آخر 10 مشاركات
فتاه ليل (الكاتـب : ندي محمد1 - )           »          وريف الجوري (الكاتـب : Adella rose - )           »          لك بكل الحب (5) "رواية شرقية" بقلم: athenadelta *مميزة* ((كاملة)) (الكاتـب : athenadelta - )           »          445 - غرباء في الصحراء - جيسيكا هارت ( عدد جديد ) (الكاتـب : ^RAYAHEEN^ - )           »          الجبلي .. *مميزة ومكتملة* رواية بقلم الكاتبة ضي الشمس (فعاليات رمضان 1436) (الكاتـب : قصص من وحي الاعضاء - )           »          دين العذراء (158) للكاتبة : Abby Green .. كاملة مع الروابط (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )           »          لقاء الخريف / الكاتبة : طرماء و ثرثارة ، كاملة (الكاتـب : taman - )           »          لا تتحديني (165) للكاتبة: Angela Bissell(ج2 من سلسلة فينسينتي)كاملة+رابط (الكاتـب : Gege86 - )           »          Caitlin Crews - My Bought Virgin Wife (الكاتـب : silvertulip21 - )           »          رافاييل (50) للكاتبة: ساندرا مارتون (الجزء الأول من سلسلة الأخوة أورسيني) .. كاملة.. (الكاتـب : Gege86 - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > الروايات الطويلة المكتملة ضمن سلاسل (وحي الاعضاء)

Like Tree219Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 01-08-22, 02:43 PM   #11

راندا عادل

? العضوٌ??? » 401171
?  التسِجيلٌ » Jun 2017
? مشَارَ?اتْي » 285
?  مُ?إني » مدينة نصر.. القاهرة
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » راندا عادل is on a distinguished road
¬» قناتك max
افتراضي


اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة diego sando مشاهدة المشاركة
تمام قاسي قال
هو فى فى رقة تمام
ده كفايه بيقول صغيرته على أخته
أن ما حد قال صغيرته عليا 😒😒😒😒
منهم لله كوووولهم 🤧😶


راندا عادل غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 02-08-22, 06:16 PM   #12

راندا عادل

? العضوٌ??? » 401171
?  التسِجيلٌ » Jun 2017
? مشَارَ?اتْي » 285
?  مُ?إني » مدينة نصر.. القاهرة
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » راندا عادل is on a distinguished road
¬» قناتك max
New1 الفصل الثاني

الفصل الثاني



تجلس على فراشها تصم أذينها مُجبرة حتى لا تسمع صوت والدها الغاضب على الدوام وكأنه خلق لهذا الدور وفقط ...
أغمضت عينيها بألم تمنع دمعاتها من الهطول ..
ثم نظرت جانبها لأخيها الصغير .. أخيها الملاك من عند الرحمن .. ولكن والدها أنكر النعمة بل ولا يريد رؤيته ..
طفل جميل .. كل ذنبه أنه وُلِد بخلل عقلي ..( فهد) .. طفل يبلغ الثامنة ولكن عقله توقف عند الخامسة .. ومع التشخيص الطبي أفاد بأن هذه حالته الدائمة ولن يفيده العلاج بشيء ..
ابتسمت بحنين لهذا الملاك الذي يناظرها بعدم فهم ظاهريا ولكنها تُقسم أنه يعي كل ما يحدث .. وخاصة بابتسامته الصافية وكأنه يطبطب عليها هي الأخرى ..
هي .. هي!! ..
من هي ؟!
من المفترض أنها فتاة جامعية في العشرين من عمرها .. ليست جميلة .. ليست جميلة أبدا بشهادة أقرب الأقربين .. والدها ..
والدها من هو مفترض أن يكون الداعم لها حتى وإن كانت قبيحة مثل ما يخبرها دائما .. أبيها الرجل العاجز .. ليس عاجز جسمانيا لا سمح الله .. وإنما عاجز عائليا كما يقول ..
ما ذنبها أن الله لم يرد له إنجاب صبي كامل ذهنيا وجسمانيا حتى الآن .. رغم تكرار زواجه أكثر من ثلاث مرات وكل زواج لم يكلل حمل من الأساس فكان يظن أن العيب بنسائه فيطلقهم ويعود لوالدتها بما أنها الوحيدة التي استطاعت على الأقل أن تحمل ..
قبل حمل ولادتها بها كانت هناك محاولتين للحمل ولكن لم تكتملان وانقضت الحكاية بإجهاض .. وتكرر الاجهاض حتى جاءت هي وكانت الصاعقة التامة لوالدها .. لم يكن يتوانى عن ظهور نفوره منها .. لا تتذكر مرة احتضنها ..
ولا مرة ربت على شعرها من باب العطف .. الشفقة حتى ..
ولكنها لم تنل منه سوى النفور ..
وعندما كبرت ووصلت لسن الزواج لم يتوانى عن جعلها تتزوج .. بل كان يأتي لها برجال غريبين .. وحين رفضت مرة من المرات صفعها على وجهها قائلا بكره ..
( ولما الرفض ؟... هل تتخيلين أن هناك من يريدك زوجة .. أنتِ قبيحة .. حتى أبناء عمومك لم يتقدم لكِ منهم أحدا .. لذلك عليكِ بالقبول بمن أختاره .. على الأقل أستطيع الاستفادة منك بأي شكل بما إن والدتك عاجزة عن إنجاب صبي لي .. من صلبي .. ولذلك فسأختار أي عائلة نقترن بها عن طريقك حتى أستطيع تعزيز نفوذي بالبلدة والبلاد المجاورة )
ومنذ هذه المواجهة التي كانت لها طعنة من أقرب من لها بالدنيا، لم تقاوم بعد ذلك وقد علمت مقدارها عند من هم من دمها....
فماذا ستنتظر من الغريب! ..
أبيها الرجل الذي يعمل ويعمل ولا يمل .. يتخصص بتجارة الأراضي الزراعية .. أبيها ( حسان الرشيدي ) ..
عائلتها لها وضعها كعائلة مالكة لمعظم الأراضي هنا عن طريق الشراء .. ولكن أبيها لا يكتفي .. وخاصة أن ليس لديه وريث .. وحين أتى أخيها بعد اثنتي عشرة سنة .....كان كوصمة عار لوالدها من وجهة نظره بالتأكيد وذلك لأنه لن يفيده بشيء .. ولن يكون سند له ..
" تبا "
هتفتها فاتن بسخط من والدها الذي تعالى صوته أكثر وأكثر ناعتا والدتها بأبشع الألفاظ التي تهدم أي امرأة في كيانها وكبريائها ..
وصلها صوته قائلا بغل وحقد وسخط ..
" أيتها العقيمة .. لا جدوى منك .. لا فائدة ترجى منك .. لا تسطيعين إنجاب طفل كامل .. أنتِ معيوبة عقيمة وحقيرة ولا تستحقين العيش .. حتى المرة التي استطعتِ الانجاب فيها جئتِ بفتاة قبيحة لم ينظر لها أحد .. ولن ينظر لها أحد .. وكل عرض زواج آتيها به تحدث فيه مصيبة ولا يتم الزواج .. ابنتك فال نحس كما أنتِ بالضبط "
لم تستطع التماسك أكثر .. ارتعشت شفتيها من حرقة البكاء داخلها .. رفعت ساقيها وأثنتهما لصدرها .. تحتضنهما بكلتا ذراعيها مسندة لذقنها على ركبتيها ... تبكي قهرا ..
وضعفا وقلة حيلة ..
وتبكي قدرا ليس لها يد به .. هذا إذا كانت قبيحة فعلا ..
شعرت بأصابع خفيفة .. لمسات رقيقة كصاحبها .. إلتفتت تميل برأسها مبدلة من ذقنها لجانب وجهها لتواجهه .. فوجدت عينيه تلمعان بسحابة مائية يمنعها من النزول وكأنه يأبى الضعف حتى يكون سند لها ..
همست تخبره وتغير ما سمعه ..
" أنا .. أنا لست قبيحة "
ابتسم لها .. ثم فرد ذراعيه الطفوليتين فاستجابت له بدون كلمة أخرى .. كانت بحاجة له ..
بحاجة لهذا الحضن الملائكي ..
الحمائي النزعة ..
تجهش بالبكاء وهو يربت على ظهرها ويمسد على شعرها بحنو رقيق يشبهه .. ثم قال بصوته المتعثر ..
" لـ .. لا .. لا تبـ .. تبكِ .. أنـ .. أنتِ جميلة "
هي بالفعل جميلة .. جميلة وليست قبيحة كما يصفها والدها الذي كان السبب الرئيسي في هدم ثقتها بنفسها ..
لم تر نفسها جميلة أبدا .. هي مقبولة .. ولكن والدها كان يريدها صارخة الجمال حتى يتهافت عليها الرجال ويستطيع هو تحديد السعر الأعلى ..
هدأ بكائها بسبب لمسات أخيها وكلماته الرقيقة والمطبطبة على روحها ثم غطت في نوم عميق بين أحضان أخيها ..
وسندها ..

