آخر 10 مشاركات
جددي فيني حياتي باللقاء *مميزة ومكتملة* (الكاتـب : وديمه العطا - )           »          منطقة الحب محظورة! - قلوب أحلام زائرة - للكاتبة::سارة عاصم - كاملة+روابط (الكاتـب : noor1984 - )           »          دين العذراء (158) للكاتبة : Abby Green .. كاملة مع الروابط (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )           »          [تحميل] حصون من جليد للكاتبه المتألقه / برد المشاعر (مميزة )(جميع الصيغ) (الكاتـب : فيتامين سي - )           »          وإني قتيلكِ ياحائرة (4) *مميزة ومكتملة *.. سلسلة إلياذة العاشقين (الكاتـب : كاردينيا الغوازي - )           »          رهينة حمّيته (الكاتـب : فاطمة بنت الوليد - )           »          ليلة مع زوجها المنسي (166) للكاتبة : Annie West .. كاملة (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )           »          طريقة صنع البخور الملكي (الكاتـب : حبيبة حسن - )           »          كما العنقاء " مميزة ومكتملة " (الكاتـب : blue me - )           »          في بلاط الماركيز(71)-غربية-للكاتبة:منى لطفي(احكي ياشهرزاد)[حصرياً]كاملة بالرابط -مميز (الكاتـب : منى لطفي - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء

Like Tree500Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 24-07-22, 07:38 PM   #31

موكاااا

? العضوٌ??? » 483207
?  التسِجيلٌ » Jan 2021
? مشَارَ?اتْي » 72
?  نُقآطِيْ » موكاااا is on a distinguished road
افتراضي


يامسااء النور والسرور على الجميع سلمت اناملك يامبدعه متابعه جديد للروايه استمري🤍🤍🤍🤍🤍

موكاااا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 24-07-22, 07:44 PM   #32

موكاااا

? العضوٌ??? » 483207
?  التسِجيلٌ » Jan 2021
? مشَارَ?اتْي » 72
?  نُقآطِيْ » موكاااا is on a distinguished road
افتراضي

يامسااء النور والسرور على الجميع سلمت اناملك يامبدعه متابعه جديد للروايه استمري🤍🤍🤍🤍🤍

موكاااا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 26-07-22, 05:33 AM   #33

MeEm.M

كاتبة في منتدى القصص والروايات المنقولة

 
الصورة الرمزية MeEm.M

? العضوٌ??? » 430513
?  التسِجيلٌ » Aug 2018
? مشَارَ?اتْي » 347
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
?  نُقآطِيْ » MeEm.M has a reputation beyond reputeMeEm.M has a reputation beyond reputeMeEm.M has a reputation beyond reputeMeEm.M has a reputation beyond reputeMeEm.M has a reputation beyond reputeMeEm.M has a reputation beyond reputeMeEm.M has a reputation beyond reputeMeEm.M has a reputation beyond reputeMeEm.M has a reputation beyond reputeMeEm.M has a reputation beyond reputeMeEm.M has a reputation beyond repute
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة موكاااا مشاهدة المشاركة
يامسااء النور والسرور على الجميع سلمت اناملك يامبدعه متابعه جديد للروايه استمري🤍🤍🤍🤍🤍

حياكِ الله، نورتِ عزيزتي
إن شاء الله تعجبك الرواية وتستمرين معانا للنهاية 😻❤


MeEm.M غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 27-07-22, 08:29 PM   #34

MeEm.M

كاتبة في منتدى القصص والروايات المنقولة

 
الصورة الرمزية MeEm.M

? العضوٌ??? » 430513
?  التسِجيلٌ » Aug 2018
? مشَارَ?اتْي » 347
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
?  نُقآطِيْ » MeEm.M has a reputation beyond reputeMeEm.M has a reputation beyond reputeMeEm.M has a reputation beyond reputeMeEm.M has a reputation beyond reputeMeEm.M has a reputation beyond reputeMeEm.M has a reputation beyond reputeMeEm.M has a reputation beyond reputeMeEm.M has a reputation beyond reputeMeEm.M has a reputation beyond reputeMeEm.M has a reputation beyond reputeMeEm.M has a reputation beyond repute
افتراضي

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
مساء الورد
موعدنا الليلة بإذن الله مع الفصل الرابع، كونوا بالقرب ✨


MeEm.M غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 27-07-22, 11:42 PM   #35

MeEm.M

كاتبة في منتدى القصص والروايات المنقولة

 
الصورة الرمزية MeEm.M

? العضوٌ??? » 430513
?  التسِجيلٌ » Aug 2018
? مشَارَ?اتْي » 347
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
?  نُقآطِيْ » MeEm.M has a reputation beyond reputeMeEm.M has a reputation beyond reputeMeEm.M has a reputation beyond reputeMeEm.M has a reputation beyond reputeMeEm.M has a reputation beyond reputeMeEm.M has a reputation beyond reputeMeEm.M has a reputation beyond reputeMeEm.M has a reputation beyond reputeMeEm.M has a reputation beyond reputeMeEm.M has a reputation beyond reputeMeEm.M has a reputation beyond repute
افتراضي

اللهم أدخلني مدخل صدق واخرجني مخرج صدق.
لا تلهيكم روايتي عن الصلاة وذكر الله.
لا إله الا الله.



( الفصل الرابع )
____

ألمانيا - برلين

( كنت أعرف كل شيء عنك، حتى الأشياء التي احتفظتَ بها لنفسك
كل شبر من جسدك كان لديه ما يقوله
أعلم أنك لا تثق بوالدك لأنه لم يحاول فهمك
اعتَذَر عمّا فعله بك مرارا.. ثم فعلها مجددا
وأعلم أنك تخشى أن تصبح مثله تمامًا
تؤذيني كما كان يؤذي هو والدتك، وأن لا تستطيع التعامل مع امرأة مثلي
لكنك تعاملني أفضل مما توقعت!
أنت وحدكَ من تجعلني متوترة، تجعلني أظهر على حقيقتي.. كما أنا دون أي أحد حولي
أعلم أنك تمنيت لو تمكنتَ من تغيير أشياء كثيرة بك من أجلي، إلا أنه لا شيء فيك رغبتُ بتغييره
سوى الأماكن التي كنتَ تقصدها في وقت متأخر من الليالي
السجائر والنبيذ الأحمر الرخيص
الحزن، وحياتك الواقعية المملة دون أن تعيش شيئا من الخيال
لن أكذب وأقول أنني كنتُ واثقة تماما بفرض نفسي عليك والاقتراب منك بهذه الجرأة
شعرتُ بالرعب قليلا، والكثير من التوتر والارتباك
لكن ذلك.. كان جيد، إنه جيد بالفعل انني تمكنت، وانك أحببتني
لذا أخبرني، كيف سأكون من دونك؟ وكيف ستكون أنتَ بدوني؟
هل ربما سيظهر أفضل ما لدينا إن انفصلنا وابتعدنا عن بعضنا؟ ونحن مليئان بالعيوب؟
كل جزء وكل شبر من جسدنا تعبر عن خطيئة ما!
أعلم أنك لا تصدقني دائمًا، فلا ينبغي أن يكون من الصعب معرفة ذلك.. أنني متقلبة وحادة المزاج!
إلا أنه في اليوم التالي، ستجد أنه من السهل أن أكون على طبيعتي.. بكل تأكيد
القيادة بسرعة بسيارتك في الظلام، فقط ما نحن بحاجة إليه لنعود إلى صوابنا وفهم بعضنا
ليس علينا أن نقول الكثير ).


