميرات المحيطة بالمكان واكتشفنا إن في أحد منعه

أكمل يستخرج صورٌ شتى من جميع المهمات التي كانت بصحبتهم, بعضها الذي باء بالفشل والبعض الأخر الذي نجح بصعوبة وجزئها الأخير الذي نجح نجاحًا ساحقًا, في كل مهمة سواء فاشلة أم ناجحة كان هناك ظل يشبح يظهر في تصويرات كاميرات الفيديو

وهو ما سعى له مساعد طوال هذه الأسابيع التي امتدت لأشهر, بحث في ملفات الكاميرات بذاك الوقت, ووجد ما أشار إليه للتو, صورة غير واضحة -بدت مهتزة- لشبح أسود

يعقد اللواء أبو تركي حاجبيه مستفسرًا:
-أكمل

يكمل مساعد بجدية وهو يخرج تصويرًا حراريًا لذات الشبح:
-من بين هذه الصور كان في فيديو لهذا الشبح وعلى ما يبدو أنه " أعرج ", من مشيته المائلة وايده اللي منحنية للجهة الثانية, وهذا اللي قدامكم رسم تصوّري لهيئته السليمة

يرفع فزاع رأسه فينظر إلى مساعد بملامح الحادة والجادة في آنٍ واحد:
-وضح أكثر مساعد؟

مساعد بهدوء واجم:
-اللي قدامكم نتاج تحليلات أشهر تخللها الكثير من المعلومات السريّة اللي حاولت أخذها من الاستخبارات, ما أدري إن كان هذا الأعرج له علاقة بالشبح أو إنه يكون هو الشبح ذاته لكن اللي راح أوريكم إياه ماهو صدفة

يخرج صورة أخيرة -حية-, بألوانها المشعة رغم كآبتها, لم يعلم الباقين ما الذي يشير إليه مساعد, إلا أن نظرة واحدة من رئيسه جعلته يقول بجدية:
-هذا واحد من خويّا الرائد عمران في ديرة جدته, الرجال سكن في الديرة قبل ثلاث سنوات وعنده مخبز بنفس المكان, الغريب إن سجله نظيف تمامًا بصورة مريبة, واسم أبوه معروف سابقًا في البلد, الرجال ماعليه أي ممارسات غير قانونية لكن ..

يقاطعه اللواء أبو تركي بجدية حادة, والفريق من حوله يحدقون في الصورة التي التقطها مساعد يوم أن رأى صاحبها في المستشفى:
-لكن شاك فيه

يعتدل مساعد في وقفته فيشبك يديه خلف ظهره ليقول بنبرة جادة:
-ما هو شاك, أنا متأكد, إما يكون الشبح أو علاقته بالشبح كبيرة! هالرجل هو هدفنا الجاي

يقف اللواء أبو تركي بعد سلسلة الحقائق هذه ليقف من خلفه الفريق بأكلمه ويقول بجدية:
- أرسل هالملف للاستخبارات ووافيهم بكل اللي اكتشفته، إن كان هو الشبح أو له علاقة فاعدوا العدة للقبض عليه؛ بدون ما يدري عمران!

ينظر إليه رابح معترضًا؛ يقول بنبرة رسميّة هادئة:
-معليش طال عمرك بس إن كان في علاقة بين الرائد عمران وهذا الرجل فمن حقه يعرف عنه ويكون على رأس المهمة

اللواء أبو تركي بنفيٍ صريح:
-عمران توه طالع من عملية صعبة ماهو ناقص ينحط في مهمة ثانية عشان نرجع ونشيله على النعش، تحروا مجددًا وخلكم على الخط مع الاستخبارات، ما نبي نضيع هالرجال من يدينا اعتبروه خيط أخير لقضية الشبح, القبض على هالرجل مطلوب يا شباب

يتفاجأ الفريق بباب مركز العمليات الذي فُتح على حين غرة منهم فمن يملك بطاقة الدخول عددٌ محدود من جنود القوات الخاصة، لم يظنوا أن الداخل سيكون عمران، بردائه العسكري بملامح وجهه المتجهم

يهتف اللواء أبو تركي بدهشة وجوده:
-عمران، وش تسوي هنا؟

يقف عمران أمامه، يؤدي التحية العسكرية كما تتطلبها بروتوكولات الوظيفة، يقول بجدية وهو يحدق في الفريق بنظراتٍ لائمة استشفوها تمامًا:
-ليه؟ لين متى ناوين تخبون عني مثل هالأمر الكبير

التفت الأعين نحو رابح هذه المرة وكان له النصيب الأكبر من اللوم، إذًا كان عمران يتنصت عليهم بمعيّة رابح، يتلقى الأخير نظرة غاضبة من رئيسه، فيقول:
-تبيني ألبسك تهمة معينة يا رابح؟ أو أنت يا عمران؟

يسحب عمران الكرسي فيقول وهو يوجه حديثه للجميع دون أن ينظر إليهم:
-اللي تبيه يا حضرة العميد، بس لا توجه اللوم لرابح أنا رئيسه وهو يأخذ الأوامر منه, خلينا نخلص من هذه المهمة ونتفاهم على المذكرة الموجودة على طاولة مكتبك، هات يا مساعد

