آخر 10 مشاركات
حين يبتسم الورد (2) *مميزة ومكتملة * .. سلسلة سلاطين الهوى (الكاتـب : serendipity green - )           »          هيا نجدد إيماننا 2024 (الكاتـب : رانو قنديل - )           »          379-لا ترحلي..أبداً -سوزان إيفانوفيتش -مركز دولي (الكاتـب : Just Faith - )           »          378-ثورة في قلب امرأة -تامي سميث - مركز دولي (الكاتـب : Just Faith - )           »          نصيحة ... / سحر ... / الأرملة السوداء ... ( ق.ق.ج ) بقلمي ... (الكاتـب : حكواتي - )           »          377-حب من أول نظرة -بات ريتشارد سن -مركز دولي (الكاتـب : Just Faith - )           »          376 - الهروب من الواقع - جودي بريستون - م.د** (الكاتـب : سنو وايت - )           »          375-فتاة لعوب- كاي سميث-مركز دولي (الكاتـب : Just Faith - )           »          374 - حورية الغابة - ديبورا هوبر - م.د ( اعادة تحميل وتصوير بعض الصفحا)** (الكاتـب : امراة بلا مخالب - )           »          373 - العش الدامي - ليندا بوشستر - م.د** (الكاتـب : سنو وايت - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > مـنـتـدى قـلــوب أحـــلام > قلوب خيالية( روايات ونوفيلات متعددة الفصول)

إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 08-08-22, 02:10 PM   #1

رومي ملك البحار

? العضوٌ??? » 485849
?  التسِجيلٌ » Mar 2021
? مشَارَ?اتْي » 216
?  نُقآطِيْ » رومي ملك البحار is on a distinguished road
افتراضي رواية كريه القبيح ** مكتملة **


كريه القبيح
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ... مرحبا بكم مرة أخرى
متابعي الأعزاء كما عودتكم على الروايات الإستثنائية. والخروج عن المألوف.
اسمحوا لي أن أقدم لكم هذه الرواية المؤثرة.
التي أتمنى تحوز على إعجابكم







رومي ملك البحار غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 08-08-22, 02:21 PM   #2

رومي ملك البحار

? العضوٌ??? » 485849
?  التسِجيلٌ » Mar 2021
? مشَارَ?اتْي » 216
?  نُقآطِيْ » رومي ملك البحار is on a distinguished road
افتراضي Part 01

في إحدى الدولة العربية. وتحديدا في إحدى مدنها الكبرى. وفي أحد الأحياء الفقيرة في أطراف المدينة. حيث تسكن السيدة الجميلة "زهراء" في البيت الذي تركه لها زوجها الوسيم والأنيق والحبيب قبل أن يفارق الحياة. فبعد أن غمرها الحزن على فراقه. تعود إليها الفرحة من جديد، بعد أن علمت أن زوجها لم يتركها وحيدة.

علمت السيدة "زهراء" بحملها بعد أربعة شهور من وفاة زوجها. شعرت بآلام في بطنها وبتضخم كبير في معدتها. فأخبرها الأطباء بأنها في الشهر السادس من حملها وأنها تنتظر طفل. فرحت الأم بحملها وكانت سعادتها لا توصف بهذا الخبر.

استمرت زهراء تراجع المستشفى بسبب الآلام التي تأتيها باستمرار. وفي كل مرة يعمل الدكتور الصور الصوتية يضع ستار بينها وبين الشاشة. ثم يستدعي دكتور آخر فيتناقشون بلغة لا تفهمها الأم. سألت الأم الدكتور ماذا يجري ولماذا لا أستطيع أن أرى الشاشة او آخذ صورة لأبني مثل النساء الأخريات. قال لها سيدتي من الأفضل ألا تعرفين السبب الآن. الطفل يكبر بسرعة في بطنك ويجب أن نخرجه في أقرب وقت ممكن. لا يمكن أن ننتظر للشهر التاسع.

وافقت الأم على العملية القيصرية، فبدأ الدكتور في التحضير للعملية. وبعد عدة ساعات استخرج الطفل من بطنها. ووضِع في العناية المركزة. خلال تلك الأيام كانت السيدة زهراء تريد أن ترى أبنها وترضعه مثل أي أم. لكن الدكتور قال يجب أن تنتظري قليلا حتى تستعيدي قوتك. فألحت عليهم وزاد قلقها على طفلها؟ هل هو بخير. أو هل أصابه شيء؟ لماذا لا أستطيع على الأقل أن أراه.

قال لها الدكتور إن ابنك بأحسن حال وخرج من العناية المركزة لكن لديه وضع خاص. يجب أن تنتظري قليلا حتى نتأكد من حاله. انتظرت الأم حتى المساء، ثم خرجت من غرفتها متجهة إلى غرفة الأطفال. فرات جميع الأطفال من خلف الزجاج. سالت الممرضة أين هو طفلي. قالت لها الممرضة أن طفلك في غرفة خاصة. بكت الأم وتوسلت طالبة من الممرضة أن تريها ابنها. فأشفقت الممرضة عليها فقالت أولا يجب أن تكوني مستعدة لهذا الخبر وهذا المنظر. قالت الأم ماذا تقصدين. قالت الممرضة رأيت الكثير من الأطفال في مستشفيات مختلفة وفي الإنترنت لكن أبشع من طفلك لم أرى.

قالت الأم لعلك تبالغين. قالت الممرضة: هل انت مستعدة. قالت الأم افتحي الباب. فتحت الممرضة الباب للأم وتقدمت إلى طفلها وهي تشبك بأصابعها وقلبها ينبض بشدة. فلما رأته قالت لا شعوريا أعوذ بالله. هذا ليس بطفل هذا عفريت صغير. نظرت إلى الطفل وبدأت تتفقده وقلبها يكاد يخرج من مكانه من الرعب. رأت أن جسمه كله طبيعي ومتكامل إلا رأسه كبير وبشع بشكل ملاحظ.