كان ينظر أمامه يحدق بعينيه إلى سطح البحر، كما لو أنه يمسك بتلك الرسالة الورقية، يقرأ ما كتبته إيما بخط يدها منذ سنوات.
حين عزم على تركها والابتعاد عنها، لمّا كثرت المصائب في حياته، وزادت عيوبه التي لم يتمكن من التملص منها، حتى خشيَ على إيما من نفسه.. ليقرر تركها رغما عنه.
لم تتشبث به، لم ترجوه أن يبقى بجانبها.. لم تصارحه بحبها، بل انها لم تأتِ إليه بنفسها.
بل أرسلت ورقة مكتوب بها كل هذا الكلام مع ساعي البريد، كما لو أنهم في زمن قديم، ولا تملك هاتفا!
كأنها كانت تعرف أن تلك الرسالة، كل ما كان بحاجة إليه ليعود إليها بأقصى سرعة!
ويجرب فعل ما كتبته في النهاية، القيادة بسيارته في وقت متأخر من الليل، بسرعة قصوى في الظلام الحالك.. في شارع بعيد عن المدينة تماما!
الآن هو واقع بشباكها، لا يستطيع الابتعاد عنها قدر أُنملة.. مهما حاول.
ولا يريد المحاولة أصلا.
كلما رغب بالفرار منها، وجد نفسه يعود إليها.
كأنه هو وإياها كما تقول الأساطير، مربوطين ببعضهما بخيط أحمر خفي، يجعل الفراق مستحيلا.


- كنتُ في العيادة النسائية، لمّا أتيت إليّ في ليلتي ولم تجدني.
صدمته تماما بما قالت، حتى انه لم يتمكن من الالتفات والنظر إليها ليتأكد مما سمع.
ابتسمت إيما بإحباط قائلة:
- تمنتُ لو أنك سألتني مالذي كنتُ أفعله بالخارج في ذلك الوقت المتأخر من الليل، هل سئمتَ مني بالفعل؟ لم تعد تهتم!
استدارت ليصبح ظهرها مواجها للبحر مستندا على السور، ووجهها ناحيته حين أكملت:
- هذا ما فكرتُ به، في هذه الفترة بالذات.. مشاعري صارت متضاربة، أصبحتُ أرتبك كما لو أنني مراهقة وقعت في الحب للتو، حين نطقت كلمة ( موعد ).. رفرف قلبي، شعرت بالسعادة والنشوة بعد فترة طويلة، طويلة للغاية مارك.
لم يهتم مارك بكل ما قالته عن مشاعرها، بل كل تركيزه كان على ما قالته في البداية، ليسأل بجفاء:
- متى ستكفين عن الذهاب إلى الطبيب؟
تأملته وهو غاضب للغاية ووجهه محمرّ، إلا انها ابتسمت مجددا:
- حين اكفّ عن التنفس جيدا والاستمرار بالعيش.
أغمض عيناه بنفاذ صبر، إيما فتاة رائعة للغاية.. سهلة المعشر، لا يصعب اقناعها بـأي شيء.
لكنها إن قررت أن تعانده في أمر ما، فهي لا تتزحزح على الإطلاق، حتى وإن وضع المسدس على دماغها وأصبحت على شفير الموت، لن تتراجع.
ماذا سيحصل إن قررت المضي في حياتها؟ إن قررت ترك ما حصل وراء ظهرها ومواصلة حياتها بشخصيتها القديمة؟
قطعت حبل أفكاره حين قالت:
- ألم تتمكن من قلب هانا بعد؟ لا زالت تلك الفتاة ضعيفة من ذلك الجانب.
ارتبك حين ذكرت هانا، وشعر بالذنب على حين غرة، لذا سأل بهدوء:
- لا أستطيع فهمك على الإطلاق، كيف تمكنتِ من استقبالها وإطعامها في منزلك وأنتِ لم تسامحيها بعد.
ضحكت إيما بصخب:
- أسامحها؟ هل توقعتَ أنني قد أسامحها في يوم من الأيام؟ على الإطلاق.. لا تحلم بذلك، لا أنت ولا هي، لا أحد منكما سينال مغفرتي.
نظر إليها مارك بغموض، وهو يتذكر ما سمعه من هانا قبل خروجهما من المنزل.. أن إيما أيضا لديها مصلحة من هذا الزواج.
ذلك ما لم يتوقعه أبدا، كونها معه من وقت مبكر في حياته.. ويعرفها حق المعرفة.
- هل لبقائك معي سبب قوي؟ حتى تتمكني من رؤية وجهي كل يوم وانتِ لا تنوين مسامحتي؟
خفق قلبه بقوة وشعر بالألم حين قالت بكل ثقة:
- بالتأكيد.
كان ينظر إليها بغير تصديق، بينما تشرب هي من قهوتها قائلة ببرود:
- طفل آخر، كالذي فقدته بسببك.. لن أتركك حتى تساعدني على إنجابه، بعدها صدقني....
اقتربت منه للغاية حتى صارت أمامه تماما لا يفصل بينهما شيء، تنظر إلى عينيه بتحدٍ وغضب:
- سأعتقك، سأنهي هذه العلاقة بنفسي، كما بادرت وبدأتها منذ ١٥ سنة.

________

ألمانيا - المنتجع

أقفلت باب حجرتها بالمفتاح أكثر من مرة، كذلك باب دورة المياه.. قبل أن تنحني وهي تمسك بطنها بقوة من شدة الألم، ثم تحني رأسها وتستفرغ كل ما تناولته قبل قليل.
بعد أن انتهت، وشعرت بأن أعضاءها الداخلية خرجت مع تلك السوائل، عادت إلى حجرتها زحفا، قبل أن تسقط جسدها على الأرض بوهن شديد.
تحدق بعينيها الفارغتين سقف حجرتها، العينان المحيطتان بهالات عميقة للغاية.
والتي اكتسبتها خلال أيام قليلة، نتيجة اهمالها لنفسها.. بسبب وهنها الشديد.
فقد وصلت إلى آخر مراحل مرضها، ولم يبشرها الطبيب بأي شيء، لم يقل أبدا بأنها قد تتحسن، وأنه هناك أمل.
بل.. أخبرها بأنها تملك بضع أيام فقط، أيام قلائل.. وستنتهي حياتها.
طبيب قاسٍ للغاية، عديم الضمير والإنسانية، أو ربما يمتلك شيئا من الرحمة! حين استمع إليها ولم يخبر ميرا بذلك بناءً على رغبتها؟
أغمضت عيناها وهي تضع يدها على بطنها، تضغط عليه وتتقلب على الأرض من شدة الألم، تكتم شهقاتها حتى لا تسمعها ميرا او لينا فتخافان عليها.
كانت دموعها تنزل بغزارة، حين رفعت يدها ترفع شعرها.. فشعرت بألم عظيم غير محتمل يفتك بها.

زاد ألم قلبها حين تراءت لها صورة والدتها، يدها الدافئة وصوتها الحنون، وهي تمسح على ذراعها قائلة بهدوء العالمين وابتسامة رائعة تزين ثغرها، ابتسامة تخفي وراءها الكثير من الوجع:
- وإن كنتِ مريضة؟ هل سينقص ذلك من عمرك الذي قدره الله لك؟ هل ستحزنين وتندبين حظك بدل أن تعيشي الأيام المتاحة لك بسعادة؟
لتجيبها ليا وهي تتذمر:
- ومالفائدة من عيش تلك الأيام بسعادة وأن أعلم كيف سينتهي بي الحال في النهاية؟ أرجوك أمي كفّي عن هذا الحديث، لا أرغب بأن أصبح إيجابية وأنا أتألم.. لا أريد إظهار ما لا أشعر به.
- لا أطلب منك ذلك ليا، ولن أطلب منك أن تبتسمي أو تكتمي آلامك، افعلي ذلك.. انتِ مريضة، ليعلم الجميع أنكِ تتألمين.. ولكن أيضا عليكِ أن تحمدي الله وتصبري، ماذا تفضلين؟ أن تموتي ومظهرك مرهق ومتعب إلى هذا الحد؟ أم تموتي وأنتِ جميلة؟
ضحكت ليا وهي تجلس بمساعدة أمها:
- لم أسمع يوما كلاما تافها مثل هذا، لمَ عليّ أن أموت وأنا جميلة؟ سيبلى جسدي بسبب المرض بالفعل، ثم تحت التراب لن ينفعني جمالي بشيء.
- وإن أخبرتكِ أنني أريد أن أتذكر وجهك وهو مشرق كما لو أنكِ لم تمرضي؟