يناوله مساعد ذات الملف الذي كان للتو بحوزتهم، يردف بنبرة جادة حملت تألمًا شنيعًا، مع كل كلمة يقولها يشعر بنغزاتٍ في صدره وجميع أجزاء جسده:
-طال عمرك أمور مثل هذه المفروض ما تفوت على جنود القوات الخاصة، احنا عمرنا نصطاد السمكة الكبيرة مباشرة، لا .. نصطاد الصغار وناكلها ثم نهجم على الكبيرة
(يحدق بهم واحدًا تلو الأخر)
-بعد التحقيق الأخير في شاحنات التمويل اللي تخرج من مصنع مشتبه به في حفظ الأسلحة غير القانونية وافاني حكيم بموقع الشاحنة الأخيرة اللي وصلت للهدف المنشود وقت وجودي في ديار شرق، ديار أمي يا طويل العمر

يأخذ عمران نفسًا عميقًا، أن يسرد الحقائق السوداء بنفسه لأمرٌ ثقيل عليه، فهذا صديقه .. من قاسمه الوحدة والشجاعة والضعف والقوة كذلك، صديقًا عدّه في مصاف الإخوة ولم يفرق بينه وبين الأخرين:
-الشاحنة وقفت عند مدعي اسمه عدوان بن يعقوب بن عُدي، وبعد هالتحقيق صرت أشك إن هذا هو اسمه الحقيقي

-"تبي تقول لي إن خويّك هذا ما يعرف من تكون حتى يكشف لك نفسه؟ على كذا يا عمران كان استغنى عن صداقتك من زمن لأنه ما راح يغامر بظهوره لرجل أمن"

يقولها أبو تركي بجدية ويستطرد عمران بهدوء وجل:
-من الذكاء أحيانًا إنك تمثل الغباء، يمكن إنه عارف بهويتي الحقيقية لكنه يستغبى علي حتى يوصل لمآربه، وش هي مآربه؟ هذه اللي راح نعرفها

أبو تركي وهو يعكف يديه خلف ظهره قائلًا بجدية:
-وش تقترح؟

يقف عمران بحدة وصرير الكرسي أحدث شرخًا في صدره، ليقول بعينين ذهبيتين تلمعان من فيض الحسرة الهائلة التي سالت عليه:
-استدعاءه للتحقيق في قضية الشبح بهدوء وبدون فوضى، وطبعًا محد راح يستضيفه عندنا غيري

-"المطلوب؟"
يقولها اللواء أبو تركي, فيقول عمران بذات الإصرار:
-تسمح لنا ننطلق لوجهة المشتبه به









*
*
*
*
*
*
*
*
*
*
*











بعد يوميـن - ليـلًا في ديار شرق


في الميـدان، أرضٍ جرداء، وظلامٍ دامس، لا نور قمرٍ ولا مصباح
أرض مصمتة موحشة بلا حشائش وأشجار، أصوات مخيفة بفعل الرياح، وسورٍ حديدي يلف المكان محتويًا معركة بين جسدين ضخمين

يشهر عمران السلاح في وجه الآخر، بملامحٍ قاسية ممتلئة بالخذلان والحسرة وعيناه تلمعان بشراسة
ووجه الآخر على عكسه، منحشر في زواياه البرود والوجع والدماء التي تسيل من جانب فمه وطرف أنفه

أنفاسهم السريعة تشيء بعُمق هذه المعركة، ودوي القلوب تُنذر ببودار كُره وحقد
وما أقسى الكُره بعد المحبة

هتف عمران في وقفته الصلبة ذات الجدية الصارمة، بصوتٍ جهوري تردد صداه في الخواء؛
-تعرف وش حق الخيانة في قاموسي؟

لم يقابله سوى الصمت الذي أصبح يحثه على ضغط الزِناد وتكرار ما مضى ليكمل ذاك بصوتٍ ملؤه القسوة:
-الموت

كلمة مميتة لم تحرك ساكنًا من ذاك المتلبس بثياب البرود واللامبالاة، كأن بصمته يستخسر روحه ويستخسر على نفسه حق الحياة

إن كان يظن أن الستر عن الظلام سيدوم دون زوال فإنه مخطئ، كان لا بد أن ينجلي الليل الأسود ذات يوم عن حقيقته الجبّارة التي حاول جاهدًا أي يخفيها خلف شخصيّة مسالمة لا تسمن ولا تغنى

لكل بداية نهاية، فما بال من كانت بدايته قد وُلدت من غيهب الجب المُدلهم؟

-"سويها"
يقولها المقابل له بهدوء وخدرٍ تام، وكأن الأمر برمته لا يعنيه لتنطلق رصاصة ساخنة تردد صداها في ساحة الخواء والأرض الجرداء منتظرًا لهذا الأمر الذي كان يتحرق شوقًا للقيام به.
رصاصة انطلقت، لتصيب إحدى مناطق جسده ويتهاوى على الأرض بجسدٍ مثقل بالحُرقة واللوعة

على صوت تلك الرصاصة اجتمعت الحشود من قوات الأمن الخاصة مباشرة, كان عمران يحدق بإنهيار عدوان على الأرض والإصابة التي تدفقت من وراءها الدماء, لم يك يملك الشجاعة لينظر إلى عيني من أعده صديق وأخ ورفيق درب, كان يشعر بالخزي