بقيت الأم تبكي طول الليل عند سرير ابنها. وفي الصباح الباكر طلبت من الدكتور أن يكتب لهما الخروج من المستشفى. أخذت ابنها وعادت إلى المنزل ولم تريه لأحد إلا لمن زارها من الجيران والأصدقاء. فكل من رآه لا شعوريا يتعوذ من شكله.

أطلقت عليه أمه اسم "كريم" لأن زوجها أراد هذا الاسم. ولكن لبشاعته أصبح الكل يناديه "كريه". لم تعد الأم تستطيع أن تنظر أليه أو تتقبله، ولم تحب أن تنظر إلى شكله، ولم يحبه أحد منذ طفولته

حاولت الأم مرةً أخرى تجبر نفسها على تقبله. لكن مجرد النظر إليه كان يسبب لها الرعب والغثيان. فاستأجرت له عاملة اسمها خديجة وأعطتها الكثير من المال لتوافق على تربيته وتقوم بالاهتمام به. ولم تراه منذ ذلك الوقت حتى أصبح عمره عشر سنوات. كان الأطفال يخافون منه ولا يتواجدون في المكان الذي يتواجد فيه. فلم تقبله أي مدرسه ولم يتقبّله المجتمع. فكان يخفي نفسه باستمرار. ولا يستطيع أن يلتقي بالناس. ولما قرب أجلها. طلبت أن تنظر إليه مرة أخيرة لكنه لم يدخل عندها ولم يحضر جنازتها فماتت بحسرتها على ابنها. ولم يبكي على فراقها.


رومي ملك البحار غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 08-08-22, 02:22 PM   #3

رومي ملك البحار

? العضوٌ??? » 485849
?  التسِجيلٌ » Mar 2021
? مشَارَ?اتْي » 216
?  نُقآطِيْ » رومي ملك البحار is on a distinguished road
افتراضي Part 02

بعد وفات أمه بقيت الخادمة "خديجة" تهتم به لعدة أسابيع حتى شعرت أنه ممكن يعتمد على نفسه، فاعتذرت منه وقالت: أنا مجبورة أتركك فلدي أطفال لأطعمهم. لم يكن سهلا على خديجة ترك كريه، ولم تستطيع أن تأخذه ليعيش مع أطفالها.

استسلم كريه للأمر ولم يكن له خيار آخر. فبقي في المنزل يأكل مما تبقى حتى لمّا لم يجد أي أكل في المنزل. خرج إلى الشارع فكان الكل يهرب منه، ولا يريدون أن ينظروا إليه. فأصبح يأكل مما يتبقى من أطعام الناس في المطاعم. حتى أصبح الناس يخافون ويهربون من المطاعم لما يرونه بالقرب منها. فأصبح أصحاب المطاعم يحتفظون ببقايا الأكل ويلقونها مباشرة إلى منطقة النفايات.

بدأ كريه يلحق بسيارة النفايات حتى وصل إلى منطقة النفايات. فأصبح من الجوع يأكل كل شيء. أحب البقاء في منطقة النفايات لتوفر الطعام، ولأنه لا يريد أن يعود إلى المدينة. فكانت علاقته الوحيدة مع القطط والكلاب في مكان النفايات. فبسبب تواجده الدائم هنالك أصبح يلاعبهم، حتى تعودت الكلاب على وجوده في ذلك المكان. فأصبح يتنافس معهم على بقايا الطعام التي تلقى هنالك.
تعود "كريه" على الروائح الكريهة. ولم يكن يستحم لشهور ويتحصل على ملابسه مما يلقيه الناس في النفايات.

سنه بعد سنه و"كريه" يكبر شيئا فشيئا في منطقة النفايات. يراقب من يأتون ويخرجون. يرى أشكال مختلفة من الناس يأتون إلى ذلك المكان القذر. لاحظ أكثرهم من الفقراء الذين يأتون يجمعون ما يلقيه الناس سواء حديد، أو بقايا أثاث منزلي، أو أجهزة كهربائية متعطلة. وغيرهم لهم أسباب مختلفة.

في يوم من الأيام شاهد سيده وكانت تأتي لتجمع بعض علب المشروبات. لتبيعها وتطعم بها أطفالها. عرف أنها السيدة خديجة الوحيدة التي وافقت على رعايته في سن الطفولة. فقرر كريه أن يساعدها، فكان يجمع لها ما تريد من تلك العلب، وقبل أن تصل إلى منطقة النفايات في اليوم الثاني، يضع ما جمعه لها في مكان مناسب. كانت السيدة تأتي كل يومين. فتجد أن كريه أعد لها ما تحتاج قبل أن تدخل منطقة النفايات. وكان كلما وجد أشياء ثمينة كمحفظة مليئة بالنقود وبعض قطع الذهب الملقاة بالخطأ في سلة المهملات ومرات يجد أواني جيدة ومفيدة فكان يعطيها للسيدة.