فعلت ذلك، لبّت رغبة والدتها.. حافظت على جمال بشرتها ومظهرها.
فعلت كل ما يلزم لكي لا تشوب وجهها الجميل أي شائبة، لكيلا لا تظهر حتى حبة واحدة صغيرة تفسد ( وجهها المشرق ).
في النهاية، ماتت والدتها.. قبل أن تشهد وفاتها.
وهي السبب!!
نهضت بصعوبة من الأرض بعد أن خفّت نوبة الألم.
وجلست على الكرسي الخشبي أمام طاولة الزينة، رفعت عيناها إلى وجهها المدمّر.
أخذت علبة الكريم الخاص بالعناية بالبشرة، ومسحت وجهها بقوة حتى جفّ من الدموع والماء الذي غسلت به وجهها.
قبل أن تبدأ بوضعها على بعض المناطق الغامقة.
لن تعصي والدتها، ولن تتجاهل رغبتها حتى وإن توفت.. ربما سيتقابلان.. قريبا جدا.
وحينها بالتأكيد لن يرضيها منظر وجه ابنتها وهو مرهق ومتعب وعليه آثار المرض.

في الصالة..
تخرج لينا من حجرتها وهي تحمل حقيبتها، حجابها على كتفيها.
التفتت ناحية المطبخ، لتجد ميرا منهمكة بإعداد الطعام وتجهيزه في العلب.
حين شعرت بأختها تخرج رفعت صوتها:
- انتظري شوي، قربت أخلص.
دخلت لينا إلى المطبخ بعد أن وضعت الحقيبة على الأرض وعيناها على علب الطعام الموضوعة على الطاولة، كانت كثيرة:
- إيش هذا كله؟
- كلها أكلات تقدري تفرزينها وتاكلينها متى ما جعتِ.
- ليش تتعبين نفسك؟ أعرف أطبخ لنفسي لو جعت، وإذا كنت مشغولة مرة بشتري لي.
رفعت ميرا عينين حادتين:
- لا تطبخين ولا تشترين شيء من برة ما عدنا نملك هالرفاهية، ادرسي ليل نهار ولا تخسري قرش واحد على شيء أقدر أوفره لك بسهولة.
تنهدت لينا بضيق.. لا زالت ميرا مصرة على ما قالت بالأمس، تريد منها أن تتخرج بسرعة.
هل تمكن ذلك الـ ( لؤي ) من إغضابها بهذا الشكل؟
تحدثت بتردد:
- ميرا، تعرفين انه لؤي ما له أي كلمة فوق كلمة أبوه، مستحيل يقدر يخرجنا من هنا وعمي حيّ.
ميرا بجدية:
- وانتِ من جدك مصدقة؟ متوقعة اني بخرج من هالمكان؟ أنا أسوي كل هذا عشان أقعد فيه لآخر يوم بعمري، مو شخص تافه مثل لؤي اللي يخرجنا من هنا.
جلست لينا على الطاولة بملل:
- كيف؟ حتى لو ما له كلمة بعد كلمة أبوه ما تقدري تنازعيه على حلاله، المكان بإسمه أساسا.. تعتقدين إنه أبوه راح يفضلنا عليه؟
صمتت ميرا لبعض الوقت وهي تحكم إغلاق آخر علبة، ثم تضعها بداخل الحقيبة قائلة:
- لا تعورين راسك بمثل هالمشاكل، ومثل ما قلت لك أمس ما أبغى أشوفك بالويكند.
ستفعل، ستأتي نهاية كل أسبوع حتى وان اضطرت للخلاف مع شقيقتها في كل مرة.
لن تدعهم يعانون بمفردهم.
ما عرفته مما حصل بالأمس بل تأكدت منه، أن برأس ميرا الكثير من الأشياء التي تحثها على الشجار مع لؤي، وهو أيضا.. حديثه لا يبشر بخير على الإطلاق.
لا تريد من شقيقتها أن تختلف معه حتى على شيء تافه، في النهاية هي من ستتأذى.
جروح قلبها لم تلتئم بعد من حزنها على والدتهم، وشخص وقح معها للغاية مثل لؤي.. وجوده في الأرجاء بدل أن يساعدها سيجعلها تنهار أكثر.
لن تسمح بذلك بالتأكيد.
كانت ممتنة لإتيانه للغاية، شاكرة جدا لوالده الذي أرسله.
كانت تظنه شخصا هادئا وطيبا، لكنها لم تعد متأكدة من ذلك الحكم بعد الذي قاله بالأمس.
بعد قرابة الربع ساعة، خرجت من المنزل وهي تحمل الحقيبة.. وقد تعبت وهي تطرق الباب على ليا حتى تودعها، لكن الأخرى رفضت.

لم يكن لؤي موجودا على الكرسي أمام المسكن كالعادة، تنهدت بحيرة.. هل ارتاحت لأنها لم تضطر لرؤية وجهه؟ أم شعرت بالإحباط!
التفتت ناحية الباب لمّا خرجت ميرا وقالت:
- مصرة؟ ما تبغين أوصلك؟
هزّت رأسها نفيا:
- ليا تعبانة أكيد لا تتركيها.. لو انها فتحت لي الباب كنت سألتها إذا عادي تروح معانا ولا لا، بس واضح مزاجها ما يسمح.
وضعت الحقيبة على الأرض واقتربت من شقيقتها، رفعت ذراعيها وحضنتها بلطف ثم ربتت على ظهرها قائلة:
- هوني على نفسك ميرا، لا تحمليها فوق طاقتها.. أرجوك، فكري في نفسك مثل ما تفكري فينا.
أبعدتها ميرا بجفاء:
- روحي.
ابتسمت لينا وهي ترى وجه ميرا يحمرّ.
بالرغم من تلك السنوات الطويلة التي عاشوها سويا، إلا انها لا زالت تخجل من العناق والقبلات.. تحاول تجنب كل تلك الأشياء.
لم تعبر يوما عن مشاعرها.

عادت ميرا إلى الداخل، وحملت هي حقائبها مجددا.
لتخرج من المنتجع وتسير بقدميها حتى موقف الحافلات القريب.
كان ذهنها مشغولا وهي تتجه إلى هناك ثم تجلس على المقعد الخشبي، هل ستكون ميرا بخير؟ هل ستتحسن صحة ليا؟
كل شيء يشير إلى ان حالتها تتدهور أكثر فأكثر، بالرغم من ذلك لم تيأس، كما لم تيأس والدتها وشقيقاتها.
قلبها معتلّ منذ الصغر، وفعلوا كل شيء لتعيش حياة مريحة لا تتعب فيها ولا تشعر بالنقص عمّن حولها من الفتيات.
لكن ذلك كان مستحيلا.
لم يمرّ يوم واحد لم تشعر فيه ليا بالوهن والتعب، لم يمرّ لم تبكِ به مستاءة ومحبطة من حالتها وهي طفلة.. من عدم تمكنها على اللعب مع الفتيات بسنها.
لم تتعب والدتها وهي تهتم بطفلتها وابنتها الأخيرة من زوجها الراحل، اهتمّت بها كثيرا.
دون أن تظهر حزنها وألمها على ذلك الحال.
كانت صابرة، تحتسب الأجر وتدعو الله أن يحفظ ابنتها ويشفيها من ذلك المرض.
ما جعل ليا بدورها تنضج وتفهم وتصبر كما تصبر أمها.
انتهى بها الأمر بمقاومة الألم وعدم الاستسلام من أجل والدتها، حتى بلغت الرابعة عشر في هذا العام، فماتت والدتهم فجأة وهي لا تعاني من أي مرض.
بل كان قضاء الله النافذ.
حينها.. انتكست حالة ليا فجأة، وضعفت كما لو أنها للتو مرضت!