لاحقه الماضي وأبى إلا أن ينتصر عليه, فكشف نفسه وهويته -بإرادته- ليس لشيء, إنما رغبة منها للتخلص من سواده والبدء مجددًا, يعلم أن عمران لا يستطيع أن يجد عليه شيءٌ ما فهو استطاع أن ينقي سجله الإجرامي تمامًا

لكن مصيبة معرفة أشد وأمر وأقسى من ماضيه الأسود

اجتمع فريق خنجر من بينهم اللواء أبو تركي, أخذ مساعد السلاح من يد عمران ونظر إليه اللواء قائلًا بجدية:
-الله يهديك ياعمران, هذا اللي كان ناقصنا, نبيه سليم

عمران بقسوة وجدية, ينظر إلى رأسه عدوان المنحني وهو يقبض بكفه على إصابته:
-الشر ما يموت, خذه سيدي!

صوت الرصاصة أيقظ أهل الديّار ومن بينهم ساعي الذي جاء راكضًا ليعرف ما حصل, كانت القوات قد وضعت حاجزًا وصوت سيارات الإسعاف وأنوارها ازعجت أعين أهل القرية

صرخ ساعي من خلف الحاجز وهو يحدق بالمسرحية الحاصلة في الميدان, الميدان الذي لطالما اجتمعوا فيه هم الأربعة:
-عميد, وش اللي صاير هنا؟ عدوان وش هو مسوي؟

تجاهله عمران كأنه لم يستمع لما قاله, التفت نحو مساعد وأكد عليهم لنقل عدوان من المستشفى إلى التحقيق مباشرة, خرج وهو يرفع الحاجز وما إن خرج حتى اقترب منه ساعي صارخًا فيه بغضب:
-وش له مطنشني, وش فيه وش هالشرطة كلها؟ وش سويت بعدوان؟ لييييش؟

ما كان يعرف أي سؤال يسأل اكثر, لكن المعطيات التي أمام كادت أن تزيغ بعقله, عمران وفريق من الجنود حوله يستمعون لأوامره, وأخرٌ أكبر رتبة منه يتحدث إليه

تجاهله عمران للمرة الثانية وهو يمشي بخطواتٍ مهمومة إلى سيارته قاصدًا العودة إلى المدينة, إلا أن ساعي قبض على كتفه فالتفت عمران مسرعًا وأمسك بيده تلك وأثناها للخلف, ليقول بحدة غاضبة:
-لا تخليني أقبض عليك بتهمة التعدي على رجل أمن

تتسع عينا ساعي بصدمة, يصرخ فيه وهو ينظر إليه من الأسفل:
-رجل أمن؟ منهو رجل أمن؟ أنت مــــن؟ من تكــــون؟

دفع عمران يد ساعي حتى كاد يسقط ذاك على الأرض, وقف وهو ينظر بشموخ وإباء إليه, ولا طاقة لديه اليوم على الحديث:
-أنا عمران بن فاضل, أو تقدر تناديني الرائد أبو محمد

تأمله الجميع بدهشة مصدومة, حقًا؟ من هذا؟ وما الذي يقوله؟ أهو عميد أبو محمد, أم هو عمران ابن فاضل الرائد ذو المقام العالي؟
كانت الأوجه مشدوهة والأنفاس مأخوذة, وجميع الأنظار أجمعها اتجهت نحو عمران وساعي بعد أن أخذ عدوان جل إنتباههم, أصواتهم العالية وصلت إلى أذان المشاهدين فبدأت الهمسات تتناقل والهمهمات تحلق بينهم وسرعان ما انتشرت الحقيقة كما تنتشر النار في الهشيم

عميد هو عمران, أبو محمد في كلتا الحالتين
رجل أمن ليس فقط برجل دولة

أي لعبة أداروها في هذه القرية ليوقعوا بأبنائها, ليس فقط بأشدهم هدوءًا, بل الأكثرهم صمتًا؟ لا بد أن مقولة "تحت السواهي دواهي" تنطبق على عدوان الذي جرّوه إلى سيارة الإسعاف بشكلٍ ذبيل

ضحك ساعي بعدم تصديق, وقف من على الأرض ليحدق في نظرات عمران الذهبية:
-الرائد عمران؟ ورجل أمن في مكان حساس؟ تكفى قول لي إنها مزحة ثقيلة

رفع عمران اصبعه في وجه ساعي بحدة تحشرجت نتيجة وجعه على ذاك الذي أصابه برصاصته القاصدة وجر تحت عينيه كالمذنب تمامًا:
-لا تتساخف معي, دام إني على رأس العمل فأنا ماني بخويّك اللي تعرفه دايم

زمجر فيه ساعي بنبرة متحشرجة, أرعبت أهل القرية من حدتها:
-أنت جنيــــــت؟

اقترب منهم رابح في هذه اللحظة, ناول عمران محفظته الخاصة بالعمل وسلاحه الذي لا يكاد يفارقهم, تناولهم عمران منه ودون أن ينبس ببنت شفة فتح المحفظة لتتضح هويته الأمنية ورفعها بوجه ساعي الذي تأملها بعقلٍ لا يستوعب ما قيل