عرفت السيدة أن كريه هو من يساعدها ويجهز لها تلك الأشياء الثمينة. ثم يختفي ولا يُريها وجهه. استمر يساعدها لمدة سنة كاملة. حتى لما انتهت تلك السنة أتت السيدة خديجة وبحثت عن كريه في النفايات لكنه كان يخفي نفسه عنها. ولما لم تجده! صرخت السيدة خديجة تنادي أعلم أنك هنا يا "كريم" ولم تناديه باسمه الآخر.
• سمع كريه الاسم فرح بذلك. وتقدم إلى السيدة بظهره لكيلا ترى شكله القبيح. وقف على مسافة منها.
• بدأت تتحدث إليه قائلة: هل تعلم ما فعلت يا كريم. لقد غيرت حياتي وحياة أولادي. أصبح عندنا منزل وأصبح أولادي يذهبون إلى المدرسة وأصبحنا نأكل أطيب الطعام. كل هذا بفضلك. عليك أن تترك هذا المكان. وتحاول أن تتقبل شكلك ومنظرك.
• التفت عليها كريه وقال تقصدين هذا. فزعت السيدة في مكانها ودخل الرعب في قلبها مما رأت.
• التفت إلى الخلف مرة أخرى وقال: أرأيت لم تستطيعي انت تقبل هذا. أنا أيضا لا أتجرأ أن أنظر لنفسي في المرآة، فكيف العالم. مكاني هنا فلدي كل ما أريد.
• قالت: لا أعلم ما أقول لك لكن سأعد لك كل يوم وجبة طعام جيدة. وسأحضرها لك بنفسي هنا في نفس هذا المكان.

أصبحت السيدة خديجة تعد كل يوم وجبة طعام لكريه. وكان كريه يأخذ منها الطعام بدون أن تخاف. فقط وضع كرتونا على رأسه فتح له عينين ورسم صورة مضحكة. ضحكت السيدة من هذا المنظر وقالت: ربما تكون طريقة جيدة لتعيدك إلى العالم الطبيعي مرة أخرى.

أخذ كريه كلامها بعين الاعتبار، وقال لنفسه ربما يكون كلامها صحيح. يجب أن أحاول أن أخرج إلى الناس بهذا الكرتون. فتجرأ كريه للخروج من منطقة النفايات. وضع الكرتون على رأسه وبدأ يسير في المدينة. نسي أن يستحم وينظف نفسه ويغير ملابسه. فكان كلما مر من عند أحدهم وضع يده على خشمه وبدأوا يشتمونه بأسوأ الألفاظ ويغنون يا قبيح يا كريه يا بشع. ولم يتركوه بحاله، فقط تجرأ بعضهم برمي الحجارة عليه حتى بدأ الدم ينزل من جسمه. فأصبح يجري في الشوارع والأطفال يلحقون به حتى إذا وصل إلى النفايات تجمعت الكلاب وبدأت تهجم على الجميع وتحميه منهم.

في اليوم التالي أتت السيدة خديجة لتُحضر له وجبة الغداء كالعادة. تقدم إليها كريه يعرج ويتألم وينظر إلى الأرض. سألته ماذا جرى؟
قال: لقد سمعتُ برأيك ووضعت الكرتون وخرجت للناس وهذه النتيجة.
قالت: انها غلطتي!
رفع رأسه وقال: لما تقولين غلطتك.
قالت: كان يجب عليّ أن أشرح لك بالتفصيل ما يجب أن تعمله. فجلست معه تخبره بأن عليه أن يستحم ويغير ملابسه ويبدأ يتعلم أن يتكلم بلباقة. حتى يبدأ الناس بتقبله.
قالت: يجب عليك أيضا أن تترك منطقة النفايات وتعود تسكن في البيت الذي تركته لك والدتك.

قرر كريه ترك النفايات والعودة إلى منزل والدته. فذهب واستحم عدة مرات في كل مرة يزيل طبقة من القاذورات التي تجمعت على جسمه. ما يزال كريه لا يستطيع أن ينظر إلى أي مرآة في المنزل. فأصبح يلبس الكرتون ولا ينزعه حتى يأتي موعد النوم.

أحضرت له السيدة خديجة بعض الملابس. وعطر لكي يستخدمه قبل الخروج. وأصبحت تعلمه يوميا كيف يتحدث بلباقة مع الناس. وأخبرته أن خروجه لن يكون سهلا، فستسمع الشتائم والضحكات والتهامس وقد بعضهم يؤذيك. لكن عليك بالصبر.,

وبعد أن وجدته جاهزا للقاء الناس قالت له: الآن يجب أن تحاول أن تخرج وتلتقي بالناس. لبس كريه الملابس وتعطر ووضع الكرتون على رأسه. وبدا ينزل شيئا فشيئا في نفس العمارة التي يسكن فيها. فأثناء نزوله. شاهد جارته الثرثارة تنزل هي أيضا من منزلها. نظر إليها وقال مرحبا. فلم تترك كلمه خبيثة وسيئة في القاموس إلا وشتمته بها. قائلة من أنت يا كريه يا معفن يا قبيح لتنظر إليّ وتُلقي عليّ التحية. يا تربية الكلاب والقطط في النفايات لم يعرف كريه ماذا يقول. فتركها تكمل شتائمها ثم نزل إلى الشارع يسير. يرى الناس ينظرون إليه ويتهامسون ويتغامزون ويتضاحكون. ويقولون له مهما تستحم وتتنظف ستبقى كريه وقبيح. لم يرد كريه عليهم. ذهب يمشي ويتنقل في المدينة حتى تعوّد على نظرة الناس له.

وبينما هو يسير في الشوارع وجد إحدى عيادات التجميل. دخل على الدكتورة في العيادة وسألها هل لهذا الشكل علاج. ورفع الكرتون من رأسه. لما رأته الدكتورة خافت ودخل الرعب إلى قلبها. وقالت: وهي تضحك عليه تحتاج فقط لعشر عمليات. لتتحول لأقل أفلام الرعب إخافة. لم يعجبه كلامها ولا تعاملها معه. تركها وعاد إلى منزله يبكي لساعات حتى غلبه النوم.

سنه بعد سنه بلغ كريه الثالثة والعشرين من عمره بدون دراسة ولا تعليم. بدأ الجيران والناس يتعودون على وجوده حولهم. ولكن الكل يتكلم معه بكبرياء وغرور. والبعض يقومون بإهانته ويطلبون منه تنظيف بيوتهم ومحلاتهم ويرمون عليه بقايا أكلهم والفتات من النقود. لم يكن لدى كريه أي خيار آخر فلا يستطيع الحصول على عمل.

