آخر 10 مشاركات
16- انت وحدك - ناتالى فوكس . حصريا" (الكاتـب : فرح - )           »          جدران دافئة (2) .. سلسلة مشاعر صادقة (الكاتـب : كلبهار - )           »          إمرأتي و البحر (1) "مميزة و مكتملة " .. سلسلة إلياذة العاشقين (الكاتـب : كاردينيا الغوازي - )           »          عروس راميريز(34)للكاتبة:Emma Darcy(الجزء الأول من سلسلة عرائس راميريز)*كاملة+روابط* (الكاتـب : Gege86 - )           »          سلاسل الروايات لكاردينيا73 (الكاتـب : كاردينيا الغوازي - )           »          اللوحة الغامضة (48) للكاتبة: كارول مورتيمور .. كاملة .. (الكاتـب : cutebabi - )           »          نقطة، و سطر قديم!! (1) *مميزه و مكتملة*.. سلسلة حكايات في سطور (الكاتـب : eman nassar - )           »          رواية واجتاحت ثنايا القلب (1) .. سلسلة ما بين خفقة وإخفاقة (الكاتـب : أسماء رجائي - )           »          عشقكَِ عاصمةُ ضباب * مميزة ومكتملة * (الكاتـب : نورهان عبدالحميد - )           »          125 - الضوء الهارب - جينيث موراي (الكاتـب : حبة رمان - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء

Like Tree3763Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 29-01-23, 11:51 PM   #1

نسريـن
 
الصورة الرمزية نسريـن

? العضوٌ??? » 509705
?  التسِجيلٌ » Jan 2023
? مشَارَ?اتْي » 420
?  نُقآطِيْ » نسريـن has a reputation beyond reputeنسريـن has a reputation beyond reputeنسريـن has a reputation beyond reputeنسريـن has a reputation beyond reputeنسريـن has a reputation beyond reputeنسريـن has a reputation beyond reputeنسريـن has a reputation beyond reputeنسريـن has a reputation beyond reputeنسريـن has a reputation beyond reputeنسريـن has a reputation beyond reputeنسريـن has a reputation beyond repute
Post تائــهــة في عتمتـك


السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أعزائــي القراء
يشرفني أن أنضم إليكم بهذا المنتدى المميـز ليس كقارئـــة فقط بل ككاتبـة مبتدئــة..على أمل أن ينال قلمي المتواضــع إعجابكـم..وترقى روايتي لتوقعاتكم..
أتمنى أن تلامس كلماتي قلوبكــم..و أن نتشارك عالمــا مختلفا هنا..دافئا بوجودكم وتعليقاتكم..

سأضع بين أيديكم اليوم المقدمـة والفصل الأول
ليكون لقاؤنا بعدها أسبوعيا مساء كل يوم أحــد


تنويه هام : " هذه الرواية حصريـة فقط لمنتدى روايتي ولا احلل نقلها لأي منتدى أو موقع أخر "



" في قلب كل شتــاء ربيع نابــض..ووراء كل ليــل فجر باســم "
جبران خليل جبران

تمهيــد
كنت منهكــة وعلى حافة الانهيــار..أطرافي قد تجمدت من شــدة البرد وأنا أسير بصعوبـة شديـدة وسط الثلـــوج المتساقطة..تائهــة بطرقات ذلك الجبــل..دون أن أعرف طريق الخــلاص..لقد أحضرني إلى هنــا بقســوة ودون رحمـة ليعاقبني من جديد على ذنب لم أرتكبــه أبدا..كان غضبه عاصفــا أكثر من الرياح الباردة التي كانت تخترق بهاته اللحظات ملابسي لتجعلني أرتجف بشدة..لقد تركني لمصيري..تركني لأتجمد وأمـوت هنا..
المني قلبي..كيف ظننت لوهلة أنه قد يملك قلبــا بين أضلعــه..رغم كل الوحشية التي رأيتها فيه ورغم كل الألم الذي جعلني أعيش فيه..كم كنت سخيفة وغبيــة حقا..
تذكرت كلماته القاسية التي حفرت عميقا بقلبي..فتنهدت بألم..ألم عميق لا حدود له..
كانت الطريق صعبة بمنعرجاتها الحادة..وكنت متعبة..متعبة كثيرا..
كنت أمشي بصعوبة..خطواتي بدأت تتباطأ بينما أنفاسي الباردة تكاد تختنق من الجهــد الذي كنت أبذلـه..ثم فجــأة لم أعد أستطيع الوقــوف على قدماي..انهرت وقد خــارت قواي فاستقبلتني الأرض التي عمتهــا الثلــوج..كل شيء من حولي كان أبيضا..أكانت هذه هي نهايتي؟..لقد حاربت كثيرا لأبقى صامدة..أكان يجب أن أستسلم الآن وأترك الظلام يبتلعني؟..
نظرت إلى البعيد بوهن..وبتلك اللحظة لم أعرف إن كنت أتوهم أم أن الأمر حقيقي..لكنني رأيت شخصــا أشبه بخيــال..آتيــا من بعيد..يتقــدم نحوي بخطوات هادئــة حتى أصبح قريبـا..فتأملتـــه بألــم وملامح وجهــه تصبح أكثر وضوحـا مع كل خطوة يصبح فيها أقرب أكثر فأكثر..لأدرك بتلك اللحظات أنه حقيقي..لم يكن من نسج خيالي..فانسابت من عيناي دموع حارة أصبحت باردة بمجرد نزولها على خدي..وأغمضت عيناي بوهن..وفكرة واحدة تنبض بذهني..لم يتخلى عني..لم يفعـــل..
**
**
**






التعديل الأخير تم بواسطة **منى لطيفي (نصر الدين )** ; 28-11-23 الساعة 08:54 PM
نسريـن غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 30-01-23, 12:10 AM   #2

نسريـن
 
الصورة الرمزية نسريـن

? العضوٌ??? » 509705
?  التسِجيلٌ » Jan 2023
? مشَارَ?اتْي » 420
?  نُقآطِيْ » نسريـن has a reputation beyond reputeنسريـن has a reputation beyond reputeنسريـن has a reputation beyond reputeنسريـن has a reputation beyond reputeنسريـن has a reputation beyond reputeنسريـن has a reputation beyond reputeنسريـن has a reputation beyond reputeنسريـن has a reputation beyond reputeنسريـن has a reputation beyond reputeنسريـن has a reputation beyond reputeنسريـن has a reputation beyond repute
افتراضي


**
**
**
الفصل الأول

شعرت بالتعاســة والألــم، وأنا أنظر إلى أمــي..كيف يمكن أن تكون بمثل هذه القسوة والظلم اتجاهي..كانت قد حكمت علي وانتهى الموضوع بالنسبة إليها ككل مرة..لم يعنيها كلامي ولا دموعي ولا أي شيء أقولــه..قالت إن علي التضحية بنفسي لأجل أخي..لكي يبقى حيا..وأن ذلك واجبي اتجاهــه..لكن ماذا عني؟ ألم تكن تقتلني وأنا حيــة..من دون شفقــة.. وتدمر كل شيء حلمت به يومــا..ألم يكن كافيا ما تحملتــه بسببها طوال السنوات الماضيــة؟ ألم يكفي أنها جعلتني أشعر بالعار من نفسي بكل لحظة عشتها تحت سقف هذا البيت رغم براءتي، والآن كانت تريد أيضا أخد حلمي الوحيد مني ورميي إلى الجحيم دون رحمــة..كيف تحمل قلبها أن تفعل بي كل هذا؟

لم تلتفت نحوي..وظلت تكمل تجهيزاتها لاستقبال ذلك الرجل ببرود شديد وبشكل عادي، وقد قالت كلمتها الأخيرة وأعلنت قرارها وانتهت..شعرت بالخذلان منها للمرة كم؟..لم أعد أستطيع العد.. تأملتها بألــم..أحيانا كنت أتساءل إن كانت أمي الحقيقية حقا؟ فلم أشعر يوما بحنانها وعطفهــا علي ولو لمرة واحدة منذ وعيت على هذه الدنيــا..اعتادت دوما أن تتجاهلني وكأني شيء من دون قيمـة بحياتها..وكان نفورها مني يزداد كلما كبرت..لم أفهم السبب يومــا..هل كنت أذكرهــا بأبي الذي انفصل عنهــا وعنا لأنه أراد أن يعيش حياتـه كفنان بعيدا عن كل قيود وعن أي نوع من المسؤولية ولم يعد بعد ذلك أبدا؟..لم أكن أذكره، وأمي أحرقت كل صــوره، لكن أخي أخبرني أنني أشبهـه، وأن لدي نفس عينيه الرماديتين المميزتين، ونفس لون شعره الأسود الحالك، ألذلك كانت كراهيتهـا تزداد نحوي؟ أم أن موهبــة الرسم التي ورثتها عنه هي سبب نفورها مني؟ فقد أخبرتني عدة مرات بامتعاض أنها تجد ولعي بالرسم منذ طفولتي سيئا وغير مفيد لمستقبلي..أكان ذلك السبب؟..

شعرت بوجع بقلبي.. لابد أن هناك سببا منطقيــا لكل ما تفعلــه وإلا لم كانت تكرهني لهاته الدرجة؟ لم أبعدتنــي منذ صغري وكانت دوما نافذة الصبر معي؟ ولم فضلت علي دوما كل إخوتي؟ لم كسرتني وتخلت عني بذلك اليوم الرهيب من حياتي قبل تسع سنوات وأشعرتني بالعار بالوقت الذي كان عليها أن تحميني وتصدقني؟..لم؟..تملكتني غصة مؤلمــة بحلقي..أردت أن أبكي بتلك اللحظة..أردت أن أصرخ بوجهها لتراني وترى معاناتي لكنني لم أستطــع..فعلت كما أفعل دوما..تركت ذلك الجرح يحفر عميقا بداخلي بصمت..كسكين ينغـرز ببطء ليصل إلى أعماق روحي ويتركني أنزف ألمـــا..وتركتها وغادرت المطبخ بخطى متثاقلــة نحو ملجئي الوحيد بذلك البيت..غرفتي..دخلت وأغلقت الباب خلفي بالمفتاح كما أفعل دوما ومنذ سنوات محاولة حماية نفسي..فاستلقيت على سريري بإنهـاك نفسي ثم دفنت وجهي بوسادتي وأنا أبكي بصوت مكتوم...

لم يتبقى سوى ساعات قليلة لينتهي كل شيء..ويرتبط مصيري برجل لم أراه من قبل بحياتي..
رجل قاس لا يرحم كان أخي يعمل لصالحــه بذلك العالــم المظلــم قبل أن يتهور و يغدر به ويسرقـه ثم يهرب دون التفكير في عواقب وانعكاس ما فعلــه علينا، فتوجب على أحد ما أن يدفع الثمن..وكنت الضحية التي اختيرت لتلك المهمــة..لإنقاذ أخي..أخي الذي اختار العيش في الظلام وسلك الطريق السهل لكي يصبح غنيا رغم كل توسلاتي له لكي لا يفعل..فتورط بذلك العالــم..وورطني بالنهايــة معه..