كانت الحقيقة, صورته, اسمه بالكامل, رتبته الجديدة, كل شيء مثلما قال, شحب وجهه بشكلٍ جلي فنظر إليه ليقول بسكون الأموات:
-كذبت علينا, وخدعتنا

عمران بجدية بالغة وهو يعيد المحفظة إلى جيبه ويضع السلاح بالحزام الملتف نحو ساقه:
-ماكذبت عليكم ولا خدعت هذه مطلبات وظيفتي وإللي وراك مطلوب أمني بالنسبة لنا, أمشي من هنا يا ساعي ولنا كلام ثاني

عاد عمران إلى سيارته متجاهلًا كل شيء أخر, ساعي وأهل الديار, عدوان والفريق, الضوضاء والشوشرة, تجاهل كل شيء وفر هاربًا من الحقائق التي شهد عليها أرض الميدان

كيف يدنس الذكريات بحدثٍ كهذا؟ دماءٍ وخيانةٍ وشر مختبيء بين وجه ملاك؟ بعد أن كان الميدان حافلًا بالسمرات والسهرات والحكايات المتحلقة بين الود والإخاء؟ كيف انشطر فريقهم الشرقي ليصبح واحد منهم عدوه وبقبضة يده؟

قاد سيارته بسرعة مجنونة إلى خارج الديار, وإلى خارج المدينة, ابتعد إلى أقصى نقطة إستطاع الوصول إليها فلا يتلاحق على رأسه استسلام عدوان ولا جنون ساعي ولو كان تيمور متواجدًا لأكمل المربع الناقص الذي أصبح اليوم مثلثًا ابتلع وراءه تلك الصداقة المتينة التي جمعتهم

وصل إلى أقاصي البلاد, حيث تلاطم أمواج البحر ونسيم هوائه الوقور, حتى الليلة أمواج البحر تشاركه الأسى فقد كانت تزمجر غاضبة لغضبه ومتقدة بالوجع لإشتعاله

نزع ثوبه بما فيه ثم حذاءه وباقي حاجياته, دخل إلى البحر وأخذ يصارع الأمواج كثيرًا وبنفسٍ طويل حتى شعر أن طاقته على وشك النفاذ, فسمح حينها للأمواج أن تأخذه يمنة ويسرة

يالله, كان يأتي لهذا المكان حين يشتد عليه الهم, ما ظن أن همٌ كهذا الهم سيقضم من فؤداها قضمة قاسية, شكوكه حول عدوان كثيرة لكن أن يدحض الشك باليقين وعلى أرض الواقع لهو أمرٌ قاسٍ عليه بلا شك

خرج من البحر بملابسٍ مبتلة وروحٍ جافة, مدد ظهره على الرمل وأخذ يحدق في السماء, المكان مظلمٌ من حوله فبدت النجوم كلوحةٍ فنية مغروزة غرس الدماء في منتصف السماء

رباه!
تذكر ذلك اليوم بعد إصابة ريمان في الحادث, حينما عاد إلى المكان الذي يشعر به بالإنتماء, إلى البحر, كانت النجوم كحالتها هذه, لامعة أشد اللمعان, كأنها بذلك تواسيه وكم هو بحاجة إلى مؤاساة

من قال أنه بلا شعور؟ من قال أن الثعلب الماكر لا يتألم حينما يصطاد فريسته؟ يتألم بالطبع
والدماء التي يقضمها بين مخالبه كأنها السمُّ على عروق جسده

رن هاتفه فالتفت إلى مكانه حيث داخل ثوبه, مد يده ببطء شديد ليستخرج من الجيب, أجاب على الإتصال دون أن ينظر إلى الرقم ليقول بسكون:
-نعم؟

كان صوت مساعد يأتي من الجهة الأخرى بنبرة مكتومة نتيجة سعاله الشديد, وهو يكرر عليه عبارة جعلته يقفز من مكانه والغضب يتراقص كشيطانٍ على رفات حِلمه:
-سيدي, تعرضنا لهجوم, المشتبه به هـرب, أكرر .. المشتبه به هرب!








قيل أني بأحشاء الـدُّر كامنٌ؟
بل إني أشبه بحمم البركانِ

من قال أني عن السودِ أتوبٌ؟
واحرتاه! إني كالشيطان اللعينِ


انتهى ❤


الكاديّ غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 30-01-23, 04:18 AM   #366

مِسك
 
الصورة الرمزية مِسك

? العضوٌ??? » 479747
?  التسِجيلٌ » Oct 2020
? مشَارَ?اتْي » 3,146
?  نُقآطِيْ » مِسك has a reputation beyond reputeمِسك has a reputation beyond reputeمِسك has a reputation beyond reputeمِسك has a reputation beyond reputeمِسك has a reputation beyond reputeمِسك has a reputation beyond reputeمِسك has a reputation beyond reputeمِسك has a reputation beyond reputeمِسك has a reputation beyond reputeمِسك has a reputation beyond reputeمِسك has a reputation beyond repute
افتراضي




السلام عليكم ورحمه الله وبركاته
صبحكم الله بالخير والمسرّه ..
كيف حالكم صديقات طوبى !!

كدّو المُذهله ، بعيداً عن صدمتي بهالفصل
بس كالعاده كل شي فيه كان مُبهر ، كل جمله
وكل سطر وكل حرف كان في مكانه المثالي وبالشكل المثالي بعد ..