استمر كريه يتنقل في الشوارع والأماكن العامة. يشاهد العائلات ويتمنى أن تكون له عائلته الخاص. اتصل بالسيدة خديجة وسألها هل ممكن يوم من الأيام تكون لي عائلة وأطفال. قالت بصراحة قد يكون صعب عليك أن تحصل على زوجة. فشكلك وإمكانياتك المادية لن تشجع أي فتاة من النظر إليك. لماذا تستمر بالسماح للناس بإطلاق اسم "كريه" عليك. من اليوم لابد ان تجعل العالم ينادونك باسمك المحبب لدى والديك "كريم".

عاد كريه إلى منزله يبكي بشدة. حتى أغرقت دموعه المكان. لم تعجبه تلك الحياة فأصبح يكره العالم حوله، وقرر أن يعود إلى النفايات. فلم يكن يشعر بآلام الحزن هناك. وضع الكرتون على رأسه وخرج من المنزل متجها إلى منطقة النفايات. رغم الابتسامة التي رسمها على الكرتون إلا أن عينيه لم تتوقف عن الدموع.


رومي ملك البحار غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 08-08-22, 02:25 PM   #4

رومي ملك البحار

? العضوٌ??? » 485849
?  التسِجيلٌ » Mar 2021
? مشَارَ?اتْي » 216
?  نُقآطِيْ » رومي ملك البحار is on a distinguished road
افتراضي Part 03

وبينما كريه يسير في طريقه إلى النفايات. ير الناس متجمعين في إحدى الشوارع حول فتاة قريبة من سنّه. قد فقدت عقلها. كانت تضربهم وتحثو عليهم التراب. فلم يستحمل الناس ما تفعله فأخذوا يضربونها. فأصبحت تبكي وتضرب نفسها حتى بدأت الدماء تخرج من جسمها ثم بدأت تحاول التخلص من ملابسها.
لم يتجرأ أحد أن يوقفها أويحاول انقاذها، بل اكتفوا بالنظر إليها. وجد كريه السيدة خديجة من بين المشاهدين فسألها ماذا يجري؟ فقالت هذه الفتاة أتت إلى هنا منذ يومين وأظنها فقدت عقلها تبكي وتصيح طول الليل وتهاجم الناس. نظر إليها فرأى فتاة يغطي الطين والتراب ملابسها وجزءً من جسمها ورائحتها كريهة، فكانت تقضي حاجتها في ملابسها.

شعر كريه أنها وحيدة تشبهه فتقدم إلى الفتاة وبدأ يحاول أن يوقفها عن إيذاء نفسها. وهي تهاجمه وتجرحه بأظافرها. حتى تمكن منها، وأخذها إلى منزله. استمرت الفتاة تصرخ أحيانا وتبكي أحيانا أخرى. أدخلها في غرفة وأحكم ربطها وتركها حتى تهدأ. دخل عليها وما يزال يضع الكرتون فوق رأسه. فوجدها تعبة ومرهقة من المقاومة. أحضر لها الماء وغسل فمها وبدأ يطعمها شيئا فشيئا. فكانت تأكل وتشرب بشراهة. فأكلت وأكلت حتى شبعت، ثم أعطاها مسكنات للألم و قال لها يجب أن تستحمي. كانت لا تتكلم فقط تنظر أليه وتحرك أصابعها بطريقة غريبة ولم تتكلم. نزل كريه إلى جارته وقال: هل لديك ملابس زائدة للفتاة. فأعطته ملابس كانت أعدتها لتتخلص منها. فأخذها منها وشكرها.

دخل كريه المنزل وأعد البانيو ثم نزع ملابس الفتاة وحملها ووضعها في البانيو. بدأت الفتاة تقاوم مرة أخرى وتصرخ في الحمام. وتضرب كريه حتى ازالة الكرتون من على رأسه. فلما رأت وجهه هدأت ولم تعد تقاوم ودخلت إلى البانيو. فبدأ يحممها وهي تلامس وجهه وعينيه وتبتسم. استغرب كريه قال العالم كله يخاف مني ولكن انت تهدأ نفسك بالنظر إلى وجهي.

أخرج الفتاة من البانيو وكأنها طفلة صغيرة. وبدأ يلبّسها الملابس ويسرح شعرها. نظر إليها فوجدها جميلة. فتسائل يا ترى ما الذي حصل لك لتفقدي عقلك. ثم أخذها إلى غرفة النوم ووضعها على السرير. وبقي معها حتى نامت.

خرج من غرفة النوم وأقفل الباب الخارجي عليهما لكيلا تهرب أثناء نومه. ثم نام على الأريكة في الصالة . وفي منتصف الليل استيقظ مرعوبا على صوت صراخها. دخل عليها الغرفة فوجدها نائمة على الأرض وقد قضت حاجتها في ملابسها اقترب منها، ووضع رأسها في حضنه، فتحت عينيها وهدأت لما رأته بجانبها. قال لها انتظري. نزع عنها ملابسها وأدخلها للحمام، ثم حممها مرة أخرى، ثم أعادها إلى الصالة بجانبه. ولما نامت حملها ووضعها على السرير وبقي بجانب الباب ينظر إليها.

استيقظ في الصباح على بكائها، تؤشر إلى فمها تريد أن تأكل. فقام وأعد لها طعام الفطار ثم بدأ يطعمها. ثم جلس معها يحاول أن يتحدث إليها يريد ان يعلم أي معلومات عنها. وجد وكأنه يتحدث مع طفلة صغيرة تريد فقط أن تأكل وتلعب. أطلق عليها اسم "عبير" فبدأ يعاملها كطفلة. وكان يلاعبها باستمرار ويحملها على ظهره ويدور بها في المنزل ثم بدأ يحضر لها الألعاب والعرائس. ويحممها ويغير لها الملابس.