********

في اليوم التالي ..

يجلس في ملحق الضيافة ببيتهم سمع طرقا على باب الملحق .. فكان أحد الخدم الذي قال ..
" شيخ قاسم .. هناك رجل يسأل عنك بالخارج ويقول أنه صديقك "
تعجب قاسم من هذا الزائر ولم يملك سوى أن يخبر الحارس ..
" دعه يأت "
وبعد دقيقة عرف قاسم هوية زائره الذي لم يكن سوى ( جابر العمايري) .. رغم تعجب ودهشة قاسم إلا أنه رحب به ..
" جابر !! .. أنرت بيتنا .. بل أنرت بلدتنا "
ابتسم جابر بدوره ثم قال ..
" طالت غيبتك عن المعتاد فكان لابد أن أطمئن عليك "
نعم لقد غاب وذلك بسبب مرض والده .. والده هو شيخ عشيرته .. وكان قاسم المساعد لوالده في جميع أمور العشيرة والبلدة .. وبعد مرض والده انشغل كثيرا ولم يذهب للمدينة منذ آخر مرة .. جلس قاسم مكانه وقال ..
" مرض والدي ولم أقوى على المجيء وترك الأمور هنا "
حاول جابر التحكم في عينيه المضطربة جزئيا باحثة عن شخص بعينه ولكنه للأسف على علم أنه لن يلمحها .. بسبب انفصال المجلس عن باقي البيت ولكنه تمنى أن تحدث الصدفة .. فخلال أسبوع كان يذهب إلى جامعتها .. ولكنه لم يرها ..
إحقاقا للحق هو لم يأتِ للسؤال عن قاسم من الأساس هو جاء من أجلها هي ..
هو جابر العمايري وقع صريعا لعيّني فتاة لم تتم تعليمها الجامعي بعد .. وعند خاطرها .. تنحنح جابر بادئا الحديث بمجازفة ..
" قاسم .. هناك طلب طلبته منك ولطالما رفضته .. وأنا هنا لأطلبه مرة أخرى "
لم يكن ببال قاسم ماهية طلب جابر إذ تناساه ... نظر له في إشارة منه ليُكمل .. فأكمل جابر بالفعل ..
" أجدد طلبي للزواج من أختك "
انتفض قاسم من مكانه ينظر للآخر بغضب هادرا به ..
" أجننت !! ... أي زواج يا رجل .. أنت متزوج بحق الله .. ولآخر مرة تتحدث معي بهذا الموضوع "
وقف جابر بدوره محاولا تهدئة قاسم ، محاولا كسبه في صفه ..
" اهدأ قاسم .. أنت تعلم أني أعيش بالمدينة .. وكل صلتي بالبلدة مقطوعة .. وأستطيـ .. "
قاطعه قاسم قائلا بنزق ..
" وما قلته سبب رئيسي يجعلني أرفض المبدأ من أساسه "
نظر له جابر وحاول فهم تلميحه .. فابتسم قاسم لاويا شفتيه ..
" قطعت كل صلتك ببلدتك وعشيرتك .. وفوق هذا مغضوب عليك من قِبل عائلتك وأنا وأنت نعلم السبب "
استشاط جابر غضبا .. ولكنه تمالك نفسه .. ثم قال بهدوء عكس البركان بداخله ..
" وأظن أن لنفس السبب تأتيني إلى المدينة يا قاسم .. أي أن هناك شيئا مشتركا بيننا .. ولكن الفرق بيننا أنك لم تُكشف بعد "
إلتفت له قاسم يطالعه بغضب .. فهذا الجابر تجاوز حدوده فعلا .. همّ ليعنفه ولكن جابر تحرك مغادرا بغضب .. يقسم ويتوعد أن لا يمرر ما حدث أبدا ..

*******

في بلدة " آل العمايري " كان جاسم يجالس والده على مائدة الغداء كما طلب منه عند مغادرته صباحا أن يعود مبكرا ليتناولا الطعام سويا ..
بدأ الأب حديثه ..
" كيف أحوال ابن عمك ؟! "
والمقصود هنا جابر بالطبع..
تشنج جسد جاسم بغضب .. وهتف بعدائية ..
" من سيء لأسوأ كما هو متوقع "
رفع الأب رأسه لينظر لابنه الغاضب .. مهادنا له باللين..
" الرفق يا ولدي .. الحديد الصلب لا يلين إلا بالحرارة .. والحرارة هنا هي الرفق وحكمتك يا بني "
" أي رفق يا أبا جاسم ؟! "
نطقها بعنف .. مكملا ..
" منذ أن شب وهو يتصنع المشاكل .. تزوج وقلنا الهادي هو الله وسيعقل عندما يكون مسؤول .. ولكنه خالف كل التوقعات حين سافر للمدينة فجأة وأغراه الوضع هناك .. وتطور سوئه من معاشرة فتيات الشوارع للقمار .. والله عالم ماذا يخبئ أكثر "
أنهي جاسم حديثه بانفعال واضح لأبيه ... الذي قابل غضبه بهدوء قائلا ..
" وأنت عاقبته يا ولدي وأخذت منه ملكية أراضيه "
" وماذا كنت تنتظر مني يا أبي ؟! "
حين لم يصله الرد .. أكمل ..
" هل كنت تتخيل أني سأترك له أراضي العشيرة حتى يضيعها في جلسة قمار حين يخسر! ... لا وألف لا ... "
سكت ثم أكمل بغضب هادر ..
" لو عليّ .. كنت نفذت به شرع الله في كل جريمة ارتكبها "
سكت قليلا يهدأ نفسه .. ثم استرسل..
" وزوجته وابنه لا يحتاجان لشيء .. أراعي حوائجهما فليس لهما ذنب فيما يفعله هو "
سكت الأب حين رأى غضب ابنه ..
يعلم أن له كل الحق .. فجابر لم يترك أمامه فرصة للعودة .. ولكنه كان يأمل أن يلين قليلا .. وللأسف ليس جاسم من يلين في الخطأ ..
ابنه وأعلم الناس به .. يتهاون في أي شيء إلا الخطأ وشرع الله .. والألوان عنده إما أبيض أو أسود .. ليس هناك احتمال للرمادي .. لأنه لا يعترف به أصلا ..
هو فقط يتمنى أن ينصلح حال ابن أخيه..
أخيه الذي توفى منذ أن كان جابر في عمر المراهقة ووقتها وكأنه تبدل.. تلبسته حالة التمرد على كل شيء..
حتى زواجه كان من باب التمرد.. حين أعلن عن رغبته بالزواج من فتاة فقيرة أعجبته.. وكرغبة منه في احتواء تمرده وافق عثمان على زواجه وخاصة أن الفتاة لا يعيبها شيء..
و يا ليته ما وافق وورط الفتاة مع ابن أخيه..