بسم الله عليك ماشاءالله 🥹 ،
الله يحفظك ويبارك لك في ملكتك الكتابيه ..
وماننحرم يارب من ابداعك المستمر 🤎🫂 ..



- نسيم -

مابعد الصدمه والانكسار الا قوّه ونهوض بإذن الله
غسّان ماعليه حسافه شرّ وربي صرفه عنها ..

الله يعوضها بالافضل والاحسن
على صبرها اللي صبرته على هذاك المريض 🥹

حالياً نسيم حُرّه ، وزاهد قاب قوسين او ادنى من الخساره ،
شكله بيسعى جدياً ويخطب لإياس نسيم ..

من كثر الصدمات اللي مرّت علي بهالفصل
تصالحت مع فكره زواج إياس ونسيم 😭
لله دُرّها ام يويو كثرّت دعوات بالوتر
لين قرب يتحقق حلمها 🏃🏻‍♀ ..




- عـمران -

اثاريه خبل ورايح بدون حمايه وواقي رصاص
طلع معاي حق يوم اقول شكله له اسبوعين
طايح بدمه في حوش غسّان 😭😭😭😭 ..

الحمدلله عالسلامه ثعلبنا المكّار 🤎🦊 ،
ولاعاد تتحمس الله يهديك مو كل مره بتسلم الجرّه ..

" من ليلة أمس وأنا أنتظر حضنك "
👏🏻👏🏻👏🏻 يستاهل ثعلبنا وسام على هالتطور
الحمدلله صار يعرف يصفصف غزل ويخربط اوضاع حنين
هي من " حُلوه " ضاعت علومها كيف اللحين 😭😭 ..



- رابح -

فدائيته لـ عمران مو طبيعيه 🥹
رغم انه وحيد اهله ومالهم غيره
الا انه بوقتها مافكر الا بحمايه عمران ،
حمايته مو كـ قائد لا ابداً هو فكر فيها
كـ حمايه لأخ له وصديق عزيز 😩

يابخت عمران ولد فاضل بهالفريق
اللي مابيلقى مثله ابداً ✨ ..




- سـاعي -

ساعي الحزين ، ساعي اليتيم ، ساعي الوحيد 😢 ..
هالولد مدري متى بيشوف يوم حلو بحياته
كل يوم صدمه اقوى وامرّ من اللي قبلها
الله يصبره عالجاي ويقوّي قلبه 😩 ..

حريق بيته جاء سريع وكأنه بفعل فاعل ..
اما ظهور عدوان الفُجائي فـ ما اقول الا
: بسم الله الرحمن الرحيم من وين طلع !!

هل عدوان هو من حرق البيت 👀 ،
ولا اللي يبغونه يرجع لهم حرقوه تهديد له
وهو جاي ينقذ ساعي مُتناسي وجعه وإصاباته 🥹 ..
قلبي يرّجح التوقع الثاني ويدعي يكون صح هو ..

اللحين مفتاح المخزن صار بيدين فردوس
وفردوس صارت من نصيب وهاب مبدئياً
يعني لو تمّ هالارتباط بتروح خارج شرق
وفيه احتمال تكون نسيت تعطي عمران المفتاح اساساً ..



- عدوان -

غايب اسبوع وشوي وفجأه يطلع لنا ببيت ساعي المحترق ، خير يا ابوي انت !! لا وفوقها جاي متكفخ

الحسنه الوحيده بهالتكفيخ انه يخليني احلم بكونه رُبما قاوم
وهرب من اللي اخذوه او راح لهم قبل 👀 ..

" كيف يتحرك المرء بهذه السرعة المجنونة خاصة لرجلٍ أعرج .. كعدوان! "

سبحان الله مدري ليش صرت اشك بكل شي
حتى عرجته 👀 وكلام ريحانه أجج هالشك

" مفرق وادي يشهد علينا! "

ما اقدر اتخيل ان هالمشاعر اللي شفناها
احتمال تكون لشخص خاين شرير ..

عدوان بهالكلام كان كأنه عارف ايش بيصير
وكأنه يحضرّ ريحانه للي بيصير 🥹

قال لها " اوعديني ماتكرهيني " ماقال سامحيني
وكأنه عارف انه بريء بس وراه ماضي يحتاج يصفيّه ..

قلبي مو مقتنع بتاتاً بكونه خاين ،
لو تقولون تيمور بقول صح ما استبعدها منه
بس عدوان !! ابداً ما اعتقد هو الخاين ..



- زياد و بتول -

اولاً هالزياد وديّ اخذه واحطه بمكان محد يأذيه فيه ..
ياربييي لطيف بشكل مو طبيييعي ..

مشاهده هالفصل من ملكته لـ لقاءه الاول بـ توته
كانت مثل البلسم لطفت لنا اجواء الفصل🎈..

لقاءه الاول بـ توته كان طريييف لابعد حد 😭😭
ولا على كشخه بنتنا الانيقه ، اختنقت بأنفاسها
اما ولدنا ياحليله طلع الدكتور اللي بداخله 🥹

" -إن شاء الله أسعدك "

مو اقولكم ودّي احطه بمكان محد يأذيه 😩
صندوق قزاز واكتب عليه ممنوع اللمس
مسموح لك بالنظر والاستمتاع بلطافته فقط🥹🤎 ..