لقد أخبرتني أمي البارحــة أن ذلك الرجل يبحث عنه بجنون منذ رحل قبل أسبوعين ليقتله وينتقم بذلك منه..قالت أن أخي أخبرهـــا بعض الأمور عنه في الماضي..قـال لها أنه رجل مافيا ثري للغاية..بالخامسة والثلاثين من عمــره..وأنه يعيش مع عائلتــه المعروفــة ببلـــدة جبليــة في الريف شمال البلاد..وهو أشبه بزعيم للناس الذين كانوا يعيشون بكل تلك المناطق المحيطة بذلك المكان..وأنه يقوم بكافة الأعمال الغير القانونيـــة ويتلاعب برجال السلطة بأموالـــه ونفـــوذه..لذا لم يكن يجرؤ أحد على الوقوف بوجهــه..

كان اسمه هشــام نوري..وكان أخي ياسر قد بدأ بالعمل لصالحــه بأعماله المشبوهـة قبل ثلاث سنوات تقريبا، وذلك بعد أن التقى به عبر أحد معارفـه، فعمل لديه كسائق مؤقت حين كان ذلك الرجل برحلة عمل بهذه المدينة، ويبدو أن أخي أثار إعجابه بشجاعته في أحد المواقف التي واجهاها معا فعرض عليه العمل معه فوافق ياسر على الفور وكأنه ينتظر تلك الفرصة منذ وقت طويل معتبرا اياهــا فرصة عمره ليغير حياتــه بشكل جذري.. وبعد فترة قصيرة ذهب أخي للعيش بتلك المنطقة الجبليــة وأصبح جزءا من ذلك العالم المظلـم حتى قرر بعدهــا بتهور خيانة ثقة ذلك الرجــل فتجرأ على الزواج من أختـه بعد أن وقعت بحبـه بجنون..قالت أمي أن زواجه منها كان قانونيا لكنه كان بعيدا عن الأصول بعد أن أبقــاه سرا عن جميع أفراد عائلتها وأيضا عنا نحن واستمر بلقائها بالخفاء، ثم بعد ثلاثـة أشهر فقط هجرهــا وذلك بنفس اليوم الذي سرق فيه مئات الملاييــن من ذلك الرجل ورحل هاربــا خارج البلاد..تاركــا خلفه رسالــة لأمي يخبرها فيها ألا تقلق..وبأنه سيرسل الكثير من المال لنا بمجرد أن تستقر أمـــوره..
تصرفه القاسي والأناني ذاك كان صادما ومؤلما بالنسبة إلي، خاصة وأنه الشخص الوحيد الذي كنت أستند إليه بهذا البيت رغم رفضي للطريق الذي اختــاره، و بعده بالمقابل عني منذ دخل ذاك العالم..

لقد كان أخي الوحيد من نفس الأب والأم وكان أكبر مني بسبع سنوات..كان الشخص الوحيد الذي أحسست أنه يحبني بذلك البيت..لقد كنا مقربين كثيرا من بعضنــا بالماضي..لكنه ابتعد عني كثيرا بعد فترة خاصة حين دخل ذلك العالم المظلم..فتغيرت شخصيته ومعاملته لي وأصبحت حياته وأولياته مختلفـــة..
كان قد انتقل للعيش بتلك المنطقة الجبلية قبل ثلاث سنوات، ولم يخفي علينا حقيقــة ما يفعلـه هناك بل أوضح لنا أنه يعمل لصالح رجل مافيــا ويقوم لأجله بأعمال غير قانونيــة، لكنه لم يشاركنا يوما تفاصيل أو نوع تلك الأعمال بالضبط، قال أن ذلك أفضل لسلامتنــا، أن نبقى بعيدين عن كل ذلك..وقــال أنه مضطر للقيــام بذلك العمل ليحصل على ما يكفي من المال لأجله ولأجلنا لكي يجعلنا نعيش حياة أفضــل، ويحقق بدوره حلمــه بالثراء والذي كان من المستحيل أن يصل إليه بطريقة شرعية وهو الذي لم يكمل دراسته أبدا، ولم يبدو له مستقبلــه مشرقا، فقد كان قبـل ذلك يعمل بوظائف مؤقتـــة لم يكن الأجر الذي يحصل عليه فيها قادرا على أن يصل به إلى حياة الرخاء التي كان يتمناها..كان ذلك الجانب الطموح منه جديدا، وكأن ذلك الحلم قد طغى على كل تعقل لديه..
كانت زياراته لنا قليلــة، لكنه كان يرسل المال دائــما لأمي، مبلغ كبير كل شهر، وكانت تقبله رغم معرفتها مصدره المشبوه..فالمال كان شيئا مهمــا بالنسبة إليها و ولعمي إيهاب..زوجهــا..خاصة وأن مشروع المخبزة والحلويات الصغير الذي تشاركا فيـه معا بعد زواجهمـــا، وأصبح مصدر المال الأساسي للبيت لم تكن أوضاعـه الماديـة جيدة خلال السنوات الأخيرة وكان يسير نحو الإفلاس وذلك منذ تسلم ذلك الدنيء سيف كل الحسابات، ورغم رفضهما الاعتراف بذلك السبب..إلا أن المشاكل المادية كانت قد بدأت تطفو إلى السطح بالبيت..

كنت حينها قد بدأت بدوري أعمل بدوام جزئــي في مكتبة والد صديقتي الوحيدة ندى، وذلك بمجرد التحاقي بالكلية، قبـــل ثـلاث سنوات لكي لا أثقل على أمي و زوجها وحتى أخي بمصاريفي، ورغم أن ما أحصل عليه كان قليلا جدا لكنني تدبرت أموري، لم أطلب يوما أن يشتري لي أحد أي شيء، وحتى ملابسي كنت أرتدي القديمة منها دوما، منذ سنوات، أما بالنسبة لدراستي بكلية الفنون فقد كنت أدرس بمنحة كاملــة، لحسن حظي مما جعل موضوع تعليمي على الأقل مضمونــا نوعا ما مادمت أبلي حسنا بدراستي..
كنت أتعب كثيرا ما بين الكلية والعمل والامتحانات التي كان يجب دوما أن أتفوق فيها لأحافــظ على تلك المنحة، لكنني رغم ذلك لم أرد أن أستسلم وبقيت معتمدة على نفسي، حتى بعــد أن بدأ أخي بعملــه مع رجل المافيا ذاك وأصبحت أمور البيت أفضل بكثير..

كنت أتألم لرؤيــته يختار تلك الطريق مسيرا بطموح الأعمى ذاك..ويعيش في ذلك العالـم الذي لم يكن ينتمي له، ورغم كل محاولاتي لإقناعه لم يتراجع أبدا، بل عاملني وكأنني عدوة له وجافاني..فأصبحت وحيدة ومكسورة بهذا البيت دونــه،لكنني لم أفقد الأمل فيه أبدا، فقد كنت أشعر بمكان ما بأعماقي انه ليزال يحبني كما كان، وأنه سيعود من تلك الطريق يوما..و تمسكت بذلك الأمل حتى اللحظــة التي عرفت فيها عن فعلته المؤلمــة والأنانيــة تلك ورحيله بعدها دون أن يفكر بما خلفه وراءه..
لم تكن أمي غاضبة منه..حتى بعد هربــه وتركنا مع تلك المصيبة التي حلت علينا..كانت فقـط تسعى لإيجاد حل لإنقاذه من بطش وعقاب ذلك الرجل المظلم، والذي قالت أنـه قد أتى بنفسه إلى البيت بسيــارة حديثة و باهظة الثمن..وبرفقته رجل أخر، فعرفهــا بنفسه بكل برود وثقــة ثم طلب الانفراد بها بينما بقي مرافقـه منتظرا إياه في الخارج..
كنت بذلك الوقت بالكليــة، بينما كان عمي ايهاب وابنــه ليزالان يعملان بالمحـل على أساس أن تلحق بهمــا..أما أختاي نور وريــم فكانتا بغرفتهمــا ولم يسمعا ما دار بينهما من حديث أبدا لحسن حظهما..
قالت أنه وقف أمامهـا بكل جبروته وبروده، وقال لها أنه قادر وبكل سهولة على تدمير حياتها وحياة كل فرد من هذه العائلة ودون أن يوسخ يديه حتى، لكنه قرر أن يمنحها فرصة لتجنب خسائر ستمتد لجميع أفراد من العائلة..فخيرهـا بين تسليم أخي له ليقتلــه فينتهي موضوع ثأره منه عند ذلك الحد ويدعنا وشأننا..وبين تسليمي أنا ليأخذني معه ويتزوجني دون حضور أحد من عائلتي أو معارفي وذلك لفترة ثلاثـة أشهر وسيفعل بي ما يشاء قبل أن يرميني كبضاعة تالفة تماما..تمـامـا كما فعل أخي بأغلى إنسانة عنده..وبذلك يكون قد أخد قصاصه العادل لأجل أختــه، وبذلك سيعفو عن حياة أخي ولن يقدم على قتله..كما لن يؤذي أحد من أفراد العائلة..

لم أفهم كيف وافقت أمي على اقتراحه المجنون والمريض ذاك على الفور ودون مهلة للتفكير حتى ودون البحث عن خيارات أخرى..لكنها فعلــت وكل همها أن تنقد أخي وتنقد نفسها وبقية العائلة من بطش ذلك الرجل الخطير، غير عابثة بأي شيء أخر..لم يهمها ما سيفعله بي ذلك الرجل المريض حين يتزوجني..ولا أهمها أنني كنت مخطوبـة لرجل أحبه حقا كما لم تكترث بمستقبلي والمنحة التي سأخسرها إلى الأبد إن انقطعت عن دراستي كل تلك الفتـرة..لقد كانت قد تخلت عني كعادتهــا، كما فعل أخي أيضا حين قرر الهرب بأنانيــة ليعيش حياة مختلفة دون النظر لنتيجة أفعاله وقبلهما أبي حين انفصل عن أمي وانفصل عنا معهــا أيضا راحلا ليعيش حياته كفنان حر بعيدا عن كل قيود وكل من يذكره بالماضي فسافر إلى الخارج ولم يسأل عنا بعد ذلك أبدا..
كنت حينها مجرد طفلة وكان عمري لم يتجاوز الثلاث سنوات، لذا لم أكن أملك ذكريات عنه ولا حتى كنت أذكر ملامحه، لكن ما أعرفه أنني بسبب رحيله افتقدت دوما وجود الأب بحياتي، وعشت ذلك النقص دومــا، كنت كثيرا ما أفكر أنه لو يرحل عنا، ولو أنه كان أبا جيدا حقا لنا ولم ينفصل عنا أيضا يوم انفصل عن أمي..ربما ما كنت اضطررت لأعيش ما عشته بهذا البيت من ظلم وألم وقسوة..لكنه كان أول من تخلى عني من بين الجميع في حياتي..لتتبعـه أمي بتجاهلها لي وأنا أكبر، قبل أن يتركني بالنهاية أخي الذي أحببته كثيرا أيضا مع مصيبة أكبر..