- لم تُخلق هاتين العينين الجميلتين للبكاء.
رفعت رأسها متفاجئة وهي تسمع تلك العبارة بلغة ألمانية ركيكة.
أغمضت عيناها ومسحت دموعها التي لم تلحظ نزولها أصلا وهي تبتسم:
- خرعتني.
جلس على المقعد وحقائبها بينهما:
- بتروحين الحين؟
سأل وعيناه على الطريق، مرتبك من ذكرى مساء الأمس.
بينما أجابت هي بنبرة غامضة:
- إيه.
- آسف على اللي صار أمس، ما راح أقول إني ما كنت أقصد ولا راح أقدم أي عذر، لأني فعلا غلطان.
نظرت إليه متفاجئة، يبدو أنه لم يتردد أبدا وهو يقول هذا الكلام.
لم تجد عبارة مناسبة لترد بها عليه.
وهي تتخيل ما قد مرّ به حتى وصل إلى هنا يهتم بثلاث فتيات وحيدات في هذه الغربة، تاركا خلفه حياة كاملة تخصه هو.
هي خير من تعرف ميرا، ما قد تنطق به حين تغضب.
ما قد تصبح إن واجهت شخصا مثل لؤي، عنيد وصريح للغاية.
ارتبكت حين التفت إليها فجأة وهي تتأمله بذهن شارد، واتسعت ابتسامته:
- وسيم صح؟
ضحكت وهي تهزّ رأسها:
- إيش قاعد تسوي هنا بهالوقت؟
- في وحدة قالت انها بتطبخ لي وراحت بدون ما تقول شيء، فرحت لما شفتها أمس قلت يمكن أخيرا بفطر فطور عربي فخم.. بغيت أموت وأنا انتظر بالنهاية اضطريت أجي للمحطة آكل أي شيء ممكن يسد جوعي.
عضّت لينا باطن شفتها بارتباك:
- آسفة، راحت عليّ نومة.
لؤي وهو ينظر إليها بطرف عينه:
- يعني بتقنعيني انكِ كنتِ بتسوين لي شيء وانتِ مخاصمتني أمس؟
قهقهت لينا بصوت مرتفع، لا يكف هذا الرجل عن مفاجئتها بصراحته:
- الصراحة لا.
لم يتمكن من منع نفسه عن النظر إليها وتأمل ابتسامتها المشرقة وهي تضحك بهذا الشكل، ليقف ويدخل يديه بجيبي بنطاله حين لمح الحافلة.
حمل حقائبها ووقف على طرف الرصيف ودقات قلبه تتسارع.
حتى توقفت الحافلة أمامهما، وأخذت منه حقيبتها فقط دون الخاصة بالطعام ثم قالت:
- ارجوك انتبه لخواتي، أدري إنه ميرا عصبية وممكن ترفع ضغطك دايم، ما أقدر أطلب منك تتفهمها وتتحملها.. بس، حاول على الأقل.
هزّ رأسه بإيجاب وهو عاجز عن ابعاد أنظاره عن عينيها:
- أبشري.
- شكرا على كل شيء.
قالتها والتفتت عنه لتركب الحافلة، رفع هو حقيبة الطعام:
- نسيتِ هذي.
جلست لينا على أحد المقاعد وفتحت النافذة ثم أخرجت رأسها قائلة:
- هذا أكل وكله لك راح يكفيك لمدة أسبوع، بس ميرا لا تدري.
تحركت الحافلة وابتعدت دون أن يتمكن هو من الرد عليها أو استيعاب ما حصل.
كانت الحقيبة مليئة وثقيلة للغاية.
يبدو أن تلك الـ ( ميرا ) سهرت الليل بطوله وهي تعدّ هذا الطعام من أجل أختها.
كيف تتركه وراءها وتذهب قائلة أن كل شيء له، هكذا بكل بساطة؟
حسنا هذا لا يهمّ.
يكفيه أن لينا سامحته، ضحكت له، وأعطته ما بيده.
وهذه مؤشرات جيدة للغاية، يبدو أنه سيتمكن من الاقتراب منها خطوة أخرى حين تأتي في المرة القادمة!
مجرد التفكير بالأمر جعل قلبه يرفرف وعيناه تلمعان، ويضحك وهو يمشي عائدا إلى المنتجع.

__________

الرياض

ألمْ يكن حبا؟
‏‎انتظرت مدة ( خمسة عشرة ) ساعة حتى أحدد شعوري
‏‎لم أسمح لنفسي بالغرق على الفور
‏‎ولمدة ( خمسة عشرة ) سنة كنا سويا
‏‎امسكت بي في البداية وكأنك ستتمسك بي إلى الأبد
‏‎ولم اعتقد بعد ذلك أن حسرة قلبي ستكون بهذا الشكل!
‏‎من كل شيء.. إلى لا شيء على الاطلاق..
‏‎من كل يوم.. إلى الحرمان للأبد
‏‎الجميع يخبرني أنه كان عليّ التريث على الأقل
‏‎إذاً هل من الطبيعي أن لا أشعر بالأسف على نفسي؟
‏‎الغريب أنني بعد أن هجرتك لم أشعر بالفراغ وأنا من ظننتُ ان الحياة بعدك مستحيلة
‏‎كنتُ اظن أيضا أنني سأغضب إن رأيتكَ تبتعد
‏‎ولكن ذلك أيضا لم يحصل!
‏‎هل يعني هذا أنه بالفعل ( لم يكن حبا )؟
‏‎هل اخبرك ما هو الأسوأ؟ وما هو الشيء الذي لم أتوقعه ولم أفكر به وحصل أن فكرت به؟
أنني اعتقد بل أجزم أنني ‎لن أتأثر حتى إن لمست يدك امرأة أخرى.. وهذا الاعتقاد الذي جعلني أجزم انه بالفعل لم يكن حبا..
‏‎أو أنني فقدت قلبي معك حين ذهبت، لمّا اكتشفتُ ان ارتباطنا كان مجرد صفقة، واتفاق بينك وبين والدتي ( من أجل المال ).
‏‎حين اكتشفتُ انك استغليتَ حبي وجنوني بك.. لتحظى بما كنتَ تتمناه طوال عمرك، بينما أفنيتُ انا عمري في التفكير بك، والتخطيط لحياتي معك!

سيلين..
كانت ترفض إكمال دراستها، كان ذلك آخر همها.
إن نجحت فهذا من فضل الله، إن لم تنجح.. لا تحزن على الإطلاق ولا يؤثر بها ذلك.
حتى حصلت الحادثة التي جعلت وجهها بشعا، تركت الدراسة على الفور، وكأنها كانت تنتظر فرصة عظيمة مثل هذه.
أو أزمة تحوّلها إلى فرصة كبيرة غير قابلة للنقاش، تسمح لها بترك الجامعة دون أن يعترض أحد من عائلتها.
15 ساعة، استغرقت هذا الوقت فقط لتغير قناعتها وترغب بالإكمال، بل وتصرّ على قرارها!
مساء الأمس وفور عودتها من الخارج بعد أن أعادها ثائر حين طلبت منه ذلك، دخلت إلى المنزل بينما عائلتها تجلس حول طاولة الطعام، أشقائها ووالديها.
أصيبَ الجميع بالدهشة والذهول وهم يرون وجهها المحمرّ، والواضح عليه آثار الدموع.
مررت أنظارها عليهم جميعا، وقبل أن يسألها أحدهم أو يستفسر عمّا حصل بها ألقَت عليهم قنبلتها وهربت متجهة إلى غرفتها:
- أنا وثائر راح ننفصل، ولاحد يسألني عن السبب.
ظلّ الجميع صامتا مشدوها ينظر حيث اختفت، دون أن يتمكن أحدهم من اللحاق بها أو حتى يسألها عن أي سيء.
كأنها بما قالت، ألقت عليهم تعويذة ثم غادرت!
دخلت هي إلى الحجرة وأغلقت بابها بالمفتاح عدة مرات، قبل أن تخلع عباءتها وجميع ملابسها.. تقذفها على الأرض هنا وهناك.
لتدخل بعد ذلك إلى دورات المياه، تفتح الماء البارد وتقف تحته وهي تتنفس بسرعة.
كأنها تجبر نفسها على تقبل هذا الواقع الجديد، المريع للغاية.