- شهاب -

اكبر علامه استفهام بهالفصل ..
بدور زوجته بس على ورق واخوها احتمال يكون واصل ومو بعيد يكون له علاقه بعمل عمران 👀
اتخيل بالاخير يطلع اخو بدور هو الخاين بعمل عمران 🏃🏻‍♀

" لا يريد أن يكون تحت رحمة أتباع صاحبه بعد أن ظل -وما زال- تحت رحمته هو "

يعني شهاب تحت رحمه هالصديق ،
رغم انه جالس يسدّد دينه وتزوج اخته على ورق
هل هالزواج كان لحمايه بدور 👀 ..
الوضع غااامض جداً جداً ..

" وهاب, وصاحبه المديون إليه, وزوجته وذاك الاخر الذي سرق من راحة عمره الكثير والكثير "

وهاب ونعرفه ، والصاحب راعي الدين شبه عرفناه
وزوجته بعد عرفناها ، باقي اخر واحد من يكون 👀 !!
معقول يقصد المُعتدي على بلسم !!
بسبب معرفته وسكوته عن هويته سُرقت راحه عمره !!
الوضع تعدّى الغموض بمراحل كثيره 🤯 ..

" كانت ستدخل إلى منزلهم لولا أن تفاجأت بوقوف شهاب خلفهم, يحدق بها في نظرة غريبة ثم يعيد نظراته نحو ساعي الذي نظر إليه هو الأخر "

ايش سبب هالنظرات 👀
ماني مرتاحه لانه شاف هالمفتاح مع فردوس ..



" بـعد مـرور شــهــرين "


- هادي -

ياحلييله هالشايب يعرف يمثل 😭😭
لدرجه حتى انا عجزت اعرف هو صادق !!
ولا اتقن التمثيل بشكل مو طبيعي ..

خلاصه ماحدث ان فردوس صارت من نصيب وهاب 😢
وداعاً لاحلامي وخيالاتي القديمه 😔 ..



- فريق الخنجر -

كفو على مساعد تعب لين طلع لنا هالحقائق
مو سهل انه يربط بين عدوان وفيديو الشبح ..

ماقدرت اثق بـ ابو تركي 👀 ،
كل تصرف منه يكون تحت مجهري
ووحده من هالتصرفات قرار السريه وعدم
معرفه عمران بـ عدوان ..

احس فيه سبب غير خوفه على عمران
والله اعلم ..




- القفله المُرعبه -

فعلياً هي قفله مُرعبه للوهله الاولى
بس بعد مايركز الواحد فيها يلاحظ فراغات تطمن وتخليه يتأمل شوي 😩✨ ..

بقلبي احساس ان القفله كانت بإتفاق او شبه اتفاق بين عدوان وعمران 👀 ..

قبل يومين عمران قال لابو تركي " تسمح لنا ننطلق لوجهة المشتبه به " يعني كان ناوي بنفس اليوم يروح للمشتبه به + كان ناوي يستدعي عدوان للتحقيق بهدوء وبدون فوضى ..

ليش فجأه بعد مرور يومين شفنا هالعرض الدرامي اللي مابقى احد بشرق ماشافه !!
وبعدين هل الموضوع كان يستدعي من عمران يصرّح بهويته لاهل شرق !!

ليش احس كل شي صار خُطه مدروسه للوصول للخائن والشبح ..
وانه فعلاً قبل يومين استدعوا عدوان وحققوا معاه
وصار " اتحاد العمالقه " ✨..

والهدف من هالتمثيل هو تطمين قلب الخاين بإن محد درى عنه
وان فريق الخنجر يظنون ان عدوان هو الخاين ،
وبنفس الوقت عدوان يرجع للشبح وعصابته ويكشف الخاين
ويدمر هالخليه من الداخل وتماماً ..

جيّه عدوان لـ ساعي وهو متكفخ خلتني اخمّن انه هرب منهم
وكان حاط بباله انهم بيوصلون له من جديد عشان كذا بالقفله فيه احد هاجم السياره واخذه ..

مارحمت الا ساعي كان مثل الاطرش بالزفه 😢
فوق مصايبه ينصدم بأصدقائه وحقيقتهم 😩


اما تيمور لحد يلومني اذا شكيت فيه 👀
حتى بهالحدث مختفي ولد ابوه 🏃🏻‍♀ ..


تسلم يدك كدّو الجميله ،
بإنتظار القادم بكل شوق
دمتم بخير وموده .. 🤎

| لا إله الا الله وحده لا شريك له |


مِسك غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 30-01-23, 11:28 AM   #367

شجنّ العُذوب

? العضوٌ??? » 418154
?  التسِجيلٌ » Feb 2018
? مشَارَ?اتْي » 832
?  نُقآطِيْ » شجنّ العُذوب has a reputation beyond reputeشجنّ العُذوب has a reputation beyond reputeشجنّ العُذوب has a reputation beyond reputeشجنّ العُذوب has a reputation beyond reputeشجنّ العُذوب has a reputation beyond reputeشجنّ العُذوب has a reputation beyond reputeشجنّ العُذوب has a reputation beyond reputeشجنّ العُذوب has a reputation beyond reputeشجنّ العُذوب has a reputation beyond reputeشجنّ العُذوب has a reputation beyond reputeشجنّ العُذوب has a reputation beyond repute
افتراضي

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
فصل جبار حرفيا...لا يا كادي مستحيل يطلع عدوان واحد خاين..
واضح انه ترك ذا المجال...ودليل تهديد هاذاك الي دق عليه بالخيمه يقوله يبغى يرجعله.... يارب تكون خطه فعلا... مثل ما قالت مسك حبيت السيناريو مسوكه 😂🤍.. ان شاء الله يطلع على ماقلتي....
وزاهد قاهرنيييي خلاص ابغى اعرف هو فعلا ماكل حلال اخوه ولا لا؟..
احس ما ابغى تتشوه صورته بعيوني ابغى هادي يطلع متبلي عليه...
ياربي سالفتهم تقهررر بشكللللل....