لقد كان كل ذلك الهجران من عائلتي قد أشعرني بالوحدة والوجــع وبأنني دون قيمة بهذه الحياة..وكأنني لا أستحق أن يحبني أحــد بما يكفي ليفعل شيئا لأجلي..الكل كان أنانيا معي..الكل تركني لمصيري دوما..ورغم ذلك طالبوا مني بأن أقدم كل تضحية ممكنة لأجلهم..كان ذلك تجسيدا للأنانيــة..والقسوة..وخاصة من أمي..
تساءلت بألم للحظة..هل حياتي كانت رخيصة عندها لهاته الدرجة؟.. ألم تكن مهمة كحياة إخوتي..لم أكن أغار منهم لكنني كنت طوال حياتي أفتقد حنانها وبحاجة إليها أيضا..لكنها تجاهلتني دومــا، وكأنني ظل باهت لا يثير أدنى اهتمام بداخلها، لم تكن تراني وبالمقابل كنت ألاحظ بتوق دوما نظرة الفخر في عينيها وهي تنظر إلى أخي الأكبر ياسر، حتى حين وقع في الطريق الخاطئ لم تتخل عنه أبدا بل كانت تقبل منه المال الذي يحضره لها بكل سرور وكانت حنونة معــه دوما..كما كنت ألاحظ تفهمهــا لأختي نور ذات الثمانيــة عشر سنــة رغم أنانيتها و مزاجيتها وطلباتها التي لا تنتهي..وصبرها مع أختي ريم المراهقة ذات السادسة عشر سنة والتي كانت متهورة على الـــدوام وتوقع نفسها بالمشاكل..تمنيت من كل قلبي لو أنها تعاملني بنفس الطريقة..
كانت كلتيهما ابنتيهــا من عمي ايهاب..الذي تعرفت عليه بعد انفصالها عن أبي بسنـة ونصف، كان أرمــلا وكان لديه ابن واحد..سيف..يكبرني بست سنوات..ابن حول حياتي إلى جحيـــم..
تزوجت أمي بعمي ايهاب وأنا بالخامسة من عمري وأصبــح بعد فترة كل حياتهــا فتشاركا بكل شيء وافتتحــا مشروعهما الخاص أيضا..كانت سعيدة معــه فاعتبرت ابنــه كابن لها..واعتنت به أكثر مما فعلت معي يومــا..بينما كان عمي ايهاب بالمقابـــل يعاملني أنا وياسر بصرامة وجفاء خال من أي ذرة عطف أو حنان وذلك بحجة تربيتنــا تربية حسنــة في حين كان يعامل أبناءه من صلبه بطريقة مختلفة، كان غير قادر على إخفاء امتعاضـه من اضطراره لتحملنا، كنا بنظره حملا ثقيلا رماه والدنا ليضطر هو للتعامل معه لأجل أمي فقط..كنا نناديه بعمي بعد أن يئست أمي من إقناعنـا باعتباره أبا لنا ومناداته بأبي..كانت عمياء ولا ترى أبدا طريقة معاملته لنا..
و بعد أن كبرنا اكتفى فقط بتجاهلنا ببرود، ربما لأنه لم يرد أن يتواجه مع ياسر بعد أن أصبح رجلا قادرا تماما على الوقوف بوجهه ولم يسمح له بالاستمرار بازدرائنـا أكثر..

ثم تغيرت الأمور بعد أن بدأ أخي عمله لدى رجل المافيــا ذاك ليرسل الكثير من المال للبيت، أصبح عمي بعدهــا فخــورا به مناديا إياه بابنه حتى، ومحاولا اصلاح علاقته معه، في حين استمر بالمقابل بتجاهلي كما كان دائما..لكنني لم أتمكن رغم ذلك من أن ألومه..فبالنهاية لم أكن من صلبه..ما يؤلمني حقا كان معاملـــة أمي القاسية لي وتجاهلها لي بينما كانت تعامل ابنـه الحقير بالكثير من التفهـم واللطف..وقد أحبته حقا..أحبته لدرجة أنها صدقته وكذبتني..أعطته أعذارا واحتقرتني..تجاهلت حقيقة محاولتــه لانتهاك براءتي بكل وحشيــة..تلك المحاولة الدنيئة التي كاد ينجــح فيهــا..واتهمتني بالمقابل بأفظع الأشياء رغم رؤيتها لحالتي..

زفرت بألم وحرقة رافضة أن أتذكر ذلك اليوم الرهيب بكل تفاصيله المؤلمة، أو استعادة كلماتها التي حفرت عميقا بروحي يومها..
لقد عشت أياما قاسية بعد ما حدث، تملكني العار، وأصبحت حياتي تحت سقف هذا البيت قاسية مؤلمة ومليئة بالخوف والحذر بكل لحظة وكل ثانيــة..لم يعرف أخي ياسر أبدا بأي شيء بعد أن أجبرتني أمي على الصمت بكلماتها المهددة ملقيــة اللوم علي بكل شيء لتهز حتى ثقتي بنفسي..بينما تركت ذلك الحقير يستمر بتمثيل دور الشاب اللطيف المحبوب أمام الكل بعد أن كاد يدمر حياتي بوحشية.. ثم وكأن ذلك لم يكن كافيــا فقام أيضا بتحريض أختاي علي ليجعل حياتي لا تحتمل..شحنهمـا ضدي بأكاذيب حولي وبأنني أريد أن أفرق بين أبيهم وأمـــي..فأصبحتا تنفران مني وتقابلان حبي لهمــا وكل محاولة يائسة للتقرب منهما بالرفض..
لكنني رغم كل ذلك صبرت وتحملت كل ذلك العذاب وكل ذلك الرفض والنبذ لأجل اليوم الذي سأغادر فيه هذا البيت بكرامة وأحقق أحلامي، خاصة بعد أن تعرفت على سليم والذي كان حبه أشبه بخلاص وشعلـة نور وأمل بالنسبة إلي..لكن كل شيء تهدم فوق رأسي بالنهاية..لتحكم علي أمي بمغادرة هذا الجحيم إلى جحيم أخر مختلف..وتطلب مني التضحية بصمت لأجل الجميع..وتدميــر نفسي ومستقبلي بالمقابل..وكأن ذلك كان بتلك السهولة..

ارتجفت يداي وأنا أحاول مسح دموعي بيأس..ثم سويت جلستي على السرير و نظرت بألـم إلى اللوحة الأخيرة التي رسمتهـــا والتي لم تكن قد انتهت بعــد..
كانت لوحــة معاكسـة لكل ما رسمته من قبل..فرسوماتي كانت دوما سوداويـة وتعبر عن ما بداخلي من حزن وكسر عميق وخذلان من أقرب الناس إلي..
لكن هذه اللوحـة كانت مختلفة عنها جميعــا..كانت غنية بالألوان وتنبض بالحيويــة وكانت تعبر عن أملي بالحياة الجديدة التي كنت مقبلة عليها حينهــا..حياة مختلفة كنت سأعيشها حين أتخرج من كليـة الفنــون بعد أشهر قليلــة لأتــزوج بعدهــا من الرجل الذي أحببته لأول مرة بحياتي..وأعيــش معــه حياة مختلفة ودافئة بعيدا عن هذا البيت ولأبدأ طريقي كرسامة محترفة..وأترك خلفي كل الذكريات القاسيــة والمؤلمة التي رافقتني بهذا البيت لسنوات..
كنت مستعدة لأنسى كل ما عشتــه تحت سقف هذا البيت وأبدأ من جديد معــه..لكن كل تلك الأحلام التي تمسكت دوما بالأمل لأجل تحقيقهــا قد انهارت علي، بعد أن تم اختياري لدفع ثمن ذنب لم أرتكبه وأنقذ أخي الذي أحببته كثيرا وظننته سيكون دوما سندي بهذه الحياة لكنه تركنـي وتحـــول لخيبة أمل كبيرة بحياتي..

تأملت اللوحة من بين دموعي وتخبطي وألمي، كنت مقبلة على نهاية كل شيء جميل بحياتي..هل أستطيع أن أتحمل ذلك حقا؟ هل أستطيع تحمل أن أعيش أسوأ كوابيسي وأشدها قسـوة؟
زفرت بألم وخوف سكن بقلبي لوقت طويل..لا..لا يمكن..لن أستطيع ذلك..ارتجفت وأنا أمسح دموعي..مستحيل أن أرمي نفسي إلى تلك النار وأنا أعرف أنها ستحرق كل شيء بداخلي وستحوله إلى رماد..

أغمضت عيناي للحظة وأنا أحاول التنفس لتهدئة أعصابي..وبتلك اللحظــة اتخذت قراري الحاسم..لن أستسلــم وأترك أمي تجبرني من جديد على فعل شيء لا أريــده..كما لن أخضع وأترك ذلك الغريب يدمر حياتي وأحلامي ومستقبلي مع من أحبه ليحقق انتقامه المريض ذاك..
استجمعت شتات نفسي المنهارة وأنا أحاول بجهد التفكير بحل سريعا..يجب أن أفعل شيئا لأنقد نفسي وأخي بنفس الوقت حتى لو كان هو من تسبب بأنانيتــه بجلب هذه المصيبة لنا..لكنني لا أريده أن يتأذى إطلاقا ولن أتحمل أن يتعرض لأي مكروه أبدا..فهو يظل أخي وكنت أحبــه..رغم كل شيء فعلـه..ورغم غضبي المؤلم وجرحي منه..
فتحت عيناي ونظرت إلى ساعتي..لم يكن أمامي سوى بضع ساعات..خطر ببالي بلحظة متهورة الاتصال بسليم واللجوء إليه، كنت متأكدة أنه لن يتخلى عني حتى حين يعلم حقيقة عمل أخي التي أخفيتها عنه، فقد كان ذكيا ولطالما شك على أية حال بالأمر لكنه فضل عدم الضغط علي مؤكدا أن لاشيء يهمه غيري..لكن رغم ثقتي تلك في وقوفه معي وربما قدرته على إيجاد حل لي إلا أنني تراجعت عن الاتصال به، كنت خائفة من أن أحكي له ما حدث فأورطــه بمشكلة كبيرة تحطم مستقبله، فقد بدأ منذ أشهر فقط بفترة تدريب كمحام بأحد أهم شركات المحاماة هنا، ولم يبقى سوى شهرين بعد لكي يعمل بشكل رسمي هناك..لذا لم أرد أن تمس سمعته شائبـة أو يتورط مع رجل المافيا ذلك وعالمه المظلم..لذا كان علي أن أحل كل شيء لوحدي لم يكن لدي حل آخر..
كانت أمي قد منعت علي الخروج بلهجتهــا الباردة والقاسية، كانت تعرف أنني أحترم كلمتها وقراراتها كثيــرا منذ طفولتي، لطالما فعلت ذلك حتى بذلك اليوم الرهيب قبل تسع سنوات ورغم أنهـا آذتني بذلك كثيرا..لم أعصها يوما..
لكن اليوم كان مختلفا..اليوم تمرد كل شيء بداخلي..كان يجب أن أفعل شيئا غير الخضوع والاستسلام ككل مرة والقبول ببساطة بأن أظلـــم ويتم تدميري وإسكاتي..لن أسمح بذلك هذه المرة..