قبل 15 ساعة..

حين أوقف ثائر سيارته جانبا بقوة، التفت إليها بعينين متسعتين على آخرهما.
ظلّ ينظر ويحدق بها بدهشة تامة، وهي تفعل به المثل بينما بدأت تبكي بمرارة.
لينطق أخيرا بلسان ثقيل:
- سيلين إيش قاعدة تقولين انتِ؟ إيش هالجنون؟ ليش ممكن أمك تعرض عليّ مثل هالعرض السخيف؟
ضحكت من بين دموعها وقد بدأ الصداع يتسلل إلى رأسها شيئا فشيئا:
- ليش يعني؟ لأنك مستحيل تتزوج وحدة وجهها مشوّه وانت مانت مضطر.
عاد ينظر إليها بذهول، لتسأل هي وقلبها يتقطع من الألم:
- ما توقعت اني راح أكتشف صح؟ وصعب تتقبل الحقيقة صح؟ صعب تستوعب انك متزوجني عشان فلوس أهلي، وتستوعب انك استمريت معي سنة كاملة وانت قاعد تتقاضى راتب عشان هالشيء!
تحدّث ثائر بهدوء، وكأنها لم تكن تصرخ به بجنون قبل قليل:
- تعوذي من الشيطان سيلين، هذا الشيء اللي قاعدة تقوليه ما صار ولا راح يصير، أنا ماني عديم ضمير وانسانية لهالدرجة عشان أستغلك.
قاطعته بصوت عالٍ:
- لا تكذب! لا تتجرأ تكذب عليّ ثائر، أنا سمعت كل شيء، سمعت أمي وهي تتكلم مع خالتي......
كانت تلك العبارة هي الفاصلة بالنسبة لها، العبارة التي منعته من قول شيء آخر.
من الإنكار أو الاعتراف.
أو ربما حاول الانكار، لكن أي من هذا لم يهمها.. نظراته وتعابير وجهه كانت كافية لتثبت لها صحة كلامها.
غير انها قد تأكدت منذ الأمس، لمّا انتظرت والدتها تنكر الأمر لخالتها ولم تفعل.
لم تتمكن من النوم من الهمّ.
كان قلبها يؤلمها بشدة وهي تتأمل ملامح وجهه، تتأمل عيناه.. وكل تلك التفاصيل التي عشقتها.
حاولت أن تتخيل حياتها بدونه وقد اعتادت عليه، فزاد الألم حتى أصبحت غير قادرة على تحمله.
وقد ارتفعت حرارة جسدها بشكل غير معقول خلال هذه الدقائق المعدودة.
ولكنها مجبرة، حتى لو كانت تحبه بجنون.. ولا تستطيع العيش بدونه.. عليها أن تفعل، كرامتها أهمّ.
ربما لو اكتشفت الأمر قبل هذا الوقت لتمسكت به بجنون، لكنها الآن لا تستطيع.
- طلقني، بأسرع وقت.
قالتها بنبرة عميقة للغاية بعد أن أوقف هو سيارته أمام منزلها وقد طلبت منه ذلك ومنعته من الكلام، ثم ترجلت من السيارة دون أن تسمح له بالتحدث مجددا.

خرجت من دورة المياه تلف المنشفة حولها، عيناها غائرتان وذهنها شارد.
وهي تجلس على الأرض أمام المرآة، تتأمل نفسها.. ترى عيناها وهي على وشك أن تدمع مجددا، لكنها تمكنت من منع نفسها بأعجوبة.
بكت بما فيه الكفاية!
عليها أن تفكر الآن، بذهن صافٍ.. ودون أن تسمح لعواطفها بالتدخل هذه المرة.
العديد من المرات، سمعت طرقات الباب التي تجاهلتها تماما.
كل من أتى سألها إن كانت بخير، ومالذي حصل بينها وبين ثائر حتى تفكر بالإنفصال عنه هكذا دون سابق إنذار؟
يخبرها الجميع أنه بالتأكيد مجرد سوء فهم، وأنه ليس عليها أن توصل الأمور إلى ذلك الحد.. وأن ثائر شخص طيب للغاية.. ستندم إن تركته دون تفكير.
أتى الجميع، سوى والدتها!
ربما أسعدها ذلك!
تجاهلتهم جميعا وهي تجلس أمام المرآة تفكر مليا.
حتى توصلت لأشياء كثيرة، قبل أن تسقط من التعب والإعياء وتنام على الأرض.

__________



يتبع..


MeEm.M غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 28-07-22, 12:05 AM   #36

MeEm.M

كاتبة في منتدى القصص والروايات المنقولة

 
الصورة الرمزية MeEm.M

? العضوٌ??? » 430513
?  التسِجيلٌ » Aug 2018
? مشَارَ?اتْي » 347
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
?  نُقآطِيْ » MeEm.M has a reputation beyond reputeMeEm.M has a reputation beyond reputeMeEm.M has a reputation beyond reputeMeEm.M has a reputation beyond reputeMeEm.M has a reputation beyond reputeMeEm.M has a reputation beyond reputeMeEm.M has a reputation beyond reputeMeEm.M has a reputation beyond reputeMeEm.M has a reputation beyond reputeMeEm.M has a reputation beyond reputeMeEm.M has a reputation beyond repute
افتراضي

الرياض

أمان؟ لم يكن لها يوما من اسمها نصيب.
على الأقل بعد أن ارتبطت به، والد أطفالها.. هشام.
كان ذلك قبل سنوات طويلة، طويلة للغاية..ثقيلة على القلب بشكل لا يُطاق.
سواء كان ذلك بسبب المدة، أو بسبب المعاناة.
كانت مراهقة حين خطبتها امرأة ثرية من عائلتها، لإبنها المدلّل.
تزوجته وانتقلت برفقته من قريتهم البسيطة والمتواضعة، إلى وسط العاصمة.. في منزل كبير مرموق للغاية.
كانت تحمل شهادة المرحلة المتوسطة فقط، أما هو فكان استاذا في إحدى الجامعات.
عائلته ذات صيت حسن، وهو أيضا شخصية مشهورة.
رائع جدا، لا ينقصه شيء.. جميل وثري ومثقف.
يحترمه الجميع ويقدّره.
لذا كانت سعيدة للغاية بارتباطها بشخص مثله، وهي لم تفكر بأي أحد قبله على الإطلاق، لم يخطر على بالها انها قد تتزوج.. مع ذلك حُظيت بشخص عظيم.
كل ذلك، كان قبل أن تكتشف الحقيقة المرة، وقبل أن تراه وهو يخلع قناعه أمامها، ويتعرى من ذلك القالب المثالي الذي يظهر به أمام الملأ.
ذلك الشخص الجميل المثقف، لم يكن سوى مريض نفسي، عنيف للغاية.
لم يمرُّ يوما واحد دون أن تتعرض فيه للضرب والشتم والسبّ دون أي سبب يستحق!
كانت صغيرة للغاية ليدُبّ الرعب في قلبها وتربكها تهديداته بانها إن أخبرت أحد بذلك لن يمرر الأمر على خير.
إلا انها كانت ذكية أيضا، وكرامتها لم تسمح لها بالإكمال معه.. أرعبتها فكرة انها قد تضطر لمواصلة حياتها برفقة شخص مجنون مثله، والذي يكون والد الطفلة التي في رحمها!
لذا.. لم تترد في إخبار والديها، كانت واثقة تمام الثقة، في انهما سيقفان بجانبها ويدافعان عنها، يساعداها في الانفصال عن ذلك الوغد!