شجنّ العُذوب متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 30-01-23, 07:56 PM   #368

لينوسارة

? العضوٌ??? » 390438
?  التسِجيلٌ » Jan 2017
? مشَارَ?اتْي » 634
?  نُقآطِيْ » لينوسارة is on a distinguished road
افتراضي

السلام عليكم و رحمة الله تعالى و بركاته

عدوان هو الي كان يحمي عمران

يمكن عدوان هو الشبح و ثاب و يكون ابن اخ الزعيم و يعرف العصابة كلها

ولما و جدته العصابة بعد هروبه منها

خلى عمران يشك فيه بعدها

و اتفق معه على القضاء على العصابة و القبض على رئيسها

بارت رائع جدا

ننتظر البارت القادم

شكرا لك مني اجمل تحية


لينوسارة غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 31-01-23, 12:30 AM   #369

~sẳrẳh

إدارية ومشرفة سابقة وكاتبة وقاصة في قسم قصص من وحي قلم الأعضاء وأميرة الخيال وشاعرة متألقة بالقسم الأدبي

alkap ~
 
الصورة الرمزية ~sẳrẳh

? العضوٌ??? » 1678
?  التسِجيلٌ » Jan 2008
? مشَارَ?اتْي » 15,447
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » ~sẳrẳh has a reputation beyond repute~sẳrẳh has a reputation beyond repute~sẳrẳh has a reputation beyond repute~sẳrẳh has a reputation beyond repute~sẳrẳh has a reputation beyond repute~sẳrẳh has a reputation beyond repute~sẳrẳh has a reputation beyond repute~sẳrẳh has a reputation beyond repute~sẳrẳh has a reputation beyond repute~sẳrẳh has a reputation beyond repute~sẳrẳh has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   water
¬» اشجع hilal
?? ??? ~
My Mms ~
Elk

الكادي المتالقة .. انتهيت ال 20 واعقبتها بالفصل الاخير ..


في كل مرة اجد التعمق في النص ياخذني بسحره وجمال العبارة ووصف المشاعر ..
يثير الأسئلة بلا ترتيب يجعلني اعيد النظر في سبر أغوار كل شخصية .
وماتجمعه من معاناة وحيرة والم وفرح في جنبات الرواية بكل مشاعرهم تأسرنا.
وكل مرة تأخذينا عبر ممرات ومتاهات شيقة وواقعية.


شخصية عمران متفرد الا اني توقفت عند سباحته بالجرح .. هل تتحمل حالته الصحية ذلك ..
اتوقع في هذة اللحظة يكون هناك لقاء بينه وبين عدوان الذي هرب ليثبت برائته..

عدوان شخصية محيرة .. و حياته مبهة .. ومستقبله مظلم ..

ساعي .. تناقضه جذاب .. و ماله اي اهداف في الحياة ..

تيمور الوحيد اللي واضح كشخصية بس مانعرف شي عن حياته ..


انت ماوضحتي في منطقة الاحداث ..


مازلت اقول ان الرواية تاسرني بكل مافيها ..
لقاء زياد و بتول
هيثم و حياة
نسيم وغسان
هناء واحتوى الجميع ...

كلي شغف لاكتمال ملامح الرواية وباقي الاحداث ..
فتابعي لنتابع .. معك هذا الابداع ..
لله درك


سارة


~sẳrẳh غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 31-01-23, 03:33 AM   #370

BNO1957
 
الصورة الرمزية BNO1957

? العضوٌ??? » 456128
?  التسِجيلٌ » Oct 2019
? مشَارَ?اتْي » 231
?  نُقآطِيْ » BNO1957 is on a distinguished road
افتراضي

الفصل المنتظر والحدث المنتظر!!😳💥

نبدًا بالخفيف شوي شوي عشان التكه الي جاء لقلبي ماترجع🤏🏻
____

تيمور

موقفة جذبني!🥹
خصيصًا قولة ✨رفيق دربي✨، ويوم شاف تمسك ساعي بالمنزل حتى بوقت النيران تاكل البيت ماتردد ولا ثانية واخذ مهمة الإطفاء على عاتقه😔 ولله انه كتكوتي لطيف مادري شفيكم عليه🤬 ->ماقصدك يا م.س

____
شهاب..
وحقائقه

الصديق المديون اليه "شقيق زوجتة" ونقطة صغيرة👀 < انت تدري اكرة ماعلية سجون الدولة ومراكزها ،، مبنى راقي في أحد الاحياء السكنية الباذخة ، كلها تعطينًا جواب صريح لـ وظيفتة " تاجر ممنوعات " وخصيصًا بعد ذكرك بأحد الفصول السابقة، إن شهاب كان بموضع شكوك بقضية مخدرات لكِن لم يتوفر أي دليل عليه !