مسحت وجهي بيداي..لم أتمكن من أن أفكر بشكل صاف أبدا بسبب اضطرابي وتوتري وضيق وقتي، لكن الحل الوحيد الذي انبثق أمامي والذي لم أكن أملك غيره بدل الهرب..هو الذهاب إلى مركز الشرطــة والتبليغ عن ذلك الرجل المدعو هشــام نوري وعن تهديداته لأمي وأخي، سأخبرهم عن كل شيء أعرفــه عنه وبذلك سيفتح تحقيق بحقه وعلى الأقل سنحصل على أمر بعدم التعرض أو ربما يدخــل إلى السجن حتى إن كنت محظوظة، وسيكون أخي بأمان طالمــا هو خارج البلاد..وسأتخلص بالمقابل من مصيبة الزواج من ذلك الرجــل..
حاولت أن أبسط كل شيء لنفسي وكأن الأمور كانت بتلك السهولة وذلك رغم خوفي الذي تملكني بمكان ما بأعماقي لينذرني أن ما أن ما أفكر فيه خطير وأشبه بمقامرة قد تعود نتائجها بشكل سيء علي وعلى أخي أيضا، بل على العائلة كلها..خاصة وأنا أتذكر كلمات أمي عن مدى نفوذ ذلك الرجل وسلطتــه، لكنني قاومت ذلك الإحساس بقدر ما أستطيع من شجاعة..لم يكن لدي حل أخر، خاصة وأن الهرب وترك كل شيء ورائي لم يكن واردا بالنسبة إلي..كنت غير قادرة على التخلي عن عائلتي كما تخلوا عني..كان ذلك مستحيلا بالنسبة إلي..

نهضت من سريري بسرعــة، ارتديت أول ما وقعت عليه عيناي سروال جينز و كنـزة صوفية طويلة ثم جمعت شعري الأسود الطويل بإهمال، وأخذت حقيبة ظهـري..


نسريـن غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 30-01-23, 12:18 AM   #3

نسريـن
 
الصورة الرمزية نسريـن

? العضوٌ??? » 509705
?  التسِجيلٌ » Jan 2023
? مشَارَ?اتْي » 420
?  نُقآطِيْ » نسريـن has a reputation beyond reputeنسريـن has a reputation beyond reputeنسريـن has a reputation beyond reputeنسريـن has a reputation beyond reputeنسريـن has a reputation beyond reputeنسريـن has a reputation beyond reputeنسريـن has a reputation beyond reputeنسريـن has a reputation beyond reputeنسريـن has a reputation beyond reputeنسريـن has a reputation beyond reputeنسريـن has a reputation beyond repute
افتراضي

خرجت من غرفتي حافيــة بخطوات بطيئة وأنا أحمل حذائي الرياضي بين يداي..كانت أمي وحدها بالبيت بعد أن أرسلت عمي ليحضر لها بعض الأغراض الضروريـة لتستقبل ذلك الرجـل، وكأنها تستقبل ضيفا مهمــا وليس رجلا حاقدا يوشك على تدمير حياتي..

كان عمي ايهاب قد دعمهـا بقوة في قرارهـا بالموافقــة على عرض ذلك الرجل، وذلك بعد أن حكت له كل شيء، كان وكأنه لا يطيق صبرا ليتخلص مني ومن المصيبة التي حلت على هذا البيت..بينما أخفت الموضوع عن البقية فلا ابنه الحقير ولا أختاي كان لديهم فكرة عما يحدث، فقد أرسلتهم اليــوم خصيصا لزيارة عمتهم وأرسلت معهم بعض الأغراض التي كانت قد طلبتها منها مختلقة بذلك حجة لإبعادهم عن البيت..

قالت أمي أن الأمور يجب أن تتم بسرية، فهكذا اتفقت مع رجل المافيا ذاك..حذرها أن لا أحد سيعرف بالحقيقة سوى هي وعمي فقط..أما البقية فسيظنون أنني هربت معه لأتزوج منـــه..دون علم عائلتي..قبل أن يرميني بعد فترة لتدمرني بقية الشائعات التي ستدور حولي..

كانت خطة انتقام قاسية..بدا أن أمي لم تجد أي صعوبة بتقبلها وأمرتني بفعل المثل..وكأنني إنسانة من دون مشاعر، وقد ظنت بالفعل أنني ككل مرة سأخضع وسأتحمل بصمت..لكنني لم أستطع هذه المرة، خاصة بعد أن أصبح لا يفصلني عن تحقيق أحلامي سوى أشهر قليلــة..فكيف أرمي كل ذلك جانبا لأتزوج من رجل كل هدفه هو تدميري ليحقق انتقامــه من أخي..لا يمكن..

ابتلعت ريقي بصعوبــة وحاولت ألا أصدر صوتــا وأنا أتسلل ببطء حابسة أنفاسي..وحين أصبحت في الخارج أخيرا تنفست الصعداء..ارتديت حذائي وأسرعت الخطى خارجــا..

كنا نعيش بحي شعبــي، لذا لم أسلم من بعض النظــرات الفضوليــة من بعض الجيــران في طريقي وهم يتأملون حالتي المتوترة وعيناي الحمراوتين من شدة بكائي وأيضا خطواتي السريعــة، لكنني لم أكن بحالة تسمح لي بالتفكير في ذلك، فرددت التحية بصوت مرتجف لمن التقيت بهم محاولــة تجنب أي حديث قد يشغلني ولو لثوان عن وجهتي..لكنني لم أكن محظوظة كثيرا فسرعان ما التقيت والــدة سليـم، الخالة ســارة كانت قد أتت لتوها من السوق على ما يبدو وهي تحمل بعض الأكياس في يدها..
اضطررت للتوقف لأسلم عليها رغم حالتي السيئـة، كنت أحبهــا حقا لكنني بهذه اللحظات بالضبط تمنيت لو أنني لم ألتقي بها، كنت أكره أن أكذب عليها..

- خالتي..كيف حالك؟

- بخير ابنتي أثير..وأنت؟

كانت تتأملني مليا، وقد لاحظت حالة التوتر التي كنت فيهــا، رغم ذلك حاولت أن أبتسم لها بجهد لأخفي ما أشعر به من اضطراب إلا أن صوتي كان مرتجفا وأنا أتكلم..

- أنا بخير..لقد كنت ذاهبة لتوي لأشتري بعض الأغراض الضرورية لأمي..

- عيناك منتفختين والاحمرار يحيط بهما..هل هناك خطب أثير؟

سألتني ذلك بشكل مباشر جعلني أتوتر أكثر..لطالما كانت شخصا يكره المراوغة، وكنت أحترمها وأعزها كثيرا هي ووالد سليــم الذي كان لطيفا دوما معي، وأخته المليئة بالطاقة التي تصغرني بثلاث سنوات..كانوا عائلــة دافئــة وكانوا جميعا طيبين معي وخاصة هي، الخالة سارة..لكنني رغم ذلك كان من المستحيل أن أشاركها ما أعانيه بهذه اللحظات أبدا..لذا قلت لها بنفس النبرة المرتجفــة محاولة أن أبدو طبيعية..

- لقد أصبت بحساسية على ما أعتقد، فحين استيقظت وجدت عيناي بهذه الحالة..لكنني سأكون بخير..لا تقلقي..

بدا الشك عليها لكنها على الأقل لم تفصح بما يجول ببالها بل قالت لي بدل ذلك بشيء من التفهم، وكأنها عرفت أن لدي مشكلة بالبيت..

- حسنا ابنتي أتمنى لك الشفاء العاجل..لا أريد أن أؤخرك أكثر على مشوارك..لذا مري علينا أنت ووالدتك حين تفرغان اليــوم لنشرب على الأقل فنجان قهوة معــا ونتحدث بشأن زواجك أنت وسليم ..فلم يبقى سوى أشهر قليلة..ويجب أن نبدأ تحضيرات العرس..

ابتلعت ريقي بصعوبة وألم، المني ذكرها لزواجنا والذي كان من المخطط أن يتـم بعد تخرجي واستقرار سليم بعمله وذلك بعد ستة أشهر..كان ذلك هو حلمي وإياه والذي كنت على مشارف خسارته إن لم أفعل شيئا يمنع ذلك..لذا لم يكن لدي وقت أبدا..فاستجمعت شتات نفسي وأجبتهــا..

- حسنا خالتي..سنفعل بالتأكيد..اهتمي بنفسك..أراك لاحقا..

ابتسمت لها بتوتــر وودعتهـــا ثم أكملت سيري دون أن ألتفت إلى الوراء، كرهت الكذب عليها لكنني كنت مضطرة لذلك..كنت بحاجة لإبقاء كل شيء سرا حتى تحل الأمور، وأنتهي من هذه المصيبة..وكانت كل دقيقــة مهمة بالنسبة إلي..

تمشيت حتى موقف الباص وأنا أخرج بطاقة المواصلات الخاصة بطلبــة الكليـة،لم يكن لدي مال لأستقل سيارة أجرة، فقد صرفت ما تبقى لدي مما كنت أحصل عليه في دوامي الجزئي بالمكتبة على بعض الحاجيات الضرورية للرسم وبعض الكتب..لذا لم يكن لدي حل أخر سوى استقلال الباص الذي سيقربني من وجهتي..
انتظرت في ذلك الموقف لبعض الوقت مع بضع أشخاص آخرين، متمنية أن يأتي بسرعة، فلم يكن لدي الكثير من الوقت..بعد دقائق قليلة تحققت أمنيتي البسيطة تلك ورأيت الباص قادما باتجاه الموقف..صعدت إليه متوترة غير واثقة من الخطوة التي كنت مقدمة عليها وأنها الحل المناسب لكنني عاجزة عن التفكير بشيء أخر، كان عقلي قد تجمد..
بعد أن مررت بطاقتي على الآلة، جلست على كرسي فارغ وأنا أنظر عبر النافذة محاولة التنفس وتهدئة توتري وخوفي الذي كان يزداد مع كل لحظة تمر علي..

أثناء الطريق حاولت بجهد إقناع نفسي أن ما أفعله هو الاختيار الصحيح والحل لهاته المصيبة التي نزلت على رأسي كالصاعقة منذ الليلة الماضيــة..
كنت حينها قد عدت لتــوي من الكليــة..كنت متعبــة خاصة وأنني عملت في الصباح بالمكتبة قبل ذهابي للدراســة من هناك، فكان كل ما أريده هو النوم فقط..لكن أمي جاءت إلى غرفتي حينهـــا وهي تبدو بملامح غريبــة شاحبة وجامدة بنفس الوقت..قالت أنها تريد التحدث إلي بموضوع مهم وعاجل على غير عادتها..فجلست أمامهــا بتركيز أستمع إليها وهي تخبرني بما حدث بموضوع ياسر بكل تفاصيله وكل ما فعله ثم بزيارة ذلك الرجل المدعو هشــام نوري وبعرضه المجنون الذي قدمه لها كي يعفو عن حياة أخي..
وبعد أن أنهت كلامهــا قالت لي بكل هدوء وبرود أنني مجبرة على قبول عرضه المريض ذاك بصمت لأجل العائلــة والأهم لأجل أخي..وأن ذلك هو قدري وعلي القبول به ونسيـــان أمر سليم..
كانت تتحدث ببساطة وكأن كل شيء يعتمد على زر فقط سأضغطــه وسأنسى كل أحلامي وأتخلى بالمقابل عن سليم الذي كنت لأزال أحمل خاتم خطبتي له في أصبعي..لأصبح وسيلة انتقام لرجل قاس لا أعرف ما ينوي فعله بي أبدا..