********

في شركة تمام النويري

يجلس تمّام على قمة طاولة الاجتماعات .. وبجواره ( حاتم ) زوج أخته وأقرب شخص له رغم صغر سن حاتم وقربهما هذا بسبب صلة الدم بينهما أولا ثم بسبب عملهما سويا تحت إسم العائلة ثانيا ..
و هناك سببا أقوى أن تمّام كان يأمل أن يجد من بجواره هو أخيه .. ولكن أخيه من نأى بنفسه .. فهنا كان وجود حاتم أشبه بـ ( تمني )..
وبعيد عن كل هذا تمّام بالفعل يحب ابن عمه ..
حاتم لا يختلف كثيرا عن بنية تمّام الجسمانية حيث كليهما يتمتعان بالجسد الرياضي الرشيق ..
الملامح القاسية بوسامة برية ..
ولكن الفرق بينهما أن تمّام أضخم قليلا..
تحدث تمّام دون أن يرفع رأسه عن الأوراق بين يديه ..
" هل هناك جديد في موضوع الأرض ؟! "
أرض سيجن تمّام ويشتريها ولكن صاحبها لا يوافق .. قال حاتم لاوياً شفتيه ..
" الرجل مهوس بشراء الأراضي .. ولن يفرط بها بتلك السهولة "
هنا رفع تمّام عينيه لينظر لابن عمه الذي أدرك خطورة ما قال من وجهة نظر تمّام .. ولم يُقصر تمام حين قال ..
" أنت بالتأكيد لا تعي لما تقوله "
لم ينطق حاتم بحرف واحد في حين تابع تمّام ..
" ومنذ متى وهناك مستحيل في قاموسي يا حاتم؟! "
أعاد تمام نظره للورق والقلم بين أصابعه ينقر به تارة ويخط به تارة أخرى .. ثم قال دون أن ينظر للجالس جواره ..
" أفعل أنت المستحيل من وجهة نظرك لننال تلك الأرض .. أريد معرفة كل شيء عن هذا الرجل خلال ساعات فقط "
" لكَ هذا "
كانت إجابة حاتم بالموافقة .. ولكنه حقا لا يعلم ماذا تفرق قطعة الأرض تلك عن بقية الأراضي التي يستطيع تمّام النويري شرائها .. فتحدث حاتم بمجازفة غير محسوبة ..
" تمّام .. عائلتنا تمتلك أكثر من نصف أراضي البلدة .. لماذا تصر على تلك الأرض بالذات؟ .. نستطيع شراء غيرها "
رمى تمّام القلم من يده بسخط ثم إلتفت مواجها لحاتم الذي ارتد تأثرا بحركته العنيفة كهتافه المنفعل..
" حاتم .. أخبرتك أني أريدها .. وسآخذها .. وأنتهى الكلام !!"
وكانت بالفعل نهاية الكلام ..
تمام حين يريد شيئا يأخذه ..
وإن كان يريد تلك الأرض فسيأخذها .. ولكن ما يزيد فضول حاتم هو لماذا هذه الأرض بالذات؟ .. رغم امتلاكهم العديد من القطع المتفرقة بالبلدة .. وبالطبع لن ينكر الموقع الحيوي للأرض التي يريدها تمّام حيث أنها الأقرب لمحطة المياه الرئيسية وللمفارقة أنها تفصل أيضا بين محطة المياه وقطعة أرض كبيرة تخص تمّام ..
ماذا يريد بها ؟! .. لا يعرف ..

*********


في اليوم التالي ..
في الجامعة حيث تجلس فاتن برفقة صديقتها دلال ..
التفتت الأخيرة لصديقتها الشاردة ونادتها بتأفف لأنها لا تستمع لثرثرتها كالعادة ..
" فاتن .. بحق الله كفاكِ شرودا "
التفتت لها فاتن بهدوء شاحب وعينين زائغتين .. ثم قالت بصوت باهت أصاب قلب دلال في الصميم ..
" دلال .. هل أنا قبيحة فعلا! "
توجعت دلال كثيرا من نبرة اليأس في حديث صديقتها ..
" يا إلهي يا فاتن .. ما هذا الهراء الذي تتحدثين به ؟! "
سكتت دلال قليلا .. ثم قالت بشيء من الصرامة ..
" فاتن حبيبتي .. أنتِ جميلة .. جميلة للغاية .. وداخلك أجمل .. وروحك أجمل وأجمل .. وإن لم يستطع رؤية هذا .. فهو أعمى .. عذرا "
قالت دلال آخر كلماتها بشيء من المشاكسة لتخرج صاحبتها من إحساسها الكئيب الذي يتملكها .. شاركتها الابتسامة التي سرعان ما خبت وهي تقول..
" أوقات كثيرة أظنه ليس أبي .. "
سكتت قليلا تحرك المشروب الغازي بين يديها وأكملت بخفوت ..
" طوال الوقت يتملكني الكره ناحيته "
رفعت رأسها تنظر لصديقتها قليلا لا تحيد بعينيها عن ناظريها ..
" إلا أنه أبي "
ارتفعت زاوية شفتيها قليلا بتهكم .. وقالت ..
" لا أشعر بالحب سوى مع أخي فقط "
إلتفتت لوجه صديقتها مرة أخرى تكمل بوجوم ..
" أتتخيلين هذا دلال ؟.. طفل لم يبلغ العاشرة يمدني بكل السند .. ويملأني بكل الحب الذي أحتاجه وحُرِمت منه "
تأثرت دلال كثيرا بحالة صديقتها .. فاقتربت منها أكثر ثم مدت إحدى ذراعيها محيطة كتفها كدعم منها إليها ..
" أنا أحبك كثيرا فاتن .. وأنت حقيقة جميلة .. لا تدعيه يهزمك ويقضي على ثقتك بنفسك .. "
سكتت تشدد ذراعها بحدة قليلا بمشاكسة .. وأكملت تشاغبها ضاحكة ...
" والدك أحمق كبير يا تونا .. لا تؤاخذيني "
ضحكت فاتن على مشاغبة صديقتها ...
لن تنكر.. فوالدها أحمق بشكل ما!