هل كانت حمقاء وغبية حين اتخذت ذلك القرار؟ هل أخطأت حين وثقت بوالديها؟
الذين دعيا المجرم في اليوم التالي، يطلبان منه العفو عنها وتجاوز خطأها حين اتهمته ظلما وادّعت انه يعنفها! وطلبا منه مرافقتها وإعادتها إلى منزله!
بالرغم من ان جسدها الصغير كان به ندوب أقوى من أن تكون مجرد دليل على عنفه!
بالتأكيد ما فعلاه والداه جعل أجنحته تكبر، وشجعه على مواصلة ما كان يفعل.
لتمر السنة والسنتين.. وتعود هي إلى والديها مرارا وتكرارا تشتكي إليهما سوء تصرفاته وعدم توبته، ويعيدانهما هما إليه قائلين انها ربما هي المخطئة!
حتى مرّت ست سنوات كاملات، وحملت بطفلها الثاني.. بلغت الطفلة الأولى ( ترف ) ست سنوات بالفعل، وأصبحت تفقه كل شيء.
تشهد ضرب والدها العنيف لوالدتها، تسمع صراخ والدتها كل يوم، ترى جسدها المليء بالجروح والندوب والكدمات التي كانت تغطيها حرفيا، من رأسها حتى أخمص قدميها.
حينها قررت أمان تقدم خطوة تأخرت بها كثيرا، من أجل أطفالها أولا، ترف.. ومن في بطنها، ثم من أجل نفسها.
أخذت طفلتها وهربت، تلك المرة بدلا من أن تذهب إلى والديها اللذين حملت بقلبها حقدا تجاههما لم تحمل مثله تجاه أحد قط، ولم تتمكن من الثقة بهما مجددا.
وثقت بمن لم يكن عليها أن تثق بها أبدا، العجوز الشريرة، التي وعدتها بحمايتها هي وأحفادها.. حماتها والدة هشام!
التي أبلغتها أمان بما فعلت وأخبرتها بمكانها حتى تأتي لمساعدتها.
أخذت تنتظرها طوال الليل في شقة استأجرتها بشكل مستعجل.
لكن.. الشخص الذي أتى فيما بعد، بعد منتصف الليل.. لم تكن حماتها، بل هو!
من هربت منه، الوحش الذي أذاقها الويل والمرارة.. وتجرعها الألم الشديد.

في تلك الليلة، حدثت حادثة مريعة، شهدت بعينيها مشهدا فظيعا، لم يغِب عن بالها قط.. حتى بعد مضي كل هذه السنوات.
حين بدأ ذلك المجنون بضربها كالمعتاد، وحصلت بينهما مشاداة.. إذ بها تطعنه، وتقتله!
كان القتل غير متعمد، خطأ، دفاع عن النفس.
إلا أن جميع الظروف والأدلة كانت تشير إلا انها قتلته وهي حاقدة.
بالتأكيد، شهادة الشاهدة الوحيدة على تلك الجريمة المريعة، طفلتها ( ترف ) التي شهدت ضد والدتها، دون أن تدرك تلك الصغيرة ما كانت تفعل!
وهي أيضا.. ارتكبت حماقة كبرى، حين اعترفت بالتهم، وقبلت الحكم.
سجن، ثم اعدام.
لمَ فعلت ذلك؟ لمَ قبلت الحكم بتلك السهولة؟
أما كان عليها الدفاع عن نفسها والخروج لتعيش حياة هنيّة برفقة أطفالها بعد أن تخلصت ممن كان ينغص عليها.
كانت حماتها مجددا، هددتها بأبناءها.. ترف الشاهدة، والصغير ( رائف ) الذي أنجبته وهي وراء القضبان.
أخبرتها أنه من الأفضل للطفلين أن يعيشا يتيما أبوين، على أن يعرف العامة أن والدتهما ارتكبت جريمة بحق والدهما، وأن أحدهما قُتل، الآخر قاتل أُعدِم بحبل المشنقة!
أيضا.. بسبب حقدها على عائلتها التي لم تشعر بخطئها إلا حين ارتكبت تلك الغلطة الفظيعة وأصبحت قاتلة!
لم تستأنف، لم تعترض بالرغم من محاولات الجميع ممن حولها، خاصة شقيقتها التي تصغرها ( ألماس ).
لم تفعل ذلك ولم تقتنع إلا حين علمت أن ابنتها التي بلغت الثانية عشر، تريدها بجانبها.
وأن حماتها التي وعدتها بجماية أطفالها، تخلصت من الرضيع بالفعل!
ساعدها المحامي، ووقفت ألماس بجانبها بضراوة.. حتى وجدوا أدلة دامغة قد تدين حماتها جدة أحفادها، وأتى يوم المحاكمة أخيرا.
وبرأت اسمها، أصبحت حرة بعد كل تلك السنين!
لكن الصدمة التي كسرتها فعلا، وجعلها تندم أشد الندم على ما فعلت، وتكره نفسها بشدة.. أنها حين خرجت من السجن، اكتشفت ان حماتها غدرت بها مجددا.
خطفت طفلتها ( ترف )!
بعد أيام سمعوا عن وفاة حماتها، لكن ترف.. لم تعُد، حتى الآن وقد مرّت 15 سنة.

الآن..
تنهض من فراشها وهي تشعر بالثقل في كامل جسدها، ترغم نفسها على الوقوف مجددا.
على الاستمرار بالعيش,
تشعر وكأنها تحمل قلبها بين يديها، وقد ملّت من ذلك.. وتعبت يديها، لكنها لا زالت مجبرة على العيش!
على الأقل حتى تعود ترف وتطمئن روحها.
حتى مع مرور كل هذه السنين، لم يساعدها شيء على النسيان، أو التجاوز.
ولكن هل عليها أن تتجاوز؟ أن تترك ذكرى ابنتها خلف ظهرها وتترك عقلها ينسى كل ما حصل؟ لمجرد أنها تتألم؟
لو فقط.. علمت أين ترف!
لو فقط علمت بمكانها ربما سيرتاح قلبها قليلا.
أو ربما إن قررت أن تكون طامعة بالمزيد، فتعرف عن حال ابنتها، إن كانت سعيدة أم لا.

__________

( إن أحببتُ شخصا مرتبطا بشخص آخر، هل هذا خطئي أنني وقعتُ في حبه؟
إن علمتُ أنني أصبحتُ خائن وكاذب رغما عني، هل هذا خطئي أيضا؟
حاولتُ أن أبقى بعيدا عنها بقدر الإمكان، وأن أتجاهل مشاعري.. لكنها تثير عاطفتي بشكل جنوني!
مع علمي أنني سأخسر كل شيء إن استمررت بفعل هذا، حتى نفسي سأخسرها..
لكن، لم يكن بيدي أي حيلة.
حتى وإن لم يدينني أحد، سأعترف بذلك.. أن كل ذلك خطئي، وأنني من تسببتُ بكسر قلبي بنفسي.
ربما إن قررت الابتعاد، سيستغرق الأمر سنوات طويلة حتى أتمكن من تجاوزها
وأعلم أنني سأتألم كثيرا..
لكنني قررت أن أتحمل وأصبر، عليّ التجاوز.. تجازوك أنتِ!
الأمر يستحق كل السنوات التي ستمضي من عمري هباء لكي أنسى
فقط.. عليّ التجاوز والنسيان!! ).


ليس شائعا أو معروفا للغاية، أن رجلا يمتلك مذكرة شخصية، يكتب بها بعض يومياته، ويبوح فيها عن مشاعره السرية.
لكنه يمتلكها بالفعل!
منذ سنوات طويلة، حين حطّت أقدامهم أرض ألمانيا، وتغربوا للمرة الأولى منذ سنوات طويلة، بينما لم يتجاوز السابعة بعد.
كانت الأمور عصيبة للغاية، على الجميع.
والدته ومارثا وهانا.
في السنوات الأولى لم يتمكن أحدهم من الالتحاق بالمدرسة، لم يتمكنوا من إكمال تعليمهم.
حتى بدأت والدتهم بالعمل، وبدأت تجمع الأموال شيئا فشيئا.
بالرغم من ان والدهم ترك لهم من المال ما قد يكفيهم لسنوات، الا ان بناء حياة جديدة وفي بلاد بعيدة تتطلب الكثير بالفعل، لم تتمكن من المخاطرة.
فالتعليم لن يفيدهم إن لم يتمكنوا من البقاء على قيد الحياة!