المني أنها لم تكترث لمشاعري، لم يبد عليها الألم أو الخجل واليأس وهي تطلب مني تلك التضحية..بل كانت كعادتها تتصرف ببرود وعدم اكتراث نحوي وكأن مشاعري لم تكن مهمة لها..
كانت تعرف مدى حبي لسليــم..ابن جيراننــا..الشاب الشهم المشرق ذو الشعر البني والعينين البندقيتين الدافئتين، والذي كان يكبرني بسنـتين فقط، كان قد انتقل للعيش بحينا مع عائلتــه قبل سبع سنوات..كنت حينها بالسادسـة عشر من عمري منطوية على نفسي، لم أكن أتحدث كثيرا مع الناس من حولي بعد ما عشته بذلك اليوم الذي ترك آثارا عميقا بروحي لا يعرف عنها أحد..
كانت لدي صديقة واحــدة فقط ، وهي ندى والتي كانت تعيش بالحي المجاور لنا وكانت رفيقة طفولتي، كانت الوحيدة التي أرافقها بالثانوية وأحيانــا خارجها أيضا..فقد كانت دائمة الضحك مليئة بالحيوية..وكنت أحب رفقتهـا التي تكسر حاجز الوحدة التي رسمته حولي بتلك الفترة..ورغم أنني لم أتمكن يوما من احكي لها عن سبب تعاستي والانكسار الذي كان دوما يطل من عيناي..إلا أنني كنت أشعر بحالة أفضل لوجودها بجانبي..
حينهــا كان سليم قد انتقل ليدرس بنفس الثانوية معنا..وكان بالصف الأخير..كانت ندى أول من أنشأت صداقة معه بحكم كوننا جيرانا معا..ثم بعدها بدأنا بالترافق معا نحن الثلاثــة..كان محط اهتمام أغلب الفتيات بالثانوية لكونه وسيما ومتفوقا بدراسته وكن يتهافتن للحديث معه وإنشاء صداقة معه، لكنه لم يكن يرافق غيرنا، كان لطيفا وحنونا بتعامله معي..كانت مشاعري نحوه قد كبرت لكننا ظللنــا أصدقاء ولم أجرؤ على أن أتكلم عن تأثري به لأحد حتى لصديقتي ندى..

كان سليم حلمي البريء الذي يزين ظلمــة أيامي وخوفي بهذا البيت..ظننت حبي له من طرف واحد من دون أمل..كنت أراه مرات قليلة فقط بعد أن دخل إلى كلية القانون، فقد كان منهمكا بدراسته وكان الأول دوما بدفعته بكل سنــة..
كان بكل مرة نلتقي فيها يبتسم لي سعيدا برؤيتي..فنتحدث لبعض الوقت ثم يذهب كل واحد لطريقه..حتى جاء اليوم الذي وصلت لي منه رسالة مفاجئة عبر أختــه أريـج وذلك قبل سنة بالضبط..ليعترف فيها بأنه يحبني وأنه يريد أن تكون علاقته رسمية بي..ويريد أن يأتي لخطبتي خلال أسبوعين..

كنت مندهشة، لم أتمكن من أن أصدق أن شخصا قد يحبني ويهتم بي حقا لما أنا عليه..كنت جميلــة وكنت أعرف ذلك..لكنني حاولت أن أمحو نفسي دومــا بعد ذلك اليوم الذي أكره تذكره والذي كسر في داخلي أشياء كثيرة..فارتديت ثيابا فضفاضة قديمة، لم أهتم بشعري ولا بمظهري..كنت باهتــة، وقد أصبحت أشبه بظل لما كنت عليه قبل ذلك اليوم..بينما كلمات أمي المليئة باللوم والاتهام لم تغادر يوما ذهني بل عاشت معي مدمرة ما تبقى من شخصيتي وثقتي بنفسي وبالآخرين..
كنت إنسانة منبوذة حتى من والديها...وأقرب الناس إليها..ما كنت أستحق الحب..هكذا كنت أرى نفسي..هكذا كنت أشعر بكل ثانية وكل لحظة بهذا البيت..
لكنني بذلك اليوم وأنا أقرأ رسالتــه شعرت وكأن جزءا مني بدأ بالشفاء..كنت فرحــة للغاية يومها، وكأن الحياة تدفقت بقلبي أخيرا..وأنا التي ظننت أن حبي له سيظل من طرف واحد وأنه يستحيل أن يراني يومــا..لم أستطع أن أكتب له رسالة طويلـــة كما فعل، بسبب توتري وخجلي فكتبت له بضــع كلمات فقط أخبره أنني موافقــة على مجيئه لخطبتي وأنني أقدر مشاعره كثيرا وأنه إنسان غال على قلبي كذلك..لم أفكر حينها بعمل ياسر المظلم وأنه قد يقف يوما عائقا في طريقنا، كان ذلك سرا خاصا بأخي ما كان من الممكن أن أكشفه أو أشاركه مع أحد دون إذنه تحت أي ظرف كان رغم حبي لسليم..كما أنني كنت آمل أن أخي سيتخلى بالنهاية عن ذلك العالم وسيعود إلى ما كان عليه من قبل يوما ما..شخصا نظيفـــا..ويطوي تلك الصفحة من حياته إلى الأبد..
بذلك اليوم الذي أعطيت ردي لسليم ذهبت بسعادة لرؤيــــة صديقتي الوحيدة ندى لتكون أول من يعرف ذلك الخبر الذي غير حياتي التعيسة..بدت بالبداية متفاجئة ومصدومة، كانت عاتبة علي لأنني لم أحدثها عن مشاعري نحوه يوما، لكن عتابها لم يدم لأكثر من يوم واحد، ثم أتت بعدها لتهنئي وتشاركني فرحتي فقد كانت تعزنا كلينا وكانت سعيدة لأجلنا..
بعدها بأيــام جاء سليم لطلب يدي برفقة والده ووالدته اللذين بديا سعيدين بهذه الخطبة، فوافقت أمي وعمي وكذلك أخي الذي كان يعرف سليم ويقدره، بينما حاول ذلك الدنيء سيف إفساد سعادتي ككل مرة مبديا شكوكا حوله وهو ينصحهم بعدم التسرع بأمر مهم كهذا وأن سليم شخص غريب عن العائلة ويجب التمهل..
لكن لحسن الحظ أن أمي وأخي بديا مقتنعين بكونـه مناسبا للعائلة خاصة وأنه كان قد تخرج لتــوه الأول على دفعته بتفوق وامتياز، وكان ينتظره مستقبل مشرق كمحــام..وهكذا أقيم لنا حفل خطبة بسيط بحضــور عائلتينــا وأقرب الناس إلينا..
فاتفقنا بموافقـة أفراد عائلتنا كلينا، ألا نتزوج حتى تستقر أمور سليم ويجد عملا مناسبا له..وحتى أتخرج بدوري من الكليــة فقد كان يعرف أنني أريد أن أصبح رسامة مشهورة فلطالما حدثته عن حلمي ذاك وكان مستعدا لدعمي حتى النهاية..كنت أعيش أجمل أيام حياتي بتلك الفترة..محاولة نسيان كل معاناة وكل ضيق وعار مررت به وأنا أعيش تحت سقف هذا البيت..
كان لا يفصلنا الآن عن تحقيق حلمنا ذاك سوى القليل فقط..بضعة أشهر لا أكثر..لكن كل شيء انقلب بين ليلة وضحاها..

كانت أمي تطلب مني اليوم إنهاء كل شيء في قلبي وعقلي والعيش كالميتة وأنا لازلت أتنفس..أرادت أن تقتلني وأنا حيـة..والأسوأ أنها لم تكن تفعل ذلك بألم وصعوبة، بل كان الأمر سهل عادي غير مهم بالنسبة إليها..لم تذرف دمعة واحدة لأجلي حتى..كنت لا أهمها في شيء..وذلك أشعرني من جديد بالوحدة والحرمان والنبذ تماما كما كان حدث قبل تسع سنوات حين كذبتني ورفضت تصديقي وهددتني بأنها لن تسامحني ولن أرى وجهها ما حييت إن تجرأت على ذكر أي شيء من ذلك لأخي ياسر أو لأي أحد أخر..يومها مات شيء بداخلي..وربما لن أستعيده أبدا..
لكنني رغم ألم ذلك الماضي إلا أنني لا أريد لمستقبلي أن يكون كذلك، لذا أقدمت على هذه الخطوة لأنقذ أحلامي رغم خوفي، محاولة إقناع نفسي أنني أستطيع التعامل مع كل شيء لوحدي..دون توريط أو طلب المساعدة لا من سليم ولا من ندى..كنت مجبرة على إيجاد حل لهاته الورطة لوحدي دون أن أدخل المزيد من الأشخاص الأبرياء بهذه المصيبة..

مرت نصف ساعة تقريبا حين توقف الباص في محطتــه على بعد شارعين فقط من مركز الشرطة، نزلت منه..
استجمعت شتات نفسي وأقدمـت على الخطوة الأولى نحو خلاصــي..فسرت بذلك الشارع بكل ما أملك من شجاعة، كل شيء سيكون بخير..هكذا رددت لنفسي وأنا انعطف نحو الطريق الوحيد الذي يفصلني عن المركز..

وبتلك اللحظــة و بذلك المنعطف توقفت فجأة سيارة ســـوداء كبيرة أمامي، وقبل أن أفهم أو أعي ما يحدث حتى..فتحت أبوابهـا وشعرت بيدين تجذبانني إلى الداخل بقوة وعنف وسرعة ثم تحركت السيارة..فحاولت المقاومة برعب وقلبي ينبض بعنف وخوف شديد بينما وضع شخص يــده بإحكام على فمي ليمنع صراخي ثم شعرت فجــأة بشيء بارد وقاس يصطدم برأسي من الخلف مسببا لي ألما حادا وقبل أن أدرك حتى كان الظلام قد بدأ يبتلعني ببطء ودون هوادة..

**
**
**
انتهى الفصل الأول

قراءة ممتعة للجميع


نسريـن غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 30-01-23, 04:18 PM   #4

بيلا2010
 
الصورة الرمزية بيلا2010

? العضوٌ??? » 105716
?  التسِجيلٌ » Dec 2009
? مشَارَ?اتْي » 859
?  نُقآطِيْ » بيلا2010 is on a distinguished road
افتراضي

أسلوب مميز..فيه شيء مختلف بالتأكيد....
بانتظار الفصل الثاني لتتوضح الأحداث أكثر..
تحياتي لك

shezo likes this.