لم يعد كريه يخفي نفسه. فكانت عبير تشعره بأنه شخص طبيعي. أحبها وأحب طفولتها. وأصبح يقضي معها الساعات الكثيرة. كانت السيدة خديجة تزورهم وتهتم بهما وتصرف عليهما. وتحاول أن ترد له الجميل الذي قدمه لها عندما كانت محتاجة.

تمر الأسابيع والشهور وكريم وعبير لا يفارقان بعضهما. فكانا إذا خرجا يضع كل واحد منهما كرتون على رأسه. فكان يخاف على عبير ولا يريد ان يفقدها.

لم تزال عبير تتصرف بطفولية وتأتيها بعض الحالات التي لا يمكن أن تسيطر على نفسها. فتفقد أعصابها وتصرخ وتقاوم ولا ترتاح حتى ترى وجه كريم. وتلامسه بيديها. أحب كريم عبير بجنون. ولا يتخيل حياته من غيرها. وهي تعلقت به وتعامله كما لو يكون أبيها.

أصبح الجيران ليس لهم حديث سوى "الكريه والمجنونة". فالكل ينظر لهما ويشفقون عليهما. اعتادوا أن يرونهما بالكرتون على رأسيهما. ولم يعد أحد يؤذيهما. بل أصبحوا يعاملونهما بمعاملة حسنة. ويصبرون على صراخها آخر الليل.

مرت سنة على بقاء عبير مع كريم. وارتباطهما ببعضهما فكانا يأكلان وينامان بجانب بعضهما. فهو يرتاح بوجودها بجانبه وهي ترتاح وتشعر بالحنان معه. وكانت دائما تقبله على خده ولم تشعر بأنه مخيف.


رومي ملك البحار غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 08-08-22, 03:24 PM   #5

رومي ملك البحار

? العضوٌ??? » 485849
?  التسِجيلٌ » Mar 2021
? مشَارَ?اتْي » 216
?  نُقآطِيْ » رومي ملك البحار is on a distinguished road
افتراضي Part 04

بعد شهر شعر كريم أن عقل عبير بدأ يتغير وبدأت تفهم بعض الأمور وبدأت تستعيد عقلها تدريجيا. وبدأت أحيانا تشعر بالخوف من كريم. وبدأت الحالات التي تأتيها تقل تدريجيا.

فلم تعد تلعب مع كريم مثل الأول. بدأ كريم أيضا يشعر بذلك. ولكنه ما زال يعاملها بحب وبعطف. أصبحت الحالة تأتيها في الأسبوع مرة، ولا ترتاح حتى ترى وجه كريم وتلامسه بيديها. أحبت عبير كريم ولا تريد ان تفترق عنه. لكن بدأت تنضج وتعرف أنه ليس بابيها. وأنها ليست تلك الفتاة الطفولية. بدأت تسأل وتبحث في حياتها السابقة. ولكن لم تجد الأجوبة عند كريم. حتى يوم من الأيام قررت أن تخرج من المنزل بدون أن تضع الكرتون فوق رأسها. وبدأت تتنقل مع كريم من مكان إلى آخر. يمرون ببعض المطاعم والمدارس والمراكز التجارية. فكان وجود عبير مع كريم وهو يضع الكرتون على رأسه لافت للنظر.

وبينما هما في أحد المراكز التجاري أتتها الحالة فبدأت تصرخ وتقاوم وتضرب الناس حولها. تمكن كريم من السيطرة عليها وأخذها إلى أحد الأركان وكشف عن وجهه فهدأت نفسها وبدأت تلامس وجهه. والناس حولهم ينظرون إليها وهي تنظر إلى الوجه المخيف ثم بدأت تبتسم وتعانقه. ثم أعاد الكرتون على رأسه الكبير.

وبينما هي كذلك تسمع فتاة تقترب منها وتناديها "أحلام" أين اختفيت؟ الجميع كان يبحث عنك. التفتت إليها عبير وقالت: هل تعرفينني. قالت نعم انت أحلام صديقتي في الجامعة. انتظري سأتصل بوالديك سيفرحان بخبر العثور عليك. ابتعد كريم عنهما قليلا وتركها تستعيد ذكرياتها وعائلتها.

وبعد وقت ليس بالطويل أتت عائلة أحلام، أبيها وأمها وجدتها وأقاربها وامتلأ المكان بعائلتها. تحاول أن تتعرف عليهم. ولكن لم تذكر منهم أحد. فهربت منهم وذهبت تختفي خلف كريم. قالت هيا نعود إلى المنزل. قالوا هذه ابنتنا وعندنا الصور والإثباتات. قال لهم على هونكم. أحلام تمر بحالة نفسية ذهابها معكم الآن لن يساعدها. سآخذه إلى المنزل وغدا سنتواصل. بدأت أمها وعائلتها وأقاربها يبكون. قالت لهم جدتها المهم أننا وجدناها ونعرف أين تسكن.

اعترض والدها وقال: لن تذهب ابنتي إلى أي مكان، لم أصدق أننا عثرنا عليها، ستعود معنا إلى المنزل وستأتي أنت أيضا معنا. التفت كريم على أحلام وقال ما رأيك؟ سنذهب مع هذه العائلة لديهم فتيات في نفس سنك. ولديهم ألعاب وطعام لذيذ، ومكان نظيف، قالت: إي مكان تذهب إليه سأذهب معك. أمسكت بيديه، وقالت: اوعدني لا تتركني لوحدي، قال: سأحاول.