وطوال تلك الفترة حين كانوا ينتظرون عودة والدتهم من عملها، كانوا يقرؤون فقط..
يستعيرون بعض الكتب من المكتبة العامة.
والتي قد تساعدهم على تعلم اللغة الألمانية، وعلى تجنب فقدان الشغف نحو التعلم أيضا.
فقط هو ومارثا من كان يفعلان ذلك، أما هانا فـ لا!
كانت تجلس على الأرض، في أبعد ركن عنهم.
تحمل قلما ودفترا صغيرا، تكتب به بذهن شارد.
بعد مرور فترة.. بدأ هو أيضا بالكتابة مثلها، ومنذ ذلك الحين لم يتوقف عن الكتابة.
أعاد مذكرته إلى مكانها الخاص وأغلق الخزانة الصغيرة بالمفتاح.
ليقف عند النافذة ويفتحها، يتأمل السماء الصافية في هذا الوقت من الفجر.. حيث لم تشرق الشمس بعد.
عقد حاجبيه باستغراب وهو يرى سيارات اسعاف وشرطة تقترب من منطقتهم، وتتجه إلى أعلى التلة القريبة من القصر.
أمعن النظر وهو يفكر فيما يمكن قد يحصل، في اللحظة التي دخلت بها مارثا إلى حجرته واقتربت تنظر إلى مصدر أصوات سيارات الشرطة:
- ماذا حصل؟
هزّ كتفيه بحيرة دون أن يجيب.
شهقت مارثا بصدمة:
- هل ربما.. تأذت هانا؟
التفت إليها بعينين متسعتين:
- ماذا تقصدين؟
أخذت تضرب كتفه بذعر ودقات قلبها تتسارع من هذا الاحتمال الفظيع:
- هانا خرجت بعد آذان الفجر، قالت انها ترغب بالركض هناك قبل الشروق، منعتها من ذلك حين قابلتها صدفة و..........

لم تتمكن من إكمال عبارتها، إذ تركها أوس وانطلق مسرعا.. خارجا من حجرته ومن القصر بأكمله.
خلال دقائق معدودة كان هو الآخر في أعلى التلة، لكنه بعيدا عن المنطقة التي تجمع بها رجال الشرطة والمسعفين بعد أن أحاطوها بأشرطة، ومنعوا الغرباء من الاقتراب.
كانت أنفاسه محبوسة وهو يبحث بعينيه عن هانا بين الجمع الصغير من أهل القرية، وتوقفت دقات قلبه حين عجز عن إيجادها.
خاصة حين سمع الناس يتحدثون ويهمسون فيما بينهم، قائلين انه هناك فتاة مسكينة خرجت للتنزه ولاقت حتفها دون أن يعلم عنها أحد!
شعر بألم شديد في رأسه، وقد تيقن أن المقصودة ( هانا ) بالتأكيد!
لم يعلم ماذا عليه أن يفعل، لم يتمكن من إبداء أي ردة فعل.. كأنه لم يستوعب ما سمع، وهو يشعر بالأرض تهتز من تحته ويكاد هو يسقط من طوله.
حتى سمع صوتا مألوفا من خلفه يصرخ باسم هانا:
- هانا! ماذا تفعل هناك!
التفت ليجد مارثا قد لحقت به وقد بان عليها أثر الهلع والارتباك وهي تنظر باتجاه المسعفين، لينظر حيث تنظر.. ويغمض عينيه بعد أن تنهد وزفر أنفاسه براحة تامة.
كانت تقترب منهم وهي تبتسم ببلاهة، تخرج من تلك المنطقة بعد أن سمحوا لها رجال الشرطة هي والمرافقين لها من المحققين.
تجاوز أوس تلك الخطوات البسيطة الفاصلة بينهم، وخلال ثانية واحدة وجد نفسه أمامها تماما، لا يفصل بينهما شيء.
وأمام أنظار مارثا التي كانت تخشى على هانا من الخطر، أصبحت حاقدة لها وهي ترى أوس يقترب منها بهذه اللهفة، بل ويرفع ذراعيه يضمها بقوة!
احمرّ وجهها بشدة من الغضب العارم الذي اجتاحها.
انطلقت نحوهما بسرعة، وصاحت به باستنكار:
- أوسّ! هل هانا شقيقتك؟ أم زوجتك وأنا لا أدري!
ابتلع أوس ريقه بصعوبة وقد ارتجفت أطرافه من الارتباك والتوتر وهو يبعد هانا عنه، ويخفض عينيه بخجل:
- آسف، لم أشعر بنفسي.. كنت.....

قاطعه أحد الذي رافقوا هانا:
- اعذرنا الآن، ستأتي الأنسة معنا للإدلاء بإفادتها.
- لمَ؟ هل فعلت شيئا خاطئا؟
سألت مارثا باستنكار ليجيبها الشرطي:
- لا ندري، علينا التحقيق معها بصفتها الشخص الذي أبلغ عن الجثة.
كانت هانا صامتة لم تتفوه بأي حرف ولم تنظر إلى أي أحد.
وكأنها غائبة عمن حولها تماما، لا تشعر بأي شيء.
حتى انها لم تكن مستغربة أو مذهولة، أو مرتبكة مما حصل!
ظنّت مارثا أنها الوحيدة من شعرت بذلك، حتى سمعت الناس يتحدثون حين ابتعد المحققان ودخلت هانا إلى إحدى السيارت التي ابتعدت، قائلين انهم ربما لو كانوا في مكان هانا.. لماتوا رعبا وأصابهم الهلع أو على الأقل ذرفوا بعض الدموع، أو ظهر عليهم بعض الارتباك والتوتر من رؤيتهم لهذه الجثة في هذا الوقت!
الجثة التي تحول لونها إلى الرماديّ تقريبا! بل تحللت تقريبا.
هزّت مارثا رأسها قائلة لأوس:
- أتفق معهم، هل هي مجنونة؟ لمَ كانت باردة للغاية وكأنها مجرمة قتلت ذلك الشخص بدم بارد!
زمجر فيها أوس بغضب وقد وعى من شروده بعد ان اختفت سيارة الشرطة التي حملت هانا بداخلها:
- اصمتي، ما هذا الكلام!
كان غضبها هي أكبر، حين ضربته على صدره بقوة:
- انت من عليه أن يصمت، مالذي فعلته قبل قليل! كيف تضمّ إليك فتاة غريبة عنك تماما! شابة غريبة ومتزوجة، بل امرأة سيدك، كيف تجرأت أيها الخادم الوقح.
ابتلع أوس ريقه بارتباك وأمسك بعصمها بقوة ثم سار بها حتى ابتعد عن التلة وعمّن سمعوا شيئا مما قالته مارثا وصاروا ينظرون إليهما بفضول، ترك يدها:
- مارثا ألن تتأدبي؟ هل تنوين فضحي أمام الملأ؟
- نعم، سأفعل إن كان ذلك سيعيدك إلى صوابك وصرت قادرا على التفريق بين الحلال والحرام.
أغمض أوس عينيه بإحباط:
- نعم أعترف، أخطأت.. وخطئي ليس صغيرا، لكنني لم أدرك ولم أشعر بنفسي صدقيني، جنّ جنوني حين اخبرتني أنها كانت هنا، ثم سمعت الناس يتحدثون قائلين ان فتاة مسيكنة لاقت حتفها.. ظننتها هانا، صدقيني يا مارثا هذا ما حصل.
شد شعره بكلتَي يديه ثم أغمض عيناه مجددا من نظراتها الغاضبة والمعاتبة، اقترب منها وقبل جبينها:
- لنتحدث حين أعود، اتصلي بمارك أخبريه بما حصل.. سألحق بهم لأرى ماذا حصل.
أسرع عائدا إلى القصر تاركا مارثا في مكانها تحترق من شدة الغيظ والقهر، بالرغم من ذلك لم تتمكن من تجاهل هانا، قلقت عليها رغما عنها.
ركب أوس سيارته وانطلق بها متجها إلى مركز الشرطة القريب والذي أخذوا هانا إليه.