بيلا2010 غير متواجد حالياً  
التوقيع
"لحظات الحب .. هي اللحظات التي تخلد في أذهاننا وتحمل كل معاني
السعادة ، فلا تندم على لحظة حب عشتها حتى ولو صارت ذكرى تؤلمك"
شكسبير
رد مع اقتباس
قديم 31-01-23, 11:15 AM   #5

نسريـن
 
الصورة الرمزية نسريـن

? العضوٌ??? » 509705
?  التسِجيلٌ » Jan 2023
? مشَارَ?اتْي » 420
?  نُقآطِيْ » نسريـن has a reputation beyond reputeنسريـن has a reputation beyond reputeنسريـن has a reputation beyond reputeنسريـن has a reputation beyond reputeنسريـن has a reputation beyond reputeنسريـن has a reputation beyond reputeنسريـن has a reputation beyond reputeنسريـن has a reputation beyond reputeنسريـن has a reputation beyond reputeنسريـن has a reputation beyond reputeنسريـن has a reputation beyond repute
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة بيلا2010 مشاهدة المشاركة
أسلوب مميز..فيه شيء مختلف بالتأكيد....
بانتظار الفصل الثاني لتتوضح الأحداث أكثر..
تحياتي لك

شكرا لك على تعليقك المشجع
أتمنى أن تكوني من المتابعين
وأن تنال الرواية الاهتمام الذي أرجـوه

بيلا2010 and shezo like this.

نسريـن غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 01-02-23, 12:20 AM   #6

قصص من وحي الاعضاء

اشراف القسم

 
الصورة الرمزية قصص من وحي الاعضاء

? العضوٌ??? » 168130
?  التسِجيلٌ » Apr 2011
? مشَارَ?اتْي » 2,558
?  نُقآطِيْ » قصص من وحي الاعضاء has a reputation beyond reputeقصص من وحي الاعضاء has a reputation beyond reputeقصص من وحي الاعضاء has a reputation beyond reputeقصص من وحي الاعضاء has a reputation beyond reputeقصص من وحي الاعضاء has a reputation beyond reputeقصص من وحي الاعضاء has a reputation beyond reputeقصص من وحي الاعضاء has a reputation beyond reputeقصص من وحي الاعضاء has a reputation beyond reputeقصص من وحي الاعضاء has a reputation beyond reputeقصص من وحي الاعضاء has a reputation beyond reputeقصص من وحي الاعضاء has a reputation beyond repute
افتراضي




اهلاً وسهلاً بك بيننا في منتدى قصص من وحي الأعضاء ان شاء الله تجدين مايرضيك موفقة بإذن الله تعالى ...


للضرورة ارجو منكِ التفضل هنا لمعرفة قوانين المنتدى والتقيد بها
https://www.rewity.com/forum/t285382.html

كما ارجو منك التنبيه عندما تقومين بتنزيل الفصول على هذا الرابط
https://www.rewity.com/forum/t313401.html

رابط لطرح اي استفسار او ملاحظات لديك
https://www.rewity.com/forum/t6466.html


حجم الغلاف رجاءً يكون بمقاس 610 × 790




نرجو الالتزام بحجم الفصل المطلوب ضمن القوانين

15صفحة ورد بحجم خط 18



نرجو منك تنزيل الفصل الأول خلال يومين


واي موضوع له علاقة بروايتك يمكنك ارسال رسالة خاصة لاحدى المشرفات ...

(rontii ، um soso ، كاردينيا الغوازي, rola2065 ، رغيدا ، **منى لطيفي (نصر الدين )** ، ebti )



اشراف وحي الاعضاء


shezo likes this.

قصص من وحي الاعضاء غير متواجد حالياً  
التوقيع
جروب القسم على الفيسبوك

https://www.facebook.com/groups/491842117836072/

رد مع اقتباس
قديم 01-02-23, 12:44 AM   #7

نسريـن
 
الصورة الرمزية نسريـن

? العضوٌ??? » 509705
?  التسِجيلٌ » Jan 2023
? مشَارَ?اتْي » 420
?  نُقآطِيْ » نسريـن has a reputation beyond reputeنسريـن has a reputation beyond reputeنسريـن has a reputation beyond reputeنسريـن has a reputation beyond reputeنسريـن has a reputation beyond reputeنسريـن has a reputation beyond reputeنسريـن has a reputation beyond reputeنسريـن has a reputation beyond reputeنسريـن has a reputation beyond reputeنسريـن has a reputation beyond reputeنسريـن has a reputation beyond repute
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة قصص من وحي الاعضاء مشاهدة المشاركة



اهلاً وسهلاً بك بيننا في منتدى قصص من وحي الأعضاء ان شاء الله تجدين مايرضيك موفقة بإذن الله تعالى ...


للضرورة ارجو منكِ التفضل هنا لمعرفة قوانين المنتدى والتقيد بها
https://www.rewity.com/forum/t285382.html

كما ارجو منك التنبيه عندما تقومين بتنزيل الفصول على هذا الرابط
https://www.rewity.com/forum/t313401.html

رابط لطرح اي استفسار او ملاحظات لديك
https://www.rewity.com/forum/t6466.html


حجم الغلاف رجاءً يكون بمقاس 610 × 790




نرجو الالتزام بحجم الفصل المطلوب ضمن القوانين

15صفحة ورد بحجم خط 18



نرجو منك تنزيل الفصل الأول خلال يومين


واي موضوع له علاقة بروايتك يمكنك ارسال رسالة خاصة لاحدى المشرفات ...

(rontii ، um soso ، كاردينيا الغوازي, rola2065 ، رغيدا ، **منى لطيفي (نصر الدين )** ، ebti )



اشراف وحي الاعضاء

السلام عليكم ورحمة الله
شكرا على الترحيب
لقد اطلعت على القوانين قبل طرح الموضوع
كما أنزلت المقدمة وأنزلت الفصل الأول أيضا في نفس اليوم
وقد احترمت حجم الخط وأيضا عدد صفحات الفصل
تحياتي لكم

shezo likes this.

نسريـن غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 01-02-23, 02:03 AM   #8

نسريـن
 
الصورة الرمزية نسريـن

? العضوٌ??? » 509705
?  التسِجيلٌ » Jan 2023
? مشَارَ?اتْي » 420
?  نُقآطِيْ » نسريـن has a reputation beyond reputeنسريـن has a reputation beyond reputeنسريـن has a reputation beyond reputeنسريـن has a reputation beyond reputeنسريـن has a reputation beyond reputeنسريـن has a reputation beyond reputeنسريـن has a reputation beyond reputeنسريـن has a reputation beyond reputeنسريـن has a reputation beyond reputeنسريـن has a reputation beyond reputeنسريـن has a reputation beyond repute
افتراضي

أعزائي القراء
بالنسبة للفصل الثاني فقـد انتهيت من مراجعتــه وتدقيقه، لذا سأقــوم بتنزيله بوقت ما خلال هذا اليـوم على أن يتم تنزيل الفصل الثالث بالموعد الذي كنت قد حددته مسبقا لتنزيل فصول الرواية وهو يوم الأحد بإذن الله..
تحياتي لكم


نسريـن غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 01-02-23, 09:47 PM   #9

نسريـن
 
الصورة الرمزية نسريـن

? العضوٌ??? » 509705
?  التسِجيلٌ » Jan 2023
? مشَارَ?اتْي » 420
?  نُقآطِيْ » نسريـن has a reputation beyond reputeنسريـن has a reputation beyond reputeنسريـن has a reputation beyond reputeنسريـن has a reputation beyond reputeنسريـن has a reputation beyond reputeنسريـن has a reputation beyond reputeنسريـن has a reputation beyond reputeنسريـن has a reputation beyond reputeنسريـن has a reputation beyond reputeنسريـن has a reputation beyond reputeنسريـن has a reputation beyond repute
افتراضي

مساء الخير أعزائي

جاري تنزيل الفصل الثاني خلال دقائق


نسريـن غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 01-02-23, 10:20 PM   #10

نسريـن
 
الصورة الرمزية نسريـن

? العضوٌ??? » 509705
?  التسِجيلٌ » Jan 2023
? مشَارَ?اتْي » 420
?  نُقآطِيْ » نسريـن has a reputation beyond reputeنسريـن has a reputation beyond reputeنسريـن has a reputation beyond reputeنسريـن has a reputation beyond reputeنسريـن has a reputation beyond reputeنسريـن has a reputation beyond reputeنسريـن has a reputation beyond reputeنسريـن has a reputation beyond reputeنسريـن has a reputation beyond reputeنسريـن has a reputation beyond reputeنسريـن has a reputation beyond repute
افتراضي

" في حياة كل إنسان لحظــة لا تعــود الحياة بعدهــا كما كانت قبلهــا "

أحمد خالد توفيق

*
*
*

الفصل الثاني

صداع شديد تملكني وأنا أفتح عيناي ببطء وصعوبــة لتختفي الظلمة التي كانت تكتنفني ويهاجمني ضوء النهــار القوي..أين أنا..ما الذي حدث لي..حاولت النظر من حولي بصعوبــة رغم التشوش الذي شعرت به في قدرتي على الرؤيــة..كنت بمكان ما بالخارج..المكان أشبه بشرفــة كبيرة بأرضيــة رخاميــة بيضــاء..السماء فوقي كانت زرقاء صافيــة..والطيور تحلق من فوقي..استطعت أن أشتم رائحة احتراق سجائر..وبتلك اللحظة هاجمتني الذكرى الأخيرة لما عشتــه وأنا أدرك أنني مستلقيـــة على الأرض الباردة..فحاولت الجلوس بسرعة إلا أن دوارا حادا تملكني على الفور فاستلقيت من جديد على الأرض..امتدت يدي لألمس مكان الألم خلف رأسي ثم نظرت إلى أصابعي من جديد فرأيت دما..

ازداد دواري وأنا أرى تلك الدمـاء وأغمضت عيناي من جديد محاولة التنفس وأنا أرتجف..فسمعت بتلك اللحظــة صوتا رجوليا باردا يخاطبني..

- اهدئي..لقد تلقيت ضربة على رأسك..كانت قويــة بما يكفي لتفقدي وعيك لبعض الوقت فقــط..لذا لا تقلقي..ستكونين بخير..لسوء حظك أعتقد..

فتحت عيناي لحظة سماعي ذلك الصوت البارد العميق، وشعرت بالرعب يتملك كل خلية بداخلي..تحركت لأجلس غير مهتمة لصداعي الشديد والألم بمكان الضربة التي تلقيتها، تنفست وأنا أقاوم شعوري بالدوار بكل ما أملك من قوة وجهــد..

أول شيء لمحته رغم تشوشي هو طاولة مزينة ببعض الورود البيضاء، كانت أشبه بطاولة عقد قــران، ومن حولهــا بضع كراس خشبية بيضاء أنيقــة و بتلات ورد محاطة بالمكان..استمرت نظراتي المرتعبة بتأمل تلك الشرفة الكبيـرة ذات الأرض الرخامية البيضاء والتي كانت تطل على البحر حتى اصطدمت عيناي بعد ثوان قليلة بــه..كان على بعد خطوات قليلــة مني مستندا على حاجز الشرفة باسترخاء..يدخن سيجارته بهـدوء شديد وهو يتأملنــي..مرتديا طقمــا أنيقــا أسود اللون..ليعاكس كل شيء أبيض بذلك المكان..