عاد كريم وأحلام مع العائلة إلى منزلهم. وكانت فيلا كبيرة وجميلة. استغربت العائلة الترابط الذي بين كريم وأحلام. رغم وجهه المخيف. فهي متمسكة به ولا تبتعد عنه. كان كريم يأخذ أكله في مكان بعيد عن العائلة ويكشف عن رأسه ويأكل لوحده. وكانت أحلام تلحق به وتأكل معه وتبقى معه وتضحك معه بسعادة. أخذت الأم أحلام إلى غرفتها. وبدأت تريها صورها وملابسها وكتب الجامعة وحياتها. ولكن أحلام كانت طفولية لا تفهم أي شيء مما تقول أمها. فخرجت أحلام وأحضرت كريم تسحبه معها إلى غرفتها وبدأت تغير ملابسها أمامه وتسأله عن رأيه. وهو يقول لها هذا رائع وهذا جميل. لم يعجب العائلة علاقة كريم وأحلام فلم يريدونها أن يأتي يوم وتقول تريد الزواج منه.

فلما أتى وقت النوم. طلبت العائلة من كريم العودة إلى منزله، وترك أحلام لتقضي يوم كامل عندهم. لكن كريم لم يبتعد عن المنزل. قال لهم سأكون قريبا منكم فقد تحتاجون لي. نظر إليه والدها لن نحتاج إليك، عد إلى منزلك ولا تعود هنا مرة أخرى.

شعر كريم بحزن وفراغ في قلبه بعد أن تركها وعاد إلى المنزل. أول مرة يدخل المنزل منذ سنة بدون ما تكون أحلام معه. بقي في المنزل يتذكر حركاتها وضحكها ولعبها في كل مكان. ثم نام من شدة التعب والتفكير. استيقظ في الصباح الباكر. على أصوات ضجة وصراخ في الشارع. نظر من النافذة. فإذا هي تقاوم والديها وتضربهم فنزل مسرعا ولم يضع الكرتون على رأسه. ولما رآه الجميع خافوا وتعوذوا، ما عدى أحلام تركتهم ورمت نفسها في أحضانه وبدأت تلامس وجهه حتى ارتاحت. فحملها وصعد بها إلى المنزل. تلومه على أنه تركها ولم يبقى معها، صعد والديها، فوضع الكرتون على راسه، وجلسا يتكلمان معه.

قال والدها لم تكن ليلة سهلة. لم تترك أي شيء في البيت إلا وكسرته ورمت به الجميع. النوافذ والأثاث والمزهريات. وصراخها لم يستطيع أي أحد منا أن يسيطر عليها. قال كريم رغم كبر جسمها إلا أن عقلها ما يزال صغير. قال والدها بحزن إنها في الثانية والعشرين من عمرها. متفوقة جدا وأنيقة جدا الكل يحبها. سمعنا يوم من الأيام أنها انزلقت على الدرج في الجامعة وتأذى رأسها بشدة، أخذناها إلى المستشفى، قالوا انها في حالة عصبية وقد فقدت عقلها، وجزء من ذاكرتها، عدنا إلى المنزل وبعد أسبوع استيقظت، وضربت الدكتور والممرضات، ثم هربت من المستشفى.

قال كريم وجدتها في أحد الشوارع تضرب الناس، ولكن الناس لم يستوعبوا أنها مريضة فضربوها. ثم بدأت تضرب نفسها وتؤذيها وتتلوى على الأرض. فقربت منها وحملتها إلى المنزل. قاومت بشدة حتى سقط الكرتون من على رأسي. خفت أن تصيبها صدمة نفسية أخرى بمجرد أن ترى وجهي، ولكن حصل عكس ما توقعت. وجدتها هدأت وبدأت تلامس وجهي وتبتسم. لا أعلم كيف أفسر هذا. لكن الفتاة أصبحت طفولية. فتعاملت معها كطفلة. وهي الآن تكبر وتستعيد عقلها وذاكرتها بالتدريج. لا تقلقا عليها فهي بأمان عندي وبإمكانكم زيارتها في أي وقت.

قالت الأم هل أستطيع أن أبقى معها. قال كريم، ولكن لا أستطيع أن أبقى اليوم بأكمله بالكرتون على راسي. قالت الأم لأجل ابنتي سأستحمل كل شيء. قال انت أم جيدة فأمي لم تستحمل شكلي. ثم دمعت عيناه. أصبحت الأم تخدمهما وتعد لها أشكال الطعام وتهتم بها وتحممها وتسرح رأسها. لكن أحلام كانت تحب أن تبقى مع كريم وتلاعبه وتنام بجانبه.

رأت الأم كيف يتعامل كريم مع أحلام. وشاهدت بنتها وهي تتصرف بعفوية وطفولية مع كريم. وكيف تبقى معه بدون أدنى خوف من ملامحه التي تكاد تجعل قلبها يخرج من مكانه من الرعب. استمر كريم يلاعب أحلام ويداعبها كالعادة ثم يأخذها معه ويلبسان الكرتون على رأسيهما. ويخرجان كالعادة.

مرت ثلاثة شهور لم تعد تأتيها الحالة مرة أخرى. فبدأ يربطها بأمها ويخرج من المنزل الساعات الكثيرة. لتقوى علاقتها مع أمها. وأصبحت تخرج مع أمها لوحدهما. فهمت أحلام أن السيدة هي أمها. وأن لها عائلة ينتظرون اللحظة التي تعود فيها إلى المنزل. نضجت أحلام وتعافت من المرض التي كان يأتيها. وأصبحت تستوعب الخوف الذي كان المفروض تشعر به مع كريم. فكانت وتشعر بالرعب حينما تشاهده وتستفرغ أحيانا.

فهم كريم أن أحلام تعافت وحصل الي مفروض يحصل من قبل. فبدا يغطي وجهه بوجودها. صرخت أحلام في وجهه وقالت إياك أن تفعل هذا مرة أخرى. قد يكون صعب علي تقبل هذا الشيء لكن سأتعود مع الوقت. ثم عانقته باكية ومودعه. وقالت يجب أن أعود لأعيش مع عائلتي. وسأزورك باستمرار ويجب عليك أن تأتي لزيارتي.