********

أنفاس لاهثة .. تعلو وتعلو .. بغضب .. بوحشية .. وبعض الآهات الأنثوية المستمتعة تارة والمتألمة بوهن تارة أخرى ..
لحظات مرت .. ثم ابتعد عنها بعنف ..
زفر غاضبا من نفسه ومن وضعه وما يفعله .. مد يده لملابسه ليستر عريه الذي يشعره بدناءته أكثر وأكثر .. ثم وصله صوت تنهيدة أنثوية من خلفه ..
" ماذا بك جابر؟ .. لست على طبيعتك! .. ولما كل هذا العنف وكأنك تنتقم مني .. ماذا بك ؟! "
إلتفت ينظر إلى محدثته من فوق كتفه وجدها ترفع الملاءة لصدرها لتستر نفسها .. وملامحه حكاية من الانفعال أو الغضب .. نعم كان غاضبا وانتقم منها بما فعله معها وبقسوته عليها .. و ما هي سوى فتاة ليل تعرف عليها مرة ومن وقتها أصبحت له كالكيف يُعدل مزاجه بفعلها ما يريده .. ولكنه ومنذ أسابيع وحاله تبدل .. منذ أن رآها ..
هي وليس غيرها من سكنت قلبه وعقله ..
حتى زواجه من إحدى بنات بلدته .. زواجه كان واقع متمرد
... هو بطبيعته متمرد ..
يعشق الحرية .. وتقيده بزواج جعله يختنق رغم أنه من سعى لذلك .. ولكنه كالعادة متهور ولا يحسب حساب تصرفاته ..
لا ينكر طيبة زوجته وحبها له وطاعتها له وعدم أذيته مرة ..
ولكن المشكلة به وليس بها ..
حتى طفله ذو الثلاث أعوام لم يكن سببا فعالا في هدايته ..
السبب الفعال بحق هو .. هي ..
صاحبة أفكاره المتمردة الجديدة .. أخت صديقه ..
صديقه الذي وقف يجابهه بندية وكأنه خالي من الخطأ ... منذ مواجهتهما سويا وهو يكن الكراهية داخله لقاسم .. كراهية كانت فعالة للغاية في اتقاد أفكاره الانتقامية منه... وحين يخطر على عقله خيالها تتغذى أفكاره بالشر أكثر وأكثر .. تنهد قائلا دون أن يلتفت للتي كانت تحدثه ..
" غادري الآن ولا تأتِ لهنا مرة أخرى بدون طلب مني "
ولم ينتظر لسماع ردها .. استقام ثم دخل للحمام ..
عليه أن يهدأ ليستطيع التفكير جيدا فيما توصل إليه ..

*******


بعد ساعة من الوقت .. كان يجلس بصالة شقته .. الفتاة التي كانت بصحبته غادرت أثناء استحمامه وكان أكثر من مرحب بذلك... لعزمه على تنفيذ خطته بهدوء وروية دون تشتت ..
وتنفيذا لما آل إليه تفكيره .. أمسك هاتفه يطلب من كان سبب غضبه طوال الفترة الماضية ..
طال الرنين داخل أذنه لأن الطرف الآخر كان متردد لقبول الاتصال من عدمه .. ولكن مع إلحاح الرنين أجاب ..
" السلام عليكم "
أجابه جابر بنشوة انتصار لمجرد رده عليه ..
" وعليكم السلام .. كيف حالك قاسم ؟! "
لم يرد عليه قاسم، مرت لحظة ثم سأل مباشرةً ..
" ماذا تريد يا جابر ولماذا اتصلت ؟! "
ارتسمت ملامح البراءة المزيفة على ملامح جابر وهو يجيبه ..
" أردت أن أعتذر لك قاسم .. أعلم أني زدتها معك .. ولذلك تستحق مني الاعتذار يا صديقي "
سكت جابر قليلا يدرس صمت قاسم على الطرف الآخر الذي كان بدوره يدرس كلمات جابر .. فأكمل الأخير تمثيله طارقا الحديد وهو ساخن ..
" قاسم أنت أقرب صديق لي .. بل تكاد تكون الوحيد ... أرجوك لا تقطع صداقتنا من أجل لا شيء .. علمت خطأي بحقك وأعتذر عنه "
ومازال الصمت يخيم على الطرف الآخر .. فأكمل جابر ..
" لن أكرر خطأي مرة أخرى قاسم .. أعدك بذلك .. إنها مجرد وسوسة شيطان يا صديقي ..
فلا تدع هذا الأمر يجعلنا نخسر صداقتنا "
صمت .. صمت .. حتى ظنه جابر لن يتكلم .. ولكنه تنفس الصعداء حين أتى صوت قاسم الحذر ..
" فرصتك الأخيرة معي جابر .. وأقسم إن تجاوزت حدود علاقتنا كأصدقاء مرة أخرى لن أتردد لحظة في قتلك "
للحظة أُجفل جابر من تهديد قاسم له .. ولم تكن تلك الكلمات إلا سبب لشحذ عزيمته أكثر وأكثر وتنفيذ ما نوى عليه .. فأكمل بنشوة وداخله فرح لسبب يخصه وليس لعودة قاسم ..
" لك هذا يا صديقي .. سأظل أعتذر لك طوال عمري إن تطلب أمر مسامحتك "
" ليس هناك داعي لاعتذارك .. فقط دع كلماتي داخل عقلك حتى لا تكرر خطأك ثانية "
تعالى الحقد والغل داخل جابر الذي كان يتم توبيخه من شخص هو بالنسبة له لا شيء .. ولكنه نحى هذا الشعور جانبا ..
" حسنا ودليل مسامحتك لي .. سأنتظرك غدا في شقتي .. سندعو البقية ونلعب عوضا عن الأسبوع الماضي "
" ولكن أبي ... "
كان اعتراض قاسم الذي قاطعه جابر قائلا ..
" ليس هناك مجال للتهرب .. سأنتظرك غدا حتى تثبت لي أنك سامحتني "
حينها وصله صوت قاسم قائلا ..
" حسنا .. سأحاول المجيء لا تقلق "
وانتهت المحادثة بينهما .. أحدهما غافلا عن الفخ الذي يتم التجهيز له .. والآخر صائحا بانتصار لتفوق شيطانه الذي كان يساعده و يسانده في وضع خيوط اللعبة المحكمة التي ستحاك حول قاسم ليجعله يتنازل عن الأغلى في عرفهم ..
وسيستغل ذلك حتى يجعله يرضخ في النهاية لما يريده ...

*******


راندا عادل غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 03-08-22, 05:31 PM   #13

Diego Sando

نجم روايتي

 
الصورة الرمزية Diego Sando

? العضوٌ??? » 307181
?  التسِجيلٌ » Nov 2013
? مشَارَ?اتْي » 1,113
?  نُقآطِيْ » Diego Sando has a reputation beyond reputeDiego Sando has a reputation beyond reputeDiego Sando has a reputation beyond reputeDiego Sando has a reputation beyond reputeDiego Sando has a reputation beyond reputeDiego Sando has a reputation beyond reputeDiego Sando has a reputation beyond reputeDiego Sando has a reputation beyond reputeDiego Sando has a reputation beyond reputeDiego Sando has a reputation beyond reputeDiego Sando has a reputation beyond repute
افتراضي

اقول عليك ايه يا حسان
عقدت البنت
احساسها أنها قبيحة وأنك لا يمكن تكون والد ابدا
وجابر اقول عليه ايه هو كمان
الرجل زانى ومتجوز وسايب مراته مش بيسال عنها
وعايز يتجوز كمان تانى
ما هى مش قلة الرجاله
رغم عيوب قاسم بس كفايه أنه رفض
وتمام 😍😍😍😍عايز الأرض
وطالما عايز الأرض يبقى هو حر
ايوه كده 💃💃💃💃💃💃

دانه عبد likes this.