تأملته وقد تجمدت مكاني لوهلــة..كان رجلا أسمر..بدا في الثلاثينات..طويــلا مهيبـا، قوي البنية..وسيــم بشكل خشن ورجولي..شعره أسود تغطي بضع خصلات منه جبهتــه، لديـه لحيـة خفيفة..وعيناه عسليتين..ولكن رغم جمـــال وتميز لونهما إلا أنهما كانتا خاليتين من الدفء تمامــا بتلك اللحظات..كانت هناك هالــة غريبة من الغموض والقسوة تحيط به..
ابتلعت ريقي بصعوبة وقلبي يخفق بسرعـة..كان هناك شيء في نظراتـــه نحوي يبعث الخوف والبرد في أعماق قلبي..هل هو الرجل نفسه الذي كنت على وشك أن أبلغ عنه الشرطــة..لابد أنه هو..رجل المافيا الذي كان يريد تدميري للانتقــام من أخي..من غيره قد يخطفني بتلك الطريقة وبنفس اللحظة قبل الوصول إلى مركز الشرطة؟..

- أثير عامر..

نطق اسمي بصوتـــه البارد بطريقــة غريبــة وكأنه كان فقط يجرب وقعـــه على أذنه..راقبتــه مرتجفة غير قادرة على النطق وهو يأخذ نفسا عميقا من سيجارته قبل أن يرميها أرضــا دون أن تفارقني عيناه، ثم رأيته يسحقها بقدمــه بقسوة أمامي قبل أن يتقــدم نحوي على مهل كصياد يترصد فريسته..كانت الرشاقــة والقوة الطاغية تنبعث من كل حركـة منه..

ارتجفت وتراجعت للخلف رغم دواري، فرأيت لمحة سخرية بعينيـــه قبل أن يتوقف بعدها على بعد خطوتيــن مني، موجهــا كلامه إلي بنبرة باردة كالثلج..

- أعتقد أنك تعرفين من أكون أو أنك استنتجت ذلك..أجل.. أنت محقة بما تفكرين فيه..إنه أنا هشــام نوري..الرجل الذي كان أخوك غبيا بما يكفي لاستغفاله معتقدا أنه سينجو دون عقاب..وهو الشخص نفسه الذي ظننت أيضا بعقلك الغبي الصغيــر هذا أنك قادرة على الوقوف بوجهه..

صمت لبضع ثوان ثم أمال رأسه قليلا متسائلا بنفس النبرة التي أشعرتني بقشعريرة باردة تجتاح جسمي..

- ماذا كانت خطتك؟ هل كنت ستبلغين الشرطة عني؟ وماذا كنت تأملين أن يتم القبض علي فقط لأنك تكلمت..من دون أدلة..من دون أي شيء..فقط سيعتمدون كلامك؟

- أنا...

قاطعني دون انتظار رد مني..

- أعتقد أنك لا تعلمين مع من تتعاملين..ولا تفهمين لحد الآن الوضع الذي أوقعكم أخوك فيه..لكنني سأشرح لك على مهل حتى تفهمي وتدركي أن لا فرار لك مما ينتظرك مني..مفهوم؟

ابتلعت ريقي بصعوبة..والألم ليزال ينبض خلــف رأسي من أثر تلك الضربة..حاولت أن أجد صوتي..كانت مشاعر الخوف منه قد سيطرت علي..الطريقة التي أحضرني بها إلى هنا جزء صغير مما يستطيع أن يفعلــه رجل لا يعرف القانون مثلــه..تذكرت أمي وهي تعيد علي كلمات أخي عنه بأنه رجل مافيــا لا يهاب شيئا والكل يخشى مواجهته..لكن أخي رغم معرفته بكل ذلك كان بالتهور الذي جعله يتورط معــه ثم يغدر به ويهرب معتقدا أنه أفلت بفعلتــه وأننا لن نتأثر وأنه للنجاة يكفيـــه فقط الهرب والاختباء خارج البلاد حتى تهــدأ الأمور..ربما لم يتخيل ولو للحظة أن ذلك الرجل سيجد حلا بديلا للانتقام منه وسيرغب برد الصاع صاعين له وبنفس الطريقــة..
آه..ياسر..تنهدت بأعماق قلبي المـتألم والغاضب منه..لقد حطمتني وأوقعتني بمصيبة لست أدري كيف أفلت منها الآن..

كنت خائفـــة بشـدة من ذلك الرجل الواقف أمامي، نظراته وهيبته كانت تجعلني أرتجف لكنني رغم ذلك حاولت أن أستجمع ما تبقى من شجاعتي، فلا يمكنني أن أضعف الآن وإلا انتهيـت كليــا..يجب أن أواجهــه بقدر ما أستطيع من شجاعة، لا يجب أن يرى خوفي، علي أن أتماسك أمامــه..قلت له بقدر ما أستطيع من ثبات وقد وجدت صوتي أخيرا..

- إن ما تفعلــه جريمة يعاقب القانون عليها، لقد اختطفتني رغما عني، وستوقع نفسك في مصيبــة كبيرة..

سكتت للحظة لتهدئة أنفاسي ثم تابعت..

- يجب أن تفهــم أنني لا يمكن أن أتزوجك..ولا أن أسمح لك بتدميري واستخدامي كوسيلة لانتقامك من أخي..ولا يمكنك أن تجبرني على ذلك..إنني مخطوبة لرجل آخر..ويستحيل أن أتخلى عنــه...

لمعت عيناه بسخريـــة دون أن يقاطعني وكأنه كان يريد سماع كل ما أريد قوله، فتمسكت بشجاعتي الزائفة تلك وتابعت بنفس النبرة محاولة إخفاء خوفي قدر ما أستطيع..

- أعرف أن أخي قد ارتكب خطأ فظيعــا بحق أختك بشكل أساسي..أنا آسفة لأجل ذلك..لكن لابد أن هناك طريقة لحل الأمور..وصدقني بمجرد تواصلي معه فسأطلب منه بأن يعتذر عن كل ما اقترفــه بحقها..أما بالنسبة للمال الذي سرقه منك، فسأحاول بشتى الطرق لكي أقنعه ليعيده لك فهو ليس شخصا سيئا كما تظن، سيدرك خطأه بالنهاية وسينـدم..لكن إن لم ينفع ذلك فسأعمل ليل نهار لأسدد لك ذلك الديــن بدلا منه..فقط اعفو عن أخي..ودعنـي أذهب أرجــ...

قاطعني بتلك اللحظة وقد اختفى بروده لثوان ليحل محله نظرة احتقار وكأن كلماتي استفزتــه..

- ذلك الدين يستحيل أن تستطيعي تسديده حتى لو عملت طوال حياتك..

ثم تابـــع بنبرة باردة مخيفــة ..

- ثم هل تظنين حقا أن اعتذارا بائسا منه سيجعلني أعفو عنه؟!..ذلك الحقير قام بغدري وتجرأ على إيذاء وتحطيم أغلى إنسانة عندي بهذه الحيــاة..وذلك وحده ثمنه موتــه..لكنني لا أريد قتله وتماما كما وعدت والدتك..لن أفعل أبدا.. لن أفرغ مسدسي برأسه..لأنني أريده أن يعيش وهو يتمنى الموت ولا يجـــده..لكن أولا عليه أن يظهر من الجحر الذي يختفي فيه ولكي يفعل ستكونين أنت الطعم الذي سأرميه له..خاصة بعد أن عرفت أنك نقطة ضعفـه الوحيدة من بين الجميع..

صوته كان قد فقد بــروده في جملته الأخيرة ليتحول إلى كــره جعلني أرتجف..ثم تابـــع ليريني لمحة من مستقبلي معه وهو ينفث كراهيته نحوي مع كل كلمــة..

- سأفعل بك ما فعله بأختي..سنتزوج الآن وهنا..وستذهبين معي إلى الجبــل..وستعيشين ذليلة وأسيرة ببيتي..وجودك معي سيكون قانونيـــا ولن يتمكن أحد من فعل شيء لانقادك، فقد تزوجتني بإرادتك..الكــل سيظن أنك فررت معي عن قصد وتركت خطيبــك، وأنك في الأصل كنت تخونينــه بعلاقة سرية معي..ستدور الإشاعات حولك لفترة طويلة..وصدقيني لن يبقى لك وجه تعودين به إلى حيك حتى حين أنتهي منك بعد ثلاثة أشهر..سيتذمر ما تبقى من سمعتك بعد أن أرميك كخرقة بالية، الكل سيتحدث عنك وعن عائلتك الوضيعة..سأجعل أخوك يظهر رغما عنه ويعود إلى هنا بعد أن يرى ما فعلته بعائلتــه وبك..سيرى كيف سأستنزف كل بريق للحياة فيك وأحولك إلى مجرد بقايا من الإنسانة التي كان يعرفها يوما قبل أن أرميك جانبــا..وأدمرك كما فعل بأختي..وبعدهــا سواء عاد بنفسه أو وجدته فلن أقتله لكنني سأعذبــه وسأجعله يتمنى الموت ألف مرة دون أن يجــده..

انسحبت الدمـاء من وجهي وقد صدمني سماع كلماته المرعبــة والمليئة بالكراهية تلك وهو يصف ما يخطط ليفعلــه بي..شعرت بدواري يزداد وأنا أنظر إليه..وقلبي يخفق بسرعة وخوف..ملامحـه كانت قاسيــة، ولم يكن هناك أثر للرحمــة بعينيه.. أي نوع من الوحوش كان هذا الرجل ليدمر حياتي بهذه الطريقة القاسيــة رغم أنه كان يراني اليوم لأول مرة بحياتــه..وكل ذلك فقط لكي يحقق انتقامـــه المرعب من ياسر، كان وعده لأمي مفخخــا، وذو وجهيــن..فصحيح أنه لن يقتل أخي بالمعنى الحقيقي كما طلبت منه..لكنه كان يريد أن يقتله وهو حي، كان الهدف من زواجـــه مني وإيذائي هو استفزازه ليظهر فيحطمـــه..
بتلك اللحظات خفت على أخي منه بشدة وتحرك إحساس عميق بداخلي بالرغبة بحمايته رغم كل شيء فعله فهذا الرجل كان ينوي تعذيبــه بطرق لا أحد يعرفها حقا..ومجرد تلك الفكرة جعلت القشعريرة تسري بكل خلية من جسدي..أي مجرم هذا الذي كنت أواجهه..قلت بصوت مرتجف ودون أن أتمكن من منع نفسي..

- أنت إنسان مريض حقا..