لم يبكي كريم هذه المرة لفراق أحلام. لكن كان سعيد أكثر لتعافيها الكامل. عانقته أحلام مرة أخرى وودعته بحرارة فكانت تلك اللحظات حزينة جدا لكليهما. عادة أحلام إلى عائلتها وإلى طبيعتها ثم ذهبت إلى جامعتها لتكمل دراستها الجامعية. احتفل الجميع بعودتها. انشغلت كثيرا ما بين الدراسة وولائم الترحيب بها. لدرجة أنها لم تزور كريم لفترة طويلة.


رومي ملك البحار غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 08-08-22, 03:30 PM   #6

رومي ملك البحار

? العضوٌ??? » 485849
?  التسِجيلٌ » Mar 2021
? مشَارَ?اتْي » 216
?  نُقآطِيْ » رومي ملك البحار is on a distinguished road
افتراضي Part 05

بقي كريم في منزله لفترة. ينتظر اللحظة التي ستدخل عليه أحلام وترتمي في أحضانه. ولكن تأخر ذلك. لم يعد يعرف كيف يصرف على نفسه من جديد ولا كيف يدفع حساب الماء والكهرباء. فانقطعت عنه الكهرباء. وبعد فترة انقطعت عنه المياه.

ترك المنزل من جديد وذهب إلى مدينة أخرى. كانت المدينة الأخرى أكثر تطور وأهلها أكثر ثراء من المدينة السابقة. بحث عن عمل لكن لا أحد يوافق قبل أن يرى وجهه. وكان كريم لا يريد أن ينزع الكرتون من على رأسه. فأصبح يبقى في الشوارع. ساعده بعض أهل تلك المدينة. قدموا له بعض الطعام وما يغطي نفسه به في الليل.

في يوم من الأيام وبينما هو نائم استيقظ على صراخ أطفال، فتح عينيه وشاهد أحد المنازل يحترق. وشاهد طفلان يصرخان من غرفة النوم العلوية. فقال لهما انتظرا. فقفز الى المنزل ووجد مكان مناسبا ليصعد عن طريقه إلى المنزل. فأخذ الطفلان ورمى بهما في المسبح وجاء الناس وأخرجوهما. ثم نزل إلى الدور السفلي فوجد الأم مغماً عليها على أرض المطبخ فحملها ورمى بها في المسبح. عاد إلى الأسفل ليبحث عن أي شخص آخر في المنزل، في تلك اللحظة انفجرت أسطوانة الغاز في الدور الأرضي واشتعلت النار في كامل المنزل. سقط كريم ولم يعد يستطيع الهروب من المنزل، ذهب إلى الحمام وفتح الماء في البانيو وأدخل جسمه في البانيو. وسلم نفسه للموت لما رأى النار تحيط به من كل الجهات. انتشر الحريق والدخان حتى اختنق كريم وفقد الوعي. فاشتعلت النار في الكرتون حتى أحرقت وجهه وملابسه.

وصلت إليه وحدت دفاع الحرائق. وأخمدت النار وأخرجوه إلى المستشفى. بقي كريم لساعات في العناية المركزة. قام الدكتور باستئصال اللحم المحروق من وجه ورأس كريم. استغرقت العملية وقت طويل. ولما انتهى الدكتور. نقلوا كريم إلى غرفة خاصة في المستشفى. حرص والد العائلة التي أنقذها كريم السيد "علاء" على تقديم العناية الكاملة لهذا الشاب.

بعد ساعات استعاد كريم وعيه. ولكن رأسه ووجه ما يزال مغطى بالضماد الطبي. دخل عليه الدكتور وأراه صورة لوجهه قبل العملية. فسأله كيف كنت تستحمل حياتك بهذا المنظر وبهذا الشكل. قال كريم هكذا ولدت وهكذا وجدت نفسي. لم يعتني بي أحد منذ ولادتي فالكل كان يهرب مني حتى أمي. قال له الدكتور لقد استحملت الكثير.

سأل السيد "علاء" الدكتور. لم أفهم ما تتحدثان عنه. قال له الدكتور إن كريم كان يعيش حياته منذ الطفول في حالة رعب له وللناس حوله. فكان شكله المخيف سبب بأن يضع كرتونا على رأسه معظم الوقت لكيلا يرى نفسه أو يراه الناس. وأثناء الحريق اشتعل الكرتون وأحرق وجه ورأس كريم. والحقيقة أنه لم يحرق وجه ولا رأس كريم الحقيقي. وإنما أحرق طبقة جلدية شحمية تكونت حول وجه كريم الحقيقي. فلما احترق كريم ذابت تلك الطبقة الجلدية وقمنا بإزالتها ليخرج لنا وجهه الحقيقي.

قال الدكتور سننتظر ثلاثة أيام لتلتئم جروحه، ثم سنزيل الضماد عن رأسه. شكر السيد "علاء" الشاب كريم على انقاذ حيات عائلته، وقال إن ما فعلته لعائلتي دين عليّ طول عمري. ثم سأله هل هنالك شخص تريد منّا أن نتصل به. قال كريم من الأفضل ألا يراني أحد الآن أريد أن أفاجأهم.

مرت الثلاثة أيام بسلام. دخل الدكتور على كريم وقال له: هل انت مستعد لا نعدك بشيء. قال كريم نعم مستعد مهما تكون النتيجة لن تكون مثلما كنت بالسابق. بدأ الدكتور بفتح الضماد عن وجه كريم. سأله هل انت مستعد لترى شكلك الجديد. رفع الدكتور المرآة وشاهد كريم وجهه الجديد. فرح وقال في نفسه الآن أستطيع أن أذهب لأرى أحلام مرة أخرى.