Diego Sando غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 04-08-22, 12:27 AM   #14

دانه عبد

? العضوٌ??? » 478587
?  التسِجيلٌ » Sep 2020
? مشَارَ?اتْي » 512
?  نُقآطِيْ » دانه عبد is on a distinguished road
افتراضي

💚💚💚💚💚💚💚💚💚💚💚💚 تابعت الجزء الثاني والثالث معاكي كفصول واستابعها معاكي هنا أن شاء الله 💚💚💚💚💚

دانه عبد غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 04-08-22, 12:50 AM   #15

Faten Farid

? العضوٌ??? » 432211
?  التسِجيلٌ » Sep 2018
? مشَارَ?اتْي » 49
?  نُقآطِيْ » Faten Farid is on a distinguished road
افتراضي

عارفة يا بت يا تونا اصبري ده انتي ربنا هيعوضك ومش اي عوض ده مداواااااااة ❤️❤️🤍❤️
دانه عبد likes this.

Faten Farid غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 04-08-22, 06:47 PM   #16

راندا عادل

? العضوٌ??? » 401171
?  التسِجيلٌ » Jun 2017
? مشَارَ?اتْي » 285
?  مُ?إني » مدينة نصر.. القاهرة
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » راندا عادل is on a distinguished road
¬» قناتك max
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة diego sando مشاهدة المشاركة
اقول عليك ايه يا حسان
عقدت البنت
احساسها أنها قبيحة وأنك لا يمكن تكون والد ابدا
وجابر اقول عليه ايه هو كمان
الرجل زانى ومتجوز وسايب مراته مش بيسال عنها
وعايز يتجوز كمان تانى
ما هى مش قلة الرجاله
رغم عيوب قاسم بس كفايه أنه رفض
وتمام 😍😍😍😍عايز الأرض
وطالما عايز الأرض يبقى هو حر
ايوه كده 💃💃💃💃💃💃
ايوة الغالي يطلب زي ما هو عايز 😌🍒


راندا عادل غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 04-08-22, 06:48 PM   #17

راندا عادل

? العضوٌ??? » 401171
?  التسِجيلٌ » Jun 2017
? مشَارَ?اتْي » 285
?  مُ?إني » مدينة نصر.. القاهرة
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » راندا عادل is on a distinguished road
¬» قناتك max
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة دانه عبد مشاهدة المشاركة
💚💚💚💚💚💚💚💚💚💚💚💚 تابعت الجزء الثاني والثالث معاكي كفصول واستابعها معاكي هنا أن شاء الله 💚💚💚💚💚
حبيبتي يا دانه تسلميلي.. انت منوراني يا قلبي ❤


راندا عادل غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 04-08-22, 06:48 PM   #18

راندا عادل

? العضوٌ??? » 401171
?  التسِجيلٌ » Jun 2017
? مشَارَ?اتْي » 285
?  مُ?إني » مدينة نصر.. القاهرة
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » راندا عادل is on a distinguished road
¬» قناتك max
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة faten farid مشاهدة المشاركة
عارفة يا بت يا تونا اصبري ده انتي ربنا هيعوضك ومش اي عوض ده مداواااااااة ❤️❤️🤍❤️

حبيب قلبي الخبيييير 😌😚❤


راندا عادل غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 04-08-22, 06:50 PM   #19

راندا عادل

? العضوٌ??? » 401171
?  التسِجيلٌ » Jun 2017
? مشَارَ?اتْي » 285
?  مُ?إني » مدينة نصر.. القاهرة
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » راندا عادل is on a distinguished road
¬» قناتك max
:jded: الفصل الثالث

الفصل الثالث


صباح اليوم التالي بشركة تمّام ..
يجلس على كرسي مكتبه يتابع بعض الأوراق الهامة أمامه.. ارتفع رأسه قليلا لينظر للذي دخل مكتبه ولم يكن سوى حاتم حاملا بيده ملف بغلاف أزرق ..
وصل الأخير لقبل حافة المكتب بقليل ثم مال بجذعه واضعا الملف أمام تمّام الذي ينظر له باستفسار ..
" كل المعلومات التي طلبتها "
ارتخت ملامح تمّام قليلا مادا يده ممسكا بالملف يفتحه بنهم في انتظار معرفة كل شيء عن خصمه ..
" حسان الرشيدي .. رجل متزوج ولديه طفل _ معاق ذهنيا _ وفتاة تدرس بالجامعة "
كان هذا تفسير حاتم الذي تابع ..
" تزوج عدة مرات لينجب صبي .. ولكن هذا لم يحدث .. ولديه هوس شراء الأراضي .. صور أبنائه ستجدها بالملف "
كان تمّام يتابع بإنصات لكلام ابن عمه وعينيه تدوران بحرفية على صفحة المعلومات .. صفحة تلو صفحة حتى جاءت الصور ..
وكانت الصورة الأولى للطفل الذي ذكره حاتم .. نظر له قليلا ثم أبعد الصورة ..
حطت عينيه على صورة فتاة محجبة ملامحها عادية رغم اتسامها بالجمال الهادئ .. عينيها بلون الشكولاتة السائلة ..
لونهما غريب رغم دفئهما ..
أبعد الصورة يتابع باقي الصفحات .. لحظة وأخرى ثم عاد بنظره ممسكا الصورة بأطراف أصابعه السمراء .. ينظر لها قليلا ..
كان يظن أنه قليلا فقط .. ولكنه استغرق أكثر من دقيقتين في النظر لكل تفاصيل..( الصورة )..
وأخيرا..
وضعها بداخل الملف ولا يعلم تفسيرا لفعلته.. ولا يدرك أن حاتم الذي جلس أمامه يتابعه بإدراك ..
تنحنح تمام بحرج عندما لمس متابعة ابن عمه لتصرفه .. وقال سائلا ..
" هل تعتقد أنه من السهل أو الصعب لا يهم .. تنازله عن الأرض ويوافق على بيعها لنا "
لوى حاتم شفتيه وقال ..
" هذا يعتمد على السبب الذي تريد من أجله الأرض "
زفر تمّام بقوة .. في حين قال حاتم ..
" تمّام .. لا أعرف لماذا تريد الأرض؟ .. ولا أعلم لما هذه بالذات؟.. ولا أعلم لما تخفي عني أسبابك وأنت تدرك تمام الادراك أني لن أؤذيك !.. لأنك ببساطة أخي وابن عمي .. وغير ذلك مصلحة العمل تهمني "
انقبض قلب تمّام بغصة اختناق آلمته .. يعلم أن حاتم لن يضره .. ويعلم محبته له .. هو أيضا يحبه .. يكفي أنه كان السند في وقت غياب من كان مفترض أنه السند الوحيد له .. ( أخيه يونس ) ..
كان تمام يطرق بطرف القلم على سطح المكتب أمامه .. ثم وضعه باستقامة ورفع رأسه ينظر لابن عمه، ليرد عليه..
" سبب عدم حديثي أن أسبابي ليست عدم ثقة فيك يا حاتم بالعكس .. أنت ركن أساسي لنجاح العمل وتوسعه .. "
وتابع مفتخرا..
" أنت رجل المهام الصعبة .. "
سكت قليلا .. وأكمل ..
" لكنني لم أرد الكلام حتى أطمئن فعلا أن الأرض تحت تصرفنا ووقتها كنت أول من سيعلم "
كان ينظر لحاتم الذي يتابع حديثه بفضول .. وأكمل ..
" هناك شركة عالمية لاستيراد المواد الغذائية ستطرح قريبا صفقة تعامل مع أهم الشركات في الشرق الأوسط .. ولو حدث هذا و استطعت شراء الأرض سأبدأ بتجهيزها فورا حتى نكون أول الموردين لتلك الشركة "
سكت قليلا يتخيل تنفيذ حديثه .. مستطردا ...
" قطعة الأرض هذه الفاصل بين أرضنا وبين محطة المياه .. ولو اشتريناها ستوفر علينا الكثير من الجهد والعمل في توصيل المياه .. ومنها ستكون توسيع لأرضنا وتوسيع الزراعات بها "
صمت لفهما .. كل منهما له أسباب لصمته .. تمّام ليس لديه ما يقوله أكثر .. وحاتم يدرس ويحلل الموقف بينهما بعملية .. وأخيرا قال ..
" المشروع بالفعل مغري .. وأرباحه إن تحقق ستكون بالملايين "
" أرأيت "
قالها تمّام بتشجيع وإثارة متبادلة بينهما .. فابتسم حاتم وقال ..
" حسنا إذاً .. فالأرض ستكون لنا "
بادله تمّام الابتسام قائلا بإصرار قاطع ..
" بأي ثمن .. بدون شك "
كان إصرار منطوق من تمّام غير واعي لما سيكون الثمن ..
ومن سيدفعه..