ليدخل بلهفة والخوف على هانا يجعل دقات قلبه تتسارع أكثر، لتجدهم يقومون باستجواب أولي سريع وهي تجلس على المقعد أمامهم كما وصفتها مارثا قبل قليل بالضبط ( باردة وكأنها لم تتأثر مطلقا بما رأت قبل قليل)!
ومن يجلسون أمامها ينظرون إليها بتعجب تام بعد أن سمعوا اجابتها الغريبة جدا على سؤال أعادوه من شدة استغرابهم:
- ماذا؟ هل قلتِ أنكِ لم تشعري بالرعب؟ لم تخافي من منظر الجثة؟ بالرغم من انها شبه متحللة ومنظرها بشع ومرعب للغاية؟
هزّت رأسها إيجابا:
- لمَ أنتم متعجبون للغاية؟ نعم لم أشعر بشيء.. هل كان عليّ الشعور بالرعب حقا؟
وأكملت وهي تبتسم بسخرية:
- ربما لأنني رأيت الكثير من الجثث الساخنة حين كنتُ طفلة!
تلك الإجابة مخيفة وغريبة كثيرا، حتى ان جميع من بالمكان أخذوا ينظرون إلى بعضهم بغير تصديق، حين سألتهم:
- أخبروني، هل كان عليّ أن أرتعب حقا؟
- إلا إن كنتِ أنتِ الجانية.
قالها أحد المحققين بحدة وهو يمعن النظر فيها.
ليسرع أوس ناحيتهم بعد أن استوعب ما سمع من هانا، ويقف أمام المحققين قائلا:
- هانا لن تتحدث قبل أن يأتي محاميها.
- ومن تكون؟
من يكون؟ ما هي صفته؟ وماذا يمثل هو في حياتها؟
كيف تمكن من التفكير بتلك الطريقة في ذلك الموقف؟ لا يعلم.. كل ما شعر به هو الاضطراب والقلق.
- أوس يعمل لديّ وهو بمثابة شقيقي الصغير.
أغمض عيناه من ذلك الشعور الغريب، ألم في المعدة والقلب معا.. كان شديدا إلا انه تجاهله بصعوبة وهو يلتفت ناحيتها، ثم يهمس لها:
- لا تقولي أي شيء، إيش اللي يخليك تقولين أشياء غريبة وانتِ بهالموقف؟ أي كلمة ممكن توديك في داهية.
هانا بتعجب:
- ليش أوس أنا مو مسوية شيء!
أوس بقلة صبر:
- حتى لو مو مسوية الموضوع مو هين، ممكن تكون جريمة قتل وأي كلمة غريبة ممكن تخليهم يشكون فيك.

أخفضت هانا رأسها بعد أن استوعبت حديثه، هي حقا لم تفكر جيدا.. نطقت ما أتى على لسانها.
للتو استوعبت.. أن الحقيقة لا يمكنها انقاذ الجميع أو إصلاح جميع الأمور، قد تأخذها تلك الحقيقة إلى الجحيم.. هذا ما يحصل في هذا الزمن.
كما حصل مع والدتها بالضبط، التي قتلت والدها دفاعا عن النفس.. لكنها رغم ذلك تعاقبت، بعد أن قالت الحقيقة.. الحقيقة فقط هي ما تهم، بل قرار متلقي تلك الحقيقة، دون النظر إلى الدوافع والأسباب.
والحقيقة هي من أوصلتها إلى هنا، في مكان غريب.. وكل من حولها غريبون، حتى من تعتبرهم بمثابة عائلة لا يقربونها بالدم.
رفعت عيناها إلى أوس حين سأل بلسان ثقيل وهو يحدق بها بعد ان ازدرد ريقه بصعوبة، وكأنه بدأ يستوعب شيئا ما.. لا يجب عليه اكتشافه على الإطلاق:
- هانا، قبل شوي تقولين انك شفتِ جثث وانتِ صغيرة...
أكمل بصعوبة وهو يتمنى من كل قلبه أن تنكر:
- يعني.. يعني ممكن، ممكن تكونين... تتذكرين كل شيء؟ مو فاقدة ذاكرتك؟

______

اللهم ارحم مارية وأعمامي وأجدادي وجميع أموات المسلمين، اغفر لهم وعافهم واعفُ عنهم، برد قبورهم وأرِهم مقاعدهم في الجنة يارب العالمين، اللهم آمين.
اللهم صلِّ وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.




MeEm.M غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 28-07-22, 04:31 AM   #37

MeEm.M

كاتبة في منتدى القصص والروايات المنقولة

 
الصورة الرمزية MeEm.M

? العضوٌ??? » 430513
?  التسِجيلٌ » Aug 2018
? مشَارَ?اتْي » 347
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
?  نُقآطِيْ » MeEm.M has a reputation beyond reputeMeEm.M has a reputation beyond reputeMeEm.M has a reputation beyond reputeMeEm.M has a reputation beyond reputeMeEm.M has a reputation beyond reputeMeEm.M has a reputation beyond reputeMeEm.M has a reputation beyond reputeMeEm.M has a reputation beyond reputeMeEm.M has a reputation beyond reputeMeEm.M has a reputation beyond reputeMeEm.M has a reputation beyond repute
افتراضي

[IMG][/IMG]


[IMG][/IMG]


اعمار الشخصيات، وعلاقتهم ببعضهم.. لفهم احداث الرواية بشكل افضل ✨


MeEm.M غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 29-07-22, 09:06 PM   #38

ام محمد وديمه
 
الصورة الرمزية ام محمد وديمه

? العضوٌ??? » 432976
?  التسِجيلٌ » Oct 2018
? مشَارَ?اتْي » 628
?  نُقآطِيْ » ام محمد وديمه has a reputation beyond reputeام محمد وديمه has a reputation beyond reputeام محمد وديمه has a reputation beyond reputeام محمد وديمه has a reputation beyond reputeام محمد وديمه has a reputation beyond reputeام محمد وديمه has a reputation beyond reputeام محمد وديمه has a reputation beyond reputeام محمد وديمه has a reputation beyond reputeام محمد وديمه has a reputation beyond reputeام محمد وديمه has a reputation beyond reputeام محمد وديمه has a reputation beyond repute
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة meem.m مشاهدة المشاركة
[img][/img]


[img][/img]


اعمار الشخصيات، وعلاقتهم ببعضهم.. لفهم احداث الرواية بشكل افضل ✨
ابداع

كذا الشخصيات اكثر مفهومه

مكنت اتوقع ان لؤي من عائلة سيلين


ام محمد وديمه غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 01-08-22, 01:25 AM   #39

غالية س

? العضوٌ??? » 499608
?  التسِجيلٌ » Feb 2022
? مشَارَ?اتْي » 57
?  نُقآطِيْ » غالية س is on a distinguished road
افتراضي

يا صباح الخير
أولا الله يجعله عام خير وبركة وتوفيق وتحقيق امنيات💗✨
نجي الحين للرواية، انا لسى ما قريتها بس لفتني اسم دولة " المـانيـا"🇩🇪🤍🤍✨ ياحبي لها وبإذن الله اكون من قُراء هذه الرواية.


غالية س غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 01-08-22, 03:14 AM   #40

الهاام الشهري

? العضوٌ??? » 500869
?  التسِجيلٌ » Mar 2022
? مشَارَ?اتْي » 156
?  نُقآطِيْ » الهاام الشهري is on a distinguished road
افتراضي

لبيت دعوتك لقراءة روايتك وانا متأكدة أنها كسابقتها رائعة
ماعهدنا منك الا الجميل


الهاام الشهري غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 12:17 AM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.