ونقطة الدين..

مو شرط الدين يكون مال ! لكِن هذا مايعني أبدا إن ماله أي صله بالاموال 👀
يعني بدور ضمن الدين !
زواج المصلحة بمعنى أصح الي تم بين شهاب و شقيق بدور كان له عوائد للطرفين لكِن الأكيد الطرف الكاسب بهذا الزواج هو شقيقها..

لكِن السؤال هنا ؟

ليه كانت هي ضمنه !
هل وضعها شقيقها لإبقائه تحت ناظريه وتحت القيود بمعنى أدق..
و كضمان ومراقبة ؟
أم في آمر أخر نجهله ؟
..
شبة بدينا نحل ألغاز شهاب وحياته والباقي لنا فقط " وذاك الاخر الذي سرق من راحة عمره الكثير والكثير " 👀
وهنا شبكنا الخيوط واستنتجنا شيء واحد "المعتدي"
وأنتِ سابقًا ذكرتي إن المعتدي له معرفة مع شخص..
ومافي أي أحد يطري علي غير شهاب حقيقة !.
_____
زياد والبتول ..

و اللقاء الغريب اللطيف !
هو ناقص زياد يرتاع يالبتول ، بس لطافتهم مع بعض تنوكل 🤏🏼😋
" أن شاء الله أسعدك "
ياروحي انت هي اللي بتسعدك وبتخلي حياتك بمبي بعد السواد🥹.
_

عدوان و ريحان

"ما راح تكرهيني؟ "

تساؤل لم يتوقع أن يقوله لشخص🥹 لعدم وجود شخص يستحق ثقل الكلمة!


" -ماتعديّت الأعراف والعادات وقطفت مني الغصن وراء الغصن حتى أسقيني من ماي كرهي وأذبل, ما راح أكرهك "

وجواب شديد الرقة يأتيه😔

وقبلة وداع تنهي اللقاء💔

مؤلم😞
__
ساعي

"كف ساعي الذي كان يحتضن مفتاحًا ما, يقبض عليه بشدة حتى بدأت تتضح علاماته على باطنه
الكنز الوحيد الناجي من كتلة النار"

"أبو محمد مو موجود بالبيت - لا شفتيه عطيه هالمفتاح"

هالمفتاح وعلاقته مع عمران علامات استفهام؟؟🫤

إذا هالمفتاح يخص ساعي !
أحس مستحيل يـ سلمه لعمران !
يعني شخصية ساعي عنيد و مايحب يعتمد على أحد بشيء يخصه، ومايحب المساعدة كتووووووووم !! وفوقها فيه تكه غرور🤏🏻
أحس مستحيييل

فـ هل يعني إن هذا المفتاح يخص عمران؟👀
..

بس نقطة😔
ساعي هو الجزء المؤلم بكل بارت، جرح هالرواية هو ساعي💔

___

القفلة ! او نقول الصدمة🥲

مع كل التوقعات لهذا الجزء والآراء!

وبوسط انتظارنا لهذا الحدث من البداية وكل شوي هابدين توقع ! بس يوم جاء أحس لااااا😔 كنسل يامدير كنت أمزح😰
..

نبدأها بأول صدمة أو نقول الحقيقة المُره !💔

الخاين هو عدوان فعليًا🥹 مهمًا قلنًا لا وبررنًا وصار مليون شيء وشيء مانقدر ننكر الماضي المظلم وانه كان بيوم جزء من هالمنظمة وانه خاين 😞.

شعور الخيبة المرافق لعمران كان مؤلم جدًا ! شعور إن الشخص الذي عديته صديقك وأخيك تكتشف انه عدو تبحث عنه مُنذ زمن ! <يووووجع💔

كشف عن نفسه وهويته ليس لشيء, إنما رغبة منه للتخلص من سواده والبدء مجددًا، كان شعور معرفة عمران أشد وأمر وأقسى من ماضيه الأسود<اخخ ماعندي شيء اقوله🥹🥹🥹

صدمة ساعي كانت عن ميتين حرف، شعور انكشاف حقيقه كانت مخفية لـ أكثر من 30 سنة لشخص كان قبل ان يكون صديق كان أخ💔 مؤلم

مشاعر ليلتهم كانت مليئة بالحُرقة واللوعة والخذلان والألم والعديددد من الصدمات..

بس

نقطة 👀
اللقاء الاول بين عدوان وعمران كان مجهول حظرنا النهاية المؤلمة فقط !
فماهي نقطة البداية ..
خصيصًا بعد ذكر عمران إن الأمر بيتم بهدوء وبالخفاء وبدون إي فوضى!
لكِن الي شفناه حفلة شهدتها ديار شرق وضواحيها😳💥
..

نقول هرب أو تم تهريبة؟؟
وبالطبع تم تهريبة بالإجبار لأن ذكر فوق عدوان استسلامه ورغبته في التخلص من الماضي بشكل كامل!
لكِن الشبح مستحيل يسلمه لهم🥲.


BNO1957 غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 02:05 AM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.