*******

" هل ستخرج ؟! "
قالتها دلال لأخيها قاسم الذي قطع تحركه ملتفتاً ينظر لها ومتفحصا .. ثم قال بتهكم ..
" هل ستحاسبينني ؟! "
اقتربت منه دلال بثقة تتميز بها .. قائلة بثبات يغيظه ..
" ما كنت أبدا لأحاسبك .. فأنت بالأول والأخير أخي الأكبر يا قاسم "
" حسنا ما دمت الأكبر فدعيني وشأني "
قالها ملتفتا يعطيها ظهره ويتحرك للباب مغادرا .. ولكنه وقف متأففا عندما سألت ..
" هل ستذهب للمدينة ؟! "
سمعته يزفر أنفاسه وكأنه يحاول التحكم في غضبه تجاهها .. فقال منهيا الحديث ..
" ليس من شأنك "
ولكنها أكملت بإصرار ..
" شأني كما هو شأنك يا قاسم .. أنت من ينسى ذلك "
حينها طار كل تعقله ... فإلتفت لها قاطعا المسافة بينهما .. ممسكا بساعدها قائلا من بين أسنانه ..
" تهذبِي في حديثك معي دلال .. وإلا ربيتك كما تستحقين "
لم يظهر عليها التأثر بحرف مما قال .. بل كانت تنظر لعينيه بندية، تجيبه بتحدي ..
" حقك يا أخي .. حقك أن تعيد تربيتي .. ولكن من حقنا عليك أيضا أن تكون السند حين نحتاجك "
رأت اللون ينسحب من وجهه رويدا رويدا فأكملت ..
" تعلم بتعب والدنا وأنه قد يحتاجك في أي وقت و رغم ذلك ستغادر .. حقا أنت تبهرني بمدى أنانيتك "
للحظة ظل على صمته .. وكأنه يتدارك الكلمات التي قذفتها أخته بوجهه .. يتساءل
منذ متى وهو ليس أناني! ..
لم يكن إتهام أخته من فراغ إذ أنه لم يتوان أبدا عن التهرب من المسؤولية مما جعل كل أمور وشئون عائلته من اختصاص والده الذي كان يحمل كل شيء فوق أكتافه ..
لم يكن له الابن السند كما هو متوقع ..
للأسف هو بالفعل كان أناني ..
ولكن كان أكثر أنانية من أن يواجه نفسه بهذه الحقيقة.. تشددت أصابعه على لحم ذراع أخته وقال من بين أسنانه ..
" لو كنت أملك الوقت لجعلتك تواجهين أنانيتي بحق ... والآن "
نفض ذراعها بعنف من بين أصابعه مما جعلها تفقد توازنها قليلا ولكن سرعان ما رفعت رأسها تواجهه وتواجه كلماته بعنفوان ..
" سأغادر .. ليس لدي متسع من الوقت لمهاترات سخيفة مثل التي تتفوهين بها "
وبدون كلمة أخرى غادر من أمامها تاركا لها ورائه والمرارة بداخلها تعلو .. تنهدت بقلة حيلة وتهدلت أكتافها .. ثم تحركت للاطمئنان على والدها ..

********

ببداية حلول المساء .. انتهى تمّام من عمله ثم توجه لبيته ..
فتح الباب ودخل منهكا .. تعبا يتطلع إلى فراشه ليرتاح وفقط ..
وجد والدته تجلس بالصالون تشاهد التلفاز وبالتحديد أمام فيلم قديم بالأبيض والأسود نوعها المفضل ..
رفعت رأسها تنظر له عندما أحست بوجوده .. اقترب ثم جلس على الكرسي جوارها بإعياء واضح عليه ... فقالت معاتبة ..
" تُنهك نفسك في العمل يا تمّام .. هون على نفسك بني "
تنفس بهدوء، يحاول السيطرة على إرهاقه من الظهور أكثر .. وقال متمتما ..
" العمل يمر بمرحلة عصيبة يا أمي ويحتاج كل تركيزي "
تنهدت هي الأخرى بحزن ..
" لو كان يونس موجودا كان سيساعدك ولو قليلا .. ولكن ماذا نفعل؟ .. قدرنا يا ابني "
لم تلاحظ أمه توتر جسده عندما ذكرت أخاه .. ولا تصلب فكيه في إشارة لكبح شعور ما ...
نعم قدره .. قدره أن يحمل على عاتقه عبء عائلته .. وقدره أن يكون لديه أخ كـ(يونس).. يونس الذي انفجر به في الماضي معايرا له بعدم إتمام تعليمه وأنه كيف وهو جاهل لا يرتقي لدرجة تعليم يونس أن يُفضله والده ويكتب له كل شيء بإسمه مانعا الأخ المدلل من أن يرث ..
وما ذنبه هو في قرار والده ..
وما ذنبه في أن أخيه الأصغر غير مُتحمل للمسؤولية ورفضه من البداية ومنذ صغره كان قاطعا أنه لن يعمل بالشركة ولن يكون تحت إمرة أحدا .. والمقصود بهوية ( إمرة أحد ) كان واضحا للغاية ..
فاق من شروده على همس والدته ..
" لقد اشتقت لأخيك يا تمّام "
هو أيضا اشتاق .. اشتاق لأخ كان يتمناه كثيرا ويشتاق حضوره أثناء سفره ..
تمّام رغم جموده الواضح للعيان إلا أن عاطفته متقده تجاه أهله وما يخصه .. وهذا ما كسب تمّام الحظ الأوفر من حب واحترام العائلة جميعها ..
عاد من شروده ثانية .. متنهدا وقال ..
" حدثيه يا أمي وأخبريه أنكِ تشتاقين له .. عله يحن أخيرا ويأتي "
( لأني أنا الآخر أشتاقه حتى ولو كنت أعامله بجفاء نتيجة معرفتي مقداري لديه ..)
كان يريد أن يهتف بهذا الكلام .. ولكن منذ متى وهو يتحدث بما يريده لشخصه ..
منذ متى وهو صريح المشاعر .. منذ متى وهو يعري نفسه أو ضعفه أمام أحد .. سمع والدته تكمل بحزن ..
" أخبره باشتياقي له كثيرا يا بني .. ولكني لا أسمع منه سوى الكلام المعسول ليجعلني أسكت ... أتعلم "
قالت آخر كلماتها بحماس لتحصل على انتباهه وقد نجحت حين قالت ..
" اتفقت أنا وأختك أن نختار له عروس ونخطبها له بعد موافقته علّ هذه الزيجة تنجح في جعله يستقر هنا "
( هه وكأن هذا ممكن ..)
لم يخرج تعليقه الساخر هذا حدود شفتيه .. فقال منهيا الحوار مريحا لوالدته ..
" إن استطعتِ إقناعه سأكون أكثر من سعيد لهذا القرار .. والآن سأصعد لغرفتي أشعر بالتعب قليلا .. "
قال كلماته مقترنا قوله بفعله وهو يستقيم من مكانه لغرفته عله ينال قسطا من راحته المنشودة ...