اقترب مني وركع أمامي وعينــــاه العسليتين الباردتين لا تفارقانني بينما ارتسمت ابتسامة ساخرة على ملامحــه..حاولت التراجع لكنه أمسك بذراعي بأصابعـــه القويـــة ليثبتني مكاني..كان ينظر مباشرة إلي عيناي فارتجفت بشكل لا إرادي والخوف يسكن قلبــي، وأنا أتأمل بخوف ملامحه القريبة جدا مني والتي كنت قد وجدتها خلابـة لحظة رأيته للوهلة الأولى، لكنني الآن لم أعد أرى بها سوى قسوة وكره يخيفانني حتى النخاع..
سمعت صوته متحدثا الي بكره..

- أنت لم تري شيئا بعد..صدقيني..هذه البداية فقط..

شحب وجهي أكثر واستجمعت شتات نفسي وأنا أجيبه بصوت ليزال مهزوزا..

- لن أسمح لك بتنفيذ خطتك المريضة تلك..لن أتزوجك أبدا..سأبلغ الشرطــة عنك..لقد اختطفتني وهذه جريمــة سوفــ..

صمتت حين رأيت يده تمتد خلف ظهره لبضع ثوان ثم رأيته يسحب مسدسا أمام عيناي المليئتين بالخوف..ليوجهـه نحو رأسي حتى أحسست بمعدنه البارد يلامس بشرتي وهمس بكره ممتزج بالسخرية..

- يبدو أنك لم تستوعبي بعد ما تواجهينــه ولا تدركين هوية الرجل الذي أمامـــك..لكنك ستعرفين قريبــا..

مد يده الحرة ليخرج هاتفــه على مهل ثم أداره نحوي ليريني مجموعة من الصور..كانت لأختاي..ريم ونور..وهما تذهبان إلى الثانوية، عرفت أنها التقطت اليوم من ثيابهما التي كانت نفس ما لبساه هذا الصباح قبل خروجهما..وكانت هناك صورة أخرى لأمي وهي تقف قرب الباب تتحدث مع زوجها قبل خروجـه..ذهلت وأنا انظر إلى تلك الصور..في حين تكلم ذلك الرجل بنبرة قاسيـة..

- إنهم جميعا مراقبين من طرف رجالــي الذين يستعدون لإشارة واحدة مني لإنهاء الأمـــر..أعرف أنك ربما لا تكثرتين بما قد يحدث لزوج أمك أو ابنه فتحرياتي تقول أنك لست على وفاق معهما..لكنك بالتأكيد تحبين والدتك..تحبين أختيك..وتحبين حتى أخاك الذي ورطك بهذه المشكلـة..هل أنا مخطئ؟..

ثم دون انتظار ردي رمى الهاتف جانبا ثم أمسك شعري بيده القوية بقسوة ليجذب رأسي إلى الخلف حتى تأوهت بألم شديد..أجبرني على النظر مباشرة إلى عينيه المظلمتين..ثم تابــع بلهجة مهددة حملت كل ما بداخله من كراهية وحقد ورغبة في الانتقام..

- يجب أن تدركي ما أعنيــه وتفهمي جيدا أنك إن لم تفعلي ما أقوله بطواعيــة فسيكون علي أن أسلك طريقا مختلفا تماما للحصول على انتقامي..وسأكون مجبرا على قتل كل فرد من عائلتك الذين يعنون الكثير للحقير أخوك..وسأجعلك تشهدين ذلك وصدقيني حينهـــا أنت من ستتوسلين إلي لأفرغ هذا المسدس برأسك وسأفعل ذلك لأجلك، ستكون تلك الرحمة الوحيدة التي سأظهرها لك..وسيكون ذلك انتقاما جيدا أيضا من أخيك أليس كذلك؟..فقدان عائلتـــه بتلك الطريقة المأساوية هو خيار أخير أمامي..رغم أنني لا أفضلــــه بالتأكيد إلا إذا اضطررت لذلك..لكن الأمر كله أصبح بيدك..

شعرت بالبرودة والخوف يعصفان بداخلي وازداد ارتجافي وأنا أستمع لتهديداته بقتل عائلتــي..وأحس بسلاحه على جبيني..وقد وقعت بقبضتــه التي لا ترحم..
كنت أتألم من يده التي تمسك شعري إلى الخلف بعنف بينما كنت أحس بذلك المعدن البارد على بشرتي..نظرت إلى عينيه القاسيتين بألم..أدركت من نظرته المخيفة تلك أنه كان يعنــي كل كلمة قالهــا..وأنه سينفد كل تهديد نطق به..كان مجرما..ويستطيع فعــل أسوأ من ذلك..

وأنا أنظر إليه مرتعبــة..هاجمتني موجة ألم ويأس حادة ليس بسبب يده القويــة التي ثبتت حركتي بكل سهولة ولكن بسبب قلة حيلتي وضعفي أمام طغيانــه وجبروتــه..بتلك اللحظات الحاسمة من حياتي..كنت أعرف ما هو جوابي..فقد كان من المستحيل أن أسمح له بإيذاء عائلتي تحت أي ظرف كان خاصة بعد أن التقيت به الآن وعرفت أي نوع من الوحوش كان..لابـد وأن مجرما مثلــه قادر على قتلهم دون ندم..فتلك النظرة المجنونة التي كنت أراها الآن بعينيه كانت تعبر عن رغبة حقيقية بأخذ انتقامــه مهما كلف الثمن..و لا يمكن أن أتحمل شيئا فظيعا كذلك..حتى لو كان الثمن تضحيتي بكل شيء..

كنت بتلك اللحظات قد وقعت أسيـرة خوفي الشديد منه ومما يقدر على فعله، فتجمعت الدموع في عيناي أردت كثيرا أن أبكي لكنني قاومت دموعي تلك كي لا تنزل أبدا..لم أرد أن أنهار أمامه..
جاءني صوته الذي كان فيه كثير من السخرية والتهكم...

- إذن قرري بسرعة..فالقاضي الذي سيعقد قراننا سيصل قريبــا..إنه صديق قديــم لي، وقد كلف نفسه بالمجيء حتى هنا لأجلي..لذا لا أريد التأخر عليه..

ابتعدت نظراتي عنه بألم نحو البعيد..نحو ذلك البحر الأزرق خلف تلك الشرفة..كان هادئا، ساكنا عكس العاصفة التي كانت بداخلي..

بتلك اللحظات الحاسمة من حياتي..ظهرت صورة سليـم أمام عيناي الممتلئتين بالدموع..بنفس ابتسامته التي كانت تزرع الحياة بقلبي المكسور وبنفس حنانــه الذي كان يغمر عينيه البندقيتين وهو يتأملني..حاولت أن أتخيل كلماتي له وكأنه أمامي حقا..
"سامحني..لقد حاولت ما بوسعي..أردت إبلاغ الشرطة لإنهاء كابوسي ولأبدأ معك حياة جديدة وأحقق كل أحلامي معك لكن محاولتي فشلت ووجدت نفسي غارقة بدوامة لم أستطع الخروج منهــا، أعرف أنك لن تغفر لي لأنني اخترت عائلتي وتخليت عنك..كان يجب أن أفعل ذلك..وكنت مضطرة لإبقائك بعيدا عن كل هذه الظلمــة التي تورطت به رغما عني كي لا ألوثك..سامحني إن استطعت..لا اعتقد أنني سأنساك يوما..سأحتفظ بك في قلبي..لأحتمي بك في أشد أوقاتي قسوة..أحبك كثيرا.."

بتلك اللحظات وأنا أنهي حديثي الوهمي معــه وقلبي يتحطم لأشلاء..نزلت الدموع من عيناي غير قادرة على حبسها أكثر.. كنت أعرف أنه لن يسامحني أبدا لأنه لن يفهم ولن يعرف الحقيقة وسيظن أنني خنتـــه..وسأصبح جرحا في قلبه دوما.

- إذن؟

صوته البارد جعلني أرتجف من جديد بخوف..فاستجمعت ما تبقى من شتات نفسي لتلتقي نظراتي المتألمة بعينيه القاسيتين الباردتين من جديد ثم قلت له بصوت خال من الحيــاة كمن ينطق إعدامه بنفسه..

- حسنا..أنا موافقــة..سأفعل ما تريده..

لم يقل شيئا بل استمر بالنظر إلي بنفس الطريقـة الباردة..وكأنه لم يكن يملك بين ضلوعـه قلبا أبدا..أعاد مسدسه لمكانه قبل أن يأخذ هاتفــه ببطء ليجري اتصالا وهو ليزال قريبا مني، واضعا مكبر الصوت لأسمع المكالمــة أيضا..وبعد ثوان ارتفع صوت أمي من الجانب الآخر بتوتر..
- نعم سيد هشــام..امنحنا من فضلك ساعة أخرى وستكون أثير جاهزة لتأتي لأخذها..

ابتسم بسخرية دون أن تفارق عيناه وجهي..

- حسنا أعتقد أن الخداع والكذب يسري بدماء أفراد هذه العائلــة..

تابع باحتقار دون أن يترك لها المجال لترد..

- ابنتك هنا معي..لقد أرسلت رجالي ليراقبوا بيتك تحسبا لأي غذر منك أو من عائلتك الوضيعــة..لم يكن من الممكن أن أترك أحدا منكم يفسد خطة انتقامي..وكنت محقا..فابنتك هربت من البيت وتوجهت نحو مركز الشرطــة للإبلاغ عني..لكنني أحضرتها بآخر لحظة ليس لأن محاولتها الغبية كانت ستؤثر بي حقا لكنها كانت ستؤخرني لبعض الوقت..وذلك ما لم أكن أريـــده..

- صدقني لم أكن أعرف بما تخطط له أبدا، لقد هربت دون علمي..لقد كنت ملتزمة بجزئي من الاتفاق معك.. صدقــ..

- لا تضيعي وقتي بتبريراتك..لقد اتصلت بك لأخبرك أن تجهزي حقيبتهـا..سيأتي واحد من رجالي ليأخذها دون لفت الأنظـار إليه لذا تصرفي بحذر وإياك أن تظهري أي شيء لأحد..

كانت عيناه تتابعان مشاعر الألم واليأس بوجهي بقسـوة وكأنه كان يستمتع بعذابي ثم تابع بنفس النبرة الخالية من الشفقة أو الرحمة..

- وكما أخبرتك من قبل..سأتزوجهـا اليـوم ولن تريها لمــدة..سآخذها معي للجبل..وأنت يجب أن تلتزمي باتفاقنا..إن سألك أحد فستقولين أنك تبريت منها بعد أن خانت ثقتك وخانت خطيبها معي وهربت لتتزوجني سرا عنكم ودون موافقتكم..يجب أن تقولي هذه الكلمات بالحرف الواحد، وإن تجرأت على محاولة استغفالي فستدفعين الثمن غاليا..مفهوم؟

- حسنا سأفعل كل ما تقولــه، وسأنفذ كل كلمة بحذافيرها صدقني..لكن يجب أن تحافظ على وعدك لي..لا تبحث عن ابني ياسر..ولا تقتلــه...أرجوك..

- أخبرتك أني لن أقتلـه..فقط قومي بجزئك من الاتفاق..مفهوم؟

يتبع ..


على هذا الرابط
https://www.rewity.com/forum/t489116-2.html



التعديل الأخير تم بواسطة ebti ; 02-02-23 الساعة 12:56 AM
نسريـن غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 12:57 AM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.