بعد يوم خرج كريم من المستشفى. شكر السيد "علاء" على علاجه. ثم أعطاه السيد "علاء" بطاقة أعماله وقال لا تتردد أن تتصل بي إذا أردت وظيفة.

عاد كريم إلى مدينته. فأصبح يرى الناس بشكل آخر وأصبحت نظرة الناس إليه مختلفة. عاد إلى منزله صعد الدرج وفي الطريق التقى بجارته كثيرة الكلام التي رحبت به بحرارة وقالت: وأخيرا رأينا رجلا وسيما في العمارة. ثم قالت إن كنت أتيت من أجل كريه فإنه لم يعود إلى منزله منذ ثلاثة شهور. من أنت؟ وماذا تريد من ذلك الشاب؟ هل تعرفه؟ توقف عند منزله ونظر إليها وقال هل أتت الفتاة أحلام. قالت المجنونة بعد أن عاد إليها عقلها ما زالت تسأل عنه. اختفت هي الأخرى.

فتح كريم الباب بالمفتاح. لم تتركه الجارة فسألته: كيف استطعت أن تفتح الباب؟ ماذا فعلت بكريه. قال لها أنا كريم. ودخل المنزل وأغلق الباب. قالت: إن الصوت نفس الصوت لكن الشكل تحول من إبليس إلى يوسف. أين كنت تخفي هذا الجمال.

استحم كريم وغير ملابسه. ووضع الكرتون على رأسه، وذهب مباشرة إلى منزل أحلام. وصل إلى المنزل فوجد لديهم الكثير من الضيوف، طرق الباب ثم أتت والدتها لتفتح الباب، قال مرحبا سيدتي، قالت مرحبا كريم، قال هل أستطيع أن أرى أحلام. ترددت الأم وقالت: اليوم عقد زواج أحلام وزواجها. ثم قالت نشكرك على كل ما فعلت من أجلها. اذهب واتركها تعيش حياتها بسلام.

عاد كريم إلى منزله وقال تأخرت كثيرا. وبقي طول الليل حزين. ثم نام بحسرته، فقرر ترك المدينة.
وذهب إلى السيد علاء في المدينة الأخرى، وبدأ يعمل لديه. مرت الأيام والأسابيع. لكن كريم لم يستطيع أن ينسى "أحلام". وفر له السيد علاء كل سبل الراحة من السكن والمواصلات والعلاج وكل ما يتمنى. فرغم كل المميزات والرفاهية التي يحصل عليها في تلك المدينة إلا أن سعادته لن تكتمل بدون أحلام.

في يوم من الأيام وبينما كريم يتصفح في الإنترنت، وجد صورته حينما كان يضع الكرتون على رأسه، على إحدى مواقع السوشال ميديا. وتحتها اعلان فظلا من رأى هذا الشخص يتصل على الرقم المسجل.


طلب كريم من أحد زملائه في العمل أن يتصل بالرقم ويسأل عمن يبحث عن هذا الرجل. فتح زميله السماعة ثم اتصل على الرقم. سمعا صوت فتاة! عرف كريم أنه صوت أحلام. تسال بلهفه هل تعرف هذا الشخص ارجوك أخبرني أين رأيته، قال كريم لزميله أغلق الهاتف، لكن زميله لم يغلق الهاتف وقال انه في هذه المدينة وأعطاها العنوان كاملا. سمع كريم فرحة أحلام وقالت أشكرك: نلتقي غدا بإذن الله.
سأله كريم لما فعلت هذا؟ أعاد إليه زميله السؤال: لماذا اتصلت عليها في البداية. يجب أن تواجه مشاكلك ولا تتهرب منها.

أتت أحلام إلى المدينة التي يسكن فيها كريم واتصلت بزميله. وقالت: أنا قادمة إليك. لبس كريم الكرتون على رأسه واستعد للقائها. لما رأته أتت أليه تجري وتعانقه بشدة. وقالت: أنا أحبك يا كريم بكل حالاتك ولا يهمني شكلك ولا من تكون المهم أنا احبك وأريد أن اتزوجك انت. وأريد ان يكون لدينا عفاريت صغيرين يشبهونك، ولن أفعل مثل أمك سأعتني بهم وأقبّلك وأقبلهم ولا يهمني في الدنيا إلا سعادتكم.

ثم صرخت في وجهه وقالت أخبرتك بأن لا تضع هذا الكرتون أمامي. ونزعته من رأسه. وتفاجأت بما رأت. رأت شاب وسيم. فبدأت تنهال عليه بالضرب وتقول ماذا فعلت بكريم. حاول أن يسيطر عليها ويمسك بها حتى استطاع أن يسيطر عليها وهي ملقاة على الأرض. قال لها متى يتوقف هذا الجنان. سمعت صوته فعرفت أنه كريم فهدأت نفسها وبدأت تلامس وجهه وتقول أحببت وجهك الاخر. نظر إليها وضحك من كلامها. ثم قالت، ولكن هكذا أفضل فعانقا بعضهم بشوق.

عادة الفرحة لقلب كريم وأحلام. أخذها وذهب إلى حيث يسكن. ثم حكى لها ما حصل معه. ثم قال أتيت إلى منزلكم فوجدت ترتيبات زواجك. قالت كانت أمي تريد أن تزوجني وتضعني أمام الأمر الواقع. ولكني أخبرتهم بأن قلبي ملك كريم. وسأبحث عنه حتى أجده. وها أنا وجدتك ولن أبتعد عنك مرة أخرى.
انتهت هذه الرواية التي أتمنى أن تكون حازت على إعجابكم
وانتظرونا في روايات أخرى


[/COLOR][/SIZE]


رومي ملك البحار غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 01:22 PM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.