********

مكان آخر بالمدينة وبالتحديد شقة جابر الذي تهللت أساريره أثناء رؤيته لقاسم يدق جرس الباب .. احتضنه مشددا عليه باعتذار .. وصرح باعتذاره آسفا ..
" أهلا قاسم .. أعتذر لك يا صديقي .. لو لم تأتِ لكنت تيقنت من عدم مسامحتك لي "
" لا عليك يا جابر .. فلننس ما حدث "
ربت جابر على كتف صديقه ثم قام بإدخاله حيث الطاولة والغرفة المخصصتين لغرض وجودهم هنا .. لعب القمار ..
دخل قاسم وحيّ الجميع ثم جلس على الكرسي الفارغ والمخصص له عادة .. وكانت الطاولة مُعدة من قبل مجيئه على أكمل وجه ..
من أوراق متراصة وموزعة على الجميع ..
كلٌ أمامه أوراقه ..
بالطبع لم ينس جابر كماليات الجلسة كالخمر وكؤوسه الموضوعة برتابة وتدقيق أمام الجميع...
بدأوا في اللعب .. وبين الحين والآخر تعلو صيحات الانتصار مصاحبةً لصيحات الاستنكار للهزيمة .. ولكن هذا هو اللعب دوما ..
ولكن ما تجاهلوه جميعهم أن هذه اللعبة تحديدا من تدابير الشيطان .. وأن الخسارة بها ما هي سوى مكسب له .. لأن من يخسر يغريه شيطانه بإعادة اللعب مرة أخرى لتعويض ما خسره ..
ومرة تلو أخرى حتى يصبح الشخص أسيراً لأوراقها .. وهذا ما حدث عند منتصف الليل مع صيحة استنكار قاسم لخسارته السحيقة حيث خسر عدة آلاف جنيهات تخطى عددهم العشرة .. ولم يبق معه شيء .. وبالنظر للورق لاحظ توافق أوراقه ولكن لم يعد يملك ما يراهن به ..
( لو كان يملك مالا إضافيا لاستطاع اللعب .. مرة أخيرة ..
مرة أخيرة فقط يملك بها مالا يراهن به ليعوض خسارته ..)
ماذا يفعل وهو على وشك الربح منقطع النظير ..
كان حديثه لنفسه واضح كوضوح الشمس..
دار بعينيه من حوله .. فوجد جابر يجلس على كرسيه وبيده عدة رزم من الأموال فلمعت عيناه ..
لا يعلم أن جابر قصد هذا من الأساس .. جلوسه بالمال يتابع اللعب من تحت جفونه ..
يراقب خسارة قاسم خسارة تلو الأخرى
باستمتاع بطيء ..
مدروس الخطوات ..
شيطاني التفكير ..
راقب قاسم ينهض من مكانه بلهفة تشبه لهفة المدمنين على جرعة المخدر .. يجلس بجانبه ممسكا به من ذراعه بكلتا يديه .. قائلا بلهفة يشوبها التوسل ..
" جابر اقرضني بعض المال وسأرده لك بعد يومين لا أكثر "
وضع جابر الأوراق المالية التي بين يديه .. ثم نظر له بهدوء مميت .. متأني ..
مُهلك لأعصاب قاسم الذي يرى مكاسبه تلوح له في الأفق ..
ظل جابر على هذا السكون للحظات .. وأخيرا استقام من مكانه ومال يجمع نقوده .. ثم إلتفت لقاسم يمسكه من سَاعِده ليجعله يستقيم واقفا .. وانصاع قاسم لأمر جابر الصامت ..

****

في غرفة أخرى كان قاسم يقف مذهولا مما يطلبه جابر مقابلا للمال ..
" أي هراء هذا ؟! "
كان هذا نطق قاسم المذهول والغير مصدق لما سمعه من جابر الذي قال بهدوء ..
" ليس هراء يا قاسم .. أنت تريد المال وأنا أريد المقابل .. ما يضمن ردك لمالي "
" أخبرتك أني سأرده لك "
كان هذا رد قاسم النافذ الصبر .. والذي قابله رد جابر البارد ..
" ككل مرة تقترض مني مال .. تقول نفس الحديث "
" جاااااابر "
قالها قاسم بتهديد جعل جابر يتراجع في بروده وسخريته ..
" وما المانع يا قاسم .. إنها مجرد ورقة تضمن الحقوق .. وأنت أخبرتني بفوزك الوشيك والساحق في اللعب .. فلما التردد .. "
سكت قليلا يراقب التفكر على وجه صديقه .. ثم أكمل يحاول إقناعه ..
" ما دمت بالنهاية ستفوز .. فلما لا تحاول .. ستفوز وترد إليّ مالي من المكسب .. وأنا سأمزق الورقة أمام عينيك في نفس اللحظة ..
هاا ما رأيك ؟! "
صمت قاسم قليلا .. يعلم أنها مجازفة .. مجازفة خطيرة للغاية ..وإن لم تصب .. سيخسر هو وعائلته الكثير ..
( ولكن من أين الخسارة مادام المكسب مضمون ..)
كان شيطانه يحدثه بهذا ويجعله يرى مدى مكسبه إن تم الأمر .. ابتسم بانتشاء المنتصر .. ملتفتا لجابر الذي كان يراقبه بترصد ..
" ستقطع الورقة بمجرد حصولك على أموالك ؟؟ "
أومأ جابر بتأكيد وداخله يكاد يرقص لتنفيذ ما خطط له .. ثم سمع قاسم يقول ..
" حسنا جهز الأوراق "
" الأوراق جاهزة "
نطقها جابر متحركا بسرعة يأتي بالأوراق .. مما جعل قاسم يتعجب قليلا من جهوزية الأوراق المسبقة .. ولكن سرعان أن زال هذا التعجب حين لاح لخياله مكسبه ..
وضع جابر الورق أمام قاسم الذي مال بإتجاه سطح المكتب الموضوع عليه الأوراق .. جال بعينيه على السطور المكتوبة .. وعند كلمة التوقيع سكن قليلا .. و سرعان ما جذب قلم كان يمده له جابر وذيّل الورقة بتوقيعه وبجواره ختم ( آل اليماني )..
وما كانت تلك الورقة سوى عقد بيع إحدى قطع الأراضي المملوكة لعائلة اليماني ..
وكما جرت العادة .. بمجرد وضع الختم الخاص بعائلة ما على أي ورقة أو عقد .. يكون هذا العقد واجب النفاذ كما هي عادة أهل العشائر والقبائل وتُعقد جلسة عرفية تضم كبار القبيلتين طرفي العقد للاعتراف بشرعية العقد

******

مساءً ببيت ( حسان الرشيدي )

كان حاتم يجلس أمام الرجل بهيبته وشكله المنمق كثيرا بحلته المصقولة فوق جسده العريض يعطي لمن يراه فكرة مسبقة عمن ممكن أن يكون ..
لقد طلب من تمّام أن يتعامل هو مبدئيا مع الرجل ويرى إلى أي حد تذهب نواياه .. ولم يكن هناك من جهة تمّام ما يمنع.. بالعكس هو يثق ثقة عمياء في صديقه وابن عمه وحسن تقدير حاتم للموقف ..
" سيد حسان .. نريد شراء قطة الأرض الشمالية التي بجوار محطة المياه "
كان هذا بداية حديث حاتم المهذب والذي كان يقصد كل كلمة به وكأنه يخبره بمعرفته كل شيء عما يملك ولكنه يريد هذه القطعة على وجه الخصوص ..
كان يتابع الرجل أمامه و الذي كانت ملامحه تتسم بالشدة كمان هو حال وطبيعة ملامح أهالي هذه المناطق .. وكحال عائلته هو الآخر .. فيوما ما كانوا من سكان هذه البلدة والتي يمتلكون أكثر مما يمتلكه حسان الرشيدي نفسه ..
إذاً
( معادية عائلة النويري ليست بالسهلة )
كان هذا ما يجول بتفكير حسان بالفعل .. قطعة أرض مثل غيرها وهناك من يشتريها ..
ومن يريد شرائها ليس شخصاً عادياً..
إنه ( تمام النويري ) ..
كبير عائلته والمسؤول الأول عن أمورها .. لن ينكر إعجابه بشخص مثل تمام ..إذ استطاع الأخير توسيع ممتلكات عائلته هنا .. وازدياد نشاط العائلة في مجال العمل كان بفضله .. إذ يمتلك عقلية عملية فذة .. واكتسابه سيكون بالعائد المفيد له من جميع النواحي ..
" ولماذا لم يأت السيد تمّام للحديث ؟! "
ساد الصمت بينهما للحظة ثم قطعه حاتم قائلا ..
" تمّام يثق أن الموضوع لن يحتاج وجوده .. إذ يثق في حسن تعاملك مع مطلبنا "
كان يحرجه نعم .. ويضعه في خانة الابتزاز .. ولكن ما لا يعلمه حاتم أن حسان الرشيدي يمكنه فعل أي شيء في مقابل مكسبه لشخص مثل تمّام .. تنحنح حسان قائلا بإبتسامة ملتوية ..
" وهذا سبب أدعى يجعلني أريده من يأتي للحديث فيما يريده هو "
كتم حاتم انفعاله من الرجل الجالس أمامه .. وقال بشيء من تقرير واقع ..
" السيد تمام لا يمتلك وقت لفعل هذا .. وكنت أتمنى أن ننهي حديثنا في هذه الجلسة "
لم تتغير بملامح حسان شيئا .. بل قال مستفزا من أمامه أكثر ..
" الأمر ليس بالهين أبدا كما تحسبه أنت "
سكت قليلا بتعمد .. وقال مكملا ..
" أبلغ السيد تمام أني أريد رؤيته شخصيا "
كانت نهاية الحديث كما هو واضح .. وكان طرد بيّن التلميح لحاتم الذي استقام من مكانه يرمق الرجل بغضب .. ثم تحرك من أمامه ليغادر شاتما في داخله لذاك الرجل عديم الذوق ...

*******

تجلس على فراش أخيها فهد تمسد شعره لكي ينام كما عودته .. ابتسمت لعينيه التي تُغلق لا إراديا بسبب النعاس ..
مالت بوجهها وقبّلت جبينه .. شعر بها فابتسم ابتسامة حلوة .. ملائكية .. فابتسمت هي الأخرى ..
دقيقتين وراح في سبات عميق .. ظلت تحدق به للحظات .. تعشقه وتعشق ملامحه وتعشق بل تذوب بابتسامته .. فهد ..
هي من اختارت اسمه ولغرابة الموقف صدمتها موافقة والدها على الاسم الذي اقترحته .. وكم فرحت للغاية لتلك الفعلة ..
عادت تنظر إليه ثم مالت وقبلته مرة أخيرة .. ثم استقامت تتوجه لفراشها حتى تنام .. شعرت بالعطش فوجدت الماء الموضوع على الطاولة الصغيرة بجوار الفراش قد انتهى.. فغادرت الغرفة متجهة للمطبخ .. وصلت للمطبخ وجلبت الماء الذي تريد .. ثم توجهت أخيرا لغرفتها .. وأثناء سيرها سمعت صوت والدها يصرخ بوالدتها ..
" غادري .. لا أريد رؤية أحدا .. أريد أن أقضي ليلتي بمفردي "
سمعت صوت والدتها المتسائل بعذاب ..
" وأين أذهب الآن "
وصلها صوت والدها الهادر من بين أسنانه ..
" أي مكان يا امرأة .. أريد أن أبقى بمفردي "
سكت قليلا يكمل بنبرة يشوبها التخطيط والتفكر ..
" هناك موضوع أريد أن أفكر به جيدا "
وصلها صمت للحظتين ثم سمعت أمر والدها..
" هيا غاااادري !"
ظلت مكانها لم تتحرك ولكنها انتفضت حين فُتح الباب وأطلت والدتها منه بعينين باكيتين ..
بنظرات بائسة ..
تكره رؤية والدتها بهذا الوضع المخزي .. ولكن ماذا بأيديهم ليفعلوه ..
الله وحده قادر على تبديل حال أبيها ..
نظرت لوالدتها التي كانت تبكي بصمت وخزي .. فابتسمت لها فاتن ومدت يدها تمسك بذراعها ..
" ما رأيك أن تنيري فراشي الليلة .. فأنا أحتاج كثيرا أن أثرثر مع أحد .. ما رأيك ؟!
ابتسمت والدتها بحزن متفهمة محاولة ابنتها في التخفيف عنها .. أومأت لها دون كلام .. فتحركتا الاثنتان متجهتان إلى غرفة فاتن المشتركة بينها وبين أخيها حتى تراعيه ليلا وطوال وجودها بالبيت .. رغم أن له غرفة بمفرده..
بعد أن تمددتا على الفراش وكانت والدتها مستلقية تنظر لوجه ابنتها المقابل لوجهها، قالت بعذوبة ..
" لم أسمعك تغنين منذ فترة طويلة "
ابتسمت فاتن بخجل طفيف زين خديها .. فاتن صوتها عذب .. وتهوى سماع الأغاني القديمة وترددها كثيرا بينها وبين نفسها .. سمعت والدتها تقول بشبه رجاء ..
" ما رأيك أن تغني لي .. أريد سماع صوت غنائك .. لقد اشتقت له "
مازالت على احمرار خديها الطفيف وهي تجيب ...
" ما رأيك بابتهال صغير .. ندعو به الله "
ابتسمت والدتها براحة ..فهي أحوج الناس لله .. أومأت لها .. فأغمضت فاتن عينيها .. لحظة صمت وأخرى .. ثم صدح صوتها بخفوت قائلة تشدو بعذوبة صوتها ..
" يا رب منِ لي غَيرُكَ
أنت الرحيمُ بِعبدَك
فارحمّ عُبيداً واقفاً
قد ذَاب مِن فرطِ البُكَاء "
كانت عينيها تبكيان بالفعل وأمها تشاركها البكاء بصمت وقلبها يبتهل لـ لله في تضرع أن يحفظ ولديها ..
" فِيكَ الرَجاءُ
لا يَخيب
أنت الحليمُ والقريبّ
فَرفعتُ كفي راچياً
لا تطرُدَنّي يا مُجيب "

******


راندا عادل غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 04-08-22, 10:54 PM   #20

دانه عبد

? العضوٌ??? » 478587
?  التسِجيلٌ » Sep 2020
? مشَارَ?اتْي » 512
?  نُقآطِيْ » دانه عبد is on a distinguished road
افتراضي

💚💚💚💚💚💚💚💚💚💚💚💚💚💚💚💚💚

دانه عبد غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 03:08 PM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.